وضح البرهان في مشكلات القرآن - ج ٢

محمود بن أبي الحسن بن الحسين النيسابوري الغزنوي [ بيان الحق النيسابوري ]

وضح البرهان في مشكلات القرآن - ج ٢

المؤلف:

محمود بن أبي الحسن بن الحسين النيسابوري الغزنوي [ بيان الحق النيسابوري ]


المحقق: صفوان عدنان داوودي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار القلم ـ دمشق
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٠٨
الجزء ١ الجزء ٢

(فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً). (٢٧)

قريبا.

(سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا).

قبحت. أي : ظهر السوء في وجوههم.

(تَدَّعُونَ).

تتداعون بوقوعه ، بمعنى الدعوى التي هي الدعاء.

وجاء في التفسير : تكذّبون ، وتأويله في اللغة : تدّعون الأباطيل والأكاذيب ، كما قال :

١٢٤٨ ـ فما برحت خيل تثوب وتدّعي

ويلحق منها أوّلون وآخر

١٢٤٩ ـ لدن غدوة حتى أتى الليل وانجلت

عماية يوم شرّه متظاهر (١)

(ماؤُكُمْ غَوْراً). (٣٠)

غائرا ذاهبا.

فوصف الفاعل بالمصدر ، كقولهم : رجل عدل : أي عادل.

(بِماءٍ مَعِينٍ). (٣٠)

المعين سبق ذكره (٢).

* * *

__________________

(١) البيتان لعوف بن الأحوص وهو شاعر جاهلي. وهما في المفضليات ص ٣٦٥ ـ ٣٦٦ وقد تقدما.

(٢) الماء المعين : العذب.

٤٢١
٤٢٢

(سورة نون) (١)

(وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ). (٣)

غير مقطوع.

مننت الحبل : قطعته.

(بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ). (٦)

مصدر مثل : الفتون ، كما يقال : بابه معقول. أي : عقل. قال الراعي :

١٢٥٠ ـ حتى لم يتركوا لعظامه

لحما ولا لفؤاده ، معقولا (٢)

(مهين) (١٠)

وضيع بإكثاره من الفساد.

(عُتُلٍ). (١٣)

قوي في كفره ، فاحش في فعله.

والوقف على «عتل» ثمّ :

(بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ).

أي : مع ذلك كلّه زنيم معروف بالشر كما يعرف التيس بزنمتها.

__________________

(١) عن ابن عباس قال : نزلت سورة «ن والقلم» بمكة.

(٢) البيت في ديوانه ص ٢٣٦ ؛ ومعاني القرآن للفراء ٢ / ٧٢ ؛ وتفسير القرطبي ١٨ / ٣٢٩.

٤٢٣

قال الضحّاك : كان للوليد بن المغيرة أسفل من أذنه زنمة كزنمة الشاة (١).

وقال محمد بن إسحق (٢) : نزلت في الأخنس بن شريق (٣).

١٢٥١ ـ زنيم تداعاه الرّجال زيادة

كما زيد في عرض الأديم الأكارع (٤)

وقال آخر :

١٢٥٢ ـ وأنت زنيم نيط في آل هاشم

كما نيط خلف الراكب القدح الفرد (٥)

(أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ). (١٤)

فيه حذف وإضمار.

الإضمار في أوّله. أي : لأن كان ذا مال وبنين.

والحذف في آخره أي : أن كان ذا مال يطيعه ، أو يطاع.

__________________

(١) الزنمة : العلامة ، وعن ابن عباس قال : نزلت على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ ، هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ) فلم يعرف حتى نزل عليه بعد ذلك : زَنِيمٍ فعرفناه له زنمة كزنمة الشاة.

(٢) محمد بن إسحق صاحب المغازي والسير ، كان ثبتا في الحديث عند أكثر العلماء ، وثّقه يحيى بن معين وأحمد بن حنبل ، وطعن فيه مالك ، ومن كتبه أخذ ابن هشام سيرته. توفي ببغداد سنة ١٥١ ه‍. راجع وفيات الأعيان ٤ / ٢٧٦ ؛ وتذكرة الحفاظ ١٧٢.

(٣) وذلك مروي عن السدي وعامر الشعبي فيما أخرجه ابن سعد وعبد الله حميد وابن أبي حاتم.

(٤) البيت للخطيم التميمي وهو شاعر جاهلي وقيل : لحسان بن ثابت. وهو في لسان العرب مادة زنم ؛ والكامل للمبرّد ١ / ١٤١ ؛ والدر المنثور ٨ / ٢٤٩.

(٥) البيت لحسان بن ثابت يهجو أبا سفيان بن الحارث. وهو في ديوانه ص ٨٩ ؛ ولسان العرب مادة زنم ؛ ومجاز القرآن ٢ / ٢٦٢ ؛ وتفسير الطبري ٢٩ / ١٥ ؛ وتفسير القرطبي ١٨ / ٢٣٤ ؛ والأغاني ٤ / ٦.

٤٢٤

(سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ). (١٦)

سنقبح ذكره ونصفه بخزي يبقى عليه عارا ، كما قال جرير :

١٢٥٣ ـ لمّا وضعت على الفرزدق ميسمي

وضغا البعيث جذعت أنف الأخطل (١)

وقال في قصيدة أخرى :

١٢٥٤ ـ نبّئت تغلب بعدما جدّعتهم

يتعذّرون ومالهم من عاذر (٢)

وقيل : إن ذلك في الآخرة. يوسم على أنفه بسمة تعرف به.

وقيل : إنّ الخرطوم الخمر. أي : سنحدّه على شرب الخمر. قال الفرزدق :

١٢٥٥ ـ أبا حاضر ما بال برديك أصبحا

على ابنه فرّوخ رداء ومئزرا

١٢٥٦ ـ أبا حاضر من يزن يظهر زناؤه

ومن يشرب الخرطوم يصبح مسكّرا (٣)

واستشهد من قال : إنّ الخرطوم الأنف بقول الراعي :

١٢٥٧ ـ إذا سدرت مدامعهنّ يوما

رأت إجلا تعرّض أو صوارا

١٢٥٨ ـ بغائرة نضا الخرطوم عنها

وسدّت من خشاش الرأس غارا (٤)

__________________

(١) البيت في ديوانه ص ٣٣٥ ؛ وتفسير القرطبي ١٨ / ٢٣٧ ؛ وروح المعاني ٢٩ / ٢٩.

(٢) البيت في ديوانه ، ص ٢٣٩.

(٣) البيتان ليسا في ديوانه ، وهما لزياد الأعجم لا للفرزدق. وهما في مجمع الأمثال ٢ / ٢١ ؛ والمحبّر ص ٣٤٤. وأبو حاضر الأسدي أحد المشهورين بالزنا ، قال أبو عمرو : وتزعم العرب أنّ بني أسد تيّاسوا العرب. والبيت الثاني في روح المعاني ١٨ / ٧٨ ؛ وتفسير القرطبي ١٨ / ٢٣٨ ؛ والبحر المحيط ٦ / ٣٣.

(٤) البيتان في ديوانه ص ١٤٦.

٤٢٥

(فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ). (١٩)

قال ابن جريج : خرجت عنق من النار من واديهم.

(فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ). (٢٠)

كالرّماد الأسود.

وقيل : كالليل المظلم.

وقيل : كالنهار المشرق. أي : بيضاء لا شيء فيها.

فالصريم من الأضداد ، ومعناهما في هذا الموضع صحيح قريب ؛ لأنّ المكان الخراب الوحش كما يشبّه بالليل المظلم يشبّه بالقفر المجانب بالنهار.

قال أوس :

١٢٥٩ ـ على دبر الشهر الحرام بأرضنا

وما حولها جدب سنون تلمع (١)

(يَتَخافَتُونَ). (٢٣) يسارّ بعضهم بعضا لئلا يسمع المساكين.

(وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ). (٢٥)

غيظ وغضب ، كما قال الفرزدق :

١٢٦٠ ـ وقالت : أراه واحدا لا أخا له

يؤمّله في الأقربين الأباعد

١٢٦١ ـ لعلّك يوما أن تريني كأنّما

بنيّ حواليّ الأسود الحوارد (٢)

وقيل : على منع ، كما قال عدي بن زيد :

١٢٦٢ ـ ولنا خابية موضونة

جونة يتبعها برزينها

١٢٦٣ ـ فإذا ما بكأت أو حاردت

فكّ عن جانب أخرى طينها (٣)

__________________

(١) البيت تقدم برقم ٤٢٢ ، وهو في الحجة للفارسي ٢ / ٣٧٠.

(٢) البيتان في ديوانه ص ١٣٤ ؛ والشعر والشعراء ٣١٠. والثاني في شمس العلوم ١ / ٤١٨.

(٣) البيتان في ديوانه ص ٢٠٤ ؛ وتهذيب إصلاح المنطق ١ / ٣٩٤ ؛ واللسان : برزن. بكأت الشاة : إذا قلّ لبنها ، حاردت الناقة : إذا انقطع لبنها ، والبرزين : مشربة ، الموضونة : المضموم بعضها إلى بعض ، والحاجب : جانب الشيء.

٤٢٦

(إِنَّا لَضَالُّونَ). (٢٦)

أي : ضللنا الطريق.

(أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ). (٤٠)

كفيل. قال المخزومي :

١٢٦٤ ـ قلت : كفي لك رهن بالرضى

وازعمي يا هند قالت : قد وجب (١)

أي : اكفلي.

(يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ). (٤٢)

عن غطاء. قال رؤبة :

١٢٦٥ ـ عجبت من نفسي ومن إشفاقها

ومن طرادي الطّير عن أرزاقها

١٢٦٦ ـ في سنة قد كشفت عن ساقها

والموت في عنقي وفي أعناقها (٢)

وقيل : عن شدة وعناء كما قال تأبّط شرا :

١٢٦٧ ـ .............

نفسي فداؤك من سار على ساق (٣)

__________________

(١) البيت لعمر بن أبي ربيعة المخزومي ، وهو في ديوانه ص ٢٩ ، واللسان : زعم.

(٢) الرجز في تفسير القرطبي ١٨ / ٢٤٨ ، لكن الشطر الرابع فيه :

حمراء تبرى اللحم عن عراقها

وهو في الزاهر لابن الأنباري ٢ / ٣٨٣ ، ولم ينسبه المحقق ؛ والبحر المحيط ٨ / ٣١٦. والشطر الثالث في تفسير الماوردي ٤ / ٢٨٦ ، ولم ينسبه المحقق. ـ وقال الأصبهاني : أخرج أبو علي بن رستم عاملا إلى بعض النواحي ، وكان في القرية حمام كثير ، فعدّه وأخذ واحدة منها وشقّ حوصلتها ، وعدّ الحبوب الموجودة فيها ، واحتسب بذلك ، فقال : إنّ كل حمامة تأكل في السنة من الحنطة كذا ، وألزمهم ذلك ، فكتب أبو علي كتابا وفي آخره هذا الشعر :

عجبت ...

في سنة ...

والأبيات لرؤبة قالها وقد تولى طراد الطير عن زرع.

(٣) العجز من قصيدته المفضلية ، وشطره :

يسري على الأين والحيّات محتفيا

٤٢٧

وقال آخر :

١٢٦٨ ـ كشفت لهم عن ساقها

وبدا من الشرّ الصّراح (١)

(وَهُوَ مَكْظُومٌ). (٤٨)

المكظوم : المحبوس على الحزن فلا ينطق ولا يشكو.

من : كظم القربة ، وقد مرّ ذكره (٢).

(وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ). (٥١)

أي : يعينونك ويصيبونك بها. أي : يفعلون بك فعلا تزلق منه قدمك ، كما قيل :

١٢٦٩ ـ يتقارضون إذا التقوا في منزل

نظرا يزيل مواقع الأقدام (٣)

__________________

(١) البيت لسعد بن مالك جدّ طرفة بن العبد. وهو في شرح الحماسة للتبريزي ٢ / ٣١ ؛ واللسان : سوق ؛ وهو أيضا في تفسير الماوردي ٤ / ٢٨٦ ؛ وتفسير القرطبي ١٨ / ٢٤٨ ولم ينسبه المحققان ؛ والبحر المحيط ٨ / ٣١٦.

(٢) راجع ١ / ٤٦٤.

(٣) البيت في الصناعتين ص ١٩٤ ؛ واللسان مادة قلم ؛ والموازنة ص ٣٨ ؛ وروح المعاني ٢٩ / ٣٨ ؛ وتفسير القرطبي ١٨ / ٢٥٦ ؛ والمعاني الكبير ٢ / ٨٤٥ من غير نسبة.

٤٢٨

(سورة الحاقّة) (١)

(الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ). (٢)

الحاقّة : فاعلة من الحق ، وهي القيامة التي يحق فيها الوعد والوعيد.

(وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ). (٣)

إذ لم يكن هذا الاسم في لسانهم.

أو معناه : إنك لا تدري ما يكون في الحاقة.

(كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ). (٤)

بالقيامة ، لأنها تقرع القلوب بالمخافة.

(فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ). (٥)

بالصيحة العظيمة ، كقوله تعالى : (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ)(٢). أي : عظم ارتفاعه وجاوز حدّه. ومنه : الطغيان في مجاوزة الحدّ.

(سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً). (٧)

متتابعة. من : حسم الكي : إذا تابعت عليه بالمكواة.

__________________

(١) عن ابن عباس قال : نزلت سورة الحاقة بمكة.

(٢) سورة الحاقة : آية ١١.

٤٢٩

وعن مقاتل : قاطعة أدبارهم (١).

فيكون التقدير : تحسمهم حسوما.

(كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ).

ساقطة. خوى النجم : سقط في المغيب (٢).

(فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ) (٨)

مصدر. أي : بقاء (٣).

وقيل : تقديره : من نفس باقية.

(وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ). (٩)

ومن يليه من أهل دينه.

قال سيبويه : هو لما ولي لشيء ، تقول : ذهب قبل السوق ، ولي قبله حق.

ونصبه على ظرف المكان.

(وَالْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ).

المنقلبات بالخسف.

(فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً). (١٠)

زائدة.

(وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) (١٢)

__________________

(١) عن ابن عباس أنّ نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : (حُسُوماً)؟ قال : دائمة شديدة يعني : محسومة بالبلاء. قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم ، أما سمعت أمية بن أبي الصلت وهو يقول :

وكم كنّا بها من فرط عام

وهذا الدهر مقتبل حسوم

(٢) قال ابن فارس : خوت النجوم خيّا : سقطت ولم تمطر. انظر المجمل ٢ / ٣٠٥.

(٣) انظر المدخل لعلم التفسير ص ٢٦٢.

٤٣٠

أي : حملناكم في السفينة لأن نجعلها لكم تذكرة ، ولأن تعيها ، فلمّا توالت الحركات اختلست حركة العين ، وجعلت بين الحركة والإسكان.

(وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ). (١٧)

أي : ثمانية صفوف أو ثمانية أصناف.

(فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ). (١٩)

العرب تجعل اليمين للبهجات والمسارّ ، والشمال بخلاف ذلك. قال :

١٢٧٠ ـ أبيني أفي يمنى يديك جعلتني

فأفرح أم صيرتني في شمالك (١)

وقال ابن ميادة :

١٢٧١ ـ ألم يك في يمنى يديك جعلتني

فلا تجعلنّي بعدها في شمالكا (٢)

(هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ)

أي : خذوا.

تقول للمذكر : هاء بفتح الهمزة ، وفي التثنية : هاؤما ، وفي الجمع : هاؤم.

وللمرأة هاء بكسر الهمزة ، وهاؤما كالمذكّرين ، وللنسوة : هاؤنّ.

وفيه لغات أخر يلطف عنها هذا الكتاب.

(إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ). (٢٠)

ظننت أنّ الله يؤاخذني بذنوبي ، فعفا عني.

__________________

(١) البيت لطرفة بن العبد ، وقيل : لعبد الله بن الدمينة. وهو في الصناعتين ص ٣٩٢ ؛ وألف باء ١ / ٢٨٦ ؛ وتفسير القرطبي ١٨ / ٢٦٩ ؛ وتفسير الماوردي ٤ / ٢٩٧ ؛ والزهرة ١ / ٢١٩ ولم ينسبه المحقق الدكتور السامرائي.

(٢) البيت في ديوانه ص ١٨٢ ؛ والصناعتين ص ٣٩٢ ؛ وسر الفصاحة ص ٢٣٢ ؛ والمنتخب من كنايات الأدباء ص ١٧٨.

٤٣١

(فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ). (٢١)

ذات رضى ، كقولهم : ليل دائم : وماء دافق ، وامرأة طامث وطالق.

(يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ). (٢٧)

أي : موتة لا بعث بعدها.

(هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ). (٢٩)

ما كان من تسليط على نفسه في مثل هذه الهاءات لبيان الحركة ، كقول عبيد الله بن قيس الرقيات :

١٢٧٢ ـ إن الحوادث بالمدينة

قد أوجعنني وقرعن مروتيه

١٢٧٣ ـ وجببنني جبّ السنام فلم

يتركن ريشا في مناكبيه (١)

(فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ) (٣٥)

صديق ، وهو الذي إذا أصابك مكروه احترق لك.

(وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ). (٣٦)

غسلين على وزن فعلين ، غسالة جروحهم وأجوافهم.

وقيل : إنّه العرق والصديد. وفي معناه قال الطرماح :

١٢٧٤ ـ يبلّ بمعصوم جناحي ضئيله

أفاويق منها هلّة ونقوع (٢)

وقال آخر :

١٢٧٥ ـ وليس بها ريح ولكن وديقة

يظل لها السامي يهلّ وينقع (٣)

__________________

(١) البيتان في ديوانه ص ٩٨ ؛ والصناعتين ص ٤٥ ؛ والموشح ص ١٨٧.

(٢) البيت في ديوانه ص ٣٠٢ ، وقد تقدم برقم ٩٧٧.

(٣) البيت في اللسان مادة هلل وقد تقدم في سورة الصافات برقم ٩٧٦. والسامي : الذي يطلب الصيد في الرمضاء ، يهل : يرفع العطشان لسانه إلى لهاته فيجمع ريقه. والنقع : جمع الريق تحت اللسان. وفي المخطوطة [الساري] بدل [السامي] وهو تصحيف.

٤٣٢

(إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ). (٤٠)

أي : تلاوته. أي : محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ). (٤٥)

أي : لقطعنا منه يمينه.

وقيل : لأخذنا منه بالقوة القاهرة.

ـ وقيل : لأخذنا منه بالحق.

وبذلك يفسّر بيت الشماخ :

١٢٧٦ ـ إذا بلّغتني وحملت رحلي

عرابة فاشرقي بدم الوتين

١٢٧٧ ـ إذا ما راية رفعت لمجد

تلقّاها عرابة باليمين (١)

أي : بالاستحقاق.

(ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ). (٤٦)

عرق بين العلباء (٢) والحلقوم ، كما مرّ في شعر الشماخ.

* * *

__________________

(١) البيتان في ديوانه ص ٣٢٣ ـ ٣٣٦ ؛ وتفسير القرطبي ١٨ / ٢٧٥ ، وقد تقدما. وسبب مدح الشماخ لعرابة بن عمرو الأوسي ـ وهو صحابي ـ أنّ عرابة لقي الشماخ وهو يريد المدينة ، فسأله ما أقدمه؟ فقال : أردت أن أمتار أهلي ، وكان معه بعيران ، فأوقرهما له برا وتمرا ، وكساه وأكرمه ، فخرج عن المدينة وامتدحه بالقصيدة هذه.

(٢) والعلباء : عصب العنق.

٤٣٣
٤٣٤

(سورة المعارج) (١)

(سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ). (١)

دعا داع ، وهو النبيّ عليه‌السلام دعا عليهم.

وقيل : النضر بن الحارث ، قال : «اللهم إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء» (٢).

فقتل يوم بدر (٣).

(اللهِ ذِي الْمَعارِجِ) (٣)

ذي المعالي والدرجات لأوليائه.

وقيل : إنها معارج السماء للملائكة (٤).

(تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ) (٤)

__________________

(١) أخرج ابن الضريس والبيهقي عن ابن عباس قال : نزلت سورة سأل بمكة.

(٢) سورة الأنفال : آية ٣٢.

(٣) أخرجه النسائي والحاكم ٢ / ٥٠٢ وصححه وابن أبي حاتم عن ابن عباس.

(٤) أخرج هذا القول عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن مجاهد. ـ وأخرج أحمد وابن خزيمة عن سعد بن أبي وقاص أنّه سمع رجلا يقول : لبّيك ذي المعارج فقال : إنه لذو المعارج ، ولكنا كنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لا يقول ذلك.

٤٣٥

هو روح المؤمن حين يقبض. رواه قبيصة بن ذؤيب (١) عن النبيّ عليه‌السلام (٢).

(يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ). (٤)

أي : لو صعده غير الملائكة. وقد مرّ ذكره.

(يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ). (٨)

كذائب الصفر ويكون أحمر.

وقيل : إنه درديّ الزيت.

(وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ). (٩)

الصوف المصبوغ.

والمراد : لين الجبال بعد شدتها واجتماعها.

(وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ). (١٣)

عشيرته. وتكون من العشيرة كالفخذ.

«تؤويه» : يلجأ إليها فتلجئه ، ويشكو فتشكيه.

وقيل : إنّ الفصيلة هي أمّه التي أرضعته وفصلته.

وفصيلة : فعيلة بمعنى فاعلة.

وفي معنى الآية قال الشاعر :

__________________

(١) الإمام الكبير أبو سعيد الخزاعي ، مولده عام الفتح سنة ثمان ، مات أبوه ذؤيب في آخر أيام النبي فأتي بقبيصة فدعا له النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، روى عن أبي بكر وعمر وأبي الدرداء وزيد بن ثابت ، وعنه الزهري ومكحول ، كان كاتب عبد الملك بن مروان توفي سنة ٨٦ ه‍. انظر سير أعلام النبلاء ٤ / ٢٨٢ ؛ وتقريب التهذيب ص ٤٥٣.

(٢) وهذا الخبر ذكره القرطبي عن قبيصة ولم يرفعه ، راجع تفسير لقرطبي ١٨ / ٢٨١.

٤٣٦

١٢٧٨ ـ سائل مجاور جرم هل جنيت لهم

حربا تزيّل بين الجيرة الخلط (١)

(كَلَّا إِنَّها لَظى). (١٥)

«كلّا» ليس كذلك. أي : لا ينجيه شيء.

«إنها لظى» لا ينصرف للتأنيث والتعريف.

وهي من الالتظاء أي : الاتّقاد.

١٢٧٩ ـ هم ردّوا التقائد يوم حسيّ

يقودون الجياد على وجائها

١٢٨٠ ـ وبيضة طيّيء فضّوا وكانت

قديما تلتظي من اصطلائها

(نَزَّاعَةً لِلشَّوى). (١٦)

لجلدة الرأس.

والضمير في «إنها» اسم إنّ و«لظى» خبره ، و«نزاعة» (٢) خبر بعد خبر من باب حلو حامض.

(تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ) (١٧)

لمّا كان مصيره إليها كانت كأنها دعته.

(وَجَمَعَ فَأَوْعى). (١٨)

أي : جعله في وعاء ، فلم يفعل زكاة ، ولم يصل رحما.

(إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً). (١٩)

سأل محمد بن طاهر (٣) ثعلبا عن الهلوع؟.

__________________

(١) البيت لوعلة الجرمي. وهو في المعاني الكبير ص ٨٨٨ ؛ وشرح أشعار الهذليين ٢ / ١٥٧ ؛ والأغاني ١٩ / ١٤٠ ؛ واللسان مادة خلط.

(٢) قرأ «نزّاعة» بالنصب حفص على أنها حال ، والباقون بالرفع على أنها خبر ثان.

(٣) كان والي خراسان للموفق بالله ، عزل عنها ثم ردّ إليها.

٤٣٧

فقال : ما فسّره الله ، ولا يكون تفسير أحسن منه :

(إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (٢٠) وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً). (٢١)

(وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ). (٣٤)

أي : النافلة ، لتقدم قوله : (عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ) (٢٣) وهي الفريضة.

(مُهْطِعِينَ). (٣٦)

مسرعين.

ذمّ إسراعهم لأنّ قصدهم تسمّع الحديث ليتفرّقوا بالتكذيب.

(عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ). (٣٧)

جماعات في تفاريق. واحدها : عزة (١).

قال الشاعر :

١٢٨١ ـ ترانا عنده والليل داج

على أبوابه حلقا عزينا (٢)

(إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ). (٤٣)

إلى نصب : إلى شيء منصوب. مصدر بمعنى المفعول ، مثل : نسج بغداد وضرب الأمير.

«يوفضون» : يسرعون.

* * *

__________________

(١) البيت في تفسير القرطبي ١٨ / ٢٩٣ من غير نسبة ؛ وتفسير الماوردي ٤ / ٣٠٧ ؛ والبحر المحيط ٨ / ٣٣١.

(٢) عن ابن عباس أنّ نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عزوجل : (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ)؟ قال : الحلق الرفاق. قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم أما سمعت عبيد وهو يقول :

فجاؤوا مهرعين إليه حتى

يكونوا حول منبره عزينا

٤٣٨

(سورة نوح) (١)

(يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ). (٣)

ما سلف منها ، أو : ما استغفر تموه منها.

(وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى). (٤)

في الدنيا.

(إِنَّ أَجَلَ اللهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ). (٧)

أي : يوم القيامة.

وقيل : إنّ الأجل الأوّل : الموت ، والثاني : العذاب.

(وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ).

تغطوا بها ، وقالوا : لا ننظر إليك ولا نسمع منك.

(ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً). (٨)

دعاهم على ضروب من الدعاء ، دعاهم فوضى متفرقين بددا ، ودعاهم سرا فرادى ، ودعاهم جهرا مجتمعين في المحافل والمقامات المشهودة.

(وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً). (١٤)

__________________

(١) عن ابن عباس قال : نزلت سورة نوح بمكة.

٤٣٩

تارات. نطفة ثم علقة ثم مضغة ، ثم رضيعا ثم طفلا ، ثمّ يافعا مترعرعا ، ثم شابا سويّا قويّا ، ثم شيخا كبيرا ، ثم همّا (١) فانيا ، ثم هدما (٢) باليا.

(وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً). (١٦)

قال ابن عباس : أحد وجهيه يضيء لأهل الأرض ، والثاني لأهل السماء.

(وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً). (١٧)

فيه إشارة إلى أنّ نور القمر من الشمس مكتسب ، حيث جعل الشمس بمنزلة نفس السراج ، والقمر بمنزلة ضوئه ونوره.

(وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً).

جعل أصلكم من الطين ، وغذاكم بما ينبته الأرض.

(لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً). (٢٦)

أي : أحدا يدور في الأرض (٣).

فيعال من الدوران.

* * *

__________________

(١) الهمّ بالكسر : الشيخ الكبير البالي ، وجمعه أهمام.

(٢) الهدم : الشيخ الذي انحطم ، مثل الهمّ ، والعجوز المتهدمة : الفانية المهرمة.

(٣) وعن قتادة قال : أما والله ما دعا عليهم نوح حتى أوحى الله إليه أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن ، فعند ذلك دعا عليهم ، ثم دعا دعوة عامة فقال : «ربّ اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا».

٤٤٠