درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٤

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٤

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٣

ـ والاقوى من هذه الوجوه الاربعة هو الوجه الثانى ثم الاول ثم الثالث ثم الرابع.

(قوله حتى من يقول ان الالفاظ الخ) اشار بذلك على ما تعرض له بعض المحشين الى ان ثبوت المقتضى للاحتياط يعم جميع المذاهب فى باب الالفاظ ولا يختص بمذهب القائلين بوضع الالفاظ للامور النفس الامرية كما عليه المشهور بل يجرى على مذهب من يذهب الى كونها موضوعة للمعانى المعلومة او منصرفة اليها اذا وقعت فى حيز الطلب حسبما هو قضية مقالة بعض من تأخر لان الظاهر ان المراد بالقائل بالوضع للمعلوم او الانصراف اليه هو الاعم من العلم الاجمالى او التفصيلى هذا ثم قال ولكن لا يخفى عليك ان هذا الاستظهار لا يخلو عن تأمل على مذهب القائل بالوضع للامور المعلومة بل الظاهر ارادتهم خصوص العلم التفصيلى حسبما يعلم من الرجوع الى كلماتهم نعم بعض القائلين بالانصراف الى المعلوم قد رأيناه يلتزم فى المقام بشمول الخطاب للحرام المعلوم بالاجمال فالاولى ابتناء ثبوت المقتضى على اعتراف الخصم فانه يعترف بان الحلية فى المقام ليست هى الحلية الواقعية بل الحلية الظاهرية المجامعة للحرمة الواقعية.

(وعلى كل حال) قد ثبت وجود المقتضى لحرمة المخالفة القطعية فى الشبهة المحصورة بلا ترديد ولا اشكال (واما) عدم المانع عنها عقلا فلان البيان الذى يحكم العقل بقبح العقاب مع عدمه هو الاعم من البيان الاجمالى والتفصيلى يشهد بذلك حكم العقلاء قاطبة بحسن مؤاخذة المولى عبده الغير الآتى بما قطع ارادة المولى منه اجمالا فى ضمن امور محصورة فالعقاب على المعلوم بالاجمال كالعقاب على المعلوم بالتفصيل عقاب مع البيان لا بدونه.

(واما عدم المانع) عنها شرعا فلم يرد فى الشرع ما يصلح للمانعية فى موارد العلم الاجمالى عدا ما ورد من قوله عليه‌السلام فى رواية مسعدة بن صدقة كل شىء هو لك حلال حتى تعلم انه حرام بعينه فتدعه وقوله عليه‌السلام فى رواية عبد الله بن سليمان كل ما كان فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه

٦١

ـ فتدعه فان الخبرين ظاهرتان فى اعتبار العلم التفصيلى فى الغاية وهو مفقود فى اطراف العلم الاجمالى.

(وفى بحر الفوائد) مثل الخبرين الاخبار المطلقة الدالة على البراءة الشاملة للشبهة الحكمية والموضوعية كقوله عليه‌السلام الناس فى سعة ما لم يعلموا ورفع عن امتى تسعة وعدّ منها ما لا يعلمون الى غير ذلك بناء على كون الظاهر من العلم هو العلم التفصيلى لا الاعم منه ومن الاجمالى ومن هنا تمسك بها بعض الاصحاب على الحلية فى المقام ايضا إلّا ان صلاحية الخبرين اقوى لضعف القول بان المراد من العلم فى هذه الاخبار هو خصوص التفصيلى لا الاعم ولمكان ضعفه اعرض الاستاد العلامة عن ذكرها ويمكن ان يقال ان مراده دام ظله من قوله فيما سيجيء وغير ذلك هى الاخبار المطلقة او الاعم منها ومما يقرب الخبرين فى المضمون فانه كثير ايضا فتدبر انتهى.

(والحاصل) ان الخبرين المذكورين وامثالهما لا يصلح للمانعية شرعا لانهما كما تدل على حلية كل واحد من المشتبهين كذلك تدل على حرمة ذلك المعلوم اجمالا لانه ايضا شيء علم حرمته

٦٢

(فان قلت) ان غاية الحل معرفة الحرام بشخصه ولم يتحقق فى المعلوم الاجمالى قلت اما قوله عليه‌السلام كل شىء لك حلال حتى تعلم انه حرام بعينه فلا يدل على ما ذكرت لان قوله عليه‌السلام بعينه تاكيد للضمير جيء به للاهتمام فى اعتبار العلم كما يقال رأيت زيدا نفسه لدفع توهم وقوع الاشتباه فى الرؤية وإلّا فكل شىء علم حرمته فقد علم حرمة نفسه فاذا علم نجاسة اناء زيد وطهارة اناء عمرو فاشتبه الإناءان فاناء زيد شىء علم حرمته بعينه نعم يتصف هذا المعلوم المعين بكونه لا بعينه اذا اطلق عليه عنوان احدهما [فيقال احدهما لا بعينه فى مقابل احدهما المعين عند القائل واما قوله فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه فله ظهور فيما ذكر حيث ان قوله بعينه قيد

ـ (اقول) انه قدس‌سره قال فيما تقدم ان بعض الروايات الواردة من قولهم ـ ع ـ كل شىء حلال حتى تعرف انه حرام بعينه وكل شىء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه وغير ذلك كما دل على حلية المشتبه مع عدم العلم الاجمالى وان كان محرما فى علم الله سبحانه كذلك دل على حلية المشتبه مع العلم الاجمالى (ثم) قد اختار قدس‌سره ان هذه الاخبار وامثالها لا يصلح للمنع لانها كما تدل على حلية كل واحد من المشتبهين كذلك تدل على حرمة ذلك المعلوم اجمالا لانه ايضا شىء علم حرمته.

(فان قلت) ان غاية الحل فى الخبرين المذكورين باعتبار اشتمالهما على لفظ بعينه معرفة الحرام بشخصه ولم يتحقق فى المعلوم الاجمالى فيكون الخبران المذكوران ظاهرين فى اعتبار العلم التفصيلى فى الغاية.

(قلت) ان قوله عليه‌السلام بعينه فى رواية مسعدة كل شىء هو لك حلال حتى تعلم انه حرام بعينه لا يدل على ما ذكرت من اعتبار العلم التفصيلى فى الغاية لان لفظ بعينه فى قوله عليه‌السلام تأكيد للضمير الراجع الى الشىء جيء به

٦٣

للمعرفة فمؤداه اعتبار معرفة الحرام بشخصه ولا يتحقق ذلك إلّا اذا امكنت الاشارة الحسية اليه واما اناء زيد المشتبه باناء عمرو فى المثال وان كان معلوما بهذا العنوان إلّا انه مجهول باعتبار الامور المميزة له فى الخارج عن اناء عمرو فليس معروفا بشخصه إلّا ان ابقاء الصحيحة على هذا الظهور يوجب المنافاة لما دل على حرمة ذلك العنوان المشتبه مثل قوله اجتنب عن الخمر لان الاذن فى كلا المشتبهين ينافى المنع عن عنوان مردد بينهما ويوجب الحكم بعدم حرمة الخمر المعلوم اجمالا فى متن الواقع وهو مما يشهد الانفاق والنص على خلافه حتى نفس هذه الاخبار حيث ان مؤديها ثبوت الحرمة الواقعية للامر المشتبه.

ـ للاهتمام فى اعتبار العلم كما يقال رأيت زيدا نفسه لدفع توهم وقوع الاشتباه فى الرؤية وإلّا اى وان لم يكن تأكيدا للضمير فكل شىء علم حرمته فقد علم حرمة نفسه فاذا علم نجاسة اناء زيد وطهارة اناء عمرو فاشتبه الإناءان فاناء زيد شىء علم حرمته بعينه.

(نعم) يتصف هذا المعلوم المعين بكونه لا بعينه اذا اطلق عليه عنوان احدهما فيقال احدهما لا بعينه فى مقابل احدهما المعين عند القائل.

(واما قوله) عليه‌السلام كلما كان فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه فظاهر فى اعتبار العلم التفصيلى فى الحرمة حيث ان قوله عليه‌السلام بعينه فى هذا الخبر قيد للمعرفة فمؤداه اعتبار معرفة الحرام بشخصه ولا يتحقق ذلك إلّا اذا امكنت الاشارة الحسية اليه.

(ولا يخفى عليك) ان هذا الظهور غير معمول به عند الاصحاب كما تقدم فى روايات البراءة فلا يمكن الاعتماد عليه ولا الاستناد اليه فلا يفتى بحلية كل من الإناءين اللذين علم اجمالا ان احدهما خمر او نجس او غصب ولم يعلم ان احدا

٦٤

ـ من الاصحاب قد افتى بذلك سوى ما ذكره الشيخ قدس‌سره فى الشبهة التحريمية الموضوعية فيما تقدم فى اول الاشتغال من انه حكى عن ظاهر بعض جوازها يعنى المخالفة القطعية وسوى ما حكاه الحدائق فى الماء المشتبه عن المحدث الكاشانى فى المفاتيح والفاضل الخراسانى فى الكفاية من انهما قد ذهبا الى حل ما اختلط بالحرام وان كان محصورا استنادا الى صحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة فى البراءة كل شىء يكون فيه حرام وحلال فهو لك حلال ابدا حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه.

(ثم) حاصل الفرق الذى يستفاد من كلامه قدس‌سره فى الروايتين ان لفظ بعينه فى الاولى تأكيد للضمير الراجع الى الشيء جيء به للاهتمام فى اعتبار العلم فلا تدل على اعتبار العلم التفصيلى فى الحرمة هذا بخلاف الرواية الاخرى حيث ان قوله عليه‌السلام بعينه فيها قيد للمعرفة فمؤداه معرفة الحرام بشخصه ولا يتحقق ذلك إلّا اذا امكنت الاشارة الحسية اليه هذا.

(ولكن) قال بعض المحشين ان كون لفظ بعينه تأكيدا للضمير انما يتم ان كان مرجع الضمير هو الشيء وهو غير معلوم لا مكان ان يكون المرجع هو الحرام والمعنى حتى تعرف ان الشيء الحرام بعين الحرام ونفسه اى حرام معين مشخص فان معرفة ان الشيء حرام على وجهين احدهما انه حرام على وجه التعيين والآخر انه حرام مشتبه ونظيره ان يقال تحقق لى رؤية زيد بعينها اى بعين الرؤية اى برؤية واقعية محققة لا مشتبهة وليس نظيره المثال الذى ذكره المصنف ره والحرام فى كلا الخبرين صفة لموصوف مثل الشيء ونحوه ويصير بعينه قيدا له فى الحقيقة فمعنى قوله عليه‌السلام حتى تعرف الحرام بعينه حتى تعرف الشيء الحرام بشخصه ومعنى قوله حتى تعرف انه حرام انه شيء حرام بشخصه ومجرد تعلق الجار فى الاول بالمعرفة لا يصلح فارقا ووزان الجار فى هذا الخبر وزان الجار فى قولنا عرفت ان القائل هو زيد بنفسه نعم لا يمكن انكار اظهرية

٦٥

ـ ذلك الخبر فى هذا المعنى من هذا الخبر ومما ذكرنا يظهر انه لا يلزم كون القيد لغوا لو لم يحمل على التأكيد انتهى.

(قوله إلّا ان ابقاء الصحيحة على هذا الظهور الخ) يعنى لو سلمنا ظهور الصحيحة فى اعتبار العلم التفصيلى فى الحرمة بلحاظ ان قوله بعينه قيد للمعرفة يوجب المنافاة لما دل على حرمة ذلك العنوان المشتبه مثل قوله اجتنب عن الخمر لان الاذن فى كلا المشتبهين ينافى المنع عن عنوان مردد بينهما ويوجب الحكم بعدم حرمة الخمر المعلوم اجمالا فى متن الواقع وهو مما يشهد الاتفاق والنص على خلافه والمراد من النص على خلافه قول الشارع اجتنب عن الخمر مثلا فان الخمر مثلا اسم للخمر النفس الامرى فلا بد من الحكم بثبوت الحرمة لها مع قطع النظر عن العلم والجهل حتى نفس هذه الاخبار لان الحلية فيها مغياة بغاية العلم فلا بد ان تكون حكما ظاهريا والحكم الظاهرى لا يثبت إلّا فى مورد الشك فى الحكم الواقعى فلا بد ان يكون للمشكوك حكما فى مرحلة الواقع فيلزم الحكم بالحرمة الواقعية لما هو خمر فى الواقع ولا يمكن الحكم بحلية كلا المشتبهين فى الواقع.

(وبعبارة اخرى) ان حكم العقل بقبح المخالفة القطعية لكونه من القبائح الذاتية نظير حكمه بقبح الظلم حكم تنجيزى لا يعقل وصول خلافه من قبل الشارع كيف وهو مستلزم للتناقض فلو وصل ما ظاهره ذلك فلا بد من التأويل او الطرح لا انه تعليقى يرتفع بوصول الترخيص من قبل الشارع وحينئذ فلا يرفع اليد بالخبر المذكور عن الحكم العقلى المذكور نعم حكمه بوجوب الموافقة القطعية معلق على عدم وصول الترخيص بالنسبة الى بعض الاطراف كما سيأتى

٦٦

(فان قلت) مخالفة الحكم الظاهرى للحكم الواقعى لا يوجب ارتفاع الحكم الواقعى كما فى الشبهة المجردة عن العلم الاجمالى مثلا قول الشارع اجتنب عن الخمر شامل للخمر الواقعى الذى لم يعلم به المكلف ولو اجمالا وحليته فى الظاهر لا يوجب خروجه عن العموم المذكور حتى لا يكون حراما واقعيا فلا ضير فى التزام ذلك فى الخمر الواقعى المعلوم اجمالا قلت الحكم الظاهرى لا يقدح مخالفته للحكم الواقعى فى نظر الحاكم مع جهل المحكوم بالمخالفة لرجوع ذلك الى معذورية المحكوم الجاهل كما فى اصالة البراءة او الى بدلية الحكم الظاهرى عن الواقع او كونه طريقا مجعولا اليه على الوجهين فى الطرق الظاهرية المجعولة واما مع علم المحكوم بالمخالفة فيقبح من الجاعل جعل كلا الحكمين لان العلم بالتحريم يقتضى وجوب الامتثال بالاجتناب عن ذلك المحرم فاذن الشارع فى فعله ينافى حكم العقل بوجوب الاطاعة.

ـ (اقول) لما قال قدس‌سره فى الجواب عن السؤال الاول ان ابقاء الصحيحة على ظهورها يوجب المنافاة لما دل على تحريم العنوانات الواقعية مثل قوله اجتنب عن الخمر لان الاذن فى كلا المشتبهين ينافى المنع عن عنوان مردد بينهما ويوجب الحكم بعدم حرمة الخمر المعلوم اجمالا فى متن الواقع والحال انه مما يشهد الاتفاق والنص على خلافه فتوجه عليه السؤال المذكور.

(حيث قال) فان قلت مخالفة الحكم الظاهرى للحكم الواقعى لا يوجب ارتفاع الحكم الواقعى كما فى الشبهة المجردة عن العلم الاجمالى مثلا قول الشارع اجتنب عن الخمر شامل للخمر الواقعى الذى لم يعلم به المكلف ولو اجمالا وحليته فى الظاهر لا يوجب خروجه عن العموم المذكور حتى لا يكون حراما واقعيا فلا ضير فى التزام ذلك فى الخمر الواقعى المعلوم اجمالا.

٦٧

ـ (قلت) ان مخالفة الحكم الظاهرى للحكم الواقعى لا تقدح فى نظر الحاكم مع جهل المحكوم بالمخالفة لرجوع ذلك الى معذورية المحكوم الجاهل كما فى اصل البراءة ان قلنا به من باب حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان فانه انما يحكم بالمعذورية على التقدير المذكور وليس فيه انشاء اباحة.

(بخلاف ما اذا قلنا به) من باب الاخبار فان فيها انشاء الاباحة فلا بد من الحكم فيه على التقدير المذكور بالبدلية اى الى بدلية الحكم الظاهرى عن الواقع بمعنى كون المصلحة فى سلوكه بحيث يتدارك بها فوت الواقع كما فى اصل البراءة على التقدير الثانى المذكور وكما فى الاستصحاب وكما فى الطرق الظاهرية بناء على حجيتها من باب السببية المحضة او من باب السببية والطريقية معا(او كونه طريقا مجعولا اليه على الوجهين فى الطرق الظاهرية) اقول قد تقدم فى اول مباحث حجية الظن فى مقام ردّ ابن قبة ان جعل الاحكام الظاهرية يتصور على وجهين.

(احدهما) ان يكون ذلك من باب مجرد الكشف عن الواقع فلا يلاحظ فى التعبد بها الا الايصال الى الواقع فلا مصلحة فى سلوك الطرق المجعولة وراء مصلحة الواقع كما لو امر المولى عبده عند تحيره فى طريق بغداد بسؤال الاعراب عن الطريق غير ملاحظ فى ذلك الا كون قول الاعراب موصلا الى الواقع دائما او غالبا والامر بالعمل فى هذا القسم ليس إلّا للارشاد.

(وثانيهما) ان يكون ذلك لمدخلية سلوك الامارة فى مصلحة العمل بها وان خالف الواقع ففى سلوكها مصلحة مساوية لمصلحة الواقع او ارجح منها.

(اما القسم الاول) فقد تقدم فى اوائل باب الظن متنا وشرحا ان الامور المتصورة فيه ثلاث.

(احدها) كون الامارة دائمة المصادفة للواقع ولكن هذا خلاف الواقع اذ ليس لنا امارة تكون دائمة المطابقة للواقع فان هذا ليس إلّا مجرد تصور.

٦٨

ـ (ثانيها) غالب المصادفة للواقع بالنسبة الى العلوم الحاصلة للمكلف بان كانت الامارة الظنية عنده غالبة المطابقة فى نظر الشارع.

(وثالثها) كون الامارة فى نظره اغلب مطابقة من العلوم الحاصلة للمكلف بالواقع لكون اكثرها فى نظر الشارع العالم بالغيب جهلا مركبا واما القسم الثانى فهو ايضا على وجوه ثلاثة التى تعرضنا لها تفصيلا فى اوائل مباحث حجية الظن فى رد ابن قبة فراجع.

(وما ذكرناه) من ان مخالفة الحكم الظاهرى للحكم الواقعى لا تقدح فى نظر الحاكم اذا كان المحكوم جاهلا بالمخالفة لرجوع ذلك الى معذورية المحكوم الجاهل واما مع علم المحكوم بالمخالفة فيقبح من الجاعل جعل كلا الحكمين لان العلم بالتحريم يقتضى وجوب الامتثال بالاجتناب عن ذلك المحرم فاذن الشارع فى فعله ينافى حكم العقل بوجوب الاطاعة فجعل الاباحة لكلا المشتبهين وان لم يناقض الحكم الواقعى اعنى وجوب الاجتناب عن اناء زيد من حيث هو لعدم اتحاد المرتبة لكن مع العلم الاجمالى بنجاسة اناء زيد يحكم العقل بوجوب اجتناب احدهما فرارا عن المخالفة القطعية وحكم الشارع بجواز ارتكاب كليهما مناف لهذا الحكم العقلى القطعى.

٦٩

(فان قلت) اذن الشارع فى فعل الحرام مع علم المكلف بتحريمه انما ينافى حكم العقل من حيث انه اذن فى المعصية والمخالفة وهو انما يقبح مع علم المكلف بتحقق المعصية حين ارتكابها والاذن فى ارتكاب المشتبهين ليس كذلك اذا كان على التدريج بل هو اذن فى المخالفة مع عدم العلم للمكلف بها الا بعدها وليس فى العقل ما يقبح ذلك وإلّا لقبح الاذن فى ارتكاب جميع الشبهات بالشبهة الغير المحصورة او فى ارتكاب مقدار يعلم عادة بكون الحرام فيها وفى ارتكاب الشبهة المجردة التى يعلم المولى اطلاع العبد بعد الفعل على كونه معصية وفى الحكم بالتخيير الاستمرارى بين الخبرين او فتوى المجتهدين (قلت) اذن الشارع فى احد المشتبهين ينافى ايضا حكم العقل بوجوب امتثال التكليف المعلوم المتعلق بالمصداق المشتبه

ـ (اقول) لمّا كان مبنى ما افاده قدس‌سره فى الجواب عن السؤال السابق على منافات اذن الشارع فى ارتكاب المشتبهين فى مرحلة الظاهر لحكم العقل بوجوب الاطاعة حيث قال فيما مر واما مع علم المحكوم بالمخالفة فيقبح من الجاعل جعل كلا الحكمين الخ.

(وقبح الاذن فى المعصية) انما هو فيما كان الارتكاب معصية فى علم المكلف ولا يتحقق ذلك اذا كان الارتكاب على التدريج كما ذهب اليه غير واحد ممن قال بجواز ارتكاب المشتبهين فلا يكفى الدليل المذكور ردا عليه بل الاذن فى ارتكابهما اذن فى المخالفة مع عدم العلم للمكلف بها الا بعدها وليس فى العقل ما يقبح ذلك وإلّا لقبح الاذن فى ارتكاب جميع الشبهات بالشبهة الغير المحصورة او فى ارتكاب مقدار يعلم عادة بكون الحرام فيها وفى ارتكاب الشبهة المجردة التى يعلم المولى اطلاع العبد بعد الفعل على كونه معصية وكذا يقبح اذن الشارع للمكلف فى الحكم بالتخيير الاستمرارى بين الخبرين او فتوى المجتهدين

٧٠

لا يجاب العقل حينئذ الاجتناب عن كلا المشتبهين نعم لو اذن الشارع فى ارتكاب احدهما مع جعل الآخر بدلا عن الواقع فى الاجتزاء بالاجتناب عنه جاز فاذن الشارع فى احدهما لا يحسن إلّا بعد الامر بالاجتناب عن الآخر بدلا ظاهريا عن الحرام الواقعى فيكون المحرم الظاهرى هو احدهما على التخيير وكذا المحلل الظاهرى ويثبت المطلوب وهو حرمة المخالفة القطعية بفعل كلا المشتبهين وحاصل معنى تلك الصحيحة ان كل شىء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف ان فى ارتكابه فقط او فى ارتكابه المقرون مع ارتكاب غيره ارتكابا للحرام والاول فى العلم التفصيلى والثانى فى العلم الاجمالى.

ـ (قوله قلت اذن الشارع فى احد المشتبهين الخ) محصل ما ذكره قدس‌سره فى الجواب عن السؤال المذكور انه بعد العلم بتحقق العنوان المحرم الواقعى اجمالا يحكم العقل استقلالا بوجوب اطاعته بترك جميع محتملاته ويقبح تجويز الشارع مخالفته بتركها سواء كان واقعيا الذى يلزم منه التناقض او ظاهريا الذى يرجع الى رفعه ايجاب الاطاعة للخطاب المعلوم بالاجمال لاستقلال العقل بقبح الثانى كالاول لان طلب الشارع على سبيل الالزام لا يجامع مع اذنه فى المعصية فى نظر العقل وهذا امر ظاهر لا سترة فيه عند ذوى الافهام المستقيمة.

(ثم لا فرق) فى قبح اذن الشارع بين ان يكون اذنه بارتكاب الجميع دفعة او تدريجا لاتحاد المناط للمنع ووجوده فيهما على نحو سواء لان الاذن فى الثانى ايضا اذن فى المعصية كالاول.

(هذا كله بالنسبة الى اذنه) فى المخالفة والارتكاب بقول مطلق اى بالنسبة الى جميع اطراف العلم الاجمالى حسبما هو محل البحث واما اذنه بالنسبة الى بعض الاطراف فالذى صرح به قدس‌سره فى المقام بقوله نعم الخ انه لا يجوز

٧١

ـ إلّا بعد جعل الاجتناب عن الآخر بدلا عن الاجتناب عن الحرام الواقعى المعلوم بالاجمال لان رفع اليد عن الواقع ولو على بعض التقادير بعد العلم به من دون جعل البدل قبيح عند العقل فلو ورد ما يدل على الاذن فى بعض المقامات فلا بد ان يجعل كاشفا عن جعل البدل.

(ولكن يمكن ان يقال) انه لا يحتاج الى حكم الشارع بالاجتناب بامر آخر وجعله بدلا بل العقل الحاكم بوجوب دفع الضرر يحكم به فانه يحكم بوجوب الاجتناب عن كليهما دفعا للضرر المحتمل فاذا ثبت حكم الشارع بجواز ارتكاب احدهما انتفى موضوع حكم العقل المزبور وبقى حكمه بوجوب دفع الضرر المقطوع فيجب الاجتناب عن احدهما فرارا عن المخالفة القطعية وحينئذ يحكم العقل باجتزاء الشارع باجتناب احدهما وكونه بدلا عن الواقع من غير احتياج الى حكم الشارع بذلك ولعل مراد المصنف من حكم الشارع على ما تعرض له بعض المحشين هو الاعم من التأسيس والامضاء هذا.

(وحاصل) معنى قوله عليه‌السلام ان كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف ان فى ارتكابه فقط او فى ارتكابه المقرون مع ارتكاب غيره ارتكابا للحرام والاول فى العلم التفصيلى والثانى فى العلم الاجمالى.

(ولا يخفى) ما فيه من ان الرواية المذكورة ظاهرة فى اعتبار العلم التفصيلى فى الحرمة حيث ان قوله عليه‌السلام بعينه فى هذا الخبر قيد للمعرفة فمؤداه اعتبار معرفة الحرام بشخصه ولا يتحقق ذلك إلّا اذا امكنت الاشارة الحسية اليه فيكون مفاد الرواية هو ما ذكره اولا من جعل غاية الحلية هى معرفة الحرام بعينه وكون ارتكابه فقط موجبا لارتكاب الحرام وما ذكره اخيرا لدخول العلم الاجمالى غير ظاهر من الرواية.

(ولكن قد اشرنا فيما تقدم) الى ان هذا الظهور غير معمول به عند الاصحاب

٧٢

ـ كما تقدم فى روايات البراءة فلا يمكن الاعتماد عليه ولا الاستناد اليه فلا يفتى بحلية كل من الإناءين اللذين علم اجمالا ان احدهما خمر او نجس او غصب ولم يعلم ان احدا من الاصحاب قد افتى بذلك سوى ما ذكره الشيخ قدس‌سره فى الشبهة التحريمية الموضوعية فى اول الاشتغال من انه حكى عن ظاهر بعض جواز المخالفة القطعية.

٧٣

(فان قلت) اذا فرضنا المشتبهين مما لا يمكن ارتكابهما الا تدريجا ففى زمان ارتكاب احدهما يتحقق الاجتناب عن الآخر قهرا فالمقصود من التخيير وهو ترك احدهما حاصل مع الاذن فى ارتكاب كليهما اذ لا يعتبر فى ترك الحرام القصد فضلا عن قصد الامتثال (قلت) الاذن فى فعلهما فى هذه الصورة ايضا ينافى الامر بالاجتناب عن العنوان الواقعى المحرم لما تقدم من انه مع وجود دليل حرمة ذلك العنوان المعلوم وجوده فى المشتبهين لا يصح الاذن فى احدهما الا بعد المنع عن الآخر بد لا عن المحرم الواقعى ومعناه المنع عن فعله بعده لان هذا هو الذى يمكن ان يجعله الشارع بدلا عن الحرام الواقعى حتى لا ينافى امره بالاجتناب عنه اما تركه فى زمان فعل الآخر لا يصلح ان يكون بدلا وحينئذ فان منع هذه الصورة عن واحد من الامرين المتدرجين فى الوجود لم يجز ارتكاب الثانى بعد ارتكاب الاول وإلّا لغى المنع المذكور.

ـ (اقول) ينشأ هذا الاشكال فى الجواب عن السؤال المتقدم بقوله فاذن الشارع فى احدهما لا يحسن إلّا بعد الامر بالاجتناب عن الآخر الخ فحاصله اذا فرضنا المشتبهين مما لا يمكن ارتكابهما فى آن واحد كوطى المرأتين مثلا ففى زمان ارتكاب احدهما لا يمكن للشارع حين ارتكابه الامر بالاجتناب عن الآخر لكون تركه حينئذ قهريا وحاصلا بنفسه فلا حاجة الى الامر بالاجتناب عن الآخر فالمقصود من التخيير وهو ترك احدهما حاصل مع الاذن فى ارتكاب كليهما اذ لا يعتبر فى ترك الحرام القصد فضلا عن قصد الامتثال.

(قوله قلت الاذن فى فعلهما فى هذه الصورة الخ) حاصل الجواب ان العقل مستقل بوجوب اطاعة التكليف بعد العلم به ولو اجمالا من غير تعليق على شيء الذى يلزمه قبح اذن الشارع فى مخالفته على كل تقدير ولو فى صورة عدم

٧٤

ـ امكان ارتكاب المشتبهين الا تدريجا لان الاذن فى فعلهما ينافى الامر بالاجتناب عن العنوان الواقعى المحرم لما تقدم من انه مع وجود دليل حرمة ذلك العنوان المعلوم وجوده فى المشتبهين لا يصح الاذن فى احدهما الا بعد المنع عن الآخر بدلا عن المحرم الواقعى ومعناه المنع عن فعله بعده بمعنى ان المنع عن الآخر بدلا عن المحرم الواقعى هو المنع عن فعله دائما بعد ارتكاب احدهما ولا يكفى المنع عن فعله حين ارتكابه لان المنع عن فعله دائما بعد ارتكاب احدهما هو الذى يمكن ان يجعله الشارع بدلا عن الحرام الواقعى حتى لا ينافى امره بالاجتناب عنه اما تركه فى زمان فعل الآخر فلا يصلح ان يكون بدلا وحينئذ فان منع هذه الصورة عن واحد من الامرين المتدرجين فى الوجود لم يجز ارتكاب الثانى بعد ارتكاب الاول وإلّا لغى المنع المذكور.

٧٥

(فان قلت) الاذن فى احدهما يتوقف على المنع عن الآخر فى نفس تلك الواقعة بان يرتكبهما دفعة والمفروض امتناع ذلك فيما نحن فيه من غير حاجة الى المنع ولا يتوقف على المنع عن الآخر بعد ارتكاب الاول كما فى التخيير الظاهرى الاستمرارى.

(قلت) تجويز ارتكابهما من اول الامر ولو تدريجا طرح لدليل حرمة الحرام الواقعى والتخيير الاستمرارى فى مثل ذلك ممنوع والمسلم منه ما اذا لم يسبق بالتكليف المعين او يسبق تكليف بالفعل حتى يكون المأتى به فى كل دفعة بدلا عن المتروك على تقدير وجوبه دون العكس بان يكون المتروك فى زمان الاتيان بالآخر بدلا عن المأتى به على تقدير حرمته وسيأتى تتمة ذلك فى الشبهة الغير المحصورة.

ـ (حاصل الاشكال) بحيث ينطبق على ما فى المتن ان الحكم بقبح المخالفة القطعية فى واقعتين انما هو ثابت من العقل على سبيل التعليق دون التنجير فيرتفع بعد وصول الترخيص من الشارع فاذا فرضنا المشتبهين مما لا يمكن ارتكابهما الا تدريجا فهو من متعدد الواقعة.

(فيستفاد) من عموم ادلة الاباحة الاذن فى احدهما فى واقعة جاعلا للآخر بدلا عن الواقع وبالعكس فى واقعة اخرى ففى فرض ارتكاب المشتبهين تدريجا يجوز ارتكابهما لكون المخالفة القطعية فى الفرض المذكور فى واقعتين كما فى التخيير الظاهرى الاستمرارى الثابت بين الظهر والجمعة فى جمعتين مثلا.

(قوله بان يرتكبهما الخ) بيان للواقعة بان يكون المشتبهان مما يمكن ارتكابهما دفعة.

(قوله قلت تجويز ارتكابهما من اول الامر ولو تدريجا الخ) حاصل الجواب عن السؤال المذكور ان تجويز الشارع ارتكاب المشتبهين من اول الامر ولو تدريجا

٧٦

ـ يوجب الطرح لدليل الحرام الواقعى وموجب للمخالفة القطعية.

(والقول بالتخيير الاستمرارى) فى مثل ذلك اى فى التكليف بالترك ممنوع لاستلزام ذلك المخالفة القطعية على انّ المسلّم من التخيير الاستمرارى ما اذا لم يسبق بالتكليف المعين كما فى التخيير بين المجتهدين اذ لا حكم هناك معين بخلاف ما نحن فيه حيث ان الحكم معين فيه وبعد تعيين الحكم فيه لا معنى للتخيير الاستمرارى او يسبق تكليف بالفعل مثل كون التكليف الوجوبى معلوما وشك فى تعلقه بالظهر او الجمعة مثلا حتى يكون المأتى به فى كل دفعة بدلا عن المتروك على تقدير وجوبه دون العكس بان يكون المتروك فى زمان الاتيان بالآخر بدلا عن المأتى به على تقدير حرمته وذلك لان المأتى به كان فى كل واقعة تحت قدرة المكلف بخلاف المتروك فى زمان الاتيان بالآخر فانه ليس بمقدور وسيأتى تتمة ذلك البحث فى الشبهة الغير المحصورة إن شاء الله.

٧٧

(فان قلت) ان المخالفة القطعية للعلم الاجمالى فوق حد الاحصاء فى الشرعيات كما فى الشبهة الغير المحصورة وكما لو قال القائل فى مقام الاقرار هذا لزيد بل لعمرو فان الحاكم يأخذ المال لزيد وقيمته لعمرو مع ان احدهما اخذ للمال بالباطل وكذا يجوز للثالث ان يأخذ المال من يد زيد بل وقيمته من يد عمرو مع علمه بان احد الأخذين تصرف فى مال الغير بغير اذنه ولو قال هذا لزيد بل لعمرو بل لخالد حيث انه يغرم لكل من عمرو وخالد تمام القيمة مع ان حكم الحاكم باشتغال ذمته بقيمتين مخالف للواقع قطعا واى فرق بين قوله عليه‌السلام اقرار العقلاء على انفسهم جائز وبين ادلة

ـ (محصل الاشكال) ان المخالفة القطعية للعلم الاجمالى قد وقع فى موارد كثيرة فى الشرع قد اشار قدس‌سره الى جملة منها فى مبحث القطع فى العلم الاجمالى وفى المقام تعرض لاربع موارد منها احدها الشبهة الغير المحصورة ثانيها مسئلة الاقرار وثالثها ما فرض فى الودعى ورابعها مسئلة التداعى سواء كان فى المعاملات او غيرها.

(قوله فان الحاكم يأخذ المال الخ) ما ذكره قدس‌سره فى مسئلة الاقرار مبنى على ما ذهب اليه المشهور من اعتبار الاقرار بعد الاقرار فيلزم المقر بالقيمة للمقر له الثانى جمعا بين مقتضى الاقرارين واما على مذهب بعض الفقهاء من كون الاقرار بعد الاقرار لغوا من حيث ان مقتضاه تملك نفس المقر به بالنسبة الى الثانى واعماله بالنسبة اليه غير ممكن من حيث نفيه للاقرار الاول وهو فرع اعتبار الاقرار الثانى وهو غير ممكن فلا دخل له بالمقام فتأمل.

(وكذا بناء على المشهور) لو قال هذا لزيد بل لعمر وبل لخالد حيث انه يغرم لكل من عمرو وخالد تمام القيمة مع ان حكم الحاكم باشتغال ذمته بقيمتين مخالف للواقع قطعا واى فرق بين قوله عليه‌السلام اقرار العقلاء على

٧٨

حل ما لم يعرف كونه حراما حتى ان الاول يعم الاقرارين المعلوم مخالفة احدهما للواقع والثانى لا يعم الشيئين المعلوم حرمة احدهما وكذا لو تداعيا عينا فى موضع يحكى بتنصيفها بينهما مع العلم بانها ليست إلّا لاحدهما وذكروا ايضا فى باب الصلح انه لو كان لاحد الودعيين درهم وللآخر درهمان فتلف عند الودعى احد الدراهم فانه يقسم احد الدرهمين الباقيين بين المالكين مع العلم الاجمالى بان دفع احد النصفين دفع للمال الى غير صاحبه وكذا لو اختلف المتبايعان فى المبيع او الثمن وحكم بالتحالف وانفساخ البيع فانه يلزم مخالفة العلم الاجمالى بل التفصيلى فى بعض الفروض كما لا يخفى.

ـ انفسهم جائز وبين ادلة حل ما لم يعرف كونه حراما كقوله عليه‌السلام كل شيء لك حلال حتى تعلم انه حرام حتى ان الاول يعم الاقرارين المعلوم مخالفة احدهما للواقع والثانى لا يعم الشيئين المعلوم حرمة احدهما.

(فالحاصل) انه اىّ فرق بين ادلة الاقرار وادلة الاباحة كما ان الاول يشمل كلا الاقرارين ولا يعتنى بالعلم الاجمالى وكذا ادلة الاباحة تشمل كلا المشتبهين ولا يعتنى بالعلم الاجمالى بحرمة احدهما.

(وكذا) لو تداعيا عينا فى موضع يحكم بتنصيفها بينهما كما اذا تحالفا او نكل كلاهما عن اليمين ولم يكن لاحدهما بينة فان لازم ذلك جواز شراء ثالث للنصفين من كل منهما مع انه يعلم تفصيلا عدم انتقال تمام المال اليه من مالكه الواقعى.

(وكذا) حكمهم فيما لو كان لاحد درهم ولآخر درهمان فتلف احد الدراهم عند الودعى انه يقسم احد الدرهمين الباقيين بين المالكين مع العلم الاجمالى بان دفع احد النصفين دفع للمال الى غير صاحبه.

٧٩

ـ (وكذا) حكمهم بانفساح العقد المتنازع فى تعيين ثمنه او مثمنه على وجه يقضى فيه بالتحالف كما لو اختلفا فى كون المبيع بالثمن المعين عبدا او جارية فان رد الثمن الى المشترى بعد التحالف مخالف للعلم التفصيلى بصيرورته ملك البائع ثمنا للعبد او الجارية وكذا لو اختلفا فى كون ثمن الجارية المعينة عشرة دنانير او مائة درهم فان الحكم برد الجارية للعلم التفصيلى بدخولها فى ملك المشترى كما قال قدس‌سره فانه يلزم مخالفة العلم الاجمالى بل التفصيلى فى بعض الفروض كما اشرنا اليه.

٨٠