درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٤

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٤

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٣

ـ الى المخاطبين فهو ثابت لذاك الموضوع بالنسبة الى الغائبين والقول بمدخلية المخاطبة فى هذا الحكم الخاص وهو وجوب الاحتياط هدم لما اتفقوا عليه من اشتراك التكليف.

(قال بعض الاعلام) الظاهر ان الكلام المزبور مبنى على مذهب المحقق الخوانسارى ولكن يمكن دفعه بناء على امكان صدور الخطاب المجمل بالنسبة الى المخاطبين بل وقوعه كذلك بانه يحكم بان الخطاب المجمل بالنسبة الينا مجمل بالنسبة الى المخاطبين ايضا من جهة ان الاصل عدم اختفاء القرينة بعد الفحص والبحث فيحصل الظن بعدمه وهو الاصل المتبع فى العمل بالعمومات والاطلاقات بعد الفحص.

(فيكون الحكم) لكلا الفريقين هو الاحتياط من جهة ما ذكره من انه لو حصل اليقين بامر ولم يظهر معنى ذلك الامر فلا يبعد القول بوجوب تلك الامور جميعا حتى يحصل اليقين بالبراءة.

(ويمكن ان يقال ايضا) بان دليل الاشتراك يشمل الحكم الظاهرى والواقعى ولا شك ان الخطاب لو فرض كونه مجملا بالنسبة الى المخاطبين لكان الحكم هو الاحتياط عنده فاذا كان مجملا عند الغائبين او المعدومين وان لم يكن مجملا عند الحاضرين كان الحكم ايضا كذلك لما ذكر من دليل الاشتراك او لان المناط هو ثبوت اليقين بثبوت تكليف مردد بين امور وهو حاصل فى كلا القسمين.

(قوله فالتحقيق الخ) ما افاده قدس‌سره بيان للفرق بين اجمال النص وفقدانه بتخصيص موضوع الاولى بما كان مجملا بالنسبة الى المخاطب وموضوع الثانية بما لم يرد فيه نص اصلا وحاصله ان فى المقام مسألتين إحداهما اذا خوطب شخص بمجمل هل يجب عليه الاحتياط أو لا الثانية انه اذا علم تكليف الحاضرين بامر معلوم لهم تفصيلا وفهموه من خطاب هو مجمل بالنسبة الينا معاشر الغائبين فهل يجب علينا تحصيل القطع بالاحتياط باتيان ذلك الامر

٣٢١

ـ ام لا والمحقق حكم بوجوب الاحتياط فى الاول دون الثانى فظهر من الفرق المذكور ان مسئلة اجمال النص انما يغاير المسألة السابقة اى عدم النص فيما فرض خطاب مجمل متوجه الى المكلف اما لكونه حاضرا عند صدور الخطاب واما للقول باشتراك الغائبين مع الحاضرين فى الخطاب.

(قال بعض المحشين) ان المراد بالاشتراك هنا هو كون الخطاب شاملا للغائبين لا الاشتراك فى التكليف الذى ثبت بالاجماع والضرورة وهو المراد من الاشتراك المذكور سابقا على ما عرفت.

(ثم قال) ولا يخفى ان الشق الاول منتف فى حقنا وشمول الخطاب للغائبين والمعدومين وان كان ممكنا عند المصنف لكنه موقوف على ورود دليل وهو مفقود كما فى مطارح الانظار فالظاهر ان ما ذكره هنا مرضى عنده.

(قوله) من قبيل عدم النص لان المراد به النص المبين لا ما يعم المجمل قوله لا اجمال النص لان المراد منه ما كان مجملا من اول الامر لا ما عرض له الاجمال.

(قوله إلّا أنّك عرفت ان المختار فيهما وجوب الاحتياط فافهم) يحتمل ان يكون اشارة الى الدقة فى كلام المحقق الخوانسارى وقيل يحتمل ان يكون اشارة الى ان كلام الفاضلين القمى والخوانسارى قدس‌سرهما ليس صريحا فى المخالفة حتى فى المسألة السابقة وهو عدم النص بل يحتمل قريبا موافقتهما للاصحاب فى كلتا المسألتين إلّا انهما يمنعان من العلم بالتكليف بالنسبة الى غير المخاطبين فيما كان للخطاب مدخلية فى ثبوت التكليف انتهى ولا يخفى ان هذا الاحتمال منظور فيه.

٣٢٢

(المسألة الثالثة) ما اذا اشتبه الواجب بغيره لتكافؤ النصين كما فى بعض مسائل القصر والاتمام فالمشهور فيه التخيير لاخبار التخيير السليمة عن المعارض حتى ما دل على الاخذ بما فيه الاحتياط لان المفروض عدم موافقة شىء منهما للاحتياط إلّا ان يستظهر من تلك الادلة مطلوبية الاحتياط عند تصادم الادلة لكن قد عرفت فيما تقدم ان اخبار الاحتياط لا تقاوم سندا ودلالة لاخبار التخيير.

ـ (المسألة الثالثة) فى اشتباه الواجب بغير الحرام من جهة تعارض النصين كما فى بعض مسائل القصر والاتمام كما اذا سار اربعة فراسخ وبات فيه اقل من عشرة فان الاخبار الواردة فى حكمه مختلقة والمشهور بحسب الفتوى فيها وجوب الاتمام والمشهور بحسب الرواية وجوب القصر واختاره بعض القدماء وجماعة من متأخرى المتأخرين وتفصيل البحث فيها فى الفقه.

(فالحاصل) ان المشهور فى المسألة لتكافؤ النصين هو التخيير اى التخيير الشرعى الظاهرى فى المسألة الاصولية ويقابله قولان اولهما الوقف والاحتياط فى العمل وينسب الى الاخباريين وثانيهما التساقط والرجوع الى الاصل ولم يعرف قائله بخصوصه فصارت الاقوال فى المسألة ثلاثة والمشهور هو الاول لاخبار التخيير السليمة عن المعارض بل قيل لا يعرف فى ذلك خلاف من الاصحاب.

(وعليه اكثر اهل الخلاف) وهو المحكى عن الرازى والبيضاوى وابو على الجبائى وقد نسب فى كلام البعض الى جميع المجتهدين ولا يخفى ان هذه المسألة ذات اقوال فى هذا المبحث وفى مبحث التعادل والترجيح وقد يذكر فى المسألة قول رابع وهو ان الجمع بين العبادتين تشريع محرم وفى المحكى نسبه السيد الصدر الى القيل فالمسألة ذات اقوال اربعة لكن لم يعرف القائل فى الاخيرين.

٣٢٣

ـ (قوله السليمة عن المعارض) يعنى الاخبار الدالة على التخيير بين المتعارضين سليمة عن المعارض حتى ما دل على الاخذ بما فيه الاحتياط كمقبولة ابن حنظلة عن ابى عبد الله عليه‌السلام وفيها بعد ذكر المرجحات اذا كان كذلك فارجه حتى تلقى امامك فان الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام فى الهلكة فانها ظاهرة بل صريحة فى صورة التمكن من الرجوع الى الامام مضافا الى انها تدل على الترجيح بالاحتياط وهو غير مرضى عند الاخباريين لانهم يجعلونه مرجعا لا مرجحا مضافا الى ما ذكره المصنف بقوله لان المفروض عدم موافقة شىء منهما للاحتياط لفرض دوران الامر بين المتباينين مع عدم القدر المتيقن فى البين وعدم امكان الحكم بكون فعل احدهما موجبا لاحراز الواقع دون الآخر.

(نعم) يمكن ان يستظهر من الاخبار الدالة على الاحتياط مطلوبية الاحتياط عند تصادم الادلة ولكن قد عرفت فيما تقدم ان اخبار الاحتياط لا تقاوم سندا ودلالة لاخبار التخيير هذا تمام الكلام فى توضيح المسألة الثالثة لتكافؤ النصين.

(وقيل) هذه المسألة فى الحقيقة خارجة عن مسئلة الاشتغال والبراءة لان كلامنا فيها انما هو من جهة مراعاة العلم الاجمالى وعدمها وفى هذه المسألة يرجع البحث الى احكام التعارض فهى من مسائل التعادل والتراجيح فذكرها هنا لمجرد الاستطراد لاجل التعرض لجميع صور الشك فى المكلف به ومن امثلة هذه المسألة ما لو دل خبر على وجوب صلاة الجمعة عينا وخبر آخر على استحبابه وقد شاع التمثيل لها ببعض مسائل القصر والاتمام كما ذكرنا فيما مر وبما اذا ورد خبر على وجوب الجمعة دون الظهر وخبر آخر على وجوب الظهر دون الجمعة.

(وعن الاخباريين) وجوب الاخذ بما يوافق الاحتياط منهما تمسكا ببعض الاخبار العلاجية الآمرة به ظاهرا وفيه ان المفروض عدم موافقة شىء منهما للاحتياط فيما شاع التمثيل به الى ان يستظهر من اخبار الاحتياط مطلوبيته

٣٢٤

ـ مطلقا عند تصادم الادلة سواء كان الاحتياط فى الاخذ باحدهما كما فى المثال الاول او فى الجمع والاخذ بهما معا كما فى المثالين الاخيرين.

(لكن) قد عرفت فيما سبق ان اخبار الاحتياط لا تقاوم سندا ولا دلالة لاخبار التخيير مضافا الى ان عمدة ما يستدل به على وجوب الاحتياط فى المقام هى مرفوعة زرارة المروية فى غوالى اللئالى وهى مشهورة سندا حتى ان صاحب الحدائق الذى ليس من دأبه المناقشة فى سند الروايات قد طعن فى هذه الرواية (ثم) ان هذا فى صورة كون الخبرين كليهما حجة اما لو كان الحجة احدهما واشتبه بالآخر كما اذا علمنا بصدق احدهما وكذب الآخر ولم يتميز بينهما فالحق فيه هو التوقف والرجوع الى الاصل المطابق لاحدهما ان كان وإلّا فالتخيير العقلى.

(ويمكن) ان يقال ان وجه المناسبة لذكرها فى مسائل الشك فى التكليف والمكلف به من جهة بيان كونها من موارد الاحتياط او التخيير الذى هو فى معنى البراءة واما ساير الوجوه التى ذكرت فى تعارض النصين من الوقف والتساقط والاحتياط فى مقام العمل او غيرها فالمناسب ان يبحث عنها فى مبحث التعادل والترجيح فافهم.

٣٢٥

(المسألة الرابعة) ما اذا اشتبه الواجب بغيره من جهة اشتباه الموضوع كما فى صورة اشتباه الفائتة او القبلة او الماء المطلق والاقوى هنا ايضا وجوب الاحتياط كما فى الشبهة المحصورة لعين ما مر فيها من تعلق الخطاب بالفائتة واقعا مثلا وان لم يعلم تفصيلا ومقتضاه ترتب العقاب على تركها ولو مع الجهل وقضية حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل وجوب المقدمة العلمية والاحتياط بفعل جميع المحتملات وقد خالف فى ذلك الفاضل القمى قده فمنع وجوب الزائد على واحدة من المحتملات مستندا فى ظاهر كلامه الى ما زعمه جامعا لجميع صور الشك فى المكلف به من قبح التكليف بالمجمل وتأخير البيان عن وقت الحاجة.

ـ (المسألة الرابعة) ما اذا كان الواجب مرددا بين امرين متباينين واشتبه بغيره من جهة اشتباه الموضوع كما فى الصور المذكورة فى المتن.

(والاقوى) هنا ايضا وجوب الاحتياط كما فى الشبهة التحريمية المحصورة لعين ما مرّ فيها وهو وجود المقتضى اى الخطابات الواقعية المعلومة وان لم يعلم تفصيلا وعدم المانع عقلا وشرعا بل وجوب الاحتياط هنا اولى من الاحتياط فى الشبهة الحكمية نظرا الى وجود العلم التفصيلى بالتكليف اذا الاشتباه فيه انما هو فى الموضوع الذى ليس البيان فيه وظيفة الشارع فلا مجرى للبراءة فيه لعدم جريان دليلها وهو قبح التكليف بلا بيان فيه فاصل الخطاب معلوم الصدور كما هو المفروض وليس وظيفة الشارع ازيد منه وانما حصل الاشتباه من قبل المكلف لبعض العوارض الخارجية بخلاف الشبهة الحكمية لاحتمال جريان حكم العقل بالبراءة فيها من جهة قبح العقاب من دون بيان.

(وقال قدس‌سره) يؤيّد ما ذكرنا ما ورد من وجوب قضاء ثلاث صلوات على من فاتته فريضة وهو المروىّ عن المحاسن عن ابى عبد الله عليه‌السلام

٣٢٦

وانت خبير بان الاشتباه فى الموضوع ليس من التكليف بالمجمل فى شىء لان المكلف به مفهوم معين طرأ الاشتباه فى مصداقه لبعض العوارض الخارجية كالنسيان ونحوه والخطاب الصادر لقضاء الفائتة عام فى المعلومة تفصيلا والمجهولة ولا مخصص له بالمعلومة لا من العقل ولا من النقل فيجب قضاؤها ويعاقب على تركها مع الجهل كما يعاقب مع العلم ويؤيد ما ذكرنا ما ورد من وجوب قضاء ثلاث صلوات على من فاتته فريضة معللا ذلك ببراءة الذمة على كل تقدير فان ظاهر التعليل يفيد عموم مراعات ذلك فى كل مقام اشتبه عليه الواجب ولذا تعدى المشهور عن مورد النص وهو تردد الفائتة بين رباعية وثلاثية وثنائية الى الفريضة الفائتة من المسافر المرددة بين ثنائية وثلاثية فاكتفوا فيها بصلاتين.

ـ انه سئل عن رجل انه نسى صلاة من الصلوات الخمس لا يدرى ايّها هى قال عليه‌السلام يصلى ثلاثة وأربعة وركعتين فان كانت الظهر والعصر والعشاء كان قد صلى وان كانت المغرب والغداة فقد صلى.

(والسرّ) فى كون الرواية مؤيدة لا دليلا هو عدم صراحتها فى وجوب تحصيل اليقين بالفراغ من اجل اليقين بالتكليف وظهورها فى كون الحكم تعبديا وإلّا لوجب الامر بالاتيان بخمس صلوات كما هو واضح.

(ولا يخفى) ان الرواية المذكورة مؤيدة لما افاده الفاضل القمى ره ومن يحذو حذوه لا ما ذكره المصنف من القول بوجوب الاحتياط وان كان القول بوجوبه هو الاقوى ولكن الرواية المذكورة لا تؤيده فان الموافق للاحتياط هو القول بوجوب الخمس من باب المقدمة كما هو خيرة بعض المحققين والتفصيل فى الفقه.

(وقد خالف فى ذلك) يعنى خالف فى المسألة المذكورة من جهة

٣٢٧

ـ وجوب الاحتياط المحقق القمى قده فمنع وجوب الزائد على واحدة من المحتملات مستندا فى ظاهر كلامه الى ما زعمه جامعا لجميع صور الشك فى المكلف به من قبح التكليف بالمجمل وتأخير البيان عن وقت الحاجة فانه ره جعل المدار فى ذلك على قبح التكليف بالمجمل من غير فرق بين الشبهة الحكمية والموضوعية.

(قال فى القوانين) ص ٣٧ فى مسئلة قضاء الفوائت المنسية ما هذا لفظه وبالجملة لو لم يكن النص لم نقل بوجوب قضاء المنسية سيما على المختار من كون القضاء بالفرض الجديد وعموم الاوامر الدالة على وجوب قضاء ما فات لا يشمل المجهول لما ذكرنا من استحالته ولانه خلاف ظاهر تلك الاوامر فان ظاهرها صورة العلم فلاحظها ولو قلنا بالوجوب لقلنا انه لم يثبت الّا العقاب على ترك جميع المحتملات لا على ترك الفائت النفس الامرى حتى يلزم الاتيان بالجميع.

(وقد اورد عليه) الشيخ قدس‌سره بان الاشتباه فى الموضوع ليس من التكليف بالمجمل فى شىء لان المكلف به مفهوم معين طرأ الاشتباه فى مصداقه لبعض العوارض الخارجية كالنسيان ونحوه والخطاب الصادر لقضاء الفائتة يعم الفائتة المعلومة تفصيلا والمجهولة ولا مخصص له لا من العقل ولا من النقل.

٣٢٨

(وينبغى التنبيه على امور) الاول انه يمكن القول بعدم وجوب الاحتياط فى مسئلة اشتباه القبلة ونحوها مما كان الاشتباه الموضوعى فى شرط من شروط الواجب كالقبلة واللباس وما يصح السجود عليه وشبهها بناء على دعوى سقوط هذه الشروط عند الاشتباه ولذا اسقط الحلى وجوب الستر عند اشتباه الساتر الطاهر بالنجس وحكم بالصلاة عاريا بل النزاع فيما كان من هذا القبيل ينبغى ان يكون على هذا الوجه فان القائل بعدم وجوب الاحتياط ينبغى ان يقول بسقوط الشروط عند الجهل لا بكفاية الفعل مع احتمال الشرط كالصلاة المحتمل وقوعها الى القبلة بدلا عن القبلة الواقعية ثم الوجه فى دعوى سقوط الشرط المجهول اما انصراف ادلته الى صورة العلم به تفصيلا كما فى بعض الشروط نظير اشتراط الترتيب بين الفوائت واما دوران الامر بين اهمال هذا الشرط المجهول واهمال شرط آخر وهو وجوب مقارنة العمل لوجهه بحيث يعلم بوجوب الواجب وندب المندوب حين فعله وهذا يتحقق مع القول بسقوط الشرط المجهول

ـ (التنبيه الاول) انه قد يقال بعدم وجوب الاحتياط فى موارد الشبهة الموضوعية فى الشرائط والموانع كالقبلة والساتر وما يصح السجود عليه ونحو ذلك بدعوى سقوط الشرط عند عدم العلم به تفصيلا فيأتى بالمشروط فاقدا للشرط او واجدا للمانع وحكى عن الحلى قده الحكم بوجوب الصلاة عاريا عند اشتباه الساتر الطاهر بالنجس لسقوط وجوب الستر حينئذ ولم يعلم وجه لسقوط الشرطية بمجرد الجهل بالموضوع وتردده بين امور محصورة إلّا اذا استفيد من دليل الشرطية اختصاصها بصورة العلم بموضوعها تفصيلا وإلّا فعلى فرض اطلاق ادلتها لا محيص بمقتضى العلم الاجمالى من الاحتياط وتكرار الصلاة.

٣٢٩

وهذا هو الذى يظهر من كلام الحلى وكلا الوجهين ضعيفان اما الاول فلان مفروض الكلام ما اذا ثبت الوجوب الواقعى للفعل بهذا الشرط وإلّا لم يكن من الشك فى المكلف به للعلم حينئذ بعدم وجود الصلاة الى القبلة الواقعية المجهولة بالنسبة الى الجاهل واما الثانى فلان ما دل على وجوب مقارنة العمل لقصد وجهه والجزم مع النية انما يدل عليه مع التمكن ومعنى التمكن القدرة على الاتيان به مستجمعا للشرائط جازما بوجهه من الوجوب والندب حين الفعل اما مع العجز عن ذلك فهو المتعين للسقوط دون الشرط المجهول الذى اوجب العجز عن الجزم بالنية والسر فى تعيينه للسقوط هو انه انما لوحظ اعتباره فى الفعل المستجمع للشرائط وليس اشتراطه فى مرتبة ساير الشرائط بل متأخر عنه فاذا قيد اعتباره بحال التمكن سقط حال العجز يعنى العجز عن اتيان الفعل الجامع للشرائط مجزوما به.

ـ (نعم) فى فرض اشتباه الساتر الطاهر بالنجس امكن دعوى سقوط الشرطية حينئذ لاهمية مانعية النجاسة من شرطية الساتر فى الصلاة كما هو ذلك فى فرض انحصار الساتر بالنجس حيث انه افتى جماعة بل قيل انه المشهور بوجوب الصلاة عاريا فيقال حينئذ ان لزوم ترك لبسهما فى الصلاة بمقتضى العلم الاجمالى مستتبع لعدم القدرة على الساتر وهو موجب لسقوط شرطيته عند الاشتباه بالنجس (ولعله) الى ذلك ايضا نظر الحلى قده فى مصيره الى الغاء شرطية الستر ووجوب الصلاة عاريا لا انه من جهة استفادة اختصاص الشرطية من دليل الشرط بصورة العلم التفصيلى بطهارة الثوب.

(ولكن) مثل هذا الكلام انما يتم فى صورة ضيق الوقت بحيث لا يفى الا لصلاة واحدة واما مع سعة الوقت والتمكن من تكرار الصلاة فلا مجال لهذه المزاحمة بعد امكان حفظ كل من شرطية الستر ومانعية النجاسة فيهما اللهم

٣٣٠

ـ إلّا ان يكون نظر الحلى فى حكمه بوجوب الصلاة عاريا الى تقديم اعتبار الامتثال التفصيلى فى العبادة على شرطية الستر كما يكشف عنه حكمه بعدم جواز الاكتفاء بالاحتياط اذا توقف على تكرار العبادة.

(والمحكى) عن المحقق القمى ره التفصيل بين الشرائط المستفادة من مثل قوله عليه‌السلام لا تصل فيما لا يؤكل ونحو ذلك من الاوامر والنواهى الغيرية فذهب الى سقوط الشرط فى موارد اشتباهه وبين الشرائط المستفادة من مثل قوله (ع) لا صلاة إلّا بطهور ونحو ذلك فقال بعدم سقوط الشرط عند الجهل به انتهى.

(وعلى كل حال) فالاظهر انه لا فرق بين الشرائط وغيرها فى وجوب الاحتياط عند الجهل بالموضوع وتردده بين امور محصورة فيجب تكرار الصلاة الى اربع جهات عند اشتباه القبلة او فى الثوبين المشتبهين عند اشتباه الطاهر بالنجس او الحرير بغيره ولا وجه لسقوط الشرط إلّا اذا استفيد من الدليل اختصاص الشرطية بصورة العلم التفصيلى بالموضوع.

(وبالجملة) لا وجه لاطلاق القول بسقوط الشرط عند عدم العلم به تفصيلا بل لا بد من ملاحظة ما يستفاد من دليل الشرط وان شرطيته مقصورة بصورة العلم بموضوعه تفصيلا اولا وفى قياس باب العلم والجهل بباب القدرة والعجز تأمل لان القدرة شرط لثبوت التكليف بخلاف العلم بالموضوع فانه شرط لتنجز التكليف والمفروض انه قد علم بحصول الشرط بين الاطراف فلا موجب لسقوطه (ثم الوجه فى دعوى) سقوط الشرط المعلوم بالاجمال والمجهول تفصيلا مضافا الى منع الانصراف لعدم الغلبة فى الوجود او الاستعمال التى هى مناط الانصراف.

(اما ادعاء) انصراف ادلته الى صورة العلم به تفصيلا فيجاب عنه بمنع الانصراف وان مفروض الكلام كما اشار اليه قدس‌سره ما اذا ثبت الوجوب الواقعى للفعل بهذا الشرط وإلّا لم يكن من الشك فى المكلف به للعلم حينئذ

٣٣١

ـ بعدم وجود الصلاة الى القبلة الواقعية المجهولة بالنسبة الى الجاهل.

(واما ادعاء) دوران الامر بين اهمال الشرط المجهول تفصيلا واحراز شرط آخر وهو وجوب مقارنة العمل لوجهه بحيث يعلم بوجوبه او ندبه والجزم بالنية حين فعله او العكس باحراز الشرط المجهول وهو ستر العورة بالثوبين المشتبهين من حيث الطهارة والنجاسة واهمال مقارنة العمل لوجهه والاول اولى.

(فيجاب عنه) بانه لا دليل على وجوب الجزم بالنية سوى الاجماع ومورده على فرض لزومه هو صورة التمكن والقدرة على تحصيل العلم التفصيلى بالمأمور به والاتيان به مستجمعا للشرائط مع استلزام الاحتياط للتكرار فان الظاهر قيام الاجماع على بطلان عبادة تارك طريقى الاجتهاد والتقليد اذا تمكن من تحصيل العلم التفصيلى مضافا الى ان القائلين باعتبار قصد الوجه التفصيلى قد صرحوا باعتباره عند التمكن من احراز الوجه لا فيما لا يتمكن منه والى التمكن من قصد التقرب والوجه والجزم بالنية بالواجب الواقعى بان ينوى فى كل منهما فعلهما احتياطا لاحراز الواجب الواقعى ولا دليل على بطلان الاحتياط.

(بل اللازم) حينئذ هو سقوط وجوب الجزم واحراز الشرط المجهول الذى اوجب العجز عن الجزم بالنية والاتيان بصلاتين فى الثوبين لتحصيل الستر بالطاهر الذى هو شرط فى الصلاة.

(والسر فى تعيينه للسقوط) يعنى فى تعيين الجزم للسقوط ان شرائط العبادة على قسمين.

(قسم) منها شرط لنفس المأمور به كالاستقبال والستر ونحوهما.

(وقسم) منها شرط للاطاعة وامتثال الامر كنية التقرب بالمأمور به والجزم فيها وقصد الوجه فان مرتبة هذه الشروط ليست فى مرتبة ساير الشروط التى هى شروط لنفس المأمور به بل هى متأخرة عنها.

(فعلى هذا) اذا دار الامر فى السقوط بين سقوط شرط نفس المأمور به كالستر

٣٣٢

ـ مثلا وبين سقوط شرط الاطاعة والامتثال كالجزم مع النية مثلا فالثانى اولى بالسقوط لان اعتبار ذلك انما يكون فى صورة التمكن فاذا حصل العجز عن اتيان الفعل الجامع للشرائط مجزوما به سقط هذا الشرط فيجب اتيان الفعل الجامع لسائر الشرائط خاليا عن اعتبار الجزم به ومما ذكرنا قد ظهر الوجه فيما ذكره الشيخ قدس‌سره من عدم كون الامور المذكورة فى مرتبة سائر الشرائط.

(ثم ان ما ذكره) قده فى المقام مبنى على اعتبار الجزم بالنية وقصد الوجه واما على القول بعدم اعتبارهما فى تحقق الامتثال فالامر اوضح ولذا قال بعض الاعلام بجواز سلوك طريق الاحتياط وترك طريقى الاجتهاد والتقليد.

٣٣٣

(الثانى) ان النية فى كل من الصلوات المتعددة على الوجه المتقدم فى مسئلة الظهر والجمعة وحاصله ان ينوى فى كل منهما فعلها احتياطا لاحراز الواجب الواقعى المردد بينها وبين صاحبها تقربا الى الله على ان يكون القرب علة للاحراز الذى جعلت غاية للفعل ويترتب على هذا انه لا بد من ان يكون حين فعل احدهما عازما على فعل الآخر إذ النية المذكورة لا تتحقق بدون ذلك فان من قصد الاقتصار على احد الفعلين ليس قاصدا لامتثال الواجب الواقعى على كل تقدير نعم هو قاصد لامتثاله على تقدير مصادفة هذا المحتمل له لا مطلقا وهذا غير كاف فى العبادات المعلوم وقوع التعبد بها نعم لو احتمل كون الشىء عبادة كغسل الجنابة ان احتمل الجنابة اكتفى فيه بقصد الامتثال على تقدير تحقق الامر به لكن ليس هنا تقدير آخر يراد منه التعبد على ذلك التقدير فغاية ما يمكن قصده هنا هو التعبد على طريق الاحتمال بخلاف ما نحن فيه مما علم فيه ثبوت التعبد باحد الامرين فانه لا بد فيه من الجزم بالتعبد.

ـ (اقول) انه قد سبق فى التعرض للمسألة الاولى من اشتباه الواجب بغير الحرام من جهة عدم النص عند رد كلام المحقق القمى ان للنية فيما اذا تردد الواجب بين امرين متباينين كالظهر والجمعة فى يوم الجمعة مثلا طريقان.

(احدهما) وهو المشهور ان ينوى لكل منهما الوجوب والقربة.

(وثانيهما) ان ينوى الواجب الواقعى المردد بينهما بان ينوى ما هو الثابت فى نفس الامر الحاصل فى ضمن هذين الفعلين تقربا الى الله تعالى وقد افاد قدس‌سره فيما تقدم بطلان الطريق الاول وان المتعين هو الثانى حيث قال فيه وهذا الوجه هو الذى ينبغى ان يقصد.

٣٣٤

ـ (وتظهر ثمرة الوجهين) المذكورين فى كيفية النية فى صورة الاحتياط فعلى الاول لو اتى المكلف باحد الامرين الواجبين ولم يجزم على الاتيان بالآخر ثم صادف ما اتى به للواقع يكون مجزيا عنه ويحصل به الامتثال لفرض كونه متعبدا به بالخصوص فى مرحلة الظاهر ويصح قصد التقرب به والوجه بالنسبة الى الامر الظاهر وطابق الواقع بخلافه على الطريق الثانى فيترتب عليه انه لا بد من ان يكون حين فعل احدهما عازما على الاتيان بالآخر حين اتيانه باحدهما لانه ما لم يكن بانيا على فعل المجموع من اول الامر لا تتحقق النية بالمعنى الثانى فان من قصد الاقتصار على احد الفعلين ليس قاصدا لامتثال الواجب الواقعى على كل تقدير.

(نعم) هو قاصد لامتثاله على تقدير مصادفة هذا المحتمل للواجب الواقعى لا مطلقا وهذا غير كاف فى العبادات المعلوم وقوع التعبد بها نعم لو احتمل كون الشىء عبادة كغسل الجنابة ان احتمل الجنابة اكتفى فيه بقصد الامتثال على تقدير تحقق الامر به لكن ليس هنا تقدير آخر يراد منه التعبد على ذلك التقدير فغاية ما يمكن قصده هنا هو التعبد على طريق الاحتمال بخلاف ما نحن فيه مما علم فيه ثبوت التعبد باحد الامرين فانه لا بد فيه من الجزم بالتعبد.

(فيظهر من كلام الشيخ قدس‌سره) التفصيل بين الشبهات البدوية والمقرونة بالعلم الاجمالى فى كيفية النية اذا كان المحتمل او المعلوم بالاجمال من العبادات فانه يكفى مجرد قصد احتمال الامر والمحبوبية فى الشبهات البدوية فينوى من احتمل الجنابة عند الغسل امتثال الامر الاحتمالى.

(واما فى الشبهات المقرونة) بالعلم الاجمالى فلا يكفى ذلك بل لا بد من قصد امتثال الامر المعلوم المعلوم بالاجمال على كل تقدير وذلك يتوقف على ان يكون المكلف حال الاتيان باحد المحتملين قاصدا للاتيان بالمحتمل الآخر اذ

٣٣٥

ـ مع عدم قصد ذلك لا يتحقق قصد امتثال الامر المعلوم بالاجمال على كل تقدير بل يكون قصد امتثال الامر على تقدير تعلقه بالمأتى به.

(وهذا) لا يكفى فى تحقق الامتثال مع العلم بالامر لانه يعتبر فى حسن الطاعة والامتثال قصد امتثال الامر المعلوم تعلقه باحد المحتملين هذا حاصل ما افاده قدس‌سره فى وجه التفصيل فى كيفية النية بين الشبهات البدوية والمقرونة بالعلم الاجمالى.

٣٣٦

(الثالث) ان الظاهر ان وجوب كل من المحتملات عقلى لا شرعى لان الحاكم بوجوبه ليس إلّا العقل من باب وجوب دفع العقاب المحتمل على تقدير ترك احد المحتملين حتى انه لو قلنا بدلالة اخبار الاحتياط او الخبر المتقدم فى الفائتة على وجوب ذلك كان وجوبه من باب الارشاد وقد تقدم الكلام فى ذلك فى فروع الاحتياط فى الشك فى التكليف واما اثبات وجوب التكرار شرعا فيما نحن فيه بالاستصحاب وحرمة نقض اليقين بغير اليقين شرعا فقد تقدم فى المسألة الاولى من جهة عدم دلالة الاستصحاب على ذلك إلّا بناء على ان المستصحب يترتب عليه الامور الاتفاقية المقارنة معه وقد تقدم اجمالا ضعفه وسيأتى تفصيلا.

ـ (التنبيه الثالث) ان وجوب كل من المحتملات عقلى يعنى ارشادى لا يترتب على موافقته من حيث هى ولا على مخالفته كذلك سوى الخاصية المترتبة على الفعل او الترك كما هو شأن الطلب الارشادى فى جميع موارده لا شرعى لان الحاكم بوجوب اتيان جميع المحتملات ليس إلّا العقل من جهة دفع العقاب المحتمل على تقدير ترك احد المحتملين حتى لو قلنا بدلالة اخبار الاحتياط او الخبر المتقدم اعنى الخبر المروى عن المحاسن المتقدم ذكره فى الفائتة على وجوب ذلك بمعنى ان دلالتهما ايضا على وجوب اتيان كل من المحتملات ارشادى محض كالطلب العقلى لا شرعى وقد تقدم الكلام فى ذلك فى فروع الاحتياط فى الشك فى التكليف فراجع.

(واما اثبات وجوب التكرار شرعا فيما نحن بالاستصحاب) قد تمسك بعض الاعلام بوجوب اتيان جميع المحتملات شرعا بالاستصحاب بتقريب ان شغل الذمة يقينى فلا بد من البراءة ولا تتحقق إلّا باتيان جميع المحتملات

٣٣٧

وعلى ما ذكرنا فلو ترك المصلى المتحير فى القبلة او الناسى لفائتة جميع المحتملات لم يستحق إلّا عقابا واحدا وكذا لو ترك احد المحتملات واتفق مصادفته للواجب الواقعى ولو لم يصادف لم يتسحق عقابا من جهة مخالفة الامر به نعم قد يقال باستحقاقه العقاب من جهة التجرى وتمام الكلام فيه قد تقدم.

(الرابع) لو انكشف مطابقة ما اتى به للواقع قبل فعل الباقى أجزأ عنه لانه صلى الصلاة الواقعية قاصدا للتقرب بها الى الله وان لم يعلم حين الفعل ان المقرب هو هذا الفعل اذ لا فرق بين ان يكون الجزم بالعمل ناشيا عن تكرار الفعل او ناشيا عن انكشاف الحال.

ـ اذ بفعل احدها لا يتحقق البراءة اليقينية ومقتضى بعض الاخبار حرمة نقض اليقين بغير اليقين شرعا.

(وفيه) مضافا الى ان الاستدلال بالاستصحاب فيما نحن فيه مبنى على كون الطلب المستفاد من اخبار الاستصحاب مولويا يعاقب على مخالفته وان كان فيه كلام منه قدس‌سره ستقف عليه فى باب الاستصحاب ومضافا الى منع جريان الاستصحاب فى المقام من جهة حكم العقل من اول الامر بوجوب الجميع اذ بعد الاتيان باحد المحتملات يكون حكم العقل باقيا قطعا وإلّا لم يكن حاكما بوجوب الجميع وهو خلاف الفرض.

(ان مقتضى الاستصحاب) وجوب البناء على بقاء الاشتغال حتى يحصل اليقين بارتفاعه اما وجوب تحصيل اليقين بارتفاعه فلا يدل عليه الاستصحاب وانما يدل عليه العقل المستقل بوجوب القطع بتفريغ الذمة عند اشتغالها وهذا معنى الاحتياط فمرجع الامر اليه.

(واما استصحاب) وجوب ما وجب سابقا فى الواقع او استصحاب عدم

٣٣٨

ـ الاتيان بالواجب الواقعى فشىء منهما لا يثبت وجوب المحتمل الثانى حتى يكون وجوبه شرعيا الا على تقدير القول بالاصول المثبتة وهى منفية كما قرر فى محله (ومن هنا) ظهر الفرق بين ما نحن فيه وبين استصحاب عدم فعل الظهر وبقاء وجوبه على من شك فى فعله فان الاستصحاب بنفسه مقتض هناك لوجوب الاتيان بالظهر الواجب فى الشرع على الوجه الموظف من قصد الوجوب والقربة وغيرهما.

(وعلى ما ذكرنا) من ان وجوب اتيان كل من المحتملات عقلى لا شرعى وان الطلب العقلى لا يكون إلّا ارشاديا محضا من غير فرق بين إلزاميّاته وغيرها ضرورة عدم مولوية للعقل حتى يصح صدور الطلب المولوى منه فلو ترك المصلى المتحيّر فى القبلة او الناسى لفائتة جميع المحتملات لم يستحق الا عقابا واحدا وكذا لو ترك احد المحتملات واتفق مصادفته للواجب الواقعى ولو لم يصادف لم يستحق عقابا من جهة مخالفة الامر به نعم قد يقال باستحقاقه العقاب من جهة التجرى وتمام الكلام فيه قد تقدم فى باب القطع.

(الرابع) اذا كان المأتى به او لا مطابقة للواقع وانكشف ذلك قبل فعل باقى المحتملات اجزأ عنه كان الاتيان به موجبا للامتثال ومسقطا للامر المتعلق به فى نفس الامر لانه صلى الصلاة الواقعية قاصدا للتقرب بها الى الله وان لم يعلم حين الفعل ان المقرّب هو هذا الفعل اذ لا فرق بين ان يكون الجزم بالعمل ناشيا عن تكرار الفعل او ناشيا عن انكشاف الحال لان الغرض من اتيان جميع المحتملات هو اصابة الواقع فاذا انكشف ان المأتى به او لا هو الواجب الواقعى لم يبق تكليف فى عهدته حتى يجب اتيان باقى المحتملات فالاتيان بجميع المحتملات فى صورة عدم الانكشاف انما هو لاجل العلم بتحقق الواجب فى ضمنها ولا يعقل فى صورة الانكشاف مدخلية الاتيان بباقى المحتملات فى تحقق الامتثال.

٣٣٩

ـ (غاية الامر) لو اتى ببعض المحتملات واتفق تحقق الواجب الواقعى فى ضمنه ولم يعلمه المكلف وترك الاتيان بباقى المحتملات بعد الاتيان ببعضها فيكون متجريا فى صورة عدم الانكشاف ويستحق للعقاب على تقدير حرمة التجرى لكونه متجريا على تقدير تركه الاتيان بباقى المحتملات لا على الواقع لتحققه فى ضمن اتيان بعض المحتملات على الفرض.

٣٤٠