وضح البرهان في مشكلات القرآن - ج ٢

محمود بن أبي الحسن بن الحسين النيسابوري الغزنوي [ بيان الحق النيسابوري ]

وضح البرهان في مشكلات القرآن - ج ٢

المؤلف:

محمود بن أبي الحسن بن الحسين النيسابوري الغزنوي [ بيان الحق النيسابوري ]


المحقق: صفوان عدنان داوودي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار القلم ـ دمشق
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٠٨
الجزء ١ الجزء ٢

وقيل : معناه من علم ربي.

وإنّما لم يجبهم عن الروح ، لأنّ طريق معرفته العقل لا السمع (١) ، ولا يجوز الكلام على سمت كلام النبوة ، كما هو في كتب الفلاسفة (٢) ، ولئلا يصير الجواب طريقا إلى سؤالهم عن كل ما لا يعنيهم.

(كِسَفاً). (٩٢)

قطعا. جمع كسفة.

قال أبو زيد : كسفت الثوب أكسفه كسفا : إذا قطعته ، وذلك المقطوع : كسف. نصب (كِسَفاً) على الحال.

ـ قال الشيخ عبد الحميد (٣) رحمه‌الله : ومن قرأ كسفا على الواحد ، كأن المعنى : ذات قطع على جهة التطبيق ، ومن قرأ (كِسَفاً) كان المعنى : ذات قطع على جهة التفريق.

(قَبِيلاً). (٩٢)

وقال القتبي : قبيلا : كفيلا (٤) ، والقبالة : الكفالة.

وقال ابن بحر : قبيلا : جميعا من قبائل العرب. وقبائل الرأس : وهي الشؤون ، لاجتماع بعض منها إلى بعض.

(مِنْ زُخْرُفٍ) (٩٣)

__________________

ـ فما زال يتوكّأ على العسيب ، وظننت أنّه يوحى إليه ، فأنزل الله الآية (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ). انظر فتح الباري ٨ / ٤٠١ ، ومسلم (٢٧٩٤) ، والمسند رقم ٣٦٨٨.

(١) هكذا في المخطوطة ، ولعل الصواب : طريق معرفته السمع لا العقل.

(٢) قال اللقاني :

ولا تخض في الرّوح إذ ما وردا

نصّ من الشارع لكن وجدا

لمالك هي صورة كالجسد

فحسبك النصّ بهذا السّند

(٣) هو القاضي عبد الحميد بن عبد العزيز ، أبو حازم الحنفي. قاض فرضي من أهل البصرة ، ولي القضاء بالشام والكوفة وكرخ بغداد ، له مواقف جريئة في الأمر بالمعروف مع المكتفي العباسي ، من كتبه «أدب القاضي» «المحاضرات والسجلات» توفي سنة ٢٩٢ ه‍. راجع الأعلام ٣ / ١٨٧ ، تاريخ بغداد ١١ / ٦٢.

(٤) انظر تفسير غريب القرآن ص ٢٦١.

٢١

الزخرف : الذهب.

وقيل : نقوش الذهب وتحاسينه.

(مَثْبُوراً). (١٠٢)

مهلكا. والثبور : الهلاك.

وقال المأمون (١) يوما لرجل : يا مثبور.

ثم حدّث عن الرشيد (٢) عن المهدي (٣) عن المنصور (٤) عن ميمون بن مهران (٥) عن ابن عباس (٦) : أنّ المثبور ناقص العقل.

(لَفِيفاً). (١٠٤)

جميعا من جهات مختلفة ، وتوحيده على معنى المصدر.

* * *

__________________

(١) هو الخليفة العباسي المأمون بعد الرشيد سمع الحديث من أبيه وهشيم وإسماعيل بن علية ، وأدّبه اليزيدي وبرع بالفقه والعربية وأيام الناس ، ولما كبر عني بالفلسفة وعلوم الأوائل ومهر فيها. توفي سنة ٢١٨ ه‍.

(٢) هو الخليفة العباسي هارون الرشيد بن المهدي. كان من أمير الخلفاء وأجل ملوك الدنيا ، وكان كثير الغزو والحج ، حدّث عن أبيه ومبارك بن فضالة كان يحب العلم وأهله ويعظم حرمات الإسلام ويبغض المراء في الدين ، وكانت أيامه كلها خير ، توفي سنة ١٩٣ ه‍.

(٣) المهدي هو أبو عبد الله محمد بن المنصور ، الخليفة العباسي. كان جوادا محببا إلى الرعية ، حسن الاعتقاد ، تتبع الزنادقة وأفنى منهم خلقا كثيرا ، روى الحديث عن أبيه وعن مبارك بن فضالة وحصلت في عهده عدة فتوحات ، توفي سنة ١٦٩ ه‍.

(٤) هو أبو جعفر المنصور عبد الله بن محمد ثاني الخلفاء العباسيين. آذى جماعة من العلماء منهم أبو حنيفة. وكان عالما بالحديث والأنساب ، وهو أول من قرّب المنجّمين.

(٥) هو من الرقة ، كان ثقة في الحديث كثير العبادة ، ومؤدّب أولاد عمر بن عبد العزيز. استعمله عمر بن عبد العزيز على خراج الجزيرة من بلاد الفرات وقضائها توفي سنة ١١٧ ه‍.

(٦) هو عبد الله بن عباس ابن عم النبي ، وترجمان القرآن وكان يسمى البحر ، وقد مرّ ذكره. توفي في الطائف سنة ٦٨ ه‍.

٢٢

(سورة الكهف) (١)

(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً (١) قَيِّماً)(٢) (٢)

أي : أنزل الكتاب قيّما على الكتب كلها.

وقيل : مستقيما ، إليه يرجع ، ومنه يؤخذ.

(وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً).

أي : عدولا عن الحق والاستقامة.

(كَبُرَتْ كَلِمَةً). (٥)

أي : كبرت الكلمة كلمة.

نصب على القطع (٣).

(باخِعٌ نَفْسَكَ). (٦)

__________________

(١) أخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن أبي الدرداء عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجّال». المسند ٦ / ٤٤٦ ، ومسلم ٨٠٩ ، وأبو داود ٤٣٢٣ ، والترمذي ٢٨٨٨. ـ وأخرج الحاكم ١ / ٥٦٥ وصححه والبيهقي والطبراني والضياء. عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من قرأ سورة الكهف كانت له نورا من مقامه إلى مكة ، ومن قرأ عشر آيات من آخرها ، ثم خرج الدجّال لم يضرّه». انظر شرح السنة ٤ / ٤٦٩.

(٢) الوقف على «عِوَجاً» حسن ، ثم تبتدىء «قَيِّماً» أي : أنزله قيّما.

(٣) قال العكبري : كلمة : تمييز ، والفاعل مضمر. وكبر : بمعنى بئس ، فالمحذوف هو المخصوص بالذم.

٢٣

قاتلها.

(صَعِيداً). (٨)

أرضا مستوية.

(جُرُزاً).

يابسة لا نبات فيها ، أو : كأنه حصد نباتها. من الجزر وهو : القطع.

(أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ). (٩)

الرّقيم : اسم الجبل الذي كان فيه الكهف.

وقيل : إنّه واد عند الكهف. ورقمة الوادي : موضع الماء.

(فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ). (١١)

كقولك : ضربت على يده : إذا منعته التصرف. قال الأسود بن يعفر :

٦٨٨ ـ ومن العجائب لا أبالك أنني

ضربت عليّ الأرض بالأسداد

٦٨٩ ـ لا أهتدي فيها لموضع تلعة

بين العذيب وبين أرض مراد (١)

(أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى). (١٢)

الفتية أم أهل زمانهم.

(مِرْفَقاً). (١٦)

معاشا في سعة.

وقيل : مخلصا.

ويجوز أن يكون اسما ، وآلة لما يرتفق به ، والاسم : كمرفق اليد ، وكالدرهم ، والمسحل : للحمار الوحشي.

__________________

(١) البيتان من مفضليته ، وهي رقم ٤٤. ويروى [ومن الحوادث] بدل [ومن العجائب] ويروى [بين العراق] بدل [بين العذيب]. وهما في المفضليات ص ٢١٦ ، والاشتقاق ص ١٤٩ ، والشعر والشعراء ص ١٥٢.

٢٤

والآلة : كالمقطع والمثقب.

(تَزاوَرُ). (١٧)

تميل وتنحرف.

(تَقْرِضُهُمْ).

تجاذبهم. وقيل : تقطعهم (١).

(وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ).

متسع. وإنما كان هذا لئلا يفسدهم ضيق المكان بعفنه ، ولا تؤذيهم عين الشمس بحرّها.

(بِالْوَصِيدِ). (١٨)

فناء الباب ، وقيل : عتبة الباب ، أو الباب نفسه (٢). ومنه : أوصدت الباب : إذا أطبقته.

(وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ). (٢١)

أي : أطلعناهم على أمرهم وحالهم في مدة نومهم.

أطلعناهم على أمر الفتية ، ونومهم الطويل شبيه بالموت وبالبعث بعده.

(سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ). (٢٢)

وإنما دخل الواو في الثامن ، لأنه ابتداء العطف بها (٣) ، لأنّ الكلام كان تمّ بالسبعة ؛ لأنّ السبعة عدد كامل كما سبق ذكره (٤).

__________________

(١) قرأ طائفة «يقرضهم» بالياء ، من القرض وهو القطع ، أي : يقطعهم الكهف بظله من ضوء الشمس.

(٢) قاله ابن عباس وأنشد :

بأرض فضاء لا يسدّ وصيدها

عليّ ومعروفي بها غير منكر

(٣) قال العكبري : إنّ الجملة إذا وقعت صفة لنكرة جاز أن تدخلها الواو. وهذا هو الصحيح في إدخال الواو في «ثامنهم». راجع التبيان ٢ / ٨٤٣.

(٤) راجع ١ / ٤٠٥. ـ

٢٥

وبعض الناس يقول : إنّ هذه واو الثمانية لا يذكر إلا بها (١).

__________________

ـ قال الزجاج : إنّ دخولها يدل على تمام القصة وانقطاع الكلام. اه. فيكون المعنى أنّ الله عزوجل خبّر بما يقولون ، ثمّ أتى بحقيقة الأمر فقال : وثامنهم كلبهم. راجع إعراب القرآن للنحاس ٢ / ٢٧١.

(١) ـ قال الصفدي : وتارة تكون الواو واو الثمانية في مثل قوله تعالى : (مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً) سورة التحريم : آية ٥ ، وفي قوله تعالى : (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ) سورة التوبة : آية ١١٢. ـ في قوله تعالى : (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) سورة الزمر : آية ٧٣. أتى بالواو هنا ، ولم يأت بها في ذكر جهنم ، لأنّ للنار سبعة أبواب وللجنة ثمانية. وفي قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) سورة الكهف : آية ٢٢. قال : ولعمري إنّ هذا استقراء حسن. وبعض المحققين منع هذا ، وقال : إنما تقع بين المتضادين ، لأنّ الثيّبات غير الأبكار والآمرين ضد الناهين. وقال في قصة أهل الكهف : إنه أتى بالواو مع الثمانية ، لأنّ القول الثالث أقرب إلى الحق ، أو هو الحق ، لأنه قال في القولين الأولين : (رَجْماً بِالْغَيْبِ) وفي الثالث قال : (قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ). وقال في قصة أهل الجنة : وأثبت الواو لأنّ أبواب جهنم لا تفتح إلا عند دخول أهلها زيادة في الضيق على من بها ، وأمّا أبواب الجنة فإنها تفتح لأهلها قبل دخولهم إليها إكراما لهم ، لقوله تعالى : (مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ). وردّ هذا القول بأنّ الواو دخلت مع تعدد الصفات في قوله تعالى : (غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ) ولم تدخل في قوله تعالى : (الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ) ولا تضادّ بين الغفران وقبول التوبة. قلت : لو سقطت الواو من «أبكارا» لاختلّ المعنى ؛ لأنهنّ لا يكنّ ثيبات أبكارا معا ، فاضطر إلى الواو لتدلّ على المغايرة. قال الشيخ جمال الدين ابن الحاجب رحمه‌الله : إنّ القاضي الفاضل رحمه‌الله كان يعتقد زيادة الواو في هذه الآية ـ أي : من آية التحريم ـ ، ويقول : هي واو الثمانية ، إلى أن ذكر ذلك بحضرة الشيخ أبي الجود المقري ، فبيّن له أنّه وهم ، وأنّ الضرورة تدعو إلى دخولها هنا ، وإلا فسد المعنى ، بخلاف واو الثمانية فإنه يؤتى بها لا لحاجة.

٢٦

(وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً). (٢٥)

لتقارب ما بين السنين المذكورة ، على التقريب من مدة قطع الشمس البروج الاثني عشر في كل ثلثمائة وخمسة وستين يوما ، ومن قطع القمر إياها في كل ثلاثمائة وأربعة وخمسين يوما وكسرا.

وتنوين «ثلثمائة» على أن يكون «سنين» بدلا أو عطف بيان ، أو تمييزا ، لأنّ ثلثمائة تتناول الشهور والأيام.

ـ ومن لم ينوّن بالإضافة (١) واعتمد على الثلاث دون المائة ، لأنّه لا يقال : مائة سنين بل مائة سنة ، وإنما يقال : ثلاث سنين بالجمع فيما دون العشر.

(مُلْتَحَداً). (٢٧)

معدلا ، عن الأخفش (٢).

__________________

ـ فقال : أرشدتنا يا أبا الجود. اه. والإمام فخر الدين الرازي اعترف بأنّ الواو في قوله تعالى : (وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) واو الثمانية. انتهى كلام الصفدي. راجع الغيث المسجم ١ / ٧١. قال ابن هشام في أقسام الواو : والتاسع : واو الثمانية ، ذكرها جماعة من الأدباء كالحريري ، ومن النحويين الضعفاء كابن خالويه ، ومن المفسرين كالثعلبي ، وزعموا أنّ العرب إذا عدّوا قالوا : ستة ، سبعة ، وثمانية إيذانا بأنّ السبعة عدد تام ، وأنّ ما بعدها عدد مستأنف. اه. وردّ ابن هشام هذا القول. راجع مغني اللبيب ص ٤٧٦.

(١) وهي قراءة حمزة والكسائي وخلف ، بغير تنوين على الإضافة ، أوقعوا الجمع موقع المفرد. راجع الإتحاف ٢٨٩.

(٢) ـ أخرج ابن الأنباري في الوقف والابتداء عن ابن عباس أنّ نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : (وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً) ما الملتحد؟ قال : المدخل في الأرض ، قال فيه خصيب الضمري :

يا لهف نفسي ولهف غير مجدية

عني وما عن قضاء الله ملتحد

٢٧

ومهربا ، عن قطرب.

(وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ). (٢٨)

وجدناه غافلا (١). قال :

٦٩٠ ـ فأصممت عمرا وأعميته

عن المجد والجود يوم الفخار (٢)

وقال :

٦٩١ ـ لقد أخبرت لقحة آل عمرو

وأخبر دونها الفرس الخبير

أي : وجدتها خبرا.

والخبر : الغزيرة (٣).

وفسّر خالد بن كلثوم (٤) :

__________________

(١) وهذا التفسير جريا على مذهب المعتزلة ، فهم لا ينسبون الإضلال إلى الله تعالى. ومعناه الصحيح : جعلنا قلبه غافلا عن ذكرنا ، لبطلان استعداده للذكر بالمرة. ـ وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال : نزلت في أمية بن خلف ، وذلك أنه دعا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى أمر كرهه الله من طرد الفقراء عنه ، وتقريب صناديد مكة ، فأنزل الله تعالى : (وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا) يعني : من ختمنا على قلبه ، يعني : التوحيد ، (وَاتَّبَعَ هَواهُ) يعني : الشرك (وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) يعني : فرطا في أمر الله ، وجهالة بالله.

(٢) البيت في الخصائص ٣ / ٥٤ ؛ والمعاني الكبير ١ / ٥٦٠ ؛ ومجالس العلماء ص ١٣٦ وأورد فيه مناظرة بين الفراء والأصمعي ؛ وغريب الحديث للخطابي ١ / ٧١٦.

(٣) قال أبو الهيثم : الخبر بالفتح : المزادة ، ومنه قيل : ناقة خبر : إذا كانت غزيرة. شبهت بالمزادة في غزرها. راجع اللسان مادة خبر.

(٤) هو خالد بن كلثوم الكوفي ، لغوي راوية لأشعار القبائل وأخبارها ، عارف بالأنساب والألقاب وأيام الناس ، له من التصانيف كتاب «الشعراء المذكورين» وكتاب «أشعار القبائل». وهو من طبقة أبي عمرو الشيباني. راجع إنباه الرواة ١ / ٣٨٧ ، وبغية الوعاة ١ / ٥٥٠.

٢٨

٦٩٢ ـ فما أفجرت حتى أهبّ بسدفة

علاجيم عين ابني صباح نثيرها (١)

على رؤية الفجر ومصادفته.

ـ وقال أبو الفتح ابن جنيّ في «الخصائص» : لو كان أغفلنا بمعنى : صددنا ، ولم يكن بمعنى : صادفنا لكان العطف بالفاء دون الواو (٢).

أي كان : فاتبع هواه ، حتى يكون الأول علة للثاني ، والثاني مطاوعا ، كقولك : سألته فبذل ، وجذبته فانجذب.

(فُرُطاً). (٢٨)

ضياعا. والتفريط في حق الله : تضييعه.

وقيل : قدما في الشر. فرس فرط : يقدم الخيل.

وقيل : سرفا وإفراطا.

(أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها). (٢٩)

ـ يعلى بن أمية عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إنّ سرادقها هو البحر المحيط بالدنيا (٣).

وقال قتادة : سرادقها : دخانها ولهبها.

__________________

(١) البيت لذي الرمة ، وهو في ديوانه ص ٤٠١ ؛ والمخصص ٩ / ٤٩ ، وإيضاح شواهد الإيضاح للقيسي ٢ / ٨٨٥. وفي المخطوطة [نجرت] بدل [أفجرت] و[عند] بدل [عين] و[نشيرها] بدل [نثيرها] وكله تصحيف. قوله : أفجرت : دخلت في الفجر ، والعلاجيم : الضفادع ، واحدها علجوم ، نثيرها : صوتها من أنفها.

(٢) راجع الخصائص ٣ / ٥٤.

(٣) أخرجه أحمد ٤ / ٢٢٣ ، والحاكم وصححه ٤ / ٥٩٦ ، والبيهقي في البعث ص ٧٨.

٢٩

(بِماءٍ كَالْمُهْلِ).

دردي الزيت ، عن ابن عباس (١).

والصديد ، عن مجاهد.

وكل جوهر معدني إذا أذيب أزبد وامّاع ، عن ابن مسعود (٢).

(يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ).

الأساور : جمع إسوار وسوار (٣).

(مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ). (٣١)

الأرائك : الأسرّة.

وقيل : الأكلّة.

(كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها). (٣٣)

كلتا : وإن كانت في المعنى جمعا ، فلفظها واحد ، فلذلك لم يقل : آتتا.

ـ قال الأعشى :

٦٩٣ ـ وما دنبنا إن جاش بحر ابن عمّكم

وبحرك ساج لا يواري الدعامصا

٦٩٤ ـ كلا أبويكم كان فرعا دعامة

ولكنّهم زادوا وأصبحت ناقصا (٤)

__________________

(١) أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن عطية قال : سئل ابن عباس عن المهل فقال : ماء غليظ كدردي الزيت. والدردي : ما يبقى في الأسفل.

(٢) أخرج هنّاد وعبد بن حميد والطبراني عن ابن مسعود أنه سئل عن المهل؟ فدعا بذهب وفضة ، فأذابه ، فلما ذاب ، قال : هذا أشبه شيء بالمهل الذي هو شراب أهل النار ، ولونه لون السماء ، غير أنّ شراب أهل النار أشد حرا من هذا.

(٣) يقال : سوار وإسوار ، والجمع أسورة ، وجمع الجمع أساور. راجع اللسان : سور. (٤) البيتان في ديوانه ص ١٠٠ وفيه [أتوعدني أن جاش]. والدعامص : دود أسود يكون في الغدران إذا قلّ ماؤها. واحدها : دعموص.

٣٠

(وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً).

لم تنقص.

(وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ). (٣٤)

أموال مثمّرة نامية.

(وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً). (٤٠)

نارا (١). وقيل : بردا.

وقيل : عذابا بحساب ، لأنّ عذاب الله يكون بحساب الذنب.

وقيل : إنّ أصل الحساب سهام ترمى في مرمى واحد.

(فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً).

أرضا ملساء لا ينبت فيها نبات ، ولا يثبت عليها قدم.

(أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً). (٤١)

أي : أو يصبح غائرا ، أقيم المصدر مقام الوصف. قال الراجز :

٦٩٥ ـ شتّان هذا والعناق والنّوم

والمشرب البارد والظلّ الدّوم (٢)

(فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ). (٤٢)

يضرب إحداهما على الأخرى تحسرا (٣).

(لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي). (٣٨)

__________________

(١) أخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنّ نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى : (حُسْباناً مِنَ السَّماءِ)؟ قال : نارا. قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم ، أما سمعت حسان بن ثابت وهو يقول :

بقية معشر صبّت عليهم

شآبيب من الحسبان شهب

(٢) البيت للقيط بن زرارة قاله يوم جبلة. وهو في مجاز القرآن ١ / ٤٠٤ ؛ والبيان والتبيين ٣ / ١٩٦ ؛ وشذور الذهب ص ٥١٧ ؛ والأغاني ١٠ / ٣٧ ؛ وخزانة الأدب ٦ / ١٨٤.

(٣) هذه الآية قدّمها المؤلف على محلها.

٣١

لكنّا : أصله : لكن أنا ، بإشباع الألف في «أنا» ، فألقيت حركة الهمزة من «أنا» على النون الساكنة في «لكن» ، كما قالوا في الأحمر : الحمر ، فصار : لكننا بنونين فأدغمت إحداهما في الأخرى ، فصار «لكنّا» كقوله تعالى : (ما لَكَ لا تَأْمَنَّا)(١).

وفي «أنا» بعد «لكن» ضمير الشأن والحديث. أي : لكن أنا الشأن والحديث الله ربي. قال :

٦٩٦ ـ وترمينني بالطرف أي : أنت مذنب

وتقلينني لكنّ إياك لا أقلي (٢)

(هُنالِكَ الْوَلايَةُ). (٤٤)

بالفتح مصدر الولى. أي : يتولون الله يومئذ ويتبرّؤن ممّا سواه.

وبالكسر (٣) مصدر الوالي. أي : الله ، بل جزاؤهم يومئذ.

وقيل : هما سواء كالجداية والجداية (٤) في الأسماء ، والوصاية والوصاية في المصادر.

(لِلَّهِ الْحَقِ).

كسر «الحق» على الصفة لله. أي : الله على الحقيقة.

ورفعه (٥) على النعت ل «الولاية».

(وَخَيْرٌ عُقْباً). (٤٤)

أي : الله خير لهم في العاقبة.

(كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ). (٤٥)

__________________

(١) سورة يوسف : آية ١١.

(٢) البيت لم يعلم قائله. وهو في مغني اللبيب رقم ١٢٢ ؛ وتفسير القرطبي ١٠ / ٤٠٥ ؛ وروح المعاني ١٥ / ٢٧٧ ؛ وشواهد التوضيح والتصحيح ص ٨٣ ؛ ومعاني القرآن للفراء ٢ / ١٤٤.

(٣) قرأ «الولاية» بكسر الواو حمزة والكسائي وخلف ، والباقون بالفتح.

(٤) الجداية والجداية : الذكر والأنثى من أولاد الظباء.

(٥) قرأ «الحق» بالرفع أبو عمرو والكسائي ، والباقون بالجرّ. الإتحاف ص ٢٩٠.

٣٢

تمثيل الدنيا بالماء من حيث إنّ أمرها في السيلان ، ومن حيث إنّ قليلها كاف ، وكثيرها إتلاف ، ومن حيث اختلاف أحوال بنيها كاختلاف ما ينبت بالماء من النبات.

(فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ). (٤٥)

الهشيم : النبت إذا جفّ وتكسّر ، فذرته الرياح.

ويشبّه به فانية المتاع ، وضعفة الناس. قال ابن ميادة :

٦٩٧ ـ أمرتك يا رياح بأمر حزم

فقلت : هشيمة من أهل نجد

٦٩٨ ـ نهيتك عن رجال من قريش

على محبوكة الأصلاب جرد (١)

(تَذْرُوهُ الرِّياحُ).

يقال : ذرته الريح ، وذرّته ، وأذرته : إذا نسفته ، وطارت به.

(وَخَيْرٌ أَمَلاً). (٤٦)

لأنه لا يكذب ، بخلاف سائر الآمال.

(وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً). (٤٧)

لا يسترها جبل.

وقيل : قد برز ما في بطنها من الأموات والكنوز.

(لَقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ). (٤٨)

أي : أحياء.

(مَوْبِقاً). (٥٢)

__________________

(١) البيتان في ديوانه من أبيات قالها لّما بلغه مقتل رياح بن عثمان المري. وهي في ديوانه ص ١١٥ ـ ١١٦ ؛ وديوان المعاني ١ / ١٢٣ ؛ والكامل للمبرد ١ / ٢٨ ؛ واللسان : هشم. ويروى شطر البيت الثاني :

[وقلت له تحرّز من رجال]

٣٣

مجلسا.

وقيل : مهلكا.

(قُبُلاً). (٥٥)

مفاجأة. وقيل : أنواعا من العذاب ، كأنه جمع قبيل (١).

وقيل : مقابلة ، وهو معنى «قبلا».

(لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَ). (٥٦)

ليبطلوه ويزيلوه. والدحض : المزل المزلق. قال :

٦٩٩ ـ وأستنقذ المولى من الأمر بعد ما

يزلّ كما زلّ البعير عن الدّحض (٢)

(لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً). (٥٨)

منجا. وقيل : ملجأ كما قال حسان :

٧٠٠ ـ أقمنا على الرّس النزيع لياليا

بأرعن جرّار عريض المبارك

٧٠١ ـ نسير فلا تنجو اليعافير وسطنا

وإن وألت منا بشدّ مواشك (٣)

(لِمَهْلِكِهِمْ). (٥٩)

أي : لإهلاكهم ، فهو على هذا مصدر ، كقوله تعالى : (مُدْخَلَ صِدْقٍ)(٤). قال :

__________________

(١) راجع الجزء الأول في سورة الأنعام ص ٣٤٤.

(٢) البيت لطرفة ، ويروى صدره [وردت ونحّى اليشكري صدره] ، وقيل : هو للحكم بن عبدل الأسدي ، شاعر أموي وهو في مجاز القرآن ١ / ٤٠٨ ؛ وتفسير القرطبي ١١ / ٦ ؛ وتفسير الطبري ١٥ / ١٦١. واللسان مادة : دحض ، والتذكرة السعدية ص ١٨٦ ؛ وشرح الحماسة للتبريزي ٣ / ٩٣ ؛ ومحاضرات الأدباء ١ / ٣٥٧.

(٣) البيتان في ديوان حسان ص ١٧٠. الرس : البئر ، النزيع : القريبة القعر ، الأرعن : أراد به الجيش العظيم ، اليعافير الظباء.

(٤) سورة الإسراء : آية ٨٠.

٣٤

٧٠٢ ـ ألم تعلمي مسرّحي القوافي

فلا عيّا بهنّ ولا اجتلابا (١)

أي : تسريحي.

ويجوز أن يكون «مهلكم» اسما لزمان الهلاك. أي : جعلنا لوقت إهلاكهم موعدا.

ولكنّ المصدر أولى وأفصح ، لتقدير : «أهلكناكم» ، والفعل يقتضي المصدر وجودا وحصولا ، وهو المفعول المطلق ، ويقتضي الزمان والمكان محلا وظرفا.

وكلّ فعل زاد على ثلاثة أحرف ، فالمصدر واسم الزمان والمكان فيه على مثال المفعول به ، وإذا كان المهلك اسما لزمان الهلاك ، فلا يجوز الموعد اسما للزمان أيضا.

لأنّ الزمان وجد في المهلك ، فلا يكون للزمان زمان ، بل يكون الموعد بمعنى المصدر.

أي : جعلنا لزمان هلاكهم وعدا.

وكذلك على العكس ، إذا جعل المهلك مصدرا كان الموعد اسم الزمان.

وهذا من المشكل على كثير من الناس ، حتى على الأصمعي (٢) ، فإنه أنشد للعجّاج :

__________________

(١) البيت لجرير وهو في اللسان مادة سحج ٢ / ٢٩٦ ؛ والدر المصون ٣ / ١٣١ ؛ والخصائص ١ / ٣٦٧ ؛ والكتاب ١ / ١١٩ ؛ وشرح أبيات الكتاب للنحاس ص ٨٦.

(٢) اسمه عبد الملك بن قريب ، كان الرشيد يسميه شيطان الشعر ، أحد أئمة اللغة والغريب والملح والنوادر. روى عن أبي عمرو وشعبة وحماد بن سلمة ، كان لا يفتي إلا فيما أجمع عليه علماء اللغة. قال الشافعي : ما عبّر أحد عن العرب بمثل عبارة الأصمعي. توفي سنة ٢١٥ ه‍.

٣٥

٧٠٣ ـ جأبا ترى تليله مسحّجا (١)

 ................

فقال أبو حاتم (٢) : إنما هو : [بليته].

فقال : من أخبرك بهذا؟

فقال : من سمعه من فلق في (٣) رؤبة ، يعني : أبا زيد.

قال : هذا لا يكون.

فقال : بلى ، جعل مسحّجا مصدرا ، كما قال :

٧٠٤ ـ ألم تعلمي مسرّحي القوافي (٤)

 ................

فكأنّه أراد أن يدفعه.

فقال : قال الله عزّ اسمه : (وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ)(٥) ، فسكت (٦).

(وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ). (٦٠)

وهو ابن أخته يوشع بن نون.

(لا أَبْرَحُ).

لا أزال أمشي.

(مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ).

__________________

(١) الشطر من جيمية العجاج : وبعده :

كأنّ في فيه إذا ما شحجا

عودا دوين اللهوات مولجا

وهو في لسان العرب مادة سحج ٢ / ٢٩٦ ؛ وديوان العجاج ٢ / ٣٣. والجأب : الغليظ ، والتليل : العنق.

(٢) أبو حاتم السجستاني ، سهل بن محمد ، كان إماما في علوم القرآن واللغة والشعر ، قرأ كتاب سيبويه على الأخفش مرتين ، روى عن أبي عبيدة والأصمعي وأبي زيد ، روى له النسائي في سننه ، توفي سنة ٢٥٥ ه‍.

(٣) سقطت كلمة [في] من المخطوطة ، والفلق : الشق. يقال : كلمني من فلق فيه.

(٤) البيت لجرير وقد تقدم.

(٥) سورة سبأ : الآية ١٩.

(٦) القصة موجودة في اللسان ٢ / ٢٩٦ ؛ والخصائص ٣ / ٢٩٤.

٣٦

بحر روم وبحر فارس ، يبتدىء أحدهما من المشرق ، والآخر من المغرب حتى يلتقيا.

ـ وقيل : أراد بالبحرين الخضر وإلياس ، بغزارة علمهما (١).

(أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً).

حينا طويلا.

يقال : إنه ثمانون سنة. وقيل : أقلّ من ذلك.

(فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما). (٦١)

أي : أفريقية.

(فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً). (٦١)

أي : الموت. أحياه الله ، فظفر في البحر.

(سَرَباً).

مسلكا (٢).

(ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ). (٦٤)

كان أوحي إلى موسى أنك تلقى الخضر حيث تنسى شيئا من متاعك.

(فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً).

أي : رجعا يقصّان الأثر ، ويتبعانه.

(شَيْئاً إِمْراً). (٧١)

__________________

(١) وقيل : هما موسى والخضر ، وهذا لا يصح ، لمخالفته ظاهر الآيات.

(٢) قال القرطبي : وجمهور المفسرين أنّ الحوت بقي موضع سلوكه فارغا ، وأنّ موسى مشى عليه متّبعا للحوت ، حتى أفضى به الطريق إلى جزيرة في البحر ، وفيها وجد الخضر. وظاهر الروايات والكتاب أنه إنما وجد الخضر في ضفة البحر.

٣٧

عجبا (١).

(لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ). (٧٣)

أي : تركت.

(وَلا تُرْهِقْنِي).

ولا تعاسرني.

(زَكِيَّةً). (٢) (٧٤)

زاكية : التي لم تذنب. و«زكية» : التي غفر لها ذنبها (٣).

وقيل : الزكية في الدين والعقل ، والزاكية في اليدين. أي : تامة نامية.

وهو معنى قول ابن عباس : إنّ المقتول كان شابا يقطع الطريق.

والبالغ يقال له : الغلام أيضا. كما قالت ليلى الأخيلية :

٧٠٥ ـ إذا نزل الحجّاج أرضا مريضة

تتبع أقصى دائها فشفاها

٧٠٦ ـ شفاها من الدّاء العضال الذي بها

غلام إذا هزّ القناة سقاها (٤)

__________________

(١) قال أبو عبيدة : أي داهية نكرا عظيما. وفي آية أخرى : (شَيْئاً إِدًّا) قال :

قد لقي الأقران مني نكرا

داهية دهياء إدّا إمرا

(٢) قرأ «زاكية» بألف بعد الزاي نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر ورويس والباقون «زكية» بغير ألف.

(٣) أخرج مسلم برقم ٢٣٨٠ وأبو داود ٤٧٠٦ والترمذي ٣١٤٨ عن أبيّ بن كعب عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا ، ولو أدرك لأرهق أبويه طغيانا وكفرا».

(٤) البيتان قالتهما من أبيات لها تشكو قحط الزمان. وبعدهما :

سقاها فروّاها بشرب سجاله

دماء رجال حيث مال حشاها

فما ولد الأبكار والعون مثله

ببحر ولا أرض يجفّ ثراها

فلما قالت البيت الأخير قال : قاتلها الله ، والله ما أصاب صفتي شاعر منذ دخلت العراق غيرها ، ووصلها. والبيتان مع خبرها في وفيات الأعيان ٢ / ٤٨ ؛ ومحاضرات الأبرار ٢ / ٧٣ ؛ وربيع الأبرار ٣ / ٦٨٩.

٣٨

(يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ). (٧٧)

يكاد أن ينقضّ.

وحكى الصولي (١) في «معانيه» أنّ بعض الكتّاب أنكر الإرادة للجماد ، وتكلّم على وجه الطعن فألقمته الحجر بقول الراعي :

٧٠٧ ـ في مهمة فلقت به هاماتها

فلق الفؤوس إذا أردن نصولا (٢)

(فَخَشِينا) (٨٠)

كرهنا.

وقيل : علمنا. وخشي مثل : حسب وظنّ ، من الأفعال التي تقارب أفعال الاستقرار والثبات.

(وَأَقْرَبَ رُحْماً). (١٧)

أكثر برا لوالديه ، وأتمّ نفعا.

(مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً). (٨٤)

علما يتسبب به إلى نيله.

(فَأَتْبَعَ سَبَباً). (٨٥)

أي : طريقا من المشرق فالمغرب كقوله تعالى : (أَسْبابَ السَّماواتِ)(٣) أي : طرائقها.

(وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ) (٨٦)

__________________

(١) أبو بكر الصولي محمد بن يحيى ، أحد الأدباء الفضلاء المشهورين. روى عن أبي داود السجستاني وثعلب والمبرد ، وعنه الحافظ الدارقطني ، نادم الراضي ثم المقتدر ، توفي سنة ٣٣٥ ه‍ بالبصرة.

(٢) البيت في ديوانه ص ٢٢٢ ؛ ومبادىء اللغة ص ٨٦ ؛ وتفسير القرطبي ١١ / ٢٦ ؛ وتفسير الطبري ١٥ / ١٧٢ ؛ وتفسير الرازي ٥ / ٧٤٥.

(٣) سورة غافر : آية ٣٧.

٣٩

ذات حمأة.

فإنّ من ركب البحر وجد الشمس تطلع وتغرب منها رؤية لا حقيقة.

(فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى). (١) (٨٨)

أي : الجنة الحسنى ، فحذف الموصوف اكتفاء بالصفة ، وربّما نوّن الجزاء ، ثم يكون الحسنى بدلا منه.

(لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً). (٩٠)

أي : كنّا ببناء أو بحجر.

وقيل : بل أراد دوام طلوعها عليهم في الصيف ، وإلا فالحيوان يحتال للكنّ حتى الإنسان ، ولكن وراء بربر من تلقاء بلغار إذا سلك السالك منهم لحق القطب في البحر ، لامتناع المسير في البرّ ، وصل إلى حيث يبطل الليل في الصيف بواحدة ، وتدور الشمس ظاهرة فوق الأرض.

ـ وقد حكي أنّ رسولا من أهل بلغار ورد على الأمير الماضي ، أنار الله برهانه وكان بلغ الموضع المذكور ، فحكاه بين يديه ، وكان رحمه‌الله عظيم الصلابة في دين الله ، فتسارع إلى شتم الرجل ونسبته إلى الإلحاد ، على براءة أولئك القوم عنه حتى قال له الشيخ أبو نصر بن مشكان (٢) : إنّ

__________________

(١) قرأ حفص وحمزة والكسائي وخلف ويعقوب «جَزاءً» منونا منصوبا ، على أنه مصدر في موضع الحال ، والباقون بالرفع من غير تنوين على الابتداء ، والخبر الظرف قبله والحسنى مضاف إليها.

(٢) هو أحمد بن محمد بن أحمد ، أبو نصر بن مسكان ـ بالسين والشين ـ النيسابوري الجدّ الحنفي. ذكره الذهبي في تاريخ الإسلام فيمن توفي سنة ٤١٣ ه‍. وقال : ولد سنة نيف وعشرين ، سمع بعد الثلاثين من جماعة منهم الأصم. قال عبد الغفار : وضاعت كتبه ، واقتصر على الرواية عن الأصم فمن بعده. وقال أبو صالح المؤذن : سمعت منه ، وكان يغلط في أحاديثه ، ويأتي بما لا يتابع عليه. راجع الطبقات السنية ٢ / ٣٣ ـ ٣٤.

٤٠