تفسير القرآن العظيم - ج ٧

أبي الفداء اسماعيل بن عمر ابن كثير الدمشقي

تفسير القرآن العظيم - ج ٧

المؤلف:

أبي الفداء اسماعيل بن عمر ابن كثير الدمشقي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
2-7451-2221-5

الصفحات: ٤٨٠

ذنوبهم بل يقادون إليها ويلقون فيها كما قال تعالى : (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ) أي بعلامات تظهر عليهم. وقال الحسن وقتادة : يعرفونهم باسوداد الوجوه وزرقة العيون. قلت : وهذا كما يعرف المؤمنون بالغرة والتحجيل من آثار الوضوء.

وقوله تعالى : (فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ) أي يجمع الزبانية ناصيته مع قدميه ويلقونه في النار كذلك ، وقال الأعمش عن ابن عباس : يؤخذ بناصيته وقدميه فيكسر كما يكسر الحطب في التنور ، وقال الضحاك : يجمع بين ناصيته وقدميه في سلسلة من وراء ظهره ، وقال السدي : يجمع بين ناصية الكافر وقدميه فتربط ناصيته بقدمه ويفتل ظهره.

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع ، حدثنا معاوية بن سلام عن أخيه زيد بن سلام أنه سمع أبا سلام يعني جده ، أخبرني عبد الرحمن ، حدثني رجل من كندة قال : أتيت عائشة فدخلت عليها وبيني وبينها حجاب فقلت : حدثك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه يأتي عليه ساعة لا يملك فيها لأحد شفاعة؟ قالت : نعم لقد سألته عن هذا وأنا وهو في شعار واحد قال : «نعم حين يوضع الصراط لا أملك لأحد فيها شفاعة حتى أعلم أين يسلك بي ، ويوم تبيض وجوه وتسود وجوه حتى أنظر ماذا يفعل بي ـ أو قال يوحى ـ وعند الجسر حين يستحد ويستحر» فقالت : وما يستحد وما يستحر؟ قال يستحد حتى يكون مثل شفرة السيف ، ويستحر حتى يكون مثل الجمرة ، فأما المؤمن فيجيزه لا يضره ، وأما المنافق فيتعلق حتى إذا بلغ أوسطه خر من قدميه فيهوي بيديه إلى قدميه ـ قالت : فهل رأيت من يسعى حافيا فتأخذه شوكة حتى تكاد تنفذ قدميه ، فإنه كذلك يهوي بيده ورأسه إلى قدميه فتضربه الزبانية بخطاف في ناصيته وقدمه ، فتقذفه في جهنم فيهوي فيها مقدار خمسين عاما ـ قلت : ما ثقل الرجل؟ قالت : ثقل عشر خلفات سمان فيومئذ يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام». هذا حديث غريب جدا ، وفيه ألفاظ منكر رفعها ، وفي الإسناد من لم يسم ومثله لا يحتج به ، والله أعلم.

وقوله تعالى : (هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ) أي هذه النار التي كنتم تكذبون بوجودها ، ها هي حاضرة تشاهدونها عيانا ، يقال لهم ذلك تقريعا وتوبيخا وتصغيرا وتحقيرا. وقوله تعالى : (يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) أي تارة يعذبون في الجحيم وتارة يسقون من الحميم ، وهو الشراب الذي هو كالنحاس المذاب يقطع الأمعاء والأحشاء ، وهذه كقوله تعالى: (إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ) [غافر : ٧١ ـ ٧٢].

وقوله تعالى : (آنٍ) أي حار قد بلغ الغاية في الحرارة لا يستطاع من شدة ذلك ، قال ابن عباس في قوله : (يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) أي قد انتهى غليه واشتد حره ، وكذا قال مجاهد وسعيد بن جبير والضحاك والحسن والثوري والسدي وقال قتادة : قد آن طبخه منذ خلق الله السموات والأرض ، وقال محمد بن كعب القرظي : يؤخذ العبد فيحرك بناصيته في

٤٦١

ذلك الحميم حتى يذوب اللحم ويبقى العظم والعينان في الرأس وهي كالتي يقول الله تعالى : (فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ) [غافر : ٧١ ـ ٧٢] والحميم الآن يعني الحار ، وعن القرظي رواية أخرى (حَمِيمٍ آنٍ) أي حاضر وهو قول ابن زيد أيضا ، والحاضر لا ينافي ما روي عن القرظي أولا أنه الحار كقوله تعالى : (تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ) [الغاشية : ٥] أي حارة شديدة الحر لا تستطاع ، وكقوله : (غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ) [الأحزاب : ٥٣] يعني استواءه ونضجه فقوله : (حَمِيمٍ آنٍ) أي حميم حار جدا. ولما كان معاقبة العصاة المجرمين وتنعيم المتقين من فضله ورحمته وعدله ولطفه بخلقه ، وكان إنذاره لهم عن عذابه وبأسه مما يزجرهم عما هم فيه من الشرك والمعاصي وغير ذلك قال ممتنا بذلك على بريته (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).

(وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ (٤٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٧) ذَواتا أَفْنانٍ(٤٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٩) فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ (٥٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥١) فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ (٥٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٥٣)

قال ابن شوذب وعطاء الخراساني : نزلت هذه الآية (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) في أبي بكر الصديق ، وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا محمد بن مصفى ، حدثنا بقية عن أبي بكر بن أبي مريم عن عطية بن قيس في قوله تعالى : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) نزلت في الذي قال : أحرقوني بالنار لعلّي أضل الله قال تاب يوما وليلة ، بعد أن تكلم بهذا فقبل الله منه وأدخله الجنة (١).

والصحيح أن هذه الآية عامة كما قاله ابن عباس وغيره يقول الله تعالى : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ) بين يدي الله عزوجل يوم القيامة (وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى) [النازعات : ٤٠] ولم يطغ ولا آثر الحياة الدنيا ، وعلم أن الآخرة خير وأبقى فأدى فرائض الله واجتنب محارمه ، فله يوم القيامة عند ربه جنتان ، كما قال البخاري رحمه‌الله : حدثنا عبد الله بن أبي الأسود ، حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العمي ، حدثنا أبو عمران الجوني عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس ، عن أبيه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما ، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما ، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم عزوجل إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن» (٢) وأخرجه بقية الجماعة إلا أبا داود من حديث عبد العزيز به ، وقال حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي بكر بن أبي موسى عن أبيه قال حماد : لا أعلمه إلا قد رفعه في قوله تعالى : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) وفي قوله : (وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ) جنتان من ذهب للمقربين

__________________

(١) أخرجه السيوطي في الدر المنثور ٦ / ٢٠٢.

(٢) أخرجه البخاري في تفسير سورة ٥٥ ، باب ١ و ٢ ، ومسلم في الإيمان حديث ٢٩٦ ، والترمذي في الجنة باب ٣ ، ٧ ، وابن ماجة في المقدمة باب ١٣ ، والدارمي في الرقاق باب ١٠١ ، وأحمد في المسند ٤ / ٤١١ ، ٤١٦.

٤٦٢

وجنتان من ورق لأصحاب اليمين.

وقال ابن جرير (١) : حدثنا زكريا بن يحيى بن أبان المصري ، حدثنا ابن أبي مريم ، أخبرنا محمد بن جعفر عن محمد بن أبي حرملة عن عطاء بن يسار أخبرني أبو الدرداء أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قرأ يوما هذه الآية (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) فقلت : وإن زنى وإن سرق؟ فقال : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) فقلت : وإن زنى وإن سرق فقال : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) فقلت : وإن زنى وإن سرق يا رسول الله؟ فقال : «وإن رغم أنف أبي الدرداء» ورواه النسائي من حديث محمد بن أبي حرملة به ، ورواه النسائي أيضا عن مؤمل بن هشام عن إسماعيل عن الجريري ، عن موسى عن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبي الدرداء به ، وقد روي موقوفا على أبي الدرداء ، وروي عنه أنه قال : إن من خاف مقام ربه لم يزن ولم يسرق.

وهذه الآية عامة في الإنس والجن ، فهي من أدل دليل على أن الجن يدخلون الجنة إذا آمنوا واتقوا ، ولهذا امتن الله تعالى على الثقلين بهذا الجزاء فقال : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ثم نعت هاتين الجنتين فقال : (ذَواتا أَفْنانٍ) أي أغصان نضرة حسنة تحمل من كل ثمرة نضيجة فائقة (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) هكذا قال عطاء الخراساني وجماعة أن الأفنان أغصان الشجر يمس بعضها بعضا ، وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا مسلم بن قتيبة ، حدثنا عبد الله بن النعمان ، سمعت عكرمة يقول : (ذَواتا أَفْنانٍ) يقول : ظل الأغصان على الحيطان ، ألم تسمع قول الشاعر : [الوافر]

ما هاج شوقك من هديل حمامة

تدعو على فنن الغصون حماما (٢)

تدعو أبا فرخين صادف طاويا

ذا مخلبين من الصقور قطاما

وحكى البغوي عن مجاهد وعكرمة والضحاك والكلبي ، أنه الغصن المستقيم ، قال : وحدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا عبد السلام بن حرب ، حدثنا عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : (ذَواتا أَفْنانٍ) ذواتا ألوان ، قال : وروي عن سعيد بن جبير والحسن والسدي وخصيف والنضر بن عربي وأبي سنان مثل ذلك ، ومعنى هذا القول أن فيهما فنونا من الملاذ ، واختاره ابن جرير ، وقال عطاء : كل غصن يجمع فنونا من الفاكهة ، وقال الربيع بن أنس (ذَواتا أَفْنانٍ) واسعتا الفناء وكل هذه الأقوال صحيحة ولا منافاة بينها ، والله أعلم ، وقال قتادة : ذواتا أفنان يعني بسعتها وفضلها ومزيتها على ما سواها.

وقال محمد بن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر قالت : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وذكر سدرة المنتهى ، فقال : «يسير في ظل الفنن منها الراكب

__________________

(١) تفسير الطبري ١١ / ٦٠٢.

(٢) البيتان بلا نسبة في تفسير الطبري ١١ / ٦٠٤.

٤٦٣

مائة سنة ـ أو قال يستظل في ظل الفنن منها مائة راكب ـ فيها فراش الذهب كأن ثمرها القلال» (١). ورواه الترمذي من حديث يونس بن بكير به.

وقال حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي بكر بن أبي موسى عن أبيه ، قال حماد : ولا أعلمه إلا قد رفعه في قوله : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) وفي قوله : (وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ) قال : جنتان من ذهب للمقربين ، وجنتان من ورق لأصحاب اليمين.

(فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ) أي تسرحان لسقي تلك الأشجار والأغصان فتثمر من جميع الألوان (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) قال الحسن البصري : إحداهما يقال لها تسنيم ، والأخرى السلسبيل. وقال عطية : إحداهما من ماء غير آسن ، والأخرى من خمر لذة للشاربين ، ولهذا قال بعد هذا : (فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ) أي من جميع أنواع الثمار مما يعلمون وخير مما يعلمون ، ومما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).

قال إبراهيم بن الحكم بن أبان عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس ، ما في الدنيا ثمرة حلوة ولا مرة إلا وهي في الجنة حتى الحنظل ، وقال ابن عباس : ليس في الدنيا مما في الآخرة إلا الأسماء يعني أن بين ذلك بونا عظيما وفرقا بينا في التفاضل.

(مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ (٥٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٥) فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (٥٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٧) كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ (٥٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٩) هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ (٦٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٦١)

يقول تعالى : (مُتَّكِئِينَ) يعني أهل الجنة ، والمراد بالاتكاء هاهنا الاضطجاع ويقال : الجلوس على صفة التربيع (عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ) وهو ما غلظ من الديباج ، قاله عكرمة والضحاك وقتادة وقال أبو عمران الجوني ، هو الديباج المزين بالذهب ، فنبه على شرف الظهارة بشرف البطانة ، فهذا من التنبيه بالأدنى على الأعلى. قال أبو إسحاق عن هبيرة بن يريم عن عبد الله بن مسعود قال : هذه البطائن ، فكيف لو رأيتم الظواهر (٢). وقال مالك بن دينار : بطائنها من إستبرق وظواهرها من نور ، وقال سفيان الثوري أو شريك : بطائنها من إستبرق وظواهرها من نور جامد ، وقال القاسم بن محمد : بطائنها من إستبرق وظواهرها من الرحمة ، وقال ابن شوذب عن أبي عبد الله الشامي : ذكر الله البطائن ولم يذكر الظواهر ، وعلى الظواهر المحابس ولا يعلم ما تحت المحابس إلا الله تعالى ، ذكر ذلك كله الإمام ابن أبي حاتم

__________________

(١) أخرجه الترمذي في الجنة باب ٩.

(٢) انظر تفسير الطبري ١١ / ٦٠٥.

٤٦٤

رحمه‌الله.

(وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ) أي ثمرهما قريب إليهم متى شاؤوا تناولوه على أي صفة كانوا ، كما قال تعالى : (قُطُوفُها دانِيَةٌ) [الحاقة : ٢٣] وقال (وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً) [الإنسان : ١٤] أي لا تمتنع ممن تناولها بل تنحط إليه من أغصانها (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ؟) ولما ذكر الفرش وعظمتها قال بعد ذلك (فِيهِنَ) أي في الفرش (قاصِراتُ الطَّرْفِ) أي غضيضات عن غير أزواجهن فلا يرين شيئا في الجنة أحسن من أزواجهن ، قاله ابن عباس وقتادة وعطاء الخراساني وابن زيد ، وقد ورد أن الواحدة منهن تقول لبعلها : والله ما أرى في الجنة شيئا أحسن منك. ولا في الجنة شيئا أحب إلي منك فالحمد لله الذي جعلك لي وجعلني لك.

(لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌ) أي بل هن أبكار عرب أتراب لم يطأهن أحد قبل أزواجهن من الإنس والجن ، وهذه أيضا من الأدلة على دخول مؤمني الجن الجنة ، وقال أرطاة بن المنذر : سئل ضمرة بن حبيب هل يدخل الجن الجنة؟ قال : نعم وينكحون ، للجن جنيات وللإنس إنسيات (١) ، وذلك قوله : (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).

ثم قال ينعتهن للخطاب (كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ) قال مجاهد والحسن وابن زيد وغيرهم : في صفاء الياقوت وبياض المرجان ، فجعلوا المرجان هاهنا اللؤلؤ. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا محمد بن حاتم ، حدثنا عبيدة بن حميد عن عطاء بن السائب عن عمرو بن ميمون الأودي ، عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إن المرأة من نساء أهل الجنة ليرى بياض ساقيها من وراء سبعين حلة من الحرير حتى يرى مخها» (٢) وذلك قول الله تعالى : (كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ) فأما الياقوت فإنه حجر لو أدخلت فيه سلكا ثم استصفيته لرأيته من ورائه ، وهكذا رواه الترمذي من حديث عبيدة بن حميد وأبي الأحوص عن عطاء بن السائب به ، ورواه موقوفا ثم قال : وهو أصح.

وقال الإمام أحمد (٣) : حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، أخبرنا يونس عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «للرجل من أهل الجنة زوجتان من الحور العين على كل واحدة سبعون حلة ، يرى مخ ساقها من وراء الثياب» تفرد به الإمام أحمد من هذا الوجه.

وقد روى مسلم حديث إسماعيل بن علية عن أيوب عن محمد بن سيرين قال : إما تفاخروا

__________________

(١) انظر تفسير الطبري ١١ / ٦٠٧.

(٢) أخرجه الترمذي في الجنة باب ٥.

(٣) المسند ٢ / ٣٤٥.

٤٦٥

وإما تذاكروا ، الرجال أكثر في الجنة أم النساء؟ فقال أبو هريرة : أو لم يقل أبو القاسمصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر والتي تليها على ضوء كوكب دري في السماء ، لكل امرئ منهم زوجتان اثنتان يرى مخ سوقهما من وراء اللحم وما في الجنة أعزب» (١) وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من حديث همام بن منبه وأبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه.

وقال الإمام أحمد (٢) : حدثنا أبو النضر ، حدثنا محمد بن طلحة عن حميد عن أنس ، أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها ، ولقاب قوس أحدكم أو موضع قيده ـ يعني سوطه ـ من الجنة خير من الدنيا وما فيها ، ولو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى الأرض لملأت ما بينهما ريحا ولطاب ما بينهما ، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها» (٣) ورواه البخاري من حديث أبي إسحاق عن حميد عن أنس بنحوه.

وقوله تعالى : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) أي ما لمن أحسن العمل في الدنيا إلا الإحسان إليه في الآخرة ، كما قال تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) [يونس : ٢٦] وقال البغوي ، حدثنا أبو سعيد الشريحي ، حدثنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرني ابن فنجويه ، حدثنا ابن شيبة ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن بهرام ، حدثنا الحجاج بن يوسف المكتب ، حدثنا بشر بن الحسين عن الزبير بن عدي عن أنس بن مالك قال : قرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) وقال «هل تدرون ما قال ربكم؟» قالوا : الله ورسوله أعلم. قال «يقول هل جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة» ولما كان في الذي ذكر نعم عظيمة لا يقاومها عمل بل مجرد تفضل وامتنان قال بعد ذلك كله (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).

ومما يتعلق بقوله تعالى : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) ما رواه الترمذي والبغوي من حديث أبي النضر هاشم بن القاسم عن أبي عقيل الثقفي ، عن أبي فروة يزيد بن سنان الرهاوي عن بكير بن فيروز عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من خاف أدلج ، ومن أدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالية ، ألا إن سلعة الله الجنة» (٤) ثم قال الترمذي : غريب لا نعرفه إلا من حديث أبي النضر وروى البغوي من حديث علي بن حجر عن إسماعيل بن جعفر عن محمد بن أبي حرملة مولى حويطب بن عبد العزى ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي الدرداء أنه سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يقص على المنبر وهو يقول : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) فقلت : وإن زنى وإن سرق يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) فقلت الثانية :

__________________

(١) أخرجه مسلم في الجنة حديث ١٤.

(٢) المسند ٣ / ١٤١.

(٣) أخرجه البخاري في فضائل الجهاد باب ١٧.

(٤) أخرجه الترمذي في القيامة باب ١٨.

٤٦٦

وإن زنى وإن سرق يا رسول الله فقال (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) فقلت الثالثة : وإن زنى وإن سرق يا رسول الله؟ فقال «وإن رغم أنف أبي الدرداء».

(وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ (٦٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٣) مُدْهامَّتانِ (٦٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٥) فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ (٦٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٧) فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (٦٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٩) فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ (٧٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧١) حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ (٧٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٣) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (٧٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٥) مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ (٧٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٧) تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) (٧٨)

هاتان الجنتان دون اللتين قبلهما في المرتبة والفضيلة والمنزلة بنص القرآن ، قال الله تعالى : (وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ) وقد تقدم في الحديث : جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما ، فالأوليان للمقربين والأخريان لأصحاب اليمين وقال أبو موسى : جنتان من ذهب للمقربين وجنتان من فضة لأصحاب اليمين وقال ابن عباس (وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ) من دونهما في الدرج ، وقال ابن زيد : من دونهما في الفضل.

والدليل على شرف الأوليين على الأخريين وجوه : [أحدها] أنه نعت الأوليين قبل هاتين والتقديم يدل على الاعتناء ثم قال : (وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ) وهذا ظاهر في شرف التقدم وعلوه على الثاني وقال هناك (ذَواتا أَفْنانٍ) وهي الأغصان أو الفنون في الملاذ ، وقال هاهنا (مُدْهامَّتانِ) أي سوداوان من شدة الري من الماء قال ابن عباس في قوله (مُدْهامَّتانِ) قد اسودتا من الخضرة من شدة الري من الماء.

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا ابن فضيل ، حدثنا عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (مُدْهامَّتانِ) قال : خضراوان. وروي عن أبي أيوب الأنصاري وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن أبي أوفى وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد في إحدى الروايات وعطاء وعطية العوفي والحسن البصري ، ويحيى بن رافع وسفيان الثوري نحو ذلك ، وقال محمد بن كعب (مُدْهامَّتانِ) ممتلئتان من الخضرة ، وقال قتادة : خضراوان من الري ناعمتان ولا شك في نضارة الأغصان على الأشجار المشتبكة بعضها في بعض.

وقال هناك (فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ) وقال هاهنا (نَضَّاخَتانِ) قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ، أي فياضتان والجري أقوى من النضخ ، وقال الضحاك (نَضَّاخَتانِ) أي ممتلئتان ولا تنقطعان وقال هناك (فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ) وقال هاهنا (فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) ولا شك أن الأولى أعم وأكثر في الأفراد والتنويع على فاكهة ، وهي نكرة في سياق الإثبات لا تعم ، ولهذا فسر قوله : (وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) من باب عطف الخاص على العام كما قرره البخاري وغيره ، وإنما أفرد النخل والرمان بالذكر لشرفهما على غيرهما ، قال عبد بن حميد :

٤٦٧

حدثنا يحيى بن عبد الحميد ، حدثنا حصين بن عمر ، حدثنا مخارق عن طارق بن شهاب عن عمر بن الخطاب قال : جاء أناس من اليهود إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالوا : يا محمد أفي الجنة فاكهة؟ قال : «نعم فيها فاكهة ونخل ورمان» قالوا : أفيأكلون كما يأكلون في الدنيا؟ قال «نعم وأضعاف» قالوا : فيقضون الحوائج؟ قال «لا ولكنهم يعرقون ويرشحون فيذهب الله ما في بطونهم من أذى».

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا الفضل بن دكين ، حدثنا سفيان عن حماد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : نخل الجنة سعفها كسوة لأهل الجنة ، منها مقطعاتهم ومنها حللهم وكربها ذهب أحمر وجذوعها زمرد أخضر ، وثمرها أحلى من العسل وألين من الزبد وليس له عجم ، وحدثنا أبي ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد هو ابن سلمة عن أبي هارون عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «نظرت إلى الجنة فإذا الرمانة من رمانها كالبعير المقتب».

ثم قال : (فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ) قيل : المراد خيرات كثيرة حسنة في الجنة قاله قتادة ، وقيل : خيرات جمع خيرة وهي المرأة الصالحة الحسنة الخلق الحسنة الوجه ، قاله الجمهور ، وروي مرفوعا عن أم سلمة ، وفي الحديث الآخر الذي سنورده في سورة الواقعة إن شاء الله تعالى أن الحور العين يغنين : نحن الخيرات الحسان خلقنا لأزواج كرام ، ولهذا قرأ بعضهم (فِيهِنَّ خَيْراتٌ) بالتشديد (حِسانٌ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).

ثم قال : (حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ) وهناك قال : (فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ) ولا شك أن التي قد قصرت طرفها بنفسها أفضل ممن قصرت وإن كان الجميع مخدرات ، قال ابن أبي حاتم : حدثنا عمرو بن عبد الله الأودي ، حدثنا وكيع بن سفيان عن جابر عن القاسم بن أبي بزة عن أبي عبيدة عن مسروق عن عبد الله بن مسعود قال : إن لكل مسلم خيرة ولكل خيرة خيمة ، ولكل خيمة أربعة أبواب يدخل عليه كل يوم تحفة وكرامة وهدية ، لم تكن قبل ذلك لا مرحات ولا طمحات ولا بخرات ولا ذفرات ، حور عين كأنهن بيض مكنون.

وقوله تعالى : (فِي الْخِيامِ) قال البخاري : حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد ، حدثنا أبو عمران الجوني عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس عن أبيه أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إن في الجنة خيمة من لؤلؤة مجوفة عرضها ستون ميلا في كل زاوية منها أهل ما يرون الآخرين يطوف عليهم المؤمنون» (١) ورواه أيضا من حديث أبي عمران به وقال ثلاثون ميلا ، وأخرجه مسلم من حديث أبي عمران به ولفظه «إن للمؤمنين في الجنة لخيمة من

__________________

(١) أخرجه البخاري في تفسير سورة ٥٥ ، باب ٢ ، وبدء الخلق باب ٨ ، ومسلم في الجنة حديث ٢٣ ، و ٢٥ ، والترمذي في الجنة باب ٣ ، والدارمي في الرقاق باب ١٠٩.

٤٦٨

لؤلؤة واحدة مجوفة ، طولها ستون ميلا ، للمؤمن فيها أهل يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضا».

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن أبي الربيع ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر عن قتادة ، أخبرني خليد العصري عن أبي الدرداء قال : الخيمة لؤلؤة واحدة فيها سبعون بابا من در ، وحدثنا أبي ، حدثنا عيسى بن أبي فاطمة ، حدثنا جرير عن هشام عن محمد بن المثنى عن ابن عباس في قوله تعالى ، (حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ) قال : خيام اللؤلؤ ، وفي الجنة خيمة واحدة من لؤلؤة واحدة أربعة فراسخ في أربعة فراسخ عليها أربعة آلاف مصراع من ذهب ، وقال عبد الله بن وهب : أخبرنا عمرو أن دراجا أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «أدنى أهل الجنة منزلة الذي له ثمانون ألف خادم ، واثنتان وسبعون زوجة ، وتنصب له قبة من لؤلؤ وزبرجد وياقوت كما بين الجابية وصنعاء» (١) ورواه الترمذي من حديث عمرو بن الحارث به. وقوله تعالى : (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌ) قد تقدم مثله سواء إلا أنه زاد في وصف الأوائل بقوله : (كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).

وقوله تعالى : (مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ) قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : الرفرف المحابس ، وكذا قال مجاهد وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك وغيرهما : هي المحابس ، وقال العلاء بن بدر : الرفرف على السرير كهيئة المحابس المتدلي. وقال عاصم الجحدري (مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ) يعني الوسائد وهو قول الحسن البصري في رواية عنه ، وقال أبو داود الطيالسي عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير في قوله تعالى : (مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ) قال : الرفرف رياض الجنة.

وقوله تعالى : (وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ) قال ابن عباس وقتادة والضحاك والسدي : العبقري الزرابي ، وقال سعيد بن جبير هي عتاق الزرابي يعني جيادها ، وقال مجاهد : العبقري الديباج ، وسئل الحسن البصري عن قوله تعالى : (وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ) فقال : هي بسط أهل الجنة لا أبا لكم فاطلبوها ، وعن الحسن رواية أنها المرافق ، وقال زيد بن أسلم : العبقري أحمر وأصفر وأخضر ، وسئل العلاء بن زيد عن العبقري فقال : البسط أسفل من ذلك. وقال أبو حرزة يعقوب بن مجاهد : العبقري من ثياب أهل الجنة لا يعرفه أحد ، وقال أبو العالية : العبقري الطنافس المخملة إلى الرقة ما هي ، وقال القتيبي : كل ثوب موشى عند العرب عبقري ، وقال أبو عبيدة : هو منسوب إلى أرض يعمل بها الوشي ، وقال الخليل بن أحمد : كل شيء نفيس من الرجال وغير ذلك يسمى عند العرب عبقريا.

__________________

(١) أخرجه الترمذي في صفة الجنة باب ٢٣.

٤٦٩

ومنه قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في عمر «فلم أر عبقريا يفري فريه» (١) وعلى كل تقدير فصفة مرافق أهل الجنتين الأوليين أرفع وأعلى من هذه الصفة فإنه قد قال هناك : (مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ) فنعت بطائن فرشهم وسكت عن ظهائرها اكتفاء بما مدح به البطائن بطريق الأولى والأحرى وتمام الخاتمة أنه قال بعد الصفات المتقدمة (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ؟) فوصف أهلها بالإحسان ، وهو أعلى المراتب والنهايات كما في حديث جبريل لما سأل عن الإسلام ثم الإيمان ثم الإحسان ، فهذه وجوه عديدة في تفضيل الجنتين الأوليين على هاتين الأخريين ، ونسأل الله الكريم الوهاب أن يجعلنا من أهل الأوليين.

ثم قال : (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) أي هو أهل أن يجل فلا يعصى ، وأن يكرم فيعبد ، ويشكر فلا يكفر ، وأن يذكر فلا ينسى ، وقال ابن عباس (ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) ذي العظمة والكبرياء.

وقال الإمام أحمد (٢) : حدثنا موسى بن داود ، حدثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن عمير بن هانئ عن أبي العذراء عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أجلوا الله يغفر لكم» وفي الحديث الآخر «إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم ، وذي السلطان ، وحامل القرآن غير المغالي فيه ولا الجافي عنه» (٣) وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا أبو يوسف الحربي حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، حدثنا حماد ، حدثنا حميد الطويل عن أنس أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام» (٤) وكذا رواه الترمذي عن محمود بن غيلان عن مؤمل بن إسماعيل عن حماد بن سلمة به ، ثم قال غلط المؤمل فيه وهو غريب وليس بمحفوظ ، وإنما يروى هذا عن حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وقد قال الإمام أحمد (٥) : حدثنا إبراهيم بن إسحاق ، حدثنا عبد الله بن المبارك عن يحيى بن حسان المقدسي عن ربيعة بن عامر قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «ألظوا بذي الجلال والإكرام» ورواه النسائي من حديث عبد الله بن المبارك به ، وقال الجوهري ألظ فلان بفلان إذا لزمه ، وقول ابن مسعود ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام أي الزموا ، يقال : الإلظاظ هو الإلحاح. [قلت] وكلاهما قريب من الآخر ، والله أعلم ، وهو المداومة واللزوم والإلحاح. وفي صحيح مسلم والسنن الأربعة من حديث عبد الله بن الحارث عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا سلم لا يقعد يعني بعد الصلاة إلا بقدر ما يقول : «اللهم أنت السلام ومنك

__________________

(١) أخرجه البخاري في المناقب باب ٢٥ ، ومسلم في فضائل الصحابة حديث ١٩.

(٢) المسند ٥ / ١٩٩.

(٣) أخرجه أبو داود في الأدب باب ٢٠.

(٤) أخرجه الترمذي في الدعوات باب ٩١.

(٥) المسند ٤ / ١٧٧.

٤٧٠

السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام» (١).

آخر تفسير سورة الرحمن ولله الحمد والمنة.

__________________

(١) أخرجه مسلم في المساجد حديث ١٣٥ ، ١٣٦ ، وأبو داود في الوتر باب ٢٣ ، والترمذي في الصلاة باب ١٠٨ ، والنسائي في السهو باب ٥٨ ، ٨١ ، وابن ماجة في الإقامة باب ٣٢.

٤٧١
٤٧٢

فهرس المحتويات

سورة الصافات

الآيات : ١ ـ ٥.................................................................. ٣

الآيات : ٦ ـ ١٠................................................................ ٤

الآيات : ١١ ـ ١٩.............................................................. ٥

الآيات : ٢٠ ـ ٢٦.............................................................. ٦

الآيات : ٢٧ ـ ٣٧.............................................................. ٧

الآيات : ٣٨ ـ ٤٩.............................................................. ٩

الآيات : ٥٠ ـ ٦١............................................................. ١٢

الآيات : ٦٢ ـ ٧٠............................................................. ١٦

الآيات : ٧١ ـ ٨٢............................................................. ١٩

الآيات : ٨٣ ـ ٨٧............................................................. ٢٠

الآيات : ٨٨ ـ ٩٨............................................................. ٢١

الآيات : ٩٩ ـ ١١٣........................................................... ٢٣

الآيات : ١١٤ ـ ١٢٢......................................................... ٣١

الآيات : ١٢٣ ـ ١٣٢......................................................... ٣٢

الآيات : ١٣٣ ـ ١٣٨......................................................... ٣٣

الآيات : ١٣٩ ـ ١٤٨......................................................... ٣٤

الآيات : ١٤٩ ـ ١٦٠......................................................... ٣٧

الآيات : ١٦١ ـ ١٧٠......................................................... ٣٨

الآيات : ١٧١ ـ ١٧٩......................................................... ٤٠

الآيات : ١٨٠ ـ ١٨٢......................................................... ٤١

سورة ص

الآيات : ١ ـ ٣................................................................ ٤٣

الآيات : ٤ ـ ١١.............................................................. ٤٥

الآيات : ١٢ ـ ١٦............................................................. ٤٨

الآيات : ١٧ ـ ٢٠............................................................. ٤٩

الآيات : ٢١ ـ ٢٥............................................................. ٥١

الآية : ٢٦.................................................................... ٥٣

الآيات : ٢٧ ـ ٣٣............................................................. ٥٤

٤٧٣

الآيات : ٣٤ ـ ٤٠............................................................. ٥٧

الآيات : ٤١ ـ ٤٤............................................................. ٦٥

الآيات : ٤٥ ـ ٥٤............................................................. ٦٧

الآيات : ٥٥ ـ ٦٤............................................................. ٦٨

الآيات : ٦٥ ـ ٧٠............................................................. ٧٠

الآيات : ٧١ ـ ٨٥............................................................. ٧١

الآيات : ٨٦ ـ ٨٨............................................................. ٧٢

سورة الزمر

الآيات : ١ ـ ٤................................................................ ٧٤

الآيتان : ٥ ـ و ٦.............................................................. ٧٦

الآيات : ٧ ـ ٩................................................................ ٧٧

الآيات : ١٠ ـ ١٦............................................................. ٧٩

الآيات : ١٧ ـ ٢٠............................................................. ٨٠

الآيتان : ٢١ ـ و ٢٢........................................................... ٨٢

الآية : ٢٣.................................................................... ٨٣

الآيات : ٢٤ ـ ٢٦............................................................. ٨٤

الآيات : ٢٧ ـ ٣١............................................................. ٨٥

الآيات : ٣٢ ـ ٣٥............................................................. ٨٨

الآيات : ٣٦ ـ ٤٠............................................................. ٨٩

الآيات : ٤١ ـ ٤٢............................................................. ٩٠

الآيات : ٤٣ ـ ٤٥............................................................. ٩١

الآيات : ٤٦ ـ ٤٨............................................................. ٩٢

الآيات : ٤٩ ـ ٥٢............................................................. ٩٤

الآيات : ٥٣ ـ ٥٩............................................................. ٩٥

الآيات : ٦٠ ـ ٦٦........................................................... ١٠٠

الآية : ٦٧.................................................................. ١٠١

الآيات : ٦٨ ـ ٧٠........................................................... ١٠٤

الآيتان : ٧١ ـ و ٧٢......................................................... ١٠٦

الآيتان : ٧٣ و ٧٤.......................................................... ١٠٧

الآية : ٧٥.................................................................. ١١٣

٤٧٤

سورة غافر

الآيات : ١ ـ ٣.............................................................. ١١٥

الآيات : ٤ ـ ٦.............................................................. ١١٦

الآيات : ٧ ـ ٩.............................................................. ١١٧

الآيات : ١٠ ـ ١٤........................................................... ١١٩

الآيات : ١٥ ـ ١٧........................................................... ١٢٢

الآيات : ١٨ ـ ٢٠........................................................... ١٢٣

الآيات : ٢١ ـ ٢٧........................................................... ١٢٥

الآيتان : ٢٨ و ٢٩.......................................................... ١٢٦

الآيات : ٣٠ ـ ٣٥........................................................... ١٢٩

الآيتان : ٣٦ و ٣٧.......................................................... ١٣٠

الآيات : ٣٨ ـ ٤٦........................................................... ١٣١

الآيات : ٤٧ ـ ٥٠........................................................... ١٣٥

الآيات : ٥١ ـ ٥٦........................................................... ١٣٦

الآيات : ٥٧ ـ ٥٩........................................................... ١٣٨

الآية : ٦٠.................................................................. ١٣٩

الآيات : ٦١ ـ ٦٥........................................................... ١٤١

الآيات : ٦٦ ـ ٦٨........................................................... ١٤٢

الآيات : ٦٩ ـ ٧٦........................................................... ١٤٣

الآيات : ٧٧ ـ ٨١........................................................... ١٤٤

الآيات : ٨٢ ـ ٨٥........................................................... ١٤٥

سورة فصلت

الآيات : ١ ـ ٥.............................................................. ١٤٧

الآيات : ٦ ـ ٨.............................................................. ١٤٩

الآيات : ٩ ـ ١٢............................................................. ١٥١

الآيات : ١٣ ـ ١٨........................................................... ١٥٤

الآيات : ١٩ ـ ٢٤........................................................... ١٥٥

الآيات : ٢٥ ـ ٢٩........................................................... ١٥٩

الآيات : ٣٠ ـ ٣٢........................................................... ١٦٠

الآيات : ٣٣ ـ ٣٦........................................................... ١٦٤

الآيات : ٣٧ ـ ٣٩........................................................... ١٦٦

الآيات : ٤٠ ـ ٤٣........................................................... ١٦٧

٤٧٥

الآيتان : ٤٤ و ٤٥.......................................................... ١٦٨

الآيات : ٤٦ ـ ٤٨........................................................... ١٦٩

الآيات : ٤٩ ـ ٥٤........................................................... ١٧٠

سورة فصلت

الآيات : ١ ـ ٦.............................................................. ١٧٣

الآيتان : ٧ و ٨.............................................................. ١٧٥

الآيات : ٩ ـ ١٢............................................................. ١٧٧

الآيتان : ١٣ و ١٤.......................................................... ١٧٨

الآية : ١٥.................................................................. ١٧٩

الآيات : ١٦ ـ ١٨........................................................... ١٨٠

الآيات : ١٩ ـ ٢٢............................................................. ١٨

الآيتان : ٢٣ و ٢٤.......................................................... ١٨٢

الآيات : ٢٥ ـ ٢٨........................................................... ١٨٧

الآيات : ٢٩ ـ ٣١........................................................... ١٨٩

الآيات : ٣٢ ـ ٣٥........................................................... ١٩١

الآيات : ٣٦ ـ ٣٩........................................................... ١٩٢

الآيات : ٤٠ ـ ٤٣........................................................... ١٩٤

الآيات : ٤٤ ـ ٤٦........................................................... ١٩٦

الآيتان : ٤٧ و ٤٨.......................................................... ١٩٧

الآيتان : ٤٩ و ٥٠.......................................................... ١٩٨

الآيات : ٥١ ـ ٥٣........................................................... ١٩٩

سورة الزخرف

الآيات : ١ ـ ٨.............................................................. ٢٠٠

الآيات : ٩ ـ ١٤............................................................. ٢٠١

الآيات : ١٥ ـ ٢٠........................................................... ٢٠٤

الآيات : ٢١ ـ ٣٥........................................................... ٢٠٦

الآيات : ٣٦ ـ ٤٥........................................................... ٢٠٩

الآيات : ٤٦ ـ ٥٠........................................................... ٢١١

الآيات : ٥١ ـ ٥٦........................................................... ٢١٢

الآيات : ٥٧ ـ ٦٥........................................................... ٢١٤

الآيات : ٦٦ ـ ٧٣........................................................... ٢١٨

٤٧٦

الآيات : ٧٤ ـ ٨٠........................................................... ٢٢٠

الآيات : ٨١ ـ ٨٩........................................................... ٢٢٢

سورة الدخان

الآيات : ١ ـ ٨.............................................................. ٢٢٥

الآيات : ٩ ـ ١٦............................................................. ٢٢٦

الآيات : ١٧ ـ ٣٣........................................................... ٢٣١

الآيات : ٣٤ ـ ٣٧........................................................... ٢٣٥

الآيات : ٣٨ ـ ٤٢........................................................... ٢٣٨

الآيات : ٤٣ ـ ٥٠........................................................... ٢٣٩

الآيات : ٥١ ـ ٥٩........................................................... ٢٤٠

سورة الجاثية

الآيات : ١ ـ ١١............................................................. ٢٤٣

الآيات : ١٢ ـ ١٥........................................................... ٢٤٤

الآيات : ١٦ ـ ٢٠........................................................... ٢٤٥

الآيات : ٢١ ـ ٢٣........................................................... ٢٤٦

الآيات : ٢٤ ـ ٢٦........................................................... ٢٤٧

الآيات : ٢٧ ـ ٢٩........................................................... ٢٤٩

الآيات : ٣٠ ـ ٣٧........................................................... ٢٥٠

سورة الأحقاف

الآيات : ١ ـ ٦.............................................................. ٢٥٢

الآيات : ٧ ـ ٩.............................................................. ٢٥٣

الآيات : ١٠ ـ ١٤........................................................... ٢٥٥

الآيتان : ١٥ و ١٦.......................................................... ٢٥٧

الآيات : ١٧ ـ ٢٠........................................................... ٢٦٠

الآيات : ٢١ ـ ٢٥........................................................... ٢٦٢

الآيات : ٢٦ ـ ٢٨........................................................... ٢٦٥

الآيات : ٢٩ ـ ٣٢........................................................... ٢٦٦

الآيات : ٣٣ ـ ٣٥........................................................... ٢٨١

سورة محمد

الآيات : ١ ـ ٩.............................................................. ٢٨٣

الآيات : ١٠ ـ ١٣........................................................... ٢٨٧

٤٧٧

الآيتان : ١٤ و ١٥.......................................................... ٢٨٩

الآيات : ١٦ ـ ١٩........................................................... ٢٩١

الآيات : ٢٠ ـ ٢٣........................................................... ٢٩٣

الآيات : ٢٤ ـ ٢٨........................................................... ٢٩٦

الآيات : ٢٩ ـ ٣١........................................................... ٢٩٧

الآيات : ٣٢ ـ ٣٥........................................................... ٢٩٨

الآيات : ٣٦ ـ ٣٨........................................................... ٢٩٩

سورة الفتح

الآيات : ١ ـ ٣.............................................................. ٣٠١

الآيات : ٤ ـ ٧.............................................................. ٣٠٤

الآيات : ٨ ـ ١٠............................................................. ٣٠٥

الآيات : ١١ ـ ١٤........................................................... ٣١٢

الآية : ١٥.................................................................. ٣١٣

الآيتان : ١٦ و ١٧.......................................................... ٣١٤

الآيتان : ١٨ و ١٩.......................................................... ٣١٥

الآيات : ٢٠ ـ ٢٤........................................................... ٣١٦

الآيتان : ٢٥ و ٢٦.......................................................... ٣١٩

الآيتان : ٢٧ و ٢٨.......................................................... ٣٣١

الآية : ٢٩.................................................................. ٣٣٦

سورة الحجرات

الآيات : ١ ـ ٣.............................................................. ٣٤٠

الآيتان : ٤ و ٥.............................................................. ٣٤٤

الآيات : ٦ ـ ٨.............................................................. ٣٤٥

الآيتان : ٩ و ١٠............................................................ ٣٤٩

الآية : ١١.................................................................. ٣٥١

الآية : ١٢.................................................................. ٣٥٢

الآية : ١٣.................................................................. ٣٦٠

الآيات : ١٤ ـ ١٨........................................................... ٣٦٣

سورة ق

الآيات : ١ ـ ٥.............................................................. ٣٦٧

الآيات : ٦ ـ ١١............................................................. ٣٦٩

٤٧٨

الآيات : ١٢ ـ ١٥........................................................... ٣٧٠

الآيات : ١٦ ـ ٢٢........................................................... ٣٧١

الآيات : ٢٣ ـ ٢٩........................................................... ٣٧٥

الآيات : ٣٠ ـ ٣٥........................................................... ٣٧٧

الآيات : ٣٦ ـ ٤٠........................................................... ٣٨١

الآيات : ٤١ ـ ٤٥........................................................... ٣٨٤

سورة الذاريات

الآيات : ١ ـ ١٤............................................................. ٣٨٦

الآيات : ١٥ ـ ٢٣........................................................... ٣٨٨

الآيات : ٢٤ ـ ٣٠........................................................... ٣٩٢

الآيات : ٣١ ـ ٣٧........................................................... ٣٩٣

الآيات : ٣٨ ـ ٤٦........................................................... ٣٩٤

الآيات : ٤٧ ـ ٥١........................................................... ٣٩٥

الآيات : ٥٢ ـ ٦٠........................................................... ٣٩٦

سورة الطور

الآيات : ١ ـ ١٦............................................................. ٣٩٨

الآيات : ١٧ ـ ٢٠........................................................... ٤٠١

الآيات : ٢٢ ـ ٢٨........................................................... ٤٠٢

الآيات : ٢٩ ـ ٣٤........................................................... ٤٠٥

الآيات : ٣٥ ـ ٤٣........................................................... ٤٠٦

الآيات : ٤٤ ـ ٤٩........................................................... ٤٠٧

سورة النجم

الآيات : ١ ـ ٤.............................................................. ٤١٠

الآيات : ٥ ـ ١٨............................................................. ٤١٢

الآيات : ١٩ ـ ٢٦........................................................... ٤٢٢

الآيات : ٢٧ ـ ٣٠........................................................... ٤٢٥

الآيتان : ٣١ و ٣٢.......................................................... ٤٢٦

الآيات : ٣٣ ـ ٤١........................................................... ٤٣٠

الآيات : ٤٢ ـ ٥٥........................................................... ٤٣٢

الآيات : ٥٦ ـ ٦٢........................................................... ٤٣٤

٤٧٩

سورة القمر

الآيات : ١ ـ ٥.............................................................. ٤٣٥

الآيات : ٦ ـ ١٧............................................................. ٤٤١

الآيات : ١٨ ـ ٣٢........................................................... ٤٤٣

الآيات : ٣٣ ـ ٤٠........................................................... ٤٤٤

الآيات : ٤١ ـ ٤٦........................................................... ٤٤٥

الآيات : ٤٧ ـ ٥٥........................................................... ٤٤٦

سورة الرحمن

الآيات : ١ ـ ١٣............................................................. ٤٥٢

الآيات : ١٤ ـ ٢٥........................................................... ٤٥٤

الآيات : ٢٦ ـ ٣٠........................................................... ٤٥٦

الآيات : ٣١ ـ ٣٦........................................................... ٤٥٨

الآيات : ٣٧ ـ ٤٥........................................................... ٤٦٠

الآيات : ٤٦ ـ ٥٣........................................................... ٢٦٢

الآيات : ٥٤ ـ ٦١........................................................... ٤٦٤

الآيات : ٦٢ ـ ٧٨........................................................... ٤٦٧

٤٨٠