النّهاية - ج ٣

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٣

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: طاهر احمد الزاوي ومحمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤٨٨

وفيه ذكر «الصَّفَا والمروة» في غير موضع. هو اسم أحد جبلي المسعى. والصَّفَا في الأصل جمع صَفَاة ، وهي الصّخرة والحجر الأملس.

(س) ومنه حديث معاوية «يضرب صَفَاتَهَا بِمِعْوَلِهِ» هو تمثيل : أي اجتهد عليه وبالغ في امتحانه واختباره.

ومنه الحديث «لا تقرع لهم صفاة» أي لا ينالهم أحد بسوء.

وفي حديث الوحي «كأنها سلسلة على صَفْوَان» الصَّفْوَان : الحجر الأملس. وجمعه صُفِيّ صِفِيّ. وقيل هو جمعٌ ، واحدُهُ صَفْوَانَة.

(باب الصاد مع القاف)

(صقب) (ه) فيه «الجار أحقّ بِصَقَبِهِ» الصَّقَب : القرب والملاصقة. ويروى بالسين. وقد تقدّم. والمراد به الشّفعة.

(ه) ومنه حديث عليّ رضي‌الله‌عنه «كان إذا أُتِيَ بالقتيل قد وُجِدَ بين القريتين حمله على أَصْقَبِ القريتين إليه» أي أقربهما.

(صقر) (ه) فيه «كلُ صَقَّار ملعونٌ ، قيل يا رسول الله : وما الصَّقَّار؟ قال : نَشْءٌ يكونون في آخر الزمان ، تكون تحيّتهم بينهم إذا تلاقوا التّلاعن ، ويروى بالسين. وقد تقدّم. ورواه مالك بالصّاد ، وفسّره بالنّمّام. ويجوز أن يكون أراد به ذا الكبر والأبّهة (١) ، لأنه يميل بخدّه.

ومنه الحديث «لا يقبل الله من الصَّقُور يوم القيامة صَرفا ولا عدلا» هو بمعنى الصَّقَّار. وقيل هو الدَّيُّوث القوّاد على حرمه.

(ه) وفي حديث أبي خيثمة «ليس الصَّقْر في رءوس النخل» الصَّقْر : عسل الرّطب هاهنا ، وهو الدّبس ، وهو في غير هذا اللّبن الحامض. وقد تكرر ذكر الصَّقْر في الحديث ، وهو هذا الجارح المعروف من الجوارح الصّائدة.

__________________

(١) قال الهروى : ورواه بعض أهل العلم بالعين ، وقال : هو ذو الكبر. وأنكره الأزهرى.

٤١

(صقع) (س) فيه «ومن زنى مِمْ بِكر فاصْقَعُوهُ مائة» أي اضربوه. وأصل الصَّقْع : الضّرب على الرأس. وقيل : الضرب ببطن الكفّ. وقوله «مِمْ بِكْر» لغة أهل اليمن ، يبدلون لام التعريف ميماً.

ومنه الحديث «ليس من امبّر امصيام في امسفر» فعلى هذا تكون راء بكر مكسورة من غير تنوين ، لأن أصله من البكر ، فلمّا أبدل اللّام ميما بقيت الحركة بحالها ، كقولهم بلحارث ، في بني الحارث ، ويكون قد استعمل البكر موضع الأبكار. والأشبه أن يكون بكر نكرة منوّنة ، وقد أبدلت نون من ميما ، لأن النون الساكنة إذا كان بعدها باء قلبت في اللّفظ ميما ، نحو منبر ، وعنبر ، فيكون التّقدير : من زنى من بكر فاصْقَعُوهُ.

ومنه الحديث «أنّ منقذا صُقِعَ آمَّةً في الجاهلية» أي شجّ شجّة بلغت أُمّ رأسه.

(ه) وفي حديث حذيفة بن أسيد «شرّ الناس في الفتنة الخطيب المِصْقَع» أي البليغ الماهر في خطبته الدّاعى إلى الفتن الذى يحرّض الناس عليها ، وهو مفعل ، من الصّقع : رفع الصّوت ومتابعته. ومفعل من أبنية المبالغة.

(صقل) (ه) في حديث أم معبد «ولم تزر به صُقْلَةٌ» أي دقّة ونحول. يقال صَقَلْتُ الناقةَ إذا أضمرتها. وقيل : أرادت أنه لم يكن منتفخ الخاصرة جدّا ، ولا ناحلا جدّا. ويروى بالسين على الإبدال من الصّاد. ويروى صعلة بالعين. وقد تقدم.

(باب الصاد مع الكاف)

(صكك) فيه «أنه مرّ بجَدْيٍ أَصَكَ ميِّتٍ» الصَّكَكُ : أن تضرب إحدى الركبتين الأخرى عند العدو فتؤثر فيهما أثرا ، كأنّه لما رآه ميّتا قد تقلّصت ركبتاه وصفه بذلك ، أو كان شعر ركبتيه قد ذهب من الاصْطِكَاكِ وانجرد فعرفه به. ويروى بالسين وقد تقدّم.

(س) ومنه كتاب عبد الملك إلى الحجاج «قاتلك الله أُخَيْفِشَ العينين أَصَكَ الرِّجلَين».

٤٢

وفيه «حمل على جمل مِصَكٍ» هو بكسر الميم وتشديد الكاف ، وهو القوىّ الجسم الشديد الخلق. وقيل هو من الصَّكَكِ : احتكاك العرقوبين.

وفي حديث ابن الأكوع «فأَصُكُ سهما في رجله» أي أضربه بسهم.

(س) ومنه الحديث «فاصْطَكُّوا بالسّيوف». أي تضاربوا بها ، وهو افتعلوا من الصَّكِ ، قلبت التاء طاء لأجل الصّاد.

(ه) وفيه ذِكر «الصَّكِيكِ» وهو الضعيف ، فعيل بمعنى مفعول ، من الصَّكِ : الضّرب. أي يضرب كثيرا لاستضعافه.

وفي حديث أبي هريرة «قال لمروان : أحللت بيعَ الصِّكَاكِ» هي جمع صَكّ وهو الكتاب. وذلك أن الأمراء كانوا يكتبون للناس بأرزاقهم وأعطياتهم كتبا فيبيعون ما فيها قبل أن يقبضوها تعجّلا ، ويعطون المشتري الصَّكَّ ليمضي ويقبضه ، فنُهُوا عن ذلك لأنه بيع ما لم يقبض.

(ه) وفيه «أنه كان يستظل بظلّ جفنة عبد الله بن جدعان صَكَّةَ (١) عُمَيّ» يريد في الهاجرة. والأصل فيها أن عميّا مصغّر مرخّم ، كأنه تصغير أعمى. وقيل إنّ عميّا اسم رجل من عدوان كان يفيض (٢) بالحاجّ عند الهاجرة وشدة الحرّ. وقيل إنّه أغار على قومه في حرّ الظّهيرة فضرب به المثل فيمن يخرج في شدّة الحرّ ، يقال لقيته صَكَّةَ عُمَيّ. وكانت هذه الجفنة لابن جدعان في الجاهلية يطعم فيها الناس ، وكان يأكل منها القائم والرّاكب لعظمها. وكان له مناد ينادي : هلمّ إلى الفالوذ ، وربّما حضر طعامه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

__________________

(١) فى الأصل «... في صكّة عمى» وأسقطنا «فى» حيث لم ترد فى كل مراجعنا.

(٢) قال مصحح الأصل : فى بعض النسخ «يقيظ» ا ه وفى المصباح : قاظ الرجل بالمكان قيظا ، من باب باع : أقام به أيام الحر.

٤٣

(باب الصاد مع اللام)

(صلب) (ه) فيه «نَهَى عن الصلاة في الثّوب المُصَلَّب» هو الذي فيه نقش أمثال الصُّلْبَان.

ومنه الحديث «كان إذا رأى التَّصْلِيب في موضع قَضَبَه».

وحديث عائشة رضي‌الله‌عنها «فناولتها عطافا فرأت فيه تَصْلِيباً فقالت : نحّيه عنّي».

وحديث أم سلمة رضي‌الله‌عنها «أنها كانت تكره الثّياب المُصَلَّبَة».

(س ه) وحديث جرير رضي‌الله‌عنه «رأيت على الحسن ثوبا مُصَلَّباً» وقال القتيبي : يقال خمار مُصَلَّب. وقد صَلَّبَتِ المرأةُ خمارها ، وهي لبسة معروفة عند النّساء. والأول الوجه.

(س) ومنه حديث مقتل عمر رضي‌الله‌عنه «خرج ابنه عبيد الله فضرب جُفَيْنة الأعجميّ فَصَلَّبَ بين عينيه» أي ضربه على عُرْضِه حتى صارت الضّربة كالصَّلِيب.

(ه) وفيه «قال : صلّيت إلى جنب عمر فوضعت يدي على خاصرتي ، فلمّا صلّى قال : هذا الصَّلْبُ في الصلاة ، كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ينهى عنه» أي شِبْهُ الصَّلْبِ ، لأن المَصْلُوب يُمَدّ باعُه على الجذع. وهيئة الصَّلْب في الصلاة أن يضع يديه على خاصرتيه ويجافي بين عضديه في القيام.

وفيه «إنّ الله خلق للجّنة أهلا ، خلقها لهم وهم في أَصْلَاب آبائهم» الأَصْلَاب : جمع صُلْب ، وهو الظّهر.

[ه] ومنه حديث سعيد بن جبير «في الصُّلْب الدّية» أي إن كُسِرَ الظّهر فَحُدِبَ الرجل ففيه الدّية. وقيل أراد إن أصيب صُلْبُهُ بشيء حتى أُذْهِبَ منه الجماع ، فسمّي الجماع صُلْباً ، لأنّ المنيّ يخرج منه.

[ه] وفي شعر العباس رضي‌الله‌عنه ، يمدح النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

تُنقَل من صَالِبٍ (١) إلى رحمٍ

إذا مَضَى عالَمٌ بَدَا طَبَقُ

__________________

(١) ضبطه في الأصل واللسان بفتح اللام. والضبط المثبت من ا والهروى والقاموس.

٤٤

الصَّالِب : الصُّلْب ، وهو قليل الاستعمال.

(ه) وفيه «أنه لمّا قدم مكة أتاه أصحاب الصُّلُب» قيل هم الذين يجمعون العظام إذا أخذت عنها لحومها ، فيطبخونها بالماء ، فإذا خرج الدّسم منها جمعوه وائتدموا به (١). والصُّلُب جمع الصَّلِيب. والصَّلِيبُ : الودك.

(ه) ومنه حديث علي «أنه استفتى في استعمال صَلِيب الموتى في الدّلاء والسّفن فأبى عليهم». وبه سمّي المَصْلُوب ، لما يسيل من ودكه.

(س) وفي حديث أبي عبيدة «تمر ذخيرة مُصَلَّبَة» أي صُلْبَة. وتمر المدينة صُلْب. وقد يقال رطبٌ مُصَلِّب ، بكسر اللام : أي يابس شديد.

(س) ومنه الحديث «أطيب مضغة صيحانيّة مُصَلَّبَة» أي بلغت الصَّلَابَة في اليبس. ويروى بالياء. وسيذكر.

(س) وفي حديث العباس :

إنّ المُغَالِبَ صُلْبَ اللهِ مغلوب

أي قوّة الله.

(صلت) (ه) في صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «كان صَلْتَ الجبين» أي واسعه. وقيل الصَّلْت : الأملس. وقيل البارز.

وفي حديث آخر «كان سهل الخدّين صَلْتَهما».

(س) وفي حديث غورث «فاخترط السيفَ وهو في يده صَلْتاً» أي مجرّدا. يقال : أَصْلَتَ السّيفَ إذا جرّده من غمده. وضربه بالسيف صَلْتا وصُلْتا.

وفيه «مرّت سحابة فقال : تَنْصَلِتُ» أي تقصد للمطر. يقال انْصَلَتَ يَنْصَلِتُ إذا تجرّد. وإذا أسرع في السّير. ويروى «تَنَصَّلَتْ» بمعنى أقبلت.

(صلح) [ه] في أخبار مكة :

__________________

(١) فى الأصل وا : «وتأدّموا» وأثبتنا ما فى الهروى واللسان.

٤٥

أبا مطرٍ هلمّ إلى صَلَاحٍ

فتكفيك النّدامَى من قريش (١)

صَلَاح : اسم عَلَم لمكّة (٢).

(صلخم) (ه) فيه «عرضت الأمانة على الجبال الصّمّ الصَّلَاخِم» أي الصّلاب المانعة ، الواحد صَلْخَم.

(صلد) [ه] في حديث عمر «لمّا طعن سقاه الطّبيب لبنا فخرج من الطّعنة أبيض يَصْلِدُ» أي يبرق ويبِصّ.

ومنه حديث عطاء بن يسار «قال له بعض القوم : أقسمت عليك لما تقيّأت ، فقاء لبنا يَصْلِدُ».

ومنه حديث ابن مسعود يرفعه «ثم لحا قضيبه فإذا هو أبيض يَصْلِدُ».

(صلصل) (س) في صفة الوحي «كأنه صَلْصَلَةٌ على صفوان» الصَّلْصَلَة : صوت الحديد إذا حرّك. يقال صلّ الحديد ، وصَلْصَلَ. والصَّلْصَلَة أشدّ من الصّليل.

ومنه حديث حنين «أنهم سمعوا صَلْصَلَة بين السماء والأرض».

(صلع) (ه) في حديث لقمان «وإن لا أرى مطمعا فوقّاع بِصُلَّعٍ» (٣) هي الأرض التي لا نبات فيها. وأصله من صَلَعِ الرأس ، وهو انحسار الشّعر عنه.

__________________

(١) هو فى اللسان لحرب بن أمية ، يخاطب أبا مطر الحضرمى ، وقيل هو للحارث بن أمية.

وبعده :

وتأمن وسطهم وتعيش فيهم

أبا مطر هديت بخير عيش

وتكن بلدةً عزّت لقاحا

وتأمن أن يزورك ربّ جيش

قال ابن برى : الشاهد فى هذا الشعر صرف «صلاح» والأصل فيها أن تكون مبنية كقطام.

(٢) قال فى اللسان : يجوز أن يكون من الصلح لقوله تعالى (حَرَماً آمِناً) ويجوز أن يكون من الصلاح.

(٣) الذى فى اللسان (صلع) والفائق ١ / ٥٩ ، والهروى : إن أر مطمعى فحدأ وقّع ، وإلّا أر مطمعى فوقّاع بصلّع.

٤٦

(ه) ومنه الحديث «ما جرى اليعفور بِصُلَّع» ويقال لها الصَّلْعَاء أيضا.

ومنه حديث أبي حثمة «وتحترش بها الضّباب من الأرض الصَّلْعَاء».

(ه) ومنه الحديث «تكون جبروّة صَلْعَاء» أي ظاهرة بارزة.

ومنه الحديث «أنّ أعرابيّا سأل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن الصُّلَيْعَاء والقريعاء» هي تصغير الصَّلْعَاء ، للأرض التي لا تنبت.

(ه) وفي حديث عائشة «أنها قالت لمعاوية رضي‌الله‌عنهما حين ادّعى زيادا : ركبت الصُّلَيْعَاء» أي الدّاهية والأمر الشديد ، أو السّوأة الشّنيعة البارزة المكشوفة.

وفي حديث الذي يهدم الكعبة «كأنّي به أفيدع أُصَيْلِعَ» هو تصغير الأَصْلَع الذي انحسر الشّعر عن رأسه.

(ه) ومنه حديث بدر «ما قتلنا إلّا عجائز صُلْعا» أي مشايخ عجزة عن الحرب ، ويجمع الأَصْلَع على صُلْعَان أيضا.

ومنه حديث عمر رضي‌الله‌عنه «أيّما أشرف : الصُّلْعَان أو الفُرعان؟».

(صلغ) فيه «عليهم الصَّالِغُ والقارح» هو من البقر والغنم الذي كمل وانتهى سنّه. وذلك في السّنة السّادسة. ويقال بالسين.

(صلف) (س) فيه «آفة الظّرف الصَّلَف» هو الغلوّ في الظّرف ، والزيادة على المقدار مع تكبّر.

ومنه الحديث «من يبغ في الدّين يَصْلَفْ» أي من يطلب في الدّين أكثر ممّا وقف عليه يقلّ حظّه.

(س) ومنه الحديث «كم من صَلَفٍ تحت الرّاعدة» هو مثل لمن يكثر قول ما لا يفعل : أي تحت سحاب ترعد ولا تمطر.

(س) ومنه الحديث «لو أنّ امرأة لا تتصنّع لزوجها صَلِفَتْ عنده» أي ثقلت عليه ولم تحظ عنده ، وولّاها صَلِيفَ عنقِهِ : أي جانبه.

٤٧

(س) ومنه حديث عائشة رضي‌الله‌عنها «تنطلق إحداكنّ فتصانع بمالها عن ابنتها الحظيّة ، ولو صانعت عن الصَّلِفَة كانت أحقّ».

(س) وفي حديث ضميرة «قال يا رسول الله : إني أحالف ما دام الصَّالِفَانِ مكانه. قال : بل ما دام أحد مكانه» قيل : الصَّالِفَان جبل كان يتحالف أهل الجاهلية عنده ، وإنّما كره ذلك لئلا يساوي فعلهم في الجاهلية فعلهم في الإسلام.

(صلق) (ه) فيه «ليس منّا من صَلَقَ أو حَلَقَ» الصَّلْقُ : الصوت الشديد ، يريد رفعه في المصائب (١) وعند الفجيعة بالموت ، ويدخل فيه النّوح. ويقال بالسين.

ومنه الحديث «أنا بريء من الصَّالِقَة والحالقة».

(ه) وفي حديث عمر رضي‌الله‌عنه «أما والله ما أجهل عن كراكر وأسنمة ، ولو شئت لدعوت بصلاء وصناب وصَلَائِقَ» الصَّلَائِقُ : الرّقاق ، واحدتها صَلِيقَة. وقيل هي الحملان المشويّة ، من صَلَقْتُ الشّاةَ إذا شويتها. ويروى بالسين ، وهو كلّ ما سُلِقَ من البقول وغيرها.

(ه) وفي حديث ابن عمر رضى الله عنهما «أنه تَصَلَّقَ ذات ليلة على فراشه» أي تلوّى وتقلّب ، من تَصَلَّقَ الحوتُ في الماء إذا ذهب وجاء.

ومنه حديث أبي مسلم الخولانىّ «ثم صبّ فيه من الماء وهو يَتَصَلَّقُ فيها (٢)».

(صلل) (ه) فيه «كُلْ ما رَدَّ عليك قوسُك ما لم يَصِلَ» أي ما لم يُنْتِنْ. يقال صَلَ اللّحمُ وأَصَلَ. هذا على الاستحباب ، فإنه يجوز أكل اللّحم المتغيّر الرّيح إذا كان ذكيّا.

(س) وفيه «أتحبون أن تكونوا كالحمير الصَّالَّة» قال أبو أحمد العسكري : هو بالصاد

__________________

(١) أنشد الهروى للبيد :

فصلقنا في مراد صلقة

وصداء ألحقتهم بالثلل

أى بالهلاك.

(٢) فى ا : «فيهما» ، وسقطت «فيها» من اللسان.

٤٨

غير المعجمة ، فرووه بالضّاد المعجمة ، وهو خطأ. يقال للحمار الوحشي الحادّ الصّوت : صَالٌ وصَلْصَال ، كأنه يريد الصّحيحة الأجساد الشّديدة الأصوات لقوّتها ونشاطها.

وفي حديث ابن عباس رضي‌الله‌عنهما في تفسير الصَّلْصَال «هو الصَّالُ ، الماء يقع على الأرض فتنشق فيجفّ ويصير له صوت».

(صلم) (ه) في حديث ابن مسعود رضي‌الله‌عنه «يكون الناس صُلَامَاتٍ يضرب بعضهم رقاب بعض» الصِّلَامَات : الفِرَق والطّوائف ، واحدتها صِلَامَة (١).

وفي حديث ابن الزبير لما قتل أخوه مصعب «أسلمه النعام المُصَلَّمُ الآذان أهل العراق» يقال للنّعام مُصَلَّم ، لأنّها لا آذان لها ظاهرة. والصَّلْمُ : القطع المستأصل ، فإذا أطلق على الناس فإنما يراد به الذليل المهان.

ومنه قوله :

فإن أنتم لم تَثأَرُوا واتَّدَيتم

فمَشُّوا بآذان النّعام المُصَلَّمِ

(س) ومنه حديث الفتن «وتُصْطَلَمُون في الثالثة» الاصْطِلَام : افتعال ، من الصَّلْم : القطع.

ومنه حديث الهدي والضحايا «ولا المُصْطَلَمَةُ أَطباؤُها».

وحديث عاتكة «لئن عدتم لَيَصْطَلِمَنَّكُم».

(ه) وفي حديث ابن عمر «فتكون الصَّيْلَم بيني وبينه» أي القطيعة المنكرة. والصَّيْلَم : الدّاهية. والياء زائدة.

ومنه حديث ابن عمر «اخرجوا يا أهل مكة قبل الصَّيْلَم ، كأنّي به أفيحج أفيدع يهدم الكعبة».

(صلور) (ه) في حديث عمار «لا تأكلوا الصِّلَّوْرَ والأَنْقَلَيس (٢)» الصِّلَّوْر : الجرِّيّ ، والإِنْقَلِيس : المارْمَاهِي ، وهما نوعان من السّمك كالحيّات.

__________________

(١) بتثليث الصاد ، كما فى القاموس.

(٢) بفتح الهمزة واللام وبكسرهما ، كما فى القاموس.

٤٩

(صلا) قد تكرر فيه ذكر «الصَّلَاة والصَّلَوَات» وهي العبادة المخصوصة ، وأصلها في اللّغة الدعاء فسميّت ببعض أجزائها. وقيل إنّ أصلها في اللغة التعظيم. وسمّيت العبادة المخصوصة صَلَاة لما فيها من تعظيم الربّ تعالى. وقوله في التشهد الصَّلَوَات لله : أي الأدعية التي يراد بها تعظيم الله تعالى ، هو مستحقّها لا تليق بأحد سواه. فأمّا قولنا : اللهمّ صَلِ على محمّد فمعناه : عظّمه في الدنيا بإعلاء ذكره ، وإظهار دعوته ، وإبقاء شريعته ، وفي الآخرة بتشفيعه في أمّته ، وتضعيف أجره ومثوبته. وقيل : المعنى لمّا أمر الله سبحانه بالصَّلَاة عليه ولم نبلغ قدر الواجب من ذلك أحلناه على الله ، وقلنا : اللهم صَلِ أنت على محمد ، لأنك أعلم بما يليق به.

وهذا الدعاء قد اختلف فيه : هل يجوز إطلاقه على غير النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أم لا؟ والصحيح أنه خاصّ له فلا يقال لغيره. وقال الخطّابي : الصَّلَاة التي بمعنى التعظيم والتكريم لا تقال لغيره ، والتي بمعنى الدّعاء والتبريك تقال لغيره.

[ه] ومنه الحديث «اللهم صَلِ على آل أبي أوفى» أي ترحّم وبرّك. وقيل فيه إنّ هذا خاصّ له ، ولكنه هو آثر به غيره. وأما سواه فلا يجوز له أن يخصّ به أحدا.

(ه) وفيه «من صَلَّى علَيَ صَلَاةً صَلَّتْ عليه الملائكةُ عشرا» أي دعت له وبرّكت.

(ه) والحديث الآخر «الصائم إذا أُكِلَ عنده الطعامُ صَلَّتْ عليه الملائكةُ».

(ه) والحديث الآخر «إذا دُعِيَ أحدكم إلى طعام فليجب ، وإن كان صائما فليُصَلِ» أي فليدع لأهل الطّعام بالمغفرة والبركة.

(ه) وحديث سودة «يا رسول الله إذا متنا صَلَّى لنا عثمانُ بن مظعون» أي يستغفر لنا.

(ه) وفي حديث عليّ رضي‌الله‌عنه «سبق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وصَلَّى أبو بكر وثَلَّثَ عمرُ» المُصَلِّى في خيل الحلبة : هو الثاني ، سُمِّيَ به لأنّ رأسه يكون عند صَلَا الأوّلِ ، وهو ما عن يمين الذَّنَب وشماله.

(ه) وفيه «أنه أُتِيَ بشاة مَصْلِيَّة» أي مشويّة. يقال صَلَيْتُ اللحمَ ـ بالتخفيف ـ : أي شويته ، فهو مَصْلِيٌ. فأما إذا أحرقته وألقيته في النّار قلت صَلَّيْتُهُ بالتشديد ، وأَصْلَيْتُهُ. وصَلَّيْتُ العصا بالنّار أيضا إذا ليّنتها وقوّمتها.

٥٠

(س) ومنه الحديث «أطيب مضغة صيحانيّة مَصْلِيَّة» أي مشمّسة قد صُلِيَتْ في الشمس ، ويروى بالباء وقد تقدّمت.

(س) ومنه حديث عمر «لو شئت لدعوت بِصِلَاءٍ وصِنَاب» الصِّلَاء بالمدّ والكسر : الشّواء.

وفي حديث حذيفة «فرأيت أبا سفيان يَصْلِي ظهرَهُ بالنّار» أي يُدْفِئه.

(س) وفي حديث السّقيفة «أنا الذي لا يُصْطَلَى بناره» الاصْطِلَاء : افتعال ، من صَلَا النّارِ والتّسخّن بها : أي أنا الذي لا يُتَعَرّض لحربي. يقال فلان لا يُصْطَلَى بناره إذا كان شجاعا لا يطاق.

(ه) وفيه «إنّ للشّيطان مَصَالِيَ وفُخُوخا» المَصَالِي : شبيهة بالشَّرَك ، واحدتها مِصْلَاة ، أراد ما يستفزّ به الناس من زينة الدّنيا وشهواتها. يقال صَلَيْتُ لفلان إذا عملت له في أمر تريد أن تمحل به.

(س) وفي حديث كعب «إنّ الله بارك لدوابّ المجاهدين في صِلِّيَانِ أرضِ الرّوم ، كما بارك لها في شعير سورية» الصِّلِّيَان : نبت معروف له سَنَمَةٌ عظيمة كأنه رأس القَصَب : أي يقوم لخيلهم مقام الشّعير. وسورية هي الشأم.

(باب الصاد مع الميم)

(صمت) (ه) في حديث أسامة رضي‌الله‌عنه «لما ثقل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم دخلت عليه يوم أَصْمَتَ فلم يتكلم» يقال : صَمَتَ العليلُ وأَصْمَتَ فهو صَامِتٌ ومُصْمِت ، إذا اعتقل لسانه.

ومنه الحديث «أنّ امرأة من أحمس حجّت مُصْمِتَةً» أي ساكتة لا تتكلم.

(ه) ومنه الحديث «أَصْمَتَتْ أمامةُ بنتُ أبي العاص» أي اعتقل لسانها.

وفي حديث صفة التّمرة «أنها صُمْتَةٌ للصّغير» أي أنه إذا بكى أسكت بها.

٥١

وفي حديث العباس «إنما نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن الثّوب المُصْمَت من خزّ» هو الذي جميعه إبريسم لا يخالطه فيه قطن ولا غيره.

وفيه «على رقبته صَامِت» يعنى الذهب والفضة ، خلاف الناطق ، وهو الحيوان ، وقد تكرّر ذكر الصَّمْت في الحديث.

(صمخ) في حديث الوضوء «فأخذ ماء فأدخل أصابعه في صِمَاخ أذنيه» الصِّمَاخ : ثقب الأذن : ويقال بالسين.

[ه] ومنه حديث أبي ذرّ «فضرب الله على أَصْمِخَتِهِم» هي جمع قلّة للصِّمَاخ : أي أن الله أنامهم.

وفي حديث علي رضي‌الله‌عنه «أصغت لاستراقه صَمَائِخ الأسماع» هي جمع صِمَاخ ، كشمال وشمائل.

(صمد) في أسماء الله تعالى «الصَّمَدُ» هو السيّد الذي انتهى إليه السّودد. وقيل هو الدائم الباقي. وقيل هو الذي لا جوف له. وقيل الذي يُصْمَدُ في الحوائج إليه : أي يقصد.

(ه) ومنه حديث عمر رضي‌الله‌عنه «إياكم وتعلّم الأنساب والطّعن فيها ، فو الذي نفس عمر بيده لو قلت لا يخرج من هذا الباب إلا صَمَدٌ ما خرج إلّا أقلّكم» هو الذي انتهى في سودده ، أو الذي يقصد في الحوائج.

وفي حديث معاذ بن الجموح في قتل أبي جهل «فَصَمَدْتُ له حتى أمكنتني منه غرّة» أي ثبتّ له وقصدته وانتظرت غفلته.

ومنه حديث عليّ «فصَمْداً صَمْداً حتى ينجلي لكم عمود الحق».

(صمر) (ه) في حديث عليّ «أنه أعطى أبا رافع عكّة سمن وقال : ادفع هذا إلى أسماء (١) لتدهن به بني أخيه من صَمَرِ البحرِ» يعنى من نتن ريحه.

(صمصم) (س) في حديث أبي ذر «لو وضعتم الصَّمْصَامَة على رقبتي» الصَّمْصَامَة : السّيف القاطع ، والجمع صَمَاصِم.

__________________

(١) هي أسماء بنت عميس. وكانت زوجة جعفر بن أبى طالب أخى على. اللسان (صمر)

٥٢

ومنه حديث قسّ «تردّوا بالصَّمَاصِم» أي جعلوها لهم بمنزلة الأردية ، لحملهم لها ووضع حمائلها على عواتقهم.

(صمع) (ه) في حديث علي رضي‌الله‌عنه «كأني برجل أصعل أَصْمَعَ يهدم الكعبة» الأَصْمَع : الصّغير الأذن من الناس وغيرهم.

(ه) ومنه حديث ابن عباس رضي‌الله‌عنهما «كان لا يرى بأسا أن يضحِّي بالصَّمْعَاء» أي الصّغيرة الأذنين.

(س) وفيه «كإبل أكلت صَمْعَاء» قيل هي البُهْمَى إذا ارتفعت قبل أن تتفقأ. وقيل : الصَّمْعَاء : البقلة التي ارتوت واكتنزت.

(صمعد) (س) فيه «أصبح وقد اصْمَعَدَّتْ قدماه» أي انتفخت وورمت.

(صمغ) (ه) في حديث علي «نظّفوا الصِّمَاغَيْنِ فإنهما مقعدا الملكين» الصِّمَاغَان : مجتمع الرّيق في جانبي الشّفة. وقيل هما ملتقى الشّدقين. ويقال لهما الصَّامِغَان ، والصَّاغمان ، والصّواران.

ومنه حديث بعض القرشيّين «حتى عرقت وزبّب صِمَاغَاك» أي طلع زبدهما.

(س) وفي حديث ابن عباس رضي‌الله‌عنهما ، في اليتيم إذا كان مجدورا «كأنه صَمْغَة» يريد حين يبيضّ الجدرىّ على بدنه فيصير كالصَّمْغ.

(س) ومنه حديث الحجاج «لأقلعنّك قلع الصَّمْغَة» أي لأستأصلنّك. والصَّمْغ إذا قُلِعَ انقلع كله من الشّجرة ولم يبق له أثر ، وربّما أخذ معه بعض لحائها.

(صمل) (س) فيه «أنت رجل صُمُلٌ» الصُّمُلّ ـ بالضّمّ والتشديد ـ : الشديد الخلق. وصَمَلَ الشيءُ يَصْمُلُ صُمُولاً : صَلُبَ واشتدّ. وصَمَلَ الشّجرُ إذا عطش فخشن ويبس.

(س) ومنه حديث معاوية «إنها صَمِيلَة» أي في ساقها يبس وخشونة.

(صمم) في حديث الإيمان «وأن ترى الحفاة العراة الصُّمَ البُكْمَ رؤوسَ الناس» الصُّمّ : جمع الأَصَمِ ، وهو الذي لا يسمع ، وأراد به الذي لا يهتدي ولا يقبل الحقّ ، من صَمَمِ العقلِ ، لا صَمَمِ الأذن.

٥٣

وفي حديث جابر بن سمرة رضي‌الله‌عنه «ثم تكلّم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بكلمة أَصَمَّنِيهَا الناسُ» أي شغلوني عن سماعها ، فكأنّهم جعلوني أَصَمَّ.

(س) وفيه «شهر الله الأَصَمّ رجب» سمّي أَصَمّ لأنّه كان لا يسمع فيه صوت السّلاح ، لكونه شهرا حراما ، ووصف بالأَصَمّ مجازا ، والمراد به الإنسان الذي يدخل فيه ، كما قيل ليل نائم ، وإنما النّائم من في اللّيل ، فكأنّ الإنسان في شهر رجب أَصَمّ عن سمع صوت السّلاح.

(س) ومنه الحديث «الفتنة الصَّمَّاء العمياء» هي التي لا سبيل إلى تسكينها لتناهيها في دهائها ، لأن الأصمّ لا يسمع الاستغاثة ، فلا يقلع عما يفعله. وقيل هي كالحيّة الصَّمَّاء التي لا تقبل الرُّقَى.

(ه) وفيه «أنه نهى عن اشتمال الصَّمَّاء» هو أن يتجلّل الرجل بثوبه ولا يرفع منه جانبا. وإنما قيل لها صَمَّاء ، لأنه يسدّ على يديه ورجليه المنافذ كلّها ، كالصّخرة الصَّمَّاء التي ليس فيها خرق ولا صدع. والفقهاء يقولون : هو أن يتغطّى بثوب واحد ليس عليه غيره ، ثم يرفعه من أحد جانبيه فيضعه على منكبه ، فتنكشف عورته.

ومنه الحديث «والفاجر كالأرزة صَمَّاء» أي مكتنزة لا تخلخل فيها.

(س) وفي حديث الوطء «في صِمَامٍ واحد» أي مسلك واحد. الصِّمَام : ما تسدّ به الفرجة ، فسمّي الفرج به. ويجوز أن يكون في موضع صِمَام ، على حذف المضاف. ويروى بالسّين. وقد تقدّم.

(صما) (ه) فيه «كلّ ما أَصْمَيْت ودع ما أنميت» الإِصْمَاء : أن يقتل الصيد مكانه. ومعناه سرعة إزهاق الرّوح ، من قولهم للمسرع : صَمَيَان. والإِنْمَاءُ : أن تصيب إصابة غير قاتلة في الحال. يقال أنميت الرّميّة ، ونمت بنفسها. ومعناه : إذا صدت بكلب أو سهم أو غيرهما فمات وأنت تراه غير غائب عنك فكل منه ، وما أصبته ثم غاب عنك فمات بعد ذلك فدعه ، لأنك لا تدري أمات بصيدك أم بعارض آخر.

٥٤

(باب الصاد مع النون)

(صنب) (ه) فيه «أتاه أعرابي بأرنب قد شواها ، وجاء معها بصِنَابِها» الصِّنَاب : الخردل المعمول بالزّيت ، وهو صباغ يؤتدم به.

(ه) ومنه حديث عمر رضي‌الله‌عنه : «لو شئت لدعوت بصلاء (١) وصِنَاب».

(صنبر) (ه) فيه «أن قريشا كانوا يقولون : إنّ محمّدا صُنْبُور» أي أبتر ، لا عقب له (٢). وأصل الصُّنْبُور : سعفة تنبت في جذع النّخلة لا في الأرض. وقيل هي النّخلة المنفردة التي يدقّ أسفلها. وأرادوا أنه إذا قلع انقطع ذكره ، كما يذهب أثر الصُّنْبُور ، لأنه لا عقب له.

(س) وفيه «أنّ رجلا وقف على ابن الزّبير حين صلب فقال : قد كنت تجمع بين قطرى الليلة الصِّنَّبْرَة قائما» أي الليلة الشّديدة البرد.

(صنخ) (ه) في حديث أبي الدّرداء «نعم البيت الحمّام! يذهب بالصَّنَخَة (٣) ويُذكِّر النّارَ» يعنى الدّرن والوسخ. يقال صَنَخَ بدنه وسنخ ، والسين أشهر.

(صند) (س) فيه ذكر «صَنَادِيد قريش» في غير موضع ، وهم أشرافهم ، وعظماؤهم ورؤساؤهم ، الواحد صِنْدِيد ، وكلّ عظيم غالب صِنْدِيد.

(س) ومنه حديث الحسن «كان يتعوّذ من صَنَادِيد القَدَر» أي نوائبه العظام الغوالب.

(صنع) (ه) فيه «إذا لم تستحي فاصْنَعْ ما شئت» هذا أمر يراد به الخبر. وقيل هو على الوعيد والتّهديد ، كقوله تعالى (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) وقد تقدّم مشروحا في الحاء.

__________________

(١) فى الهروى : «بصرائق». والصرائق : جمع صريقة ، وهى الرقاقة من الخبز. القاموس (صرق).

(٢) فى الدر النثير : «وقيل الناشىء الحدث. حكاه ابن الجوزى».

(٣) فى الهروى : «يذهب الصّنخة» وهى رواية المصنف فى «صنن».

٥٥

وفي حديث عمر «حين جرح قال لابن عبّاس : انظر من قتلني ، فقال : غلام المغيرة بن شعبة ، فقال : الصَّنَع؟ قال : نعم» يقال رجل صَنَعٌ وامرأة صَنَاعٌ ، إذا كان لهما صَنْعَة يعملانها بأيديهما ويكسبان بها.

ومنه حديثه الآخر «الأمة غير الصَّنَاع».

(ه) وفيه «اصْطَنَعَ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خاتما من ذهب» أي أمر أن يُصْنَعَ له. كما تقول اكتتب : أي أمر أن يكتب له. والطاء بدل من تاء الافتعال لأجل الصاد.

(ه) ومنه حديث الخدري «قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لا توقدوا بليل نارا» ثم قال : «أوقدوا واصْطَنِعُوا» أي اتّخذوا صَنِيعاً ، يعنى طعاما تُنْفِقونه في سبيل الله.

ومنه حديث آدم «قال لموسى عليهما‌السلام : أنت كليم الله الذي اصْطَنَعَكَ لنفسه» هذا تمثيل لما أعطاه الله من منزلة التّقريب والتّكريم. والاصْطِنَاع : افتعال من الصَّنِيعَة ، وهي العطيّة والكرامة والإحسان.

(س) وفي حديث جابر «كان يُصَانِع قائدَه» أى يداريه. والمُصَانَعَة : أن تَصْنَعَ له شيئا لِيَصْنَعَ لك شيئا آخر ، وهي مفاعلة من الصُّنْع.

(س) وفيه «من بلغ الصِّنْعَ بسهم» الصِّنْع بالكسر : الموضع الذي يتّخذ للماء ، وجمعه أَصْنَاع. ويقال لها مَصْنَعٌ ومَصَانِعُ. وقيل أراد بالصِّنْع هاهنا الحصن. والمَصَانِع : المباني من القصور وغيرها.

(س) وفي حديث سعد «لو أنّ لأحدكم واديَ مالٍ ، ثمّ مرّ على سبعة أسهم صُنُعٍ لكلّفته نفسُهُ أن ينزل فيأخذها» كذا قال «صُنُع» قال الحربي : وأظنّه «صيغة» : أي مستوية من عمل رجل واحد.

(صنف) (ه) فيه «فلينفضه بِصَنِفَةِ إزارِهِ ، فإنه لا يدري ما خلفه عليه» صَنِفَةُ الإزارِ ـ بكسر النون ـ : طرفه ممّا يلي طرّته.

(صنم) قد تكرر فيه ذكر «الصَّنَم والأَصْنَام» وهو ما اتّخذ إلها من دون الله تعالى. وقيل هو ما كان له جسم أو صورة ، فإن لم يكن له جسم أو صورة فهو وثن.

٥٦

(صنن) (ه) في حديث أبي الدّرداء «نعم البيت الحمّام يذهب الصِّنَّة ويذكِّر النار» الصِّنَّة : الصُّنَان ورائحة معاطف الجسم إذا تغيّرت ، وهو من أَصَنَ اللحمُ إذا أنتن.

(س) وفيه «فأُتِيَ بعرق يعنى الصَّنَ» هو بالفتح : زبّيل كبير. وقيل هو شبه السّلّة المطبقة.

(صنو) (ه) في حديث العباس «فإنّ عمّ الرجل صنو أبيه» وفي رواية : «العباس صِنْوِي» الصِّنْو : المثل. وأصله أن تطلع نخلتان من عرق واحد. يريد أن أصل العباس وأصل أبي واحد ، وهو مثل أبي أو مثلي ، وجمعه صِنْوَان. وقد تكرر في الحديث.

(ه) وفي حديث أبي قلابة «إذا طال صِنَاء الميّت نُقِّيَ بالأشنان» أي درنه ووسخه. قال الأزهرى : وروى بالضاد ، وهو وسخ النار والرّماد.

(باب الصاد مع الواو)

(صوب) فيه «من قطع سدرة صَوَّبَ اللهُ رأسه في النار» سئل أبو داود السّجستاني عن هذا الحديث فقال : هو حديث مختصر ، ومعناه : من قطع سدرة في فلاة يستظلّ بها ابن السبيل عبثا وظلما بغير حق يكون له فيها صَوَّبَ الله رأسه في النار : أي نكّسه.

(س) ومنه الحديث «وصَوَّبَ يده» أي خفضها.

(ه) وفيه «من يرد الله به خيرا يُصِبْ منه» أي ابتلاه بالمَصَايِب ليثيبه عليها. يقال مُصِيبَة ، ومَصُوبَة ، ومُصَابَة ، والجمع مَصَايِب ، ومَصَاوِب. وهو الأمر المكروه ينزل بالإنسان. ويقال : أَصَابَ الإنسان من المال وغيره : أي أخذ وتناول.

ومنه الحديث «يُصِيبُون ما أَصَابَ الناس» أي ينالون ما نالوا.

(ه) ومنه الحديث «أنه كان يُصِيبُ من رأس بعض نسائه وهو صائم» أراد التّقبيل.

(ه) وفي حديث أبي وائل «كان يسأل عن التفسير فيقول : أَصَابَ الله الذي أراد» يعنى

٥٧

أراد الله الذي أراد. وأصله من الصَّوَاب ، وهو ضدّ الخطأ. يقال : أَصَابَ فلان في قوله وفعله ، وأَصَابَ السهم القرطاس ، إذا لم يخطئ. وقد تكرر في الحديث.

(صوت) (س) فيه «فصل ما بين الحلال والحرام الصَّوْت والدُّفّ» يريد إعلان النكاح ، وذهاب الصَّوْت ، والذكر به في الناس. يقال : له صَوْتٌ وصِيتٌ : أي ذكر. والدّفّ الذي يطبّل به ، ويفتح ويضم.

وفيه «أنهم كانوا يكرهون الصَّوْت عند القتال» هو مثل أن ينادي بعضهم بعضا ، أو يفعل بعضهم فعلا له أثر فيصيح ويعرّف نفسه على طريق الفخر والعجب.

(صوح) (ه) فيه «نهى عن بيع النّخل قبل أن يُصَوِّحَ» أي قبل أن يستبين صلاحه وجيّده من رديئه.

ومنه حديث ابن عباس رضي‌الله‌عنهما «أنه سئل : متى يحلّ شراء النّخل؟ فقال : حين يُصَوِّحُ» ويروى بالراء. وقد تقدّم.

وفي حديث الاستسقاء «اللهم انْصَاحَتْ جبالنا» أي تشقّقت وجفّت لعدم المطر. يقال صَاحَهُ يَصُوحُهُ فهو مُنْصَاحٌ ، إذا شقّه. وصَوَّحَ النّبات إذا يبس وتشقّق.

ومنه حديث علي رضي‌الله‌عنه «فبادروا العلم من قبل تَصْوِيح نبته».

(س) وحديث ابن الزّبير «فهو يَنْصَاحُ عليكم بوابل البلايا» أي ينشقّ عليكم.

قال الزّمخشري : ذكره الهروى بالضاد والخاء ، وهو تصحيف (١).

وفيه ذكر «الصَّاحَة» هي بتخفيف الحاء : هضاب حمر بقرب عقيق المدينة.

(ه) وفي حديث محلّم اللّيثي «فلما دفنوه لفظته الأرض ، فألقوه بين صَوْحَيْنِ» الصَّوْح : جانب الوادي وما يقبل من وجهه القائم.

(صور) في أسماء الله تعالى «الْمُصَوِّرُ» وهو الذي صَوَّرَ جميع الموجودات ورتّبها ، فأعطى كلّ شيء منها صُورَة خاصّة ، وهيئة منفردة يتميّز بها على اختلافها وكثرتها.

وفيه «أتاني الليلة ربّي في أحسن صُورَة» الصُّورَة ترد في كلام العرب على ظاهرها ،

__________________

(١) لم يتعرض الزمخشرى لرواية الهروى. انظر الفائق ١ / ٤٥٣.

٥٨

وعلى معنى حقيقة الشيء وهيئته ، وعلى معنى صفته. يقال صُورَة الفعل كذا وكذا : أي هيئته. وصُورَة الأمر كذا وكذا : أي صفته. فيكون المراد بما جاء في الحديث أنه أتاه في أحسن صفة. ويجوز أن يعود المعنى إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أي أتاني ربّي وأنا في أحسن صُورَة. وتجري معاني الصُّورَة كلّها عليه ، إن شئت ظاهرها أو هيئتها ، أو صفتها. فأما إطلاق ظاهر الصُّورَة على الله تعالى فلا ، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.

وفيه «أنه قال : يَطْلُعُ من تحت هذا الصَّوْر رجلٌ من أهل الجنة ، فطلع أبو بكر!» الصَّوْر : الجماعة من النّخل ، ولا واحد له من لفظه ، ويجمع على صِيرَان.

(ه) ومنه الحديث «أنه خرج إلى صَوْر بالمدينة».

والحديث الآخر «أنه أتى امرأة من الأنصار ففرشت له صَوْراً ، وذبحت له شاة».

وحديث بدر «إنّ أبا سفيان بعث رجلين من أصحابه ، فأحرقا صَوْراً من صِيرَان العُرَيْض» وقد تكرر في الحديث.

(س) وفي صفة الجنة «وترابها الصُّوَار» يعنى المسك. وصُوَارُ المسكِ : نَيْفَجَتُه. والجمع أَصْوِرَة.

(س) وفيه «تعهّدوا الصِّوَارَيْن فإنّهما مقعد الملك» هما ملتقى الشّدقين : أي تعهّدوهما بالنظافة.

(س) وفي صفة مشيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم «كان فيه شيء من صَوَرٍ» أي ميل. قال الخطّابي : يشبه أن يكون هذا الحال إذا جدّ في السّير لا خِلْفةً.

(ه) ومنه حديث عمر رضي‌الله‌عنه «وذكر العلماء فقال : تنعطف (١) عليهم بالعلم قلوب لا تَصُورُهَا الأرحامُ» أي لا تميلها. هكذا أخرجه الهروي عن عمر ، وجعله الزّمخشري من كلام الحسن.

(س) وحديث ابن عمر رضي‌الله‌عنهما «إني لأُدْنِي الحائضَ منّى وما بي إليها صَوَرَةٌ» أي ميل وشهوة تَصُورُنِي إليها.

__________________

(١) فى الهروى والفائق ٢ / ٤٤ : «تتعطّف».

٥٩

ومنه حديث مجاهد «كره أن يَصُورَ شجرةً مثمرةً» أي يميلها ، فإنّ إمالتها ربّما أدّتها إلى الجفوف. ويجوز أن يكون أراد به قطعها.

(ه) ومنه حديث عكرمة «حملة العرش كلّهم صُورٌ» جمع أَصْوَر ، وهو المائل العنق لثقل حمله.

وفيه ذكر «النّفخ في الصُّور» هو القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل عليه‌السلام عند بعث الموتى ، إلى المحشر. وقال بعضهم : إنّ الصُّور جمع صُورَة ، يريد صُوَرَ الموتى ينفخ فيها الأرواح. والصحيح الأوّل ، لأن الأحاديث تعاضدت عليه ، تارة بالصُّور ، وتارة بالقَرن.

(س) وفيه «يَتَصَوَّرُ المَلَك على الرّحم» أي يسقط. من قولهم ضربته ضربة تَصَوَّرَ منها : أي سقط.

وفي حديث ابن مقرن «أما علمت أنّ الصُّورَة محرّمة» أراد بالصُّورَة الوجه. وتحريمها المنع من الضّرب واللّطم على الوجه.

ومنه الحديث «كره أن تُعْلَمَ الصُّورَة» أي يجعل في الوجه كَيّ أو سِمَة.

(صوع) فيه «أنه كان يغتسل بالصَّاع ويتوضّأ بالمُدّ» قد تكرر ذكر الصَّاع في الحديث ، وهو مكيال يسع أربعة أمداد. والمدّ مختلف فيه ، فقيل هو رطل وثلث بالعراقىّ ، وبه يقول الشافعىّ وفقهاء الحجاز. وقيل هو رطلان ، وبه أخذ أبو حنيفة وفقهاء العراق ، فيكون الصَّاع خمسة أرطال وثلثا ، أو ثمانية أرطال.

(ه) ومنه الحديث «أنه أعطى عطيّة بن مالك صَاعاً من حرّة الوادي» أي موضعا يُبْذَر فيه صَاعٌ ، كما يقال أعطاه جريبا من الأرض : أي مَبْذَرَ جريبٍ. وقيل الصَّاع : المطمئن من الأرض.

[ه] وفي حديث سلمان رضي‌الله‌عنه «كان إذا أصاب الشاة من المغنم في دار الحرب عمد إلى جلدها فجعل منه جرابا ، وإلى شعرها فجعل منه حبلا ، فينظر رجلا صَوَّعَ به فرسَه فيعطيه» أي جمح برأسه وامتنع على صاحبه.

(س) وفي حديث الأعرابي «فانْصَاعَ مدبرا» أي ذهب مسرعا.

٦٠