النّهاية - ج ٣

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٣

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: طاهر احمد الزاوي ومحمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤٨٨

ولو روى بالظاء المعجمة لجاز. يقال : مطّلم ومظّلم ، ومضطلم ، كما يقال : مدّكر ومذّكر ومذدكر.

ومنه حديث ابن سيرين «لم يكن عليّ يُطَّنُ في قتل عثمان» أي يتّهم. ويروى بالظاء المعجمة. وسيجيء في بابه.

(طنا) في حديث اليهودية التي سمّت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «عمدت إلى سمّ لا يُطْنِي» أي لا يسلم عليه أحد. يقال : رماه الله بأفعى لا تُطْنِي ، أي لا يفلت لديغها.

(باب الطاء مع الواو)

(طوب) (ه) فيه «إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود [غريبا](١) كما بدأ ، فطُوبَى للغرباء» طُوبَى : اسم الجنّة. وقيل هي شجرة فيها ، وأصلها : فعلى ، من الطّيب ، فلمّا ضمّت الطاء انقلبت الياء واوا. وقد تكررت في الحديث.

وفيه «طُوبَى للشّام لأنّ الملائكة باسطة أجنحتها عليها» المراد بها هاهنا فُعْلَى من الطِّيب ، لا الجنة ولا الشّجرة.

(طوح) (س [ه]) في حديث أبي هريرة رضي‌الله‌عنه في يوم اليرموك «فما رئي موطن أكثر قحفا ساقطا ، وكفّا طَائِحَة» أي طائرة من معصمها ساقطة. يقال طَاحَ الشيء يَطُوحُ ويَطِيحُ إذا سقط وهلك ، فهو على يَطِيح من باب فعل يفعل ، مثل حسب يحسب. وقيل هو من باب باع يبيع.

(طود) في حديث عائشة تصف أباها «ذاك طَوْدٌ منيف» أي جبل عال. وقد تكرر في الحديث.

(طور) في حديث سطيح

* فإنّ ذا الدّهر أَطْوَار دهارير *

__________________

(١) زيادة من ا واللسان.

١٤١

الأَطْوَار : الحالات المختلفة والتّارات ، والحدود ، واحدها طَوْر : أي مرّة ملك ومرّة هلك ومرّة بؤس ومرة نعم.

(س) ومنه حديث النّبيذ «تعدّى طَوْرَه» أي جاوز حدّه وحاله الذى يخصّه ويحلّ فيه شربه.

وفي حديث عليّ رضي‌الله‌عنه «والله لا أَطُور به ما سمر سمير» أي لا أقربه أبدا.

(طوع) (ه) فيه «هوى متّبع وشحّ مُطَاعٌ» هو أن يطيعه صاحبه في منع الحقوق التي أوجبها الله عليه في ماله. يقال : أَطَاعَه يُطِيعُه فهو مُطِيع. وطَاعَ له يَطُوع ويَطِيع فهو طَائِع ، إذا أذعن وانقاد ، والاسم الطَّاعَة.

ومنه الحديث «فإن هم طَاعُوا لك بذلك» وقيل : طَاعَ : إذا انقاد ، وأَطَاعَ : اتّبع الأمر ولم يخالفه. والاسْتِطَاعَة : القدرة على الشّيء. وقيل : هي استفعال من الطَّاعَة.

(س) وفيه «لا طَاعَةَ في معصية الله» يريد طَاعَة ولاة الأمر إذا أمروا بما فيه معصية كالقتل والقطع ونحوه. وقيل : معناه أن الطَّاعَة لا تسلم لصاحبها ولا تخلص إذا كانت مشوبة بالمعصية ، وإنّما تصحّ الطَّاعَة وتخلص مع اجتناب المعاصي ، والأوّل أشبه بمعنى الحديث ، لأنه قد جاء مقيّدا في غيره ، كقوله «لا طَاعَةَ لمخلوق في معصية الله» وفي رواية «معصية الخالق».

وفي حديث أبي مسعود البدرىّ رضي‌الله‌عنه «في ذكر (الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)» أصل المُطَّوِّع : المتطوّع ، فأدغمت التاء في الطاء ، وهو الذي يفعل الشيء تبرّعا من نفسه. وهو تفعّل من الطّاعة.

(طوف) (ه) في حديث الهرّة «إنّما هي من الطَّوَّافين عليكم والطَّوَّافات» الطَّائِف : الخادم الذي يخدمك برفق وعناية ، والطَّوَّاف : فعّال منه ، شبّهها بالخادم الذى يطوف على مولاه ويدور حوله ، أخذا من قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ). ولمّا كان فيهنّ ذكور وإناث قال : الطَّوَّافُون والطَّوَّافَات.

(س) ومنه الحديث «لقد طَوَّفْتُمَا بي اللّيلة» يقال : طَوَّفَ تَطْوِيفا وتَطْوَافا.

١٤٢

ومنه الحديث «كانت المرأة تَطُوفُ بالبيت وهي عريانة فتقول : من يعيرني تَطْوافاً؟» تجعله على فرجها. هذا على حذف المضاف : أي ذا تَطْوَاف. ورواه بعضهم بكسر التّاء. وقال : هو الثّوب الذي يُطَاف به ، ويجوز أن يكون مصدرا أيضا.

وفيه ذكر «الطَّوَاف بالبيت» وهو الدّوران حوله. تقول : طُفْتُ أَطُوفُ طَوْفا وطَوَافا ، والجمع الأَطْوَاف.

(ه) وفي حديث لقيط «ما يبسط أحدكم يده إلّا وقع عليها قدح مطهّرة من الطَّوَاف والأذى» الطَّوْف : الحدث من الطّعام. المعنى أنّ من شرب تلك الشّربة طهر من الحدث والأذى (١). وأنّث القدح لأنه ذهب بها إلى الشّربة.

ومنه الحديث «نهى عن متحدّثين على طَوْفِهما» أي عند الغائط.

[ه] وحديث أبي هريرة رضي‌الله‌عنه «لا يصلّ (٢) أحدكم وهو يدافع الطَّوْف» ورواه أبو عبيد عن ابن عبّاس.

وفي حديث عمرو بن العاص ، وذكر الطاعون فقال «لا أراه إلّا رجزا أو طُوفَانا» أراد بالطُّوفَان البلاء ، وقيل الموت.

(طوق) (ه) فيه من ظلم شبرا من أرض طَوَّقَه الله من سبع أرضين» أي يخسف الله به الأرض فتصير البقعة المغصوبة منها في عنقه كالطَّوْق.

وقيل : هو أن يُطَوَّقَ حملها يوم القيامة أي يكلّف ، فيكون من طَوْقِ التّكليف لا من طَوْقِ التّقليد.

(ه) ومن الأوّل حديث الزكاة «يُطَوَّقُ ماله شجاعا أقرع» أي يجعل له كالطَّوْق في عنقه.

__________________

(١) بعده فى الهروى : «وهو الحيض».

(٢) فى الأصل وا : «لا يصلّى» وفى اللسان : «لا يصلّينّ» والمثبت من الهروى.

١٤٣

ومنه الحديث «والنخل مُطَوَّقَة بثمرها» أي صارت أعذاقها لها كالأَطْوَاق في الأعناق.

ومن الثاني حديث أبي قتادة ومراجعة النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الصّوم «فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : وددت أني طُوِّقْتُ ذلك» أي ليته جعل ذلك داخلا في طَاقَتِي وقدرتي ، ولم يكن عاجزا عن ذلك غير قادر عليه لضعف فيه ، ولكن يحتمل أنه خاف العجز عنه للحقوق التي تلزمه لنسائه ، فإن إدامة الصّوم تخلّ بحظوظهنّ منه.

(س) ومنه حديث عامر بن فهيرة.

كلّ امرئ مجاهد بطَوْقِه

أي أقصى غايته ، وهو اسم لمقدار ما يمكن أن يفعله (١) بمشقّة منه. وقد تكرر في الحديث.

(طول) (س) فيه «أوتيت السّبع الطُّوَلَ» الطُّوَل ، بالضم : جمع الطُّولَى ، مثل الكبر في الكبرى. وهذا البناء يلزمه الألف واللام والإضافة. والسّبع الطُّوَل هي البقرة ، وآل عمران ، والنّساء ، والمائدة ، والأنعام ، والأعراف ، والتّوبة.

ومنه حديث أم سلمة «أنه كان يقرأ في المغرب بِطُولَى الطُّولَيَيْن» الطُّولَيَيْن : تثنية الطُّولَى ، ومذكّرها الأَطْوَل : أي أنه كان يقرأ فيها بأَطْوَل السّورتين الطَّوِيلَتَيْن. تعنى الأنعام والأعراف.

(س) وفي حديث استسقاء عمر «فطَالَ العبّاس عمر» أي غلبه في طول القامة ، وكان عمر طَوِيلا من الرّجال ، وكان العبّاس أشدّ طُولاً منه.

وروي أنّ امرأة قالت : رأيت عبّاسا يَطُوف بالبيت كأنّه فسطاط أبيض ، وكانت رأت علىّ ابن عبد الله بن عباس ، وقد فرع الناس طُولا ، كأنه راكب مع مشاة ، فقالت : من هذا فأعلمت ، فقالت : إنّ الناس ليرذلون. وكان رأس علىّ بن عبد الله إلى منكب أبيه عبد الله ، ورأس عبد الله إلى منكب العبّاس ، ورأس العبّاس إلى منكب عبد المطلب.

__________________

(١) فى ا «يفعل».

١٤٤

(س) وفيه «اللهم بك أحاول وبك أُطَاوِل» أُطَاوِلُ : مفاعلة من الطَّوْل بالفتح ، وهو الفضل والعلوّ على الأعداء.

(ه) ومنه الحديث «تَطَاوَلَ عليهم الرّبّ بفضله» أي تَطَوَّلَ (١) ، وهو من باب : طارقت النّعل ، في إطلاقها على الواحد.

ومنه الحديث «أنه قال لأزواجه : أوّلكنّ لحوقا بي أَطْوَلُكُنَ يداً ، فاجتمعن يَتَطَاوَلْنَ ، فَطَالَتْهُنَ سودةُ ، فماتت زينب أوّلهنّ» أراد أمدّكنّ يدا بالعطاء ، من الطَّوْل ، فظننّه من الطُّول. وكانت زينب تعمل بيدها وتتصدّق به.

(ه) ومنه الحديث «إنّ هذين الحيّين من الأوس والخزرج كانا يَتَطَاوَلَانِ على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم تَطَاوُلَ الفحلين» أي يَسْتَطِيلَان على عدوّه ويتباريان في ذلك ليكون كلّ واحد منهما أبلغ في نصرته من صاحبه ، فشبّه ذلك التّبارى والتّغالب بتَطَاوُلِ الفحلين على الإبل ، يذبّ كلّ واحد منهما الفحول عن إبله ليظهر أيّهما أكثر ذبّا.

(ه) ومنه حديث عثمان «فتفرّق الناس فرقا ثلاثا : فصامِتٌ صَمْتُهُ أنفذُ من طَوْلِ غيره» ويروى «من صول غيره» أي إمساكه أشدّ من تَطَاوُلِ غيره. يقال : طَالَ عليه ، واسْتَطَالَ ، وتَطَاوَلَ ، إذا علاوه وترفّع عليه.

(س) ومنه الحديث «أربى الرّبا الاسْتِطَالَة في عرض النّاس» أي استحقارهم ، والتّرفّع عليهم ، والوقيعة فيهم.

(س) وفي حديث الخيل «ورجل طَوَّلَ لها في مرج فقطعت طِوَلَها».

(ه) وفي حديث آخر «فأَطَالَ لها فقطعت طِيَلَها» الطِّوَل والطِّيَل بالكسر : الحبل الطَّوِيل يشدّ أحد طرفيه في وتد أو غيره والطّرف الآخر في يد الفرس ليدور فيه ويرعى ولا يذهب لوجهه. وطَوَّلَ وأَطَالَ بمعنى : أي شدّها في الحبل.

__________________

(١) فى الهروى : «أى أشرف».

١٤٥

ومنه الحديث «لِطِوَلِ الفرس حمى» أي لصاحب الفرس أن يحمى الموضع الذي يدور فيه فرسه المشدود في الطِّوَل إذا كان مباحا لا مالك له.

وفيه «أنه ذكر رجلا من أصحابه قبض فكفّن في كفن غير طَائِل» أي غير رفيع ولا نفيس. وأصل الطَّائِل : النّفع والفائدة.

(س) ومنه حديث ابن مسعود رضي‌الله‌عنه في قتل أبي جهل «ضربته بسيف غير طَائِل» أي غير ماض ولا قاطع ، كأنّه كان سيفا دونا بين السّيوف.

(طوا) (س) في حديث بدر «فقذفوا في طَوِيٍ من أَطْوَاء بدر» أي بئر مَطْوِيَّة من آبارها. والطَّوِيّ في الأصل صفة ، فعيل بمعنى مفعول ، فلذلك جمعوه على الأَطْوَاء ، كشريف وأشراف ، ويتيم وأيتام ، وإن كان قد انتقل إلى باب الاسميّة.

وفي حديث فاطمة رضي‌الله‌عنها «قال لها : لا أُخْدِمُكِ وأَتْرُكُ أهل الصُّفَّة تَطْوَى بطونهم» يقال : طَوِيَ من الجوع يَطْوَى طَوًى فهو طَاوٍ : أي خالي البطن جائع لم يأكل. وطَوَى يَطْوِي إذا تعمّد ذلك.

(س) ومنه الحديث «يبيت شبعان وجاره طَاوٍ».

والحديث الآخر «يَطْوِى بطنه عن جاره» أي يجيع نفسه ويؤثر جاره بطعامه.

(س) والحديث الآخر «أنه كان يَطْوِي يومين» أي لا يأكل فيهما ولا يشرب. وقد تكرر في الحديث.

(س) وفي حديث عليّ وبناء الكعبة «فتَطَوَّتْ موضع البيت كالحجفة» أي استدارت كالتّرس. وهو تفعّلت ، من الطَّيّ.

وفي حديث السّفر «اطْوِ لنا الأرض» أي قرّبها لنا وسهّل السّير فيها حتى لا تطول علينا ، فكأنّها قد طُوِيَتْ.

ومنه الحديث «إن الأرض تُطْوَى باللّيل ما لا تُطْوَى بالنّهار» أي تقطع مسافتها ، لأنّ الإنسان فيه أنشط منه في النّهار ، وأقدر على المشي والسّير لعدم الحرّ وغيره.

١٤٦

وقد تكرر في الحديث ذكر «طُوًى» وهو بضم الطاء وفتح الواو المخفّفة : موضع عند باب مكة يستحبّ لمن دخل مكة أن يغتسل به.

(باب الطاء مع الهاء)

(طهر) (ه) فيه «لا يقبل الله صلاة بغير طُهُور» الطُّهُور بالضّم : التَّطَهُّر ، وبالفتح الماء الذي يُتَطَهَّرُ به ، كالوَضُوء والوُضُوء ، والسَّحُور والسُّحُور. وقال سيبويه : الطَّهُور بالفتح يقع على الماء والمصدر معا ، فعلى هذا يجوز أن يكون الحديث بفتح الطاء وضمها ، والمراد بهما التَّطَهُّر.

وقد تكرر لفظ الطَّهَارَة في الحديث على اختلاف تصرّفه. يقال : طَهَرَ يَطْهُرُ طُهْراً فهو طَاهِر. وطَهُرَ يَطْهُرُ ، وتَطَهَّرَ يَتَطَهَّرُ تَطَهُّراً فهو مُتَطَهِّر. والماء الطَّهُور في الفقه : هو الذي يرفع الحدث ويزيل النّجس ، لأن فعولا من أبنية المبالغة ، فكأنّه تناهى في الطَّهَارَة. والماء الطَّاهِرُ غير الطَّهُور : هو الذي لا يرفع الحدث ولا يزيل النّجس ، كالمستعمل في الوضوء والغسل.

ومنه حديث ماء البحر «هو الطَّهُور ماؤه الحلّ ميتته» أي المُطَهِّر.

وفي حديث أم سلمة «إنّي أطيل ذيلي وأمشي في المكان القذر ، فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : يُطَهِّرُه ما بعده» هو خاصّ فيما كان يابسا لا يعلق بالثّوب منه شيء ، فأمّا إذا كان رطبا فلا يَطْهُرُ إلّا بالغسل. وقال مالك : هو أن يطأ الأرض القذرة ، ثمّ يطأ الأرض اليابسة النّظيفة ، فإنّ بعضها يُطَهِّر بعضا. فأما النّجاسة مثل البول ونحوه تصيب الثّوب أو بعض الجسد فإنّ ذلك لا يُطَهِّرُه إلّا الماء إجماعا. وفي إسناد هذا الحديث مقال.

(طهم) (ه) في صفته عليه‌السلام «لم يكن بالمُطَهَّم» المُطَهَّم : المنتفخ الوجه. وقيل : الفاحش السّمن. وقيل : النحيف الجسم ، وهو من الأضداد (١).

__________________

(١) فى الهروى : «قال أحمد بن يحيى : اختلف الناس في تفسير هذا الحرف ، فقالت طائفة : هو الذي كلّ عضو منه حسن على حدته. وقالت طائفة : المطهّم : الفاحش السّمن. وقيل : هو المنتفخ الوجه ، ومنه قول الشاعر :

* ووجه فيه تطهيم *

أى انتفاخ وجهامة. وقالت طائفة : هو النحيف الجسم. قال أبو سعيد : الطّهمة والطّخمة فى اللون : تجاوز السّمرة إلى السواد ، ووجه مطهّم ، إذا كان كذلك».

١٤٧

(طهمل) (س) فيه «وقفت امرأة على عمر فقالت : إني امرأة طَهْمَلَة» هي الجسيمة القبيحة. وقيل الدّقيقة. والطَّهْمَل : الذي لا يوجد له حجم إذا مُسّ.

(طها) [ه] في حديث أمّ زرع «وما طُهَاةُ أبي زرع» تعنى الطّباخين ، واحدهم : طَاهٍ. وأصل الطَّهْو : الطّبخ الجيّد المنضج. يقال : طَهَوْتُ الطّعام إذا أنضجته وأتقنت طبخه.

(ه) ومنه حديث أبي هريرة «وقيل له : أسمعت هذا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ فقال : إلّا (١) ما طَهْوِي؟» أي ما عملي إن لم أسمعه؟ يعنى أنه لم يكن لي عمل غير السّماع ، أو أنه إنكار لأن يكون الأمر على خلاف ما قال. وقيل هو بمعنى التّعجّب ، كأنه قال : وإلّا فأيّ شيء حفظي وإحكامي ما سمعت (٢)!

(باب الطاء مع الياء)

(طيب) قد تكرر في الحديث ذكر «الطَّيِّب والطَّيِّبَات» وأكثر ما ترد بمعنى الحلال ، كما أنّ الخبيث كناية عن الحرام. وقد يرد الطَّيِّب بمعنى الطاهر.

(ه) ومنه الحديث «أنه قال لعمّار (٣) : مرحبا بالطَّيِّب المُطَيَّب» أي الطاهر المطهّر.

(ه) ومنه حديث عليّ «لمّا مات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : بأبي أنت وأمّي طِبْتَ حيّا وميّتا» أى طهرت.

(ه) «والطَّيِّبَات في التّحيّات» أي الطَّيِّبات من الصلاة والدعاء والكلام مصروفات إلى الله تعالى.

__________________

(١) فى الهروى : «إذا».

(٢) زاد الهروى على هذه التوجيهات ، قال : «وقال أبو العباس عن ابن الأعرابى : الطّهى : الذّنب فى قول أبى هريرة. وطهى طهيا إذا أذنب. يقول : فما ذنبى؟ إنما هو شىء قاله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم».

وقد حكى السيوطى فى الدر النثير هذا التوجيه عن الفارسى ، عن ابن الأعرابى أيضا.

(٣) أخرجه الهروى من قول عمار نفسه.

١٤٨

(ه) وفيه «أنه أمر أن تسمّى المدينة طَيْبَة وطَابَة» هما من الطِّيب ، لأنّ المدينة كان اسمها يثرب ، والثَّرب (١) الفساد ، فنهى أنّ تسمّى به وسمّاها طَيْبَة وطَابَة ، وهما تأنيث طَيْب وطَاب ، بمعنى الطِّيب. وقيل : هو من الطَّيِّب بمعنى الطاهر ، لخلوصها من الشّرك وتطهيرها منه.

ومنه الحديث «جعلت لي الأرض طَيِّبَة طهورا» أي نظيفة غير خبيثة.

وفي حديث هوازن «من أحبّ أن يُطَيِّبَ ذلك منكم» أي يحلّله ويبيحه. وطَابَت نفسه بالشيء إذا سمحت به من غير كراهة ولا غضب (٢).

(ه) وفيه «شهدت غلاما مع عمومتي حِلْفَ المُطَيَّبِين» اجتمع بنو هاشم وبنو زهرة وتيم في دار ابن جدعان في الجاهليّة ، وجعلوا طِيباً في جفنة وغمسوا أيديهم فيه ، وتحالفوا على التّناصر والأخذ للمظلوم من الظّالم ، فسُمُّوا المُطَيَّبِين. وقد تقدم في حرف الحاء.

(ه) وفيه «نهى أن يَسْتَطِيبَ الرجل بيمينه» الاسْتِطَابَة والإِطَابَة : كناية عن الاستنجاء. سمّي بها من الطِّيب ، لأنه يُطَيِّب جسده بإزالة ما عليه من الخبث بالاستنجاء : أي يطهّره. يقال منه : أَطَابَ واسْتَطَابَ. وقد تكرر في الحديث.

(ه) وفيه «ابغني حديدة أَسْتَطِيبُ (٣) بها» يريد حلق العانة ، لأنه تنظيف وإزالة أذى.

(ه) وفيه «وهم سبي طِيَبَة» الطِّيَبَة ـ بكسر الطاء وفتح الياء ـ فعلة ، من الطِّيب ، ومعناه أنه سبي صحيح السّباء لم يكن عن غدر ولا نقض عهد.

وفي حديث الرؤيا «رأيت كأننا في دار ابن زيد وأتينا برطب ابن طَابٍ» هو نوع من أنواع تمر المدينة منسوب إلى ابن طَابٍ : رجل من أهلها. يقال : عذق ابن طَابٍ ، ورطب ابن طَابٍ ، وتمر ابن طَابٍ.

__________________

(١) فى الهروى : «التثرّب».

(٢) فى بعض النسخ بالصاد المهملة. قاله مصحح الأصل.

(٣) فى الهروى : «أستطب».

١٤٩

(س) ومنه حديث جابر «وفي يده عرجون ابن طَابٍ».

(ه) وفي حديث أبي هريرة «أنه دخل على عثمان وهو محصور ، فقال : الآن طَابَ امْضَرْبُ» أي حلّ القتال. أراد : طَابَ الضّرب ، فأبدل لام التّعريف ميما ، وهي لغة معروفة.

وفي حديث طاوس «أنه سئل عن الطَّابَة تطبخ على النّصف» الطَّابَة : العصير ، سُمّي به لطِيبِهِ وإصلاحه ، على النصف : هو أن يغلى حتى يذهب نصفه.

(طير) (ه س) فيه «الرؤيا لأوّل عابر ، وهي على رِجْل طَائِرٍ» كلّ حركة من كلمة أو جار يجرى فهو طَائِر مجازا ، أراد : على رِجل قَدَر جارٍ ، وقضاء ماض ، من خير أو شرّ ، وهي لأوّل عابر يعبرها : أي أنها إذا احتملت تأويلين أو أكثر فعبرها من يعرف عبارتها وقعت على ما أوّلها ، وانتفى عنها غيره من التأويل.

وفي حديث آخر «الرّؤيا على رِجل طَائِرٍ ما لم تُعبر» أي لا يستقرّ تأويلها حتّى تعبر. يريد أنها سريعة السّقوط إذا عبرت. كما أنّ الطَّيْر لا يستقرّ في أكثر أحواله ، فكيف يكون ما على رِجله؟

وفي حديث أبي ذرّ «تركنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وما طَائِر يَطِير بجناحيه إلّا عندنا منه علم» يعنى أنه استوفى بيان الشّريعة وما يحتاج إليه في الدّين ، حتى لم يبق مشكل. فضرب ذلك مثلا. وقيل : أراد أنه لم يترك شيئا إلّا بيّنه حتى بيّن لهم أحكام الطَّيْر وما يحلّ منه وما يحرم ، وكيف يذبح ، وما الّذي يفدى منه المحرم إذا أصابه ، وأشباه ذلك ، ولم يرد أنّ في الطَّيْر علما سوى ذلك علّمهم إيّاه ، أو رخّص لهم أن يتعاطوا زجر الطَّيْر كما كان يفعله أهل الجاهلية.

وفي حديث أبي بكر والنّسّابة «فمنكم شيبة الحمد مُطْعِمُ طَيْرِ السماء؟ قال : لا» شيبة الحمد : هو عبد المطّلب بن هاشم ، سمّي مُطْعِمُ طَيْرِ السماء ، لأنه لما نحر فداء ابنه عبد الله أبي النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مائة بعير ، فرّقها على رؤوس الجبال فأكلتها الطَّيْر.

(ه) وفي صفة الصحابة «كأنّما على رؤوسهم الطَّيْرُ» وصفهم بالسّكون والوقار ، وأنهم لم يكن فيهم طيش ولا خفّة ، لأن الطَّيْر لا تكاد تقع إلا على شيء ساكن.

١٥٠

وفيه «رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله يَطِيرُ على متنه» أي يجريه في الجهاد. فاستعار له الطَّيَرَان.

ومنه حديث وابصة «فلما قتل عثمان طَارَ قلبي مَطَارَه» أي مال إلى جهة يهواها وتعلّق بها. والمَطَار : موضع الطَّيَرَان.

(س) ومنه حديث عائشة «أنها سمعت من يقول : إنّ الشّؤم في الدّار والمرأة ، فطَارَت شقّة منها في السّماء وشقّة في الأرض» أي كأنها تفرّقت وتقطّعت قطعا ، من شدّة الغضب.

(س) ومنه حديث عروة «حتى تَطَايَرَت شؤون رأسه» أي تفرّقت فصارت قطعا.

(س) ومنه الحديث «خذ ما تَطَايَرَ من شعر رأسك» أي طال وتفرّق.

وفي حديث أمّ العلاء الأنصارية «اقتسمنا المهاجرين فطَارَ لنا عثمان بن مظعون» أي حصل نصيبنا منهم عثمان.

(س) ومنه حديث رويفع «إن كان أحدنا في زمان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لَيَطِيرُ له النّصل وللآخر القدح» معناه أنّ الرجلين كانا يقتسمان السّهم فيقع لأحدهما نصله وللآخر قدحه. وطَائِر الإنسان : ما حصل له في علم الله مما قدّر له.

(ه) ومنه الحديث «بالميمون طَائِرُه» أي بالمبارك حظّه. ويجوز أن يكون أصله من الطَّيْر السّانح والبارح.

وفي حديث السّحور والصّلاة ذكر «الفجر المُسْتَطِير» هو الذي انتشر ضوءه واعترض في الأفق ، بخلاف المستطيل.

ومنه حديث بني قريظة :

وهان على سراة بني لؤىّ

حريق بالبويرة مُسْتَطِير

أي منتشر متفرّق ، كأنه طَارَ في نواحيها.

(س) ومنه حديث ابن مسعود «فقدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليلة ، فقلنا : اغتيل

١٥١

أو اسْتُطِيرَ» أي ذُهِبَ به بسرعة كأن الطَّيْر حملته ، أو اغتاله أحد. والاسْتِطَارَة والتَّطَايُر : التفرّق والذّهاب.

(ه) وفي حديث عليّ «فأَطَرْتُ الحلّة بين نسائي» أي فرّقتها بينهنّ وقسّمتها فيهنّ. وقيل الهمزة أصليّة. وقد تقدّم.

(س) وفيه «لا عدوى ولا طِيَرَةَ» الطِّيَرَة بكسر الطاء وفتح الياء ، وقد تسكّن : هي التّشاؤم بالشّيء. وهو مصدر تَطَيَّرَ. يقال : تَطَيَّرَ طِيَرَةً ، وتخير خيرة ، ولم يجيء من المصادر هكذا غيرهما. وأصله فيما يقال : التَّطَيُّر بالسّوانح والبوارح من الطَّيْر والظباء وغيرهما. وكان ذلك يصدّهم عن مقاصدهم ، فنفاه الشّرع ، وأبطله ونهى عنه ، وأخبره أنّه ليس له تأثير في جلب نفع أو دفع ضرّ. وقد تكرر ذكرها في الحديث اسما وفعلا.

ومنه الحديث «ثلاث لا يسلم أحد منهنّ : الطِّيَرَة والحسد والظّنّ. قيل : فما نصنع؟ قال : إذا تَطَيَّرْتَ فامض ، وإذا حسدت فلا تبغ ، وإذا ظننت فلا تحقّق».

ومنه الحديث الآخر «الطِّيَرَة شرك ، وما منّا إلّا ، ولكنّ الله يذهبه بالتّوكّل» هكذا جاء في الحديث مقطوعا. ولم يذكر المستثنى : أي إلّا وقد يعتريه التَّطَيُّر وتسبق إلى قلبه الكراهة. فحذف اختصارا واعتمادا على فهم السّامع.

وهذا كحديثه الآخر «ما فينا إلّا من همّ أو لمّ ، إلّا يحيى بن زكريّا» فأظهر المستثنى.

وقيل إنّ قوله : «وما منّا إلّا» من قول ابن مسعود أدرجه في الحديث ، وإنما جعل الطِّيَرَة من الشّرك ، لأنّهم كانوا يعتقدون أن التَّطَيُّر يجلب لهم نفعا أو يدفع عنهم ضرّا إذا عملوا بموجبه ، فكأنّهم أشركوه مع الله في ذلك.

وقوله : «ولكنّ الله يذهبه بالتّوكّل» معناه أنه إذا خطر له عارض التَّطَيُّر فتوكّل على الله وسلّم إليه ولم يعمل بذلك الخاطر غفره الله له ولم يؤاخذه به.

(ه) وفيه «إيّاك وطِيَرَاتِ الشّباب» أي زلّاتهم وغرّاتهم (١) ، جمع طِيَرَة.

__________________

(١) فى الأصل واللسان : «وعثراتهم» وأثبتنا ما فى الهروى وا.

١٥٢

(طيش) في حديث الحساب «فطَاشَتِ السّجلّات وثقلت البطاقة» الطَّيْش : الخفّة. وقد طَاشَ يَطِيشُ طَيْشاً ، فهو طَائِش.

(س) ومنه حديث عمر بن أبي سلمة «كانت يدي تَطِيشُ في الصّحفة» أي تخفّ وتتناول من كلّ جانب.

ومنه حديث جرير «ومنها العصل الطَّائِش» أي الزالّ عن الهدف كذا وكذا.

(س) ومنه حديث ابن شبرمة «وسئل عن السّكر فقال : إذا طَاشَت رجلاه واختلط كلامه».

(طيف) في حديث المبعث «فقال بعض القوم : قد أصاب هذا الغلام لمم أو طَيْف من الجنّ» أي عرض له عارض منهم. وأصل الطَّيْف : الجنون. ثم استعمل في الغضب ، ومسّ الشيطان ووسوسته. ويقال له طَائِف ، وقد قُرِئَ بهما قوله تعالى إن الذين اتقوا إذا مسهم طَيْفٌ من الشيطان يقال طَافَ يَطِيفُ ويَطُوفُ طَيْفاً وطَوْفاً ، فهو طَائِف ، ثم سمّى بالمصدر. ومنه طَيْف الخيال الذي يراه النائم.

(س) ومنه الحديث «فطَافَ بي رجل وأنا نائم».

(س) وفيه «لا تزال طَائِفَة من أمّتي على الحقّ» الطَّائِفَة : الجماعة من النّاس. وتقع على الواحد ، كأنه أراد نفسا طَائِفَة. وسئل إسحاق بن راهوية عنه فقال : الطَّائِفَة دون الألف ، وسيبلغ هذا الأمر إلى أن يكون عدد المتمسّكين بما كان عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأصحابه ألفا ، يسلّى بذلك أن لا يعجبهم كثرة أهل الباطل.

وفي حديث عمران بن حصين وغلامه الآبق «لأقطعنّ منه طَائِفاً» هكذا جاء في رواية : أي بعض أطرافه. والطَّائِفَة : القطعة من الشيء. ويروى بالباء والقاف. وقد تقدّم.

(طين) (ه) فيه «ما من نفس منفوسة تموت فيها مثقال نملة من خير إلّا طِينَ عليه يوم القيامة طَيْناً» أي جبل عليه. يقال طَانَه الله على طِينَتِهِ : أي خلقه على جبلّته. وطِينَةُ الرجل : خلقه وأصله. وطَيْناً مصدر من طَانَ. ويروى «طِيمَ عليه» بالميم. وهو بمعناه.

(طيا) (ه) فيه «لمّا عرض نفسه على قبائل العرب قالوا له : يا محمد اعمد لِطِيَّتِك» (١) أي امض لوجهك وقصدك. والطِّيَّة : فعلة ، من طَوَى. وإنّما ذكرناها هاهنا لأجل لفظها.

__________________

(١) الطّية ، بالتشديد والتخفيف. كما ذكر الهروى والسيوطى فى الدر.

١٥٣

حرف الظاء

(باب الظاء مع الهمزة)

(ظأر) فيه «ذكر ابنه إبراهيم عليه‌السلام ، فقال : إنّ له ظِئْراً في الجنّة» الظِّئْر : المرضعة غير ولدها. ويقع على الذّكر والأنثى.

ومنه حديث سيف القين «ظِئْرُ إبراهيم ابن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم» هو زوج مرضعته.

(س) ومنه الحديث «الشهيد تبتدره زوجتاه كظِئْرَيْن أضلّتا فصيليهما».

(س) ومنه حديث عمر «أعطى ربعة يتبعها ظِئْرَاها» أي أمّها وأبوها.

(ه) وفي حديث عمر «أنه كتب إلى هُنَيٍّ وهو في نعم الصّدقة : أن ظَاوِرْ. قال : «فكنّا نجمع النّاقتين والثلاث على الرُّبَع». هكذا روي بالواو. والمعروف في اللّغة : ظَائِرْ ، بالهمز.

والظِّئَار : أن تعطف الناقة على غير ولدها. يقال : ظَأَرَها يَظْأَرُها ظَأْراً ، وأَظْأَرَها وظَاءَرَها. والاسم الظِّئَار ، وكانوا إذا أرادوا ذلك شدّوا أنف النّاقة وعينيها ، وحشوا في حيائها خرقة ثم خلوّه بخلالين وتركوها كذلك يومين فتظنّ أنّها قد مُخِضَت للولادة ، فإذا غمّها ذلك وأكربها نفّسوا عنها واستخرجوا الخرقة من حيائها ، ويكونون قد أعدّوا لها حوارا من غيرها فيلطخونه بتلك الخرقة ويقدّمونه إليها ، ثم يفتحون أنفها وعينيها فإذا رأت الحوار وشمّته ظنّت أنها ولدته فترأمه وتعطف عليه.

ومنه حديث قطن «ومَن ظَأَرَهُ الإسلام» أي عطفه عليه.

وحديث عليّ «أَظْأَرُكُم على الحقّ وأنتم تفرّون منه».

١٥٤

(ه) وحديث ابن عمر «أنه اشترى ناقة فرأى بها تشريم الظِّئَار فردّها».

وحديث صعصعة بن ناجية جدّ الفرزدق «قد أصبنا ناقتيك ، ونتجناهما ، وظَأَرْنَاهُما على أولادهما».

(باب الظاء مع الباء)

(ظبب) (س) في حديث البراء «فوضعت ظَبِيبَ السّيف في بطنه» قال الحربي : هكذا روي. وإنما هو «ظُبَة السّيف» وهو طرفه ، ويجمع على الظّباة والظّبين. وأما الضَّبِيب بالضّاد فسيلان الدّم من الفم وغيره. وقال أبو موسى : إنما هو بالصاد المهملة ، وقد تقدّم في موضعه.

(ظبي) (ه) فيه أنه بعث الضّحاك بن سفيان إلى قومه وقال : إذا أتيتهم فاربض في دارهم ظَبْياً» كان بعثه إليهم يتجسّس أخبارهم ، فأمره أن يكون منهم بحيث يراهم ، فإن أرادوه بسوء تهيأ له الهرب ، فيكون كالظَّبْي الذي لا يربض إلا وهو متباعد ، فإذا ارتاب نفر. وظَبْياً منصوب على التّفسير (١).

(ه) وفيه «أنه أهدى إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ظَبْيَةٌ فيها خَرَز فأعطى الآهل منها والعزب» الظَّبْيَة : جراب صغير عليه شعر. وقيل : هي شبه الخريطة والكيس.

وفي حديث أبي سعيد مولى أبي أسيد «قال : التقطت ظَبْيَةً فيها ألف ومائتا درهم وقُلْبَان من ذهب» أي وجدت.

ومنه حديث زمزم «قيل له : احفر ظَبْيَةَ ، قال : وما ظَبْيَةُ؟ قال : زمزم» سمّيت به تشبيها بالظَّبْيَة : الخريطة ، لجمعها ما فيها.

وفي حديث عمرو بن حزم «من ذي المروة إلى الظَّبْيَة» وهو موضع في ديار جهينة

__________________

(١) زاد الهروى : «وقال القتيبى : قال ابن الأعرابى : أراد أقم فى دارهم آمنا لا تبرح ، كأنك ظبى فى كناسه قد أمن حيث لا يرى أنيسا».

١٥٥

أقطعه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عوسجة الجهنىّ. فأمّا عرق الظُّبْيَة بضم الظاء : فموضع على ثلاثة أميال من الرّوحاء ، به مسجد للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(س) وفي حديث علي رضي‌الله‌عنه «نافحوا بالظُّبَا» هي جمع ظُبَة السيف ، وهو طرفه وحدّه. وأصل الظُّبَة : ظُبَوٌ ، بوزن صرد ، فحذفت الواو وعوّض منها الهاء.

(س) ومنه حديث قيلة «فأصابت ظُبَتُهُ طَائفةً من قرون رأسه» وقد تكرّرت في الحديث مفردة ومجموعة.

(باب الظاء مع الراء)

(ظرب) (ه) في حديث الاستسقاء «اللهم على الآكام والظِّرَاب وبطون الأودية» الظِّرَاب : الجبال الصّغار ، واحدها : ظَرِب بوزن كتف. وقد يجمع في القلّة على أَظْرُب (١).

(ه) ومنه حديث أبي بكر رضي‌الله‌عنه «أين أهلك يا مسعود؟ فقال : بهذه الأَظْرُب السّواقط» السّواقط : الخاشعة المنخفضة.

ومنه حديث عائشة «رأيت كأنّي على ظَرِب» ويصغّر على ظُرَيْب.

ومنه حديث أبي أمامة في ذكر الدجّال «حتى ينزل على (٢) الظَّرِيب الأحمر».

(ه) ومنه حديث عمر رضي‌الله‌عنه «إذا غسق الليل على الظِّرَاب» إنّما خصّ الظِّرَاب لقصرها. أراد أن ظلمة اللّيل تقرب من الأرض. وقد تكرر في الحديث.

(س) وفيه «كان له عليه‌السلام فرس يقال له الظَّرِب» تشبيها بالجبيل لقوته. ويقال ظُرِّبَتْ حوافر الدّابة : أي اشتدّت وصلبت.

(ظرر) (ه) في حديث عدىّ «إنّا نصيد الصّيد فلا نجد ما نذكّي به إلّا الظِّرَار وشقّة العصا» الظِّرَار : جمع ظُرَر ، وهو حجر صلب محدّد ، ويجمع أيضا على أَظِرَّة.

__________________

(١) قال الهروى : «ويجمع أيضا على ظرب ، مثل : كتاب ، وكتب».

(٢) فى ا : «عند».

١٥٦

ومنه حديثه الآخر «فأخذت ظِرَاراً من الأَظِرَّة فذبحتها به» ويجمع أيضا على ظِرَّان ، كصرد وصردان.

ومنه حديث عدىّ أيضا «لا سكّين إلّا الظِّرَّان».

(ظرف) (ه) في حديث عمر رضي‌الله‌عنه «إذا كان اللّصّ ظَرِيفاً لم يقطع» أي إذا كان بليغا جيّد الكلام احتجّ عن نفسه بما يسقط عنه الحدّ. والظَّرْف في اللسان : البلاغة ، وفي الوجه : الحسن ، وفي القلب : الذّكاء.

ومنه حديث معاوية «قال : كيف ابن زياد؟ قالوا : ظَرِيف ، على أنه يلحن ، قال : أوليس ذلك أَظْرَفَ له؟».

ومنه حديث ابن سيرين «الكلام أكثر من أن يكذب ظَرِيف» أي أن الظَّرِيف لا تضيق عليه معاني الكلام ، فهو يكنى ويعرّض ولا يكذب.

(باب الظاء مع العين)

(ظعن) (س) في حديث حنين «فإذا بهوازن على بكرة آبائهم بظُعُنِهِم وشائهم ونعمهم» الظُّعُن : النّساء ، واحدتها : ظَعِينَة. وأصل الظَّعِينَة : الرّاحلة التي يُرحَل ويُظْعَنُ عليها : أي يسار. وقيل للمرأة ظَعِينَة ، لأنها تَظْعَنُ مع الزّوج حيثما ظَعَنَ ، أو لأنّها تُحْمَل على الرّاحلة إذا ظَعَنَتْ. وقيل الظَّعِينَة : المرأة في الهودج ، ثم قيل للهودج بلا امرأة ، وللمرأة بلا هودج : ظَعِينَة. وجمع الظَّعِينَة : ظُعْن وظُعُن وظَعَائِن وأَظْعَان. وظَعَنَ يَظْعَنُ ظَعْناً وظَعَناً بالتحريك إذا سار.

(ه) ومنه الحديث «أنه أعطى حليمة السّعديّة بعيرا موقّعا للظَّعِينَة» أي للهودج.

(س) ومنه حديث سعيد بن جبير «ليس في جمل ظَعِينَة صدقة» إن روي بالإضافة فالظَّعِينَة المرأة ، وإن روي بالتّنوين ، فهو الجمل الذي يُظْعَنُ عليه ، والتاء فيه للمبالغة. وقد تكرر ذكرها في الحديث.

١٥٧

(باب الظاء مع الفاء)

(ظفر) (ه) في صفة الدجّال «وعلى عينه ظَفَرة غليظة» هي بفتح الظاء والفاء : لحمة تنبت عند المآقي ، وقد تمتدّ إلى السّواد فتغشّيه.

(س) وفي حديث أم عطيّة «لا تمسّ المحدّ إلّا نبذة من قسط أَظْفَار» وفي رواية «من قسط وأَظْفَار» الأَظْفَار : جنس من الطّيب لا واحد له من لفظه. وقيل واحده : ظُفْر. وقيل : هو شيء من العطر أسود. والقطعة منه شبيهة بالظُّفْر.

(س) وفي حديث الإفك «عِقْد من جَزْع أَظْفَار» وهكذا روي ، وأريد به العِطر المذكور أولا ، كأنّه يؤخذ ويثقب ويجعل في العقد والقلادة. والصّحيح في الرّوايات أنه «من جزع ظَفَارِ» بوزن قطام ، وهي اسم مدينة لحمير باليمن. وفي المثل : من دخل ظَفَارِ حَمَّر. وقيل : كلّ أرض ذات مغرة (١) ظَفَارِ.

(س) وفيه «كان لباس آدم عليه‌السلام الظُّفُرَ» أي شيء يشبه الظُّفُرَ في بياضه وصفائه وكثافته.

(باب الظاء مع اللام)

(ظلع) (ه) فيه «فإنه لا يربع على ظَلْعِكَ من ليس يحزنه أمرك» الظَّلْع بالسّكون : العرج. وقد ظَلَعَ يَظْلَعُ ظَلْعاً فهو ظَالِع. المعنى لا يقيم عليك في حال ضعفك وعرجك إلّا من يهتمّ لأمرك وشأنك ، ويحزنه أمرك وشأنك. وربع في المكان : إذا أقام به.

ومنه حديث الأضاحي «ولا العرجاء البيّن ظَلْعُها».

(س) وفي حديث عليّ يصف أبا بكر رضي‌الله‌عنهما «علوت إذا ظَلَعُوا» أي انقطعوا وتأخّروا لتقصيرهم ، وحديثه الآخر «وليستأن بذات النّقب والظَّالِع» أي بذات الجرب والعرجاء.

__________________

(١) المغرة ، ويحرّك : طين أحمر. (القاموس ، مغر).

١٥٨

وفيه «أُعطِي قوما أخاف ظَلَعَهُم» هو بفتح اللام : أي ميلهم عن الحقّ وضعف إيمانهم. وقيل ذنبهم. وأصله داء في قوائم الدّابة تغمز منه. ورجل ظَالِع : أي مائل مذنب. وقيل : إنّ المائل بالضّاد.

(ظلف) في حديث الزكاة «فتطؤه بأَظْلَافِها» الظِّلْف للبقر والغنم كالحافر للفرس والبغل ، والخفّ للبعير. وقد تكرر في الحديث. وقد يطلق الظِّلْف على ذات الظِّلْف أنفسها مجازا.

ومنه حديث رقيقة «تتابعت على قريش سنو جدب أقحلت الظِّلْف». أي ذات الظِّلْف.

(ه) وفي حديث عمر رضي‌الله‌عنه «مرّ على راع فقال له : عليك الظَّلَف من الأرض لا ترمّضها» الظَّلَف بفتح الظاء واللام : الغليظ الصّلب من الأرض ممّا لا يبين فيه أثر. وقيل الّليّن منها ممّا لا رمل فيه ولا حجارة. أمره أن يرعاها في الأرض التي هذه صفتها لئلا ترمض بحرّ الرّمل وخشونة الحجارة فتتلف أَظْلَافها.

(ه) وفي حديث سعد «كان يصيبنا ظَلَفُ العيش بمكة» أى بؤسه وشدّته وخشونته ، من ظَلَف الأرض.

ومنه حديث مصعب بن عمير رضي‌الله‌عنه «لمّا هاجر أصابه ظَلَفٌ شديد».

وفي حديث عليّ رضي‌الله‌عنه «ظَلَفَ الزّهد شهواته» أي كفّها ومنعها.

(ه) وفي حديث بلال رضي‌الله‌عنه «كان يؤذّن على ظَلِفَات أقتاب مغرّزة في الجدار» هي الخشبات الأربع التي تكون على جنبي البعير ، الواحدة : ظَلِفَة ، بكسر اللام.

(ظلل) (س) فيه «الجنّة تحت ظِلَال السّيوف» هو كناية عن الدّنوّ من الضّراب في الجهاد حتى يعلوه السّيف ويصير ظِلُّه عليه. والظِّلّ : الفيء الحاصل من الحاجز بينك وبين الشمس أىّ شيء كان. وقيل : هو مخصوص بما كان منه إلى زوال الشمس ، وما كان بعده فهو الفيء.

١٥٩

ومنه الحديث «سبعة يُظِلُّهُم الله في ظِلِّه».

(س) وفي حديث آخر «سبعة في ظِلِ العرش» أي في ظِلِّ رحمته.

(ه س) والحديث الآخر «السّلطان ظِلُ الله في الأرض» لأنه يدفع الأذى عن النّاس كما يدفع الظِّلُ أذى حرّ الشمس (١). وقد يكنّى بالظِّلِ عن الكنف والناحية.

[ه] ومنه الحديث «إنّ في الجنّة شجرة يسير الراكب في ظِلِّها مائة عام» أي في ذراها وناحيتها.

وقد تكرر ذكر الظِّلّ في الحديث. ولا يخرج عن أحد هذه المعاني.

[ه] ومنه شعر العباس ، يمدح النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

من قبلها طبت في الظِّلَال وفي

مستودع حيث يخصف الورق

أراد ظِلَال الجنّة : أي كنت طيّبا في صلب آدم ، حيث كان في الجنّة. وقوله «من قبلها ...». أي من قبل نزولك إلى الأرض ، فكني عنها ولم يتقدّم لها ذكر ، لبيان المعنى.

وفيه «أنه خطب آخر يوم من شعبان فقال : أيّها النّاس قد أَظَلَّكُم شهر عظيم» يعنى رمضان : أي أقبل عليكم ودنا منكم ، كأنّه ألقى عليكم ظِلَّه.

ومنه حديث كعب بن مالك «فلمّا أَظَلَ قادما حضرني بثّي».

(ه) وفيه «أنه ذكر فتنا كأنّها الظُّلَل» هي كلّ ما أَظَلَّك ، واحدتها : ظُّلَّة. أراد كأنّها الجبال أو السّحب.

[ه] ومنه «عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ» وهي سحابة أَظَلَّتْهُم ، فلجأوا إلى ظِلِّها من شدّة الحرّ

__________________

(١) قال الهروى فى تفسير هذا الحديث : «قيل : ستر الله ، وقيل : خاصّة الله ، يقال : أظلّ الشهر ، أى قرب ، وقيل : معناه العزّ والمنعة».

وقد حكى السيوطى فى الدر هذا التفسير عن الفارسى.

١٦٠