النّهاية - ج ٣

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٣

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: طاهر احمد الزاوي ومحمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤٨٨

ومن رواه فتح الراء فمعناه : حتى يخرج من قشره.

وفيه «لا يَفْرَك مؤمن مؤمنة» أي لا يبغضها. يقال : فَرِكَتِ المرأة زوجها تَفْرَكُه فِرْكاً بالكسر ، وفَرْكاً وفُرُوكاً ، فهي فَرُوك ، كأنه حثّ على حسن العشرة والصّحبة.

[ه] ومنه حديث ابن مسعود «أتاه رجل فقال : إني تزوّجت امرأة شابّة وإنّي أخاف أن تَفْرَكَنِي ، فقال : إن الحبّ من الله والفَرْك من الشيطان».

(فرم) (س) في حديث أنس «أيّام التّشريق أيّام لهو وفِرَام» هو كناية عن المجامعة ، وأصله من الفَرْم ، وهو تضييق المرأة فرجها بالأشياء العفصة ، وقد اسْتَفْرَمَتْ إذا احتشت بذلك.

(ه) ومنه حديث عبد الملك «كتب إلى الحجّاج لمّا شكا منه أنس بن مالك : يا ابن المُسْتَفْرِمَة بعجم (١) الزّبيب» أي المضيّقة فرجها بحبّ الزّبيب ، وهو مما يُسْتَفْرَمُ به.

(ه) ومنه الحديث «أنّ الحسين بن علي قال لرجل : عليك بفِرَام أمّك» سئل عنه ثعلب فقال : كانت أمّه ثقفيّة ، وفي أحراح نساء ثقيف سعة ، ولذلك يعالجن بالزبيب وغيره.

(س) ومنه حديث الحسن «حتى تكونوا أذلّ من فَرَمِ الأمة» هو بالتحريك : ما تعالج به المرأة فرجها ليضيق.

وقيل : هو خرقة الحيض.

(فره) (س) في حديث جريج «دابّة فَارِهَة». أي نشيطة حادّة قويّة. وقد فَرُهَتْ فَرَاهَة وفَرَاهِيَة.

(فرا) (ه) فيه «أنّ الخضر جلس على فَرْوَة بيضاء فاهتزّت تحته خضراء» الفَرْوَة : الأرض اليابسة.

وقيل : الهشيم اليابس من النّبات.

__________________

(١) فى الهروى : «بحبّ الزبيب». وهى رواية الزمخشرى أيضا. الفائق ١ / ١٩٣.

٤٤١

[ه] وفي حديث عليّ «اللهم إنّي قد مللتهم وملّوني ، وسئمتهم وسئموني ، فسلّط عليهم فتى ثقيف الذّيّال المنّان ، يلبس فَرْوَتَها ، ويأكل خضرتها» أي يتمتّع بنعمتها لبسا وأكلا. يقال : فلان ذو فَرْوَة وثروة بمعنى.

وقال الزمخشري : «معناه «يلبس الدّفئ الليّن من ثيابها ، ويأكل الطّريّ الناعم من طعامها ، فضرب الفَرْوَة والخضرة لذلك مثلا ، والضّمير للدّنيا. وأراد بالفتى الثّقفيّ الحجّاج بن يوسف ، قيل : إنه ولد في السّنة التي دعا فيها عليّ بهذه الدّعوة».

(ه) وفي حديث عمر «وسئل عن حدّ الأمة فقال : إن الأمة ألقت فَرْوَة رأسها من وراء الدّار» وروي «من وراء الجدار» أراد قناعها ، وقيل : خمارها : أي ليس عليها قناع ولا حجاب ، وأنها تخرج متبذّلة إلى كل موضع ترسل إليه لا تقدر على الامتناع.

والأصل في فَرْوَة الرأس : جلدته بما عليها من الشّعر.

ومنه الحديث «إنّ الكافر إذا قرّب المهل من فيه سقطت فَرْوَة وجهه» أي جلدته ، استعارها من الرّأس للوجه.

(ه) وفي حديث الرؤيا «فلم أر عبقريّا يَفْرِي فَرِيَّه» أي يعمل عمله ويقطع قطعه.

ويروى «يَفْرِي فَرْيَه» بسكون الراء والتخفيف ، وحكي عن الخليل أنه أنكر التّثقيل وغلّط قائله.

وأصل الفَرْي : القطع. يقال : فَرَيْتُ الشيء أَفْرِيه فَرْياً إذا شققته وقطعته للإصلاح ، فهو مَفْرِيٌ وفَرِيٌ ، وأَفْرَيْتُه : إذا شققته على وجه الإفساد. تقول العرب : تركته يَفْرِي الفَرِىَ : إذا عمل العمل فأجاده.

ومنه حديث حسان «لأَفْرِيَنَّهُم فَرْيَ الأديم» أي أقطعهم بالهجاء كما يقطع الأديم. وقد يكنى به عن المبالغة في القتل.

ومنه حديث غزوة مؤتة «فجعل الرّوميّ يَفْرِي بالمسلمين» أي يبالغ في النّكاية والقتل.

وحديث وحشيّ «فرأيت حمزة يَفْرِي الناس فَرْياً» يعنى يوم أحد.

٤٤٢

(ه) ومنه حديث ابن عباس «كل ما أَفْرَى الأوداج غير مثرّد» أي ما شقّها وقطعها حتى يخرج ما فيها من الدّم.

وفيه «من أَفْرَى الفِرَى أن يرى الرجل عينيه ما لم تريا» ، الفِرَى : جمع فِرْيَة وهي الكذبة ، وأَفْرَى : أفعل منه للتّفضيل : أي من أكذب الكذبات أن يقول : رأيت في النوم كذا وكذا ولم يكن رأى شيئا ، لأنه كذب على الله ، فإنه هو الذي يرسل ملك الرّؤيا ليريه المنام.

ومنه حديث عائشة «فقد أعظم الفِرْيَة على الله» أي الكذب.

ومنه حديث بيعة النّساء «وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ» يقال : فَرَى يَفْرِي فَرْياً ، وافْتَرَى يَفْتَرِي افْتِرَاء ، إذا كذب ، وهو افتعال منه. وقد تكرر في الحديث.

(فرب) فيه ذكر «فِرْيَاب» هي بكسر الفاء وسكون الراء : مدينة ببلاد التّرك. وقيل : أصلها : فيرياب ، بزيادة ياء بعد الفاء ، وينسب إليها بالحذف والأثبات.

(باب الفاء مع الزاى)

(فزر) (ه) فيه «أنّ رجلا من الأنصار أخذ لحى جزور فضرب به أنف سعد ففَزَرَه» أي شقّه.

(ه) ومنه حديث طارق بن شهاب «خرجنا حجّاجا فأوطأ رجل منّا راحلته ظبيا ففَزَرَ ظهره» أي شقّه وفسخه.

(فزز) في حديث صفيّة «لا يغضبه شيء ولا يَسْتَفِزُّه» أي لا يستخفّه. ورجل فَزٌّ : أي خفيف. وأَفْزَزْتُه إذا أزعجته وأفزعته. وقد تكرر في الحديث.

(فزع) (ه) فيه «أنه قال للأنصار : إنّكم لتكثرون عند الفزع ، وتقلّون عند الطّمع» الفَزَع : الخوف في الأصل ، فوضع موضع الإغاثة والنّصر ، لأنّ من شأنه الإغاثة والدّفع عن الحريم مراقب حذر.

(ه) ومنه الحديث «لقد فَزِعَ أهل المدينة ليلا فركب فرسا لأبي طلحة»

٤٤٣

أي استغاثوا. يقال : فَزِعْتُ إليه فأَفْزَعَنِي. أي استغثت إليه فأغاثني ، وأَفْزَعْتُه إذا أغثته ، وإذا خوّفته.

ومنه حديث الكسوف «فافْزَعُوا إلى الصلاة» أي الجأوا إليها ، واستغيثوا بها على دفع الأمر الحادث.

ومنه صفة عليّ «فإذا فُزِعَ فُزِعَ إلى ضرس حديد» أي إذا استغيث به التجئ إلى ضرس ، والتّقدير : فإذا فُزِعَ إليه فُزِعَ إلى ضرس ، فحذف الجارّ واستتر الضمير.

ومنه حديث المخزومية «ففَزِعُوا إلى أسامة» أي استغاثوا به.

وفيه «أنه فَزِعَ من نومه محمرّا وجهه».

[ه] وفي رواية «أنه نام ففَزِعَ وهو يضحك» أي هبّ وانتبه. يقال : فَزِعَ من نومه ، وأَفْزَعْتُه أنا ، وكأنه من الفَزَع : الخوف ، لأنّ الذي ينبّه لا يخلو من فَزَعٍ مّا.

(س) ومنه الحديث «ألا أَفْزَعْتُمُونِي» أي أنبهتموني.

(س) ومنه حديث مقتل عمر «فَزِّعُوه بالصلاة» أي نبّهوه.

وفي حديث فضل عثمان «قالت عائشة للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ما لي لم أرك فَزِعْتَ لأبي بكر وعمر كما فَزِعْتَ لعثمان؟ فقال : إنّ عثمان رجل حييّ» يقال : فَزِعْتُ لمجيء فلان إذا تأهّبت له متحوّلا من حال إلى حال ، كما ينتقل النائم من حال النّوم إلى حال اليقظة.

ورواه بعضهم بالراء والغين المعجمة ، من الفراغ والاهتمام ، والأوّل أكثر.

(ه) وفي حديث عمرو بن معديكرب «قال له الأشعث : لأضرّطنّك ، فقال : كلّا إنّها لعزوم مُفَزَّعَة» أي صحيحة تنزل بها الأَفْزَاع. والمُفَزَّع : الذي كشف عنه الفَزَع وأزيل (١).

ومنه حديث ابن مسعود «وذكر الوحي قال : فإذا جاء فُزِّعَ عن قلوبهم» أي كشف عنها الفَزَع.

__________________

(١) قال الهروى : «ومن جعله جبانا أراد يفزع من كل شىء. قال الفراء : وهذا مثل قولهم :

رجل مغلّب ، أى غالب ، ومغلّب ، أى مغلوب».

٤٤٤

(باب الفاء مع السين)

(فسح) (ه) في صفته عليه الصلاة والسلام «فَسِيح ما بين المنكبين» أي بعيد ما بينهما ، لسعة صدره. ومنزل فَسِيح : أي واسع.

ومنه حديث عليّ «اللهم افْسَح له مُفْتَسَحاً في (١) عدلك» أي أوسع له سعة في دار عدلك يوهم القيامة.

ويروى «في عدنك» بالنون ، يعنى جنّة عدن. (ه) ومنه حديث أمّ زرع «وبيتها فُسَاح (٢)» أي واسع. يقال : بيت فَسِيح وفُسَاح ، كطويل وطوال.

(فسخ) فيه «كان فَسْخُ الحجّ رخصة لأصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم» هو أن يكون قد نوى الحج أوّلا ثم ينقضه ويبطله ويجعله عمرة ويحلّ ، ثم يعود يحرم بحجّة ، وهو التّمتّع ، أو قريب منه.

(فسد) (س) فيه «كره عشر خلال ، منها إِفْسَاد الصّبيّ ، غير محرّمه» هو أن يطأ المرأة المرضع ، فإذا حملت فَسَدَ لبنها ، وكان من ذلك فَسَاد الصّبي ، ويسمّى الغيلة.

وقوله «غير محرّمه» : أي أنه كرهه ولم يبلغ [به](٣) حدّ التحريم.

(فسط) (ه) فيه «عليكم بالجماعة ، فإنّ يد الله على الفُسْطَاط» هو بالضم والكسر : المدينة التي فيها مجتمع الناس. وكل مدينة فُسْطَاط.

وقال الزمخشري : «هو ضرب من الأبنية في السّفر دون السّرادق» وبه سمّيت المدينة. ويقال لمصر والبصرة : الفُسْطَاط. ومعنى الحديث أنّ جماعة أهل الإسلام في كنف الله ووقايته ، فأقيموا بينهم ولا تفارقوهم (٤).

__________________

(١) فى اللسان : «منفسحا».

(٢) يروى «فياح» وسيأتى.

(٣) من ا ، واللسان.

(٤) عبارة الزمخشرى : «... فى كنف الله ، وواقيته فوقهم ، فأقيموا بين ظهرانيهم ، ولا تفارقوهم» الفائق ٢ / ٢٧٥.

٤٤٥

ومن الثاني الحديث «أنه أتى على رجل قد قطعت يده في سرقة وهو في فُسْطَاط ، فقال : من آوى هذا المصاب؟ فقالوا : خريم بن فاتك ، فقال : اللهم بارك على آل فاتك ، كما آوى هذا المصاب».

ومن الأوّل حديث الشّعبيّ «في العبد الآبق إذا أُخِذَ في الفُسْطَاط ففيه عشرة دراهم ، وإذا أخذ خارج الفُسْطَاط ففيه أربعون».

(فسق) فيه «خمسٌ فَوَاسِقُ يقتلن في الحلّ والحرم» أصل الفُسُوق : الخروج عن الاستقامة ، والجور ، وبه سمّي العاصي فَاسِقاً ، وإنّما سمّيت هذه الحيوانات فَوَاسِق ، على الاستعارة لخبثهنّ. وقيل لخروجهنّ من الحرمة في الحلّ والحرم : أي لا حرمة لهنّ بحال.

ومنه الحديث «أنه سمّي الفأرة فُوَيْسِقَة» تصغير فَاسِقَة ، لخروجها من جحرها على الناس وإفسادها.

(س) ومنه حديث عائشة ، وسئلت عن أكل الغراب فقالت : «ومن يأكله بعد قوله : فَاسِق؟» وقال الخطّابي : أراد بتَفْسِيقِها تحريم أكلها.

(فسكل) (ه) فيه «أنّ أسماء بنت عميس قالت لعليّ : إنّ ثلاثة أنت آخرهم لأخيار ، فقال عليّ لأولادها : قد فَسْكَلَتْنِي أمّكم» أي أخّرتني وجعلتني كالفِسْكِل ، وهو الفرس الذي يجيء في آخر خيل السّباق. وكانت تزوّجت قبله بجعفر أخيه ، ثم بأبي بكر الصدّيق بعد جعفر.

(فسل) (ه) فيه «لعن الله المُفَسِّلَة والمسوّفة» المُفَسِّلَة : التي إذا طلبها زوجها للوطء قالت : إنّي حائض وليست بحائض ، فتُفَسِّلُ الرجل عنها وتفتّر نشاطه ، من الفُسُولَة : وهي الفتور في الأمر.

(ه) وفي حديث حذيفة «اشترى ناقة من رجلين وشرط لهما من النّقد رضاهما ، فأخرج لهما كيسا فأَفْسَلَا عليه ، ثم أخرج كيسا آخر فأَفْسَلَا عليه» أي أرذلا عليه وزيّفا منها. وأصله من الفَسْل : وهو الرّديء الرّذل من كل شيء. يقال : فَسَلَه وأَفْسَلَه.

ومنه حديث الاستسقاء :

٤٤٦

* سوى الحنظل العاميّ والعلهز الفَسْل *

وروي بالشين المعجمة. وسيذكر.

(فسا) (س) في حديث شريح «سئل عن الرجل يطلّق المرأة ثم يرتجعها فيكتمها رجعتها حتى تنقضي عدّتها ، فقال : ليس له إلّا فَسْوَة الضّبع» أي لا طائل له في ادّعاء الرّجعة بعد انقضاء العدّة. وإنما خصّ الضّبع لحمقها وخبثها.

وقيل : هي شجرة تحمل الخشخاش ، ليس في ثمرها كبير طائل.

وقال صاحب «المنهاج» في الطب : هي القعبل ، وهو نبات كريه الرائحة ، له رأس يطيخ ويؤكل باللّبن ، وإذا يبس خرج منه مثل الورس.

(باب الفاء مع الشين)

(فشج) (ه) فيه «أنّ أعرابيا دخل المسجد ففَشَجَ فبال» الفَشْج : تفريج ما بين الرّجلين ، وهو دون التّفاجّ.

قال الأزهري : رواه أبو عبيد بتشديد الشين. والتَّفْشِيج : أشدّ من الفَشْج.

(ه) ومنه حديث جابر «ففَشَجَت ثم بالت» يعنى الناقة. هكذا رواه الخطّابي : ورواه الحميديّ «فشجّت وبالت» بتشديد الجيم ، والفاء زائدة للعطف. وقد تقدّم في حرف الشين.

(فشش) (ه) فيه «قال أبو هريرة : إنّ الشيطان يَفُشُ بين أليتي أحدكم حتى يخيّل إليه أنه أحدث» أي ينفخ نفخا ضعيفا. يقال : فَشَ السّقاء : إذا أخرج منه الريح.

(س) ومنه حديث ابن عباس «لا ينصرف حتى يسمع (١) فَشِيشَها» أي صوت ريحها. والفَشِيش : الصّوت.

ومنه «فَشِيش الأفعى» وهو صوت جلدها إذا مشت في اليبيس.

(ه) ومنه حديث أبي الموالي «فأتت جارية فأقبلت وأدبرت ، وإني لأسمع

__________________

(١) فى ا : «لا تنصرف حتى تسمع».

٤٤٧

بين فخذيها من لففها مثل فَشِيش الحَرَابِش (١)» الحَرَابِش : جنس من الحيّات ، واحدها : حربش.

ومنه حديث عمر «جاءه رجل فقال : أتيتك من عند رجل يكتب المصاحف من غير مصحف ، فغضب ، حتى ذكرت الزّقّ وانتفاخه ، قال : من؟ قال : ابن أمّ عبد ، فذكرت الزّق وانْفِشَاشَه» يريد أنه غضب حتى انتفخ غيظا ، ثم لمّا زال غضبه انْفَشَ انتفاخه. والانْفِشَاش : انفعال من الفَشِ.

ومنه حديث ابن عمر مع ابن صيّاد «فقلت له : اخسأ فلن تعدو قدرك ، فكأنه كان سقاء فُشَ» السّقاء : ظرف الماء ، وفُشَ : أي فتح فانْفَشَّ ما فيه وخرج.

وفي حديث ابن عباس «أعطهم صدقتك وإن أتاك أهدل الشّفتين مُنْفَشُ المنخرين» أي منفتحهما مع قصور المارن وانبطاحه ، وهو من صفات الزّنج والحبش في أنوفهم وشفاههم ، وهو تأويل قوله عليه الصلاة والسلام : «أطيعوا ولو أمّر عليكم عبد حبشيّ مجدّع».

والضّمير في «أعطهم» لأولي الأمر.

(ه) ومنه حديث موسى وشعيب عليهما‌السلام «ليس فيها عزوز ولا فَشُوش» هي التي يَنْفَشّ لبنها من غير حلب : أي يجري ، وذلك لسعة الإحليل ، ومثله الفتوح والثّرور.

(س) وفي حديث شقيق «أنه خرج إلى المسجد وعليه فِشَاشٌ له» هو كساء غليظ.

(فشغ) (ه) في حديث النّجاشي «أنه قال لقريش : هل تَفَشَّغَ فيكم الولد؟» أي هل يكون للرجل منكم عشرة من الولد ذكور (٢)؟ قالوا : «نعم وأكثر».

وأصله من الظّهور والعلوّ والانتشار.

(ه) ومنه حديث الأشتر «أنه قال لعليّ : إن هذا الأمر قد تَفَشَّغَ» أي فشا وانتشر.

(س) وحديث ابن عباس «ما هذه الفتيا التي تَفَشَّغَتْ في الناس» ويروى «تشغّفت ، وتشعّفت ، وتشعّبت» وقد تقدّمت.

__________________

(١) سبق فى صفحة ٣٦٨ من الجزء الأول ، فى الحاشية «الحرايش» بالياء التحتية ، خطأ.

(٢) فى الأصل : «ذكورا» والمثبت من ا ، واللسان.

٤٤٨

(ه) وفي حديث عمر «أنّ وفد البصرة أتوه وقد تَفَشَّغُوا» أي لبسوا أخشن (١) ثيابهم ولم يتهيّأوا للقائه.

قال الزمخشري : «وأنا لا آمن أن يكون مصحّفا من «تقشّفوا». والتّقشّف : أن لا يتعهّد (٢) الرجل نفسه».

(س) وفي حديث أبي هريرة «أنه كان آدم ذا ضفيرتين أَفْشَغَ الثّنيّتين» أي ناتئ الثّنيّتين خارجتين عن نضد الأسنان.

(فشفش) (س) في حديث الشّعبيّ «سمّيتك الفَشْفَاش» يعنى سيفه ، وهو الذي لم يحكم عمله. ويقال : فَشْفَشَ في القول إذا أفرط في الكذب.

(فشل) في حديث عليّ يصف أبا بكر «كنت للدّين يعسوبا ، أوّلا حين نفر الناس عنه ، وآخرا حين فَشِلُواالفَشَل : الجزع والجبن والضّعف.

ومنه حديث جابر «فينا نزلت : (إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا)».

وفي حديث الاستسقاء :

سوى الحنظل العاميّ والعلهز الفَشْل

أي الضعيف ، يعنى الفَشْل مدّخره وآكله ، فصرف الوصف إلى العلهز ، وهو في الحقيقة لآكله. ويروى بالسين المهملة. وقد تكرر في الحديث.

(فشا) (ه) فيه «ضمّوا فَوَاشِيَكم» الفَوَاشِي : جمع فَاشِيَة ، وهي الماشية التي تنتشر من المال ، كالإبل. والبقر والغنم السائمة ، لأنها تَفْشُو ، أي تنتشر في الأرض. وقد أَفْشَى الرجل : إذا كثرت مواشيه.

(ه) ومنه حديث هوازن «لمّا انهزموا قالوا : الرّأي أن ندخل في الحصن ما قدرنا عليه من فَاشِيَتِنا» أي مواشينا.

ومنه حديث الخاتم «فلما رآه أصحابه قد تختّم به فَشَتْ خواتيم الذّهب» أي كثرت وانتشرت.

__________________

(١) فى الفائق ٢ / ٢٧٨ : «أخسّ لباسهم».

(٢) فى الفائق : «أن لا يتعاهد».

٤٤٩

ومنه الحديث «أَفْشَى الله ضيعته» أي كثّر عليه معاشه ليشغله عن الآخرة.

ورواه الهروي في حرف الضاد ، «أفسد الله ضيعته» ، والمعروف المرويّ «أَفْشَى».

ومنه حديث ابن مسعود «وآية ذلك أن تَفْشُوَ الفاقة» (١).

(باب الفاء مع الصاد)

(فصح) (س) فيه «غفر له بعدد كلّ فَصِيح وأعجم» أراد بالفَصِيح بني آدم ، وبالأعجم البهائم. هكذا فسّر في الحديث. والفَصِيح في اللغة : المنطلق اللّسان في القول ، الذي يعرف جيّد الكلام من رديئه : يقال : رجل فَصِيح ، ولسان فَصِيح ، وكلام فَصِيح ، وقد فَصُحَ فَصَاحَة ، وأَفْصَحَ عن الشيء إِفْصَاحا إذا بيّنه وكشفه.

(فصد) (ه) فيه «كان إذا نزل عليه الوحي تَفَصَّدَ عرقا» أي سال عرقه ، تشبيها في كثرته بالفَصَاد ، و«عرقا» منصوب على التمييز.

(ه) وفي حديث أبي رجاء «لما بلغنا أن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد أخذ في القتل هربنا ، فاستثرنا شلو أرنب دفينا وفَصَدْنَا عليها ، فلا أنسى تلك الأكلة» أي فَصَدْنا على شلو الأرنب بعيرا وأسلنا عليه دمه وطبخناه وأكلناه. كانوا يفعلون ذلك ويعالجونه ويأكلونه عند الضّرورة.

[ه] ومنه المثل «لم يحرم من فُصِدَ له» (٢) أي لم يحرم من نال بعض حاجته ، وإن لم ينلها كلّها.

(فصع) (ه) فيه «نهى عن فَصْع الرّطبة» هو أن يخرجها من قشرها لتنضج عاجلا. وفَصَعْتُ الشيء من الشيء : إذا أخرجته وخلعته.

__________________

(١) ضبطت فى الأصل : «تفشو» وأثبت ضبط ا ، واللسان.

(٢) هكذا ضبطت فى الأصل : «فصد» بكسر الصاد المهملة. وضبطت فى الهروى بكسرها مع التسكين ضبط قلم وفوقها كلمة «معا». قال فى اللسان : «لم يحرم من فصد له ، بإسكان الصاد» ثم قال : «ويروى : لم يحرم من فزد له. أى فصد له البعير ، ثم سكنت الصاد تخفيفا ، كما قالوا فى ضرب : صرب ، وفى قتل : قتل».

٤٥٠

(فصفص) (ه) في حديث الحسن «ليس في الفَصَافِص صدقة» جمع فِصْفِصَة ، وهي الرّطبة من علف الدّوابّ. وتسمّى القتّ ، فإذا جفّ فهو قضب. ويقال : فسفسة ، بالسين.

(فصل) في صفة كلامه عليه الصلاة والسلام «فَصْلٌ لا نزر ولا هذر» أي بيّن ظاهر ، يَفْصِلُ بين الحقّ والباطل.

ومنه قوله تعالى : (إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ) أي فَاصِل قاطع.

ومنه حديث وفد عبد القيس «فمرنا بأمر فَصْل» أي لا رجعة فيه ولا مردّ له.

(س) ومنه الحديث «من أنفق نفقة فَاصِلَة في سبيل الله فبسبعمائة» جاء في الحديث أنّها التي فَصَلَتْ بين إيمانه وكفره.

وقيل : يقطعها من ماله ويَفْصِل بينها وبين مال نفسه.

(س) ومنه الحديث «من فَصَلَ في سبيل الله فمات أو قتل فهو شهيد» أي خرج من منزله وبلده.

ومنه الحديث «لا رضاع بعد فِصَال» أي بعد أن يُفْصَلَ الولد عن أمّه ، وبه سمّي الفَصِيل من أولاد الإبل ، فعيل بمعنى مفعول. وأكثر ما يطلق في الإبل. وقد يقال في البقر.

ومنه الحديث أصحاب الغار «فاشتريت به فَصِيلا من البقر» وفي رواية «فَصِيلَة» وهو ما فُصِلَ عن اللّبن من أولاد البقر.

(ه) وفيه «أنّ العبّاس كان فَصِيلَة النبيّ عليه الصلاة والسلام» الفَصِيلَة : من أقرب عشيرة الإنسان. وأصل الفَصِيلَة : قطعة من لحم الفخذ. قاله الهروي.

(س) وفي حديث أنس «كان على بطنه فَصِيل من حجر» أي قطعة منه ، فعيل بمعنى مفعول.

(س) وفي حديث النّخعيّ «في كلّ مَفْصِل من الإنسان ثلث دية الأصبع» يريد مَفْصِل الأصابع ، وهو ما بين كل أنملتين.

٤٥١

[ه] وفي حديث ابن عمر «كانت الفَيْصَل (١) بيني وبينه» أي القطيعة التّامّة. والياء زائدة.

ومنه حديث ابن جبير «فلو علم بها لكانت الفَيْصَل بيني وبينه».

(فصم) (ه) في صفة الجنة «درّة بيضاء ليس فيها قصم (٢) ولا فَصْم» الفَصْم : أن ينصدع الشيء فلا يبين ، تقول : فَصَمْتُه فانْفَصَمَ.

ومنه حديث أبي بكر «إني وجدت في ظهري انْفِصَاما» أي انصداعا. ويروى بالقاف وهو قريب منه.

ومنه الحديث «استغنوا عن الناس ولو عن فِصْمَة السّواك» أي ما انكسر منها ويروى بالقاف.

(ه) وفي الحديث «فيُفْصِمُ عني وقد وعيت» يعنى الوحي : أي يقلع. وأَفْصَمَ المطر إذا أقلع وانكشف.

(ه) ومنه حديث عائشة «فيُفْصِم عنه الوحي وإنّ جبينه ليتفصّد عرقا».

(فصا) (ه) في صفة القرآن «لهو أشدّ تَفَصِّيا من قلوب الرجال من النّعم من عقلها» أي أشدّ خروجا. يقال : تَفَصَّيْتُ من الأمر تَفَصِّياً : إذا خرجت منه وتخلّصت.

[ه] وفي حديث قيلة «قالت الحديباء حين انتفجت الأرنب : الفَصْيَةَ ، والله لا يزال كعبك عاليا» أرادت بالفَصْيَة الخروج من الضّيق إلى السّعة. والفَصْيَة : الاسم من التَّفَصِّي : أرادت أنها كانت في مضيق وشدّة من قبل بناتها (٣) فخرجت منه إلى السّعة والرّخاء.

(باب الفاء مع الضاد)

(فضج) (ه) في حديث عمرو بن العاص «قال لمعاوية : لقد تلافيت أمرك وهو

__________________

(١) في الهروي : «كانت الفصل».

(٢) فى الأصل ، وا ، واللسان : «وصم» وأثبت ما فى الهروى ، والفائق ٢ / ٣٥١ ، وهى رواية المصنف فى «قصم». ويلاحظ أنه لم يذكره فى «وصم».

(٣) فى اللسان : «من قبل عمّ بناتها».

٤٥٢

أشدّ انْفِضَاجاً من حقّ الكهول» أي أشدّ استرخاء وضعفا من بيت العنكبوت.

(فضح) (ه) فيه «أن بلالا أتى ليؤذنه (١) بصلاة الصّبح. فشغلت عائشة بلالا حتى فَضَحَه الصّبح» أي دهمته (٢) فُضْحَةُ الصّبح ، وهي بياضه. والأَفْضَح : الأبيض ليس بشديد البياض.

وقيل : فَضَحَه : أي كشفه وبيّنه للأعين بضوئه.

ويروى بالصاد المهملة وهو بمعناه. وقيل : معناه أنه لمّا تبيّن الصّبح جدّا ظهرت غفلته عن الوقت ، فصار كما يَفْتَضِحُ بعيب ظهر منه.

(فضخ) (ه) في حديث عليّ «قال له : إذا رأيت فَضْخَ الماء فاغتسل» أي دفقه ، يريد المنيّ.

[ه] وقد تكرر ذكر «الفَضِيخ» في الحديث ، وهو شراب يتّخذ من البسر المَفْضُوخ : أي المشدوخ.

(س) ومنه حديث أبي هريرة «نعمد إلى الحلقانة فنَفْتَضِخُه» أي نشدخه باليد.

[ه] وسئل ابن عمر عن الفَضِيخ فقال : «ليس بالفَضِيخ ، ولكن هو الفَضُوخ» الفَضُوخ : فعول ، من الفَضِيخَة ، أراد أنه يسكر شاربه فيَفْضَخه.

(س) وفي حديث عليّ «إن قربتها فَضَخت رأسك بالحجارة».

(فضض) (ه) وفي حديث العباس «أنه قال : يا رسول الله إني امتدحتك ، فقال : قل لا يَفْضُضِ الله فاك ، فأنشده الأبيات القافيّة» أي لا يسقط الله أسنانك. وتقديره : لا يكسر الله أسنان فيك ، فحذف المضاف. يقال : فَضَّه إذا كسره.

ومنه حديث النابغة الجعديّ «لمّا أنشده القصيدة الرائية قال : لا يَفْضُضِ الله فاك ، فعاش مائة وعشرين سنة لم تسقط له سنّ.

ومنه حديث الحديبية «ثم جئت بهم لبيضتك لتَفُضَّها» أي تكسرها.

__________________

(١) ضبطت في الأصل : «ليوذّنه» وفي اللسان : «ليوذّن بالصبح» أثبت ضبط ا ، والهروي.

(٢) فى الهروى : «وهّمته».

٤٥٣

ومنه حديث معاذ في عذاب القبر «حتى يَفُضَ كل شيء منه».

وحديث ذي الكفل «لا يحلّ لك أن تَفُضَ الخاتم» هو كناية عن الوطء ، وفَضَ الخاتم والختم إذا كسره وفتحه.

(ه) وفي حديث خالد «الحمد لله الذي فَضَ خدمتكم» أي فرّق جمعكم وكسره.

(ه) ومنه حديث عمر «أنه رمى الجمرة بسبع حصيات ثم مضى ، فلما خرج من فَضَض الحصى أقبل على سلمان بن ربيعة فكلّمه» أي ما تفرّق منه ، فعل بمعنى مفعول.

(ه) ومنه حديث عائشة «قالت لمروان : إنّ النبيَّ لعن أباك ، وأنت فَضَضٌ من لعنة الله» أي قطعة وطائفة منها.

ورواه بعضهم «فظاظة من لعنة الله» بظاءين ، من الفظيظ ، وهو ماء الكرش. وأنكره الخطّابي.

وقال الزمخشري : «افْتَظَظْتُ الكرش [إذا](١) اعتصرت ماءها ، كأنه (٢) عصارة من اللّعنة ، أو فعالة من الفَظِيظ : ماء الفحل : أي نطفة من اللعنة».

(ه) وفي حديث سعيد بن زيد «لو أنّ أحدا (٣) انْفَضَ ممّا صنع بابن عفّان لحقّ له أن يَنْفَضَ» أي يتفرّق ويتقطّع. ويروى بالقاف.

(ه) وفي حديث غزوة هوازن «فجاء رجل بنطفة في إداوة فافْتَضَّها» أي صبّها ، وهو افتعال من الفَضّ ، وفَضَضُ الماء : ما انتشر منه إذا استعمل. ويروى بالقاف : أي فتح رأسها.

(ه) ومنه الحديث «كانت المرأة إذا توفّي عنها زوجها دخلت حِفشا ولبست شرّ ثيابها حتى تمرّ عليها سنة ، ثم تؤتى بدابّة ، شاة أو طير فتَفْتَضُ به ، فقلّ ما تَفْتَضُ بشيء إلّا مات» أي تكسر ما هي فيه من العدّة ، بأن تأخذ طائرا فتمسح به فرجها وتنبذه فلا يكاد يعيش.

ويروى بالقاف والباء الموحدة وسيجيء.

__________________

(١) من الفائق ٣ / ٣٠٣.

(٢) فى الأصل ، وا : «كأنها» والمثبت من الفائق واللسان.

(٣) فى الأصل «أحدا» وفى الهروى ، واللسان : «أحدكم». وفى الفائق ٢ / ٢٨٣ «رجلا» وأثبت ما فى ا.

٤٥٤

(ه) وفي حديث ابن عبد العزيز «سئل عن رجل قال عن امرأة خطبها : هي طالق إن نكحتها حتى آكل الفَضِيض» هو الطّلع أول ما يظهر. والفَضِيض أيضا في غير هذا : الماء ساعة يخرج من العين أو ينزل من السّحاب.

وفي حديث الشّيب «فقبض ثلاثة أصابع من فِضَّة فيها من شعر».

وفي رواية «من فِضَّة أو من قصّة» والمراد بالفِضَّة شيء مصوغ منها قد ترك فيه الشعر. فأمّا بالقاف والصاد المهملة فهي الخصلة من الشعر.

(فضفض) (ه) في حديث سطيح :

* أبيض فَضْفَاض الرّداء والبدن *

الفَضْفَاض : الواسع ، وأراد واسع الصّدر والذّراع ، فكني عنه بالرّداء والبدن. وقيل : أراد به كثرة العطاء.

[ه] ومنه حديث ابن سيرين «قال : كنت مع أنس في يوم مطير والأرض فَضْفَاض» أي قد علاها الماء من كثرة المطر.

(فضل) (ه) فيه «لا يمنع فَضْل الماء» هو أن يسقى الرجل أرضه ثم تبقى من الماء بقيّة لا يحتاج إليها فلا يجوز له أن يبيعها ، ولا يمنع منها أحدا ينتفع بها ، هذا إذا لم يكن الماء ملكه ، أو على قول من يرى أن الماء لا يملك.

وفي حديث آخر «لا يمنع فَضْل الماء ليمنع به الكلأ» هو نقع البئر المباحة : أي ليس لأحد أن يغلب عليه ويمنع الناس منه حتى يحوزه في إناء ويملكه.

(ه) وفيه «فَضْل الإزار في النار» هو ما يجرّه الإنسان من إزاره على الأرض ، على معنى الخيلاء والكبر.

وفيه «إن لله ملائكة سيّارة فُضْلاً» أي زيادة عن الملائكة المرتّبين مع الخلائق.

ويروى بسكون الضاد وضمها. قال بعضهم : والسكون أكثر وأصوب ، وهما مصدر بمعنى الفَضْلَة والزّيادة.

(س) وفي حديث امرأة أبي حذيفة «قالت : يا رسول الله إنّ سالما مولى أبي حذيفة يراني

٤٥٥

فُضُلاً» أي متبذّلة في ثياب مهنتي. يقال : تَفَضَّلَتِ المرأة إذا لبست ثياب مهنتها ، أو كانت في ثوب واحد ، فهي فُضُلٌ والرجل فُضُلٌ أيضا.

(س) وفي حديث المغيرة في صفة امرأة «فُضُلٌ ضباث (١) كأنها بُغاث» وقيل : أراد أنّها مختالة تُفْضِلُ من ذيلها.

(ه) وفيه «شهدت في دار عبد الله بن جدعان حِلْفاً لو دعيت إلى مثله في الإسلام لأجبت» يعنى حلف الفُضُول ، سمّي به تشبيها بحلف كان قديما بمكة. أيّام جرهم ، على التّناصف ، والأخذ للضعيف من القوى ، وللغريب من القاطن ، قام به رجال من جرهم كلّهم يسمّى الفَضْل ، منهم الفَضْل بن الحارث ، والفَضْل بن وداعة ، والفَضْل بن فَضَالَة.

وفيه «أنّ اسم درعه عليه الصلاة والسلام كانت ذات الفُضُول» وقيل : ذو الفُضُول ، لفَضْلَة كان فيها وسعة.

(ه) وفي حديث ابن أبي الزّناد «إذا عزب المال قلّت فَوَاضِلُه» أي إذا بعدت الضّيعة قلّ المرفق منها (٢).

(فضا) في حديث دعائه للنابغة «لا يُفْضِي الله فاك» هكذا جاء في رواية (٣) ، ومعناه ألّا يجعله فَضَاء لا سنّ فيه. والفَضَاء : الخالي الفارغ الواسع من الأرض.

وفي حديث معاذ في عذاب القبر «ضربه بمرضافة وسط رأسه حتى يُفْضِيَ منه كلّ شيء» أي يصير فَضَاء. وقد فَضَا (٤) المكان وأَفْضَى إذا اتّسع. هكذا جاء في رواية.

(باب الفاء مع الطاء)

(فطأ) (ه) في حديث عمر «أنه رأى مسيلمة أصفر الوجه ، أَفْطَأَ الأنف ، دقيق السّاقين» الفَطَأ : الفطس. ورجل أَفْطَأُ كأفطس.

__________________

(١) رواية اللسان : «صبأت» غير أنه ذكرها مصلحة فى مادة (ضبث).

(٢) الذى فى اللسان : «قلّ الرّفق منها لصاحبها ، وكذلك الإبل إذا عزبت قلّ انتفاع ربّها بدرّها».

(٣) الرواية الأخرى : «لا يفضض» وسبقت.

(٤) فى الأصل : «فضى» والمثبت من ا ، والقاموس.

٤٥٦

(فطر) (ه) فيه «كلّ مولود يولد على الفِطْرَة» الفَطْرُ : الابتداء والاختراع. والفِطْرَة : الحالة منه ، كالجلسة والرّكبة. والمعنى أنه يولد على نوع من الجبلّة والطبع المتهيّئ لقبول الدّين ، فلو ترك عليها لاستمرّ على لزومها ولم يفارقها إلى غيرها ، وإنما يعدل عنه من يعدل لآفة من آفات البشر والتّقليد ، ثم تمثّل بأولاد اليهود والنصارى في اتّباعهم لآبائهم والميل إلى أديانهم عن مقتضى الفِطْرَة السّليمة.

وقيل : معناه كل مولود يولد على معرفة الله والإقرار به. فلا تجد أحدا إلّا وهو يقرّ بأنّ له صانعا ، وإن سمّاه بغير اسمه ، أو عبد معه غيره.

وقد تكرر ذكر الفطرة في الحديث.

ومنه حديث حذيفة «على غير فِطْرَة محمد» أراد دين الإسلام الذي هو منسوب إليه.

(س) ومنه الحديث «عشر من الفِطْرَة» أي من السّنّة ، يعنى سنن الأنبياء عليهم‌السلام التي أمرنا أن نقتدي بهم [فيها (١)].

وفي حديث عليّ «وجبّار القلوب على فِطَرَاتِها» أي على خلقها. جمع فِطَر ، وفِطَرٌ جمع فِطْرَة ، أو هي جمع فِطْرَة ككسرة وكسرات ، بفتح طاء الجمع. يقال : فِطْرَات وفِطَرَات وفِطِرَات.

[ه] ومنه حديث ابن عبّاس «قال : ما كنت أدري ما (فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) حتى احتكم إليّ أعرابيّان في بئر ، فقال أحدهما : أنا فَطَرْتُها» أي ابتدأت حفرها.

(س) وفيه «إذا أقبل الليل وأدبر النهار فقد أَفْطَرَ الصّائم» أي دخل في وقت الفِطْر وجاز له (٢) أن يُفْطِر. وقيل : معناه أنه قد صار في حكم المُفْطِرِين وإن لم يأكل ولم يشرب.

(س) ومنه الحديث «أَفْطَرَ الحاجم والمحجوم» أي تعرّضا للإِفْطَار.

وقيل : حان (٣) لهما أن يُفْطِرَا. وقيل : هو على جهة التّغليظ لهما والدّعاء عليهما.

__________________

(١) من ا ، واللسان.

(٢) فى اللسان : «حان».

(٣) فى ا : «جاز».

٤٥٧

وفيه «أنه قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى تَفَطَّرَتْ قدماه» أي تشقّقت. يقال : تَفَطَّرَتْ وانْفَطَرَتْ بمعنى.

(ه) وفي حديث عمر «سئل عن المذي فقال : هو الفَطْر» ويروى بالضم ، فالفتح من مصدر : فَطَرَ ناب البعير فَطْراً إذا شقّ اللّحم وطلع ، فشبّه به خروج المذي في قلّته ، أو هو مصدر : فَطَرْتُ الناقة أَفْطُرُها : إذ حلبتها بأطراف الأصابع فلا يخرج إلّا قليلا.

وأمّا بالضم فهو اسم ما يظهر من اللّبن على حلمة الضّرع.

ومنه حديث عبد الملك «كيف تحلبها ، مصرا أم فَطْراً؟» هو أن يحلبها بأصبعين وطرف الإبهام. وقيل بالسّبّابة والإبهام.

وفي حديث معاوية «ماء نمير وحيس فَطِير» أي طريّ قريب حديث العمل.

(فطس) (ه) في حديث أشراط الساعة «تقاتلون قوما فُطْسَ الأنوف» الفَطَس : انخفاض قصبة الأنف وانفراشها ، والرجل أَفْطَس.

(س) ومنه في صفة ثمرة العجوة «فُطْسٌ خُنْسٌ» أي صغار الحبّ لاطئة الأقماع. وفُطْس : جمع فَطْسَاء.

(فطم) (ه) فيه «أنه أعطى عليّا حلّة سيراء وقال : شقّقها خمرا بين الفَوَاطِم» أراد بهنّ فَاطِمَة بنت رسول الله زوجته ، وفَاطِمَة بنت أسد أمّه ، وهي أوّل هاشميّة ولدت لهاشميّ ، وفَاطِمَة بنت حمزة عمّه.

ومنه «قيل للحسن والحسين : ابنا الفَوَاطِم» أي فَاطِمَة بنت رسول الله أمّهما ، وفَاطِمَة بنت أسد جدّتهما ، وفَاطِمَة بنت عبد الله بن عمرو بن عمران بن مخزوم ، جدّة النبي لأبيه.

(س) وفي حديث ابن سيرين «بلغه أن ابن عبد العزيز أقرع بين الفُطُم فقال : ما أرى هذا إلّا من الاستقسام بالأزلام» الفُطُم : جمع فَطِيم من اللّبن : أي مَفْطُوم ، وجمع فعيل في الصفات على فعل قليل في العربيّة. وما جاء منه شبّه بالأسماء ، كنذير ونذر ، فأما فعيل بمعنى مفعول فلم يرد إلّا قليلا ، نحو عَقِيم وعُقُم ، وفَطِيم وفُطُم.

٤٥٨

وأراد بالحديث الإقراع بين ذراريّ المسلمين في العطاء. وإنما أنكره لأنّ الإقراع لتفضيل بعضهم على بعض في الفرض.

ومنه حديث امرأة رافع ، لمّا أسلم ولم تسلم «فقال : ابنتي وهي فَطِيم» أي مَفْطُومَة. وفعيل يقع على الذكر والأنثى ، فلهذا لم تلحقه الهاء.

(باب الفاء مع الظاء)

(فظظ) في حديث عمر «أنت أَفَظُّ وأغلظ من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» رجل فَظٌّ : سيِّئ الخلق. وفلان أَفَظُّ من فلان : أي أصعب خلقا وأشرس. والمراد هاهنا شدّة الخلق وخشونة الجانب ، ولم يرد بهما المبالغة في الفَظَاظَة والغلظة بينهما.

ويجوز أن يكونا للمفاضلة ، ولكن فيما يجب من الإنكار والغلظة على أهل الباطل ، فإن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان رؤوفا رحيما كما وصفه الله تعالى ، رفيقا بأمّته في التّبليغ ، غير فَظٍّ ولا غليظ.

ومنه الحديث «أنّ صفته في التّوراة ليس بِفَظٍّ ولا غليظ».

وفي حديث عائشة «قالت لمروان : أنت فُظَاظَة من لعنة الله» قد تقدم بيانه في الفاء والضاد.

(فظع) فيه «لا تحلّ المسألة إلا لذي غُرْم مُفْظِع» المُفْظِع : الشديد الشّنيع ، وقد أَفْظَعَ يُفْظِعُ فهو مُفْظِع. وفَظُعَ الأمر فهو فَظِيع.

(س) ومنه الحديث «لم أر منظرا كاليوم أَفْظَع» أي لم أر منظرا فَظِيعاً كاليوم.

وقيل : أراد لم أر منظرا أَفْظَع منه ، فحذفها ، وهو في كلام العرب كثير.

(س) ومنه الحديث «لمّا أسري بي وأصبحت بمكة فَظِعْتُ بأمري» أي اشتدّ عليّ وهبته.

ومنه الحديث «أريت أنه وضع في يديّ سواران من ذهب ففَظِعْتُهُما» هكذا روي متعدّيا حملا على المعنى ، لأنه بمعنى أكبرتهما وخفتهما. والمعروف : فَظِعْتُ به أو منه.

٤٥٩

ومنه حديث سهل بن حنيف «ما وضعنا سيوفنا على عواتقنا إلى أمر يُفْظِعُنا إلّا أسهل بنا» أي يوقعنا في أمر فَظِيع شديد. وقد تكرر في الحديث.

(باب الفاء مع العين)

(فعم) في صفته عليه الصلاة والسلام «كان فَعْمَ الأوصال» أي ممتلئ الأعضاء. يقال : فَعَمْتُ الإناء وأَفْعَمْتُه إذا بالغت في ملئه.

(ه) ومنه الحديث «لو أنّ امرأة من الحور العين أشرفت لأَفْعَمَتْ ما بين السماء والأرض ريح المسك» أي ملأت ، ويروى بالغين.

وفي حديث أسامة «وأنهم أحاطوا ليلا بحاضر فَعْمٍ» أي ممتلئ بأهله.

ومنه قصيد كعب :

ضخم مقلّدها فَعْمٌ مقيّدها

أي ممتلئة الساق.

(فعا) (ه) في حديث ابن عباس «لا بأس للمحرم بقتل الأَفْعَوْ» يريد الأَفْعَى ، فقلب الألف في الوقف واوا ، وهي لغة مشهورة. وقد تقدمت في الهمزة.

(باب الفاء مع الغين)

(فغر) في حديث الرؤيا «فيَفْغُرُ فاه فيلقمه حجرا» أي يفتحه ، وقد فَغَرَ فاه.

ومنه حديث أنس «أخذ تمرات فلاكهنّ ثم فَغَرَ فا الصّبيِّ وتركها فيه».

ومنه حديث عصا موسى عليه‌السلام «فإذا هي حية عظيمة فَاغِرَةٌ فاها».

(ه) وفي حديث النابغة الجعدي «كلّما سقطت له سنّ فَغَرَتْ سنّ» أي طلعت ، كأنها تنفطر وتنفتح للنّبات.

قال الأزهري : صوابه «ثغرت» بالثاء ، إلا أن تكون الفاء مبدلة منها.

(فغم) (ه) فيه «لو أنّ امرأة من الحور العين أشرفت لأَفْغَمَتْ ما بين السماء والأرض

٤٦٠