التيسير في التفسير للقرآن - ج ٣

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي

التيسير في التفسير للقرآن - ج ٣

المؤلف:

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٣٢

محمّدا رسول الله ، فكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتألّفهم ويعلّمهم كيما يعرفوا ، فجعل الله لهم نصيبا في الصّدقات كي يعرفوا ويرغبوا».

وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «المؤلّفة قلوبهم : أبو سفيان بن حرب بن أميّة ، وسهيل بن عمرو ، وهو من بني عامر بن لوي ، وهمّام بن عمرو وأخوه ، وصفوان بن أميّة بن خلف القرشي ثمّ الجمحي ، والأقرع بن حابس التميمي ثمّ أحد بني حازم ، وعيينة بن حصن الفزاريّ ، ومالك بن عوف ، وعلقمة بن علاثة ، بلغني أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يعطي الرجل منهم مائة من الإبل ورعاتها ، وأكثر من ذلك وأقلّ».

(وَفِي الرِّقابِ) قوم قد لزمهم كفّارات في قتل الخطأ ، وفي الظّهار ، وقتل الصّيد في الحرم ، وفي الإيمان ، وليس عندهم ما يكفّرون ، وهم مؤمنون ، فجعل الله لهم منها سهما في الصّدقات ليكفّر عنهم. (وَالْغارِمِينَ) قوم وقعت عليهم ديون أنفقوها في طاعة الله من غير إسراف ، فيجب على الإمام أن يقضي ذلك عنهم ويكفيهم من مال الصّدقات (وَفِي سَبِيلِ اللهِ) قوم يخرجون إلى الجهاد وليس عندهم ما ينفقون ، أو قوم من المسلمين ليس عندهم ما يحجّون به ، أو في جميع سبل الخير ، فعلى الإمام أن يعطيهم من مال الصّدقات حتى يقووا به على الحجّ والجهاد (وَابْنِ السَّبِيلِ) أبناء الطّريق الذين يكونون في الإسفار في طاعة الله فيقطع عليهم ويذهب مالهم ، فعلى الإمام أن يردّهم إلى أوطانهم من مال الصّدقات.

والصّدقات تتجزّأ ثمانية أجزاء ، فيعطى كلّ إنسان من هذه الثمانية على قدر ما يحتاج إليه بلا إسراف ولا تقتير ، مفوّض ذلك إلى الإمام ، يعمل بما فيه الصّلاح» (١).

__________________

(١) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ٢٩٨.

١٤١

وقال زرارة لأبي عبد الله عليه‌السلام : أرأيت قول الله عزوجل : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ) أكلّ هؤلاء يعطى ، وإن كان لا يعرف؟ فقال : «إنّ الإمام يعطي هؤلاء جميعا ، لأنّهم قرّون له بالطاعة».

قال : قلت : فإن كانوا لا يعرفون؟ فقال : «يا زرارة ، لو كان يعطي من يعرف دون من لا يعرف ما يوجد لها موضع ، وإنّما يعطي من لا يعرف ليرغب في الدّين فيثبت عليه ، فأمّا اليوم فلا تعطها أنت وأصحابك إلّا من يعرف ، فمن وجدت من أصحابك هؤلاء المسلمين عارفا فأعطه دون الناس». ثمّ قال : «سهم المؤلّفة قلوبهم وسهم الرّقاب عامّ ، والباقي خاصّ».

قال : قلت : فإن لم يوجدوا؟ قال : «لا تكون فريضة فرضها الله عزوجل ، إلّا يوجد لها أهل».

قال : قلت : فإن لم تسعهم الصّدقات؟ فقال : «إنّ الله فرض للفقراء في مال الأغنياء ما يسعهم ، ولو علم أن ذلك لا يسعهم لزادهم ، إنهم لم يؤتوا من قبل فريضة الله ، ولكن أتوا من منع من منعهم حقّهم لا ممّا فرض الله لهم ، ولو أنّ الناس أدّوا حقوقهم لكانوا عائشين بخير» (١).

* س ٣٩ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٦١) [سورة التوبة : ٦١]؟!

الجواب / ١ ـ التفسير : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إنّي أردت أن أستبضع

__________________

(١) الكافي : ج ٣ ، ص ٤٩٦ ، ح ١.

١٤٢

فلانا بضاعة إلى اليمن ، فأتيت إلى أبي جعفر عليه‌السلام ، فقلت : إني أريد أن أستبضع فلانا؟ فقال لي : أما علمت أنه يشرب الخمر؟». فقلت : قد بلغني من المؤمنين أنّهم يقولون ذلك. فقال : «صدّقهم ، إنّ الله عزوجل يقول : (يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ). فقال : «يعني يصدّق الله ويصدّق المؤمنين ، لأنّه كان رؤوفا رحيما بالمؤمنين» (١).

وقال أبو جعفر الباقر عليه‌السلام : «حجّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وذكر خطبة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الغدير التي تضمّنت نصب عليّ عليه‌السلام إماما للناس ـ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في خطبته :

بسم الله الرحمن الرحيم (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) الآية.

معاشر الناس ، ما قصّرت عن تبليغ ما أنزله ، وأنا مبيّن سبب هذه الآية ، أنّ جبرئيل عليه‌السلام هبط إليّ مرارا ثلاثا ، يأمرني عن السّلام ربّي ، وهو السّلام ، أن أقوم في هذا المشهد ، وأعلم كلّ أبيض وأحمر وأسود أنّ عليّ بن أبي طالب أخي ووصيّي وخليفتي ، وهو الإمام بعدي الذي محلّه منّي محلّ هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي ، وليّكم بعد الله ورسوله. وقد أنزل الله تبارك وتعالى عليّ بذلك آية (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ)(٢) وعليّ بن أبي طالب الذي أقام الصلاة ، وآتى الزكاة وهو راكع ، يريد الله عزوجل في كلّ حال.

وسألت جبرئيل عليه‌السلام أن يستعفي لي من تبليغ ذلك إليكم ، لعلمي بقلّة المتّقين ، وكثرة المنافقين ، وإدغال الآثمين ، وختل المستهزئين الذين وصفهم

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٩٥ ، ح ٨٣.

(٢) المائدة : ٥٥.

١٤٣

الله في كتابه بأنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ، ويحسبونه هيّنا وهو عند الله عظيم ، لكثرة أذاهم غير مرّة حتى سمّوني أذنا ، وزعموا أنّه لكثرة ملازمتي إيّاه وإقبالي عليه حتى أنزل الله في ذلك : (الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ) ، فقال : (قُلْ أُذُنُ) على الذين تزعمون أنه أذن (خَيْرٍ لَكُمْ) إلى آخر الآية. ولو شئت أن أسمّي القائلين بأسمائهم ، لسمّيت وأومأت [إليهم] بأعيانهم ، ولو شئت أن أدلّ عليهم لدللت ، ولكنّي في أمرهم قد تكرّمت ، وكلّ ذلك لا يرضي الله منّي إلا أن أبلّغ ما أنزل إليّ ، فقال : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) في عليّ (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)(١)» (٢).

٢ ـ سبب النزول : قال علي بن إبراهيم : كان سبب نزولها أن عبد الله بن نفيل كان منافقا ، وكان يقعد لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيسمع كلامه وينقله إلى المنافقين ، وينمّ عليه ، فنزل جبرئيل عليه‌السلام على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا محمّد ، إنّ رجلا من المنافقين ينمّ [عليك] ، وينقل حديثك إلى المنافقين. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من هو؟».

فقال : يا رسول الله ، الرّجل الأسود الوجه ، الكثير شعر الرأس ، ينظر بعينين كأنهما قدران ، وينطق بلسان شيطان. فدعاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخبره فحلف أنه لم يفعل ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «قد قبلت منك ، فلا تفعل».

فرجع إلى أصحابه ، فقال : إنّ محمدا أذن ، أخبره الله أني أنمّ عليه ، وأنقل أخباره فقبل. وأخبرته أنّي لم أفعل ذلك فقبل ، فأنزل الله على نبيّه (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ

__________________

(١) المائدة : ٦٧.

(٢) روضة الواعظين : ص ٩٢.

١٤٤

وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) أي يصدّق الله فيما يقول الله ، يصدّقكم فيما تعتذرون إليه في الظاهر ، ولا يصدّقك الباطن ، قوله : (وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) يعني المقرّين بالإيمان من غير انتقاد (١).

وهذا هو المروي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٢).

* س ٤٠ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(يَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ) (٦٢) [سورة التوبة : ٦٢]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى : (يَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ) أنّها نزلت في المنافقين الذين كانوا يحلفون للمؤمنين أنّهم منهم لكي يرضى عنهم المؤمنون ، فقال الله : (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ)(٣).

* س ٤١ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِداً فِيها ذلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ) (٦٣) [سورة التوبة : ٦٣]؟!

الجواب / قال الشيخ الطوسيّ (رحمه‌الله تعالى) : يقول الله تعالى على وجه التهديد والتقريع والتوبيخ لهؤلاء المنافقين «ألم يعلموا» أي أو ما علموا (أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللهَ) أي يتجاوز حدود الله التي أمر المكلفين أن لا يتجاوزوها ، فالمحادة مجاوزة الحد بالمشاقة ومثله المباعدة. والمعنى مصيرهم في حد غير حد أولياء الله. فالمخالفة والمحادة والمجانبة والمعاداة

__________________

(١) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ٣٠٠.

(٢) نهج البيان : ج ٢ ، ص ١٤٠ (مخطوط).

(٣) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ٣٠٠.

١٤٥

نظائر في اللغة.

وإنما قال : لمن لا يعلم (أَلَمْ يَعْلَمُوا) لأحد أمرين : أحدهما : على وجه الاستبطاء لهم والتخلف عن علمه.

والآخر : أنه يجب أن تعلموا الآن هذه الأخبار. وقال الجبائي : معناه ألم يخبرهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بذلك. وقوله (فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِداً فِيها) يحتمل أن يكون على التكرير ، لأن الأولى للتأكيد مع طول الكلام ، وتقديره فله نار جهنم أو فان له نار جهنم.

قال الزجاج ، ولو قرىء (فَأَنَ) بكسر الهمزة على وجه الاستئناف كان جائزا ، غير أنه لم يقرأ به أحد.

وقوله (ذلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ) معناه ذلك الذي ذكرناه من أن له نار جهنم هو الخزي يعني الهوان بما يستحي من مثله. تقول : خزي خزيا إذا انقمع للهوان فأخزاه إخزاء وخزيا.

* س ٤٢ : ما هي قصة قوله تعالى :

(يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِؤُا إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ (٦٤) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ (٦٥) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طائِفَةً بِأَنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ)(٦٦) [سورة التوبة : ٦٦ ـ ٦٤]؟!

الجواب / القصّة : قال الإمام الحسن العسكريّ عليه‌السلام : «لقد رامت الفجرة الكفرة ليلة العقبة قتل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على العقبة ، ورام من بقي من مردة المنافقين بالمدينة قتل علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، فما قدروا على مغالبة ربّهم ، حملهم على ذلك حسدهم لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في عليّ عليه‌السلام لمّا فخّم من

١٤٦

أمره ، وعظّم من شأنه.

من ذلك : أنّه لما خرج من المدينة ، وقد كان خلّفه عليها ، قال له : إن جبرئيل أتاني ، وقال لي : يا محمّد ، إنّ العليّ الأعلى يقرأ عليك السّلام ، ويقول لك : يا محمد ، إمّا أن تخرج أنت ويقيم علي ، وإما أن تقيم أنت ويخرج عليّ ، فإنّ عليّا قد ندبته لإحدى اثنتين ، لا يعلم أحد كنه جلال من أطاعني فيهما وعظيم ثوابه غيري. فلمّا خلّفه أكثر المنافقون الطعن فيه فقالوا : ملّه وسئمه ، وكره صحبته. فتبعه عليّ عليه‌السلام حتى لحقه ، وقد وجد ممّا قالوا فيه. فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما أشخصك عن مركزك؟ قال : بلغني عن الناس كذا وكذا. فقال له : أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبيّ بعدي. فانصرف عليّ عليه‌السلام إلى موضعه ، فدبّروا عليه أن يقتلوه ، وتقدّموا في أن يحفروا له في طريقه حفيرة طويلة قدر خمسين ذراعا ، ثم غطّوها بحصر رقاق ، وثروا فوقها يسيرا من التراب ، بقدر ما غطوا وجوه الحصر ، وكان ذلك على طريق عليّ عليه‌السلام الذي لا بدّ له من عبوره ، ليقع هو ودابته في الحفيرة التي عمّقوها ، وكان ما حوالي المحصور أرض ذات أحجار ، ودبّروا على أنّه إذا وقع مع دابته في ذلك المكان كبسوه بالأحجار حتى يقتلوه.

فلمّا بلغ عليّ عليه‌السلام قرب المكان لوى فرسه عنقه ، وأطاله الله فبلغت جحفلته (١) أذنه ، وقال : يا أمير المؤمنين ، قد حفرها هنا ودبّر عليك الحتف ـ وأنت أعلم ـ لا تمر فيه. فقال له علي عليه‌السلام : جزاك الله من ناصح خيرا كما أنذرتني ، فإن الله عزوجل لا يخليك من صنعه الجميل. وسار حتى شارف المكان فتوقّف الفرس خوفا من المرور على المكان ، فقال عليّ عليه‌السلام : سر

__________________

(١) الجحفلة لذي الحافر كالشّفة للإنسان. «أقرب الموارد ـ جحفل ـ ج ١ ، ص ١٠٤».

١٤٧

بإذن الله تعالى سالما سويّا ، عجيبا شأنك ، بديعا أمرك. فتبادرت الدّابّة فإذا الله عزوجل قد متّن الأرض وصلّبها ولأم حفرها ، وجعلها كسائر الأرض. فلمّا جاوزها علي عليه‌السلام لوى الفرس عنقه ، ووضع جحفلته على أذنه ، ثم قال : ما أكرمك على ربّ العالمين ، جوّزك على هذا المكان الخاوي!! فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : جازاك الله بهذه السّلامة عن تلك النّصيحة التي نصحتني. ثمّ قلب وجه الدّابّة إلى ما يلي كفلها (١) والقوم معه ، بعضهم كان أمامه ، وبعضهم خلفه ، وقال : اكشفوا عن هذا المكان. فكشفوا عنه فإذا هو خاو ، ولا يسير عليه أحد إلا وقع في الحفيرة ، فأظهر القوم الفزع والتعجّب مما رأوا ، فقال عليّ عليه‌السلام للقوم : أتدرون من عمل هذا؟ قالوا : لا ندري. قال عليّ عليه‌السلام : لكنّ فرسي هذا يدري. ثم قال : يا أيها الفرس ، كيف هذا ومن دبّره؟ فقال الفرس : يا أمير المؤمنين ، إذا كان الله عزوجل يبرم ما يروم جهّال الخلق نقضه ، أو كان ينقض ما يروم جهّال الخلق إبرامه ، فالله هو الغالب ، والخلق هم المغلوبون ، فعل هذا ـ يا أمير المؤمنين ـ فلان وفلان ، إلى أن ذكر العشرة بمواطأة من أربعة وعشرين ، هم مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في طريقه.

ثم دبّروا هم على أن يقتلوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على العقبة ، والله عزوجل من وراء حياطة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ووليّ الله لا يغلبه الكافرون ، فأشار بعض أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام : إنّ رسول الله يعني جبرئيل صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ إلى محمّد رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أسرع ، وكتابه إليه أسبق ، فلا يهمنّكم هذا.

فلما قرب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من العقبة التي بإزائها فضائح المنافقين والكافرين نزل دون العقبة ، ثم جمعهم ، فقال لهم : هذا جبرئيل الروح الأمين ، يخبرني أنّ عليّا دبّر عليه كذا وكذا ، فدفع الله عزوجل عنه بألطافه

__________________

(١) كفل الدابّة : العجز. «القاموس المحيط ـ كفل ـ ج ٤ ، ص ٤٦».

١٤٨

وعجائب معجزاته بكذا وكذا ، وأنه صلّب الأرض تحت حافر دابّته وأرجل أصحابه ، ثمّ انقلب على ذلك الموضع عليّ وكشف عنه فرأيت الحفيرة ، ثم إنّ الله عزوجل لأمها كما كانت لكرامته عليه ، وإنّه قيل له : كاتب بهذا ، وأرسل إلى رسول الله. فقال : رسول الله إلى رسول الله أسرع ، وكتابه إليه أسبق. ولم يخبرهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما قال عليّ عليه‌السلام على باب المدينة : إن من مع رسول الله منافقين سيكيدونه ، ويدفع الله عزوجل عنه.

فلمّا سمع الأربعة والعشرون أصحاب العقبة ما قاله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أمر عليّ عليه‌السلام ، قال بعضهم لبعض : ما أمهر محمدا بالمخرقة (١) إنّ فيجا (٢) أتاه مسرعا ، أو طيرا من المدينة من بعض أهله وقع عليه! إنّ عليّا قتل بحيلة كذا وكذا ، وهو الذي واطأنا عليه أصحابنا ، فهو الآن لمّا بلغه كتم الخبر ، وقبله إلى ضدّه يريد أن يسكّن من معه لئلّا يمدوا أيديهم عليه ، وهيهات ـ والله ـ ما لبّث عليّا بالمدينة إلّا حتفه ، ولا أخرج محمّدا إلى ها هنا إلّا حتفه ، وقد هلك عليّ ، وهو ها هنا هالك لا محالة ، ولكن تعالوا حتى نذهب إليه ونظهر له السرور بأمر علي ليكون أسكن لقلبه إلينا ، إلى أن نمضي فيه تدبيرنا ، فحضروه وهنّؤوه على سلامة عليّ من الورطة التي رامها أعداؤه. ثمّ قالوا له : يا رسول الله ، أخبرنا عن عليّ ، أهو أفضل أم ملائكة الله المقرّبون؟

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وهل شرفت الملائكة إلّا بحبّها لمحمد وعليّ ، وقبولها لولايتهما؟ إنّه لا أحد من محبّي علي قد نظّف قلبه من قذر الغش والدّغل والغلّ ونجاسات الذّنوب إلا كان أظهر وأفضل من الملائكة ، وهل أمر الله الملائكة بالسجود لآدم إلّا لما كانوا قد وضعوه في نفوسهم ، إنه لا

__________________

(١) المخرقة : يراد بها هنا الافتراء والكذب.

(٢) قال في اللسان : وفي الحديث ذكر الفيج ، وهو المسرع في مشيه ، الذي يحمل الأخبار من بلد إلى بلد. «لسان العرب ـ فيج ـ ج ٢ ، ص ٣٥٠».

١٤٩

يصير في الدنيا خلق بعدهم إذا رفعوا عنها إلا وهم ـ يعنون أنفسهم ـ أفضل منهم في الدّين فضلا ، وأعلم بالله علما. فأراد الله أن يعرّفهم أنهم قد أخطأوا في ظنونهم واعتقاداتهم ، فخلق آدم وعلّمه الأسماء كلّها ، ثم عرضها عليهم فعجزوا عن معرفتها ، فأمر آدم أن ينبئهم بها ، وعرّفهم فضله في العلم عليهم.

ثمّ أخرج من صلب آدم ذرّيّته منهم الأنبياء والرسل والخيار من عباد الله ، أفضلهم محمّد ثم آل محمّد ، ومن الخيار الفاضلين منهم أصحاب محمد وخيار أمّة محمد ، وعرّف الملائكة بذلك أنهم أفضل من الملائكة إذا احتملوا ما حمّلوه من الأثقال ، وقاسموا ما هم فيه من تعرّض أعوان الشّياطين ومجاهدة النفوس ، واحتمال أذى ثقل العيال ، والاجتهاد في طلب الحلال ، ومعاناة مخاطرة الخوف من الأعداء من لصوص مخوّفين ، ومن سلاطين جور قاهرين ، وصعوبة المسالك في المضائق والمخاوف ، والأجزاع (١) والجبال والتلال ، لتحصيل أقوات الأنفس والعيال ، من الطّيب الحلال.

عرّفهم الله عزوجل أنّ خيار المؤمنين يحتملون هذه البلايا ، ويتخلّصون منها ، ويحاربون الشياطين ويهزمونهم ، ويجاهدون أنفسهم بدفعها عن شهواتها ، ويغلبونها مع ما ركب فيهم من شهوة الفحولة وحبّ اللّباس والطّعام والعزّة والرّئاسة ، والفخر والخيلاء ، ومقاساة العناء والبلاء من إبليس لعنه الله وعفاريته ، وخواطرهم وإغوائهم واستهزائهم ، ودفع ما يكابدونه من ألم الصبر على سماع الطّعن من أعداء الله ، وسماع الملاهي ، والشّتم لأولياء الله ، ومع ما يقاسونه في أسفارهم لطلب أقواتهم ، والهرب من أعداء دينهم ، والطلب لمن يأملون معاملته من مخالفيهم في دينهم.

قال الله عزوجل : يا ملائكتي ، وأنتم من جميع ذلك بمعزل ، لا

__________________

(١) الأجزاع : جمع جزع ، وهو الوادي إذا قطعته عرضا. «الصحاح ـ جزع ـ ج ٣ ، ص ١١٩٥».

١٥٠

شهوات الفحولة تزعجكم ، ولا شهوة الطعام تحقّركم ، ولا الخوف من أعداء دينكم ودنياكم ينخب في قلوبكم ، ولا لإبليس في ملكوت سماواتي وأرضي شغل على إغواء ملائكتي الذين قد عصمتهم منه. يا ملائكتي ، فمن أطاعني منهم وسلم دينه من هذه الآفات والنّكبات فقد احتمل في جنب محبّتي ما لم تحتملوه ، واكتسب من القربات ما لم تكتسبوه.

فلمّا عرّف الله ملائكته فضل خيار أمّة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وشيعة عليّ عليه‌السلام وخلفائه عليهم ، واحتمالهم في جنب محبّة ربّهم ما لا تحتمله الملائكة ، أبان بني آدم الخيار المتّقين بالفضل عليهم. ثمّ قال : فلذلك فاسجدوا لآدم. لما كان مشتملا على أنوار هذه الخلائق الأفضلين. ولم يكن سجودهم لآدم ، إنّما كان آدم قبلة لهم يسجدون نحوه لله عزوجل ، وكان بذلك معظّما مبجّلا له ، ولا ينبغي لأحد أن يسجد لأحد من دون الله ، وأن يخضع له خضوعه لله ، ويعظّمه بالسّجود له كتعظيمه لله ، ولو أمرت أحدا أن يسجد هكذا لغير الله ، لأمرت ضعفاء شيعتنا وسائر المكلّفين من شيعتنا أن يسجدوا لمن توسّط في علوم عليّ وصي رسول الله ، ومحض وداد (١) خير خلق الله عليّ بعد محمّد رسول الله ، واحتمل المكاره والبلايا في التّصريح بإظهار حقوق الله ، ولم ينكر عليّ حقّا أرقبه (٢) عليه قد كان جهله أو أغفله.

ثمّ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عصى الله إبليس فهلك لما كانت معصيته بالكبر على آدم ، وعصى الله آدم بأكل الشجرة فسلم ولم يهلك لمّا لم يقارن بمعصيته التكبّر على محمد وآله الطيّبين ، وذلك أن الله تعالى قال له : يا آدم ، عصاني فيك إبليس وتكبّر عليك فهلك ، ولو تواضع لك بأمري ، وعظّم عزّ جلالي

__________________

(١) محض الودّ : أخلصه. «مجمع البحرين ـ محض ـ ج ٤ ، ص ٢٢٩».

(٢) رقّبت الشيء : رصدته وانتظرته ، والمراد هنا : أرصده له وأنتظر رعايته منه. «الصحاح ـ رقب ـ ج ١ ، ص ١٣٧».

١٥١

لأفلح كلّ الفلاح كما أفلحت ، وأنت عصيتني بأكل الشجرة ، وبالتّواضع لمحمد وآل محمد تفلح كلّ الفلاح ، وتزول عنك وصمة الزّلة ، فادعني بمحمّد وآله الطيّبين كذلك. فدعا بهم فأفلح كلّ الفلاح لمّا تمسّك بعروتنا أهل البيت.

ثمّ إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر بالرحيل في أوّل نصف الليل الأخير ، وأمر مناديه فنادى : ألا لا يسبقنّ رسول الله أحد إلى العقبة ، ولا يطأها حتى يجاوزها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. ثمّ أمر حذيفة أن يقعد في أصل العقبة ، فينظر من يمرّ به ، ويخبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمره أن يستتر بحجر ، فقال حذيفة : يا رسول الله ، إنّي أتبيّن الشّرّ من وجوه رؤساء عسكرك ، وإنّي أخاف أن قعدت في أصل الجبل وجاء منهم من أخاف أن يتقدّمك إلى هناك للتّدبير عليك يحسّ بي ، فيكشف عنّي فيعرفني وموضعي من نصيحتك فيتّهمني ويخافني فيقتلني.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّك إذا بلغت أصل العقبة فاقصد أكبر صخرة هناك إلى جانب أصل العقبة ، وقل لها : إنّ رسول الله يأمرك أن تنفرجي حتى أدخل جوفك ، ثم يأمرك أن تثقب فيك ثقبة أبصر منها المارّين ، ويدخل عليّ منها الرّوح لئلا أكون من الهالكين ، فإنها تصير إلى ما تقول لها بإذن الله ربّ العالمين.

فأدّى حذيفة الرسالة ، ودخل جوف الصخرة ، وجاء الأربعة والعشرون على جمالهم ، وبين أيديهم رجّالتهم ، يقول بعضهم لبعض : من رأيتموه ها هنا كائنا ما كان فاقتلوه ، لئلا يخبروا محمّدا أنهم قد رأونا ها هنا فينكص محمد ، ولا يصعد هذه العقبة إلّا نهارا ، فيبطل تدبيرنا عليه. فسمعها حذيفة ، واستقصوا فلم يجدوا أحدا. وكان الله قد ستر حذيفة بالحجر عنهم فتفرّقوا ، فبعضهم صعد على الجبل وعدل عن الطريق المسلوك. وبعضهم وقف على

١٥٢

سفح الجبل عن يمين وشمال ، وهم يقولون : ألا ترون حين (١) محمد كيف أغراه بأن يمنع الناس من صعود العقبة حتى يقطنها هو ، لنخلو به ها هنا ، فمنضي فيه تدبيرنا وأصحابه عنه بمعزل؟ وكلّ ذلك يوصله الله من قريب أو بعيد إلى أذن حذيفة ، ويعيه.

فلمّا تمكّن القوم على الجبل حيث أرادوا كلّمت الصّخرة حذيفة ، وقالت : انطلق الآن إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخبره بما رأيت وما سمعت. قال حذيفة : كيف أخرج عنك ، وإن رآني القوم قتلوني مخافة على أنفسهم من نميمتي عليهم؟ قالت الصّخرة : إنّ الذي أمكنك من جوفي وأوصل إليك الرّوح من الثّقبة التي أحدثها فيّ هو الذي يوصلك إلى نبيّ الله وينقذك من أعداء الله. فنهض حذيفة ليخرج ، فانفرجت الصّخرة ، فحوّله الله طائرا فطار في الهواء محلّقا حتى انقضّ بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثمّ أعيد إلى صورته ، فأخبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما رأى وسمع.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أو عرفتهم بوجوههم؟

فقال : يا رسول الله ، كانوا متلثّمين وكنت أعرف أكثرهم بجمالهم ، فلمّا فتّشوا الموضع فلم يجدوا أحدا أحدروا اللّثام فرأيت وجوههم وعرفتهم بأعيانهم وأسمائهم ، فلان وفلان حتى عدّ أربعة وعشرين.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا حذيفة ، إذا كان الله تعالى يثبّت محمّدا ، لم يقدر هؤلاء ولا الخلق أجمعون أن يزيلوه ، إن الله تعالى بالغ في محمّد أمره ولو كره الكافرون. ثمّ قال : يا حذيفة ، فانهض بنا أنت وسلمان وعمّار ، وتوكّلوا على الله ، فإذا جزنا الثّنيّة الصعبة فأذّنوا للنّاس أن يتبعونا.

فصعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ناقته وحذيفة وسلمان أحدهما آخذ بخطام

__________________

(١) حينه : أجله. «مجمع البحرين ـ حين ـ ج ٦ ، ص ٢٤٠».

١٥٣

ناقته يقودها ، والآخر خلفها يسوقها ، وعمّار إلى جانبها ، والقوم على جمالهم ورجالتهم منبثّون حوالي الثّنية على تلك العقبات ، وقد جعل الذين فوق الطريق حجارة في دباب فدحرجوها من فوق لينفّروا الناقة برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وتقع به في المهوى الذي يهول الناظر النظر إليه من بعده ، فلمّا قربت الدباب من ناقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أذن الله تعالى لها ، فارتفعت ارتفاعا عظيما ، فجاوزت ناقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ سقطت في جانب المهوى ، ولم يبق منها شيء إلّا صار كذلك ، وناقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كأنّها لا تحسّ بشيء من تلك القعقعات (١) التي كانت للدّباب.

ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعمّار : اصعد الجبل ، فاضرب بعصاك هذه وجوه رواحلهم فارم بها. ففعل ذلك عمّار ، فنفرت بهم ، وسقط بعضهم فانكسر عضده ، ومنهم من انكسرت رجله ، ومنهم من انكسر جنبه ، واشتدّت لذلك أوجاعهم ، فلمّا جبرت واندملت بقيت عليهم آثار الكسر إلى أن ماتوا ، ولذلك قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حذيفة وأمير المؤمنين عليه‌السلام : إنّهما أعلم الناس بالمنافقين ، لقعوده في أصل العقبة ومشاهدته من مرّ سابقا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكفى الله رسوله أمر من قصد له ، وعاد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى المدينة ، فكسا الله الذلّ والعار من كان قد قعد عنه ، وألبس الخزي من كان دبّر على عليّ عليه‌السلام ما دفع الله عنه» (٢).

٢ ـ التفسير : قال أبو جعفر عليه‌السلام : «نزلت هذه الآية : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ) إلى قوله : (نُعَذِّبْ طائِفَةً) قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : تفسير هذه الآية؟

__________________

(١) القعقعة : تتابع الصوت في شدة. «لسان العرب ـ قعع ـ ج ٨ ، ص ٢٨٧».

(٢) تفسير الإمام العسكري عليه‌السلام : ص ٣٨٠ ، ح ٢٦٥.

١٥٤

قال : «تفسيرها ـ والله ـ ما نزلت آية قطّ إلا ولها تفسير». ثمّ قال : «نعم ، نزلت في التيميّ والعدويّ والعشرة معهما ، إنّهم اجتمعوا اثنا عشر فكمنوا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في العقبة ، وائتمروا بينهم ليقتلوه ، فقال بعضهم لبعض : إن فطن نقول : إنّما كنا نخوض ونلعب. وإن لم يفطن لنقتلنه ، فأنزل الله هذه الآية (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ) فقال الله لنبيّه (قُلْ أَبِاللهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ) يعني محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ) يعني عليّا عليه‌السلام ، إن يعف عنهما في أن يلعنهما على المنابر ويلعن غيرهما فذلك قوله تعالى : (إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طائِفَةً)(١).

* س ٤٣ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٦٧) [سورة التوبة : ٦٧]؟!

الجواب / قال عبد العزيز بن مسلم ، سألت الرّضا عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ).

فقال : «إن الله تبارك وتعالى لا ينسى ولا يسهو ، وإنّما ينسى ويسهو المخلوق المحدث ، ألا تسمعه عزوجل يقول : (وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا)(٢) وإنّما يجازي من نسيه ونسي لقاء يومه بأن ينسيهم أنفسهم ، كما قال عزوجل : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ)(٣) ، وقوله عزّ

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٩٥ ، ح ٨٤.

(٢) مريم : ٦٤.

(٣) الحشر : ١٩.

١٥٥

وجلّ : (فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا)(١) ، أي نتركهم كما تركوا الاستعداد للقاء يومهم هذا» (٢).

وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، قال : «قوله : (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ) إنّما يعني أنّهم نسوا الله في دار الدنيا فلم يعملوا بطاعته فنسيهم في الآخرة ، أي لم يجعل لهم في ثوابه شيئا فصاروا منسيّين من الجنّة ـ وقيل من الخير ـ» (٣).

* س ٤٤ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَعَدَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْكُفَّارَ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ (٦٨) كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوالاً وَأَوْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) (٦٩) [سورة التوبة : ٦٩ ـ ٦٨]؟!

الجواب / قال الشيخ الطبرسي : (وَعَدَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْكُفَّارَ نارَ جَهَنَّمَ) أخبر سبحانه أنه وعد الذين يظهرون الإسلام ، ويبطنون الكفر ، النار ، وكذلك الكفار ، وإنما فصل النفاق من الكفر ، وإن كان النفاق كفرا ، ليبين الوعيد على كل واحد من الصنفين. (خالِدِينَ فِيها) ، أي : دائمين فيها (هِيَ حَسْبُهُمْ) معناه. نار جهنم ، والعقاب فيها كفاية ذنوبهم ، كما يقول عذبتك حسب ما فعلت ، وحسب فلان ما نزل به ، أي : وعدكم على النفاق والإستهزاء ، كما وعد الذين من قبلكم من الكفار الذين فعلوا مثل فعلكم. وقيل : معناه فعلكم كفعل الذين من قبلكم من كفار الأمم الخالية (كانُوا أَشَدَّ

__________________

(١) الأعراف : ٥١.

(٢) التوحيد : ص ١٥٩ ، ح ١ ، عيون أخبار الرضا عليه‌السلام : ج ١ ، ص ١٢٥ ، ح ١٨.

(٣) التوحيد : ص ٢٥٩ ، ح ٥.

١٥٦

مِنْكُمْ قُوَّةً) في أبدانهم (وَأَكْثَرَ أَمْوالاً وَأَوْلاداً) فلم ينفعهم ذلك شيئا ، وحل بهم عذاب الله تعالى (فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ) أي : بنصيبهم وحظهم من الدنيا ، بأن صرفوها في شهواتهم المحرمة عليهم ، وفيما نهاهم الله عنه ، ثم اهلكوا (فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ) أي : فاستمتعتم أنتم أيضا بحظكم في الدنيا ، كما استمتعوا هم (وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا) أي وخضتم في الكفر والاستهزاء بالمؤمنين ، كما خاض الأولون. (أُولئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) التي تقع طاعة من المؤمنين مثل الإنفاق في وجوه الخير ، وصلة الرحم ، وغيرها (فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) إذ لم يستحقوا عليها ثوابا في الآخرة ، ولا تعظيما وتبجيلا في الدنيا ، لكفرهم ، وشركهم (وَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) خسروا أنفسهم وأهلكوها بفعل المعاصي المؤدية إلى الهلاك. ووردت الرواية ، عن بن عباس أنه قال في هذه الآية : ما أشبه الليلة بالبارحة كالذين من قبلكم ، هؤلاء بنو إسرائيل شبهنا بهم ، لا أعلم إلا أنه قال : والذي نفسي بيده! لتتبعنهم حتى لو دخل الرجل منهم جحر ضب لدخلتموه. وروي مثل ذلك عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : لتأخذن كما أخذت الأمم من قبلكم ، ذراعا بذراع ، وشبرا بشبر ، وباعا بباع ، حتى لو أن أحدا من أولئك دحل جحر ضب ، لدخلتموه! قالوا : يا رسول الله! كما صنعت فارس ، والروم ، وأهل الكتاب؟ قال : فهل الناس إلا هم؟ وقال عبد الله بن مسعود : أنتم أشبه الأمم ببني إسرائيل ، سمتا وهديا ، تتبعون عملهم حذو القذة بالقذة ، غير أني لا أدري أتعبدون العجل أم لا. وقال حذيفة : المنافقون الذين فيكم اليوم ، شر من المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. قلنا : وكيف؟ قال : أولئك كانوا يخفون نفاقهمو وهؤلاء أعلنوه. أورد ذلك جميعا الثعلبي في تفسيره (١).

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٥ ، ص ٨٥ ـ ٨٦.

١٥٧

* س ٤٥ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْراهِيمَ وَأَصْحابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (٧٠) [سورة التوبة : ٧٠]؟!

الجواب / قال أبو بصير ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام ، قوله عزوجل : (وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى)(١)؟ قال : «هم أهل البصرة».

قلت : (وَالْمُؤْتَفِكاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ)؟ قال : «أولئك قوم لوط ، ائتفكت عليهم ، أي انقلبت وصار عاليها سافلها» (٢).

* س ٤٦ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٧١) [سورة التوبة : ٧١]؟!

الجواب / قال صفوان بن مهران : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : تأتني المرأة المسلمة قد عرفتني بعمل ، أعرفها بإسلامها ، ليس لها محرم ، فأحملها؟

قال : «فاحملها ، فإن المؤمن محرم للمؤمنة». ثمّ تلا هذه الآية : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ)(٣).

قلت : صفوان بن مهران هو الجمّال ، وقوله : «أجملها» أي أسوقها إلى مكّة ، أورد الشيخ هذا الحديث في كتاب الحجّ.

__________________

(١) النجم : ٥٣.

(٢) الكافي : ج ٨ ، ص ١٨٠ ، ح ٢٠٢.

(٣) التهذيب : ج ٥ ، ص ٤٠١ ، ح ١٣٩٥.

١٥٨

* س ٤٧ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٧٢) [سورة التوبة : ٧٢]؟!

الجواب / قال علي بن الحسين عليه‌السلام : «إذا صار أهل الجنّة في الجنّة ودخل وليّ الله إلى جنّاته ومساكنه واتّكأ كلّ مؤمن على أريكته ، حفّته خدامه ، وتهدّلت عليه الأثمار ، وتفجّرت حوله العيون ، وجرت من تحته الأنهار ، وبسطت له الزّرابيّ ، ووضعت له النّمارق ، وأتته الخدّام بما شاءت شهوته من قبل أن يسألهم ذلك ـ قال ـ ويخرج عليه الحور العين من الجنان فيمكثون بذلك ما شاء الله ، ثمّ إنّ الجبّار يشرف عليهم ، فيقول لهم : أوليائي وأهل طاعتي وسكان جنّتي في جواري ، ألا هل أنبّئكم بخير ممّا أنتم فيه؟

فيقولون : ربّنا ، وأيّ شيء خير مما نحن فيه ، نحن فيما اشتهت أنفسنا ولذّت أعيننا من النّعم في جوار الكريم! ـ قال ـ فيعود عليهم القول ، فيقولون : ربّنا نعم ، فأتنا بخير ممّا نحن فيه.

فيقول الله تبارك وتعالى : رضاي عنكم ومحبّتي لكم خير وأعظم ممّا أنتم فيه».

قال : «فيقولون : نعم ، يا ربّنا ، رضاك عنّا ، ومحبّتك لنا خير لنا وأطيب لأنفسنا». ثم قرأ علي بن الحسين عليه‌السلام هذه الآية (وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)(١).

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٩٦ ، ح ٨٨.

١٥٩

وقال الحسين عليه‌السلام ـ وفي نسخة الحسن ـ في قول الله عزوجل : (وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ).

قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هي قصور في الجنّة من لؤلؤة بيضاء ، فيها سبعون دارا من ياقوتة حمراء ، في كلّ دار سبعون بيتا من زمرّدة خضراء ، في كلّ بيت سبعون سريرا ، على كلّ سرير امرأة من الحور العين ، في كلّ بيت مائدة ، على كلّ مائدة سبعون قصعة ، على كلّ قصعة سبعون وصيفا ووصيفة ، ويعطي الله المؤمن ذلك في غداة ، ويأكل ذلك الطّعام ، ويطوف على تلك الأزواج» (١).

* س ٤٨ : بمن يجاهد الكفار والمنافقين في قوله تعالى :

(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)(٧٣) [سورة التوبة : ٧٣]؟!

الجواب / قال عليّ بن إبراهيم : قال عليه‌السلام : إنّما نزلت : يا أيها النبيّ جاهد الكفّار بالمنافقين ، لأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يجاهد المنافقين بالسّيف ، وجاهد الكفّار بالسّيف (٢).

ثمّ قال : حدّثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «جاهد الكفّار والمنافقين بإلزام الفرائض» (٣).

* س ٤٩ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا وَما نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْناهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ فِي

__________________

(١) بستان الواعظين.

(٢) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ٣٠١.

(٣) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ٣٠١.

١٦٠