النّهاية - ج ٣

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٣

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: طاهر احمد الزاوي ومحمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤٨٨

ريح المسك» يقال : فَغَمْتُ وأَفْغَمْتُ : أي ملأت. ويروى بالعين المهملة ، وقد تقدّم ، تقول : فَغَمَتْنِي ريح الطّيب : إذا سدّت خياشيمك وملأته.

وفيه «كلوا الوغم واطرحوا الفَغْم» الوغم : ما تساقط من الطّعام ، والفَغْم : ما يعلق بين الأسنان منه : أي كلوا فتات الطّعام وارموا ما يخرجه الخلال. وقيل : هو بالعكس.

(فغا) [ه] فيه «سيّد رياحين الجنّة الفَاغِيَة» هي نور الحنّاء. وقيل : نور الرّيحان. وقيل : نور كلّ نبت من أنوار الصّحراء التي لا تزرع. وقيل : فَاغِيَة كلّ نبت : نوره.

ومنه حديث أنس «كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم تعجبه الفَاغِيَة».

(ه) ومنه حديث الحسن ، وسئل عن السّلف في الزّعفران فقال : «إذا فَغَا» أي إذا نوّر. ويجوز أن يريد : إذا انتشرت رائحته ، من فَغَتِ الرّائحةُ فَغْواً. والمعروف في خروج النّور من النّبات : أَفْغَى ، لا فَغَا.

(باب الفاء مع القاف)

(فقأ) (س) فيه «لو أنّ رجلا اطّلع في بيت قوم بغير إذنهم ففَقَأُوا عينه لم يكن عليهم شيء» أي شقّوها. والفَقْء : الشّقّ والبخص.

(س) ومنه حديث موسى عليه‌السلام «أنه فَقَأَ عين ملك الموت» وقد تقدّم معناه في حرف العين.

ومنه الحديث «كأنّما فُقِئَ في وجهه حبّ الرّمّان» أي بخص.

(س) ومنه حديث أبي بكر «تَفَقَّأَتْ» أي انفلقت وانشقّت.

[ه] وفي حديث عمر «قال في حديث الناقة المنكسرة : والله ما هي بكذا وكذا ، ولا هي بِفَقِئٍ فتشرق [عروقها (١)الفَقِئ : الذي يأخذه داء في البطن يقال له الحقوة ، فلا يبول ولا يبعر ، وربّما شرقت عروقه ولحمه بالدم فينتفخ ، وربّما انْفَقَأَتْ كرشه من شدّة انتفاخه ، فهو الفَقِئ (٢) حينئذ ، فإذا ذبح وطبخ امتلأت القدر منه دما. وفعيل يقال للذّكر والأنثى.

__________________

(١) من الهروى واللسان.

(٢) فى الهروى : «فهو الفقؤ».

٤٦١

(فقح) (ه) في حديث عبيد الله بن جحش «أنه تنصّر بعد أن أسلم ، فقيل له في ذلك ، فقال : إنّا فَقَّحْنَا وصأصأتم» أي أبصرنا رشدنا ولم تبصروه. يقال : فَقَّحَ الجرو : إذا فتح عينيه ، وفَقَّحَ النّورُ : إذا تفتّح.

(فقد) في حديث عائشة «افْتَقَدْتُ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليلة» أي لم أجده ، وهو افتعلت ، من فَقَدْتُ الشيء أَفْقِدُه إذا غاب عنك.

[ه] وفي حديث أبي الدّرداء «من يَتَفَقَّدْ يَفْقِدْ» أي من يَتَفَقَّد أحوال الناس ويتعرّفها فإنه لا يجد ما يرضيه ، لأنّ الخير في الناس قليل.

وفي حديث الحسن «أغيلمة حيارى تَفَاقَدُوا» يدعو عليهم بالموت ، وأن يَفْقِدَ بعضهم بعضا.

(فقر) قد تكرر ذكر «الفَقْر ، والفَقِير ، والفُقَرَاء في الحديث» وقد اختلف الناس فيه وفي المسكين ، فقيل : الفَقِير الذي لا شيء له ، والمسكين الذي له بعض ما يكفيه ، وإليه ذهب الشافعي.

وقيل فيهما بالعكس ، وإليه ذهب أبو حنيفة.

والفَقِير مبنيّ على فَقُرَ قياسا ، ولم يُقَل فيه إلا افْتَقَرَ يَفْتَقِرُ فهو فَقِير.

(س) وفيه «ما يمنع أحدكم أن يُفْقِرَ البعير من إبله» أي يعيره للرّكوب. يقال : أَفْقَرَ البعير يُفْقِرُه إِفْقَاراً إذا أعاره ، مأخوذ من ركوب فِقَار الظّهر ، وهو خرزاته ، الواحدة : فَقَارَة.

(س) ومنه حديث الزكاة «من حقّها إِفْقَار ظهرها».

وحديث جابر «أنه اشترى منه بعيرا وأَفْقَرَه ظهرَه إلى المدينة».

ومنه حديث عبد الله «سئل عن رجل استقرض من رجل دراهم ثم إنه أَفْقَرَ المقرضَ دابّته ، فقال : ما أصاب من ظهر دابّته فهو ربا».

ومنه حديث المزارعة «أَفْقِرْها أخاك» أي أعره أرضك للزراعة ، استعاره للأرض من الظهر.

٤٦٢

(ه) وفي حديث عبد الله بن أنيس «ثم جمعنا المفاتيح وتركناها في فَقِيرٍ من فُقُرِ خيبر» أي بئر من آبارها.

(س) ومنه حديث عثمان «أنه كان يشرب وهو محصور من فَقِيرٍ في داره» أي بئر ، وقيل : هي القليلة الماء.

ومنه حديث محيّصة «أن عبد الله بن سهل قُتِلَ وطُرِحَ في عين أو فَقِير» والفَقِير أيضا : فم القناة ، وفَقِير النخلة : حفرة تحفر للفسيلة إذا حوّلت لتغرس فيها.

(س) ومنه الحديث «قال لسلمان : اذهب ففَقِّرْ للفسيل» أي احفر لها موضعا تغرس فيه ، واسم تلك الحفرة : فُقْرَة وفَقِير.

(ه) وفي حديث عائشة «قالت في عثمان : المركوب منه الفِقَرُ الأربع» قال القتيبي : الفِقَر بالكسر : جمع فِقْرَة ، وهي خرزات الظّهر ، ضربتها مثلا لما ارتكب منه ، لأنّها موضع الرّكوب ، أرادت أنهم انتهكوا فيه أربع حرم : حرمة البلد ، وحرمة الخلافة ، وحرمة الشهر ، وحرمة الصّحبة والصّهر.

وقال الأزهري : هي الفُقَر بالضم أيضا جمع فُقْرَة ، وهي الأمر العظيم الشّنيع.

(ه) ومنه الحديث الآخر «استحلّوا منه الفُقَر الثلاث» حرمة الشّهر الحرام ، وحرمة البلد الحرام ، وحرمة الخلافة.

[ه] ومنه حديث الشّعبيّ «فُقَرَاتُ ابن آدم ثلاث : يوم ولد ، ويوم يموت ، ويوم يبعث حيّا» هي الأمور العظام ، جمع فُقْرَة بالضم.

ومن المكسور الأوّل (س) حديث زيد بن ثابت «ما بين عجب الذّنب إلى فِقْرَة القفا ثنتان وثلاثون فِقْرَة ، في كل فِقْرَة أحد وثلاثون دينارا» يعنى خرز الظّهر.

(س) وفيه «عاد البراء بن مالك في فَقَارَة من أصحابه» أي فِقَر.

(س) وفي حديث عمر «ثلاث من الفَوَاقِر» أي الدّواهي ، واحدتها فَاقِرَة ، كأنها تحطم فَقَار الظّهر ، كما يقال : قاصمة الظّهر.

(س) وفي حديث معاوية ، أنه أنشد :

٤٦٣

لمال المرء يصلحه فيغني

مَفَاقِرُه أعفّ من القنوع (١)

المَفَاقِر : جمع فَقْر على غير قياس ، كالمشابه والملامح. ويجوز أن يكون جمع مَفْقَر ، مصدر أَفْقَرَه ، أو جمع مُفْقر.

(ه) وفي حديث سعد «فأشار إلى فَقْر في أنفه» أي شقّ وحزّ كان في أنفه.

(ه) وفيه «أنه كان اسم سيف النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذا الفَقَار» لأنه كان فيه حفر صغار حسان. والمُفَقَّر من السّيوف : الذي فيه حزوز مطمئنة.

وفي حديث الإيلاء «على فَقِير من خشب» فسّره في الحديث بأنه جذع يرقى عليه إلى غرفة : أي جعل فيه كالدّرج يصعد عليها وينزل.

والمعروف «على نقير» بالنون : أي منقور.

(ه) وفي حديث عمر ، وذكر امرأ القيس فقال «افْتَقَر عن معان عور أصحّ بصر» أي فتح عن معان غامضة.

وفي حديث القدر «قبلنا ناس يَتَفَقَّرُون العلم» هكذا جاء في رواية بتقديم الفاء على القاف ، والمشهور بالعكس.

قال بعض المتأخّرين : هي عندي أصحّ الروايات وأليقها بالمعنى. يعنى أنهم يستخرجون غامضه ويفتحون مغلقه. وأصله من فَقَرْتُ البئر إذا حفرتها لاستخراج مائها ، فلما كان القدريّة بهذه الصّفة من البحث والتّتبّع لاستخراج المعاني الغامضة بدقائق التأويلات وصفهم بذلك.

(ه) وفي حديث الوليد بن يزيد بن عبد الملك «أَفْقَرَ بعد مسلمة الصّيد لمن رمى» أي أمكن الصيد من فَقَارِه لراميه ، أراد أن عمّه مسلمة كان كثير الغزو يحمى بيضة الإسلام ، ويتولّى سداد الثّغور ، فلما مات اختلّ ذلك وأمكن الإسلام لمن يتعرّض إليه. يقال : أَفْقَرَك الصّيد فارمه : أي أمكنك من نفسه.

(فقص) (س) في حديث الحديبية «وفَقَصَ البيضة» أي كسرها ، وبالسين أيضا.

(فقع) (ه) فيه «أن ابن عباس نهى عن التَّفْقِيع في الصلاة» هي فَرْقَعَة الأصابع وغمز مفاصلها حتى تصوّت.

__________________

(١) البيت للشماخ بن ضرار. ديوانه ص ٥٦ بشرح الشنقيطى. القاهرة ١٣٢٧ ه‍.

٤٦٤

(ه) وفي حديث أمّ سلمة «وإن تَفَاقَعَت عيناك» أي رمصتا. وقيل : ابيضّتا. وقيل : انشقّتا.

(س) وفي حديث عاتكة «قالت لابن جرموز : يا ابن فَقْعِ القَرْدَد» الفَقْع : ضرب من أردإ الكمأة ، والقَرْدَد : أرض مرتفعة إلى جنب وهدة.

(ه) وفي حديث شريح «وعليهم (١) خفاف لها فُقْعٌ» أي خراطيم. وخفّ مُفَقَّع : أي مخرطم.

(فقم) (ه) فيه «من حفظ ما بين فُقْمَيْه ورجليه دخل الجنّة» الفُقْم بالضم والفتح : اللّحى ، يريد من حفظ لسانه وفرجه.

(ه) ومنه حديث موسى عليه‌السلام «لمّا صارت عصاه حيّة وضعت فُقْماً لها أسفل وفُقْماً لها فوق». ومنه حديث الملاعنة «فأخذت بِفُقْمَيْهِ» أي بلحييه.

(س) وحديث المغيرة «يصف امرأة : فَقْمَاء سلفع» الفَقْمَاء : المائلة الحنك. وقيل : هو تقدّم الثّنايا السّفلى حتى لا تقع عليها العليا. والرجل أَفْقَم. وقد فَقِمَ يَفْقَمُ فَقْماً.

(فقه) [ه] في حديث ابن عباس «دعا له النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : اللهم فَقِّهْهُ في الدين وعلّمه التأويل» أي فهّمه. والفِقْه في الأصل : الفهم ، واشتقاقه من الشّقّ والفتح. يقال : فَقِهَ الرجلُ بالكسر ـ يَفْقَهُ فِقْهاً إذا فهم وعلم ، وفَقُهَ بالضم يَفْقُهُ : إذا صار فَقِيهاً عالما. وقد جعله العرف خاصّا بعلم الشريعة ، وتخصيصا بعلم الفروع منها.

(ه) ومنه حديث سلمان «أنه نزل على نبطيّة بالعراق ، فقال لها : هل هاهنا مكان نظيف أصلّي فيه؟ فقالت : طهّر قلبك وصلّ حيث شئت ، فقال : فَقِهْتُ» أي فهمت وفطنت للحقّ والمعنى الذي أرادت.

(ه) وفيه «لعن الله النائحة والمُسْتَفْقِهَة» هي التي تجاوبها في قولها ، لأنها تتلقّفه وتفهمه فتجيبها عنه.

(فقا) في حديث الملاعنة «فأخذت بفَقْوَيْه» كذا جاء في بعض الروايات ، والصّواب «بفقميه» أي حنكيه. وقد تقدّم.

(باب الفاء مع الكاف)

(فكك) (ه) فيه «أعتق النّسمة وفُكَ الرّقبة» تفسيره في الحديث ، أن عتق

__________________

(١) فى الهروى : «وعليه».

٤٦٥

النّسمة أن ينفرد بعتقها ، وفَكّ الرّقبة أن يعين في عتقها. وأصل الفَكِ : الفصل بين الشّيئين وتخليص بعضهما من بعض.

ومنه الحديث «عودوا المريض وفُكُّوا العانيَ» أي أطلقوا الأسير. ويجوز أن يريد به العتق.

وفيه «أنه ركب فرسا فصرعه على جذم نخلة فانْفَكَّتْ قدمُه» الانْفِكَاك : ضرب من الوهن والخلع ، وهي أن تَنْفَكّ بعض أجزائها عن بعض.

(فكل) فيه «أوحى الله إلى البحر أنّ موسى يضربك فأطعه ، فبات وله أَفْكَل» أي رِعدة ، وهي تكون من البرد أو الخوف ، ولا يبنى منه فعل. وهمزته زائدة.

ومنه حديث عائشة «فأخذني أَفْكَل وارتعدت من شدّة الغيرة».

(فكن) (ه) فيه «حتى إذا غاض ماؤها بقي قوم يَتَفَكَّنُون» أي يتندّمون. والفُكْنَة : النّدامة على الفائت.

(فكه) في حديث أنس «كان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم مِن أَفْكَهِ الناس مع صبيّ» الفَاكِه : المازح ، والاسم : الفُكَاهَة. وقد فَكِهَ يَفْكَهُ فهو فَكِهٌ وفَاكِهٌ.

وقيل : الفَاكِهُ ذو الفُكَاهَة ، كالتامر واللّابن.

(ه) ومنه حديث زيد بن ثابت «أنه كان من أَفْكَهِ الناس إذا خلا مع أهله».

[ه] ومنه الحديث «أربع ليس غيبتهنّ بغيبة ، منهم المُتَفَكِّهُون بالأمّهات» هم الذين يشتمونهنّ ممازحين.

(باب الفاء مع اللام)

(فلت) (ه) فيه «إن الله يملي للظالم فإذا أخذه لم يُفْلِتْهُ» أي لم يَنْفَلِتْ منه.

ويجوز أن يكون بمعنى : لم يُفْلِتْه منه أحد : أي لم يخلّصه.

ومنه الحديث «أن رجلا شرب خمرا فسكر ، فانطلق به إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلمّا حاذى دار العباس انْفَلَتَ ، فدخل عليه ، فذكر له ذلك ، فضحك وقال : أفعلها؟ ولم يأمر فيه بشيء».

٤٦٦

ومنه الحديث «فأنا آخذ (١) بحجزكم وأنتم تَفَلَّتُون من يدي» أي تَتَفَلَّتُون ، فحذف إحدى التاءين تخفيفا.

(ه) وفيه «أن رجلا قال له : إن أمّي افْتُلِتَتْ نفسُها» أي ماتت فجأة وأخذت نفسها فَلْتَة. يقال : افْتَلَتَهُ إذا استلبه. وافْتُلِتَ فلانٌ بكذا إذا فوجئ به قبل أن يستعدّ له.

ويروى بنصب النفس ورفعها ، فمعنى النّصب افْتَلَتَها الله نفسها. معدّى إلى مفعولين ، كما تقول : اختلسه الشيء واستلبه إيّاه ، ثم بني الفعل لما لم يسمّ فاعله ، فتحوّل المفعول الأوّل مضمرا وبقي الثاني منصوبا ، وتكون التاء الأخيرة ضمير الأم. أي افْتُلِتَتْ هي نفسها.

وأما الرّفع فيكون متعدّيا إلى مفعول واحد ، أقامه مقام الفاعل ، وتكون التاء للنفس : أي أخذت نفسها فَلْتَة.

ومنه الحديث «تدارسوا القرآن فلهو أشدّ تَفَلُّتاً من الإبل من عقلها» التَّفَلُّت والإِفْلَات والانْفِلَات : التّخلّص من الشيء فجأة من غير تمكّث.

(س) ومنه الحديث «إن عفريتا من الجن تَفَلَّتَ عليَّ البارحة» أي تعرّض لي في صلاتي فجأة.

(ه) ومنه حديث عمر «إن بيعة أبي بكر كانت فَلْتَة وقى الله شرّها» أراد بالفَلْتَة الفجأة. ومثل هذه البيعة جديرة بأن تكون مهيّجة للشّر والفتنة فعصم الله من ذلك ووقى. والفَلْتَة : كلّ شيء فعل من غير رويّة ، وإنما بودر بها خوف انتشار الأمر.

وقيل : أراد بالفَلْتَة الخلسة. أي إن الإمامة يوم السّقيفة مالت إلى تولّيها الأنفس ، ولذلك كثر فيها التّشاجر ، فما قلّدها أبو بكر إلا انتزاعا من الأيدي واختلاسا.

وقيل : الفَلْتَة آخر ليلة من الأشهر الحرم ، فيختلفون فيها أمن الحلّ هي أم من الحرم ، فيسارع الموتور إلى درك الثّأر ، فيكثر الفساد وتسفك الدّماء ، فشبّه أيّام النبي عليه الصلاة والسلام

__________________

(١) فى الأصل : «آخذ» بضم الخاء المعجمة ، وأثبتنا ضبط ا. قال الإمام النووى فى شرحه لمسلم (باب شفقته صلى‌الله‌عليه‌وسلم من كتاب الفضائل) : روى بوجهين : أحدهما اسم فاعل ، بكسر الخاء وتنوين الذال. والثانى فعل مضارع ، بضم الذال بلا تنوين ، والأول أشهر ، وهما صحيحان.

٤٦٧

بالأشهر الحرم ، ويوم موته بالفَلْتَة من وقوع الشّر من ارتداد العرب ، وتخلّف الأنصار عن الطاعة ، ومنع من منع الزكاة ، والجري على عادة العرب في ألّا يسود القبيلة إلا رجل منها.

[ه] وفي صفة مجلس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «لا تُنثى فَلَتَاتُه» الفَلَتَات : الزّلّات ، جمع فَلْتَة. أي لم يكن في مجلسه زلّات فتحفظ وتحكى.

[ه] وفيه «وهو في بردة له فَلْتَة» أي ضيّقة صغيرة لا ينضمّ طرفاها ، فهي تَفَلَّتُ من يده إذا اشتمل بها ، فسمّاها بالمرّة من الانْفِلَات. يقال : بُردة فَلْتَة وفَلُوت.

(ه) ومنه حديث ابن عمر «وعليه بردة فَلُوت» وقيل : الفَلُوت التي لا تثبت على صاحبها ، لخشونتها أو لينها.

(فلج) (ه) في صفته عليه‌السلام «أنه كان مُفَلَّج الأسنان» وفي رواية «أَفْلَجَ الأسنان» الفَلَج بالتّحريك : فرجة ما بين الثّنايا والرّباعيات ، والفَرَق : فرجة بين الثّنيّتين.

ومنه الحديث «أنه لعن المُتَفَلِّجَات للحسن» أي النساء اللاتي يفعلن ذلك بأسنانهنّ رغبة في التّحسين.

[ه] وفي حديث عليّ «إن المسلم ما لم يغش دناءة يخشع لها إذا ذكرت ، وتغرى به لئام الناس كالياسر الفَالِج» الياسر : المقامر ، والفَالِج : الغالب في قماره. وقد فَلَجَ أصحابه وعلى أصحابه إذا غلبهم ، والاسم : الفُلْج بالضم.

(س) ومنه حديثه الآخر «أيّنا فَلَجَ فَلَجَ أصحابه».

ومنه حديث سعد «فأخذت سهمي الفَالِج» أي القامر الغالب. ويجوز أن يكون السهم الذي سبق به في النّضال.

ومنه حديث معن بن يزيد «بايعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وخاصمت إليه فَأَفْلَجَنِي» أي حكم لي وغلّبني على خصمي.

[ه] وفي حديث عمر «أنه بعث حذيفة وعثمان بن حنيف إلى السّواد ففَلَجَا الجزية على أهله» أي قسماها. وأصله من الفِلْج والفَالِج ، وهو مكيال معروف ، وأصله سرياني فعرّب. وإنما سمّي القسمة بالفَلْج لأنّ خراجهم كان طعاما.

٤٦٨

وفيه «ذكر «فَلَج» هو بفتحتين : قرية عظيمة من ناحية اليمامة ، وموضع باليمن من مساكن عاد ، وهو بسكون اللام : واد بين البصرة وحمى ضريّة.

(س) وفيه «إنّ فَالِجاً تردّى في بئر» الفَالِج : البعير ذو السّنامين ، سمّي به لأنّ سناميه يختلف ميلهما.

ومنه حديث أبي هريرة «الفَالِج داء الأنبياء» هو داء معروف يرخي بعض البدن.

(فلح) (ه) في حديث الأذان «حيّ على الفَلَاح» الفَلَاح : البقاء والفوز والظّفر ، وهو من أَفْلَحَ ، كالنّجاح من أنجح : أي هلمّوا إلى سبب البقاء في الجنة والفوز بها ، وهو الصلاة في الجماعة.

(س) ومنه حديث الخيل «من ربطها عدّة في سبيل الله فإنّ شبعها وجوعها وريّها وظمأها وأرواثها وأبوالها فَلَاح في موازينه يوم القيامة» أي ظفر وفوز.

(ه) ومنه حديث السّحور «حتى خشينا أن يفوتنا الفَلَاح» سمّي بذلك لأن بقاء الصّوم به.

(ه) وفي حديث أبي الدّحداح :

بشّرك الله بخير وفَلَح

أي بقاء وفوز ، وهو مقصور من الفَلَاح.

(ه) وفي حديث ابن مسعود «إذا قال الرجل لامرأته : اسْتَفْلِحِي بأمرك فقبلته فواحدة بائنة» أي فوزي بأمرك واستبدّي به.

ومنه الحديث «كلّ قوم على مَفْلَحَة من أنفسهم» قال الخطّابي : معناه أنهم راضون بعلمهم مغتبطون به عند أنفسهم ، وهي مفعلة من الفَلَاح ، وهو مثل قوله تعالى «كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ».

[ه] وفيه «قال رجل لسهيل بن عمرو : لو لا شيء يسوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لضربت فَلَحَتَك» أي موضع الفَلَح ، وهو الشّقّ في الشّفة السّفلى. والفَلَح : الشّقّ والقطع.

ومنه حديث عمر «اتّقوا الله في الفَلَّاحِين» يعنى الزّرّاعين الذين يَفْلَحُون الأرض : أي يشقّونها.

٤٦٩

ومنه حديث كعب «المرأة إذا غاب عنها زوجها تَفَلَّحَت وتنكّبت الزّينة» أي تشقّقت وتقشّفت.

قال الخطّابي : «أراه تَقَلَّحَت» بالقاف ، من القَلَح وهو الصّفرة التي تعلو الأسنان.

(فلذ) [ه] في أشراط الساعة «وتقيء الأرض أَفْلَاذ كبدها» أي تخرج كنوزها المدفونة فيها ، وهو استعارة. والأَفْلَاذ : جمع فِلَذٍ ، والفِلَذ : جمع فِلْذَة ، وهي القطعة المقطوعة طولا.

ومثله قوله تعالى «وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها».

وسمّي ما في الأرض قطعا ، تشبيها وتمثيلا. وخصّ الكبد. لأنها من أطايب الجزور. واستعار القيء للإخراج.

ومنه حديث بدر «هذه مكّة قد رمتكم بأَفْلَاذ كبدها»أراد صميم قريش ولبابها وأشرافها ، كما يقال : فلان قلب عشيرته ، لأنّ الكبد من أشرف الأعضاء.

ومنه الحديث «إنّ فتى من الأنصار دخلته خشية من النار فحبسته في البيت حتى مات ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إنّ الفرق من النار فَلَذَ كبده» أي خوف النار قطع كبده.

(فلز) (س) فيه «كلّ فِلِزٍّ أذيب» الفِلِزّ بكسر الفاء واللام وتشديد الزّاي : ما في الأرض من الجواهر المعدنية ، كالذّهب والفضّة والنّحاس والرّصاص. وقيل : هو ما ينفيه الكير منها.

ومنه حديث عليّ «من فِلِزّ اللّجين والعقيان».

(فلس) فيه «من أدرك ماله عند رجل قد أَفْلَسَ فهو أحقّ به» أَفْلَسَ الرجل : إذا لم يبق له مال. ومعناه صارت دراهمه فُلُوسا.

وقيل : صار إلى حال يقال ليس معه فَلْس. وقد أَفْلَسَ يُفْلِسُ إِفْلَاساً فهو مُفْلِس ، وفَلَّسَه الحاكم تَفْلِيساً. وقد تكرر في الحديث.

وفيه ذكر «فُلْس» بضم الفاء وسكون اللام : هو صنم طيّئ ، بعث النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم عليّا لهدمه سنة تسع.

٤٧٠

(فلسط) فِلَسْطِين هي بكسر الفاء وفتح اللام : الكورة المعروفة فيما بين الاردنّ وديار مصر ، وأمّ بلادها بيت المقدس.

(فلط) [ه] في حديث عمر بن عبد العزيز «أمر برجل أن يحدّ ، فقال : أضرب فِلَاطاً؟» أي فجأة ، وهي بلغة هذيل.

(فلطح) في حديث القيامة «عليه حسكة مُفَلْطَحَة ، لها شوكة عقيفة» المُفَلْطَح : الذي فيه عرض واتّساع.

وفي حديث ابن مسعود «إذا ضنّوا عليه بالمُفَلْطَحَة» قال الخطّابي : هي الرّقاقة التي فُلْطِحَتْ : أي بسطت. وقال غيره : هي الدّراهم.

ويروى «المطلفحة» وقد ذكرت في الطاء.

(فلغ) [ه] فيه «إني إن آتهم يُفْلَغْ رأسي كما تُفْلَغ العترة» أي يكسر ، وأصل الفَلْغ : الشّقّ. والعِتْرَة : نبت.

[ه] ومنه حديث [ابن (١)] عمر «أنه كان يخرج يديه في السجود وهما مُتَفَلِّغَتان» أي متشقّقتان من البرد.

(فلفل) (ه) في حديث عليّ «قال عبد خير : إنه خرج وقت السّحر فأسرعت إليه لأسأله عن وقت الوتر ، فإذا هو يَتَفَلْفَلُ».

وفي رواية السّلمي «خرج علينا عليّ وهو يَتَفَلْفَلُ» قال الخطّابي : يقال : جاء فلان مُتَفَلْفِلاً : إذا جاء والسّواك في فيه يشوصه. ويقال : جاء فلان يَتَفَلْفَلُ إذا مشى مشية المتبختر. وقيل : هو مقاربة الخطا ، وكلا التّفسيرين محتمل للرّوايتين.

وقال القتيبي : لا أعرف يَتَفَلْفَلُ بمعنى يستاك ، ولعلّه «يتتفّل» لأن من استاك تفل.

(فلق) (ه) فيه «أنه كان يرى الرّؤيا فتأتي مثل فَلَق الصّبح» هو بالتحريك ضووه وإنارته. والفَلَق : الصّبح نفسه. والفَلْق بالسكون : الشّقّ.

ومنه الحديث «يا فَالِق الحبّ والنّوى» أي الذي يشق حبّة الطّعام ونوى التّمر للإنبات

__________________

(١) من ا ، والهروى ، والفائق ٢ / ٢٩٦.

٤٧١

ومنه حديث عليّ «والذي فَلَقَ الحبّة وبرأ النّسمة» وكثيرا ما كان يقسم بها.

ومنه حديث عائشة «إنّ البكاء فَالِق كبدي».

وفي حديث الدجّال «فأشرف على فَلَق من أَفْلَاق الحرّة» الفَلَق بالتّحريك : المطمئن من الأرض بين ربوتين ، ويجمع على فُلْقَان أيضا.

وفي حديث جابر «صنعت للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مرقة يسمّيها أهل المدينة الفَلِيقَة» قيل : هي قدر يطبخ ويثرد فيها فِلَق الخبز ، وهي كسره.

[ه] وفي حديث الشّعبيّ ، وسئل عن مسألة فقال : «ما يقول فيها هؤلاء المَفَالِيق؟» هم الذين لا مال لهم ، الواحد : مِفْلَاق ، كالمفاليس ، شبّه إفلاسهم من العلم وعدمه عندهم بالمفاليس من المال.

[ه] وفي صفة الدجّال : «رأيته فإذا رجل فَيْلَق أعور» الفَيْلَق : العظيم. وأصل الفَيْلَق : الكتيبة العظيمة ، والياء زائدة.

قال القتيبي : إن كان محفوظا ، وإلا فإنّما هو «الفيلم» ، وهو العظيم من الرّجال.

(فلك) [ه] في حديث ابن مسعود «تركت فرسك كأنه يدور في فَلَك» شبّهه في دورانه بدوران الفَلَك ، وهو مدار النّجوم من السماء ، وذلك أنه كان قد أصابته عين فاضطرب.

وقيل : الفَلَك : موج البحر ، شبّه به الفرس في اضطرابه.

(فلل) (ه) في حديث أمّ زرع «شجّكِ ، أو فَلَّكِ ، أو جمع كلّا لكِ» الفَلّ : الكسر والضّرب ، تقول : إنّها معه بين شجّ رأس ، أو كسر عضو ، أو جمع بينهما. وقيل : أراد بالفَلّ الخصومة.

ومنه حديث سيف الزبير «فيه فَلَّةٌ فُلَّها يوم بدر» الفَلَّة : الثّلمة في السّيف ، وجمعها : فُلُول.

ومنه قول الشاعر (١) :

بهنّ فُلُول من قراع الكتائب

ومنه حديث ابن عوف «ولا تَفُلُّوا المدى بالاختلاف بينكم» المدى : جمع مدية ، وهي السّكّين ، كَنَى بِفَلِّها عن النّزاع والشّقاق.

__________________

(١) هو النابغة الذبياني. والبيت في ديوانه ص ١٥ ، بشرح كرم البستانى. بيروت ١٩٥٣ م وصدره :

ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم

٤٧٢

ومنه حديث عائشة تصف أباها «ولا فَلُّوا له صفاة» أي كسروا له حجرا ، كنت به عن قوّته في الدّين.

ومنه حديث عليّ «يستزلّ لبّك ويَسْتَفِلُ غربك» هو يستفعل ، من الفَلِ : الكسر. والغرب : الحدّ.

(س) وفي حديث الحجّاج بن علاط «لعليّ أصيب من فَلِ محمّد وأصحابه» الفَلُ : القوم المنهزمون ، من الفَلِ : الكسر ، وهو مصدر سمّي به ، ويقع على الواحد والاثنين والجميع ، وربّما قالوا : فُلُول وفِلَال. وفَلَ الجيش يَفُلُّه فَلًّا إذا هزمه ، فهو مَفْلُول ، أراد : لعلّي أشتري مما أصيب من غنائمهم عند الهزيمة.

ومنه حديث عاتكة «فَلٌ من القوم هارب».

ومنه قصيد كعب :

أن يترك القرن إلّا وهو مَفْلُول

أي مهزوم.

(ه) وفي حديث معاوية «أنه صعد المنبر وفي يده فَلِيلَةٌ وطريدة» الفَلِيلَة : الكبّة من الشّعر.

وفي حديث القيامة «يقول الله تعالى : أي فُلْ ، ألم أكرمك وأسوّدك» معناه يا فلان ، وليس ترخيما له ، لأنه لا يقال إلّا بسكون اللام ، ولو كان ترخيما لفتحوها أو ضمّوها.

قال سيبويه : ليست ترخيما ، وإنما هي صيغة ارتجلت في باب النّداء. وقد جاء في غير النّداء. قال (١).

في لجّة أمسك فلانا عن فُلِ

فكسر اللام للقافية.

وقال الأزهري : ليس بترخيم فلان ، ولكنّها كلمة على حِدَة ، فبنو أسد يوقعونها على الواحد والاثنين والجميع والمؤنث ، بلفظ واحد ، وغيرهم يثنّى ويجمع ويؤنث.

__________________

(١) هو أبو النجم العجلى. كما فى الصحاح (فلل).

٤٧٣

وفلان وفلانة : كناية عن الذّكر والأنثى من الناس ، فإن كنيت بهما عن غير الناس قلت : الفلان والفلانة.

وقال قوم : إنه ترخيم فلان ، فحذفت النون للتّرخيم ، والألف لسكونها ، وتفتح اللام وتضم على مذهبي الترخيم.

(س) ومنه حديث أسامة في الوالي الجائر «يلقى في النار فتندلق أقتابه ، فيقال : أي فُلْ ، أين ما كنت تصف؟» وقد تكرر في الحديث.

(فلم) (ه) في صفة الدجّال «أقمر فَيْلَم» وفي رواية «فَيْلَمَانِيّاً» الفَيْلَم : العظيم الجثّة. والفَيْلَم : الأمر العظيم ، والياء زائدة. والفَيْلَمَانِيّ : منسوب إليه بزيادة الألف والنون للمبالغة.

(فلهم) (ه) فيه «أنّ قوما افتقدوا سِخَاب فتاتهم ، فاتّهموا امرأة ، فجاءت عجوز ففتّشت فَلْهَمَهَا» أي فرجها. وذكره بعضهم بالقاف.

(فلا) (س) في حديث الصّدقة «كما يربّي أحدكم فَلُوَّهُ» الفَلُوّ : المهر الصّغير. وقيل : هو الفطيم من أولاد ذوات الحافر.

(س) ومنه حديث طهفة «والفَلُوّ الضّبيس» أي المهر العسر الذي لم يرض.

وفي حديث ابن عباس «امر الدّم بما كان قاطعا من ليطة فَالِيَة» أي قصبة وشقّة قاطعة ، وتسمّى السّكّين الفَالِيَة.

وفي حديث معاوية «قال لسعيد بن العاص : دعه عنك ، فقد فَلَيْتُه فَلْيَ الصّلع» هو من فَلْيِ الشّعر وأخذ القمل منه ، يعنى أنّ الأصلع لا شعر له فيحتاج أن يُفْلَى.

(باب الفاء مع النون)

(فنخ) (ه) في حديث عائشة ، وذكرت عمر «ففَنَخَ الكفرة» أي أذلّها وقهرها.

ومنه حديث المتعة «برد هذا غير مَفْنُوخ» أي غير خلق ولا ضعيف. يقال : فَنَخْتُ رأسه وفَنَّخْتُه : أي شدخته وذلّلته.

(فند) (ه) فيه «ما ينتظر أحدكم إلا هرما مُفْنِداً ، أو مرضا مفسدا» الفَنَد في الأصل :

٤٧٤

الكذب. وأَفْنَدَ : تكلم بالفَنَد. ثم قالوا للشيخ إذا هرم : قد أَفْنَدَ ، لأنه يتكلّم بالمحرّف (١) من الكلام عن سنن الصّحة. وأَفْنَدَه الكبر : إذا أوقعه في الفَنَد.

ومنه حديث التّنوخيّ رسول هرقل «وكان شيخا كبيرا قد بلغ الفَنَد أو قرب».

[ه] ومنه حديث أمّ معبد «لا عابس ولا مُفَنَّد» هو الذي لا فائدة (٢) في كلامه لكبر أصابه.

[ه] وفيه «ألا إنّي من أوّلكم وفاة تتّبعوني أَفْنَاداً أَفْنَاداً يهلك بعضكم بعضا» أي جماعات متفرّقين قوما بعد قوم ، واحدهم : فِنْد.

والفِنْد : الطّائفة من الليل. ويقال : هم فِنْدٌ على حدة : أي فئة.

[ه] ومنه الحديث «أسرع الناس بي لحوقا قومي ، ويعيش الناس بعدهم أَفْنَاداً يقتل بعضهم بعضا» أي يصيرون فرقا مختلفين.

[ه] ومنه الحديث «لما توفّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلّى عليه الناس أَفْنَاداً أَفْنَاداً» أي فرقا بعد فرق ، فرادى بلا إمام.

[ه] ومنه الحديث «أن رجلا قال للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إني أريد أن أُفَنِّدَ (٣) فرسا» أي أرتبطه وأتّخذه حصنا وملاذا ، ألجأ إليه كما يلجأ إلى الفِنْد من الجبل ، وهو أنفه الخارج منه.

وقال الزمخشري : يجوز أن يكون أراد بالتَّفْنِيد التّضمير ، من الفِنْد : وهو الغصن (٤) من أغصان الشجرة : أي أضمّره حتى يصير في ضمره كالغصن (٥).

ومنه حديث عليّ «لو كان جبلا لكان فِنْداً» وقيل : هو المنفرد من الجبال.

(فنع) في حديث معاوية «أنه قال لابن أبي محجن الثّقفي : أبوك الذي يقول :

إذا متّ فادفنّي إلى جنب كرمة

تروّي عظامي في التراب عروقها

__________________

(١) فى الأصل : «بالمخرّف» بالخاء المعجمة ، وأثبتناه بالحاء المهملة من ا ، واللسان.

(٢) فى الأصل : «هو الذى لا فند فى كلامه» والتصحيح من ا ، والهروى ، واللسان.

(٣) فى الأصل : «إنى أفند» والتصحيح من ا ، واللسان ، والهروى ، والفائق ٢ / ٣٠٠.

(٤) عبارة الزمخشرى : «وهو الغصن المائل».

(٥) عبارة الزمخشرى : «كغصن الشجرة».

٤٧٥

ولا تدفنّني في الفلاة فإنّني

أخاف إذا ما متّ أن لا أذوقها

فقال : أبي الذي يقول :

وقد أجود وما مالي بذي فَنَعٍ

وأكتم السّرّ فيه ضربة العنق

الفَنَع : المال الكثير. يقال : فَنِعَ [يَفْنَعُ]) فَنَعاً ، فهو فَنِعٌ وفَنِيعٌ إذا كثر ماله ونما.

(فنق) (س) في حديث عمير بن أفصى (٢) ذكر «الفَنِيق» هو الفحل المكرم من الإبل الذي لا يركب ولا يهان ، لكرامته عليهم.

ومنه حديث الجارود «كالفحل الفَنِيق» وجمعه : فُنُق وأَفْنَاق ومنه حديث الحجّاج «لمّا حاصر ابن الزّبير بمكة ونصب المنجنيق عليها :

* خطّارة كالجمل الفَنِيق *

(فنك) (ه) فيه «أمرني جبريل أن أتعاهد فَنِيكَيَ عند الوضوء» الفَنِيكَان : العظمان النّاشزان أسفل الأذنين بين الصّدغ والوجنة.

وقيل : هما العظمان المتحرّ كان من الماضغ دون الصّدغين (٣).

ومنه حديث عبد الرحمن بن سابط «إذا توضّأت فلا تنس الفَنِيكَيْن» وقيل : أراد به تخليل أصول شعر اللّحية.

(فنن) (ه) فيه «أهل الجنة جرد مكحّلون أولو أَفَانِين» أي ذوو شعور وجمم. والأَفَانِين : جمع أَفْنَان ، والأَفْنَان : جمع فَنَن ، وهو الخصلة من الشّعر ، تشبيها بغصن الشجرة.

ومنه حديث سدرة المنتهى «يسير الرّاكب في ظلّ الفَنَن منها مائة سنة».

(ه) وفي حديث أبان بن عثمان «مثل اللّحن في السّريّ مثل التَّفْنِين في الثّوب» التَّفْنِين : البقعة السّخيفة الرّقيقة في الثوب الصّفيق. والسّريّ : الشّريف النّفيس من الناس.

(فنا) (س) في حديث القيامة «فينبتون كما ينبت الفَنَا» الفَنَا مقصور : عنب الثعلب. وقيل : شجرته ، وهي سريعة النّبات والنّموّ.

__________________

(١) من ا ، واللسان.

(٢) فى الأصل : «أقصى» بالقاف. والتصحيح من اللسان ، وأسد الغابة ٤ / ١٣٩.

(٣) قال الهروى : ومن جعل الفنيك واحدا من الإنسان فهو مجتمع اللحيين وسط الذّقن.

٤٧٦

(س) وفيه «رجل من أَفْنَاء الناس» أي لم يعلم ممن هو ، الواحد : فِنْوٌ. وقيل : هو من الفِنَاء ، وهو المتّسع أمام الدّار. ويجمع الفِنَاء على أَفْنِيَة. وقد تكرر في الحديث واحدا ومجموعا.

وفي حديث معاوية «لو كنت من أهل البادية بعت الفَانِيَة واشتريت النّامية» الفَانِيَة : المسنّة من الإبل وغيرها ، والنّامية : الفتيّة الشّابّة التي هي في نموّ وزيادة.

(باب الفاء مع الواو)

(فوت) (ه) فيه «مرّ بحائط مائل فأسرع ، فقيل : يا رسول الله ، أسرعت المشي ، فقال : أخاف موت الفَوَات» أي موت الفجأة ، من قولك : فَاتَنِي فلان بكذا ، أي سبقني به.

(ه) ومنه الحديث «أنّ رجلا تَفَوَّتَ على أبيه في ماله فأتى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخبره ، فقال : اردد على ابنك ماله ، فإنما هو سهم من كنانتك» هو من الفَوْت : السّبق. يقال : تَفَوَّتَ فلان على فلان في كذا ، وافْتَاتَ عليه إذا انفرد برأيه دونه في التّصرف فيه ، ولمّا ضمّن معنى التّغلّب عدّي بعلى.

والمعنى أنّ الابن لم يستشر أباه ولم يستأذنه في هبة مال نفسه ، فأتى الأب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخبره فقال له : ارتجعه من الموهوب له واردده على ابنك ، فإنه وما في يده تحت يدك وفي ملكتك ، فليس له أن يستبدّ بأمر دونك. فضرب كونه سهما من كنانته مثلا لكونه بعض كسبه.

[ه] ومنه حديث عبد الرحمن بن أبي بكر «أمثلي يُفْتَاتُ عليه في بناته!» هو افتعل ، من الفَوَات : السبق. يقال لكل من أحدث شيئا في أمرك دونك : قد افْتَاتَ عليك فيه.

(فوج) في حديث كعب بن مالك «يتلقّاني الناس فَوْجاً فَوْجاً» الفَوْج : الجماعة من الناس ، والفَيْج مثله ، وهو مخفّف من الفَيِّج ، وأصله الواو ، يقال : فَاجَ يَفُوجُ فهو فَيِّج ، مثل هان يهون فهو هيّن. ثمّ يخفّفان فيقال : فَيْج وهَيْن.

(فوح) (س) فيه «شدّة الحرّ من فَوْحِ جهنم» أي شدّة غليانها وحرّها. ويروى بالياء. وسيجيء.

(س) وفيه «كان يأمرنا في فَوْح حيضنا أن نأتزر» أي معظمه وأوّله.

(فوخ) (ه) فيه «أنه خرج يريد حاجة ، فاتّبعه بعض أصحابه ، فقال : تنحّ عنّي فإنّ كلّ بائلة تُفِيخُ» الإِفَاخَة : الحدث بخروج الرّيح خاصّة. يقال : أَفَاخَ يُفِيخُ إذا خرج منه

٤٧٧

ريح ، وإن جعلت الفعل للصّوت قلت : فَاخَ يَفُوخُ ، وفَاخَتِ الرّيح تَفُوخُ فَوْخاً إذا كان مع هبوبها صوت. وقوله «بائلة» : أي نفس بائلة.

(فود) (س) فيه «كان أكثر شيبه في فَوْدَى رأسه» أي ناحيتيه ، كلّ واحد منهما فَوْد. وقيل : الفَوْد معظم شعر الرأس.

[ه] وفي حديث معاوية «قال للبيد : ما بال العلاوة بين الفَوْدَيْن!» هما العدلان. كلّ واحد منهما فَوْد.

وفي حديث سطيح :

* أم فَادَ فازْلَمَّ به شأو العَنَن *

يقال : فَادَ يَفُودُ إذا مات. ويروى بالزاي بمعناه.

(فور) (س) فيه «فجعل الماء يَفُورُ من بين أصابعه» أي يغلي ويظهر متدفّقا.

ومنه الحديث «كلّا بل هي حمّى تثور أو تَفُورُ» أي يظهر حرّها.

ومنه الحديث «إن شدّة الحرّ من فَوْرِ جهنم» أي وهجها وغليانها.

(س) وفي حديث ابن عمر «ما لم يسقط فَوْر الشّفق» هو بقيّة حمرة الشمس في الأفق الغربي ، سمي فَوْراً لسطوعه وحمرته. ويروى بالثاء. وقد تقدّم.

(س) وفي حديث معضد «خرج هو وفلان فضربوا الخيام وقالوا : أخرجنا من فَوْرَة الناس» أي من مجتمعهم ، وحيث يَفُورُون في أسواقهم.

وفي حديث محلّم «نعطيكم خمسين من الإبل في فَوْرِنَا هذا» فَوْرُ كلّ شيء : أوّله.

(فوز) (ه) في حديث سطيح :

أم فَازَ فازلمّ به شأو العنن

فَازَ يَفُوزُ ، وفَوَّزَ إذا مات ، ويروى بالدال بمعناه. وقد سبق.

ومنه حديث كعب بن مالك «واستقبل سفرا بعيدا ومَفَازاً» المَفَاز والمَفَازَة : البرّيّة القفر. والجمع : المَفَاوِز ، سمّيت بذلك لأنها مهلكة ، من فَوَّزَ ، إذا مات. وقيل : سمّيت تفاؤلا من الفَوْز : النّجاة. وقد تكرر في الحديث.

٤٧٨

(فوض) في حديث الدعاء «فَوَّضْتُ أمري إليك» أي رددته. يقال : فَوَّضَ إليه الأمر تَفْوِيضاً إذا ردّه إليه وجعله الحاكم فيه.

ومنه حديث الفاتحة «فَوَّضَ إلىّ عبدي» وقد تكرر في الحديث.

(ه) وفي حديث معاوية «قال لدغفل بن حنظلة : بم ضبطت ما أرى؟ قال : بِمُفَاوَضَة العلماء ، قال : ما مُفَاوَضَة العلماء؟ قال : كنت إذا لقيت عالما أخذت ما عنده وأعطيته ما عندي» المُفَاوَضَة : المساواة والمشاركة ، وهي مفاعلة من التَّفْوِيض ، كأنّ كلّ واحد منهما ردّ ما عنده إلى صاحبه. وتَفَاوَضَ الشّريكان في المال إذا اشتركا فيه أجمع. أراد محادثة العلماء ومذاكرتهم في العلم.

(فوع) (ه) فيه «احبسوا صبيانكم حتى تذهب فَوْعَةُ العشاء» أي أوّله ، كفورته. وفَوْعَة الطّيب : أوّل ما يفوح منه. ويروى بالغين ، لغة فيه.

(فوف) (س) في حديث عثمان «خرج وعليه حلّة أَفْوَاف» الأَفْوَاف : جمع فُوف ، وهو القطن ، وواحدة الفُوفِ : فُوفَة ، وهي في الأصل : القشرة التي على النّواة. يقال : برد أَفْوَاف ، وحلّة أَفْوَاف بالإضافة ، وهي ضرب من برود اليمن ، وبرد مُفَوَّف : فيه خطوط بياض.

(س) وفي حديث كعب «ترفع للعبد غرفة مُفَوَّفَة» وتَفْوِيفُها : لبنة من ذهب وأخرى من فضّة.

(فوق) (ه) فيه «أنه قسم الغنائم يوم بدر عن فُوَاق» أي قسمها في قدر فُوَاق ناقة ، وهو ما بين الحلبتين من الرّاحة ، وتضمّ فاؤه وتفتح.

وقيل : أراد التّفضيل في القسمة ، كأنه جعل بعضهم أَفْوَقَ من بعض ، على قدر غنائمهم (١) وبلائهم.

و«عن» هاهنا بمنزلتها في قولك : أعطيته عن رغبة وطيب نفس ، لأنّ الفاعل وقت إنشاء الفعل إذا كان متّصفا بذلك كان الفعل صادرا عنه لا محالة ، ومجاوزا له.

ومنه الحديث «عيادة المريض قدر فُوَاق الناقة».

(ه) وحديث عليّ «قال له الأشتر (٢) يوم صفّين : أنظرني فُوَاقَ ناقة» أي أخّرني قدر ما بين الحلبتين.

__________________

(١) فى اللسان : «غنائهم». وكأنه أشبه.

(٢) الذى فى اللسان : «الأسير».

٤٧٩

(ه) وحديث أبي موسى ومعاذ «أمّا أنا فأَتَفَوَّقُه تَفَوُّقاً» يعنى قراءة القرآن : أي لا أقرأ وردي منه دفعة واحدة ، ولكن أقرؤه شيئا بعد شيء في ليلي ونهاري ، مأخوذ من فُوَاق الناقة ، لأنها تحلب ثم تراح حتى تدرّ ثم تحلب.

ومنه حديث عليّ «إنّ بني أميّة ليُفَوِّقُونَنِي تراث محمد تَفْوِيقاً» أي يعطوني من المال قليلا قليلا.

وفي حديث أبي بكر في كتاب الزكاة «من سئل فَوْقَها فلا يعطه» أي لا يعطى الزيادة المطلوبة.

وقيل : لا يعطيه شيئا من الزكاة أصلا ، لأنه إذا طلب ما فوق الواجب كان خائنا ، وإذا ظهرت خيانته سقطت طاعته.

وفيه «حبّب إليَّ الجمال حتى ما أحبّ أن يَفُوقَنِي أحد بشراك نعل» فُقْتُ فلانا أَفُوقُه : أي صرت خيرا منه وأعلى وأشرف ، كأنك صرت فَوْقَه في المرتبة.

ومنه «الشيء الفَائِق» وهو الجيّد الخالص في نوعه.

ومنه حديث حنين :

فما كان حصن ولا حابس

يَفُوقَان مرداس في مجمع

وفي حديث عليّ يصف أبا بكر «كنت أخفضهم (١) صوتا ، وأعلاهم فُوقاً» أي أكثرهم نصيبا وحظّا من الدين ، وهو مستعار من فُوقِ السّهم ، وهو موضع الوتر منه.

(ه) ومنه حديث ابن مسعود «اجتمعنا فأمّرنا عثمان ، ولم نأل عن خيرنا ذا فُوقٍ» أي ولينا أعلانا سهما ذا فُوقٍ ، أراد خيرنا وأكملنا ، تامّا في الإسلام والسابقة والفضل.

ومنه حديث عليّ «ومن رمى بكم فقد رمى بِأَفْوَقَ ناصلٍ» أي رمى بسهم منكسر الفُوق لا نصل فيه.

وقد تكرر ذكر «الفُوق» في الحديث.

وفيه «وكانوا أهل بيت فَاقَةٍ» الفَاقَة : الحاجة والفقر.

__________________

(١) فى الأصل : «أحفظهم» بالحاء المهملة والظاء المعجمة ، والمثبت من ا ، واللسان.

٤٨٠