النّهاية - ج ٣

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٣

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: طاهر احمد الزاوي ومحمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤٨٨

ما كانت تحلب وقت العَتَمَة ، وهم يسمّون الحلاب عَتَمَة باسم الوقت. وأَعْتَمَ : إذا دخل في العَتَمَة. وقد تكرر ذكر العَتَمَة والإِعْتَام والتَّعْتِيم في الحديث.

(ه) وفيه «أنّ سلمان رضي‌الله‌عنه غرس كذا وكذا ودية والنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يناوله وهو يغرس ، فما عَتَّمَتْ منها وديّة» أي ما أبطأت أن علقت (١) ، يقال : أَعْتَمَ الشيءَ وعَتَّمَهُ إذا أخّره. وعَتَمَتِ الحاجةُ وأَعْتَمَتْ إذا تأخّرت.

(س) وفي حديث عمر «نهى عن الحرير إلّا هكذا وهكذا ، فما عَتَّمَنَا[أنه](٢) يعنى الأعلام» أي ما أبطأنا عن معرفة ما عنى وأراد.

(س) وفي حديث أبي زيد الغافقىّ «الأسوكة ثلاثة : أراك ، فإن لم يكن ، فعَتَمٌ أو بطم (٣)» العَتَم بالتحريك : الزيتون ، وقيل : شيء يشبهه.

(عته) فيه : «رفع القلم عن ثلاثة : عن الصّبيّ والنائم والمَعْتُوه» هو المجنون المصاب بعقله. وقد عُتِهَ فهو مَعْتُوه.

(عتا) فيه : «بئس العبد عبد عَتَا وطغى» العُتُوّ : التّجبّر والتّكبرّ. وقد عَتَا يَعْتُو عُتُوّاً فهو عَاتٍ. وقد تكرر في الحديث.

وفي حديث عمر رضي‌الله‌عنه «بلغه أن ابن مسعود يقرئ الناس «عَتَّى حينٍ» يريد (حَتَّى حِينٍ) ، فقال : إنّ القرآن لم ينزل بلغة هذيل ، فأقرئ النّاس بلغة قريش» كلّ العرب يقولون : حتّى ، إلا هذيلا وثقيفا فإنهم يقولون : عَتَّى.

(باب العين مع الثاء)

(عثث) (ه) في حديث الأحنف «بلغه أن رجلا يغتابه فقال :

* عُثَيْثَة تقرض جلدا أملسا *

عُثَيْثَة : تصغير عُثَّة ، وهي دويبّة تلحس الثّياب والصّوف ، وأكثر ما تكون في الصّوف ،

__________________

(١) فى الهروى : «ما أخطأت حتى علقت».

(٢) من ا واللسان.

(٣) البطم ، بالضم وبضمتين : الحبة الخضراء ، أو شجرها.

١٨١

والجمع : عُثّ ، وهو مثل يضرب للرّجل يجتهد أن يؤثّر في الشيء فلا يقدر عليه.

ويروى «تقرم» بالميم ، وهو بمعنى تقرض.

(عثر) (س) فيه «لا حليم إلّا ذو عَثْرَة» أي لا يحصل له الحلم ويوصف به حتى يركب الأمور وتنخرق عليه ويَعْثُرُ فيها ، فيعتبر بها ويستبين مواضع الخطأ فيتجنّبها. ويدل عليه قوله بعده : «ولا حكيم إلا ذو تجربة». والعَثْرَة : المرّة من العِثَار في المشي.

(س) ومنه الحديث «لا تبدأهم بالعَثْرَة» أي بالجهاد والحرب ، لأن الحرب كثيرة العِثَار فسماها بالعَثْرَة نفسها ، أو على حذف المضاف : أي بذى العَثْرَة. يعنى ادعهم إلى الإسلام أوّلا ، أو الجزية ، فإن لم يجيبوا فبالجهاد.

(ه) وفيه «أنّ قريشا أهل أمانة ، من بغاها العَوَاثِيرَ كبّه الله لمنخريه» ويروى «العَوَاثِر» العَوَاثِير : جمع عَاثُور ، وهو المكان الوعث الخشن ، لأنه يُعْثَرُ فيه. وقيل : هو حفرة تحفر ليقع فيها الأسد وغيره فيصاد. يقال : وقع فلان في عَاثُورِ شرٍّ ، إذا وقع في مهلكة ، فاستعير للورطة والخطّة المهلكة. وأما العَوَاثِر فهي جمع عَاثِر ، وهي حبالة الصائد ، أو جمع عَاثِرَة ، وهي الحادثة التي تَعْثُر بصاحبها ، من قولهم : عَثَرَ بهم الزمان ، إذا أخنى عليهم.

(س) وفي حديث الزكاة «ما كان بعلا أو عَثَرِيّاً ففيه العشر» هو من النّخيل الذي يشرب بعروقه من ماء المطر يجتمع في حفيرة ، وقيل : هو العذى. وقيل : هو ما يسقى سيحا. والأوّل أشهر.

(ه) وفيه «أبغض الناس إلى الله تعالى العَثَرِيّ» قيل : هو الذي ليس في أمر الدنيا ولا أمر الآخرة ، يقال : جاء فلان عَثَرِيّاً إذا جاء فارغا. وقيل : هو من عَثَرِيِ النخل ، سمّى به لأنه لا يحتاج في سقيه إلى تعب بدالية وغيرها ، كأنه عَثَرَ على الماء عَثْراً بلا عمل من صاحبه ، فكأنه نسب إلى العَثْر ، وحركة الثاء من تغييرات النّسب.

(س) وفيه «أنه مرّ بأرض تسمّى عَثِرَة ، فسمّاها خضرة» العَثِرَة : من العَثِير وهو الغبار والياء زائدة. والمراد بها الصّعيد الذي لا نبات فيه.

(س) ومنه الحديث «هي أرض عِثْيرَة».

١٨٢

وفي قصيد كعب بن زهير :

مِنْ خادِرٍ من لُيُوث الأُسْدِ مَسْكنُهُ (١) ببطن عَثَّرَ غِيلٌ دُونَه غِيلُ

عَثَّرَ ـ بوزن قَدَّم ـ : اسم موضع تنسب إليه الأسد.

(عثعث) (ه) في حديث عليّ رضي‌الله‌عنه «ذاك زمان العَثَاعِث» أي الشّدائد ، من العَثْعَثَة : الإفساد. والعَثْعَث : ظهر الكثيب لا نبات فيه. وبالمدينة جبل يقال له : عَثْعَث. ويقال له أيضا : سليع ، تصغير سلع.

(عثكل) (ه) فيه «خذوا عِثْكَالاً فيه مائة شمراخ فاضربوه به ضربة» العِثْكَال : العذق من أعذاق النّخل الذي يكون فيه الرّطب. يقال : عِثْكَال وعُثْكُول. وإثكال وأثكول.

(عثم) (ه) في حديث النّخعىّ «في الأعضاء إذا انجبرت على غير عَثْم صلح ، وإذا انجبرت على عَثْم الدية» يقال : عَثَمْتُ يدَه فَعَثَمَتْ إذا جبرتها على غير استواء ، وبقي فيها شيء لم ينحكم. ومثله من البناء : رجعته فرجع ، ووقفته فوقف. ورواه بعضهم : «عثل» باللام ، وهو بمعناه.

[ه] وفي شعر النابغة الجعدى يمدح ابن الزبير :

أتاك أبو ليلى يجوب به الدّجى

دجى الليل جوّاب الفلاة عَثَمْثَم

هو الجمل القوي الشّديد.

(عثن) (ه) في حديث الهجرة وسراقة «وخرجت قوائم دابّته ولها عُثَانٌ» أي دخان ، وجمعه : عَوَاثِن ، على غير قياس.

(ه) وفيه «أنّ مسيلمة لمّا أراد الإعراس بسجاح قال : عَثِّنُوا لها» أي بخّروا لها البخور.

(س) وفيه «وفّروا العَثَانِين» هي جمع عُثْنُون ، وهي اللّحية.

__________________

(١) الرواية فى شرح ديوانه ص ٢١ :

من ضيغم من ضراء الاُسد مخدره

١٨٣

(باب العين مع الجيم)

(عجب) (ه) فيه «عَجِبَ ربُّك من قوم يساقون إلى الجنة في السّلاسل» أي عظم ذلك عنده وكبر لديه. أعلم الله تعالى أنه إنما يَتَعَجَّبُ الآدمىّ من الشّيء إذا عظم موقعه عنده وخفي عليه سببه ، فأخبرهم بما يعرفون ليعلموا موقع هذه الأشياء عنده.

وقيل : معنى عَجِبَ ربُّك : أي رضي وأثاب ، فسمّاه عجبا مجازا ، وليس بِعَجَبٍ في الحقيقة. والأوّل الوجه.

ومنه الحديث «عَجِبَ ربُّك من شابّ ليست له صبوة».

[ه] والحديث الآخر «عَجِبَ ربُّكم من إلّكم وقنوطكم» وإطلاق التَّعَجُّب على الله مجاز ، لأنه لا تخفى عليه أسباب الأشياء. والتَّعَجُّب ممّا خفي سببه ولم يعلم.

(ه) وفيه «كلّ ابن آدم يبلى إلّا العَجْب» وفي رواية «إلّا عَجْبَ الذّنبِ» العَجْب بالسكون : العظم الذي في أسفل الصّلب عند العجز ، وهو العسيب من الدّواب.

(عجج) (ه) فيه «أفضل الحجّ العَجِ والثّجّ» العَجّ : رفع الصّوت بالتّلبية ، وقد عَجَ يَعِجُ عَجّاً ، فهو عَاجّ وعَجَّاج.

ومنه الحديث «إنّ جبريل أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : كنّ عَجَّاجا ثجّاجا».

(س) ومنه الحديث «من وحّد الله في عَجَّتِهِ وجبت له الجنة» أي من وحّده علانية برفع صوته.

ومنه الحديث «من قتل عصفورا عبثا عَجَ إلى الله يوم القيامة».

وفي حديث الخيل «إن مرّت بنهر عَجَّاج فشربت منه كتبت له حسنات» أي كثير الماء ، كأنه يَعِجُ من كثرته وصوت تدفّقه (ه) وفيه «لا تقوم الساعة حتى يأخذ الله شريطته من أهل الأرض ، فيبقى عَجَاجٌ لا يعرفون معروفا ، ولا ينكرون منكرا» العَجَاج : الغوغاء والأراذل ومن لا خير فيه. واحدهم : عَجَاجَة.

١٨٤

(عجر) (ه) في حديث أمّ زرع «إن أذكره أذكر عُجَرَه وبُجَرَه» العُجَر : جمع عُجْرَة ، وهي الشيء يجتمع في الجسد كالسّلعة والعقدة.

وقيل : هي خرز الظّهر أرادت ظاهر أمره وباطنه ، وما يظهره وما يخفيه ، وقيل : أرادت عيوبه.

(ه) ومنه حديث عليّ «إلى الله أشكو عُجَرَى وبُجَرَى» أي همومي وأحزاني. وقد تقدّم مبسوطا في حرف الباء.

وفي حديث عيّاش ابن أبي ربيعة لمّا بعثه إلى اليمن «وقضيب ذو عُجَر كَأنه من خيزران» أي ذو عقد.

وفي حديث عبيد الله بن عديّ بن الخيار «جاء وهو مُعْتَجِر بعمامته ما يرى وحشىّ منه إلّا عينيه ورجلية» الاعْتِجَار بالعمامة : هو أن يلفّها على رأسه ويردّ طرفها على وجهه ، ولا يعمل منها شيئا تحت ذقنه.

(ه) ومنه حديث الحجّاج «أنه دخل مكة وهو مُعْتَجِرٌ بعمامة سوداء».

(عجز) (س) فيه «لا تَدَبَّروا أَعْجَاز أمور قد ولّت صدورها» الأَعْجَاز جمع عَجُزٍ وهو مؤخّر الشّيء يريد بها أواخر الأمور ، وصدورها أوائلها ، يحرّض على تدبّر عواقب الأمور قبل الدّخول فيها ، ولا تتبع عند تولّيها وفواتها.

(ه) ومنه حديث عليّ «لنا حقّ إن نعطه نأخذه ، وإن نمنعه نركب أَعْجَاز الإبل وإن طال السّرى» الرّكوب على أَعْجَاز الإبل شاقّ : أي إن منعنا حقّنا ركبنا مركب المشقّة صابرين عليها وإن طال الأمد.

وقيل : ضرب أَعْجَاز الإبل مثلا لتأخّره عن حقّه الذي كان يراه له وتقدّم غيره عليه ، وأنه يصبر على ذلك وإن طال أمده : أي إن قدّمنا للإمامة تقدّمنا ، وإن أخّرنا صبرنا على الأثرة وإن طالت الأيام.

وقيل : يجوز أن يريد : وإن نمنعه نبذل الجهد في طلبه ، فعل من يضرب فى ابتغاء طلبته

١٨٥

أكباد الإبل ولا يبالي باحتمال طول السّرى. والأوّلان الوجه لأنه سلّم وصبر على التأخّر ولم يقاتل. وإنما قاتل بعد انعقاد الإمامة له.

(س) وفي حديث البراء «أنه رفع عَجِيزَتَه في السّجود» العَجِيزَة : العَجُز ، وهي للمرأة خاصّة فاستعارها للرجل.

(س) وفيه «إيّاكم والعُجُزَ العقر» العُجُز : جمع عَجُوز وعَجُوزَة (١) وهي المرأة المسنّة ، وتجمع على عَجَائِز. والعُقُرُ : جمع عاقر ، وهي التي لا تلد.

(س) وفي حديث عمر «ولا تُلِثّوا بدار مَعْجِزَة» أي لا تقيموا في موضع تَعْجِزُون فيه عن الكسب. وقيل بالثّغر مع العيال. والمَعْجَزَة ـ بفتح الجيم وكسرها ـ مفعلة ، من العَجْز : عدم القدرة.

ومنه الحديث «كلّ شيء بقدر حتى العَجْزُ والكيس» وقيل : أراد بالعَجْز ترك ما يجب فعله بالتّسويف ، وهو عامّ في أمور الدّنيا والدّين.

وفي حديث الجنة «ما لي لا يدخلني إلّا سَقَط النّاس وعَجَزُهُم» جمع عَاجِز ، كخادم وخدم. يريد الأغبياء العَاجِزِين في أمور الدّنيا.

(س) وفيه «أنه قدم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم صاحب كسرى فوهب له مِعْجَزَة ، فسمّي ذا المِعْجَزَة» هي بكسر الميم : المنطقة بلغة اليمن ، سمّيت بذلك لأنها تلي عَجُزَ المتنطّق.

(عجس) (س) في حديث الأحنف : «فيَتَعَجَّسُكُم في قريش» أي يتتبّعكم.

(عجف) (ه) في حديث أم معبد «تسوق أعنزا عِجَافا» جمع عَجْفَاء ، وهي المهزولة من الغنم وغيرها.

ومنه الحديث «حتى إذا أَعْجَفَها ردّها فيه» أي أهزلها.

(عجل) (ه) في حديث عبد الله بن أنيس «فأسندوا إليه في عَجَلَة من نخل» هو أن ينقر الجذع ويجعل فيه مثل الدّرج ليصعد فيه إلى الغرف وغيرها. وأصل العَجَلَة : خشبة معترضة على البئر ، والغرب معلّق بها.

__________________

(١) قال فى القاموس : «العجوز : الشيخ والشيخة. ولا تقل عجوزة ، أو هى لغيّة رديئة».

١٨٦

(ه) وفي حديث خزيمة «ويحمل الرّاعي العُجَالَة» هي لبن يحمله الرّاعي من المرعى إلى أصحاب الغنم قبل أن تروح عليهم.

قال الجوهرى : «هي الإِعْجَالَة (١) والعُجَالَة بالضم : ما تَعَجَّلته من شيء».

وفيه ذكر «العَجُول» هي بفتح العين وضم الجيم : ركيّة بمكّة حفرها قصىّ.

(عجم) (ه) فيه «العَجْمَاء جُرْحُها جُبَار» العَجْمَاء : البهيمة ، سمّيت به لأنّها لا تتكلم. وكلّ ما لا يقدر على الكلام فهو أَعْجَم ومُسْتَعْجم.

(س) ومنه الحديث «بعدد كلّ فصيح وأَعْجَم» قيل : أراد بعدد كلّ آدميّ وبهيمة.

ومنه الحديث «إذا قام أحدكم من اللّيل فاسْتُعْجِمَ القرآنُ على لسانه» أي أُرْتِجَ عليه فلم يقدر أن يقرأ ، كأنه صار به عُجْمَة.

(ه) ومنه حديث ابن مسعود «ما كنا نَتَعَاجَمُ أنّ مَلَكا ينطق على لسان عمر» أي ما كنا نكني ونورّي. وكل من لم يفصح بشيء فقد أَعْجَمَه.

(ه) ومنه حديث الحسن «صلاة النهار عَجْمَاء» لأنّها لا تسمع فيها قراءة.

وفي حديث عطاء «وسئل عن رجل ألهز رجلا فقطع بعض لسانه فَعَجُمَ كلامه ، فقال : يعرض كلامه على المُعْجَم ، فما نقص كلامه منها قسمت عليه الدّية» المُعْجَم : حروف ا ب ت ث ، سمّيت بذلك من التَّعْجِيم ، وهو إزالة العُجْمَة بالنّقط.

(ه) وفي حديث أم سلمة «نهانا أن نَعْجُمَ النّوى طبخا» هو أن يبالغ في نضجه حتى يتفتّت وتفسد قوّته التي يصلح معها للغنم. والعَجَم ـ بالتّحريك ـ : النّوى.

وقيل : المعنى أن التّمر إذا طبخ لتؤخذ حلاوته طبخ عفوا حتى لا يبلغ الطبخ النّوى ولا يؤثّر فيه تأثير من يَعْجُمُه : أي يلوكه ويعضّه ، لأنّ ذلك يفسد طعم الحلاوة ، أو لأنه قوت للدّواجن فلا ينضج لئلّا تذهب طعمته.

__________________

(١) وعبارته فى الصحاح : «والإعجالة : ما يعجّله الراعى من اللبن إلى أهله قبل الحلب».

١٨٧

(ه) وفي حديث طلحة «قال لعمر رضي‌الله‌عنهما : لقد جرّستك الدّهور وعَجَمَتْك الأمور» (١) أي خبرتك ، من العَجْم : العضّ. يقال : عَجَمْتُ العودَ إذا عضضته لتنظر أصلب هو أم رخو.

(ه) ومنه حديث الحجّاج «إنّ أمير المؤمنين نكب كنانته فعَجَمَ عيدانها عودا عودا».

[ه] وفيه «حتى صعدنا إحدى عُجْمَتَيْ بدر» العُجْمَة بالضم من الرّمل : المشرف على ما حوله.

(عجن) (س) فيه «إن الشيطان يأتي أحدكم فينقر عند عِجَانِهِ» العِجَان : الدّبر. وقيل ما بين القبل والدّبر.

ومنه حديث عليّ «أنّ أعجميّا عارضه فقال : اسكت يا ابن حمراء العِجَان» هو سبّ كان يجري على ألسنة العرب.

(س) وفي حديث ابن عمر «أنه كان يَعْجِنُ في الصّلاة ، فقيل له : ما هذا؟ فقال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يَعْجِنُ في الصّلاة» أي يعتمد على يديه إذا قام ، كما يفعل الذي يَعْجِنُ العَجِينَ.

(عجا) (ه) فيه أنه قال : «كنت يتيما ولم أكن عَجِيّاً» هو الذي لا لبن لأمّه ، أو ماتت أمّه فعلّل بلبن غيرها ، أو بشيء آخر فأورثه ذلك وهنا. يقال : عَجَا الصّبيَ يَعْجُوه إذا علله بشيء ، فهو عَجِيٌ وهو يَعْجَى عَجاً. ويقال للّبن الذي يُعَاجَى به الصّبيُّ : عُجَاوَة.

(ه) ومنه حديث الحجاج «أنه قال لبعض الأعراب : أراك بصيرا بالزّرع ، فقال : إني طال ما عَاجَيْتُه وعَاجَانِي» أي عانيته وعالجته.

وفيه «العَجْوَة من الجنة» وقد تكرر ذكرها في الحديث. وهو نوع من تمر المدينة أكبر من الصّيحانيّ يضرب إلى السّواد من غرس النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

__________________

(١) فى الهروى واللسان : «وعجمتك البلايا».

١٨٨

وفي قصيد كعب :

سمر العُجَايَات يتركن الحصى زيما

لم يقهنّ رؤس الأكم تنعيل

هي أعصاب قوائم الإبل والخيل ، واحدتها : عُجَايَة.

(باب العين مع الدال)

(عدد) (ه) فيه «إنّما أقطعته الماء العِدّ» أي الدّائم الذي لا انقطاع لمادّته ، وجمعه : أَعْدَاد.

ومنه الحديث «نزلوا أَعْدَادَ مياه الحديبية» أي ذوات المادّة ، كالعيون والآبار.

[ه] وفيه «ما زالت أكلة خيبر تُعَادُّنِي» أي تراجعني ويعاودني ألم سمّها في أوقات معلومة. ويقال : به عِدَاد من ألم يعاوده في أوقات معلومة. والعِدَاد اهتياج وجع اللّديغ ، وذلك إذا تمّت له سنة من يوم لدغ هاج به الألم.

وفيه «فيَتَعَادّ بنو الأمّ كانوا مائة ، فلا يجدون بقي منهم إلا الرجل الواحد» أي يَعُدّ بعضهم بعضا.

(س) ومنه حديث أنس رضي‌الله‌عنه «إنّ ولدي لَيَتَعَادُّون مائة أو يزيدون عليها» وكذلك يَتَعَدَّدُون.

(ه) ومنه حديث لقمان «ولا نَعُدُّ فضله علينا» أي لا نحصيه لكثرته. وقيل : لا نَعْتَدُّه علينا منّة له (١).

(ه) وفيه «أنّ رجلا سئل عن القيامة متى تكون ، فقال : إذا تكاملت العِدَّتَان» قيل هما عِدَّة أهل الجنّة وعِدَّة أهل النّار : أي إذا تكاملت عند الله برجوعهم إليه قامت القيامة (٢) يقال عَدَّ الشيءَ يَعُدُّه عَدّاً وعِدَّة.

__________________

(١) الذى فى الهروى : «ولا يعدّ فضله علينا ، أى لكثرته. ويقال : لا يعتدّ إفضاله علينا منّة له».

(٢) ذكر الهروى هذا الرأى عزوا إلى القتيبى ، وزاد عليه فقال : «وقال غيره : قال الله تعالى (إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا) فكأنهم إذا استوفوا المعدود لهم قامت عليهم القيامة».

١٨٩

ومنه الحديث «لم يكن للمطلّقة عِدَّة ، فأنزل الله عزوجل العِدَّة للطّلاق» وعِدَّة المرأة المطلّقة والمتوفّى عنها زوجها هي ما تَعُدُّه من أيّام أقرائها ، أو أيام حملها ، أو أربعة أشهر وعشر ليال ، والمرأة مُعْتَدَّة. وقد تكرر ذكرها في الحديث.

ومنه حديث النّخعىّ «إذا دخلت عِدَّة في عِدَّة أجزأت إحداهما» يريد إذا لزمت المرأة عِدَّتَان من رجل واحد في حال واحد كفت إحداهما عن الأخرى ، كمن طلّق امرأته ثلاثا ثم مات وهي في عِدَّتِها فإنها تَعْتَدُّ أقصى العِدَّتَين ، وغيره يخالفه في هذا ، أو كمن مات وزوجته حامل فوضعت قبل انقضاء عِدَّة الوفاة ، فإنّ عِدَّتَها تنقضي بالوضع عند الأكثر.

وفيه ذكر «الأيام المَعْدُودَات» هي أيام التّشريق ، ثلاثة أيام بعد يوم النّحر.

(س) وفيه «يخرج جيش من المشرق آدَى (١) شيءٍ وأَعَدَّه» أي أكثره عِدَّةً وأتمّه وأشدّه اسْتِعْدَاداً.

(عدس) في حديث أبي رافع «أنّ أبا لهب رماه الله بالعَدَسَة» هي بثرة تشبه العَدَسَة ، تخرج في مواضع من الجسد ، من جنس الطّاعون ، تقتل صاحبها غالبا.

(عدف) (س) فيه «ما ذقت عَدُوفاً» أي ذواقا. والعَدُوف : العلف في لغة مضر. والعَدْف : الأكل والمأكول. وقد يقال بالذال المعجمة.

(عدل) في أسماء الله تعالى «العَدْل» هو الّذي لا يميل به الهوى فيجور في الحكم ، وهو في الأصل مصدر سمّي به فوضع موضع العَادِل ، وهو أبلغ منه لأنه جعل المسمّى نفسه عَدْلاً.

(ه) وفيه «لم يقبل الله منه صرفا ولا عَدْلاً» قد تكرر هذا القول في الحديث. والعَدْل : الفدية وقيل : الفريضة. والصَّرْف : التّوبة. وقيل النّافلة.

[ه] وفي حديث قارئ القرآن وصاحب الصّدقة «فقال : ليست لهما بعَدْلٍ بعِدْلٍ» قد

__________________

(١) فى الأصل وا : «أذى» بالذال المعجمة. وأثبتناه بالمهملة من اللسان. وقد سبق فى مادة «أدا».

١٩٠

تكرر ذكر العِدْل والعَدْل بالكسر والفتح في الحديث. وهما بمعنى المثل. وقيل : هو بالفتح ما عَادَلَه من جنسه ، وبالكسر ما ليس من جنسه. وقيل بالعكس.

ومنه حديث ابن عباس «قالوا : ما يغنى عنّا الإسلام وقد عَدَلْنَا بالله» أي أشركنا به وجعلنا له مثلا.

ومنه حديث عليّ «كذب العَادِلُون بك إذ (١) شبّهوك بأصنامهم».

(س) وفيه «العلم ثلاثة منها فريضة عَادِلَة» أراد العَدْل في القسمة : أي مُعَدَّلَة على السّهام المذكورة في الكتاب والسّنة من غير جور. ويحتمل أن يريد أنها مستنبطة من الكتاب والسّنة ، فتكون هذه الفريضة تُعْدَلُ بما أخذ عنهما.

(س) وفي حديث المعراج «فأتيت بإناءين ، فعَدَّلْتُ بينهما» يقال هو يُعَدِّل أمره ويُعَادِلُه إذا توقّف بين أمرين أيهما يأتي ، يريد أنّهما كانا عنده مستويين لا يقدر على اختيار أحدهما ولا يترجّح عنده ، وهو من قولهم : عَدَلَ عنه يَعْدِلُ عُدُولاً إذا مال ، كأنه يميل من الواحد إلى الآخر.

(س) وفيه «لا تُعْدَل سارحتكم» أي لا تصرف ماشيتكم وتمال عن المرعى ولا تمنع.

ومنه حديث جابر «إذ (٢) جاءت عمّتى بأبي وخالي مقتولين عَادَلْتُهُما على ناضح» أي شددتهما على جنبي البعير كالعِدْلَيْن.

(عدم) (ه س) في حديث المبعث «قالت له خديجة : كلّا إنّك تكسب المَعْدُوم وتحمل الكلّ» يقال : فلان يكسب المَعْدُوم إذا كان مجدودا محظوظا : أي يكسب ما يحرمه غيره.

وقيل : أرادت تكسب الناس الشيء المَعْدُوم الذيث لا يجدونه مما يحتاجون إليه.

وقيل : أرادت بالمَعْدُوم الفقير الذي صار من شدّة حاجته كالمَعْدُوم نفسه.

__________________

(١) فى ا : «إذا».

(٢) فى ا ، واللسان : «إذا».

١٩١

فيكون «تكسب» على التأويل الأوّل متعدّيا إلى مفعول واحد هو المَعْدُوم ، كقولك : كسبت مالا ، وعلى التأويل الثّاني والثّالث يكون متعدّيا إلى مفعولين ، تقول : كسبت زيدا مالا أي أعطيته. فمعنى الثاني : تعطى الناس الشيء المَعْدُوم عندهم ، فحذف المفعول الأوّل. ومعنى الثّالث : تعطى الفقير المال ، فيكون المحذوف المفعول الثاني. يقال : عَدِمْتُ الشيءَ أَعْدَمُه عَدَماً إذا فقدته. وأَعْدَمْتُه أنا. وأَعْدَمَ الرجلُ يُعْدِمُ فهو مُعْدِمٌ وعَدِيم : إذا افتقر.

وفيه «من يقرض غير عَدِيم ولا ظلوم» العَدِيم الذي لا شيء عنده ، فعيل بمعنى فاعل.

(عدن) (س) في حديث بلال بن الحارث «أنه أقطعه مَعَادِن القبليّة» المَعَادِن : المواضع التي تستخرج منها جواهر الأرض كالذّهب والفضّة والنّحاس وغير ذلك ، واحدها مَعْدِن. والعَدْن : الإقامة. والمَعْدِن : مركز كلّ شيء.

ومنه الحديث «فعن مَعَادِن العرب تسألوني؟ قالوا. نعم» أي أصولها الّتي ينسبون إليها ويتفاخرون بها.

(س) وفيه ذكر «عَدَنِ أَبْيَن» هي مدينة معروفة باليمن ، أضيفت إلى أبين بوزن أبيض ، وهو رجل من حمير ، عَدَنَ بها : أي أقام. ومنه سمّيت جنة عَدْن : أي جنة إقامة. يقال : عَدَنَ بالمكان يَعْدِنُ عَدْناً إذا لزمه ولم يبرح منه.

(عدا) (ه) فيه «لا عَدْوَى ولا صَفَر» قد تكرر ذكر العَدْوَى في الحديث. العَدْوَى : اسم من الإِعْدَاء ، كالرّعوى والبقوى ، من الإرعاء والإبقاء. يقال : أَعْدَاه الدّاء يُعْدِيه إِعْدَاءً ، وهو أن يصيبه مثل ما بصاحب الداء. وذلك أن يكون ببعير جرب مثلا فتتّقى مخالطته بإبل أخرى حذارا أن يتعدّى ما به من الجرب إليها فيصيبها ما أصابه. وقد أبطله الإسلام ، لأنهم كانوا يظنون أن المرض بنفسه يَتَعَدَّى ، فأعلمهم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه ليس الأمر كذلك ، وإنما الله هو الذي يمرض وينزل الدّاء. ولهذا قال في بعض الأحاديث : «فمن أَعْدَى البعير الأوّل؟» أي من أين صار فيه الجرب؟

١٩٢

(ه) وفيه «ما ذئبان عَادِيَان أصابا فريقة غنم» العَادِي : الظّالم. وقد عَدَا يَعْدُو عليه عُدْوَاناً. وأصله من تجاوز الحدّ في الشيء.

ومنه الحديث «ما يقتله المحرم كذا وكذا ، والسّبع العَادِي» أي الظّالم الذي يفترس الناس.

ومنه حديث قتادة بن النّعمان «أنه عُدِيَ عليه» أي سرق ماله وظلم.

ومنه الحديث «كتب ليهود تيماء أنّ لهم الذّمّة وعليهم الجزية بلا عَدَاء» العَدَاء بالفتح والمدّ : الظلم وتجاوز الحدّ.

(س) ومنه الحديث «المُعْتَدِي في الصّدقة كمانعها» وفي رواية «في الزّكاة» هو أن يعطيها غير مستحقّها. وقيل : أراد أنّ السّاعي إذا أخذ خيار المال ربما منعه في السّنة الأخرى فيكون السّاعي سبب ذلك ، فهما في الإثم سواء.

ومنه الحديث «سيكون قوم يَعْتَدُون في الدّعاء» هو الخروج فيه عن الوضع الشّرعي والسّنّة المأثورة.

(ه) وفي حديث عمر «أنه أتى بسطيحتين فيهما نبيذ ، فشرب من إحداهما وعَدَّى عن الأخرى» أي تركها لما رابه منها. يقال : عَدِّ عن هذا الأمر : أي تجاوزه إلى غيره.

(س) ومنه حديثه الآخر «أنه أهدى له لبن بمكّة فعَدَّاه» أي صرفه عنه.

وفي حديث عليّ رضي‌الله‌عنه «لا قطع على عَادِي ظهر».

(ه) ومنه حديث ابن عبد العزيز «أنه أتى برجل قد اختلس طوقا فلم يَرَ قطعَهُ وقال : تلك عَادِيَة الظّهر» العَادِيَة : من عَدَا يَعْدُو على الشّيء إذا اختلسه. والظّهر : ما ظهر من الأشياء. لم ير في الطوق قطعا لأنه ظاهر على المرأة والصّبيّ.

(ه) وفيه «إنّ السلطان ذو عَدَوَان وذو بدوان» أي سريع الانصراف والملال ، من قولك : ما عَدَاك : أي ما صرفك؟

١٩٣

(ه) ومنه حديث عليّ (١) «قال لطلحة يوم الجمل : «عرفتني بالحجاز وأنكرتني بالعراق فما عَدَا ممّا بدا؟» لأنه بايعه بالمدينة وجاء يقاتله بالبصرة : أي ما الّذي صرفك ومنعك وحملك على التّخلّف بعد ما ظهر منك من الطاعة والمتابعة. وقيل : معناه ما بدا لك منّي فصرفك عنّي؟

(ه) وفي حديث لقمان «أنا لقمان بن عَادٍ لِعَادِيَةٍ لِعَادٍ» (٢). العَادِيَة : الخيل تَعْدُو. والعَادِي : الواحد ، أي أنا للجمع والواحد. وقد تكون العَادِيَة الرّجال يَعْدُون.

(س) ومنه حديث خيبر «فخرجت عَادِيَتُهُم» أي الذين يَعْدُون على أرجلهم.

[ه] وفي حديث حذيفة «أنه خرج وقد طمّ رأسه وقال : إنّ تحت كلّ شعرة [لا يصيبها الماء](٣) جنابة ، فمن ثمّ عَادَيْتُ رأسي كما ترون» طمّه : أي استأصله ليصل الماء إلى أصول شعره (٤).

(ه) ومنه حديث حبيب بن مسلمة «لمّا عزله عمر عن حمص قال : رحم الله عمر ينزع قومه ويبعث القوم العِدَى» العِدَى بالكسر : الغرباء والأجانب والأَعْدَاء. فأما بالضم فهم الأَعْدَاء خاصّة. أراد أنه يعزل قومه من الولايات ويولّى الغرباء والأجانب.

(ه) وفي حديث ابن الزّبير وبناء الكعبة «وكان في المسجد جراثيم وتَعَادٍ» أي أمكنة مختلفة غير مستوية.

وفي حديث الطاعون «لو كانت لك إبل فهبطت واديا له عُدْوَتَان» العُدْوَة بالضم والكسر : جانب الوادي.

(ه) وفي حديث أبي ذرّ «فقرّبوها إلى الغابة تصيب من أثلها وتَعْدُو في الشّجر» يعنى

__________________

(١) أخرجه الهروى من قول علي رضي‌الله‌عنه لبعض الشيعة.

(٢) فى الأصل : «لعادية وعاد» والمثبت من ا واللسان والهروى.

(٣) من الهروى واللسان.

(٤) زاد الهروى : «وحكى أبو عدنان عن أبى عبيدة : عاديت شعرى ، أى رفعته عند الغسل.

وعاديت الوسادة : ثنيتها. وعاديت الشىء باعدته.

١٩٤

الإبلَ : أي ترعى العُدْوَة ، وهي الخلّة ، ضرب من المرعى محبوب إلى الإبل. وإبل عَادِيَة وعَوَادٍ إذا رعته.

(س) وفي حديث قسّ «فإذا شجرة عَادِيَّة» أي قديمة كأنها نسبت إلى عَادٍ ، وهم قوم هود النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وكلّ قديم ينسبونه إلى عَاد وإن لم يدركهم.

ومنه كتاب علي رضي‌الله‌عنه إلى معاوية «لم يمنعنا قديم عزّنا وعَادِيّ طَولنا على قومك أن خلطناكم بأنفسنا».

(باب العين مع الذال)

(عذب) (س) فيه «أنه كان يُسْتَعْذَبُ له الماء من بيوت السّقيا» أي يحضر له منها الماء العَذْب ، وهو الطّيّب الذي لا ملوحة فيه. يقال : أَعْذَبْنَا واسْتَعْذَبْنا : أي شربنا عَذْبا واستقينا عَذْبا.

ومنه حديث أبي التّيّهان «أنه خرج يَسْتَعْذِبُ الماء» أي يطلب الماء العَذْب.

وفي كلام عليّ يذمّ الدّنيا «اعْذَوْذَبَ جانبٌ منها واحلولى» هما افعوعل ، من العُذُوبَة والحلاوة ، وهو من أبنية المبالغة.

(س) وفي حديث الحجّاج «ماء عِذَاب» يقال : ماءة عَذْبَةٌ ، وماء عِذَاب ، على الجمع ، لأنّ الماء جنس للماءة.

(س) وفيه ذكر «العُذَيْب» وهو اسم ماء لبني تميم على مرحلة من الكوفة مسمّى بتصغير العَذْب. وقيل : سمّي به لأنّه طرف أرض العرب ، من العَذَبَة وهي طرف الشّيء.

(ه) وفي حديث عليّ «أنه شيّع سريّة فقال : «أَعْذِبُوا عن ذكر النّساء أنفسكم ، فإن ذلكم يكسركم عن الغزو» أي امنعوها. وكلّ من منعته شيئا فقد أَعْذَبْتَه. وأَعْذَبَ لازم ومتعدّ.

وفيه «الميّت يُعَذَّبُ ببكاء أهله عليه» يشبه أن يكون هذا من حيث إنّ العرب كانوا

١٩٥

يوصون أهلهم بالبكاء والنّوح عليهم وإشاعة النّعي في الأحياء ، وكان ذلك مشهورا من مذاهبهم. فالميّت تلزمه العقوبة في ذلك بما تقدّم من أمره به.

(عذر) (س) فيه «الوليمةُ في الإِعْذَارِ حقٌّ» الإِعْذَار : الختان. يقال : عَذَرْتُه وأَعْذَرْته فهو مَعْذُور ومُعْذَر ، ثم قيل للطّعام الذي يطعم في الختان : إِعْذَار.

(س) ومنه حديث سعد رضي‌الله‌عنه «كنّا إِعْذَارَ عامٍ واحد» أي ختنّا في عام واحد. وكانوا يختنون لسنّ معلومة فيما بين عشر سنين وخمس عشرة. والإِعْذَار بكسر الهمزة : مصدر أَعْذَرَه ، فسمّوا به.

ومنه الحديث «ولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مَعْذُوراً مسرورا» أي مختونا مقطوع السّرّة.

(س) ومنه حديث ابن صيّاد «أنه ولدته أمّه وهو مَعْذُور مسرور».

(س) وفي صفة الجنة «إنّ الرجل ليُفضي في الغداة الواحدة إلى مائة عَذْرَاء» العَذْرَاء : الجارية التي لم يمسّها رجل ، وهي البكر ، والذي يفتضّها أبو عُذْرِها وأبو عُذْرَتِها. والعُذْرَة : ما للبكر من الالتحام قبل الافتضاض.

[ه] ومنه حديث الاستسقاء :

أتيناك والعَذْرَاء يدمى لبانها

أي يدمى صدرها من شدّة الجدب.

ومنه حديث النّخعىّ «في الرجل يقول : إنه لم يجد امرأته عَذْرَاء ، قال : لا شيء عليه» لأنّ العَذْرَة قد تذهبها الحيضة والوثبة وطول التّعنيس. وجمع العَذْرَاء : عَذَارَى.

ومنه حديث جابر «ما لك وللعَذَارَى ولعابهنّ» أي ملاعبتهنّ ، ويجمع على عَذَارِى ، كصحارى وصحارى.

ومنه حديث عمر رضي‌الله‌عنه :

معيدا يبتغي سقط العَذَارَى

وفيه «لقد أَعْذَرَ الله من بلغ من العمر ستّين سنة» أي لم يبق فيه موضعا للاعْتِذَار

١٩٦

حيث أمهله طول هذه المدّة ولم يَعْتَذِر. يقال : أَعْذَرَ الرّجل إذا بلغ أقصى الغاية من العُذْر. وقد يكون أَعْذَرَ بمعنى عَذَرَ.

(س) ومنه حديث المقداد «لقد أَعْذَرَ الله إليك» أي عَذَرَك وجعلك موضع العُذْر وأسقط عنك الجهاد ورخّص لك في تركه ، لأنه كان قد تناهى في السّمن وعجز عن القتال.

[ه] ومنه الحديث «لن يهلك النّاس حتى يُعْذِوُرا من أنفسهم» يقال : أَعْذَرَ فلانٌ من نفسه إذا أمكن منها ، يعنى أنّهم لا يهلكون حتى تكثر ذنوبهم وعيوبهم فيستوجبون العقوبة ويكون لمن يعذبهم عُذْر ، كأنهم قاموا بعُذْرِه في ذلك. ويروى بفتح الياء ، من عَذَرْتُه وهو بمعناه. وحقيقة عَذَرْتُ : محوت الإساءة وطمستها.

(ه) ومنه الحديث «أنه استَعْذَرَ أبا بكر رضي‌الله‌عنه من عائشة كان عتب عليها في شيء ، فقال لأبي بكر : كن عَذِيرِي منها إن أدّبتها» أي قم بعُذْرِى في ذلك.

[ه] ومنه حديث الإفك «فاستَعْذَرَ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من عبد الله بن أبيّ ، فقال وهو على المنبر : من يَعْذِرُني من رجل قد بلغني عنه كذا وكذا؟ فقال سعد : أنا أَعْذِرُك منه» أى من يقوم بعُذْرِي إن كافأته على سوء صنيعه فلا يلومني؟

ومنه حديث أبي الدّرداء رضي‌الله‌عنه «من يَعْذِرُني من معاوية؟ أنا أخبره عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يخبرني (١) عن رأيه».

ومنه حديث عليّ «من يَعْذِرُني من هؤلاء الضّياطرة».

(ه) ومنه حديثه الآخر «قال وهو ينظر إلى ابن ملجم :

عَذِيرَك من خليلك من مراد»

يقال : عَذِيرَك من فلان بالنّصب : أي هات من يَعْذِرُك فيه ، فعيل بمعنى فاعل.

(ه) وفي حديث ابن عبد العزيز «قال لمن اعْتَذَر إليه : عَذَرْتُك غير مُعْتَذِر» أي من غير أن تَعْتَذِر ، لأن المعتذر يكون محقّا وغير محقّ.

__________________

(١) فى ا : «أنا أخبر ... وهو يخبرني».

١٩٧

وفي حديث ابن عمر «إذا وضعت المائدة فليأكل الرجل مما عنده ، ولا يرفع يده وإن شبع ، وليُعْذِرْ ، فإنّ ذلك يخجل جليسه» الإِعْذَار : المبالغة في الأمر : أي ليبالغ في الأكل ، مثل الحديث الآخر «أنه كان إذا أكل مع قوم كان آخرهم أكلا».

وقيل : إنّما هو «وليُعَذِّرْ» من التَّعْذِير : التّقصير. أي ليقصّر في الأكل ليتوفّر على الباقين ولير أنّه يبالغ.

(ه) ومنه الحديث «جاءنا بطعام جشب فكنّا نُعَذِّر» أي نقصّر ونرى أنّنا مجتهدون.

(ه س) ومنه حديث بني إسرائيل «كانوا إذا عمل فيهم بالمعاصي نهوهم تَعْذِيرا» أي نهيا قصّروا فيه ولم يبالغوا ، وضع المصدر موضع اسم الفاعل حالا ، كقولهم : جاء مشيا.

ومنه حديث الدعاء «وتعاطى ما نهيت عنه تَعْذِيرا».

(س) وفيه «أنه كان يَتَعَذَّر في مرضه» أي يتمنّع ويتعسّر. وتَعَذَّرَ عليه الأمر إذا صعب.

(س) وفي حديث عليّ «لم يبق لهم عَاذِر» أي أثر.

وفيه «أنه رأى صبيّا أعلق عليه من العُذْرَة» العُذْرَة بالضم. وجع في الحلق يهيج من الدّم. وقيل : هي قرحة تخرج في الخرم الذي بين الأنف والحلق تعرض للصّبيان عند طلوع العُذْرَة ، فتعمد المرأة إلى خرقة فتفتلها فتلا شديدا وتدخلها في أنفه فتطعن ذلك الموضع فيتفجّر منه دم أسود ، وربمّا أقرحه ، وذلك الطّعن يسمّى الدّغر. يقال : عَذَرَت المرأة الصّبيَّ إذا غمزت حلقه من العُذْرَة ، أو فعلت به ذلك ، وكانو بعد ذلك يعلّقون عليه علاقا كالعوذة. وقوله «عند طلوع العُذْرَة» هي خمسة كواكب تحت الشّعرى العبور وتسمّى العَذَارَى ، وتطلع في وسط الحرّ. وقوله : «من العُذْرَة» : أي من أجلها.

(س) وفيه «للفقر أزين للمؤمن من عِذَار حسن على خدّ فرس» العِذَارَان من الفرس كالعارضين من وجه الإنسان ، ثم سمّي السّير الذي يكون عليه من اللّجام عِذَارا باسم موضعه.

١٩٨

ومنه كتاب عبد الملك إلى الحجاج «استعملتك على العراقين ، فاخرج إليهما كميش الإزار شديد العِذَار» يقال للرجل إذا عزم على الأمر : هو شديد العِذَار ، كما يقال في خلافه : فلان خليع العِذَار ، كالفرس الذي لا لجام عليه ، فهو يعير على وجهه ، لأن اللّجام يمسكه.

ومنه قولهم «خلع عِذَارَه» إذا خرج عن الطّاعة وانهمك في الغىّ.

(س) وفيه «اليهود أنتن خلق الله عَذِرَة» العَذِرَة : فناء الدّار وناحيتها.

ومنه الحديث «إن الله نظيف يحب النّظافة ، فنظّفوا عَذِرَاتِكم ولا تشبّهوا باليهود».

وحديث رقيقة «وهذه عِبِدَّاؤك بعَذِرَاتِ حرمك»

(ه) ومنه حديث عليّ «عاتب قوما فقال : ما لكم لا تنظّفون عَذِرَاتِكم» أي أفنيتكم.

(ه س) وفي حديث ابن عمر «أنه كره السّلت الذي يزرع بالعَذِرَة» يريد الغائط الذي يلقيه الإنسان. وسمّيت بالعَذِرَة ، لأنهم كانوا يلقونها في أفنية الدّور.

(عذفر) في قصيد كعب :

ولن يبلّغها إلّا عُذَافِرَةٌ

العُذَافِرَة : النّاقة الصّلبة القويّة.

(عذق) (ه) فيه «كم من عَذْق مذلّل في الجنة لأبي الدّحداح» العَذْق بالفتح : النّخلة ، وبالكسر : العرجون بما فيه من الشّماريخ ، ويجمع على عِذَاق.

ومنه حديث أنس «فرد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى أمّي عِذَاقَها» أي نخلاتها.

(ه) ومنه حديث عمر «لا قطع في عِذْقٍ معلّق» لأنه ما دام معلّقا في الشجرة فليس في حرز.

ومنه «لا والّذي أخرج العَذْق من الجريمة» أي النّخلة من النّواة.

ومنه حديث السّقيفة «أنا عُذَيْقُها المرجّب» تصغير العَذْق : النّخلة ، وهو تصغير تعظيم. وبالمدينة أطم لبني أميّة بن زيد يقال له : عَذْق.

١٩٩

(ه) ومنه حديث مكة «وأَعْذَق إذخرها» أي صارت له عُذُوق وشعب. وقيل : أَعْذَق بمعنى أزهر. وقد تكرر العَذْق والعِذْق في الحديث ويفرق بينهما بمفهوم الكلام الواردان فيه.

(عذل) (ه) وفي حديث ابن عباس «وسئل عن الاستحاضة فقال : ذلك العَاذِل يغذو» العَاذِل : اسم العرق الذي يسيل منه دم الاستحاضة ، ويغذو : أي يسيل.

وذكر بعضهم «العَاذِر» بالراء. وقال : العَاذِرَة : المرأة المستحاضة ، فاعلة بمعنى مفعولة ، من إقامة العذر. ولو قال : إنّ العاذر هو العرق نفسه لأنه يقوم بعذر المرأة لكان وجها. والمحفوظ «العَاذِل» باللام.

(عذم) (ه) فيه «أن رجلا كان يرائي فلا يمرّ بقوم إلّا عَذَمُوه» أي أخذوه بألسنتهم. وأصل العَذْم : العضّ.

ومنه حديث عليّ «كالنّاب الضّروس تَعْذِمُ بفيها وتخبط بيدها».

ومنه حديث عبد الله بن عمرو بن العاص «فأقبل عَلَيَّ أبي فعَذَمَنِي وعضّني بلسانه».

(عذا) (ه) في حديث حذيفة «إن كنت لا بدّ نازلا بالبصرة فانزل على عَذَوَاتِها ، ولا تنزل سُرَّتها» جمع عَذَاة. وهي الأرض الطّيّبة التّربة (١) البعيدة من المياه والسّباخ.

(باب العين مع الراء)

(عرب) (ه) فيه «الثّيب يُعْرِبُ عنها لسانُها» هكذا يروى بالتخفيف ، من أَعْرَبَ. قال أبو عبيد : الصواب «يُعَرِّبُ» يعنى بالتشديد. يقال : عَرَّبْتُ عن القوم إذا تكلّمت عنهم.

وقيل : إن أَعْرَبَ بمعنى عَرَّبَ. يقال : أَعْرَبَ عنه لسانُه وعَرَّبَ.

قال ابن قتيبة : الصواب «يُعْرِبُ عنها» بالتخفيف. وإنّما سمّي الإِعْرَاب إِعْرَابا لتبيينه وإيضاحه. وكلا القولين لغتان متساويتان ، بمعنى الإبانة والإيضاح.

__________________

(١) فى الهروى : «الثّريّة».

٢٠٠