درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٤

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٤

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٣

(ومما ذكرنا يظهر) انه يمكن التمسك فى عدم وجوب الاكثر باصالة عدم وجوبه فانها سليمة فى هذا المقام عن المعارضة باصالة عدم وجوب الاقل لان وجوب الاقل معلوم تفصيلا فلا يجرى فيه الاصل وتردد وجوبه بين الوجوب النفسى والغيرى مع العلم التفصيلى بورود الخطاب التفصيلى بوجوبه بقوله تعالى (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ) وقوله (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) وقوله (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ) وقوله (ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا) وغير ذلك من الخطابات المتضمنة للامر بالاجزاء لا يوجب جريان اصالة عدم الوجوب او اصالة البراءة.

ـ (يعنى) مما ذكرنا فيما تقدم من جهة حكم العقل بقبح المؤاخذة على ترك الاكثر المسبب عن ترك الجزء المشكوك من دون بيان ولا يعارض بقبح المؤاخذة على ترك الاقل من حيث هو من دون بيان اذ يكفى فى البيان المسوغ للمؤاخذة عليه العلم التفصيلى بانه مطلوب للشارع بالاستقلال او فى ضمن الاكثر يظهر امكان التمسك فى عدم وجوب الاكثر باصالة عدم وجوبه لانها سليمة فى المقام عن المعارضة باصالة عدم وجوب الاقل لان وجوبه معلوم تفصيلا فلا يجرى فيه الاصل وتردد وجوبه بين الوجوب النفسى والغيرى مع العلم التفصيلى بورود الخطاب التفصيلى بوجوبه كالخطابات المتضمنة للامر بالاجزاء كقوله وربك فكبر وقوله وقوموا لله قانتين وقوله فاقرءوا ما تيسر منه وغير ذلك لا يوجب جريان اصالة عدم الوجوب او اصالة البراءة.

(لكن الانصاف) ان التمسك باصالة عدم وجوب الاكثر لا ينفع فى المقام يعنى لا ينفع فى دفع استحقاق العقاب لان استحقاق العقاب ليس من الآثار واللوازم الشرعية والمقصود من الاستصحاب بل والامارات ترتيب الآثار الشرعية دون الآثار العقلية والعادية مع انه لو فرض كونه اثرا شرعيا لا يجرى الاستصحاب ايضا لان الحكم المذكور للشك لحكم العقل بقبح العقاب عند الشك فيه وليس من آثار المشكوك ويشترط فى الاستصحاب ترتيب الآثار الشرعية الثابتة

٣٨١

(لكن الانصاف) ان التمسك باصالة عدم وجوب الاكثر لا ينفع فى المقام بل هو قليل الفائدة لانه ان قصد به نفى اثر الوجوب الذى هو استحقاق العقاب بتركه فهو وان كان غير معارض باصالة عدم وجوب الاقل كما ذكرنا إلّا أنّك قد عرفت فيما تقدم فى الشك فى التكليف ان استصحاب عدم التكليف المستقل وجوبا او تحريما لا ينفع فى دفع استحقاق العقاب على الترك او الفعل لان عدم استحقاق العقاب ليس من آثار عدم الوجوب والحرمة الواقعيين حتى يحتاج الى احرازهما بالاستصحاب بل يكفى فيه عدم العلم بهما فمجرد الشك فيهما كاف فى عدم استحقاق العقاب بحكم العقل القاطع وقد اشرنا الى ذلك عند التمسك فى حرمة العمل بالظن باصالة عدم حجيته وقلنا ان الشك فى حجيته كاف فى التحريم ولا يحتاج الى احراز عدمها بالاصل وان قصد به نفى الآثار المترتبة على الوجوب النفسى المستقل فاصالة عدم هذا الوجوب فى الاكثر معارضة باصالة عدمه فى الاقل فلا تبقى لهذا الاصل فائدة الا فى نفى ما عدا العقاب من الآثار المترتبة على مطلق الوجوب الشامل للنفسى والغيرى.

ـ للمتيقن على المشكوك فى الزمان الثانى وسيأتى البحث من هذه الجهة مشروحا فى باب الاستصحاب فانتظر.

(وحاصل ما ذكره قدس‌سره) انه ان قصد باصالة عدم وجوب الاكثر نفى اثر الوجوب الذى هو استحقاق العقاب بتركه فهو وان كان غير معارض باصالة عدم وجوب الاقل كما ذكرنا إلّا أنّك قد عرفت فيما تقدم فى الشك فى التكليف ان استصحاب عدم التكليف المستقل وجوبا او تحريما لا ينفع فى دفع استحقاق العقاب على الترك او الفعل لان عدم استحقاق العقاب ليس من آثار عدم الوجوب والحرمة الواقعيين حتى يحتاج الى احرازهما بالاستصحاب بل يكفى

٣٨٢

ـ فيه عدم العلم بهما فمجرد الشك فيهما كاف فى عدم استحقاق العقاب بحكم العقل القاطع وقد اشار اليه قده عند التمسك فى حرمة العمل بالظن باصالة عدم حجيته وقال ان الشك فى حجيته كاف فى التحريم ولا يحتاج الى احراز عدمها بالاصل.

(وان قصد به) نفى الآثار المترتبة على الوجوب النفسى المستقل فاصالة عدم هذا الوجوب فى الاكثر معارضة باصالة عدمه فى الاقل فلا تبقى لهذا الاصل فائدة الا فى نفى ما عدا العقاب من الآثار المترتبة على مطلق الوجوب الشامل للنفسى والغيرى.

(وبعبارة اخرى) فى هذا الشق الاخير انه لو اريد به نفى الآثار الشرعية بلا واسطة المترتبة على وجوب النفسى لو كانت هناك آثار كذلك فهو معارض باصالة عدم الوجوب النفسى للاقل فى نفى الآثار الشرعية المترتبة عليه لو كانت فلا ينفع الاصل المذكور الا فى نفى الآثار الشرعية المترتبة على مطلق الوجوب لو كان هناك آثار كذلك لمعلومية عدم معارضته باستصحاب عدم مطلق الوجوب فى الاقل لكونه يقينيا فافهم.

٣٨٣

(ثم بما ذكرنا) فى منع جريان الدليل العقلى المتقدم فى المتباينين فيما نحن فيه تقدر على منع سائر ما يتمسك به بوجوب الاحتياط فى هذا المقام مثل استصحاب الاشتغال بعد الاتيان بالاقل ومثل ان الاشتغال اليقينى يقتضى وجوب تحصيل اليقين بالبراءة ومثل ادلة اشتراك الغائبين مع الحاضرين فى الاحكام المقتضية لاشتراكنا معاشر الغائبين مع الحاضرين العالمين بالمكلف به تفصيلا ومثل وجوب دفع الضرر وهو العقاب المحتمل قطعا وبعبارة اخرى وجوب المقدمة العلمية للواجب ومثل ان قصد القربة غير متمكن بالاتيان بالاقل لعدم العلم بمطلوبيته فى ذاته فلا يجوز الاقتصار عليه فى العبادات بل لا بد من الاتيان بالجزء المشكوك (فان الاول) مندفع مضافا الى منع جريانه حتى فى مورد وجوب الاحتياط كما تقدم فى المتباينين بان بقاء وجوب الامر المردد بين الاقل والاكثر بالاستصحاب لا يجدى بعد فرض كون وجود المتيقن قبل الشك غير مجد فى الاحتياط.

ـ (يعنى) بما ذكره قده فى منع جريان الدليل العقلى المتقدم فى المتباينين وهو ان ما ذكر فى وجوب الاحتياط فى المتباينين بعينه موجود فى المقام وهو ان المقتضى وهو تعلق الوجوب الواقعى بالامر الواقعى المردد بين الاقل والاكثر موجود والجهل التفصيلى به لا يصلح مانعا لا عن المأمور به ولا عن توجه الامر كما تقدم فى المتباينين حرفا بحرف من الجواب عنه بقوله المتقدم ان الجهل فى المقام مانع عقلى عن توجه التكليف بالمجهول الى المكلف لحكم العقل بقبح المؤاخذة على ترك الاكثر المسبب عن ترك الجزء المشكوك من دون بيان الخ تقدر على منع سائر ما يتمسك به بوجوب الاحتياط فى هذا المقام.

(مثل) استصحاب الاشتغال بعد الاتيان بالاقل نظرا الى انه قبل الاتيان بالاقل كان متيقنا فيشك فى ارتفاعه بعد الاتيان بالاقل فنحكم ببقائه واثره وجوب الاكثر

٣٨٤

(نعم) لو قلنا بالاصل المثبت وان استصحاب الاشتغال بعد الاتيان بالاقل يثبت كون الواجب هو الاكثر فيجب الاتيان به امكن الاستدلال بالاستصحاب لكن يمكن ان يقال انا نفينا فى الزمان السابق وجوب الاكثر لقبح المؤاخذة من دون بيان فتعين الاشتغال بالاقل فهو منفى فى الزمان السابق فكيف يثبت فى الزمان اللاحق (واما الثانى) فهو حاصل الدليل المتقدم فى المتباينين المتوهم جريانه فى المقام وقد عرفت الجواب وان الاشتغال اليقينى انما هو بالاقل وغيره مشكوك فيه.

ـ (ومثل) ان الاشتغال اليقينى يقتضى وجوب تحصيل اليقين بالبراءة وقال بعض المحشين ان الفرق بين هذا والاول كون هذا داخلا فى اصل الاشتغال واما الاول فداخل فى استصحاب الاشتغال انتهى ولا يخفى ان جعل الوجه الثانى مقابلا ومغايرا للاول محل تامّل كما ان جعل الوجه الثانى والوجه الرابع وجهين محل نظر لان مبنى قاعدة الاشتغال حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل فيرجع اليها الوجه الرابع الذى ذكره بقوله ومثل وجوب دفع الضرر المحتمل وبعبارة اخرى وجوب المقدمة العلمية للواجب.

(ومثل) ادلة اشتراك الغائبين مع الحاضرين وتقريب ذلك ان الضرورة قضت باشتراكنا معاشر الغائبين مع الحاضرين فى التكاليف ولا نعلم فى هذه الواقعة ان المكلف به لهم ما ذا فيجب علينا الاتيان بالاكثر لكى يحصل الفراغ اليقينى.

(ومثل) ان قصد القربة غير ممكن بالاتيان بالاقل وتقريب ذلك ان العبادة تحتاج الى قصد القربة وهو لا يحصل إلّا بالواجب النفسى لما ثبت فى محله من عدم حصول القرب بالواجب الغيرى والاقل فى المقام لاحتمال كونه واجبا غيريا لا يحصل به التقرب فيجب الاحتياط بالاتيان بالاكثر.

٣٨٥

ـ (فان الاول) مندفع مضافا الى منع جريان استصحاب الاشتغال حتى فى مورد وجوب الاحتياط كما تقدم فى المتباينين حيث قال قدس‌سره فيما سبق بعد منع جريان الاستصحاب من جهة حكم العقل من اول الامر بوجوب الجميع اذ بعد الاتيان باحدهما يكون حكم العقل باقيا قطعا وإلّا لم يكن حاكما بوجوب الجميع وهو خلاف الفرض ان مقتضى الاستصحاب وجوب البناء على بقاء الاشتغال حتى يحصل اليقين بارتفاعه اما وجوب تحصيل اليقين بارتفاعه فلا يدل عليه الاستصحاب وانما يدل عليه العقل المستقل بوجوب القطع بتفريغ الذمة عند اشتغالها وهذا معنى الاحتياط فمرجع الامر اليه.

(وبعد ما عرفت ذلك) ان الاول مندفع بان بقاء وجوب الامر المردد بين الاقل والاكثر بالاستصحاب غير مجد فى الاحتياط لان وجود القدر المتيقن فى مقام التكليف كالاقل قبل حصول الشك الناشى باتيان الاقل اذا كان غير موجب للاحتياط باعتبار ان التكليف بالنسبة الى الاكثر مشكوك فيجرى فيه ادلة البراءة فكيف يقتضى الاحتياط بعد حصول الشك باتيان الاقل فالمورد مورد اصالة البراءة لا استصحاب الوجوب المردد بين الاقل والاكثر فلا مجرى للاستصحاب والبراءة معا حتى يحصل التعارض بينهما ونقول بحكومة الاستصحاب عليها.

(نعم) لو قلنا بالاصل المثبت يمكن الاستدلال بالاستصحاب المذكور لاثبات كون الواجب هو الاكثر ولكنه ليس بحجة عند الاكثر القائلين بحجية الاستصحاب من باب الاخبار.

(قوله لكن يمكن ان يقال الخ) هذا وجه آخر لمنع جريان استصحاب الاشتغال لاثبات كون الواجب هو الاكثر وهذا الوجه يمنع من جريانه ولو بناء على الاصل المثبت وبيانه قبل الشروع فى اتيان الاقل بمجرد الشك فى وجوب الاكثر يجرى اصالة البراءة عن وجوب الاكثر وباجرائها يرتفع الشك والتحير عن وجوب الاكثر فى مرحلة الظاهر فكيف يجرى الاستصحاب

٣٨٦

ـ بعد الاتيان بالاقل وهذا معنى حكومة البراءة على الاستصحاب فى المقام وهذا لا ينافى ما سيأتى فى باب الاستصحاب من تقدمه على الاصول الثلاثة التى منها اصالة البراءة اذ تقدمه عليها انما يتأتى فى مورد الاجتماع والتعارض وفى هذا المقام لا تعارض حتى نحكم بتقديمه عليها فتأمل والله العالم.

(واما الثانى) اى مقتضى الاشتغال وجوب تحصيل اليقين بالبراءة فهو حاصل الدليل المتقدم فى المتباينين المتوهم جريانه فى المقام وهو وجود المقتضى وعدم المانع وقد عرفت الجواب وان الاشتغال اليقينى انما هو بالاقل وغيره مشكوك فيه.

٣٨٧

(واما الثالث) ففيه ان مقتضى الاشتراك كون الغائبين والحاضرين على نهج واحد مع كونهما فى العلم والجهل على صفة واحدة ولا ريب ان وجوب الاحتياط على الجاهل من الحاضرين فيما نحن فيه عين الدعوى (واما الرابع) فلان وجوب المقدمة فرع وجوب ذى المقدمة وهو الامر المتردد بين الاقل والاكثر وقد تقدم ان وجوب المعلوم اجمالا مع كون احد طرفيه متيقن الالزام من الشارع ولو بالالزام المقدمى غير مؤثر فى وجوب الاحتياط لكون الطرف الغير المتيقن وهو الاكثر فيما نحن فيه موردا لقاعدة البراءة كما مثلنا له بالخمر المردد بين اناءين احدهما المعين نجس.

ـ (واما الثالث) ففيه ان قضية الاشتراك كون الغائبين والحاضرين على نهج واحد بعد اشتراط صنف الغائبين مع الحاضرين وكونهما فى العلم والجهل على صفة واحدة.

(والسر فى ذلك) ان دليل الاشتراك هو الاجماع ولا اجماع عليه الا فيما اتحد الصنف فدليل الاشتراك انما يثبت الكبرى واما الصغرى فهى مختلفة بحسب حالات المكلفين ولم يعلم ان تكليف الحاضرين فى مورد دوران الامر بين الاقل والاكثر هو الاحتياط حتى يكلف الغائبون به لعدم قيام دليل عليه من العقل والنقل بل النقل كادلة البراءة يدل على عدم وجوب الزيادة عن القدر المتيقن وعما علم الاشتغال به وهو الاقل فيما نحن فيه والاكثر مما لم يعلم التكليف به والمكلف فى سعة من تركه وهو موضوع عنه.

(وحاصل الجواب) ان الدليل المذكور لا يثبت إلّا الكبرى فلا بد من احراز الصغرى من الخارج فلو ثبت ان تكليف الحاضرين مع الشك فى وجوب الاكثر وجوب الاحتياط جاء الاشتراك ولكنه عين الدعوى فدليل الاشتراك

٣٨٨

نعم لو ثبت ان ذلك اعنى تيقن احد طرفى المعلوم بالاجمال تفصيلا وترتب اثره عليه لا يقدح فى وجوب العمل بما يقتضيه من الاحتياط فيقال فى المثال ان التكليف بالاجتناب عن هذا الخمر بين الإناءين يقتضى استحقاق العقاب على تناوله بتناول اى الإناءين اذا اتفق كونه خمرا فيجب الاحتياط بالاجتناب عنهما فكذلك فيما نحن فيه والدليل العقلى على البراءة من هذه الجهة يحتاج الى مزيد تأمل (واما الخامس) فلانه يكفى فى قصد القربة الاتيان بما علم من الشارع الالزام به واداء تركه الى استحقاق العقاب لاجل التخلص عن العقاب فان هذا المقدار كاف فى نية القربة المعتبرة فى العبادات حتى لو علم باجزائها تفصيلا بقى الكلام فى انه كيف يقصد القربة باتيان الاقل مع عدم العلم بكونه مقربا لتردده بين الواجب النفسى المقرب والمقدمى الغير المقرب فنقول يكفى فى قصد القربة قصد التخلص من العقاب فانها احدى الغايات المذكورة فى العبادات.

ـ انما يثمر مع احراز ان تكليفهم ما ذا فلو كان مجرد الاشتراك مقتضيا لوجوب الاحتياط لاحتمال كونهم مكلفين بالاكثر لجاء ذلك فى الشك فى التكليف ايضا مطلقا والحال انه لم يقل به احد.

(واما الرابع) قال بعض المحشين انه ذكر الوجه الرابع فى بعض نسخ الكتاب قبل ذكر الوجه الخامس ولكن فى بعض النسخ جعل الخامس فى موضع الرابع وذكر الوجه الرابع بعد ذكر الوجه الخامس على خلاف ترتيب اللف كما ان الاول نشر على ترتيب اللف.

(وكيف كان) اما الجواب عن الوجه الرابع فوجوب المقدمة كان تابعا وفرعا لوجوب ذى المقدمة وهو الامر المتردد بين الاقل والاكثر وبعد الاتيان بالاقل لم يبق تكليف فى ذمة المكلف حتى يقتضى الاتيان بالاكثر من باب المقدمة

٣٨٩

ـ لان القدر المتيقن من الشغل هو الاقل والتكليف بالاكثر مسكوك فيكون الاكثر موردا لقاعدة البراءة كما مثل قدس‌سره له بالخمر المردد بين اناءين احدهما المعين نجس.

(نعم) يمكن ان يقال ان تيقن احد طرفى المعلوم بالاجمال تفصيلا كالاقل فيما نحن فيه وكاحد الإناءين فى المثال المذكور فى المتن لا يقدح فى وجوب العمل بما يقتضيه من الاحتياط بتقريب ان التكليف بالاجتناب عن هذا الخمر المردد بين الإناءين يقتضى استحقاق العقاب على تناوله بتناول اىّ الإناءين اتفق كونه خمرا فيجب الاحتياط بالاجتناب عنهما فكذلك فيما نحن فيه بتقريب ان التكليف بالصلاة المرددة بين حصولها بالاقل او بالاكثر يقتضى استحقاق العقاب على تركه بترك اىّ الفردين اتفق كونه ترك الصلاة سواء كان فى ضمن الاقل او الاكثر فيجب الاحتياط باتيان كليهما حذرا عن ترك المأمور به.

(واما الخامس) مضافا الى ان للقربة مراتب اعلاها التعبد من جهة استحقاق المعبود للعبادة وكونه اهلا لها وادناها التعبد طمعا فى الجنة وخوفا من النار والذى يكفى فى حق عامة المكلفين هو الاخير وهو يحصل باتيان الاقل والغاية الاولى مجمع على كون العبادة تقع بها معتبرة وهى اكمل مراتب الاخلاص كما يدل عليه قول امير المؤمنين عليه الصلاة والسلام ما عبدتك طمعا فى جنتك ولا خوفا من نارك ولكن وجدتك اهلا للعبادة فعبدتك فلا يتوقف قصد القربة بالفعل على العلم بكونه مطلوبا نفسيا ومتعلقا للامر الاصلى لكفاية العلم بمطلوبيته فى الجملة واداء تركه الى استحقاق العقاب وفعله الى التخلص عنه فان هذا المقدار كاف فى نية القربة المعتبرة فى العبادات حتى لو علم باجزائها تفصيلا.

(قوله بقى الكلام الخ) لا حاجة الى هذه العبارة الى قوله فى العبادات كما تعرض بعض المحشين لان المناط المذكور فى هذه العبارة وهو كفاية قصد التخلص من العقاب فى قصد القربة الذى تقدمت الاشارة الى كفايته قد ذكره

٣٩٠

ـ قدس‌سره فى الجواب عن الوجه الخامس بقوله فلانه يكفى فى قصد القربة الى ان قال فان هذا المقدار كاف فى نية القربة المعتبرة فى العبادات حتى لو علم باجزائها تفصيلا فحينئذ ذكر المناط المذكور بهذه العبارة تكرار واعادة فى نفس الواقعة وبعد ما عرفت وجه التكرار فقول بعض المحشين ان هذه العبارة الى قوله فى العبادات وقع عليها فى بعض النسخ المصححة خط المحو ولم اعرف وجهه ليس فى محله.

٣٩١

(واما الدليل النقلى) فهو الاخبار الدالة على البراءة الواضحة سندا ودلالة ولذا عول عليها فى المسألة من جعل مقتضى العقل فيها وجوب الاحتياط بناء على وجوب مراعات العلم الاجمالى وان كان الالزام فى احد طرفيه معلوما بالتفصيل وقد تقدم اكثر تلك الاخبار فى الشك فى التكليف التحريمى والوجوبى منها قوله عليه‌السلام ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم فان وجوب الجزء المشكوك محجوب علمه عن العباد فهو موضوع عنهم فدل على ان الجزء المشكوك وجوبه غير واجب على الجاهل كما دل على ان الشىء المشكوك وجوبه النفسى غير واجب فى الظاهر على الجاهل.

ـ (واما الكلام فى الجهة الثانية) اعنى بها جريان البراءة الشرعية فتحقيق الحال فيه ان يقال بناء على ما افاده الشيخ قدس‌سره من صحة جريان البراءة العقلية فى الشك فى الجزء الخارجى مع عدم النص المعتبر لا ينبغى الاشكال فى جريان البراءة الشرعية ايضا فيرجع الى حديث الرفع وامثاله لاثبات عدم الالزام بالجزء المشكوك فيه فى مقام الظاهر.

(واما) بناء على عدم انحلال العلم الاجمالى وعدم جواز الرجوع الى البراءة العقلية ففى جواز الرجوع الى البراءة الشرعية وعدمه وجهان ذهب صاحب الكفاية والمحقق النائينى قده الى الاول ولكن الاظهر ان جواز الرجوع اليها ملازم لجواز الرجوع الى البراءة العقلية فان جرت البراءة العقلية جرت الشرعية ايضا وإلّا فلا

(وكيف كان) تقريب الاستدلال منه قدس‌سره بالاخبار الدالة على البراءة التى تقدم اكثرها فى الشك فى التكليف التحريمى والوجوبى تارة بان وجوب الجزء المشكوك مما حجب علمه وكان ممّا لا يعلمون فهو موضوع ومرفوع عن المكلفين.

٣٩٢

ويمكن تقريب الاستدلال بان وجوب الاكثر مما حجب علمه فهو موضوع ولا يعارض بان وجوب الاقل كذلك لان العلم بوجوبه المردد بين النفسى والغيرى غير محجوب فهو غير موضوع وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله رفع عن امتى ما لا يعلمون فان وجوب الجزء المشكوك مما لم يعلم فهو مرفوع عن المكلفين او ان العقاب والمؤاخذة المترتبة على تعمد ترك الجزء المشكوك الذى هو سبب لترك الكل مرفوع عن الجاهل الى غير ذلك من اخبار البراءة الجارية فى الشبهة الوجوبية وكان بعض مشايخنا قدس الله نفسه يدعى ظهورها فى نفى الوجوب النفسى المشكوك وعدم جريانها فى الشك فى الوجوب الغيرى.

ـ (واخرى) بان وجوب الاكثر مما حجب علمه وممّا لا يعلمون فهو موضوع عنهم فان كلمة الموصول فى الخبرين اعم من الواجب النفسى والغيرى كيف والواجب الغيرى وان لم يكن تركه بنفسه موجبا للعقاب لكنه من جهة كونه مستلزما لترك ذلك الغير موجب للعقاب فيكون اخبار البراءة رافعة لعقابه.

(وقد خالفه) فى ذلك استاده المحقق شريف العلماء طاب ثراه حيث ادّعى ان ظهور اخبار البراءة فى نفى الوجوب النفسى المشكوك دون الغيرى وبعبارة اخرى ان المنصرف منها انما هو رفع العقاب المترتب على ترك الشىء من حيث هو لا ما يترتب على تركه من حيث كونه مستلزما لترك الغير(وفيه) مضافا الى منع الظهور والانصراف انه قد تقدم ان كلمة الموصول فى الخبرين اعم من الوجوب النفسى والغيرى كيف والواجب الغيرى وان لم يكن تركه بنفسه موجبا للعقاب إلّا انه يستلزم تركه ترك الواجب النفسى المستلزم للعقاب فافهم جيدا.

٣٩٣

(ولا يخفى على المتأمل) عدم الفرق بين الوجوبين فى نفى ما يترتب عليه من استحقاق العقاب لان ترك الواجب الغيرى منشأ لاستحقاق العقاب ولو من جهة كونه منشئا لترك الواجب النفسى نعم لو كان الظاهر من الاخبار نفى العقاب المترتب على ترك الشىء من حيث خصوص ذاته امكن دعوى ظهورها فيما ادعى مع امكان ان يقال ان العقاب على ترك الجزء ايضا من حيث خصوص ذاته لان ترك الجزء عين ترك الكل فافهم هذا كله ان جعلنا المرفوع والموضوع فى الروايات خصوص المؤاخذة واما لو عممناه لمطلق الآثار الشرعية المترتبة على الشىء المجهول كانت الدلالة اوضح لكن سيأتى ما فى ذلك (ثم) انه لو فرضنا عدم تمامية الدليل العقلى المتقدم بل كون العقل حاكما بوجوب الاحتياط ومراعاة حال العلم الاجمالى بالتكليف المردد بين الاقل والاكثر كانت هذه الاخبار كافية فى المطلب حاكمة على ذلك الدليل العقلى لان الشارع اخبر بنفى العقاب على ترك الاكثر لو كان واجبا فى الواقع فلا يقتضى العقل وجوبه من باب الاحتياط الراجع الى وجوب دفع العقاب المحتمل.

ـ (اقول) قد تقدم ان كل واحد من الخبرين المذكورين باعتبار كلمة الموصول يشتمل للواجب النفسى والغيرى ولا فرق بينهما فى نفى ما يترتب عليه من استحقاق العقاب لان الواجب الغيرى وان لم يكن تركه بنفسه موجبا للعقاب إلّا انه يستلزم تركه ترك الواجب النفسى المستلزم للعقاب.

(نعم) لو ثبت ما ادعاه المحقق شريف العلماء من ظهور اخبار البراءة فى نفى الوجوب النفسى المشكوك دون الغيرى فلا يشمل اخبار البراءة للواجب الغيرى.

(مع امكان) ان يقال ان العقاب على ترك الجزء ايضا من حيث خصوص

٣٩٤

(وقد توهم بعض المعاصرين) عكس ذلك وحكومة ادلة الاحتياط على هذه الاخبار فقال لا نسلم حجب العلم فى المقام بوجود الدليل فى المقام وهى اصالة الاشتغال فى الاجزاء والشرائط المشكوكة ثم قال لان ما كان لنا اليه طريق فى الظاهر لا يصدق فى حقه الحجب قطعا وإلّا لدلت هذه الرواية على عدم حجية الادلة الظنية كخبر الواحد وشهادة العدلين وغيرهما قال ولو التزم الخصم تخصيصها بما دل على حجية تلك الطرق تعين تخصيصها ايضا بما دل على حجية اصالة الاشتغال من عمومات ادلة الاستصحاب ووجوب المقدمة العلمية ثم قال والتحقيق التمسك بهذه الاخبار على نفى الحكم الوضعى وهى الجزئية والشرطية انتهى.

ـ ذاته لان ترك الجزء عين ترك الكل.

(وقد افاد صاحب بحر الفوائد) ونعم ما افاد فى توضيح العبارة المذكورة ان الجزء اذا لوحظ من حيث الوجود فقد يلاحظ من حيث ذاته ومن حيث توقف وجود الكل على وجوده فيعرضه الوجوب الغيرى التبعى كالمقدمات الخارجية وقد يلاحظ من حيث عنوانه وبملاحظة انضمامه مع ساير الاجزاء فيعرضه الوجوب النفسى فانه بهذه الملاحظة عين الكل كما هو ظاهر واما اذا لوحظ من حيث العدم فعدمه عين عدم المركب بعنوانه التركيبى الذى يكون معروضا للوجوب وليس له بهذه الملاحظة وجهان وهذا بخلاف المقدمات الخارجية فان عدمها مستلزم لعدم ذى المقدمة وليس عينه.

(قوله فافهم) يمكن ان يكون اشارة الى ان العقاب المترتب على ترك الجزء ليس من حيث خصوص ذاته بل انما هو من جهة ترك الكل غاية الامر اتحادهما مصداقا وعدم الانفكاك بينهما فى الخارج.

(ما ذكرنا كله) من عدم الفرق بين الواجب النفسى والغيرى فى نفى

٣٩٥

ـ ما يترتب عليه من استحقاق العقاب ومن دعوى المحقق المذكور ظهور اخبار البراءة فى نفى الوجوب النفسى المشكوك وعدم جريانها فى الشك فى الوجوب الغيرى ان جعلنا المرفوع والموضوع فى الرواية خصوص المؤاخذة اذ تقدم فى اول البراءة فى الشبهة التحريمية البدوية ان المقدر فى الرواية باعتبار دلالة الاقتضاء بين احتمالات ثلاث احدها ان يكون المقدر جميع الآثار فى كل واحد من التسعة وثانيها ان يكون فى كل منها ما هو الاثر الظاهر فيه وثالثها تقدير المؤاخذة فى الكل.

(واما لو عممناه) لمطلق الآثار الشرعية المترتبة على الشىء المجهول من الجزئية وفساد الصلاة ووجوب الاعادة وغيرها من الآثار المجعولة شرعا كانت الدلالة اوضح لان مدلولها حينئذ رفع الآثار الشرعية مطلقا ومن جملتها الوجوب الغيرى المبحوث عنه فى المقام لكن سيأتى ما فى ذلك من ان هذه الآثار ليست من الآثار المجعولة شرعا بل هى من العاديّة والعقلية.

(ثم انه) لو فرضنا عدم تمامية الدليل العقلى المتقدم وهو حكم العقل بقبح العقاب من دون بيان بل قلنا بان العقل حاكم بوجوب الاحتياط ومراعاة حال العلم الاجمالى بالتكليف المردد بين الاقل والاكثر كانت اخبار البراءة كافية فى المطلب اى فى عدم وجوب الاحتياط حاكمة على ذلك الدليل العقلى لان حكم العقل بوجوب الاحتياط فيما نحن فيه انما هو من جهة حكمه بوجوب دفع الضرر المحتمل واخبار البراءة دالة على عدم العقاب على ترك الجزء المشكوك وبعد حكم الشارع بجواز الترك وعدم العقاب عليه فلا يقتضى العقل وجوبه من باب الاحتياط الراجع الى وجوب دفع العقاب المحتمل ونظير ذلك ما مرّ فى طىّ كلمات المصنف من ان حكم العقل بقبح العقاب والمؤاخذة على ترك التكليف من دون بيان وارد على قاعدة دفع الضرر المحتمل. (ولا يخفى) ان تعبيره قدس‌سره بالحكومة فى المقام لا يخلو عن مسامحة

٣٩٦

ـ لعدم تصور الحكومة بمعناها الظاهر عنده الراجع الى التخصيص واقعا بلسان الشرح والتفسير بالنسبة الى الاحكام العقلية فالمراد من الحكومة هنا الورود الذى هو رفع الموضوع وربما يستعمل المصنف ره الحكومة فى هذا المعنى ايضا.

(وقد توهم بعض المعاصرين) هو صاحب الفصول ره فى مسئلة الصحيح والاعم فانه توهم عكس ذلك وحكومة ادلة الاحتياط على اخبار البراءة وما نقله الشيخ قدس‌سره ليس عين عبارته بتمامه بل تلخيصه ولا بأس بنقل عين عبارته لتكون على بصيرة مما يستفاد من كلامه فانه قال فى كتابه الفصول فى مبحث الصحيح والاعم السابع من ادلة البراءة عموم قوله عليه‌السلام فى الموثق ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم وغير ذلك مما يفيده مفاده كالصحيح رفع عن امتى تسعة وعدّ منها ما لا يعلمون ومثله قوله عليه‌السلام من عمل بما علم كفى ما لم يعلم فان لفظة ما للعموم فيتناول حكم الجزء والشرط ايضا.

(لا يقال) لا نسلم حجب العلم فى المقام لقيام الدليل وهو اصل الاشتغال على وجوب الاتيان بالاجزاء والشرائط المشكوكة.

(لانا نقول) المراد حجب العلم بالحكم الواقعى وإلّا فلا حجب فى الحكم الظاهرى وفيه نظر لان ما كان لنا اليه طريق ولو فى الظاهر لا يصدق فى حقه حجب العلم قطعا وإلّا لدلت هذه الرواية على عدم حجية الادلة الظاهرية كخبر الواحد وشهادة العدلين والاستصحاب وغير ذلك مما يفيد العلم بالظاهر فقط ولو التزم تخصيصها بما دل على حجية تلك الطرق تعيّن تخصيصها ايضا بما دلّ على حجية اصالة بقاء الاشتغال من عمومات ادلة الاستصحاب ووجوب المقدمة العلمية.

(بل التحقيق) عندى ان يتمسك بالروايات المذكورة باعتبار دلالتها على نفى الحكم الوضعى نظرا الى حجب العلم وانتفائه بالنسبة الى جزئية الجزء المشكوك وشرطية الشرط المشكوك فيكون بمقتضى النص موضوعا ومرفوعا عنّا فى الظاهر ونكون مكفئين عنه فلا تكليف به لان ما ثبت عدم جزئيته او عدم

٣٩٧

ـ شرطيته فى الظاهر لا يجب الاتيان به فى الظاهر قطعا كما لو قام عليه نصّ بالخصوص واصل الاشتغال ووجوب مقدمة العلم لا يثبتان الجزئية والشرطية فى الظاهر بل مجرد بقاء الاشتغال وعدم البراءة فى الظاهر بدونهما.

(وبالجملة) فمقتضى عموم هذه الروايات ان ماهية العبادات عبارة عن الاجزاء المعلومة بشرائطها المعلومة فيتبين موارد التكليف ويرتفع عنه الابهام والاجمال وينتفى الاشكال ولو تشبث مانع بضعف عموم الموصولة وادّعى ان المتبادر منها بقرينة ظاهر الوضع والرفع انما هو الحكم التكليفى فقط فامكن دفعه ،

(اولا) بان الوضع والرفع لا اختصاص لهما بالحكم التكليفى فان المراد رفع فعلية الحكم ووضعها وهو صالح للتعميم الى القسمين فيكون التخصيص تحكما.

(وثانيا) بان من الاصول المتداولة المعروفة ما يعبرون عنه باصالة العدم وعدم الدليل دليل العدم فيستعملونه فى نفى الحكم التكليفى والوضعى ونحن قد تصفّحنا فلم نجد لهذا الاصل مستندا يمكن التمسك به غير عموم هذه الاخبار فيتعين تعميمها الى الحكم الوضعى ولو بمساعدة افهامهم وحينئذ فيتناول الجزئية والشرطية المبحوث عنهما فى المقام.

(ولك ان تقول) بان ضعف شمول الرواية للمقام منجبرة بالشهرة العظيمة التى كادت ان تكون اجماعا على ما حكاه الفاضل المعاصر وربما يظهر ايضا بالتفحص فى مصنفاتهم والتتبع فى مطاوى كلماتهم الى ان قال ولنا فى المقام كلام آخر يأتى بيانه فى الادلة العقلية انتهى كلامه رفع مقامه اقول انه ره قد تعرض فى الادلة العقلية لكلام لا يخلو ارتباطه بالمقام ولمّا نقل كلامه بطوله صاحب بحر الفوائد فانصرفنا عن نقله فى هذا المختصر فراجع.

٣٩٨

(اقول) قد ذكرنا فى المتباينين وفيما نحن فيه ان استصحاب الاشتغال لا يثبت لزوم الاحتياط الاعلى القول باعتبار الاصل المثبت الذى لا نقول به وفاقا لهذا الفاضل وان العمدة فى وجوب الاحتياط هو حكم العقل بوجوب احراز محتملات الواجب الواقعى بعد اثبات تنجز التكليف وانه المؤاخذ به والمعاقب على تركه ولو حين الجهل به وتردده بين متباينين او الاقل والاكثر ولا ريب ان ذلك الحكم مبناه وجوب دفع العقاب المحتمل على ترك ما يتركه المكلف وحينئذ فاذا اخبر الشارع فى قوله ما حجب الله وقوله رفع عن امتى وغيرهما بان الله سبحانه لا يعاقب على ترك ما لم يعلم

ـ (اقول) انه قدس‌سره قد ذكر فى المتباينين بعد الجواب عمن تمسك بوجوب الاكثر باستصحاب بقاء الاشتغال واما استصحاب وجوب ما وجب سابقا فى الواقع او استصحاب عدم الاتيان بالواجب الواقعى فشيء منهما لا يثبت وجوب المحتمل الثانى حتى يكون وجوبه شرعيا الا على تقدير القول بالاصول المثبتة وهى منتفية كما قرر فى محله.

(وكذا) ذكر قدس‌سره فى المقام ان استصحاب الاشتغال لا يثبت لزوم الاحتياط الا على القول باعتبار الاصل المثبت الذى لا نقول به وان العمدة فى وجوب الاحتياط هو حكم العقل بوجوب احراز محتملات الواجب الواقعى بعد اثبات تنجز التكليف وانه المؤاخذ به والمعاقب على تركه ولو حين الجهل به وتردده بين متباينين او الاقل والاكثر.

(ولا ريب ان ذلك الحكم مبناه) وجوب دفع العقاب المحتمل على ترك ما يتركه المكلف واذا اخبر الشارع بنفى العقاب على ترك الاكثر لو كان واجبا فى الواقع فلم يبق احتمال العقاب لكى يحكم العقل بوجوب الاكثر من جهته فالعقل بنفسه وان كان يحكم بالاحتياط لكنه معلق على عدم وصول

٣٩٩

جزئيته فقد ارتفع احتمال العقاب فى ترك ذلك المشكوك وحصل الامن منه فلا يجرى فيه حكم العقل بوجوب دفع العقاب المحتمل نظير ما اذا اخبر الشارع بعدم المؤاخذة على ترك الصلاة الى جهة خاصة من الجهات لو فرض كونها القبلة الواقعية فانه يخرج بذلك من باب المقدمة لان المفروض ان تركها لا يفضى الى العقاب نعم لو كان مستند الاحتياط اخبار الاحتياط كان لحكومة تلك الاخبار على اخبار البراءة وجه اشرنا اليه فى الشبهة التحريمية من اقسام الشك فى التكليف.

ـ الترخيص من الشارع واذا وصل الترخيص وحصل الامن منه كما فى قوله ما حجب الله وقوله رفع عن امتى وغيرهما فى ترك ما لم يعلم جزئيته فقد ارتفع احتمال العقاب فى ترك ذلك المشكوك فلا يجرى فيه حكم العقل بوجوب دفع العقاب المحتمل لعدم بقاء موضوعه.

(والعجب منه) قدس‌سره حيث ذكر فى المقام هذا الكلام ونقيضه اعنى ما هو عين مقالة صاحب الفصول ره فى باب الشبهة الوجوبية من المتباينين حيث قال بعد ان بنى فيها على الاحتياط ومما ذكرنا يظهر عدم جواز التمسك فى المقام بادلة البراءة مثل رواية الحجب والتوسعة الى ان قال فالعلم بوجوب كل منهما لنفسه وان كان محجوبا عنا إلّا ان العلم بوجوبه من باب المقدمة ليس بمحجوب عنا ولا منافاة بين عدم وجوب الشىء ظاهرا لذاته ووجوب ظاهرا من باب المقدمة فتأمل.

(نعم) لو كان مستند الاحتياط اخبار الاحتياط كان لحكومة اخبار الاحتياط على اخبار البراءة وجه اشار اليه قدس‌سره فى الشبهة التحريمية من اقسام الشك فى التكليف حيث قال بعد ذكر الآيات الدالة على البراءة.

(والانصاف) ما ذكرنا من ان الآيات المذكورة لا تنهض على ابطال

٤٠٠