درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٤

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٤

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٣

(ومنها) قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله فى حديث التثليث وقع فى المحرمات وهلك من حيث لا يعلم بناء على ان المراد بالهلاكة ما هو اثر للحرام فان كان الحرام لم يتنجز التكليف به فالهلاك المترتب عليه منقصة ذاتية وان كان مما يتنجز التكليف به كما فيما نحن فيه كان المترتب عليه هو العقاب الاخروى وحيث ان دفع العقاب المحتمل واجب بحكم العقل وجب الاجتناب عن كل مشتبه بالشبهة المحصورة ولما كان دفع الضرر الغير العقاب غير لازم اجماعا كان الاجتناب عن الشبهة المجردة غير واجب بل مستحبا وفائدة الاستدلال بمثل هذا الخبر معارضته لما يفرض من الدليل على جواز ارتكاب احد المشتبهين مخيرا وجعل الآخر بدلا عن الحرام الواقعى.

ـ (اقول) من الاخبار التى اعتضدت القاعدة المذكورة بها خبر التثليث المروى عن النبى والوصى وبعض الائمة صلوات الله عليهم اجمعين.

(ففى مقبولة ابن حنظلة) الواردة فى الخبرين المتعارضين بعد الامر باخذ المشهور منهما وترك الشاذ النادر معللا بقوله عليه‌السلام فان المجمع عليه لا ريب فيه وقوله عليه‌السلام انما الامور ثلاثة امر بين رشده فيتبع وامر بين غيه فيجتنب وامر مشكل يرد حكمه الى الله ورسوله قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حلال بين وحرام بين وشبهات بين ذلك فمن ترك الشبهات نجى من المحرمات ومن اخذ بالشبهات وقع فى المحرمات وهلك من حيث لا يعلم.

(فان قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله) من اخذ بالشبهات الخ يدل على ان من ارتكب الشبهات وقع فى الهلاكة بناء على ان المراد منها ما هو اثر للحرام سواء كان منقصة ذاتية كالقسوة وغيرها مثلا او عقابا اخرويا كما فى موارد العلم الاجمالى.

(وقد اشار قدس‌سره) الى ذلك بقوله ان كان الحرام لم يتنجز التكليف به فالهلاك المترتب عليه منقصة ذاتية كما فى الشبهات البدوية وان كان

١٢١

فان مثل هذا الدليل لو فرض وجوده حاكم على الادلة الدالة على الاجتناب عن عنوان المحرم الواقعى لكنه معارض بمثل خبر التثليث وبالنبويين بل مخصص بهما لو فرض عمومه للشبهة الابتدائية فيسلم تلك الادلة فتأمل (الثانى) ما يستفاد من اخبار كثيرة من كون الاجتناب عن كل واحد من المشتبهين امرا مسلما مفروغا عنه بين الائمة والشيعة بل العامة ايضا بل استدل صاحب الحدائق على اصل القاعدة باستقراء مواردها فى الشريعة لكن الانصاف عدم بلوغ ذلك حدا يمكن الاعتماد عليه مستقلا وان كان ما يستشم منها قولا وتقريرا من الروايات كثيرة.

ـ الحرام مما يتنجز التكليف به كما فى الشبهة المحصورة كان المترتب عليه هو العقاب الاخروى وحيث ان دفع العقاب المحتمل فى كل واحد من اطراف الشبهة المحصورة واجب بحكم العقل وجب الاجتناب عن كل مشتبه بالشبهة المحصورة ولما كان دفع الضرر الغير العقاب غير لازم اجماعا كان الاجتناب عن الشبهة المجردة غير واجب بل مستحبا.

(ولا يخفى عليك) ان قوله قدس‌سره حيث ان دفع العقاب المحتمل الخ ليس استدلالا بحديث التثليث بل هو استدلال بحكم العقل مستقلا على ما يستفاد من ظاهر كلامه مضافا الى انه قد سبق من الشيخ قدس‌سره فى مقام الجواب عن استدلال الاخباريين بحديث التثليث فى الشبهة التحريمية ان الامر فيه للارشاد للتحرز عن المضرة المحتملة فيها من قبيل اوامر الاطباء المقصود منها عدم الوقوع فى المضار فان كانت المضرة المحتملة من قبيل العقاب الاخروى كما لو كان التكليف متحققا فعلا فى موارد الشبهة نظير الشبهة المحصورة ونحوها فكان الاجتناب لازما.

(وان كانت المضرة المحتملة) مفسدة اخرى غير العقاب سواء

١٢٢

ـ كانت دينية كصيرورة المكلف بارتكاب الشبهة اقرب الى ارتكاب المعصية كما دل عليه غير واحد من الاخبار التى تقدم ذكرها فى البراءة عند استدلال الاخباريين بلزوم الاحتياط فى الشبهة التحريمية الحكمية ام دنيوية كالاحتراز عن اموال الظلمة فبمجرد احتمالها لا يوجب العقاب على ارتكابها على تقدير الوقوع فى الهلكة لقبح العقاب على الحكم الواقعى المجهول فحينئذ لا يتم الاستدلال بهذا الحديث فذكره فى المقام مما لا جدوى فيه.

(قوله وفائدة الاستدلال بمثل هذا الخبر الخ) اقول يحتمل ان يكون المراد من قوله بمثل هذا الخبر هو الجنس حتى يشمل جميع الاخبار الدالة على وجوب الاحتياط فى الشبهة المحصورة سواء كان واردا فى الشبهة المحصورة فقط او كان عاما للشبهة الابتدائية والمحصورة معا مثل رواية التثليث على ما زعمه الشيخ قدس‌سره فيما سبق من عمومها للشبهة الموضوعية والحكمية ولكن فى عموميتها لهما محل تأمل فعلى هذا الاحتمال يكون اللام فى الخبر للجنس لا للعهد حتى يكون المراد هو خصوص حديث التثليث ويحتمل ان يكون اللام للعهد على ما احتمله بعض المحشين ويكون المراد هو خصوص خبر التثليث.

(ولا يخفى) ان القرينة على ان يكون المراد من الخبر هو الجنس حتى يشمل جميع الاخبار الدالة على وجوب الاحتياط عاما او خاصا قوله بمثل خبر التثليث وبالنبويين على ما اشار اليه صاحب بحر الفوائد بعد تأييده الاحتمال الاول حيث قال هذا الذى ذكرنا وان كان خلاف ظاهر كلامه فى بادئ النظر إلّا انه بعد التأمل فيه صدرا وذيلا وهو قوله بالنبويين يظهر انه المراد ليس إلّا ثم قال ان فيما ذكره الشيخ قدس‌سره اشكالات لا محيص عنها وتعرض لها تفصيلا فى الحاشية فراجع.

(وكيف كان) ان فائدة الاستدلال بمثل هذا الخبر معارضته لما يفرض من الدليل على جواز ارتكاب احد المشتبهين مخيرا وجعل الآخر بدلا عن الحرام

١٢٣

ـ الواقعى كالاخبار الدالة على حل ما لم يعلم حرمته مثل قوله عليه‌السلام كل شيء لك حلال حتى تعلم انه حرام بعينه بناء على تمامية دلالته وشموله للشبهة الابتدائية والشبهة المحصورة والاغماض عما ذكره سابقا من عدم امكان شموله للشبهة المحصورة.

(ومثل موثقة سماعة) وغيرها التى تقدم ذكرها بناء على تمامية دلالتها على ما هو مفروض كلام المصنف هنا فان هذه الاخبار على فرض تمامية دلالتها فى المقام تكون واردة على الادلة الدالة على الاجتناب عن عنوان المحرم الواقعى كقوله اجتنب عن الخمر ونحوه فلا معنى للمعارضة بينهما بل لا بد من الحكم بالورود (لكنه معارض بمثل خبر التثليث وبالنبويين الخ) يعنى ما دل على جواز ارتكاب احد المشتبهين مخيرا وجعل الآخر بدلا عن الحرام الواقعى معارض بمثل خبر التثليث وبالنبويين بل الاخبار الدالة على جواز ارتكاب احد المشتبهين لو فرض عمومها للشبهة الابتدائية تكون عاما بالنسبة الى حديث التثليث والنبويين وهما خاصان بالنسبة اليها باعتبار اختصاصهما بالشبهة المقرونة بالعلم الاجمالى فيكونان مخصصين لها بالشبهة الابتدائية فيبقى خبر التثليث والنبويين فى افادة الاجتناب عن الشبهة المقرونة بالعلم الاجمالى.

(ولكن) فى وقوع التعارض بين الاخبار الدالة على جواز ارتكاب احد المشتبهين مخيرا وجعل الآخر بدلا عن الحرام الواقعى وبين خبر التثليث والنبويين تأمل واشكال والمراد بالنبويين قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما اجتمع الحلال والحرام الا غلب الحرام الحلال وقوله اتركوا ما لا بأس به حذرا عما به البأس.

(قوله فتأمل) اشارة الى جملة من المناقشات الواردة فيما ذكره قدس‌سره (منها) انه كيف حكم بوقوع التعارض بين حديث التثليث وما دل على البدلية مع ان خبر التثليث على فرض دلالته يكون من قبيل حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل وما دل على البدلية رافع لاحتمال الضرر فهو وارد على خبر التثليث لا معارض له.

١٢٤

ـ (ومنها) ان دليل البدلية لا يكون حاكما على الادلة الدالة على الاجتناب عن عنوان المحرم الواقعى فانه ان اراد من تلك الادلة ما دل على تحريم العنوان الواقعى فمن الواضح انه لا يدل على وجوب الاحتياط حتى يصير دليل البدلية حاكما عليه ضرورة ان وجوب الاطاعة بالاحتياط لا يعقل ان يراد من دليل تحريم الشىء فانه حكم عقلى متفرع على وجود الامر والنهى من الشارع كما هو الشأن فى جميع ادلة مراتب الاطاعة.

(وان اراد منها حكم العقل بوجوب الاحتياط) فما دل على البدلية ليس حاكما عليه بل وارد عليه لان حكمه بوجوب الاحتياط انما هو من جهة احتمال الضرر فى كل مشتبه ومن ذلك يظهر عدم الحكومة ايضا لو اراد من تلك الادلة ما دل على حرمة العنوان الواقعى بملاحظة حكم العقل بوجوب الاحتياط فما جعله محكوما بالنسبة الى ما دل على البدلية لا دلالة فيه على وجوب الاحتياط اصلا وما يدل عليه يكون موردا بالنسبة اليه الى غير ذلك من الإشكالات التى لا محيص عنها وقد تعرض لها تفصيلا فى بحر الفوائد.

(قوله الثانى ما يستفاد من اخبار كثيرة الخ) الوجه الثانى الذى يعضد القاعدة المذكورة وهى وجوب دفع الضرر المقطوع به بين المشتبهين ووجوب اطاعة التكاليف المعلومة ما يستفاد من اخبار كثيرة التى يأتى ذكر بعضها من كون الاجتناب عن كل واحد من المشتبهين امرا مسلما مفروغا عنه بين الائمة والشيعة بل العامة ايضا.

(بل استدل صاحب الحدائق فى الدرة النجفية) على اصل القاعدة باستقراء مواردها فى الشريعة ولكن فيه مضافا الى ان حصول الاستقراء التام غير ثابت انه معارض بالمثل فى بعض الموارد كما ورد من وجوب قضاء ثلاث صلوات على من تردد فائتته بين الرباعية والثلاثية والثنائية فانه لا يحصل به الاحتياط بالنسبة الى الجهر والاخفات وكذلك قصد العنوان وقصد ما فى الذمة غير كاف فى تحصيل الاحتياط وغير ذلك.

١٢٥

(لكن الانصاف) عدم بلوغ ذلك حدا يمكن الاعتماد عليه مستقلا وان كان ما يستشم منها قولا وتقريرا من الروايات كثيرة منها ما ورد فى الماءين المشتبهين خصوصا مع فتوى الاصحاب بلا خلاف بينهم على وجوب الاجتناب عن استعمالهما مطلقا ومنها ما ورد فى الصلاة فى الثوبين المشتبهين ومنها ما ورد فى وجوب غسل الثوب من الناحية التى يعلم باصابة بعضها للنجاسة معللا بقوله حتى يكون على يقين من طهارته فان وجوب تحصيل اليقين بالطهارة على ما يستفاد من التعليل يدل على عدم جريان اصالة الطهارة بعد العلم الاجمالى بالنجاسة وهو الذى بنينا عليه وجوب الاحتياط فى الشبهة المحصورة وعدم جواز الرجوع فيها الى اصالة الحل فانه لو جرى اصالة الطهارة واصالة الحل فى بعض المشتبهين فلم يكن للاحكام المذكورة وجه ولا للتعليل فى الحكم الاخير بوجوب تحصيل اليقين بالطهارة بعد اليقين بالنجاسة.

ـ (يعنى) مقتضى الانصاف عدم بلوغ الموارد المستقرأة فيها حدا يمكن استفادة الحكم منه مستقلا نظرا الى ان الاستقراء التام وتحققه بملاحظتها غير حاصل والاستقراء الناقص غير مفيد لعدم رجوعه الى الظن اللفظى على تقدير تسليم الاستقراء الاعلى القول بحجية الظن المطلق نظرا الى رجوع الظن الى الظن بالحكم الشرعى الكلى الظاهرى.

(ولكن) ما يستشم من الموارد المستقرأة فيها قولا وتقريرا من الروايات كثيرة.

(منها) ما ورد فى الماءين المشتبهين كموثقة سماعة وعمار عن رجل معه اناء ان وقع فى احدهما قذر ولا يدرى ايهما هو وليس يقدر على ماء غيره قال يهريقهما ويتيمم ومثلها موثقة عمار ويظهر منهما لزوم الاحتياط بترك الوضوء عن الإناءين

١٢٦

ومنها ما دل على بيع الذبائح المختلط ميتها بمذكّاها من اهل الكتاب بناء على حملها على ما لا يخالف عمومات حرمة بيع الميتة بأن يقصد بيع المذكى خاصة او مع ما لا تحله الحياة من الميتة وقد يستأنس له بما ورد من وجوب القرعة فى قطيع الغنم المعلوم وجود الموطوء فى بعضها وهى الرواية المحكية فى جواب الامام الجواد عليه‌السلام بسؤال يحيى ابن اكثم عن قطيع غنم نزى الراعى على واحدة منها ثم ارسلها فى الغنم حيث قال عليه‌السلام يقسم الغنم نصفين ثم يقرع بينهما فكلما وقع السهم عليه قسم غيره قسمين وهكذا حتى يبقى واحد ونجى الباقى وهى حجة القول بوجوب القرعة لكنها لا تنهض لا ثبات حكم مخالف للاصول نعم هى دالة على عدم جواز ارتكاب شىء منها قبل القرعة فان التكليف بالاجتناب عن الموطوءة الواقعية واجب بالاجتناب عن الكل حتى يتميز الحلال ولو بطريق شرعى هذا ولكن الانصاف ان الرواية ادل على مطلب الخصم بناء على حمل القرعة على الاستحباب اذ على قول المشهور لا بد من طرح الرواية او العمل بها فى خصوص موردها.

ـ (وقد افتى الاصحاب) على وجوب الاجتناب عن استعمالهما فى رفع الحدث والخبث بل ادعى عليه الاجماع فى الخلاف والمعتبر وعن المعتبر نسبة الخبرين الى عمل الاصحاب وعن المنتهى تلقاهما الاصحاب بالقبول وعليك بمراجعة المسألة فى الفقه حتى تطلّع على الحكم المذكور فى الخبرين وفى المقام بحث لا يسعه هذا المختصر.

(ومنها) ما ورد فى الصلاة فى الثوبين المشتبهين كمكاتبة صفوان بن يحيى أبا الحسن عليه‌السلام يسأله عن الرجل كان معه ثوبان فاصاب احدهما بول ولم يدر ايهما هو وحضرت الصلاة وخاف فوتها وليس عنده ماء كيف يصنع قال عليه‌السلام

١٢٧

ـ يصلى فيهما جميعا اقول هذا المثال وان كان خارجا عما نحن فيه من المسألة لكونه من الشبهة الوجوبية والبحث فى المقام عن الشبهة التحريمية لا الوجوبية إلّا ان المناط وهو لزوم الاحتياط فى الشبهة المحصورة وجوبية كانت او تحريمية(ومنها) ما ورد فى وجوب غسل الثوب من الناحية التى يعلم باصابة بعضها للنجاسة معللا بقوله حتى يكون على يقين من طهارته كما فى صحيحة محمد بن مسلم عن احدهما عليه‌السلام انه قال فى المنى يصيب الثوب فان عرفت مكانه فاغسله وان خفى عليك فاغسل الثوب كله ومثلها صحيحة زرارة وحسنة محمد بن مسلم ورواية ابن ابى يعفور وغيرها وما نقله الشيخ قدس‌سره هو صحيحة زرارة عن ابى جعفر عليه‌السلام ولا يخفى دلالة هذا الصنف من الاخبار على لزوم الاحتياط اوضح من جميع ما ذكر من الاخبار.

(ومنها) ما دل على بيع الذبائح المختلط ميتها بمذكّاها من اهل الكتاب كما فى صحيحة الحلبى اذا اختلط المذكى والميتة بيع ممن يستحل الميتة وكذا حسنة الحلبى.

(وحكى نحوهما) عن كتاب على بن جعفر واستوجه العمل بهذه الاخبار فى الكفاية وتقريب الاستدلال بها انه لو كان ارتكاب بعض اطراف الشبهة المحصورة جائزا لم يكن الحاجة الى بيع المشتبه المذكور ممن يستحل الميتة ولكن يعارضها ما رواه الراوندى باسناده عن على عليه‌السلام قال سئل عليه‌السلام عن شاة مسلوخة واخرى مذبوحة وقد عمى على صاحبهما فلا يدرى الذكية من الميتة فقال عليه‌السلام يرمى بهما جميعا الى الكلاب.

(وقال الشيخ قدس‌سره) فى المكاسب انه كما لا يجوز بيع الميتة منفردة كذلك لا يجوز بيعها منضمة الى مذكى ولو باعها فان كان المذكى ممتازا صح البيع فيه وبطل فى الميتة كما سيجيء فى محله وان كان مشتبها بالميتة لم يجز بيعه ايضا لانه لا ينتفع به منفعة محللة بناء على وجوب الاجتناب عن كلا

١٢٨

ـ المشتبهين فهو فى حكم الميتة من حيث الانتفاع فاكل المال بازائه اكل المال بالباطل كما ان اكل كل من المشتبهين فى حكم اكل الميتة ومن هنا يعلم انه لا فرق فى المشترى بين الكافر المستحل للميتة وغيره انتهى.

(ولكن) قال بعض الفقهاء يجوز البيع بقصد بيع المذكى وفيه ان القصد لا ينفع بعد فرض عدم جواز الانتفاع بالمذكى لاجل الاشتباه نعم لو قلنا بعدم وجوب الاجتناب فى الشبهة المحصورة وجواز ارتكاب احدهما جاز البيع بالقصد المذكور لكن القول به فيما نحن فيه مشكل لان الاصل فى كل واحد من المشتبهين عدم التذكية غاية الامر العلم الاجمالى بتذكية احدهما وهو غير قادح فى العمل بالاصلين.

(وعن العلامة) حمل الاخبار الدالة على جواز البيع ممن يستحل الميتة على جواز استنقاذ مال المستحل للميتة بذلك برضاه وفيه ان المستحل قد يكون ممن لا يجوز الاستنقاذ منه الا بالاسباب الشرعية كالذمى وقيل يمكن حملها على صورة قصد البائع المسلم اجزائها التى لا تحلها الحياة من الصوف والعظم والشعر ونحوها وتخصيص المشترى بالمستحل لان الداعى له على الاشتراء اللحم ايضا ولا يوجب ذلك فساد البيع ما لم يقع العقد عليه انتهى.

(ولكن) المعروف بين الاصحاب حرمة المعاوضة على الميتة واجزائها التى تحلها الحياة من ذى النفس السائلة وفى التذكرة كما عن المنتهى والتنقيح الاجماع عليها وعن رهن الخلاف الاجماع على عدم ملكيتها.

(ويدل على قولهم) مضافا الى الاخبار عموم النهى عن اكل المال بالباطل وخصوص عدّ ثمن الميتة من السحت فى رواية السكونى تفصيل المسألة وتنقيح الاقوال فيها فى الفقه فراجع.

(قوله وقد يستأنس له بما ورد من وجوب القرعة الخ) وجه الاستيناس بالقرعة للقول بالاحتياط انها تدل على ان مورد العلم الاجمالى قبل القرعة

١٢٩

ـ يكون ممنوع الارتكاب إلّا ان يجىء امارة على التعيين والحال ان المكلف فى مورد العلم الاجمالى لو خلى ونفسه ليس مرسل العنان بل يكون ممنوعا عن الارتكاب.

(والروايات المحكية) فى جواب الامام الجواد عليه‌السلام حجة القول بوجوب القرعة لكنها مضافا الى عدم نهوضها لاثبات حكم مخالف للاصول من جهة اعراض المشهور عنها واردة فى مورد خاص لا يصح الاستدلال بها على الرجوع الى القرعة فى جميع موارد الشبهة المحصورة على ما نسب الى بعضهم إلّا بضميمة عدم القول بالفصل وهو غير معلوم.

(بل المحكى عن عوائد الفاضل النراقى) ذهاب جماعة الى العمل بالقرعة فى خصوص مورد الرواية المشار اليها فالاولى التمسك للقول بالقرعة بالاخبار العامة الواردة فى كل مجهول ومشتبه لا بالخبر المذكور.

(نعم) ان الرواية المحكية دالة على عدم جواز ارتكاب شيء من افراد الغنم قبل القرعة فان التكليف بالاجتناب عن الموطوءة الواقعية واجب بالاجتناب عن الكل حتى يتميز الحلال ولو بطريق شرعى (لكن الانصاف) ان الرواية ادل على ما ذهب اليه الخصم من جواز ارتكاب ما عدا مقدار الحرام بناء على حمل القرعة على الاستحباب اذ على تقدير الحمل عليه لا بد من الحكم بجواز الارتكاب بدون القرعة غاية الامر عدم جواز ارتكاب الجميع لاجل الفرار عن المخالفة القطعية واما على تقدير الحمل على الوجوب فلا بد من طرح الرواية لا عراض المشهور عنها او حملها على المورد الخاص.

١٣٠

(وينبغى التنبيه على امور) الاول انه لا فرق فى وجوب الاجتناب عن المشتبه بالحرام بين كون المشتبهين مندرجين تحت حقيقة واحدة وغير ذلك لعموم ما تقدم من الادلة ويظهر من كلام صاحب الحدائق التفصيل فانه ذكر كلام صاحب المدارك فى مقام تأييد ما قواه من عدم وجوب الاجتناب عن المشتبهين وهو ان المستفاد من قواعد الاصحاب انه لو تعلق الشك بوقوع النجاسة فى الاناء او خارجه لم يمنع من استعماله وهو مؤيد لما ذكرناه قال مجيبا عن ذلك او لا بانه من باب الشبهة الغير المحصورة وثانيا ان القاعدة المذكورة انما تتعلق بالافراد المندرجة تحت ماهية واحدة والجزئيات التى تحويها حقيقة واحدة اذا اشتبه طاهرها بنجسها وحلالها بحرامها فيفرق فيها بين المحصور وغير المحصور بما تضمنه تلك الاخبار لا وقوع الاشتباه كيف اتفق انتهى كلامه رفع مقامه.

ـ (التنبيه الاول) انه لا فرق فى وجوب الاجتناب عن المشتبه بالحرام بين كون المشتبهين مندرجين تحت حقيقة واحدة كما لو كان المعلوم بالاجمال خصوص نجاسة احد الإناءين او خصوص غصبية احدهما وبين كونهما مندرجين تحت حقيقتين كما لو كان المعلوم بالاجمال مرددا بين النجاسة والغصبية لعموم الادلة المتقدمة الدالة على وجوب الموافقة القطعية فى الشبهة المحصورة.

(والمحكى) عن الحدائق اعتبار ان يكون المعلوم بالاجمال عنوانا معينا غير مردد فالعلم الاجمالى بتحقق احد العنوانين فى احد الإناءين لا يقتضى وجوب الموافقة القطعية ولا حرمة المخالفة القطعية كما اشار الشيخ قدس‌سره الى ذلك بقوله ويظهر من كلام صاحب الحدائق التفصيل فانه ذكر كلاما لصاحب المدارك الذى ذكره فى مقام تأييد ما قواه وذهب اليه من عدم وجوب الاجتناب عن المشتبهين وعدم وجوب الاحتياط قوله فى مقام متعلق بالكلام وضمير الفاعل

١٣١

ـ فى قوله قواه يرجع الى صاحب المدارك وقوله من عدم وجوب الاجتناب بيان للموصول وضمير المبتدإ فى قوله هو ان المستفاد يرجع الى الكلام.

(وكيف كان قال ره فى المدارك) فى مبحث اشتباه الإناءين ان الاجتناب عنهما مذهب الاصحاب ومستنده رواية عمار وهى ضعيفة السند واحتج عليه فى المختلف ايضا بان اجتناب النجس واجب قطعا وهو لا يتم إلّا باجتنابهما وما لا يتم الواجب الا به فهو واجب وفيه نظر فان اجتناب النجس لا يقطع بوجوبه الا مع تحققه بعينه لا مع الشك فيه واستبعاد سقوط حكم هذه النجاسة شرعا اذا لم تحصل المباشرة بجميع ما وقع فيه الاشتباه غير ملتفت اليه وقد ثبت نظيره فى واجدى المنى فى الثوب المشترك الى ان قال ويستفاد من قواعد الاصحاب انه لو تعلق الشك بوقوع النجاسة فى الاناء او خارجه لم ينجس الماء بذلك ولم يمنع من استعماله وهو مؤيد لما ذكرناه انتهى.

(وفيه) ان رواية عمار موثقة وهى حجة عند بعض الاعلام مع ان الحكم فى الإناءين مقطوع به وقد نقل الاجماع عليه المحقق والعلامة وغيرهما كما نقله عنهم المحقق الكاظمى فى شرح الوافية والمحدث البحرانى فى الدرة النجفية على ما حكى عنهما قال الاول بل كاد ان يكون من بديهيات الاحكام.

(والفرق) بين واجدى المنى وبين المقام واضح لان الشك فى مسئلة واجدى المنى شك فى اصل التكليف بالنسبة الى كل منهما فيرجع الى اصالة الطهارة والبراءة بخلاف المقام.

(واما ما حكاه صاحب المدارك) عن الاصحاب فيما لو تعلق الشك بوقوع النجاسة فى الاناء او خارجه من جواز استعماله فخارج عن الفرض فان الشرط فى ايجاب العلم الاجمالى للاحتياط كون جميع اطرافه محلا للابتداء فلو خرج بعضها عن محل الابتلاء لم يؤثر العلم المذكور كما فى المثال لان خارج الاناء خارج عن محل الابتلاء كما لا يخفى.

١٣٢

ـ (قوله قال مجيبا عن ذلك) يعنى قال صاحب الحدائق فى الجواب عن ذلك اى عما حكاه صاحب المدارك عن الاصحاب فيما لو تعلق الشك بوقوع النجاسة فى الاناء او خارجه الخ انه من باب الشبهة الغير المحصورة نظرا الى ان خارج الاناء لا ينحصر فى شيء مضافا الى ان القاعدة المذكورة وهى قاعدة الاحتياط انما تتعلق بالافراد المندرجة تحت ماهية واحدة والجزئيات التى تحويها حقيقة واحدة اذا اشتبه طاهرها بنجسها وحلالها بحرامها فيفرق فيها بين المحصور وغير المحصور بما تضمنه تلك الاخبار لا وقوع الاشتباه كيف اتفق انتهى كلامه.

(ولا يخفى) ان ما ذكره صاحب الحدائق فى الجواب الثانى ظاهر فى التفصيل المذكور ومراده من قوله بما تضمنه تلك الاخبار ، الاخبار الدالة على الحلية والبراءة مثل قوله عليه‌السلام كل شىء طاهر حتى تعلم انه قذر وقوله (ع) كل شىء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعلم الحرام بعينه فتدعه والاخبار الدالة على وجوب الاجتناب فى المشتبه مثل رواية الإناءين والثوبين المشتبهين واللحم المختلط ذكيه بميتة وغير ذلك.

(وذكر فى الحدائق على ما حكى عنه) ان الاخبار الاولى مختصة بالشبهة الغير المحصورة والاخبار الدالة على وجوب الاجتناب مختصة بالشبهة المحصورة

١٣٣

(وفيه) بعد منع كون ما حكاه صاحب المدارك مختصا بغير المحصور بل لو شك فى وقوع النجاسة فى الاناء او ظهر الاناء فظاهرهم الحكم بطهارة الماء ايضا كما يدل عليه تأويلهم لصحيحة على بن جعفر الواردة فى الدم الغير المتبين فى الماء بذلك انه لا وجه لما ذكره من اختصاص القاعدة اما اولا فلعموم الادلة المذكورة خصوصا عمدتها وهى ادلة الاجتناب عن العناوين المحرمة الواقعية كالنجس والخمر ومال الغير وغير ذلك بضميمة حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل واما ثانيا فلانه لا ضابطة لما ذكره من الاندراج تحت ماهية واحدة ولم يعلم الفرق بين تردد النجس بين ظاهر الاناء وباطنه او بين الماء وقطعة من الارض او بين الماء ومائع آخر او بين ما يعين مختلفى الحقيقة وبين تردده ما بين ماءين او ثوبين او مائعين متحدى الحقيقة

ـ (اقول) حاصل ما اورده الشيخ قدس‌سره على جواب صاحب الحدائق عن ما حكاه صاحب المدارك عن الاصحاب بعد منع كون ما حكاه مختصا بغير المحصور بل لو شك فى وقوع النجاسة فى الاناء او ظهر الاناء فظاهر الاصحاب الحكم بطهارة الماء ايضا كما يدل عليه صحيحة على بن جعفر عليهما‌السلام انه لا وجه لما ذكره صاحب الحدائق من اختصاص قاعدة الاحتياط بالافراد المندرجة تحت ماهية واحدة.

(اما اولا) فلعموم الادلة الدالة على لزوم الاحتياط خصوصا عمدتها وهى ادلة الاجتناب عن العناوين المحرمة الواقعية بانضمام حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل بعد فرض شمول الخطاب الواقعى بلا فرق بين كون المشتبهين مندرجين تحت حقيقة واحدة او حقيقتين كما هو واضح لمن راجع الى كلماتهم

(واما ثانيا) فلانه لا ضابطة لما ذكره من الاندراج تحت ماهية واحدة لكثرة صور الاشتباه وعدم معلومية الفرق بينها كما اشار قدس‌سره الى ذلك بقوله ولم يعلم الفرق الخ.

١٣٤

ـ (قوله كما يدل عليه تأويلهم لصحيحة على بن جعفر الخ) وهى ما عن رجل امتخط فصار الدم قطعا صغارا فاصاب انائه هل يصلح الوضوء منه فقال ان لم يكن شيء يستبين فى الماء فلا بأس الحديث حيث استدل به الشيخ على عدم تنجيس ما لا يدركه الطرف من النجاسة مطلقا كما عن المبسوط او خصوص الدم كما عن الاستبصار واوّله الاصحاب بان المراد بعدم الاستبانة فى الماء عدم العلم باصابته للماء لا عدم ادراك الطرف ووجه تأويلهم لاجل ان صحيحة على بن جعفر ظاهرة فى العلم بوقوع الدم فى الماء مع عدم استبانته واستهلاكه فيه وانه لا بأس به فى الفرض المذكور كما ذهب اليه الشيخ.

(ويعلم من ذلك) ان ما حكاه صاحب المدارك عن الاصحاب فيما لو تعلق الشك بوقوع النجاسة فى الاناء وخارجه من جواز استعماله ليس مختصا بغير المحصور ولا ينافى قولهم بوجوب الاحتياط فى المحصور مطلقا سواء كان المشتبهان مندرجين تحت حقيقة واحدة ام لا لان مسئلة الاناء على تأويلهم خارجة عن الفرض فان الشرط فى ايجاب العلم الاجمالى للاحتياط كون جميع اطرافه محلا للابتلاء فلو خرج بعضها عن محل الابتلاء لم يؤثر العلم المذكور كما فى المثال لان خارج الاناء خارج عن محل الابتلاء كما لا يخفى.

(قوله بذلك) اى بالشك فى وقوع النجاسة فى داخل الاناء او ظهره ومن المعلوم انه من قبيل الشبهة المحصورة.

(وعلى كل حال) انه لا يخفى ضعف ما ذهب اليه صاحب الحدائق من التفصيل المذكور لان تأثير العلم الاجمالى فى وجوب الموافقة وحرمة المخالفة انما هو لاجل كشفه عن الالزام المولوى بعثا او زجرا وتردد المعلوم بالاجمال لا يوجب قصورا فى كشفه لانه يعلم بتعلق النهى المولوى عن التصرف فى احد الإناءين على كل تقدير اما لكونه غصبا واما لكونه نجسا فلا بد من الخروج عن عهدة التكليف بترك التصرف فى كل من الإناءين وترتيب الاحكام الخاصة لكل

١٣٥

ـ من النجاسة والغصب اذا كان لكل منهما حكم خاص لا يشاركه الآخر فيه غير الاحكام المشتركة بينهما لان العلم بتحقق احد العنوانين يستلزم العلم بثبوت احد الحكمين والاصول النافية متعارضة من الجانبين فلا بد من الموافقة القطعية لكل من الحكمين إلّا اذا فرض ان لاحد العنوانين حكما يخصه لا يشاركه الآخر فيه ولا يكون للآخر حكم خاص فان الاصل النافى للحكم الخاص يجرى بلا معارض كما لا يخفى.

١٣٦

(نعم) هنا شىء آخر وهو انه هل يشترط فى العنوان المحرم الواقعى او النجس الواقعى المردد بين المشتبهين ان يكون على كل تقدير متعلقا لحكم واحد ام لا مثلا اذا كان احد المشتبهين ثوبا والآخر مسجدا حيث ان المحرم فى احدهما اللبس وفى الآخر السجدة فليس هنا خطاب جامع للنجس الواقعى بل العلم بالتكليف مستفاد من مجموع قول الشارع لا تلبس النجس فى الصلاة ولا تسجد على النجس واولى من ذلك بالاشكال ما لو كان المحرم على كل تقدير عنوانا غيره على التقدير الآخر كما لو دار الامر بين كون احد المائعين نجسا وكون الآخر مال الغير لامكان تكلف ادراج الفرض الاول تحت خطاب الاجتناب عن النجس بخلاف الثانى.

ـ (توضيح المقام) على وجه الاختصار ان الترديد المأخوذ فيه تارة يكون فى شخص الخطاب واخرى فى نوعه وثالثا فى جنسه.

(مثال الاول) ما اذا حصل العلم الاجمالى بكون احد الإناءين خمرا فان خطاب اجتنب عن الخمر بحسب الجنس والنوع كان معلوما والترديد فى شخصه بالنسبة الى احد الإناءين.

(مثال الثانى) ما اذا كان احد المشتبهين ثوبا والآخر مسجدا بفتح الجيم فان جنس الخطاب اعنى وجوب الاجتناب عن النجس كان معلوما وانما الاجمال فى نوعه حيث انه لا يعلم ان المحرم هو اللبس او السجدة بمعنى على تقدير نجاسة الثوب يحرم اللبس وعلى فرض نجاسة المكان تحرم السجدة فليس هنا خطاب جامع للنجس الواقعى بل العلم بالتكليف مستفاد من مجموع قول الشارع لا تلبس النجس فى الصلاة ولا تسجد على النجس.

(مثال الثالث) ما لو تردد الامر بين كون هذه المرأة اجنبية او كون هذا المائع خمرا فان جنس الخطاب وهو قوله لا تزن او لا تشرب الخمر غير معلوم

١٣٧

واولى من ذلك ما لو تردد الامر بين كون هذه المرأة اجنبية او كون هذا المائع خمرا وتوهم ادراج ذلك كله فى وجوب الاجتناب عن الحرام مدفوع بان الاجتناب عن الحرام عنوان ينتزع من الادلة المتعلقة بالعناوين الواقعية فالاعتبار بها لا به كما لا يخفى والاقوى ان المخالفة القطعية فى جميع ذلك غير جائز ولا فرق عقلا وعرفا فى مخالفة نواهى الشارع بين العلم التفصيلى بخصوص ما خالفه وبين العلم الاجمالى بمخالفة احد النهيين ألا ترى انه لو ارتكب مائعا واحدا يعلم انه مال الغير او نجس لم يعذر لجهله التفصيلى بما خالفه وكذا حال من ارتكب النظر الى المرأة وشرب المائع فى المثال الاخير.

ـ وبعبارة اخرى ان الترديد تارة يكون فى متعلق الخطاب كما فى المثال الاول واخرى فى نفسه وحينئذ ان كان المردد نوع الخطاب فهو الثانى وان كان جنسه فهو الثالث.

(وتوهم) ادراج الفروض المذكورة فى وجوب الاجتناب عن الحرام الشامل للبس والسجدة والوطى وغير ذلك.

(مدفوع) بان الاجتناب عن الحرام عنوان ينتزع من الادلة المتعلقة بالعناوين الواقعية فالاعتبار بالادلة لا بالعنوان المنتزع وبعبارة اخرى الاجتناب عن الحرام ليس عنوانا مستقلا مدلولا عليه بالاخبار بل هو امر انتزاعى ينتزع من العناوين الخاصة التى تستفاد من الاخبار الواردة فى خصوص المحرمات كالخمر والخنزير ومال الغير وغيرها فينتزع منها الاجتناب عن الحرام كالامر بالاجتناب عن الخمر والخنزير مثلا.

(والاظهر) ان المخالفة القطعية فى جميع الفروض المذكورة غير جائز ولا فرق عقلا وعرفا فى مخالفة نواهى الشارع بين العلم التفصيلى بخصوص

١٣٨

ـ ما خالفه وبين العلم الاجمالى بمخالفة احد النهيين ألا ترى انه لو ارتكب مائعا واحدا يعلم انه مال الغير او نجس لم يعذر لجهله التفصيلى بما خالفه.

(وكذا حال) من ارتكب النظر الى المرأة وشرب المائع فى المثال الثالث بيان ذلك ان الجهل التفصيلى بما خالف الواقع لا يكون عذرا فى المثالين للعلم بالتكليف ولو اجمالا الّا ان الفرق بينهما ان المخالفة القطعية تحصل فى المثال الاول بنفس ارتكاب ذلك المائع بخلاف الثانى فان المخالفة القطعية تحصل فيه بالنظر والشرب معا لا بارتكاب احدهما.

(قوله لامكان تكلف ادراج الخ) تعليل لكون هذا اولى بالاشكال من الاول قوله واولى من ذلك ما لو تردد الامر الخ كون هذا اولى بالاشكال من جهة ان المشتبهين فى المثال الاول مندرجان تحت عنوان النجس وفى المثال الثانى تحت عنوان المائع المحرم بخلاف المثال الثالث فليس له عنوان حتى يندرج تحته.

١٣٩

(والحاصل) ان النواهى الشرعية بعد الاطلاع عليها بمنزلة نهى واحد عن عدة امور فكما تقدم انه لا يجتمع نهى الشارع عن امر واقعى واحد كالخمر مع الاذن فى ارتكاب المائعين المردد بينهما الخمر فكذا لا يجتمع النهى عن عدة امور مع الاذن فى ارتكاب كلا الامرين المعلوم وجود احد تلك الامور فيهما واما الموافقة القطعية فالاقوى ايضا وجوبها لعدم جريان ادلة الحلية ولا ادلة البراءة عقليها ونقليها.

ـ (ملخصه) ان الوجه فى عدم جواز تجويز الشارع لارتكاب الشبهة فى صورة العلم الاجمالى بالحرام هو لزوم الاذن فى معصية النهى او التناقض فى جعله وهو بعينه موجود فى صورة تردد الخطاب اذ مع العلم بوجود متعلق احد الخطابين المشتبهين يكون الاذن فى ارتكابهما اذنا فى ارتكاب ما نهى عنه قطعا وهذا معنى كون النواهى الشرعية بعد الاطلاع عليها بمنزلة نهى واحد.

(واما الموافقة القطعية) فالاقوى ايضا وجوبها لانه اذا ثبت كون ادلة تحريم المحرمات شاملة للمعلوم اجمالا ولم يكن هنا مانع عقلى او شرعى من تنجيز التكليف به لزم بحكم العقل التحرز عن ارتكاب ذلك المحرم بالاجتناب عن كلا المشتبهين وبعبارة اخرى التكليف بذلك المعلوم اجمالا ان لم يكن ثابتا جازت المخالفة القطعية والمفروض التسالم على حرمتها فى الشبهة المحصورة وان كان ثابتا وجب الاحتياط فيه بحكم العقل اذ يحتمل ان يكون ما يرتكبه من المشتبهين هو الحرام الواقعى فيعاقب عليه لان المفروض لما كان ثبوت التكليف بذلك المحرم فلم يقبح العقاب عليه اذا اتفق ارتكابه ولو لم يعلم به حين الارتكاب (لا يقال) ان المستفاد من ادلة الحلية مثل قوله عليه‌السلام كل شيء لك حلال حتى تعرف انه حرام بعينه ونحوه وادلة البراءة عقليها ونقليها حلية الشبهات بالشبهة المجردة عن العلم الاجمالى وحلية الشبهات المقرونة بالعلم الاجمالى

١٤٠