النّهاية - ج ٣

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٣

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: طاهر احمد الزاوي ومحمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤٨٨

(صوغ) في حديث علي رضي‌الله‌عنه «واعدت صَوَّاغاً من بني قينقاع» الصَّوَّاغ : صَائِغ الحَلْي. يقال صَاغَ يَصُوغُ ، فهو صَائِغ وصَوَّاغ.

(س) ومنه الحديث «أكذب الناس الصَّوَّاغُون» قيل لمطالهم ومواعيدهم الكاذبة. وقيل أراد الذين يزيّنون الحديث ويَصُوغُون الكَذِبَ. يقال صَاغَ شعرا ، وصَاغَ كلاما : أي وضعه ورتّبه. ويروى «الصَّيَّاغُون» بالياء ، وهى لغة أهل الحجاز ، كالدّيّار والقيّام. وإن كانا من الواو.

(ه) ومنه حديث أبي هريرة رضي‌الله‌عنه وقيل له خرج الدجّال فقال : «كذبة كذبها الصَّوَّاغُون».

(س) ومنه حديث بكر المزني «في الطعام يدخل صَوْغاً ويخرج سُرُحا» أي الأطعمة المصنوعة ألوانا ، المهيّأة بعضها إلى بعض.

(صول) (س) في حديث الدعاء «اللهمّ بك أحول وبك أصول» وفي رواية «أُصَاوِلُ» أي أسطو وأقهر. والصَّوْلَة : الحملة والوثبة.

ومنه الحديث «إن هذين الحيّين من الأوس والخزرج كانا يَتَصَاوَلَانِ مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم تَصَاوُلَ الفحلين» أي لا يفعل أحدهما معه شيئا إلّا فعل الآخر معه شيئا مثله.

ومنه حديث عثمان «فصَامِتٌ صَمْتُهُ أَنْفذُ من صَوْلِ غيرِهِ» أي إمساكه أشدّ علَيَّ من تطاول غيره.

(صوم) فيه «صَوْمُكُم يوم تَصُومُون» أي أنّ الخطأ موضوع عن النّاس فيما كان سبيله الاجتهاد ، فلو أنّ قوما اجتهدوا فلم يروا الهلال إلّا بعد الثّلاثين ولم يفطروا حتى استوفوا العدد ، ثم ثبت أن الشّهر كان تسعا وعشرين فإنّ صَوْمَهُم وفطرهم ماض ، ولا شيء عليهم من إثم أو قضاء ، وكذلك في الحج إذا أخطأوا يوم عرفة والعيد فلا شيء عليهم.

وفيه «أنه سئل عمّن يَصُومُ الدهر ، فقال : لا صَامَ ولا أفطر» أي لم يَصُمْ ولم يُفْطِرْ. كقوله تعالى (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى) وهو إحباط لأجره على صَوْمِهِ حيث خالف السّنّة. وقيل هو دعاء عليه كراهية لصنيعه.

٦١

وفيه «فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إنّي صَائِمٌ» معناه أن يردّه بذلك عن نفسه لينكفّ. وقيل هو أن يقول ذلك في نفسه ويذكّرها به فلا يخوض معه ويكافئه على شتمه فيفسد صَوْمُه ويحبط أجره.

وفيه «إذا دعي أحدكم إلى طعام وهو صَائِم فليقل إني صَائِم» يعرّفهم ذلك لئلا يكرهوه على الأكل ، أو لئلّا تضيق صدورهم بامتناعه من الأكل.

وفيه «من مات وهو صَائِمٌ صَامَ عنه وليُّهُ» قال بظاهره قوم من أصحاب الحديث ، وبه قال الشافعىّ في القديم ، وحمله أكثر الفقهاء على الكفّارة ، وعبّر عنها بالصَّوْمِ إذ كانت تلازمه.

(صوي) (ه) في حديث أبي هريرة «إنّ للإسلام صُوًى ومناراً كمنار الطريق» الصُّوَى : الأعلام المنصوبة من الحجارة في المفازة المجهولة (١) ، يستدلّ بها على الطّريق ، واحدتها صُوَّةٌ كقوّة : أراد أنّ للإسلام طرائق وأعلاما يُهتَدَى بها.

(ه) وفي حديث لقيط «فيخرجون من الأَصْوَاء فينظرون إليه» الأَصْوَاء : القبور. وأصلها من الصُّوَى : الأعلام ، فشبّه القبور بها.

[ه] وفيه «التَّصْوِيَة خِلَابَة» التَّصْوِيَة مثل التّصرية : وهو أن تترك الشّاة أيّاما لا تحلب. والخِلَابَة : الخداع. وقيل التَّصْوِيَة أن ييبّس أصحاب الشاة لبنها عمدا ليكون أسمن لها.

(باب الصاد مع الهاء)

(صهب) (س) في حديث اللّعان «إن جاءت به أَصْهَبَ ـ وفي رواية أُصَيْهِبَ ـ فهو لفلان» الأَصْهَب : الذي يعلو لونه صُهْبَة ، وهي كالشُّقرة. والأُصَيْهِب تصغيره ، قاله الخطّابي. والمعروف أن الصُّهْبَة مختصّة بالشَّعَر ، وهي مرة يعلوها سواد.

__________________

(١) فى الدر النثير : زاد الفارسى : وقال الأصمعى : هو ما غلظ وارتفع عن الأرض. ولم يبلغ أن يكون جبلا». اه ، وانظر الصحاح (صوى).

٦٢

ومنه الحديث «كان يَرمي الجمار على ناقة له صَهْبَاءَ» وقد تكرر ذكرها.

«وفيه ذكر «الصَّهْبَاء» وهي موضع على روحة من خيبر.

(صهر) (ه) فيه «أنه كان يؤسّس مسجد قباء فَيُصْهِرُ الحجر العظيم إلى بطنه» أي يُدْنِيه إليه. يقال صَهَرَهُ وأَصْهَرَهُ إذا قرّبه وأدناه.

ومنه حديث عليّ «قال له ربيعة بن الحرث : نلت صِهْرَ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلم نحسدك عليه» الصِّهْر : حرمة التّزويج. والفرق بينه وبين النّسب أن النّسب ما رجع إلى ولادة قريبة من جهة الآباء ، والصِّهْر ما كان من خِلْطة تُشبه القرابة يحدثها التّزويج.

وفي حديث أهل النار «فيسلت ما في جوفه حتى يمرق من قدميه ، وهو الصَّهْر» أي الإذابة. يقال صَهَرْتُ الشحمَ إذا أذبته.

(ه) ومنه الحديث «إنّ الأسود كان يَصْهَرُ رجليه بالشحم وهو محرم» أي يذيبه [عليهما](١) ويدهنهما به. يقال صَهَرَ بَدَنَه إذا دهنه بالصَّهِيرِ.

(صهل) (ه) في حديث أم معبد «في صوته صَهَلٌ» أي حدّة وصلابة ، من صَهِيلِ الخيلِ وهو صوتها ، ويروى بالحاء. وقد تقدّم.

(ه) ومنه حديث أم زرع «فجعلني في أهل صَهِيلٍ وأَطِيط» تريد أنها كانت في أهل قلّة فنقلها إلى أهل كثرة وثروة ، لأنّ أهل الخيل والإبل أكثر [مالا](٢) من أهل الغنم.

(صه) (س) قد تكرر في الحديث ذكر «صَهْ» وهي كلمة زجر تقال عند الإسكات ، وتكون للواحد والاثنين والجمع ، والمذكّر والمؤنث ، بمعنى اسكت. وهي من أسماء الأفعال ، وتنوّن ولا تنوّن ، فإذا نوّنت فهي للتّنكير ، كأنك قلت اسكت سكوتا ، وإذا لم تنوّن فلتّعريف : أي اسكت السّكوت المعروف منك.

__________________

(١) زيادة من الهروى.

(٢) سقطت من ا واللسان.

٦٣

(باب الصاد مع الياء)

(صيأ) (ه) في حديث عليّ رضي‌الله‌عنه «قال لأمرأة : أنت مثل العقرب تلدغ وتَصِيءُ» صَاءَتِ العقرب تَصِيءُ إذا صاحت. قال الجوهرى : «هو مقلوب من صَأَى (١)» يَصْئِي ، مثل رمى يرمي ، والواو في قوله وتَصِيءُ للحال : أي تلدغ وهي صَائِحَة.

(صيب) (ه) في حديث الاستسقاء «اللهم اسقنا غيثا صَيِّباً» أي منهمرا متدفّقا. وأصله الواو ، لأنه من صَابَ يَصُوبُ إذا نزل ، وبناؤه صَيْوِب ، فأبدلت الواو ياء وأدغمت (٢). وإنّما ذكرناه هاهنا لأجل لفظه.

(س) وفيه «يولد في صُيَّابَةِ قومِهِ» يريد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أي صميمهم وخالصهم وخيارهم. يقال صُيَّابَة القومِ وصُوَّابَتُهُم ، بالضم والتشديد فيهما.

(صيت) فيه «ما من عبد إلّا وله صِيتٌ في السماء» أى ذكر وشهرة وعرفان. ويكون في الخير والشّر.

(س) وفيه «كان العبّاس رجلا صَيِّتاً» أي شديد الصوت عاليه. يقال هو صَيِّتٌ وصَائِتٌ كميّت ومائت. وأصله الواو ، وبناؤه فيعِل ، فقلب وأدغم.

(صيخ) (س) في حديث ساعة الجمعة «ما من دابّة إلّا وهي مُصِيخَة» أي مستمعة منصتة. ويروى بالسين وقد تقدم.

(س) وفي حديث الغار «فانْصَاخَت الصّخرة» هكذا روي بالخاء المعجمة ، وإنما هو بالمهملة بمعنى انشقّت. يقال انْصَاخَ الثوب إذا انشقّ من قبل نفسه. وألفها منقلبة عن الواو ، وإنما ذكرناها هنا لأجل روايتها بالخاء المعجمة. ويروى بالسين. وقد تقدمت. ولو قيل

__________________

(١) انظر الصحاح (صأى).

(٢) زاد الهروى : «وقال الفراء : هو صويب ، مثل فعيل. وقال شمر : قال بعضهم : الصّيّب : الغيم ذو المطر. وقال الأخفش : هو المطر».

٦٤

إن الصاد فيها مبدلة من السين لم تكن الخاء غلطا. يقال ساخ في الأرض يسوخ ويسيخ إذا دخل فيها.

(صيد) قد تكرر ذكر «الصَّيْد» في الحديث اسما وفعلا ومصدرا. يقال صَادَ يَصِيدُ صَيْداً ، فهو صَائِد ، ومَصِيد. وقد يقع الصَّيْد على المَصِيد نفسه ، تسمية بالمصدر. كقوله تعالى (لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) قيل : لا يقال للشّيء صَيْدٌ حتى يكون ممتنعا حلالا لا مالك له.

وفي حديث أبي قتادة «قال له : أشرتم أو أَصَدْتُمْ» يقال : أَصَدْتُ غيري إذا حملته على الصَّيْد وأغريته به.

وفيه «إنّا اصَّدْنَا حمار وحش» هكذا روي بصاد مشدّدة. وأصله اصْطَدْنَا ، فقلبت الطاء صادا وأدغمت ، مثل اصّبر ، في اصطبر. وأصل الطّاء مبدلة من تاء افتعل.

وفي حديث الحجّاج «قال لامرأة : إنك كتون لفوت لقوف صَيُودٌ» (١) أراد أنها تَصِيدُ شيئا من زوجها. وفعول من أبنية المبالغة.

(ه) وفيه «أنه قال لعليّ رضي‌الله‌عنه «أنت الذّائد عن حوضي يوم القيامة ، تذود عنه الرّجال كما يذاد البعير الصَّاد» يعنى الّذي به الصَّيْد ، وهو داء يصيب الإبل في رؤسها فتسيل أنوفها وترفع رؤسها ، ولا تقدر أن تلوى معه أعناقها. يقال بعير صَادٌ. أي ذو صَادٍ ، كما يقال رجل مال ، ويوم راح : أي ذو مال وريح. وقيل أصل صَاد : صَيِدٌ بالكسر ، ويجوز أن يروى : صادٍ بالكسر ، على أنه اسم فاعل من الصَّدَى : العطش.

ومنه حديث ابن الأكوع «قلت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إنّي رجل أَصِيدُ أفأصلّي في القميص الواحد؟ قال : نعم ، وازرره عليك ولو بشوكة» هكذا جاء في رواية ، وهو الذي في رقبته علّة لا يمكنه الالتفات معها. والمشهور «إنّي رجلٌ أَصِيدُ» ، من الاصْطِيَاد.

__________________

(١) فى ا : «إنك كتون لفوت صيود» وفى اللسان : «كنون كفوت صيود» والمثبت من الأصل ، وهو موافق لرواية المصنف فى (كتن ، لفت ، لقف).

٦٥

وفي حديث جابر رضي‌الله‌عنه «كان يحلف أنّ ابن صَيَّاد الدّجّال» قد اختلف الناس فيه كثيرا ، وهو رجل من اليهود أو دخيل فيهم ، واسمه صافُ ، فيما قيل ، وكان عنده شيء من الكهانة والسّحر. وجملة أمره أنه كان فتنة امتحن الله به عباده المؤمنين ، (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) ، ثم إنه مات بالمدينة في الأكثر. وقيل إنه فقد يوم الحرّة فلم يجدوه. والله أعلم.

(صير) (ه) فيه «من اطّلع مِن صِيرِ بابٍ فقد دَمَرَ» الصِّيرُ : شقّ الباب. ودمر : دخل

(ه) وفي حديث عرضه على القبائل «قال له المثنّى بن حارثة : إنا نزلنا بين صِيرَيْنِ ، اليمامة والسّمامة ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : وما هذان الصِّيرَانِ؟ فقال : مياه العرب وأنهار كسرى» الصِّيرُ : الماء الذي يحضره الناس ، وقد صَارَ القوم يَصِيرُونَ إذا حضروا الماء. ويروى : «بين صِيرَتَيْنِ» ، وهي فِعْلة منه. ويروى «بين صَرَيَيْنِ» ، تثنية صرًى. وقد تقدم.

(ه) وفيه «ما من أمّتي أحد إلّا وأنا أعرفه يوم القيامة ، قالوا : وكيف تعرفهم مع كثرة الخلائق؟ قال : أرأيت لو دخلت صِيرَةً فيها خيل دهم وفيها فرس أغرّ محجّل أما كنت تعرفه منها؟» الصِّيرَة : حظيرة تتّخذ للدوابّ من الحجارة وأغصان الشّجر. وجمعها صِيَر. قال الخطّابي : قال أبو عبيد : صَيْرَة بالفتح ، وهو غلط.

(س) وفيه «أنه قال لعلىّ : ألا أعلّمك كلمات لو قلتهن وعليك مثل صِيرٍ غُفِرَ لك» هو اسم جبل. ويروى «صُور» ، بالواو.

(س) وفي رواية أبي وائل «إنّ عليا رضي‌الله‌عنه قال : لو كان عليك مثل صِيرٍ دينا لأدّاه الله عنك» ويروى «صَبِير». وقد تقدم.

(ه) وفي حديث ابن عمر رضي‌الله‌عنهما «أنه مرّ به رجل معه صِيرٌ فذاق منه» جاء تفسيره في الحديث أنه الصّحناء ، وهي الصّحناة (١) قال ابن دريد : أحسبه سريانيّا.

__________________

(١) فى ا والهروى بكسر الصاد المشددة. قال فى القاموس (صحن) : والصّحنا والصّحناة ، ويمدان ويكسران.

٦٦

ومنه حديث المعافرىّ «لعلّ الصِّيرَ أحبُّ إليك من هذا».

وفي حديث الدعاء «(عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا) ... (وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)» أي المرجع. يقال صِرْتُ إلى فلان أَصِيرُ مَصِيراً ، وهو شاذّ. والقياس مَصَاراً مثل ، معاش.

(صيص) (ه) فيه «أنه ذكر فتنة تكون في أقطار الأرض كأنها صَيَاصِي بقر» أي قرونها ، واحدتها صِيصِيَة ، بالتخفيف. شبّه الفتنة بها لشدّتها وصعوبة الأمر فيها. وكلّ شيء امتنع به وتحصّن به فهو صِيصِيَةٌ.

ومنه قيل للحصون «الصَّيَاصِي» وقيل : شبّه الرّماح التي تشرع في الفتنة وما يشبهها من سائر السلاح بقرون بقر مجتمعة.

(س ه) ومنه حديث أبي هريرة رضي‌الله‌عنه «أصحاب الدّجال شواربهم كالصَّيَاصِي» يعنى أنهم أطالوها وفتلوها حتى صارت كأنها قرون بقر. والصِّيصِيَّة أيضا : الوتد (١) الذي يقلع به التّمر ، والصّنّارة التي يغزل بها وينسج.

ومنه حديث حميد بن هلال «أنّ امرأة خرجت : في سريّة وتركت ثنتى عشرة عنزا لها وصِيصِيَتَهَا التي كانت تنسج بها».

(صيغ) (س) في حديث الحجّاج «رميت بكذا وكذا صِيغَةً من كثب في عدوّك» يريد سهاما رمى بها فيه. يقال هذه سهام صِيغَةٌ ، أي مستوية من عمل رجل واحد. وأصلها الواو فانقلبت ياء لكسرة ما قبلها. يقال هذا صَوْغُ هذا ، إذا كان على قدره ، وهما صَوْغَانِ : أي سيّان. ويقال صِيغَةُ الأمرِ كذا وكذا : أي هيأته التي بني عليها وصَاغَهَا قائله أو فاعله.

(صيف) (س ه) في حديث أنس رضي‌الله‌عنه «أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم شاور أبا بكر يوم بدر في الأسرى ، فتكلّم أبو بكر فصَافَ عنه» أي عدل بوجهه عنه ليشاور غيره. يقال صَافَ السّهم يَصِيفُ ، إذا عدل عن الهدف.

(ه) ومنه الحديث الآخر «صَافَ أبو بكر عن أبي بردة».

(س) وفي حديث عبادة «أنه صلّى في جبّة صَيِّفَة» أي كثيرة الصُّوف. يقال صَافَ الكبشُ

__________________

(١) فى الهروى : «الودّ» وهو والوتد بمعنى.

٦٧

يَصُوفُ صَوْفاً فهو صَائِف وصَيِّف ، إذا كثر صُوفُهُ. وبناء اللفظة : صَيْوِفَة ، فقلبت ياء وأدغمت. وذكرناها هاهنا لظاهر لفظها.

(س) وفي حديث الكلالة «حين سئل عنها عمر فقال له : تكفيك آية الصَّيْف» أي التي نزلت في الصَّيْف. وهي الآية التي في آخر سورة النّساء. والّتي في أولها نزلت في الشّتاء.

(س) وفي حديث سليمان بن عبد الملك لما حضرته الوفاة قال :

إنّ بَنِيَّ صِبْيَةٌ صَيْفِيُّون

أفلح من كان له رِبْعِيُّون

أي ولدوا على الكبر : يقال أَصَافَ الرجلُ يُصِيفُ إِصَافَةً إذا لم يولد له حتى يسنّ ويكبر. وأولاده صَيْفِيُّون. والرّبيعيّون الذين ولدوا في حداثته وأوّل شبابه. وإنّما قال ذلك ، لأنه لم يكن له في أبنائه من يقلّده العهد بعده.

٦٨

حرف الضاد

(باب الضاد مع الهمزة)

(ضأضأ) (ه) في حديث الخوارج «يخرج من ضِئْضِئِ هذا قومٌ يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدّين كما يمرق السهم من الرّميّة» الضِّئْضِئُ : الأصل. يقال ضِئْضِئُ صدقٍ ، وضُوضُؤُ صدق. وحكى بعضهم ضِئْضِيءٌ ، بوزن قنديل ، يريد أنه يخرج من نسله وعقبه. ورواه بعضهم بالصّاد المهملة. وهو بمعناه.

ومنه حديث عمر «أعطيت ناقة في سبيل الله فأردت أن أشتري من نسلها ، أو قال من ضِئْضِئِهَا ، فسألت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : دعها حتى تجيء يوم القيامة هي وأولادها في ميزانك».

(ضأل) (ه) في حديث إسرافيل عليه‌السلام «وإنه لَيَتَضَاءَلُ من خشية الله» وفي رواية «لعظمة الله» أي يتصاغر تواضعا له. وتَضَاءَلَ الشّيءُ إذا انقبض وانضمّ بعضه إلى بعض ، فهو ضَئِيلٌ. والضَّئِيلُ : النّحيف الدّقيق.

(س) ومنه حديث عمر «أنه قال للجنّي : إنى أراك ضَئِيلاً شخيتا».

(س) وحديث الأحنف «إنك لَضَئِيلٌ» أي نحيف ضعيف. وقد تكرر في الحديث.

(ضأن) في حديث شقيق «مثل قرّاء هذا الزّمان كمثل غنمٍ ضَوَائِنَ ذات صوف عجاف» الضَّوَائِن : جمع ضَائِنَة ، وهي الشاة من الغنم ، خلاف المعز.

(باب الضاد مع الباء)

(ضبأ) (ه) فيه «فضَبَأَ إلى ناقته» أي لزق بالأرض يستتر بها. يقال أَضْبَأْتُ إليه أَضْبَأ إذا لجأت إليه. ويقال فيه أَضْبَأ يُضْبِئُ فهو مُضْبِئٌ.

٦٩

ومنه حديث علي رضي‌الله‌عنه «فإذا هو مُضْبِئٌ».

(ضبب) (ه) فيه «أن أعرابيا أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بِضَبٍ ، فقال : إنّي في غائط مُضِبَّة» هكذا جاء في الرّواية بضم الميم وكسر الضاد ، والمعروف بفتحهما. يقال أَضَبَّتْ أرضُ فلان إذا كثر ضِبَابُهَا. وهي أرض مَضَبَّة : أي ذات ضِبَابٍ ، مثل مأسدة ، ومذأبة ، ومربعة : أي ذات أسود وذئاب ويرابيع. وجمع المَضَبَّةِ : مَضَابّ ، فأمّا مُضِبَّة فهي اسم فاعل من أَضَبَّتْ كأغدّت ، فهي مغدّة ، فإن صحّت الرواية فهي بمعناها. ونحو من هذا البناء :

(س) الحديث الآخر : «لم أزل مُضِبّاً بعدُ» هو من الضَّبِ : الغضب والحقد : أي لم أزل ذا ضَبٍّ.

وحديث عليّ «كلّ منهما حامل ضَبٍ لصاحبه».

وحديث عائشة «فغضب القاسم وأَضَبَ عليها».

(س) والحديث الآخر «فلما أَضَبُّوا عليه» أي أكثروا. يقال : أَضَبُّوا ، إذا تكلّموا متتابعا ، وإذا نهضوا في الأمر جميعا.

(ه) وفي حديث ابن عمر «أنه كان يفضي بيديه إلى الأرض إذا سجد وهما تَضِبَّانِ دما» الضَّبُ : دون السّيلان ، يعنى أنه لم ير الدم القاطر ناقضا للوضوء. يقال ضَبَّتْ لثاتُهُ دما : أي قطرت.

ومنه الحديث «ما زال مُضِبّاً مذ اليوم» أي إذا تكلم ضَبَّتْ لثاتُهُ دما.

(س) وفي حديث أنس «إن الضَّبَ ليموت هزالا في جحره بذنب ابن آدم» أي يحبس المطر عنه بشؤم ذنوبهم. وإنما خصّ الضَّبّ لأنه أطول الحيوان نفسا ، وأصبرها على الجوع. وروى «الحُبَارَى» بدل الضَّبّ ، لأنها أبعد الطّير نجعة.

[ه] وفي حديث موسى وشعيب عليهما‌السلام «ليس فيها ضَبُوبٌ ولا ثَعُول» الضَّبُوب : الضَّيِّقَة ثقبُ الإحليل.

وفيه «كنت مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في طريق مكة ، فأصابتنا ضَبَابَةٌ فرّقت بين الناس» هي البخار المتصاعد من الأرض في يوم الدّجن ، يصير كالظّلة تحجب الأبصار لظلمتها.

٧٠

(ضبث) (ه) في حديث سميط (١) «أوحى الله تعالى إلى داود عليه‌السلام : قل للملأ من بني إسرائيل : لا يدعوني والخطايا بين أَضْبَاثِهِمْ» أي في قبضاتهم. والضَّبْثَة : القبضة : يقال ضَبَثْتُ على الشيء إذا قبضت عليه : أي هم محتقبون للأوزار ، محتملوها غير مقلعين عنها. ويروى بالنّون. وسيذكر.

ومنه حديث المغيرة «فُضُلٌ ضَبَاثٌ» أي مختالة (٢) معتلقة بكلّ شيء ممسكة له. هكذا جاء في رواية. والمشهور «مئناث» : أي تلد الإناث.

(ضبح) (ه) في حديث ابن مسعود «لا يخرجنّ أحدكم إلى ضَبْحَة بليل ـ أي صيحة يسمعها ـ فلعلّه يصيبه مكروه» وهو من الضَّبَاحِ : صوت الثعلب ، والصّوت الذي يسمع من جوف الفرس. ويروى «صيحة» بالصّاد والياء (٣).

ومنه حديث ابن الزّبير «قاتل الله فلانا. ضَبَحَ ضَبْحَةَ الثعلب وقبع قبعة القنفذ».

(س) وحديث أبي هريرة «إن أُعْطِيَ مدح وضَبَحَ» أي صاح وخاصم عن معطيه. وفي شعر أبي طالب :

فإنّي والضَّوَابِحِ (٤) كلّ يوم

هي جمع ضَابِح ، يريد القسم بمن يرفع صوته بالقراءة ، وهو جمع شاذّ في صفة الآدمي كفوارس.

(ضبر) (ه) في حديث أهل النار «يخرجون من النّار ضَبَائِرَ ضَبَائِر» هم الجماعات في تفرقة ، واحدتها ضِبَارَة ، مثل عمارة وعمائر. وكل مجتمع : ضِبَارَة.

__________________

(١) فى الأصل وا : «شميط» بالشين المعجمة ، وأثبتناه بالسين المهملة من الهروى واللسان. وانظر أسد الغابة ٢ / ٣٥٧ ، الإصابة ١٣٣٣.

(٢) فى الأصل : «محتالة» بالحاء المهملة. وكتبناه بالمعجمة من ا واللسان.

(٣) الذى فى الهروى : «ضيحة ، بالضاد والياء» ضبط قلم.

(٤) سبقت بفتح الحاء فى ص ٣٧٣ ، ٥١٦ من الجزء الثانى. وكذلك ضبطت فى اللسان.

٧١

وفي رواية أخرى «فيخرجون ضِبَارَاتٍ ضِبَارَات» هو جمع صحّة للضِّبَارَة ، والأوّل جمع تكسير.

ومنه الحديث «أتته الملائكة بحريرة فيها مسك ومن ضَبَائِر الرّيحان».

وفي حديث سعد بن أبي وقّاص رضي‌الله‌عنه «الضَّبْرُ ضَبْرُ البلقاء ، والطعن طعن أبي محجن» الضَّبْر : أن يجمع الفرس قوائمه ويثب. والبلقاء : فرس سعد.

وكان سعد حبس أبا محجن الثّقفي في شرب الخمر وهم في قتال الفرس ، فلمّا كان يوم القادسيّة رأى أبو محجن من الفرس قوّة ، فقال لامرأة سعد : أطلقيني ولك الله عليَّ إن سلّمني الله أن أرجع حتى أضع رجلي في القيد ، فحلّته فركب فرسا لسعد يقال لها البلقاء ، فجعل لا يحمل على ناحية من العدوّ إلّا هزمهم ، ثم رجع حتى وضع رجليه في القيد ، ووفى لها بذمّته. فلمّا رجع سعد أخبرته بما كان من أمره ، فخلّى سبيله.

(ه) وفي حديث الزّهري ، وذكر بني إسرائيل فقال : «جعل الله جوزهم الضَّبْر» هو جوز البرّ.

وفيه «إنّا لا نأمن أن يأتوا بِضَبُورٍ» هي الدّبّابات التي تقرّب إلى الحصون لينقب من تحتها ، الواحدة ضَبْرَة (١).

(ضبس) (ه) في حديث طهفة «والفلوّ الضَّبِيس» الفلوّ : المهر ، والضَّبِيس : الصّعب العسر. يقال رجلٌ ضَبِسٌ وضَبِيسٌ.

ومنه حديث عمر وذكر الزبير فقال : «ضَبِسٌ ضَرِسٌ».

(ضبط) (ه) فيه «أنه سئل عن الأَضْبَط» هو الذي يعمل بيديه جميعا ، يعمل بيساره كما يعمل بيمينه.

وفي الحديث «يأتي على النّاس زمان وإنّ البعير الضَّابِط والمزادتين أحبّ إلى الرجل ممّا يملك» الضَّابِط : القوىّ على عمله.

__________________

(١) فى الهروى : «الواحد ضبر» وكذا فى الفائق ٢ / ٢٧٨. وانظر القاموس (ضبر).

٧٢

[ه] وفي حديث أنس «سافر ناس من الأنصار فأرملوا ، فمرّوا بحيٍّ من العرب فسألوهم القرى فلم يقروهم ، وسألوهم الشّراء فلم يبيعوهم ، فَتَضَبَّطُوهُم وأصابوا منهم (١)» يقال تَضَبَّطْتُ فلانا إذا أخذته على حبس منك له وقهر.

(ضبع) [ه] فيه «أنّ رجلا أتاه فقال : قد أكلتنا الضَّبُع يا رسول الله» يعنى السّنة المجدبة ، وهي في الأصل الحيوان المعروف. والعرب تكنى به عن سنة الجدب.

ومنه حديث عمر «خشيت أن تأكلهم الضَّبُع».

(س) وفيه «أنه مرّ في حجّه على امرأة معها ابن لها صغير ، فأخذت بِضَبْعَيْهِ وقالت : ألهذا حجّ؟ فقال : نعم ، ولك أجر» الضَّبْع بسكون الباء : وسط العضد. وقيل هو ما تحت الإبط.

(س) ومنه الحديث «أنه طاف مُضْطَبِعاً وعليه برد أخضر» هو أن يأخذ الإزار أو البرد فيجعل وسطه تحت إبطه الأيمن ، ويلقى طرفيه على كتفه الأيسر من جهتي صدره وظهره. وسمّي بذلك لإبداء الضَّبْعَيْن. ويقال للإبط الضَّبْع ، للمجاورة.

(س) وفي قصة إبراهيم عليه‌السلام وشفاعته في أبيه «فيمسخه الله ضِبْعَاناً أَمْدَرَ» الضِّبْعَانُ : ذَكَرُ الضِّبَاعِ.

(ضبن) (ه) فيه «اللهمّ إني أعوذ بك من الضُّبْنَة في السّفر» الضُّبْنَة والضِّبْنَة (٢) : ما تحت يدك من مال وعيال ومن تلزمك نفقته. سُمُّوا ضُبْنَةً ضِبْنَةً ، لأنّهم في ضِبْنِ مَن يعولهم. والضِّبْن : ما بين الكشح والإبط (٣). تعوّذ بالله من كثرة العيال في مظنّة الحاجة وهو السّفر. وقيل تعوّذ من صحبة من لا غناء فيه ولا كفاية من الرّفاق ، إنما هو كلّ وعيال على من يرافقه.

(ه) ومنه الحديث «فدعا بميضأة فجعلها في ضِبْنِهِ» أي حضنه. واضْطَبَنْتُ الشّيءَ إذا جعلته في ضِبْنِكَ.

__________________

(١) فى الهروى : «فضبطوهم وأصابوا فيهم».

(٢) الضبنة ، مثلثة الضاد ، وضبنة ، كفرحة. القاموس (ضبن).

(٣) عبارة الهروى : «الضبن : فوق الكشح ودون الإبط ، والحضر ما بينهما».

٧٣

(ه) ومنه حديث عمر «إنّ الكعبة تَفِيءُ على دار فلان بالغداة ، وتفيء [هي](١) على الكعبة بالعشيّ. وكان يقال لها رضيعة الكعبة ، فقال : إنّ داركم قد ضَبَنَتِ الكعبةَ ، ولا بدّ لي من هدمها» أي أنها لمّا صارت الكعبة في فيئها بالعشيّ كانت كأنها قد ضَبَنَتْهَا ، كما يحمل الإنسان الشيء في ضِبْنِهِ.

(س) ومنه حديث ابن عمر «يقول القبر : يا ابن آدم قد حُذِّرْت ضيقي ونتني وضِبْنِي» أي جنبي وناحيتي. وجمع الضِّبْن أَضْبَان.

ومنه حديث سميط (٢) «لا يدعوني والخطايا بين أَضْبَانِهِم» أي يحملون الأوزار على جنوبهم. ويروى بالثاء المثلّثة. وقد تقدّم.

(باب الضاد مع الجيم)

(ضجج) (س) في حديث حذيفة «لا يأتي على الناس زمان يَضِجُّونَ منه إلّا أردفهم الله أمرا يشغلهم عنه» الضَّجِيج : الصّياح عند المكروه والمشقّة والجزع.

(ضجع) فيه «كانت ضِجْعَةُ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أَدَما حشوها ليف» الضِّجْعَة بالكسر : من الاضْطِجَاعِ ، وهو النّوم ، كالجِلسة من الجلوس ، وبفتحها المرّة الواحدة. والمراد ما كان يَضْطَجِعُ عليه ، فيكون في الكلام مضاف محذوف ، والتقدير : كانت ذات ضِجْعَتِهِ ، أو ذات اضْطِجَاعِهِ فراش أدم حشوها ليف.

(س) وفي حديث عمر رضي‌الله‌عنه «جمع كومة من رمل وانْضَجَعَ عليها» هو مطاوع أَضْجَعَهُ ، نحو أزعجته فانزعج ، وأطلقته فانطلق. وانفعل بابه الثلاثي ، وإنما جاء في الرّباعي قليلا على إنابة أَفْعَلَ مناب فَعَلَ.

(ضجن) (س) فيه «أنه أقبل حتى إذا كان بِضَجْنَان» هو موضع أو جبل بين مكة والمدينة. وقد تكرر في الحديث.

__________________

(١) سقطت من ا واللسان ، وهى فى الأصل والهروى.

(٢) انظر تعليقنا ص ٧١.

٧٤

(باب الضاد مع الحاء)

(ضحح) (ه) في حديث أبي خيثمة «يكون رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الضِّحِ والرّيح ، وأنا في الظّل!» أي يكون بارزا لحرّ الشمس وهبوب الرّياح. والضِّحّ بالكسر : ضوء الشمس إذا استمكن من الأرض ، وهو كالقمراء للقمر. هكذا هو أصل الحديث. ومعناه.

وذكره الهروي فقال : أراد كثرة الخيل والجيش. يقال جاء فلان بالضِّحِ والرّيح : أي بما طلعت عليه الشمس وهبّت عليه (١) الريح ، يعنون المال الكثير. هكذا فسره الهروي. والأوّل أشبه بهذا الحديث.

ومن الأوّل الحديث «لا يقعدنّ أحدكم بين الضِّحِ والظّل فإنه مقعد الشيطان» أي يكون نصفه في الشمس ونصفه في الظّل.

وحديث عيّاش بن أبي ربيعة «لمّا هاجر أقسمت أمّه بالله لا يظلّها ظلّ ولا تزال في الضِّحِ والرّيح حتى يرجع إليها».

(س) ومن الثاني الحديث الآخر «لو مات كعب عن الضِّحِ والريح لورثه الزّبير» أراد أنه لو مات عمّا طلعت عليه الشمس وجرت عليه الرّيح ، كني بهما عن كثرة المال. وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد آخى بين الزّبير وبين كعب بن مالك. ويروى «عن الضّيح والرّيح». وسيجيء.

(ضحضح) (ه) في حديث أبي طالب «وجدته في غمرات من النّار فأخرجته إلى ضَحْضَاحٍ» وفي رواية «أنه في ضَحْضَاحٍ من نار يغلي منه دماغه!» الضَّحْضَاح في الأصل : ما رقّ من الماء على وجه الأرض ما يبلغ الكعبين ، فاستعاره للنار.

ومنه حديث عمرو بن العاص يصف عمر ، قال : «جانب غمرتها ، ومشى ضَحْضَاحها وما ابتلّت قدماه» أي لم يتعلّق من الدنيا بشيء. وقد تكرر في الحديث.

(ضحك) (ه) فيه «يبعث الله تعالى السّحاب فَيَضْحَكُ أحسن الضَّحِك» جعل انجلاءه

__________________

(١) فى الهروى : «به».

٧٥

عن البرق ضَحِكاً ، استعارة ومجازا ، كما يفترّ الضَّاحِك عن الثّغر. وكقولهم ضَحِكَتِ الأرضُ ، إذا أخرجت نباتها وزهرتها.

(ه) وفيه «ما أوضحوا بضَاحِكَة» أي ما تبسّموا. والضَّوَاحِك : الأسنان التي تظهر عند التّبسّم.

(ضحل) (س) في كتابه لأكيدر «ولنا الضّاحية من الضَّحْل» الضَّحْل بالسكون : القليل من الماء. وقيل هو الماء القريب المكان ، وبالتحريك مكان الضَّحْل. ويروى «الضّاحية من البعل». وقد تقدّم في الباء.

(ضحا) (س) فيه «إنّ على كلّ أهل بيت أَضْحَاةً كلّ عام» أي أُضْحِيَّة. وفيها أربع لغات : أُضْحِيَّة ، وإِضْحِيَّة ، والجمع أَضَاحِيّ. وضَحِيَّة ، والجمع ضَحَايَا. وأَضْحَاة ، والجمع أَضْحًى. وقد تكرر في الحديث.

(س) وفي حديث سلمة بن الأكوع «بينا نحن نَتَضَحَّى مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» أي نتغدّى. والأصل فيه أن العرب كانوا يسيرون في ظعنهم ، فإذا مرّوا ببقعة من الأرض فيها كلأ وعشب قال قائلهم : ألا ضَحُّوا رُوَيدا ، أي ارفقوا بالإبل ، حتى تَتَضَحَّى ، أي تنال من هذا المرعى ، ثم وضعت التَّضْحِيَة مكان الرّفق لتصل الإبل إلى المنزل وقد شبعت ، ثم اتّسع فيه حتى قيل لكلّ من أكل في وقت الضُّحَى : هو يَتَضَحَّى ، أي يأكل في هذا الوقت. كما يقال يتغدّى ويتعشّى في الغداء والعشاء. والضَّحَاء بالمدّ والفتح : هو إذا علت الشمس إلى ربع السماء فما بعده.

(س) ومنه حديث بلال «فلقد رأيتهم يتروّحون في الضَّحَاء» : أي قريبا من نصف النهار ، فأما الضَّحْوَة فهو ارتفاع أوّل النهار. والضُّحَى بالضم والقصر فوقه ، وبه سمّيت صلاة الضُّحَى. وقد تكرر ذكرها في الحديث.

(س) ومنه حديث عمر «اضْحُوا بصلاة الضُّحَى» أي صلّوها لوقتها ولا تؤخّروها إلى ارتفاع الضُّحَى.

٧٦

(ه) ومن الأول كتاب عليّ إلى ابن عباس «ألا ضَحِ رويداً (١) قد بلغت المدى» أي اصبر قليلا.

(ه) ومنه حديث أبي بكر «فإذا نضب عمره وضَحَا ظلُّه» أي مات. يقال ضَحَا الظِّلُّ إذا صار شمسا ، فإذا صار ظلّ الإنسان شمسا فقد بطل صاحبه.

(ه) ومنه حديث الاستسقاء «اللهمّ ضَاحَتْ بلادُنا واغبرّت أرضنا» أي برزت للشمس وظهرت لعدم النّبات فيها. وهي فاعَلَت ، من ضَحَى ، مثل رامت من رمى ، وأصلها : ضَاحَيَتْ.

(ه) ومنه حديث ابن عمر «رأى محرما قد استظلّ ، فقال : أَضْحِ لمن أحرمت له» أي اظهر واعتزل الكنّ والظّلّ ، يقال ضَحَيْتُ للشمس ، وضَحِيتُ أَضْحَى فيهما إذا برزت لها وظهرت.

قال الجوهرى : يرويه المحدّثون «أَضْحِ» بفتح الألف وكسر الحاء (٢). وإنما هو بالعكس.

(س) ومنه حديث عائشة «فلم يرعني إلا ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد ضَحَا» أي ظهر.

(ه) ومنه الحديث «ولنا الضَّاحِيَة من البعل» أي الظاهرة البارزة التي لا حائل دونها.

(س) ومنه الحديث «أنه قال لأبي ذرّ : إني أخاف عليك من هذه الضَّاحِيَة» أي الناحية البارزة.

(س) وحديث عمر «أنه رأى عمرو بن حريث ، فقال : إلى أين؟ قال : إلى الشام ، قال : أما إنها ضَاحِيَة قومك» أي ناحيتهم.

__________________

(١) رواية الهروى : «ألا ضحّ رويدا فكأن قد بلغت المدى». وهى رواية الزمخشرى أيضا فى الفائق ٢ / ٤٢٨.

(٢) بعد هذا فى الصحاح (ضحا) : من أضحيت. وقال الأصمعي : إنما هو «اضح لمن أحرمت له» ، بكسر الألف وفتح الحاء ، من ضحيت أضحى ، لإنه إنما أمره بالبروز للشمس ، ومنه قوله تعالى : (وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى). ا ه واللفظة فى الهروى : «إضح» ، ضبط قلم.

٧٧

ومنه حديث أبي هريرة «وضَاحِيَة مُضَرَ مخالفون لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» أي أهل البادية منهم. وجمع الضَّاحِيَة : ضَوَاحٍ.

ومنه حديث أنس «قال له : البصرة إحدى المؤتفكات فانزل في ضَوَاحِيها».

ومنه قيل «قريش الضَّوَاحِي» أي النازلون بظواهر مكة.

(ه) وفي حديث إسلام أبي ذرّ «في ليلة إِضْحِيَانٍ» [أي مضيئة (١)] مقمرة. يقال ليلة إِضْحِيَانٌ وإِضْحِيَانَةٌ (٢) والألف والنون زائدتان.

(باب الضاد مع الراء)

(ضرأ) (س) في حديث معديكرب «مشوا في الضَّرَاءِ» هو بالفتح والمد : الشّجر الملتفّ في الوادي. وفلان يمشي الضَّرَاء ، إذا مشى مستخفيا فيما يواري من الشّجر. ويقال للرّجل إذا ختل صاحبه ومكر به : هو يدبّ له الضَّرَاء ويمشي له الخمر (٣).

وهذه اللفظة ذكرها الجوهرى في المعتل ، وهو بابها ، لأن همزتها منقلبة عن ألف وليست أصلية ، وأبو موسى ذكرها في الهمزة حملا على ظاهر لفظها فاتّبعناه.

(ضرب) قد تكرر في الحديث «ضَرْبُ الأمثالِ» وهو اعتبار الشيء بغيره وتمثيله به. والضَّرْب : المثال.

وفي صفة موسى عليه‌السلام «أنه ضَرْبٌ من الرّجال» هو الخفيف اللحم الممشوق المستدقّ.

وفي رواية «فإذا رجل مُضْطَرِبٌ ، رَجْلُ الرأسِ» هو مفتعل من الضَّرْب ، والطاء بدل من تاء الافتعال.

__________________

(١) سقطت من ا واللسان.

(٢) زاد الهروى : «وضحيانة وضحياء ، ويوم ضحيان. قال : وهكذا جاء فى الحديث».

(٣) عبارة الجوهرى. «هو يمشى له الضّراء ويدبّ له الخمر». الصحاح (ضرا).

٧٨

(س) ومنه في صفة الدجال «طُوَال ضَرْبٌ من الرجال».

(س) وفيه «لا تُضْرَبُ أكباد الإبل إلّا إلى ثلاثة مساجد» أي لا تركب ولا يسار عليها. يقال ضَرَبْتُ في الأرض ، إذا سافرت.

(ه) ومنه حديث علي «إذا كان كذا ضَرَبَ يعسوب الدّين بذنبه» أي أسرع الذهاب في الأرض فرارا من الفتن.

(س) ومنه حديث الزّهري «لا تصلح مُضَارَبَةُ من طعمته حرام» المُضَارَبَة : أن تعطي مالا لغيرك يتّجر فيه فيكون له سهم معلوم من الرّبح ، وهي مفاعلة من الضَّرْب في الأرض والسّير فيها للتّجارة.

وفي حديث المغيرة «أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم انطلق حتى تَوَارى عنّي فضَرَبَ الخلاءَ ثم جاء» يقال ذهب يَضْرِبُ الغائطَ. والخلاء ، والأرض ، إذا ذهب لقضاء الحاجة.

(س) ومنه الحديث «لا يذهب الرّجلان يَضْرِبَان الغائط يتحدثان».

وفيه «أنه نهى عن ضِرَاب الجمل» هو نزوه على الأنثى. والمراد بالنهي ما يؤخذ عليه من الأجرة ، لا عن نفس الضِّرَاب. وتقديره : نهى عن ثمن ضِرَاب الجمل ، كنهيه عن عسب الفحل : أي عن ثمنه. يقال : ضَرَبَ الجملُ الناقة يَضْرِبُها إذا نزا عليها. وأَضْرَبَ فلانٌ ناقته : أي أنزى الفحل عليها.

(س) ومنه الحديث الآخر «ضِرَاب الفحل من السّحت» أي أنه حرام. وهذا عامّ في كلّ فحل.

(س) وفي حديث الحجّام «كم ضَرِيبَتُكَ؟» الضَّرِيبَة : ما يؤدّي العبد إلى سيّده من الخراج المقرّر عليه ، وهي فعيلة بمعنى مفعولة ، وتجمع على ضَرَائِب.

ومنه حديث الإماء «اللّاتي كان عليهن لمواليهنّ ضَرَائِب».

وقد تكرّر ذكرها في الحديث مفردا ومجموعا.

(ه) وفيه «أنه نهى عن ضَرْبَة الغائص» هو أن يقول الغائص في البحر للتّاجر : أغوص غوصة ، فما أخرجته فهو لك بكذا ، نهى عنه لأنه غرر.

٧٩

(ه) وفيه «ذاكر الله في الغافلين كالشجرة الخضراء وسط الشجر الذي تحاتّ من الضَّرِيب» هو الجليد.

(ه) وفيه «إنّ المسلم المسدّد ليدرك درجة الصّوّام بحسن ضَرِيبَتِهِ» أي طبيعته وسجيّته.

(ه) وفيه «أنه اضْطَرَبَ خاتما من ذهب» أي أمر أن يُضْرَبَ له ويصاغ ، وهو افتعل من الضَّرْب : الصياغة ، والطاء بدل من التاء.

ومنه الحديث «يَضْطَرِبُ بناءً في المسجد» أي ينصبه ويقيمه على أوتاد مَضْرُوبَة في الأرض.

وفيه «حتى ضَرَبَ الناس بعطن» أي رويت إبلهم حتى بركت وأقامت مكانها.

وفيه «فضُرِبَ على آذانهم» هو كناية عن النوم ، ومعناه حجب الصوت والحسّ أن يلجا آذانهم فينتبهوا ، فكأنها قد ضُرِبَ عليها حجاب.

ومنه حديث أبي ذرّ «ضُرِبَ على أصمختهم فما يطوف بالبيت أحد».

وفي حديث ابن عمر «فأردت أن أَضْرِبَ على يده» أي أعقد معه البيع ، لأنّ من عادة المتبايعين أن يضع أحدهما يده في يد الآخر عند عقد التّبايع.

(س) وفيه «الصُّداع ضَرَبَانٌ في الصُّدغين» ضَرَبَ العرقُ ضَرَبَاناً وضَرْباً إذا تحرّك بقوّة.

(س) وفيه «فضَرَبَ الدّهرُ من ضَرَبَانِهِ» ويروى «من ضَرْبِهِ» أي مرّ من مروره وذهب بعضه.

وفي حديث عائشة «عتبوا على عثمان ضَرْبَةَ السّوطِ والعصا» أي كان من قبله يَضْرِب في العقوبات بالدّرّة والنّعل ، فخالفهم.

(س) وفي حديث ابن عبد العزيز «إذا ذهب هذا وضُرَبَاؤُهُ» هم الأمثال والنُّظَرَاء ، واحدهم : ضَرِيب.

٨٠