درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٤

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٤

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٣

(احتج) من جواز ارتكاب ما عدا مقدار الحرام ومنع عنه بوجهين الاول الاخبار الدالة على حل ما لم يعلم حرمته التى تقدم بعضها وانما منع من ارتكاب مقدار الحرام اما لاستلزامه للعلم بارتكاب الحرام وهو حرام واما لما ذكره بعضهم من ان ارتكاب مجموع المشتبهين حرام لاشتماله على الحرام قال فى توضيح ذلك ان الشارع منع عن استعمال الحرام المعلوم وجوز استعمال ما لم يعلم حرمته والمجموع من حيث المجموع معلوم الحرمة ولو باعتبار جزئه وكذا كل منهما بشرط الاجتماع مع الآخر فيجب اجتنابه وكل منهما بشرط الانفراد مجهول الحرمة فيكون حلالا.

ـ (اقول) قد استدل من لم يقل بوجوب الموافقة القطعية فى التحريمية الموضوعية وجوز ارتكاب ما عدا مقدار الحرام المعلوم بالاجمال بوجهين.

(الاول) الاخبار الدالة على حل ما لم يعلم حرمته التى تقدم بعضها وانما منع من ارتكاب مقدار الحرام اما لاستلزامه للعلم بارتكاب الحرام وهو حرام على ما حكى عن القوانين والمجلسى فى أربعينه واما لما ذكره بعضهم من ان ارتكاب مجموع المشتبهين حرام لاشتماله على الحرام كما حكى عن الفاضل النراقى فى مناهجه.

(قيل) يحتمل ان يكون التقرير الثانى عبارة اخرى عن التقرير الاول.

(وقيل) يحتمل الفرق بينهما بان ارتكاب الحرام انما يتحقق على التقرير الاول بارتكاب الجميع من حيث المجموع بخلاف التقرير الثانى فانه من حيث اعتبار اشتراط الاجتماع يحصل ارتكاب الحرام بارتكاب احد طرفى الشبهة فافهم.

(قال الفاضل النراقى) فى توضيح تعليله لمنع ارتكاب مقدار الحرام على ما نقل كلامه صاحب بحر الفوائد انه منع الشارع عن استعمال الحرام المعلوم

١٠١

والجواب عن ذلك ان الاخبار المتقدمة على ما عرفت اما ان لا يشمل شيئا من المشتبهين واما ان يشملهما جميعا وما ذكره من الوجهين لعدم جواز ارتكاب الاخير بعد ارتكاب الاول فغير صالح للمنع اما الاول فلانه ان اريد ان مجرد تحصيل العلم بارتكاب الحرام حرام فلم يدل دليل عليه نعم تحصيل العلم بارتكاب الغير للحرام حرام من حيث التجسس المنهى عنه وان لم يحصل له العلم وان اريد ان الممنوع عنه عقلا من مخالفة احكام الشارع بل مطلق الموالى هى المخالفة العلمية دون الاحتمالية فانها لا تعد عصيانا فى العرف فعصيان الخطاب باجتناب الخمر المشتبه هو ارتكاب المجموع دون المحرم الواقعى وان لم يعرف حين الارتكاب.

ـ وجوز استعمال ما لم يعلم حرمته والمجموع من حيث المجموع معلوم الحرمة ولو باعتبار جزئه وكذا كل منهما بشرط الاجتماع مع الآخر فيجب اجتنابه وكل منهما بشرط الانفراد مجهول الحرمة فيكون حلالا ولا نرجح احدهما حتى يلزم الترجيح بلا مرجح ولا المجموع حتى يلزم العلم باستعمال الحرام.

(ثم قال) فان قيل الحرام المعلوم فى كل منهما بشرط الاجتماع اما هو المشروط او الشرط او مجموعهما والكل باطل قلنا غير الثلاثة فان هاهنا امورا اربعة مجموع الشرط والمشروط وكل واحد منهما بعينه واحدهما لا بعينه اى المجهول عندنا والحرام هو الاخير ونجاسة كل بشرط الاجتماع باشتماله على ذلك لا باعتبار نفسه ولا شرطه واذا ترك واحد لم يشمل الباقى على الواحد لا بعينه من المجموع فلذا يجوز استعماله انتهى ما اردنا نقله من كلامه وقد اطال الكلام فى توضيح مرامه بايراد أسئلة واجوبة عنها لا ثمرة مهمة فى نقله ومن اراد الوقوف عليه فليراجع الى كتابه.

١٠٢

وحاصله منع وجوب المقدمة العلمية ففيه مع اطباق العقلاء بل العلماء كما حكى على وجوب المقدمة العلمية انه ان اريد من حرمة المخالفة العلمية حرمة المخالفة المعلومة حين المخالفة فهذا اعتراف بجواز ارتكاب المجموع تدريجا اذ لا يحصل معه مخالفة معلومة تفصيلا وان اريد منها حرمة المخالفة التى تعلق العلم بها ولو بعدها فمرجعها الى حرمة تحصيل العلم الذى يصير به المخالفة معلومة وقد عرفت منع حرمتها جدا ومما ذكرنا يظهر فساد الوجه الثانى فان حرمة المجموع اذا كان باعتبار جزئه الغير المعين فضم الجزء الآخر اليه لا دخل له فى حرمته نعم له دخل فى كون الحرام معلوم التحقق فهى مقدمة للعلم بارتكاب الحرام لا نفسه فلا وجه لحرمتها بعد عدم حرمة العلم بارتكاب الحرام ومن ذلك يظهر فساد جعل الحرام كلا منهما بشرط الاجتماع مع الآخر فان حرمته وان كانت معلومة إلّا ان الشرط شرط لوصف كونه معلوم التحقق لا لذات الحرام فلا يحرم ايجاد الاجتماع إلّا اذا حرم جعل ذات الحرام معلومة التحقق ومرجعه الى حرمة تحصيل العلم بالحرام.

ـ (وكيف كان قوله والجواب عن ذلك الخ) اقول قد تقدم ان اخبار الحل غير جارية هنا بعد فرض كون المحرم الواقعى مكلفا بالاجتناب عنه منجزا على ما هو مقتضى الخطاب بالاجتناب عنه لان مقتضى العقل فى الاشتغال اليقينى بترك الحرام الواقعى هو الاحتياط والتحرز عن كلا المشتبهين حتى لا يقع فى محذور فعل الحرام وهو معنى المرسل المروى فى بعض كتب الفتاوى اترك ما لا بأس به حذرا عما به البأس فلا يبقى مجال للاذن فى فعل احدهما فاللازم الحكم بوجوب الموافقة القطعية وعدم جواز الاكتفاء بالموافقة الاحتمالية.

(ثم ان الشيخ قدس‌سره) قد اجاب عن هذا الوجه الاول بقوله ان

١٠٣

ـ الاخبار المتقدمة يعنى اخبار البراءة اما ان لا تشتمل شيئا من المشتبهين فيكون الحكم هو وجوب الاحتياط والاجتناب عن كلا المشتبهين وهو المطلوب واما ان تكون شاملة لكلا المشتبهين فيلزم جواز المخالفة القطعية التى دل العقل والنقل على حرمتها واعترف به الخصم ايضا.

(ولكن يمكن للخصم) ان يقول بانها تكون شاملة لكلا المشتبهين لكنا نرفع اليد عنها بالنسبة اليهما لحكم العقل بحرمة المخالفة القطعية ولكن نعمل بها فى غير موردها لعدم المعارض فتكون النتيجة الرجوع الى الاباحة تخييرا كما هو الحكم فى كل شيئين تعارضا وكانا حجتين من باب السببية والتعبد فعلى هذا لا يرد عليه ما ذكره قدس‌سره فافهم وعلى كل حال قال الشيخ رحمه‌الله.

(وما ذكره من الوجهين) لعدم جواز ارتكاب مقدار الحرام غير صالح للمنع اما الاول فلانه ان اريد ان مجرد تحصيل العلم بارتكاب الحرام حرام فلم يدل دليل عليه لان ارتكاب الحرام الواقعى اذا لم يكن حراما باعتقاده حين العمل فتحصيل العلم بارتكابه بعد ان كان حلالا حين العمل باعتقاده فلم يدل دليل على حرمته ألا ترى انه يجوز فى الشبهات الموضوعية تحصيل الجزم بالحرمة بعد الارتكاب بل قبله ايضا غاية الامر عدم جواز الارتكاب بعد حصول الجزم.

(نعم) تحصيل العلم بارتكاب الغير للحرام حرام من حيث التجسس المنهى عنه وان لم يحصل له العلم لقوله تعالى فى سورة الحجرات (وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ) بعضا الآية وللاخبار الواردة فى تحريم طلب عثرات المؤمنين وعوراتهم (منها) ما رواه زرارة عن ابى جعفر وابى عبد الله عليهما‌السلام قالا اقرب ما يكون العبد الى الكفر ان يواخى الرجل على الدين فيحصى عليه عثراته وزلاته ليعنفه بها يوما ما.

(ومنها) ما رواه إسحاق بن عمار قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يا معشر من اسلم بلسانه ولم يخلص الايمان الى قلبه لا تذموا

١٠٤

ـ المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فانه من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته ومن تتبع الله تعالى عورته يفضحه ولو فى بيته.

(ومنها) ما رواه محمد بن مسلم عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا تطلبوا عثرات المؤمنين فان من تتبع عثرات اخيه تتبع الله عثراته ومن تتبع الله عثراته يفضحه ولو فى جوف بيته.

(ومنها) ما رواه زرارة عن ابى جعفر عليه‌السلام قال اقرب ما يكون العبد الى الكفر ان يواخى الرجل الرجل على الدين فيحصى عليه زلاته ليعيّره بها يوما ما الى غير ذلك من الاخبار.

(قوله وان اريد ان الممنوع عنه عقلا من مخالفة احكام الشارع الخ) يعنى ان اراد المستدل من قوله اما لاستلزامه للعلم بارتكاب الحرام وهو حرام ان الممنوع عنه من مخالفة احكام الشارع هى المخالفة العلمية دون الاحتمالية فانها لا تعد عصيانا فى العرف فعصيان الخطاب باجتناب الخمر المشتبه هو ارتكاب المجموع دون المحرم الواقعى وان لم يعرف حين الارتكاب وحاصله منع وجوب المقدمة العلمية.

(ففيه) مضافا الى اتفاق العقلاء بل العلماء على وجوب المقدمة العلمية انه ان اريد من حرمة المخالفة العلمية حرمة المخالفة المعلومة حين المخالفة كارتكاب المشتبهين دفعة فهذا اعتراف بجواز ارتكاب المجموع تدريجا اذ لا يحصل معه مخالفة معلومة تفصيلا حين الارتكاب.

(والحال) انهم اتفقوا على حرمه المخالفة القطعية سواء وقعت دفعة او تدريجا وان اريد من المخالفة العلمية حرمة المخالفة التى تعلق العلم بها ولو بعدها فمرجعها الى حرمة تحصيل العلم الذى يصير به المخالفة معلومة وقد عرفت منع حرمتها جدا(ولا يخفى عليك) انه يرد الاشكال على الشق الثانى الذى ذكره بقوله وان اريد من المخالفة العلمية حرمة المخالفة التى تعلق العلم بها ولو بعدها الخ

١٠٥

ـ لان ظاهر هذه العبارة بل صريحها جواز المخالفة العملية التى تعلق العلم بها ولو بعدها فان هذا ينافى ما بنى عليه فى غير مورد من كلامه من استقلال العقل وحكم العقلاء قاطبة بقبح المخالفة القطعية وكونها مبغوضة عندهم مع قطع النظر عن حكمهم بوجوب الموافقة القطعية ولو حصلت تدريجا كارتكاب احد الإناءين بعد ارتكاب الآخر.

(قال فى بحر الفوائد) كلما تأملت لم يظهر لى ما يدفع به الاشكال المذكور والتدافع بين كلاميه هذا بناء على ما ذكره من عدم التلازم بين حرمة المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية واما بناء على ما ذكرنا من التلازم فى حكم العقل والعقلاء بينهما بمعنى انهم لو لم يحكموا فى مورد من الموارد بالثانى من غير ما يمنع عنه من اذن الشارع وغيره لم يحكموا بالاول ايضا فحينئذ لا اشكال فى صحة ما ذكره دام ظله من الايراد على الوجهين فتدبر انتهى.

(قوله ومما ذكرنا يظهر فساد الوجه الثانى الخ) يعنى من الايرادات التى ذكرناها بالنسبة الى الوجه الاول الذى حكى عن القوانين والمجلسى لعدم جواز ارتكاب مقدار الحرام يظهر فساد الوجه الثانى الذى ذكره الفاضل النراقى فى مناهجه من ان ارتكاب مجموع المشتبهين حرام لاشتماله على الحرام لان حرمة المجموع اذا كان باعتبار جزئه الغير المعين على ما يستفاد من عبارته فى توضيح تعليله فضم الجزء الآخر اليه لا دخل له فى حرمته.

(نعم) للجزء الآخر دخل فى كون الحرام معلوم التحقق فضمّه مقدمة للعلم بارتكاب الحرام لا نفسه فاذا فرض عدم حكم العقل بقبح تحصيل العلم بتحقق الحرام فلا معنى للحكم بحرمة ما هو سببه ومن ذلك اى من ان ضم الجزء الآخر لا دخل له فى حرمة الجزء الغير المعين بل له دخل فى كون الحرام معلوم التحقق بلحاظ كونه مقدمة للعلم بارتكاب الحرام لا نفسه يظهر فساد جعل

١٠٦

ـ الحرام كلا منهما بشرط الاجتماع مع الآخر فان حرمته وان كانت معلومة إلّا ان شرط الاجتماع شرط لوصف كونه معلوم التحقق لا لذات الحرام فلا يحرم ايجاد الاجتماع إلّا اذا حرم جعل ذات الحرام معلوم التحقق ومرجعه الى حرمة تحصيل العلم بالحرام وقد سبق انه لا دليل عليها نعم تحصيل العلم بارتكاب الغير للحرام حرام من حيث التجسس المنهى عنه فى الآية والروايات.

١٠٧

(الثانى) ما دل بنفسه او بضميمة ما دل على المنع عن ارتكاب الحرام الواقعى على جواز تناول بعض الشبهة المحصورة فيجمع بينه على تقدير ظهوره فى جواز تناول الجميع وبين ما دل على تحريم العنوان الواقعى بان الشارع جعل بعض المحتملات بدلا عن الحرام الواقعى فيكفى تركه فى الامتثال الظاهرى كما لو اكتفى بفعل الصلاة الى بعض الجهات المشتبه ورخص فى ترك الصلاة الى بعضها وهذه الاخبار كثيرة منها موثقة سماعة قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل اصاب ما لا من عمال بنى امية وهو يتصدق منه ويصل قرابته ويحج ليغفر له ما اكتسب ويقول ان الحسنات يذهبن السيئات فقال عليه‌السلام ان الخطيئة لا تكفر الخطيئة وان الحسنة تحط الخطيئة.

ـ (اقول) قد تقدم انه استدل على جواز ارتكاب ما عدا مقدار الحرام بوجهين الاول الاخبار الدالة على حل ما لم يعلم حرمته الثانى ما دل بنفسه على جواز تناول بعض الشبهة المحصورة.

(والفرق) بعد اشتراكهما فى كونهما استدلالا بالاخبار وفى احتياجهما الى ضميمة حكم العقل بقبح المخالفة القطعية ان الثانى استدلال بالاخبار الخاصة الواردة فى الشبهة المحصورة بخلاف الاول والثانى سالم عن محذور استعمال اللفظ فى اكثر من معنى واحد بخلاف الاول فانه ليس بسالم عن هذا المحذور على ما زعمه الشيخ قدس‌سره وقد سبق البحث عن هذه الجهة مشروحا فراجع.

(وكيف كان) ملخص الوجه الثانى تخيير الشارع المكلف بين ارتكاب بعض الافراد بمقتضى الجمع بين الاخبار جاعلا بعض المحتملات بدلا عن الحرام واقعى فيكفى تركه فى الامتثال الظاهرى كما لو اكتفى فى الشبهة الوجوبية

١٠٨

ثم قال ان كان خلط الحرام حلالا فاختلطا جميعا فلم يعرف الحرام من الحلال فلا بأس فان ظاهره نفى البأس عن التصدق والصلة والحج من المال المختلط بالحرام وحصول الاجر فى ذلك وليس فيه دلالة على جواز التصرف فى الجميع ولو فرض ظهوره فيه صرف عنه بما دل على وجوب الاجتناب عن الحرام الواقعى وهو مقتض بنفسه لحرمة التصرف فى الكل فلا يجوز ورود الدليل على خلافها ومن جهة حكم العقل بلزوم الاحتياط لحرمة التصرف فى البعض المحتمل ايضا لكن عرفت انه يجوز الاذن فى ترك بعض المقدمات العلمية بجعل بعضها الآخر بدلا ظاهريا عن ذى المقدمة.

ـ بفعل الصلاة الى بعض الجهات المشتبه ورخص فى ترك الصلاة الى بعضها.

(وبعبارة اخرى) مقصود المستدل من الاستدلال المذكور هو الجمع بين الاخبار الدالة على جواز تناول الشبهة المحصورة كالاخبار المتقدمة فى اصل البراءة الدالة على حلية الشبهة حتى يعرف انه حرام بعينه وبين ما دل على وجوب الاجتناب عن العناوين المحرمة كقوله اجتنب عن الخمر مثلا بحمل الاول على جواز الارتكاب ببعض الاطراف والثانى على وجوب الاجتناب عن الباقى بدلا عن الحرام الواقعى فيكفى تركه فى الامتثال الظاهرى.

(قوله او بضميمة ما دل على المنع عن ارتكاب الحرام الواقعى) اقول لا يخفى ما فى انضمام ما دل على المنع عن ارتكاب الحرام من انه يدل على خلاف المقصود لانه مقابل لما دل على جواز الارتكاب ومناف له فحينئذ لا بد من ان يجمع بينهما بحمل الاخبار الدالة على جواز تناول الشبهة المحصورة على جواز ارتكاب بعض الاطراف والاجتناب عن الباقى من باب البدلية عن الحرام الواقعى ان كان له ظهور فى ارتكاب الجميع ومعلوم ان انضمام ما دل على المنع عن ارتكاب الحرام الى

١٠٩

ـ ما دل على جواز الارتكاب يدل على المنع لا على الجواز.

(قوله وهذه الاخبار كثيرة منها موثقة سماعة) هذه الرواية فى الوسائل فى المكاسب المحرمة فى باب عدم جواز الانفاق من الكسب الحرام إلّا انه قال فيه من عمل بنى امية قال بعض المحشين على هذه النسخة تكون الرواية صريحة فى كون الرجل من عمال بنى امية وان اكتساب المال من جهة ذلك واما على النسخة المذكورة فى المتن فيحتمل ان يكون اصابة المال من جهة كونه عاملا لاحد من عمالهم فيكون اصابة المال من جهة ذلك وان يكون اصابة المال من غير جهة ذلك فيحتمل ان يكون اخذ المال من باب الصدقة او الهدية او الجائزة او غير ذلك والظاهر احد الوجهين الاولين لقوله عليه‌السلام ان الخطيئة لا تكفر الخطيئة الظاهر بل الصريح فى كون جميع امواله محرمة كما اعترف به صاحب الحدائق انتهى.

(وعلى كل حال) ان الرواية ظاهرة فى نفى البأس عن التصدق وصلة الاقارب والحج من المال المختلط بالحرام وحصول الاجر فى ذلك وليس فيها دلالة على جواز التصرف فى الجميع لان السؤال لم يقع عن التصرف فى جميع المال بل وقع عن التصرف فيه فى الجملة بالحج وصلة الاقارب والتصدق فلا بد ان يكون الجواب ايضا منزّلا على ما ذكره فى السؤال فيكون حكم الباقى من الاموال من حيث حرمة التصرف وحليته مسكوتا عنه فى السؤال والجواب فتدل الرواية حينئذ على جواز التصرف فى بعض اطراف الشبهة فى الشبهة المحصورة فى الجملة وبضميمة عدم القول بالفصل يثبت المدعى وهو اطلاق الجواز.

(ولو فرض ظهورها) فى جواز التصرف فى الجميع يصرف عنه بما دل على وجوب الاجتناب عن الحرام الواقعى وهو مقتض من جهة حكم العقل بقبح المخالفة القطعية لحرمة التصرف فى الكل فلا يجوز ورود الدليل على خلافها ومن جهة حكم العقل بلزوم الاحتياط وعدم جواز اذن الشارع على خلافه

١١٠

ـ بمعنى تجويز ارتكاب بعض اطراف الشبهة الا على وجه البدلية على ما افاده قدس‌سره بقوله لكن عرفت انه يجوز الاذن فى ترك بعض المقدمات العلمية بجعل بعضها الآخر بدلا ظاهريا عن ذى المقدمة وبهذا الصرف المذكور يحصل التوفيق بينها وبين ما دل على تحريم العنوان الواقعى فتحمل على ارادة الاذن فى البعض مع جعل الاجتناب عن الآخر بدلا عن اطاعة النهى الواقعى الذى فرض العلم بوجود متعلقه بين المشتبهين.

١١١

(والجواب) عن هذا الخبر ان ظاهره جواز التصرف فى الجميع لانه يتصدق ويصل ويحج بالبعض ويمسك بالباقى فقد تصرف فى الجميع بصرف البعض وامساك البعض الآخر فلا بد اما من الاخذ به وتجويز المخالفة القطعية واما من صرفه عن ظاهره وحينئذ فحمله على ارادة نفى البأس عن التصرف فى البعض وان حرم عليه امساك مقدار الحرام ليس باولى من حمل الحرام على حرام خاص يعذر فيه الجاهل كالربا بناء على ما ورد فى عدة اخبار من حلية الربا الذى اخذ جهلا ثم لم يعرف بعينه فى المال المخلوط وبالجملة فالاخبار الواردة فى حلية ما لم يعلم حرمته على اصناف.

ـ (اقول) قد تقدم تقريب الاستدلال بان الرواية ليست بظاهرة فى جواز تصرف الجميع لان السؤال لم يقع عنه وانما وقع عن التصرف فيه فى الجملة بالحج والتصدق وصلة الاقارب.

(وحاصل ما ذكره) قدس‌سره فى الجواب ان الخبر ظاهر فى جواز التصرف فى الجميع لان التصرف فى بعضه بالتصرفات المذكورة مع حبس البعض الآخر تصرف فى جميع المال المختلط فحينئذ لا بد من الاخذ به وتجويز المخالفة القطعية والمفروض بطلانه عند الطرفين واما من صرفه عن ظاهره بحمله على ما يعذر الجاهل فيه كالربا بناء على ما يستفاد من الروايات الكثيرة من حلية الربوا الذى اخذ جهلا ثم لا يعرف عينه فى المال المخلوط.

(قوله ليس باولى من حمله على حرام خاص يعذر فيه الجاهل كالربا الخ) ظاهر قوله هذا ان الربوا مثال للحرام الخاص الذى يعذر الجاهل فيه وان الرواية محمولة عليه ولكن قال فى بحر الفوائد ان قوله ليس باولى من حمل الحرام على حرام خاص يحتمل وجهين.

(احدهما) ان يكون المحمول عليه نفس الربوا.

١١٢

منها ما كان من قبيل قوله عليه‌السلام كل شيء لك حلال حتى تعرف انه حرام وهذا الصنف لا يجوز الاستدلال به لمن لا يرى جواز ارتكاب المشتبهين لان حمل تلك الاخبار على الواحد لا بعينه فى الشبهة المحصورة والآحاد المعينة فى الشبهة المجردة من العلم الاجمالى والشبهة الغير المحصورة متعسر بل متعذر فيجب حملها على صورة عدم التكليف الفعلى بالحرام الواقعى ومنها ما دل على ارتكاب كلا المشتبهين فى خصوص الشبهة المحصورة مثل الخبر المتقدم وهذا ايضا لا يلتزم المستدل بمضمونه ولا يجوز حمله على غير الشبهة المحصورة لان مورده فيها فيجب حمله على اقرب المحتملين من ارتكاب البعض مع ابقاء مقدار الحرام ومن وروده فى مورد خاص كالربا او نحوه مما يمكن الالتزام بخروجه عن قاعدة الشبهة المحصورة ومن ذلك يعلم حال ما ورد فى الربوا من حل جميع المال المختلط به.

ـ (ثانيهما) ان يكون حراما آخر يعذر فيه الجاهل كما يعذر فى الربوا وعلى كل تقدير لا بد ان يجعل ما دل على المعذورية كاشفا عن اخذ العلم التفصيلى مأخوذا فى موضوع الحرمة واقعا بمعنى ان يكون معروض الحرمة الربوا المعلوم تفصيلا مثلا فما لم يعلم تفصيلا يكون حلالا واقعا فيكون اطلاق العذر حينئذ من باب التسامح كما لا يخفى وإلّا فلا معنى للعمل بهذه الروايات بل لا بد من طرحها لما عرفت مرارا من تقبيح العقل الاذن من الشارع فى مخالفة الحرام الذى تعلق العلم به ولو اجمالا وهذا امر ظاهر لا سترة فيه عند ذوى الافهام المستقيمة انتهى.

(وعلى كل حال) انه ليس فى الخبر تعرض لذكر جواز التصرف فى الجميع لان محل السؤال والجواب هو التصرف بالانفاق والتقلب فى المال واما التصرف بالامساك فهو مسكوت عنه فلا داعى للمستدل الى صرف الخبر عن

١١٣

ـ ظاهره فان مدعاه جواز التصرف فى البعض والخبر بظاهره دال عليه.

(غاية الامر) لا يفيد تمام مراده وهو المنع عن مقدار الحرام ويمكن له التتميم بالاجماع المركب والمنع عن خصوص مقدار الحرام لاستقلال العقل بقبح الاذن فى المخالفة القطعية لكونه اذنا فى ارتكاب الحرام الواقعى مع ان حمل الحرام فى الخبر على الربوا بعيد ظاهرا لان ظاهر اخبار حلية الربوا المأخوذ جهلا قبل سماع آية التحريم حليته ولو لم يحصل الخلط إلّا ان يقال ان مراده قدس‌سره ليس الحمل على نفس الربوا بل المراد حمله على حرام آخر كالربا كما هو ثانى الاحتمالين فى كلام صاحب بحر الفوائد.

(وكما يكون الاخبار الواردة) فى حلية الربوا المأخوذ جهلا كاشفة عن اخذ العلم التفصيلى فى موضوع الحرمة واقعا بمعنى ان يكون معروض الحرمة الربوا المعلوم تفصيلا فكذلك يمكن ان يجعل هذا الخبر كاشفا عن ان الحرام المفروض فيه كان مما يعذر فيه الجاهل بالمعنى المذكور.

(ثم انه لا خلاف) فى معذورية الجاهل بحرمة الربوا من حيث الحكم التكليفى للنصوص الدالة على حليته فى صورة الجهل بل قال بعضهم لا فرق فيه بين القاصر والمقصر وانما الخلاف فى الحكم الوضعى فهل هو له حلال ولا يجب رده او يجب رده وان حاله حال العلم او يفرق بين كونه موجودا معروفا فيجب رده وبين كونه تالفا فلا يجب ففيه اقوال.

(فذهب الصدوق) فى المقنع والشيخ فى النهاية الى الاول وهو المحكى عن جماعة من المتأخرين وعن جماعة اخرى من المتأخرين الثانى بل عن المبسوط نسبته اليهم وان الجاهل كالعالم فى وجوب الرد من غير فرق بين وجود العين وتلفها وعن ابن الجنيد الثالث ويحتمل التفصيل بين الجاهل باصل الحكم والجاهل بالخصوصيات والبحث من هذه الجهة تفصيلا فى كتب الفقه فراجع.

(قوله متعسر بل متعذر الخ) يعنى حمل قوله عليه‌السلام كل شىء لك حلال

١١٤

ـ حتى تعرف انه حرام بعينه ونحوه على الواحد لا بعينه فى الشبهة المحصورة والآحاد المعينة فى الشبهة المجردة من العلم الاجمالى والشبهة الغير المحصورة متعسر بل متعذر لاستلزامه استعمال اللفظ فى اكثر من معنى واحد وهو ممنوع بناء على ما عليه الاكثر.

(وتقريب ذلك) ان دلالة الرواية فى كل من الشبهة البدوية او المقرونة بالعلم الاجمالى ليست على نسق واحد لان دلالتها بالنسبة الى الشبهة البدوية مطلقة بمعنى عدم وجوب الاجتناب فى شيء منها وجواز الارتكاب فى كل واحد من مواردها.

(بخلاف الشبهة المقرونة بالعلم الاجمالى) فان جواز الارتكاب فى احد اطرافها مقيد بالاجتناب عن الآخر وجعله بدلا عن الحرام فلا يجوز الارتكاب فى جميع اطرافها وكون المطلق والمقيد معنيين متغايرين مما لا كلام فيه واستعمال اللفظ فيهما استعمال فى معنيين فحينئذ يجب حمل تلك الاخبار على صورة عدم التكليف الفعلى بالحرام الواقعى كالشبهات البدوية.

(قوله ولا يجوز حمله على غير الشبهة المحصورة) يعنى لا يجوز حمل الخبر المتقدم على غير الشبهة المحصورة لان مورده فى الشبهة المحصورة من جهة ان المال المأخوذ من جهة العمل للسلطان او من جهة عماله قد اختلط اموال الآخذ فحينئذ يكون المورد من موارد الشبهة المحصورة فيلزم حمل الخبر على اقرب المحتملين من ارتكاب البعض مع ابقاء مقدار الحرام ومن وروده فى مورد خاص كالربوى ونحوه مما يمكن الالتزام بخروجه عن قاعدة الشبهة المحصورة.

(ومن ذلك) يعلم حال ما ورد فى الربوا من حل جميع المال المختلط به لان عدم وجوب الاجتناب فى مورد لا يوجب عدم الاجتناب فى سائر الموارد

١١٥

ـ بعد اقتضاء القاعدة ذلك مضافا الى ان مورد الربوا خارج عن المقام رأسا لان الاخبار الواردة فى حلية الربوا المأخوذ جهلا كاشفة عن اخذ العلم التفصيلى فى موضوع الحرمة واقعا بمعنى ان يكون معروض الحرمة الربوا المعلوم تفصيلا وبالجملة ظاهر الاخبار الدالة على حلية الربوا فى صورة الجهل جواز ارتكاب الجميع ومن المعلوم عدم جوازه فى المقام وان مقصود الخصم جواز ارتكاب البعض فلا دخل لها بمقصده.

١١٦

(ومنها) ما دل على جواز اخذ ما علم فيه الحرام اجمالا كاخبار جواز الاخذ من العامل والسارق والسلطان وسيجيء حمل جلها او كلها على كون الحكم بالحل مستندا الى كون الشيء مأخوذا من يد المسلم ومتفرعا على تصرفه المحمول على الصحة عند الشك فالخروج بهذه الاصناف من الاخبار عن القاعدة العقلية الناشية عما دل من الادلة القطعية على وجوب الاجتناب عن العناوين المحرمة الواقعية وهى وجوب دفع الضرر المقطوع به بين المشتبهين ووجوب اطاعة التكاليف المعلومة المتوقفة عن الاجتناب عن كلا المشتبهين مشكل جدا خصوصا مع اعتضاد القاعدة بوجهين آخرين هما

ـ (اقول) من جملة الاخبار الواردة فى حلية ما لم يعلم حرمته الاخبار التى دلت على جواز اخذ ما علم فيه الحرام اجمالا كاخبار جواز الاخذ من العامل والسارق والسلطان كرواية معاوية بن وهب قال قلت لابى عبد الله عليه‌السلام اشترى من العامل الشيء وانى اعلم انه يظلم فقال عليه‌السلام اشتر منه الخبر.

(ومنها) رواية إسحاق بن عمار قال سألته عن الرجل يشترى من العامل وهو يظلم قال يشترى منه ما لم يعلم انه ظلم فيه احدا.

(ومنها) رواية ابى بصير عن احدهما عليهما‌السلام قال سألت احدهما عن شراء السرقة والخيانة فقال لا إلّا ان يكون قد اختلط معه غيره فاما السرقة بعينها فلا إلّا ان يكون من متاع السلطان فلا بأس بذلك.

(ومنها) رواية ابى عبيدة عن الباقر عليه‌السلام قال سألته عن الرجل منا يشترى من السلطان من ابل الصدقة وغنمها وهو يعلم انهم يأخذون منهم اكثر من الحق الذى يجب عليهم قال عليه‌السلام ما الابل والغنم الامثل الحنطة والشعير وغير ذلك لا بأس به حتى تعرف الحرام بعينه وغير ذلك من الاخبار الواردة فى ذلك.

١١٧

كالدليل على المطلب احدهما الاخبار الدالة على هذا المعنى منها قوله (ع) ما اجتمع الحلال والحرام الاغلب الحرام الحلال والمرسل المتقدم اتركوا ما لا بأس به حذرا عما به البأس وضعفهما منجبر بالشهرة المحققة والاجماع المدعى فى كلام من تقدم ومنها رواية ضريس عن السمن والجبن فى ارض المشركين قال اماما علمت انه قد خلطه الحرام فلا تأكل واماما لم تعلم فكل فان الخلط يصدق مع الاشتباه ورواية ابن سنان كل شيء حلال حتى يجيئك شاهدان ان فيه الميتة فانه يصدق على مجموع قطعات لحم ان فيه الميتة.

ـ (قال قدس‌سره) وسيجيء حمل جلها او كلها على كون الحكم بالحل مستندا الى كون الشيء مأخوذا من يد المسلم ومتفرعا على تصرفه المحمول على الصحة عند الشك وبعبارة اخرى ان هذه الطائفة من الاخبار محمولة اما على مورد الامارة من اليد او فعل المسلم وغير ذلك واما على ما اذا كان بعض الاطراف خارجا عن محل الابتلاء.

(فالخروج بهذه الاصناف) من الاخبار المذكورة عن القاعدة العقلية الناشية عما دل من الادلة القطعية على وجوب الاجتناب عن العناوين المحرمة الواقعية وهى وجوب دفع الضرر المقطوع به بين المشتبهين ووجوب اطاعة التكاليف المعلومة المتوقفة عن الاجتناب عن كلا المشتبهين مشكل جدا فحينئذ لا بد من حمل الاخبار على مورد لا تقتضى القاعدة لزوم الاجتناب عنه كالشبهة الغير المحصورة او المحصورة التى لم يكن كل من محتملاتها محل الابتلاء للمكلف مثلا واما فى غير ذلك فالحكم بالحلية وطرح قاعدة وجوب الاجتناب فى الشبهة المحصورة فى غاية الاشكال هذا.

(ولا يخفى عليك) ان ما ذكره قدس‌سره من عدم جواز الخروج

١١٨

ـ بالاخبار المذكورة عن القاعدة العقلية يصح على القول بارتكاب الجميع فى الشبهة المحصورة اذ حينئذ يكون الضرر الموجود فيها هو الضرر القطعى ودفعه لازم عقلا وشرعا.

(ولكن) بناء على ما ذهب اليه المستدل من عدم جواز ارتكاب الجميع فلا يبعد القول من جهة الاخبار المذكورة بالخروج عن القاعدة العقلية الناطقة بان دفع الضرر المقطوع واجب وبعد اذن الشارع بجواز الارتكاب يكون قاعدة البراءة مقدمة على القاعدة العقلية وواردة عليها.

(وبعبارة اخرى) ان مبنى قاعدة البراءة هو قبح التكليف بلا بيان وارتكاب بعض الاطراف فى الشبهة المحصورة وارتكاب موارد الشبهة البدوية الخالية عن العلم الاجمالى موجب للضرر باحتمال ارتكاب الحرام الواقعى ومبنى عدم الارتكاب هى قاعدة دفع الضرر المحتمل وقد عرفت فى مبحث البراءة ان قاعدة قبح التكليف بدون البيان واردة على قاعدة دفع الضرر المحتمل نعم على القول بارتكاب الجميع فى الشبهة المحصورة يكون الضرر الموجود فيها ضررا قطعيا ودفعه لازم عقلا وشرعا وتقديمه على القاعدة مما لا اشكال فيه.

(وقال بعض المحشين) ان عدم جواز الخروج عن القاعدة العقلية بهذه الاخبار ليس من جهة ان حكم العقل لا يجوز الخروج عنه بالخبر لما علم فى محله من ان الاذن من الشارع يرفع صغرى حكم العقل بوجوب الدفع بل من جهة عدم دلالة هذه الاخبار وظهورها فى ارتكاب البعض ولو من جهة اجمالها انتهى فتأمل فيه وفيما قلناه.

(قوله سيجيء حمل جلها او كلها) لا يخفى انه وعد لم يف به وما ذكرها قدس‌سره فى هذا الكتاب نعم يحتمل ان يذكرها فى المكاسب على ما يستفاد من عبارة بعض المحشين.

(قوله منها قوله عليه‌السلام ما اجتمع الحلال والحرام الخ) اقول مضافا الى

١١٩

ـ المناقشة فيه من جهات كما تعرض لها بعض المحشين ان الرواية ظاهرة فى اختلاط الحرام بالحلال وامتزاجه به وعلى تقدير عدم ظهورها فيه لا تكون ظاهرة فى حكم ما نحن فيه فلاجل الاجمال فى تفسيرها ومعناها تكون مجملة فلا يصح الاستدلال بها على حكم المقام.

(قوله والمرسل المتقدم الخ) وفيه مضافا الى انه نظير سائر اخبار الاحتياط من حمل الامر فيه للارشاد من قبيل او امر الاطباء المقصود منها عدم الوقوع فى المضار انه ان اريد بذى البأس الحرام الواقعى وامر بترك الحلال حذرا عن الوقوع فيه فيكون بمنزلة الخبر التثليث وسيأتى ما فيه من الاشكال وان اريد به الحرام الفعلى ففيه انه مستلزم لتقدم الحكم على الموضوع مع انه لا بد من تقدمه على الحكم.

(قوله) فان الخلط يصدق مع الاشتباه وفيه ان مقتضى السؤال عن السمن والجبن هو ارادة الاختلاط المزجى الذى لا اشكال فى وجوب الاجتناب فيه كما هو المتبادر ويساعده اللغة.

(قوله) ورواية ابن سنان وفيها مضافا الى انه يجرى فيها ما يجرى فى سابقتها ان مجيء الشاهدين كناية عن اقامة البينة فتكون بمساق الاخبار المشتملة على قوله حتى تعلم وقد عرفت ما فيه.

١٢٠