وضح البرهان في مشكلات القرآن - ج ٢

محمود بن أبي الحسن بن الحسين النيسابوري الغزنوي [ بيان الحق النيسابوري ]

وضح البرهان في مشكلات القرآن - ج ٢

المؤلف:

محمود بن أبي الحسن بن الحسين النيسابوري الغزنوي [ بيان الحق النيسابوري ]


المحقق: صفوان عدنان داوودي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار القلم ـ دمشق
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٠٨
الجزء ١ الجزء ٢

(سورة النجم) (١)

(وَالنَّجْمِ إِذا هَوى). (١)

قيل : إنها النجوم المنقضّة على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم انقضاضا إلى أجل.

وقيل : إنّ المراد جنس النجوم.

فأقسم بها إذا هوت للمغيب ، لما فيه من الدلالة على التوحيد ، كما في قصة إبراهيم عليه‌السلام.

وقيل : إنّ النجم في لغة العرب الثريا. قال :

١١١٧ ـ إذا شالت الجوزاء والنجم طالع

فكلّ مخاضات الفرات معابر

١١١٨ ـ وإني إذا ضنّ الأمير بإذنه

على الإذن من نفسي إذا شئت قادر (٢)

وتخصيص القسم بالثريا لأنهم كانوا يستدلون بها على أمور (٣) ، ونوءها

__________________

(١) أخرج البخاري ومسلم عن ابن مسعود قال : أول سورة أنزلت فيها سجدة «والنجم» فسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وسجد الناس كلهم إلا رجلا أخذ كفا من تراب فسجد عليه ، فرأيته بعد ذلك قتل كافرا ، وهو أمية بن خلف. فتح الباري ٨ / ٦١٤ ؛ ومسلم ٥٧٦.

(٢) البيتان لعبد الله بن سبرة القرشي ، أو للأغر بن عبد الله. وهما في الحماسة البصرية ١ / ٧ ؛ وشرح التبريزي ٢ / ١٩ ؛ والتذكرة السعدية ص ٧٠.

(٣) وجاء في الحديث : إذا طلع النجم صباحا رفعت العاهة عن كل بلدة. أخرجه أبو داود. وانظر كشف الخفاء ١ / ١٠٢. وكذا الطبراني في معجمه الصغير ص ٧٠ بلفظ [إذا ارتفع النجم رفعت العاهة عن كل بلد] وفيه ضعيف. ـ

٣٤١

أغزر ، ولما أراد عمر الاستسقاء بالعباس قال : يا عمّ رسول الله ، كم بقي من نوء الثريا؟

وهو بعد تصغيره : ثريا ، لأن مطرها تكون منه الثروة أو الكثرة من الندى عند نوئها (١).

وقال الزجّاج في كتاب «الأنواء» : وزعم بعض المؤمنين من المنجمين أنّ الثريا إذا هوى للغروب طلع رقيبه الإكليل من العقرب.

أي : إنّ صاحبكم هو الذي دلّ عليه برج قران الملة ، فهو النبي حقا.

وظنّه آخرون من طالع مولده ، إن كان الميزان فإن الهوي للغروب ليس بنفس الغروب وإنما هو الذهاب إليه ، وحينئذ يكون الميزان طالعا.

وهذا هو الهذيان الذي لا يحل سوداء جالينوس.

(ذُو مِرَّةٍ). (٦)

ذو حزم في قوة ، كما قال جرير :

١١١٩ ـ وما زادني طول المدى نقص مرّة

ولا رقّ عودي للضّروس العواجم (٢)

(فَاسْتَوى).

ارتفع إلى مكانه.

__________________

ـ وأخرج أحمد : ما طلع النجم قط وفي الأرض شيء إلا رفع ، والنجم الثريا. انظر المسند ٢ / ٣٨٨. ولأحمد والبيهقي من حديث عثمان بن عبد الله بن سراقة عن ابن عمر قال : نهى رسول الله عن بيع الثمار حتى تؤمن عليها العاهة ، قيل : ومتى ذلك يا أبا عبد الرحمن؟

قال : إذا طلعت الثريا. راجع المقاصد الحسنة للسخاوي ص ٤٠ ؛ والمسند ٢ / ٤٢.

(١) قال ابن منظور : والثريا من الكواكب ، سميت لغزارة نوئها ، وقيل : سميت بذلك لكثرة كواكبها مع صغر مرآتها. راجع لسان العرب : ثرا.

(٢) البيت في ديوانه ص ٤٥٧.

٣٤٢

وقيل : استوى على صورته ، وذلك أنه رأى جبريل على صورته في الأفق الأعلى وقوله :

(بِالْأُفُقِ الْأَعْلى). (٧)

أي : استوى جبريل ومحمد عليهما‌السلام بالأفق الأعلى ، وحسن الحذف لئلا يتكرر. وهو كما قال الشاعر :

١١٢٠ ـ ألم تر أنّ النبع يصلب عوده

ولا يستوي والخروع المتقصّف (١)

أي : لا يستوي هو والخروع.

وقيل : إنّ «وهو بالأفق» جبرئيل.

وهذا القول أظهر.

(ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى). (٨)

يعني جبريل ، على هذا القول.

أي : نزل بالوحي في الأرض.

وعلى الأول : محمد عليه‌السلام ، دنا من جبريل عليه‌السلام.

والتدلّي : النزول والاسترسال. قال لبيد :

١١٢١ ـ فتدليت عليه قافلا

وعلى الأرض غيابات الطّفل (٢)

(فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى). (٩)

قدر قوسين.

__________________

(١) البيت لجرير. وهو في معاني القرآن للفراء ٣ / ٩٥ ولم ينسبه المحقق. والجليس الصالح ٢ / ٦٤ ولم ينسبه المحقق الدكتور محمد مرسي الخولي وكيل معهد المخطوطات العربية ، وهو في ضرائر الشعر لابن عصفور ص ١٨٠ ؛ وتفسير القرطبي ١٧ / ٨٥ ولم ينسبه المصحح.

(٢) البيت في ديوانه ص ١٤٥ ؛ وتفسير القرطبي ١٧ / ٨٩.

٣٤٣

وفي معناه لأبي حيّة النميري :

١١٢٢ ـ إذا ريدة من حيث ما نفخت له

أتاه بريّاها خليل يواصله

١١٢٣ ـ وفي الجانب الأقصى الذي ليس ضربة

برمح بلى ، حرّان زرق معابله (١)

أي : ليس بين القانص وبين الأتن إلا قدر رمح.

ـ وقال الزّجاج (٢) : إنما لم يقل : فكان أدنى من قاب قوسين لأنه لا شك في الكلام ، لأنّ المعنى : فكان على ما تقدّرونه أنتم قدر قوسين أو أدنى ، وقد مرّ نظيره (٣).

(فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى). (١٠)

أي : أوحى إلى جبريل ما أوحى جبريل إلى محمد.

(ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى). (١١)

أي : ما كذب فؤاده ما رآه ، وهو من رؤية القلب بمعنى علمه ويقينه ، لأنّ محل الوحي القلب ، كما قال عزوجل : (فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ)(٤).

(أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى). (١٢)

أي : أتجحدونه على علمه ويقينه.

وقال المبرّد : أفتدفعونه عما يرى.

(ما زاغَ الْبَصَرُ). (١٧)

__________________

(١) الأول في البحر المحيط ٦ / ١٩٤ من غير نسبة ، إيضاح الشعر ص ٥٢٤ ، واللسان مادة : ريد ، ولم ينسبه أيضا ، وخزانة الأدب ٦ / ٥٥٤ ، وشرح أبيات مغني اللبيب ٣ / ١٤٨. والثاني في المعاني الكبير ٢ / ٧٨٤. يعني القانص ، قال : ليس يكون قدر ضربة برمح ، ثم قال : بلى. والريدة : الريح اللينة.

(٢) انظر معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٥ / ٧١.

(٣) انظر : قوله تعالى : (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) آية ١٤٧ سورة الصافات ٢ / ٢٣٨. وانظر : معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٤ / ٣١٤.

(٤) سورة البقرة : آية ٩٧.

٣٤٤

ما أقصر عما أبصر.

(وَما طَغى).

ما طلب لما حجب.

(أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ). (١٩)

صنم لثقيف.

(وَالْعُزَّى).

سمرة لغطفان.

(وَمَناةَ) (٢٠)

صخرة لهذيل وخزاعة.

وإنما أنّثوا أسماء هذه الأصنام تشبيها لها بالملائكة على زعمهم أنهم بنات الله ، فردّ الله عليهم بقوله : (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى (٢١) تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى) (٢٢)

جائرة.

وبالهمزة : ظالمة ، أنشدت في الأول :

١١٢٤ ـ ضأزت بنو أسد بحكمهم

إذ يعدلون الرأس بالذّنب (١)

وفي الثاني :

١١٢٥ ـ إن تنأعنا ننتقصك وإن تقم

فحظّك مضؤوز وأنفك راغم (٢)

__________________

(١) البيت نسب لامرىء القيس ، وليس في ديوانه. وهو في تفسير القرطبي ١٧ / ١٠٢ ؛ وروح المعاني ٢٧ / ٥٧ ؛ والبحر المحيط ٨ / ١٥٤. ـ وعن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : «ضيزى»؟ قال : جائرة. قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم ، أما سمعت قول امرىء القيس :

ضأزت بنو أسد بحكمهم

إذ يعدلون الرأس بالذّنب

(٢) البيت في اللسان مادة ضأز ، وتفسير الماوردي ٤ / ١٢٦ ؛ وتفسير القرطبي ١٧ / ١٠٢.

٣٤٥

ووزن ضيزى فعلى ، لأنه ليس في النعوت فعلى ، إلا أنه كسر الضاد للياء ومثله : حيكى ، مشية فيها تفكه وتبختر.

والكيسى والضيقى في الكوسى والضوقى ، في تأنيث الأكيس والأضيق ، ولهذا قالوا : بيض وعين ، وكان ينبغي : بوض ، مثل أحمر وحمر.

(أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى). (٢٤)

أي : من الذكور.

(إِلَّا اللَّمَمَ). (٣٢)

أي : الصغائر.

وقيل : هو الإلمام بالذنب من غير معاودة.

وقيل : إنها ما دون الوطىء من المضاجعة والمغازلة ، وأنشد لوضّاح اليمن :

١١٢٦ ـ إذا قلت يوما نولّيني تبسّمت

وقالت : معاذ الله من فعل ما حرم

١١٢٧ ـ فما نولّت حتى تضرّعت حولها

وأقرأتها ما رخّص الله في اللمم (١)

(أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى). (٣٣)

العاص بن وائل.

(وَأَعْطى قَلِيلاً). (٣٤)

من الخير بلسانه.

(وَأَكْدى).

منع ما أعطى وقطع.

__________________

(١) البيتان في الأغاني ٦ / ٣٩ ؛ واللسان مادة نول ؛ وعيون الأخبار ٤ / ١٠٠ ؛ وثمار القلوب ص ١١٠.

٣٤٦

(وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى). (٣٧)

هذا على تسمية السبب باسم مسببه ، فإنّ معناه : إذا قال فقد فعل ، أو وقع ما يقوله ، وهذا كقول بعض المولّدين :

١١٢٨ ـ مبارك إذا رأى فقد رزق (١)

 ..............

وأصله لامرىء القيس :

١١٢٩ ـ إذا ما غدونا قال ولدان أهلنا :

تعالوا إلى أن يأتي الصيد نحطب

١١٣٠ ـ نمش بأعراف الجياد أكفّنا

إذا نحن قمنا عن شواء مضهّب (٢)

(ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى). (٤١)

جزيته الجزاء أفصح من : جزيته بالجزاء ، وقد جمعهما الشاعر في قوله :

١١٣١ ـ إن أجز علقمة بن سيف سعيه

لا أجزه ببلاء يوم واحد

١١٣٢ ـ لأحبّني حبّ الصبيّ ورمّني

رمّ الهديّ إلى الغنيّ الواجد (٣)

(أَضْحَكَ وَأَبْكى). (٤٣)

ساء وسر.

وقيل : خلق الإنسان ضاحكا باكيا.

قال مجاهد : أي : بحيث الوتر من القوس مرّتين.

__________________

(١) لم أجده.

(٢) البيتان في ديوانه ص ٣٤ ـ ٣٧. والأول في الأضداد لابن الأنباري ص ٢٦٥.

(٣) البيتان لرجل من بهراء اسمه فدكي بن أعبد ، وكان مجاورا لعلقمة بن سيف العتابي ، فسرقت إبله فسعى علقمة في استردادها له فلم يوفق ، فأخرج من ماله مائة بعير ودفعها له عوضا. والبيتان في شرح الحماسة ٤ / ٧٠ ـ ٧١ ؛ واللسان : لمم ، والحيوان ٣ / ٤٦٨ ؛ والبيان والتبيين ٣ / ٢٣٣. والأول في تفسير القرطبي ١٧ / ١١٥.

٣٤٧

وقيل : أضحك الأرض بالنبات ، وأبكى السماء بالمطر ، واقتبسه بعض من جمع أنواعا من الاقتباسات في بيتين فقال :

١١٣٣ ـ أما والذي أبكى وأضحك عبده

وأطعم من جوع وآمن من خوف

١١٣٤ ـ لما كان لي قلب سوى ما سلبته

وما جعل الرحمن قلبين في جوف

(مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى). (٤٦)

تسال وتصب.

وقيل : تخلق وتقدّر ، كما قال الهذلي :

١١٣٥ ـ لا تأمننّ وإن أصبحت في حرم

إنّ المنايا بجنبي كلّ إنسان

١١٣٦ ـ ولا تقولنّ لشيء : سوف أفعله

حتى تبيّن ما يمني لك الماني (١)

(أَغْنى وَأَقْنى). (٤٨)

أعطى الغنية والقنية ، وهي أصل المال (٢).

(وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى). (٤٩)

خصّت بالذكر لتفرّدها بالعظم والنور ، فليس في الكواكب الثابتة ما يدانيها.

ولذلك ابتدع أبو كبشة عبادتها ، وشبّه رسول الله به (٣) ، ونسبت وأضافت العرب شدة الحرّ إليها.

__________________

(١) البيتان لأبي قلابة الهذلي ، وقيل لسويد بن عامر. وهما في الأغاني ٧ / ٣٣ ؛ واللسان مادة : منى ، وأمالي المرتضى ١ / ٣٦٨ ؛ والروض الأنف ١ / ١٣٢.

(٢) عن ابن عباس أنّ نافع بن الأزرق سأله عن قوله : (أَغْنى وَأَقْنى) قال : أغنى من الفقر ، وأقنى من الغنى فقنع به ، قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم ، أما سمعت قول عنترة العبسي :

فاقني حياءك لا أبا لك واعلمي

أني امرؤ سأموت إن لم أقتل

يقال : قنيت حيائي : لزمته.

(٣) عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في خزاعة ، وكانوا يعبدون الشعرى. هو الكوكب الذي يتبع الجوزاء.

٣٤٨

وكذلك لأوباش المنجمين وسوسة فيها ، حتى قال بعض المذكورين منهم :

إذا بلغ أوج الشمس إلى درجتها استولت هي بقوتها وتأثيرها على الدنيا ، فيرتفع الجزر والفساد ، وينعدم التعب والكدّ ، ويتغير طباع التحسين.

وهذا القائل ينظر في التنجيم من وراء حجاب ، ويؤذي أصحاب تلك الصناعة. فإنّ أوج الشمس عندهم ثابت البتة.

وقد نظم ذلك بعض كتّاب هذه الدولة في الأمير الماضي رحمه‌الله فقال :

١١٣٧ ـ تجاوزت أوج الشّمس عزا ورفعة

وذللت قسرا كلّ من يتملك

١١٣٨ ـ فما حركات متعبات تديمها

تنأى بأوج الشمس لا يتحرك

وكذلك ما يدري كيف اختار هذا القائل الشعرى على قلب الأسد الملكي الذي هو على ممرّ الأوج أن لو كان يتحرك ، وما دام هذا العالم موسوما بالموت والحياة ، والسباع بالأنياب والبراثن ، والأعمال بالمحاولة والمزاولة كان ما قاله هذا القائل محالا.

وفي الاختلاف بين الناس ائتلاف مصالحهم ، فإنهم إذا تساووا في السعة والدّعة هلكوا.

(وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى). (٥٣)

أي : المنقلبة. مدائن قوم لوط.

(أهوى) رفعها جبريل إلى السماء ، ثم أهوى بها.

(أَزِفَتِ الْآزِفَةُ). (٥٧)

اقتربت القيامة.

(لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ كاشِفَةٌ). (٥٨)

٣٤٩

أي : من يكشف عن عملها ويجلّيها.

وقيل : من يكشفها ويدفع شدائدها وأهوالها.

والهاء من أجل أنّ «كاشفة» مصدر ، مثل : عافية وعاقبة.

(وَأَنْتُمْ سامِدُونَ). (٦١)

خامدون.

وأنشد رمي الحدثان :

١١٣٩ ـ رمى الحدثان نسوة آل حرب

بمقدار سمدن له سمودا

١١٤٠ ـ فردّ شعورهنّ السود بيضا

وردّ وجوههنّ البيض سودا (١)

* * *

__________________

(١) البيتان اختلفا في قائلهما فقيل لفضالة بن شريك ، وقيل لرمي الحدثان وقيل لعبد الله بن الزبير الأسدي. وهما في الصناعتين ص ٣٤٤ ؛ ومعجم الشعراء ص ٣٠٩ ؛ وخزانة الأدب ٢ / ٢٦٤ واللسان مادة : سمد ، وشرح الحماسة للتبريزي ٢ / ٤. ـ وأخرج الطبراني عن ابن عباس أنّ نافع بن الأزرق سأله عن قوله تعالى : (سامِدُونَ)؟ قال : السمود : اللهو والباطل. قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم ، أما سمعت هزيلة بنت بكر وهي تبكي قوم عاد :

ليت عادا قبلوا الحقّ

ولم يبدوا جحودا

قيل : قم فانظر إليهم

ثم دع عنك السمودا

٣٥٠

(سورة القمر)

(وَانْشَقَّ الْقَمَرُ). (١)

قال الحسن : أي : ينشق (١).

فجاء على صيغة الماضي وهي للمستقبل ؛ إمّا لتحقيق أمره ووجوب وقوعه ؛ أو لتقارب وقته ، أو لأنّ المعنى مفهوم أنّه في المستقبل فلا يلتبس.

وعلى هذا نظائر هذا القول ، كقوله تعالى : (وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ)(٢).

وقوله تعالى : (وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ)(٣) وغيرهما.

قال الحطيئة :

١١٤١ ـ شهد الحطيئة يوم يلقى ربّه

أنّ الوليد أحقّ بالغدر (٤)

 ـ والذي يدلّ على هذا القول أنّه لو انشقّ لما بقي أحد إلا رأه.

ـ وقال القاضي الماوردي (٥) :

__________________

(١) قول الحسن أنه ينشق بعد مجيء الساعة وهي النفحة الثانية. وهذا خلاف قول الجمهور.

(٢) سورة المائدة : آية ١١٦.

(٣) سورة الأعراف : آية ٤٤.

(٤) البيت في العقد الفريد ٥ / ٥٥ ؛ واللسان مادة : حسب ؛ والأغاني ٤ / ١٧٦ ؛ وسر صناعة الإعراب ١ / ٣٩٨ ؛ وديوان الحطيئة شرح ابن الكتب ص ٢٥٩.

(٥) هو أبو الحسن علي بن حبيب الماوردي أحد الفقهاء الشافعية ، له «البحر» في المذهب ، وتفسير للقرآن مطبوع في ٤ أجزاء ، توفي سنة ٤٥٠ ه‍. وهذا النقل للمصنف من تفسير الماوردي ٤ / ١٣٤.

٣٥١

وهذا على طريق الاستعارة والمثل لوضوح الأمر ، كما يقال في الأمثال : (الليل طويل وأنت مقمر). قال الشنفرى :

١١٤٢ ـ أقيموا بني أمّي صدور مطيّكم

فإني إلى أهل سواكم لأميل

١١٤٣ ـ فقد حمّت الحاجات والليل مقمر

وشدّت لطيّات مطايا وأرحل (١)

وقال الجعدي :

١١٤٤ ـ فلمّا أدبروا ولهم دويّ

دعانا حين شقّ الصبح داعي (٢)

 ـ وأكثر الناس على ظاهر الأمر وأنّ القمر انشق بنصفين حين سأله حمزة بن عبد المطلب (٣).

وعن ابن مسعود قال :

رأيت القمر منشقا شقين : شقة على أبي قبيس ، وشقة على السويداء.

فقالوا : سحر القمر.

(خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ) (٧)

خاشعا (٤).

ثم الفعل إذا تقدّم على المؤنث والجمع جاز تذكيره وتوحيده ، فكذلك الصفة الجارية مجراه ، كما قال الشاعر :

__________________

(١) البيتان في شرح لأمية العرب ص ١٨ ؛ وتفسير القرطبي ١٧ / ١٢٦ ؛ وتفسير الماوردي ٤ / ١٣٤.

(٢) البيت في تفسير القرطبي ١٧ / ١٢٦ ؛ وروح المعاني ٢٧ / ٧٧ ؛ وتفسير الماوردي ٤ / ١٣٤.

(٣) ذكر الماوردي أن حمزة بن عبد المطلب عمّ النبي سأله حين أسلم غضبا لسب أبي جهل لرسول الله أن يريه آية يزداد بها يقينا في إيمانه. ـ وأخرج البخاري ومسلم عن ابن مسعود قال : انشق القمر على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فرقتين فرقة فوق الجبل ، وفرقة دونه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : اشهدوا.

(٤) وهي قراءة أبي عمرو وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف. انظر الإتحاف ص ٤٠٤.

٣٥٢

١١٤٥ ـ وشباب حسن أوجههم

من إياد بن نزار بن معدّ (١).

وأنا أقرأه : (خُشَّعاً)(٢) فعلى هذا الأصل كان من حقّ خاشع أن يجمع على الخاشعين جمع تصحيح أي : يشابه الفعل ، لأنك تقول في الفعل : يخشعون ، ولكنّه بالأسماء التي ليست بصفة ، فوقع «خشّعا أبصارهم» موقع خاشعة ؛ ليدل على تأنيث الأبصار.

وانتصاب القراءتين من الضمير في : «يخرجون» فتقدّمت الحال.

والمعنى بهما : ذلة الأبصار ، فإنّ هذه العوارض إنما تظهر في البصر ، كما قال زهير في موضعين من شعره ، أحدهما :

١١٤٦ ـ لسانك لي حلو ونفسك مرّة

وخيرك كالمرقاة في جبل وعر

١١٤٧ ـ تبين لي عيناك ما أنت كاتمي

ولا جنّ بالبغضاء والنظر الشزر (٣)

والآخر :

١١٤٨ ـ فإن تك في عدوّ أو صديق

تخبّرك العيون عن القلوب

١١٤٩ ـ فلا تكثر على ذي الضّغن عتبا

ولا ذكر التجرّم للذنوب (٤)

__________________

(١) البيت لأبي دؤاد الإيادي وقيل : للحارث بن دوس الإيادي. وهو في اللسان مادة خشع ؛ ومعاني الفراء ٣ / ١٠٥ ؛ وتفسير القرطبي ١٧ / ١٢٩ ؛ والممتع في صنعة الشعر ص ٧٩.

(٢) وهي قراءة الجمهور.

(٣) البيتان ليسا لزهير بن أبي سلمى ، بل هما لأبي جندب الهذلي يعاتب رجلا من قومه. وهما في شرح أشعار الهذليين ١ / ٣٦٧ ؛ وعجز الأول وعجز الثاني في حلية المحاضرة ١ / ٢٦١ ؛ ولم يذكر المحقق د. جعفر الكتاني تتمتهما. والثاني في مجمع الأمثال ٢ / ٢٤٠ ؛ والتذكرة السعدية ص ٢٥٤ ؛ والبيان والتبيين ٤ / ١٣٠ ونسب لسويد بن الصامت.

(٤) البيتان في ديوانه ص ١٦. والأول في مجمع الأمثال ١ / ٣٦١ ؛ وعجز الأول في حلية المحاضرة في صناعة الشعر ١ / ٢٦١ ، ونسبه لرجل من ثقيف ، وهو وهم ، ولم يعرفه المحقق د. جعفر الكتاني ولم يذكر شطره الأول ، وهو في الصداقة والصديق ص ٣٧٣ من غير نسبة من المحقق.

٣٥٣

(مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ). (٨)

مسرعين. وقيل : ناظرين.

وقيل : مستمعين ، كما قال الشاعر :

١١٥٠ ـ بدجلة دارهم ولقد أراهم

بدجلة مهطعين إلى السماع (١)

(فَالْتَقَى الْماءُ).

أي : التقى المياه ، لأنّ الجنس كالجمع.

(عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ). (١٢)

أي : في أم الكتاب ، وذلك الأمر إهلاكهم.

(عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ). (١٣)

دسر : المسامير التي يدسر بها السفن ويشدّ. واحدها : دسار (٢).

وقيل : صدور السفن لأنها تدسر الماء. أي تدفعها.

(تَجْرِي بِأَعْيُنِنا). (١٤)

بمرأى منا.

وقيل : بوحينا وأمرنا.

(جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ).

__________________

(١) البيت ليزيد بن مفرّغ الحميري. وهو في مجاز القرآن ١ / ٣٤٣ ؛ وتفسير القرطبي ٩ / ٢٧٩ ؛ واللسان مادة : هطع ؛ وتفسير الماوردي ٤ / ١٣٦ ولم ينسبه المحقق ، وديوانه ص ١٦٧.

(٢) عن ابن العباس أنّ نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قول الله تعالى : وَدُسُرٍ؟ قال : الدسر التي تحرز بها السفينة. قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم أما سمعت قول الشاعر وهو يقول :

سفينة نوح قد أحكم صنعها

مثخّنة الألواح منسوجة الدسر

٣٥٤

جزاء لهم لكفرهم بنوح ، فاللام الأولى التي هي مفعول بها محذوفة ، واللام الثانية الظاهرة في قوله : (لِمَنْ كانَ كُفِرَ) أي : لكفرهم من كفروا به ، فهذا واضح.

وقول الزجّاج أوضح. أي : فعلنا ذلك جزاء لما صنع به (١).

(فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ). (١٥)

مدّكر : مفتعل من الذكر ، وكان : متذكرا فأدغم.

(فِي يَوْمِ نَحْسٍ). (١٩)

يوم ريح.

والدّبور من بين الرياح يسمّى النحس. قال أوس بن حجر :

١١٥١ ـ بجنب حبيّ ليلتين كأنّما

يفرّط نحسا أو يفيض بأسهم

١١٥٢ ـ فجلجلها طورين ثم أجالها

كما أرسلت مخشوبة لم تقرّم (٢)

(تَنْزِعُ النَّاسَ). (٢٠)

تقلعهم ترمي بهم على رؤوسهم.

(كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ).

أصولها التي قطعت فروعها.

(مُنْقَعِرٍ). منقلع من مكانه ساقط على الأرض.

سئل المبرّد عن المنقعر في هذا الموضع ، والخاوية في موضع آخر فقال : للقائل في هذا الباب اختياران : إن شاء ردّه إلى اللفظ تذكيرا ، وإن شاء إلى المعنى تأنيثا.

__________________

(١) انظر معاني القرآن للزجاج ٥ / ٨٨.

(٢) البيتان في ديوانه ص ١١٩ والمعاني الكبير ص ٢ / ١١٧. والثاني في التاج مادة جلجل ؛ واللسان مادة خشب. وحبي : اسم موضع. وفي المخطوطة [حمّى] بدل [حبي] و[مجنونة] بدل [مخشوبة] وكلاهما تصحيف.

٣٥٥

(لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) (٢٤)

أي : إن فعلنا ذلك كنا على خطر عظيم ، كمن هو في نار. أي : النار التي تنذرنا بها ، كأنّهم قالوا : تركنا دين آبائنا أو التعيّر بذلك كدخول النار.

وقيل : إنّ السعر الجنون ، كما قال امرىء القيس :

١١٥٣ ـ وسالفة كسحوق اللّيا

ن أضرم فيها الغويّ السّعر (١)

وأنشد أبو عبيدة :

١١٥٤ ـ تخال بها سعرا إذا العيس هزّها

ذميل وتوضيع من السّير متعب (٢)

فيكون على هذا حركة عين السعر كما قال الأعشى :

١١٥٥ ـ وإذا الغيث صوبه وضع ال

قدح وجنّ التلاع والآفاق

١١٥٦ ـ لم يزدهم سفاهة شربة ال

خمر ولا اللهو بينهم والسّباق (٣)

(كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ). (٣١)

صاحب الحظيرة التي فيها الهشيم. وتفسير الهشيم والحاصب قد مضى.

(أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ). (٤٤)

أي : يدلون بكثرتهم.

(سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ). (٤٥)

__________________

(١) البيت في ديوانه ص ٧١ ؛ واللسان مادة : سحق. والسالفة : جانب العنق ، والسحوق : الطويلة ، والليان : النخل. (٢) البيت ليس في مجاز القرآن ، وهو في تفسير القرطبي ١٧ / ١٣٨ ؛ في وصف ناقة ؛ والكشاف ٤ / ٤٦ ؛ وروح المعاني ٢٧ / ٨٨.

(٣) البيتان في ديوانه ص ١٢٩. لكن فيه شطر الأول :

[فإذا جاءت الدّجى وضعوا القدح]

٣٥٦

فسيهزمون.

(إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ). (٤٩)

قال الحسن : قدّر الله لكل خلق قدره الذي ينبغي له.

(وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ). (٥٠)

أي : مرة واحدة ، أو كلمة واحدة ، أو إرادة واحدة.

(وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ). (٥١)

أشباهكم.

(وَنَهَرٍ). (٥٤)

أي : سعة العيش ، كما قال قيس بن الخطيم :

١١٥٧ ـ ملكت بها كفي فأنهرت فتقها

يرى قائما من خلفها ما وراءها (١)

* * *

__________________

(١) البيت في ديوانه ص ٤٦ ؛ وتفسير القرطبي ١٧ / ١٤٩ ؛ وتأويل مشكل القرآن ص ١٣٢ ؛ والمعاني الكبير ٢ / ٩٧٨ ؛ وديوان المعاني ٢ / ٢١.

٣٥٧
٣٥٨

(سورة الرّحمن) (١)

(الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ). (٥)

أي : يجريان بحساب.

(وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ). (٦)

النّجم : النبات الذي نجم في الأرض وانبسط فيها ليس له ساق.

والشجر : ما قام على ساق.

وسجودها : ما فيهما من آثار الصنعة الخاضعة لمن أخرجها.

وقيل إمكانهما من الجني والريع ، وتذليل الله إياهما للانتفاع بهما.

وقيل سجودهما دوران ظلهما مع الشمس ما دارت ، كما قال الحطيئة :

١١٥٨ ـ بمستأسد القريان حوّ تلاعه

فنوّاره ميل إلى الشمس زاهره (٢)

__________________

(١) أخرج الترمذي والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على أصحابه فقرأ عليهم سورة الرحمن من أولها إلى آخرها ، فسكتوا فقال : ما لي أراكم سكوتا؟! لقد قرأتها على الجن فكانوا أحسن مردودا منكم ، كنت كلما أتيت على قوله : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) قالوا : ولا بشيء من نعمك نكذّب ، فلك الحمد. انظر عارضة الأحوذي ١٢ / ١٧٧ ، والمستدرك ٢ / ٤٧٣.

(٢) البيت في ديوانه بشرح ابن السّكيت ص ٢٠. استأسد النبت : طال ، والقريان : مجاري الماء إلى الرياض ، والحوّ : التي اشتدت خضرتها حتى ضربت إلى السواد ، والتلاع : مسيل الماء إلى الوادي ، والنوّار : الزهر. وفي المخطوطة [قلاعه] بدل [تلاعه] و[متوارة] بدل [فنوّاره] وكلاهما تصحيف.

٣٥٩

(وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ). (٧)

أي العدل.

(أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ). (٨)

في هذا الميزان يتّزن به الناس.

(وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ). (٩)

الميزان للأعمال يوم القيامة.

فتلك ثلاثة موازين ، فلا تحسبه ميزانا واحدا.

ويندفع على هذا التأويل قول الطاعن : ما معنى الجمع بين آلة الوزن والسماء؟ وأين الميزان من السماء؟ وإنما يوصل الشيء بحسبه وشبهه.

فالعدل الذي أوّلنا به الميزان شبه السماء في اللفظ ، وبه قامت السموات والأرض (١) ، وعلى أنّ هذا القائل إنما أتي من قبل نظره في

__________________

(١) قال البقاعي : ولما ذكر أولا القرآن الذي هو ميزان المعلومات ، ودلّ على رحمانيته بأنواع من البيان ، الذي رقى به الإنسان فصار أهلا للفهم ، وذكره نعمة الميزان للمحسوسات أقبل بالخطاب عليه لافتا له عن أسلوب الغيبة تنشيطا له إلى ارتقاء مراتب الكمال بحسن الامتثال معللا فقال : «أن» ، أي : لأن «لا تطغوا» أي : لا تتجاوزوا الحدود في «الميزان» أي : الأشياء الموزونة من الموزونات المعرفة والعمل المقدر أحدهما بالآخر ، وفي مساواة الظاهر والباطن ، والقول والفعل ، فالميزان الثاني عام لميزان المعلومات وميزان المحسوسات. ولما كان التقدير : فاقتدوا بأفعالي ، وتخلقوا بكل ما آمر به من أقوالي عطف قوله : (وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ) أي : جميع الأفعال التي يقاس لها الأشياء «بالقسط». ولمّا كان المراد العدل العظيم بيّنه بالتأكيد بعد الأمر بالنهي عن الضد فقال : (وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ) أي : لا توقعوا ـ في شيء من آلة العدل التي يقدر بها الأشياء من الذرع والوزن والعدل والكيل ونحوه ـ نوعا من الخسر بما دلّ عليه تجريد الفعل ، فتخسروا ميزان أعمالكم وجزائكم يوم القيامة. وقد علم بتكرير الميزان ما أريد به من التأكيد في الأمر به لما به من الضخامة ، سواء كان بمعنى واحد أو معان مختلفة. راجع نظم الدرر ١٩ / ١٤٦ ـ ١٤٧.

٣٦٠