موسوعة عاشوراء

جواد محدثي

موسوعة عاشوراء

المؤلف:

جواد محدثي


المترجم: خليل زامل العصامي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الرسول الأكرم (ص)
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٠

الحسين قبل وصوله كربلاء ، واستشهد عصر عاشوراء (١).

السليلية :

اسم موضع على طريق مكّة نحو العراق. وكان هذا الوادي أرضا لغطفان وفيه ماء وبئر. وعرف الموضع باسم سليل بن زيد. وقد مرّ الحسين بن علي عليهما‌السلام بهذا المنزل (٢).

سليمان بن سليمان الأزدي :

قيل : هو من شهداء كربلاء. وجاء اسمه في الزيارة الرجبية (٣).

سليمان بن صرد الخزاعي :

قائد ثورة التوابين التي انطلقت من الكوفة للمطالبة بدم الحسين. كان سليمان من وجهاء الشيعة في الكوفة ، وله مكانة جليلة عندهم. كان اسمه في الجاهلية يسار وسمّاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله باسم «سليمان» وكنيته ابو مطرف. كان من صحابة النبي ، وقاتل في صفّين وغيرها إلى جانب أمير المؤمنين. وهو من أوائل من سكن الكوفة من المسلمين.

بعد موت معاوية كان من جملة من كتب إلى الحسين يدعوه للقدوم إلى الكوفة. وقف إلى جانب مسلم بن عقيل عند وثوبه فيها ، لكن ابن زياد القاه في السجن ؛ ولهذا لم يحظ بالمشاركة في معركة الطف.

وبعد واقعة كربلاء ، حين استشعر أهل الكوفة الندم لنكولهم عن نصرة الحسين ، اضطلع هو بقيادة ثورة التوابين الذين أعلنوا ثورتهم عام ٦٥ للهجرة ، وكان شعارهم «يا لثارات الحسين» (٤) ، وسمّي هو أيضا ب «أمير التوابين». واشتبكوا

__________________

(١) انصار الحسين : ١٠١.

(٢) الحسين في طريقه إلى الشهادة : ٤٠.

(٣) انصار الحسين : ١٠١.

(٤) بحار الانوار ٤٥ : ٣٥٨.

٢٤١

مع جيش ابن زياد في موضع يقال له «عين الوردة» واستشهد في هذه المعركة هو وعدّة من أصحابه. وقال البعض انه استشهد اثناء الاشتباك مع القوات التي كانت موفدة من الشام إلى الحجاز. كان عمر سليمان بن صرد عند استشهاده ٩٣ سنة. وبعد استشهاده ارسلوا رأسه إلى مروان بن الحكم في الشام (١).

ـ التوابون ، يا لثارات الحسين ، عين الوردة

سليمان بن عون الحضرمي :

ذكروا اسمه في عداد شهداء كربلاء ، وجاء في الزيارة الرجبية أيضا (٢).

سليمان بن كثير :

جاء اسمه مع اسماء شهداء كربلاء وفي الزيارة الرجبية أيضا ، وقالوا لعلّه هو مسلم بن كثير (٣).

سنان بن أنس :

من المجرمين في واقعة كربلاء ، إذ كان في جيش عمر بن سعد ، وهو الذي ضرب الحسين عليه‌السلام بالرمح ، فسقط من جواده على الارض. وذكر أغلب المؤرّخين انه هو الذي احتزّ رأس الحسين ورفعه على الرمح. (وقال البعض ان شمر أو خولي هو الذي فعل ذلك) ثم طلب الجائزة فيما بعد من ابن زياد.

سوار بن منعم بن حابس الهمداني :

من شهداء كربلاء. قدم من الكوفة والتحق بالحسين بعد وصوله إلى كربلاء. يعتبره البعض من شهداء الحملة الاولى. وقال آخرون انّه جرح وأسر واخذ إلى عمر بن سعد ، ثم انه توفي بعد ستّة اشهر متأثّرا بجراحه. جاء ذكره في الزيارة

__________________

(١) سفينة البحار ١ : ٦٥٠.

(٢) انصار الحسين : ١٠١.

(٣) نفس المصدر السابق.

٢٤٢

الرجبية باسم «سوار بن أبي عمير النهمي» (١).

سورة الفجر :

تعرف هذه السورة ـ كما يروى عن الامام جعفر الصادق عليه‌السلام ـ باسم سورة الحسين ، وجاءت تأكيدات بقراءتها في الصلوات الواجبة والمستحبّة. «اقرءوا سورة الفجر في فرائضكم ونوافلكم فانّها سورة الحسين عليه‌السلام وارغبوا فيها» (٢).

وهذه التسمية في غاية الروعة «لأن ثورة الحسين في كربلاء كانت انبلاجا لفجر النور والجهاد والايمان في ظلمة الليل والشرك والجور الذي اشاعه بنو اميّة. ومثلما تبدأ حركة الناس وحياتهم من بعد بزوغ الفجر ، فكذا الاسلام انتعش واستعاد حياته بدم الحسين عليه‌السلام وأنصاره يوم عاشوراء». وجاء في نهاية الرواية المنقولة عن الامام جعفر الصادق عليه‌السلام في سبب تسمية هذه السورة ، بانّ سيد الشهداء : «فهو ذو النفس المطمئنة الراضية المرضية وأصحابه من آل محمد هم الراضون عن الله يوم القيامة وهو راض عنهم» (٣).

سوق الشام :

سوق كان في مدينة دمشق قرب المسجد الجامع فيها ، وبقاياه تسمى اليوم ب «سوق الحميدية». ومن المشهور انّ ابن زياد ساق عيال سيّد الشهداء من بعد واقعة كربلاء كسبايا وسيّرهم من الكوفة إلى الشام. وأمر يزيد باضاءة وتزيين بلاد الشام ، وان يطاف بعائلة الإمام الحسين في الأزقة والأسواق. ومن جملة الأماكن التي سيّر فيها السبايا هو سوق الشام الذي احتشدت على جانبيه جموع غفيرة من

__________________

(١) نفس المصدر السابق : ٧٢.

(٢) سفينة البحار ٢ : ٣٤٦ ، عوالم الامام الحسين : ٩٧.

(٣) عوالم الامام الحسين : ٩٨.

٢٤٣

الناس للتفرّج على سبايا آل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله.

يصل طول هذا السوق اليوم إلى خمسمائة متر وعرضه عشرة أمتار ، ويتألّف من طابقين ، ويعود تأريخ بنائه إلى العهد العثماني. ويبتدئ سوق الشام من شارع عريض يقع إلى الغرب منه وينتهي بساحة تقع مقابل المسجد الأموي ... والمسافة الفاصلة بين آخر عمود إلى الساحة المقابلة للباب الغربي للمسجد الاموي تقارب ٣٠ مترا ، ويبدو ان سبايا بيت العصمة والنبوّة قد دخلوا المسجد من هذا الباب (١).

سويد بن عمر الخثعمي :

وهو آخر من قتل في ساحة كربلاء ، قتل بعد الحسين. كان أحد رجلين كانا برفقة الحسين عليه‌السلام. سقط إلى الارض جريحا وكان به رمق ، ولما سمع جيش الكوفة ينادي مستبشرا بقتل الحسين استفاق وبدأ يقاتل بمديته وسيفه حتى استشهد ، ويعرف أيضا ب «سويد بن مطاع».

سهل بن سعد :

وهو من شيعة أهل البيت في الشام ، لقي قافلة سبايا كربلاء خارج باب دمشق ، وتعجّب مما كان عليه الناس من الفرح. تحدّث مع سكينة وعرّفها بنفسه وسألها ان كانت لها حاجة. فقالت له : قل لحامل الرأس ان يسير به أمام القافلة حتّى ينشغل الناس بالنظر إليه ولا ينظروا إلى وجوه بنات الرسالة.

دفع سهل مبلغ اربعمائة دينار لحامل الرأس ليسير أمام السبايا (٢).

كان سهل بن سعد الساعدي من صحابة الرسول ، ومن شيعة علي ، عاش حتّى عام ٨٨ ه‍ ، كان عمره حين وفاته ٩٦ أو مائة سنة (٣).

__________________

(١) دائرة المعارف الشيعة ٣ : ٣٤.

(٢) بحار الانوار ٤٥ : ١٢٧ ، وسيلة الدارين في انصار الحسين : ٣٨٢.

(٣) تنقيح المقال للمامقاني ٢ : ٧٦.

٢٤٤

السهم المثلث :

السهم المسموم الذي أصاب قلب الحسين عليه‌السلام. ورد في الأخبار : «انّه وقف يستريح ساعة وقد ضعف عن القتال ، فبينما هو واقف اذ أتاه يحجر جبهته ، فأخذ الثوب ليمسح الدم عن وجهه ، فأتاه سهم محدّد مسموم له ثلاث شعب فوقع السهم في صدره ـ وفي بعض الروايات على قلبه ـ ثم أخذ السهم فأخرجه من قفاه فانبعث الدم كالميزاب ، فوضع يده على الجرح فلمّا امتلأت رمى بدمه إلى السماء ولطّخ بها رأسه ولحيته وقال : هكذا أكون حتّى ألقي الله وجدّي رسول الله وأنا مخضّب بدمي» (١).

السيد الحميري :

من أبرز شعراء الشيعة ، كان يعيش في العراق ويحظى برعاية خاصة من الأئمة وخاصة الامام الصادق عليه‌السلام ، نظّم أجود الأشعار في مدح أهل البيت ورثاء سيد الشهداء وصحبه ، كان اسمه أبا هاشم إسماعيل بن محمد الحميري ، ولد عام ١٠٥ ه‍ في اسرة غير موالية لأهل البيت إلّا انه كان مواليا لآل علي ، ووقف لهم شعره ولسانه ، قال له جعفر الصادق عليه‌السلام : «سمّتك امك سيّدا وفّقت في ذلك وأنت سيد الشعراء» (٢) ، وبالاضافة إلى براعته في الشعر والأدب ، كان السيد الحميري شخصية بارزة في علوم القرآن ، والتفسير ، والحديث ، والكلام ، ويذكر اسمه إلى جانب أسماء العلماء الكبار. أما شعره في مدح آل النبيّ وهجاء أعدائهم فكان نافذا ولاذعا. وقد طبع شعره في كتاب تحت عنوان «ديوان السيد الحميري».

أجلسه الامام الصادق عليه‌السلام في داره ، وعيال الامام جالسون من وراء ستار ، وطلب منه الامام ان يرثي الحسين. فقرأ القصيدة التي مطلعها :

امرر على جدث الحسين

فقل لا عظمه لّاظمه الزكيّة

__________________

(١) بحار الانوار ٤٥ : ٥٢ و ٥٣ ، مقتل الحسين للمقرم : ٣٥١.

(٢) الغدير ٢ : ٢٣٢.

٢٤٥

فبكى الصادق عليه‌السلام وارتفع صوت البكاء من الدار حتى أمره بالامساك فأمسك (١) ، توفّي عام ١٧٣ في الرميلة ببغداد.

سيد الشهداء :

من أشهر ألقاب الحسين بن علي عليه‌السلام التي جاءت في الروايات وفي الزيارات نقلا عن الائمة.

قال الامام الصادق عليه‌السلام لام سعيد الأحمسية : «أفلا اخبرك بسيد الشهداء؟ قالت : بلى. قال : الحسين بن علي. قالت : وانّه لسيّد الشهداء؟ قال : نعم (٢).

كان هذا اللقب للحمزة عمّ النبي الذي استشهد في معركة احد ، إلّا ان بطولة الحسين وايثاره وتضحيته جعلته يفوق سائر الشهداء ، وجعلت لشهداء كربلاء أفضلية على الشهداء الآخرين ، وسيكون هذا الفضل مشهودا يوم القيامة.

لقد أخبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بشهادة ولده نقلا عن جبرائيل ، وقال داعيا له : «اللهم فبارك له في قتله واجعله من سادات الشهداء» (٣).

وقال ميثم التمّار في حديث له مع جبلّة المكية حول شخصية الحسين بن علي عليهما‌السلام : «ان الحسين بن علي سيد الشهداء يوم القيامة» (٤).

ـ الحسين بن علي

سيرة الامام الحسين (ع) (٥) :

سلوك سيد الشهداء عليه‌السلام وسيرته الأخلاقية تعكس سمو نفسه

__________________

(١) اعيان الشيعة ١ : ٥٨٦.

(٢) بحار الانوار ٩٨ : ٣٦.

(٣) عوالم الامام الحسين : ١١٨.

(٤) نفس المصدر : ٣٤٨ ، بحار الانوار ٤٥ : ٢٠٣.

(٥) وردت هذه الخصائص السلوكية في المصادر التالية : المناقب لابن شهر اشوب ٤ : ٦٥. حياة الامام الحسين ١ : ١١٢ ، المحجة البيضاء ٤ : ٢٢٢ ، سيرة الائمة الاثني عشر ٢ : ٢٩ ، كشف الغمة ٢ : ٢٢٦ ، بحار الانوار ٤٤ : ١٨٩ ، العوالم ١٣ : ٥٩.

٢٤٦

وتربيته في حجر محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي عليه‌السلام ، وتجسيده للقرآن الكريم في عمله واخلاقه. كان جوادا كريما ، يصل ارحامه ، ويعطي السائل ، ويكرم الفقير ، ويكسو العريان ، ويشبع الجائع ، ويؤدّي دين المدين ، ويشفق على اليتامى ، ويعين الضعفاء ، كانت كان كثير الصدقات ويقسم المال الذي يأتيه يقسمه على الفقراء ، كان يكثر من العبادة والصوم ، حجّ خمسا وعشرين مرّة ، كان معروفا بالشجاعة مقداما ، صلب الارادة ، عالي الهمة ، يأبى الضيم ، ويفضّل الموت على الحياة بذل. وكان غيورا ، صادق اللهجة ، ثابت الجنان في بيان الحق ، حليما ، دمث الاخلاق ، فاضلا ، يعتق رقاب عبيده وجواريه لأدنى الاسباب ، يوزع الطعام ليلا على دور الفقراء ، ومتواضعا يجالس الفقراء والمساكين ويأكل معهم الطعام ، يرغب في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وينكر على الظالمين والمجرمين جورهم.

كان ذو نجدة وسماحة ، شديد البأس ، لم يوغر صدره حقدا على احد ، كريم النفس ، جعل الكل يهوى حسن طباعه. كانت داره ملاذا وغاية للمساكين ، يحيى الليل بالعبادة ، مصلّيا بين اليوم والليلة الف ركعة ، ويختم القرآن في شهر رمضان ، يقبض الأموال والهبات التي يرسلها معاوية ويقسّمها على المستحقين ، يتصدق كل عام بنصف ما يملك من الثروة في سبيل الله. لم يكتنز ثروة ، وكان يخضب محاسنه.

تجسّدت خصاله الكريمة وسجاياه السامية في مختلف الميادين والمواقف في ثورة الطف ، يمكن الاشارة على سبيل المثال إلى رفضه القاطع مبايعة يزيد فخرج من المدينة وامتنع عن مبايعته حتّى في أقسى الظروف التي مرت به في كربلاء من حصار وعطش وضيق ، بل استقبل الموت بعزّة وشموخ ، وسقى الحرّ وجيشه طوال الطريق ، وقبل يوم عاشوراء توبة الحرّ. ورفع البيعة عن أنصاره لينصرف من يشاء منهم الانصراف. كان يعطف على أطفال مسلم بعد شهادة أبيهم. واستمهل القوم ليلة عاشوراء لينصرف للعبادة وتلاوة القرآن. وكان راضيا بقضاء الله حتّى آخر لحظة وحتّى وهو في موضع المنحر. صبر على كل المصائب والشدائد

٢٤٧

التي واجهته في ذلك اليوم وحتّى على مقتل أصحابه.

على الرغم من كل تلك المواقف العصيبة والغربة والوحدة والعطش ، قاتل أعداءه كالليث ولم ترهبه كثرتهم. كان يرى انّ ثورته قائمة على مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأشار عدّة مرّات اثناء مسيره إلى كربلاء إلى هوان الدنيا وتصرّمها ، وبيّن زهده فيها. تحمّل في يوم الطفّ كل ما رآه من عدوّه من سوء الخلق ولؤم الطباع. وبعد استشهاده وجدوا على أكتافه آثار أكياس الطعام التي كان يحملها إلى الفقراء.

ـ سجايا سيد الشهداء (ع)

سيف بن الحارث بن سريع الجابري :

من شهداء كربلاء ، وكان في سن الشباب. ورد اسمه في زيارة الناحية المقدّسة باسم «شبيب بن الحارث». جاء هو وابن عمه مالك بن عبد الله من الكوفة والتحقا بركب الحسين في كربلاء.

بعد استشهاد حنظلة بن قيس ، وحين هجم العدو على الخيام ، جاء إلى الحسين وهما يبكيان واستأذناه في البراز ، وقاتلا معا حتى قتلا ، وكانا اخوة من أمّ واحدة وأبناء عم (١) ، وجاء في الكتب اسم سيف بن الحرث ، ولعل المراد هو سيف ابن الحارث نفسه.

سيف بن مالك العبدي :

من شهداء كربلاء. كان شابا يفيض بالحماس وكان يجتمع مع الشيعة في البصرة في دار امرأة جليلة هي «مارية بنت منقذ العبدي» التي كانت دارها مركزا للشيعة (٢) جاء من البصرة إلى الكوفة وانضم هناك إلى جيش الحسين ، وصحبه إلى كربلاء. قتل في كربلاء عصر يوم عاشوراء خلال النزال الفردي.

__________________

(١) انصار الحسين : ٧٧.

(٢) انصار الحسين : ٧٨.

٢٤٨

ش

الشام :

تطلق هذه الكلمة على أرض فلسطين ، وسوريا ، ولبنان ، والاردن وما جاورها ، وتسمى كذلك بالشامات. فتحت هذه البلاد في صدر الاسلام. وفي عهد عثمان كان معاوية هو الوالي عليها ، وفي عهد خلافة علي عليه‌السلام تمرّد عليه. وكانت دمشق عاصمة للأمويين وفيها كان يحكم يزيد (١).

جاء في الروايات ذمّ لأرض الشام ، وذكرها الأئمة بسوء. كان أهل الشام يضمرون لعلي العداء وخاصّة في عهد معاوية ، ويعزى سبب ذلك إلى الدعايات الواسعة التي كان يشنّها معاوية والأمويون ضد علي عليه‌السلام وبني هاشم. وبما انّهم كانت لهم الهيمنة على تلك البلاد فقد اوغروا صدور أهاليها ضد آل البيت ، وزرعوا في قلوبهم العداء لهم. وهذا ما تسبّب في استشراء العداء بين الشاميين والعراقيين وأدى إلى عدم انصياع ولايات وأهالي العراق لحكومة دمشق.

بعد استشهاد مسلم بن عقيل وهاني بن عروة أخذ رأسيهما إلى الشام حيث مقر حكومة يزيد.

وبعد واقعة كربلاء حين سبي أهل البيت ، ساروا بهم أولا إلى الكوفة ومنها إلى الشام ، وأدخلوهم على يزيد هناك وابقوهم في دمشق عدّة أيّام ، وفيها تحدّث

__________________

(١) سفينة البحار ١ : ٦٨٠.

٢٤٩

الامام السجاد وزينب عليهما‌السلام في مجلس يزيد وكشفا حقيقة أفعاله (١).

لكلّ من زينب ورقية ضريح في الشام يزوره الشيعة ؛ ضريح رقية قرب الجامع الأموي في دمشق ، وضريح زينب في حي الزينبيّة خارج دمشق (٢).

خلّف سفر أهل البيت إلى بلاد الشام مرارة في قلوبهم ، ولاقوا فيها أشد المصائب والمشاق. ولما سئل الامام السجاد عليه‌السلام أي المصائب كانت أشدّ عليكم في واقعة الطف؟ قال ثلاثا : «الشام ، الشام ، الشام».

ـ دمشق ، خربة الشام ، رقيّة

شاه زنان ـ شهربانو :

شبث بن ربعي :

قائد الرجّالة في جيش عمر بن سعد في كربلاء ، وهو من قبيلة بني تميم ، وممّن كان قد كتب إلى الحسين يدعوه للقدوم إلى الكوفة. كان من وجهاء الكوفة ، ومواليا لعلي عليه‌السلام. وقد أرسله هو وعدي بن حاتم إلى معاوية ، وقاتل بين يدي أمير المؤمنين في صفين ، إلّا انه تمرّد عليه اثناء المسير إلى النهروان وانضم إلى الخوارج. وقد أخبر علي عليه‌السلام عمّا سيؤول إليه امره ، وقال له ولعمرو ابن الحريث : أقسم انكما ستقاتلان ولدي الحسين.

وفي يوم الطفّ حين تكلّم الحسين عليه‌السلام مع الجيش القادم من الكوفة لمحاربته ذكره بالاسم ، إلّا انهم كانوا يقطعون عليه حديثه ولا يصغون إليه ، ومن جملة ما قاله لهم : «... يا شبث بن ربعي ويا ... ألم تكتبوا إليّ ان قد أينعت الثمار واخضر الجناب وانما تقدم على جند لك مجنّدة؟ ...» (٣).

__________________

(١) سفينة البحار ١ : ٦٨٠.

(٢) للاطلاع على مزيد من المعلومات عن بلاد الشام وعن الاضرحة الشريفة والمدفونين فيها ، راجع كتاب «شام ارض الخواطر» ، مهدي پيشوايى.

(٣) انساب الاشراف ٣ : ١٨٨ ، بحار الانوار ٤٥ : ٧ ، وجاء اسمه فيه : قيس بن اشعث.

٢٥٠

شبث بن ربعي من الوجوه المتلوّنة في التاريخ ؛ فقد اشترك في قتل الحسين عليه‌السلام ، وبعد ذلك أعاد بناء مسجد في الكوفة شكرا لله وسرورا بمقتل الحسين ، ثم خرج بعد ذلك مع المختار مطالبا بدم الحسين وصار رئيسا لشرطة المختار ، ثم شارك في قتل المختار. وكانت له في ما مضى صلة بسجاح التي ادّعت النبوّة ، ثم أسلم ، وثار ضد عثمان وتاب ، وبعدها انضم إلى الخوارج ، وبدل ان يبايع عليا عليه‌السلام بايع ضبّا وقال : هما متساويان (١) ، مات في الكوفة عن ثمانين سنة.

شبيب بن عبد الله (مولى الحرث):

من شهداء كربلاء ، وكان من شجعان الكوفة. والتحق بالحسين هو وسيف ومالك (ابنا سريع) وكان من شهداء الحملة الاولى يوم الطف ، استشهد قبل الظهر. كان من صحابة النبي ، وشهد مع علي عليه‌السلام معاركه الثلاث.

شبيه النبي (ص):

وهو لقب علي الأكبر الابن الشهيد للحسين عليه‌السلام ، الذي قتل بين يدى أبيه في يوم عاشوراء وكان شبيها برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. قال أبو عبد الله عليه‌السلام عند بروز ولده للقتال : «اللهم اشهد على هؤلاء القوم فقد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقا وخلقا ومنطقا برسولك ، وكنا اذا اشتقنا إلى وجه رسولك نظرنا إلى وجهه ...» (٢).

ـ علي الأكبر

الشجاعة :

هي الاقدام عند منازلة الخصوم وعدم تهيّب المخاطر. واقتحام الخطوب ، وتعتبر الشجاعة من الصفات المهمّة التي تميّزت بها شخصية الامام الحسين عليه

__________________

(١) تنقيح المقال للمامقاني ٢ : ٨٠.

(٢) مقتل الخوارزمي ٢ : ٣٠.

٢٥١

السلام واصحابه ، فالحماس المنقطع النظير في سوح الوغى ، وسبي العيال وغيرها من الامور كلّها تدلّ على الشجاعة التي توارثها شهداء كربلاء من الاسلاف ، كانت ملحمة كربلاء منذ انطلاقتها وحتى مراحلها الأخيرة مشاهد تتجسد فيها معالم الشجاعة بشتّى صورها ، والأمثلة على ذلك كثيرة ، فالقاطعية التي أبداها الامام الحسين عليه‌السلام في معارضة يزيد وعدم البيعة له ، والعزم الراسخ على المسير نحو الكوفة والتصدّي لانصار يزيد ، وعدم انهيار معنوياته لسماع الاخبار والاوضاع التي كانت تجري في الكوفة ، واعلان الاستعداد لبذل دمه والتضحية بنفسه في سبيل إحياء الدين ، وعدم الخوف من كثرة الجيش المعادي واكتمال عدته وعدده ومحاصرته له في كربلاء ، ووثوب مسلم بن عقيل بالكوفة ، وفضح الأمويين على يد قيس بن مسهّر بين يدي والي الكوفة وعلى اسماع عامة الناس ، والقتال العنيف الذي خاضه الحسين وجنوده واهل بيته ، وصور البطولة الفردية التي أبداها العباس ، وعلى الاكبر ، والقاسم ، وعامة ابناء علي وأبناء عقيل ، والخطب التي ألقاها الامام السجاد وزينب عليهما‌السلام في الكوفة والشام وغيرها من المواقف والمشاهد البطولية تعكس بأجمعها عنصر الشجاعة الذي يعدّ من أوّليات ثقافة عاشوراء ، كان آل الرسول امثلة بارزة في الشجاعة والاقدام وثبات الجنان ، وكانت قلوبهم خالية من الخوف من العدو ، وكانت ساحات القتال في زمن الرسول وحروب الجمل وصفين والنهروان شاهدا يعكس شجاعة آل علي.

اعتبر الامام السجاد عليه‌السلام الشجاعة من جملة الخصال البارزة التي منّ الله بها على هذه الأسرة الكريمة ، وقال في خطبته في قصر يزيد : «أعطينا العلم والحلم والسماحة والفصاحة والشجاعة» (١) ، وكانت هذه الشجاعة في مجال القول واللسان ، وكذلك في مجال المنازلة ومقاتلة العدو ، والاغارة الفردية على صفوف جيشه. وكذلك في تحمّل المصائب والشدائد ، وعدم الانهيار والقبول بالدنيّة.

__________________

(١) بحار الانوار ٤٥ : ١٣٨ و ١٧٤.

٢٥٢

لقد أثنى العدو والصديق على شجاعة الحسين وصحبه ، وما أمر عمر بن سعد بالهجوم الشامل على أفراد جيش الامام ورميهم بالحجارة إلّا دليلا على هذه الشجاعة وتخاذل جيش الكوفة منهم. يقول حميد بن مسلم راوي مشاهد واقعة كربلاء : «فو الله ما رأيت مكثورا قط قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشا ولا أمضى جنانا منه عليه‌السلام ...» (١) ، ومع انّ الارقام التي تذكرها الكتب والمصادر عن عدد قتلى العدو نتيجة لهجوم اصحاب الامام عليهم مبالغ فيها وتستعصي على التصديق ولا يمكن القبول بها ، إلّا ان الأمر الثابت الذي لا يمكن انكاره هو الشجاعة المثيرة لهذه الفئة التي بذلت نفسها في سبيل الله.

ـ ثقافة عاشوراء ، أصحاب الامام الحسين

شراف :

ومعناه الموضع المرتفع ، وهو احد المنازل التي نزلها الامام الحسين عليه‌السلام عند مسيره من مكة إلى الكوفة ، وهي منطقة يكثر فيها الماء والاشجار ، وتبعد عن واقصة (المنزل الذي يليه ٥ / ٧ كيلومتر). وفي هذا الموضع أغلق الحر الطريق على الحسين ، فبات فيه هو وأصحابه ، وعند الفجر أمر شبّان القافلة بحمل ما يستطيعون من الماء ؛ فملئوا القرب والأواني وساروا ، وفي الطريق لقيهم جيش الحرّ وقد أنهكه العطش فأمر عليه‌السلام أن يسقوهم هم ودوابهم (٢).

وشراف اسم رجل كان قد أحدث الآبار والعيون في ذلك الموضع (٣).

شريح القاضي :

قاضي الكوفة المعروف التابع للأمويين. يعود نسب شريح بن الحارث إلى اليمن ، وولي في عهد عمر قضاء الكوفة ، وبقي في هذا المنصب ٦٠ سنة ، باستثناء

__________________

(١) الارشاد للشيخ المفيد ٢ : ١١١.

(٢) الحسين في طريقه إلى الشهادة لعلي بن حسين الهاشمي : ٩٤.

(٣) مقتل الحسين للمقرم : ٢١٣.

٢٥٣

ثلاث سنوات ترك فيها العمل على عهد عبد الله بن الزبير ، وفي أيّام الحجّاج كفّ يده عن هذا العمل وظل جليس داره إلى ان مات في عام ٩٧ أو ٩٨ للهجرة ، وكان قد عمّر اكثر من مائة سنة.

وفي عهد خلافة علي عليه‌السلام أبقاه في هذا المنصب بعد ان شرط عليه ان لا يجري حكما إلّا بعد ان يعرضه عليه (١) ، وفي أحد المرات غضب عليه وأخرجه من الكوفة. كان شريح شاعرا مجيدا وخفيف الروح مزّاحا (٢).

ولما قبض عبيد الله بن زياد على هانئ بن عروة في الكوفة ، وأساء إليه في قصر الامارة ، اجتمع أنصار هانئ عند القصر وهم يظنّون انّه قد قتل ، وأثاروا ضجّة هناك إلّا انّ شريح خرج إليهم بأمر ابن زياد وشهد لهم انّ هانئ حي لكي يتفرّق انصاره (٣) ، ومن المعروف انّه قد أفتى بأمر ابن زياد ان الحسين خارج على خليفة زمانه وعلى المسلمين أن يقاتلوه. اشتهرت شخصية شريح بصفته قاضيا تابعا للسلطان الجائر وفي خدمة الزيف والطغيان ، وطوع اشارة أعداء الحق الذين يستغلون مثل هذه الشخصيات الدينية الطيّعة التي يثق الناس بكلامها. وقد استغلت الحكومة الجائرة شريحا بصفته قاضيا.

الشريعة :

وتعني في اللغة مكان انتهاء الطريق إلى النهر ، ومن مرادفاتها الاخرى : المشرع ، والمشرعة ، والشرعة ، والمشرب ، والمنهل ، والورد ، والمورد.

وفي يوم عاشوراء قصد العبّاس بن علي شريعة الفرات ليأتيهم بالماء ، وقد كمن له أحد الأعداء وراء نخلة وقطع يمينه ، ثم استشهد لاحقا ودفن هناك.

ـ الفرات ، الماء

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٨ : ٦.

(٢) بحار الانوار ٤٢ : ١٧٥.

(٣) مروج الذهب ٣ : ٥٧.

٢٥٤

الشط ـ الفرات :

شعارات عاشوراء :

اتّخذت بعض كلمات الامام الحسين سواء التي نطق بها أثناء مسيره من المدينة إلى كربلاء أم تلك التي قالها في يوم عاشوراء ، طابع النداء المؤثر الذي يدعو إلى الجهاد والكرامة. وقد جاءت هذه المعاني في سياق الخطب والأرجاز والأشعار ، واتّخذت صيغة النداء أو الشعار. ويمكن التعرّف من خلالها على الأهداف والأفكار والمعنويات التي يتّصف بها رجال عاشوراء واعتبار تلك المعالم المضيئة شعارات لثورة عاشوراء. ومن هذه الشعارات :

١ ـ «على الاسلام السلام ، اذ بليت الامة براع مثل يزيد» (١).

قال هذا الامام الحسين (ع) ردّا على طلب مروان في المدينة عند ما أراد منه مبايعة يزيد.

٢ ـ «والله لو لم يكن ملجأ ولا مأوى لما بايعت يزيد بن معاوية» (٢).

جاء هذه في ردّه على أخيه محمد بن الحنفية.

٣ ـ «انّي لا أرى الموت إلّا سعادة والحياة مع الظالمين إلّا برما» (٣).

قال هذا مخاطبا أنصاره في كربلاء.

٤ ـ «الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درّت معايشهم فاذا محّصوا بالبلاء قل الديّانون» (٤).

قال هذا في منزل ذي حسم اثناء مسيره الى كربلا.

٥ ـ «ألا ترون الى الحقّ لا يعمل به والى الباطل لا يتناهى عنه؟ فليرغب

__________________

(١) موسوعة كلمات الامام الحسين : ٢٨٤.

(٢) بحار الانوار ٤٤ : ٣٢٩ ، اعيان الشيعة ١ : ٥٨٨.

(٣) بحار الانوار ٤٤ : ٣٨١.

(٤) تحف العقول : ٢٤٥ ، بحار الانوار ٧٥ : ١١٧.

٢٥٥

المؤمن في لقاء ربّه محقا (١).

قاله في كربلاء مخاطبا أصحابه.

٦ ـ «خطّ الموت على ولد آدم مخطّ القلادة على جيد الفتاة» (٢).

(قالها في مكة قبل الخروج إلى الكوفة أمام جمع من أنصاره وأهل بيته).

٧ ـ «من رأى سلطانا جائرا مستحلّا لحرام الله ، ناكثا عهده مخالفا لسنّة رسول الله ، يعمل فى .. عباد الله بالاثم والعدوان فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول كان حقّا على الله ان يدخله مدخله» (٣).

قاله مخاطبا جيش الحرّ في منزل البيضة على طريق الكوفة.

٨ ـ «ما الامام إلّا العامل بالكتاب والآخذ بالقسط والدائن بالحق والحابس نفسه على ذات الله» (٤).

سطّر الحسين هذه الصفات الحقّة للامام في الكتاب الذي بعثه مع مسلم بن عقيل إلى أهل الكوفة.

٩ ـ سأمضي وما بالموت عار على الفتى

اذا ما نوى حقّا وجاهد مسلما (٥)

هذا الشعر لشخص آخر تمثّل به الحسين ردّا على تهديدات الحرّ على طريق الكوفة.

١٠ ـ «رضا الله رضانا أهل البيت ، نصبر على بلائه ويوفّينا أجر الصابرين» (٦).

__________________

(١) المناقب لابن شهر اشوب ٤ : ٦٨.

(٢) اللهوف : ٥٣ ، بحار الانوار ٤٤ : ٣٦٦.

(٣) وقعة الطف : ١٧٢ ، موسوعة كلمات الامام الحسين : ٣٦١.

(٤) بحار الانوار ٤٤ : ٣٣٤.

(٥) بحار الانوار ٤٤ : ٣٣٤.

(٦) نفس المصدر السابق : ٣٦٦ ، اعيان الشيعة ١ : ٥٣٩.

٢٥٦

قاله في خطاب لأصحابه عند خروجه من مكّة.

١١ ـ «من كان باذلا فينا مهجته ، وموطنا على لقاء الله نفسه ، فليرحل معنا» (١).

قاله عند ما عزم على الخروج من مكّة إلى الكوفة ، مبيّنا طريق الشهادة الدامي الذي سيسلكه.

١٢ ـ «إنمّا خرجت لطلب الاصلاح في أمّة جدّي» (٢).

مقتطف من الوصية التي كتبها سيد الشهداء لأخيه محمد بن الحنفية قبل خروجه من المدينة.

١٣ ـ «لا أعطيكم بيدى إعطاء الذليل ولا أقرّ لكم إقرار العبيد [لا افر فرار العبيد] (٣)».

ورد هذا القول في كلامه صبيحة يوم عاشوراء مخاطبا جيش الكوفة الذي أراد منه الاستسلام.

١٤ ـ «هيهات منا الذلّة يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون ...» (٤).

قال هذا الكلام مخاطبا جيش الكوفة حين وجد نفسه مخيّرا بين طريقي الذلّة والشهادة.

١٥ ـ «فهل إلّا الموت؟ فمرحبا به» (٥).

جاء هذا في ردّه على كتاب عمر بن سعد الذي طلب فيه من الامام ان يستسلم.

١٦ ـ «صبرا بني الكرام ، فما الموت إلّا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضراء

__________________

(١) نفس المصدر السابق.

(٢) مناقب ابن شهر اشوب ٤ : ٨٩.

(٣) مقتل الحسين للمقرم : ٢٨٠.

(٤) نفس المهموم : ١٣١ ، المقتل للخوارزمي ٢ : ٧.

(٥) موسوعة كلمات الامام الحسين : ٣٨٢.

٢٥٧

إلى الجنان الواسعة والنعيم الدائم» (١).

خاطب بهذا الكلام أصحابه المستعدّين للبذل ، في صبيحة يوم عاشوراء بعد ان استشهد عدد منهم.

١٧ ـ الموت أولى من ركوب العار

والعار أولى من دخول النار (٢)

كان الحسين يرتجز بهذا الشعر يوم عاشوراء عند منازلة الأعداء ، ويعلن فيها استعداده للشهادة وعدم تحمّل عار الخنوع.

١٨ ـ «موت في عزّ خير من حياة في ذل» (٣).

١٩ ـ «ان لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحرارا في دنياكم» (٤).

خاطب اتباع آل أبي سفيان بهذا الخطاب قبل استشهاده بلحظات حين تناهى إلى سمعه انهم عازمون على الاغارة على خيم حريمه وعياله.

٢٠ ـ «هل من ناصر ينصر ينصرني؟» (٥) ، «هل من ذابّ يذبّ عن حرم رسول الله» (٦).

استغاث الحسين بهذا النداء بعد استشهاد جميع أنصاره وأهل بيته.

هذه المجموعة من الجمل المعبّرة التي تعتبر بمثابة شعارات للحسين عليه‌السلام في نهضته ، تدلّ على تركيزه على المفاهيم التالية : ان الاسلام عرضة للضياع في ظل سلطة يزيد ، وحرمة مبايعة شخص كيزيد ، وأفضلية الموت الأحمر على حياة المذلّة ، وندرة الناس الصادقين في ساحة البلاء ، ووجوب السير نحو الشهادة

__________________

(١) نفس المهموم : ١٣٥ ، معاني الاخبار : ٢٨٨.

(٢) مناقب ابن شهر اشوب ١ : ٦٨.

(٣) بحار الانوار ٤٤ : ١٩٢.

(٤) بحار الانوار ٤٥ : ٥١.

(٥) ذريعة النجاة : ١٢٩.

(٦) بحار الانوار ٤٥ : ٤٦.

٢٥٨

في عصر تسلّط الباطل ، وزينة الشهادة بالنسبة للانسان ، وفريضة محاربة حكم الجور والتسلّط ، والتسليم لإرادة الله والرضا بقضائه ، ومرافقة السائرين نحو الشهادة في كفاحهم العادل ، وحرمة الذلّة على الأحرار والمؤمنين ، وانّ الموت جسر للجواز نحو جنان الخلد ، والشهادة والمروءة ، والاستعانة بالجميع وعلى الدوام في سبيل إحقاق الحقّ ، وما إلى ذلك.

يكمن سر بقاء عاشوراء في ظلّ هذه التعليمات والأهداف المستفاد من كلام الحسين ، وقد استلهمت الثورات المناهضة للظلم والاستبداد مبادئها من هذه النداءات والتوجيهات.

ـ الرجز ، الخطبة ، شعر الامام الحسين (ع)

شعار الإمام الحسين (ع):

كان للمسلمين في حروب صدر الاسلام شعاراتهم الخاصّة. وكان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وللائمّة شعارهم الخاص. وقد ينقش هذا الشعار على فصّ الخاتم. قال الامام الصادق عليه‌السلام : «شعارنا يا محمد يا محمد ، وكان شعار الحسين يا محمد» (١).

ـ نقش خاتم الحسين (ع)

شعار أنصار مسلم ـ يا منصور أمت :

شعار التوابين ـ يا لثارات الحسين :

شعر الامام الحسين :

كان ائمّة الشيعة ينظمون الشعر أحيانا حسب مقتضيات الزمان والمكان. وكانوا يتمثّلون احيانا بشعر من سبقهم من الشعراء. ونقلت عن الحسين بن علي عليه‌السلام أشعار كثيرة يتعلّق بعضها بوقائع كربلاء وجاءت على صور الموعظة

__________________

(١) معالي السبطين ٢ : ٣٢.

٢٥٩

والرجز وما شابه ذلك. ويتعلّق بعضها الآخر بمناسبات ومواقف اخرى. وطبع ديوان يحمل عنوان «ديوان الحسين بن علي» (١) وهو يضمّ أشعاره التي تتناول أغلبها أغراض المواعظ والحكمة.

وخلال وقائع الطف نظم الحسين عليه‌السلام أشعارا من عنده ، وتمثّل كذلك بأشعار الشعراء العرب الآخرين ، من قبيل القصيدة التي مطلعها :

«فان نهزم فهزّامون قدما ...».

او القصيدة الاخرى التي مطلعها :

«مهلا بني عمّنا ظلامتنا ...».

أما بعض اشعاره التي نظّمها بنفسه فهي ما قاله في منزل صفاح حين التقى بالفرزدق وسمع بتخاذل أهل الكوفة ، ونكول من بايعه ، فأنشأ يقول :

لئن كانت الدنيا تعد نفيسة

فدار ثواب الله أعلى وأنبل

وان كانت الأبدان للموت انشئت

فقتل امرئ بالسيف في الله أفضل

وان كانت الأرزاق شيئا مقدرا

فقلّة سعي المرء في الرزق اجمل

وان كانت الأموال للترك جمعها

فما بال متروك به المرء يبخل

وفي ليلة العاشر من محرم بعد ما تحدّث لأنصاره وسمع منهم الوفاء والاستعداد للبذل والعطاء عاد إلى خيمته واخذ ينشد وهو يهيئ سلاحه :

يا دهر افّ لك من خليل

كم لك بالاشراق والأصيل

من صاحب وطالب قتيل

والدهر لا يقنع بالبديل

وإنمّا الأمر إلى الجليل

وكلّ حي سالك السبيل

 وارتجز في احدى حملاته يوم عاشوراء قائلا :

__________________

(١) جمعه محمد عبد الرحيم ، ونشرته : دار المختارات العربية ، الطبعة الاولى عام ١٤١٢ ه‍ ويقع الكتاب في ٢٢٢ صفحة ويتضمن فصولا عن حياة الامام الحسين ، وشرحا للكلمات العويصة في شعره ، وهو منظم وفق الترتيب الابجدى للقوافي.

(٢) في بعض النصوص : سالك سبيلي.

٢٦٠