درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٤

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٤

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٣

ـ (وكيف كان) التحقيق عدم جواز ارتكاب الكل لانه مستلزم طرح الدليل الواقعى الدال على وجوب الاجتناب عن المحرم الواقعى كالخمر فى قوله اجتنب عن الخمر لان هذا التكليف لا يسقط من المكلف مع علمه بوجود الخمر بين المشتبهات.

(غاية الامر) اذا دل الدليل على جواز ارتكاب بعض المحتملات فى الشبهة الغير المحصورة وجب ابقاء مقدار الحرام وجعله بدلا عن الحرام الواقعى وإلّا لزم خروج الحرام الواقعى عن كونه حراما واقعيا وهو معلوم البطلان هذا اذا قصد ارتكاب الجميع لا نفسها من غير ان يجعلها مقدمة لارتكاب الحرام.

(قوله فصور ارتكاب الكل ثلاثة عرفت كلها) إحداها ارتكاب الكل مع قصد ارتكابه من اول الامر لا نفسها وثانيتها ارتكاب الكل مع القصد من اول الامر لارتكاب الحرام وجعل ارتكاب الكل مقدمة له وثالثتها ارتكاب الكل من غير قصد من اول الامر لارتكابها لا لانفسها ولا مقدمة.

٢٤١

(الثانى) اختلف عبارات الاصحاب فى بيان ضابط المحصورة وغيره فعن الشهيد والمحقق الثانيين والميسى وصاحب المدارك ان المرجع فيه الى العرف فما كان غير محصور فى العادة بمعنى انه يعسر عده لا ما امتنع عده لان كل ما يوجد من الاعداد قابل للعد والحصر وفيه مضافا الى انه انما يتجه اذا كان الاعتماد فى عدم وجوب الاجتناب على الاجماع المنقول على جواز الارتكاب فى غير المحصور او على تحصيل الاجماع من اتفاق من عبر بهذه العبارة الكاشف عن اناطة الحكم فى كلام المعصوم بها ان تعسر العد غير متحقق فيما مثلوا به لغير المحصور كالالف مثلا فان عد الالف لا يعد عسرا.

ـ (اقول) قد تقدم البحث عن هذا المورد الثانى تفصيلا فى اول البحث عن المقام الثانى فى الشبهة الغير المحصورة وقلنا انه لم يحصل الوثوق للنفس بشيء من التعاريف التى ذكروها فى ضابط المحصور وغيره وقد عرفت ان اكثرها لا يخلو من منع او قصور.

(وعلى كل حال) لا بد لنا من بيان اختلاف عبارات الاصحاب الواردة فى ضابط المحصور وغيره بمناسبة بحثه قدس‌سره عنها فى هذا المورد فنقول قبل التعرض لها لا بأس بتمهيد مقدمة فى تحرير موضوع البحث.

(وهى انه لا شبهة فى ان البحث فى المقام) عن منجزية العلم الاجمالى وعدمه كما يقتضيه ظاهر العنوان فى كلماتهم ممحض فى مانعية كثرة الاطراف عن تأثير العلم وعدمه فلا بد حينئذ من فرض الكلام فى مورد يكون خاليا عن جميع ما يوجب المنع عن تأثير العلم الاجمالى كالعسر والحرج وكالاضطرار الى ارتكاب بعض الاطراف او خروجه عن مورد الابتلاء بحيث لو لا كثرة الاطراف لكان العلم الاجمالى منجزا بلا كلام وإلّا فمع طروّ احد هذه الطوارى لا يفرق

٢٤٢

وربما قيد المحقق الثانى عسر العد بزمان قصير قال فى فوائد الشرائع كما عن حاشية الارشاد بعد ان ذكر ان غير المحصور من الحقائق العرفية ان طريق ضبطه ان يقال لا ريب انه اذا اخذ مرتبة عليا من مراتب العدد كالف مثلا قطع بانه مما لا يحصر ولا يعد عادة لعسر ذلك فى الزمان القصير فيجعل طرفا ويؤخذ مرتبة اخرى دنيا جدا كالثلاثة يقطع بانها محصورة لسهولة عدها فى الزمان اليسير وما بينهما من الوسائط كلما جرى مجرى الطرف الاول الحق به وكذا ما جرى مجرى الطرف الثانى الحق به وما يعرض فيه الشك يعرض على القوانين والنظائر ويرجع فيه الى الغالب فان غلب على الظن الحاقه باحد الطرفين فذاك وإلّا عمل فيه بالاستصحاب الى ان يعلم الناقل وبهذا ينضبط كل ما ليس بمحصور شرعا فى ابواب الطهارة والنكاح وغيرهما.

ـ بين المحصور وغيره.

(وعليه) فلا مجال للاستدلال فى المقام على عدم وجوب مراعاة العلم الاجمالى بالعسر والحرج تارة وبعدم كون جميع الاطراف محل الابتلاء اخرى وثالثة بغير ذلك من الطوارى المانعة عن تأثير العلم الاجمالى.

(وتوهم) ان ذلك من جهة ملازمة كثرة الاطراف مع احد هذه الموانع خصوصا العسر والحرج.

(مدفوع) بانه لو سلم ذلك فانما هو فى العلم الاجمالى فى الواجبات واما فى المحرمات المقصود منها مجرد الترك فلا لان كثيرا ما يتصور خلو كثرة الاطراف عن الموانع المذكورة مع ان العبرة حينئذ تكون بها لا بكثرة الاطراف (واذا عرفت ذلك) فنقول انهم ذكروا وجوها لتعريف الشبهة الغير

٢٤٣

ـ المحصورة تعرضنا لها فيما نقدم تفصيلا فراجع ولكن نشير الى بعضها لتوضيح البحث فى هذا المورد.

(منها) ما عن الشيخ قدس‌سره من تحديده بما بلغ كثرة الاطراف الى حد يوجب عدم اعتناء العقلاء بالعلم الاجمالى فيها لما هو المعلوم من اختلاف حال العلم الاجمالى عند العقلاء فى التأثير وعدمه مع قلة المحتملات وكثرتها كما يرى بالوجدان الفرق الواضح بين قذف احد الشخصين لا بعينه وبين قذف احد من فى البلد حيث يرى تأثير كلا الشخصين فى الاول وعدم تأثير احد من فى البلد فى الثانى.

(وفيه ما افيد) من عدم اعتناء العقلاء بالضرر مع كثرة الاطراف انما يتم فى مثل المضار الدنيوية وذلك ايضا فيما يجوز توطين النفس على تحملها لبعض الاغراض لا ما يكون مورد الاهتمام التام عندهم كالمضار النفسية وإلّا ففيها يمنع اقدامهم على الارتكاب بمحض كثرة الاطراف مثلا لو علم بوجود سمّ قاتل فى كأس مردد بين الف كأس او ازيد يرى انه لا يقدم احد على ارتكاب شيء من تلك الكئوس وان بلغت الاطراف فى الكثرة ما بلغت لا فى المضار الاخروية التى يستقل العقل فيها بلزوم التحرز عنها ولو موهوما فان فى مثله لا بد فى تجويز العقل للارتكاب من وجود مؤمّن يوجب القطع بعدم العقوبة على ارتكابه.

(ومنها) ما عن الشهيد والمحقق الثانيين والشيخ الاجل الاورع الاتقى شيخ فضلاء زمانه نادرة علماء او انه نور الدين وزين المجتهدين ابى القاسم على بن عبد العالى العاملى الميسى وكان معاصرا للكركى وصاحب المدارك من تحديدهم بان المرجع فى ضابط المحصور وغيره الى العرف فما كان غير محصور فى العادة بمعنى انه يعسر عده لا ما امتنع عده لان كل ما يوجد من الاعداد قابل للعد والحصر.

٢٤٤

ـ (وفيه) او لا ان عسر العد لا انضباط له فى نفسه من جهة اختلاف الاشخاص واختلاف زمان العد فالالف يعسر عده فى ساعة مثلا ولا يعسر فى يوم او اكثر فكيف يمكن ان يكون عسر العد ميزانا للشبهة الغير المحصورة هذا مضافا الى ان المحصور وغير المحصور ليسا بموجودين فى الآيات والروايات ليرجع فيهما الى العرف بل هما من الفاظ القوم ومن الاصطلاحات المستحدثة.

(وثانيا) ما أورد عليه قدس‌سره من قوله وفيه مضافا الى انه انما يتجه اذا كان الاعتماد فى عدم وجوب الاجتناب على الاجماع المنقول على جواز الارتكاب فى غير المحصور او على تحصيل الاجماع من اتفاق من عبر بهذه العبارة الكاشف عن اناطة الحكم فى كلام المعصوم بها ان تعسر العد غير متحقق فيما مثلوا به لغير المحصور كالالف مثلا فان عد الالف لا يعد عسرا.

(فعلى الاول) يكون بمنزلة خبر الواحد العالى السند فى الاخبار عن ثبوت الحكم بعدم وجوب الاجتناب فى موضوع الغير المحصور او ما يرادفه تضمنا او التزاما عند الامام عليه‌السلام.

(وعلى الثانى) يكون بمنزلة المتواتر فى الاخبار عن ثبوت الحكم المذكور فى الموضوع المذكور كذلك عند الامام عليه‌السلام.

(هذا) مع ان هذه المسألة من المسائل المستحدثة التى لم يتعرض لها القدماء فكيف يمكن فيها دعوى الاجماع وعلى فرض تحققه لا يكون اجماعا تعبديا كاشفا عن رأى المعصوم عليه‌السلام اذ علم استناد العلماء على احد الامور المتقدمة.

(وربما قيّد المحقق الثانى عسر العدّ بزمان قصير) وفيه ان القصر والطول من الامور الاضافية والاعراض المقولة بالتشكيك ولا حد لهما ينتهيان اليه فان الدقيقة زمان طويل بالنسبة الى الثانية وقصير بالنسبة الى الساعة فليس لهما ميزان منضبط حتى يرجع فيهما الى العرف.

٢٤٥

ـ (قوله وما يعرض فيه الشك يعرض على القوانين والنظائر) ولعل المراد بها الرجوع الى الادلة الاجتهادية من الظنون الخاصة ثم الظنون المطلقة ومع فقدهما فالاصول قوله ويرجع فيه الى الغالب الى قوله وإلّا عمل فيه بالاستصحاب الى ان يعلم الناقل بيان للعرض على القوانين وتفريع عليه فحينئذ التعبير بقوله فيرجع فيه الى الغالب بدل قوله ويرجع فيه الى الغالب اولى واكمل قوله ويرجع فيه الى الغالب يعنى الغالب على الظن بقرينة تالية.

٢٤٦

(اقول) وللنظر فيما ذكره قده مجال اما اولا فلان جعل الالف من غير المحصور مناف لما عللوا عدم وجوب الاجتناب به من لزوم العسر فى الاجتناب فانا اذا فرضنا بيتا عشرين ذراعا فى عشرين ذراعا وعلم بنجاسة جزء يسير منه يصح السجود عليه نسبته الى البيت نسبة الالف الى الواحد فاى عسر فى الاجتناب عن هذا البيت والصلاة فى بيت آخر واى فرق بين هذا الفرض وبين ان يعلم بنجاسة ذراع منه او ذراعين مما يوجب حصر الشبهة فان سهولة الاجتناب وعسره لا يتفاوت بكون المعلوم اجمالا قليلا او كثيرا وكذا لو فرضنا او قية من الطعام يبلغ الف حبة بل ازيد يعلم بنجاسة او غصبية حبة منها فان جعل هذا من غير المحصور ينافى تعليل الرخصة فيه بتعسر الاجتناب واما ثانيا فلان ظن الفقيه بكون العدد المعين جاريا مجرى المحصور فى سهولة الحصر او يجرى مجرى غيره لا دليل عليه.

ـ (يعنى) ما ذكره المحقق الثانى لا يخلو من نظر اما اولا فلان جعل الالف من غير المحصور مناف لما عللوا عدم وجوب الاجتناب به من لزوم العسر فى الاجتناب ووجهه ان التعليل غير موافق للمعلل وغير مساو له كما هو شأن الدليل بالنسبة الى المدلول اذ لو كان الدليل اخص من المدعى لم يكن الدليل دليلا على تمامه وبيان ذلك انا اذا فرضنا بيتا عشرين ذراعا فى عشرين ذراعا وعلم بنجاسة جزء يسير منه يصح السجود عليه نسبته الى البيت نسبة الواحد الى الالف فاى عسر فى الاجتناب عن هذا البيت والصلاة فى بيت آخر واى فرق بين هذا الفرض وبين ان يعلم بنجاسة ذراع او ذراعين مما يوجب حصر الشبهة فان سهولة الاجتناب وعسره لا يتفاوت بكون المعلوم اجمالا قليلا او كثيرا.

٢٤٧

واما ثالثا فلعدم استقامة الرجوع فى مورد الشك الى الاستصحاب حتى يعلم الناقل لانه ان اريد به استصحاب الحل والجواز كما هو الظاهر من كلامه ففيه ان الوجه المقتضى لوجوب الاجتناب فى المحصور وهو وجوب المقدمة العلمية بعد العلم بحرمة الامر الواقعى المردد بين المشتبهات قائم بعينه فى غير المحصور والمانع غير معلوم فلا وجه للرجوع الى الاستصحاب إلّا ان يكون نظره الى ما ذكرنا فى الدليل الخامس من ادلة عدم وجوب الاجتناب من ان المقتضى لوجوب الاحتياط فى الشبهة الغير المحصورة وهو حكم العقل وجوب دفع الضرر المحتمل غير موجود وحينئذ فمرجع الشك فى كون الشبهة محصورة او غيرها الى الشك فى وجود المقتضى للاجتناب ومعه يرجع الى اصالة الجواز لكنك عرفت التأمل فى ذلك الدليل فالاقوى وجوب الرجوع مع الشك الى اصالة الاحتياط لوجود المقتضى وعدم المانع.

ـ (إلّا ان يقال) ان مراد المحقق ملاحظة الالف من حيث انه كمّ منفصل ومرتبة من مراتب الاعداد فان عده فى نفسه مع قطع النظر عن عروضه لمعدود بان يقال واحد اثنان ثلاثة وهكذا الى تمامه فى زمان قليل متعسر وإلّا فلو فرض عروضه للمعدود فقد ذكرنا انه يختلف الطول والقصر بالنسبة الى اصناف المعدودات وليس مراده ان كل ما حصل فيه نسبة الالفية بالنسبة الى شىء آخر كان من هذا القبيل حتى فى مثل البيت المفروض والاوقية المفروضة ولو كان المراد ذلك لا مكن هذا الفرض فى اقل من البيت المفروض من مثل الذراع الواحد لامكان فرض جزء فيه نسبته الى المجموع نسبة الواحد الى الالف وكذا الحال فى مثال الأوقية.

(ولكن يمكن ان يقال) ان الانتقاض المذكور انما يتم على تقدير

٢٤٨

ـ كون لزوم العسر علة وهو بمحل المنع لاحتمال كونه من باب الحكمة ومجرد الاحتمال كاف فى دفعه قال فى جامع المقاصد فى باب ما يسجد عليه من كتاب الصلاة فى شرح قول المصنف ويجتنب كل موضع فيه اشتباه بالنجس ان كان محصورا كالبيت وإلّا فلا بعد ذكر شطر من الكلام فى ذلك وهذا اذا كان محصورا كالبيت والبيتين اما ما لا يعدّ محصورا عادة كالصحراء فان حكم الاشتباه فيه ساقط والظاهر انه اتفاقى لما فى وجوب اجتناب الجميع من المشقة انتهى.

(واما ثانيا) فلان ظن الفقيه بكون العدد المعين جاريا مجرى المحصور فى سهولة الحصر او يجرى مجرى غيره لا دليل عليه خصوصا اذا كان ظنه متعلقا بالموضوعات الصرفة لعدم حجية الظن المطلق فيها وان قلنا بحجية الظن المطلق فى الاحكام والبحث من هذه الجهة تفصيلا موكول الى محله.

(واما ثالثا) فلعدم استقامة الرجوع فى مورد الشك الى الاستصحاب حتى يعلم الناقل لانه ان اريد من الاستصحاب استصحاب الحل والجواز كما هو الظاهر من كلامه لعل وجه الظهور قوله حتى يعلم الناقل فان المراد به فى مصطلحهم هو الحكم الذى على خلاف الاصل من الوجوب والتحريم.

(ففيه) ان الوجه المقتضى لوجوب الاجتناب فى المحصور وهو وجوب المقدمة العلمية بعد العلم بحرمة الامر الواقعى المردد بين المشتبهات قائم بعينه فى غير المحصور والمانع غير معلوم فلا وجه للرجوع الى استصحاب الحل والجواز.

(إلّا ان يكون نظر المحقق) الى ما ذكرنا فى الدليل الخامس من ادلة عدم وجوب الاجتناب من ان المقتضى لوجوب الاحتياط فى الشبهة الغير المحصورة وهو حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل غير موجود لعدم استقلال العقل بوجوب دفع العقاب المحتمل فى الشبهة الغير المحصورة فليس فيها ما يوجب على المكلف الاجتناب عن كل محتمل فيكون عقابه حينئذ عقابا من دون برهان فيكون الشبهة

٢٤٩

ـ المقرونة بالعلم الاجمالى فيها مثل الشبهة الخالية عنه وحينئذ فمرجع الشك فى كون الشبهة محصورة او غيرها الى الشك فى وجود المقتضى للاجتناب ومعه يرجع الى اصالة الجواز اى اصالة البراءة لكنك عرفت التامل فى ذلك الدليل الخامس فحينئذ يلزم الرجوع مع الشك الى اصالة الاحتياط لوجود المقتضى اى وجود احتمال الضرر فى كل شبهة وعدم المانع.

٢٥٠

(وكيف كان) فما ذكروه من احالة غير المحصور وتميزه عن غيره الى العرف لا يوجب إلّا زيادة التحير فى موارد الشك وقال كاشف اللثام فى مسئلة المكان المشتبه بالنجس لعل الضابط ان ما يؤدى اجتنابه الى ترك الصلاة غالبا فهو غير محصور كما ان اجتناب شاة او امرأة مشتبهة فى صقع من الارض يؤدى الى الترك غالبا انتهى واستصوبه فى مفتاح الكرامة وفيه ما لا يخفى من عدم الضبط ويمكن ان يقال بملاحظة ما ذكرنا فى الوجه الخامس ان غير المحصور ما بلغ كثرة الوقائع المحتملة للتحريم الى حيث لا يعتنى العقلاء بالعلم الاجمالى الحاصل فيها ألا ترى انه لو نهى المولى عبده عن المعاملة مع زيد فعامل العبد مع واحد من اهل قرية كبيرة يعلم بوجود زيد فيها لم يكن ملوما وان صادف زيدا.

ـ (اقول) ان القول بان تميز غير المحصور عن غيره الصدق العرفى فما صدق عليه عرفا انه غير محصور يلحقه حكمه لا يصح لان العرف لا ضابطة عندهم لتمييز المحصور عن غيره فلو سألوا عن معنى هذه الكلمة تحيروا فى تحديدها والسرّ فيه كما تقدمت الاشارة ان عدم الحصر ليس من المعانى المتأصلة وانما هو امر اضافى يختلف باختلاف الاشخاص والازمان وغير ذلك.

(ولذا قال قدس‌سره) ان احالة غير المحصور الى العرف لا يوجب إلّا زيادة التحير فى موارد الشك وقال المحقق الاردبيلى قدس‌سره فى مجمع الفائدة على ما حكى عنه واما تحقيق المحصور وغيره فحوالته الى العرف الغير المضبوط ايضا لا يخلو عن اشكال وينبغى ان يبنى على تعذر الاجتناب وتعسره الذى لا يتحمل مثله وعدمهما وهو ايضا لا يخلو عن اشكال لعدم ضبط التعسر الا بالعرف ونحوه انتهى

(وقال كاشف اللثام) فى مسئلة المكان المشتبه بالنجس لعل الضابط ان ما يؤدى اجتنابه الى ترك الصلاة غالبا فهو غير محصور كما ان اجتناب شاة او امرأة

٢٥١

وقد ذكرنا ان المعلوم بالاجمال قد يؤثر مع قلة الاحتمال ما لا يؤثر مع الانتشار وكثرة الاحتمال كما قلناه فى سب واحد مردد بين اثنين او ثلاثة او مردد بين اهل بلدة ونحوه ما اذا علم اجمالا لوجود بعض القرائن الصارفة المختفية لبعض ظواهر الكتاب والسنة او حصول النقل فى بعض الالفاظ الى غير ذلك من الموارد التى لا يعتنى فيها بالعلوم الاجمالية المترتبة عليها الآثار المتعلقة بالمعاش والمعاد فى كل مقام.

ـ مشتبهة فى صقع من الارض يؤدى الى ترك اكل اللحم والتزويج واستصوبه فى مفتاح الكرامة.

(وفيه ما لا يخفى من عدم الضبط) وجهه على ما تعرض له بعض الاعلام انه ان اريد بيان موضوع غير المحصور كليا بان بدل قوله الى ترك الصلاة بقوله الى ترك الواجب فهو غير واف لانه مبنى على وجود الواجب فى كل فرد من افراد الغير المحصور وهو معلوم العدم لاختصاص هذا العنوان بمقدمات الصلاة لان المؤدى اليه فى غيرها انما هو اختلال النظام والمعاش دون ترك الواجب لعدم وجود واجب فيها حتى يؤدى الاجتناب الى تركه وان اريد بيان الضابط فى خصوص مقدمات الصلاة كاللباس والمكان والبدن من حيث الطهارة والنجاسة والاباحة والغصبية.

(ففيه) مضافا الى انه ليس بضابط كلى ان سبب ترك الواجب فيها ليس الاجتناب عن اطراف الغير المحصور بل السبب انما هو ندرة معلوم الطهارة والاباحة ولذا لو فرض كون الاطراف فى غاية الكثرة كما اذا علم اجمالا بنجاسة احد من القرب المعدة لاتيان الماء لاهل البلد ولكن كان للمصلى ماء معلوم الطهارة فالاجتناب عن الاطراف فى هذا الفرض لا يوجب ترك الصلاة لامكان التوضؤ من الماء المزبور كما انه لو لم يوجد هذا الماء وكان الاطراف بين امور محصورة

٢٥٢

ـ فالاجتناب فيه يؤدى الى ترك الصلاة فليس تمام انطباق بين هذا الميزان وعنوان غير المحصور انتهى.

(اقول) ان ايراده على كلام كاشف اللثام وان كان فى محله ولكن كلامه ايضا فى بيان وجه عدم الضبط لا يخلو عن النظر فتأمل.

(قوله ويمكن ان يقال بملاحظة ما ذكرنا فى الوجه الخامس) وجه آخر لبيان ضابط غير المحصور وفيه مضافا الى ابتنائه على تمامية الوجه الخامس الممنوعة عنده قدس‌سره ما تقدم من انه لا يرفع التحير والتردد فى كثير من الموارد لانه كثيرا ما لا يعلم باعتناء العقلاء بالعلم الاجمالى وعدمه فيرجع الامر بالاخرة الى عدم فائدة له فى تشخيص موارد الاشتباه.

٢٥٣

(وليعلم) ان العبرة فى المحتملات كثرة وقلة بالوقائع التى تقع موردا للحكم بوجوب الاجتناب مع العلم التفصيلى بالحرام فاذا علم بحبة ارز محرمة او نجسة فى الف حبة والمفروض ان تناول الف حبة من الارز فى العادة بعشر لقمات فالحرام مردد بين عشرة محتملات لا الف محتمل لان كل لقمة يكون فيها الحبة يحرم اخذها لاشتمالها على مال الغير او مضغها لكونه مضغا للنجس فكانه علم اجمالا بحرمة واحدة من عشر لقمات نعم لو اتفق تناول الحبوب فى مقام يكون تناول كل حبة واقعة مستقلة كان له حكم غير المحصور وهذا غاية ما ذكروا او يمكن ان يذكر فى ضابط المحصور وغيره ومع ذلك فلم يحصل للنفس وثوق بشىء منها.

ـ (حاصله) ان العبرة فى المحتملات قلة وكثرة انما هى بكثرة الوقائع التى تقع موردا للحكم بوجوب الاجتناب مع العلم بالحرام تفصيلا ويختلف ذلك فى انظار العرف باختلاف الموارد.

(فقد يكون) تناول امور متعددة باعتبار كونها مجتمعة معدودا فى انظارهم وقعة واحدة كاللقمة من الارز ويدخل المشتمل على الحرام منها فى المحصور كما لو علم بوجود حبة محرمة او نجسة من الارز او الحنطة فى الف حبة مع كون تناول الف حبة من الارز فى العادة بعشر لقمات فان مرجعه الى العلم بحرمة تناول احد لقماته العشر ومضغها لاشتمالها على مال الغير او النجس.

(وقد يكون) تناول كل حبة يعد فى انظارهم واقعة مستقلة كما لو كانت الحبوب متفرقة او كان المقام يقتضى كون تناولها بتناول كل حبة حبة ومضغها منفردة فيدخل بذلك فى غير المحصور.

(اذا عرفت ذلك) فالاولى كما قال قدس‌سره الرجوع فى موارد الشك الى ما حكم به العقلاء من لزوم مراعاة العلم الاجمالى الموجود فى ذلك المورد

٢٥٤

فالاولى الرجوع فى موارد الشك الى حكم العقلاء بوجوب مراعاة العلم الاجمالى الموجود فى ذلك المورد فان قوله اجتنب عن الخمر لا فرق فى دلالته على تنجز التكليف بالاجتناب عن الخمر بين الخمر المعلوم المردد بين امور محصورة وبين الموجود المردد بين امور غير محصورة غاية الامر قيام الدليل فى غير المحصورة على اكتفاء الشارع عن الحرام الواقعى ببعض محتملاته كما تقدم سابقا فاذا شك فى كون الشبهة محصورة او غير محصورة شك فى قيام الدليل على قيام بعض المحتملات مقام الحرام الواقعى فى الاكتفاء عن امتثاله بترك ذلك البعض فيجب ترك جميع المحتملات لعدم الامن من الوقوع فى العقاب بارتكاب البعض.

ـ فان قوله اجتنب عن الخمر لا فرق فى دلالته على تنجز التكليف بالاجتناب عن الخمر بين الخمر المعلوم المردد بين امور محصورة وبين الموجود المردد بين امور غير محصورة

(غاية الامر) قيام الدليل فى غير المحصورة على اكتفاء الشارع عن الحرام الواقعى ببعض محتملاته كما تقدم سابقا فاذا شك فى كون الشبهة محصورة او غير محصورة شك فى قيام الدليل على قيام بعض المحتملات مقام الحرام الواقعى فى الاكتفاء عن امتثاله بترك ذلك البعض فيجب ترك جميع المحتملات لعدم الامن من الوقوع فى العقاب بارتكاب البعض.

(هذا تمام الكلام) فى الشبهة الموضوعية التحريمية اذا كان الحرام المشتبه مرددا بين المتباينين واما اذا كان مرددا بين الاقل والاكثر فلم يتعرض له الشيخ قدس‌سره لما يأتى الاشارة فى كلامه فى اول المطلب الثانى من انا لم نذكر فى الشبهة التحريمية من الشك فى المكلف به صورة دوران الامر بين الاقل والاكثر لان مرجع الدوران بينهما فى تلك الشبهة الى الشك فى اصل التكليف لان الاكثر معلوم الحرمة والشك فى حرمة الاقل.

٢٥٥

(الثالث) اذا كان المردد بين الامور الغير المحصورة افرادا كثيرة نسبة مجموعها الى المشتبهات كنسبة الشيء الى الامور المحصورة كما اذا علم بوجود خمسمائة شاة محرمة فى الف وخمسمائة شاة فان نسبة مجموع المحرمات الى المشتبهات كنسبة الواحد الى الثلاثة فالظاهر انه ملحق بالشبهة المحصورة لان الامر معلق بالاجتناب عن مجموع خمسمائة فى المثال ومحتملات هذا الحرام المتباينة ثلاثة فهو كاشتباه الواحد فى الثلاثة واما ما عدا هذه الثلاثة من الاحتمالات فهى احتمالات لا تنفك عن الاشتمال على الحرام.

ـ (اقول) لو كانت اطراف الشبهة فى حد نفسها كثيرة وكان المعلوم بالاجمال ايضا كثيرا كالمثال الذى ذكره قدس‌سره وقد يعبر عن هذا الفرض فى الاصطلاح بشبهة الكثير فى الكثير فان نسبة مجموع المحرمات الى المشتبهات كنسبة الواحد الى الثلاثة فهل يكون العلم الاجمالى فى مثل الفرض منجزا على القول بعدم تنجيز العلم الاجمالى فى الشبهة الغير المحصورة ام لا وجهان.

(والتحقيق) انه يختلف ذلك باختلاف المبانى فى عدم تنجيز العلم الاجمالى فى الشبهة الغير المحصورة فعلى مبنى الشيخ قدس‌سره من ان الملاك فى عدم تنجيز العلم الاجمالى فى الشبهة الغير المحصورة هو كون احتمال التكليف فيها موهوما لا يعتنى به العقلاء كان العلم الاجمالى فى مفروض المثال منجزا لان احتمال التكليف فى كل واحد من الاطراف غير موهوم على الفرض فانه من قبيل تردد الواحد فى العشرة فحكمها حكم الشبهة المحصورة بل هى فى الحقيقة من افرادها فتجرى فيها قواعد العلم الاجمالى من حرمة المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية.

(واما على مبنى المحقق النّائينيّ) من ان الوجه فى عدم التنجيز

٢٥٦

(الرابع) انما ذكرنا فى المطلب الاول المتكفل لبيان حكم اقسام الشك فى الحرام مع العلم بالحرمة ان مسائله اربع الاولى منها الشبهة الموضوعية واما الثلاث الأخر وهى ما اذا اشتبه الحرام بغير الواجب لاشتباه الحكم من جهة عدم النص او اجمال النص او تعارض النصين فحكمها تظهر مما ذكرنا فى الشبهة المحصورة لكن اكثر ما يوجد من هذه الاقسام الثلاثة هو القسم الثانى كما اذا تردد الغناء المحرم بين مفهومين بينهما عموم من وجه فان مادتى الافتراق من هذا القسم ومثل ما اذا ثبت بالدليل حرمة الاذان الثالث يوم الجمعة واختلف فى تعيينه ومثل قوله (ص) من جدد قبرا او مثل مثالا فقد خرج عن الاسلام حيث قرء جدد بالجيم والحاء المهملة وقرء جدث بالجيم والثاء المثلثة.

ـ عدم حرمة المخالفة القطعية فيها لعدم تمكن المكلف منها ووجوب الموافقة القطعية متفرع عليها فلا بد من الالتزام بعدم التنجيز فى المقام ايضا فان المخالفة القطعية لا تتحقق إلّا بارتكاب جميع الاطراف وهو متعذر او متعسر عادة فلا تجب الموافقة القطعية ايضا فلا يكون العلم الاجمالى منجزا لا محالة.

(والحاصل) ان الشبهة اما ان تكون شبهة القليل فى الكثير فهى الشبهة الغير المحصورة حقيقة واما ان تكون شبهة القليل فى القليل وهى الشبهة المحصورة حقيقة واما ان تكون شبهة الكثير فى الكثير وهى المبحوث عنها فى المورد الثالث وقد حكم الشيخ قدس‌سره بكونها ملحقة بالشبهة المحصورة ويظهر من عبارته انها ملحقة بالشبهة المحصورة حكما لا موضوعا.

(قوله الرابع انما ذكرنا فى المطلب الاول الخ) قد تقدم فى اول اصالة الاشتغال المطلب الاول فى دوران الامر بين الحرام وغير الواجب ومسائله اربع الاولى لو علم التحريم وشك فى الحرام من جهة اشتباه الموضوع الخارجى المسماة

٢٥٧

ـ بالشبهة الموضوعية وقد سبق البحث تفصيلا عنها محصورة وغير محصورة.

(وبقى مسائله الثلاث الأخر) وهى ما اذا اشتبه الحرام بغير الواجب لاشتباه الحكم من جهة عدم النص او اجماله او تعارضه فحكمها حكم الشبهة الموضوعية حيث يجرى فيها جميع ما ذكر فى الشبهة الموضوعية من منجزية العلم الاجمالى وعليته لوجوب الموافقة القطعية حرفا بحرف فلا يحتاج الى اعادة البحث فيها بل قد قيل ان الشبهة الحكمية اولى فى ذلك من الشبهة الموضوعية فافهم.

(لكن اكثر ما يوجد) من هذه الاقسام الثلاثة هو القسم الثانى كما اذا تردد الغناء بين مفهومين بينهما عموم من وجه كان يتردد بين ان يكون هو الصوت المطرب او الصوت مع الترجيع فمادة الاجتماع وهو الصوت المطرب مع الترجيع داخلة فى عنوان الشك فى المكلف به الموضوعى ومادتا الافتراق وهما التفسيران الاولان داخلتان فى عنوان الشك فى المكلف به الحكمى كما قال قدس‌سره فان مادتى الافتراق من هذا القسم يعنى انهما من الشبهة التحريمية الحكمية لاجمال النص فيرجع فيهما الى وجوب الاحتياط اذ هما مما يعلم بحرمة إحداهما مع العلم بحرمة مادة الاجتماع.

(قوله ومثل ما اذا ثبت بالدليل حرمة الاذان الثالث يوم الجمعة) كما فى رواية حفص بن غياث عن ابى جعفر عليه‌السلام انه قال الاذان الثالث يوم الجمعة بدعة لكنهم اختلفوا فى تعيينه فالمشهور ان المراد اذ ان العصر منه لانّ الاول للصبح والثانى للجمعة وربما يقال ان المراد بالاذان الثالث هو الاذان الثانى للظهر من يوم الجمعة باعتبار كونه زيادة ثالثة بعد الاذان والاقامة المشروعين للظهر ويؤيده ما قيل من ان عثمان احدث للجمعة اذانا لبعد بيته عن المسجد فكانوا يؤذنون اولا فى بيته وثانيا فى المسجد.

(وقيل) ان المراد الاذان الذى كان بعد نزول الامام من المنبر وقيل المراد الاذان قبل الوقت الى غير ذلك من الاحتمالات المذكورة فى محلها.

٢٥٨

ـ (قوله ومثل قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله من جدد قبرا او مثل مثالا فقد خرج عن الاسلام الخ) هذه الرواية رواها الشيخ والبرقى على ما حكى عنهما عن امير المؤمنين ع قال الوحيد البهبهانى ره على ما حكى عنه انه بالجيم عند الصفار وبالحاء المهملة عند سعد بن عبد الله يعنى من سنم قبرا من التسنيم الذى هو من طريقة العامة وبالخاء المعجمة عند المفيد وجدث بالجيم والثاء المثلثة عند البرقى والصدوق قال جميع ما ذكر داخل فى معنى الحديث سوى قول المفيد انتهى.

(ثم انه قد اختلف فى معنى هذا الخبر) قيل يحتمل ان تكون القراءة بالجيم بمعنى تجديد القبر وتطيينه بعد اندراسه وهو بهذا المعنى مكروه فيكون قوله فقد خرج عن الاسلام للمبالغة وضرب من التأكيد.

(ويحتمل) ان يراد به نبش القبر كما اختاره الصدوق فى محكى الفقيه قال والذى اذهب اليه انه جدد بالجيم ومعناه من نبش قبرا فقد جدده واحوج الى تجديده وقد جعله محفورا انتهى واما قراءة حدد بالحاء المهملة فهو بمعنى من سنم قبرا واما جدث بالجيم والثاء المثلثة فقال الصدوق فى محكى الفقيه ناقلا عن احمد بن عبد الله البرقى انه قال انما هو جدث ونفس الجدث القبر فلا ندرى ما عنى به.

(قيل ولعل المراد) به كما فى التهذيب ان يجعل دفعة اخرى قبرا لانسان آخر فيكون محرما لاستلزامه النبش واما قراءة خدد بالخاء المعجمة كما نسب الى المفيد فهو بمعنى الشق قيل يكون المراد النهى عن شق القبر للدفن فيه او لغيره لحرمة النبش واحتمل فى التنقيح ان يكون مراده جعل الخدّ اى الشق من وسط القبر للميت لا اللحد كما هو المتعارف الآن الى غير ذلك من الاحتمالات التى تعرض لها بعض الاعاظم ولا يخفى بعد اكثرها.

٢٥٩

فى البحث عن الشبهة الوجوبية

(المطلب الثانى) فى اشتباه الواجب بغير الحرام وهو قسمين لان الواجب اما مردد بين امرين متباينين كما اذا تردد بين وجوب الظهر والجمعة فى يوم الجمعة وبين القصر والاتمام فى بعض المسائل واما مردد بين الاقل والاكثر كما اذا ترددت الصلاة الواجبة بين ذات السورة وفاقدتها للشك فى كون السورة جزءا وليس المثالان الاولان من الاقل والاكثر كما لا يخفى واعلم انا لم نذكر فى الشبهة التحريمية من الشك فى المكلف به صور دوران الامر بين الاقل والاكثر لان مرجع الدوران بينهما فى تلك الشبهة الى الشك فى اصل التكليف لان الاكثر معلوم الحرمة والشك فى حرمة الاقل.

ـ (اقول) قد اشار الشيخ قدس‌سره فى اول اصالة الاشتغال الى ان البحث فى الشك فى المكلف به فى ضمن مطالب.

(المطلب الاول) فى دوران الامر بين الحرام وغير الواجب وقد عقد له فيه اربع مسائل واحدة منها للشبهة الموضوعية التحريمية وثلاثة للشبهة الحكمية ثم شرع ره فى بيان حكم جميعها الى ان ذكر احكام الشبهة الوجوبية فى المطلب الثانى.

(وكيف كان) ان الشك فى التكليف مورد للبراءة والشك فى المكلف به مورد لقاعدة الاشتغال فبعد الفراغ عن هذين الامرين يقع الكلام فى الشك فى الاقل والاكثر الارتباطيين من حيث انه ملحق بالشك فى التكليف ليكون وجوب الاكثر موردا للبراءة او انه ملحق بالشك فى المكلف به ليكون موردا لقاعدة الاشتغال فبعضهم نظر الى ان التكليف بالاقل متيقن وبالاكثر مشكوك فيه فالحقه

٢٦٠