درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٤

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٤

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٣

ـ بالشك فى التكليف وبعض آخر نظرا الى وحدة التكليف وتردده بين الاقل والاكثر فالحقه بالشك فى المكلف به لكون التكليف متيقنا انما الشك فى انطباقه على الاقل او الاكثر فيكون الشك فى المكلف به.

(وعلى كل حال) المطلب الثانى فى الشبهة الوجوبية وهى على قسمين.

(القسم الاول) فيما اذا كان الواجب مرددا بين امرين متباينين كما لو تردد الامر بين وجوب الظهر والجمعة فى يوم الجمعة وبين القصر والاتمام فى رأس اربعة فراسخ ونحو ذلك كما لو نوى الاقامة فى موضع ثم بدا له الخروج عن ذلك المكان قبل الصلاة او بعدها ولم يعلم ما هو حكم الله تعالى ولم يتمكن من الاستعلام

(القسم الثانى) فيما اذا كان الواجب مرددا بين الاقل والاكثر كما اذا ترددت الصلاة الواجبة بين ذات السورة وفاقدتها للشك فى كون السورة جزءا فالمبحث يقع فى مقامين المقام الاول فى دوران الامر بين المتباينين والمقام الثانى فى دوران الامر بين الاقل والاكثر الارتباطيين.

(قوله وليس المثالان الاولان من الاقل والاكثر) ربما يتوهم ان المثالين المتقدمتين من قبيل الدوران بين الاقل والاكثر لان الجمعة اقل بالنسبة الى الظهر والقصر بالنسبة الى التمام مثل تردد الصلاة الواجبة بين ذات السورة وفاقدتها (حاصل الدفع) ان المثالين من المردد بين امرين متغايرين بالماهية تغايرا كليا ولا يمكن التوصل بالاقل منهما بعد الاشتغال به الى الاكثر فان ماهية صلاة الجمعة غير ماهية صلاة الظهر والجعل فيهما مختلف ولا يكون صلاة الجمعة على تقدير كون الواجب هى صلاة الظهر جزء لها ومربوطة بها وكذا القصر والاتمام فان الجعل فيهما متعدد بخلاف الصلاة ذات السورة وفاقدتها اذ على تقدير كون الواجب هو الاكثر لا يكون ذلك بجعل آخر لما بينهما من الارتباط ويمكن التوصل بالاقل الى الاكثر على تقدير العلم بان الصلاة الواجبة هى ذات السورة لان الاقل والاكثر داخلان فى ماهية واحدة.

٢٦١

ـ (ولا فرق) فيما ذكر بين القول بجزئية التسليم وعدم جواز العدول والقول بعدم جزئية التسليم وجواز العدول اما على الاول فواضح واما على الاخير فلان الاقل مأخوذ فى القصر بشرط لا وفى التمام بشرط شىء فليسا الا متباينين نعم لو كان الاقل مأخوذا فى التمام على نحو لا بشرط خرجا عن التباين ولكنه ليس كذلك قطعا وجواز العدول لا ينافى التباين كما فى العدول من الظهر الى العصر هذا ولكن قد فصل بعض الاعلام بين القول بجزئية التسليم وعدم جواز العدول وبين القول بعدم جزئيته وجواز العدول.

(قوله واعلم انا لم نذكر فى الشبهة التحريمية الخ) قد ذكر بعض الافاضل من المحشين فى هذا المقام ما هذا لفظه والمراد بالاقل والاكثر فى قوله لم نذكر فى الشبهة التحريمية من الشك فى المكلف به صورة دوران الامر بين الاقل والاكثر الخ هو الارتباطيان دون الاستقلاليين بدليل قوله لان الاكثر معلوم الحرمة والشك فى حرمة الاقل لان العلم بحرمة الاكثر فى الارتباطى دون الاستقلالى بل الامر فى الاستقلالى بالعكس لان الاقل فيه معلوم الحرمة دون الزائد عليه.

(وبالجملة) ان كلا من الارتباطى والاستقلالى المذكورين داخل فى الشك فى التكليف إلّا ان المراد فى المقام هو الاول بقرينة التعليل اعنى قوله لان الاكثر معلوم الحرمة والشك فى حرمة الاقل.

(ومثال الارتباطى) نقش صورة الحيوان ذى الروح لان المتيقن حرمة نقش تمام الصورة والشك فى حرمة الناقص.

(ومثال الاستقلالى) حرمة قراءة العزائم للحائض لان المتيقن حرمة قراءة نفس آية السجدة دون الزائد عليها ومن طريق ما ذكرناه يظهر ان الاولى للمصنف ره ان يصرح بخروج كل من الارتباطيين والاستقلاليين من الشبهة التحريمية ويعلله بما يشملهما معا انتهى.

(ثم الفرق) بين الاقل والاكثر الاستقلاليين والارتباطيين ان المراد من

٢٦٢

ـ الاول كون الاقل واجبا مستقلا على تقدير وجوب الاكثر بحيث لا يتوقف الامتثال بالاقل على اتيان الاكثر مثلا اذا شك فى اشتغال الذمة بين درهم ودرهمين والاشتغال بدرهم واحد متيقن والشك فى الاشتغال فى الزائد عنه فعلى تقدير وجوب الاكثر فى الواقع يبرئ الذمة باتيان الاقل بالنسبة اليه.

(واما المراد من الثانى) كون الاقل واجبا مقدميا على تقدير وجوب الاكثر لا استقلاليا مثلا اذا كان الواجب فى مسئلة الصيد على كل واحد جزاء لم يحصل الامتثال والبراءة باداء نصف الجزاء وهذا من قبيل الصلاة مع السورة وبدونها ولا يحصل الامتثال بالصلاة بدون السورة لو كان الواجب فى الواقع هو الصلاة معها.

(قوله لان مرجع الدوران بينهما فى تلك الشبهة الخ) حاصله ان العلم الاجمالى فى تلك الشبهة ينحل الى معلوم الحرمة وهو الاكثر ولو من جهة اشتماله على الحرام ومشكوك الحرمة وهو الاقل لاحتمال كون المحرم هو مجموع الاكثر فيجرى فى الاقل حكم الشك فى التكليف وهذا بخلاف الشبهة الوجوبية ودوران الامر بين الاقل والاكثر الارتباطيين فان الاقل فيها متيقن الوجوب والشك فى وجوب الزائد بالوجوب الغيرى فان وجوب الاكثر يستلزم وجوب الاقل فهو لا محالة متيقن الوجوب.

(واما تحريم الاكثر لا يستلزم تحريم الاقل) وذلك لما ذكر فى مبحث مقدمة الواجب ان وجوب الشىء يستلزم وجوب مقدماته واجزائه بخلاف تحريم الشىء فانه لا يستلزم تحريم مقدماته واجزائه كحرمة التصوير فان بعض الصورة ليس بحرام والتصوير تمامه حرام الا المقدمة السببية وقد تبين مما ذكر ان دوران الحرام بين الاقل والاكثر يكون مثلا دوران الوجوب بين الاقل والاكثر الاستقلاليين من حيث الانحلال الى تكليف معلوم وآخر مشكوك لا من قبيل دوران الواجب بين الاقل والاكثر الارتباطيين.

٢٦٣

ـ (ولا يخفى) ان مقصوده قدس‌سره من الاقل والاكثر فى المقام وهو اشتباه الواجب بغير الحرام هو الارتباطيان خاصة كما يعلم من تمثيله بما اذا ترددت الصلاة الواجبة بين ذات السورة وفاقدتها واما الاستقلاليان منهما كالصلاة الفائتة المرددة بين الاقل والاكثر فداخلان فى الشك فى التكليف ومقصوده ايضا من دوران الامر بين الاقل والاكثر فى الشبهة التحريمية من الشك فى المكلف به والحكم بان مرجع الدوران بينهما الى الشك فى اصل التكليف هو الارتباطيان خاصة فان التعليل المذكور فى المتن وهو ان الاكثر معلوم الحرمة والشك فى حرمة الاقل انما هو فى الارتباطى واما الاستقلالى فلا اشكال فى ان معلوم الحرمة هو الاقل وان كان دوران الحرمة بينهما فى الاستقلالى ايضا من الشك فى التكليف فلا تغفل.

٢٦٤

فى البحث عن الشبهة الوجوبية

من جهة عدم النص المعتبر

(اما القسم الاول) فالكلام فيه يقع فى اربعة مسائل على ما ذكرنا فى اول الباب لانه اما ان يشتبه الواجب بغير الحرام من جهة عدم النص المعتبر او اجماله او تعارض النصين او من جهة اشتباه الموضوع اما الاولى فالكلام فيه اما فى جواز المخالفة القطعية فى غير ما علم باجماع او ضرورة حرمتها كما فى المثالين السابقين فان ترك الصلاة فيهما رأسا مخالف للاجماع بل الضرورة واما فى وجوب الموافقة القطعية اما الاول فالظاهر حرمة المخالفة القطعية لانها معصية عند العقلاء فانهم لا يفرقون بين الخطاب المعلوم تفصيلا او اجمالا فى حرمة مخالفته وفى عدها معصية ويظهر من المحقق الخوانساري دوران حرمة المخالفة مدار الاجماع وان الحرمة فى مثل الظهر والجمعة من جهته ويظهر من الفاضل القمى ره الميل اليه والاقوى ما عرفت.

ـ (واما القسم الاول) يعنى فيما اذا كان الواجب مرددا بين امرين متباينين كالمثالين السابقين فالكلام فيه يقع فى اربعة مسائل على ما ذكره قدس‌سره فى اول الباب لان اشتباه الواجب بغير الحرام اما من جهة عدم النص المعتبر او اجماله او تعارض النصين او من جهة اشتباه الموضوع الخارجى.

(اما الاولى) يعنى اذا كان منشأ الاشتباه من جهة عدم النص المعتبر فالكلام فيه اما فى جواز المخالفة القطعية واما فى وجوب الموافقة القطعية اما الاول فلا اشكال فى قبحها وحرمتها على ما يشهد به ضرورة العقل بعد ملاحظة شمول الخطاب للمعلوم بالاجمال وعدم المانع من تنجزه على المكلف ويحكم به العقلاء كافة فانهم لا يفرقون بين الخطاب المعلوم تفصيلا او اجمالا فى حرمة مخالفته

٢٦٥

ـ وفى عدها معصية هذا مضافا الى دلالة الادلة الثلاثة ايضا.

(اما الكتاب) فقوله تعالى (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ) الآية وغيرها من الآيات المفيدة مفادها واما السنة فالاخبار الدالة على ترتب العقاب على المعصية.

(واما الاجماع) فلاتفاق الاصحاب ظاهرا على عدم جواز ذلك لاستلزامه مخالفة الامام عليه‌السلام يقينا وذلك لوجود العلم الاجمالى فى المقام بوجوب احد الامرين فى نفس الامر فتركهما معا يوجب المخالفة القطعية.

(ولكن قد نسب) الى المحقق الخوانسارى والقمى ره تجويزهما المخالفة القطعية فى غير ما قام الاجماع والضرورة على عدم الجواز بتوهم ان التكليف بالمجمل لا يصلح للانبعاث عنه فلا اثر للعلم بالتكليف المجمل المردد بين امور. (وفيه) ان الاجمال الطارى لا يمنع عن تأثير العلم الاجمالى لعدم اخذ العلم التفصيلى قيدا فى الموضوع او الحكم والتكليف بالمجمل الذى لا يصلح للداعوية غير الاجمالى الطارى على التكليف المعين فى الواقع لاجل اشتباه الموضوع او فقد النص او اجماله وبالجملة لا فرق فى نظر العقل بين العلم التفصيلى بالتكليف وبين العلم الاجمالى به فى قبح المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية مقدمة للعلم بفراغ الذمة عما اشتغلت به.

(نعم) اذا كانت الشبهة لاجل تعارض النصين فحكمها التخيير فى الاخذ باحد النصين مطلقا فى الشبهة الوجوبية والتحريمية لاطلاق ما دل على التخيير عند تعارض الاخبار وفيما عدا ذلك تجب الموافقة القطعية سواء كانت الشبهة موضوعية كبعض موارد القصر والاتمام او حكمية كان المنشأ فقد النص او اجماله هذا بعض الكلام فى المخالفة القطعية.

٢٦٦

(واما الثانى) ففيه قولان اقواهما الوجوب لوجود المقتضى وعدم المانع (اما الاول) فلان وجوب الامر المردد ثابت فى الواقع والامر به على وجه يعم العالم والجاهل صادر عن الشارع وواصل الى من علم به تفصيلا اذ ليس موضوع الوجوب فى الاوامر مختصا بالعالم بها وإلّا لزم الدور كما ذكره العلامة فى التحرير لان العلم بالوجوب موقوف على الوجوب فكيف يتوقف الوجوب عليه (واما المانع) فلان المتصور منه ليس إلّا الجهل التفصيلى بالواجب وهو غير مانع عقلا ولا نقلا اما العقل فلان حكمه بالعذر ان كان من جهة عجز الجاهل عن الاتيان بالواقع حتى يرجع الجهل الى فقد شرط من شروط وجود المأمور به فلا استقلال للعقل بذلك كما يشهد به جواز التكليف بالمجمل فى الجملة كما اعترف به غير واحد ممن قال بالبراءة فيما نحن فيه كما سيأتى.

ـ (واما الثانى) يعنى فى وجوب الموافقة القطعية فى دوران الامر بين المتباينين وكان منشأ الاشتباه عدم النص المعتبر ففيه قولان اقواهما الوجوب اى وجوب الموافقة القطعية لوجود المقتضى وعدم المانع.

(اما الاول) فلان وجوب الامر المردد ثابت فى الواقع والامر به على وجه يعم العالم والجاهل صادر عن الشارع وواصل الى من علم به تفصيلا اذ ليس موضوع الوجوب فى الاوامر مختصا بالعالم بها اذ لا يمكن تخصيص الخطابات الواقعية والاحكام النفس الامرية بالعالم بها من حيث لزوم الدور على تقدير التخصيص باىّ وجه كان ضرورة تأخر العلم عن المعلوم فكيف يتوقف المعلوم على العلم.

(وبعبارة اخرى) لو كان لعلم المكلف مدخلية فى جعل الاحكام الواقعية لزم تأخر المعلوم عن العلم ولزم الدور كما ذكره العلامة ره فى التحرير

٢٦٧

وان كان من جهة كونه غير قابل لتوجه التكليف اليه فهو اشد منعا وإلّا لجاز اهمال المعلوم اجمالا رأسا بالمخالفة القطعية فلا وجه لالتزام حرمة المخالفة القطعية ولقبح عقاب الجاهل المقصر على ترك الواجبات الواقعية وفعل المحرمات كما هو المشهور ودعوى ان مرادهم تكليف الجاهل فى حال الجهل برفع الجهل والاتيان بالواقع نظير تكليف الجنب بالصلاة حال الجنابة لا التكليف باتيانه مع وصف الجهل فلا تنافى بين كون الجهل مانعا والتكليف فى حاله وانما الكلام فى تكليف الجاهل مع وصف الجهل لان المفروض فيما نحن فيه عجزه عن تحصيل العلم مدفوعة برجوعها حينئذ الى ما تقدم من دعوى كون عدم الجهل من شروط وجود المأمور به نظير الجنابة وقد تقدم بطلانها.

ـ لان العلم بالوجوب موقوف على الوجوب فكيف يتوقف الوجوب عليه هذا مضافا الى انه يوجب التصويب الباطل ايضا باعتبار اختلاف الاحكام باختلاف العلم والجهل فيكون الاحكام تابعة لعلم المكلفين ويلزم عدم العقاب على الجاهل المقصر على ما يأتى الاشارة اليه.

(واما المانع) فلان المتصور منه فى المقام بعد تنجز الخطاب وثبوت مقتضاه فى نفس الامر ليس إلّا الجهل التفصيلى بالمأمور به وهو غير مانع عقلا ونقلا (اما العقل) فلان حكمه بالعذر ان كان من جهة عجز الجاهل عن الاتيان بالواقع حتى يرجع الجهل الى فقد شرط من شروط وجود المأمور به كالقدرة فلا استقلال للعقل بذلك كما يشهد بعدم استقلاله جواز التكليف بالمجمل فى الجملة اى فيما يتمكن المكلف فيه من الاحتياط وبالجملة لا ينبغى الاشكال فى عدم مانعية الجهل بهذا الاعتبار ولذا اعترف جمع بعدم قبح التكليف بالمجمل فى الجملة. (وان كان من جهة كونه غير قابل لتوجه التكليف اليه) فهو اشد منعا

٢٦٨

ـ اولا وإلّا لجاز اهمال المعلوم اجمالا رأسا بالمخالفة القطعية وثانيا ان الجاهل المبحوث عنه ليس أسوأ حالا من الجاهل البسيط ومن المعلوم ضرورة بالوجدان صحة مخاطبته بل لولاه لزم الدور ايضا.

(قوله ولقبح عقاب الجاهل المقصر الخ) قوله لقبح بصيغة الماضى عطف على قوله لجاز والعقاب فاعله وهو مرجع الضمير المنفصل الذى وقع مبتداء فى قوله كما هو المشهور فان المشهور هو عقاب الجاهل المقصر وان وقع الاختلاف بينهم فى منشأ العقاب وانه هل هو نفس ترك الواجب وفعل الحرام او ترك التعلم كما ذهب اليه المقدس الاردبيلى ومن حذا حذوه.

(حيث قال) بان العقاب على ترك التعلم لا على ترك الواقع بيان الملازمة ان الجاهل المقصر ايضا من افراد الجاهل المطلق فاذا كان الجهل مانعا لتوجه الخطاب كان مانعا مطلقا وان لم يكن مانعا لم يكن مانعا مطلقا والفرق تحكم وفى المقام بحث لا يسعه هذا المختصر.

(والحاصل) لو كان الجهل التفصيلى مانعا فى المقام لزم قبح عقاب الجاهل المقصر على الواجبات والمحرمات الواقعية سواء كان من الكفار او المسلمين قال فى بحر الفوائد بل لزم قبح عقاب الكفار على الاصول ايضا لان الحاصل للجاهل المقصر فى المقامين الموجب لحسن عقابه ليس إلّا العلم الاجمالى الموجود فى الفرض بل ربما لا يكون الحاصل له الا الشك مع عدم الفحص على ما اسمعناك عن قريب مع ان قضية اتفاق كلمتهم وبناء العقلاء على عدم قبح ذلك بل حسنه بل اقول اذا كان هذا المعنى ثابتا مع الشك على ما يقتضيه اتفاق كلمتهم كان ثبوته مع العلم الاجمالى المفروض فى محل البحث اولى كما لا يخفى انتهى كلامه رفع مقامه.

(وبالجملة) لا ريب فى وجوب الموافقة القطعية على الجاهل فى المقام من حيث احتمال العقاب بعد تنجز الخطاب بالعلم الاجمالى على ما عرفت فى

٢٦٩

ـ ترك كل مشتبه فيجب بحكم العقل دفعه ونتيجة ذلك وجوب الاحتياط وتحصيل الموافقة القطعية هذا بعض الكلام فى عدم مانعية الجهل التفصيلى عقلا.

(قوله ودعوى ان مرادهم تكليف الجاهل فى حال الجهل) توضيح الدعوى ان مراد المشهور ان تكليف الجاهل تكليف برفع الجهل عنه وتحصيل العلم ثم اتيان الواقع نظير تكليف الجنب بالصلاة حال الجنابة حيث انه تكليف برفع الجنابة ثم الاتيان بالصلاة وهذا مما لا اشكال فى جوازه نعم تكليفه باتيان الواقع فى حال الجهل كتكليف الجنب بالصلاة فى حال الجنابة غير معقول والمفروض فيما نحن فيه عجزه عن تحصيل العلم فلا يقاس بقابلية الجاهل القادر على تحصيل العلم.

(توضيح الجواب) ان ما ذكرته فى الدعوى بعدم امكان الاتيان بالواقع بشرط الجهل به لعدم امكان دفع الجهل بعد فرض كونه عاجزا يرجع الى ما ذكره قدس‌سره من كون عدم الجهل من شروط وجود المأمور به وان الجهل يوجب عدم القدرة على الاتيان بالمأمور به وقد تقدم عن قريب بطلانه كما يشهد له التكليف بالمجمل فى الجملة هذا مضافا الى عدم حكم العقل بعذر الجهل بعد احراز المقتضى.

٢٧٠

(واما النقل) فليس فيه ما يدل على العذر لان ادلة البراءة غير جارية فى المقام لاستلزم اجرائها جواز المخالفة القطعية والكلام بعد فرض حرمتها بل فى بعض الاخبار ما يدل على وجوب الاحتياط مثل صحيحة عبد الرحمن المتقدمة فى جزاء الصيد اذا اصبتم بمثل هذا ولم تدر وفعليكم بالاحتياط حتى تسألوا وغيرها فان قلت ان تجويز الشارع لترك احد المحتملين والاكتفاء بالآخر يكشف عن عدم كون العلم الاجمالى علة تامة لوجوب الاطاعة حينئذ كما ان عدم تجويز الشارع للمخالفة مع العلم التفصيلى دليل على كون العلم التفصيلى علة تامة لوجوب الاطاعة وحينئذ فلا ملازمة بين العلم الاجمالى ووجوب الاطاعة فيحتاج اثبات الوجوب الى دليل آخر غير العلم الاجمالى وحيث كان مفقودا فاصل البراءة يقتضى عدم وجوب الجمع وقبح العقاب على تركه لعدم البيان نعم لما كان ترك الكل معصية عند العقلاء حكم بتحريمها ولا تدل حرمة المخالفة القطعية على وجوب الموافقة القطعية.

ـ (اقول) قد تقدم ان المانع المتصور منه فى المقام بعد تنجز الخطاب وثبوت مقتضاه فى نفس الامر ليس إلّا الجهل التفصيلى بالمأمور به وهو غير مانع عقلا ونقلا اما عدم مانعية حكم العقل فقد مر بيانه.

(واما النقل) فليس فيه ما يدل على كون الجهل التفصيلى بالمأمور به عذرا لان ادلة البراءة عقليها ونقليها غير جارية فى المقام لاستلزام جريانها جواز المخالفة القطعية والكلام بعد فرض حرمتها بل فى بعض الاخبار ما يدل على وجوب الاحتياط مثل صحيحة عبد الرحمن المتقدمة فى استدلال الاخباريين على وجوب الاحتياط.

(ولا يخفى عليك) ان الاستدلال بالصحيحة فى المقام يتوقف على

٢٧١

ـ كون المراد بالمماثلة المماثلة فى الجملة والمراد منها هو مجرد الشك فى الحكم الشرعى وعدم العلم به ليشمل المقام وعلى دلالتها على وجوب الاحتياط لكن قال الشيخ قدس‌سره فيما تقدم فى الجواب عن الصحيحة المستدل بها على وجوب الاحتياط ان العمل بها غير لازم فى موردها وهو الاقل والاكثر الاستقلاليان فكيف يعمل بها فى غيره مع ان موردها صورة امكان تحصيل العلم بالسؤال عن الامام عليه‌السلام ولا دخل لها بمفروض المقام من جهة عدم امكان تحصيل العلم فيه وكون الجاهل قاصرا عاجزا.

(ولا بأس) بنقل كلامه المتقدم حتى تكون على بصيرة مما قلنا حيث قال قدس‌سره ان الصحيحة لا تدل على وجوب الاحتياط فيما يحتمل الحرمة لان المشار اليه فى قوله عليه‌السلام بمثل هذا اما نفس واقعة الصيد واما ان يكون السؤال عن حكمها وعلى الاول فان جعلنا المورد من قبيل الشك فى التكليف بمعنى ان وجوب نصف الجزاء على كل واحد متيقن ويشك فى وجوب النصف الآخر عليه فيكون من قبيل وجوب اداء الدين المردد بين الاقل والاكثر وقضاء الفوائت المرددة والاحتياط فى مثل هذا غير لازم بالاتفاق لانه شك فى الوجوب وعلى تقدير قولنا بوجوب الاحتياط فى مورد الرواية وامثاله مما ثبت التكليف فيه فى الجملة لاجل هذه الصحيحة وغيرها لم يكن ما نحن فيه من الشبهة مماثلا له لعدم ثبوت التكليف فيه رأسا وان جعلنا المورد من قبيل الشك فى متعلق التكليف وهو المكلف به لكون الاقل على تقدير وجوب الاكثر غير واجب بالاستقلال نظير وجوب التسليم فى الصلاة والاحتياط فيها وان كان مذهب جماعة من المجتهدين ايضا إلّا ان ما نحن فيه من الشبهة الحكمية التحريمية ليس مثلا لمورد الرواية لان الشك فيه فى اصل التكليف.

(هذا) مع ان ظاهر الرواية التمكن من استعلام حكم الواقعة بالسؤال والتعلم فيما بعد ولا مضايقة عن القول بوجوب الاحتياط فى هذه الواقعة الشخصية

٢٧٢

ـ حتى يتعلم المسألة لما يستقبل من الوقائع ومنه يظهر انه ان كان المشار اليه بهذا هو السؤال عن حكم الواقعة كما هو الثانى من شقى الترديد فان اريد بالاحتياط فيه الافتاء بالاحتياط لم ينفع فيما نحن فيه وان اريد من الاحتياط الاحتراز عن الفتوى فيها اصلا حتى بالاحتياط فكذلك.

(قوله فان قلت الخ) حاصل ما افاده من السؤال ان تجويز الشارع لترك احد المحتملين والاكتفاء بالآخر كاشف عن عدم كون العلم الاجمالى علة تامة لوجوب الاطاعة عند ترك احد المحتملين كما ان عدم تجويز الشارع لترك احد المحتملين فى موارد العلم التفصيلى كاشف عن كونه علة تامة لوجوب الاطاعة وحينئذ فلا ملازمة بين العلم الاجمالى ووجوب الاطاعة فيحتاج اثبات وجوب الموافقة القطعية الى دليل آخر غير العلم الاجمالى وحيث كان الدليل الآخر غير العلم الاجمالى مفقودا فى المقام فمقتضى اصالة البراءة عدم وجوب تحصيل الموافقة القطعية وعدم قبح العقاب على ترك الاحتياط.

(واما) حرمة المخالفة القطعية فلكونها معصية عند العقلاء حكم بتحريمها وحرمة المخالفة القطعية لا تلازم وجوب الموافقة القطعية ولا تدل حرمتها على وجوب الموافقة القطعية.

٢٧٣

(قلت) العلم الاجمالى كالتفصيلى علة تامة لتنجز التكليف بالمعلوم إلّا ان المعلوم اجمالا يصلح لان يجعل احد محتمليه بدلا عنه فى الظاهر فكل مورد حكم الشارع بكفاية احد المحتملين للواقع اما تعيينا كحكمه بالاحتمال المطابق للحالة السابقة واما تخييرا كما فى موارد التخيير بين الاحتمالين فهو من باب الاكتفاء عن الواقع بذلك المحتمل لا الترخيص لترك الواقع بلا بدل فى الجملة فان الواقع اذا علم به وعلم ارادة المولى بشيء وصدور الخطاب عنه الى العبيد وان لم يصل اليهم لم يكن بد عن موافقته اما حقيقة بالاحتياط واما حكما بفعل ما جعله الشارع بد لا عنه وقد تقدم الاشارة الى ذلك فى الشبهة المحصورة.

ـ (اقول) حاصل ما افاده قدس‌سره فى الجواب عن السؤال المذكور ان العلم الاجمالى علة تامة لتنجز التكليف ووجوب الاطاعة كالعلم التفصيلى فى نظر العقل وبعبارة وضحى ان حكم العقل بقبح المخالفة القطعية للعلم الاجمالى انما هو من جهة حكمه بوجوب اطاعة الخطاب المنجز بالعلم الاجمالى وإلّا فليست المخالفة للعلم الاجمالى من حيث هى هى قبيحة مع قطع النظر عن تنجز الخطاب ووجوب اطاعته فى حكم العقل وقد عرفت عدم الانفكاك فى حكمه بين المخالفة القطعية والموافقة القطعية فلو فرض عدم حكمه بوجوب الثانية فى مورد لم يحكم بحرمة الاولى ايضا كما هو الشأن فى موارد عدم تعلق العلم الاجمالى بالخطاب المنجز فالالتزام بحرمة الاولى وعدم وجوب الثانية لا يجوز فى حكم العقل.

(ولا ينافى ذلك) تجويز قناعة الشارع عن الواقع ببعض محتملاته لان مقتضاه اثبات اذن الشارع وترخيصه فى القناعة فما لم يثبت حكم بوجوب الاحتياط كما يقول به القائل به اذ ليس مراده الا ذلك فيكون مقتضى الاصل والقاعدة هو وجوب

٢٧٤

ومما ذكرنا يظهر عدم جواز التمسك فى المقام بادلة البراءة مثل رواية الحجب والتوسعة ونحوهما لان العمل بها فى كل من الموردين بخصوصه يوجب طرحها بالنسبة الى احدهما المعين عند الله المعلوم وجوبه فان وجوب واحدة من الظهر والجمعة او من القصر والاتمام مما لم يحجب الله علمه عنا فليس موضوعا عنا ولسنا فى سعة منه فلا بد اما من الحكم بعدم جريان هذه الاخبار فى مثل المقام مما علم وجوب شيء اجمالا واما من الحكم بان شمولها للواحد المعين المعلوم وجوبه ودلالتها بالمفهوم على عدم كونه موضوعا عن العباد وكونه محمولا عليهم ومأخوذين به وملزمين عليه دليل علمى بضميمة حكم العقل بوجوب المقدمة العلمية على وجوب الاتيان لكل من الخصوصيتين فالعلم بوجوب كل منهما لنفسه وان كان محجوبا عنا إلّا ان العلم بوجوبه من باب المقدمة ليس محجوبا عنا ولا منافاة بين عدم وجوب الشيء ظاهرا لذاته ووجوبه ظاهرا من باب المقدمة كما لا تنافى بين عدم الوجوب النفسى واقعا وثبوت الوجوب الغيرى كذلك

ـ الاحتياط فى مورد العلم الاجمالى بالخطاب المنجز فلا يتوقف الحكم به على قيام دليل عليه من جانب الشارع كما توهم فى السؤال فعلى هذا ليست المناقضة بين حكم العقل والشرع فيما ورد على الاكتفاء ببعض محتملات الواقع اصلا لعدم تواردهما على الموضوع الواحد حقيقة حيث ان حكم الشارع يتعلق بترك بعض اطراف الشبهة ويلزمه ارتفاع احتمال العقاب عنه على تقدير كونه الواجب الواقعى وحكم العقل يتعلق بفعله فيما كان تركه موجبا لاحتمال الضرر والعقاب فلم يرخص الشارع الاقدام على محتمل العقاب حتى ينافى حكم العقل كما انه لم يوجب العقل فعل كل مشتبه من اطراف الشبهة من حيث هو حتى ينافى حكم الشارع بجواز تركه فلا تنافى بينهما اصلا كما لا يخفى.

٢٧٥

ـ (وبالجملة) فكل مورد حكم الشارع بكفاية احد المحتملين للواقع اما تعيينا كحكمه بالاحتمال المطابق للحالة السابقة كما لو تردد الامر بين القصر والاتمام فى رأس اربعة فراسخ واما تخييرا كما فى موارد التخيير بين الاحتمالين كما فى الخبرين المتعارضين فهو من باب الاكتفاء عن الواقع بذلك المحتمل لا الترخيص لترك الواقع بلا بدل فى الجملة فان الواقع اذا علم به وعلم ارادة المولى بشيء وصدور الخطاب عنه الى العبيد فلا بد له عن موافقته اما حقيقة بالاحتياط واما حكما بفعل ما جعله الشارع بدلا عنه وقد تقدم الاشارة الى ذلك فى الشبهة المحصورة.

(قوله مما ذكرنا يظهر عدم جواز التمسك الخ) توضيحه انه قد تقدم ان مقتضى الاصل بعد تنجز الخطاب بالواقع وجوب الاحتياط وتحصيل الموافقة القطعية باتيان تمام محتملات الواقع فى المقام وان القائل بخلافه لا بد له من اقامة الدليل عليه من جانب الشارع حتى يدل على اكتفائه عن الواقع فى مرحلة الظاهر ببعض محتملاته وانه ليس مما يتوهم دلالته عليه الا ما دل على البراءة عموما عند عدم العلم بالحكم الشرعى.

(فعلى هذا) تعرض قدس‌سره لبيان عدم صلاحيته للدلالة عليه حيث قال مما ذكرنا يظهر عدم جواز التمسك فى المقام بادلة البراءة مثل رواية الحجب اى قوله عليه‌السلام ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم ورواية التوسعة اى قوله عليه‌السلام الناس فى سعة ما لا يعلمون ونحوهما لان العمل بها فى كل من الموردين بخصوصه يوجب طرحها بالنسبة الى احدهما المعين عند الله تعالى المعلوم وجوبه فان وجوب واحدة من الظهر والجمعة او من القصر والاتمام مما لم يحجب الله علمه عنا فليس موضوعا عنا ولسنا فى سعة منه.

(فحينئذ) لا بد اما من الحكم بعدم جريان هذه الاخبار فى مثل المقام اى فى الشبهة الوجوبية مما علم وجوب شىء اجمالا واما من الحكم بان شمولها

٢٧٦

ـ للواحد المعين المعلوم وجوبه ودلالتها بالمفهوم على عدم كونه موضوعا عن العباد وكونه محمولا عليهم ومأخوذين به وملزمين عليه دليل علمى بضميمة حكم العقل بوجوب المقدمة العلمية على وجوب الاتيان لكل من الخصوصيتين فالعلم بوجوب كل منهما لنفسه وان كان محجوبا عنا إلّا ان العلم بوجوبه من باب المقدمة ليس محجوبا عنا.

(ولا منافاة) بين عدم وجوب الشىء ظاهرا لذاته ووجوبه ظاهرا من باب المقدمة كما انه لا منافاة بين عدم الوجوب النفسى واقعا والوجوب الغيرى واقعا مثل جميع مقدمات الواجب الواقعى النفسى.

(فلا يقال) ان الالتزام بالمفهوم فى الاخبار لا بد ان يكون من جهة الوصف وقد تقرر فى موضعه عدم المفهوم له.

(لانه يقال) الوصف وان لم يكن له مفهوم فى حدّ ذاته لكن قد يلتزم بالمفهوم له من جهة قرينة المقام ولا شك ان مساق هذه الاخبار مساق الاخبار الواردة فى الشبهات التحريمية مثل قوله عليه‌السلام كل شىء لك حلال حتى تعرف انه حرام ولا شك فى ثبوت المفهوم لها من جهة التعبير بلفظ حتى فلا بد من الالتزام به فى المقام لوحدة السياق مع ان اخبار المقام لا تنحصر فى رواية السعة والحجب وامثالهما بل يصلح قوله عليه‌السلام كل شىء مطلق الخ للاستدلال به فى المقام على رواية الشيخ قدس‌سره حتى يرد فيه نهى اوامر فيشمل الشبهة الوجوبية ايضا من جهة قوله عليه‌السلام اوامر ولا شك فى ثبوت المفهوم له من جهة التعبير بكلمة الغاية.

(ملخص وجه عدم جواز التمسك) بأدلّة البراءة فى المقام.

(اولا) ان فى ما نحن فيه جهتين الاولى هو العلم باصل الحكم والثانية هو الجهل بمتعلقه فمن جهة العلم مندرج تحت مفهوم ما حجب ومن جهة الجهل مندرج تحت منطوقه ولما كان هذا مستلزما للتناقض فى مفاده فلا بد فرارا منه

٢٧٧

ـ من الالتزام بخروجه عن تحته وحينئذ لا يكون المرجع فيه الا الاصل وهو فى المقام لوجود العلم الاجمالى انما هو الاحتياط.

(وثانيا) ان امثال هذه الاخبار انما هى مسوقة لبيان حكم المشتبه من حيث عروض عنوان الاشتباه مع قطع النظر عن طريان العناوين الخارجية كوجود العلم الاجمالى وحكم العقل بوجوب الامتثال من باب المقدمة العلمية فلا ينافى ثبوت الاحتياط بلحاظ هذه العناوين من الدليل الخارجى.

(فقد تبين مما ذكرنا كله) فيما اذا كان الواجب مرددا بين امرين متباينين كما لو تردد الامر بين وجوب الظهر والجمعة فى يوم الجمعة وبين القصر والاتمام فى رأس اربعة فراسخ ونحو ذلك فالاقوى فيها وجوب الاحتياط وتحصيل الموافقة القطعية لعين ما تقدم فى الشبهة التحريمية من منجزية العلم الاجمالى وعليته بحكم العقل لحرمة المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية على وجه يمنع عن مجىء الترخيص الظاهرى على خلاف التكليف المعلوم بالاجمال ولو فى بعض الاطراف إلّا اذا كان هناك ما يوجب انحلال العلم الاجمالى او بدلية بعض الاطراف عن الواقع من اصل موضوعى او حكمى مثبت للتكليف فى بعض الاطراف من غير فرق فى ذلك كله بين كون الشبهة موضوعية او حكمية ولا فى الثانى بين كون منشأ الاشتباه هو فقد نص المعتبر او اجماله او تعارض النصين (نعم) فى فرض تعارض النصين يكون الحكم هو التخيير فى الاخذ باحد الخبرين للنصوص الآمرة فى التخيير فى الاخذ باحدهما فيخرج مثل هذه الصورة عما هو معقد البحث فى العلم الاجمالى.

(ومما ذكرنا) ظهر فساد ما قاله بعض المحققين من جواز المخالفة القطعية فى غير ما قام الاجماع والضرورة على عدم الجواز بتوهم ان التكليف بالمجمل لا يصلح للانبعاث عنه فلا اثر للعلم بالتكليف المجمل المردد بين امور.

(ووجه الفساد) ان الاجمال الطارى لا يمنع عن تأثير العلم الاجمالى

٢٧٨

ـ اذ لا فرق فى نظر العقل بين العلم التفصيلى بالتكليف وبين العلم الاجمالى به فى قبح المخالفة ووجوب الموافقة القطعية مقدمة للعلم بفراغ الذمة عمّا اشتغلت به.

(نعم) قد سبق انه اذا كانت الشبهة لاجل تعارض النصين فحكمها التخيير فى الاخذ باحد النصين مطلقا فى الشبهة الوجوبية والتحريمية لاطلاق ما دل على التخيير عند تعارض الاخبار وفيما عدا ذلك تجب الموافقة القطعية سواء كانت الشبهة موضوعية كبعض موارد القصر والاتمام او حكمية كان المنشأ فقد النص او اجماله.

٢٧٩

(واعلم) ان المحقق القمى ره بعد ما حكى عن المحقق الخوانساري الميل الى وجوب الاحتياط فى مثل الظهر والجمعة والقصر والاتمام قال ان دقيق النظر يقتضى خلافه فان التكليف بالمجمل المحتمل لافراد متعددة بارادة فرد معين عند الشارع مجهول عند المخاطب مستلزم لتأخير البيان عن وقت الحاجة الذى اتفق اهل العدل على استحالته وكل ما يدعى كونه من هذا القبيل فيمكن منعه اذ غاية ما يسلم فى القصر والاتمام والظهر والجمعة وامثالها ان الاجماع وقع على ان من ترك الامرين بان لا يفعل شيئا منهما يستحق العقاب لا ان من ترك احدهما المعين عند الشارع المبهم عندنا بان ترك فعلهما مجتمعين يستحق العقاب ونظير ذلك مطلق التكليف بالاحكام الشرعية سيما فى امثال زماننا على مذهب اهل الحق من التخطئة.

ـ (فى المجلد الثانى) من القوانين ص (٣٦) نقل ره عن المحقق الخوانسارى فى شرح الدروس بعد اختياره جواز التمسك بالاصل وعدم وجوب الاحتياط فى ماهية العبادات ونقل جملة كلام للمحقق الخوانسارى من قوله نعم لو حصل اليقين بالتكليف بامر ولم يظهر معنى ذلك الامر بل يكون متردّدا بين امور فلا يبعد حينئذ القول بوجوب تلك الامور جميعا ليحصل اليقين بالبراءة وكذا لو قال الآمر ان الامر الفلانى مشروط بكذا ولم يعلم او يظن المراد من كذا فعلى هذا ايضا الظاهر وجوب الاتيان بكل ما يمكن ان يكون كذا حتى يحصل اليقين او الظن بحصوله.

(ثم) قال المحقق القمى انتهى ما اردناه من كلام الخوانسارى وصرح بعدم وجوب الاحتياط فى اجزاء العبادة وشرائطها فى مواضع كثيرة ايضا ويمكن ان يكون مراده بما استثناه بقوله نعم الخ مثل الامر بقضاء الفائتة المنسية المترددة بين الخمس ومثل اشتراط صحة الصلاة بعدم التكفير المختلف فى تفسيره بانه

٢٨٠