النّهاية - ج ٣

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٣

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: طاهر احمد الزاوي ومحمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤٨٨

(س) وفي حديث مرحب «أنّ محمد بن مسلمة بارزة فدخلت بينهما شجرة من شجر العُشَر» هو شجر له صمغ يقال له : سكّر العُشَر. وقيل : له ثمر.

(س) ومنه حديث ابن عمير «قرص برّيّ بلبن عُشَرِيّ» أي لبن إبل ترعى العُشَرَ ، وهو هذا الشجر.

(عشش) (ه) في حديث أم زرع «ولا تملأ بيتنا تَعْشِيشاً» أي أنها لا تخوننا في طعامنا فتخبأ منه في هذه الزّاوية وفي هذه الزاوية ، كالطّيور إذا عَشَّشَت في مواضع شتّى. وقيل : أرادت لا تملأ بيتنا بالمزابل كأنه عُشُ طائر. ويروى بالغين المعجمة.

(ه) وفي خطبة الحجّاج «ليس هذا بعُشِّك فادرجي» أراد عُشَّ الطائر. وقد تقدم في الدال.

(عشم) (ه) فيه «إنّ بلدتنا باردة عَشَمَة» أي يابسة ، وهو من عَشِم الخبز إذا يبس وتكرّج.

ومنه حديث عمر «أنه وقفت عليه المرأة عَشَمَة بأهدام لها» أي عجوز قحلة يابسة. ويقال للرجل أيضا : عَشَمة.

ومنه حديث المغيرة «أنّ امرأة شكت إليه بعلها فقالت : فرّق بيني وبينه ، فو الله ما هو إلّا عَشَمة من العَشَم».

(ه) وفيه «أنه صلّى في مسجد بمنى فيه عَيْشُومة» هي نبت دقيق طويل محدّد الأطراف كأنه الأسل ، يتّخذ منه الحصر الدّقاق. ويقال إن ذلك المسجد يقال له مسجد العَيْشُومة ، فيه عيشومة خضراء أبدا في الجدب والخصب. والياء زائدة.

[ه] ومنه الحديث «لو ضربك فلان بأمصوخة عَيْشُومة» الأمصوخة : الخوصة من خوص الثّمام وغيره.

(عشنق) (ه) في حديث أم زرع «زوجي العَشَنَّق» هو الطويل الممتدّ القامة ، أرادت أن له منظرا بلا مخبر ، لأن الطّول في الغالب دليل السّفه. وقيل : هو السَّيِّئ الخلق.

٢٤١

(عشا) (ه) فيه «احمدوا الله الذي رفع عنكم العَشْوَة» يريد ظلمة الكفر. والعُشْوَة بالضم والفتح والكسر : الأمر الملتبس ، وأن يركب أمرا بجهل لا يعرف وجهه ، مأخوذ من عَشْوَة الليل ، وهي ظلمته. وقيل : هي من أوّله إلى ربعه.

(س) ومنه الحديث «حتى ذهب عَشْوَةٌ من اللّيل».

(ه) ومنه حديث ابن الأكوع «فأخذ عليهم بالعَشْوَة» أي بالسّواد من الليل ، ويجمع على عَشَوَات.

ومنه حديث عليّ «خبّاط عَشَوَات» أي يخبط في الظّلام والأمر الملتبس فيتحيّر.

[ه] وفيه «أنّه عليه الصلاة والسلام كان في سفر فاعْتَشَى في أوّل الليل» أي سار وقت العِشَاء ، كما يقال : استحر وابتكر (١).

وفيه «صلى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إحدى صلاتي العَشِيِ فسلم من اثنتين» يريد صلاة الظّهر أو العصر ، لأن ما بعد الزّوال إلى المغرب عَشِيّ. وقيل : العَشِيّ من زوال الشمس إلى الصباح. وقد تكرر في الحديث.

وقيل لصلاة المغرب والعَشَاء : العَشَاآن ، ولما بين المغرب والعتمة : عِشَاءٌ.

(س) ومنه الحديث «إذا حضر العَشَاء والعِشَاء فابدأوا بالعَشَاء» العَشَاء بالفتح : الطّعام الذي يؤكل عند العِشَاء. وأراد بالعِشَاء صلاة المغرب. وإنما قدّم العَشَاء لئلا يشتغل به قلبه في الصلاة. وإنما قيل : إنها المغرب لأنها وقت الإفطار ، ولضيق وقتها.

وفي حديث الجمع بعرفة «صلّى الصّلاتين كلّ صلاة وحدها والعَشَاء بينهما» أي أنه تَعَشَّى بين الصّلاتين.

(ه) وفي حديث ابن عمر «أن رجلا سأله فقال : كما لا ينفع مع الشّرك عمل فهل يضرّ مع الإسلام (٢) ذنب؟ فقال ابن عمر : عَشِ ولا تغترّ ، ثم سأل ابن عباس فقال مثل ذلك» هذا

__________________

(١) بعد هذا فى الهروى : وقال الأزهرى : صوابه «فأغفى أوّل الليل».

(٢) فى الهروى واللسان «الإيمان».

٢٤٢

مثل للعرب تضربه في التّوصية بالاحتياط والأخذ بالحزم. وأصله أن رجلا أراد أن يقطع بإبله مفازة ولم يُعَشِّها ، ثقة على ما فيها من الكلأ ، فقيل له : عَشِ إبلك قبل الدخول فيها ، فإن كان فيها كلأ لم يضرّك ، وإن لم يكن كنت قد أخذت بالحزم. أراد ابن عمر : اجتنب الذّنوب ولا تركبها ، وخذ بالحزم ولا تتّكل على إيمانك.

(س) وفي حديث ابن عمير «ما من عَاشِيَة أشدّ أنقا ولا أطول شبعا من عالم من علم» العَاشِيَة : التي ترعى بالعَشِيِّ من المواشي وغيرها. يقال : عَشِيَتِ الإبل وتَعَشَّت ، المعنى أن طالب العلم لا يكاد يشبع منه ، كالحديث الآخر «منهومان لا يشبعان : طالب علم وطالب دنيا».

وفي كتاب أبي موسى «ما من عَاشِيَة أدوم أنقا ولا أبعد ملالا من عَاشِيَة علم» وفسّره فقال : العَشْو : إتيانك نارا ترجو عندها خيرا. يقال : عَشَوْتُه أَعْشُوه فأنا عَاشٍ من قوم عَاشِيَة ، وأراد بالعَاشِيَة هاهنا : طالبي العلم الرّاجين خيره ونفعه.

(ه) وفي حديث جندب الجهنيّ «فأتينا بطن الكديد فنزلنا عُشَيْشِيَة» هي تصغير عَشِيَّة على غير قياس ، أبدل من الياء الوسطى شين كأن أصلها : عُشَيِّيَة. يقال : أتيته عُشَيْشِيَة ، وعُشَيَّانا ، وعُشَيَّانَة ، وعُشَيْشِيَانا.

وفي حديث ابن المسيّب «أنه ذهبت إحدى عينيه وهو يَعُشو بالأخرى» أي يبصر بها بصرا ضعيفا.

(باب العين مع الصاد)

(عصب) فيه «أنه ذكر الفتن وقال : فإذا رأى النّاس ذلك أتته أبدال الشّام وعَصَائِب العراق فيتبعونه» العَصَائِب : جمع عِصَابَة ، وهم الجماعة من الناس من العشرة إلى الأربعين ، ولا واحد لها من لفظها.

ومنه حديث عليّ «الأبدال بالشّام ، والنّجباء بمصر ، والعَصَائِب بالعراق» أراد أن التجمّع للحروب يكون بالعراق. وقيل : أراد جماعة من الزّهّاد سمّاهم بالعَصَائِب ، لأنه قرنهم بالأبدال والنّجباء.

٢٤٣

(ه) وفيه «ثم يكون في آخر الزّمان أمير العُصَب» هي جمع عُصْبَة كالعِصَابَة ، ولا واحد لها من لفظها. وقد تكرر ذكرهما في الحديث.

(ه) وفيه «أنه عليه‌السلام شكى إلى سعد بن عبادة عبد الله بن أبيّ فقال : اعف عنه فقد كان اصطلح أهل هذه البحيرة على أن يُعَصِّبُوه بالعِصَابَة ، فلما جاء الله بالإسلام شَرِقَ بذلك (١)» يُعَصِّبُوه : أي يسوّدوه ويملّكوه. وكانوا يسمّون السيد المطاع : مُعَصَّباً ، لأنه يُعَصَّب بالتاج أو تُعَصَّب به أمور الناس : أي تردّ إليه وتدار به. [وكان يقال له أيضا : المعمّم (٢)] والعمائم تيجان العرب ، وتسمى العَصَائِب ، واحدتها : عِصَابَة.

(س) ومنه الحديث «أنه رخّص في المسح على العَصَائِب والتّساخين» وهي كلّ ما عَصَبْت به رأسك من عمامة أو منديل أو خرقة.

ومنه حديث المغيرة «فإذا أنا مَعْصُوب الصّدر» كان من عادتهم إذا جاع أحدهم أن يشدّ جوفه بعِصَابَة ، وربّما جعل تحتها حجرا.

ومنه حديث علي «فرّوا إلى الله وقوموا بما عَصَبَه بكم» أي بما افترضه عليكم وقرنه بكم من أوامره ونواهيه.

(س) ومنه حديث بدر «قال عتبة بن ربيعة : ارجعوا ولا تقاتلوا واعْصِبُوها برأسي» يريد السّبّة التي تلحقهم بترك الحرب والجنوح إلى السّلم ، فأضمرها اعتمادا على معرفة المخاطبين : أي اقرنوا هذه الحال بي وانسبوها إليّ وإن كانت ذميمة.

(س) وفي حديث بدر أيضا «لمّا فرغ منها أتاه جبريل وقد عَصَبَ رأسه الغبار» أي ركبه وعلق به ، من عَصَبَ الرّيق فاه إذا لصق به. ويروى «عصم» بالميم ، وسيجيء.

(ه) وفي خطبة الحجاج «لأَعْصِبَنَّكم عَصْبَ السّلمة» هي شجرة ورقها القرظ ، ويعسر خرط ورقها فتُعْصَبُ أغصانها ، بأن تجمع ويشدّ بعضها إلى بعض بحبل ، ثم تخبط بعصا فيتناثر ورقها. وقيل : إنما يفعل بها ذلك إذا أراد واقطعها حتى يمكنهم الوصول إلى أصلها.

__________________

(١) فى الأصل : «لذلك». والمثبت من ا والهروى ، واللسان (شرق).

(٢) تكملة من الهروى.

٢٤٤

(ه) ومنه حديث عمرو (١) ومعاوية «إن العَصُوب يرفق بها حالبها فتحلب العلبة» العَصُوب من النّوق : التي لا تدرّ حتى يُعْصَب فخذاها : أي يشدّان بالعِصَابَة.

وفيه «المعتدّة لا تلبس المصبّغة إلّا ثوب عَصْب» العَصْب : برود يمنيّة يُعْصَب غزلها : أي يجمع ويشدّ ثم يصبغ وينسج فيأتي موشيّا لبقاء ما عُصِبَ منه أبيض لم يأخذه صبغ. يقال : بردُ عَصْبٍ ، وبرود عَصْبٍ بالتّنوين والإضافة. وقيل : هي برود مخطّطة. والعَصْب : الفتل ، والعَصَّاب : الغزّال ، فيكون النهي للمعتدّة عما صبغ بعد النّسج.

(س) ومنه حديث عمر «أنه أراد أن ينهى عن عَصْبِ اليمن ، وقال : نبّئت أنه يصبغ بالبول. ثم قال : نهينا عن التّعمّق».

(س) وفيه «أنه قال لثوبان : اشتر لفاطمة قلادة من عَصْب ، وسوارين من عاج» قال الخطّابىّ في «المعالم» : إن لم تكن الثياب اليمانيّة فلا أدري ما هي ، وما أرى أنّ القلادة تكون منها.

وقال أبو موسى : يحتمل عندي أن الرواية إنما هي «العَصَب» بفتح الصاد ، وهي أطناب مفاصل الحيوانات ، وهو شيء مدوّر ، فيحتمل أنهم كانوا يأخذون عَصَب بعض الحيوانات الطّاهرة فيقطعونه ويجعلونه شبه الخرز ، فإذا يبس يتّخذون منه القلائد ، وإذا جاز وأمكن أن يتّخذ من عظام السّلحفاة وغيرها الأسورة جاز ، وأمكن أن يتّخذ من عَصَب أشباهها خرز تنظم منه القلائد.

قال : ثم ذكر لى بعض أهل اليمن : أن العَصَب سنّ دابّة بحريّة تسمّى فرس فرعون ، يتّخذ منها الخرز وغير الخرز من نصاب سكّين وغيره ، ويكون أبيض.

وفيه «العَصَبِيّ من يعين قومه على الظّلم» العَصَبِيّ : هو الّذي يغضب لعَصَبَتِه ويحامي عنهم. والعَصَبَة : الأقارب من جهة الأب ، لأنّهم يُعَصِّبُونَه ويَعْتَصِبُ بهم : أي يحيطون به ويشتدّ بهم.

__________________

(١) أخرجه الهروى من حديث عمر.

٢٤٥

ومنه الحديث «ليس منّا من دعا إلى عَصَبِيَّة ، أو قاتل عَصَبِيَّة» العَصَبِيَّة والتَّعَصُّب : المحاماة والمدافعة. وقد تكرر في الحديث ذكر العَصَبة والعَصَبِيَّة.

(ه) وفي حديث الزّبير (١) لمّا أقبل نحو البصرة وسئل عن وجهه فقال :

علقتهم إني خلقت عُصْبَة

قتادة تعلّقت بنشبه

العُصْبَة : اللّبلاب ، وهو نبات يتلوّى على الشجر. والنُّشْبَة من الرّجال : الذي إذا علق بشيء لم يكد يفارقه. ويقال للرجل الشديد المراس : قتادة لويت بعُصْبَة. والمعنى خلقت علقة لخصومي. فوضع العُصْبَة موضع العلقة ، ثم شبّه نفسه في فرط تعلّقه وتشبّثه بهم بالقتادة إذا استظهرت في تعلّقها واستمسكت بنشبة : أي بشيء شديد النّشوب. والباء التي في «بنشبة» للاستعانة ، كالتي في : كتبت بالقلم.

وفي حديث المهاجرين إلى المدينة «فنزلوا العُصْبَة» وهو موضع بالمدينة عند قباء ، وضبطه بعضهم بفتح العين والصاد.

(س) وفيه «أنه كان في مسير ، [فرفع صوته](٢) فلما سمعوا صوته اعْصَوْصَبُوا» أي اجتمعوا وصاروا عِصَابَة واحدة وجدّوا في السّير ، واعْصَوْصَبَ السّير : اشتدّ ، كأنّه من الأمر العَصِيب وهو الشديد.

(عصد) في حديث خولة «فقرّبت له عَصِيدَة» هو دقيق يلتّ بالسّمن ويطبخ ، يقال : عَصَدْت العَصِيدَة وأَعْصَدْتها : أي اتّخذتها.

(عصر) (س) فيه «حافظ على العَصْرَيْن» يريد صلاة الفجر وصلاة العَصْر ، سمّاهما العَصْرَيْن لأنهما يقعان في طرفي العَصْرَيْن ، وهما الليل والنهار. والأشبه أنه غلّب أحد الاسمين على الآخر ، كالعُمَرَيْن ، لأبي بكر وعمر ، والقمرين ، للشّمس والقمر.

وقد جاء تفسيرهما في الحديث ، «قيل : وما العَصْرَان؟ قال : صلاة قبل طلوع الشمس ، وصلاة قبل غروبها».

__________________

(١) فى الأصل «ابن الزبير» والمثبت من ا واللسان والهروى.

(٢) تكملة من ا واللسان.

٢٤٦

(س) ومنه الحديث «من صلّى العَصْرَيْن دخل الجنة».

ومنه حديث عليّ «(ذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ) واجلس لهم العَصْرَيْن» أي بكرة وعشيّا.

(ه) وفيه «أنه أمر بلالا أن يؤذّن قبل الفجر ليَعْتَصِرَ مُعْتَصِرُهُم» هو الذي يحتاج إلى الغائط ليتأهّب للصّلاة قبل دخول وقتها ، وهو من العَصْر ، أو العَصَر ، وهو الملجأ والمستخفى.

(ه) وفي حديث عمر «قضى أنّ الوالد يَعْتَصِرُ ولده فيما أعطاه ، وليس للولد أن يَعْتَصِرَ من والده» يَعْتَصِره : أي يحبسه عن الإعطاء ويمنعه منه. وكل شيء حبسته ومنعته فقد اعْتَصَرْتَه. وقيل : يَعْتَصِر : يرتجع. واعْتَصَرَ العطيّة إذا ارتجعها. والمعنى أن الوالد إذا أعطى ولده شيئا فله أن يأخذه منه.

ومنه حديث الشّعبىّ «يَعْتَصِر الوالد على ولده في ماله» وإنما عدّاه بعلى لأنه في معنى : يرجع عليه ويعود عليه.

(ه) وفي حديث القاسم بن مخيمرة «أنه سئل عن العُصْرَة للمرأة ، فقال : لا أعلم رخّص فيها إلّا للشيخ المعقوف المنحني» العُصْرَة هاهنا : منع البنت من التّزويج ، وهو من الاعْتِصَار : المنع ، أراد ليس لأحد منع امرأة من التزويج إلا شيخ كبير أعقف له بنت وهو مضطرّ إلى استخدامها.

(ه) وفي حديث ابن عبّاس «كان إذا قدم دحية الكلبيّ لم تبق مُعْصِرٌ إلّا خرجت تنظر إليه من حسنه» المُعْصِر : الجارية أوّل ما تحيض لِانْعِصَارِ رحمها ، وإنما خصّ المُعْصِر بالذّكر للمبالغة في خروج غيرها من النّساء.

(ه) وفي حديث أبي هريرة «أنّ امرأة مرّت به متطيّبة ولذيلها إِعْصَار» وفي رواية «عَصَرَة» أي غبار. والإِعْصَار والعَصَرة : الغبار الصّاعد إلى السماء مستطيلا ، وهي الزّوبعة. قيل : وتكون العَصَرة من فوح الطّيب ، فشبّهه بما تثير الريح من الأَعَاصِير.

وفي حديث خيبر «سلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى مسيره إليها على عَصَر» هو بفتحتين : جبل بين المدينة ووادي الفرع ، وعنده مسجد صلّى به النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

٢٤٧

(عصعص) (س) في حديث جبلة بن سحيم «ما أكلت أطيب من قليّة العَصَاعِص» هي جمع العُصْعُص : وهو لحم في باطن ألية الشّاة. وقيل : هو عظم عجب الذّنب.

وفي حديث ابن عباس وذكر ابن الزّبير «ليس مثل الحصر العُصْعُص» هكذا جاء في رواية ، والمشهور «الحصر العقص».

يقال : فلان ضيّق العُصْعُص : أي نكد قليل الخير ، وهو من إضافة الصّفة المشبّهة إلى فاعلها.

(عصف) فيه «كان إذا عَصَفَتِ الرّيح» أي اشتدّ هبوبها. و (رِيحٌ عاصِفٌ) : شديدة الهبوب. وقد تكرر في الحديث.

(عصفر) (ه) فيه «لا يعضد شجر المدينة إلّا العُصْفُور قتب» هو أحد عيدانه وجمعه : عَصَافِير.

(عصل) في حديث عليّ «لا عوج لانتصابه ، ولا عَصَلَ في عوده» العَصَل : الاعوجاج ، وكل معوجّ فيه صلابة : أَعْصَل.

(س) ومنه حديث عمر وجرير «ومنها العَصِل الطائش» أي السّهم المعوجّ المتن. والأَعْصَل أيضا : السّهم القليل الرّيش.

ومنه حديث بدر «يَامِنوا عن هذا العَصَل» يعنى الرّمل المعوجّ الملتوي : أي خذوا عنه يمنة.

(ه) وفيه «أنه كان لرجل صنم كان يأتي بالجبن والزّبد فيضعه على رأس صنمه ويقول : أطعم ، فجاء ثعلبان فأكل الجبن والزّبد ثم عَصَلَ على رأس الصنم» أي بال. الثّعلبان : ذكر الثّعالب.

وفي كتاب الهروي : «فجاء ثعلبان فأكلا الجبن (١) والزّبد ثم عَصَّلَا» ، أراد : تثنية ثعلب.

(عصلب) [ه] في خطبة الحجّاج :

قد لفّها الليل بعَصْلَبِيّ

__________________

(١) فى الهروى : «الخبز».

٢٤٨

هو الشديد من الرّجال ، والضمير في «لفها» للإبل : أي جمعها الليل بسائق شديد ، فضربه مثلا لنفسه ورعيّته.

(عصم) فيه «من كانت عِصْمَتُه شهادة أن لا إله إلا الله» أي ما يَعْصِمُه من المهالك يوم القيامة. العِصْمَة : المنعة ، والعَاصِم : المانع الحامي ، والاعْتِصَام : الامتساك بالشّيء ، افتعال منه.

[ه] ومنه شعر أبي طالب :

ثمال اليتامى عِصْمَةٌ للأرامل

أي يمنعهم من الضّياع والحاجة.

ومنه الحديث «فقد عَصَمُوا منّي دماءهم وأموالهم».

وحديث الإفك «فعَصَمَها الله بالورع».

[ه] وحديث الحديبية «ولا تُمَسِّكوا (١) بِعِصَمِ الكوافر» جمع عِصْمَة ، والكَوَافِر : النّساء الكفرة ، وأراد عقد نكاحهنّ.

(ه) وحديث عمر «وعِصْمَة أبنائنا إذا شتونا» أي يمتنعون به من شدّة السّنة والجدب.

[ه] وفيه «أنّ جبريل جاء يوم بدر وقد عَصَمَ ثنيّته الغبار» أي لزق به ، والميم فيه بدل من الباء. وقد تقدّم.

(ه) وفيه «لا يدخل من النساء الجنة إلّا مثل الغراب الأَعْصَم» هو الأبيض الجناحين ، وقيل الأبيض الرّجلين. أراد : قلّة من يدخل الجنة من النساء ، لأنّ هذا الوصف في الغربان عزيز قليل.

وفي حديث آخر «قال : المرأة الصّالحة مثل الغراب الأَعْصَم ، قيل : يا رسول الله ، وما الغراب الأَعْصَم؟ قال : الّذي إحدى رجليه بيضاء».

وفي حديث آخر «عائشة في النّساء كالغراب الأَعْصَم في الغربان!».

__________________

(١) الآية ١٠ من سورة الممتحنة ، «ولا تمسّكوا» هكذا بالتشديد في الأصل ، وفي جميع مراجعنا ، وهي قراءة الحسن ، وأبي العالية ، وأبي عمرو. انظر تفسير القرطبى ١٨ / ٦٥.

٢٤٩

وفي حديث آخر «بينما نحن مع عمرو بن العاص فدخلنا شعبا فإذا نحن بغربان ، وفيها غراب أحمر المنقار والرّجلين ، فقال عمرو : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «لا يدخل الجنة من النّساء إلّا قدر هذا الغراب في هؤلاء الغربان» وأصل العُصْمَة : البياض يكون في يدي الفرس والظّبي والوَعِل.

ومنه حديث أبي سفيان «فتناولت القوس والنّبل لأرمي ظبية عَصْمَاء نردّ بها قرمنا».

(ه) وفيه «فإذا جدّ بني عامر جمل آدم مقيّد بعُصُم» العُصُم : جمع عِصَام ، وهو رباط كلّ شيء ، أراد أن خصب بلاده قد حبسه بفنائه ، فهو لا يبعد في طلب المرعى ، فصار بمنزلة المقيّد الذي لا يبرح مكانه. ومثله قول قيلة في الدّهناء : إنها مقيّد الجمل : أي يكون فيها كالمقيّد لا ينزع إلى غيرها من البلاد.

(عصا) (ه س) فيه «لا ترفع عَصَاك عن أهلك» أي لا تدع تأديبهم وجمعهم على طاعة الله تعالى. يقال : شقّ العَصَا : أي فارق الجماعة ، ولم يرد الضّرب بالعَصَا ، ولكنّه جعله مثلا.

وقيل : أراد لا تغفل عن أدبهم ومنعهم من الفساد.

[ه] ومنه الحديث «إن الخوارج شقّوا عَصَا المسلمين وفرّقوا جماعتهم».

[ه] ومنه حديث صلة «إيّاك وقتيل العَصَا» أي إيّاك أن تكون قاتلا أو مقتولا في شقّ عَصَا المسلمين.

(س) ومنه حديث أبي جهم «فإنّه لا يضع عَصَاه عن عاتقه» أراد : أنه يؤدّب أهله بالضّرب. وقيل : أراد به كثرة الأسفار. يقال : رفع عَصَاه إذا سار ، وألقى عَصَاه إذا نزل وأقام.

وفيه «أنه حرّم شجر المدينة إلا عَصَا حديدة» أي عَصاً تصلح أن تكون نصابا لآلة من الحديد.

٢٥٠

ومنه الحديث «ألا إنّ قتيل الخطإ قتيل السّوط والعَصَا» لأنّهما ليسا من آلات القتل ، فإذا ضرب بهما أحد فمات كان قتله خطأ.

(ه) وفيه «لولا أنّا نَعْصِي الله ما عَصَانَا» أي لم يمتنع عن إجابتنا إذا دعوناه ، فجعل الجواب بمنزلة الخطاب فسمّاه عِصْيَاناً ، كقوله تعالى : (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ).

وفيه «أنه غيّر اسم العَاصِي» إنما غيّره لأنّ شعار المؤمن الطّاعة والعِصْيَان ضدّها.

ومنه الحديث «إنّ رجلا قال : من يطع الله ورسوله فقد رشد ، ومن يَعْصِهِما فقد غوى. فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : بئس الخطيب أنت. قل : ومن يعص الله ورسوله فقد غوى» إنما ذمّه لأنه جمع في الضّمير بين الله وبين رسوله في قوله : ومن يعصهما ، فأمره أن يأتي بالمظهر ليترتّب اسم الله تعالى في الذّكر قبل اسم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وفيه دليل على أنّ الواو تفيد التّرتيب.

وفيه «لم يكن أسلم من عُصَاة قريش أحد غير مطيع بن الأسود» يريد من كان اسمه العَاصِي.

(باب العين مع الضاد)

(عضب) [ه] فيه «كان اسم ناقته العَضْبَاء» هو علم لها منقول من قولهم : ناقة عَضْبَاء : أي مشقوقة الأذن ، ولم تكن مشقوقة الأذن. وقال بعضهم : إنها كانت مشقوقة الأذن ، والأوّل أكثر.

وقال الزمخشري : «هو منقول من قولهم : ناقة عَضْبَاء ، وهي القصيرة اليد».

(ه) ومنه الحديث «نهى أن يضحّى بالأَعْضَب القرن» هو المكسور القرن ، وقد يكون العَضْب في الأذن أيضا إلا أنّه في القرن أكثر. والمَعْضُوب في غير هذا : الزّمن الذي لا حراك به.

(عضد) (ه) في تحريم المدينة «نهى أن يُعْضَدَ شجرها» أي يقطع. يقال : عَضَدْتُ الشجر أَعْضِدُه عَضْداً. والعَضَد بالتحريك : المَعْضُود.

٢٥١

ومنه الحديث «لوددت أنّي شجرة تُعْضَد».

(ه) وحديث طهفة «ونَسْتَعْضِدُ البرير» أي نقطعه ونجنيه من شجره للأكل.

(ه) وحديث ظبيان «وكان بنو عمرو بن خالد من (١) جذيمة يخبطون عَضِيدَها ، ويأكلون حصيدها» العَضِيد والعَضَد : ما قطع من الشجر : أي يضربونه ليسقط ورقه فيتخذوه (٢) علفا لإبلهم.

(ه) وفي حديث أم زرع «وملأ من شحم عَضُدَيَ» العَضُد : ما بين الكتف والمرفق ، ولم ترده خاصّة ، ولكنها أرادت الجسد كلّه ، فإنه إذا سمن العَضُد سمن سائر الجسد.

ومنه حديث أبي قتادة والحمار الوحشي «فناولته العَضُد فأكلها» يريد كتفه.

وفي صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «إنه كان أبيض مُعَضَّدا» هكذا رواه يحيى بن معين ، وهو الموثّق الخلق ، والمحفوظ في الرّواية «مقصّدا».

[ه] وفيه «أن سمرة كان له عَضُدٌ من نخل في حائط رجل من الأنصار» أراد طريقة من النّخل.

وقيل : إنما هو «عَضِيدٌ من نخل» ، وإذا صار للنّخلة جذع يتناول منه فهو عَضِيد (٣).

(عضض) في حديث العرباض «وعَضُّوا عليها بالنّواجذ» هذا مثل في شدّة الاستمساك بأمر الدّين ، لأنّ العَضَ بالنّواجذ عَضٌ بجميع الفم والأسنان ، وهي أواخر الأسنان. وقيل : التي بعد الأنياب.

(ه) وفيه «من تعزّى بعزاء الجاهلية فأَعِضُّوه بهن أبيه ولا تكنوا» أي قولوا له : اعْضَضْ بأير أبيك ، ولا تكنوا عن الأير بالهن ، تنكيلا له وتأديبا.

__________________

(١) فى الهروى «بن».

(٢) فى الأصل وا «فيتخذونه» وأثبتنا ما فى اللسان.

(٣) زاد الهروى «وجمعه : عضدان».

٢٥٢

ومنه الحديث «من اتّصل فأَعِضُّوه» أي من انتسب نسبة الجاهلية ، وقال : يا لفلان.

وحديث أبيّ «إنه أَعَضَ إنسانا اتّصل».

وقول أبي جهل لعتبة يوم بدر «والله لو غيرك يقول هذا لأَعْضَضْتُه».

وفي حديث يعلى «ينطلق أحدكم إلى أخيه فيَعَضُّه كعَضِيض الفحل» أصل العَضِيض : اللّزوم. يقال : عَضَ عليه يَعَضُ عَضِيضاً إذا لزمه. والمراد به هاهنا العَضُ نفسه ، لأنه بِعَضِّه له يلزمه.

ومنه الحديث «ولو أن تَعَضَ بأصل شجرة».

(ه) وفيه «ثم يكون مُلْك عَضُوضٌ» أي يصيب الرّعيّة فيه عسف وظلم ، كأنّهم يُعَضُّون فيه عَضّاً. والعَضُوض : من أبنية المبالغة.

وفي رواية «ثم يكون ملوك عَضُوضٌ» ، وهو جمع : عِضٍ بالكسر ، وهو الخبيث الشّرس.

ومن الأول حديث أبي بكر «وسترون بعدي ملكا عَضُوضاً».

(ه) وفيه «أهدت لنا نوطا من التَّعْضُوض» هو ضرب من التّمر. وقد تقدّم في حرف التاء.

(عضل) (س) في صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «أنه كان مُعَضَّلا» بدل «مقصّدا» أي موثّق الخلق شديده ، والمقصّد أثبت.

(س) وفي حديث ماعز «أنه أَعْضَلُ قصير» الأَعْضَل والعَضِل : المكتنز اللّحم. والعَضَلَة في البدن كل لحمة صلبة مكتنزة. ومنه عَضَلَة الساق. ويجوز أن يكون أراد أن عَضَلَة ساقيه كبيرة.

(س) ومنه حديث حذيفة «أخذ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بأسفل من عَضَلة ساقي ، وقال : هذا موضع الإزار» وجمع العَضَلة : عَضَلَات.

(س) وفي حديث عيسى عليه‌السلام «أنه مرّ بظبية قد عَضَّلَها ولدها» يقال : عَضَّلَت الحامل وأَعْضَلَت إذا صعب خروج ولدها. وكان الوجه أن يقول «بظبية قد عَضَّلَت» فقال : «عَضَّلَها

٢٥٣

ولدها» ، ومعناه أن ولدها جعلها مُعَضِّلَة حيث نشب في بطنها ولم يخرج. وأصل العَضْل : المنع والشّدّة. يقال : أَعْضَلَ بي الأمر إذا ضاقت عليك فيه الحيل.

(ه) ومنه حديث عمر «قد أَعْضَلَ بي أهل الكوفة! ما يرضون بأمير ولا يرضى بهم أمير» أي ضاقت عليّ الحيل في أمرهم وصعبت عليّ مداراتهم.

ومنه حديثه الآخر «أعوذ بالله من كل مُعْضِلَة ليس لها أبو حسن» وروي : «مُعَضِّلَة» ، أراد المسألة الصّعبة ، أو الخطّة الضّيقة المخارج ، من الإِعْضَال أو التَّعْضِيل ، ويريد بأبي حسن : عليّ بن أبي طالب.

(ه) ومنه حديث معاوية ، وقد جاءته مسألة مشكلة فقال «مُعْضِلَةٌ ولا أبا حسن». أبو حسن : معرفة وضعت موضع النّكرة كأنه قال : ولا رجل لها كأبي حسن ، لأنّ لا النّافية إنما تدخل على النكرات دون المعارف.

وفي حديث الشّعبيّ «لو ألْقِيَت على أصحاب محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأَعْضَلَتْ بهم».

والحديث الآخر «فأَعْضَلَتْ بالملكين فقالا : يا ربّ إنّ عبدك قد قال مقالة لا ندري كيف نكتبها».

وفي حديث كعب «لمّا أراد عمر الخروج إلى العراق قال له : وبها الدّاء العُضَال» هو المرض الذي يعجز الأطباء فلا دواء له.

وفي حديث ابن عمر قال له أبوه : «زوّجتك امرأة فعَضَلْتَها» هو من العَضْل : المنع ، أراد أنك لم تعاملها معاملة الأزواج لنسائهم ، ولم تتركها تتصرّف في نفسها ، فكأنّك قد منعتها.

(عضه) في حديث البيعة «ولا يَعْضَهُ بعضنا بعضا» أي لا يرميه بالعَضِيهَة ، وهي البهتان والكذب ، وقد عَضَهَهُ يَعْضَهُه عَضْهاً.

(ه) ومنه الحديث «ألا أنبّئكم ما العَضْه؟ هي النّميمة القالة بين الناس» هكذا يروى في كتب الحديث. والذي جاء في كتب الغريب : «ألا أنبئكم ما العِضَةُ؟» بكسر العين وفتح الضاد.

٢٥٤

وفي حديث آخر «إيّاكم والعِضَةَ» قال الخطّابي ، قال الزمخشري : «أصلها العِضْهَة ، فعلة ، من العَضْه ، وهو البهت ، فحذفت لامه كما حذفت من السّنة والشّفة ، وتجمع على عِضِينَ. يقال : بينهم عِضَةٌ قبيحة من العَضِيهَة».

(س) ومنه الحديث «من تعزّى بعزاء الجاهلية فاعْضَهُوه» هكذا جاء في رواية : أي اشتموه صريحا ، من العَضِيهَة : البهت.

(ه) ومنه الحديث «أنه لعن العَاضِهَة ، والمُسْتَعْضِهَة» قيل : هي السّاحرة والمستسحرة ، وسمّي السّحر عَضْهاً لأنه كذب وتخييل لا حقيقة له.

(س) وفيه «إذا جئتم أحدا فكلوا من شجره ، ولو من عِضَاهِه» العِضَاه : شجر أمّ غيلان. وكل شجر عظيم له شوك ، الواحدة : عِضَة بالتاء ، وأصلها عِضَهَة. وقيل واحدته : عِضَاهَة. وعَضَهْتُ العِضَاه إذا قطعتها.

(س) ومنه الحديث «ما عُضِهَتْ عِضَاه إلا بتركها التّسبيح».

(س) وفي حديث أبي عبيدة «حتى إنّ شدق أحدهم بمنزلة مشفر البعير العَضِه» هو الذي يأكل العِضَاه. وقيل : هو الذي يشتكي من أكل العِضَاه. فأمّا الذي يأكل العِضَاه فهو العَاضِه.

(عضا) [ه] في حديث ابن عباس «في تفسير قوله تعالى (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) أي جزّأوه أجزاء» (١) ، عِضِين : جمع عِضَة ، من عَضَّيْتُ الشيء إذا فرّقته وجعلته أَعْضَاء.

وقيل : الأصل : عضوة ، فحذفت الواو وجمعت بالنون ، كما عمل في عِزِين (٢) جمع عزوة.

وفسّرها بعضهم بالسّحر ، من العضه والعضيهة (٣).

__________________

(١) الذى فى الهروى : «قال ابن عباس : آمنوا ببعض وكفروا ببعض».

(٢) الذى فى الهروى : «... فى جمع عزة ، والأصل : عزوة».

(٣) قال الهروى : «ومن ذهب به إلى هذا التأويل جعل نقصانه الهاء الأصلية وأبقيت هاء العلامة ، وهى التأنيث ، كما قالوا : شفة ، والأصل : شفهة ، وكما قالوا : سنة ، والأصل : سنهة».

٢٥٥

ومنه حديث جابر ، في وقت صلاة العصر «ما لو أنّ رجلا نحر جزورا وعَضَّاها قبل غروب الشمس» أي قطّعها وفصّل أَعْضَاءها.

[ه] ومنه الحديث «لا تَعْضِيَةَ في ميراث إلا فيما حمل القسم» هو أن يموت الرجل ويدع شيئا إن قسم بين ورثته استضرّوا أو بعضهم ، كالجوهرة والطّيلسان والحمّام ونحو ذلك ، من التَّعْضِيَة : التّفريق.

(باب العين مع الطاء)

(عطب) (ه) في حديث طاوس (١) «ليس في العُطْب زكاة» هو القطن.

وفيه ذكر «عَطَب الهدى» وهو هلاكه ، وقد يعبّر به عن آفة تعتريه وتمنعه عن السّير فينحر.

(عطبل) [ه] في صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «لم يكن بعُطْبُول ولا بقصير» العُطْبُول : الممتدّ القامة الطويل العنق. وقيل : هو الطويل الصّلب الأملس ، ويوصف به الرجل والمرأة.

(عطر) (ه) فيه «أنه كان يكره تَعَطُّرَ النساء وتشبّههنّ بالرجال» أراد العِطْرَ الذي يظهر ريحه كما يظهر عِطْر الرّجال. وقيل : أراد تعطّل النساء ، باللام ، وهي التي لا حلي عليها ولا خضاب. واللام والراء يتعاقبان (٢).

ومنه حديث أبي موسى «المرأة إذا اسْتَعْطَرَت ومرّت على القوم ليجدوا ريحها» أي استعملت العِطْر وهو الطّيب.

ومنه حديث كعب بن الأشرف «وعندي أَعْطَرُ العرب» أي أطيبها عِطْراً.

(عطس) فيه «كان يحب العُطَاس ويكره التّثاؤب» إنما أحبّ العُطَاس لأنه إنما يكون مع خفّة البدن وانفتاح المسامّ وتيسير الحركات ، والتّثاؤب بخلافه. وسبب هذه الأوصاف تخفيف الغذاء والإقلال من الطعام والشراب.

__________________

(١) أخرجه الهروى من حديث عكرمة.

(٢) قال الهروى : «يقال : سمل عينه وسمرها».

٢٥٦

وفي حديث عمر «لا يُرْغِم الله إلّا هذه المَعَاطِس» هي الأنوف ، واحدها : مَعْطَس ، لأن العُطَاس يخرج منها.

(عطش) (س) فيه «أنه رخّص لصاحب العُطَاش واللهث أن يفطرا ويطعما» العُطَاش بالضم : شدة العَطَش ، وقد يكون داء يشرب معه ولا يروى صاحبه.

(عطعط) في حديث ابن أنيس «إنه ليُعَطْعِط الكلام» العَطْعَطَة : حكاية صوت. يقال : عَطْعَطَ القومُ إذا صاحوا. وقيل : هو أن يقولوا : عيط عيط.

(عطف) (ه) فيه «سبحان من تَعَطَّفَ بالعزّ وقال به» أي تردّى بالعزّ. العِطَاف والمِعْطَف : الرّداء. وقد تَعَطَّفَ به واعْتَطَفَ ، وتَعَطَّفَه واعْتَطَفَه. وسمّي عِطَافاً لوقوعه على عِطْفَيِ الرجل ، وهما ناحيتا عنقه. والتَّعَطُّف في حقّ الله تعالى مجاز يراد به الاتّصاف ، كأنّ العزّ شمله شمول الرّداء.

(س) ومنه حديث الاستسقاء «حوّل رداءه وجعل عِطَافَه الأيمن على عاتقه الأيسر» إنما أضاف العِطَاف إلى الرّداء لأنه أراد أحد شقّي العِطَاف ، فالهاء ضمير الرّداء ، ويجوز أن يكون للرجل ويريد بالعِطَاف : جانب ردائه الأيمن.

(س) ومنه حديث ابن عمر «وخرج متلفّعا بعِطَاف».

وحديث عائشة «فناولتها عِطَافاً كان عليَّ فرأت فيه تصليبا».

وفي حديث الزكاة «ليس فيها عَطْفَاء» أي ملتوية القرن ، وهي نحو العقصاء.

(ه) وفي حديث أمّ معبد «وفي أشفاره عَطَفٌ» أي طول ، كأنه طال وانْعَطَفَ. ويروى بالغين وسيجيء.

(عطل) (س) فيه «يا عليُّ مر نساءك لا يصلّين عُطُلاً» العُطُل : فقدان الحلي ، وامرأة عَاطِلٌ وعُطُل ، وقد عَطِلَتْ عَطَلاً وعُطُولاً.

ومنه حديث عائشة «كرهت أن تصلّي المرأة عُطُلاً ، ولو أن تعلّق في عنقها خيطا».

(س) وحديثها الآخر «ذكر لها امرأة ماتت فقالت : عَطِّلُوها» أي انزعوا حليها واجعلوها عَاطِلاً. عَطَّلْتُ المرأة إذا نزعت حليها.

٢٥٧

(ه) وفي حديثها الآخر ووَصَفَتْ أباها «رأب الثّأي وأوذم العَطِلَة» هي (١) الدّلو التي ترك العمل بها حينا وعُطِّلَتْ وتقطّعت أوذامها وعراها ، تريد أنه أعاد سيورها وعمل عراها وأعادها صالحة للعمل ، وهو مثل لفعله في الإسلام بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وفي قصيد كعب :

شدّ النّهار ذراعا (٢) عَيْطَلٍ نصف

العَيْطَل : النّاقة الطّويلة ، والياء زائدة.

(عطن) (ه) في حديث الرؤيا (٣) «حتى ضرب الناس بعَطَن» العَطَن : مبرك الإبل حول الماء. يقال : عَطَنَتِ الإبل فهي عَاطِنَة وعَوَاطِن إذا سقيت وبركت عند الحياض لتعاد إلى الشّرب مرّة أخرى. وأَعْطَنْتُ الإبلَ إذا فعلت بها ذلك ، ضرب ذلك مثلا لاتّساع النّاس في زمن عمر ، وما فتح الله عليهم من الأمصار.

(ه) ومنه حديث الاستسقاء «فما مضت سابعة حتى أَعْطَنَ الناس في العشب» أراد أن المطر طبّق وعمّ البطون والظّهور حتى أَعْطَنَ الناس إبلهم في المراعي.

ومنه حديث أسامة «وقد عَطَّنُوا مواشيهم» أي أراحوها ، سمّي المراح وهو مأواها عَطَنا.

ومنه الحديث «استوصوا بالمعزى خيرا وانقشوا له عَطَنه» أي مراحه.

(ه) ومنه الحديث «صلّوا في مرابض الغنم ولا تصلّوا في أَعْطَان الإبل» لم ينه عن

__________________

(١) الذى فى الهروى «يقال : العطلة : الناقة الحسنة. ويقال : هى الدّلو ...». وانظر القاموس (عطل).

(٢) ذكرت هذه اللفظة «ذراعى» بالنصب فى ثلاثة مواضع ، فى المواد (شدد ، عطل ، نصف) وأثبتناه رواية شرح الديوان ص ١٧. وهو مرفوع على أنه خبر لكأنّ فى البيت السابق :

كأن أوب ذراعيها وقد عرقت

وقد تلفع بالقور العساقيل

(٣) أخرجه الهروى من حديث الاستسقاء.

٢٥٨

الصلاة فيها من جهة النّجاسة ، فإنّها موجودة في مرابض الغنم. وقد أمر بالصّلاة فيها ، والصلاة مع النجاسة لا تجوز ، وإنما أراد أن الإبل تزدحم في المنهل فإذا شربت رفعت رؤسها ولا يؤمن من نفارها وتفرّقها في ذلك الموضع فتؤذى المصلّي عندها ، أو تلهيه عن صلاته ، أو تنجّسه برشاش أبوالها.

وفي حديث عليّ «أخذت إهابا مَعْطُوناً فأدخلته عنقي» المَعْطُون : المنتن المنمرق الشعر. يقال عَطِنَ الجلدُ فهو عَطِن ومَعْطُون : إذا مرّق شعره وأنتن في الدّباغ.

[ه] ومنه حديث عمر «وفي البيت أهب عَطِنَة»

(عطا) (ه) في صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «فإذا تُعُوطِيَ الحقّ لم يعرفه أحد» أي أنه كان من أحسن الناس خلقا مع أصحابه ، ما لم ير حقّا يتعرّض له بإهمال أو إبطال أو إفساد ، فإذا رأى ذلك تنمّر (١) وتغيّر حتى أنكره من عرفه ، كلّ ذلك لنصرة الحقّ. والتَّعَاطِي : التّناول والجراءة على الشّيء ، من عَطَا الشيء يَعْطُوه إذا أخذه وتناوله.

(س) ومنه حديث أبي هريرة «إن أربى الرّبا عَطْوُ الرجل عرض أخيه بغير حقّ» أي تناوله بالذّم ونحوه.

[ه] ومنه حديث عائشة (٢) «لا تَعْطُوه الأيدي» أي لا تبلغه فتتناوله.

(باب العين مع الظاء)

(عظل) (ه) في حديث عمر «قال لابن عباس : أنشدنا لشاعر الشّعراء ، قال : ومن هو؟ قال : الذي لا يُعَاظِل بين القول ، ولا يتتّبع حُوشيَّ الكلام. قال : ومن هو؟ قال : زهير» أي لا يعقّده ولا يوالي بعضه فوق بعض. وكلّ شيء ركب شيئا فقد عَاظَلَه.

[ه] ومنه «تَعَاظُلُ الجراد والكلاب» وهو تراكبها.

(عظم) في أسماء الله تعالى «الْعَظِيمُ» هو الذي جاوز قدره وجلّ عن حدود العقول ،

__________________

(١) فى اللسان «شمّر».

(٢) تصف أباها ، كما ذكر الهروى.

٢٥٩

حتى لا تتصوّر الإحاطة بكنهه وحقيقته. والعِظَم في صفات الأجسام : كبر الطّول والعرض والعمق. والله تعالى جلّ قدره عن ذلك.

(س) وفيه «أنه كان يحدّث ليلة عن بني إسرائيل لا يقوم فيها إلا إلى عُظْم صلاة» عُظْمُ الشيءِ : أكبره ، كأنه أراد لا يقوم إلا إلى الفريضة.

(س) ومنه الحديث «فأسندوا عُظْم ذلك إلى ابن الدّخشم» أي مُعْظَمَه.

ومنه حديث ابن سيرين «جلست إلى مجلس فيه عُظْم من الأنصار» أي جماعة كثيرة. يقال : دخل في عُظْمِ النّاس : أي مُعْظَمهِم.

(س) وفي حديث رقيقة «انظروا رجلا طُوَالا عُظَاماً» أي عَظِيما بالغا. والفعال من أبنية المبالغة. وأبلغ منه فعّال بالتشديد.

(س) وفيه «من تَعَظَّمَ في نفسه لقي الله تبارك وتعالى غضبان» التَّعَظُّم في النّفس : هو الكبر والنّخوة أو الزّهو.

(س) وفيه «قال الله تعالى : لا يَتَعَاظَمُنِي ذنب أن أغفره» أي لا يَعْظُمُ عليّ وعندي.

(س) وفيه «بينا هو يلعب مع الصّبيان وهو صغير بعَظْمِ وضّاحٍ مرّ عليه يهوديّ فقال له : لتقتلنّ صناديد هذه القرية» هي لعبة لهم كانوا يطرحون عَظْماً بالليل يرمونه ، فمن أصابه غلب أصحابه ، وكانوا إذا غلب واحد من الفريقين ركب أصحابه الفريق الآخر من الموضع الذي يجدونه فيه إلى الموضع الذي رموا به منه.

(عظة) فيه «لأجعلنّك عِظَةً» أي مَوْعِظَة وعبرة لغيرك ، وبابه الواو ، من الوعظ ، والهاء فيه عوض من الواو المحذوفة.

(عظا) في حديث عبد الرحمن بن عوف.

كفعل الهرّ يفترس العَظَايَا

هي جمع عَظَايَة ، وهي دويبّة معروفة. وقيل : أراد بها سامّ أبرص. ويقال للواحدة أيضا : عَظَاءَة ، وجمعها عَظَاء.

٢٦٠