نفحات القرآن - ج ٦

آية الله ناصر مكارم الشيرازي

نفحات القرآن - ج ٦

المؤلف:

آية الله ناصر مكارم الشيرازي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مدرسة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ١
ISBN: 964-533-000-9
ISBN الدورة:
964-8139-75-X

الصفحات: ٤٢٨

وتبيّن الآية ١١١ من سورة الاسراء انّهم كانوا يظنّون أنّ أصنامهم أنداداً لله في المالكية والحاكمية على العالم ، وحتى أنّهم كانوا يعتقدون أنّ الأصنام تعين الله في بعض المشاكل : (وَقُلِ الْحَمْدُ للهِ الَّذِى لَم يَتَّخِذ وَلَداً وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِى المُلكِ وَلَم يَكُن لَّهُ وَلِىٌّ مِّنَ الذُّلِّ وَكَبِّرهُ تَكبِيراً).

تمثل كل واحد من هذه الجمل الثلاث نفياً لمعتقدات عبدة الأوثان ، الذين كانوا يظنون أنَّ : (الملائكة بنات الله) ، (يرجى الالتفات إلى كلمة الولد تعني كلا المعنيين البنت والولد أي الذكر والانثى) (١) وأنّهم شركاء له في الخلق وأنّهم اعوانه وأولياؤه.

ومن الواضح أنّ هذه المعتقدات لو لم يكن لها وجود في تلك البيئة ، لما كان لهذه التعابير القرآنية أيُّ مفهوم.

وممّا يسترعي الإنتباه أنّ القرآن الكريم وصف عبدة الأوثان ب «المشركين» واعتبر عملهم «شِركاً» ، فلو لم يكونوا يعتقدون بنوع من الشِّركة بين الله والأصنام وكانوا يحسبونها شافعة فقط بين يدي الله ، إذ لما كان هذا التعبير صحيحاً بشأنها ، لأنّ كلمة «الشرك والمشرك» دالتان على أنّهم كانوا يعتبرون الأصنام شركاء لله في الربوبيّة ، وحل المشاكل والخلقة وأمثال ذلك ، «كانت الأصنام الحجرية والخشبية في عقيدتهم رمزاً ومظهراً للصالحين والملائكة).

وبعبارة اخرى كانوا يقولون : إنّ للأصنام نوعاً من الاستقلال في تدبير شؤون العالم ، وبتعبيرهم كانوا يعتبرونها أنداداً لله ، لا مجّرد وسطاء بين يديه.

والتعابير الواردة في الآيات القرآنية المختلفة تكشف لنا عن هذا الموضوع بكل وضوح ، جاء مثلاً في قوله تعالى : (وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللهِ مِن وَلِىٍّ وَلَا نَصِيرٍ). (العنكبوت / ٢٢)

وهذه إشارة لاعتقاد المشركين بأنّ الأصنام أولياؤهم وأنصارهم (من دون الله) ، كما تُصرح بذلك هذه الآية : (وَلَا يُغْنِى عَنهُمْ مَّا كَسَبُوا شَيْئاً وَلَا مَااتَّخَذُوا مِن دُونِ اللهِ

__________________

(١). «الولد» بمعنى المولود وتُطلق على الصغير والكبير والذكر والأنثى والمفرد والجمع (راجع مفردات الراغب).

٤٠١

اولِيَاءَ). (الجاثية / ١٠)

تكرر في القرآن الكريم تعبير «من دون الله» في وصف معتقدات المشركين وهذا دليل على أنّهم كانوا يتخذون موجودات من دون الله لتكون لهم انصار أو أولياء ، وهذا شرك في الربوبية وليس بشفاعة.

وخلاصة القول أنّ القرآن الكريم قد أورد في آياته المختلفة اعتراضين رئيسيين على المشركين ، وهما أولاً : إنّهم اعتبروا هذه الكائنات الفاقدة للحس وللسمع والبصر مصدراً مؤثراً.

وثانياً : إنّهم يرون فيها أنداداً لله في التدبير والربوبية.

وقد كان لعبدة الأصنام في العصر الجاهلي آراء وكلمات متناقضة طبعاً ، فهم لا يطرحون أقوالهم بلا أي تناقض أو تهافت ، شأن أي إنسان منطقي وواعٍ ، لذا فهم في نفس الوقت الذي يعتبرون الأصنام شركاء لله في حلّ المشاكل ويصوّرونها وكأنّها أولياء وأنصار لهم من دون الله ، فانّهم كانوا يطرحون أيضاً قضية الشفاعة بين يدي الله ، وهذا لا يدل مطلقاً على عدم الاعتقاد بالشرك في الأفعال.

وهذا ما نلاحظه من دراسة مجموعة الآيات السالفة ، واستقراء جميع أحوالهم من خلالها ، ثم أنّهم لا يعتبرون الشفاعة مطلقاً منوطة ورهينة بإذن الله.

وبناءً على هذا فاننا نستنتج وبكل ثقة لو أن الإنسان تمسك بأولياء الله فقط (لا الأصنام الحجرية والخشبية) واعتبرهم ـ دون غيرهم ـ شفعاء له بين يدي الله (لا شركاء له في الولاية والنصرة والتدبير) وأنّ شفاعتهم لا تحصل إلّابإذن الله (لا بصورة مستقلة عنه) فلا اعتراض عليه أبداً في مثل هذه الحالة ، وإنّما يرد الاعتراض حينما يغفل المرء عن واحدٍ من هذه المبادىء الثلاثة أو بأجمها ، ويسلك الطريق الخاطىء.

* * *

٤٠٢

الأعراف وأصحابها

٤٠٣
٤٠٤

الأعراف وأصحابها

تمهيد :

توجد في القرآن الكريم سورة باسم سورة «الأعراف» تختص أربع آيات منها بموضوع الأعراف ، يستشف من هذه الآيات بشكل عام أنّ الأعراف مكان بين الجنّة والنّار وفيه بعض المؤمنين الذين يعرفون أهل الجنّة وأهل النّار.

ولكن ما هي مهّمة هؤلاء المؤمنين؟ وماهو الهدف الذي يسعون إلى تحقيقه؟ وما هي مكانة الأعراف في القيامة؟ وهل يوجد سوى هؤلاء الرجال الإلهيين المكلّفين بمهمّة خاصة في الأعراف ، يعني أشخاصٌ آخرون من ضعفاء المؤمنين وأمثالهم ، أم لا؟

هذه المسائل ينبغي ايضاحها في ظل تفسير الآيات الأربع في سورة الأعراف ، وكذلك الروايات الواردة في تفسيرها في المصادر الإسلامية المهمّة.

نعودُ بعد هذا التمهيد الموجز إلى القرآن الكريم لنمعن خاشعين في الآيات الكريمة التالية الواردة في هذا المجال :

١ ـ (وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعرَافِ رِجَالٌ يَعرِفُونَ كُلاًّ بِسِيَماهُمْ وَنَادَوا أَصْحَابَ الجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ). (الأعراف / ٤٦)

٢ ـ (وَاذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَاتَجَعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ). (الأعراف / ٤٧)

٣ ـ (وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُم بِسِيَماهُمْ قَالُوا مَاأَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكبِرُونَ). (الأعراف / ٤٨)

٤ ـ (أَهؤُلَآءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَايَنَالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَاخَوْفٌ عَلَيكُمْ وَلَا أَنْتُم تَحْزَنُونَ). (الأعراف / ٤٩)

٤٠٥

جمع الآيات وتفسيرها

موضع بين الجنّة والنّار :

تتضمن الآيه الاولى إشارة إلى الآيات التي سبقتها وتتحدث عن الجنّة والنّار ، وأصحاب الجنّة وأصحاب النّار ثم تقول : «وبينهما حجاب».

وهذا الحجاب يمنع إلتقاء هذين الفريقين مع بعضهما ، ولكن لا يمنع من سماع الطرفين لأصوات بعضهما ، لأنّ الآيات السابقة تنقل لنا حديث أصحاب الجنّة وأصحاب النّار مع بعضهما إذ يُنادي أصحابُ الجنًة أصحاب النّار أن قد وجدنا ماوعدنا ربُّنا حقّاً فهل وجدتم ما وعدكم ربّكم حقّاً ، قالوا : نعم.

ولا عجب في هذا فكثيراً ما يتحادث الجيران من وراء الجدار ويتساءلون عن أحوال بعضهم بينما لا يرى بعضهم الآخر أو لايوجد بينهما طريق للالتقاء وورد شبيه هذا المعنى في سورة الحديد حيث يقول المنافقون للمؤمنين انظرونا نقتبس من نوركم ، فيقولون لهم ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً ، وفي هذه الأثناء : (فَضُرِبَ بَينَهُمْ بِسُورٍ لَّهُ بَابُ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ العَذَابُ* يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ). (الحديد / ١٣ ـ ١٤)

فهل أنَّ هذا لسور العالي هو الأعراف أمْ شيء آخر؟ سنجدُ جواب هذا السؤال لاحقاً.

ثم تضيف الآية : (وَعَلَى الْأَعرَافِ رِجَالٌ يَعرِفُونَ كُلّاً بِسيَماهُمْ).

ولما كانت كلمة «الأعراف» تعني في اللغة الموضع المرتفع ، فيتبيّن أنّ هؤلاء الرجال أصحاب منزلة وشخصية ، إذ يشرفون من ذلك المقام المرتفع على كلا الفريقين ويرون كلا الفريقين ويعرفون كلًّا بسيماهم.

لماذا هذه المعرفة؟

يُستفاد من مجموع القرائن الموجودة في الآيات موضوع البحث ـ والتي سيأتي شرحها مفصّلاً في البحوث القادمة ـ وكذلك من الروايات الكثيرة الواردة في المصادر الإسلامية

٤٠٦

بخصوص الأعراف ، بأنّه يوجد فيها فريقان : فريق من رجال الله والشخصيات البارزة والمقرّبة إلى الله وفريق آخر من المستضعفين ومن الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيِّئاً ـ فبعضْهم غلبت حَسناتُهم سيّئاتهم وبعضهم سيئاتهم فاقت حسناتهم ، وفي الحقيقة هم حائرون لا إلى الجنّة ولا إلى النّار.

وهنا يعرف أولئك الرجال هذا الفريق من سيماهم ، فيقولون لمن يستحق الشفاعة والمغفرة ، ويستمد من معدن أولياء الله : إذهبوا إلى الجنّةِ ، ثم يسوقون الباقين إلى جهنّم.

وهذا هو أفضل تأويل وتفسير يوضّح مجموع الآيات المتعلّقة بالاعراف ، وكذلك الآيات السابقة واللاحقة لها ويخلصنا من أي نوع من الكلام الزائد ، ويشكل قاسماً مشتركاً وحلقة اتصال بين الكثير من أقوال وتفاسير المفسّرين.

فقد نقل المرحوم العلامة الطباطبائي ـ على سبيل المثال ـ اثني عشر قولاً بخصوص من على الأعراف (نقل بعضهم فقط عشره أقوال أو سبعة ، مثل تفسير القرطبي والتفسير الاثني عشري وبهذا الترتيب.

١ ـ إنّهم أشراف الخلق الممتازون بكرامة الله.

٢ ـ إنّهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فلم تترجح حسناتهم حتى يدخلوا الجنّة ، ولا غلبت سيئاتهم حتى يؤمروا بدخول النّار ، فأوقفهم الله تعالى على هذه الأعراف لكونها درجة متوسطة بين الجنّة والنّار.

٣ ـ إنّهم أهل الفترة.

٤ ـ إنّهم مؤمنو الجن.

٥ ـ إنّهم أولاد الكفّار الذين لم يبلغوا في الدنيا أوان البلوغ.

٦ ـ إنّهم أولاد الزنا.

٧ ـ إنّهم أهل العجب بأنفسهم.

٨ ـ إنّهم ملائكة والتعبير عنهم بالرجال لأنّهم يتشكلون بأشكال الرجال.

٩ ـ إنّهم الأنبياء عليهم‌السلام يقامون عليها تمييزاً لهم على سائر الناس ولأنّهم شهداء عليهم.

٤٠٧

١٠ ـ إنّهم عدول الامم الشهداء على الناس يقومون عليها للشهادة على اممهم.

١١ ـ إنّهم قوم صالحون فقهاء علماء.

١٢ ـ إنّهم العباس والحمزة وعلي وجعفر يجلسون على موضع من الصراط ، يعرفون محبيهم ببياض الوجوه ، ومبغضيهم بسوادها .... (١)

وورد في الكثير من الروايات المنقولة عن أهل البيت عليهم‌السلام : عن هلقام ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله تعالى : (وَعَلَى الْأَعرَافِ رِجَالٌ يَعرِفُونَ كُلّاً بِسِيَماهُم) مايعني بقوله (وَعَلَى الْأَعرَافِ رِجَالٌ)؟ قال : «ألستم تعرفون عليكم عرفاء ، وعلى قبائلكم ليعرف من فيها من صالحٍ أو طالح؟ قلت : بلى ، فقال فنحن أولئك الرجال الذين يعرفون كلاً بسيماهم» (٢).

ولكن كل تلك الأقوال الاثني عشر أو الثلاثة عشر مجموعة في الحقيقة في التفسير الذي ذكرناه سالفاً ، ألا وهو وجود فريقين في الأعراف : فريق من الأبرار والصالحين وأولياء الله وفي طليعتهم «محمد وآل محمد» عليهم‌السلام ومن ثم الأنبياء والملائكة ، وجماعة من الصالحين والعلماء والفضلاء ، وفريق من المستضعفين ومن أصحاب الأعمال والصالحة والأعمال السيّئة ، أو الذين ليست لديهم أعمال صالحة ولا سيّئة (كالأبناء غير البالغين للكفّار والجهلة القاصرين وأهل الفترة).

إنَّ الروايات التي ذكرناها آنفاً تؤيد بصراحة وجود هذين الفريقين في الأعراف.

ولهذا تواصل الآية الأولى الكلام عن الفريق الثاني فتقول : (وَنَادَوا أَصْحَابَ الجَنَّةِ أنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدخُلُوهَا وَهُمْ يَطمَعُونَ).

وبهذا السياق يشير صدر الآية وذيلها إلى هذين الفريقين المختلفين المذكورين فيما سبق.

__________________

(١). تفسير الميزان ، ج ٨ ، ص ١٢٦ ذيل الآيات مورد البحث.

(٢). أورد المرحوم العلّامة المجلسي هذه الرواية في بحار الأنوار ، ج ٨ ، ص ٣٣٦ ، و ٣٣٧ ؛ ونقلها أيضاً المرحوم الكليني في اصول الكافي ، ج ٢ ، ص ٤٠٨.

٤٠٨

وتضيف الآية الثانية : (وَإِذَا صُرِفَتْ ابصَارُهُم تِلقَاءَ اصحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَاتَجْعَلْنَا مَعَ القَومِ الظَّالِمِينَ).

تعود الضمائر في هذه الآية (الضميرين في كلمتي «أبصارهم» و «قالوا») ، كما هو الحال في ذيل الآية السابقة ، إلى الفريق الثاني ، بينما يدور الكلام في مطلع الآية الأولى عن الفريق الأول.

وهذا هو فقط الخلاف الظاهر الذي نراه نحن في تفسير هذه الآية ، أي أن نفصل مَرَدَّ هذه الضمائر ، لكن القرائن المتعددة لهذا الخلاف الظاهري موجودة في الآية الاولى ، وكذلك في الآيات اللاحقة ، لأنَّ الرجال الموجودين على الأعراف يعرفون الكل بسيماهم ، ويأمرون هناك وينهون ، ويلومون أهل النّار ، ويرسلون إلى الجنّة من يستحقّها بفضل الله ، هم ليسوا ممن تشملهم جملة : (لَم يَدخُلُوهَا وَهُم يَطمَعُونَ).

وخلاصة القول هي أنّ في هذه الآيات تعابير دالة على وجود رجال ذوي مقام رفيع على الأعراف ، وبيدهم الأمر والنهي. وهم أصحاب المقام الرفيع في معرفة أصحاب الجنّة وأصحاب النّار (حتّى قبل دخولهم فيهما) ، وكذلك توجد تعابير في هذه الآيات تدل على وجود فريق حائر على الأعراف وعليهم آثار القلق البالغ خوفاً على مصيرهم.

فهم طامعون في الجنّة وخائفون من النّار ، وينبيءُ مجموع هذه القرائن عن وجود هذين الفريقين على الأعراف ، ويمكن في ظل هذا التفسير حل جميع المشاكل العالقة في تفسير هذه الآيات.

وتعود الآية الثالثة إلى الفريق الأول مَرّة ثانية فتقول : (وَنَادَى أَصحَابُ الْأَعرَافِ رِجَالاً يَعرِفُونَهُم بِسِيَماهُمْ قَالُوا مَاأَغنَى عَنكُمْ جَمعُكُمْ وَمَاكُنتُمْ تَسْتَكبِرُونَ).

ويعكس هذا اللُّوم والتوبيخ الشديد الصادر من أصحاب الأعراف إلى أصحاب جهنّم أحد المؤشرات الجلِيّة على سموِّ مقامِهم ، فهم يعاقبونهم بسياط الملامة والتعنيف مثلما يفعل الملائكة معهم.

وفي الآية الرابعة يتحدث نفس أصحاب المقامات السامية في الأعراف ، وهم يشيرون

٤٠٩

إلى جماعة من ضعفاء المؤمنين من جهة ، وموجّهين الخطاب من جهة اخرى إلى المستكبرين من أصحاب النّار ، وبأسلوب التوبيخ ، قائلين لهم : (أَهؤَلَآءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَايَنَالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ).

ثم يلتفتون في نفس الوقت إلى ضعفاء المؤمنين فيقولون لهم : (ادخُلُوا الجَنَّةَ لَاخَوفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنتُم تَحزَنُونَ).

ويظهر من خلال هذا التعبير وبوضوح وجود فريقين هناك وهما : فريق ذوي المقام الرفيع ، وفريق الحيارى من ضعاف المؤمنين الذين تشملهم الرحمة الإلهيّة في ختام المطاف ، ويُساقون بأمر ذوي المقام الرفيع الموجود في الأعراف ، نحو الجنّة.

* * *

توضيحات

١ ـ الأعراف في اللغة والتفسير

«الأعراف» : جمع (عُرف) على وزن (قُفل) وهو بمعنى المكان المرتفع العالي. ومأخوذة في الأصل من «عرف الفرس» و «عرف الديك» ويُقال أيضاً إنّها مشتقة من أصل المعرفة والعرفان الذي يعني المعرفة بالأشياء والاطلاع على خصائصها لأنّ الاراضي المرتفعة أكثر وضوحاً وأقرب إلى المعرفة من الأراضي المنخفضة ، (ومن فوقها يمكن الاطّلاع على كل مكان والتعرّف عليه).

ويُقال أيضاً أنّ الأعراف هي مقامات الأشخاص ذوي المكانة الرفيعة والدرجة السامية (١).

أمّا بخصوص مكان الأعراف اين يقع؟ وماهي كيفيّته؟ ففيه أقوال عديدة ، أورد من بينها صاحب الميزان ستة أقوال :

١ ـ موضع يشرف على أهل الجنّة وأهل النّار.

__________________

(١). التحقيق ، وتفسير مجمع البيان ، وغيرهما من القواميس والتفاسير.

٤١٠

٢ ـ سورٌ له تاج خاص كعرف الديك.

٣ ـ تلٌّ بين الجنّة والنّار.

٤ ـ هو السور الذي يفصل بين المؤمنين والمنافقين ، وقد اشير إليه في القرآن الكريم بقوله تعالى : (فَضُرِبَ بَينَهُمْ بِسُورٍ لَّهُ بَابُ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ العَذَابُ). (الحديد / ١٣)

٥ ـ الأعراف بمعنى الصراط والجسر الممتد فوق جهنّم.

٦ ـ الأعراف بمعنى المعرفة بأوضاع الناس.

ولكننا نعتقد لو أمعنّا النظر في الآيات الأربع المذكورة التي تتحدث عن الأعراف ، لما بقي أي غموض في معنى «الأعراف» ، حيث يفهم منها وبكل وضوح بأنَّ الأعراف موقع يشرف على الجنّة والنّار ، وفيه طائفة من أولياء الله ذوي المنزلة الرفيعة ، وطائفة اخرى من ضعيفي الإيمان هذا في الوقت الذي ذهب فيه المؤمنون المخلصون إلى الجنّة ، والكفرة المذنبون إلى النّار ، أمّا الفئة الاخرى من الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيّئاً ، ولديهم نقاط إيجابية في جانب ونقاط سلبية في جانب آخر ، فهم باقون على الأعراف ينتظرون الموقف الذي يتخذه بحقهم رجال الأعراف المؤمنون.

وأمّا بخصوص هذين الفريقين الموجودين على الأعراف ومن هُما؟ فقد تحدثنا عن ذلك بالتفصيل ضمن تفسير الآيات.

ومن هنا يتّضح أنّ مهمّة رجال الأعراف المؤمنين تمثل في الحقيقة نوعاً من الشفاعة ، لِمَن : (خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً). (التوبة / ١٠٢)

وهؤلاء في حالة اضطراب وقلق دائم ، فحينما ينظرون من الأعراف إلى أصحاب الجنّة يتمنّون أنْ يكونوا معهم ، وحين تقع أبصارهم على أصحاب النّار يضطربون ويرجون ألّا يُحشروا معهم.

ومن هنا تتوضح فلسفة وجود الأعراف ضمنياً وهي اظهار الدرجات الرفيعة لأولياء الله ، وأخذهم بيد المغلوبين على أمرهم ، وكذلك تبيان مصير فئة من المذنبين الذين تشملهم

٤١١

في خاتمة المطاف شفاعة هؤلاء الرجال ذوي المكانة السامية.

٢ ـ الأعراف في العقل والمنطق

من الواضح أننا لانمتلك أيَّ دليل عقلي يثبت وجود الأعراف ، لأنّ العقل يثبت فقط العموميات المتعلّقة بالحساب والكتاب والثواب والعقاب ، وذلك لأنّ عدم وجودها لا يتّسق وحكمة الله وعدالته.

أمّا موقف القيامة ، ومراحل الثواب والعقاب ، وكيفية دخول أصحاب الجنّة فيها ، وأصحاب النّار فيها والصراط والأعراف وماشابه ذلك من التفاصيل الجزئية للقيامة ، فهي من المسائل التي لا تثبت إلّابالدليل النقلي.

ولكن بما أنَّ الشفاعة تنبثقُ أيضاً من حكمة الله تعالى (كما ورد في موضوع الشفاعة) وأنّ الشفعاء يجب أن يكونوا من ذوي الدرجات الرفيعة والمكانة العالية حتّى يأخذوا بأيدي الضعفاء ، يمكن نتيجة لذلك العثور على إشارة ضعيفة في اعماق حكم العقل بخصوص مسألة الأعراف (فتأمل).

٣ ـ الأعراف في الروايات والأحاديث

تحوي المصادر الإسلامية الشيعية منها والسُنية على روايات كثيرة بخصوص الأعراف وأصحاب الأعراف ، ومتى ما وضعناها إلى جانب بعضها بشكل صحيح لاستنتجنا منها ما استنتجناه من تفسير الآيات المذكورة.

وهي في الحقيقة أخبار كثيرة حتّى أنَّ البعض قال إنّها تربو على ٢٨ حديثاً (١).

تختص بعض تلك الأحاديث بموضوع الأعراف ، وبعضها بالرجال الذين على الأعراف ويتحدث بعضها عن طائفة الحيارى من ضعيفي الإيمان الموجودين هناك ونحن نكتفي هنا بالإشارة إلى بعض الأمثلة المهمّة منها :

__________________

(١). تفسير الاثني عشري ، ج ٤ ، ص ٧٥.

٤١٢

١ ـ نقل عن الإمام الصادق عليه‌السلام إنّه حين سُئِل عن معنى الآية الشريفة : (وَبَينَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعرَافِ رِجَالٌ) قال : «سور بين الجنّة والنّار» (١).

وجاء في تفسير الطبري نفس هذا المعنى عن الإمام الباقر عليه‌السلام (٢).

٢ ـ جاء في حديث للإمام الباقر عليه‌السلام يفسر فيه قوله تعالى : (وَعَلَى الْأَعرَافِ رِجَالٌ) قال : «نزلت في هذه الأمة ، والرجال هم الائمة من آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله. قلت : فالأعراف قال : صراط بين الجنّة والنّار ، فمن شفع له الإمام منّا من المؤمنين المذنبين نجا ، ومن لم يشفع له هوى» (٣).

فهذا الحديث أوضح معنى الأعراف وكذلك الفريقين الموجودين عليه.

٣ ـ وجاء في حديث آخر نقله المرحوم الطبرسي في مجمع البيان عن الإمام الصادق عليه‌السلام قال فيه : «الأعراف كثبان بين الجنّة والنّار ، فيقف عليها كل نبي وكل خليفة نبي ، مع المؤمنين من أهل الزمان كما يقف صاحب الجيش مع الضعفاء من جنده» (٤).

وجاء في آخر هذا الحديث شرح يبيّن أنّ المحسنين يذهبون مُسبقاً إلى الجنّة ، فيقول رجال الأعراف المؤمنون للمذنبين الذين بجانبهم انظروا إلى اخوانكم المحسنين سبقوكم ودخلوا الجنّة ، وهنا ينظر إليهم المذنبون ويسلّمون عليهم وهذا هو ماذكره القرآن في قوله : (وَنَادَوا أَصحَابَ الجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيكُمْ لَمْ يَدخُلُوهَا وَهُمْ يَطمَعُونَ).

فهؤلاء المذنبون لم يدخلوا الجنّة ويأملون دخولها ببركة شفاعة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والإمام عليه‌السلام ، ثم يفسر بقية الآيات على هذا المنوال وبالشكل الذي لايبقى معه شك في معنى الأعراف والفريقين الموجودين عليها. ويعرض بدقة نفس التفسير الذي بّينّاه سابقاً بشأن آيات

__________________

(١). تفسير البرهان ، ج ٢ ، ص ١٨ ، ح ١٠.

(٢). تفسير جامع البيان ، ج ٨ ، ص ١٣٧.

(٣). تفسير البرهان ، ج ٢ ، ص ١٨ ، ح ٨.

(٤). تفسير مجمع البيان ، ج ٣ ، ٤ ، ص ٤٢٣.

٤١٣

الأعراف الأربع وعلاقتها مع بعضها (١).

٤ ـ جاء في الدرّ المنثور حديث آخر عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : «يُجمع الناس يوم القيامة فيؤمر بأهل الجنّة إلى الجنّة ويؤمر بأهل النّار إلى النّار ، ثم يقال لأصحاب الأعراف : ما تنتظرون؟ قالوا : ننتظر أمرك ، فيقال لهم : إنّ حسناتكم تجاوزت بكم النّار أن تدخلوها ، وحالت بينكم وبين الجنّة خطاياكم ، فادخلوا الجنّة بمغفرتي ورحمتي» (٢).

طبعاً سبب دخول الجنّة هنا هي شفاعة الشفعاء والرجال المؤمنين في الأعراف وبإذن من الله.

٥ ـ جاء في حديث آخر في الدرّ المنثور منقول عن أبي سعيد الخدري بأنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سُئل عن أصحاب الأعراف فقال : «هُم رجالٌ قُتِلوا في سبيل الله ، وهم عُصاة لآبائهم فمنعتهم الشهادة أنْ يدخلوا النّار ، ومنعتهم المعصية أنْ يدخلوا الجنّة ، وهم على سورٍ بين الجنّة والنّار .. فاذا فرغ الله من حساب خلقه فلم يبق غيرهم تغمّدهم منه برحمة فأدخلهم الجنّة برحمته» (٣).

وكما قلنا سابقاً لايوجد أيُّ مانع من شمولهم برحمة الله في ظل شفاعة الأنبياء والأولياء.

خاتمة بحث المعاد :

وبانتهاء موضوعي الشفاعة والأعراف ، نصل إلى ختام بحوث المعاد ، وكما نوّهنا سابقاً ، كان من المؤمّل أن نضع جميع بحوث المعاد في مجلّد واحد ، إلّاأنّ سعة الأبحاث القرآنية في هذا الصدد دفعنا إلى تقسيمها إلى مجلّدين ، ثم إنّ المواضيع التي عرضناها تمثّل امّهات مسائل المعاد وبحوثه الأساسية ، وإلّا فإنّ هذه البحوث تضم بين طياتها مسائل اخرى

__________________

(١). تفسير مجمع البيان ، ج ٣ و ٤ ، ص ٤٢٣.

(٢). تفسير در المنثور ، ج ٣ ، ص ٨٧.

(٣). المصدر السابق ، ص ٨٨.

٤١٤

متنوعة صرفنا النظر عنها حالياً تجنّباً للاطالة إلى أن تحين فرصة اخرى.

اللهمّ لا تَدَعْنا لِوَحْدِنا في هذا السفرالمليء بالخوف والمخاطر ، وفي نفس الوقت مليء بالرحمة والبركة ، وخذ بأيدينا ونجّنا من مواقف الخطر ومواضع العذاب ، وأوصلنا إلى جوارِ رحمتك.

إلهي إنَّ أيدينا خالية ، وأعمالنا قليلة وذنوبنا كثيرة ، وكتاب أعمالنا خفيف وكواهلنا مثقلة بأعباء المسؤوليات ، وفي هذه الأحوال آمالنا معقودة عليك.

ربَّنا إنَّ رحمتك واسعة ، وألطافك غير متناهية ، وكرمك غير محدود ، اللهمّ نُقسمُ عليك بأَوليائك الكرام أنْ تشملنا برعايتك في ذلك اليوم ، وتجعلنا ممن يَسعد بلقاك ولا تحرمْنا رؤيتك.

ختام بحث المعاد في القرآن

ونهاية المجلّد السادس

آمين ياربّ العالمين

التاريخ ٢١ / ٣ / ١٣٧٠ هجري شمسي

الموافق ٢٧ ذي القعدة ١٤١١ هجري قمري

٤١٥
٤١٦

الفهرس

منازل الآخرة.................................................................... ٥

المقدمة....................................................................... ٧

١) علامات القيامة............................................................ ٩

جمع الآیات وتفسیرها........................................................ ١٠

ظهور علامات القیامة........................................................ ١٠

إقتربت الساعة.............................................................. ١١

يوم تأتي السماء بدخان مبين.................................................. ١٢

١ ـ تلاشي الجبال............................................................ ١٥

٢ ـ إنفجار البحار........................................................... ١٦

٣ ـ الزلزال العظيم المدمر...................................................... ١٨

٤ ـ ذهاب ضوء الشمس والقمر والكواكب...................................... ١٨

٥ ـ انشقاق الأجرام السماوية.................................................. ٢٠

٢) النفخ في الصور.......................................................... ٢٩

جمع الآیات وتفسیرها........................................................ ٣١

نفخة الموت ونفخة الحياة...................................................... ٣١

توضيحات.................................................................. ٤١

٤١٧

١ ـ ما المراد بـ (نفخة الصور) أو صرخة الموت والحياة.............................. ٤١

٢ ـ تأثير الأمواج الصوتية على الإنسان وسائر الموجودات.......................... ٤٣

٣ ـ إجابات حول نفخة الصور................................................ ٤٤

١ ـ هل أَن نفخة الصور تقع مرتين فقط........................................ ٤٤

٢ ـ مَن الملك المأمور بنفخة الصور.............................................. ٤٥

٣ ـ ما هي الفترة الزمنية بين النفختين........................................... ٤٦

٤ ـ فلسفة نفخة الصور....................................................... ٤٦

٣) صحيفة الأعمال......................................................... ٤٩

جمع الآیات وتفسيرها........................................................ ٥١

الكتاب الذي يتكلم......................................................... ٥٤

كتب في عليين وأخرى في سجين.............................................. ٥٧

الملائكة المراقبون............................................................. ٥٨

كتاب صحيفة الأعمال....................................................... ٥٩

كتاب الأعمال في اليمين أو في الشمال........................................ ٦١

صحيفة أعمالنا أمام أنظار الجميع.............................................. ٦٤

توضيحات.................................................................. ٦٥

١ ـ صحف الأعمال في الروايات الإسلامية...................................... ٦٥

٢ ـ ماهية صحف الأعمال.................................................... ٦٧

٣ ـ فلسفة كتاب الأعمال..................................................... ٧٠

٤ ـ أقسام كتب الأعمال...................................................... ٧١

٥ ـ خصائص كتاب الأعمال.................................................. ٧٣

٤) حضور الأعمال.......................................................... ٧٥

جمع الآیات وتفسیرها........................................................ ٧٧

٤١٨

یومئذ كل يرى عمله.......................................................... ٧٧

استيفاء الأعمال يوم القيامة................................................... ٨٢

لا تجزون إلاّ ما كنتم تعملون.................................................. ٨٥

توضيحات.................................................................. ٨٧

١ ـ رؤية الأعمال في الروايات الإسلامية......................................... ٨٧

٢ ـ تجسد الأعمال في منطق العقل............................................. ٨٩

٣ ـ تجسد اخلاق وسجايا الإنسان............................................. ٩٢

٥) محكمة العدل الإلهي...................................................... ٩٥

جمع الآیات وتفسیرها........................................................ ٩٦

الجمیع محضرون فی تلك المحكمة العظمى....................................... ٩٦

شهود المحشر................................................................ ٩٨

ميزان الأعمال............................................................. ١٠٥

السرعة في الحساب......................................................... ١٠٨

توضيحات................................................................ ١١٢

١ ـ وصف للمحكمة الكبرى................................................ ١١٢

٢ ـ شهود يوم القيامة....................................................... ١١٣

٣ ـ ما هو ميزان العمل...................................................... ١١٥

٤ ـ ما هي الأعمال الثقيلة في الميزان.......................................... ١١٧

٥ ـ المسائل التي يسأل عنها يوم القيامة........................................ ١١٨

٦ ـ اليسر والعسر في حساب المحشر.......................................... ١٢٠

٦) الصراط والمرصاد........................................................ ١٢٣

جمع الآیات وتفسیرها....................................................... ١٢٤

طريق الجنّة يمر عبر جهنّم.................................................... ١٢٤

توضيح: ما هي حقيقة الصراط............................................... ١٢٨

٤١٩

الجنة....................................................................... ١٣٣

الجنّة...................................................................... ١٣٥

١) موجبات دخول الجنّة في المنظور القرآني..................................... ١٣٧

١ ـ الإيمان والعمل الصالح................................................... ١٣٧

٢ ـ التقوى................................................................ ١٣٨

٣ ـ الاحسان.............................................................. ١٤٠

٤ ـ الجهاد والشهادة........................................................ ١٤١

٥ ـ نهي النفس عن الهوى.................................................... ١٤٣

٦ ـ السابقون إلى الايمان.................................................... ١٤٤

٧ ـ الهجرة والجهاد.......................................................... ١٤٦

٨ ـ الصبر والتحمل عند الشدائد............................................. ١٤٧

٩ ـ الإيمان والاستقامة....................................................... ١٤٨

١٠ ـ إطاعة الله ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله................................................ ١٤٩

١١ ـ الاخلاص............................................................ ١٥٠

١٢ ـ الصدق.............................................................. ١٥٢

١٣ ـ تزكية النفس.......................................................... ١٥٣

١٤ ـ الانفاق والاستغفار.................................................... ١٥٣

١٥ ـ الخوف من الله........................................................ ١٥٥

١٦ ـ التولي والتبرؤ.......................................................... ١٥٦

١٧ ـ الاهتمام بالصلاة..................................................... ١٥٧

الخلاصة.................................................................. ١٥٨

٢) النعم المادية في الجنّة..................................................... ١٥٩

١ ـ حدائق الجنان.......................................................... ١٦٠

٤٢٠