النّهاية - ج ٣

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٣

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: طاهر احمد الزاوي ومحمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤٨٨

(ضمل) (ه) في حديث معاوية «أنّه خطب إليه رجل بنتا له عرجاء ، فقال : إنّها ضَمِيلَة ، فقال : إنّي أريد أن أتشرّف بمصاهرتك ، ولا أريدها للسّباق في الحلبة» الضَّمِيلَة : الزّمنة.

قال الزمخشري : «إن صحّت الرواية [بالضاد](١) فاللام بدل من النون ، من الضَّمَانَة ، وإلّا فهي بالصاد المهملة. قيل لها ذلك ليُبْسٍ وجُسُوٍّ في ساقها. وكلّ يابس فهو صامل وصميل» (٢).

(ضمم) [ه] في حديث الرؤية «لا تَضَامُّونَ في رؤيته» يروى بالتّشديد والتخفيف ، فالتشديد معناه : لا يَنْضَمّ بعضكم إلى بعض وتزدحمون وقت النّظر إليه ، ويجوز ضمّ التاء وفتحها على تفاعلون ، وتتفاعلون. ومعنى التخفيف : لا ينالكم ضيم في رؤيته ، فيراه بعضكم دون بعض. والضَّيْم : الظّلم.

(ه) وفي كتابه لوائل بن حجر «ومن زنى من ثيّب فضرّجوه بالأَضَامِيم» يريد الرّجم. والأَضَامِيم : الحجارة ، واحدتها : إِضْمَامَة. وقد يشبّه بها الجماعات المختلفة من الناس.

(س) ومنه حديث يحيى بن خالد «لنا أَضَامِيم من هاهنا وهاهنا» أي جماعات ليس أصلهم واحدا ، كأنّ بعضهم ضُمَ إلى بعض.

(س) وفي حديث أبي اليسر «ضِمَامَة من صحف» أي حزمة. وهي لغة في الإِضْمَامَة.

وفي حديث عمر «يا هُنَيُ ضُمَ جناحك عن النّاس» أي ألن جانبك لهم وارفق بهم.

وفي حديث زبيب العنبرىّ «أَعْدِنِي على رجل من جندك ضَمَ منّي ما حرّم الله ورسوله» أي أخذ من مالي وضَمَّهُ إلى ماله.

(ضمن) (ه) في كتابه لأكيدر «ولكم الضَّامِنَة من النّخل» هو ما كان داخلا

__________________

(١) من الفائق ٢ / ٧١.

(٢) فى الأصل وا واللسان : «ضامل وضميل» بالضاد المعجمة ، وكتبناه بالصاد المهملة من الفائق. وهو الصواب.

١٠١

في العمارة وتَضَمَّنَتْهُ أمصارُهُم وقراهم. وقيل سمّيت ضَامِنَة ، لأن أربابها ضَمِنُوا عمارتها وحفظها ، فهي ذات ضَمَانٍ ، كعيشة راضية ، أي ذات رضا ، أو مرضيّة.

(ه) ومنه الحديث «من مات في سبيل الله فهو ضَامِن على الله أن يدخله الجنة» أي ذو ضَمَان ، لقوله تعالى : (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ) هكذا أخرجه الهروي والزّمخشري من كلام علىّ. والحديث مرفوع في الصّحاح عن أبي هريرة بمعناه.

فمن طرقه «تَضَمَّنَ اللهُ لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلّا جهادا في سبيلي وإيمانا بي وتصديقا (١) برسلي فهو عَلَيَ ضَامِن أن أدخله الجنّة ، أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلا ما نال من أجر أو غنيمة».

[ه] وفيه «أنه نهى عن بيع المَضَامِين والملاقيح» المَضَامِين : ما في أصلاب الفحول ، وهي جمع مَضْمُون. يقال ضَمِنَ الشيءَ ، بمعنى تَضَمَّنَهُ.

ومنه قولهم «مَضْمُون الكتاب كذا وكذا» والمَلَاقِيحُ : جمع ملقوح ، وهو ما في بطن الناقة. وفسّرهما مالك في الموطّأ بالعكس ، وحكاه الأزهرى عن مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيّب. وحكاه أيضا عن ثعلب عن ابن الأعرابي. قال : إذا كان في بطن النّاقة حمل فهو ضَامِن ومِضْمَان ، وهنّ ضَوَامِنُ ومَضَامِينُ. والّذي في بطنها ملقوح وملقوحة.

(ه) وفيه «الإمام ضَامِن والمؤذّن مؤتمن» أراد بالضَّمَان هاهنا الحفظ والرّعاية ، لا ضَمَان الغرامة ، لأنه يحفظ على القوم صلاتهم. وقيل : إنّ صلاة المتقدين به في عهدته ، وصحّتها مقرونة بصحّة صلاته ، فهو كالمتكفّل لهم صحّة صلاتهم.

(ه) وفي حديث عكرمة «لا تشتر لبن البقر والغنم مُضَمَّناً ، ولكن اشتره كيلا مسمّى» أي لا تشتره وهو في الضرع ، لأنه في ضِمْنِهِ.

__________________

(١) قال النووى فى شرحه لمسلم (باب فضل الجهاد والخروج فى سبيل الله): «هكذا هو في جميع النسخ «جهاد» بالنصب. وكذا قال بعده «وإيمانا بى وتصديقا» وهو منصوب على أنه مفعول له. وتقديره : لا يخرجه المخرج ويحركه المحرك إلا للجهاد والإيمان والتصديق».

١٠٢

(ه) وفي حديث ابن عمر «من اكتتب ضَمِناً بعثه الله ضَمِناً يوم القيامة» الضَّمِن : الذي به ضَمَانَة في جسده ، من زمانة ، أو كسر ، أو بلاء. والاسم الضَّمَن ، بفتح الميم. والضَّمَان والضَّمَانَة : الزّمانة. المعنى : من كتب نفسه في ديوان الزّمنى ليعذر عن الجهاد ولا زمانة به ، بعثه الله يوم القيامة زمنا. ومعنى اكتتب : أي سأل أن يكتب في جملة المعذورين. وبعضهم أخرجه عن عبد الله ابن عمرو بن العاص.

ومنه حديث ابن عمير «معبوطة غير ضَمِنَة» أي أنها ذبحت لغير علّة.

(س) ومنه الحديث «أنه كان لعامر بن ربيعة ابن أصابته رمية يوم الطّائف فضَمِنَ منها» أي زمن.

ومنه الحديث «أنهم كانوا يدفعون المفاتيح إلى ضَمْنَاهم ، ويقولون إن احتجتم فكلوا» الضَّمْنَى : الزّمنى ، جمع ضَمِنٍ.

(باب الضاد مع النون)

(ضنأ) في حديث قتيلة بنت النضر بن الحارث ، أو أخته :

أمحمّد ولأنت ضِنْءُ نجيبة

من قومها والفحل فحل معرق

الضِّنْء بالكسر : الأصل. يقال فلان في ضِنْءِ صدقٍ ، وضِنْءِ سوءٍ. وقيل الضِّنْء بالكسر والفتح : الولد.

(ضنك) (ه) في كتابه لوائل بن حجر «في التّيعة شاة لا مقورّة الألياط ، ولا ضِنَاكٌ» الضِّنَاك بالكسر : المكتنز اللحم. ويقال للذّكر والأنثى بغير هاء.

وفيه «أنه عطس عنده رجل فشمّته رجل ، ثم عطس فشمّته ، ثم عطس فأراد أنه يشمّته فقال : دعه فإنه مَضْنُوك» أي مزكوم. والضُّنَاك بالضم : الزّكام. يقال أَضْنَكَهُ اللهُ وأزكمه. والقياس أن يقال : فهو مُضْنَك ومُزْكَم ، ولكنه جاء على أُضْنِكَ وأُزْكِمَ.

(س) ومنه الحديث «امتخط فإنّك مَضْنُوك» وقد تكرر في الحديث.

١٠٣

(ضنن) (ه) فيه «إن لله ضَنَائِنَ من خلقه ، يحييهم في عافية ويميتهم في عافية» الضَّنَائِن : الخصائص ، واحدهم : ضَنِينَة ، فعيلة بمعنى مفعولة ، من الضِّنِ ، وهو ما تختصّه وتَضِنُ به : أي تبخل لمكانه منك وموقعه عندك. يقال فلانٌ ضِنِّي من بين إخواني ، وضِنَّتِي : أي أختصّ به وأَضِنُ بمودّته. ورواه الجوهري «إن لله ضِنّاً من خلقه».

ومنه حديث الأنصار «لم نقل إلّا ضِنّاً برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» أي بخلا به وشحّا أن يشاركنا فيه غيرنا.

ومنه حديث ساعة الجمعة «فقلت : أخبرني بها ولا تَضْنَنْ بها عَلَيَّ» أي لا تبخل. يقال ضَنَنْتُ أَضِنُ ، وضَنِنْتُ أَضَنُ. وقد تكرر في الحديث.

ومنه حديث زمزم «قيل له : احفر المَضْنُونَة» أي التي يُضَنُّ بها لنفاستها وعزّتها. وقيل للخلوق والطّيب المَضْنُونَة ، لأنه يُضَنُّ بهما.

(ضنا) (س) في حديث الحدود «انّ مريضا اشتكى حتى أَضْنَى» أي أصابه الضَّنَى وهو شدة المرض حتى نحل جسمه.

(س) وفيه «لا تَضْطَنِي عنّي» أي لا تبخلى بانبساطك إليّ ، وهو افتعال من الضَّنَى : المرض ، والطاء بدل من التاء.

(ه) وفي حديث ابن عمر «قال له أعرابي : إني أعطيت بعض بنيّ ناقة حياته ، وإنّها أَضْنَتْ واضطربت ، فقال : هي له حياته وموته».

قال الهروي والخطّابي : هكذا روي. والصّواب : ضَنَتْ ، أي كثر أولادها. يقال امرأة ماشية وضَانِيَة ، وقد مشت وضَنَتْ : أي كثر أولادها.

وقال غيرهما : يقال ضَنَتِ المرأةُ تَضْنِي ضَنًى ، وأَضْنَتْ ، وضَنَأَتْ ، وأَضْنَأَتْ ، إذا كثر أولادها.

١٠٤

(باب الضاد مع الواو)

(ضوأ) [ه] فيه «لا تَسْتَضِيئُوا بنار المشركين» أي لا تستشيروهم ولا تأخذوا آراءهم. جعل الضَّوْء مثلا للرأي عند الحيرة.

وفي حديث بدء الوحي «يسمع الصّوت ويرى الضَّوْء» أي ما كان يسمع من صوت الملك ويراه من نوره وأنوار آيات ربّه.

وفي شعر العباس :

وأنت لمّا ولدت أشرقت ال

أرض وضَاءَتْ بنورك الأفق

يقال ضَاءَتْ وأَضَاءَتْ بمعنى : أي استنارت وصارت مُضِيئَة.

(ضوج) فيه ذكر «أَضْوَاج الوادي» أي معاطفه ، الواحد ضَوْج. وقيل هو إذا كنت بين جبلين متضايقين ثم اتّسع فقد انْضَاجَ لك.

(ضور) (ه) فيه «أنه دخل على امرأة وهي تَتَضَوَّرُ من شدّة الحمى» أي تتلوّى وتضجّ وتتقلّب ظهرا لبطن. وقيل تَتَضَوَّرُ : تُظهِر الضَّوْرَ بمعنى الضُّرّ (١). يقال ضَارَهُ يَضُورُهُ ويَضِيرُهُ.

(ضوع) فيه «جاء العباس فجلس على الباب وهو يَتَضَوَّعُ من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم رائحة لم يجد مثلها» تَضَوُّعُ الرّيحِ : تفرقّها وانتشارها وسطوعها ، وقد تكرر في الحديث.

(ضوضو) (ه) في حديث الرؤيا «فإذا أتاهم ذلك اللهب ضَوْضَوْا» أي ضجّوا واستغاثوا. والضَّوْضَاة : أصوات الناس وغلبتهم (٢) ، وهي مصدر.

(ضوا) (ه) فيه «فلما هبط من ثنيّة الأراك يوم حنين ضَوَى إليه المسلمون» أي مالوا يقال : ضَوَى إليه ضَيّاً وضُوِيّاً ، وانْضَوَى إليه. ويقال : ضَوَاه إليه وأَضْوَاه.

__________________

(١) وعليه اقتصر الهروى.

(٢) فى اللسان والصحاح (ضوى): «وجلبتهم».

١٠٥

(ه) وفيه «اغتربوا لا تَضْوُوا (١)» أي تزوّجوا الغرائب دون القرائب ، فإن ولد الغريبة أنجب وأقوى من ولد القريبة. وقد أَضْوَت المرأة إذا ولدت ولدا ضعيفا. فمعنى لا تَضْوُوا : لا تأتوا بأولاد ضَاوِين : أي ضعفاء نحفاء ، الواحد : ضَاوٍ.

ومنه الحديث «لا تنكحوا القرابة القريبة ، فإن الولد يخلق ضَاوِيّاً».

(باب الضاد مع الهاء)

(ضهد) (س) في حديث شريح «كان لا يجيز الاضْطِهَاد ولا الضّغطة» هو الظلم والقهر. يقال ضَهَدَه ، وأَضْهَدَه ، واضْطَهَدَه. والطاء بدل من تاء الافتعال. المعنى أنه كان لا يجيز البيع واليمين وغيرهما في الإكراه والقهر.

(ضهل) (ه) في حديث يحيى بن يعمر «أنشأت تطلّها وتَضْهَلُهَا» أي تعطيها شيئا قليلا ، من الماء الضَّهْل ، وهو القليل. يقال ضَهَلْتُه أَضْهَلُه. وقيل تَضْهَلُها : أي تردّها إلى أهلها. من ضَهَلْتُ إلى فلان إذا رجعت إليه.

(ضها) (ه) فيه «أشدّ الناس عذابا يوم القيامة الذين يُضَاهُون خلق الله» أراد المصوّرين. والمُضَاهَاة : المشابهة. وقد تهمز وقرئ بهما.

(ه) وفي حديث عمر «قال لكعب : ضَاهَيْتُ اليهوديّة (٢)» أي شابهتها وعارضتها.

(باب الضاد مع الياء)

(ضيح) (س) في حديث كعب بن مالك «لو مات يومئذ عن الضِّيح والرِّيح لَوَرِثَه الزّبير» هكذا جاء في رواية. والمشهور : الضّحّ ، وهو ضوء الشّمس ، فإن صحّت الرواية فهو مقلوب من ضحى الشمس ، وهو إشراقها. وقيل الضِّيح : قريب من الرّيح.

__________________

(١) فى الأصل : «اغتربوا ولا تضووا» وقد أسقطنا الواو حيث سقطت من ا واللسان والهروى.

(٢) كذا فى الأصل واللسان. والذى فى ا والهروى : «اليهود».

١٠٦

(ه) وفي حديث عمّار «إن آخر شربة تشربها ضَيَاحٌ» الضَّيَاح والضَّيْح بالفتح : اللبن الخاثر يصب فيه الماء ثم يخلط. رواه يوم قتل بصفّين وقد جيء بلبن ليشربه.

(س) ومنه حديث أبي بكر رضي‌الله‌عنه «فسقته ضَيْحَةً حامضة» أي شربة من الضَّيْح.

(ه) ومنه الحديث «من لم يقبل العذر ممّن تنصّل إليه ، صادقا كان أو كاذبا ، لم يرد عَلَيَّ الحوض إلّا مُتَضَيِّحاً» أي متأخّرا عن الواردين ، يجيء بعد ما شربوا ماء الحوض إلّا أقلّه فيبقى كدرا مختلطا بغيره ، كاللّبن المخلوط بالماء.

(ضيخ) (ه) في حديث ابن الزبير «إن الموت قد تغشّاكم سحابه وهو مُنْضَاخ عليكم بوابل البلايا» يقال انْضَاخَ الماءُ ، وانْضَخَّ إذا انصبّ. ومثله في التّقدير انقاض الحائط وانقضّ إذا سقط ، شبّه المنيّة بالمطر وانسيابه.

هكذا ذكره الهروي وشرحه.

وذكره الزّمخشرى في الصّاد والحاء المهملتين ، وأنكر ما ذكره الهروى (١).

(ضير) في حديث الرؤيا «لا تُضَارُون في رؤيته» من ضَارَه يَضِيرُه ضَيْراً : أي ضرّه ، لغة فيه ، ويروى بالتشديد وقد تقدم.

ومنه حديث عائشة «وقد حاضت في الحجّ فقال : لا يَضِيرُكَ» أي لا يضرّك. وقد تكرر في الحديث.

(ضيع) (ه) فيه «من ترك ضَيَاعاً فإليَّ» الضَّيَاع : العيال. وأصله مصدر ضَاعَ يَضِيعُ ضَيَاعاً ، فسمّى العيال بالمصدر ، كما تقول : من مات وترك فقرا : أي فقراء. وإن كسرت الضّاد كان جمع ضَائِع ، كجائع وجياع.

ومنه الحديث «تعين ضَائِعاً» أي ذا ضَيَاعٍ من فقر أو عيال أو حال قصّر عن القيام بها.

__________________

(١) انظر تعليقنا ص ٥٨ من هذا الجزء.

١٠٧

ورواه بعضهم بالصاد المهملة والنون. وقيل إنه هو الصّواب وقيل هو في حديث بالمهملة. وفي آخر بالمعجمة ، وكلاهما صواب في المعنى.

وفي حديث سعد «إني أخاف على الأعناب الضَّيْعَة» أي أنها تَضِيعُ وتتلف. والضَّيْعَة في الأصل : المرّة من الضَّيَاع. وضَيْعَة الرجل في غير هذا ما يكون منه معاشه ، كالصّنعة والتّجارة والزّراعة وغير ذلك.

(ه) ومنه الحديث «أفشى (١) الله عليه ضَيْعَتَه» أي أكثر عليه معاشه.

ومنه حديث ابن مسعود «لا تتّخذوا الضَّيْعَة فترغبوا في الدّنيا».

وحديث حنظلة «عافسنا الأزواج والضَّيْعَات» أي المعايش.

(س) وفيه «أنه نهى عن إِضَاعَة المال» يعنى إنفاقه في غير طاعة الله تعالى والإسراف والتّبذير.

وفي حديث كعب بن مالك «ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مَضِيعَة» المَضِيعَة بكسر الضاد مفعلة من الضَّيَاع : الاطّراح والهوان ، كأنّه فيه ضَائِع ، فلما كانت عين الكلمة ياء وهي مكسورة نقلت حركتها إلى العين فسكنت الياء فصارت بوزن معيشة. والتقدير فيهما سواء.

ومنه حديث عمر «ولا تدع الكثير بدار مَضِيعَة».

(ضيف) (ه) فيه «نهى عن الصلاة إذا تَضَيَّفَتِ الشمس للغروب» أي مالت. يقال ضَافَ عنه يَضِيفُ.

ومنه الحديث «ثلاث ساعات كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ينهانا أن نصلّي فيها : إذا طلعت الشمس حتى ترتفع ، وإذا تَضَيَّفَتْ للغروب ، ونصف النهار».

ومنه حديث أبي بكر «أنه قال له ابنه عبد الله : ضِفْتُ عنك يوم بدر» أي ملت عنك وعدلت.

وفيه «مُضِيفٌ ظهرَه إلى القبّة» أي مسنده. يقال أَضَفْتُه إليه أُضِيفُه.

__________________

(١) فى الهروى : «أفسد».

١٠٨

(س) وفيه «أن العدوّ يوم حنين كمنوا في أحناء الوادي ومَضَايِفِه» والضَّيْف : جانب الوادي.

(ه) وفي حديث عليٍ «أنّ ابن الكوّاء وقيس بن عباد جاآه فقالا : أتيناك مُضَافَيْنِ مثقلين (١) ـ أي ملجأين ـ من أَضَافَه إلى الشّيء إذ ضمّه إليه.

وقيل معناه : أتيناك خائفين. يقال أَضَافَ من الأمر وضَافَ إذا حاذره وأشفق منه. والمَضُوفَة : الأمر الذي يحذر منه ويخاف. ووجهه أن يجعل المُضَاف مصدرا بمعنى الإِضَافَة ، كالمُكرَم بمعنى الإكرام ، ثم يصف بالمصدر ، وإلّا فالخائف مُضِيفٌ لا مُضَافٌ.

وفي حديث عائشة «ضَافَهَا ضَيْفٌ فأمرَتْ له بملحفة صفراء» ضِفْتُ الرجلَ إذا نزلت به في ضِيَافَة ، وأَضَفْتُه إذا أنزلته ، وتَضَيَّفْتُه إذا نزلت به ، وتَضَيَّفَنِي إذا أنزلني.

ومنه حديث النّهدى «تَضَيَّفْتُ أبا هريرة سبعا».

(ضيل) (س) فيه «قال لجرير : أين منزلك؟ قال : بأكناف بيشة (٢) بين نخلة وضَالَة» الضَّالَة بتخفيف اللام : واحدة الضَّال ، وهو شجر السّدر من شجر الشّوك ، فإذا نبت على شطّ الأنهار قيل له العبرىّ ، وألفه منقلبة عن الياء. يقال أَضَالَتِ الأرض وأَضْيَلَتْ.

وفي حديث أبى هريرة «قال له أبان بن سعيد : وبر تدلّى من رأس ضَالٍ» ضَالٌ بالتخفيف : مكان أو جبل بعينه ، يريد به توهين أمره وتحقير قدره. ويروى بالنّون ، وهو أيضا جبل في أرض دوس. وقيل أراد به الضأن من الغنم فتكون ألفه همزة.

__________________

(١) فى الهروى : «مضافين مثقلين» ضبط قلم.

(٢) بيشة : اسم لموضعين ، أولهما : قرية غنّاء فى واد كثير الأهل من بلاد اليمن. وثانيهما : من عمل مكة مما يلى اليمن ، من مكة على خمس مراحل ، وبها من النخل والفسيل شىء كثير. معجم البلدان ١ / ٧٩١.

١٠٩

حرف الطاء

(باب الطاء مع الهمزة)

(طأطأ) (ه) في حديث عثمان «تَطَأْطَأْتُ لكم (١) تَطَأْطُؤَ الدُّلاة» أي خفضت لكم (١) نفسي كما يخفضها المستَقُون بالدّلاء ، وتواضعت لكم وانحنيت. والدُّلَاةُ : جمع دال ، وهو الذي يستقي الدلو ، كقاض وقضاة.

(باب الطاء مع الباء)

(طبب) (ه) فيه «أنه احتجم حين طُبَ» أي لمّا سحر. ورجل مَطْبُوب : أي مسحور ، كَنَوْا بالطِّبّ عن السِّحر ، تفاؤلا بالبرء ، كما كنوا بالسّليم عن اللّديغ (٢).

(ه) ومنه الحديث «فلعلّ طِبّاً أصابه» أي سحرا.

والحديث الآخر «إنه مَطْبُوب».

وفي حديث سلمان وأبي الدّرداء «بلغني أنك جعلت طَبِيباً» الطَّبِيب في الأصل : الحاذق بالأمور العارف بها ، وبه سمّي الطَّبِيب الذي يعالج المرضى. وكني به هاهنا عن القضاء والحكم بين الخصوم ، لأن منزلة القاضي من الخصوم بمنزلة الطَّبِيب من إصلاح البدن. والمُتَطَبِّب الذي يعاني الطِّبَّ ولا يعرفه معرفة جيّدة.

[ه] وفي حديث الشّعبي «ووصف معاوية فقال : «كان كالجمل الطَّبِ» يعنى الحاذق بالضِّراب. وقيل الطَّبُ من الإبل : الّذي لا يضع خَفَّه إلّا حيث يُبصر ، فاستعار أحد هذين المعنيين لأفعاله وخلاله.

__________________

(١) فى الهروى «لهم».

(٢) فى الهروى : «وقال أبو بكر : الطبّ : حرف من الأضداد ، يقال طبّ لعلاج الداء ، وطبّ للسحر ، وهو من أعظم الأدواء». ا ه وانظر الأضداد لابن الأنبارى ص ٢٣١.

١١٠

(طبج) (ه) فيه «أنه كان في الحىّ رجل له زوجة وأمٌّ ضعيفة ، فشكت زوجته إليه أمّه ، فقام الأَطْبَج إلى أمّه فألقاها في الوادي» الطَّبَج : استحكام الحماقة. وقد طَبِجَ يَطْبَجُ [طَبَجاً] (١) فهو أَطْبَج.

هكذا ذكره الهروي بالجيم. ورواه غيره بالخاء. وهو الأحمق الذي لا عقل له وكأنّه الأشبه.

(طبخ) (ه) في الحديث «إذا أراد الله بعبد سوءا جعل ماله في الطَّبِيخَيْنِ» قيل هما الجصّ والآجرّ ، فعيل بمعنى مفعول.

(س) وفي حديث جابر «فاطَّبَخْنَا» هو افتعلنا من الطَّبْخ ، فقلبت التاء طاء لأجل الطاء قبلها. والاطِّبَاخ مخصوص بمن يَطْبَخُ لنفسه ، والطَّبْخ عامّ لنفسه ولغيره.

(ه) وفي حديث ابن المسيّب «ووقعت الثالثة فلم ترتفع وفي الناس طَبَاخٌ» أصل الطَّبَاخ : القوّة والسّمن ، ثم استعمل في غيره ، فقيل فلان لا طَبَاخَ له : أي لا عقل له ولا خير عنده.

أراد أنها لم تُبْقِ في الناس من الصّحابة أحدا. وعليه يبنى حديث الأَطْبَخ الذي ضرب أمّه ، عند من رواه بالخاء.

(طبس) (س) في حديث عمر «كيف لي بالزّبير وهو رجل طِبْسٌ» الطِّبْس : الذّئب ، أراد أنه رجل يشبه الذئب في حرصه وشرهه. قال الحربي. أظنّه أراد لَقِسٌ : أي شره حريص.

(طبطب) (ه) في حديث ميمونة بنت كردم «ومعه درّة كدرّة الكتّاب ، فسمعت الأعراب يقولون : الطَّبْطَبِيَّة الطَّبْطَبِيَّة» قال الأزهري : هي حكاية وقع السّياط. وقيل : حكاية وقع الأقدام عند السّعي. يريد أقبل الناس إليه يسعون ولأقدامهم طَبْطَبَة : أي صوت. ويحتمل

__________________

(١) زيادة من الهروى ، وقال : وقال ابن حمّويه : سئل شمر عن الطّبج ، بالجيم وسكون الباء فقال : هو الضرب على الشىء الأجوف كالرأس وغيره.

١١١

أن يكون أراد بها الدّرّة نفسها ، فسماها طَبْطَبِيَّة ، لأنها إذا ضرب بها حكت صوت طَبْ طَبْ ، وهي منصوبة على التّحذير ، كقولك : الأسد الأسد ، أي احذروا الطَّبْطَبِيَّة.

(طبع) (ه) فيه «من ترك ثلاث جمع من غير عذر طَبَعَ اللهُ على قلبه» أي ختم عليه وغشّاه ومنعه ألطافه. والطَّبْع بالسكون : الختم ، وبالتّحريك : الدّنس. وأصله من الوسخ والدنس يغشيان السّيف. يقال طَبِعَ السيفُ يَطْبَعُ طَبَعاً. ثم استعمل فيما يشبه ذلك من الأوزار والآثام وغيرهما من المقابح.

(ه) ومنه الحديث «أعوذ بالله من طَمَع يَهْدي إلى طَبَعٍ» أي يؤدّي إلى شين وعيب. وكانوا يرون أن الطَّبَع هو الرّين.

قال مجاهد : الرّين أيسرُ من الطَّبَع ، والطَّبَع أيسرُ من الإقفال ، والإقفال أشدّ ذلك كلّه. وهو إشارة إلى قوله تعالى : (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ) وقوله : (طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) وقوله : «أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها».

ومنه حديث ابن عبد العزيز «لا يتزوّج من العرب في الموالي إلا الطّمع الطَّبِع».

وفي حديث الدعاء «اختمه بآمين ، فإنّ آمين مثل الطَّابَع على الصّحيفة» الطَّابَع بالفتح : الخاتم. يريد أنه يختم عليها وترفع كما يفعل الإنسان بما يعزّ عليه.

(ه) وفيه «كلّ الخلال يُطْبَعُ عليها المؤمن إلّا الخيانة والكذب» أي يخلق عليها. والطِّبَاع : ما ركّب في الإنسان من جميع الأخلاق التي لا يكاد بزوالها (١) من الخير والشّرّ. وهو اسم مؤنث على فعال ، نحو مهاد ومثال ، والطَّبَع : المصدر.

(ه) وفي حديث الحسن «وسئل عن قوله تعالى : (لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ) فقال : هو الطِّبِّيع في كُفُرَّاه» الطِّبِّيع بوزن القنديل : لبّ الطّلع. وكُفُرَّاه وكافُورُه : وعاؤه.

(س) وفي حديث آخر «ألقى الشّبكة فطَبَّعَها سمكا» أي ملأها. يقال تَطَبَّعَ النهر : أي امتلأ. وطَبَّعْتُ الإناء : إذا ملأته.

__________________

(١) الذى فى الهروى : التى لا يزايلها».

١١٢

(طبق) (ه) في حديث الاستسقاء «اللهم اسقنا غيثا طَبَقاً» أي مالئا للأرض مغطّيا لها. يقال غيث طَبَقٌ : أي عامّ واسع.

(ه) ومنه الحديث «لله مائة رحمة ، كلّ رحمة منها كطِبَاق الأرض» أي كغشائها.

(ه) ومنه حديث عمر «لو أنّ لي طِبَاقَ (١) الأرض ذهبا» أي ذهبا يعم الأرض فيكون طَبَقاً لها.

(ه) وفي شعر العباس :

إذا مضى عالَم بدا طَبَقٌ

يقول : إذا مضى قرن بدا قرن. وقيل للقرن طَبَق ، لأنهم طَبَقٌ للأرض ثم ينقرضون ويأتي طَبَقٌ آخر.

(ه) ومنه الحديث «قريش الكتبة الحسبة ملح هذه الأمّة ، علم عالمهم طِبَاقُ الأرض».

[ه] وفي رواية «علم عالم قريش طَبَقُ الأرض»

(س) وفيه «حجابه النّور لو كُشِفَ طَبَقُه لأحرق سبحات وجهه كلّ شيء أدركه بصره» الطَّبَق : كلّ غطاء لازم على الشيء.

وفي حديث ابن مسعود في أشراط السّاعة «توصل الأَطْبَاق وتقطع الأرحام» يعنى بالأَطْبَاق البعداء والأجانب ، لأن طَبَقَات الناس أصناف مختلفة.

(س) وفي حديث أبي عمرو النّخعي «يشتجرون اشتجار أَطْبَاق الرّأس» أي عظامه فإنها مُتَطَابِقَة مشتبكة كما تشتبك (٢) الأصابع. أراد التحام الحرب والاختلاط في الفتنة.

[ه] وفي حديث الحسن «أنه أُخْبِرَ بأمر فقال : إحدى المُطْبِقَات» يريد إحدى الدّواهي والشّدائد التي تُطْبِقُ عليهم. ويقال للدّواهي بنات طَبَقٍ.

__________________

(١) فى الهروى : «أطباق الأرض».

(٢) فى ا : «مشبّكة كما تشبّك». والمثبت من الأصل واللسان.

١١٣

[ه] وفي حديث عمران بن حصين رضي‌الله‌عنه «أن غلاما أبق له فقال : لأقطعنّ منه طَابِقاً إن قدرت عليه» أي عضوا ، وجمعه طَوَابِق. قال ثعلب : الطَّابِق والطَّابَق : العضو من أعضاء الإنسان كاليد والرّجل ونحوهما.

ومنه حديث عليّ رضي‌الله‌عنه «إنما أمرنا في السّارق بقطع طَابَقِهِ» أي يده.

وحديثه الآخر «فخبزت خبزا وشويت طَابَقاً من شاة» أي مقدار ما يأكل منه اثنان أو ثلاثة.

[ه] وفي حديث ابن مسعود «أنه كان يُطَبِّقُ في صلاته» هو أن يجمع بين أصابع يديه ويجعلهما بين ركبتيه في الركوع والتشهّد.

(ه) وفي حديثه أيضا «وتبقى أصلاب المنافقين طَبَقاً واحدا» الطَّبَق : فقار الظّهر ، واحدتها طَبَقَة ، يريد أنه صار فقارهم كلّه كالفقارة الواحدة ، فلا يقدرون على السّجود.

(ه س) ومنه حديث ابن الزبير «قال لمعاوية : وايم الله لئن ملك مروان عنان خيل تنقاد له [في عثمان (١)] ليركبنّ منك طَبَقاً تخافه» يريد فقار الظهر : أي ليركبن منك مركبا صعبا وحالا لا يمكنك تلافيها. وقيل أراد بالطَّبَق المنازل والمراتب : أي ليركبنّ منك منزلة فوق منزلة في العداوة.

[ه] وفي حديث ابن عباس «سأل أبا هريرة مسألة فأفتاه ، فقال : طَبَّقْتَ» أي أصبت وجه الفُنْيَا. وأصل التَّطْبِيق إصابة المفصل ، وهو طَبَق العظمين : أي ملتقاهما فيفصل بينهما.

(ه) وفي حديث أم زرع «زوجي عياياء طَبَاقَاء» هو المُطْبَق عليه حُمقا. وقيل هو الذي أموره مُطْبَقَة عليه : أي مغشّاة. وقيل هو الّذي يعجز عن الكلام فتَنْطَبِقُ شفتاه.

(ه) وفيه «إنّ مريم عليها‌السلام جاعت فجاء طَبَقٌ من جراد فصادت منه» أي قطيع من الجراد.

وفي حديث عمرو بن العاص «إني كنت على أَطْبَاق ثلاث» أي أحوال ، واحدها طَبَق.

__________________

(١) سقط من الهروى.

١١٤

(س) وفي كتاب علي رضي‌الله‌عنه إلى عمرو بن العاص «كما وافق شنٌ طَبَقَهْ» هذا مثل للعرب يضرب لكلّ اثنين أو أمرين جمعتهما حالة واحدة اتّصف بها كلّ منهما. وأصله فيما قيل : إن شنّا قبيلة من عبد القيس ، وطَبَقاً حىّ من إياد ، اتفقوا على أمر فقيل لهما ذلك ، لأن كلّ واحد منهما وافق شكله ونظيره.

وقيل شنّ : رجل من دهاة العرب ، وطَبَقَة : امرأة من جنسه زوّجت منه ، ولهما قصّة.

وقيل الشّنّ : وعاء من أدم تشنّن : أي أخلق فجعلوا له طَبَقاً من فوقه فوافقه ، فتكون الهاء في الأوّل للتأنيث ، وفي الثاني ضمير الشّنّ.

[ه] وفي حديث ابن الحنفية رضي‌الله‌عنه «أنه وصف من يلي الأمر بعد السّفياني فقال : يكون بين شثٍّ وطُبَّاق» هما شجرتان تكونان بالحجاز. وقد تقدم في حرف الشين.

وفي حديث الحجّاج «فقال الرجل : قم فاضرب عنق هذا الأسير ، فقال : إن يَدِي طَبِقَة»

هي التي لصق عضدها بجنب صاحبه فلا يستطيع أن يحرّكها.

(طبن) (ه) فيه «فطَبِنَ لها غلام رومىّ» أصل الطَّبَن والطَّبَانَة : الفطنة. يقال : طَبِنَ لكذا طَبَانَة فهو طَبِنٌ : أي هجم على باطنها وخبر أمرها وأنها ممن تواتيه على المراودة. هذا إذا روي بكسر الباء ، وإن روي بالفتح كان معناه خيّبها وأفسدها.

(طبا) في حديث الضحايا «ولا المُصْطَلَمَة أَطْبَاؤُها» أي المقطوعة الضّروع. والأَطْبَاء : الأخلاف ، واحدها : طُبْي بالضم والكسر. وقيل (١) يقال لموضع الأخلاف من الخيل والسّباع : أَطْبَاء. كما يقال في ذوات الخفّ والظّلف : خلف وضرع.

(ه) ومنه حديث عثمان «قد بلغ السّيل الزُّبَى وجاوز الحزام الطُّبْيَيْنِ» هذا كناية عن المبالغة في تجاوز حدّ الشرّ والأذى ، لأن الحزام إذا انتهى إلى الطُّبْيَيْنِ فقد انتهى إلى أبعد غاياته ، فكيف إذا جاوزه!

__________________

(١) فى الأصل : «وقد يقال» والمثبت من او اللسان. وتقوّيه عبارة الهروى فى حديث عثمان : «ويقال».

١١٥

ومنه حديث ذي الثُّدَيَّة «كأنّ إحدى يديه طُبْيُ شاةٍ».

(س) وفي حديث ابن الزبير «إن مصعبا اطَّبَى القلوبَ حتى ما تعدل به» أي تحبّب إلى قلوب الناس وقرّبها منه. يقال طَبَاه يَطْبُوه ويَطْبِيه إذا دعاه وصرفه إليه واختاره لنفسه. واطَّبَاه يَطَّبِيه ، افتعل منه ، فقلبت التاء طاء وأدغمت.

(باب الطاء مع الحاء)

(طحر) (س) في حديث الناقة القصواء «فسمعنا لها طَحِيراً» الطَّحِير : النَّفَس العالي.

وفى حديث يحيى بن يعمر «فإنك تَطْحَرُها» أي تبعدها وتقصيها. وقيل أراد تدحرها ، فقلب الدال طاء ، وهو بمعناه. والدَّحْرُ : الإبعاد. والطَّحْر أيضا : الجماع والتمدّد.

(طحرب) (ه) وفي حديث سلمان وذكر يوم القيامة فقال : «تدنو الشمس من رؤوس الناس وليس على أحد منهم طُحْرُبَة» الطُّحْرُبَة بضم الطاء والراء ، وبكسرهما (١) وبالحاء والخاء : اللباس. وقيل الخرقة. وأكثر ما يستعمل في النّفي.

(طحن) في إسلام عمر رضي‌الله‌عنه «فأخرجنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في صفّين ، له كديد ككديد الطَّحِين». الكَدِيدُ : التراب الناعم. والطَّحِين : المَطْحُون ، فعيل بمعنى مفعول.

(باب الطاء مع الخاء)

(طخرب) في حديث سلمان «وليس على أحد منهم طُخْرُبَة» وقد تقدّم في الطاء مع الحاء.

(طخا) [ه] فيه «إذا وجد أحدكم طَخَاءً على قلبه فليأكل السّفرجل» الطَّخَاء : ثقل وغشي ، وأصل الطَّخَاء والطَّخْيَة (٢) : الظلمة والغيم.

__________________

(١) فى الدر النثير : «زاد الفارسى : وبالفتح». اه ويوافقه ما فى القاموس (طحرب).

(٢) الطخية ، مثلثة الطاء. القاموس (طخا).

١١٦

(ه) ومنه الحديث «إن للقلب طَخَاء كطَخَاء القمر» أي ما يغشّيه من غيم يغطّي نوره.

(باب الطاء مع الراء)

(طرأ) (س) فيه «طَرَأَ علىّ حزبي من القرآن» أي ورد وأقبل. يقال طَرَأَ يَطْرَأُ مهموزا إذا جاء مفاجأة ، كأنه فجئه الوقت الّذي كان يؤدّي فيه ورده من القراءة ، أو جعل ابتداءه فيه طُرُوءاً منه عليه. وقد يترك الهمز فيه فيقال طَرَا يَطْرُو طُرُوّاً. وقد تكرر في الحديث.

(طرب) (س) فيه «لعن الله من غيّر المَطْرَبَة والمقربة» المَطْرَبَة : واحدة المَطَارِب ، وهي طرق صغار تنفذ إلى الطرق الكبار. وقيل هي الطّرق الضّيّقة المتفرّقة. يقال طرّبت عن الطريق : أى عدلت عنه.

(طربل) (ه) فيه «إذا مرّ أحدكم بطِرْبَال مائل فليسرع المشي» هو البناء المرتفع كالصّومعة والمنظرة من مناظر العجم. وقيل : هو علم يبنى فوق الجبل ، أو قطعة من جبل.

(طرث) في حديث حذيفة رضي‌الله‌عنه «حتى ينبت اللّحم على أجسادهم كما تنبت الطَّرَاثِيث على وجه الأرض» هي جمع طُرْثُوث ، وهو نبت ينبسط على وجه الأرض كالفطر.

(طرد) (ه) فيه «لا بأس بالسّباق ما لم تُطْرِدْهُ ويُطْرِدْك» الإِطْرَاد : هو أن تقول : إن سبقتني فلك علىّ كذا ، وإن سبقك فلي عليك كذا.

وفي حديث قيام الليل «هو قربة إلى الله تعالى ومَطْرَدَة الدّاء عن الجسد» أي أنّها حالة من شأنها إبعاد الدّاء ، أو مكان يختصّ به ويعرف ، وهي مفعلة من الطَّرْد.

وفي حديث الإسراء «فإذا نهران يَطَّرِدَان». أي يجريان ، وهما يفتعلان ، من الطَّرْد.

ومنه الحديث «كنت أُطَارِد حيّة» أي أخادعها لأصيدها. ومنه طِرَاد الصّيد.

١١٧

ومنه حديث عمر رضي‌الله‌عنه «أَطْرَدْنَا المعترفين» يقال أَطْرَده السلطان وطَرَّدَه إذا أخرجه عن بلده. وحقيقته أنه صيّره طَرِيدا. وطَرَدْتُ الرجلَ طَرْداً إذا أبعدته ، فهو مَطْرُود وطَرِيد.

(ه) وفي حديث قتادة «في الرجل يتوضّأ بالماء الرّمد وبالماء الطَّرِد» هو الذي تخوضه الدّواب ، سمّي بذلك لأنها تَطَّرِدُ فيه بخوضه ، وتَطْرُدُه أي تدفعه.

(ه) وفي حديث معاوية «أنه صعد المنبر وفي يده طَرِيدَة». أي شقّة طويلة من حرير.

(طرر) (ه) في حديث الاستسقاء «فنشأت طُرَيْرةٌ من السّحاب» الطُّرَيْرَة : تصغير الطُّرَّة ، وهي قطعة من السّحاب تبدو (١) من الأفق مستطيلة. ومنه طُرَّة الشّعر والثّوب : أي طرفه.

(ه) ومنه الحديث «أنه أعطى عمر حلّة وقال : لتعطينّها بعض نسائك يتّخذنها طُرَّات بينهنّ» أي يقطّعنها ويتّخذنها مقانع (٢). وطُرَّات : جمع طُرَّة.

وقال الزمخشري : يتّخذنها طُرَّات أي قطعا ، من الطَّرِّ : وهو القطع.

(س) ومنه الحديث «إنه كان يَطُرُّ شاربه» أي يقصّه.

(س) وحديث الشّعبي «يقطع الطَّرَّار» هو الذي يشقّ كُمَّ الرّجل ويسلّ ما فيه ، ومن الطَّرِّ : القطع والشّق.

(ه) وفي حديث عليّ «أنه قام من جوز اللّيل وقد طُرَّت النجوم» أي أضاءت.

ومنه «سيف مَطْرُور» أي صقيل.

ومن رواه بفتح الطّاء أراد : طلعت. يقال طَرَّ النبات يَطُرُّ إذا نبت ، وكذلك الشّارب.

(ه) وفي حديث عطاء «إذا طَرَرْتَ مسجدك بمدر فيه روث فلا تصلّ فيه حتى

__________________

(١) فى الهروى : «تبدأ».

(٢) فى الهروى : «ستورا». قال فى القاموس (قنع) : والمقنع والمقنعة ـ بكسر ميمهما ـ ما تقنّع به المرأة رأسها.

١١٨

تغسله السماء» أي إذا طيّنته وزيّنته. من قولهم رجل طَرِير : أي جميل الوجه.

وفي حديث قسّ.

ومرادا لمحشر الخلق طُرّاً

أي جميعا ، وهو منصوب على المصدر أو الحال.

(طرز) فيه «قالت صفيّة لزوجات النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : من فيكنّ مثلي؟ أبي نبيّ ، وعمّي نبيّ ، وزوجي نبيّ ، وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم علّمها لتقول ذلك لهنّ ، فقالت لها عائشة : ليس هذا من طِرَازِك» أي ليس هذا من نفسك وقريحتك. والطِّرَاز في الأصل : الموضع الذي تنسج فيه الثّياب الجياد. ويقال للإنسان إذا تكلّم بشيء جيّد استنباطا وقريحة : هذا من طِرَازِه.

(طرس) (س) فيه «كان النّخعي يأتي عبيدة في المسائل ، فيقول عبيدة : طَرِّسْها يا أبا إبراهيم» طَرِّسْها : أي امحها. يعنى الصّحيفة. يقال طَرَّسْتُ الصّحيفة إذا أنعمت محوها.

(طرطب) (س [ه]) في حديث الحسن وقد خرج من عند الحجّاج فقال : «دخلت على أحيول يُطَرْطِبُ شُعَيرات له» يريد ينفخ بشفتيه في شاربه غيظا أو كبرا (١) والطَّرْطَبَة : الصّفير بالشّفتين للضّأن.

أخرجه الهروي عن الحسن ، والزمخشري عن النّخعي (٢).

(س) وفي حديث الأشتر «في صفة امرأة أرادها ضمعجا طُرْطُبّاً» الطُّرْطُبّ : العظيمة الثّديين.

(طرف) (ه) فيه «فمال طَرَفٌ من المشركين على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» أي قطعة مكنهم وجانب. ومنه قوله تعالى (لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ).

(ه) وفيه «كان إذا اشتكى أحدهم لم تنزل البرمة حتى يأتي على أحد طَرَفَيْهِ» أي حتى

__________________

(١) فى الأصل : «أى كبرا». وفى اللسان : «وكبرا». واعتمدنا ما فى ا والفائق ٢ / ٨٢.

(٢) إنما أخرجه الزمخشرىّ عن الحسن. انظر الفائق ٢ / ٨٢.

١١٩

يفيق من علّته أو يموت ، لأنهما منتهى أمر العليل. فهما طَرَفَاه : أي جانباه.

ومنه حديث أسماء بنت أبي بكر «قالت لابنها عبد الله : ما بي عجلة إلى الموت حتّى آخذ على أحد طَرَفَيْك : إمّا أن تستخلف فتقرّ عيني ، وإمّا أن تقتل فأحتسبك».

وفيه «إن إبراهيم الخليل عليه‌السلام جعل في سرب وهو طفل ، وجعل رزقه في أَطْرَافه» أي كان يمصّ أصابعه فيجد فيها ما يغذّيه.

(ه) وفي حديث قبيصة بن جابر «ما رأيت أقطع طَرَفاً من عمرو بن العاص» يريد أمضى لسانا منه. وطَرَفَا الإنسان لسانه وذكره.

ومنه قولهم : «لا يدرى أيّ طَرَفَيْه أطول».

(س) ومنه حديث طاوس «إنّ رجلا واقع الشّراب الشّديد فسقي فضري ، فلقد رأيته في النّطع وما أدرى أىّ طَرَفَيْه أسرع» أراد حلقه ودبره : أي أصابه القيء والإسهال فلم أدر أيّهما أسرع خروجا من كثرته.

وفي حديث أمّ سلمة «قالت لعائشة : حماديات النّساء غضّ الأَطْرَاف» أرادت قبض اليد والرّجل عن الحركة والسّير. يعنى تسكين الأَطْرَاف وهي الأعضاء.

وقال القتيبى : هي جمع طَرْف العين ، أرادت غضّ البصر.

قال الزّمخشري : «الطَّرْف لا يُثَنّي ولا يُجمَع لأنه مصدر ، ولو جُمِعَ فلم يسمع في جمعه أَطْرَاف ، ولا أكاد أشكّ أنه تصحيف ، والصواب «غضّ الإطراق» : أي يغضضن من أبصارهنّ مطرقات راميات بأبصارهنّ إلى الأرض» (١).

(س) ومنه حديث نظر الفجأة قال : «أَطْرِفْ بصرك» أي اصرفه عمّا وقع عليه وامتدّ إليه. ويروى بالقاف وسيذكر.

(ه) وفي حديث زياد «إنّ الدنيا قد طَرَفَتْ أعينكم» أي طمحت بأبصاركم إليها ، من قولهم امرأة مَطْرُوفَة بالرّجال ، إذا كانت طمّاحة إليهم. وقيل طَرَفَتْ أعينكم : أي صرفتها إليها.

__________________

(١) انظر الفائق ١ / ٥٨٦.

١٢٠