درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٤

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٤

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٣

(الخامس) لو فرض محتملات الواجب غير محصورة لم يسقط الامتثال فى الواجب المردد باعتبار شرطه كالصلاة الى القبلة المجهولة وشبهها قطعا اذ غاية الامر سقوط الشرط فلا وجه لترك المشروط رأسا واما فى غيره مما كان نفس الواجب مرددا فالظاهر ايضا عدم سقوط ولو قلنا بجواز ارتكاب الكل فى الشبهة الغير المحصورة لان فعل الحرام لا يعلم هناك به الا بعد الارتكاب بخلاف ترك الكل هنا فانه يعلم به مخالفة الواجب الواقعى حين المخالفة وهل يجوز الاقتصار على واحد اذ به يندفع محذور المخالفة ام يجب الاتيان بما تيسر من المحتملات وجهان من ان التكليف باتيان الواقع ساقط فلا مقتضى لا يجاب مقدماته العلمية وانما وجب الاتيان بواحد فرارا من المخالفة القطعية.

ـ (اقول) قد تقدم فى الشبهة التحريمية الموضوعية عدم تأثير العلم الاجمالى اذا كانت الاطراف غير محصورة لوجوه قد سبق ذكرها وهذا بخلاف الشبهة الوجوبية اذا كانت اطرافها غير محصورة فان المخالفة القطعية بترك جميع المحتملات باعتبار شرطها المجهولة بمكان من الامكان فلا بد من تأثير العلم الاجمالى بالنسبة الى المخالفة القطعية وعدم جواز ترك جميع المحتملات.

(غاية الامر) سقوط الشرط فلا وجه لترك المشروط رأسا فمن اشتبه عليه الساتر وتردّد بين ثياب غير محصورة فلا جرم يصلى مع ستر العورة ببعض هذه الثياب الى ان يبلغ حدّ العسر والحرج او مع سترها بواحد منها فرارا عن المخالفة القطعية او عريانا بترك الشرط رأسا.

(نعم) لا يمكن الموافقة القطعية بفعل جميع المحتملات لكثرة الاطراف فلا بد من التبعيض فى الاحتياط والاتيان بالمقدار الممكن من المحتملات هذا اذا كان الاشتباه فى الشبهة الوجوبية الغير المحصورة باعتبار شرط الواجب المجهول

٣٤١

ومن ان اللازم بعد الالتزام بحرمة مخالفة الواقع مراعاته مهما امكن وعليه بناء العقلاء فى اوامرهم العرفية والاكتفاء بالواحد التخييرى عن الواقع انما يكون مع نص الشارع عليه واما مع عدمه وفرض حكم العقل بوجوب مراعات الواقع فيجب مراعاته حتى يقطع بعدم العقاب اما الحصول الواجب واما لسقوطه بعدم تيسر الفعل وهذا لا يحصل إلّا بعد الاتيان بما تيسر وهذا هو الاقوى وهذا الحكم مطرد فى كل مورد وجد المانع من الاتيان ببعض غير معين من المحتملات ولو طرأ المانع من بعض معين منها ففى الوجوب كما هو المشهور اشكال من عدم العلم بوجود الواجب بين الباقى والاصل البراءة.

ـ عند المكلف.

(واما اذا كان الاشتباه) فى نفس الواجب المردد بين امور غير محصورة فوجوب مراعات جميع محتملاته ساقط جزما للعسر والحرج والاجماع وغير ذلك مما تقدم فى الشبهة الغير المحصورة واما المخالفة القطعية بترك جميع المحتملات فالظاهر عدم الجواز ولو قلنا بجواز ارتكاب الكل فى الشبهة التحريمية.

(وهل يجوز الاقتصار) على واحد اذ به يندفع محذور المخالفة ام يجب الاتيان بما تيسّر من المحتملات الوجهان المذكوران فى المتن والاظهر هو الثانى.

(اما منشأ الوجه الاول) فان التكليف باتيان الواقع ساقط لعدم تمكنه من اتيانه وبعد سقوطه فلا مقتضى لا يجاب مقدماته العلمية واما الاتيان بواحد فانما هو من جهة الفرار عن لزوم المخالفة القطعية لان ترك الكل فى الشبهة الوجوبية موجب للمخالفة القطعية للواجب الواقعى وبعد الاتيان بواحد المخالفة المتصورة هى المخالفة الاحتمالية وهى غير ضائر فى الشبهة الغير المحصورة لاحتمال كون المأتى به هو الواجب الواقعى.

٣٤٢

ـ (واما منشأ الوجه الثانى) فان اللازم بعد الالتزام بحرمة مخالفة الواقع مراعاته بحسب المكنة وعلى ذلك يجرى بناء العقلاء فى اوامرهم العرفية والاكتفاء بالواحد التخييرى عن الواقع انما يكون مع نصّ الشارع عليه واما مع عدمه وفرض حكم العقل بوجوب مراعات الواقع فيجب مراعاته ومراعات الواجب الواقعى لا تحصل إلّا باتيان جميع المحتملات من باب المقدمة العقلية ومع فرض عدم التمكن من جهة لزوم العسر والحرج فى اتيانها يأتى بما تيسر حتى يقطع بعدم العقاب اما لحصول الواجب واما لسقوطه بعدم تيسر الفعل وهذا لا يحصل إلّا بعد الاتيان بما تيسر.

(وقال قدس‌سره) الوجه الثانى هو الاقوى ووجه القوة هو وجود المقتضى وعدم المانع اما الاول فواضح واما الثانى فالمتصور منه هو الادلة التى ذكروها فى الشبهة التحريمية الغير المحصورة وقد عرفت فيما تقدم عدم تماميتها سيما فى المقام.

(وقال بعض المحشين) الاقوى هو التفصيل بين العذر الشرعى والعقلى فعلى الاول الاول وعلى الثانى الثانى الى ان قال ثم انه ربما يقال بعدم وجوب اتيان الواحد ايضا بمعنى جواز المخالفة القطعية انتهى ولا يخفى ان ما قال وما يقال كلاهما محل اشكال فتأمل حتى تصل الى الحق.

(قوله ولو طرأ المانع من بعض معين منها الخ) يعنى لو وجد المانع من الاتيان ببعض معين من المحتملات ولم يتمكن من الاحتياط الكلى على القول بوجوبه فهل يجب عليه الاحتياط الجزئى باتيان ما يمكنه من البقية ام لا مثلا لو لم يتمكن من الصلاة الى واحدة معينة من الجهات الاربع بناء على وجوب الصلاة الى تلك الجهات عند اشتباه القبلة.

(والمشهور) بين الاصحاب فى مسئلة اشتباه القبلة هو وجوب الاحتياط بما تيسّر ويمكن المناقشة فى ذلك بان وجوب الاحتياط عقلا وشرعا انما هو

٣٤٣

ـ من باب المقدمة العلمية لامتثال ما يلزم امتثاله من التكليف الواقعى المعلوم بالاجمال وهو منتف لاحتمال كون الواجب هو ما اضطر الى تركه فلا علم بوجود الواجب بين الباقى ومقتضى القاعدة حينئذ هو الرجوع الى البراءة بمعنى عدم وجوب الاتيان بما تيسّر من المحتملات.

(قوله كما هو المشهور اشكال) قال بعض المحشين الاشكال بالنظر الى مطلق طروّ المانع عن البعض المعين واما بحسب التفصيل.

(فالتحقيق ما ذكره ره) سابقا من الفرق بين سبق المانع واقترانه بالعلم الاجمالى فلا يجب الاتيان بالباقى وبين تأخره عن العلم الاجمالى فيجب الاتيان بالباقى حسب الامكان.

٣٤٤

(السادس) هل يشترط فى تحصيل العلم الاجمالى بالبراءة بالجمع بين المشتبهين عدم التمكن من الامتثال التفصيلى بازالة الشبهة او اختياره ما يعلم به البراءة تفصيلا ام يجوز الاكتفاء به وان تمكن من ذلك فلا يجوز ان قدر على تحصيل العلم بالقبلة او تعيين الواجب الواقعى من القصر والاتمام او الظهر والجمعة الامتثال بالجمع بين المشتبهات وجهان بل قولان ظاهر الاكثر الاول لوجوب اقتران الفعل المأمور به عندهم بوجه الامر وسيأتى الكلام فى ذلك عند التعرض لشروط البراءة والاحتياط إن شاء الله ويتفرع على ذلك انه لو قدر على العلم التفصيلى من بعض الجهات وعجز منه من جهة اخرى فالواجب مراعات العلم التفصيلى من تلك الجهة فلا يجوز لمن قدر على الثوب الطاهر المتيقن وعجز عن تعيين القبلة تكرار الصلاة فى الثوبين المشتبهين الى اربع جهات لتمكنه من العلم التفصيلى بالمأمور به من حيث طهارة الثوب وان لم يحصل مراعات ذلك العلم التفصيلى على الاطلاق.

ـ (اقول) انه بعد ما ثبت التكليف بالعلم التفصيلى او الاجمالى المعتبر فهل يكتفى فى امتثاله بالموافقة الاجمالية بمعنى تحصيل العلم الاجمالى بالبراءة بالجمع بين المشتبهين ولو مع تيسر العلم التفصيلى ام لا يكتفى بها الا مع تعذر العلم التفصيلى فلا يجوز اكرام شخصين احدهما زيد مع التمكن من معرفة زيد بالتفصيل ولا فعل الصلاتين فى ثوبين مشتبهين مع امكان الصلاة فى ثوب طاهر وجهان بل قولان.

(اذا عرفت هذا فنقول) مقتضى القاعدة جواز الاقتصار فى الامتثال بالعلم الاجمالى باتيان المكلف به اما فيما لا يحتاج سقوط التكليف فيه الى قصد الطاعة كالواجب التوصلى ففى غاية الوضوح واما فيما يحتاج الى قصد الاطاعة كالواجب التعبدى فالظاهر ايضا تحقق الاطاعة اذا قصد الاتيان بشيئين يقطع

٣٤٥

ـ بكون احدهما المأمور به ودعوى ان العلم بكون المأتى به مقربا معتبر حين الاتيان به ولا يكفى العلم بعده باتيانه ممنوعة اذ لا شاهد لها بعد تحقق الاطاعة بغير ذلك ايضا فيجوز لمن تمكن من تحصيل العلم التفصيلى باداء العبادات العمل بالاحتياط وترك تحصيل العلم التفصيلى.

(لكن الظاهر) كما هو المحكى من بعض ثبوت الاتفاق على عدم جواز الاكتفاء بالاحتياط اذا توقف على تكرار العبادة بل الظاهر المحكى عن الحلى فى مسئلة الصلاة فى الثوبين عدم جواز التكرار للاحتياط حتى مع عدم التمكن من العلم التفصيلى حيث ذكر الخلاف فى المسألة المذكورة ثم اختار انه يصلى عريانا وظاهره عدم جواز الاكتفاء بالتكرار بان يصلى فى كل من الثوبين صلاة واحدة وتيقن بعد فراغه من الصلاتين معا انه قد صلى فى ثوب طاهر وان كان ما ذكره الحلى من التعميم ممنوعا وحينئذ فلا يجوز لمن تمكن من تحصيل العلم بالماء المطلق او بجهة القبلة او فى ثوب طاهر ان يتوضأ وضوءين يقطع بوقوع احدهما بالماء المطلق او يصلى الى جهتين يقطع بكون احدهما القبلة او فى ثوبين يقطع بطهارة احدهما (لكن الظاهر) من صاحب المدارك ره التأمل بل ترجيح الجواز فى المسألة الاخيرة ولعله متأمل فى الكل اذ لا خصوصية للمسألة الاخيرة واما اذا لم يتوقف الاحتياط على التكرار كما اذا اتى بالصلاة مع جميع ما يحتمل ان يكون جزء فالظاهر عدم ثبوت الاتفاق على المنع ووجوب تحصيل اليقين التفصيلى.

(لكن) لا يبعد ذهاب المشهور الى ذلك اى الى عدم جواز الاحتياط فيما اذا يتوقف على التكرار كما اذا كان الشك فى جزئية شىء او شرطيته فيأتى بالصلاة مع جميع ما يحتمل كونه جزء او شرطا مع التمكن من تحصيل الامتثال التفصيلى وهل يلحق بالعلم التفصيلى الظن التفصيلى المعتبر فيقدم على العلم الاجمالى ام لا فقد تقدم شرحه تفصيلا فى الجزء الاول عند التكلم فى فروع العلم الاجمالى فراجع.

٣٤٦

ـ (وفى بحر الفوائد) ان نقل القولين فى الكتاب فى المقام ونسبة عدم الجواز الى الاكثر مع استظهاره الاتفاق على عدم الجواز فى الجزء الاول من الكتاب فيما يتوقف الاحتياط على التكرار ربما لا يجامعان سيما مع تعليله عدم الجواز عندهم فى المقام بوجوب اقتران الواجب بوجه الامر وان قيل فى توجيه الكلامين ان كلامه هناك فى الشبهة الحكمية وفى المقام فى الشبهة الموضوعية لكنه كما ترى.

٣٤٧

(السابع) لو كان الواجب المشتبه امرين مترتبين شرعا كالظهر والعصر المرددين بين القصر والاتمام او بين الجهات الاربع فهل يعتبر فى صحة الدخول فى محتملات الواجب اللاحق الفراغ اليقينى من الاول باتيان جميع محتملاته كما صرح به فى الموجز وشرحه والمسالك والروض والمقاصد العلية ام يكفى فيه فعل بعض المحتملات الاول بحيث يقطع بحصول الترتيب بعد الاتيان بمجموع محتملات المشتبهين كما عن نهاية الاحكام والمدارك فيأتى بظهر وعصر قصرا ثم بهما تماما قولان متفرعان على القول المتقدم فى الامر السادس من وجوب مراعات العلم التفصيلى مع الامكان مبنيان على انه هل يجب مراعات ذلك من جهة نفس الواجب فلا يجب إلّا اذا اوجب

ـ (التنبيه السابع) لو كان المعلوم بالاجمال امرين مترتبين كالظهر والعصر المردد بين القصر والاتمام او بين الجهات الاربع عند اشتباه القبلة فهل يعتبر فى صحة الدخول فى محتملات العصر ان يكون بعد استيفاء جميع محتملات الظهر او انه لا يعتبر ذلك فيجوز الاتيان ببعض محتملات العصر قبل استيفاء جميع محتملات الظهر بان يأتى بكل واحد من محتملات العصر عقيب فعل كل واحد من محتملات الظهر الى الجهة التى صلى الظهر اليها بنحو يحصل له اليقين بحصول الترتيب بينهما بعد الاتيان بمجموع محتملات المشتبهين فيه وجهان بل قولان مبنيان على ان الامتثال الاجمالى فى عرض الامتثالى التفصيلى او فى طوله (بيان ذلك) هو انه بعد الفراغ عن اشتراط الترتيب بين الظهر والعصر ولزوم احراز وقوع العصر عقيب الظهر كسائر الشرائط التى لا بد من احرازها فى مقام الامتثال يقع الكلام فى انه هل يعتبر فى حصول الطاعة وحسن الامتثال احراز تحقق الترتيب حين الاتيان بصلاة العصر بحيث يكون المكلف حين اشتغاله بالعصر محرزا لفراغ ذمته عن صلاة الظهر لكى يكون محرزا للترتيب فى ذلك

٣٤٨

اهماله ترددا فى اصل الواجب كتكرار الصلاة فى الثوبين المشتبهين على اربع جهات فانه يوجب ترددا فى الواجب زائدا على التردد الحاصل من جهة اشتباه القبلة فكما يجب رفع التردد مع الامكان كذلك يجب تقليله اما اذا لم يوجب اهماله ترددا زائدا فى الواجب فلا يجب كما فيما نحن فيه فان الاتيان بالعصر المقصورة بعد الظهر المقصورة لا يوجب ترددا زائدا على التردد الحاصل من جهة القصر والاتمام لان العصر المقصورة ان كانت مطابقة للواقع كانت واجدة لشرطها وهو الترتب على الظهر وان كانت مخالفة للواقع لم ينفع وقوعها مترتبة على الظهر الواقعية لان الترتب انما هو بين الواجبين واقعا.

ـ الحال او انه لا يعتبر ذلك بل يكفى العلم بتحقق الترتيب ووقوع العصر عقيب الظهر ولو بعد الفراغ عن صلاة العصر.

(فعلى القول) بانه يعتبر احراز الترتيب حين الاتيان بصلاة العصر فلا يجوز ان يأتى ببعض محتملات العصر قبل استيفاء جميع محتملات الظهر لانه حين الاتيان بذلك البعض لا يعلم بفراغ الذمة عن صلاة الظهر لاحتمال ان لا تكون القبلة فى تلك الجهة التى صلى الظهر اليها.

(واما على القول) بانه لا يعتبر احراز الترتيب حين الاتيان بصلاة العصر بل يكفى احرازه ولو بعد الفراغ عن صلاة العصر فيجوز فعل كل واحد من محتملات العصر عقيب كل واحد من محتملات الظهر الى ان يستوفى جميع المحتملات لانه بعد استيفاء جميع المحتملات يعلم بوقوع العصر عقيب الظهر وان لم يعلم بذلك حين الاتيان بكل من محتملات العصر لاحتمال ان لا تكون القبلة فى تلك الجهة التى صلى الظهر والعصر اليها.

(وعلى كل حال) قد يقرّب الوجه الاول اى اعتبار صحة الدخول فى

٣٤٩

(ومن ذلك) يظهر عدم جواز التمسك باصالة بقاء الاشتغال بالظهر وعدم فعل الواجب الواقعى وذلك لان المترتب على بقاء الاشتغال وعدم فعل الواجب عدم جواز الاتيان بالعصر الواقعى وهو مسلم ولذا لا يجوز الاتيان حينئذ بجميع محتملات العصر وهذا المحتمل غير معلوم انه العصر الواقعى والمصحح للاتيان به هو المصحح لاتيان محتمل الظهر المشترك معه فى الشك فى جريان الاصلين فيه او ان الواجب مراعات العلم التفصيلى من جهة نفس الخصوصية المشكوكة فى العبادة وان لم يوجب اهماله ترددا فى الواجب فيجب على المكلف العلم التفصيلى عند الاتيان بكون ما يأتى به هو نفس الواجب الواقعى فاذا تعذر ذلك من بعض الجهات لم يعذر فى اهماله من الجهة المتمكنة فالواجب على العاجز عن تعين كون الصلاة قصرا او تماما العلم التفصيلى بكون المأتى به مترتبا على الظهر ولا يكفى العلم بترتبه على تقدير صحته.

ـ محتملات العصر بعد استيفاء جميع محتملات الظهر من جهة دعوى تقدم رتبة الامتثال التفصيلى مهما امكن على الامتثال الاجمالى ببيان انه كما يجب تقديم الامتثال التفصيلى مع الامكان فى موارد اشتباه القبلة واشتباه الثوب الطاهر بالنجس فلا يجوز تكرار الصلاة كذلك فى المقام.

(فانه بعد اشتراط الترتيب) بين الظهرين لا بد فى مقام الامتثال من احراز تحقق الترتيب حال الاتيان بمحتملات العصر ولا يكفى مجرد العلم بتحققه بعد الاتيان بمجموع محتملات المشتبهين بعد امكان رفع الترديد من جهة شرطية الترتيب بان يكون شروعه فى محتملات العصر بعد القطع بفراغ ذمته عن التكليف بالظهر.

٣٥٠

هذا كله مع تنجز الامر بالظهر والعصر دفعة واحدة فى الوقت المشترك اما اذا تحقق الامر بالظهر فقط فى الوقت المختص ففعل بعض محتملاته فيمكن ان يقال بعدم الجواز نظرا الى الشك فى تحقق الامر بالعصر فكيف يقدم على محتملاتها التى لا تجب الا مقدمة لها بل الاصل عدم الامر فلا يشرع الدخول فى مقدمات الفعل ويمكن ان يقال ان اصالة عدم الامر انما يقتضى عدم مشروعية الدخول فى المأمور به ومحتملاته التى يحتمله على تقدير عدم الامر واقعا كما اذا صلى العصر الى غير الجهة التى صلى الظهر اما ما لا يحتمله إلّا على تقدير وجود الامر فلا يقتضى الاصل المنع عنه كما لا يخفى.

ـ (ولكن فيه) انه يمكن ان يقال بمنع تقدم رتبة الامتثال التفصيلى على الامتثال الاجمالى بعد كون الثانى كالاول فى الخروج عن العهدة لعدم تمامية ما افيد فى وجه تقديم الامتثال التفصيلى.

(ولو سلم ذلك) فانما هو اذا كان اهماله موجبا للتردد فى اصل الواجب بنحو يلزم منه التكرار فى العبادة فلا يجرى فى مثل المقام حيث لا يلزم من اهماله تكرار زائد عما يقتضيه حيث اشتباه القبلة مثلا كى يقال انه كما يجب رفع اصل الترديد مع الامكان كذلك يجب تقليله مهما امكن ومع الغض عن ذلك قيل ان ذلك انما ينتج اذا كان المعتبر فى الصلاة هو القطع بوقوع محتمل العصرية بما انه محتمل عقيب الظهر الواقعى وإلّا فبناء على ان المعتبر هو القطع بوقوع العصر الواقعى عقيب الظهر الواقعى.

(فلا يفرق بين الصورتين) فان الاضافة القبلية كما انها مشكوكة فى الصورة الثانية حال الاتيان بكل واحد من محتملات العصر كذلك تكون مشكوكة فى الصورة الاولى نظرا الى الشك فى عصرية المحتمل المأتى به غير ان

٣٥١

ـ الفرق بينهما انه فى الصورة الثانية يكون الشك فى تحقق الاضافة القبلية ناشئا عن الشك فى تحقق طرفى الاضافة وفى الصورة الاولى يكون الشك فيها ناشئا عن الشك فى تحقق طرف واحد وهو عصرية المأتى به وهذا المقدار من الفرق غير مجد فى التفرقة بينهما.

(واما الجزم التقديرى) بتحقق الترتيب بينهما فهو كما انه حاصل فى الصورة الاولى كذلك هو حاصل فى الصورة الثانية فانه على تقدير كون المأتى به عصرا واقعيا يقطع بتحقق الترتيب بينهما من جهة ملازمة عصرية المأتى به واقعا لكون تلك الجهة هى القبلة الملازم لكون المأتى به اولا الى تلك الجهة بعنوان الظهرية ظهرا واقعيا.

(فحينئذ) ينبغى القول بالوجه الثانى وهو كفاية فعل بعض محتملات الظهر فى صحة الشروع فى محتملات العصر على نحو يحصل اليقين بحصول الترتيب بينهما بعد الاتيان بمجموع محتملات المشتبهين فتدبر.

(نعم) من ذهب الى اعتبار الامتثال التفصيلى وتقدم رتبته على الامتثال الاجمالى مع التمكن منه فلا بد له من ان يقول بوجوب تأخير محتملات العصر عن جميع محتملات الظهر فتأمل جيدا.

(قوله قولان متفرعان على القول المتقدم الخ) قد عرفت مما ذكرنا ان جريان القولين كليهما انما هو على تقدير وجوب مراعاة العلم التفصيلى مع الامكان واما على القول الآخر من عدم وجوب ما ذكر فلا اشكال فى كفاية فعل بعض محتملات الاول فى الدخول فى بعض محتملات الواجب الآخر اللاحق ولا مساغ للقول الاول فيه.

(قوله مترتبة على الظهر الواقعية) يعنى بعد فعل جميع محتملاتها كما هو مقتضى القول الاول قوله باصالة بقاء الاشتغال بالظهر يعنى بعد فعل بعض محتملاتها كما هو المفروض فى المقام قوله والمصحح للاتيان به هو المصحح الخ

٣٥٢

ـ لان المصحح للاقدام ببعض محتملات الظهر مع عدم العلم بتعلق الامر به بخصوصه هو العلم الاجمالى بوجود اصل الامر بصلاة الظهر وكون ما يأتى به فى الصلاة الظهر القصرية يحتمل المطلوبية فى مرحلة الواقع وهو موجود فى الاقدام بفعل صلاة العصر القصرية لوجود العلم الاجمالى فيها وكون ما يأتى به محتمل المطلوبية (قوله فى جريان الاصلين فيه) يعنى كما انه يجرى الاصلان فى الظهر بعد فعل بعض محتملاته كالقصر كذلك يجرى الاصلان فى العصر بعد فعل محتملاته كالقصر فيكون القصر مشتركا مع الظهر فى الشك والعلم الاجمالى وكون ما يأتى به محتمل المطلوبية وفى جريان الاصلين بعد فعل بعض المحتملات وفى نتيجة الاصلين وهو وجوب الاقدام على سائر المحتملات بعد فعل بعضها.

(غاية الامر) الفرق بينهما بجواز الاقدام على جميع محتملات الظهر قبل فعل بعض محتملات العصر بل هو اولى بخلاف الاقدام على جميع محتملات العصر بعد فعل بعض محتملات الظهر فانه لا يجوز لمكان الاصلين فى الظهر كما صرح به فى الكتاب ولعل التمسك بالاستصحابين المذكورين مع ان الحكم للشك لا للمشكوك لمذاق القوم.

(قوله او ان الواجب مراعاة العلم التفصيلى الخ) هذا وجه القول الاول وهو انه يعتبر فى صحة الدخول فى محتملات الواجب اللاحق الفراغ اليقينى من الاول باتيان جميع محتملاته.

(قوله العلم التفصيلى بكون المأتى به الخ) يعنى العلم التفصيلى باصل الترتب لا العلم التفصيلى بترتب خصوص المأتى به اولا وثانيا لعدم تعقله مع عدم العلم بكونه بالخصوص واجبا واقعيا.

(وبعبارة اخرى) لا بد للمكلف حين الاشتغال بالعصر العلم التفصيلى بكونه مكلفا فعلا به من جهة العلم بادائه الظهر واما على القول الآخر من جواز فعل العصر بعد فعل بعض محتملات الظهر فلا يحصل للمكلف العلم باداء الظهر

٣٥٣

ـ فلا يحصل له العلم بكونه مكلفا فعلا بالعصر هذا بعض الكلام فى الامرين المترتبين فى الوقت المشترك.

(قوله اما اذا تحقق الامر بالظهر فقط فى الوقت المختص الخ) واما البحث فى حكم الواجبين المترتبين فى الوقت المختص ففعل بعض متحملاته اى القصر فى مثال التردد بينه وبين التمام اذ مع فعل التمام يدخل الوقت المشترك قطعا ويتنجز الامر بالعصر فيه كالقسم الاول فيمكن ان يقال فيه بعدم الجواز وان قيل به فى الوقت المشترك نظرا الى عدم العلم باصل الامر بالواجب اللاحق بمجرد الاتيان ببعض محتملات الواجب السابق :

(كما اشار قدس‌سره الى ذلك) بقوله نظرا الى الشك فى تحقق الامر بالعصر فكيف يقدم على محتملاتها التى لا تجب الا مقدمة لها بل الاصل عدم الامر به فكيف يقدم على الاتيان بما يتوقف صحته على قصد التقرب المتوقف على العلم بالامر تفصيلا او اجمالا وان هو الا مثل الاقدام بالصلاة مع احتمال دخول الوقت فانه لا يتوهم جوازه.

(وفى المقام) ثلاث احتمالات :

(احدها) كون الشك كافيا فى عدم جواز الاقدام على العصر فيكون من قبيل الشك فى اصل دخول الوقت ولا يجرى هنا باب المقدمة العلمية لعدم العلم بذى المقدمة.

(وثانيها) كون الحكم بجواز الاقدام مترتبا على وجود الامر فى الواقع فمع عدمه ولو بحكم الاصل يحكم بعدمه وهذا هو الذى اشار اليه قدس‌سره بقوله بل الاصل عدم الامر فلا يشرع الدخول فى مقدمات الفعل.

(وثالثها) كون الحكم بجواز الاقدام على العصر مترتبا على احتمال وجود الامر به بان يكون احتمال وجوده مصححا له كما فى الفرض الاول الذى فرضه فيجرى حكمه فى المقام ولا يجرى اصالة عدم الامر حينئذ لان الحكم بجواز الاقدام ليس مترتبا

٣٥٤

ـ على وجوده الواقعى حتى ينتفى مع عدمه ولو بالاصل فظهر مما ذكر ان اصالة عدم الامر لا تجرى فى الاحتمال الاول ولا فى الاحتمال الثالث.

(والمستفاد) من عبارة الشيخ قدس‌سره ردها من جهة الاحتمال الثالث فقط حيث قال ويمكن ان يقال ان اصالة عدم الامر انما تقتضى عدم مشروعية الدخول فى المأمور به الخ (هذا) تمام الكلام فى الشك فى المكلف به عند دورانه بين المتباينين فى الشبهة الوجوبية.

٣٥٥

(المقام) الثانى فيما اذا دار الامر فى الواجب بين الاقل والاكثر ومرجعه الى الشك فى جزئية شىء للمأمور به وعدمها وهو على قسمين لان الجزء المشكوك اما جزء خارجى او جزء ذهنى وهو القيد وهو على قسمين لان القيد اما منتزع من امر خارجى مغاير للمأمور به فى الوجود الخارجى فمرجع اعتبار ذلك القيد الى ايجاب ذلك الامر الخارجى كالوضوء الذى يصير منشئا للطهارة المقيد بها الصلاة واما خصوصية متحدة فى الوجود مع المأمور به كما اذا دار الامر بين وجوب مطلق الرقبة او رقبة خاصة ومن ذلك دوران الامر بين احدى الخصال وبين واحدة معينة منها والكلام فى كل من القسمين فى اربع مسائل.

ـ (المقام الثانى) من الشبهة الوجوبية فى الاقل والاكثر وهو اما استقلالى او ارتباطى.

(والفرق بينهما) ان الاول هو ما لم يكن امتثال بعضه مرتبطا بامتثال بعضه الآخر كاداء الدين وقضاء الفوائت واكرام العالم ونحو ذلك مما ينحل الواجب فيه الى واجبات متعددة غير مرتبطة بعضها ببعض فاذا اتى ببعض واخل ببعض فقد امتثل وعصى.

(والثانى) هو ما كان امتثال بعضه مرتبطا بامتثال بعضه الآخر بان كان المطلوب فيه هو المجموع من حيث المجموع بحيث اذا اتى بالجميع الا واحدا لم يمتثل اصلا سواء كان ابعاضه امورا وجودية كما فى الصلاة او عدمية كما فى الصيام وفى العرفيات كالامر بالمركبات والمعاجين فكلما كان هذا حاله فهو واجب ارتباطى وان كان التكليف به فى الظاهر بصورة النهى كما اذا قال لا تتكلم ساعة واحدة لغرض مخصوص فانه واجب ارتباطى غايته انه مركب من امور عدمية كما فى الصيام لا وجودية كما فى الصلاة.

٣٥٦

ـ (وبعبارة مختصرة) ان الفرق بينهما من جهة وحدة التكليف والغرض فى ظرف وجوب الاكثر فى الثانى وتعدده فى الاول المستتبع لتعدد المثوبة والعقوبة عند الموافقة والمخالفة ولتحقق الاطاعة بمجرد الاتيان بالاقل ولو لم يكن فى ضمن الاكثر بخلاف الارتباطى فان امتثال الاقل على فرض وجوب الاكثر منوط بكونه فى ضمن الاكثر.

(ثم انه لا اشكال) فى جريان البراءة عن الاكثر فى الاول لانحلال العلم الاجمالى فيه حقيقة حسب انحلال الخطاب الى خطابات متعددة مستقلة الى علم تفصيلى بالتكليف بالاقل وشك بدوى فى التكليف بالاكثر فتجرى فيه البراءة عقليها ونقليها سواء فيه بين كون الشبهة وجوبية او تحريمية وسواء فيه بين كون منشأ الاشتباه هى الامور الخارجية وبين كونه فقدان النص او اجماله او تعارض النصين نعم يكون الحكم فيه هو التخيير بمقتضى النصوص الخاصة وانما الكلام والبحث فى جريان البراءة فى الاقل والاكثر الارتباطى ويأتى البحث عن قريب.

(ولكن) الشيخ وصاحب الكفاية ره لم يعقدا للاول اى الاستقلالى بحثا مستقلا يختص به ولعلّ عدم تعرّضهما له لوضوح الحكم فيه اذ قد مرّ ان العلم الاجمالى مما ينحلّ الى العلم التفصيلى بالاقل والشك البدوى فى الاكثر فتجرى البراءة عن الاكثر.

(ثم لا يخفى) ان الاقل والاكثر استقلاليا او ارتباطيا كما يجريان فى الواجب يجريان فى الحرام ايضا.

(فالاول) فى الحرام هو ما لم يكن عصيان بعضه مرتبطا بعصيان بعضه الآخر كما فى الكذب والغيبة وشرب الخمر وقتل النفس ونحو ذلك من المحرمات التى ينحلّ الى محرمات متعددة غير مرتبطة بعضها ببعض فاذا اتى ببعض وترك بعضا فقد عصى وامتثل.

(والثانى) هو ما كان عصيان بعضه مرتبطا بعصيان بعضه الآخر بان كان

٣٥٧

ـ المبغوض فيه هو المجموع من حيث المجموع بحيث اذا اتى بالجميع الا واحدا لم يعص كما فى النهى عن الغناء اذا دار امره بنحو الشبهة الحكمية او الموضوعية بين كونه هو الصوت المطرب مع الترجيع او بلا ترجيع غير ان فى الواجب الارتباطى يكون الاقل معلوم الوجوب وفى الحرام الارتباطى يكون الاكثر معلوم الحرمة.

(ثم انه قدس‌سره) لم يتعرض لحال الحرام الارتباطى المردد بين الاقل والاكثر كما لم يتعرض حال الاقل والاكثر الغير الارتباطى على ما مرّت الاشارة وكانه لوضوح الحكم فيه ايضا فان الاكثر معلوم الحرمة فيجتنب والاقل مشكوك الحرمة فتجرى البراءة عنه سواء كانت الشبهة حكمية او موضوعية.

(نعم) قد اشار ره الى الحرام الارتباطى المردد بين الاقل والاكثر اجمالا فى اول المطلب الثانى فى الشبهة الوجوبية من الاشتغال وتقسيمها الى المردد بين المتباينين وبين الاقل والاكثر يعنى بهما الارتباطيين حيث قال ما لفظه واعلم انا لم نذكر فى الشبهة التحريمية من الشك فى المكلف به صور دوران الامر بين الاقل والاكثر لان مرجع الدوران بينهما فى تلك الشبهة الى الشك فى اصل التكليف لان الاكثر معلوم الحرمة والشك فى حرمة الاقل انتهى.

(اذا عرفت ما ذكرنا) فنقول ان للاقل والاكثر اقساما كثيرة فان الترديد بين الاقل والاكثر اما ان يكون فى نفس المأمور به اعنى فعل المكلف وتركه المطالب به او يكون فى موضوع التكليف فيما اذا كان التكليف تعلق بالموضوع الخارجى واما ان يكون فى السبب والمحصل الشرعى او العقلى او العادى وعلى جميع التقادير.

(تارة) يكون الاقل والاكثر من قبيل الجزء والكل.

(واخرى) يكون من قبيل الشرط والمشروط.

(وثالثة) يكون من قبيل الجنس والنوع.

٣٥٨

ـ (ثم) ما كان من قبيل الشرط والمشروط.

(تارة) يكون منشأ انتزاع الشرطية امرا خارجا عن المشروط مغايرا معه فى الوجود خارجا كالطهارة والستر بالنسبة الى الصلاة.

(واخرى) يكون متحدا مع المشروط وقائما به نظير قيام العرض بمعروضه كالايمان بالنسبة الى الرقبة.

(وفى جميع الاقسام) تارة يكون الاقل والاكثر ارتباطيين (واخرى) غير ارتباطيين وعلى التقديرين تارة تكون الشبهة وجوبية واخرى تكون تحريمية ومنشأ الاشتباه اما ان يكون هو فقد النص المعتبر واما اجماله او تعارضه واما الاشتباه فى الامور الخارجية.

(ولا يخفى عليك) ان البحث فى دوران الامر بين الاقل والاكثر الارتباطيين انما هو بعد الفراغ عن كون المرجع عند الشك فى التكليف هو البراءة وعند الشك فى المكلف به هى قاعدة الاشتغال ومنشأ النزاع انما هو ان الشك فى الاقل والاكثر بعد فرض كون الواجب ارتباطيا هل هو ملحق بالشك فى التكليف او انه ملحق بالشك فى المكلف به.

(وكيف كان) ان الشيخ قدس‌سره قد جعل الشك فى الاقل والاكثر الارتباطيين على قسمين الاول الشك فى الجزء والثانى الشك فى القيد.

(واما القسم الاول) فعقد له قدس‌سره حسب مشيه المتقدم فى البراءة وبعدها اربع مسائل فان منشأ الشك تارة يكون فقد النص واخرى اجمال النص وثالثة تعارض النص ورابعة هو اشتباه الامور الخارجية فما سوى الاخيرة شبهة حكمية والاخيرة موضوعية.

(قوله او جزء ذهنى وهو القيد) وجه التعبير بالجزء كون التقييد داخلا وان كان نفس القيد خارجا قوله وهو على قسمين يعنى ان القيد اما ان يكون له وجود فى الخارج كالوضوء او لا يكون كالايمان فى الرقبة المؤمنة فان وصف

٣٥٩

ـ الايمان لا وجود له فى الخارج.

(وكيف كان) تسمية الجزء الذهنى جزءا من جهة ملاحظته مع المركب فى التصور الذهنى ومدخليته فى مصلحة المركب كما ان الجزء الخارجى كذلك إلّا ان الجزء الذهنى لا يصير سببا لزيادة اجزاء المركب فى الخارج بخلاف الجزء الخارجى فانه يصير سببا لزيادة اجزاء المركب فى الخارجى.

(وفى بحر الفوائد) ان الكثرة المحتمل اعتبارها قد تلاحظ بحسب الوجود الخارجى للمأمور به فيكون الاكثر المحتمل وجوبه زائدا بحسب الوجود الخارجى على الاقل فيكون الزائد من مقولة الكم ويعبر عن هذا القسم بالشك فى الجزئية وقد تلاحظ بحسب الوجود الذهنى للمأمور به فيكون التركيب ذهنيا مع اتحاد وجود المحتمل اعتباره فى المأمور به معه فى الخارج فيكون الزائد من مقولة الكيف فالمعتبر حقيقة هو تقييده لا نفسه ويعبر عنه بالشك فى الشرطية انتهى.

(قال بعض الاعلام) ان ما ذكره مناف لما ذكروا فى مقام الفرق بين الجزء والشرط بان الجزء يكون من قبيل الفعل والشرط من قبيل الكيف ثم قال ان الاظهر فى الفرق بينهما ان الشرط ما يكون مقارنا لجميع اجزاء المركب كالطهارة والجزء ما لا يكون كذلك كالركوع والسجود ولذا قالوا ان النية بالشرط اشبه وان مقتضى القاعدة فيها كونها مقارنة للصلاة من اولها الى آخرها لكن لما كان ذلك متعسرا او متعذرا اعتبرت الاستدامة الحكمية.

٣٦٠