درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٤

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٤

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٣

ـ (وبالجملة) فنقل الاجماع مستفيض وهو كاف فى المسألة بل يمكن دعوى كونه مغروسا فى اذهان عوام المتشرعة ايضا ولا ينافى ذلك ما عن بعضهم من الاستدلال للحكم المذكور تارة بالعسر والحرج المنفيين واخرى بعدم كون جميع الاطراف مع عدم الحصر مورد ابتلاء المكلف وثالثة بغير ذلك كالاضطرار ونحوه فان الظاهر ان ذلك منهم من قبيل بيان نكتة الشىء بعد وقوعه هذا بالنسبة الى الموافقة القطعية.

(واما المخالفة القطعية) فى الشبهة الغير المحصورة فقد وقع الخلاف بينهم ويظهر من كلام الشيخ قدس‌سره التفصيل بين المخالفة القطعية والموافقة القطعية بحرمة الاولى وعدم وجوب الثانية كما صرح بحرمة المخالفة القطعية فى صورة الشك فى كون الشبهة محصورة.

(نعم) لو كان بناء العقلاء فى عدم الاعتناء باحتمال التكليف فى كل فرد من جهة عدم اعتدادهم بالعلم الاجمالى الحاصل فى البين لخروجه لديهم عند كثرة الاطراف عن التأثير وصلاحية البيانية والمنجزية للواقع لكان مقتضاه جواز المخالفة القطعية ولكن الشأن فى اثبات هذه الجهة ولا اقل من عدم احراز ذلك فيبقى العلم الاجمالى على تأثيره فى حرمة المخالفة القطعية.

(واختار المحقق النائينى) فى الشبهة الغير المحصورة عدم حرمة المخالفة القطعية وعدم وجوب الموافقة القطعية حيث قال بعد ذكر الضابط بالنسبة اليها اما عدم حرمة المخالفة القطعية فلان المفروض عدم التمكن العادى منها واما عدم وجوب الموافقة القطعية فلان وجوبها فرع حرمة المخالفة القطعية لان وجوب الموافقة القطعية متفرع على تعارض الاصول وتساقطها وهو متفرع على حرمة المخالفة القطعية فاذا لم تحرم المخالفة القطعية ولو بعدم التمكن العادى منها فلا تعارض بين الاصول ومع عدم تعارضها لا يجب الموافقة القطعية.

(ثم اشكل على ما افاده الشيخ قدس‌سره) من التفصيل بين المخالفة القطعية

٢٢١

ـ والموافقة القطعية بحرمة الاولى وعدم وجوب الثانية بان حرمة المخالفة القطعية فرع التمكن من المخالفة ومع التمكن منها لا تكون الشبهة غير محصورة.

(وفيه) ان عدم امكان الجمع بين المحتملات بعدم التمكن من البعض الغير المعين لا يقتضى إلّا عدم انتهاء الامر الى القطع بالمخالفة لا عدم التمكن من المخالفة واقعا كى يقتضى عدم حرمة مخالفة المعلوم بالاجمال وحينئذ فمع فرض القدرة على فعل كل واحد فى ظرف عدم الآخر تحرم المخالفة لا محالة وان لم ينته الامر الى القطع بها ولازمه المنع عن جريان الاصول النافية الموجب لحكم العقل بوجوب الموافقة القطعية.

(واما ما افيد) من تعليل عدم وجوب الموافقة القطعية بعدم تعارض الاصول فى الاطراف نظرا الى ان المانع من جريانها انما هى المخالفة القطعية العملية ومع عدم انتهاء الامر الى القطع بها لا تعارض بينها فلا يجب الموافقة القطعية.

(ففيه) مضافا الى جريان مثله فى الشبهة المحصورة ايضا فى فرض عدم تمكن المكلف من المخالفة القطعية بالجمع بين الاطراف كما لو علم بخمرية احد المائعين ولم يتمكن الا من شرب احدهما فانه مع عدم التمكن من المخالفة القطعية لا ينتهى الامر على هذا المبنى الى تعارض الاصول فلا بد من المصير الى جواز ارتكاب احدهما مع انه كما ترى لا يظن التزامه من احد انه مبنى على القول باقتضاء العلم الاجمالى للموافقة القطعية وإلّا فعلى القول بعلية العلم الاجمالى لوجوب الموافقة القطعية ومانعيته عن جريان الاصل النافى للتكليف ولو فى بعض الاطراف بلا معارض كما هو التحقيق فلا يتم ذلك لان مجرد عدم التمكن من المخالفة القطعية بالجمع بين المحتملات لا تقتضى سقوط العلم عن التأثير بالنسبة الى الموافقة القطعية مع التمكن منها بترك جميع الاطراف كما هو ظاهر.

(واما اشكاله على الشيخ قدس‌سره) فالانصاف انه فى غير محله

٢٢٢

ـ اذ هو قدس‌سره لم يقل بالضابط الذى ذكره النائينى ره بل ولا ذكره ايضا فى عداد الضوابط نعم مقتضى ما افاده من الضابط كما ذكرناه فيما مر هو جواز المخالفة القطعية.

(الوجه الثانى) من الوجوه التى دلت على عدم وجوب الاجتناب فى الشبهة الغير المحصورة ما استدل به جماعة من لزوم المشقة فى الاجتناب ولعل المراد به لزومها فى اغلب افراد هذه الشبهة لاغلب افراد المكلفين فيشمله عموم قوله تعالى (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) وقوله تعالى (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) بناء على ان المراد ان ما كان الغالب فيه الحرج على الغالب فهو مرتفع عن جميع المكلفين حتى من لا حرج بالنسبة اليه يعنى ان المدار فى التخفيفات الشرعية بملاحظة الآيات الشريفة والاخبار المروية على الحرج النوعى لا الشخصى كما صرح به غير واحد.

(وفى هذا الاستدلال نظر) لانه ان اريد نفى الحرج الشخصى كما هو ظاهر عموم هذه الادلة ففيه ان هذا ليس له انطباق على عنوان الغير المحصورة لان جميع افرادها ليس مما يوجد فيه الحرج المزبور ورفع الحكم عن الواجد له لا يوجب رفعه عن الفاقد له فليس له اختصاص بهذا العنوان بل لو وجد الحرج المذكور فيما هو فرد للمحصورة ايضا فكذلك ، واما ارتفاع ما كان ضيقا على الاكثر عمن هو عليه فى غاية السهولة فليس فيه امتنان على احد يعنى ليس فى ارتفاعه عمن هو عليه امتنان على احد لا عليه ولا على غيره.

(اما على غيره فواضح) اذ ليس فى ارتفاعه عنه امتنان على غيره واما عليه فلكونه سهلا عليه فلا معنى لتفويت الواقع عليه مع عدم كونه عسرا عليه مع ما تقرر من تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد ولو جاز تفويت الواقع عليه لاجل السهولة لجاز ارتفاع جميع الاحكام على الجميع لاجل السهولة وفى ذلك ابطال للتكليف رأسا.

٢٢٣

(واما ما ورد) من دوران الاحكام مدار السهولة على الاغلب فلا ينفع فيما نحن فيه لان الشبهة الغير المحصورة ليست واقعة واحدة حكم فيها بحكم حتى يدعى ان الحكم بالاحتياط فى اغلب مواردها عسر على اغلب الناس فيرتفع حكم الاحتياط فيها مطلقا بل هى عنوان لموضوعات متعددة لاحكام متعددة والمقتضى للاحتياط فى كل موضوع هو نفس الدليل الخاص التحريمى الموجود فى ذلك الموضوع والمفروض ان ثبوت التحريم لذلك الموضوع مسلم ولا يرد منه حرج على الاغلب وان الاجتناب فى صورة اشتباهه ايضا فى غاية اليسر فاى مدخل للاخبار الواردة فى ان الحكم الشرعى يتبع الاغلب فى اليسر والعسر وكان المستدل بذلك جعل الشبهة الغير المحصورة واقعة واحدة مقتضى الدليل فيها وجوب الاحتياط لو لا العسر لكن لما تعسر الاحتياط فى اغلب الموارد على اغلب الناس حكم بعدم وجوب الاحتياط كلية وفيه ان دليل الاحتياط فى كل فرد من الشبهة ليس إلّا دليل حرمة ذلك الموضوع.

ـ (حاصله) ان ما ورد من دوران الاحكام مدار السهولة على الاغلب فلا ينفع فيما نحن فيه لان الشبهة الغير المحصورة ليست واقعة واحدة حتى يستلزم الاجتناب عنها عسرا فى اغلب مواردها على اغلب الناس فيكون ادلة نفى العسر رافعة لوجوب الاجتناب عن الجميع ولو فى غير موارد لعسر كما فى ساير موارد قاعدة العسر بل هى عنوان لموضوعات متعددة لاحكام متعددة مثلا وجود النجس فى المأكولات الغير المحصورة موضوع وحكم ووجوده فى المشروبات او الملبوسات موضوع وحكم آخر وكذا وجود الحرام فى احد المذكورات وغير ذلك من صور الاشتباه ويصدق على جميع تلك العنوانات الشبهة الغير المحصورة (والمقتضى) للاحتياط فى كل موضوع هو نفس الدليل الخاص التحريمى

٢٢٤

نعم لو لزم الحرج من جريان حكم العنوان المحرم الواقعى فى خصوص مشتبهاته الغير المحصورة على اغلب المكلفين فى اغلب الاوقات كان يدعى ان الحكم بوجوب الاجتناب عن النجس الواقعى مع اشتباهه فى امور غير محصورة يوجب الحرج الغالبى امكن التزام ارتفاع وجوب الاحتياط فى خصوص النجاسة المشتبهة لكن لا يتوهم من ذلك اطراد الحكم بارتفاع التحريم فى الخمر المشتبه بين مايعات غير محصورة والمرأة المحرمة المشتبهة فى ناحية مخصوصة الى غير ذلك من المحرمات ولعل كثيرا ممن تمسك فى هذا المقام بلزوم المشقة اراد المورد الخاص كما ذكروا ذلك فى الطهارة والنجاسة هذا كله مع ان لزوم الحرج فى الاجتناب عن الشبهة الغير المحصورة التى يقتضى الدليل المتقدم وجوب الاحتياط فيها ممنوع ووجهه ان كثيرا من الشبهات الغير المحصورة لا يكون جميع المحتملات مورد ابتلاء المكلف ولا يجب الاحتياط فى مثل هذه الشبهة وان كانت محصورة كما اوضحناه سابقا وبعد اخراج هذا عن محل الكلام فالانصاف منع غلبة التعسر فى الاجتناب.

ـ الموجود فى ذلك الموضوع والمفروض ان ثبوت التحريم لذلك الموضوع مسلم ولا يرد منه حرج على الاغلب اذا كان معلوما تفصيلا وكذلك اذا كان مشتبها بالشبهة المحصورة وان الاجتناب فى صورة اشتباهه ايضا فى غاية اليسر فلو لزم الحرج فى مورد يرتفع وجوب الاجتناب فى مورد الحرج فقط سواء علم المحرم تفصيلا او اشتبه بين امور محصورة او غير محصورة.

(فاى مدخل) للاخبار الواردة فى ان الحكم الشرعى يتبع الاغلب فى اليسر والعسر وكان المستدل بذلك جعل الشبهة الغير المحصورة واقعة واحدة مقتضى الدليل فيها وجوب الاحتياط لو لا العسر لكن لما تعسر الاحتياط فى اغلب

٢٢٥

ـ الموارد على اغلب الناس حكم بعدم وجوب الاجتناب كلية.

(وفيه) ان دليل الاحتياط فى كل فرد من الشبهة ليس إلّا دليل حرمة ذلك الموضوع اعنى بضميمة حكم العقل بوجوب الاحتياط.

(نعم) لو لزم الحرج من جريان حكم العنوان المحرم الواقعى فى خصوص مشتبهاته الغير المحصورة على اغلب المكلفين فى اغلب الاوقات كان يدعى ان الحكم بوجوب الاجتناب عن النجس الواقعى مع اشتباهه فى امور غير محصورة يوجب الحرج الغالبى امكن التزام ارتفاع وجوب الاحتياط فى خصوص النجاسة المشتبهة لكن لا يتوهم من ذلك اطراد الحكم بارتفاع التحريم فى الخمر المشتبه بين مايعات غير محصورة والمرأة المحرمة المشتبه فى ناحية مخصوصة الى غير ذلك من المحرمات.

(هذا كله) مع ان لزوم الحرج فى الاجتناب عن الشبهة الغير المحصورة التى يقتضى الدليل المتقدم اى العقل الحاكم بوجوب الاجتناب مطلقا مع العلم بوجود العنوان الواقعى ممنوع ووجهه ان كثيرا من الشبهات الغير المحصورة لا يكون جميع المحتملات مورد ابتلاء المكلف ولا يجب الاحتياط فى مثل هذه الشبهة وان كانت محصورة.

٢٢٦

(الثالث) الاخبار الدالة على حلية كل ما لم يعلم حرمته فانها بظاهرها وان عمت الشبهة المحصورة إلّا ان مقتضى الجمع بينها وبين ما دل على وجوب الاجتناب بقول مطلق هو حمل اخبار الرخصة على غير المحصور وحمل اخبار المنع على المحصور وفيه او لا ان المستند فى وجوب الاحتياط فى المحصور هو اقتضاء دليل نفس الحرام المشتبه لذلك بضميمة حكم العقل وقد تقدم بما لا مزيد عليه ان اخبار حل الشبهة لا يشمل صورة العلم الاجمالى بالحرام وثانيا لو سلمنا شمولها بصورة العلم الاجمالى حتى يشمل الشبهة الغير المحصورة ايضا لكنها تشمل المحصورة ايضا واخبار وجوب الاجتناب مختصة بغير الشبهة الابتدائية اجماعا فهى على عمومها للشبهة الغير المحصورة ايضا اخص مطلقا من اخبار الرخصة.

ـ (الوجه الثالث) من الوجوه التى دلت على عدم وجوب الاجتناب فى الشبهة الغير المحصورة الاخبار الدالة على حلية كل ما لم يعلم حرمته مثل ما ورد من قولهم عليهم‌السلام كل شيء حلال حتى تعرف انه حرام بعينه وكل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه وغير ذلك بناء على ان هذه الاخبار كما دلت على حلية المشتبه مع عدم العلم الاجمالى كالشبهات البدوية وكذلك دلت على حلية المشتبه مع العلم الاجمالى فان ظاهر هذه الاخبار وان عمت الشبهة المحصورة إلّا ان مقتضى الجمع بينها وبين ما دل على وجوب الاجتناب بقول مطلق كالاخبار الدالة على التوقف والاحتياط فى كل شبهة هو حمل اخبار الرخصة على غير المحصور وحمل اخبار المنع على المحصور هذا حاصل ما يقال فى تقريب الاستدلال بهذا الوجه.

(ولكن يرد عليه اولا) ان المستند فى وجوب الاحتياط هو ادلة الاجتناب عن المحرمات الواقعية مثل اجتنب عن النجس والخمر وغيرهما بضميمة

٢٢٧

والحاصل ان اخبار الحل نص فى الشبهة الابتدائية واخبار الاجتناب نص فى الشبهة المحصورة وكلا الطرفين ظاهران فى الشبهة الغير المحصورة فاخراجها عن احدهما وادخالها فى الآخر ليس جمعا بل ترجيحا بلا مرجح إلّا ان يقال ان اكثر افراد الشبهة الابتدائية ترجع بالاخرة الى الشبهة الغير المحصورة لانا نعلم اجمالا غالبا بوجود النجس والحرام فى الوقائع المجهولة الغير المحصورة فلو اخرجت هذه الشبهة عن اخبار الحل لم يبق تحتها من الافراد الا النادر وهو لا يناسب مساق هذه الاخبار فتدبر.

ـ حكم العقل بوجوب الاجتناب عن جميع اطراف الشبهة من باب المقدمة العلمية وهذا الحكم العقلى لا يعارضه اخبار حل الشبهة مثل قوله عليه‌السلام كل شيء لك حلال وغيره اذ قد عرفت عدم شمولها بصورة العلم الاجمالى لاستلزامه جواز المخالفة القطعية الممنوع قطعا فلا معنى للجمع بينهما بما ذكر فى الاستدلال لان الاحتياج الى الجمع فرع المعارضة المتوقفة على شمول اخبار الحلية لصورة العلم الاجمالى.

(ثم) ان الاولى عدم ذكر قوله فى المحصور لان حكم العقل بوجوب الاجتناب لا يفرق فيه بين المحصور وغيره غاية الامر خروج غير المحصور بالاجماع وغيره.

(ويرد عليه ثانيا) لو سلمنا شمول اخبار الحل بصورة العلم الاجمالى سواء كانت الشبهة محصورة او غيرها كان اللازم هو العمل باخبار وجوب الاجتناب وتقديمها على اخبار الحل فى مورد العلم الاجمالى فى كلتا الشبهتين المحصورة وغيرها من دون فرق بين العمل على ما هو الحق وهو تقديم الاخص من المعارضات ثم ملاحظة النسبة بين الباقى وعدمه.

٢٢٨

ـ (قوله والحاصل ان اخبار الحل نص الخ) هذا اشارة الى الجواب الثالث ومبنى على الاغماض عما ذكره فى الجواب الاول والثانى وعلى كون التعارض بين اخبار الحل والاخبار الدالة على التوقف والاحتياط لا الاخبار المخصوصة بصورة العلم الاجمالى وعلى كون التعارض بينهما تباينيا فحينئذ التعبير بقوله والحاصل فى غير محله.

(وتوضيح ذلك) ان اخبار الحل نص فى الشبهة الابتدائية بمعنى ان القدر المتيقن منها تلك وليس المراد من النص المعنى المعروف وهو ان لا يحتمل غيره واخبار التوقف والاحتياط نص فى الشبهة المحصورة وكلاهما ظاهر ان فى الشبهة الغير المحصورة فاخراجها عن احدهما وادخالها فى الآخر ليس جمعا بل ترجيحا بلا مرجح.

(إلّا ان يقال) ان اكثر افراد الشبهة الابتدائية ترجع بالاخرة الى الشبهة الغير المحصورة من جهة العلم بوجود الحرام او النجس فى الوقائع المجهولة مع عدم الحصر فاذا رجع اكثر افراد الشبهة الابتدائية الى الشبهة الغير المحصورة وما بقى من الشبهات الابتدائية التى لا ترجع الى الشبهة الغير المحصورة قليل فى الغاية فلو كانت الشبهات الغير المحصورة خارجة عن اخبار الحل وداخلة فى اخبار وجوب الاجتناب لزم تخصيص اخبار الحل بالموارد النادرة وهو ينافى كثرة الاخبار المذكورة الموجبة لكثرة الاهتمام بها فلا بد من الحكم بدخول الشبهات الغير المحصورة فى اخبار الحل لئلا يلزم المحذور المذكور.

(قوله فتدبر) يمكن ان يكون وجهه عدم رجوع الشبهة البدوية الى الشبهة الغير المحصورة لان الشك فى الشبهات المقرونة بالعلم الاجمالى من جهته وفى الشبهات البدوية منشأ الشك شيء آخر لا وجود العلم الاجمالى بحيث لو لم يكن علم اجمالى اصلا حصل الشك لوجود منشئه كاحتمال ملاقاته للنجاسة مثلا فلو علم

٢٢٩

ـ اجمالا بوجود قطرة من البول فى احد الإناءين بحيث لا يحتمل وقوعه فى غيرهما ثم شك فى اناء ثالث فى وقوع قطرة اخرى من البول فيه لا يشك احد فى ان الشك الاخير بدوى لعدم كون العلم الاجمالى سببا له كما لا شك فى ان الشك فى احد الإناءين ليس كذلك لكونه سببا له وقال بعض المحشين يمكن ان يكون اشارة الى خروج بعض الاطراف عن محل الابتلاء ومعه لا يكون العلم الاجمالى منجزا مع الحصر فكيف مع عدمه.

٢٣٠

(الرابع) بعض الاخبار الدالة على ان مجرد العلم بوجود الحرام بين المشتبهات لا يوجب الاجتناب عن جميع ما يحتمل كونه حراما مثل ما عن محاسن البرقى عن ابى الجارود قال سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الجبن فقلت اخبرنى من رأى انه يجعل فيه الميتة فقال أمن اجل مكان واحد يجعل فيه الميتة حرم جميع ما فى الارض فما علمت فيه ميتة فلا تأكله وما لم تعلم فاشتر وبع وكل والله انى لاعترض السوق فاشترى اللحم والسمن والجبن والله ما اظن كلهم يسمون هذه البرية وهذه السود ان الخبر فان قوله أمن اجل مكان واحد ظاهر فى ان مجرد العلم الاجمالى بوجود الحرام لا يوجب الاجتناب عن محتملاته.

ـ (الوجه الرابع) من الوجوه التى استدل بها جماعة على عدم وجوب الاجتناب فى الشبهة الغير المحصورة بعض الاخبار الدالة على ان مجرد العلم بوجود الحرام بين المشتبهات لا يوجب الاجتناب عن جميع ما يحتمل كونه حراما (مثل رواية الجبن) المدعى ظهورها فى عدم تنجيز العلم الاجمالى عند كون الشبهة غير محصورة وهى فى الوسائل الباب ٦١ من ابواب الاطعمة المحللة احمد بن عبد الله البرقى عن ابيه عن محمد بن سنان عن ابى الجارود قال سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الجبن فقلت له اخبرنى من رأى انه يجعل فيه الميتة فقال عليه‌السلام أمن اجل مكان واحد يجعل فيه الميتة حرم ما فى جميع الارضين الخبر (والانصاف) ان الرواية عند التامل ظاهرة فى عدم وجوب الاجتناب عن الشبهة الغير المحصورة لظهورها فى ان منشأ الشك جعل الميتة فى الجبن فى بعض الاماكن فيكون المشكوك من اطراف الشبهة التى كان العلم الاجمالى سببا لها وهو المناط فى تميز الشبهة المقرونة بالعلم الاجمالى والشبهة الابتدائية (ويدل) كثرة السؤال والجواب عن الجبن فى الروايات على كونه من

٢٣١

وكذا قوله عليه‌السلام والله ما اظن كلهم يسمون فان الظاهر منه ارادة العلم بعدم تسمية جماعة حين الذبح كالبرية والسودان إلّا ان يدعى ان المراد جعل الميتة فى الجبن فى مكان واحد لا يوجب الاجتناب عن جبن غيره من الاماكن ولا كلام فى ذلك لا انه لا يوجب الاجتناب عن كل جبن يحتمل ان يكون من ذلك المكان فلا دخل له بالمدعى واما قوله عليه‌السلام ما اظن كلهم يسمون فالمراد منه عدم وجوب الظن او القطع بالحلية بل يكفى اخذها من سوق المسلمين بناء على ان السوق امارة شرعية لحل الجبن المأخوذ منه ولو من يد مجهول الاسلام إلّا ان يقال ان سوق المسلمين غير معتبر مع العلم الاجمالى بوجود الحرام فلا مسوغ للارتكاب الا كون الشبهة غير محصورة فتأمل.

ـ قبيل الشبهة الغير المحصورة اذ كون الحكم فى الشبهات الابتدائية هو البراءة لا يحتاج الى كثرة السؤال مع ما تقرر فى العقول من قبح العقاب بلا بيان.

(وينبه على ذلك) ظهور قوله عليه‌السلام أمن اجل مكان واحد يجعل فيه الميتة حرم ما فى جميع الارضين كما اعترف به الشيخ قدس‌سره وقوله (ع) والله ما اظن كلهم يسمون بناء على ان معناه العلم بعدم تسمية جماعة حين الذبح كالبرية والسودان لفهم العرف هذا المعنى منه وقوله عليه‌السلام فما علمت فيه ميتة الخ لظهوره فى جواز البيع والشراء والأكل مع عدم العلم التفصيلى سواء كانت الشبهة محصورة او غيرها غاية الامر خروج الشبهة المحصورة عند المشهور من ادلة اخرى فيبقى الشبهة الغير المحصورة هذا حاصل تقريب دلالة الرواية على المدعى.

(ولكن يتوجه عليه ما افاده) قدس‌سره بقوله إلّا ان يدعى ان المراد

٢٣٢

ـ الى ان قال الذى يرجع حاصله على ما فى بحر الفوائد الى ان الاستدلال بالرواية على ما ذكر فى تقريب الاستدلال مبنى على كون الرواية مسوقة سؤالا وجوابا لبيان حكم الجبن الذى يحتمل كونه من اطراف العلم الاجمالى وليس الامر كذلك بل هى مسوقة لبيان دفع توهم كون مجرد العلم بجعل الميتة فى مكان موجبا للاجتناب عن جبن غيره من الامكنة الخارجة عن اطراف العلم لمجرد احتمال كونه مثل المكان المعلوم حاله.

(ويدل على ذلك) مضافا الى كون هذا المعنى ظاهرا منها الاستفهام الانكارى فانه على الاول لا معنى للانكار اصلا بل الاحتياط فى محله وهذا بخلاف ما لو كان السؤال عن حكم مجرد الاحتمال قياسا على مورد العلم الاجمالى فان الانكار فى محله ثم على تقدير مساواة هذا الاحتمال فى الرواية للاحتمال الاول تسقط عن الاستدلال ايضا.

(محصله) ان محل الترخيص فى الرواية انما هو الشبهات البدوية دون المقرونة بالعلم الاجمالى وذلك لان مساق قوله عليه‌السلام فما علمت فيه ميتة فلا تأكله وما لم تعلم فاشتر وبع وكل انما هو بعينه مساق عمومات الحل مثل قوله عليه‌السلام كل شيء لك حلال حتى تعلم انه حرام.

(ويؤيده قوله عليه‌السلام) أمن اجل مكان واحد يجعل فيه الميتة الخ فان مفاده ان جعل الميتة فى الجبن فى مكان واحد لا يوجب الاجتناب عن جبن غيره من الاماكن الخالية عن العلم الاجمالى هذا مضافا الى ان الحكم بالترخيص ليس من جهة كون الشبهة غير محصورة وانما هو من جهة وجود الامارة اعنى سوق المسلمين لانه امارة شرعية على حل الجبن المأخوذ منه هذا.

(ولا يخفى عليك) ان الاستدلال بالرواية المذكورة على عدم وجوب الاجتناب فى الشبهة الغير المحصورة لا يخلو عن اشكال تارة بانها ضعيفة من حيث السند لمحمد ابن سنان على ما ذكر فى محله فلا تصلح للاستدلال بها واخرى

٢٣٣

ـ بانها غير تامة من حيث الدلالة ايضا فانها غير متعرضة للمحصور او غيره من الشبهة بل ظاهرها ان العلم بوجود فرد محرم دار امره بين ما يكون فى محل الابتلاء وما يكون خارجا عنه لا يوجب وجوب الاجتناب عما هو فى محل الابتلاء وإلّا لزم حرمة جميع ما فى الارضين لوجود حرام واحد فهى اجنبية عن كون الشبهة غير محصورة.

(قوله فتأمل) يحتمل ان يكون اشارة الى ان سوق المسلمين كايديهم امارة من الامارات المعتبرة الشرعية بالاخبار واجماع اصحابنا الاخيار فهو بنفسه مسوغ للارتكاب بل هو شاهد على الحلية والطهارة فحينئذ لا حاجة الى ملاحظة كون ذلك شبهة غير محصورة فى الحكم بالحلية.

(قال بعض المحشين) انه اشارة الى خروج بعض الاطراف عن محل الابتلاء ومعه لا يكون العلم الاجمالى منجزا للتكليف فيصح التمسك بسوق المسلمين للحلية والطهارة.

(وقال بعضهم) يحتمل ان يكون اشارة الى ان الترخيص فى الرواية ليس من جهة كون الشبهة غير محصورة بل من جهة عدم وجود مناط الاحتياط فى موردها لان مناطه انما هو تعارض الامارات وهذا غير موجود فيه لان موردها سوق المسلمين والغالب فيه انما هو تصرف البائع وتصرفه هذا امارة الحل وليس له تصرف آخر حتى يحصل التعارض بينهما فيؤثر العلم الاجمالى اثره نعم لو حصل له تصرف آخر بالنسبة الى هذا المشترى فهو من موارد التعارض لكنه خلاف المتعارف انتهى فتأمل فيما افاداه فى وجهه.

٢٣٤

(الخامس) اصالة البراءة بناء على ان المانع من اجرائها ليس إلّا العلم الاجمالى بوجود الحرام لكنه انما يوجب الاجتناب عن محتملاته من باب المقدمة العلمية التى لا يجب إلّا لاجل وجوب دفع الضرر وهو العقاب المحتمل فى كل واحد من المحتملات وهذا لا يجرى فى المحتملات الغير المحصورة ضرورة ان كثرة الاحتمال يوجب عدم الاعتناء بالضرر المعلوم وجوده بين المحتملات ألا ترى الفرق الواضح بين العلم بوجود السم فى احد الإناءين او واحد من الفى اناء وكذلك بين قذف احد الشخصين لا بعينه وبين قذف واحد من اهل البلد فان الشخصين كليهما يتأثر ان بالاول ولا يتأثر احد من اهل البلد بالثانى وكذا الحال لو اخبر شخص بموت الشخص المردد بين ولده وشخص آخر وبموت المردد بين ولده وبين كل واحد من اهل بلده فانه لا يضطرب خاطره فى الثانى اصلا.

ـ (ملخص هذا الدليل الخامس) ان المانع من اجراء اصالة البراءة ليس إلّا العلم الاجمالى المنجز للتكليف الفعلى بالاجتناب عن محتملاته من باب المقدمة العلمية بترك الحرام الواقعى لاجل دفع الضرر وهو العقاب المحتمل فى ارتكاب كل واحد من اطرافه كما فى الشبهة المحصورة وهذا اى وجوب دفع الضرر المحتمل لا يجرى فى المحتملات الغير المحصورة لان العقلاء فى صورة كثرة الاطراف لا يعتنون بالضرر المعلوم وجوده بين المحتملات.

(ويؤيد ذلك) وجود الفرق الواضح بين الامثلة التى ذكرها قدس‌سره ويظهر من كلامه ان الكثرة توجب تنزيل العلم الاجمالى منزلة العدم فلا يكون الشبهة الغير المحصورة عندهم حينئذ الا كالشبهات البدوية.

(وان شئت قلت) ان ارتكاب المحتمل فى الشبهة الغير المحصورة من جهة كثرة الاطراف لا يكون عند العقلاء الا كالشبهات البدوية وكان ما ذكره الامام

٢٣٥

وان شئت قلت ان ارتكاب المحتمل فى الشبهة الغير المحصورة لا يكون عند العقلاء الا كارتكاب الشبهة الغير المقرونة بالعلم الاجمالى وكان ما ذكره الامام عليه‌السلام فى الرواية المتقدمة من قوله عليه‌السلام أمن اجل مكان واحد الخبر بناء على ان الاستدلال به اشارة الى هذا المعنى حيث جعل كون حرمة الجبن فى مكان واحد منشأ لحرمة جميع محتملاته الغير المحصورة من المنكرات المعلومة عند العقلاء التى لا ينبغى للمخاطب ان يقبله كما يشهد بذلك كلمة الاستفهام الانكارى لكن عرفت ان فيه احتمالا آخر يتم معه الاستفهام الانكارى ايضا.

ـ عليه‌السلام فى الرواية المتقدمة من قوله عليه‌السلام أمن اجل مكان واحد بناء على ان الاستدلال به اشارة الى هذا المعنى حيث جعل كون حرمة الجبن فى مكان واحد منشأ لحرمة جميع محتملاته الغير المحصورة من المنكرات المعلومة عند العقلاء التى لا ينبغى للمخاطب ان يقبله.

(كما يشهد بذلك) كلمة الاستفهام الانكارى لكن عرفت فيما تقدم ان فى الرواية احتمالا آخر يتم معه الاستفهام الانكارى وهو كون الرواية مسوقة لبيان دفع توهم كون مجرد العلم بجعل الميتة فى مكان موجبا للاجتناب عن جبن غيره من الامكنة الخارجة عن اطراف العلم لمجرد احتمال كونه مثل المكان المعلوم حاله ويدل على ذلك مضافا الى كون هذا المعنى ظاهرا منها الاستفهام الانكارى.

٢٣٦

(وحاصل هذا الوجه) ان العقل اذا لم يستقل بوجوب دفع العقاب المحتمل عند كثرة المحتملات فليس هنا ما يوجب على المكلف الاجتناب عن كل محتمل فيكون عقابه حينئذ عقابا من دون برهان فعلم من ذلك ان الآمر اكتفى فى المحرم المعلوم اجمالا بين المحتملات بعدم العلم التفصيلى باتيانه ولم يعتبر العلم بعدم اتيانه فتأمل :

ـ (يعنى) حاصل وجه الخامس عدم استقلال العقل بوجوب دفع العقاب المحتمل فى الشبهة الغير المحصورة فليس فيها ما يوجب على المكلف الاجتناب عن كل محتمل فيكون عقابه حينئذ عقابا من دون برهان فيكون الشبهة المقرونة بالعلم الاجمالى فى مثل ذلك مثل الشبهة الخالية عنه كما يشهد بذلك الامثلة التى ذكرها المصنف قدس‌سره فى تقريب ذلك فلا مانع من اجراء البراءة فيما عدا مقدار الحرام فعلم من ذلك ان الآمر اكتفى فى المحرم المعلوم اجمالا بين المحتملات بعدم العلم التفصيلى باتيانه ولم يعتبر العلم بعدم اتيانه.

(قوله فتأمل) قيل انه اشارة الى امكان دعوى الفرق فى استقلال العقل بين الضرر الدنيوى والاخروى فيستقل بوجوب دفعه حتى فى غير المحصور فى الثانى بخلاف الاول.

(قال بعض المحشين) انه اشارة الى ان حكم العقل بعدم جواز المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية فى المحصورة وغير المحصورة على السواء فالتفكيك بينهما فى حكم العقل لا وجه له نعم وقع التفكيك بينهما فى الخارج من جهة الاجماع وغيره من الادلة الى غير ذلك من الوجوه التى احتملها المحشون فى وجه التأمل فراجع.

(قوله السادس الخ) حاصله لا اشكال فيما افاده من عدم ابتلاء المكلف إلّا ببعض معين من اطراف الشبهة الغير المحصورة والحكم فى مثله عدم وجوب

٢٣٧

(السادس) ان الغالب عدم ابتلاء المكلف إلّا ببعض معين من محتملات الشبهة الغير المحصورة ويكون الباقى خارجا عن محل ابتلائه وقد تقدم عدم وجوب الاجتناب فى مثله مع حصر الشبهة فضلا عن غير المحصورة هذا غاية ما يمكن ان يستدل به على حكم الشبهة الغير المحصورة وقد عرفت ان اكثرها لا يخلو من منع او قصور لكن المجموع منها لعله يفيد القطع او الظن بعدم وجوب الاحتياط فى الجملة والمسألة فرعية يكتفى فيها بالظن إلّا ان الكلام يقع فى موارد.

ـ الاحتياط حتى مع حصر الشبهة.

(ولكن يرد عليه) او لا ان المدار لو كان على الابتلاء وعدمه لا نقلب عنوان المحصورة وغيرها الى موضوع آخر وهو كما ترى وثانيا ما تعرض له فى بحر الفوائد

(حيث قال ره) ان الاستدلال المذكور لا يفى بتمام المطلب بل محل الكلام اصلا لانك قد عرفت ان محل البحث فى الشبهتين ما كان جميع الاطراف منهما محلا لابتلاء المكلف دفعة واحدة غاية ما هناك كون عدم الابتلاء مع عدم حصر الشبهة غالبيا ومع حصره اتفاقيا لكنه لا يفيد بالنسبة الى محل البحث.

(نعم) لو كان عدم الابتلاء دائميا مع عدم حصر الشبهة كان التكلم فى حكمه فرضيا غير لائق بشأن العلماء لكن الامر ليس كذلك ودعوى الاجماع المركب وعدم الفصل فى حكم الشبهة مع عدم الحصر بين صورها واتمام الدليل بهذه الملاحظة كما ترى انتهى وفيه ما ترى فتأمل ان الوجوه المذكورة غاية ما استدلوا بها او يمكن ان يستدل بها على حكم الشبهة الغير المحصورة قد عرفت ان اكثرها لا يخلو من منع او قصور لكن المجموع منها لعلّه يفيد القطع او الظن بعدم وجوب الاحتياط فى الجملة وقد تقدم ان نقل الاجماع على عدم وجوب الاجتناب مستفيض وهو كاف فى المسألة.

٢٣٨

(الاول) فى انه هل يجوز ارتكاب جميع المشتبهات فى غير المحصورة بحيث يلزم العلم التفصيلى ام يجب ابقاء مقدار الحرام ظاهر اطلاق القول بعدم وجوب الاجتناب هو الاول لكن يحتمل ان يكون مرادهم عدم وجوب الاحتياط فيه فى مقابلة الشبهة المحصورة التى قالوا فيها بوجوب الاجتناب وهذا غير بعيد عن مساق كلامهم فحينئذ لا يعم معقد اجماعهم لحكم ارتكاب الكل إلّا ان الاخبار لو عمت المقام دلت على الجواز واما الوجه الخامس فالظاهر دلالته على جواز الارتكاب لكن مع عدم العزم على ذلك من اول الامر واما معه فالظاهر صدق المعصية عند مصادفة الحرام فيستحق العقاب فالاقوى فى المسألة عدم جواز الارتكاب اذا قصد ذلك من اول الامر فان قصده قصد للمخالفة والمعصية فيستحق العقاب بمصادفة الحرام.

ـ (اقول) مقتضى الادلة المتقدمة على تقدير تماميتها هو عدم وجوب الاحتياط فى الجملة فى الشبهة الغير المحصورة ولكن هل يجوز ارتكاب جميع محتملاتها بحيث يلزم العلم التفصيلى بالمخالفة ام يجب ابقاء مقدار الحرام.

(ظاهر اطلاق) القول بعدم وجوب الاجتناب هو الاول اى ارتكاب جميع محتملاتها لكن يحتمل ان يكون مرادهم عدم وجوب الاحتياط فى الشبهة الغير المحصورة فى مقابلة الشبهة المحصورة التى قالوا فيها بوجوب الاجتناب وهذا غير بعيد عن مساق كلامهم فحينئذ لا يعم معقد اجماعهم لحكم ارتكاب الكل إلّا ان الاخبار الدالة على حلية المشتبه لو عمت المقام دلت على الجواز.

(ولكن قد تقدم) بما لا مزيد عليه ان اخبار حل الشبهة لا يشمل صورة العلم الاجمالى وثانيا لو سلمنا شمولها بصورة العلم الاجمالى حتى يشمل الشبهة الغير المحصورة ايضا لكنها تشمل المحصورة ايضا والحاصل ان اخبار الحل نص فى الشبهة الابتدائية واخبار الاجتناب نص فى الشبهة المحصورة.

٢٣٩

والتحقيق عدم جواز ارتكاب الكل لاستلزامه طرح الدليل الواقعى الدال على وجوب الاجتناب عن المحرم الواقعى كالخمر فى قوله اجتنب عن الخمر لان هذا التكليف لا يسقط عن المكلف مع علمه بوجود الخمر بين المشتبهات غاية ما ثبت فى غير المحصور الاكتفاء فى امتثاله بترك بعض المحتملات فيكون البعض المتروك بدلا ظاهريا عن الحرام الواقعى وإلّا فاخراج الخمر الموجود يقينا بين المشتبهات عن عموم قوله اجتنب عن كل خمر اعتراف بعدم حرمته واقعا وهو معلوم البطلان هذا اذا قصد الجميع من اول الامر لا نفسها ولو قصد نفس الحرام من ارتكاب الجميع فارتكب الكل مقدمة له فالظاهر استحقاق العقاب للحرمة من اول الارتكاب بناء على حرمة التجرى فصور ارتكاب الكل ثلاثة عرفت كلها.

ـ (واما الوجه الخامس) الذى هو التمسك باصالة البراءة فظاهره الدلالة على جواز المخالفة القطعية بارتكاب الجميع باعتبار ان العلم الاجمالى غير منجز للخطاب والتكليف الفعلى فوجوده كعدمه فلا مانع من ارتكاب الجميع كالشك الابتدائى الخالى من العلم وقد اجاب الشيخ قدس‌سره ان ظاهر الوجه الخامس هو الدلالة على جواز الارتكاب لكن مع عدم العزم على ذلك من اول الامر واما مع كونه عازما من اول الامر فالظاهر صدق المعصية عند مصادفة الحرام فيستحق العقاب فما قواه قدس‌سره فى المسألة هو عدم جواز الارتكاب اذا قصد ارتكاب الجميع من ان اول الامر فان قصده قصد للمخالفة والمعصية فيستحق العقاب بمصادفة الحرام.

(قوله والتحقيق عدم جواز ارتكاب الكل الخ) لا بد من حمل قوله هذا على عدم جواز ارتكاب الكل مطلقا سواء قصده من اول الامر ام لا ، ليفارق قوله والاقوى فى المسألة عدم جواز الارتكاب اذا قصد ذلك من اول الامر.

٢٤٠