النّهاية - ج ٣

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٣

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: طاهر احمد الزاوي ومحمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤٨٨

وعلى ما قدّر له من كفر وإيمان ، فكلّ منهم عَامِل في الدّنيا بالعَمَلِ المشاكل لفطرته ، وصائر في العاقبة إلى ما فطر عليه ، فمن علامات الشّقاوة للطّفل أن يولد بين مشركين فيحملانه على اعتقاد دينهما ويعلّمانه إيّاه ، أو يموت قبل أن يعقل ويصف الدّين ، فيحكم له بحكم والديه ، إذ هو في حكم الشريعة تبع لهما.

وفي حديث الزكاة «ليس في العَوَامِل شيء» العَوَامِل من البقر : جمع عَامِلَة ، وهي التي يستقي عليها ويحرث وتستعمل في الأشغال ، وهذا الحكم مطّرد في الإبل.

[ه] وفي حديث الشّعبيّ «أنّه أتى بشراب مَعْمُول» قيل : هو الذي فيه اللّبن والعسل والثّلج.

وفيه «لا تُعْمَل المطيّ إلّا إلى ثلاثة مساجد» أي لا تحثّ وتساق. يقال : أَعْمَلْتُ. الناقة فعَمِلَت ، وناقة يَعْمَلَة ، ونوق يَعْمَلَات.

(ه) ومنه حديث الإسراء والبراق «فعَمِلَتْ بأذنيها» أي أسرعت ، لأنّها إذا أسرعت حرّكت أذنيها لشدّة السّير.

(ه) ومنه حديث لقمان «يُعْمِلُ النّاقةَ والسّاق» أخبر أنه قويّ على السّير راكبا وماشيا ، فهو يجمع بين الأمرين ، وأنه حاذق بالرّكوب والمشي.

(عملق) (س) في حديث خبّاب «أنه رأى ابنه مع قاصّ فأخذ السّوط وقال : أمع العَمَالِقَة؟ هذا قرن قد طلع» العَمَالِقَة : الجبابرة الذين كانوا بالشام من بقية قوم عاد ، الواحد : عِمْلِيق وعِمْلَاق. ويقال لمن يخدع الناس ويخلبهم : عِمْلَاق. والعَمْلَقَة : التّعمّق في الكلام ، فشبّه القصّاص بهم ، لما في بعضهم من الكبر والاستطالة على الناس ، أو بالذين يخدعونهم بكلامهم ، وهو أشبه.

(عمم) (ه) في حديث الغصب «وإنها لنخل عُمٌ» أي تامّة في طولها والتفافها ، واحدتها : عَمِيمَة ، وأصلها : عُمُمٌ ، فسكّن وأدغم.

(ه) وفي حديث أحيحة بن الجلاح «كنّا أهل ثمّه ورمّه ، حتى إذا استوى على عُمُمِّهِ.

٣٠١

أراد على طوله واعتدال شبابه ، يقال للنّبت إذا طال : قد اعْتَمَ. ويجوز «عُمُمِهِ» بالتخفيف ، «وعَمَمِهِ» ، بالفتح والتخفيف.

فأما بالضم والتخفيف فهو صفة بمعنى العَمِيم ، أو جمع عَمِيم ، كسرير وسرر. والمعنى : حتى إذا استوى على قدّه التّام ، أو على عظامه وأعضائه التّامّة.

وأمّا التّشديدة التي فيه عند من شدّده فإنّها التي تزاد في الوقف ، نحو قولهم : هذا عمرّ وفرجّ ، فأجرى الوصل مجرى الوقف ، وفيه نظر.

وأما من رواه بالفتح والتخفيف فهو مصدر وصف به.

ومنه قولهم «منكب عَمَمٌ».

(س) ومنه حديث لقمان «يهب البقرة العَمَمَة (١) أي التّامّة الخلق.

ومنه حديث الرؤيا «فأتينا على روضة مُعْتَمَّة» أي وافية النّبات طويلته.

(ه) ومنه حديث عطاء «إذا توضأت فلم تَعْمُمْ فتيمّم» أي إذا لم يكن في الماء وضوء تامّ فتيمّم ، وأصله من العُمُوم.

[ه] ومن أمثالهم «عَمَ ثوباء النّاعس» يضرب مثلا للحدث يحدث ببلدة ، ثم يتعدّاها إلى سائر البلدان.

(س) وفيه «سألت ربّي أن لا يهلك أمّتي بسنة بعَامَّة» أي بقحط عَامّ يَعُمُّ جميعهم. والباء في «بعَامَّة» زائدة زيادتها في قوله تعالى «وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ» ويجوز أن لا تكون زائدة ، ويكون قد أبدل عَامَّة من سنة بإعادة العامل ، تقول : مررت بأخيك بعمرو ، ومنه قوله تعالى «قال الّذين استكبروا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ».

ومنه الحديث «بادروا بالأعمال ستّا ، كذا وكذا وخويصّة أحدكم وأمر العَامَّة» أراد بالعَامَّة القيامة ، لأنّها تَعُمُّ الناس بالموت : أي بادروا بالأعمال موت أحدكم والقيامة.

__________________

(١) الذي في اللسان : «العَمِيمَة» وقال صاحب القاموس : «العَمَم ـ محرّكة ـ عظم الخلق في الناس وغيرهم».

٣٠٢

(ه) وفيه «كان إذا أوى إلى منزله جزّأ دخوله ثلاثة أجزاء : جزء الله ، وجزءا لأهله ، وجزءا لنفسه ، ثم جزّا جزءه بينه وبين الناس ، فيردّ ذلك على العَامَّة بالخاصّة» أراد أن العَامَّة كانت لا تصل إليه في هذا الوقت ، فكانت الخاصّة تخبر العَامَّة بما سمعت منه ، فكأنه أوصل الفوائد إلى العَامَّة بالخاصة.

وقيل : إنّ الباء بمعنى من : أي يجعل وقت العَامَّة بعد وقت الخاصّة وبدلا منهم. كقول الأعشى (١) :

على أنّها إذ رأتني أقا

د قالت بما قد أراه بصيرا

أي هذا العشا مكان ذلك الإبصار ، وبدل منه (٢).

وفيه «أكرموا عَمَّتَكُم النّخلة» سمّاها عَمَّةً للمشاكلة في أنها إذا قطع رأسها يبست ، كما إذا قطع رأس الإنسان مات. وقيل : لأنّ النّخل خلق من فضلة طينة آدم عليه‌السلام.

وفي حديث عائشة «استأذنت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في دخول أبي القعيس عليها ، فقال : ائذني له فإنه عَمُّجِ» يريد عَمُّكِ من الرّضاعة ، فأبدل كاف الخطاب جيما ، وهي لغة قوم من اليمن.

قال الخطّابي : إنما جاء هذا من بعض النّقلة ، فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان لا يتكلّم إلا باللّغة العالية.

وليس كذلك ، فإنّه قد تكلّم بكثير من لغات العرب ، منها قوله «ليس من امبرّ امصيام في امسفر» وغير ذلك.

(س) وفي حديث جابر «فعَمَ ذلك؟» أي لم فعلته ، وعن أيِّ شيء كان؟ وأصله : عن ما ، فسقطت ألف ما وأدغمت النون في الميم ، كقوله تعالى (عَمَ يَتَساءَلُونَ) وهذا ليس بابها ، وإنما ذكرناها للفظها.

__________________

(١) هو الأعشى الكبير ، ميمون بن قيس. ديوانه ص ٩٥.

(٢) زاد الهروى وجها ثالثا ، قال : «والقول الثالث : فردّ ذلك بدلا من الخاصة على العامة ، أن يجعل العامّة مكان الخاصة».

٣٠٣

(عمن) (ه) في حديث الحوض «عرضه من مقامي إلى عَمَّان» هي بفتح العين وتشديد الميم : مدينة قديمة بالشام من أرض البلقاء ، فأمّا بالضّمّ والتّخفيف فهو صقع عند البحرين ، وله ذكر في الحديث.

(عمه) في حديث عليّ «(فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ) ، بل كيف تَعْمَهُون؟» العَمَه في البصيرة كالعمى في البصر. وقد تكرر في الحديث.

(عما) [ه] في حديث أبي رزين «قال : يا رسول الله ، أين كان ربّنا عزوجل قبل أن يخلق خلقه؟ فقال : كان في عَمَاء ، تحته هواء وفوقه هواء» العَمَاء بالفتح والمدّ : السّحاب. قال أبو عبيد : لا يدرى كيف كان ذلك العَمَاء.

وفي رواية «كان في عَماً» بالقصر ، ومعناه ليس معه شيء.

وقيل : هو كل أمر لا تدركه عقول بني آدم ، ولا يبلغ كنهه الوصف والفطن.

ولا بدّ في قوله «أين كان ربّنا» من مضاف محذوف ، كما حذف في قوله تعالى (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ) ونحوه ، فيكون التّقدير : أين كان عرش ربّنا؟ ويدلّ عليه قوله تعالى (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ).

قال الأزهرى : نحن نؤمن به ولا نكيّفه بصفة : أي نجري اللفظ على ما جاء عليه من غير تأويل.

ومنه حديث الصّوم «فإن عُمِّيَ عليكم» هكذا جاء في رواية ، قيل : هو من العَمَاء : السّحاب الرّقيق : أي حال دونه ما أعمى الأبصار عن رؤيته.

وفى حديث الهجرة «لأُعَمِّيَنَ على من ورائي» من التَّعْمِيَة والإخفاء والتّلبيس ، حتى لا يتبعكما أحد.

(ه س) وفيه «من قتل تحت راية عِمِّيَّة فقتلته جاهليّة» قيل : هو فعّيلة ، من العَمَاء : الضّلالة ، كالقتال في العصبيّة والأهواء. وحكى بعضهم فيها ضمّ العين.

(ه) ومنه حديث الزّبير «لئلّا تموت ميتة عِمِّيَّة» أي ميتة فتنة وجهالة.

٣٠٤

ومنه الحديث «من قتل في عِمِّيَّا في رمي يكون بينهم فهو خطأ» وفي رواية «في عِمِّيَّة في رِمِّيَّا تكون بينهم بالحجارة فهو خطأ» العِمِّيَّا بالكسر والتشديد والقصر : فعّيلى ، من العَمَى ، كالرِّمِّيَّا ، من الرّمي ، والخصّيصى ، من التّخصيص ، وهي مصادر. والمعنى أن يوجد بينهم قتيل يَعْمَى أمره ولا يتبيّن قاتله ، فحكمه حكم قتيل الخطأ تجب فيه الدّية.

ومنه الحديث الآخر «ينزو الشيطان بين الناس فيكون دما (١) في عَمْيَاء في غير ضغينة» أي في غير جهالة من غير حقد وعداوة. والعَمْيَاء : تأنيث الأَعْمَى ، يريد بها الضّلالة والجهالة.

(ه) ومنه الحديث «تعوّذوا بالله من الأَعْمَيَيْنِ» هما السّيل والحريق ، لما يصيب من يصيبانه من الحيرة في أمره ، أو لأنّهما إذا حدثا ووقعا لا يبقيان موضعا ولا يتجنّبان شيئا ، كالأَعْمَى الذي لا يدري أين يسلك ، فهو يمشي حيث أدّته رجله.

(ه) ومنه حديث سلمان «سئل ما يحلّ لنا من ذمّتنا؟ فقال : من عَمَاك إلى هداك» أي إذا ضللت طريقا أخذت منهم رجلا حتى يقفك على الطريق. وإنما رخّص سلمان في ذلك ، لأنّ أهل الذّمة كانوا صولحوا على ذلك وشرط عليهم ، فأمّا إذا لم يشرط فلا يجوز إلّا بالأجرة.

وقوله «من ذمّتنا» : أي من أهل ذمّتنا.

(س) وفيه «إن لنا المَعَامِيَ» يريد الأرض المجهولة الأغفال التي ليس فيها أثر عمارة ، واحدها : مَعْمًى ، وهو موضع العَمَى ، كالمجهل.

وفي حديث أم معبد «تسفهوا عَمَايَتَهم» العَمَايَة : الضلالة ، وهي فعالة من العَمَى.

(ه) وفيه «أنه نهى عن الصلاة إذا قام قائم الظّهيرة صكّة عُمَيٍ» يريد أشدّ الهاجرة. يقال : لقيته صكّة عُمَيٍ : أي نصف النهار في شدّة الحرّ ، ولا يقال إلّا في القيظ ، لأنّ الإنسان إذا خرج وقتئذ لم يقدر أن يملأ عينيه من ضوء الشمس. وقد تقدّم مبسوطا في حرف الصاد.

(ه) وفي حديث أبي ذرّ «أنه كان يغير على الصِّرم في عَمَايَة الصّبح» أي في بقيّة ظلمة اللّيل.

__________________

(١) انظر الحاشية ٢ ، ص ٩١ من هذا الجزء.

٣٠٥

(ه) وفيه «مثل المنافق مثل شاة بين ربيضين (١) ، تَعْمُو إلى هذه مرّة وإلى هذه مرّة» يقال : عَمَا يَعْمُو إذا خضع وذلّ ، مثل عنا يعنو ، يريد أنها كانت تميل إلى هذه وإلى هذه.

(باب العين مع النون)

(عنب) فيه ذكر «بئر أبي عِنَبَة» بكسر العين وفتح النون : بئر معروفة بالمدينة ، عندها عرض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أصحابه لمّا سار إلى بدر.

وفيه ذكر «عُنَابَة» بالضم والتخفيف : قارة سوداء بين مكة والمدينة ، كان زين العابدين يسكنها.

(عنبر) (س) في حديث جابر «فألقى لهم البحر دابّة يقال لها : العَنْبَر» هي سمكة بحريّة كبيرة ، يتّخذ من جلدها التّراس. ويقال للتّرس : عَنْبَر.

وفي حديث ابن عباس «أنه سئل عن زكاة العَنْبَر فقال : إنما هو شيء دسره البحر» هو الطّيب المعروف.

[ه] (عنبل) في حديث عاصم بن ثابت.

والقوس فيها وتر عُنَابِل

العُنَابِل بالضم : الصّلب المتين ، وجمعه : عَنَابِل بالفتح ، مثل جوالق وجوالق.

(عنت) (س) فيه «الباغون البرآء العَنَتَ» العَنَتُ : المشقّة والفساد ، والهلاك ، والإثم والغلط ، والخطأ والزّنا ، كلّ ذلك قد جاء ، وأطلق العَنَت عليه. والحديث يحتمل كلّها. والبرآء : جمع برئ ، وهو والعَنَت منصوبان مفعولان للباغين. يقال : بغيت فلانا خيرا ، وبغيتك الشيء : طلبته لك ، وبغيت الشيء : طلبته.

[ه] ومنه الحديث «فيُعْنِتُوا عليكم دينَكم».

__________________

(١) فى الأصل وا : «ربيضتين» والمثبت من الهروى ، واللسان ، وممّا سبق فى مادة (ربض).

٣٠٦

(س) والحديث الآخر «حتى تُعْنِتَه» أي تشقّ عليه.

(س) ومنه الحديث «أيّما طبيب تطبّب ولم يعرف بالطِّبِ فأَعْنَتَ فهو ضامن» أي أضرّ المريض وأفسده.

(س) وحديث عمر «أردت أن تُعَنِّتَنِي» أي تطلب عَنَتِي وتسقطني.

وحديث الزّهريّ «في رجل أنعل دابّته فعَنَتَتْ» هكذا جاء في رواية : أي عرجت ، وسمّاه عَنَتاً ، لأنه ضرر وفساد. والرواية «فعَتَبَت» بتاء فوقها نقطتان ، ثم باء تحتها نقطة واحدة. قال القتيبيّ : والأوّل أحبّ الوجهين إليّ.

(عنتر) (س) في حديث أبي بكر وأضيافه «قال لابنه عبد الرحمن : يا عَنْتَرُ» هكذا جاء في رواية ، وهو الذّباب ، شبّهه به تصغيرا له وتحقيرا. وقيل : هو الذّباب الكبير الأزرق ، شبّهه به لشدّة أذاه. ويروى بالغين المعجمة والثاء المثلثة ، وسيجيء.

(عنج) (ه) فيه «أنّ رجلا سار معه على جمل فجعل يتقدّم القوم ثم يَعْنِجُه حتى يكون في أخريات القوم» أي يجذب زمامه ليقف ، من عَنَجَه يَعْنِجُه إذا عطفه. وقيل : العَنْج : الرّياضة. وقد عَنَجْتُ البكرَ أَعْنِجُه عَنْجاً إذا ربطت خطامه في ذراعه لتروضه.

(ه) ومنه الحديث الآخر «وعثرت ناقته فعَنَجَهَا بالزّمام».

ومنه حديث عليّ «كأنه قلع داريٍ عَنَجَهُ نوتيُّه» أي عطفه ملّاحه.

(ه) ومنه الحديث «قيل : يا رسول الله فالإبل؟ قال : تلك عَنَاجِيج الشياطين» أي مطاياها ، واحدها : عُنْجُوج ، وهو النّجيب من الإبل. وقيل : هو الطّويل العنق من الإبل والخيل ، وهو من العَنْج : العطف ، وهو مثل ضربه لها ، يريد أنها يسرع إليها الذّعر والنّفار.

(ه) وفيه «إن الذين وافوا الخندق من المشركين كانوا ثلاثة عساكر ، وعِنَاجُ الأمر إلى أبي سفيان» أي أنه كان صاحبهم ، ومدبّر أمرهم ، والقائم بشئونهم ، كما يحمل ثقل الدّلو عِنَاجُها ، وهو حبل يشدّ تحتها ثم يشدّ إلى العراقي ليكون تحتها عونا لعراها فلا تنقطع.

٣٠٧

وفي حديث أبي جهل يوم بدر «أَعْلِ عَنِّجْ» أراد عنّي ، فأبدل الياء جيما. وقد تقدّم في العين واللام.

(عند) فيه «إن الله تعالى جعلني عبدا كريما ، ولم يجعلني جبّارا عَنِيداً» العَنِيد : الجائر عن القصد ، الباغي الذي يردّ الحقّ مع العلم به.

وفي خطبة أبي بكر «وسترون بعدي ملكا عضوضا وملكا عَنُوداً» العَنُود والعَنِيد بمعنى ، وهما فعول وفعيل ، بمعنى فاعل أو مفاعل.

(ه) وفي حديث عمر يذكر سيرته «وأضمّ العَنُود» هو من الإبل : الذي لا يخالطها ولا يزال منفردا عنها ، وأراد : من خرج عن الجماعة أعدته إليها وعطفته عليها.

ومنه حديث الدعاء «وأقصى (١) الأدنين على عُنُودِهم عنك» أي ميلهم وجورهم. وقد عَنِدَ يَعْنَدُ عُنُوداً فهو عَانِد.

[ه] ومنه حديث المستحاضة (٢) «قال : إنه عرق عَانِد» شبّه به لكثرة ما يخرج منه على خلاف عادته. وقيل : العَانِد : الذي لا يرقأ.

(عنز) (ه) فيه «لمّا طعن [رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم](٣) أبيّ بن خلف بالعَنَزَة بين ثدييه قال : قتلني ابن أبي كبشة» العَنَزَة : مثل نصف الرّمح أو أكبر شيئا ، وفيها سنان مثل سنان الرّمح ، والعكّازة : قريب منها. وقد تكرر ذكرها في الحديث.

(عنس) (س [ه]) في صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «لا عَانِس ولا مفنّد» العَانِس من النّساء والرجال : الذي يبقى زمانا بعد أن يدرك لا يتزوّج. وأكثر ما يستعمل في النّساء. يقال : عَنَسَتِ المرأة فهي عَانِس ، وعُنِّسَتْ فهي مُعَنَّسَة : إذا كبرت وعجزت في بيت أبويها (٤).

__________________

(١) هكذا ضبطت في الأصل. وفي ا : «أقصى» وفى اللسان : «فأقص».

(٢) أخرجه الهروى واللسان من قول ابن عباس رضى الله عنهما وقد استفتى.

(٣) من ا والهروى.

(٤) قال الهروى ، «ويروى : ولا عابس ولا معتد». وانظر ص ١٧١ من هذا الجزء.

٣٠٨

(ه) ومنه حديث الشعبيّ «العذرة يذهبها التَّعْنِيس والحيضة» هكذا رواه الهروي عن الشعبيّ. ورواه أبو عبيد عن النّخعيّ.

(عنش) (ه) في حديث عمرو بن معديكرب «قال يوم القادسيّة : يا معشر المسلمين كونوا أُسدا عِنَاشاً» يقال : عَانَشْتُ الرجل عِنَاشاً ومُعَانَشَةً إذا عانقته ، وهو مصدر وصف به. والمعنى : كونوا أسدا ذات عِنَاش. والمصدر يوصف به الواحد والجمع. يقال : رجل كرم ، وقوم كرم ، ورجل ضيف ، وقوم ضيف.

(عنصر) في حديث الإسراء «هذا النّيل والفرات عُنْصَرُهُما» العُنْصَر بضم العين وفتح الصاد : الأصل ، وقد تضم الصاد ، والنون مع الفتح زائدة عند سيبويه ، لأنه ليس عنده فعلل بالفتح.

ومنه الحديث «يرجع كلّ ماء إلى عُنْصَرِه».

(عنط) (س) في حديث المتعة «فتاة مثل البكرة العَنَطْنَطَة» أي الطويلة العنق مع حسن قوام. والعَنَط : طول العنق.

(عنف) فيه «إن الله يعطي على الرّفق ما لا يعطي على العُنْف» هو بالضم الشّدّة والمشقة ، وكل ما في الرّفق من الخير ففي العُنْف من الشرّ مثله. وقد تكرر في الحديث.

(س) وفيه «إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها ولا يُعَنِّفْها» التَّعْنِيف : التوبيخ والتّقريع واللّوم. يقال : أَعْنَفْتُه وعَنَّفْتُه : أي لا يجمع عليها بين الحدّ والتّوبيخ.

وقال الخطّابي : أراد لا يقنع بتَعْنِيفِها على فعلها ، بل يقيم عليها الحدّ ، لأنهم كانوا لا ينكرون زنا الإماء ولم يكن عندهم عيبا.

(عنفق) (س) فيه «أنه كان في عَنْفَقَتِه شعرات بيض» العَنْفَقَة : الشّعر الذي في الشّفة السّفلى. وقيل : الشعر الذي بينها وبين الذّقن. وأصل العَنْفَقَة : خفّة الشيء وقلّته.

(عنفوان) في حديث معاوية «عُنْفُوَان المكرع» أي أوّله. وعُنْفُوَان كلّ شيء : أوّله ، ووزنه فعلوان ، من اعْتَنَفَ الشيء إذا ائتنفه وابتدأه.

٣٠٩

(عنق) (ه) فيه «المؤذّنون أطول النّاس أَعْنَاقاً يوم القيامة» أي أكثر أعمالا. يقال : لفلان عُنُقٌ من الخير : أي قطعة.

وقيل : أراد طول الأَعْنَاق أي الرّقاب ، لأن الناس يومئذ في الكرب ، وهم في الرّوح متطلّعون لأن يؤذن لهم في دخول الجنة.

وقيل : أراد أنهم يكونون يومئذ رؤساء سادة ، والعرب تصف السّادة بطول الأَعْنَاق.

وروي «أطول إِعْنَاقاً» بكسر الهمزة : أي أكثر إسراعا وأعجل إلى الجنة. يقال : أَعْنَقَ يُعْنِقُ إِعْنَاقاً فهو مُعْنِق ، والاسم : العَنَق بالتّحريك.

(ه) ومنه الحديث «لا يزال المؤمن مُعْنِقاً صالحا ما لم يصب دما حراما» أي مسرعا في طاعته منبسطا في عمله. وقيل : أراد يوم القيامة.

ومنه الحديث «أنه كان يسير العَنَقَ ، فإذا وجد فجوة نصّ».

(س [ه]) ومنه الحديث «أنه بعث سريّة ، فبعثوا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى بني سليم فانتحى له عامر بن الطّفيل فقتله ، فلمّا بلغ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قتله قال : أُعْنِقَ ليموت» أي إنّ المنية أسرعت به وساقته إلى مصرعه. واللّام لام العاقبة ، مثلها في قوله تعالى «لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً».

[ه] ومنه حديث أبي موسى «فانطلقنا إلى النّاس مَعَانِيق» أي مسرعين ، جمع مِعْنَاق.

ومنه حديث أصحاب الغار «فانفرجت الصّخرة فانطلقوا مُعَانِقِين» أي مسرعين ، من عَانَقَ مثل أَعْنَقَ إذا سارع وأسرع ، ويروى «فانطلقوا مَعَانِيقَ».

(ه) وفيه «يخرج عُنُقٌ من النار» أي طائفة منها.

ومنه حديث الحديبية «وإن نجوا تكن عُنُقٌ قطعها الله» أي جماعة من الناس.

ومنه حديث فزارة «فانظروا إلى عُنُقٍ من الناس».

٣١٠

ومنه الحديث «لا يزال الناس مختلفة أَعْنَاقُهم في طلب الدنيا» أي جماعات منهم. وقيل : أراد بالأَعْنَاق الرّؤساء والكبراء ، كما تقدّم.

(ه) وفي حديث أم سلمة «قالت : دخلت شاة فأخذت قرصا تحت دنّ لنا ، فقمت فأخذته من بين لحييها ، فقال [صلى‌الله‌عليه‌وسلم](١) : ما كان ينبغي لك أن تُعَنِّقِيها» أي تأخذي بعُنُقِها وتعصريها. وقيل : التَّعْنِيق : التّخييب ، من العَنَاق ، وهي الخيبة.

ومنه الحديث «أنه قال لنساء عثمان بن مظعون لمّا مات : ابكين ، وإيّاكنّ وتَعَنُّقَ الشيطان» هكذا جاء في مسند أحمد. وجاء في غيره «ونَعِيق الشيطان» فإن صحّت الأولى فيكون من عَنَّقَه إذا أخذ بعُنُقِه وعصر في حلقه ليصيح ، فجعل صياح النّساء عند المصيبة مسبّبا عن الشيطان ، لأنه الحامل لهنّ عليه.

(س) وفي حديث الضّحيّة «عندي عَنَاق جذعة» هي الأنثى من أولاد المعز ما لم يتمّ له سنة.

(س) وفي حديث أبي بكر «لو منعوني عَنَاقاً ممّا كانوا يؤدّونه إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لقاتلتهم عليه» فيه دليل على وجوب الصّدقة في السّخال ، وأنّ واحدة منها تجزئ عن الواجب في الأربعين منها إذا كانت كلّها سخالا ، ولا يكلّف صاحبها مسنّة ، وهو مذهب الشافعي.

وقال أبو حنيفة : لا شيء في السّخال.

وفيه دليل على أنّ حول النّتاج حول الأمّهات ، ولو كان يستأنف لها الحول لم يوجد السّبيل إلى أخذ العَنَاق.

(س) وفي حديث قتادة «عَنَاق الأرض من الجوارح» هي دابّة وحشيّة أكبر من السّنّور وأصغر من الكلب. والجمع : عُنُوق. يقال في المثل : لقي عَنَاقَ الأرض ، وأذني عَنَاق : أي داهية. يريد أنّها من الحيوان الّذي يصطاد به إذا علّم.

__________________

(١) من ا والهروى.

٣١١

(س) وفي حديث الشعبيّ «نحن في العُنُوق ، ولم نبلغ النّوق». وفي المثل : العُنُوق بعد النّوق : أي القليل بعد الكثير ، والذّل بعد العزّ. والعُنُوق : جمع عَنَاق.

وفي حديث الزّبرقان «والأسود الأَعْنَق ، الذي إذا بدا يحمّق» الأَعْنَق : الطويل العُنُق ، رجل أَعْنَق وامرأة عَنْقَاء.

(س) ومنه حديث ابن تدرس «كانت أمّ جميل ـ يعنى امرأة أبي لهب ـ عوراء عَنْقَاء».

ومنه حديث عكرمة في تفسير قوله تعالى (طَيْراً أَبابِيلَ) قال : العَنْقَاء المغرب» يقال : طارت به عَنْقَاء مغرب ، والعَنْقَاء المغرب. وهو طائر عظيم معروف الاسم مجهول الجسم (١) لم يره أحد. والعَنْقَاء : الدّاهية.

(عنقز) (س) في حديث قسّ ذكر «العَنْقَزَان» العَنْقَز : أصل القصب الغضّ.

قال الجوهرى : العَنْقَز : المرزنجوش (٢). والعَنْقَزَان مثله.

(عنقفير) (ه) فيه «ولا سوداء عنقفير (٣)» العنقفير : الدّاهية.

(عنك) في حديث جرير «بين سلم وأراك ، وحموض وعَنَاك» هكذا جاء فى رواية الطّبراني ، وفسّر بالرّمل. والرّواية باللام. وقد تقدّم.

(س) وفي حديث أم سلمة «ما كان لك أن تُعَنِّكِيها» التَّعْنِيك : المشقّة والضّيق والمنع ، من اعْتَنَكَ البعير إذا ارتطم في رمل لا يقدر على الخلاص منه ، أو من عَنَكَ الباب وأَعْنَكَه إذا أغلقه. وروي بالقاف. وقد تقدّم.

(عنم) (ه) في حديث خزيمة «وأخلف الخزامي وأينعت العَنَمَة» العَنَمَة : شجرة لطيفة الأغصان يشبّه بها بنان العذارى. والجمع : عَنَمٌ.

__________________

(١) فى ا : «المكان».

(٢) انظر حواشى ص ١٧٧ من هذا الجزء.

(٣) فى الأصل وا : «العنقفيز» بالزاى. وأثبتناه بالراء من الهروى والصحاح ، والفائق ٣ / ٩٤ ، والقاموس واللسان (عنقر) على أن القاموس واللسان ذكرا فى مادة (عنقز) قالا : العنقز : الداهية.

٣١٢

(عنن) (ه) فيه «لو بلغت خطيئته عَنَانَ السماء» العَنَان بالفتح : السّحاب ، والواحدة عَنَانَة. وقيل : ما عَنَ لك منها ، أي اعترض وبدا لك إذا رفعت رأسك. ويروى «أَعْنَان السماء» : أي نواحيها ، واحدها : عَنَنٌ ، وعَنٌ.

ومن الأوّل الحديث «مرّت به سحابة فقال : هل تدرون ما اسم هذه؟ قالوا : هذا السّحاب ، قال : والمزن ، قالوا : والمزن ، قال : والعَنَان ، قالوا : والعَنَان».

(ه) وحديث ابن مسعود «كان رجل في أرض له إذ مرّت به عَنَانَة ترهيأ».

والحديث الآخر «فيطلّ عليه العَنَان».

(ه) ومن الثاني «أنه سئل عن الإبل ، فقال : أَعْنَان الشياطين» الأَعْنَان : النّواحي ، كأنّه قال إنّها لكثرة آفاتها كأنّها من نواحي الشياطين في أخلاقها وطبائعها.

وفي حديث آخر «لا تصلّوا في أعطان الإبل ، لأنّها خلقت من أَعْنَان الشياطين».

(ه) وفي حديث طهفة «برئنا إليك من الوثن والعَنَن» الوثن : الصّنم. والعَنَن : الاعتراض. يقال : عَنَ لي الشيء ، أي اعترض ، كأنّه قال : برئنا إليك من الشّرك والظّلم. وقيل : أراد به الخلاف والباطل.

(ه) ومنه حديث سطيح.

أم فاز (١) فازلمّ به شأو العَنَن

يريد اعتراض الموت وسبقه.

ومنه حديث عليّ «دهمته المنيّة في عَنَن جماحه» هو ما ليس بقصد.

ومنه حديثه أيضا يذمّ الدّنيا «ألا وهي المتصدّية العَنُون» أي التي تتعرّض للنّاس. وفعول للمبالغة.

وفي حديث طهفة «وذو العِنَان الرّكوب» يريد الفرس الذّلول ، نسبه إلى العِنَان والرّكوب ، لأنه يلجم ويركب. والعِنَان : سير اللّجام.

__________________

(١) انظر حواشى ص ٣١١ من الجزء الثانى.

٣١٣

(س) وفي حديث قيلة «تحسب عَنِّي نائمة» أي تحسب أنّي نائمة ، فأبدلت من الهمزة عينا. وبنو تميم يتكلّمون بها ، وتسمّى العَنْعَنَة.

(س) ومنه حديث حصين بن مشمّت «أخبرنا فلان عَنَ فلانا حدّثه» أي أنّ فلانا حدّثه. وكأنهم يفعلونه لبحح في أصواتهم.

(عنا) (ه) فيه «أتاه جبريل فقال : بسم الله أرقيك من كل داء يَعْنِيك» أي يقصدك يقال : عَنَيْتُ فلانا عَنْياً ، إذا قصدته. وقيل : معناه من كلّ داء يشغلك. يقال : هذا أمر لا يَعْنِينِي : أي لا يشغلني ويهمّني.

ومنه الحديث «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يَعْنِيه» أي ما لا يهمّه. ويقال : عُنِيتُ بحاجتك أُعْنَى بها فأنا بها مَعْنِيٌ ، وعَنَيْتُ به فأنا عَانٍ ، والأوّل أكثر : أي اهتممت بها واشتغلت.

ومنه الحديث «أنه قال لرجل : لقد عَنِيَ اللهُ بك» مَعْنَى العِنَايَة هاهنا الحفظ ، فإنّ من عَنِيَ بشيء حفظه وحرسه ، يريد : لقد حفظ عليك دينك وأمرك.

وفي حديث عقبة بن عامر في الرّمي بالسّهام «لولا كلام سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لم أُعَانِهِ» مُعَانَاة الشّيء : ملابسته ومباشرته. والقوم يُعَانُون مالهم : أي يقومون عليه.

(ه) وفيه «أطعموا الجائع وفكّوا العَانِي» ، العَانِي : الأسير. وكلّ من ذلّ واستكان وخضع فقد عَنَا يَعْنُو ، وهو عَانٍ ، والمرأة عَانِيَة ، وجمعها : عَوَانٍ.

(ه) ومنه الحديث «اتّقوا الله في النّساء فإنّهنّ عَوَانٍ عندكم» أي أسراء ، أو كالأسراء.

(س) ومنه حديث المقدام «الخال وارث من لا وارث له ، يفكّ عَانَهُ» أي عَانِيَهُ ، فحذف الياء. وفي رواية «يفكّ عُنِيَّهُ» بضم العين وتشديد الياء ، يقال : عَنَا يَعْنُو عُنُوّاً وعُنِيّاً. ومعنى الأسر في هذا الحديث : ما يلزمه ويتعلّق به بسبب الجنايات التي سبيلها أن تتحمّلها العاقلة.

٣١٤

هذا عند من يورّث الخال ، ومن لا يورّثه يكون معناه أنّها طعمة أطعمها الخال ، لا أن يكون وارثا.

(ه) وفي حديث عليّ «أنه كان يحرّض أصحابه يوم صفّين ويقول : استشعروا الخشية وعَنُّوا بالأصوات» أي احبسوها وأخفوها ، من التَّعْنِيَة : الحبس والأسر ، كأنه نهاهم عن اللّغط ورفع الأصوات.

(ه) وفي حديث الشّعبيّ «لأن أَتَعَنَّى بِعَنِيَّةٍ أحبّ إليّ من أن أقول في مسألة برأيي» العَنِيَّة : بول فيه أخلاط تطلى به الإبل الجَرْبَى. والتَّعَنِّي : التّطلّي بها ، سمّيت عَنِيَّة لطول الحبس.

ومنه المثل «عَنِيَّة تشفي الجرب» يضرب للرجل إذا كان جيّد الرّأي.

(س) وفي حديث الفتح «أنه دخل مكّة عَنْوَةً» أي قهرا وغلبة. وقد تكرر ذكره في الحديث. وهو من عَنَا يَعْنُو إذا ذلّ وخضع. والعَنْوَة : المرّة الواحدة منه ، كأن المأخوذ بها يخضع ويذلّ.

(باب العين مع الواو)

(عوج) قد تكرر ذكر «العَوَج العِوَج» في الحديث اسما ، وفعلا ، ومصدرا ، وفاعلا ، ومفعولا ، وهو بفتح العين مختصّ بكل شيء مرئيّ كالأجسام ، وبالكسر فيما ليس بمرئيّ ، كالرأي والقول. وقيل : الكسر يقال فيهما معا ، والأوّل أكثر.

ومنه الحديث «حتى يقيم به الملّة العَوْجَاء» يعنى ملّة إبراهيم صلى‌الله‌عليه‌وسلم التي غيّرتها العرب عن استقامتها.

وفي حديث أم زرع «ركب أَعْوَجِيّاً» أي فرسا منسوبا إلى أَعْوَج ، وهو فحل كريم تنسب الخيل الكرام إليه.

(ه) وفي حديث إسماعيل عليه‌السلام «هل أنتم عَائِجُون؟» أي مقيمون. يقال : عَاجَ بالمكان وعَوَّجَ : أي أقام. وقيل : عَاجَ به : أي عطف إليه ، ومال ، وألمّ به ، ومرّ عليه. وعَاجَهُ يَعُوجُه إذا عطفه ، يتعدّى ولا يتعدّى.

٣١٥

(ه) ومنه حديث أبي ذرّ «ثم عَاجَ رأسه إلى المرأة فأمرها بطعام» أي أماله إليها والتفت نحوها.

(س) وفيه «أنه كان له مشط من العَاج» العَاج : الذّبل. وقيل : شيء يتّخذ من ظهر السّلحفاة البحريّة. فأما العَاج الذي هو عظم الفيل فنجس عند الشافعي ، وطاهر عند أبي حنيفة.

(ه) ومنه الحديث «أنه قال لثوبان : اشتر لفاطمة سوارين من عَاجٍ».

(عود) في أسماء الله تعالى «المُعِيد» هو الذي يُعِيد الخلق بعد الحياة إلى الممات في الدّنيا ، وبعد الممات إلى الحياة يوم القيامة.

(ه) ومنه الحديث «إن الله يحبّ الرجل القوىّ المبدئ المُعِيد على الفرس» أي الذي أبدأ في غزوة وأعاد فغزا مرّة بعد مرّة ، وجرّب (١) الأمور طورا بعد طور.

والفرس المبدئ المُعِيد : هو الّذي غزا عليه صاحبه مرّة بعد أخرى. وقيل : هو الذي قد ريض وأدّب ، فهو طوع راكبه.

ومنه الحديث «وأصلح لي آخرتي التي فيها مَعَادِي» أي ما يعود إليه يوم القيام ، وهو إمّا مصدر أو ظرف.

ومنه حديث عليّ «والحَكَم الله والمَعْوَدُ إليه يوم القيامة» أي المَعَاد. هكذا جاء المَعْوَد على الأصل ، وهو مفعل من عَادَ يَعُودُ ، ومن حقّ أمثاله أن تقلب واوه ألفا ، كالمقام والمراح ، ولكنّه استعمله على الأصل ، تقول : عَادَ الشّيء يَعُود عَوْداً ومَعَاداً : أي رجع ، وقد يرد بمعنى صار.

(ه) ومنه حديث معاذ «قال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أعُدْتَ فتّانا يا معاذ؟» أي صرت.

(ه) ومنه حديث خزيمة «عَادَ لها النّقاد مجرنثما» أي صار.

__________________

(١) فى الأصل : «أو جرب» والمثبت من ا ، واللسان ، والهروى.

٣١٦

(ه) ومنه حديث كعب «وددت أنّ هذا اللّبن يَعُودُ قطرانا» أي يصير «فقيل له : لم ذلك؟ فقال : تتبّعت قريش أذناب الإبل وتركوا الجماعات».

[ه] وفيه «الزموا تقى الله واسْتَعِيدُوها» أي اعْتَادُوها. ويقال للشجاع : بطل مُعَاوِدٌ : أي مُعْتَاد.

(س) وفي حديث فاطمة بنت قيس «فإنها امرأة يكثر عُوَّادُها» أي زوّارها. وكلّ من أتاك مرّة بعد أخرى فهو عَائِد ، وإن اشتهر ذلك في عِيَادَة المريض حتى صار كأنّه مختصّ به. وقد تكررت الأحاديث في عيادة المريض.

(س) وفيه «عليكم بالعُود الهنديّ» قيل : هو القسط البحريّ. وقيل : هو العُود الذي يتبخّر به.

(ه) وفيه ذكر «العُودَيْن» هما منبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعصاه.

(ه س) وفي حديث شريح «إنّما القضاء جمر ، فادفع الجمر عنك بعُودَيْن» أراد بالعُودَيْن : الشاهدين ، يريد اتّق النّار بهما واجعلهما جنّتك ، كما يدفع المصطلى الجمر عن مكانه بِعُودٍ أو غيره لئلّا يحترق ، فمثّل الشاهدين بهما ، لأنه يدفع بهما الإثم والوبال عنه.

وقيل : أراد تثبّت في الحكم واجتهد فيما يدفع عنك النّار ما استطعت (١).

وفي حديث حسّان «قد آن لكم أن تبعثوا إلى هذا العَوْد» هو الجمل الكبير المسنّ المدرّب ، فشبّه نفسه به.

(ه) وفي حديث جابر «فعمدت إلى عنز لأذبحها فثغت ، فقال عليه‌السلام : لا تقطع درّا ولا نسلا ، فقلت : إنّما هي عَوْدَةٌ علفناها البلح والرّطب فسمنت» عَوَّدَ البعير والشّاة إذا أسنّا. وبعير عَوْدٌ ، وشاة عَوْدَة.

وفي حديث معاوية «سأله رجل فقال له : إنك لتمتّ برحم عَوْدَةٍ ، فقال : بلّها بعطائك حتى تقرب» أي برحم قديمة بعيدة النّسب.

وفي حديث حذيفة «تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير عَوْدا عَوْدا» هكذا

__________________

(١) زاد الهروى : «كما تقول : فلان يقاتل برمحين ، ويضارب بسهمين».

٣١٧

الرواية بالفتح ، أي مرّة بعد مرة. وروي بالضم ، وهو واحد العِيدَان ، يعنى ما ينسج به الحصير من طاقاته. وروي بالفتح مع ذال معجمة ، كأنّه استعاذ من الفتن (١).

(عوذ) (ه) فيه «أنه تزوّج امرأة ، فلمّا دخلت عليه قالت : أَعُوذُ بالله منك ، فقال : لقد عُذْتِ بمَعَاذ فالحقي بأهلك» يقال : عُذْتُ به أَعُوذُ عَوْذاً وعِيَاذاً ومَعَاذاً : أي لجأت إليه. والمَعَاذ المصدر ، والمكان ، والزمان : أي لقد لجأت إلى ملجأ ولذت بملاذ.

وقد تكرر ذكر «الاسْتِعَاذَة والتَّعَوُّذ» وما تصرّف منهما. والكلّ بمعنى. وبه سمّيت «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ» و«قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ» للمعوذتين.

(س) ومنه الحديث «إنّما قالها تَعَوُّذاً» أي إنّما أقرّ بالشّهادة لاجئا إليها ومعتصما بها ليدفع عنه القتل ، وليس بمخلص في إسلامه.

(س) ومنه الحديث «عَائِذ بالله من النّار» أي أنا عَائِذ ومُتَعَوِّذ ، كما يقال مستجير بالله ، فجعل الفاعل موضع المفعول ، كقولهم : سرّ كاتم ، وماء دافق.

ومن رواه «عَائِذاً» بالنّصب جعل الفاعل موضع المصدر ، وهو العِيَاذ.

(ه) وفي حديث الحديبية «ومعهم العُوذُ المطافيل» يريد النّساء والصّبيان. والعُوذُ في الأصل : جمع عَائِذ وهي النّاقة إذا وضعت ، وبعد ما تضع أيّاما حتى يقوى ولدها.

ومنه حديث عليّ «فأقبلتم إلىّ إقبال العُوذ المطافيل».

(عور) في حديث الزكاة «لا يؤخذ في الصّدقة هرمة ولا ذات عَوَار» العَوَار بالفتح : العيب ، وقد يضمّ.

(ه) وفيه «يا رسول الله ، عَوْرَاتُنا ما نأتي منها وما نذر؟» العَوْرَاتُ : جمع عَوْرَة ، وهي

__________________

(١) زاد السيوطى فى الدر النثير ، من أحاديث المادة : «وكان له قدح من عيدان يبول فيه» بفتح العين المهملة ، وهى النخل الطّوال المنجردة ، الواحدة : عيدانة» ا ه وانظر القاموس (عود)

٣١٨

كلّ ما يستحيا منه إذا ظهر ، وهي من الرّجل ما بين السّرة والرّكبة ، ومن المرأة الحرّة جميع جسدها إلّا الوجه واليدين إلى الكوعين ، وفي أخمصها خلاف ، ومن الأمة مثل الرجل ، وما يبدو منها في حال الخدمة ، كالرّأس والرّقبة والسّاعد فليس بعَوْرَة. وستر العَوْرَة في الصلاة وغير الصلاة واجب ، وفيه عند الخلوة خلاف.

ومنه الحديث «المرأة عَوْرَة» جعلها نفسها عَوْرَة ، لأنها إذا ظهرت يستحيا منها كما يستحيا من العَوْرَة إذا ظهرت.

وفي حديث أبي بكر «قال مسعود بن هنيدة : رأيته وقد طلع في طريق مُعْوِرَة» أي ذات عَوْرَة يخاف فيها الضّلال والانقطاع. وكلّ عيب وخلل في شيء فهو عَوْرَة.

ومنه حديث عليّ «لا تجهزوا على جريح ولا تصيبوا مُعْوِراً» أَعْوَرَ الفارس : إذا بدا فيه موضع خلل للضّرب.

[ه] وفيه «لما اعترض أبو لهب على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عند إظهاره الدّعوة قال له أبو طالب : يا أَعْوَر ، ما أنت وهذا» لم يكن أبو لهب أَعْوَر ، ولكنّ العرب تقول للذي ليس له أخ من أبيه وأمّه أَعْوَر. وقيل : إنهم يقولون للرّديء من كل شيء من الأمور والأخلاق : أَعْوَر. وللمؤنّث منه عَوْرَاء.

ومنه حديث عائشة «يتوضّأ أحدكم من الطعام الطّيّب ولا يتوضّأ من العَوْرَاء يقولها» أي الكلمة القبيحة الزّائغة عن الرّشد.

وفي حديث أم زرع «فاستبدلت بعده وكلّ بدل أَعْوَر» هو مثل يضرب للمذموم بعد المحمود.

(س) ومنه حديث عمر ، وذكر امرأ القيس فقال : «افتقر عن معان عُور» العُور : جمع أَعْوَر وعَوْرَاء ، وأراد به المعاني الغامضة الدّقيقة ، وهو من عَوَّرْتُ الرّكيّة وأَعَرْتُها (١) وعُرْتُها إذا طممتها وسددت أعينها الّتي ينبع منها الماء.

__________________

(١) فى الأصل : «وأعورتها» وأثبتنا ما فى ا ، واللسان.

٣١٩

(س) ومنه حديث عليّ «أمره أن يُعَوِّرَ آبار بدر» أي يدفنها ويطمّها ، وقد عَارَت تلك الرّكيّة تَعُور.

وفي حديث ابن عباس وقصّة العجل «من حليّ تَعَوَّرَه بنو إسرائيل» أي اسْتَعَارُوه. يقال : تَعَوَّرَ واسْتَعَارَ ، نحو تعجّب واستعجب.

(س) وفيه «يَتَعَاوَرُون على منبري» أي يختلفون ويتناوبون ، كلّما مضى واحد خلفه آخر. يقال : تَعَاوَرَ القوم فلانا إذا تعاونوا عليه بالضّرب واحدا بعد واحد.

وفي حديث صفوان بن أميّة «عَارِيَّة مضمونة مؤدّاة» العَارِيَّة يجب ردّها إجماعا مهما كانت عينها باقية ، فإن تلفت وجب ضمان قيمتها عند الشافعي ، ولا ضمان فيها عند أبي حنيفة.

والعَارِيَّة مشدّدة الياء ، كأنّها منسوبة إلى العَار ، لأن طلبها عَارٌ وعيب ، وتجمع على العَوَارِيِ مشدّدا. وأَعَارَه يُعِيرُه. واسْتَعَارَه ثوبا فأَعَارَه إيّاه. وأصلها الواو. وقد تكرر ذكرها في الحديث.

(عوز) في حديث عمر «تخرج المرأة إلى أبيها يكيد بنفسه ، فإذا خرجت فلتلبس مَعَاوِزَها» هي الخلقان من الثّياب ، واحدها مِعْوَز ، بكسر الميم. والعَوَزُ بالفتح : العُدْمُ وسوء الحال.

(س) ومنه حديثه الآخر «أما لك مِعْوَزٌ؟» أي ثوب خلق ، لأنه لباس المُعْوِزِين ، فخرّج مخرج الآلة والأداة. وقد أَعْوَزَ فهو مُعْوِز.

(عوزم) فيه «رويدك سوقا بالعَوَازِم» هي جمع عَوْزَم ، وهي الناقة التي أسنّت وفيها بقيّة ، وقيل : كني بها عن النساء.

(عوض) في حديث أبى هريرة «فلمّا أحلّ الله ذلك للمسلمين ـ يعنى الجزية ـ عرفوا أنهم قد عَاضَهُم أفضل ممّا خافوا» تقول : عضت فلانا ، وأَعَضْتُه وعَوَّضْتُه إذا أعطيته بدل ما ذهب منه. وقد تكرر في الحديث.

٣٢٠