النّهاية - ج ٣

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٣

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: طاهر احمد الزاوي ومحمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤٨٨

سَعَى عِقَالاً فلم يترك لنا سبدا

فكيف لو قد سعى عمرو عِقَالَيْنِ

نصب عِقَالاً على الظّرف ، أراد مدّة عِقَال.

وفيه «كالإبل المُعَقَّلَة» أي المشدودة بالعِقَال ، والتّشديد فيه للتّكثير.

ومنه حديث عليّ وحمزة والشّرب

وهنّ مُعَقَّلَات بالفناء

ومنه حديث عمر «كتب إليه أبيات في صحيفة ، منها :

فما قلص وجدن مُعَقَّلَات

قفا سلع بمختلف التّجار (١)

يعنى نساء مُعَقَّلَات لأزواجهنّ كما تُعَقَّلُ النّوق عند الضّراب. ومن الأبيات أيضا :

يُعَقِّلُهُنَ جعدة من سليم

أراد أنّه يتعرّض لهنّ ، فكني بالعَقْل عن الجماع : أي أنّ أزواجهنّ يُعَقِّلُونَهُنَ ، وهو يُعَقِّلُهُنَ أيضا ، كأنّ البدء للأزواج والإعادة له.

وفي حديث ظبيان «إنّ ملوك حمير ملكوا مَعَاقِلَ الأرض وقرارها» المَعَاقِل : الحصون ، واحدها : مَعْقِل.

ومنه الحديث «ليَعْقِلَنَ الدّين من الحجاز مَعْقِلَ الأُرويّة من رأس الجبل» أي ليتحصّن ويعتصم ويلتجئ إليه كما يلتجئ الوعل إلى رأس الجبل.

وفي حديث أم زرع «واعتَقل خطّيّا» اعْتِقَالَ الرّمح : أن يجعله الراكب تحت فخذه ويجرّ آخره على الأرض وراءه.

ومنه حديث عمر «من اعْتَقَل الشّاة وحلبها وأكل مع أهله فقد برئ من الكبر» هو أن يضع رجلها بين ساقه وفخذه ثم يحلبها.

__________________

(١) فى الأصل ، وا ، واللسان (أزر): «النّجار» بالنون. وأثبتناه بالتاء من الفائق ٢ / ٢٦٦ ، واللسان (عقل) وتاج العروس (عقل). وقال الزمخشري : مختلف التّجار : موضع اختلافهم ، وحيث يمرون جائين وذاهبين.

٢٨١

وفي حديث عليّ «المختصّ بعَقَائِل كراماته» جمع عَقِيلَة ، وهي في الأصل : المرأة الكريمة النفيسة ، ثم استعمل في الكريم النّفيس من كل شيء من الذّوات والمعاني.

وفي حديث الزّبرقان «أحبّ صبياننا إلينا الأبله العَقُول» هو الذي يظنّ به الحمق ، فإذا فتّش وجد عَاقِلاً. والعَقُول : فعول منه للمبالغة.

(س) ومنه حديث عمرو بن العاص «تلك عُقُول كادها بارئها» أي أرادها بسوء.

(س) وفيه «إنه كان للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فرس يسمّى ذا (١) العُقَّال» العُقَّال بالتّشديد : داء في رجلي الدّوابّ ، وقد يخفّف ، سمّي به لدفع عين السّوء عنه.

قال الجوهري : وذو عُقَّال اسم فرس.

(ه) وفي حديث الدّجال «ثم يأتي الخصب فيُعَقِّلُ الكرم» أي يخرج العُقَّيْلَى وهي الحصرم.

(عقم) (ه) فيه «سوداء ولود خير من حسناء عَقِيم» العَقِيم : المرأة الّتي لا تلد ، وقد عَقُمَتْ تَعْقُمُ فهي عَقِيم ، وعُقِمَتْ فهي مَعْقُومَة ، والرّجل عَقِيم ومَعْقُوم.

ومنه الحديث «اليمين الفاجرة التي يقتطع بها مال المسلم تَعْقِمُ الرّحم» يريد أنها تقطع الصّلة والمعروف بين الناس. ويجوز أن يحمل على ظاهره.

ومنه حديث ابن مسعود «إنّ الله يظهر للناس يوم القيامة فيخرّ المسلمون للسّجود وتُعْقَمُ أصلاب المنافقين فلا يسجدون» أي تيبس مفاصلهم وتصير مشدودة. والمَعَاقِم : المفاصل.

(عقنقل) (س) في قصة بدر ذكر «العَقَنْقَل» هو كثيب متداخل من الرّمل وأصله ثلاثيّ.

(عقا) (ه) في حديث ابن عباس وسئل عن امرأة أرضعت صبيّا رضعة فقال «إذا عَقَى حرمت عليه وما ولدت» العِقْيُ : ما يخرج من بطن الصّبيّ حين يولد ، أسود لزجا قبل أن يطعم.

__________________

(١) فى الأصل وا : «ذو» والتصحيح من اللسان.

٢٨٢

وإنّما شرط العِقْي ليعلم أنّ اللّبن قد صار في جوفه ، ولأنه لا يَعْقِي من ذلك اللّبن حتى يصير في جوفه. يقال : عَقَى الصّبيّ يَعْقِي عَقْياً.

(س) وفي حديث ابن عمر «المؤمن الذي يأمن من أمسى بعَقْوَتِه» عَقْوَةُ الدّار : حولها وقريبا منها.

وفي حديث عليّ «لو أراد الله أن يفتح عليهم معادن العِقْيَان» هو الذّهب الخالص. وقيل : هو ما ينبت منه نباتا. والألف والنون زائدتان.

(باب العين مع الكاف)

(عكد) (س) فيه «إذا قطع اللّسان من عُكْدَتِه ففيه كذا» العُكْدَة : عقدة أصل اللّسان. وقيل : معظمه ، وقيل : وسطه. وعُكْدُ كل شيء : وسطه.

(عكر) (ه) فيه «أنتم العَكَّارُون ، لا الفرّارون» أي الكرّارون إلى الحرب والعطّافون نحوها ، يقال للرّجل يولّى عن الحرب ثم يكرّ راجعا إليها : عَكَرَ واعْتَكَرَ. وعَكَرْتُ عليه إذا حملت.

(ه) ومنه الحديث «أنّ رجلا فجر بامرأة عَكْوَرَةٍ» أي عَكَرَ عليها فتسنّمها وغلبها على نفسها.

(ه) وحديث أبي عبيدة يوم أحد «فعَكَرَ على إحداهما فنزعها فسقطت ثنيّته ، ثم عَكَرَ على الأخرى فنزعها فسقطت ثنيّته الأخرى» يعنى الزّردتين اللّتين نشبتا في وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

[ه] وفيه «أنه مرّ برجل له عَكَرَةٌ فلم يذبح له شيئا» العَكَرَة بالتحريك : من الإبل ما بين الخمسين إلى السبعين. وقيل : إلى المائة.

(س) ومنه حديث الحارث بن الصّمّة «وعليه عَكَرٌ من المشركين» أي جماعة. وأصله من الاعْتِكَار ، وهو الازدحام والكثرة.

٢٨٣

ومنه حديث عمرو بن مرّة «عند اعْتِكَار الضّرائر» أي اختلاطها. والضَّرَائِر : الأمور المختلفة ، ويروى باللام.

(س) وفي حديث قتادة «ثم عادوا إلى عِكْرِهِم عِكْرِ السَّوء» أي إلى أصل مذهبهم الرّديء.

ومنه المثل «عادت لعِكْرِها لميس» وقيل العِكْر : العادة والدّيدن. وروي «عَكَرهم» بفتحتين ، ذهابا إلى الدّنس والدّرن ، من عَكَر الزّيت ، والأوّل الوجه.

(عكرد) في حديث العرنّين «فسمنوا وعَكْرَدُوا» أي غلظوا واشتدّوا. يقال : للغلام الغليظ المشتدّ عَكْرَدٌ وعُكْرُودٌ.

(عكرش) (س) في حديث عمر «قال له رجل : عنّت لي عِكْرِشَةٌ فشنقتها بحبوبة ، فقال : فيها جفرة» العِكْرِشَة : أنثى الأرانب ، والجفرة : العناق من المعز.

(عكس) (ه) في حديث الربيع بن خيثم «اعْكِسُوا أنفسكم عَكْسَ الخيل باللّجم» أي كفّوها وردّوها واردعوها. والعَكْس : ردّك آخر الشيء إلى أوّله. وعَكَسَ الدّابّة إذا جذب رأسها إليه لترجع إلى ورائها القهقرى.

(عكظ) فيه ذكر «عُكَاظ» وهو موضع بقرب مكة ، كانت تقام به في الجاهلية سوق يقيمون فيه أيّاما.

(عكف) قد تكرر في الحديث ذكر «الاعْتِكَاف والعُكُوف» وهو الإقامة على الشيء ، وبالمكان ولزومهما. يقال : عَكَفَ يَعْكُفُ ويَعْكِفُ عُكُوفاً فهو عَاكِف ، واعْتَكَفَ يَعْتَكِفُ اعْتِكَافاً فهو مُعْتَكِف. ومنه قيل لمن لازم المسجد وأقام على العبادة فيه : عَاكِف ومُعْتَكِف.

(عكك) (س) فيه «إنّ رجلا كان يُهدي للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم العُكَّة من السّمن أو العسل» هي وعاء من جلود مستدير ، يختصّ بهما ، وهو بالسّمن أخصّ. وقد تكرر في الحديث.

٢٨٤

(ه) وفي حديث عتبة بن غزوان وبناء البصرة «ثم نزلوا وكان يوم عِكَاك» العِكَاك : جمع عُكَّة ، وهي شدة الحرّ ، ويوم عَكٌ وعَكِيك : أي شديد الحرّ.

(عكل) في حديث عمرو بن مرّة «عند اعْتِكَال الضّرائر» أي عند اختلاط الأمور. ويروى بالراء وقد تقدم.

(عكم) (ه) في حديث أم زرع «عُكُومُها رداح» العُكُوم : الأحمال والغرائر التي تكون فيها الأمتعة وغيرها ، واحدها : عِكْم ، بالكسر.

ومنه حديث عليّ «نفاضة كنفاضة العِكْم».

وحديث أبي هريرة «سيجد أحدكم امرأته قد ملأت عِكْمَها من وبر الإبل».

(س) وفيه «ما عَكَمَ عنه ـ يعنى أبا بكر ـ حين عرض عليه الإسلام» أي ما تحبّس (١) وما انتظر ولا عدل.

(س) وفي حديث أبي ريحانة «أنه نهى عن المُعَاكَمَة» كذا أورده الطّحاوي ، وفسّره بضمّ الشيء إلى الشيء. يقال : عَكَمْتُ الثّيابَ إذا شددت بعضها على بعض. يريد بها أن يجتمع الرّجلان أو المرأتان عراة لا حاجز بين بدنيهما. مثل الحديث الآخر «لا يفضي الرجل إلى الرّجل ولا المرأة إلى المرأة».

(باب العين مع اللام)

(علب) (ه) فيه «إنّما كانت حلية سيوفهم الآنك والعَلَابِيَ» هي جمع عِلْبَاء ، وهو عصب في العنق يأخذ إلى الكاهل ، وهما عِلْبَاوَانِ يمينا وشمالا ، وما بينهما منبت عرف الفرس ، والجمع ساكن الياء ومشدّدها. ويقال في تثنيتهما أيضا : عِلْبَاآنِ. وكانت العرب تشدّ على أجفان سيوفها العَلَابِيَ الرّطبة فتجفّ عليها ، وتشدّ الرّماح بها إذا تصدّعت فتيبس وتقوى.

(س) ومنه حديث عتبة «كنت أعمد إلى البضعة أحسبها سناما فإذا هي عِلْبَاء عنق».

__________________

(١) فى الأصل : «ما احتبس» والمثبت من ا ، واللسان ، والفائق ٢ / ٣٩٢.

٢٨٥

(ه) وفي حديث ابن عمر «أنه رأى رجلا بأنفه أثر السّجود ، فقال : لا تَعْلُبْ صورتك» يقال : علبه إذا وسمه وأثّر فيه. والعَلْب والعَلَب : الأثر. المعنى : لا تؤثّر فيها بشدّة اتّكائك على أنفك في السّجود.

وفي حديث وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «وبين يديه رَكْوَةٌ أو عُلْبَةٌ فيها ماء» العُلْبَة : قدح من خشب. وقيل من جلد وخشب يحلب فيه.

(س) ومنه حديث خالد رضي‌الله‌عنه «أعطاهم عُلْبَةَ الحالب» أي القدح الذي يحلب فيه.

(علث) (س) فيه «ما شبع أهله من الخمير العَلِيث» أي الخبز المخبوز من الشّعير والسّلت. والعَلْث والعُلَاثَة : الخلط. ويقال بالغين المعجمة أيضا.

(علج) [ه] فيه «إنّ الدّعاء ليلقى البلاء فيَعْتَلِجَان» أي يتصارعان.

(ه) ومنه حديث عليّ «أنه بعث رجلين في وجه وقال : إنّكما عِلْجَان فعَالِجَا عن دينكما» العِلْج : الرّجل القويّ الضّخم. وعَالِجَا : أي مارسا العمل الذي ندبتكما إليه واعملا به (١).

وفي حديثه الآخر «ونفى مُعْتَلَجَ الرّيب من الناس» هو من اعْتَلَجَتِ الأمواج إذا التطمت ، أو من اعْتَلَجَتِ الأرض إذا طال نباتها.

وفيه «فأتى عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بأربعة أَعْلَاج من العدوّ» يريد بالعِلْج الرّجل من كفار العجم وغيرهم ، والأَعْلَاج : جمعه ، ويجمع على عُلُوج ، أيضا.

ومنه حديث قتل عمر «قال لابن عباس : قد كنت أنت وأبوك تحبّان أن تكثر العُلُوجُ بالمدينة».

ومنه حديث الأسلميّ «إنّي صاحب ظهر أُعَالِجُه» أي أمارسه وأكارى عليه.

ومنه الحديث «عَالَجْتُ امرأة فأصبت منها».

__________________

(١) زاد الهروي : «ويحتمل أن يكون «إنكما عُلَّجان» بضم العين وتشديد اللام. والعُلَّج ، مشدد اللام ، والعُلَج ، مخفّفه : الصّرّيع من الرجال».

٢٨٦

والحديث الآخر «من كسبه وعِلَاجِه».

وحديث العبد «ولي حرّه وعِلَاجَه» أي عمله.

ومنه حديث سعد بن عبادة «كلّا والذي بعثك بالحقّ إن كنت لأُعَالِجُه بالسّيف قبل ذلك» أي أضربه.

(ه) وحديث عائشة «لمّا مات أخوها عبد الرحمن بطريق مكة فجأة قالت : ما آسى على شيء من أمره إلّا خصلتين : أنه لم يُعَالِجْ ، ولم يدفن حيث مات» أي لم يُعَالِجْ سكرة الموت فيكون كفّارة لذنوبه.

ويروى «لم يُعَالَجْ» بفتح اللام : أي لم يمرّض ، فيكون قد ناله من ألم المرض ما يكفّر ذنوبه.

وفي حديث الدّعاء «وما تحويه عَوَالِجُ الرّمال» هي جمع : عَالِج ، وهو ما تراكم من الرّمل ودخل بعضه في بعض.

(علز) في حديث عليّ «هل ينتظر أهل بضاضة الشّباب إلا عَلَزَ القلق» العَلَز بالتحريك : خفّة وهلع يصيب الإنسان. عَلِزَ بالكسر يَعْلِزُ عَلَزاً. ويروى بالنّون ، من الإعلان : الإظهار.

(علص) (س) فيه «من سبق العاطس إلى الحمد أمن الشَّوْص ، واللَّوْص ، والعِلَّوْصَ» هو وجع في البطن ، وقيل التّخمة.

(علف) (ه) فيه «ويأكلون (١) عِلَافَهَا» هي جمع عَلَف ، وهو ما تأكله الماشية ، مثل جمل وجمال.

(س) وفي حديث بني ناجية «أنهم أهدوا إلى ابن عوف رحالا عِلَافِيَّة» العِلَافِيَّة : أعظم الرّحال ، أوّل من عملها عِلَافٌ ، وهو زبّان (٢) أبو جرم.

__________________

(١) فى ا ، واللسان «وتأكلون» وما أثبتناه من الأصل والفائق ٣ / ٩٤.

(٢) فى الأصل : «ريّان» ، وفى ا : «ربّان» وأثبتنا ما فى اللسان ، والفائق ٢ / ٣٥٤ ، وانظر حواشى ديوان حميد بن ثور ص ٧٧.

٢٨٧

ومنه شعر حميد بن ثور :

ترى العُلَيْفِيَ عليها مُوكَدَا

العُلَيْفِيّ تصغير ترخيم (١) للعِلَافِيِ ، وهو الرّحل المنسوب إلى عِلَاف.

(علق) (ه) فيه «جاءته امرأة بابن لها قالت : وقد أَعْلَقْتُ عنه من العذرة ، فقال : عَلَامَ تدغرن أولادكنّ بهذه العُلُق؟» وفي رواية «بهذا العِلَاق» وفي أخرى «أَعْلَقْتُ عليه».

الإِعْلَاق : معالجة عذرة الصّبيّ ، وهو وجع في حلقه وورم تدفعه أمّه بأصبعها أو غيرها. وحقيقة أَعْلَقْتُ عنه : أزلت العَلُوق عنه ، وهي الدّاهية. وقد تقدّم مبسوطا في العذرة.

قال الخطّابي : المحدّثون يقولون : «أَعْلَقْتُ عليه» وإنما هو «أَعْلَقْتُ عنه (٢)» : أي دفعت عنه. ومعنى أَعْلَقْتُ عليه : أوردت عليه العَلُوق ، أي ما عذّبته به من دغرها.

ومنه قولهم «أَعْلَقْتُ عليّ» إذا أدخلت يدي في حلقي أتقيّأ.

وجاء في بعض الرّوايات «العِلَاق» وإنما المعروف «الإِعْلَاق» وهو مصدر أَعْلَقْتُ ، فإن كان العِلَاق الاسم فيجوز ، وأمّا العُلُق فجمع عَلُوق.

(ه) وفي حديث أم زرع «إن أنطق أُطَلَّقْ ، وإن أسكت أُعَلَّقْ» أي يتركني كالمُعَلَّقَة ، لا ممسكة ولا مطلّقة.

(س) وفيه «فعَلِقَتِ الأعرابُ به» أي نشبوا وتَعَلَّقُوا. وقيل : طفقوا.

ومنه الحديث «فعَلِقُوا وجهه ضربا» أي طفقوا وجعلوا يضربونه.

(س) وفي حديث حليمة «ركبت أتانا لي فخرجت أمام الرّكب حتى ما يَعْلَقُ بها أحد منهم» أي ما يتّصل بها ويلحقها.

وفي حديث ابن مسعود «أن أميرا بمكة كان يسلّم تسليمتين ، فقال : أَنَّى عَلِقَها؟ فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يفعلها» أي من أين تعلّمها ، وممنّ أخذها؟

__________________

(١) فى ا : «تصغير تعظيم».

(٢) قال الهروى : «وقد تجىء على بمعنى عن. قال الله عزوجل : «الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ» أى عنهم».

٢٨٨

(ه) وفيه «أنه قال : أدّوا العَلَائِق ، قالوا : يا رسول الله ، وما العَلَائِق؟» وفي رواية في قوله تعالى : «(وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) ، قيل يا رسول الله : فما العَلَائِق بينهم؟ قال : ما تراضى عليه أهلوهم» العَلَائِق : المهور ، الواحدة : عَلَاقَة (١) ، وعَلَاقَة المهر : ما يَتَعَلَّقُون به على المتزوّج.

(س) وفيه «فعَلِقت منه كلّ مَعْلَق» أي أحبّها وشغف بها. يقال : عَلِقَ بقلبه عَلَاقَة ، بالفتح ، وكلّ شيء وقع موقعه فقد عَلِقَ مَعَالِقَه.

وفيه «من تَعَلَّقَ شيئا وُكِلَ إليه» أي من عَلَّقَ على نفسه شيئا من التعاويد والتّمائم وأشباهها معتقدا أنها تجلب إليه نفعا ، أو تدفع عنه ضرّا.

(س) وفي حديث سعد بن أبي وقّاص.

عين فابكى سامة بن لؤىّ

فقال رجل :

عَلِقَتْ بِسَامَةَ العَلَاقَهْ (٢)

هي بالتشديد : المنيّة ، وهي العَلُوق أيضا.

وفي حديث المقدام «أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : إنّ الرجل من أهل الكتاب يتزوّج المرأة وما يَعْلَقُ على يديها الخيط ، وما يرغب واحد عن صاحبه حتّى يموتا هرما» قال الحربىّ : يقول من صغرها وقلّة رفقها ، فيصبر عليها حتى يموتا هرما. والمراد حثّ أصحابه على الوصيّة بالنّساء والصّبر عليهنّ : أي أنّ أهل الكتاب يفعلون ذلك بنسائهم.

(ه) وفيه «إنّ أرواح الشّهداء في حواصل طير خضر تَعْلُقُ من ثمار الجنة» أي تأكل. وهو فى الأصل للإبل إذا أكلت العضاه. يقال عَلَقَتْ تَعْلُقُ عُلُوقاً ، فنقل إلى الطّير.

(ه) وفيه «ويجتزئ بالعُلْقَة» ) أي يكتفي بالبلغة من الطّعام.

__________________

(١) بفتح العين ، كما فى القاموس.

(٢) انظر اللسان (علق ـ فوق).

(٣) فى الأصل : «فتجتزئ ... أي تكتفى» وفي اللسان والهروى : «وتجتزئ» وأثبتنا ما فى ا والفائق ١ / ٦٧٥ وقد أخرجه الزمخشرى من صفة النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

٢٨٩

ومنه حديث الإفك «وإنّما يأكلن العُلْقَة من الطّعام».

وفي حديث سريّة بني سليم «فإذا الطّير ترميهم بالعَلَق» أي بقطع الدم ، الواحدة : عَلَقَة.

ومنه حديث ابن أبي أوفى «أنه بزق عَلَقَةً ثم مضى في صلاته» أي قطعة دم منعقد.

(س) وفي حديث عامر «خير الدّواء العَلَق والحجامة» العَلَق : دويبّة حمراء تكون في الماء تَعْلَق بالبدن وتمصّ الدّم ، وهي من أدوية الحلق والأورام الدّمويّة ، لامتصاصها الدم الغالب على الإنسان.

وفي حديث حذيفة «فما بال هؤلاء الذين يسرقون أَعْلَاقَنا» أي نفائس أموالنا ، الواحد : عِلْق ، بالكسر. قيل : سمّي به لتَعَلُّقِ القلب به.

(ه) وفي حديث عمر «إنّ الرجل ليغالي بصداق امرأته حتى يكون ذلك لها في قلبه عداوة ، يقول : جشمت (١) إليك عَلَق القربة» أي تحمّلت لأجلك كلّ شيء حتى عَلَق القربة. وهو حبلها الذي تُعَلَّق به. ويروى بالراء. وقد تقدم.

(ه) وفي حديث أبي هريرة «رئي وعليه إزار فيه عَلْق ، وقد خيّطه بالأصطبّة» العَلْق : الخرق ، وهو أن يمرّ بشجرة أو شوكة فتَعْلَق بثوبه فتخرقه.

(علك) (س) فيه «أنه مرّ برجل وبرمته تفور على النّار ، فتناول منها بضعة فلم يزل يَعْلِكُها حتى أحرم في الصلاة» أي يمضغها ويلوكها.

(ه) وفيه «أنه سأل جريرا عن منزله ببيشة فقال : سهل ود كداك ، وحمض وعَلَاك» العَلَاك بالفتح : شجر ينبت بناحية الحجاز ، ويقال له : العَلَك أيضا. ويروى بالنون وسيذكر.

(علكم) في قصيد كعب :

غلباء وجناء عُلْكُوم مذكّرة

في دفّها سعة قدّامها ميل

العُلْكُوم : القويّة الصّلبة ، يصف النّاقة.

__________________

(١) رواية الهروى : «وقد كلّفت إليك ...».

٢٩٠

(علل) (ه) فيه «أتي بعُلَالَة الشّاة فأكل منها» أي بقيّة لحمها ، يقال لبقيّة الّلبن في الضّرع ، وبقيّة قوّة الشيخ ، وبقيّة جرى الفرس : عُلَالَة ، وقيل : عُلَالَة الشّاة : ما يَتَعَلَّلُ به شيئا بعد شيء ، من العَلَل : الشّراب بعد الشّرب.

ومنه حديث عقيل بن أبي طالب «قالوا فيه بقيّة من عُلَالَة» أي بقيّة من قوّة الشيخ.

ومنه حديث أبي حثمة يصف التّمر «تَعِلَّةُ الصّبيّ وقِرَى الضّيف» أي ما يُعَلَّل به الصبي ليسكت.

(س) وفي حديث عليّ «من جزيل عطائك المَعْلُول» يريد أنّ عطاء الله مضاعف ، يَعُلُ به عباده مرّة بعد أخرى.

ومنه قصيد كعب :

كأنّه منهل بالرّاح مَعْلُول

(س) ومنه حديث عطاء أو النّخعيّ في رجل ضرب بالعصا رجلا فقتله قال : «إذا عَلَّه ضربا ففيه القود» أي إذا تابع عليه الضّرب ، من عَلَلِ الشُّرب.

(ه) وفيه «الأنبياء أولاد عَلَّاتٍ» أولاد العَلَّات : الذين أمّهاتهم مختلفة وأبوهم واحد. أراد أنّ إيمانهم واحد وشرائعهم مختلفة.

[ه] ومنه حديث عليّ «يتوارث بنو الأعيان من الإخوة دون بني العَلَّات» أي يتوارث الإخوة للأب والأم ، وهم الأعيان ، دون الإخوة للأب إذا اجتمعوا معهم. وقد تكرر في الحديث.

وفي حديث عائشة «فكان عبد الرحمن يضرب رجلي بعِلَّة الرّاحلة» أي بسبها ، يظهر أنه يضرب جنب البعير برجله ، وإنّما يضرب رجلي.

(ه) وفي حديث عاصم بن ثابت.

ما عِلَّتي وأنا جلد نابل

أي ما عذري في ترك الجهاد ومعي أهبة القتال؟ فوضع العِلَّة موضع العذر.

٢٩١

(علم) في أسماء الله تعالى «الْعَلِيمُ» هو العالم المحيط علمه بجميع الأشياء ظاهرها وباطنها ، دقيقها وجليلها ، على أتمّ الإمكان. وفعيل من أبنية المبالغة.

(ه) وفيه ذكر «الأيّام المَعْلُومات» هي عشر ذي الحجّة ، آخرها يوم النّحر.

(ه) وفيه «تكون الأرض يوم القيامة كقرصة النّقيّ ، ليس فيها مَعْلَمٌ لأحد» المَعْلَم : ما جعل عَلَامَة للطّرق والحدود ، مثل أَعْلَام الحرم ومَعَالِمه المضروبة عليه. وقيل : المَعْلَم : الأثر ، والعَلَم : المنار والجبل.

ومنه الحديث «لينزلنّ إلى جنب عَلَم».

(س) وفي حديث سهيل بن عمرو «أنه كان أَعْلَمَ الشّفة» الأَعْلَم : المشقوق الشّفة العليا ، والشّفة عَلْمَاء.

وفي حديث ابن مسعود «إنك غُلَيِّم مُعَلَّم» أي ملهم للصّواب والخير ، كقوله تعالى «مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ» أي له من يُعَلِّمُه.

وفي حديث الدّجّال «تَعَلَّمُوا أنّ ربّكم ليس بأعور».

والحديث الآخر «تَعَلَّمُوا أنه ليس يرى أحد منكم ربّه حتى يموت» قيل (١) هذا وأمثاله بمعنى اعْلَمُوا.

(ه) وفي حديث الخليل عليه‌السلام أنه يحمل أباه ليجوز به الصّراط ، فينظر إليه فإذا هو عَيْلَامٌ أمدرُ» العَيْلَام : ذكر الضّباع ، والياء والألف زائدتان.

(س) وفي حديث الحجّاج «قال لحافر البئر : أَخْسَفْتَ أم أَعْلَمْتَ؟» يقال : أَعْلَم الحافر إذا وجد البئر عَيْلَماً : أي كثيرة الماء ، وهو دون الخسف.

(علن) في حديث الملاعنة «تلك امرأة أَعْلَنَتْ» الإِعْلَان في الأصل : إظهار الشيء ، والمراد به أنّها كانت قد أظهرت الفاحشة. وقد تكرر ذكر الإِعْلَان والاسْتِعْلَان في الحديث.

__________________

(١) فى ا : «كلّ».

٢٩٢

ومنه حديث الهجرة «ولا يَسْتَعْلِنُ به ولسنا بمقرّين له» الاسْتِعْلَان : أي الجهر بدينه وقراءته.

(علند) (ه) في حديث سطيح.

تجوب بي الأرض عَلَنْدَاةٌ شجن

العَلَنْدَاة : القويّة من النّوق.

(علهز) في دعائه عليه‌السلام على مضر «اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف ، فابتُلُوا بالجوع حتى أكلوا العِلْهِز» هو شيء يتّخذونه في سني (١) المجاعة ، يخلطون الدّم بأوبار الإبل ثم يشوونه بالنّار ويأكلونه. وقيل : كانوا يخلطون فيه القردان. ويقال للقراد الضّخم : عِلْهِز. وقيل : العِلْهِز شيء ينبت ببلاد بني سليم له أصل كأصل البردىّ.

(ه) ومنه حديث الاستسقاء.

ولا شيء ممّا يأكل الناس عندنا

سوى الحنظل العاميّ والعِلْهِز الفسل

وليس لنا إلّا إليك فرارنا

وأين فرار النّاس إلّا إلى الرّسل

ومنه حديث عكرمة «كان طعام أهل الجاهلية العِلْهِز».

(علا) [ه] في أسماء الله تعالى «(الْعَلِيُ) والْمُتَعالِ» فالعَلِيّ : الذي ليس فوقه شيء في المرتبة (٢) والحكم ، فعيل بمعنى فاعل ، من عَلَا يَعْلُو.

والمُتَعَالِي : الذي جلّ عن إفك المفترين وعلا شأنه. وقيل : جلّ عن كلّ وصف وثناء. وهو متفاعل من العُلُوّ ، وقد يكون بمعنى العَالِي.

(س) وفي حديث ابن عباس «فإذا هو يَتَعَلَّى (٣) عنّي» أي يترفّع عليّ.

(س) وحديث سبيعة «فلمّا تَعَلَّتْ من نفاسها» ويروى «تَعَالَت» : أي ارتفعت وطهرت. ويجوز أن يكون من قولهم : تَعَلَّى الرجل من عِلَّتِهِ إذا برأ : أي خرجت من نفاسها وسلمت.

__________________

(١) فى الأصل : «سنين» وأثبتنا ما فى ا ، واللسان والهروى.

(٢) فى ا : «الرّتبة».

(٣) فى ا : «يتعالى».

٢٩٣

(س) وفيه «اليد العُلْيَا خير من اليد السّفلى» العُلْيَا : المتعفّفة ، والسّفلى : السّائلة ، روي ذلك عن ابن عمر ، وروي عنه أنها المنفقة. وقيل : العُلْيَا : المعطية ، والسّفلى : الآخذة. وقيل : السّفلى : المانعة.

(ه) وفيه «إنّ أهل الجنة ليتراءون أهل عِلِّيِّين كما ترون الكوكب الدّرّي في أفق السماء» عِلِّيُّون : اسم للسماء السابعة. وقيل : هو اسم لديوان الملائكة الحفظة ، ترفع إليه أعمال الصالحين من العباد.

وقيل : أراد أَعْلَى الأمكنة وأشرف المراتب وأقربها من الله في الدار الآخرة. ويعرب بالحروف والحركات كقنّسرين وأشباهها ، على أنه جمع أو واحد.

(ه) وفي حديث ابن مسعود «فلمّا وضعت رجلي على مذمّر أبي جهل قال : أَعْلِ عَنِّج» أي تنحّ عنّي. يقال : أَعْلِ عن الوسادة وعَالِ عنها : أي تنحّ ، فإذا أردت أن يَعْلُوها قلت : اعْلُ على الوسادة ، وأراد بعنّج : عنّي ، وهي لغة قوم يقلبون الياء في الوقف جيما.

(س) ومنه حديث أحد «قال أبو سفيان لمّا انهزم المسلمون وظهروا عليهم : اعْلُ هبل ، فقال عمر : الله أَعْلَى وأجلّ ، فقال لعمر : أنعمت ، فعَالِ عنها» كان الرجل من قريش إذا أراد ابتداء أمر عمد إلى سهمين فكتب على أحدهما : نعم ، وعلى الآخر : لا ، ثمّ يتقدّم إلى الصّنم ويجيل سهامه ، فإن خرج سهم نعم أقدم ، وإن خرج سهم لا امتنع. وكان أبو سفيان لمّا أراد الخروج إلى أُحُدٍ استَفْتَى هبلَ ، فخرج له سهم الإنعام ، فذلك قوله لعمر : «أنعمت ، فعَالِ عنها» : أي تجاف عنها ولا تذكرها بسوء ، يعنى آلهتهم.

(س) وفي حديث قيلة «لا يزال كعبك عَالِياً» أي لا تزالين شريفة مرتفعة على من يعاديك.

وفي حديث حمنة بنت جحش «كانت تجلس في المركن ثم تخرج وهي عَالِيَةُ الدّم» أي يَعْلُو دمها الماء.

(س) وفي حديث ابن عمر «أخذت بعَالِيَة رمح» هي ما يلي السّنان من القناة ، والجمع : العَوَالِي.

٢٩٤

(س) وفيه ذكر «العَالِيَة والعَوَالِي» في غير موضع من الحديث. وهي أماكن بأَعْلَى أراضي المدينة ، والنّسبة إليها : عُلْوِيّ ، على غير قياس ، وأدناها من المدينة على أربعة أميال ، وأبعدها من جهة نجد ثمانية.

ومنه حديث ابن عمر «وجاء أعرابيّ عُلْوِيٌ جاف».

وفي حديث عمر «فارتقى عُلِّيَّة» هي بضم العين وكسرها : الغرفة ، والجمع : العَلَالِي.

(س) وفي حديث معاوية «قال للبيد الشاعر : كم عطاؤك؟ قال : ألفان وخمسمائة. فقال : ما بال العِلَاوَة بين الفودين!» العِلَاوَة : ما عُولِيَ فوق الحمل وزيد عليه.

ومنه «ضرب عِلَاوَته» أي رأسه. والفَوْدَان : العدلان.

(س) وفي حديث عطاء في مهبط آدم عليه‌السلام «هبط بالعَلَاة» وهي السّندان.

(س) وفي شعر العباس رضي‌الله‌عنه ، يمدح النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

حتّى احتوى بيتك المهيمن من

خندف عَلْيَا تحتها النّطق

عَلْيَاء : اسم للمكان المرتفع كاليفاع (١) ، وليست بتأنيث الأَعْلَى لأنّها جاءت منكّرة ، وفعلاء أفعل يلزمها التّعريف.

وفيه ذكر «العُلَى» بالضّم والقصر : موضع من ناحية وادي القرى ، نزله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في طريقه إلى تبوك. وفيه مسجد.

(س) وفيه «تَعْلُو عنه العين» أي تنبو عنه ولا تلصق به.

ومنه حديث النجاشي «وكانوا بهم أَعْلَى عينا» أي أبصر بهم وأعلم بحالهم.

(س) وفيه «من صام الدّهر ضيّقت عَلَيْهِ جهنم» حمل بعضهم هذا الحديث على ظاهره ، وجعله عقوبة لصائم الدهر ، كأنه كره صوم الدهر ، ويشهد لذلك منعه عبد الله بن عمرو عن صوم الدهر وكراهيته له ، وفيه بعد ، لأنّ صوم الدهر بالجملة قربة ، وقد صامه جماعة من الصحابة والتابعين ، فما يستحق فاعله تضييق جهنم عليه.

__________________

(١) فى الأصل : «كالبقاع». والتصحيح من ا ، واللسان ، والفائق ١ / ١٠٣.

٢٩٥

وذهب آخرون إلى أن «عَلَى» هاهنا بمعنى عن : أي ضيّقت عنه فلا يدخلها ، وعن وعلى يتداخلان.

(س) ومنه حديث أبي سفيان «لولا أن يأثروا عَلَيَ الكذب لكذبت» أى يرووا عني.

ومنه حديث زكاة الفطر «عَلَى كلّ حرّ وعبد صاع» وقيل : «عَلَى» بمعنى مع ، لأنّ العبد لا تجب عليه الفطرة ، وإنّما تجب على سيّده ، وهو في العربيّة كثير.

ومنه الحديث «فإذا انقطع مِن عَلَيْهَا رجع إليه الإيمان» أي من فوقها. وقيل : من عندها.

(س) وفيه «عَلَيْكُم بكذا» أي افعلوه ، وهو اسم للفعل بمعنى خذ. يقال : عَلَيْك زيدا ، وعَلَيْك بزيد : أي خذ. وقد تكرر في الحديث.

(باب العين مع الميم)

(عمد) (ه) في حديث أم زرع «زوجي رفيع العِمَاد» أرادت عِمَاد بيت شرفه ، والعرب تضع البيت موضع الشّرف في النّسب والحسب. والعِمَاد والعَمُود : الخشبة التي يقوم عليها البيت.

(ه) ومنه حديث عمر «يأتي به أحدهم على عَمُود بطنه» أراد به ظهره ، لأنه يمسك البطن ويقوّيه ، فصار كالعَمُود له. وقيل : أراد أنه يأتي به على تعب ومشقّة ، وإن لم يكن ذلك الشيء على ظهره ، وإنما هو مثل.

وقيل : عَمُود البطن : عرق يمتدّ من الرّهابة إلى دوين السّرّة ، فكأنّما حمله عليه.

(ه) وفي حديث ابن مسعود «إنّ أبا جهل قال لمّا قتله : أَعْمَدُ مِن رَجُل (١) قتله قومه» أي هل زاد على رجل (٢) قتله قومه ، وهل كان إلّا هذا؟ أي إنّه ليس بعار.

__________________

(١) فى الهروى واللسان : «سيّد».

(٢) فى الهروى واللسان : «سيّد».

٢٩٦

وقيل : أَعْمَدُ بمعنى أعجب ، أي أعجب من رجل قتله قومه. تقول : أنا أَعْمَدُ من كذا : أي أعجب منه.

وقيل : أَعْمَدُ بمعنى أغضب ، من قولهم : عَمِدَ عليه إذا غضب.

وقيل : معناه : أتوجّع وأشتكي ، من قولهم : عَمِدَنِي الأمر فَعَمِدْتُ : أي أوجعني فوجعت. والمراد بذلك كلّه أن يهوّن على نفسه ما حلّ به من الهلاك ، وأنه ليس بعار عليه أن يقتله قومه.

(ه) وفي حديث عمر «إنّ نادبته قالت : وا عمراه.! أقام الأود وشفى العَمَد» العَمَد بالتّحريك : ورم ودبر يكون في الظّهر ، أرادت أنه أحسن السّياسة.

ومنه حديث عليّ «لله بلاء فلان فلقد قوّم الأود وداوى العَمَد».

وفي حديثه الآخر «كم أداريكم كما تُدارَى البِكَار العَمِدَة» البِكَار : جمع بكر ، وهو الفتيُّ من الإبل ، والعَمِدَة من العَمَد : الورم والدّبر. وقيل : العَمِدَة التي كسرها ثقل حملها.

وفي حديث الحسن وذكر طالب العلم «وأَعْمَدَتَاه رجلاه» أي صيّرتاه عَمِيداً ، وهو المريض الذي لا يستطيع أن يثبت على المكان حتّى يُعْمَدَ من جوانبه ، لطول اعْتِمَادِه في القيام عليهما. يقال : عَمَدْتُ الشيءَ : أقمته ، وأَعْمَدْتُه : جعلت تحته عِمَاداً. وقوله : «أَعْمَدَتَاه رجلاه» على لغة من قال : أكلوني البراغيث ، وهي لغة طيّ.

(عمر) (س) فيه ذكر «العُمْرَة والاعْتِمَار» في غير موضع. العُمْرَة : الزّيارة. يقال : اعْتَمَر فهو مُعْتَمِر : أي زار وقصد ، وهو في الشّرع : زيارة البيت الحرام بشروط مخصوصة مذكورة في الفقه.

ومنه حديث الأسود «قال : خرجنا عُمَّارا فلمّا انصرفنا مررنا بأبي ذر ، فقال : أحلقتم الشّعث وقضيتم التّفث؟» عُمَّارا : أي مُعْتَمِرِين.

قال الزمخشري : «ولم يجئ فيما أعلم عَمَرَ بمعنى اعْتَمَرَ ، ولكن عَمَرَ الله إذا عبده ، وعَمَرَ فلان ركعتين إذا صلّاهما ، وهو يَعْمُرُ ربّه : أي يصلّي ويصوم ، فيحتمل أن يكون العُمَّار جمع عَامِر

٢٩٧

من عَمَرَ بمعنى اعْتَمَرَ وإن لم نسمعه ، ولعلّ غيرنا نسمعه ، وأن يكون ممّا استعمل منه بعض التّصاريف دون بعض ، كما قيل : يذر ويدع وينبغي ، في المستقبل دون الماضي ، واسمي الفاعل والمفعول».

(ه) وفيه «لا تُعْمِرُوا ولا ترقبوا ، فمن أُعْمِرَ شيئا أو أُرْقِبَه فهو له ولورثته من بعده» وقد تكرر ذكر العمرى والرّقبى في الحديث. يقال : أَعْمَرْتُه الدار عُمْرَى : أي جعلتها له يسكنها مدّة عُمْرِه ، فإذا مات عادت إليَّ ، وكذا كانوا يفعلون في الجاهلية ، فأبطل ذلك وأعلمهم أنّ من أُعْمِرَ شيئا أو أرقبه في حياته فهو لورثته من بعده. وقد تعاضت الروايات على ذلك. والفقهاء فيها مختلفون ، فمنهم من يعمل بظاهر الحديث ويجعلها تمليكا ، ومنهم من يجعلها كالعاريّة ويتأوّل الحديث.

(ه) وفيه «أنه اشترى من أعرابي حمل خبط ، فلمّا وجب البيع قال له : اختر ، فقال له الأعرابي : عَمْرَكَ اللهَ بَيِّعا (١) أي أسأل الله تَعْمِيرك وأن يطيل عُمْرَك. والعَمْر بالفتح. العُمْر ، ولا يقال في القسم إلّا بالفتح ، وبيّعا : منصوب على التميز : أي عَمْرَكَ اللهَ من بيّع.

ومنه حديث لقيط «لَعَمْرُ إلهك» هو قَسَم ببقاء الله ودوامه ، وهو رفع بالابتداء ، والخبر محذوف تقديره : لَعَمْرُ الله قسمي ، أو ما أقسم به ، واللّام للتّوكيد ، فإن لم تأت باللام نصبته نصب المصادر فقلت : عَمْرَ اللهَ ، وعَمْرَك اللهَ. أي بإقرارك لله وتَعْمِيرك له بالبقاء.

وفي حديث قتل الحيّات «إنّ لهذه البيوت عَوَامِرَ ، فإذا رأيتم منها شيئا فحرّجوا عليه ثلاثا» العَوَامِر : الحيّات التي تكون في البيوت ، واحدها : عَامِر وعَامِرَة. وقيل : سمّيت عَوَامِر لطول أَعْمَارها.

(ه) وفي حديث محمد بن مسلمة ومحاربته مرحبا «ما رأيت حربا بين رجلين قبلهما

__________________

(١) الذي في الهروي : «عمرك الله من أنت؟ وفي رواية أخرى «عمّرك الله بيّعا» قال الأزهرى أراد : عمّرك الله من بيّع».

٢٩٨

مثلهما (١) قام كلّ واحد منهما إلى صاحبه عند شجرة عُمْرِيَّة يلوذ بها» هي : العظيمة القديمة التي أتى عليها عُمْر طويل. ويقال للسّدر العظيم النّابت على الأنهار : عُمْرِيٌ وعُبْرِيٌّ على التّعاقب.

(س) وفيه «أنه كتب لعَمَائِر كلب وأحلافها كتابا» العَمَائِر : جمع عَمَارَة بالفتح والكسر ، وهي فوق البطن من القبائل : أوّلها الشّعب ، ثم القبيلة ، ثم العَمَارة ، ثم البطن ، ثم الفخذ. وقيل : العَمَارَة : الحيّ العظيم يمكنه الانفراد بنفسه ، فمن فتح فلالتفاف بعضهم على بعض كالعَمَارَة : العمامة ، ومن كسر فلأنّ بهم عِمَارة الأرض.

(ه) وفيه «أوصاني جبريل بالسّواك حتى خشيت على عُمُورِي» العُمُور : منابت الأسنان واللّحم الذي بين مغارسها ، الواحد : عَمْر بالفتح ، وقد يضم.

(ه) وفيه «لا بأس أن يصلّي الرجل على عَمَرَيْه» هما طرفا الكمّين فيما فسّره الفقهاء ، وهو بفتح العين والميم ، ويقال : اعْتَمَرَ الرجل إذا اعتمّ بعمامة ، وتسمّى العمامة العَمَارَة بالفتح.

(عمرس) (س) في حديث عبد الملك بن مروان «أين أنت من عُمْرُوسٍ راضع!» العُمْرُوس بالضم : الخروف ، أو الجدي إذا بلغا العدو ، وقد يكون الضّعيف ، وهو من الإبل ما قد سمن وشبع وهو راضع بعد.

(عمس) في حديث عليّ «ألا وإنّ معاوية قاد لُمّة من الغواة وعَمَسَ عليهم الخبر» العَمْس : أن ترى أنك لا تعرف الأمر ، وأنت به عارف. ويروى بالغين المعجمة.

وفيه ذكر «عَمِيس» بفتح العين وكسر الميم ، وهو واد بين مكة والمدينة ، نزله النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في ممرّه إلى بدر.

(عمق) فيه لو تمادى لي الشّهر لواصلت وصالا يدع المُتَعَمِّقُون تَعَمُّقَهُم» المُتَعَمِّق : المبالغ في الأمر المتشدّد فيه ، الذي يطلب أقصى غايته. وقد تكرر في الحديث.

__________________

(١) فى الأصل : «مثلها» والمثبت من ا ، واللسان ، والهروى.

٢٩٩

وفيه ذكر «العُمَق» بضم العين وفتح الميم ، وهو منزل عند النّقرة لحاجّ العراق. فأما بفتح العين وسكون الميم فواد من أودية الطّائف ، نزله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لمّا حاصرها.

(عمل) في حديث خيبر «دفع إليهم أرضهم على أن يَعْتَمِلُوها من أموالهم» الاعْتِمَال : افتعال ، من العَمَل : أي أنّهم يقومون بما تحتاج إليه من عمارة وزراعة وتلقيح وحراسة ، ونحو ذلك.

(س) وفيه «ما تركت بعد نفقة عيالي ومؤنة عَامِلِي صدقة» أراد بعياله زوجاته ، وبعَامِلِه الخليفة بعده. وإنما خص أزواجه لأنه لا يجوز نكاحهنّ فجرت لهنّ النّفقة ، فإنّهنّ كالمعتدّات.

والعَامِل : هو الذي يتولّى أمور الرجل في ماله وملكه وعَمَلِه ، ومنه قيل للذي يستخرج الزكاة : عَامِل. وقد تكرر في الحديث. والذي يأخذه العَامِل من الأجرة يقال له : عُمَالَة بالضم.

ومنه حديث عمر «قال لابن السّعدي : خذ ما أعطيت فإني عَمِلْتُ على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فعَمَّلَنِي» أي أعطاني عُمَالَتِي وأجرة عَمَلِي. يقال منه : أَعْمَلْتُه وعَمَّلْتُه. وقد يكون عَمَّلْتُه بمعنى ولّيته وجعلته عَامِلا.

وفيه «سئل عن أولاد المشركين فقال : الله أعلم بما كانوا عَامِلِين» قال الخطّابي : ظاهر هذا الكلام يوهم أنه لم يفت السائل عنهم ، وأنّه ردّ الأمر في ذلك إلى علم الله تعالى ، وإنما معناه أنّهم ملحقون في الكفر بآبائهم ، لأنّ الله تعالى قد علم أنّهم لو بقوا أحياء حتى يكبروا لعَمِلُوا عَمَل الكفّار. ويدلّ عليه حديث عائشة رضي‌الله‌عنها «قلت : فذراري المشركين؟ قال : هم من آبائهم ، قلت : بلا عَمَل؟ قال : الله أعلم بما كانوا عَامِلِين».

وقال ابن المبارك : فيه أنّ كل مولود إنما يولد على فطرته التي ولد عليها من السعادة والشّقاوة ،

٣٠٠