النّهاية - ج ٤

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٤

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: محمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٣٨٤

١
٢

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

حرف القاف

(باب القاف مع الباء)

(قبب) (ه) فيه «خير الناس القُبِّيُّون» سئل عنه ثعلب ، فقال : إن صح فهم الذين يسردون الصّوم حتى تضمر بطونهم. والقَبَب : الضّمر وخمص البطن.

(س) ومنه حديث عليّ فى صفة امرأة «إنها جدّاء قَبَّاء» القَبَّاء : الخميصة البطن.

[ه] وفى حديث عمر «أمر بضرب رجل حدّا ثم قال : إذ قَبَ ظهره فردّوه» أى إذا اندملت آثار ضربه وجفّت ، من قَبَ اللحم والتّمر إذا يبس ونشف.

وفي حديث عليّ «كانت درعه صدرا لا قَبَ لها» أى لا ظهر لها ؛ سمّى قَبّاً لأنّ قوامها به ، من قَبِ البكرة ، وهى الخشبة التى فى وسطها وعليها مدارها.

وفى حديث الاعتكاف «فرأى قُبَّةً مضروبة فى المسجد» القُبَّة من الخيام : بيت صغير مستدير ، وهو من بيوت العرب.

(قبح) ـ فيه «أَقْبَحُ الأسماء حرب ومرّة» القُبْح : ضدّ الحسن. وقد قَبُحَ يَقْبُحُ فهو قَبيح. وإنما كانا أَقْبَحَها ؛ لأنّ الحرب مما يتفاءل بها وتكره لما فيها من القتل والشرّ والأذى. وأما مرّة ؛ فلأنّه من المرارة ، وهو كريه بغيض إلى الطباع ، أو لأنه كنية إبليس ، فإن كنيته أبو مرّة.

(ه) وفى حديث أم زرع «فعنده أقول فلا أُقَبَّحُ» أى لا يردّ علىّ قولى ، لميله إلىّ وكرامتى عليه. يقال : قَبَّحْتُ فلانا إذا قلت له : قَبَّحَك الله ، من القَبْح ، وهو الإبعاد.

(ه) ومنه الحديث «لا تُقَبِّحُوا الوجه» أى لا تقولوا : قَبَّح الله وجه فلان.

وقيل : لا تنسبوه إلى القُبْح : ضدّ الحسن ؛ لأن الله صوّره ، وقد أحسن كلّ شىء خلقه.

(ه) ومنه حديث عمّار «قال لمن ذكر عائشة : اسكت مَقْبُوحا مشقوحا منبوحا» أى مبعدا.

٣

ومنه حديث أبى هريرة «إن منع قَبَّح وكلح» أى قال له : قَبَّح الله وجهك.

(قبر) ـ فيه «نهى عن الصلاة فى المَقْبُرة» هى موضع دفن الموتى ، وتضمّ باؤها وتفتح. وإنما نهى عنها لاختلاط ترابها بصديد الموتى ونجاساتهم ، فإن صلّى فى مكان طاهر منها صحّت صلاته.

ومنه الحديث «لا تجعلوا بيوتكم مَقَابِرَ» أى لا تجعلوها لكم كالقُبُور ، فلا تصلّوا فيها ، لأنّ العبد إذا مات وصار فى قبره لم يصلّ ، ويشهد له قوله : «اجعلوا من صلاتكم فى بيوتكم ، ولا تتّخذوها قُبُورا».

وقيل : معناه لا تجعلوها كالمَقَابِر التى لا تجوز الصلاة فيها ، والأوّل أوجه.

(س) وفى حديث بنى تميم «قالوا للحجّاج ـ وكان قد صلب صالح بن عبد الرحمن ـ أَقْبِرْنا صالحا» أى أمكنّا من دفنه فى القَبْر. تقول : أَقْبَرْتُه إذا جعلت له قَبْرا ، وقَبَرْتُه إذا دفنته.

(ه) وفى حديث ابن عباس «أنّ الدجّال ولد مَقْبُورا ـ أراد وضعته أمّه وعليه جلدة مصمتة ليس فيها نقب (١) ـ فقالت قابلته : هذه سلعة وليس ولدا ، فقالت أمّه : فيها ولد وهو مَقْبور[فيها](٢) فشقّوا عنه (٣) فاستهلّ».

(قبس) (س) فيه «من اقْتَبَسَ علما من النّجوم اقْتَبَسَ شعبة من السّحر» قَبَسْتُ العلم واقْتَبَسْتُه إذا تعلّمته. والقَبَس : الشّعلة من النار ، واقْتِبَاسُها : الأخذ منها.

ومنه حديث عليّ «حتى أورى قَبَسا لِقَابِس» أى أظهر نورا من الحق لطالبه. والقابِس : طالب النار ، وهو فاعل من قَبَس.

ومنه حديث العرباض «أتيناك زائرين ومُقْتَبِسين» أى طالبى العلم.

وحديث عقبة بن عامر «فإذا راح أَقْبَسْنَاه ما سمعنا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» أى أعلمناه إيّاه.

(قبص) (ه) فيه «أن عمر أتاه وعنده قِبْص من الناس» أى عدد كثير ، وهو فِعل بمعنى مفعول ، من القَبْص. يقال : إنهم لفى قِبْص الحصى.

__________________

(١) فى الهروى : «ثقب» بالثاء المثلثة.

(٢) من الهروى ، واللسان.

(٣) فى الأصل : «عليه» وأثبتّ ما فى ا ، واللسان ، والهروى.

٤

(س) ومنه الحديث «فتخرج عليهم قَوابِصُ» أى طوائف وجماعات ، واحدها (١) قابصة

(ه) وفيه «أنه دعا بتمر فجعل بلال يجىء به قُبَصا قُبَصا» هى جمع قُبْصة (٢) ، وهى ما قُبِصَ ، كالغرفة لما غرف. والقَبْص : الأخذ بأطراف الأصابع.

ومنه حديث مجاهد «فى قوله تعالى «وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ» يعنى القُبَص التى تعطى الفقراء عند الحصاد».

هكذا ذكر الزمخشرى حديث بلال ومجاهد فى الصاد المهملة. وذكرهما غيره فى الضاد المعجمة ، وكلاهما جائزان (٣) وإن اختلفا.

(س) ومنه حديث أبى ذرّ «انطلقت مع أبى بكر ففتح بابا فجعل يَقْبِص لى من زبيب الطائف».

(س) وفيه «من حين قَبَصَ» أى شبّ وارتفع. والقَبَص : ارتفاع فى الرأس وعظم.

وفى حديث أسماء «قالت : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى المنام ، فسألنى : كيف بنوك؟ قلت : يُقْبَصُون قَبْصا شديدا ، فأعطانى حبّة سوداء كالشّونيز شفاء لهم ، وقال : أمّا السام فلا أشفى منه» يُقْبَصُون : أى يجمع بعضهم إلى بعض من شدّة الحمّى.

وفى حديث الإسراء والبراق «فعملت بأذنيها وقَبَصَت» أى أسرعت. يقال : قَبَصَت الدابّة تَقْبِص قَبَاصَة إذا أسرعت. والقَبَص : الخفّة والنّشاط.

(س) وفى حديث المعتدّة للوفاة «ثم تؤتى بدابّة ؛ شاة أو طير فتَقبِص به» قال الأزهرى : رواه الشافعى بالقاف والباء الموحّدة والصاد المهملة : أى تعدو مسرعة نحو منزل أبويها ، لأنها كالمستحيية من قبح منظرها. والمشهور فى الرواية بالفاء والتاء المثنّاة والضاد المعجمة. وقد تقدم (٤).

__________________

(١) فى ا «واحدتها».

(٢) فى الهروى «قبصة» بالفتح. قال فى القاموس : «القبصة ، بالفتح والضم».

(٣) فى الأصل : «وكلاهما واحد وإن اختلفا» والمثبت من ا ، واللسان.

(٤) ص ٤٥٤ من الجزء الثالث.

٥

(قبض) ـ فى أسماء الله تعالى «القابِض» هو الذى يمسك الرزق وغيره من الأشياء عن العباد بلطفه وحكمته ، ويقبض الأرواح عند الممات.

ومنه الحديث «يَقْبِض الله الأرض ويَقْبِض السماء» أى يجمعها. وقُبِض المريض إذا توفّى ، وإذا أشرف على الموت.

ومنه الحديث «فأرسلت إليه أنّ ابنا لى قُبِض» أرادت أنه فى حال القَبْض ومعالجة النّزع.

(س) وفيه «أنّ سعدا قتل يوم بدر قتيلا وأخذ سيفه ، فقال له : ألقه فى القَبَض» القَبَض بالتحريك بمعنى المقبوض ، وهو ما جمع من الغنيمة قبل أن تقسم.

(س) ومنه الحديث «كان سلمان على قَبَض من قَبَض المهاجرين».

(س) وفى حديث حنين «فأخذ قُبضَة من التّراب» هو بمعنى المقبوض ، كالغرفة بمعنى المغروف ، وهى بالضم الاسم ، وبالفتح المرّة. والقَبْض : الأخذ بجميع الكفّ.

ومنه حديث بلال والتمر «فجعل يجىء [به](١) قُبَضاً قُبَضاً».

وحديث مجاهد «هى القُبَض التى تعطى عند الحصاد» وقد تقدّما مع الصاد المهملة.

(س) وفيه «فاطمة بضعة منّى ، يَقْبِضُني ما قَبَضَها» أى أكره ما تكرهه ، وأتجمّع مما تتجمّع (٢) منه.

(قبط) (ه) فى حديث أسامة «كسانى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قُبْطِيَّة (٣)» القُبْطِيَّة : الثّوب من ثياب مصر رقيقة بيضاء ، وكأنه منسوب إلى القِبْط ، وهم أهل مصر. وضمّ القاف من تغيير النّسب. وهذا فى الثياب ، فأمّا فى الناس فقِبْطِيٌ ، بالكسر.

ومنه حديث قتل ابن أبى الحقيق «ما دلّنا عليه إلّا بياضه فى سواد الليل كأنه قُبْطِيَّة».

__________________

(١) من : ا ، واللسان ، ومما سبق فى.

(٢) فى ا ، واللسان : «وأنجمع مما تنجمع منه» والمثبت فى الأصل.

(٣) فى الهروى : «ثوبا قبطيّة».

٦

ومنه الحديث «أنه كسا امرأة قُبْطِيَّةً فقال : مرها فلتتّخذ تحتها غلالة لا تصف حجم عظامها» وجمعها القَباطِيّ.

ومنه حديث عمر «لا تلبسوا نساءكم القَباطِيَ ، فإنه إن لا يشفّ فإنه يصف».

ومنه حديث ابن عمر «أنه كان يجلّل بدنه القَبَاطِيَ والأنماط».

(قبع) (ه) فيه «كانت قَبيعة سيف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من فضّة» هى التى تكون على رأس قائم السّيف. وقيل : هى ما تحت شاربَيِ السّيف.

(ه) وفى حديث ابن الزبير «قاتل (١) الله فلانا ؛ ضبح ضبحة الثّعلب ، وقَبَعَ قَبْعةَ القنفذ» قَبَع : إذا أدخل رأسه واستخفى ، كما يفعل القنفذ.

وفى حديث قتيبة «لمّا ولى خراسان قال لهم : إن وليكم وال رؤوف بكم قلتم : قُبَاع بن ضبّة» هو رجل كان فى الجاهلية أحمق أهل زمانه ، فضرب به المثل.

[ه] وأما قولهم للحارث بن عبد الله : «القُبَاع» ؛ فلأنّه ولى البصرة فغيّر مكاييلهم ، فنظر إلى مكيال صغير فى مرآة العين أحاط بدقيق كثير ، فقال : إنّ مكيالكم هذا لَقُباع ، فلقّب به واشتهر. يقال : قَبَعْتُ الجوالق إذا ثنيت أطرافه إلى داخل أو خارج ، يريد : إنه لذو قعر.

(س) وفى حديث الأذان «فذكروا له القُبْع» هذه اللفظة قد اختلف فى ضبطها ، فرويت بالباء والتاء [والثاء (٢)] والنون ، وسيجىء بيانها مستقصى فى حرف النون ، لأنّ أكثر ما تروى بها.

(قبعثر) (ه) فى حديث المفقود «فجاءنى طائر كأنه جمل قَبَعْثَرَى ، فحملنى على خافية من خوافيه» القَبَعْثَرَى : الضّخم العظيم.

(قبقب) (س) فيه «من وقى شرّ قَبْقَبِه ، وذبذبه ، ولقلقه ، دخل الجنة» القَبْقَبُ : البطن ، من القَبْقَبة : وهو صوت يسمع من البطن ، فكأنها حكاية ذلك الصّوت. ويروى عن عمر.

__________________

(١) فى الأصل : «قتل» والتصحيح من : ا ، واللسان ، والهروى ، ومما سبق فى (ضبح).

(٢) تكملة من اللسان ، ومما يأتى فى (قنع).

٧

(قبل) (ه) فى حديث آدم عليه‌السلام «إنّ الله خلقه بيده ثم سوّاه قِبَلاً» وفى رواية «إنّ الله كلّمه قِبَلاً» أى عيانا ومُقابَلة ، لا من وراء حجاب ، ومن غير أن يولّى أمره أو كلامه أحدا من ملائكته (١).

(ه) وفيه «كان لنعله قِبالان» القِبال : زمام النّعل ، وهو السّير الذى يكون بين الإصبعين (٢). وقد أقبل نعله وقابَلها.

(ه) ومنه الحديث «قابِلوا النّعال» أى اعملوا لها قِبالا. ونعل مُقْبَلة إذا جعلت لها قِبالا ، ومقبولة إذا شددت قِبالَها.

(ه) وفيه «نهى أن يضحّى بمُقابَلة أو مدابرة» هى التى يقطع من طرف أذنها شىء ثم يترك معلّقا كأنه زنمة ، واسم تلك السمة القُبْلة والإقْبالة.

(ه) وفى صفة الغيث «أرض مُقْبِلَة وأرض مدبرة» أى وقع المطر فيها خططا ولم يكن عامّا.

وفيه «ثم يوضع له القَبُول فى الأرض» هو بفتح القاف : المحبّة والرضا بالشىء وميل النّفس إليه.

[ه] وفى حديث الدّجال «ورأى دابّة يواريها شعرها أهدب القُبال» يريد كثرة الشّعر فى قُبَالِها. القُبال : الناصية والعرف ؛ لأنهما اللذان يَسْتَقْبِلان الناظر. وقُبال كل شىء وقُبُله : أوّله وما اسْتَقْبَلَك منه.

(ه) وفى أشراط الساعة «وأن يرى الهلال قَبَلاً» أى يرى ساعة ما يطلع ، لعظمه ووضوحه من غير أن يتطلّب ، وهو بفتح القاف والباء.

[ه] ومنه الحديث (٣) «إنّ الحق بِقَبَلٍ (٤)» أى واضح لك حيث تراه.

__________________

(١) قال الهروى : «ويجوز فى العربية : قبلا ، بفتح القاف ، أى مستأنفا للكلام».

(٢) عبارة الهروى : «بين الإصبع الوسطى والتى تليها» وكذا فى الصّحاح والقاموس».

(٣) الذى فى اللسان ، حكاية عن ابن الأعرابى : «قال رجل من بنى ربيعة بن مالك : إن الحق بقبل ، فمن تعدّاه ظلم ، ومن قصّر عنه عجز ، ومن انتهى إليه اكتفى».

(٤) فى الأصل : «إن الحق قبل» والمثبت من ا ، واللسان ، والهروى.

٨

(س) وفى حديث صفة هارون عليه‌السلام «فى عينيه قَبَلٌ» هو إِقْبال السّواد على الأنف. وقيل : هو ميل كالحول.

ومنه حديث أبى ريحانة «إنّى لأجد فى بعض ما أنزل من الكتب : الأقْبَل القصير القصرة ، صاحب العراقين ، مبدّل السّنّة ، يلعنه أهل السماء والأرض ، ويل له ثم ويل له» الأقْبَل : من القَبَل الذى كأنه ينظر إلى طرف أنفه.

وقيل : هو الأفحج ، وهو الذى تتدانى صدور قدميه ويتباعد عقباهما.

(ه) وفيه «رأيت عقيلا يَقْبَلُ غرب زمزم» أى يتلقّاها فيأخذها عند الاستقاء.

[ه] ومنه «قَبِلَت (١) القابِلَةُ الولد تَقْبَلُه» إذا تلقّته عند ولادته من بطن أمّه.

(س) وفيه «طلّقوا النّساء لِقُبُل عدّتهنّ» وفى رواية «فى قُبُل طهرهنّ» أى فى إقْبالِه وأوّله ، [و](٢) حين يمكنها الدّخول فى العدّة والشّروع فيها ، فتكون لها محسوبة ، وذلك فى حالة الطّهر. يقال : كان ذلك فى قُبُل الشّتاء : أى إقباله.

(س) وفى حديث المزارعة «يستثنى ما على الماذيانات ، وأَقْبَال الجداول» الأقبال : الأوائل والرؤوس ، جمع قُبْل ، والقُبْل أيضا : رأس الجبل والأكمة ، وقد يكون جمع قَبَل ـ بالتحريك ـ وهو الكلأ فى مواضع من الأرض. والقَبل أيضا : ما استقبلك من الشىء.

(س) وفى حديث ابن جريج «قلت لعطاء : محرم قبض على قُبُل امرأته ، فقال : إذا وغل إلى ما هنالك فعليه دم» القُبُل بضمتين : خلاف الدّبر ، وهو الفرج من الذكر والأنثى. وقيل : هو للأنثى خاصّة ، ووغل إذا دخل.

(س) وفيه «نسألك من خير هذا اليوم وخير ما قَبْله وخير ما بعده ، ونعوذ بك من شرّ هذا اليوم وشرّ ما قبله وشر ما بعده» مسألة (٣) خير زمان مضى : هو قَبُول الحسنة التى قدّمها فيه ، والاستعاذة منه : هى طلب العفو عن ذنب قارفه فيه ، والوقت وإن مضى فتبعته باقية.

__________________

(١) فى الأصل : «قبّلت ... تقبّله» بالتشديد. والتصحيح من : ا ، واللسان ، والهروى ، والمصباح.

(٢) من ا ، واللسان.

(٣) فى الأصل : «مثاله». وفى اللسان : «سؤاله خير» وأثبتّ قراءة ا.

٩

(س) وفى حديث ابن عباس «إيّاكم والقَبالاتِ فإنها صغار وفضلها ربا» هو أن يَتَقَبَّل بخراج أو جباية أكثر مما أعطى ، فذلك الفضل ربا ، فإن تَقَبَّل وزرع فلا بأس. والقَبَالة بالفتح : الكفالة ، وهى فى الأصل مصدر : قَبَل إذا كفل. وقَبُل بالضم إذا صار قَبيلا : أى كفيلا.

(ه) وفى حديث ابن عمر «ما بين المشرق والمغرب قِبْلَة» أراد به المسافر إذا التبست عليه قِبْلته ، فأما الحاضر فيجب عليه التّحرّى والاجتهاد. وهذا إنما يصح لمن كانت القِبلة فى جنوبه أو فى شماله.

ويجوز أن يكون أراد به قبلة أهل المدينة ونواحيها ؛ فإن الكعبة جنوبها. والقبلة فى الأصل : الجهة.

(س) وفيه «أنه أقطع بلال بن الحارث معادن القَبَلِيَّة ، جلسيّها وغوريّها» القَبَليَّة : منسوبة إلى قَبَل ـ بفتح القاف والباء ـ وهى ناحية من ساحل البحر ، بينها وبين المدينة خمسة أيام.

وقيل : هى من ناحية الفرع ، وهو موضع بين نخلة والمدينة. هذا هو المحفوظ فى الحديث.

وفى كتاب الأمكنة «معادن القلبة» بكسر القاف وبعدها لام مفتوحة ثم باء.

وفى حديث الحج «لو اسْتَقْبَلْتُ من أمرى ما استدبرت ما سقت الهدى» أى لو عنّ لى هذا الرّأى الذى رأيته آخرا وأمرتكم به فى أوّل أمرى ، لما سقت الهدى معى وقلّدته وأشعرته ، فإنه إذا فعل ذلك لا يحلّ حتى ينحر ، ولا ينحر إلا يوم النّحر ، فلا يصح له فسخ الحج بعمرة ، ومن لم يكن معه هدى فلا يلتزم هذا ، ويجوز له فسخ الحج.

وإنما أراد بهذا القول تطيب قلوب أصحابه ؛ لأنه كان يشق عليهم أن يحلّوا وهو محرم ، فقال لهم ذلك لئلا يجدوا فى أنفسهم ، وليعلموا أنّ الأفضل لهم قبول ما دعاهم إليه ، وأنه لو لا الهدى لفعله.

وفى حديث الحسن «سئل عن مُقْبَلة من العراق» المُقْبَل بضم الميم وفتح الباء : مصدر أقْبَلَ يُقْبِل إذا قدم.

(قبا) (ه) فى حديث عطاء «يكره أن يدخل المعتكف قَبْواً مَقْبُوّاً» القَبْوُ : الطّاق المعقود بعضه إلى بعض. وقَبَوْتُ البناء : أى رفعته. هكذا رواه الهروى.

١٠

وقال الخطّابى : قيل لعطاء : أيمرّ المعتكف تحت قَبْوٍ مَقْبُوٍ؟ قال : نعم.

(باب القاف مع التاء)

(قتب) (ه) فيه «لا صدقة فى الإبل القَتُوبَة» القَتُوبة بالفتح : الإبل التى توضع الأَقْتاب على ظهورها ، فعولة بمعنى مفعولة ، كالرّكوبة والحلوبة ، أراد ليس فى الإبل العوامل صدقة.

وفى حديث عائشة «لا تمنع المرأة نفسها من زوجها وإن كانت على ظهر قَتَب» القَتَب للجمل كالإكاف لغيره. ومعناه الحثّ لهنّ على مطاوعة أزواجهن ، وأنه لا يسعهنّ الامتناع فى هذه الحال ، فكيف فى غيرها.

وقيل : إن نساء العرب كنّ إذا أردن الولادة جلسن على قَتَب ، ويقلن إنه أسلس لخروج الولد ، فأرادت تلك الحالة.

قال أبو عبيد : كنّا نرى أن المعنى : وهى تسير على ظهر البعير ، فجاء التفسير بغير ذلك.

(ه) وفى حديث الرّبا «فتندلق أَقتابُ بطنه»الأَقتاب : الأمعاء ، واحدها : قِتْب بالكسر. وقيل : هى جمع قِتْب ، وقِتْبٌ جمع قِتْبَة ، وهى المعى. وقد تكرر فى الحديث.

(قتت) (ه) فيه «لا يدخل الجنة قَتَّات» هو النّمّام. يقال : قَتَ الحديث يَقُتُّه إذا زوّره وهيّأه وسوّاه.

وقيل : النّمّام : الذى يكون مع القوم يتحدّثون فينمّ عليهم. والقَتَّات : الذى يتسمّع على القوم وهم لا يعلمون ثم ينمّ. والقسّاس : الذى يسأل عن الأخبار ثم ينمّها.

(ه) وفيه «أنه ادّهن بدهن غير مُقَتَّت وهو محرم» أى غير مطيّب ، وهو الذى يطبخ فيه الرّياحين حتى تطيب ريحه.

وفى حديث ابن سلام «فإن أهدى إليك حمل تبن أو حمل قَتّ فإنه ربا» القَتُ : الفصفصة وهى الرّطبة ، من علف الدّوابّ.

(قتر) (ه) فيه «كان أبو طلحة يرمى ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يُقَتِّرُ بين يديه»

١١

أى يسوّى له النصال ويجمع له السهام ، من التَّقْتير وهو المقاربة بين الشّيئين وإدناء أحدهما من الآخر.

ويجوز أن يكون من القِتْر ، وهو نصل الأهداف (١).

ومنه الحديث «أنه أهدى له يكسوم سلاحا فيه سهم ، فقوّم فوقه وسمّاه قِتر الغلاء» القِتْر بالكسر : سهم الهدف. وقيل : سهم صغير. والغلاء : مصدر غالى بالسهم إذا رماه غلوة.

(ه) وفيه «تعوّذوا بالله من قِتْرَةَ وما ولد» هو بكسر القاف وسكون التاء : اسم إبليس.

وفيه «بسقم فى بدنه وإِقْتارٍ فى رزقه» الإِقْتار : التّضييق على الإنسان فى الرّزق. يقال : أَقْتَرَ الله رزقه : أى ضيّقه وقلّله. وقد أَقْتَرَ الرجل فهو مُقْتِر. وقُتِرَ فهو مَقْتُور عليه.

ومنه الحديث «موسّع عليه فى الدنيا ومَقْتور عليه فى الآخرة».

والحديث الآخر «فأَقْتَرَ أبواه حتى جلسا مع الأوفاض» أى افتقرا حتى جلسا مع الفقراء.

(ه) وفيه «وقد خَلَفَتْهم قَتَرَة رسول الله» القَتَرة : غبرة الجيش. وخلفتهم : أى جاءت بعدهم. وقد تكررت فى الحديث.

(س) وفى حديث أبى أمامة «من اطّلع من قُتْرَةٍ ففقئت عينه فهى هدر» القُتْرة بالضم : الكوّة. والنافذة ، وعين التّنّور ، وحلقة الدّرع ، وبيت الصائد ، والمراد الأوّل.

(س) وفى حديث جابر «لا تؤذ جارك بقُتَار قدرك» هو ريح القدر والشّواء ونحوهما.

(ه) وفيه «أن رجلا سأله عن امرأة أراد نكاحها ، قال : وبقدر (٢) أىّ النساء هى؟ قال : قد رأت القَتِير. قال : دعها» القَتِير : الشّيب. وقد تكرر فى الحديث.

(قتل) (ه) فيه «قاتَلَ الله اليهود» أى قَتَلَهم الله. وقيل : لعنهم ، وقيل : عاداهم.

وقد تكررت فى الحديث ، ولا تخرج عن أحد هذه المعانى. وقد ترد بمعنى التّعجّب من الشىء كقولهم : تربت يداه! وقد ترد ولا يراد بها وقوع الأمر.

__________________

(١) زاد الهروى : «وقال بعض أهل العلم : يقتّر ، أى يجمّع له الحصى والتراب يجعله قترا».

(٢) فى الهروى : «وتقدّر».

١٢

ومنه حديث عمر «قاتَل الله سَمُرة».

وسبيل «فاعل» هذا أن يكون من اثنين فى الغالب ، وقد يرد من الواحد ، كسافرت ، وطارقت النّعل.

(ه) وفى حديث المارّ بين يدى المصلّى «قاتِلْه فإنه شيطان» أى دافعه عن قبلتك ، وليس كل قِتال بمعنى القَتْل.

(س) ومنه حديث السّقيفة «قَتَلَ الله سعدا فإنه صاحب فتنة وشرّ» أى دفع الله شرّه ، كأنه إشارة إلى ما كان منه فى حديث الإفك ، والله أعلم.

وفى رواية «إنّ عمر قال يوم السّقيفة : اقْتلوا سعدا قَتَلَه الله» أى اجعلوه كمن قُتِل واحسبوه فى عداد من مات وهلك ، ولا تعتدّوا بمشهده ولا تعرّجوا على قوله.

ومنه حديث عمر أيضا «من دعا إلى إمارة نفسه أو غيره من المسلمين فاقْتُلوه» أى اجعلوه كمن قُتِلَ ومات ، بأن لا تقبلوا له قولا ولا تقيموا له دعوة.

وكذلك الحديث الآخر «إذا بويع لخليفتين فاقْتُلوا الآخر منهما» أى أبطلوا دعوته واجعلوه كمن مات.

وفيه «أشدّ الناس عذابا يوم القيامة من قَتَلَ نبيّا أو قَتَلَه نبىّ» أراد من قَتَلَه وهو كافر ، كقَتْله أبىّ بن خلف يوم بدر ، لا كمن قَتَلَه تطهيرا له فى الحدّ ، كماعز.

(س) وفيه «لا يُقْتَل قرشىّ بعد اليوم صبرا» إن كانت اللام مرفوعة على الخبر فهو محمول على ما أباح من قَتْل القرشيّين الأربعة يوم الفتح ، وهم ابن خطل ومن معه : أى أنهم لا يعودون كفّارا يغزون ويُقْتَلون على الكفر ، كما قُتِل هؤلاء ، وهو كقوله الآخر «لا تغزى مكّة بعد اليوم» أى لا تعود دار كفر تغزى عليه ، وإن كانت اللام مجزومة فيكون نهيا عن قَتْلِهم فى غير حدّ ولا قصاص.

وفيه «أعفّ الناس قِتْلَةً أهل الإيمان» القِتْلة بالكسر : الحالة من القَتْل ، وبفتحها المرّة منه. وقد تكرر فى الحديث. ويفهم المراد بهما من سياق اللفظ.

وفى حديث سمرة «من قَتَلَ عبده قَتَلْناه ، ومن جدع عبده جدعناه» ذكر فى رواية

١٣

الحسن أنه نسى هذا الحديث ، فكان يقول : «لا يُقْتَل حرّ بعبد» ويحتمل أن يكون الحسن لم ينس الحديث ، ولكنه كان يتأوّله على غير معنى الإيجاب ، ويراه نوعا من الزجر ليرتدعوا ولا يقدموا عليه ، كما قال فى شارب الخمر : «إن عاد فى الرابعة أو الخامسة فاقْتُلوه» ، ثم جىء به فيها فلم يَقْتُله.

وتأوّله بعضهم أنه جاء فى عبد كان يملكه مرّة ، ثم زال ملكه عنه فصار كفؤا له بالحرّيّة.

ولم يقل بهذا الحديث أحد إلا فى رواية شاذّة عن سفيان ، والمروىّ عنه خلافه.

وقد ذهب جماعة إلى القصاص بين الحرّ وعبد الغير. وأجمعوا على أن القصاص بينهم فى الأطراف ساقط ، فلما سقط الجدع بالإجماع سقط القصاص ، لأنهما ثبتا معا ، فلما نسخا نسخا معا ، فيكون حديث سمرة منسوخا. وكذلك حديث الخمر فى الرابعة والخامسة.

وقد يرد الأمر بالوعيد ردعا وزجرا وتحذيرا ، ولا يراد به وقوع الفعل.

وكذلك حديث جابر فى السارق «أنه قطع فى الأولى والثانية والثالثة ، إلى أن جىء به فى الخامسة فقال : اقْتُلوه ، قال جابر : فقَتَلْناه» وفى إسناده مقال. ولم يذهب أحد من العلماء إلى قَتْل السارق وإن تكرّرت منه السّرقة.

(س) وفيه «على المُقْتَتِلِين أن يتحجّزوا ، الأولى فالأولى ، وإن كانت امرأة» قال الخطّابى : معناه أن يكفّوا عن القَتْلِ ، مثل أن يُقْتَل رجل له ورثة ، فأيّهم عفا سقط القود. والأولى : هو الأقرب والأدنى من ورثة القَتيل.

ومعنى «المُقْتَتِلِين» : أن يطلب أولياء القَتِيل القود فيمتنع القَتَلَةُ فينشأ بينهم القِتال من أجله ، فهو جمع مُقْتَتِل ، اسم فاعل من اقْتَتَلَ.

ويحتمل أن تكون الرواية بنصب التاءين على المفعول. يقال : اقْتُتِلَ فهو مُقْتَتَل ، غير أنّ هذا إنما يكثر استعماله فيمن قَتَلَه الحبّ.

وهذا حديث مشكل ، اختلفت فيه أقوال العلماء ، فقيل : إنه فى المُقْتَتِلِين من أهل القبلة ، على التأويل ، فإن البصائر ربما أدركت بعضهم ، فاحتاج إلى الانصراف من مقامه المذموم إلى المحمود ،

١٤

فإذا لم يجد طريقا يمرّ فيه إليه بقى فى مكانه الأوّل ، فعسى أن يُقْتَل فيه ، فأمروا بما فى هذا الحديث.

وقيل : إنه يدخل فيه أيضا المُقْتَتِلون من المسلمين فى قِتَالهم أهل الحرب ، إذ قد يجوز أن يطرأ عليهم من معه العذر الذى أبيح لهم الانصراف عن قِتالِه إلى فئة المسلمين التى يتقوّون بها على عدوّهم ، أو يصيروا إلى قوم من المسلمين يقوون بهم على قتال عدوّهم فيُقَاتِلونَهم معهم.

وفى حديث زيد بن ثابت «أرسل إلىّ أبو بكر مَقْتَلَ أهل اليمامة» المَقْتَل : مفعل ، من القَتْل ، وهو ظرف زمان هاهنا ، أى عند قَتْلِهم فى الوقعة التى كانت باليمامة مع أهل الردّة فى زمن أبى بكر.

(س) وفى حديث خالد «أن مالك بن نويرة قال لامرأته يوم قَتَلَه خالد : أَقْتَلْتِني» أى عرّضتنى للقَتْل بوجوب الدفاع عنك والمحاماة عليك ، وكانت جميلة وتزوّجها خالد بعد قَتْلِه. ومثله : أبعت الثّوب إذا عرّضته للبيع.

(قتم) (س) فى حديث عمرو بن العاص «قال لابنه عبد الله يوم صفّين : انظر أين ترى عليّا ، قال : أراه فى تلك الكتيبة القَتْماء ، فقال : لله درّ ابن عمر وابن مالك! فقال له : أى أبت ، فما يمنعك إذ غبطتهم أن ترجع ، فقال. يا بنىّ أنا أبو عبد الله.

إذا حككت قرحة دمّيتها

القَتْماء : الغبراء ، من القَتام ، وتدمية القرحة مثل : أى إذا قصدت غاية تقصّيتها.

وابن عمر هو عبد الله ، وابن مالك هو سعد بن أبى وقّاص ، وكانا ممن تخلّف عن الفريقين.

(قتن) (س) فيه «قال رجل : يا رسول الله تزوّجت فلانة ، فقال : بخ ، تزوّجت بكرا قَتِينا» يقال : امرأة قَتِين ، بلاهاء ، وقد قَتُنَت قَتَانةً وقَتْنا ، إذا كانت قليلة الطّعم.

ويحتمل أن يريد بذلك قلّة الجماع.

ومنه قوله «عليكم بالأبكار فإنّهنّ أرضى باليسير».

(ه) ومنه الحديث فى وصف امرأة «إنها وضيئة قَتِين».

(قتا) (ه) فيه «أن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة سئل عن امرأة كان زوجها مملوكا

١٥

فاشترت ، فقال : إن اقْتَوَتْه فرّق بينهما ، وإن أعتقته فهما على النكاح» اقْتَوَتْه : أى استخدمته. والقَتْوُ : الخدمة.

(باب القاف مع الثاء)

(قثث) (ه) فيه «حثّ النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوما على الصّدقة ، فجاء أبو بكر بماله كلّه يَقُثُّه» أى يسوقه ، من قولهم : قَثَ السّيل الغثاء ، وقيل يجمعه.

(قثد) فيه «أنه كان يأكل القثّاء والقَثَدَ بالمجاج». القَثَد بفتحتين : نبت يشبه القثّاء. والمُجاج : العسل.

(قثم) (س) فيه «أتانى ملك ، فقال : أنت قُثَمُ وخلقك قيّم» القُثَم : المجتمع الخلق وقيل الجامع الكامل : وقيل الجموع للخير ، وبه سمّى الرجل قُثَم.

وقيل : قُثَم معدول عن قاثِم ، وهو الكثير العطاء.

ومنه حديث المبعث «أنت قُثَمُ ، أنت المقفّى ، أنت الحاشر» هذه أسماء للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(باب القاف مع الحاء)

(قحح) (س) فيه «أعرابىّ قُحٌ» أى محض خالص. وقيل : جاف. والقُحُ : الجافى من كل شىء.

(قحد) (ه) فى حديث أبى سفيان «فقمت إلى بكرة قَحْدَة أريد أن أعرقبها» القَحْدة : العظيمة السّنام. والقَحَدَةُ بالتحريك : أصل السّنام. يقال : بكرة قَحِدة ، بكسر الحاء ثم تسكّن تخفيفا ، كفخذ وفخذ.

(قحر) (ه) فى حديث أم زرع «زوجى لحم جمل قَحِرٍ» القَحْر : البعير الهرم القليل اللحم ، أرادت أنّ زوجها هزيل قليل المال (١)

(قحز) (ه) فى حديث أبى وائل «دعاه الحجّاج فقال له : أحسبنا قد روّعناك ، فقال :

__________________

(١) فى ا : «الماء».

١٦

أما إنى بتّ أُقَحّز البارحة» أى أنزّى وأقلق من الخوف. يقال : قَحَزَ الرجل يَقْحَز : إذا قلق واضطرب.

(ه) ومنه حديث الحسن وقد بلغه عن الحجّاج شىء فقال «ما زلت الليلة أُقَحَّزُ كأنّى على الجمر».

(قحط) فى حديث الاستسقاء «يا رسول الله ، قُحِطَ المطر واحمرّ الشّجر» يقال : قُحِطَ المطر وقَحَطَ إذا احتبس وانقطع. وأَقْحَط الناس إذا لم يمطروا. والقَحْط : الجدب ؛ لأنه من أثره. وقد تكرر ذكره فى الحديث.

ومنه الحديث «إذا أتى الرجل القوم فقالوا : قَحْطاً ، فقَحْطاً له يوم يلقى ربّه» أى إذا كان ممن يقال له عند قدومه على الناس هذا القول ، فإنه يقال له مثل ذلك يوم القيامة وقَحْطاً : منصوب على المصدر : أى قُحِطْت قَحْطاً ، وهو دعاء بالجدب ، فاستعاره لانقطاع الخير عنه وجدبه من الأعمال الصالحة.

(ه) وفيه «من جامع فأَقْحَط فلا غسل عليه» أى فتر ولم ينزل ، وهو من أَقْحَطَ الناس : إذا لم يمطروا. وهذا كان فى أول الإسلام ثم نسخ ، وأوجب الغسل بالإيلاج.

(قحف) فى حديث يأجوج ومأجوج «تأكل العصابة يومئذ من الرّمّانة ، ويستظلّون بقِحْفِها» أراد قشرها ، تشبيها بقِحْف الرأس ، وهو الذى فوق الدّماغ. وقيل : هو ما انفلق من جمجمته وانفصل.

ومنه حديث أبى هريرة فى يوم اليرموك «فما رئى موطن أكثر قِحْفا ساقطا» أى رأسا ، فكنى عنه ببعضه ، أو أراد القِحْفَ نفسه.

(س) ومنه حديث سلافة بنت سعد «كانت نذرت لتشربنّ فى قِحْف رأس عاصم بن ثابت الخمر» وكان قد قتل ابنيها مسافعا (١) وخلابا.

وفى حديث أبى هريرة ، وسئل عن قبلة الصائم فقال «أقبّلها وأقْحفُها» أى أترشّف ريقها ، وهو من الإقحاف : الشّرب الشديد. يقال : قَحَفْتُ قَحْفاً إذا شربت جميع ما فى الإناء.

__________________

(١) فى اللسان : «نافعا».

١٧

(قحل) فى حديث الاستسقاء «قَحِل الناس على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» أى يبسوا من شدّة القحط. وقد قَحِلَ يَقْحَلُ قَحْلاً إذا التزق جلده بعظمه من الهزال والبلى. وأَقْحَلْتُهُ أنا. وشيخ قَحْل ، بالسكون. وقد قَحَل بالفتح يَقْحَل قُحُولا فهو قاحِل.

(ه) ومنه حديث استسقاء عبد المطّلب «تتابعت على قريش سنو جدب قد أَقْحَلَتِ الظلف» أى أهزلت الماشية وألصقت جلودها بعظامها ، وأراد ذات الظّلف.

ومنه حديث أم ليلى «أمرنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن لا نُقْحِل أيدينا من خضاب».

والحديث الآخر «لأن يعصبه أحدكم بقدّ حتى يَقْحَل خير من أن يسأل الناس فى نكاح» يعنى الذّكر : أى حتى ييبس.

(ه) وفى حديث وقعة الجمل :

كيف نردّ شيخكم وقد قَحَل

أى مات وجفّ جلده.

أخرجه الهروى فى يوم صفّين. والخبر إنما هو فى يوم الجمل ، والشعر :

نحن بنى ضبّة أصحاب الجمل

الموت أحلى عندنا من العسل

ردّوا علينا شيخنا ثم بجل

فأجيب :

كيف نردّ شيخكم وقد قَحَل (قحم) فيه «أنا آخذ بحجزكم عن النار ، وأنتم تَقْتَحِمون فيها» أى تقعون فيها. يقال : اقْتَحَم الإنسان الأمر العظيم ، وتَقَحَّمَهُ : إذا رمى نفسه فيه من غير رويّة وتثبّت.

(ه) ومنه حديث عليّ «من سرّه أن يَتَقَحَّم جراثيم جهنم فليقض فى الجدّ» أى يرمى بنفسه فى معاظم عذابها.

(ه) ومنه حديث عمر «أنه دخل عليه وعنده غليّم أسود يغمز ظهره ، فقال : ما هذا؟ قال : إنه تَقَحَّمَت بى الناقة الليلة» أى ألقتنى فى ورطة ، يقال : تَقَحَّمَتْ به دابّته إذا ندّت به فلم

١٨

يضبط رأسها. فربما طوّحت به فى أهويّة. والقُحْمة : الورطة والمهلكة.

(ه) وفى حديث ابن مسعود «من لقى الله لا يشرك به شيئا غفر له المُقْحِمَات» أى الذّنوب العظام التى تُقْحِم أصحابها فى النار : أى تلقيهم فيها.

(ه) ومنه حديث عليّ «إن للخصومة قُحَماً» هى الأمور العظيمة الشاقّة ، واحدتها : قُحْمة.

(س) ومنه حديث عائشة «أقبلت زينب تَقَحَّمُ لها» أى تتعرّض لشتمها وتدخل عليها فيه ، كأنها أقبلت تشتمها من غير رويّة ولا تثبّت.

وفى حديث ابن عمر «ابغنى خادما لا يكون قَحْماً فانيا ولا صغيرا ضرعا» القَحْم : الشيخ الهمّ الكبير.

(ه) وفيه «أَقْحَمت السّنة نابغة بنى جعدة» أى أخرجته من البادية وأدخلته الحضر. والقُحْمة : السّنة تُقْحِم الأعراب ببلاد الريف وتدخلهم فيها.

وفى حديث أم معبد «لا تَقْتَحِمُهُ عين من قصر» أى لا تتجاوزه إلى غيره احتقارا له. وكلّ شىء ازدريته فقد اقْتَحَمْتَه.

(باب القاف مع الدال)

(قد) فى صفة جهنم «فيقال : (هَلِ امْتَلَأْتِ)؟ فتقول : (هَلْ مِنْ مَزِيدٍ) ، حتى إذا أوعبوا فيها قالت : قَدْ قَدْ» أى حسبى حسبى. ويروى بالطاء بدل الدال ، وهو بمعناه.

ومنه حديث التّلبية «فيقول : قَدْ قَدْ» بمعنى حسب ، وتكرارها لتأكيد الأمر. ويقول المتكلم : قَدْنِي : أى حسبى ، وللمخاطب : قَدْك : أى حسبك.

ومنه حديث عمر «أنه قال لأبى بكر : قَدْك يا أبا بكر».

(قدح) (ه) فيه «لا تجعلونى كَقَدَح الراكب» أى لا تؤخّرونى فى الذّكر ، لأن الراكب يعلّق قَدَحه فى آخر رحله عند فراغه من ترحاله ويجعله خلفه.

١٩

قال حسّان :

كما نيط خلف الراكب القَدَحُ الفرد (١)

(س) ومنه حديث أبى رافع «كنت أعمل الأَقْداح» هى جمع قَدَح ، وهو الذى يؤكل فيه. وقيل : هى جمع قِدْح ، وهو السّهم الذى كانوا يستقسمون به ، أو الذى يرمى به عن القوس. يقال للسّهم أوّل ما يقطع : قطع ، ثم ينحت ويبرى فيسمّى بريّا ، ثم يقوّم فيسمّى قِدْحا ، ثم يراش ويركّب نصله فيسمّى سهما.

ومنه الحديث «كان يسوّى الصّفوف حتى يدعها مثل القِدْح أو الرّقيم» أى مثل السّهم أو سطر الكتابة.

(ه) ومنه حديث عمر «كان يقوّمهم فى الصّفّ كما يقوّم القَدَّاحُ القِدْحَ» القَدَّاح : صانع القِدْح.

ومنه حديث أبى هريرة «فشربت حتى استوى بطنى فصار كالقِدْح» أى انتصب بما حصل فيه من اللّبن وصار كالسّهم ، بعد أن كان لصق بظهره من الخلوّ.

ومنه حديث عمر «أنه كان يطعم الناس عام الرّمادة فاتخذ قِدْحا فيه فرض» أى أخذ سهما وحزّ فيه حزّا علّمه به ، فكان يغمز القِدْح فى الثّريد ، فإن لم يبلغ موضع الحزّ لام صاحب الطعام وعنّفه.

(ه) وفيه «لو شاء الله لجعل للناس قِدْحَةَ ظلمة كما جعل لهم قِدْحَة نور» القِدْحَة بالكسر : اسم مشتقّ من اقْتِدَاح النار بالزّند. والمِقْدَح والمِقْدَحَة : الحديدة. والقَدَّاح والقَدَّاحَة : الحجر.

(ه) ومنه حديث عمرو بن العاص «استشار وردان غلامه ، وكان حصيفا ، فى أمر علىّ ومعاوية إلى أيّهما يذهب؟ فأجابه بما فى نفسه وقال له : الآخرة مع علىّ ، والدنيا مع معاوية ، وما أراك تختار على الدنيا. فقال عمرو :

يا قاتل الله وردانا وقِدْحَتَه

أبدى لعمرك ما فى القلب وردان

__________________

(١) صدره :

وأنت زنيم نيط في آل هاشم

ديوانه ص ١٦٠ بشرح البرقوقى.

٢٠