التيسير في التفسير للقرآن - ج ٣

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي

التيسير في التفسير للقرآن - ج ٣

المؤلف:

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٣٢

* س ١٥ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَيَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) (٢٠) [يونس : ٢٠]؟!

الجواب / قال يحيى بن أبي القاسم : سألت الصادق عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ)(١).

فقال : «المتّقون : شيعة عليّ عليه‌السلام ، والغيب : هو الحجّة القائم ، وشاهد ذلك قول الله عزوجل : (وَيَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ)(٢).

وقال الرضا عليه‌السلام : «ما أحسن الصّبر وانتظار الفرج! أما سمعت قول الله عزوجل : (وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ)(٣) و (فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) ، فعليكم بالصّبر ، فإنّه إنما يجيء الفرج على اليأس ، فقد كان الذين من قبلكم أصبر منكم» (٤).

* س ١٦ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا قُلِ اللهُ أَسْرَعُ مَكْراً إِنَّ رُسُلَنا يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ (٢١) هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِها جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) (٢٢) [يونس : ٢٢ ـ ٢١]؟!

الجواب / قال الشيخ الطبرسيّ (رحمه‌الله تعالى) :

__________________

(١) البقرة : ١ ـ ٣.

(٢) كمال الدين وتمام النعمة : ص ١٧.

(٣) هود : ٩٣.

(٤) كمال الدين وتمام النعمة : ص ٦٤٥ ، ح ٥.

٢٢١

ثم أخبر سبحانه ذميم فعالهم ، فقال : (وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً) يريد بالناس الكفار ، فهو عموم يراد به الخصوص (مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ) أي : راحة ورخاء بعد شدة وبلاء ، وحقيقة الذوق فيما له طعم يوجد إنما يكون طعمه بالفم ، وإنما قال أذقناهم الرحمة على طريق البلاغة ، لشدة إدراك الحاسة إياها (إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا) أي : فهم يحتالون لدفع آياتنا بكل ما يجدون السبيل إليه من شبهة ، أو تخليط في مناظرة ، أو غير ذلك من الأمور الفاسدة. وقال مجاهد : مكرهم استهزاؤهم وتكذيبهم.

(قُلِ) يا محمد لهم (اللهُ أَسْرَعُ مَكْراً) أي : أقدر جزاء على المكر ، ومعناه أن ما يأتيهم من العقاب أسرع مما أتوه من المكر أي أوقع في حقه. وقيل : إن مكره سبحانه إنزاله العقوبة بهم من حيث لا يشعرون. (إِنَّ رُسُلَنا) يعني الملائكة الحفظة (يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ) أي ما تدبرون من سوء التدبير.

وفي هذا غاية الزجر والتهديد من وجهين أحدهما أنه يحفظ مكرهم والآخر أنه أقدر على جزائهم وأسرع فيه. ثم امتن الله سبحانه على خلقه ، بأن عدد نعمه التي يفعلها بهم في كل حال ، فقال (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) أي : يمكنكم من السير في البر والبحر ، بما هيأ لكم من آلات السير ، وهي خلق الدواب وتسخيرها لكم لتركبوها في البر ، وتحملوا عليها أثقالكم ، وهيأ السفن في البحر ، وإرسال الرياح المختلفة التي تجري بالسفن في الجهات المختلفة.

(حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ) خص الخطاب براكب البحر أي : إذا كنتم راكبي السفن في البحر (وَجَرَيْنَ بِهِمْ) أي : وجرت السفن بالناس لما ركبوها ، عدل عن الخطاب إلى الإخبار عن الغائب ، تصرفا في الكلام ، على أنه يجوز أن يكون خطابا لمن كان في تلك الحال ، وإخبارا لغيرهم من الناس (بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ) أي : بريح لينة يستطيبونها.

٢٢٢

(وَفَرِحُوا بِها) أي : سروا بتلك الريح لأنها تبلغهم مقصودهم ... وقيل : فرحوا بالسفينة حيث حملتهم وأمتعتهم (جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ) أي : جاءت للسفينة ريح عاصف ، شديدة الهبوب الهائلة (وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ) من البحر. والموج : اضطراب البحر ، ومعناه : وجاء راكبي البحر الأمواج العظيمة من جميع الوجوه.

(وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ) أي : أيقنوا أنهم دنوا من الهلاك. وقيل : غلب على ظنهم أنهم سيهلكون لما أحاط بهم من الأمواج (دَعَوُا اللهَ) عند هذه الشدائد والأهوال ، والتجأوا إليه ليكشف ذلك عنهم (مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) أي : على وجه الإخلاص في الاعتقاد ، ولم يذكروا الأوثان والأصنام لعلمهم بأنها لا تنفعهم ههنا شيئا ، وقالوا : (لَئِنْ أَنْجَيْتَنا) يا رب (مِنْ هذِهِ) الشدة (لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) أي : من جملة من يشكرك على نعمك ... (١).

* س ١٧ : ما هو معنى قوله تعالى :

(فَلَمَّا أَنْجاهُمْ إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٢٣) [يونس : ٢٣]؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «ثلاث يرجعن على صاحبهنّ : النّكث ، والبغي ، والمكر ، قال الله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ)(٢).

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٥ ، ص ١٧٣ ـ ١٧٤.

(٢) تفسير العياشيّ : ج ٢ ، ص ١٢١ ، ح ١٣.

٢٢٣

* س ١٨ : ما هو معنى قوله تعالى :

(إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (٢٤) [يونس : ٢٤]؟!

الجواب / قال الفضيل بن يسار : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : جعلت فداك ، إنّا نتحدّث أن لآل جعفر راية ، ولآل فلان راية ، فهل في ذلك شيء؟

فقال : «أمّا لآل جعفر فلا ، وأمّا راية بني فلان فإنّ لهم ملكا مبطئا ، يقرّبون فيه البعيد ، ويبعّدون فيه القريب ، وسلطانهم عسر ليس فيه يسر ، لا يعرفون في سلطانهم من أعلام الخير شيئا ، يصيبهم فيه فزعات ثم فزعات ، كل ذلك يتجلّى عنهم ، حتى إذا أمنوا مكر الله ، وأمنوا عذابه ، وظنّوا أنهم قد استقرّوا ، صيح فيهم صيحة لم يكن لهم فيها مناد يسمعهم ولا يجمعهم (١) ، وذلك قول الله عزوجل : (حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها) إلى قوله : (لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) ألا إنه ليس أحد من الظّلمة إلا ولهم بقيا ، إلا آل فلان فإنهم لا بقيا لهم».

قال : جعلت فداك ، أليس لهم بقيا؟

قال : «بلى ، ولكنّهم يصيبون منّا دما ، فبظلمهم نحن وشيعتنا فلا بقيا لهم» (٢).

__________________

(١) في «ط» : منال يسهم ولا يجمعهم.

(٢) تفسير العياشيّ : ج ٢ ، ص ١٢١ ، ح ١٤.

٢٢٤

* س ١٩ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٢٥) [يونس : ٢٥]؟!

الجواب / قال العلاء بن عبد الكريم : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول في قول الله عزوجل : (وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ) ، فقال : «إنّ السّلام ، هو الله عزوجل ، وداره التي خلقها لأوليائه الجنّة» (١).

وقال زيد بن علي بن الحسين عليهم‌السلام ، في قوله تعالى : (وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ) : «يعني به الجنّة (يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) يعني به ولاية عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام» (٢).

* س ٢٠ : ما هو معنى قوله تعالى :

(لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٢٦) [يونس : ٢٦]؟!

الجواب / قال أبو جعفر عليه‌السلام ، في قوله : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) : «فأمّا الحسنى فهي الجنّة ، وأما الزيادة فالدنيا ، ما أعطاهم الله فيها لم يحاسبهم به في الآخرة ، ويجمع الله لهم ثواب الدنيا والآخرة ، ويثيبهم بأحسن أعمالهم في الدنيا والآخرة ، يقول الله : (وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ)(٣).

وروي في (نهج البيان) : عن علي بن إبراهيم. قال : قال عليه‌السلام : الزيادة هبة الله عزوجل : (وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ) ، قال : القتر : الجوع

__________________

(١) معاني الأخبار : ص ١٧٦ ، ح ٢.

(٢) المناقب : ج ٣ ، ص ٧٤ ، شواهد التنزيل : ج ١ ، ص ٢٦٣ ، ح ٣٥٨.

(٣) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ٣١١.

٢٢٥

والفقر ، والذلّة : الخوف (١).

* س ٢١ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٢٧) [يونس : ٢٧]؟!

الجواب / قال أبو جعفر عليه‌السلام ، في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ).

قال : «هؤلاء أهل البدع والشّبهات والشّهوات يسوّد الله وجوههم ، ثمّ يلقونه ، يقول الله : (كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً) يسوّد الله وجوههم يوم القيامة ، ويلبسهم الذلّة والصّغار ، يقول الله : (أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ)(٢).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام ، في قول الله عزوجل : (كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً) ، قال : «أما ترى البيت إذا كان اللّيل كان أشدّ سوادا من خارج ، فلذلك هم يزدادون سوادا» (٣).

* س ٢٢ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ) (٢٨) [يونس : ٢٨]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى : (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً

__________________

(١) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ٣١١ وليس فيه (الزيادة هبة الله عزوجل) ولم تجد الحديث في نهج البيان المخطوط.

(٢) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ٣١١.

(٣) الكافي : ج ٨ ، ص ٢٥٢ ، ح ٣٥٥.

٢٢٦

ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ) قال : يبعث الله نارا تزيّل بين الكفّار والمؤمنين.

* س ٢٣ : ما هو معنى قوله تعالى :

(فَكَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ) (٢٩) [يونس : ٢٩]؟!

الجواب / قال الشيخ الطوسيّ (رحمه‌الله تعالى) : هذا إخبار من الله تعالى عن شركاء المشركين من الآلهة والأوثان يوم القيامة حين قال المشركون إنا إنما إياكم كنا نعبد ، وأنهم يجحدون ذلك ويقولون : حسبنا الله شاهدا بيننا وبينكم أيها المشركون بأنه تعالى عالم أنا ما علمنا ما تقولون ، وأنا كنا عن عبادتكم إيانا غافلين ، لا نشعر به ولا نعلمه. وإنما قال (شَهِيداً بَيْنَنا) ولم يقل علينا ، لأنه إذا قال بيننا فمعناه لنا وعلينا ، فهو أعم وأحسن. ونصب (شَهِيداً) على التمييز ، وتقديره وكفى بالله من الشهداء. وقال الزجاج : نصب على الحال وتقديره كفى بالله في حال الشهادة. وقوله (إِنْ كُنَّا) فهذه (إِنْ) المخففة عن الثقيلة بدلالة دخول اللام في الخبر للفرق بين (إِنْ) الجحد و (إِنْ) المؤكدة. وقال الزجاج : هي بمعنى «ما» ومعناه ما كنا عن عبادتكم إلا غافلين (١).

* س ٢٤ : ما هو معنى قوله تعالى :

(هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) (٣٠) [يونس : ٣٠]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم القميّ : قوله تعالى : (هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُ

__________________

(١) التبيان : ج ٥ ، ص ٣٦٨ ـ ٣٦٩.

٢٢٧

نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ) أي تتبع ما قدّمت (وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) أي بطل عنهم ما كانوا يفترون.

* س ٢٥ : ما هو معنى قوله تعالى :

(قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (٣١) فَذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (٣٢) كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٣٣) [يونس : ٣٣ ـ ٣١]؟!

الجواب / قال الشيخ الطبرسيّ (رحمه‌الله تعالى) : ثمّ قرر سبحانه أدلة التوحيد والبعث عليهم ، فقال : (قُلْ) يا محمد لهؤلاء الكفار (مَنْ يَرْزُقُكُمْ) أي : من يخلق لكم الأرزاق (مِنَ السَّماءِ) بإنزال المطر والغيب (وَ) من (الْأَرْضِ) بإخراج النبات ، وأنواع الثمار. والرزق : في اللغة هو العطاء الجاري. يقال رزق السلطان الجند ، إلا أن كل رزق فإن الله هو الرزاق به ، لأنه لو لم يطلقه على يد ذلك الإنسان ، لم يجىء منه شيء ، فلا يطلق اسم الرزاق إلا على الله تعالى.

ويقيد في غيره كما لا يطلق اسم الرب إلا عليه ، ويقيد في غيره ، فيقال رب الدار ، ورب الضيعة ، ولا يجوز أن يخلق الله حيوانا يريد تبقيته إلا ويرزقه ، لأنه إذا أراد بقاءه فلا بد له من الغذاء (أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ) معناه : أم من يملك أن يعطيكم الأسماع ، والأبصار ، فيقويها وينورها ، ولو شاء لسلب نورها وحسها.

(وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ) قيل : معناه ومن يخرج الإنسان من النطفة والنطفة من الإنسان. وقيل : معناه ومن يخرج

٢٢٨

الحيوان من بطن أمه إذا ماتت أمه ، ويخرج غير التام ، ولا البالغ حد الكمال من الحي.

وقيل : معناه ومن يخرج المؤمن من الكافر ، والكافر من المؤمن (وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) أي : ومن الذي يدبر جميع الأمور في السماء والأرض على ما توجبه الحكمة (فَسَيَقُولُونَ اللهُ) أي : فسيعترفون بأن الله تعالى يفعل هذه الأشياء ، وأن الأصنام لا تقدر عليها.

(فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ) أي : فقل لهم عند اعترافهم بذلك : أفلا تتقون عقابه في عبادة الأصنام. وفي الآية دلالة على التوحيد ، وعلى حسن المحاجة في الدين لأنه سبحانه حاج به المشركين. وفيها دلالة على أنهم كانوا يقرون بالخالق ، وإن كانوا مشركين ، فإن جمهور العقلاء يقرون بالصانع سوى جماعة قليلة من ملحدة الفلاسفة ، ومن أقر بالصانع على هذا صنفان : موحد يعتقد أن الصانع واحد لا يستحق العبادة غيره ، ومشرك ، وهم ضربان : فضرب جعلوا لله شريكا في ملكه ، يضاده ويناوئه ، وهم الثنوية والمجوس ، ثم اختلفوا فمنهم يثبت لله شريكا قديما كالمانوية ، ومنهم من يثبت شريكا محدثا كالمجوس. وضرب آخر لا يجعل لله شريكا في حكمه وملكه ، ولكن يجعل له شريكا في العبادة ، يكون متوسطا بينه وبين الصانع ، وهم أصحاب المتوسطات.

ثم اختلفوا : فمنهم من جعل الوسائط من الأجسام العلوية كالنجوم والشمس والقمر. ومنهم من جعل المتوسط من الأجسام السفلية كالأصنام ونحوها ، تعالى الله عما يقول الزائغون عن سبيله علوا كبيرا (فَذلِكُمُ اللهُ) ذلك إشارة إلى اسم الله تعالى الذي وصفه في الآية الأولى بأنه الذي يرزق الخلق ، ويخرج الحي من الميت ، ويخرج الميت من الحي. والكاف والميم للمخاطبين ، وهم جميع الخلق.

٢٢٩

أخبر سبحانه أن الذي يفعل هذه الأشياء (رَبُّكُمُ الْحَقُ) الذي خلقكم ، ومعبودكم الذي له معنى الإلهية ويحق له العبادة دون غيره من الأصنام والأوثان.

(فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ) استفهام يراد به التقرير على موضع الحجة ، إذ لا يجد المجيب محيدا عن الإقرار به إلا بذكر ما لا يلتفت إليه. والمراد به ليس بعد الذهاب عن الحق إلا الوقوع في الضلال ، لأنه ليس بينهما واسطة ، فإذا ثبت أن عبادة ما سواه باطل وضلال (فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) أي : فكيف تعدلون عن عبادته مع وضوح الدلالة على أنه لا معبود سواه (كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) معناه : إن الوعيد من الله تعالى للكفار بالنار في الصحة ، كالقول بأنه ليس بعد الحق إلا الضلال. وقيل : إن معناه مثل انصرافهم عن الإيمان ، وجبت العقوبة لهم أي : جازاهم ربهم بمثل ما فعلوا من الانصراف. وهذا في قوم علم الله تعالى أنهم لا يؤمنون ، ومعناه : سبق علم ربك في هؤلاء أنهم لا يؤمنون وقيل معنى قوله : (أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) أو لأنهم لا يؤمنون أي : وجبت العقوبة عليهم لذلك (١).

* س ٢٦ : ما هو معنى قوله تعالى :

(قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) (٣٤) [يونس : ٣٤]؟!

الجواب / قال الشيخ الطبرسي (رحمه‌الله تعالى) : ثم احتج سبحانه عليهم في التوحيد باحتجاج آخر ، فقال : (قُلْ) يا محمد لهؤلاء المشركين (هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) أي : هل من هذه الأصنام التي

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٥ ، ص ١٨٤ ـ ١٨٥.

٢٣٠

جعلتموها شركاء لله في العبادة. وقيل : الذين جعلتموهم شركاء في أموالكم كما قال وهذا لشركائنا من يبدء الخلق بالإنشاء بعد أن لم يكن ، وهو النشأة الأولى ، ثم يعيده في النشأة الثانية (قُلِ اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) معناه : فإن قالوا ليس من شركائنا من يقدر عليه ، أو سكتوا ، فقل أنت لهم : الله هو الذي يبدأ الخلق بأن ينشئه على غير مثال ، ثم يفنيه ثم يعيده يوم القيامة (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) أي : كيف تصرفون عن الحق ، وتقلبون عن الإيمان (١).

* س ٢٧ : ما هو معنى قوله تعالى :

(قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (٣٥) [يونس : ٣٥]؟!

الجواب / قال الرضا عليه‌السلام ـ في حديث طويل : «إنّ الأنبياء والأئمة (صلوات الله عليهم) يوفّقهم الله ويؤتيهم من مخزون علمه وحكمه ما لا يؤتيه غيرهم ، فيكون علمهم فوق علم أهل زمانهم في قوله تعالى : (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)(٢).

وقال أبو جعفر عليه‌السلام ، في قوله : (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ). فأمّا (مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِ) فهم محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وآل محمّد عليهم‌السلام من بعده ، وأمّا من (لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى) فهو من خالف ـ من قريش وغيرهم ـ أهل بيته من بعده» (٣).

__________________

(١) نفس المصدر : ج ٥ ، ص ١٨٧.

(٢) الكافي : ج ١ ، ص ١٥٧ ، ح ١ ، معاني الأخبار : ص ١٠٠.

(٣) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ٣١٢.

٢٣١

* س ٢٨ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ) (٣٦) [يونس : ٣٦]؟!

الجواب / قال الشيخ الطبرسيّ (رحمه‌الله تعالى) : (وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا) أي : ليس يتبع أكثر هؤلاء الكفار إلا ظنا ، الظن الذي لا يجدي شيئا من تقليد آبائهم ورؤسائهم (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) لأن الحق إنما ينتفع به من علمه حقا ، وعرفه معرفة صحيحة ، والظن يكون فيه تجويز أن يكون المظنون على خلاف ما ظن ، فلا يكون مثل العلم (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ) من عبادة غير الله تعالى ، فيجازيهم عليه ، وفيه ضرب من التهديد (١).

* س ٢٩ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٣٧) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٣٨) [يونس : ٣٨ ـ ٣٧]؟!

الجواب / قال الشيخ الطبرسي (رحمه‌الله تعالى) : ثم رد الله سبحانه على الكفار قولهم : إئت بقرآن غير هذا ، أو بدله.

وقولهم أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم افترى هذا القرآن فقال : (وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى) أي : افتراء (مِنْ دُونِ اللهِ) فأقام أن مع الفعل مقام المصدر ، بل هو وحي من الله ، ومتلقى منه (وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) من الكتب كما قال

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٥ ، ص ١٨٨.

٢٣٢

في موضع آخر (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ).

وهذه شهادة من الله بأن القرآن صدق وشاهد لما تقدم من التوراة والإنجيل والزبور ، بأنها حق ، ومن وجه آخر هو شاهد لها من حيث أنه مصداق لها على ما تقدمت البشارة به فيها. وقيل : معناه تصديق الذي بين يديه في المستقبل من البعث والنشور ، والحساب ، والجزاء. (وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ) أي : تبيين المعاني المجملة في القرآن من الحلال ، والحرام ، والأحكام الشرعية. وقيل : معناه وبيان الأدلة التي تحتاجون إليها في أمور دينكم (لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) أي : لا شك فيه أنه نازل من عند الله ، وأنه معجز لا يقدر أحد على مثله ، وهذا غاية في التحدي.

(أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) : هذا تقرير على موضع الحجة بعد مضي حجة أخرى وتقديره : بل أيقولون أفتراه هذا فألزمهم على الأصل الفاسد إمكان أن يأتوا بمثله و (قُلْ) لهم (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ) أي : مثله في البلاغة لأنكم من أهل لسانه ، فلو قدر على ذلك لقدرتم أنتم أيضا عليه ، فإذا عجزتم عن ذلك فاعلموا أنه ليس من كلام البشر ، وأنه منزل من عند الله عز اسمه ، وقيل : (بِسُورَةٍ مِثْلِهِ) أي : بسورة مثل سورة منه. وقال : (مِثْلِهِ) لأنه إنما التمس من هذا شبه الجنس.

(وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ) أي وادعوا من قدرتم عليه من دون الله ، واستعينوا به للمعاضدة على المعارضة بسورة مثله (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في أن هذا القرآن مفترى من دون الله ، وهذا أيضا غاية في التحدي والتعجيز (١).

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٥ ، ص ١٨٩.

٢٣٣

* س ٣٠ : ما هو معنى قوله تعالى :

(بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (٣٩) وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ) (٤٠) [يونس : ٤٠ ـ ٣٩]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم : قوله تعالى : (بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ) أي لم يأتهم تأويله. (كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) ، قال : نزلت في الرّجعة كذبوا بها ، أي أنها لا تكون ، ثم قال : (وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ)(١).

وقال أبو جعفر عليه‌السلام ، في قوله : (وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ) «فهم أعداء محمّد وآل محمد من بعده (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ) الفساد : المعصية لله ولرسوله» (٢).

قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إنّ الله خصّ عباده بآيتين من كتابه أن لا يقولوا ما لا يعلمون ولا يردّوا ما لا يعلمون». ثم قرأ (أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَ)(٣) ، وقال : (بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ)(٤).

وقال زرارة : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن هذه الأمور العظام من الرّجعة وأشباهها. فقال : «إنّ هذا الذي تسألون عنه لم يجىء أوانه ، وقد قال الله عزوجل : (بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ)(٥).

__________________

(١) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ٣١٢.

(٢) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ٣١٢.

(٣) الأعراف : ١٦٩.

(٤) الكافي : ج ١ ، ص ٣٤ ، ح ٨.

(٥) مختصر بصائر الدرجات : ص ٢٤.

٢٣٤

* س ٣١ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (٤١) وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كانُوا لا يَعْقِلُونَ (٤٢) وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ (٤٣) إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٤٤) وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ ساعَةً مِنَ النَّهارِ يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللهِ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ (٤٥) وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ)(٤٦) [يونس : ٤٦ ـ ٤١]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم : في قوله تعالى : (وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ) إلى قوله : (وَما كانُوا مُهْتَدِينَ) أنّ محكم. ثم قال : (وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ) يا محمد (بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ) من الرّجعة وقيام القائم عليه‌السلام (أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) من قبل ذلك (فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ)(١).

* س ٣٢ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)(٤٧) [يونس : ٤٧]؟!

الجواب / قال جابر سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن هذه الآية فقال : «تفسيرها بالباطن : أن لكلّ قرن من هذه الأمّة رسولا من آل محمّد يخرج إلى القرن الذي هو إليهم رسول ، وهم الأولياء ، وهم الرّسل».

وأمّا قوله : (فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ) ، قال : «معناه أنّ

__________________

(١) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ٣١٢.

٢٣٥

الرسل يقضون بالقسط (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) كما قال الله» (١).

* س ٣٣ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٤٨) [يونس : ٤٨]؟!

الجواب / قال الحسين بن علي عليه‌السلام : منا اثنا عشر مهديا أولهم أمير المؤمنين علي عليه‌السلام وآخرهم التاسع من ولدي ، وهو القائم بالحق ، يحيي الله به الأرض بعد موتها ويظهر به دين الحق على الدين كله ولو كره المشركون ، له غيبة يرتد فيها قوم ويثبت على الدين فيها آخرون فيؤذون ويقال لهم : (مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ، أما إن الصابرين في غيبته على الأذى والتكذيب بمنزلة المجاهدين بالسيف بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢).

وقال الشيخ الطبرسيّ (رحمه‌الله تعالى) : لما وعد سبحانه المكذبين ، بين عقيبه أنهم إذا استعجلوا ذلك على سبيل التكذيب والرد ، فقال (وَيَقُولُونَ) أي : ويقول هؤلاء المشركون (مَتى هذَا الْوَعْدُ) الذي تعدنا به من البعث وقيام الساعة ، وقيل : من العذاب (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في ذلك (٣).

* س ٣٤ : ما هو معنى قوله تعالى :

(قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً إِلاَّ ما شاءَ اللهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (٤٩) [يونس : ٤٩]؟!

الجواب / قال حمران : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله : (إِذا جاءَ

__________________

(١) تفسير العياشيّ : ج ٢ ، ص ١٢٣ ، ح ٢٣.

(٢) إكمال الدين ج ١ ، ص ٣١٧ ، وأعلام الورى : ص ٤٠٦ ، والعيون : ج ١ ، ص ٦٨ ، كفاية الأثر : الخزار القميّ : ص ٢٣٢.

(٣) مجمع البيان : ج ٥ ، ص ١٩٥.

٢٣٦

أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) قال : «هو الذي سمّي لملك الموت عليه‌السلام في ليلة القدر» (١).

وقد تقدّمت روايات في ذلك ، في قوله تعالى : (ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) من أوّل سورة الأنعام (٢).

* س ٣٥ : ما هو معنى قوله تعالى :

(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً أَوْ نَهاراً ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ) (٥٠) [يونس : ٥٠]؟!

الجواب / قال أبو جعفر عليه‌السلام ، في قوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً) : «يعني ليلا أو نهارا (ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ) فهذا عذاب ينزل في آخر الزّمان على فسقة أهل القبلة وهم يجحدون نزول العذاب عليهم» (٣).

* س ٣٦ : ما هو معنى قوله تعالى :

(أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (٥١) ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (٥٢) وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ) (٥٣) [يونس : ٥٣ ـ ٥١]؟!

الجواب / قال عليّ بن إبراهيم ، في قوله تعالى : (أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ) أي صدّقتم في الرّجعة ، فيقال لهم : (آلْآنَ) تؤمنون يعني بأمير المؤمنين عليه‌السلام (وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ) من قبل (تَسْتَعْجِلُونَ) ، (ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ

__________________

(١) تفسير العياشيّ : ج ٢ ، ص ١٢٣ ، ح ٢٤.

(٢) تقدّمت في تفسير الآية (٢) من سورة الأنعام.

(٣) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ٣١٢.

٢٣٧

ظَلَمُوا) آل محمد حقّهم (ذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ). ثم قال : (وَيَسْتَنْبِئُونَكَ) يا محمّد ، أهل مكة في عليّ (أَحَقٌّ هُوَ) أي إمام هو (قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌ) إمام (١).

* س ٣٧ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ ما فِي الْأَرْضِ لافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (٥٤) [يونس : ٥٤]؟!

الجواب / سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن قول الله تبارك وتعالى : (وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ) ، قال : قيل له : ما ينفعهم إسرار النّدامة وهم في العذاب؟ قال : «كرهوا شماتة الأعداء» (٢).

* س ٣٨ : ما هو معنى قوله تعالى :

(أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَلا إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٥٥) هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٥٦) يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (٥٧) قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) (٥٨) [يونس : ٥٨ ـ ٥٥]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم : في قوله تعالى : (أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَلا إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) إنّه محكم. قال : ثمّ قال : (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) ، قال : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والقرآن. ثمّ قال : (قُلْ) لهم يا محمد (بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ) [قال : الفضل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ورحمته أمير المؤمنين عليه‌السلام] (فَبِذلِكَ

__________________

(١) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ٣١٢.

(٢) تفسير العياشيّ : ج ٢ ، ص ١٢٣ ، ح ٢٦.

٢٣٨

فَلْيَفْرَحُوا) ، قال : فليفرح شيعتنا (هُوَ خَيْرٌ مِمَّا) أعطوا أعداؤنا من الذّهب والفضّة (١).

وهذا ما روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام وقال الحسين عليه‌السلام ، في قوله تعالى (هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) : يعني مخالفيهم ، من الأهل والمال والولد في دار الدنيا (٢).

وقال جعفر بن محمد عليه‌السلام : «شكا رجل إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجعا في صدره ، فقال : استشف بالقرآن ، لأنّ الله يقول : (وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ)(٣).

* س ٣٩ : ما هو معنى قوله تعالى :

(قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالاً قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ) (٥٩) [يونس : ٥٩]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم : وهو ما أحلّته وحرّمته أهل الكتاب لقوله : (وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا)(٤) ، وقوله : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً)(٥) الآية ، فاحتجّ الله عليهم ، فقال : (قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ)(٦).

__________________

(١) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ٣١٣ وروي الحديث في روضة الواعظين : ص ١٠٦ ، كفاية الطالب : ص ٢٣٧ وتاريخ بغداد : ج ٥ ، ص ١٥ ....

(٢) الأمالي : ص ٣٩٩ ، ح ١٣.

(٣) تفسير العياشيّ : ج ٢ ، ص ١٢٤ ، ح ٢٧.

(٤) الأنعام : ١٣٩.

(٥) الأنعام : ١٣٦.

(٦) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ٣١٣.

٢٣٩

* س ٤٠ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ) (٦٠) [يونس : ٦٠]؟!

الجواب / قال الشيخ الطبرسيّ (رحمه‌الله تعالى) : (وَما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيامَةِ) معناه : أي شيء يظن الذين يكذبون على الله أنه يصيبهم يوم القيامة على افترائهم على الله أيّ : لا ينبغي أن يظنوا أن يصيبهم على ذلك إلا العذاب الشديد ، والعقاب الأليم (إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ) بما فعل بهم من ضروب الإنعام (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ) نعمه ، ويجحدونها. وهذا الكلام خرج مخرج التقريع على افتراء الكذب ، وإن كان في صورة الاستفهام ، وتقديره : أيؤديهم افتراؤهم الكذب إلى خير أم شر. وقيل : إن معنى قوله (لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ) أنه لم يضيق عليهم بالتحريم كما ادعيتم ذلك عليه. وقيل : معناه إنه لذو فضل على خلقه بترك معاجلة من افترى عليه الكذب بالعقوبة في الدنيا ، وإمهاله إياهم إلى يوم القيامة (١).

* س ٤١ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ) (٦١) [يونس : ٦١]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم : مخاطبة لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً) قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا قرأ هذه الآية

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٥ ، ص ٢٠١.

٢٤٠