تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٧

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٧

المؤلف:

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي


المحقق: حسين درگاهى
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٤

وقيل (١) : الرّوح جبرئيل.

وقيل (٢) : خلق أعظم من الملك.

وقيل (٣) : القرآن ، و «من أمر ربّي» معناه : من وحيه.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٤) : وأمّا قوله : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي)

فإنّه حدّثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : هو ملك أعظم من جبرئيل وميكائيل ، وكان مع رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ، وهو مع الأئمّة ـ عليهم السّلام ـ.

وفي خبر آخر (٥) : هو من الملكوت.

وفي أصول الكافي (٦) : عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي).

قال : خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل [كان مع رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وهو مع الأئمّة ، وهو من الملكوت.

عليّ (٧) ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيّوب الخزّاز ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) قال : خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل ،] (٨) لم يكن مع أحد ممّن مضى غير محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ ، وهو مع الأئمّة يسدّدهم ، وليس كلّ ما طلب وجد.

وفي تفسير العيّاشي (٩) : عن زرارة قال : سألت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ عن قول الله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي).

قال : خلق من خلق الله. وإنّه (١٠) يزيد في الخلق ما يشاء.

حمران (١١) ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهما السّلام ـ عن قوله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ).

__________________

(١ و ٢ و ٣) نفس المصدر والموضع.

(٤) تفسير القمّي ٢٠ / ٢٦.

(٥) نفس المصدر والموضع.

(٦) الكافي ١ / ٢٧٣ ، ح ٣.

(٧) نفس المصدر ، ح ٤.

(٨) ليس في ب.

(٩) تفسير العيّاشي ٢ / ٣١٦ ، ح ١٥٩.

(١٠) المصدر : الله. (١١) نفس المصدر ، ح ١٦٠. وفيه : عن زرارة وحمران.

٥٠١

قالا : إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ أحد صمد ، و (الصَّمَدُ) الشّيء الّذي ليس له جوف ، فإنما الرّوح خلق من خلقه ، له بصر وقوّة وتأييد يجعله في قلوب المؤمنين والرّسل.

وفي رواية أبي أيّوب الخزّاز (١) قال : [أعظم من جبرائيل ، وليس كما ظننت.

عن أبي بصير (٢) ، عن أحدهما ، قال :] (٣) سألته عن قوله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي)؟ ما الرّوح؟

قال : الّتي في الدّوابّ والنّاس.

قلت : وما هي؟

قال : هي من الملكوت ، من القدرة.

وفي كتاب التّوحيد (٤) ، بإسناده إلى عبد الحميد الطّائيّ : عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ عن قول الله (٥) ـ عزّ وجلّ ـ : (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) كيف هذا النّفخ؟

فقال : إنّ الرّوح متحرّك ، كالرّيح ، وإنّما سمّي روحا لأنّه اشتقّ اسمه من الرّيح ، وإنّما أخرجت (٦) على لفظ الرّوح لأنّ الرّوح مجانس (٧) للرّيح ، وإنّما أضافه إلى نفسه لأنّه اصطفاه على سائر الأرواح ، كما اصطفى بيتا من البيوت ، فقال : بيتي. وقال لرسول من الرّسل : خليلي. وأشباه ذلك ، وكلّ ذلك مخلوق مصنوع محدث مربوب مدبّر.

وفي الكافي (٨) ، مثله سواء.

وفي قرب الإسناد (٩) للحميريّ ، بإسناده إلى مسعدة بن زياد قال : حدّثني جعفر بن محمّد ، عن أبيه أنّ روح آدم لمّا أمرت أن تدخل [فيه] (١٠) فكرهته (١١) ، فأمرها أن تدخل كرها وتخرج كرها.

وفي كتاب علل الشّرائع (١٢) : أخبرني عليّ بن حاتم قال : أخبرنا القاسم بن محمّد

__________________

(١) نفس المصدر / ٣١٧ ، ح ١٦٢.

(٢) نفس المصدر والموضع ، ح ١٦٣.

(٣) ما بين المعقوفتين «يوجد في النسخ ولعلّ المؤلف (ره) أسقطها من نقل الحديث من تفسير نور الثقلين لتوالي الحديثين فيه.

(٤) التوحيد / ١٧١ ، ح ٣.

(٥) الحجر / ٢٩.

(٦) المصدر : أخرجه.

(٧) كذا في المصدر. وفي النسخ : يجانس.

(٨) الكافي ١ / ١٣٣ ـ ١٣٤ ، ح ٣.

(٩) قرب الإسناد / ٣٨.

(١٠) من المصدر.

(١١) المصدر : وكرهته.

(١٢) العلل / ٣٠٩ ، ح ١.

٥٠٢

قال : حدّثنا حمدان بن الحسين ، عن الحسن بن الوليد ، عن عمران الحجّاج ، عن عبد الرّحمن ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قلت : لأيّ علّة إذا خرج الرّوح من الجسد (١) وجد له مسّا ، وحيث ركّبت لم يعلم (٢) به؟

قال : لأنّه نما عليه البدن.

وفي نهج البلاغة (٣) : قال ـ عليه السّلام ـ : وخرجت الرّوح من جسده فصار جيفة بين أهله.

وفي كتاب الاحتجاج (٤) للطّبرسي ـ رحمه الله ـ : عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ حديث طويل ، وفيه قال السّائل : أخبرني عن السّراج إذا انطفأ أين يذهب نوره؟

قال : يذهب فلا يعود.

قال : فما أنكرت أن يكون الإنسان مثل ذلك ، إذا مات وفارق [الروح] (٥) البدن لم يرجع إليه أبدا ، كما لا يرجع ضوء السّراج إليه أبدا إذا انطفأ؟

قال : لم تصب القياس ، لأنّ النّار في الأجسام (٦) كامنة ، والأجساد (٧) قائمة بأعيانها ، كالحجر والحديد ، فإذا ضرب أحدهما بالآخر سطعت (٨) من بينهما نار يقتبس (٩) منها [سراج] (١٠) له ضوء ، فالنّار ثابتة في أجسامها والضّوء ذاهب ، والرّوح جسم رقيق قد البس قالبا كثيفا وليس بمنزلة السّراج الّذي ذكرت ، إنّ الّذي خلق في الرّحم جنينا من ماء صاف وركّب فيه ضروبا مختلفة من عروق وعصب وأسنان وشعر وعظام وغير ذلك ، هو يحييه بعد موته ، ويعيده (١١) بعد فنائه.

قال : فأين الرّوح؟

قال : في بطن الأرض حيث مصرع البدن إلى وقت البعث.

قال : فمن صلب أين روحه؟

قال : في كفّ الملك الّذي قبضها حتّى يودعها الأرض.

__________________

(١) ب : البدن.

(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : لم يعمل.

(٣) النهج / ١٦١ ، الخطبة ١٠٩.

(٤) الاحتجاج / ٣٤٩ ـ ٣٥٠.

(٥) من المصدر.

(٦) ب : الأجساد.

(٧) المصدر : الأجسام.

(٨) المصدر : سقطت.

(٩) المصدر : تقتبس.

(١٠) من المصدر.

(١١) كذا في المصدر. وفي النسخ : يعيد.

٥٠٣

قال : فأخبرني عن الرّوح أغير الدّم؟

قال : نعم ، الرّوح على ما وصفت لك مادّتها (١) من الدّم ، [ومن الدّم] (٢) رطوبة الجسم وصفاء اللّون وحسن الصّوت وكثرة الضّحك ، فإذا جمد الدّم فارق الرّوح البدن.

قال : فهل توصف (٣) بخفّة وثقل ووزن؟

قال : الرّوح بمنزلة الرّيح [في الزّقّ] (٤) إذا نفخت فيه امتلأ الزّقّ منها (٥) ، فلا يزيد في وزن الزّقّ وولوجها فيه ولا ينقصه (٦) خروجها منه ، كذلك الرّوح ليس لها ثقل ولا وزن.

وفي كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة (٧) : أبي ومحمّد بن الحسن ـ رضي الله عنهما ـ قالا : حدثنا سعد بن عبد الله [وعبد الله] (٨) بن جعفر الحميريّ ومحمّد بن يحيى العطّار وأحمد بن إدريس ، جميعا ، قالوا : حدّثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقيّ قال (٩) : حدّثنا أبو هاشم داود بن القاسم الجعفريّ ، عن محمّد بن عليّ الثّاني ـ عليه السّلام ـ قال : أقبل أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ ذات يوم ومعه الحسن بن عليّ وسلمان الفارسي ، وأمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ متّك على يد سلمان ـ رحمه الله ـ فدخل المسجد الحرام فجلس ، إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللّباس فسلّم على أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ فردّ عليه السّلام ، فجلس ثمّ قال : يا أمير المؤمنين ، أسألك عن ثلاث مسائل ، إن أخبرتني بهنّ علمت أن القوم ركبوا من أمرك ما أقضي عليهم أنّهم ليسوا بمأمونين في دنياهم ولا في آخرتهم ، وإن تكن الأخرى علمت أنّك وهم شرع سواء.

فقال له أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ : سلني عمّا بدا لك.

قال : أخبرني عن الرّجل إذا نام أين تذهب روحه ، وعن الرّجل كيف (١٠) يذكر وينسى ، وعن الولد كيف يشبه الأعمام والأخوال.

فالتفت أمير المؤمنين إلى أبي محمّد الحسن بن عليّ ـ عليهما السّلام ـ فقال : يا أبا محمّد ، أجبه.

__________________

(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : عارية.

(٢) من المصدر.

(٣) المصدر : يوصف.

(٤) ليس في ب.

(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : منهما.

(٦) المصدر : ينقصها.

(٧) كمال الدين / ٢١٣ ـ ٢١٤ ، صدر ح ١.

(٨) ليس في ب.

(٩) كذا في المصدر. وفي النسخ : قالوا.

(١٠) ليس في أ ، ب.

٥٠٤

فقال : أمّا ما سألت عنه من [أمر] (١) الإنسان إذا نام أين تذهب روحه ، فإنّ روحه معلّقة (٢) بالرّيح ، والرّيح معلّقة (٣) في الهواء إلى وقت ما يتحرّك صاحبها لليقظة (٤) ، فإذا أذن الله ـ عزّ وجلّ ـ بردّ تلك الرّوح (٥) على صاحبها جذبت تلك الرّوح الرّيح وجذبت تلك الرّيح الهواء فرجعت الرّوح فأسكنت في بدن صاحبها ، وإن لم يأذن الله ـ عزّ وجلّ ـ بردّ تلك الرّوح على صاحبها ، [جذب الهواء الرّيح ، وجذبت الرّيح الرّوح ، فلم تردّ إلى صاحبها] (٦) إلى وقت ما يبعث.

والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

وفي أمالي الشّيخ الصّدوق (٧) ـ رحمه الله ـ ، بإسناده إلى النّوفليّ قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : إنّ المؤمن إذا نام ، خرجت من روحه حركة ممدودة صاعدة (٨) إلى السّماء.

فقلت له : وتصعد روح المؤمن إلى السّماء؟

قال : نعم؟

قلت : حتّى لا يبقى منه شيء في بدنه؟

قال : لا ، لو خرجت كلّها (٩) حتّى لا يبقى منه شيء إذا لمات.

[قلت] (١٠) فكيف تخرج؟

فقال : أما ترى الشّمس في السّماء في موضعها وضوؤها وشعاعها في الأرض؟

فكذلك الرّوح أصلها في البدن وحركتها ممدودة.

والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

وفي مجمع البيان (١١) : يجوز أن يكون الرّوح الّذي سألوا عنه جبرئيل ... على (١٢) قول الحسن [وقتادة] (١٣). أم ملك من الملائكة له سبعون ألف وجه ، لكلّ وجه سبعون ألف لسان ، يسبّح الله بجميع ذلك ... على ما روي عن عليّ ـ عليه السّلام ـ.

__________________

(١) من المصدر.

(٢ و ٣) المصدر : متعلّقة.

(٤) ب ، أ ، ر : اليقظة.

(٥) في ج : زيادة «والرّيح».

(٦) من المصدر. وفي النسخ بعدها زيادة : إلّا.

(٧) أمالي الصدوق / ١٢٤ ، ح ١٥ (مقاطع من الحديث)

(٨) يوجد في ب ، المصدر.

(٩) يوجد في ب ، المصدر.

(١٠) من المصدر.

(١١) المجمع ٣ / ٤٣٧.

(١٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : عن.

(١٣) من المصدر.

٥٠٥

(وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) (٨٥) : تستفيدونه بتوسّط حواسّكم ، فإنّ اكتساب العقل للمعارف النّظرية إنّما هو من الضّروريّات المستفادة من إحساس الجزئيّات ، ولذلك قيل : من فقد حسّا فقد فقد علما. ولعلّ أكثر الأشياء لا يدركه الحسّ ، ولا شيئا من أحواله المعرّفة لذاته. وهو إشارة إلى أن الرّوح [ممّا] (١) لا يمكن معرفة ذاته إلّا بعوارض تميّزه عمّا يلتبس به ، فلذلك اقتصر على هذا الجواب ، كما اقتصر موسى في جواب : (وَما رَبُّ الْعالَمِينَ) (٢) بذكر بعض صفاته.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٣) : وقوله (٤) : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). وذلك أنّ اليهود سألوا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ عن الرّوح.

فقال : (الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً).

قالوا : نحن خاصة؟

قال : بل النّاس عامّة.

فقالوا : فكيف يجتمع هذان ، يا محمّد ، تزعم أنّك لم تؤت من العلم إلّا قليلا وقد (٥) أوتيت القرآن وأوتينا التّوراة ، وقد قرأت : (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ) وهي التّوراة (فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) (٦).

فأنزل الله ـ تبارك وتعالى ـ : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ). يقول : علم الله أكثر (٧) من ذلك ، وما أوتيتم كثير فيكم قليل عند الله.

وفي تفسير العيّاشي (٨) : عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ تعالى ـ : (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً). قال : تفسيرها في الباطن : أنّه لم يؤت من (٩) العلم إلّا أناس يسير ، فقال : (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً)

__________________

(١) من أنوار التنزيل ١ / ٥٩٦.

(٢) الشعراء / ٢٣.

(٣) تفسير القمّي ٢ / ١٦٦.

(٤) لقمان / ٢٦.

(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : لقد.

(٦) البقرة / ٢٧٢.

(٧) كذا في المصدر. وفي النسخ : أكبر.

(٨) تفسير العيّاشي ٢ / ٣١٧ ، ح ١٦٤.

(٩) ليس في المصدر.

٥٠٦

منكم.

وفي كتاب التّوحيد (١) ، بإسناده إلى حنان بن سدير : عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ حديث طويل ، يقول فيه : ووصف الّذين لم يؤتوا من الله فوائد العلم فوصفوا ربّهم بأدنى الأمثال ، وشبّهوه بالمتشابه منهم فيما جهلوا به ، فلذلك قال : (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً). فليس له شبه ولا مثل ولا عدل.

(وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) «الّلام» الأولى موطّئة للقسم «ولنذهبنّ» جوابه النّائب مناب جزاء الشّرط ، والمعنى : إن شئنا ذهبنا بالقرآن ومحوناه من المصاحف والصّدور.

(ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلاً) (٨٦) : من يتوكّل علينا استرداده مسطورا محفوظا.

(إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) : [فإنّها إن نالتك فلعلّها تستردّه عليك.

ويجوز أن يكون استثناء منقطعا ، بمعنى : ولكن رحمة من ربّك] (٢) تركته غير مذهوب به ، فيكون امتنانا بإبقائه بعد المنّة في تنزيله.

(إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً) (٨٧) : كإرساله ، وإنزال الكتاب عليك ، وإبقائه في حفظه.

(قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ) : في البلاغة وحسن النّظم وكمال المعنى.

(لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ) : وفيهم العرب العرباء ، وأرباب اللّسان ، وأهل التّحقيق.

وهو جواب قسم محذوف دلّ عليه الّلام الموطّئة ، ولو لا هي لكان جواب الشّرط بلا جزم لكون الشّرط ماضيا ، كقول زهير :

وإن أتاه خليل يوم مسغبة

يقول لا غائب مالي ولا حرم

(وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (٨٨) : ولو تظاهروا على الإتيان به.

ولعلّه لم يذكر الملائكة ، لأنّ إتيانهم بمثله لا يخرجه عن كونه معجزا ، ولأنّهم كانوا وسائط في إتيانه.

__________________

(١) التوحيد / ٣٢١ ، ح ١.

(٢) ليس في ج.

٥٠٧

ويجوز أن تكون الآية تقريرا لقوله : (ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلاً).

وفي عيون الأخبار (١) ، في باب مجلس الرّضا ـ عليه السّلام ـ مع سليمان المروزيّ حديث طويل ، وفيه قال الرّضا ـ عليه السّلام ـ : يا جاهل ، فإذا علم الشّيء فقد أراده.

قال سليمان : أجل.

قال : فإذا لم يرده لم يعلمه.

قال [سليمان] (٢) : أجل.

قال : من أين قلت ذاك ، وما الدّليل على أنّ إرادته علمه ، وقد يعلم ما لا يريده أبدا؟ وذلك قوله (٣) ـ عزّ وجلّ ـ : (وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ). فهو يعلم كيف يذهب به وهو لا يذهب به (٤) أبدا؟

قال سليمان : [لأنّه قد فرغ من الأمر ، فليس يزيد فيه شيئا.

قال الرّضا ـ عليه السّلام ـ : هذا قول اليهود ، فكيف قال (٥) : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)؟ قال سليمان :] (٦) إنّما عنى بذلك أنّه قادر عليه.

قال : أفيعد ما لا يفي به ، فكيف قال (٧) : (يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ). وقال (٨) ـ عزّ وجلّ ـ : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ). وقد فرغ من الأمر؟

فلم يحر جوابا.

وفي كتاب التّوحيد (٩) ، مثله سواء.

وفي كتاب الاحتجاج (١٠) للطّبرسيّ ـ رحمه الله ـ : عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ حديث طويل ، وفي آخره : فآل (١١) الأمر إلى أن قال سليمان : إنّ الإرادة هي القدرة.

قال الرّضا ـ عليه السّلام ـ : وهو يقدر على ما لا يريد أبد الآبدين (١٢). من ذلك ، لأنّه قال : (وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ). فلو كانت الإرادة هي القدرة كان

__________________

(١) العيون ١ / ١٨٩.

(٢) من المصدر.

(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : وذلك لقوله : ...

(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : كيف يذهب ولا يذهب به.

(٥) المؤمن / ٦٢.

(٦) يوجد في ب والمصدر.

(٧) فاطر / ١.

(٨) الرّعد / ٣٩.

(٩) التوحيد / ٤٥١.

(١٠) الاحتجاج ٢ / ٤٠٤.

(١١) كذا في المصدر. وفي النسخ : قال.

(١٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : أبدا لا بدّ.

٥٠٨

قد أراد أن يذهب به لقدرته (١).

فانقطع سليمان وترك الكلام عند هذا الانقطاع ، ثمّ تفرّق القوم.

وفي عيون الأخبار (٢) ، في باب ما جاء عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ من الأخبار بالتّوحيد حديث طويل : عن عليّ ـ عليه السّلام ـ يذهب فيه تفسير حروف المعجم ، وفي آخره قال عليّ ـ عليه السّلام ـ : إنّ الله ـ تعالى ـ نزّل (٣) هذا القرآن بهذه الحروف الّتي يتداولها جميع العرب. ثمّ قال : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً).

وبإسناده (٤) إلى الرّضا ـ عليه السّلام ـ : أنّه ـ عليه السّلام ـ ذكر القرآن يوما ، فعظم الحجّة فيه والآية المعجزة في نظمه.

والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

وفي الخرائج والجرائح (٥) ، في أعلام أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : أنّ ابن أبي العوجاء وثلاثة نفر من الدّهريّة اتّفقوا على أن يعارض كلّ واحد منهم ربع القرآن ، وكانوا بمكّة ، وعاهدوا على أن يجيئوا بمعارضته في العام القابل.

فلمّا حال الحول ، واجتمعوا في مقام إبراهيم ـ أيضا ـ قال أحدهم : إنّي لمّا رأيت [قوله (٦) : (يا أَرْضُ]) (٧) (ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ). كففت عن المعارضة.

وقال الآخر : وكذا أنا لمّا وجدت قوله (٨) : (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا) أيست من المعارضة.

وكانوا يسترون (٩) ذلك إذ مرّ عليهم الصّادق ـ عليه السّلام ـ ، فالتفت إليهم وقرأ عليهم : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ). فبهتوا.

(وَلَقَدْ صَرَّفْنا) : كرّرنا بوجوه مختلفة زيادة في التّقرير والبيان.

(لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) : من كلّ معنى ، هو كالمثل في غرابته

__________________

(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : بقدرته.

(٢) العيون ١ / ١٣٠.

(٣) المصدر : أنزل.

(٤) نفس المصدر ٢ / ١٣٠ ، صدر ج ٩.

(٥) نور الثقلين ٣ / ٢٢٠ ، ح ٤٤٤.

(٦) هود / ٤٤.

(٧) من نور الثقلين.

(٨) يوسف / ٨٠. (٩) كذا في نور الثقلين. وفي النسخ : يسرّون.

٥٠٩

ووقوعه موقعا في الأنفس.

(فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً) (٨٩) : إلّا جحودا. وإنّما جاز ذلك ولم يجز : ضربت إلّا زيدا ، لأنّه متأوّل بالنّفي (١).

وفي أصول الكافي (٢) : أحمد بن عبد العظيم ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : نزل جبرئيل بهذه الآية هكذا : فأبى اكثر الناس بولاية علي (٣) إلا كفورا.

والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

وفي شرح الآيات الباهرة (٤) : قال محمّد بن العبّاس : حدّثنا عليّ بن عبد الله بن أسد ، عن إبراهيم الثّقفيّ ، عن عليّ بن هلال الأحمر ، عن الحسن (٥) بن وهب بن عليّ بن بحيرة ، عن جابر ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً) قال : نزلت الآية في عليّ (٦) ـ عليه السّلام ـ.

وقال ـ أيضا ـ (٧) : أحمد بن هوذة ، عن إبراهيم بن إسحاق النّهاونديّ ، عن عبد الله بن حمّاد الأنصاريّ ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال : فأبى أكثر الناس بولاية عليّ ـ عليه السّلام ـ إلا كفورا.

(وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) (٩٠) : تنعّتا واقتراحا بعد ما ألزمهم الحجّة ببيان إعجاز القرآن ، وانضمام غيره من المعجزات إليه.

وقرأ (٨). الكوفيّون ويعقوب : «تفجر» بالتّخفيف.

و «الأرض» أرض مكّة. و «الينبوع» عين لا ينضب ماؤها ، يفعول ، من نبع الماء ، كيعبوب ، من عبّ الماء : إذا زخر.

(أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً) (٩١) : أو يكون لك بستان يشتمل على ذلك.

(أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً) ، يعنون : قوله ـ تعالى ـ : (إِنْ نَشَأْ

__________________

(١) قوله : «لأنه متأول بالنفي» ، أي أكثر الناس» مؤول بالنفي ، لأن معناه : ما فعل أكثر الناس شيئا إلا كفورا.

(٢) الكافي ١ / ٤٢٤ ـ ٤٢٥ ، صدر ح ٦٤.

(٣) ب : علي بن أبي طالب.

(٤) تأويل الآيات الباهرة ١ / ٢٩٠ ـ ٢٩١.

(٥) أ ، ب : الحسين.

(٦) المصدر : ولاية أمير المؤمنين.

(٧) نفس المصدر والموضع.

(٨) أنوار التنزيل ١ / ٥٩٧.

٥١٠

نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ). وهو «كقطع» لفظا ومعنى.

وقد سكّنه (١) ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائيّ ويعقوب في جميع القرآن إلّا في الرّوح ، وابن عامر إلّا في هذه السّورة ، وأبو بكر ونافع وغيرهما وحفص فيما عد الطّور.

وهو إمّا مخفّف من المفتوح ، كسدرة وسدر ، أو فعل ، بمعنى : مفعول ، كالطّحن.

(أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) (٩٢) : كفيلا بما تدّعيه ، أي : شاهدا على صحّته ضامنا لدركه.

أو مقابلا ، كالعشير ، بمعنى : المعاشر. وهو حال من «الله» ، وحال «الملائكة» محذوفة لدلالتها عليها ، كما حذف الخبر في قوله :

فإنّي وقيار بها لغريب

أو جماعة ، فيكون حالا من «الملائكة».

(أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ) : من ذهب. وقد قرئ به ، وأصله الزّينة.

(أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ) : في معارجها.

(وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ) : وحده.

(حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ) : وكان فيه تصديقك.

(قُلْ سُبْحانَ رَبِّي) : تعجّبا من اقتراحاتهم. أو تنزيها لله من أن يأتي أو يتحكّم عليه ، أو أن يشاركه أحد في القدرة.

(هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً) ، كسائر النّاس.

(رَسُولاً) (٩٣) ، كسائر الرّسل ، وكانوا لا يأتون قومهم إلّا بما يظهره الله عليهم على ما يلائم حال قومهم ، ولم يكن أمر الآيات إليهم ، ولا لهم أن يتحكّموا على الله حتّى يتخيّروها عليّ. هذا هو الجواب المجمل ، وأمّا التّفصيل فقد ذكر في آيات اخر ، كقوله : (وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ) (٢) (وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً) (٣).

وفي كتاب الاحتجاج (٤) للطّبرسيّ ـ رحمه الله ـ : عن أبي محمّد ، الحسن العسكريّ ـ عليه السّلام ـ قال : قلت لأبي ، عليّ بن محمّد ـ عليهما السّلام ـ : هل كان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يناظر اليهود والمشركين إذا عاتبوه ويحاجّهم؟

__________________

(١) نفس المصدر والموضع.

(٢) الأنعام / ٧.

(٣) الحجر / ١٤.

(٤) الاحتجاج ١ / ٢٩ ـ ٣٥.

٥١١

قال : [بلى] (١) مرارا كثيرة ، إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ كان قاعدا ذات يوم بمكّة بفناء الكعبة ، إذ اجتمع جماعة من رؤساء قريش ، منهم : الوليد بن المغيرة المخزوميّ ، وأبو البختريّ بن هشام ، وأبو جهل (٢) ، والعاص بن وائل (٣) السّهمي ، وعبد الله بن [أبي] (٤) أميّة المخزوميّ ، وكان معهم جمع ممّن يليهم كثير (٥) ، ورسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في نفر من أصحابه يقرأ عليهم كتاب الله ، ويؤدّي إليهم عن الله أمره ونهيه.

فقال المشركون بعضهم لبعض : لقد استفحل (٦) أمر محمّد وعظم خطبه ، فتعالوا (٧) نبدأ بتقريعه وتبكيته وتوبيخه والاحتجاج عليه وإبطال ما جاء به ليهون خطبه على أصحابه ويصغر قدره [عندهم] (٨) ، فلعلّه ينزع عمّا هو فيه من غيّه (٩) وباطله وتمرّده وطغيانه ، فإن انتهى وإلّا عاملناه بالسّيف الباتر.

قال أبو جهل : فمن ذا الّذي يلي كلامه ومجادلته؟

قال عبد الله بن [أبي] (١٠) أميّة المخزوميّ : أنا [إلى ذلك. أفما ترضاني له قرنا حسيبا ومجادلا كفيّا؟

قال أبو جهل : بلى. فأتوه بأجمعهم.

فابتدأ عبد الله بن أبي أميّة المخزوميّ] (١١) فقال : يا محمّد ، لقد ادّعيت دعوى عظيمة وقلت مقالا هائلا ، زعمت أنّك رسول ربّ العالمين [وما ينبغي لربّ العالمين] (١٢) وخالق الخلق أجمعين أن يكون مثلك رسوله بشرا مثلنا تأكل (١٣) ، كما نأكل [وتشرب كما نشرب] (١٤) ، وتمشي (١٥) في الأسواق ، كما نمشي. فهذا ملك الرّوم وهذا ملك الفرس (١٦) لا يبعثان رسولا إلّا كثير المال عظيم الحال ، له قصور ودور وفساطيط وخيام وعبيد وخدّام ،

__________________

(١) من المصدر.

(٢) كذا في المصدر. ويوجد في النسخ زيادة : وهشام.

(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : وابل

(٤) من المصدر.

(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : كثيرة.

(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : استعلا.

(٧) كذا في المصدر. وفي النسخ : فقالوا.

(٨) من المصدر.

(٩) كذا في المصدر. وفي أ ، ب ، ر : عبد. وفي غيرها : عيّة.

(١٠ و ١١) من المصدر.

(١٢) ليس في أ ، ب ، ر.

(١٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : يأكل.

(١٤) من المصدر. (١٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : يمشي.

(١٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : الفارس.

٥١٢

وربّ العالمين فوق هؤلاء كلّهم فهم عبيده ، ولو كنت نبيّا لكان معك ملك يسدّدك (١) ونشاهده ، بل لو أراد الله أن يبعث إلينا نبيّا لكان إنّما يبعث إلينا ملكا لا بشرا مثلنا ما أنت ، يا محمّد ، إلّا مسحور (٢) ولست بنبيّ.

فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : هل بقي من كلامك شيء؟

قال : بلى ، لو أراد الله أن يبعث إلينا رسولا لبعث أجلّ من فيما بيننا ، [أكثره] (٣) مالا وأحسنه حالا ، فهلّا أنزل (٤) هذا القرآن الّذي تزعم أنّ الله أنزله عليك وابتعثك (٥) به رسولا على رجل من القريتين عظيم ، إمّا الوليد بن المغيرة بمكّة وإمّا عروة بن مسعود الثّقفيّ بالطّائف.

فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : هل بقي من كلامك شيء [، يا عبد الله] (٦)؟

فقال بلى ، لن نؤمن لك حتّى تفجر لنا من الأرض ينبوعا بمكّة هذه ، فإنّها ذات أحجار وعرة (٧) وجبال ، تكسح أرضها وتحفرها (٨) وتجري منها العيون ، فإننّا إلى ذلك محتاجون. أو تكون لك جنّة من نخيل وأعناب (٩) [فتأكل] (١٠) منها وتطعمنا ، وتفجر الأنهار خلال تلك النّخيل والأعناب [تفجيرا] (١١). أو تسقط السّماء ، كما زعمت ، علينا كسفا فإنّك قلت لنا : (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ) (١٢). فلعلّنا نقول (١٣) ذلك ، ثمّ قال : (أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) تأتي به وبهم (١٤) وهم لنا مقابلون. أو يكون لك بيت من زخرف تعطينا منه وتغنينا به فلعلّنا نطغى ، فإنّك قلت : (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى ، أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) (١٥).

__________________

(١) المصدر : يصدّقك.

(٢) المصدر : رجلا مسحورا.

(٣) من المصدر.

(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : نزل.

(٥) أ ، ب : أبعثك.

(٦) ليس في ب.

(٧) كذا في المصدر. ولا يوجد في أ ، ب ، بدلها شيء. وفي غيرهما : وصخور.

(٨) كذا في أ ، ب ، ر ، المصدر. وفي غيرها : تفّجرها.

(٩) كذا في ب. وفي غيرها : عناب. وفي المصدر : عنب.

(١٠ و ١١) من المصدر.

(١٢) الطّور / ٤٤.

(١٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : فلعلّك تقول.

(١٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : وتأتي بهم وبربّهم.

(١٥) العلق / ٦ و ٧.

٥١٣

ثمّ قال : (أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ) ، أي تصعد في السّماء (وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ) ، أي : لصعودك (حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ) من الله العزيز الحكيم إلى عبد الله بن [أبي] (١) أميّة المخزوميّ ومن معه ، بأن آمنوا بمحمّد بن عبد الله بن عبد المطّلب فإنّه رسولي فصّدقوه في مقاله فإنّه من عندي. ثمّ لا أدري ، يا محمّد ، إذا فعلت هذا كلّه نؤمن (٢) بك أو لا نؤمن (٣) بك ، بل لو رفعتنا إلى السّماء وفتحت أبوابها وأدخلتناها لقلنا : (إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا) (٤) أو سحرتنا.

فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : [أمّا قولك : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ]) (٥) (حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) إلى آخر ما قلته ، فإنّك قد اقترحت على محمّد رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أشياء (٦) : منها [ما] (٧) لو جاءك به لم يكن برهانا (٨) لنبوّته ، ورسول الله (٩) يرتفع عن أن يغتنم جهل الجاهلين ويحتجّ عليهم بما لا حجّة فيه. ومنها [ما] (١٠) لو جاءك به لكان معه هلاكك ، وإنّما يؤتى بالحجج والبراهين ليلزم عباد الله الإيمان بها لا ليهلكوا بها ، فإنّما اقترحت هلاكك وربّ العالمين أرحم بعباده وأعلم بمصالحهم من أن يهلكهم ، كما يقترحون (١١). ومنها المحال الّذي لا يصحّ ولا يجوز كونه ، ورسول ربّ العالمين يعرّفك ذلك ، ويقطع معاذيرك ، ويضيّق [عليك] (١٢) سبيل مخالفته ، ويلجئك بحجج الله إلى تصديقه ، حتّى لا يكون لك عنه محيد ولا محيص. [ومنها ما قد اعترفت على نفسك] (١٣) أنّك فيه معاند متمرّد لا تقبل حجّة ولا تصغي إلى برهان ، ومن كان كذلك فدواؤه عذاب الله (١٤) النّازل من سمائه أو (١٥) في حميمه أو بسيوف أوليائه.

وأمّا قولك ، يا عبد الله : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) بمكّة هذه ، فإنّها ذات أحجار وصخور وجبال ، تكسح أرضها وتحفرها وتجري فيها العيون ، فإنّا

__________________

(١) من المصدر.

(٢) المصدر : أؤمن.

(٣) المصدر لا أؤمن.

(٤) الحجر / ١٥.

(٥) ليس في أ ، ب ، ر.

(٦) ليس في ب.

(٧) من المصدر.

(٨) كذا في المصدر. وفي النسخ : برهانه.

(٩) ليس في أ ، ب ، ر.

(١٠) من المصدر.

(١١) المصدر : تقترحون.

(١٢) من المصدر. (١٣) من المصدر.

(١٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : النّار. (١٥) ليس في المصدر.

٥١٤

إلى ذلك محتاجون ، فإنّك سألت هذا وأنت جاهل بدلائل الله ، يا عبد الله ، لو فعلت هذا أكنت من أجل هذا نبيّا؟

قال : لا.

قال : [رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أ] (١) رأيت الطّائف الّتي لك فيها بساتين ، أما كان هناك مواضع فاسدة صعبة أصلحتها وذلّلتها وكسحتها وأجريت (٢) فيها عيونا استنبطتها؟

قال : بلى.

قال : وهل لك في هذا نظراء (٣)؟

قال : بلى.

قال (٤) : أفصرت أنت وهم [بذلك] (٥) أنبياء؟

قال : لا.

قال : فكذلك [لا يصير] (٦) هذا حجّة لمحمّد لو فعله (٧) على نبوّته ، فما هو إلّا كقولك (٨) : لن نؤمن لك حتّى تقوم وتمشي على الأرض [كما يمشي الناس] (٩) أو حتّى تأكل الطّعام ، كما يأكل النّاس.

وأمّا قولك ، يا عبد الله : أو تكون لك جنّة من نخيل أو عنب فتأكل منها وتطعمنا وتفجّر الأنهار خلالها تفجيرا ، [أو ليس لأصحابك ولك جنان من نخيل وعنب بالطّائف فتأكلون (١٠) وتطعمون منها وتفجّرون الأنهار خلالها تفجيرا ،] (١١) أفصرتم أنبياء بهذا؟

قال : لا.

قال : فما بال اقتراحكم على رسول الله أشياء لو كانت ، كما تقترحون ، لما دلّت على صدقه؟ بل لو تعاطاها لدلّ تعاطيها على كذبه ، لأنّه يحتج بما لا حجّة فيه ويختدع الضّعفاء عن عقولهم وأديانهم ، ورسول ربّ العالمين يجلّ ويرتفع عن هذا.

__________________

(١) من المصدر.

(٢) كذا في المصدر : وفي النسخ : جريت.

(٣) كذا في المصدر : وفي النسخ : «وهل فيها نظر» بدل العبارة الأخيرة.

(٤) ليس في المصدر.

(٥ و ٦) من المصدر.

(٧) كذا في المصدر : وفي النسخ : «محمّد لو فعلت» بدل «لمحمّد لو فعله».

(٨) كذا في المصدر : وفي النسخ : قولك.

(٩) من المصدر.

(١٠) المصدر : تأكلون.

(١١) ليس في أ ، ب ، ر.

٥١٥

ثمّ قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : يا عبد الله ، وأمّا قولك : (أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ ، كَما زَعَمْتَ ، عَلَيْنا كِسَفاً) فإنّك قلت : (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ). فإنّ في سقوط السّماء عليكم هلاككم وموتكم ، فإنّما تريد بهذا من رسول الله أن يهلكك (١) ورسول ربّ العالمين أرحم من ذلك لا (٢) يهلكك ، ولكنّه يقيم عليك حجج الله لنّبيّه وحده لا (٣) على حسب اقتراح عباده ، لأنّ العباد جهّال بما يجوز من الصّلاح وما لا يجوز منه من الفساد ، وقد يختلف اقتراحهم ويتضادّ حتّى يستحيل وقوعه ، والله [طبيبكم] (٤) لا يجري تدبيره على ما يلزم به المحال (٥).

ثمّ قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : وهل رأيت ، يا عبد الله ، طبيبا كان دواؤه للمرضى على حسب اقتراحهم؟ وإنّما يفعل به ما يعلم به (٦) صلاحه فيه ، أحبّه العليل أو كرهه ، فأنتم المرضى والله طبيبكم ، فإن انقدتم لدوائه شفاكم ، وإن تمرّدتم عليه أسقمكم ، وبعد فمتى رأيت ، يا عبد الله ، مدّعي حقّ من قبل رجل أوجب عليه [حاكم من حكّامهم فيما مضى بيّنة على دعواه على حسب اقتراح المدّعى عليه] (٧)؟ إذا ما كانت تثبت لأحد على أحد دعوى ولا حقّ ، ولا كان بين ظالم ومظلوم ولا بين صادق وكاذب فرق.

ثمّ قال [رسول الله] (٨) : يا عبد الله ، وأمّا قولك : (أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) يقابلوننا ونعاينهم ، فإنّ هذا من المحال الّذي لا خفاء به ، لأنّ (٩) ربّنا ـ عزّ وجلّ ـ ليس كالمخلوقين يجيء ويذهب ويتحرّك ويقابل [شيئا] (١٠) حتّى يؤتى به ، فقد سألتم بهذا المحال ، [وإنّما هذا] (١١) الّذي دعوت إليه صفة أصنامكم الضّعيفة المنقوصة الّتي لا تسمع ولا تبصر [ولا تعلم] (١٢) ولا تغني عنكم شيئا ولا عن أحد ، يا عبد الله ، أو ليس لك ضياع وجنان بالطّائف وعقار بمكّة وقوّام عليها؟

__________________

(١) كذا في المصدر : وفي النسخ : تهلك.

(٢) كذا في المصدر : وفي النسخ : لما.

(٣) المصدر : «وليس حجج الله لنبيته وحده» بدل «لنبيّه وحده لا».

(٤) من المصدر.

(٥) كذا في المصدر : وفي النسخ : على ما يلزمه بالمحال.

(٦) ليس في المصدر.

(٧) ليس في ج.

(٨) من المصدر.

(٩) المصدر : وإنّ.

(١٠) من المصدر.

(١١ و ١٢) من المصدر.

٥١٦

قال : بلى.

قال : أفتشاهد جميع أحوالها بنفسك أو بسفراء بينك وبين معامليك؟

قال : بسفراء.

قال : أرأيت لو قال معاملوك وأكرتك (١) وخدمك لسفرائك : لا نصدّقكم (٢) في هذه السّفارة إلّا أن تأتونا (٣) بعبد الله بن أبي أميّة نشاهده فنسمع منه ما تقولون عنه شفاها.

تسوغهم (٤) هذا ، أو كان يجوز لهم عند ذلك؟

قال : لا.

قال : فما الّذي يجب على سفرائك ، أليس أن يأتوهم عنك بعلامة صحيحة (٥) تدلّهم على صدقهم يجب عليهم أن يصدّقوهم (٦)؟

قال : بلى.

قال : يا عبد الله ، أرأيت سفيرك لو أنّه [لمّا] (٧) سمع منهم [هذا] (٨) عاد إليك وقال لك : قم معي ، فإنّهم اقترحوا عليّ مجيئك معي. أليس (٩) يكون لك أن تقول (١٠) : إنّما أنت رسول لا مشير ولا (١١) آمر؟

قال : بلى.

قال : فكيف صرت تقترح على رسول ربّ العالمين ما لا تسوّغ لأكرتك ومعامليك أن يقترحوه على رسولك إليهم ، وكيف أردت من رسول ربّ العالمين أن يستندم إلى ربّه بأن يأمر عليه وينهى وأنت لا تسوغ مثل هذا [على] (١٢) رسولك إلى أكرتك وقوّامك؟ هذه حجّة قاطعة لإبطال [جميع] (١٣) ما ذكرته في كلّ ما اقترحته ، يا عبد الله.

__________________

(١) كذا في المصدر : وفي النسخ : أكارتك.

(٢) كذا في المصدر : وفي النسخ : لا تصدّق.

(٣) كذا في المصدر : وفي النسخ : تأتونا.

(٤) كذا في المصدر : وفي النسخ : توسعهم.

(٥) كذا في المصدر : وفي النسخ : هنا زيادة : وكان يجوز لهم عند ذلك.

(٦) كذا في المصدر : وفي النسخ : يصدّقهم ...

(٧ و ٨) من المصدر.

(٩) كذا في المصدر : وفي النسخ : «أن» بدل «أليس».

(١٠) المصدر : «أليس يكون هذا لك مخالفا وتقول له». أليس يكون ... تقول.

(١١) كذا في المصدر : وفي النسخ : «مبشرو» بدل «لا مشير ولا».

(١٢ و ١٣) من المصدر.

٥١٧

وأمّا قولك : (أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ). وهو الذّهب ، أما بلغك أنّ لعظيم مصر (١) بيوتا من زخرف؟

قال : بلى.

قال : أفصار (٢) بذلك نبيّا؟

قال : لا.

قال : فكذلك لا يوجب لمحمّد نبوّة لو كان له بيوت (٣) ، ومحمّد لا يغتنم (٤) جهلك بحجج الله.

وأمّا قولك ، يا عبد الله : أو ترقى في السماء ثمّ قلت : ولن نؤمن برقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه. يا عبد الله ، الصّعود إلى السّماء أصعب من النّزول عنها (٥) ، وإذا اعترفت على نفسك أنّك لا تؤمن إذا صعدت فكذلك حكم النّزول.

ثمّ (٦) قلت : (حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ) من بعد ذلك ، ثمّ لا أدري أؤمن بك [أو لا أؤمن] (٧). فإنّك ، يا عبد الله ، مقرّ أنّك معاند (٨) حجّة الله عليك ، فلا دواء لك إلّا تأديبه لك (٩) على يد أوليائه من البشر (١٠) أو ملائكته الزّبانية ، وقد أنزل الله (١١) عليّ حكمة [بالغة] (١٢) جامعة لبطلان كلّما اقترحته ، فقال ـ تعالى ـ : (قُلْ) يا محمّد (سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) ما أبعد ربّي [عن] (١٣) أن يفعل الأشياء على ما يقترحه (١٤) الجهّال ممّا يجوز وممّا (١٥) لا يجوز! و (هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) لا يلزمني إلّا إقامة حجّة الله الّتي أعطاني ، فليس (١٦) لي أن آمر على ربّي ولا أنهى ولا أشير ، فأكون كالرّسول

__________________

(١) كذا في المصدر : وفي النسخ : أما بلغك أن تطعم معه.

(٢) كذا في المصدر : وفي النسخ : أتصار.

(٣) كذا في المصدر : وفي النسخ بدل العبارة الأخيرة : فكذلك لا توجب لمحمّد لو كانت له نبوّة.

(٤) المصدر : لا يغنم.

(٥) كذا في المصدر : وفي النسخ : هاهنا.

(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : نعم

(٧) ليس في ب.

(٨) المصدر : تعاند.

(٩) كذا في المصدر : وفي النسخ : إلّا بتأديبه.

(١٠) كذا في المصدر : وفي النسخ : أوليائه البشير.

(١١) ليس في المصدر.

(١٢ و ١٣) من المصدر.

(١٤) كذا في المصدر : وفي النسخ : يقترح.

(١٥) كذا في المصدر : وفي النسخ : «بما» بدل «ممّا يجوز وممّا».

(١٦) المصدر : وليس.

٥١٨

الّذي بعثه ملك إلى قوم [من] (١) مخالفيه ، فرجع إليه يأمره (٢) أن يفعل بهم ما اقترحوه عليه.

والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٣) : قوله : (وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً). فإنّها نزلت في عبد الله بن أبي أميّة ، أخي أمّ سلمة ـ رحمة الله عليها ـ.

وذلك أنّه قال هذا لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بمكّة قبل الهجرة.

فلمّا خرج رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إلى فتح مكّة استقبله عبد الله بن أبي أميّة ، فسلم على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فلم يردّ عليه السّلام ، فأعرض عنه ولم يجبه بشيء ، وكانت أخته ، أمّ سلمة مع رسول الله فدخل إليها ، فقال : يا أختي ، إنّ رسول الله قد قبل إسلام النّاس كلّهم وردّ عليّ إسلامي ، فليس يقبلني ، كما قبل غيري.

فلمّا دخل رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ [إلى أمّ سلمة] (٤) قالت : بأبي أنت وأمّي يا رسول الله ، سعد بك جميع النّاس إلّا أخي من بين قريش والعرب ، رددت إسلامه وقبلت إسلام النّاس كلّهم.

فقال رسول الله : يا أمّ سلمة ، إنّ أخاك كذّبني تكذيبا لم يكذّبني أحد من النّاس ، هو الّذي قال لي : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) (الآيات) إلى قوله : (نَقْرَؤُهُ).

قالت أمّ سلمة : بأبي أنت وأمّي يا رسول الله ، ألم تقل إنّ الإسلام يجبّ ما كان قبله؟

قال : نعم. فقبل رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إسلامه.

وفي رواية أبي الجارود (٥) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قوله ـ عزّ وجلّ ـ : (حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) ، أي : عينا. (أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ) ، أي : بستان.

(مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً) من تلك العيون.

__________________

(١) من المصدر.

(٢) كذا في المصدر : وفي النسخ : فرجع بأمره.

(٣) تفسير القمي ٢ / ٢٦.

(٤) من المصدر.

(٥) نفس المصدر / ٢٧.

٥١٩

(أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً) وذلك أنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال : إنّه سيسقط من السّماء [كسفا] (١) ، لقوله (٢) : (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ) (٣).

(أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) والقبيل : الكثير. (أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ) ، أي : المزخرف بالذّهب (أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ) يقول : من الله إلى عبد الله بن أبي أميّة ، إنّ محمّدا صادق ، وإنّي أنا بعثته. ويجيء معه أربعة من الملائكة يشهدون أنّ الله هو كتبه ، فأنزل الله ـ سبحانه ـ : (قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً).

(وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى) ، أي : وما منعهم الإيمان بعد نزول الوحي وظهور الحقّ.

(إِلَّا أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً) (٩٤) : إلّا قولهم هذا ، والمعنى : لم يبق لهم شبهة تمنعهم عن الإيمان بمحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ والقرآن إلّا إنكارهم أن يرسل الله بشرا.

(قُلْ) : جوابا لشبهتهم.

(لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ) ، كما يمشي بنو آدم.

(مُطْمَئِنِّينَ) : ساكنين فيها.

(لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً) (٩٥) : لتمكّنهم من الاجتماع به والتّلقّي منه ، وأمّا الإنس فعامّتهم عماة عن إدراك الملك أو التّلقّف منه ، فإنّ ذلك مشروط بنوع من التّناسب والتّجانس.

و «ملكا» يحتمل أن يكون حالا من «رسولا» ، وأن يكون موصوفا به ، وكذلك «بشرا» والأوّل أوفق (٤).

(قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) : على أنّي رسول الله إليكم بإظهاره

__________________

(١) من المصدر.

(٢) الطّور / ٤٤.

(٣) في المصدر زيادة : وقوله.

(٤) قوله : «والأوّل أوفق» لأنّ الإنكار في قوله : (أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً) يتوجّه إلى بشريّة الرّسول لا إلى الرسالة ، فالمناسب أن يكون «بشرا» قيدا حتّى يتوجّه الإنكار إليه ، كما هو المشهور من أنّ النفي يتوجّه إلى القيد وهذا يناسب أن يكون «بشرا» حالا حتّى يكون قيدّا.

٥٢٠