وضح البرهان في مشكلات القرآن - ج ٢

محمود بن أبي الحسن بن الحسين النيسابوري الغزنوي [ بيان الحق النيسابوري ]

وضح البرهان في مشكلات القرآن - ج ٢

المؤلف:

محمود بن أبي الحسن بن الحسين النيسابوري الغزنوي [ بيان الحق النيسابوري ]


المحقق: صفوان عدنان داوودي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار القلم ـ دمشق
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٠٨
الجزء ١ الجزء ٢

٨٢٣ ـ إذ أجاري الشيطان في سنن ال

غي ومن مال ميله مثبور (١)

(فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً). (١٩)

أي : صرف العذاب عن أنفسهم.

وقيل : إن الصرف : الحيلة ، والاصطراف : الاحتيال.

فالصيرفي لاحتياله في الاستيفاء إذا اتزن ، والتطفيف إذا وزن.

أنشد :

٨٢٤ ـ قد يدرك المال الهدان الجافي

من غير ما عقل ولا اصطراف (٢)

(إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ). (١٩)

إلا قيل : إنهم ليأكلون.

وقيل : كسر «إنّ» لأنه في موضع الابتداء ، كأنه : ألا هم يأكلون.

كما تقول : ما أتيته إلا إنّه مكرم لي. قال كثيّر :

٨٢٥ ـ ما أعطياني ولا سألتهما

ألا وإني لحاجزي كرمي (٣)

(وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً). (٢٠)

قيل : إنّه افتتان المقلّ بالمثري ، والمقوى بالقوي.

(أَتَصْبِرُونَ).

__________________

(١) البيتان في تفسير القرطبي ١٣ / ١١ ، وإعراب ثلاثين سورة ص ٢٣ ؛ وديوانه ص ٣٦ ؛ والروض الأنف ٤ / ١٠٥ ؛ والأول في مجاز القرآن ٢ / ٧٣ وأمالي القالي ٢ / ٢١٣. والثاني في مجاز القرآن ٢ / ٧١.

(٢) البيت لرؤبة بن العجاج ، وهو في اللسان مادة هدن ، والعين ٤ / ٢٦ ؛ والأضداد لابن الأنباري ص ١٨٥. والهدان : الأحمق.

(٣) البيت من شواهد سيبويه ١ / ٤٧٢ ، والمقتضب ٢ / ٣٤٦ ؛ وشرح الكافية لابن مالك ١ / ٤٨٣ ؛ والأغاني ٨ / ٢٨. والشطر الثاني يروى أيضا «إلّا» بالتشديد و«أني» بفتح الهمزة.

١٢١

أي : على هذه الفتنة أم لا تصبرون فيزداد غمّكم ، لأنّ في القول دليلا على هذا.

(وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً). (٢٠)

في اختلاف المعايش.

ويقال : إنّ بعض الصالحين تبرّم برزاحة حاله ، وضنك عيشه ، فخرج ضجرا إلى السوق ، فرأى أسود خصيّا في موكب عظيم وزينة ظاهرة ، فوجم لبعض ما خطر في قلبه ، فإذا بإنسان قرأ عليه : «وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون». أتصبرون؟ فتنة!. وازداد تبصرا وتصبّرا.

ـ الجزء التاسع عشر ـ

(لا يَرْجُونَ لِقاءَنا).

لا يخافون.

وإنما جاز يرجو في موضع يخاف ، لأنّ الراجي للشيء قلق فيما يرجوه ، فمرّة يشتد طمعه فيصير كالآمن ، ومرّة يضعف فيصير كالخائف.

قال الهذلي :

٨٢٦ ـ تدلّى عليها بالحبال موثّقا

شديد الوصاة نابل وابن نابل

٨٢٧ ـ إذا لسعته الدّبر لم يرج لسعها

وخالفها في بيت نوب عوامل (١)

أي : لم يخف.

(وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً). (٢٢)

كان الرجل في الجاهلية يلقى رجلا يخافه في أشهر الحرم. فيقول : حجرا محجورا. أي : حراما محرّما عليك قتلي في هذا الشهر ، فلا تبدأ

__________________

(١) البيتان لأبي ذؤيب الهذلي ، وهما في شرح ديوان الهذليين ١ / ١٤٣. والثاني في تفسير القرطبي ١٣ / ١٩ ومعاني القرآن للفرّاء ٢ / ٢٦٥ ؛ ومجاز القرآن ٢ / ٧٣ ؛ والوصاة : الوصية ، والنابل : الحاذق.

١٢٢

بشر (١) ، فإذا كان يوم القيامة رأى المشركون ملائكة العذاب ، فقالوا : (حِجْراً مَحْجُوراً) وظنّوا أنّ ذلك ينفعهم كما نفعهم في الدنيا.

(وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ). (٢٣)

من قرب.

(وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ). (٢٥)

نزول الملائكة منها في الغمام.

(لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً). (٢٨)

نزلت في أبيّ بن خلف وعقبة بن أبي معيط (٢) ، ولكنّه لو سمّاهما لم يعمّ القول جميع الأخلاء المبطلين.

(اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً). (٣٠)

أي : بإعراضهم عن التدبّر.

وقيل : بقولهم فيه الهجر.

(لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ). (٣٢)

أي : لنثبته في فؤادك.

وقيل : لنثبت به فؤادك بإيصال الوحي.

(وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً).

فصّلناه.

(وَأَصْحابَ الرَّسِ). (٣٨)

__________________

(١) عن قتادة قال : هي كلمة كانت العرب تقولها ، كان الرجل إذا نزلت به شدة قال : حجرا محجورا ، حراما محرما.

(٢) أخرج ابن جرير ١٩ / ٨ وابن المنذر وابن مردويه من طرق عن ابن عباس قال : كان أبيّ بن خلف يحضر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فزجره عقبة بن أبي معيط ، فنزل : (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ إلى قوله : وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً).

١٢٣

بئر.

وقيل : معدن. وقد ذكره زهير :

٨٢٨ ـ بكرن بكورا واستحرن بسحرة

فهنّ لوادي الرّس كاليد للفم (١)

(وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ). (٤٠)

سدوم. قرية لوط (٢).

(لا يَرْجُونَ نُشُوراً). (٤٠)

لا يخافون بعثا.

(أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ). (٤٥)

لأنه ظل الأرض الممدود على قريب من نصف وجهها الممتد في الجوّ إلى مدار القمر الأبعد. وقيل : إنه من طلوع الفجر إلى شروق الشمس.

(وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً).

أي : بإبطال كلتا الحركتين في السماء القريبة ، التي بها النهار والليل ، والشرقية التي بها فصول الأزمنة لأنّ الشرقية متى لم يبطل مع بطلان الغربية انقسمت مدة السنة إلى ليل ونهار ، وكلّ واحد منهما مدّة ستة أشهر ، فلم يكن الليل دائما.

(ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً).

أي : على وقته وامتداده ، لأنّه لو لا الشمس لما عرف الظل.

(قَبْضاً يَسِيراً). (٤٦)

خفيّا سهلا ، لبطء حركة الظلّ بالقرب من نصف النهار ، بخلاف ما هو في طرفيه من السرعة والكثرة.

__________________

(١) البيت في ديوانه ص ٧٧ ؛ وتفسير القرطبي ١٣ / ٣٣ ؛ وشرح المعلقات للنحاس ١ / ١٠٥.

(٢) انظر غرر التبيان ص ١٢٠.

١٢٤

(وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً). (٤٧)

أي : انتشارا للمعايش.

(وَأَناسِيَّ كَثِيراً). (٤٩)

الأناسي : جمع إنسيّ ، مثل : كرسيّ وكراسيّ.

أو : جمع إنسان ، وكان : أناسين ، مثل : سرحان وسراحين. فعوّضت الياء من النون.

(مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ). (٥٣)

مرج وأمرج : خلّى.

(وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً). (٥٥)

أي : على أولياء ربه معينا يعاونهم.

أو المعنى : كان هيّنا عليه لا وزن له ، من قولهم : ظهرت بحاجتي : إذا لم يعن بها.

(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً). (٦٢)

خلفا عن صاحبه ، فما فاته في أحدهما قضاه في الآخر.

وقيل : إذا مضى صاحبه خلفه صاحبه ، كما قال زهير :

٨٢٩ ـ بها العين والآرام يمشين خلفة

وأطلاؤها ينهضن من كلّ مجثم (١)

أي : الوحوش خلفت الإنس فيها.

(يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً). (٦٣)

أي : بسكينة ووقار ، دون مرح واختيال. قال :

__________________

(١) البيت في ديوانه ص ٧٥ ؛ وتفسير القرطبي ١٣ / ٦٥ ؛ ومجاز القرآن ٢ / ٨٠ ؛ ومعاني الفراء ٢ / ٢٧١ ؛ وتفسير الطبري ١٩ / ١٩ ؛ والاشتقاق لابن دريد ص ١٢٧.

١٢٥

٨٣٠ ـ لئن قدّمت قبلي رجال فطالما

مشيت على هون فكنت المقدّما (١)

(إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً). (٦٥)

هلاكا. قال بشر :

٨٣١ ـ ويوم الجفار يوم النّسا

ر كان عذابا وكان غراما (٢)

(يَلْقَ أَثاماً). (٦٨)

عقوبة وجزاء. قال :

٨٣٢ ـ وإنّ مقامنا ندعو عليكم

بأبطح ذي المجاز له أثام (٣)

(يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ). (٦٩)

أي : عذاب الدنيا والآخرة.

وقيل : إنه جميع عقوبات الكبائر المختلفة المجتمعة.

(يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ). (٧٠)

__________________

(١) البيت في زهر الآداب ٢ / ٥٤٢ من غير نسبة ، وبعده :

ولكنّ هذا الدهر تأتي صروفه

فتبرم منقوضا وتنقض مبرما

ولهما قصة فيه فراجعها إن شئت ، وهو لبعض البرامكة. انظر سرح العيون ص ٢٥٤.

(٢) البيت لبشر بن أبي خازم. وهو في مجاز القرآن ٢ / ٨٠ ؛ وتفسير الطبري ١٦ / ٢١ ؛ والاقتضاب ص ٣١٦ ؛ وديوانه ص ١٩٠.

(٣) البيت لبشر بن أبي خازم. وهو في الاختيارين ص ٦١٩ ؛ والمفضليات ص ٣٣٧ ؛ وديوانه ص ٢٠٦.

١٢٦

أي : يغيّر أعمالهم (١).

وقيل : يبدّلها بالتوبة والندم على فعلها حسنات.

(لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها). (٧٣)

لم يسقطوا.

(وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً). (٧٤)

وحّد «إماما» على المصدر.

أمّ إماما ، كقام قياما.

وقيل : إمام جمع آيم ، كقائم وقيام.

وقيل : إنّ «إماما» جمع إمام وإن كان على لفظه ، كقوله : درع دلاص (٢) ، وأدرع دلاص ، وناقة هجان ، ونوق هجان.

قال أبو أسيد الهلالي :

٨٣٣ ـ أراح إلى أوطانه العيس بعدما

تشذبت الأيدي نواهك بينها

٨٣٤ ـ فشلّت يميني يوم تحلب مربع

غزار هجان لا أرتوي بحليبها (٣)

__________________

(١) أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ليأتينّ ناس يوم القيامة ودّوا أنهم استكثروا من السيئات ، قيل : ومن هم يا رسول الله؟ قال : «الذين بدّل الله سيئاتهم حسنات». وأخرج أحمد ومسلم والترمذي عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يؤتى بالرّجل يوم القيامة فيقال : اعرضوا عليه صغار ذنوبه ، فيعرض عليه صغارها ، وينحّى عنه كبارها ، فيقال : عملت يوم كذا وكذا وكذا وكذا ، وهو مقرّ ليس ينكر ، وهو مشفق من الكبار أن تجيء ، فيقال : أعطوه مكان كلّ سيئة عملها حسنة». انظر : المسند ٥ / ١٥٧ ، ومسلم ١٩٠ ، والترمذي ٢٥٩٩.

(٢) درع دلاص : برّاقة ملساء لينة.

(٣) قوله : نواهك يقال : نهكت الناقة حلبا أنهكها : إذا نقصتها فلم يبق في ضرعها لبن.

١٢٧

وفقه هذه اللغة : أنّ العرب تكسّر فعيلا على فعال كثيرا ، فتكسر فعالا على فعال أيضا ، لأنّ فعيلا وفعالا أختان ، كلّ واحد منهما ثلاثي الأصل ، وثالثه حرف لين ، وقد اعتقبا أيضا على المعنى الواحد ، نحو عبيد وعباد ، وكليب وكلاب ، ولذلك الألف أقرب إلى الياء منها إلى الواو.

(قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي). (٧٧)

ما يصنع بكم.

وقيل : ما يبالي بكم. يقال : عبّأت الشيء : أعددته.

قال زهير :

٨٣٥ ـ عبأت له حلما وأكرمت غيره

وأعرضت عنه وهو باد مقاتله (١)

(لَوْ لا دُعاؤُكُمْ). (٧٧)

رغبتكم إليه وطاعتكم له.

وقال القتبي : معناه : ما يصنع بعذابكم لو لا ما تدعونه من دونه (٢).

(فَقَدْ كَذَّبْتُمْ).

على القول الأول : قصّرتم في طاعتي.

(لِزاماً).

عذابا لازما. قال الهذلي :

٨٣٦ ـ فإمّا ينجوا من حتف يوم

فقد لقيا حتوفهما لزاما (٣)

* * *

__________________

(١) البيت في ديوانه ص ٦٩.

(٢) انظر تأويل مشكل القرآن ص ٤٣٨.

(٣) البيت لأبي ذؤيب الهذلي. وهو في تفسير القرطبي ١٣ / ٨٦ ؛ ومجاز القرآن ٢ / ٨٢ ؛ ولم يبيّن المحقق لأيّ الهذليين وهو في ديوان الهذليين ١ / ١٠٢ ؛ وتفسير الطبري ١٩ / ٢٣.

١٢٨

(سورة الشّعراء) (١)

(فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ). (٤)

جماعتهم. عنق من الناس : جماعة.

وقيل : رؤساؤهم.

ومن حملها على ظاهرها استعارة ، فتذكيرها للإضافة إلى المذكر. كما أنّث الصدر الأعشى للإضافة إلى المؤنث :

٨٣٧ ـ وتشرق بالقول الذي قد أذعته

كما شرقت صدر القناة من الدّم (٢)

وكما قال جرير :

٨٣٨ ـ رأت مرّ السّنين أخذن منّي

كما أخذ السّرار من الهلال (٣)

(زَوْجٍ كَرِيمٍ). (٧)

منتفع به كالكريم في الناس للناس المرضيّ.

(إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ). (١٥)

__________________

(١) عن ابن عباس قال : نزلت سورة «طسم» الشعراء بمكة.

(٢) البيت في ديوانه ص ١٨٣ ؛ وكتاب سيبويه ١ / ٢٥ ؛ والمقتضب ٤ / ١٩٧ ؛ والمذكر والمؤنث لابن الأنباري ص ٣١٦ ؛ واللسان مادة : صدر.

(٣) البيت في تفسير القرطبي ١٣ / ٩٠ ؛ ومجاز القرآن ٢ / ٨٣ ؛ وكتاب المقتضب ٤ / ١٠٠ ؛ والكامل ١ / ٣٢٤. وشطره الأول في تذكرة النحاة لأبي حيان ، ورواه المحقق [أخذك [استدراك] مني] فصحّفه ، وقال : لم أعثر على مصدر الشعر وقائله.

١٢٩

سامعون. قال القطامي :

٨٣٩ ـ ومعصية الشفيق عليك ممّا

يزيدك مرّة منه استماعا (١)

(إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ). (١٦)

الرسول يذكر بمعنى الجمع ، كما قال الهذلي :

٨٤٠ ـ ألكني إليها وخير الرسو

ل أعلمهم بنواحي الخبر (٢)

(فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ). (٢٠)

الجاهلين بأنها تبلغ القتل.

و (إِذاً) هنا بمعنى إذ ذاك.

(وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ). (٢٢)

كأنّه اعترف بتلك النعمة وإن لم يستعبده كما استعبدهم.

وقيل : إنّه على الإنكار وتقدير الاستفهام فيه وإن لم يكن في اللفظ.

كأنه : أو تلك نعمة؟! أي : تربيتك نفسا واحدة مع إساءتك إلى الجميع.

قال المخزومي ـ وفيه إضمار الاستفهام ـ :

٨٤١ ـ لم أنس يوم الرحيل وقفتنا

وجفنها في دموعها غرق

٨٤٢ ـ وقولها والركاب سائرة

تتركني هكذا وتنطلق (٣)

(لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ). (٤٠)

__________________

(١) البيت في عيون الأخبار ١ / ٣٣ ؛ وخزانة الأدب ٢ / ٣٦٩.

(٢) البيت لأبي ذؤيب الهذلي ، وهو في شرح أشعار الهذليين ١ / ١١٣ ؛ وتفسير القرطبي ١٣ / ٩٣ ؛ والخصائص ٣ / ٢٧٤ ولم ينسبه المحقق.

(٣) البيتان ليسا في ديوانه. وهما في تفسير القرطبي ١٣ / ٩٦ من غير نسبة ؛ ونهاية الأرب ٣ / ٢٦١ ؛ والزهرة ١ / ٢٥٤.

١٣٠

أي : سحرة فرعون.

وقيل : إنهم قالوا ذلك لموسى استهزاء.

(إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ). (٥٤)

أي : كلّ واحد قليل ذليل في نفسه ، فلذلك جمع القليل على المعنى. قال :

٨٤٣ ـ فردّ قواصيّ الأحياء منهم

فقد رجعوا كحيّ واحدينا (١)

وشرذمة كلّ شيء : بقيّته. قال :

٨٤٤ ـ جاء الشتاء وقميصي أخلاق

شراذم يضحك منها التوّاق (٢)

(وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ). (٥٦)

حذرون (٣) : متيقّظون.

وحاذرون : مستعدون بالسلاح ونحوه.

الأصل أنّ معنى فعل للطبع ، وفاعل : للتكلّف ، فيخرّج عليه الأقاويل المختلفة فيهما.

(فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ). (٦٠)

داخلين في وقت شروق الشمس.

(وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ). (٦٤)

قرّبناهم إلى البحر.

وقيل : جمعناهم.

__________________

(١) البيت للكميت ، وهو في معاني القرآن للفراء ٢ / ٢٨٠ ؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٣٠١ ؛ وشرح المفصل لابن يعيش ٦ / ٣٢ ؛ وتفسير الطبري ١٩ / ٣٥.

(٢) الرجز في تفسير القرطبي ؛ وخزانة الأدب ١ / ٢٣٤ ؛ وتفسير الطبري ١٩ / ٧٥. وهو لبعض الأعراب.

(٣) وهي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وأبي جعفر. انظر : الإتحاف ص ٣٣٢.

١٣١

(فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ). (٧٧)

أي : إلا من عبد ربّ العالمين.

وقيل : إنّ «إلا» بمعنى «لكن» (١) ، فالضمير في «إنّهم» للآلهة التي عبدوها ، وجرى ذلك على تغليب ما يعقل ، كقوله تعالى : (رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ)(٢).

(وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ). (٨٤)

ثناء حسنا.

وقيل : خلفا يصدّق بالحقّ بعدي.

(وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ). (٨٦)

اجعله من أهل لمغفرة.

(بِقَلْبٍ سَلِيمٍ). (٨٩)

فعيل بمعنى مفعل.

وقيل : سالم من الشكّ ، كما قال في المنافقين : (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ)(٣).

(فَكُبْكِبُوا فِيها). (٩٤)

قلبوا بعضهم على بعض.

وقيل : أسقطوا على وجوههم.

أي : كبّوا ، فكرّرت الباء للتأكيد ، وقلبت إحداهما كافا لموازنة اللفظ.

(وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ). (١٠١)

__________________

(١) قال أبو البقاء : فيه وجهان : أحدهما : هو استثناء من غير الجنس ؛ لأنّه لم يدخل تحت الأعداء. والثاني : هو من الجنس ؛ لأنّ آباءهم قد كان منهم من يعبد الله وغير الله.

(٢) سورة يوسف : آية ٤.

(٣) سورة البقرة : آية ١٠.

١٣٢

قريب.

حمّ الشيء : قرب. قال الهذلي :

٨٤٥ ـ فلو أنّه ما كان إذ حمّ واقعا

بجانب من يحفى ومن يتودّد

٨٤٦ ـ ولكنّما أهلي بواد أنيسه

سباع تبغّى الناس مثنى وموحد (١)

(أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ). (١٢٨)

ريع : طريق بين الجبال والثنايا.

وقيل : إنه مكان مشرف.

(آيَةً).

بناء يكون لارتفاعه كالعلامة.

(إِنْ هذا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ). (١٣٧)

خلق الأولين : كذبهم. ما اختلاقهم إلا كخلق الأولين ، ونراهم يموتون لا يبعثون.

وخلق بالضم : عادتهم (٢).

أي : في ادّعاء الرسالة ، فرجع الضمير إلى الأنبياء.

ـ ويجوز أن يرجع إلى آبائهم.

أي : تكذيبنا لك كتكذيب آبائنا للأنبياء.

(طَلْعُها هَضِيمٌ). (١٤٨)

متفق انشقّ عن البسر ، لتراكب بعضه بعضا.

وأهل الهضم : الضّمّر. ومنه : هضيم الكشح.

فكأنه ازدحم التمر فيها حتى انهضمت بعض أطرافها ببعض.

__________________

(١) البيتان لساعدة بن جؤية الهذلي. والثاني تقدّم في سورة النساء. وهما في شرح أشعار الهذليين ٣ / ١١٦٦.

(٢) قرأ «خُلُقُ» بضم الخاء واللام نافع وابن عامر وعاصم وحمزة وخلف ، والباقون «خلق». الإتحاف ص ٣٣٣.

١٣٣

(بُيُوتاً فارِهِينَ). (١٤٩)

فرهين : أشرين (١).

وفارهين : حاذقين.

ـ وقيل : معناهما : فرحين وفارحين ، لقرب الهاء من الحاء. قال ابن الرّقاع :

٨٤٧ ـ لا أستكين إذا ما أزمة أزمت

ولا تراني بخير فاره اللبب (٢)

أي : لا تراني فرحا.

(إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ). (١٥٣)

مسحورين مرّة بعد أخرى.

وقيل : المعلّلين بالطعام والشراب. قال امرؤ القيس :

٨٤٨ ـ أرانا موضعين لحتم أمر

ونسحّر بالطعام وبالشّراب (٣)

(كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ). (١٧٦)

الأيكة : الشجر الملتفّ مثل الغيضة.

(وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ). (١٨٢)

القسطاس : الميزان.

وقيل : العدل والسواء. قال كعب بن زهير :

٨٤٩ ـ تخفّ الأرض أن تقعدك منها

وتصبح ما بقيت لها ثقيلا

__________________

(١) قرأ «فرهين» نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر ويعقوب.

(٢) البيت لعدي بن وداع العقوي ، وليس لابن الرقاع. وهو في مجاز القرآن ٢ / ٨٩ ؛ وتفسير الطبري ١٩ / ٥٧ ؛ واللسان مادة : فره ، وفتح الباري ٨ / ٣٨٢.

(٣) البيت في ديوانه ص ٤٣ ؛ وتفسير القرطبي ١٣ / ١٣٠ ؛ واللسان مادة : سحر.

١٣٤

٨٥٠ ـ لأنّك موضع القسطاس منها

فتمنع جانبيها أن تزولا (١)

(وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ). (١٨١)

الناقصين.

(وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ). (١٨٤)

الخلق الأوّلين.

(أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ). (١٩٧)

أن يعلمه : اسم كان ، وآية : خبرها قدّم على الاسم.

أو لم يكن علم علماء بني إسرائيل ومن آمن منهم بمحمد آية لهم.

(وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ). (١٩٨)

أي : إذا لم يؤمنوا به. العرب من أتباعه.

(كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ). (٢٠٠)

كذلك حالهم وقد أنزلناه عليهم وسلكناه في قلوبهم.

يريد أنهم معاندون معرضون.

__________________

(١) البيتان لزهير بن أبي سلمى ، لا لكعب كما قال المؤلف. حكى هشام بن محمد بن السائب قال : قال زهير بن أبي سلمى المزني بيتا ، ثم أكدى ، ومرّ به النابغة الذبياني فقال له : يا أبا أمامة أجز. قال : ماذا؟ قال :

تزيد الأرض إمّا متّ خفا

وتحيا ما حييت بها ثقيلا

نزلت بمستقر العزّ منها

 .................

فماذا قال؟ فأكدى والله النابغة ، وأقبل كعب بن زهير وهو غلام ، فقال له أبوه : أجز يا بنيّ ، فقال : ماذا؟. فأنشده البيت الأول ونصف الثاني. فقال كعب : [فتمنع جانبيها أن تزولا] فقال زهير : أنت والله ابني. راجع أمالي المرتضى ١ / ٩٧ ـ ٩٨ ، وديوان زهير ص ٧١ ؛ والأغاني ١٥ / ١٤١.

١٣٥

(يُلْقُونَ السَّمْعَ). (٢٢٣)

أي : الكهنة.

(يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ). (٢٢٤)

البطّالون الفرّغ.

(فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ). (٢٢٥)

يخوضون.

وقيل : يحارون.

(وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا). (٢٢٧)

أي : شعراء المسلمين الذين نافحوا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقال لحسّان : [أجب عني] ثم قال : [اللهم أيّده بروح القدس](١).

* * *

__________________

(١) الحديث أخرجه البخاري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنه سمع حسان بن ثابت الأنصاري يستشهد أبا هريرة فيقول : يا أبا هريرة ، نشدتك الله هل سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : يا حسان أجب عن رسول الله ، اللهم أيّده بروح القدس؟ قال أبو هريرة : نعم. أخرجه في باب هجاء المشركين. راجع فتح الباري ١ / ٥٤٦ ؛ وصحيح مسلم رقم ٤٨٥ ؛ ومسند أحمد ٥ / ٢٢٢. ـ وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن جرير عن سالم البراد قال : لما نزلت : (وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ ...) جاء عبد الله بن رواحة ، وكعب ين مالك ، وحسان بن ثابت وهم يبكون ، فقالوا : يا رسول الله ، لقد أنزل الله هذه الآية وهو يعلم أنا شعراء ، أهلكنا؟ فأنزل الله : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) فدعاهم رسول الله فتلاها عليهم.

١٣٦

(سورة النّمل) (١)

(أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ). (٧)

أي : مقبوس.

أو : بشهاب ذي قبس.

وكلاهما على الصفة للشهاب.

وإن كان القبس اسما للنّار فيكون على البدل من الشهاب.

و (بِشِهابٍ قَبَسٍ)(٢) بالإضافة على أن يكون الشهاب قطعة من النار ، كقولك : ثوب خزّ.

قال :

٨٥١ ـ في كفه صعدة مثقّفة

فيها سنان كشعلة القبس (٣)

(بُورِكَ). (٨)

قدّس ، هكذا هو المعنى ، كما قال الكميت في روضة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

__________________

(١) عن ابن عباس وابن الزبير قالا : أنزلت سورة النمل بمكة.

(٢) وهي قراءة نافع وابن كثير وابن عامر وأبي عمرو وأبي جعفر.

(٣) البيت لأبي زبيد الطائي. وهو في مجاز القرآن ٢ / ٩٢ ؛ وتفسير الطبري ١٩ / ١٣٣ وتفسير القرطبي ١٣ / ١٥٧ ولم ينسبه المصحح. ـ وعن ابن عباس أنّ نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عزوجل : (بِشِهابٍ قَبَسٍ)؟ قال : شعلة من نار يقتبسون منه. قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم ، أما سمعت قول طرفة :

همّ عراني فبتّ أدفعه

دون سهادي كشعلة القبس

١٣٧

٨٥٢ ـ فبورك قبر أنت فيه وبوركت

به وله أهل لذلك يثرب

٨٥٣ ـ لقد غيّبوا برّا وحزما ونائلا

عشيّة وأراك الصفيح المنصّب (١)

(مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها).

قيل : إنّ «من» زائدة.

وقيل : إنّه بمعنى «ما». أي : ما في النار ومن حولها. وقيل : إنّ «من» زائدة.

وقيل : إنه من النور. أي : بورك النور الذي في النّار ، أو الشجرة التي في النار ، وكانت خضراء ، ولا يزداد على اشتعال النار إلا اخضرارا.

وقيل : (بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ) أي : الملائكة ، (وَمَنْ حَوْلَها) أي : موسى.

أو : بورك من في طلب النار ، بحذف الطلب ، ومن حولها من الملائكة.

وقيل : معناه : بورك من في النار سلطانه وكلامه ، فيكون التقديس لله ، تعالى عن المكان والزمان.

وفي التوراة : [جاء الله من سيناء ، وأشرق من ساعير ، واستعلن من جبال فاران].

أي : من هذه المواضع جاءت آياته ، وظهرت رحمته حيث كلّم موسى بسيناء ، وبعث عيسى من ساعير ، ومحمدا من فاران جبال مكة.

(وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ). (١٠)

لم يرجع ولم يلتفت. من العقب.

(إِلَّا مَنْ ظَلَمَ). (١١)

استثناء منقطع.

أي : لكن من ظلم من غيرهم ، لأن الأنبياء لا يظلمون.

__________________

(١) البيتان في الحيوان للجاحظ ٥ / ١٧١ ؛ وشرح الهاشميات ص ٦١ ـ ٦٢. وفي المخطوطة [يشرب] بدل [يثرب] وهو تصحيف.

١٣٨

وقيل : إنّه تعريض بما كان من قتله القبطي (١).

(فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً). (١٣)

مبصرة من البصيرة.

(عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ). (١٦)

كان يفهمهم كما يتفاهم الطير بعضها عن بعض ، وأصوات الطير سمّي منطقا ، قال حميد بن ثور :

٨٥٤ ـ وما هاج هذا الشوق إلا حمامة

دعت ساق حرّ ترحة فترنّما

٨٥٥ ـ عجبت لها أنى يكون غناؤها

فصيحا ولم تفغر بمنطقها فما (٢)

(فَهُمْ يُوزَعُونَ). (١٧)

يدفعون ويحبسون. قال :

٨٥٦ ـ لسان الفتى سبع عليه شذاته

وإلا يزع عن غربه فهو قاتله

٨٥٧ ـ وما الجهل إلا منطق متسرّع

سواء عليه حقّ أمر وباطله (٣)

__________________

(١) قال البقاعي : لما كان المرسلون معصومين عن صدور ظلم ، ولكنهم لعلو مقامهم وعظيم شأنهم يعدّ عليهم خلاف الأولى ، بل بعض المباحات المستوية ، بل أخص من ذلك ، كما قالوا : حسنات الأبرار سيئات المقربين ، استدرك سبحانه من ذلك بأداة الاستثناء ما يرغب المرهبين من عواقب الظلم أخّر تلك في التوبة ، وينبّه موسى عليه‌السلام على غفران وكزة القبطي له ، وأنه لا خوف عليه بسببه ، وإن كان قتله مباحا ؛ لكونه خطأ مع أنه كافر ، ولكن علو المقام يوجب التوقف عن الإقدام إلا بإذن خاص ، ولذلك سماه هو ظلما فقال : «ربّ إني ظلمت نفسي فاغفرلي» وهو من التعريضات التي يلطف مأخذها. راجع نظم الدرر ١٤ / ١٣٥.

(٢) البيتان في الحيوان للجاحظ ٣ / ١٩٧ ـ ١٩٨ ؛ والخالديان ص ٣٦١ ؛ والعقد الفريد ٣ / ١٨٤ ؛ وشرح مقامات الحريري ١ / ١٣. والأول في الحماسة البصرية ٢ / ١٥٠ ، وكلاهما في زهر الآداب ١ / ٢٦٩.

(٣) البيتان في تفسير الماوردي ٣ / ١٩١ من غير نسبة مع بعض التصحيف ، وهما في الموشّى [استدراك] أو الظرف والظرفاء ص ١٦. والأول في اللسان مادة : سبع ٨ / ١٤٧ ، وهما في غريب الحديث للخطابي ١ / ٨٩ ولم ينسبهما المحقق عبد الكريم العزباوي. ـ

١٣٩

وينبغي أن يعلم أنّ معرفة تلك النملة بسليمان ، وحديث هدهد لم يجر على الجنس (١) ، ولكن عليهما بعينهما ، فيكون اختصاصهما وحدهما في زمن نبيّ بما يكون في حدّ المعجزة له ، بمنزلة كلام الذئب وكلام الصبي في المهد.

وأمّا من كلّ نوع من الحيوان أو في كلّ زمان فالأفضل في معارف العجم من الحيوانات على خاص مصالحها.

(وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ). (٢٠)

هذا التفقّد منه أدب للملوك والأكابر في تفقّد جندهم ، واستشفاق أمرهم ، ومقابلة من أخذ منهم بشرطه من الإنكار بما يستحقه.

(لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ). (٢١)

«ليأتينّي» إن كانت ثقيلة ، مشاكلة لقوله : «لأعذبنّه» أو «لأذبحنّه» فإنه حذفت إحداهما استثقالا.

وإن كانت النون التوكيد الخفيفة فلا حذف ، ولكن أدغمت في نون الإضافة.

(وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ). (٢٢)

صرفه لأنّه في الأصل اسم رجل غلّب على اسم بلد.

(أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ). (٢٥)

أي : زيّن لهم الشيطان أعمالهم بأن لا يسجدوا.

أو : فصدّهم عن السبيل بأن لا يسجدوا.

__________________

ـ قال ثعلب : كان بكر بن عبد الله المزني يقلّ الكلام ، فقيل له في ذلك؟ فقال : لساني سبع ، وإن تركته أكلني ، وأنشد البيتين ... قوله : شذاته : حدّه ، والغرب : الحدّة والنشاط.

(١) ويعارض هذا قوله تعالى : (عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ) فالألف واللام تدل على الجنس.

١٤٠