وضح البرهان في مشكلات القرآن - ج ٢

محمود بن أبي الحسن بن الحسين النيسابوري الغزنوي [ بيان الحق النيسابوري ]

وضح البرهان في مشكلات القرآن - ج ٢

المؤلف:

محمود بن أبي الحسن بن الحسين النيسابوري الغزنوي [ بيان الحق النيسابوري ]


المحقق: صفوان عدنان داوودي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار القلم ـ دمشق
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٠٨
الجزء ١ الجزء ٢

(سورة الصّافّات) (١)

(وَالصَّافَّاتِ صَفًّا). (١)

الملائكة ، لأنها صفوف في السماء.

أو : لأنها تصفّ أجنحتها في الهواء حتى يأمرها الله بما خلقوا لها.

(فَالزَّاجِراتِ زَجْراً). (٢)

تدركها القلوب كما تدرك وسوسة الشيطان ، وذلك من دواعي التكليف.

(فَالتَّالِياتِ ذِكْراً). (٣)

وهو تلاوة كتب الله ، أو ذكر تسبيحه وتقديسه.

أقسم بثلاثة أصناف من الملائكة.

أو : بربّ الأصناف الثلاثة.

وكلّ واحد من هذا جمع الجمع ؛ لأنّ الملائكة ذكور (٢) ، فتقول في جمعها : صافّة ، ثم يجمع على «صافّات».

(إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ). (٦)

__________________

(١) عن ابن عباس قال : نزلت سورة الصافات بمكة. وأخرج النسائي والبيهقي في سننه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يأمرنا بالتخفيف ويؤمنا بالصافات.

(٢) كذا في المخطوطة ، والملائكة لا توصف بذكورة ولا أنوثة.

٢٢١

الزّينة تجوز اسما ، فأضيفت إلى الكواكب إضافة محضة. أي : بزينة من الكواكب.

ويجوز مصدرا أضيف إلى المفعول به.

وقيل : الإضافة كانت : (بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) بتنوين الأول ونصب الثاني ، كما هو في بعض القراءات (١). وهو من باب قوله تعالى : (دُعاءِ الْخَيْرِ)(٢) و (بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ)(٣).

أي : دعائه الخير ، وسؤاله نعجتك.

(دُحُوراً). (٩)

قذفا في النار.

وقيل : دفعا بعنف.

(وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ).

دائم مؤلم.

(إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ). (١٠)

استلب السمع واسترق.

وعن ابن عباس : من وثب الوثبة فلا يلحقه الرجم.

(فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ).

شعلة من النار يثقب ضوءها ويستوقد. قال :

٩٥٩ ـ ليت شعري ولليت نبوة

أين صار الرّوح مذبان الجسد

٩٦٠ ـ بينما المرء شهاب ثاقب

ضرب الدّهر سناه فخمد (٤)

__________________

(١) وبهذا قرأ شعبة عن عاصم.

(٢) سورة فصلت : آية ٤٩.

(٣) سورة ص : آية ٢٤.

(٤) البيتان لم يعرف قائلهما. والبيت الثاني في تفسير القرطبي ١٥ / ٨.

٢٢٢

(أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا). (١١)

أي : من السماء والأرض والجبال.

وقيل : من الملائكة.

وقيل : من الأمم الماضية الذين أهلكوا.

(إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ).

لاصق لازق.

وبينهما فرق ، فاللاصق : الذي يلصق بعضه ببعض.

واللازق : الذي يلزق ممّا أصابه.

وقيل : «لازب» : لازم ، فالأربعة الألفاظ متقاربة. قال النابغة :

٩٦١ ـ ولا يحسبون الخير لا شرّ بعده

ولا يحسبون الشرّ ضربة لازب (١)

(وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ). (١٤)

يستدعون السخرية.

وقيل : ينسبون الآيات إلى السخرية ، كما تقول : استحسنته واستقبحته : إذا وصفته بهما.

(داخِرُونَ). (١٨)

أذلاء صاغرون.

(احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ). (٢٢)

__________________

(١) البيت في مجاز القرآن ٢ / ١٦٧ ؛ وتفسير الطبري ٢٣ / ٢٥ ؛ وتفسير القرطبي ١٥ / ٤٩ ؛ وديوانه ص ١٣. ـ وعن ابن عباس أنّ نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى : (مِنْ طِينٍ لازِبٍ)؟ قال : الملتزق قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم أما سمعت النابغة وهو يقول :

ولا يحسبون الخير لا شر بعده

ولا يحسبون الشر ضربة لازب

٢٢٣

وأشباههم. يحشر صاحب الزنا مع صاحب الزنا ، وصاحب الخمر مع صاحب الخمر.

(فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ). (٢٣)

دلّوهم.

قال ابن كيسان (١) : قدّموهم.

والهادي : السابق ، والهادية : العنق.

وهاديات الوحش : أوائلها. قال امرؤ القيس :

٩٦٢ ـ كأنّ دماء الهاديات بنحره

عصارة حنّاء بشيب مرجّل (٢)

(وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ). (٢٤)

احبسوهم.

لازم ومتعدّ. قال الأعرابي :

٩٦٣ ـ رئمت بسلمى بوّ ضيم وإنني

قديما لآبي الضّيم وابن أبات

٩٦٤ ـ فقد وقّفتني بين شكّ وشبهة

وما كنت وقّافا على الشّبهات (٣)

(تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ). (٢٨)

__________________

(١) هو محمد بن أحمد بن إبراهيم بن كيسان أبو الحسن النحوي ، أخذ عن المبرد وثعلب ، وخلط بين المذهبين ، له «معاني القرآن» توفي سنة ٣٢٠ ه‍ ، وكان يجتمع على بابه نحو مائة رأس من الدواب للرؤساء والأشراف الذين يقصدونه.

(٢) البيت من معلقته. وهو في ديوانه ص ١٢١ ؛ وشرح المعلقات للنحاس ١ / ٣٩.

(٣) البيتان في مجمع الأمثال ١ / ٢٩٣ ؛ والكامل ١ / ٦٣ ؛ وعيار الشعر ص ١٢٥ ؛ وهما لأعرابي من بني الحارث بن كعب. وقولهم : رئمت له بوّ ضيم. هذا مثل يضرب لمن ألف الضيم ورضي بالخسف طلبا لرضا غيره. والبوّ : جلد الحوار المحشو تبنا. وفي المخطوطة [رامت] بدل [رئمت] وهو تصحيف.

٢٢٤

تقهروننا بالقوة. قال الشماخ :

٩٦٥ ـ رأيت عرابة الأوسيّ يسمو

إلى الغايات منقطع القرين

٩٦٦ ـ إذا ما راية رفعت لمجد

تلقّاها عرابة باليمين (١)

وقال الحسن : اليمين مثل الدّين. أي : تأتوننا من قبله فتصدوننا عنه (٢).

(رِزْقٌ مَعْلُومٌ). (٤١)

لأنّ النفس إلى المعلوم منه أسكن ، كما قال سلمان : النفس إذا أحرزت قوتها اطمأنّت.

(بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ). (٤٥)

تسمية الخمر بالمعين على معاني تسمية الماء ؛

إمّا من ظهورها للعين لامتداد العين بها ، لطول اتصالها ، أو عدم انقطاعها أو لشدة جريها. من الإمعان في السير.

أو لكثرتها ، من المعن وهو : الشيء الكثير. ومنه الماعون ، لكثرة الانتفاع به.

(لا فِيها غَوْلٌ). (٤٧)

أي : أذى وغائلة.

وقيل : لا تغتال عقولهم ، كما قال :

٩٦٧ ـ فما زالت الكأس تغتالنا

وتذهب بالأوّل فالأوّل (٣)

__________________

(١) البيتان في ديوانه ص ٣٣٥ ـ ٣٣٧ ؛ والإصابة ٢ / ٤٧٣ ؛ والاستيعاب ٣ / ٨٧٩ ؛ والكامل ١ / ٧٦ ؛ ونقد الشعر ص ١٠٥.

(٢) أخرج ابن المنذر عن الحسن قال : كانوا يأتونهم عند كل خير ليصدوهم عنه.

(٣) البيت لمطيع بن إياس أدرك الدولتين الأموية والعباسية. وهو في اللسان مادة غول ؛ ومجاز القرآن ٢ / ١٦٩ ؛ والأغاني ١٣ / ٧٠ ؛ وتفسير الطبري ـ

٢٢٥

(وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ).

بكسر الزاي (١). أي : لا يسكرون لئلا يقلّ حظّهم من النعيم واللذات.

قال الأبيرد الرّياحي :

٩٦٨ ـ لعمري لئن أنزفتم أو صحوتم

لبئس النّدامى كنتم آل أبجرا (٢)

وقيل : لا ينفد شرابهم ، ولا يقل عقلهم ، من باب : أقلّ وأعسر وأفنى وأنفد.

من نزفت الركيّة : إذا استخرجت جميع مائها.

و (لا يُنْزِفُونَ) بفتح الزاي.

على بناء الفعل للمفعول من هذا.

ويقال منه : نزف الرجل فهو نزيف ومنزوف.

وفي الأول : نزيف لا غير. قال المخزومي :

٩٦٩ ـ قالت : واحقّ أبي وأكبر إخوتي

لأنبهنّ الحيّ إذا لم تخرج

٩٧٠ ـ ولثمت فاها آخذا بقرونها

شرب النّزيف ببرد ماء الحشرج (٣)

(وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ). (٤٨)

__________________

ـ ٢٣ / ٣١ ؛ وتفسير القرطبي ١٥ / ٧٩ ؛ والجليس الصالح ١ / ٥١٨ ولم ينسبه محققه الدكتور الخولي وكيل معهد المخطوطات العربية ؛ والبحر المحيط ٧ / ٣٥٠ ؛ والأضداد لابن الأنباري ص ١٦٣ ، ولم ينسبه المحقق.

(١) وهي قراءة حمزة والكسائي. انظر الإقناع لابن الباذش ٢ / ٧٤٥.

(٢) البيت في مجاز القرآن ٢ / ١٦٩ ؛ وتفسير الطبري ٢٣ / ٣٢ ؛ وتفسير القرطبي ١٥ / ٧٩ ونسبه للحطيئة ؛ وهو وهم ، ولسان العرب : مادة : نزف ؛ والأغاني ١٢ / ١٣ ؛ والبحر المحيط ٧ / ٣٥٠ ونسبه للأسود وفي المخطوطة : الأبرد الرياحي ، وهو تصحيف.

(٣) البيتان لعمر بن أبي ربيعة المخزومي ، وتنسب لجميل بن معمر العذري. وهما في ديوانه ص ٨٣ ، وفيه الأول شطره :

قالت :

وعيش أبي وحرمة إخوتي

وفي وفيات الأعيان ١ / ٣٧٠ ؛ وشرح أبيات مغني اللبيب ٢ / ٣١٥.

٢٢٦

يقصرن طرفهن على أزواجهنّ. قال امرؤ القيس :

٩٧١ ـ من القاصرات الطّرف لودبّ محول

من الذرّ فوق الإتب منها لأثّرا (١)

(كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ). (٤٩)

في نقائها واستوائها.

وبلغ من جهل ابن الراوندي بأشعار العرب ومحاسن التشبيه أن قال : ما في بيض النعام من محاسن الحان حتى يصير موضع تشبيهها به؟! والعرب تناقلت ذلك ، والقرآن على لسانهم.

قال الراجز في الجاهلية :

٩٧٢ ـ كأنّ لون البيض في الأدحيّ

لونك لو لا صفرة الجاديّ (٢)

وقال عروة :

٩٧٣ ـ كأنهنّ وقد حسرن لواغبا

بيض بأكناف الحطيم مركّم (٣)

وقال الفرزدق :

٩٧٤ ـ فجئن إليّ لم يطمثن قبلي

وهنّ أصحّ من بيض النّعام (٤)

(فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ). (٥٥)

__________________

(١) البيت في ديوانه ص ٦٥ والإتب : القميص غير المخيط الجانبين. وهو في تلخيص كتاب الشعر ص ١٢٠ ؛ والدر المصون ٣ / ٦٨٤.

(٢) البيت في شرح مقامات الحريري ١ / ١١٢ دون نسبة ، ونسبه ابن سيده لأبي النجم في المخصص ١١ / ٢١١. والجادي : الزعفران ، يريد أنها تضمخ بالجادي وهو الزعفران ، وصفرة النعمة لا تبلغ صفرته.

(٣) البيت لعروة بن أذينة ، وهو شاعر غزل مقدّم من شعراء أهل المدينة ، وهو معدود من الفقهاء والمحدثين. روى عنه مالك بن أنس. وهو في ديوانه ص ٣٧٨ ؛ والأغاني ٢١ / ١١٠ ؛ وذيل أمالي القالي ١٢٥.

(٤) البيت في اللسان مادة : طمث ، وتفسير القرطبي ١٧ / ١٨١ ، وتفسير الماوردي ٤ / ١٥٩ ؛ والزهرة ٢ / ٨٢٩ ؛ والأضداد لابن الأنباري ص ٢١٥.

٢٢٧

وسطه ، لاستواء البعد إليه من الجوانب. قال :

٩٧٥ ـ وصاحب غير ذي ظلّ ولا نفس

هيّجته في سواء البيد فاهتاجا (١)

(شَجَرَةُ الزَّقُّومِ). (٦٢)

أخبث شجرة.

(طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ). (٦٥)

أي : ما يطلع منها وهو الثمر.

قبح صورة الشيطان متقرّر في النفوس ، فجرى التشبيه عليه وإن لم ير.

قال امرؤ القيس :

٩٧٦ ـ أيقتلني والمشرفيّ مضاجعي

ومسنونة زرق كأنياب أغوال (٢)

وقيل : إنّ الشياطين الحيّات ، وأنشد :

٩٧٧ ـ تلاعب مثنى حضرميّ كأنّه

تعمّج شيطان بذي خروع قفر (٣)

وما يشبّه زماما مضفورا من أدم بتلوي حيّة في غيضة.

(مِنْ حَمِيمٍ). (٦٧)

من ماء حار.

وقيل : من عرق. وجاء الشعر في معناه. قال :

٩٧٨ ـ وليس بها ريح ولكنّ وديقة

يظلّ بها السامي يهلّ وينقع (٤)

٩٧٩ ـ يبلّ بمعصور جناحي ضئيلة

أفاويق منها هلّة ونقوع (٥)

__________________

(١) البيت في غريب الحديث للخطابي ٢ / ٢٥ من غير نسبة.

(٢) البيت في ديوانه ص ١٢٥ ؛ وتفسير القرطبي ١٥ / ٨٦.

(٣) البيت لطرفة بن العبد في شرح ديوانه ص ١٥٨. وهو في اللسان مادة خرع ؛ وتفسير القرطبي ١٥ / ٨٦ ؛ والحيوان ١ / ١٥٣.

(٤) البيت في اللسان : هلل بلا نسبة ، وجمهرة اللغة ٣ / ١٣٣ ؛ والمجمل ٤ / ٨٩٢.

(٥) البيت للطرماح وهو في ديوانه ٣٠٢ ؛ وتهذيب اللغة ٢ / ٢٠ ؛ وهو في اللسان مادة : هلل ، وفي المخطوطة [الساري] بدل [السامي] وهو تصحيف. ـ

٢٢٨

(ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ). (٦٨)

ثمّ ، معناها معنى الواو ، وليس للتراخي ، وهو كما قال عبدة بن الطبيب :

٩٨٠ ـ لمّا وردنا رفعنا ظلّ أخبية

وفار باللحم للقوم المراجيل

٩٨١ ـ وردا وأشقر لم ينهئه طابخه

ما غيّر الغلي منه فهو مأكول

٩٨٢ ـ ثمّت قمنا إلى جرد مسوّمة

أعرافهنّ لأيدينا مناديل (١)

لم يريدوا التراخي بدليل : لم ينهىء اللحم. أي : لم ينضجوه ، ولم يتفرغوا للتنظف وغسل اليد.

(وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ). (٧٨)

أبقينا له الثناء الحسن.

(رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ). (٨٤)

سالم من الشك والرياء.

(فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ). (٨٧)

حين خلقكم ورزقكم وعبدتم غيره.

(فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ). (٨٨)

للاستدلال به على الصانع.

وقال الحسن : ليس هو نجوم السماء ، ولكنه ما نجم في قلبه من أمر الأصنام وقصد إهلاكها.

__________________

ـ قال : مرة يذهب ريقه. يعني : يهل ، ومرة يجيء. يعني : ينقع ، والسامي : الذي يطلب الصيد في الرمضاء.

(١) الأبيات في المفضليات ص ١٤١ ؛ وشرح المفضليات للتبريزي ٢ / ١٧٠ ـ ٦٧٢ ؛ والاختيارين ص ٩٤ ـ ٩٥.

٢٢٩

ـ وقيل : إنّ علم النجوم كان حقّا ، وكان من النبوة ، ثم نسخ (١).

قال الضحاك : ثابتا إلى زمن عيسى عليه‌السلام.

__________________

(١) ويؤيد ذلك ما أخرجه الخطيب في كتاب النجوم بسند ضعّفه عن عطاء ، قال : قيل لعلي بن أبي طالب : هل كان للنجوم أصل؟ قال : نعم ، كان نبي من الأنبياء يقال له : يوشع بن نون ، فقال له قومه : إنا لا نؤمن بك حتى تعلمنا بدء الخلق وآجاله ، فأوحى الله تعالى إلى غمامة فأمطرتهم ، واستنقع على الجبل ماء صافيا ، ثم أوحى الله إلى الشمس والقمر والنجوم أن تجري في ذلك الماء ، ثم أوحى إلى يوشع بن نون أن يرتقي هو وقومه على الجبل ، فارتقوا الجبل فقاموا على الماء حتى عرفوا بدء الخلق وآجاله بمجاري الشمس والقمر والنجوم ، وساعات الليل والنهار ، فكان أحدهم يعلم متى يموت ومتى يمرض ، ومن ذا الذي يولد له ، ومن الذي لا يولد له ، قال : فبقوا كذلك برهة من دهرهم ، ثم إنّ داود عليه‌السلام قاتلهم على الكفر ، فأخرجوا إلى داود في القتال من لم يحضر أجله ، ومن حضر أجله خلفوه في بيوتهم ، فكان يقتل من أصحاب داود ولا يقتل من هؤلاء أحد ، فقال داود : رب ها أنا أقاتل على طاعتك ويقاتل هؤلاء على معصيتك ، فيقتل أصحابي ، ولا يقتل من هؤلاء أحد. فأوحى الله إليه : إني كنت علمتهم بدء الخلق وآجاله ، وإنما أخرجوا إليك من لم يحضر أجله ، ومن حضر أجله خلفوه في بيوتهم ، فمن ثم يقتل من أصحابك ولا يقتل منهم أحد. قال داود : يا رب على ما ذا علمتهم؟ قال : على مجاري الشمس والقمر والنجوم وساعات الليل والنهار فدعا الله فحبست الشمس عليهم ، فزاد في النهار فاختلطت الزيادة بالليل والنهار ، فلم يعرفوا قدر الزيادة فاختلط عليهم حسابهم. قال عليّ رضي الله عنه : فمن ثم كره النظر في النجوم. ـ وأخرج ابن أبي حاتم والمرهبي في فضل العلم عن حميد الشامي قال : النجوم هي علم آدم عليه‌السلام. ـ وأخرج المرهبي عن الحسن بن صالح قال : سمعت عن ابن عباس أنه قال : ذلك علم ضيّعه الناس ، النجوم. ـ وأخرج الخطيب عن عكرمة أنه سأل رجلا عن حساب النجوم ، وجعل الرجل يتحرج أن يخبره ، فقال عكرمة : سمعت ابن عباس يقول : علم عجز الناس عنه ، وددت أني علمته. قال الخطيب : مراده الضرب المباح الذي كانت العرب تختص به.

٢٣٠

والنسخ في مثل هذا الموضع بعيد ، وإنّما النسخ في الأحكام والشرائع.

ـ وما كان من علم النجوم ثابتا ، من تصريفها الله على أمور في العالم فذلك ثابت أبدا (١).

وما ليس بثابت اليوم من فعلها في العالم بعلمها واختيارها ، فلم يكن ثابتا.

إلا أن يقال :

إنّ الاشتغال بمعرفتها والتوفر على ضبطها وتحصيلها نسخ ، فيكون ذلك صحيحا.

وقيل معناه :

إنه بيّن بها أنّ الحركات العلوية معدّة للتغيرات في السفلية ، ولا بقاء مع دورانها على الأشخاص البالية.

قال أسقف نجران :

٩٨٣ ـ منع البقاء تصرّف الشمس

وطلوعها من حيث لا تمسي

__________________

(١) وأما ما ورد في النهي عن علم النجوم فمن ذلك : ـ ما أخرجه الخطيب عن عمر بن الخطاب سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «لا تسألوا عن النجوم ولا تفسروا القرآن برأيكم ، ولا تسبوا أحدا من أصحابي فإن ذلك الإيمان المحض». ـ وما أخرجه ابن مردويه والمرهبي والخطيب عن أبي هريرة قال : نهى رسول الله عن النظر في النجوم. ـ وما أخرجه ابن أبي شيبة وأبو داود وابن مردويه عن ابن عباس قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر ، زاد ما زاد. راجع الدر المنثور ٣ / ٣٢٩ ـ ٣٣١ ؛ وسنن أبي داود ٣٩٠٥.

٢٣١

٩٨٤ ـ وطلوعها بيضاء صافية

وغروبها صفراء كالورس

٩٨٥ ـ اليوم يعلم ما يجيء به

ومضى بفصل قضائه أمس (١)

وقال أميّة بن أبي الصلت :

٩٨٦ ـ وكيف أعدّ الشاء مالا وربما

أتى سبع يغدو عليها فتشعب

٩٨٧ ـ أو الإبل التي إذا الشمس أشرقت

عليها فماتت كلهنّ حين تغرب (٢)

(فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ). (٨٩)

أي : خلقت للموت فأنا سقيم أبدا.

وقيل : إنه استدلّ بها على حدوث سقم في بدنه.

والأولى القول الأول ، وذلك أنه أراد أن يتأخّر عن عيد لهم ، ليتمّ كيده في أصنامهم ، فاعتذر بالسقم ، على تأويل : إنّ المخلوق للموت والأسقام سقيم أبدا. صحته داء ، وسلامته عناء.

قال لبيد :

٩٨٨ ـ كانت قناتي لا تلين لغامز

فألانها الإصباح والإمساء

٩٨٩ ـ ودعوت ربّي بالسلامة جاهدا

ليصحّني فإذا السلامة داء (٣)

وقال حميد بن ثور :

٩٩٠ ـ أرى بصري قد رابني بعد صحة

وحسبك داء أن تصحّ وتسلما

٩٩١ ـ فلن يلبث العصران يوم وليلة

إذا تمّما أن يدركا ما تيمما (٤)

__________________

(١) الأبيات لأسقف نجران ، وقيل : لتبّع ملك اليمن. وهي في معجم الشعراء ص ٣٣٩ ؛ والبيان والتبيين ٤ / ٤٦ ؛ وقطر الندى ص ١٥ ؛ وبهجة المجالس ٢ / ٣٣٠.

(٢) البيتان ليسا في ديوانه.

(٣) البيتان في ذيل ديوانه ص ٢٢١ ، والصحيح أنها لعمرو بن قمئة. وهي في زهر الآداب ١ / ١٦٨ ؛ والصناعتين ص ٤٩ ؛ وعيار الشعر ص ٨٣.

(٤) البيتان في زهر الآداب للحصري ١ / ١٦٨ ؛ والكامل ١ / ١٢٨. والأول في الصناعتين ص ٤٩ ؛ والحيوان ٦ / ٥٠٣ ؛ وعيار الشعر ص ٨٢.

٢٣٢

وقال آخر :

٩٩٢ ـ لعمرك ما الدنيا بدار إقامة

إذا زال عن عين البصير غطاؤها

٩٩٣ ـ وكيف بقاء المرء فيها وإنما

ينال بأسباب الفناء بقاؤها (١)

وفي معاني هذه الأبيات وفي قولهم :

٩٩٤ ـ كلّ يدور على البقاء بجهده

وعلى الفناء تديره الأيام (٢)

وقولهم :

٩٩٥ ـ يميتك ما يحييك في كلّ ساعة

ويحدوك حاد ما يريد بك الهزءا (٣)

وغير ذلك.

ـ قالت الحكماء : إنّ تحلّل الرطوبة التي منها خلقنا ـ وهو المني ـ والرطوبة الخاصة منها لغذاء القلب ، وهي رطوبة دهنية لذيذة ملساء ، هي لنار القلب كالدهن لشعلة السراج ، دائم أبدا بسببين : بالهواء المحلّل من خارج ، وبالحرارة الغريزية ، وبالغربية من داخل ، وهذه الأسباب متعاونة على التجفيف أولا أولا ، بل هذا الجفاف ضرورة الاستكمال والبلوغ من تتمة الأفعال ، فإنا في أول الأمر ما نكون في غاية الرطوبة ، وبحسب ذلك كثرة الحرارة ، وإلا عفنت واحتقنت ، فهي تستولي عليها ، وتعمل في أكلها وتجفيفها حتى يبلغ البدن الحدّ المعتدل ، ثم التجفيف يكون أقوى من الأول ؛ لأنّ المادة تهي أولا ،

__________________

(١) البيتان لابن الرومي في ديوانه ١ / ١٣٠. وهما في شرح مقامات الحريري ١ / ٢١ ؛ وزهر الآداب ١ / ١٤٤ ؛ والصناعتين ص ٤٩.

(٢) البيت لأبي العتاهية من قصيدة مطلعها :

نادت بوشك رحيلك الأيام

أفلست تسمع أو بك استصمام

ومضى أمامك من رأيت وأن

ت للباقين حتى يلحقوك إمام

وهو في ديوانه ص ٢٠٨ ؛ والفوائد والأخبار لابن دريد ص ٤٠.

(٣) البيت في تفسير القرطبي ١١ / ١٥٠ من غير نسبة ، وهو للغضائري في عين الأدب والرياسة ص ١٨١. وقبله :

حياتك أنفاس تعدّ فكلما

مضى نفس منك انتقصت جزءا

فتصبح في نقص وتمسي بمثله

ومالك معمول تحس به رزءا

٢٣٣

فلا يزال يزداد حتى تفنى رطوبة القلب بحرارته ، فتصير الحرارة الغريزية بالعرض سببا لإطفاء نفسها وجعل حياته بالفناء والآفات ، فهو ـ وهو حيّ ـ ميت ، كما قال عزّ من قائل : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ)(١).

(فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ). (٩٣)

مال إليهم.

والرّوغ والروغان : ذهاب في ختل وخفية.

(ضَرْباً بِالْيَمِينِ) : بالقوة.

وقيل : باليمين التي هي خلاف الشمال.

وقيل : بالحلف التي تألّى بها في قوله : (وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ)(٢).

وقول الحادرة (٣) :

٩٩٦ ـ ولديّ أشعث باسط يمينه

قسما لقد أنضجت لم يتورّع

يحتمل المعنيين التي هي خلاف الشمال ، والتي هي القسم.

(فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ). (٩٤)

يسرعون.

زفّ يزفّ زفيفا ، وأزفّ يزفّ إزفافا (٤).

(فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ). (١٠٢)

في طاعة الله وعبادته.

(فَانْظُرْ ما ذا تَرى).

__________________

(١) سورة الزمر : الآية ٣٠.

(٢) سورة الأنبياء : آية ٥٧.

(٣) في المخطوط : الجارية ، وهو تصحيف ، وهو شاعر جاهلي مقل ، والبيت في الاختيارين ص ٧٠ ؛ والمفضليات ص ٤٦.

(٤) قرأ «يزفون» بضم الياء حمزة ، والباقون بفتحها. انظر : الإتحاف ص ٣٧٩.

٢٣٤

ليس ذلك على المؤامرة ، ولكنّه اختبره بذلك ، أيجزع أم يصبر ، فقال :

(سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ).

(وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ). (١٠٣)

صرعه على جبينه.

وقال قطرب : ضرب به على تلّ.

وجواب (فَلَمَّا أَسْلَما) : (وَنادَيْناهُ). (١٠٤)

فيكون الواو مقحمة ، كما قال :

٩٩٧ ـ حتى إذا قملت بطونكم

ورأيتم أبناءكم شبّوا

٩٩٨ ـ وقلبتم ظهر المجنّ لنا

إنّ اللئيم لعاجز خبّ (١)

أي : قلبتم.

ويجوز أن يكون الجواب : (إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ). (١٠٦)

أي : لمّا بلغ الأمر بهما إلى ما ذكر بلغ البلاء غايته.

ـ وقيل : إنّ البلاء ههنا بمعنى النعمة ، بدليل ما تقدّمه من : «وناديناه» ، وما تعقّبه من : «وفديناه».

وهذا كما قال أوس بن حجر :

٩٩٩ ـ وقد غبرت شهري ربيع كليهما

بحمل البلايا والخباء الممدّد

١٠٠٠ ـ سنجزيك أو يجزيك عنا مثوب

وحسبك أن يثنى عليك وتحمدي (٢)

(وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا). (١١٢)

أي : بشّرناه بنبوته بعدما بشّرناه فيما مضى بولادته.

__________________

(١) البيتان للأسود بن يعفر ، وهما في ديوانه ص ١٩. وهما في مجالس ثعلب ص ٥٩ ، ولم ينسبهما المحقق عبد السّلام هارون ؛ ومعاني الفراء ٢ / ٥١ ، ولم ينسبهما المحقق ؛ والأمالي الشجرية ١ / ٣٥٧ ؛ ورصف المباني ص ٤٨٧.

(٢) البيتان في ديوانه ص ٢٧.

٢٣٥

(سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ). (١٣٠)

يجوز أن يكون ياسين محمدا وأمته لأنهم أهل سورة ياسين.

ويجوز أن يكون «إلياسين» لغة في إلياس على قراءة من قرأ (وَإِنَّ إِلْياسَ)(١) موصولا.

قال خداش بن زهير :

١٠٠١ ـ ومثل إبراهيم إبراهام (٢)

 .................

ويجوز أن يكون لذلك النبيّ اسمان ، مثل يعقوب وإسرائيل ، ومحمد وأحمد.

وأمّا من قرأ : «إلياسين» (٣) بكسر الهمزة وسكون اللام.

فيقول أبو عمرو : إنّ إلياسين لغة في إلياس ، مثل طور سنين في : طور سيناء.

ويدلّ عليه ما في أواخر قصص الأنبياء المتقدمة من إعادة ذكرهم بالسلام.

وقيل : إنه جمع إلياس بعينه وأهل دينه بالياء والنون على العدد بغير إضافة ، كما يقال : المهلّبون والأشعرون. قال الراجز :

١٠٠٢ ـ أنا ابن سعد سيّد السعدينا (٤)

 ...............

(أَتَدْعُونَ بَعْلاً). (١٢٥)

__________________

(١) قرأ بوصل همزة إلياس ابن عامر بخلاف عنه. الإتحاف ص ٣٧٠.

(٢) الشطر لخداش بن زهير ، وهو من شعراء قيس المجيدين في الجاهلية ، وكان يهجو عبد الله بن جدعان التميمي ، ولم يكن رآه ، فلما رآه ندم على هجائه. والشطر ليس في ديوانه.

(٣) قرأ نافع وابن عامر ويعقوب «آل ياسين» والباقون «إلياسين».

(٤) الرجز لرؤية بن العجاج. وهو في ملحقات ديوانه ص ١٩١ ؛ والمقتضب ٢ / ٢٢١ ؛ وكتاب سيبويه ١ / ٢٨٩ ؛ وسر صناعة الإعراب ٢ / ٤٦٠ ؛ ومعاني الفراء ٢ / ٣٩٢.

٢٣٦

اسم صنم من ذهب يعبدونه ، وبذلك الصنم سمّي بعلبك ، كما يقال : بغ داد ، ولذلك غيّر فسمي مدينة المنصور ومدينة السّلام ، إذ كان «بغ» اسم صنم.

وقيل : إنّه الربّ والسيد ، ويقال : من بعل هذه الدار؟

وقيل : إنّ البعل اسم الله بلغة اليمن ، وتقديره : أتدعون إلها غير الله.

(مُغاضِباً)(*).

قيل : لقومه لاستحالة مغاضبة الله. ولكن قوله :

(وَهُوَ مُلِيمٌ). (١٤٢)

يمنع من هذا التأويل ، لأنّ المليم (١) : هو المستحق للملام ، كما قال الأسدي :

١٠٠٣ ـ وإني أحبّ الخلد لو أستطيعه

وكالخلد عندي أن أموت ولم ألم (٢)

وليست المغاضبة بمعنى المفاعلة بين الشيئين ، ولكن المتسخّط للشيء الكئيب يقال له المغاضب ، كما قال الهذلي :

١٠٠٤ ـ يبيت إذا ما آنس الليل كانسا

مبيت الغريب ذي الكساء المغاضب (٣)

__________________

(*) هذه الآية ليست من هذه السورة ، وخلطها المؤلف بهذه السورة ، وهي من سورة الأنبياء : آية ٨٧ ، وتمامها [وذا النون إذ ذهب مغاضبا].

(١) عن ابن عباس أنّ نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى : وَهُوَ مُلِيمٌ؟ قال : المليم : المسيء والمذنب ، قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم ، أما سمعت أمية بن أبي الصلت وهو يقول :

بريء من الآفات ليس لها

بأهل ولكنّ المسيء هو المليم

(٢) البيت في محاضرات الأدباء للراغب الأصبهاني ١ / ٣٧٩ ، ونسبه للأسدي كالمؤلف ؛ والحيوان ٣ / ٤٧٥ ؛ والبيان والتبيين ٣ / ٣٢٠ ، وفي المخطوطة [ويعمرا] بدل [ولم ألم] وهو تصحيف.

(٣) البيت لصخر الغيّ الهذلي. وهو في المعاني الكبير ٢ / ٧٢٩ ؛ وديوان الهذليين ٢ / ٥٣.

٢٣٧

ـ ولمّا ركب السفينة خافوا الغرق من الأمواج ، وقيل : من الحوت الذي عارضهم ، فقالوا : عبد مذنب لا ينجو ونلقيه في البحر ، فاقترعوا فخرجت القرعة على يونس ، فألقوه.

وذلك قوله : (فَساهَمَ). (١٤١)

أي : قارع بالسهام.

(فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ).

أي : المقروعين المغلوبين.

(فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ). (١٤٥)

بالفضاء.

(وَهُوَ سَقِيمٌ).

كالصبيّ المنفوس.

(وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ). (١٤٦)

قرع (١).

وقيل : إنّه كل ما ينبسط ورقه على الأرض.

وهو يفعيل من : قطن بالمكان.

قال مقاتل : كان تأتي إليه وعلة فيشرب لبنها في مثل تلك الشجرة.

(وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ). (١٤٧)

على شك المخاطبين.

أو للإبهام عليهم ، كأنه قيل : إلى أحد العددين.

(فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ). (١٤٨)

__________________

(١) وفي ذلك يقول أمية بن أبي الصلت :

فأنبت يقطينا عليه برحمة

من الله لو لا الله ألفي ضاحيا

٢٣٨

أي : إلى حين موتهم ، وإنما آمنوا قبل حضور العذاب ، ولكنهم استدلوا بخروج يونس على العذاب فآمنوا قبل أن يبلغوا إلى حد اليأس والإلجاء.

(وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً). (١٥٨)

قالوا : إنّ الملائكة بنات الله ، حتى قال لهم أبو بكر : فمن أمهاتهم (١)؟

وقيل : إنها الأصنام.

والنسب : الشركة أو الجن يكلمهم منها ويغويهم فيها.

وهذا القول أولى ، لقوله تعالى : (إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ).

أي : مزعجون فى العذاب.

(ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ). (١٦٢)

مضلّين.

(إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ). (١٧٢)

قال الحسن : لم يقتل نبيّ أمر بالجهاد.

* * *

__________________

(١) أخرج البيهقي في الشعب وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال : قال كفار قريش : الملائكة بنات الله ، فقال لهم أبو بكر الصديق : فمن أمهاتهم؟ فقالوا : بنات سروات الجن ، فقال الله : (وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ).

٢٣٩
٢٤٠