ثم انه هل يكون فى الواجبات قسم ثالث لا يكون نفسيا ولا غيريا؟ فقد يتوهم ذلك بالنسبة الى المقدمات المفوتة ـ كالغسل ليلا للجنب لصوم غد ـ معللا ذلك بعدم انطباق تعريف كل منهما عليه ، اما عدم وجوبه النفسى فلان تركه لا يستوجب العقاب عليه ، وانما يستحق العقاب من جهة ترك ذى المقدمة ، واما عدم وجوبه الغيرى فلان وجوبه حاصل قبل وجوب ذى المقدمة ومن شأن كل مقدمة ان يتاخر وجوبها عن وجوب ذيها ، هذا على تقدير ان لا نقول بالواجب المعلق ، واما ـ بناء على صحته ـ فالغسل ليلا واجب غيرى لان الوجوب فعلى مستفاد من قوله تعالى (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) وهذا الاشكال انما يرد ان اخذنا بمقالة القائلين بان وجوب ذى المقدمة علة لوجوب المقدمة فانه لا معنى لتحقق المعلول قبل تحقق علته فلا تتصف المقدمات المفوتة بالوجوب الغيرى ، وان لم نقل : بهذه المقالة ولم نعتبر وجوب المقدمة معلولا لوجوب ذيها بل قلنا : كما هو التحقيق بان الوجوب الغيرى ما كان منشؤه اشتياق المولى الى ذيها لوجود ملاك ملزم فلا يرد الاشكال بل نلتزم بكون وجوبه وجوبا غيريا.
مقتضى الاصل عند الشك
اذا تردد فى واجب انه نفسى او غيرى فهل الاصل اللفظى او العملى يقتضى احدهما بالخصوص؟ والبحث يقع فى مقامين.
«المقام الاول» فى الاصل اللفظى.
اعلم ان مقتضى الاطلاق هو تعين الوجوب النفسى وهذا واضح على مسلك المشهور ، وذلك فان تقييد الوجوب بما اذا وجب الغير