موسوعة عاشوراء

جواد محدثي

موسوعة عاشوراء

المؤلف:

جواد محدثي


المترجم: خليل زامل العصامي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الرسول الأكرم (ص)
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٠

في كربلاء سيطر جيش عمر بن سعد على النهر ومنع الماء عن معسكر الحسين قبل العاشر بثلاثة أيّام. ولمّا اشتدّ العطش بالحسين وأنصاره ، انتدب اخاه العباس لجلب الماء ، وسيّر معه ٢٠ رجلا يحملون القرب وبرفقتهم ٣٠ فارسا اشتبكوا مع القوم واقتربوا من الشريعة وحملوا الماء وعادوا إلى الخيام (١).

ـ السقاية ، الماء ، العطش ، العباس بن علي (ع) ، نهر العلقمي

القرط :

بعد استشهاد الحسين عليه‌السلام هجم جيش الكوفة على الخيام وأضرم فيها النيران وسلب محتوياتها ، وانتزعوا الاقراط والخلاخيل من أذان وارجل الاطفال (٢) ، نقل عن فاطمة الصغرى بنت الإمام الحسين عليه‌السلام انّ أحد فرسان جيش عمر بن سعد تبعها وضربها بكعب الرمح على ظهرها فسقطت على وجهها فخرم اذنها واخذ قرطها وترك الدماء تسيل على خدّها (٣).

ونقل عن أمّ كلثوم انّهم انتزعوا قرطها وخرموا اذنها (٤).

ـ الخلخال ، نهب الخيام

قرّة بن أبي قرّة الغفاري :

من شهداء كربلاء ، وهو من قبيلة غفار. والرجز الذي كان ينشده في الميدان هو :

قد علمت حقّا بنو غفار

وخندف بعد بني نزار

بأنني الليث لدى الغبار

لأضربنّ معشر الفجّار

ضربا فجيعا عن بني الأخيار (٥)

__________________

(١) الكامل لابن الاثير ٢ : ٥٥٦.

(٢) حياة الإمام الحسين ٣ : ٣٠١.

(٣) بحار الانوار ٤٥ : ٦١.

(٤) عوالم الإمام الحسين : ٣٠٥.

(٥) المناقب لابن شهر اشوب ٤ : ١٠٢.

٣٦١

القسم عليهم بالقرآن :

لما رأى الحسين إصرار أهل الكوفة على قتله يوم عاشوراء ، أخذ المصحف ونشره وجعله على رأسه ونادى : «بيني وبينكم كتاب الله وجدّي محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله رسول الله يا قوم بم تستحلون دمي؟ الست ابن بنت نبيّكم؟» ثم التفت فاذا بطفل له يبكي عطشا فاخذه على يده وقال : «يا قوم ان لم ترحموني فارحموا هذا الطفل». وهو انما اقتدى بهذا بموقف أبيه أمير المؤمنين عليه‌السلام الذي نشر القرآن على رأسه ودعا على أصحابه المتخاذلين (١).

ـ علي الاصغر

القصبة (الرمح):

القصب نبات مائي ساقه انابيب وكعوب ، وقدره بغلظ الاصبع أو يزيد وغالبا ما يكون لونه اصفر ، ويتخذ منه الناي والمزمار. كما يتخذ منه الرمح وهو السلاح المعروف الذي يتكون من خشبة اسطوانية الشكل كالقصبة وفي رأسها سهم.

استعمل الرمح كسلاح في معركة الطف ، كما ورفعت رءوس الشهداء على الرماح وحملت إلى البلاد وداروا بها في الأمصار.

ـ رأس الإمام الحسين (ع) ، رءوس الشهداء

قصر الامارة ـ دار الامارة :

قصر مقاتل :

اسم أحد المنازل التي مرّ بها الإمام الحسين عليه‌السلام في مسيره من مكة إلى كربلاء. كان هناك في ما مضى قصر لمقاتل بن حسّان بن ثعلبة ، ويقع بين منزلي عين التمر وقطقطانة. وقد اندثر القصر ولم يبق من اثره إلّا شبه تل ، وفي الموضع مسجد وأبنية قديمة وعين نابعة.

في هذا المنزل رأى الحسين عليه‌السلام فسطاطا مضروبا ، فقال : لمن هذا؟

__________________

(١) سفينة البحار ٢ : ١٦.

٣٦٢

فقيل لعبيد الله بن الحر الجعفي. وكان معه الحجّاج بن مسروق الجعفي وزيد بن معقل الجعفي. فارسل الحسين الحجاج إليه يدعوه. لكنه اعتذر. فسار إليه الحسين وكلمه : فاعاد مقالته على الحسين واعتذر عن نصرته ، وابدى استعداده لتقديم فرسه ، فقال له الحسين : لا حاجة لنا فيك ولا في فرسك (١).

وهكذا حرم هذا الرجل نفسه من كرامة الشهادة مع سيّد الشهداء ، ولم يفز بفيض الحياة الأبدية في ظل الشهادة. وخرج الحسين من قصر مقاتل ليلا واتّخذ مسيره على يمين الطريق حتّى بلغ كربلاء. وهذا المنزل يسميه بعض المؤرخين بقصر بني مقاتل أيضا.

ـ عبيد الله بن الحر

القضيب :

غصن مقتطع من شجرة ، وغالبا ما يكون رقيقا يحمله الشخص بيده للاشارة به إلى شيء أو شخص. كان بيد يزيد قضيب من الخيزران اخذ ينكث به على شفاه وثنايا رأس الحسين عليه‌السلام عند ما وضع بين يديه (٢). وقد أنكر عليه بعض الحاضرين هذا العمل.

القطا :

ضرب من الحمام ذوات اطواق شبه الفاختة والقماري.

يمتاز ببصر حاو ، لذا فانه يستطيع تحديد موقع الماء من مسيرة عشرة أيّام.

ومن صوته تستدل القوافل على وجود الماء في موضع ما. ويضرب به المثل على الارشاد والدلالة على الطريق ؛ فيقال : «هو اهدى من القطا ، أو هو اصدق من القطا». وفي يوم العاشر لما جاء أبو عبد الله عليه‌السلام إلى الخيام ليودّع عياله للمرّة الأخيرة قالت له بنته سكينة : يا أبه ردّنا إلى حرم جدّنا. فقال : «هيهات لو

__________________

(١) الحسين في طريقه إلى الشهادة : ١٢٠ ، مقتل الحسين للمقرم : ٢٢٢.

(٢) مروج الذهب ٣ : ٦١.

٣٦٣

ترك القطا لنام» (١) مشبّها نفسه بالقطا. وهذا الشيء يدعو للتأمل في خصائص وصفات سيّد الشهداء. فالامام أيضا على وعي وبصيرة ومعرفة بالطريق ، ووجوده وكلامه يدل الناس على معين الماء ، وهم ان تبعوه لا يضلوا ولا يتيهوا.

ولكن ممّا يؤسف له انهم لم يدعوا امام الهداية في المركز الذي يرشد الآراء والعقول ، بل جعلوه يخرج من موطنه ومجاورة حرم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله.

القطقطانيّة :

موضع قرب الكوفة في جهة البرية بالطف ، وهو أحد المنازل من القادسية إلى الشام ، كان به سجن النعمان. وقد كانت المنطقة بين القادسية والقطقطانيّة قد نظم فيها ابن زياد قوات الاستطلاع لمنع الناس من الالتحاق بالحسين عليه‌السلام (٢).

قعنب بن عمرو النمري :

من شهداء كربلاء. وهو من شيعة البصرة. خرج مع الحجّاج بن بدر في كتاب حملوه إلى أبي عبد الله عليه‌السلام ، ولازماه حتّى يوم العاشر حيث قتلا في الحملة الاولى.

قمر بني هاشم :

هذا اللقب كان الحسين عليه‌السلام يطلقه على أخيه أبي الفضل العباس عليه‌السلام خصوصا اثناء الاستعداد للمسير إلى مكة بعد الامتناع عن بيعة يزيد ، وحينما ركب الجميع ، نادى الحسين : «أين أخي؟ أين كبش كتيبتي؟ اين قمر بني هاشم؟» فأجابه العباس : «لبّيك ، لبّيك يا سيّدي» (٣). وقد لقب العباس بهذا اللقب

__________________

(١) بحار الانوار ٤٥ : ٤٧ ، عوالم الإمام الحسين : ٢٩٠.

(٢) الحسين في طريقه إلى الشهادة : ٥٠.

(٣) معالي السبطين ١ : ٢٢٠.

٣٦٤

لحسنه وجماله.

ـ العباس بن علي

قيام أهل المدينة ـ واقعة الحرّة :

قيام المختار ـ خروج المختار :

قيام مسلم ـ مسلم بن عقيل :

القيد :

القيد والغل : طوق من حديد أو جلد يجعل في اليد أو العنق. والجامعة : هو القيد الذي يجمع اليدين والعنق. وهذا النوع من القيد كان مستعملا لدى الفرس في العهد الساساني ، وقد غنمه سعد بن أبي وقّاص (أبو عمر بن سعد). ولما سبي أهل البيت قيدوا يدي الإمام السجّاد عليه‌السلام إلى عنقه. ومن جملة من رأوا سبايا أهل البيت على هذه الحالة في محلة الكناسة بالكوفة ورأى الإمام السجّاد عليه‌السلام على جمل بلا وطاء وقد سال الدم من عنقه بفعل الجامعة ، هو مسلم الجصاص الذي كان يعمل في تلك الايام بتخصيص جدران دار الامارة.

ـ الجامعة

قيس بن الأشعث :

من قادة جيش عمر بن سعد في الكوفة. كان من جملة من بعثوا الكتب إلى الإمام الحسين عليه‌السلام إلّا انّه قاتله في كربلاء. وبعد مقتل الإمام سلبه ثيابه. ظل متخفّيا أيّام خروج المختار ، لكن أصحاب المختار عثروا عليه وقتلوه (١).

ـ قادة جيش الكوفة

قيس بن عبد الله الهمداني :

من شهداء كربلاء (٢).

__________________

(١) عبرات المصطفين ٢ : ١٢٩.

(٢) أنصار الحسين : ١٠٣.

٣٦٥

قيس بن مسهّر الصيداوي (١) :

من شهداء ثورة الإمام الحسين عليه‌السلام ، استشهد بالكوفة قبل يوم العاشر. كان قيس من شجعان الكوفة ومن وجهاء قبيلة بني أسد ، وأحد مبعوثي الكوفة إلى الإمام الحسين سار مع مسلم بن عقيل من مكّة إلى الكوفة ، وبعد مدّة حمل كتاب مسلم وسار به إلى الحسين بمكة يخبره بمبايعة أهل الكوفة له.

ولما وافي الإمام الحسين الحاجر من بطن ذي الرمّة ، كتب كتابا لشيعته من أهل الكوفة يعلمهم بالقدوم إليهم ، ودفع الكتاب إلى البطل الفذ قيس بن مسهّر الصيداوي ، حتّى انتهى إلى القادسية فاستولت عليه مفرزة من الشرطة اقيمت هناك وعلى رأسها الحصين بن نمير وهو من قادة جيش الكوفة. وأسرع قيس إلى الكتاب فخرقه لئلّا تطلّع الشرطة على ما فيه ، وأرسل مخفورا الى عبيد الله بن زياد ، الذي لم ينجح في الحصول على الاسماء الواردة الكتاب (٢).

طلب منه ابن زياد اما الكشف عن أسماء الاشخاص أو الصعود على المنبر ولعن علي والحسن والحسين امام الملأ والا فسيقتله ، فقبل الصعود على المنبر ، ولكنه لما بدأ بالكلام حمد الله واثنى عليه وصلّى على الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وأكثر من الترحم على علي وولده ثم لعن عبيد الله وأباه وعتاة بني اميّة عن آخرهم ، ورفع صوته للناس باجابة الحسين. ولما بلغ خبره ابن زياد أمر به فرمي حيا من فوق القصر واستشهد. ولما تناهى خبر استشهاده إلى الحسين استعبر باكيا وقال : «اللهمّ اجعل لنا ولشيعتنا منزلا كريما عندك ، واجمع بيننا وايّاهم في مستقر رحمتك» (٣).

__________________

(١) وقيل أيضا قيس بن مسهر.

(٢) حياة الإمام الحسين ٣ : ٦٢.

(٣) الارشاد للمفيد : ٢٢٠.

٣٦٦

ك

كاتب المقتل :

هو الشخص الذي يكتب النصوص المتعلّقة بمجالس العزاء والمقتل.

ـ المقتل

الكاشفي :

هو حسين بن علي البيهقي المعروف بالواعظ والملقب بالكاشفي ، وهو من مشاهير علماء ايران وكان يجيد فن الخطابة وينظم الاشعار. وله كتاب معروف يسمى ب «روضة الشهداء» عن تاريخ آل بيت الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ورثاء الائمة ، وظل الخطباء لفترة طويلة يأخذون عن كتابه هذا.

كان في زمن السلطان «حسين بايقرا» مشغولا بالوعظ والارشاد في هرات ونيسابور ويتلو الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة بصوت جذّاب ونغم شجي. وقد اتّهم في هرات ـ وأهلها من ابناء السنّة ـ بالتشيّع ، واشتهر في سبزوار ـ التي كانت مركزا للشيعة ـ بالتسنّن ، من جملة مؤلفاته : آينه اسكندري ، والاختيارات ، واخلاق محسني ، والاربعون حديثا ، وأسرار قاسمي ، والواح القمر ، وجواهر الأسرار ، وروضة الشهداء ، وغيرها. توفي بهرات عام ٩٠٦ أو ٩١٠ ه‍.

كتاب الزيارة :

وهو النص الذي يقرأ عند زيارة المرقد الشريف لأبي عبد الله الحسين عليه‌السلام ، أو مراقد الائمة المعصومين وذرية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وشهداء

٣٦٧

أهل البيت ، وفيه دعاء يقرأ بصفة التشرّف الباطني للأئمّة وأبناء الأئمة ، ويتضمّن سلاما من الزائر على المدفون في ذلك المرقد.

ولما كان يشترط في الزائر أن يتحلّى بالأدب والمعرفة ، فلا بد اذن أن يتّسم الكلام الذي يأتي به اثناء الزيارة بالسمو والأدب والرفعة. بامكان كلّ زائر أن يأتي من عنده بكلام وجمل بقصد الدعاء والزيارة. إلّا انّ مصادرنا فى التاريخ والحديث نقلت لنا نصوصا تسمّى بنصوص أو متون الزيارة ، ويتصل سندها بالائمة وتعرف باسم الزيارات المأثورة.

دوّن علماء الدين كتبا متعددة على شكل مجموعة زيارات وهي مزيجة من الزيارات المسندة والمنقولة عن المعصومين وغيرها من الزيارات التي انشأها أكابر العلماء. وقد نقلت في هذا المجال الكثير من الادعية والزيارات عن الائمة عليهم‌السلام مثل : زيارة أمين الله ، الزيارة الجامعة الكبيرة ، زيارة وارث ، زيارة عاشوراء ، زيارة الاربعين. كما انّ الكتب التي تضمّنت الأدعية والزيارات هي الاخرى بدورها كثيرة ومن الامثلة عليها : مصباح المتهجّد ، مفاتيح الجنان ، المزار ، بحار الانوار (مجلّد الزيارات).

لا شك انّ التدبّر في معاني ومضامين الزيارات ينطوي على فائدة كبرى. والمفاهيم العامة التي تطرحها الزيارات كثيرة جدا ، ومنها : المحبّة والمودة والموالاة والطاعة والصلوات والسلام والعهد والشفاعة والتوسّل والوفاء والجهاد والدعوة والنصرة والتسليم والتصديق والصبر والتولّي والتبرّي والمواساة والصلاة والزكاة والزيارة والتبليغ والتعاون والمساعدة والرضا والسعادة والثأر والسلم والحرب والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتقرّب إلى الله والبراءة من الأعداء ، والولاية والفوز والنصيحة والفداء وغيرها من عشرات المفاهيم الاخرى التي تستشف من مطالعة فقرات الزيارة.

الصفات الواردة في نصوص الزيارة بعضها صفات عامة وتنطبق على جميع

٣٦٨

الائمة والمعصومين وبعضها الآخر يصدق على وضعية حياة وشهادة امام بعينه أو شهيد خاص دون غيره.

يمكن تلخيص المحاور العامة للمفاهيم الواردة في الزيارات كالتالي :

ـ المسائل الاعتقادية كالتوحيد والنبوة وصفات الباري تعالى ...

ـ معرفة الأئمّة وصفاتهم وفضائلهم ومقاماتهم.

ـ تاريخ وسيرة الأئمة والأولياء ومظلوميتهم.

ـ صلة الولاء بين الزائر والإمام والسير على خطاه.

ـ فضح الحكّام الظلمة وجرائمهم ضد اتباع الحقّ ودعاة العدل.

ـ التولّي والتبرّي والتوسّل والدعاء وما شابه ذلك من المعارف.

ـ طرح المثل العليا والأهداف النبيلة والمطالب السنيّة.

هناك ـ بطبيعة الحال ـ مجموعة من المعارف الدينية والقيم العقائدية والفضائل السلوكية التي يعلّمها الائمة للشيعة والزوار في قالب فقرات الزيارة. والزيارات هي نوع من اعلان المواقف الاعتقادية والسلوكية والاخلاقية والسياسية التي يصرّح بها الزائر في أكثر الأماكن قدسية. والمحور الاساسي الآخر الذي تركّز عليه الزيارات هو «السلام» و «اللعن» لا سيّما الجانب المتعلّق بشهداء عاشوراء ، وتتضمّن أيضا السلام على الرسول والإمام والشهيد الذي يزوره الشخص ويلعن أعداءهم وطالميهم وغاصبي حقّهم ، والمشاركين في الجور عليهم والراضين بظلمهم والممهدين لهم.

«الحب» و «البغض» مظهر آخر لمبدإ التولّي والتبرّي الذي ورد في الزيارات بعبارات مختلفة ، وطرح ابتداء من ابسط اشكاله المتمثلة في الحالة القلبية وحتّى اشد صوره الخارجية التي يعبّر عنها بالحرب والسلم. وتعتبر «البيعة» من العناصر الرئيسية الاخرى في الزيارات ، والعهد والميثاق الذي يعقده الزائر مع الإمام والشهداء.

٣٦٩

يمثل الجهاد بعدا حيا آخر في سياق عمل وسلوك أولياء الله ، مثل رسول الله ، وأمير المؤمنين ، وحمزة سيّد الشهداء ، والإمام الحسن ، والإمام الحسين عليه‌السلام ، وشهداء احد ، وشهداء كربلاء. ووردت كلمة الجهاد في عبارات من قبيل : «جاهدت في سبيل الله ، وجاهدت في الله حقّ جهاده ، جاهدت الملحدين». كما تعدّ الشهادة من المظاهر الاخرى البالغة الوضوح في ثقافة عاشوراء مما يمكن ملاحظته في الزيارات.

انّ ثقافة الشهادة وحب الشهادة الذي يلاحظ في عدّة مواضع من الزيارات المأثورة ، والرغبة في القتل في سبيل الله وعلى نهج رسوله ودين الحق ، والفوز بالسعادة في ظل الشهادة ، والطرح الجاد لهذه القضايا يعتبر رفضا واستنكارا للاعلام المعادي الذي حاول أن يصوّر أبا عبد الله عليه‌السلام وشهداء كربلاء باعتبارهم بغاة وخارجين على الخليفة.

جاء في الزيارة المنقولة عن الإمام الهادي عليه‌السلام : «اشهد انك ومن قتل معك شهداء احياء».

تؤكّد الكثير من الزيارات والأدعية ان من جملة ما يصبو إليه الزائر ويتمنّاه هو أن يكتب له الله نصيب القيام وطلب الثار مع القائم عليه‌السلام. وهذا بمثابة غرس لثقافة الشهادة في نفوس وأفكار الشيعة : «وان يرزقني طلب ثأركم مع امام هدى ظاهر» (١). ويعلن فيها الزائر استعداده للبذل والنصرة : «نصرتي معدّة لكم ، ومودّتي خالصة لكم» (٢).

يلاحظ في زيارة شهداء عاشوراء تعابير من قبيل : الأصفياء ، والأولياء ، والاودّاء ، والانصار ، وهو ما يعكس الاهمية المعطاة لصفات من مثل : الاصطفاء ، والولاية ، والمودّة ، والنصرة في قاموس كربلاء ، كما ويعكس التوجّهات الخاصّة

__________________

(١) زيارة عاشوراء.

(٢) الزيارة الجامعة.

٣٧٠

الاجتماعية والعقائدية للزائر في التقرّب إلى الله ورسوله والائمة الذي يتحقّق بالبراءة من اعداء الله.

ـ الزيارة

كتب حول عاشوراء :

كتبت عن سيرة الإمام الحسين عليه‌السلام وواقعة عاشوراء وشهادة الحسين وأنصاره الكثير من المصنّفات شعرا أو نثرا ، اضافة إلى دواوين الاشعار والمراثي التي كتبت في هذا المضمار ، سواء ما كان منها نقلا وبيانا للحوادث أم ما جاء منها على شكل التحليل والدراسة العميقة.

نورد في ما يلي قائمة تشمل أسماء بعض الكتب العربية المكتوبة في هذا الموضوع :

١ ـ ائمتنا (ج ١ ـ ٢)

محمد علي دخيل

٢ ـ أبصار العين في أنصار الحسين

محمد بن طاهر السماوي

٣ ـ أبو الشهداء

عباس العقاد

٤ ـ الإمام الحسين عليه‌السلام

عبد الله العلائلي

٥ ـ الإمام الحسين بن علي الشهيد

عبد الودود الامين

٦ ـ الإمام الحسين في حلة البرفير

سليمان الكتاني

٧ ـ أنصار الحسين

محمد علي عابدين

٨ ـ أنصار الحسين

محمد مهدي شمس الدين

٩ ـ أسرار الشهادة

فاضل الدربندي

١٠ ـ بحار الانوار (ج ٤٤ ـ ٤٥)

العلامة المجلسي

١١ ـ ثورة الحسين

محمد مهدي شمس الدين

١٢ ـ ثورة الحسين في الوجدان الشعبي

محمد مهدي شمس الدين

١٣ ـ الحسين في طريقه إلى الشهادة

علي بن الحسين الهاشمي

٣٧١

١٤ ـ الحسين وبطلة كربلاء

محمد جواد مغنية

١٥ ـ حياة الإمام الحسين

بن علي باقر شريف القرشي

١٦ ـ الخصائص الحسينية

الشيخ جعفر الشوشتري

١٧ ـ الدوافع النفسية لانصار الحسين

محمد علي عابدين

١٨ ـ الشهيد والثورة

هادي المدرسي

١٩ ـ على طريق كربلاء

محمد حسين فضل الله

٢٠ ـ عوالم الإمام الحسين

عبد الله البحراني

٢١ ـ العيون العبرى

سيد ابراهيم الميانجي

٢٢ ـ فرسان الهيجاء

ذبيح الله المحلاتي

٢٣ ـ في رحاب ثورة الحسين

احمد زكي تفّاحة

٢٤ ـ كتاب عاشوراء

هادي المدرسي

٢٥ ـ اللهوف

السيد ابن طاوس

٢٦ ـ مع الحسين في

نهضته اسد حيدر

٢٧ ـ مقاتل الطالبيين

أبو الفرج الاصفهاني

٢٨ ـ مقتل الحسين عليه‌السلام

الخوارزمي

٢٩ ـ مقتل الحسين

أبو مخنف

٣٠ ـ مقتل الحسين

عبد الرزاق المقرم

٣١ ـ موسوعة كلمات الإمام الحسين (ع)

مؤسسة دراسات باقر العلوم (ع)

٣٢ ـ نهضة الحسين

السيد هبة الدين الشهرستاني

٣٣ ـ الوثائق الرسمية لثورة الإمام الحسين

عبد الكريم الحسيني القزويني.

كربلاء :

كربلاء مدفن سيّد الشهداء عليه‌السلام إحدى مدن العراق الواقعة على شاطئ الفرات ، وهي الأرض التي وقعت فيها أعظم ملحمة انسانية في شهر محرّم

٣٧٢

عام ٦١ للهجرة ، وغمرت أمواجها جميع الحقب التاريخية على امتداد العالم ، تربتها تفوح منها رائحة الدم ، ولترابها قدسية ومنه تستلهم العبر والدروس ، ونقلت في فضلها روايات كثيرة.

بعد معركة صفّين مرّ أمير المؤمنين عليه‌السلام بارض كربلاء واغرورقت عيناه بالدموع وقال : «... مصارع عشاق شهداء لا يسبقهم من كان قبلهم ، ولا يلحقهم من بعدهم ...» (١) ، ولهذا السبب صارت كربلاء تعرف برمز التضحية والايثار وحب الشهادة والشوق والحماس ، وظلت على مدى التاريخ بؤرة لاسمى معاني المحبّة تجتذب إليها القلوب الوالهة للمعرفة.

جاء في الروايات ان أبا عبد الله عليه‌السلام اشترى الارض المحيطة بقبره من أهل نينوى والغاضرية بمبلغ ستّين الف درهم ، ودفعها لهم صدقة بشرط ان يدلّوا الناس على قبره ويضيّفون القادم لزيارة قبره لثلاثة.

لقد ظلّت هذه البقعة أرض جرداء حتّى عام ٦١ للهجرة ، لكنها اصبحت منذ ذلك التاريخ فصاعدا موضع اهتمام شيعة آل علي عليه‌السلام على اثر استشهاد الحسين فيها. واضحت بعد بناء اضرحة الشهداء فيها مركزا لتجمّع السكان حتّى صارت اليوم واحدة من أكبر المدن المقدسة في العراق.

هناك آراء مختلفة في معنى كلمة كربلاء ، والجذر اللغوي لها ، فثمة نصوص تشير إلى انها مؤلفة من كلمتي «كرب» و «إل» بمعنى حرم الله ، الموضع الالهي المقدس ، أو المقرّب ، أو «حرم الله» (٢).

يرى البعض ان كلمة «كربلاء» منحوتة من كلمة «كور بابل» العربية ، بمعنى مجموعة قرى بابلية.

وكربلاء اسم قديم في التاريخ يقع في بلاد بين النهرين. وكانت في الماضي

__________________

(١) سفينة البحار ٢ : ١١ و ١٩٧ و ٤٧٥.

(٢) موسوعة العتبات المقدسة ٨ : ٩ وما بعدها.

٣٧٣

السحيق مهدا لأحداث أو حضارات كبرى ، ولبقاعها المختلفة اسماء متفاوتة منها : كربلاء ، وكور بابل ، ونينوى ، والغاضرية ، وكربلة ، والنواويس ، والحير ، والطف ، وشفية ، والعقر ، ونهر العلقمي ، وعمورا ، ومارية ، وما شابه ذلك ، وبعض هذه الاسماء تعود إلى قرى واراضي شاسعة في هذه المنطقة.

وضريح الحسين عليه‌السلام يقام اليوم في هذه المدينة وله تاريخ تفصيلي ، وشهد على مر العهود والادوار تغييرات وبناءات كثيرة ، سكنت كربلاء اسر عريقة ، وفيها حوزة علمية وعوائل شريفة برز منها علماء فطاحل ، ويقع فيها أيضا ضريح العباس بن علي عليه‌السلام ، وشهدت المدينة في القرون المتأخرة احداثا وثورات وفتن متعددة (١). وعلى اية حال ينبغي البحث عن الآفاق الانسانية والعقائدية ، والنظر إليها كمدرسة نستلهم منها المثل المقدسة والسامية أكثر من الاهتمام بمعالمها التاريخية والجغرافية.

ـ الطف ، نينوى ، الحرم الحسيني ، الحائر ، التربة

الكربلائي :

المنسوب إلى كربلاء سواء كان من أهل كربلاء ، أو الذاهب لزيارة كربلاء ، وهو لقب يطلقه أهالي البلدان البعيدة ، وقراهم خاصة على من لا يعرفون اسمه. والكربلائي تطلق على من يزور كربلاء ، مثلما تطلق كلمة الحاج على من يزور بيت الله ، وكما تطلق كلمة المشهدي على من يزور مشهد الإمام الرضا في خراسان تكريما واحتراما لذلك الشخص.

يستعمل هذا التعبير على سبيل الاستعارة بشأن كلّ شخص يتّسم باحوال وخصائص ثورة عاشوراء ويستلهم منها الدروس ، من قبيل : الامة الكربلائية ، والحماس الكربلائي.

ومن البديهي ان ايجاد مثل هذا اللقب يعد من جملة العوامل التي تساهم في

__________________

(١) تراث كربلاء : ١٩.

٣٧٤

خلود تلك القيم المعنوية لتلك البقعة وللشخصيات المدفونة فيها. وهو يتعدى التعبير العرفي المجرّد إلى تعبير ذي طابع ثقافي مقدّس.

ـ الحسيني ، ثقافة عاشوراء

كردوس بن زهير التغلبي :

من شهداء كربلاء. قتل هو واخوه (قاسط بن زهير) مع الإمام الحسين يوم عاشوراء (١) ، وقد ورد اسمه بصور اخرى.

كعب بن جابر الأزدي :

أحد أفراد جيش عمر بن سعد. بارز برير بن خضير يوم عاشوراء وقتله. وجاء في التواريخ أيضا ان قاتل برير شخص آخر (٢).

كلّ من يهوى كربلاء بسم الله :

هذا العنوان مترجم عن بيت شعر في اللغة الفارسية يقرأ في القوافل السائرة إلى كربلاء ، وهو مشتق من كلام للامام الحسين عليه‌السلام قاله عند الخروج من مكّة متوجها نحو مذبح الشهادة في الكوفة وكربلاء ، وهو : «ألا ... من كان باذلا فينا مهجته ، موطّنا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا فاني راحل مصبحا ان شاء الله» (٣) وهذه دعوة لخطّ الايثار والشهادة كامنة في قلوب ونفوس السائرين على خطى الحسين وعاشوراء.

ـ منادي الزيارة ، حب الشهادة ، الزيارة

كلّ يوم عاشوراء :

«كلّ يوم عاشوراء وكلّ أرض كربلاء» هذا الشعار يعكس ديمومة حالة

__________________

(١) أنصار الحسين : ٩٣.

(٢) بحار الانوار ٤٥ : ١٥.

(٣) كشف الغمة ٢ : ٢٤١ ، حياة الإمام الحسين ٣ : ٤٨.

٣٧٥

الصراع بين الحق والباطل على مدى الزمان وفي كلّ مكان ، ويبدو ان كربلاء وعاشوراء هي ابرز حلقات هذه السلسلة الطويلة. والحق والباطل في مواجهة مستمرة مع بعضهما. وتقع على عاتق جميع الاحرار مهمة حراسة الحق ومجابهة الباطل. ومن البديهي ان الوقوف موقف اللامبالاة والتفرّج على مشاهد الحق والباطل ينم عن حالة انعدام التديّن.

انّ معركة الطف وان كانت أقصر المعارك إذ انها لم تستغرق أكثر من نصف يوم ، إلّا انّها من حيث الامتداد تعتبر أطول صراع ضد الظلم والباطل. وطالما كان هناك من يقول : «يا ليتنا كنّا معكم فنفوز فوزا عظيما» (١). فستبقى جبهة كربلاء تنبض بالحياة ، وصراع عاشوراء قائم على الدوام ، ومثلما أصبح الحسين وارثا لآدم وابراهيم ونوح وموسى ومحمد (عليهم‌السلام) ، فكذا يصبح أتباع مدرسة عاشوراء ورثة لخط الجهاد والشهادة الدامي. ولن ترى راية كربلاء مطروحة على الارض يوما. وهذا هو جوهر التشيّع في بعده السياسي.

ذكر أحد الكتاب يقول : «أنا على يقين بانّ الحسين لو وجد في زماننا هذا لصنع من القدس وجنوب لبنان وأكثر المناطق الاسلامية كربلاء ثانية ، ووقف نفس الموقف الذي وقفه من معاوية ويزيد ، وسوف لا يناصره ممن يدّعون الإسلام والتشيّع وممن يتباكون على القدس والجنوب ويتاجرون بهما في البيانات والخطب وعلى صفحات الجرائد وبالبنادق التي يحملونها في الشوارع والنوادي اكثر من العدد الذي ناصره ووقف إلى جانبه في كربلاء الاولى» (٢).

وهذا الرأي يدحض الرأي القائل ان كربلاء وثورة الإمام الحسين عليه‌السلام كانت تكليفا خاصا بالامام ولا يمكن اتباع نهجه فحينما اكد الإمام الحسين كما جاء في خطبته على ضرورة القيام ضد السلطة الجائرة التي احلت حرام الله

__________________

(١) زيارة عاشوراء.

(٢) الانتفاضات الشيعية لهاشم معروف الحسني : ٣٨٥.

٣٧٦

وحرّمت حلاله ، ونقضت عهد الله وسارت خلافا لسنّة الرسول وعملت بالاثم والعدوان ، واعتبر هذه الصفات شاخصة في سلطة يزيد ، واضاف في ختام خطبته : «فلكم فيّ اسوة» (١) ، وهذا يدل على أن الأرض على سعتها كربلاء ، والزمن على امتداده عاشوراء. ويجب القيام في كلّ مكان ضد الظلم استلهاما من هذه المدرسة ، وتجب التضحية على طريق العزّة والحرية.

ـ الوارث ، هل من ناصر؟ ، الشهادة ، دروس من عاشوراء

الكميت بن زيد الأسدي (٢) :

كنيته أبو المستهل ، شاعر مقدام عالم بلغات العرب. عرف بقصائده في مدح أهل البيت ورثاء الإمام الحسين عليه‌السلام. وكان شديد التعاطف مع بني هاشم وأكثر من مديحهم فى قصائده. أشهر قصائده هي تلك المشهورة باسم الهاشميات.

كان للكميت خصال لم تكن في شاعر آخر : كان خطيب بني أسد ، وفقيه الشيعة ، وحافظا القرآن ، وثبت الجنان ، وكاتبا حسن الخط ، وفارسا شجاعا ، وراميا لم يكن في أسد أرمى منه (٣).

ولد عام ٦٠ للهجرة ، وتوفي عام ١٢٦. كرس هذا الشاعر البليغ جهده للدفاع عن مبدأ الولاية وبيان فضائل العترة الطاهرة وما اقترفته بحقهم ايدي أعدائهم. كان الأئمة يضمرون له الكثير من المحبّة ويخصّونه بالدعاء. ويعدّ من أكبر الشعراء الذين قالوا في مراثي عاشوراء ، ومن أشهر قصائده في هذا المجال قصيدته الميميّة التي مطلعها :

من لقلب متيّم مستهام

غير ما صبوة ولا أحلام!

ولد الكميت في سنة استشهاد الحسين عليه‌السلام وبفضل دعاء الإمام

__________________

(١) تاريخ الطبري ٤ : ٣٠٤.

(٢) الكميت في اللغة بمعنى ما كان لونه بين الاسود والاحمر من الخيل.

(٣) الغدير ٢ : ١٩٥ ، سفينة البحار ٢ : ٤٩٦.

٣٧٧

السجّاد عليه‌السلام له ختمت حياته بالشهادة. وكان متواريا عن انظار الامويين مدّة من الزمن ، وقتل في عهد مروان ودفن بالكوفة في مقبرة بني اسد.

دعا له الإمام الباقر عليه‌السلام بالقول : «لا زلت مؤيّدا بروح القدس ما ذببت عنّا أهل البيت».

قال الكميت في البائية من الهاشميات في رثاء شهيد كربلاء :

قتيل بجنب الطف من آل هاشم

فيا لك لحما ليس عنه مذبّب

ومنعفر الخدّين من آل هاشم

الا حبّذا ذاك الجبين المترّب (١)

وروي انّه جاء إلى الإمام الباقر عليه‌السلام في أيّام التشريق واستأذنه في انشاد قصيدة في أهل البيت ، فأنشدها ، فبكى أبو جعفر عليه‌السلام وبكى الحاضرون ، ثم رفع يديه بالدعاء وقال : «اللهمّ اغفر للكميت ما قدّم وما أخّر وما أسرّ وما أعلن وأعطه حتّى يرضى» (٢).

الكناسة :

اسم لحي في الكوفة كان فيه سوقها ومركز تجارتها ، ويقع بين مسجد السهلة ومسجد الكوفة. وكان يصلب فيها من يحكم عليهم بالقتل. وفي هذا الموضع جهّز علي عليه‌السلام جيشه وسار به إلى معركة صفّين. وأعدّ فيه الإمام الحسن عليه‌السلام جيشه أيضا. وفي هذا الموضع جهزّ ابن زياد الجيش الذي بعثه لقتال الحسين عليه‌السلام. فيه كذلك صلب جسد مسلم بن عقيل ، وجسد الثائر الكبير «زيد بن علي» مدّة أربع سنوات.

كنانة بن عتيق التغلبي :

من شهداء كربلاء وهو في عداد ممّن استشهدوا في الحملة الاولى. كان كهلا

__________________

(١) ادب الطف ١ : ١٨٧.

(٢) منتهى الآمال ١ : ٢١٣.

٣٧٨

ويعدّ من شجعان الكوفة وعابدا وقارئا للقرآن. ولما انتهى سيد الشهداء الى أرض كربلاء ، التحق به كنانة واستشهد معه. جاء اسمه في زيارة الناحية المقدّسة.

كنز الاسرار (گنجينة الاسرار):

منظومة طويلة من الشعر العرفاني الحماسي باللغة الفارسية ، نظمها عمان الساماني في رثاء الحسين عليه‌السلام ووقائع ثورة كربلاء. وهي من الاشعار المشهورة في المراثي ، وهي من الوجهة العرفانية تستمد مواضيعها من كربلاء وابطال احداثها ، وقد طبع هذا الكتاب مرات عديدة وبصور مختلفة.

الكوفة :

احدى المدن المهمة في العراق ، كانت معقلا لانصار أهل البيت ومغرسا للشيعة ، وقد اتّخذها علي عليه‌السلام عاصمة لحكومته. ورويت في فضلها أحاديث كثيرة. وطبقا لما نقل عن الإمام الصادق عليه‌السلام انّه وصفها بحرم علي بن أبي طالب ، وفسرها بانها هي «طور سينين» الوارد ذكره في القرآن (١).

تقع الكوفة على جانب الفرات الأوسط غربا ، أسّسها سعد بن أبي وقّاص بعد وقعة القادسية أيّام عمر بن الخطاب ، وازدهرت هي والبصرة في الحكومة الأموية. وكانت تسمى قديما «كوفان». وقيل : سميت الكوفة لاستدارة بنائها ، ويقال : تكوّف القوم ، اذا اجتمعوا واستداروا ، وقيل أيضا ان اسم الكوفة يعني الرملة الحمراء.

شيّد المسلمون بعد فتحهم العراق مدينة الكوفة لتكون مركزهم وقاعدتهم التي ينطلقون منها نحو الشرق ، وبمرور الزمن اصبحت للكوفة مكانة مهمّة في مجال السياسة والحرب ، وإلى جوار الكوفة غدت كربلاء مكانا لقلّة من الناس امتهنوا الزراعة في المناطق القريبة من موارد المياه. وكان يقال للكوفة «كوفة

__________________

(١) سفينة البحار ٢ : ٤٩٨.

٣٧٩

الجند» أيضا (١).

بعد امتناع الإمام الحسين عليه‌السلام عن البيعة وخروجه إلى مكّة ، كتب رؤساء شيعة الكوفة إليه يدعونه للقدوم إليهم. فارسل إليهم مسلم بن عقيل مندوبا عنه ، فبايعه الثوريون من اهلها.

ولكن ادّى مجيء ابن زياد إلى قلب الاوضاع ، ولم يسمحوا للحسين بالوصول إلى الكوفة.

كان النسيح الاجتماعي في الكوفة يتكوّن يومذاك من خليط متباين من العناصر المختلفة ، فكان فيها شيعة علي وأبنائه ، وفيها من ينهجون نهج الخوارج ، ولم تكن خالية من أنصار بني اميّة. إضافة إلى ما كان يتّسم به المجتمع الكوفي في ذلك الوقت من الانتهازية والانهزاميّة والتأثّر بالدعايات. وقد وقف الاشخاص الأثرياء فيها أمثال الأشعث بن قيس ، وعمرو بن حريث ، وشبث بن ربعي إلى جانب عبيد الله بن زياد. فكانت هذه العناصر المختلفة والاقوام المتنوعة وغير المتجانسة وغير المنسجمة والتي تتكون الأكثرية منها من المهاجرين إلى هذه المدينة التي كانت قد انشئت حديثا ، سببا في عدم الاستقرار السياسي فيها.

كانت الروح القبلية هي العنصر البارز في حياة المجتمع الكوفي وقد استغل ابن زياد هذه الظاهرة وسيطر على المدينة عبر استمالة رؤساء القبائل فيها. وهذه الزوبعة التي اثارها ابن زياد كانت السبب الذي أبطل كلّ تلك الكتب والدعوات وأدى إلى تشتت آلاف الأيدي المبايعة للامام الحسين عليه‌السلام.

وقعت حادثة كربلاء قريبا من هذه المدينة ، والجيش الذي خرج لقتال الحسين كان يتألف بشكل أساسي من أهاليها وبعد انتهاء الواقعة جيء بسبايا أهل البيت إليها ، وفيها ألقت زينب الكبرى عليها‌السلام خطبة احالت فرحة أهل الكوفة إلى حزن وعزاء. ومن هذه المدينة خرج التوأبون بقيادة سليمان بن صرد الخزاعي ،

__________________

(١) موسوعة العتبات المقدسة ٨ : ٤٦.

٣٨٠