«والفزّ» الخفيف.
(بِصَوْتِكَ) : بدعائك إلى الفساد.
(وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ) : وصح عليهم. من الجلبة ، وهي الصّياح.
(بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ) : بأعوانك من راكب وراجل.
و «الخيل» الخيّالة (١).
ومنه قوله ـ عليه السّلام ـ : يا خيل الله اركبي.
«والرّجل» اسم جمع للرّاجل ، كالصّحب والرّكب.
ويجوز أن يكون تمثيلا لتسلّطه على من يغويهم بمغوار صوت على قوم فاستفزّهم من أماكنهم ، وأجلب عليهم بجنده حتّى استأصلهم.
وقرأ (٢) حفص : «رجلك» بالكسر ، وغيره بالضّمّ ، وهما لغتان ، كندس وندس ، ومعناه : وجمعك الرّجل.
وقرئ (٣) : «ورجالك» [و «رجالك»] (٤).
(وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ) : بحملهم على كسبها وجمعها من الحرام ، والتّصرّف فيها على ما لا ينبغي.
(وَالْأَوْلادِ) : بالحثّ على التّوصّل إلى الولد بالسّبب المحرّم ، والإشراك فيه بتسميته (٥) : عبد العزّى ، والتّضليل وبالحمل على الأديان الزّائفة (٦) والحرف الذّميمة والأفعال القبيحة.
وفي نهج البلاغة (٧) : فاحذروا [عباد الله] (٨) عدوّ الله أن يعديكم بدائه (٩) وأن يستفزّكم [بندائه وأن يجلب عليكم] (١٠) بخيله ورجله.
وفيه (١١) أيضا : فلعمر الله ، لقد فخر على أصلكم ، ووقع (١٢) في حسبكم ، ودفع (١٣) في
__________________
(١) أي : أصحاب الخيل.
(٢ و ٣) أنوار التنزيل ١ / ٥٩١.
(٤) ليس في ب.
(٥) أ ، ر : بتسمية.
(٦) المصدر : الزائغة.
(٧) النهج / ٢٨٧ ، الخطبة ١٩٢.
(٨) من المصدر.
(٩) كذا في المصدر. وفي النسخ : أن يعذبكم بذاته.
(١٠) من المصدر.
(١١) نفس المصدر والموضع.
(١٢) ب : رفع.
(١٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : رفع.
نسبكم ، وأجلب بخيله عليكم ، وقصد (١) برجله سبيلكم ، يقتنصوكم (٢) بكل مكان ، ويضربون منكم كلّ بنان. لا تمتنعون بحيلة ، ولا تدفعون (٣) بعزيمة ، في حومة ذلّ ، وحلقة ضيق ، وعرصة (٤) موت ، وجولة (٥) بلاء.
وفي كتاب المناقب (٦) لابن شهر آشوب الشّيرازيّ : روى سفيان الثّوريّ ، عن واصل ، عن الحسن ، عن ابن العبّاس (٧) في قوله : (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ) أنّه جلس الحسن بن عليّ ـ عليهما السّلام ـ ويزيد بن معاوية ابن أبي سفيان يأكلان الرّطب.
فقال يزيد : يا حسن ، إنّي منذ كنت أبغضك.
قال الحسن ـ عليه السّلام ـ : يا يزيد ، اعلم أنّ إبليس شارك أباك في جماعه ، فاختلط الماءان فأورثك ذلك عداوتي ، لأن الله ـ تعالى ـ يقول : (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ). وشارك الشّيطان حربا عند جماعه فولد له صخر ، فلذلك كان يبغض جدّي رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
وفي أصول الكافي (٨) : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى عن عمر بن أذينة ، عن أبان ابن أبي عياش ، عن سليم بن قيس ، عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : إن الله حرّم الجنّة على كلّ فحّاش بذيء قليل الحياء لا يبالي ما قال ولا ما قيل له ، فإنّك إن (٩) فتّشته لم تجده الّا لغيّة أو شرك شيطان.
قيل (١٠) : يا رسول الله ، وفي النّاس شرك شيطان؟
فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : أما تقرأ قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ)؟
وفي الكافي (١١) : الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد. وعدّة من أصحابنا ، عن
__________________
(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : وفد.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : يفيضونكم.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : لا يدفعون.
(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : غرصة.
(٥) ب : صولة.
(٦) المناقب ٤ / ٢٢.
(٧) كذا في ب ، المصدر. وفي النسخ : العباس.
(٨) الكافي ٢ / ٣٢٣ ـ ٣٢٤ ، ح ٣.
(٩) كذا في المصدر. وفي النسخ «فإن» بدل «فانّك إن».
(١٠) ليس في المتن من هنا إلى موضع سنذكره.
(١١) الكافي ٥ / ٥٠٢ ، ح ٢.
أحمد بن محمّد ، جميعا ، عن الوشّاء ، عن موسى بن بكر ، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : يا أبا محمّد ، أيّ شيء يقول الرّجل منكم إذا دخلت عليه امرأته؟
قلت : جعلت فداك ، أيستطيع الرّجل أن يقول شيئا؟
فقال : ألا أعلمك ما تقول؟
قلت : بلى.
قال : تقول : بكلمات الله استحللت فرجها ، وفي أمانة الله أخذتها ، الّلهمّ إن قضيت في رحمها (١) شيئا فاجعله بارا تقيّا واجعله مسلما سويّا ، ولا تجعل فيه شركا للشّيطان.
قلت : وبأيّ شيء يعرف ذلك؟
قال : أما تقرأ كتاب الله ـ عزّ وجلّ ـ؟
ثم ابتدأ هو : (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ).
ثمّ قال : إنّ الشّيطان ليجيء حتّى يقعد من المرأة ، كما يقعد الرّجل منها ، ويحدث ، كما يحدث ، وينكح ، كما ينكح.
قلت : بأي شيء يعرف ذلك؟
قال : بحبّنا وبغضنا ، فمن أحبّنا كان نطفة العبد ، ومن أبغضنا كان نطفة الشّيطان.
وعنه (٢) ، عن أبيه ، عن حمزة بن عبد الله ، عن جميل بن درّاج ، عن أبي الوليد ، عن أبي بصير قال : قال لي أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ وذكر نحوه.
وفي من لا يحضره الفقيه (٣) : وقال الصّادق ـ عليه السّلام ـ : من لم يبال ما قال ولا ما قيل فيه فهو شرك الشّيطان ، ومن لم يبال أن تراه النّاس مسيئا [فهو شرك شيطان] (٤) ، ومن اغتاب أخاه المؤمن من غير ترة (٥) بينهما فهو شرك شيطان ، ومن شغف (٦) بمحبّة الحرام وشهوة الزّنا فهو شرك شيطان.
__________________
(١) ب : وجهها.
(٢) الكافي ٥ / ٥٠٣ ، ح ٥.
(٣) الفقيه ٤ / ٢٩٩ ، صدر ح ٨٥.
(٤) من المصدر.
(٥) الترة : العداوة وطلب الثأر نتيجة قتل حميم له.
(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : شعف.
وفي تفسير العيّاشي (١) : عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : سألته عن شرك الشّيطان.
قال : قوله : (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ) فإن كان من مال حرام فهو شريك الشّيطان.
قال : ويكون مع الرجل حين يجامع ، فيكون من نطفته ونطفة الرّجل إذا كان حراما.
عن زرارة (٢) قال : كان يوسف ، أبو الحجّاج صديقا لعليّ بن الحسين ـ صلوات الله عليه ـ ، وأنّه دخل على امرأته فأراد أن يضمّها ، أعني : أبو الحجّاج.
قال : فقالت له : أليس إنّما عهدك بذاك السّاعة؟
قال : فأتى عليّ بن الحسين ـ عليه السّلام ـ فأخبره ، فأمره أن يمسك عنها ، [فأمسك عنها] (٣) فولدت بالحجّاج ، وهو ابن الشّيطان ذي الرّدهة (٤).
عن عبد الملك بن أعين (٥) قال : سمعت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ يقول : إذا زنى الرّجل أدخل الشّيطان ذكره ، ثمّ عملا جميعا ، ثمّ تختلط النّطفتان فيخلق الله منهما فيكون شرك الشّيطان.
عن سليمان بن خالد (٦) قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : ما قول الله : (شارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ)؟
قال : فقال في ذلك قوله : أعوذ بالله السّميع العليم من الشّيطان الرّجيم.
عن العلا بن رزين (٧) ، عن محمّد ، عن أحدهما قال : شرك الشّيطان ما كان من مال حرام فهو من شركه ، ويكون مع الرّجل حين (٨) يجامع فتكون نطفته مع نطفته إذا كان حراما. قال : كلتيهما جميعا تختلطان. وقال : ربّما خلق من واحدة ، وربّما خلق منهما جميعا.
__________________
(١) تفسير العيّاشي ٢ / ٢٩٩ ، ح ١٠٢.
(٢) نفس المصدر والموضع ، ح ١٠٣.
(٣) من المصدر.
(٤) أ ، ب ، الرديعة.
(٥) تفسير العيّاشي ٢ / ٢٩٩ ، ح ١٠٤.
(٦) نفس المصدر والمجلّد / ٣٠٠ وح ١٠٧.
(٧) نفس المصدر والموضع ، ح ١٠٨.
(٨) كذا في المصدر. وفي النسخ : حتّى.
[صفوان الجمّال] (١) قال : كنت عند أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ فاستأذن عيسى بن منصور عليه.
فقال : مالك ولفلان ، يا عيسى ، أما إنّه ما يحبّك! فقال : بأبي وأمّي ، يقول قولنا ويتولى من نتولى (٢).
فقال : إنّ فيه نخوة (٣) إبليس.
فقال : بأبي وأمّي ، أليس يقول إبليس : (خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)؟
فقال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : ويقول الله : (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ). فالشّيطان يباضع ابن آدم هكذا. وقرن بين إصبعيه.
عن زرارة (٤) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : سمعته يقول : كان الحجاج ابن شيطان يباضع ذي الرّدهة.
ثمّ قال : إنّ يوسف دخل على أمّ الحجّاج فأراد أن يضمّها ، فقالت : أليس إنّما عهدك بذلك السّاعة؟ فأمسك عنها ، فولدت الحجّاج.
عن يونس (٥) بن أبي الرّبيع الشّاميّ (٦) قال : كنت عنده (٧) ليلة ، فذكر شرك الشّيطان فعظّمه حتّى أفزعني.
فقلت : جعلت فداك ، فما المخرج منها وما نصنع؟
قال : إذا أردت المجامعة فقل : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، الّذي لا إله إلّا هو بديع السّماوات والأرض ، الّلهمّ إن قضيت منّي في هذه اللّيلة خليفة فلا تجعل للشّيطان فيه نصيبا ولا شركا ولا حظّا ، واجعله عبدا صالحا خالصا مخلصا (٨) مصغيا وذرّيته ـ جلّ ثناؤك ـ.
__________________
(١) نفس المصدر والموضع ، ح ١٠٩. ومنه : ما بين المعقوفتين.
(٢) ب : تتولّى.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : نحو.
(٤) تفسير العيّاشي ٢ / ٣٠١ وح ١١٠.
(٥) أ ، ب : يوسف.
(٦) تفسير العيّاشي ٢ / ٣٠٠ وح ١٠٦.
(٧) الضمير في «عنده» يرجع إلى الباقر ـ عليه السّلام ـ لأنّ الشيخ (ره) عدّ الراوي في رجاله ، من أصحاب الباقر ـ عليه السّلام ـ.
(٨) المصدر : [خالصا مخلصا].
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١) : (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ) ما كان من مال حرام فهو شرك الشّيطان ، فإذا اشترى به الإماء ونكحهنّ وولد له فهو شرك [الشيطان] (٢) ، كما تلد [يلزمه] (٣) منه ، ويكون مع الرّجل إذا جامع فيكون (٤) الولد من نطفته ونطفة الرّجل إذا كان حراما.
وفي حديث آخر (٥) : إذا (٦) جامع الرّجل أهله ولم يسمّ شاركه الشّيطان.
(وَعِدْهُمْ) : المواعيد الباطلة ، كشفاعة الآلهة ، والاتكال على كرامة الآباء ، وتأخير التّوبة لطول الأمل.
(وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً) (٦٤) : اعتراض (٧) لبيان مواعيده [الباطلة] (٨). و «الغرور» تزيين الخطأ بما يوهم أنّه صواب.
(إِنَّ عِبادِي) ، يعني : المخلصين. وتعظيم الإضافة والتّقييد في قوله : (إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) يخصّصهم.
(لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) ، أي : على إغوائهم قدرة.
(وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً) (٦٥) : يتوكّلون عليه في الاستعاذة منك على الحقيقة.
وفي تفسير العيّاشي (٩) : عن جعفر بن محمّد الخزاعيّ ، عن أبيه قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يذكر في حديث غدير خمّ ، أنّه لمّا قال النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ لعليّ ـ عليه السّلام ـ ما قال وأقامه للنّاس صرخ إبليس صرخة فاجتمعت [له العفاريت.
فقالوا : سيّدنا ، ما هذه الصّرخة؟
فقال : ويلكم ، يومكم كيوم عيسى ، والله ، لأضلّنّ فيه الخلق.
قال : فنزل القرآن : (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (١٠). قال : فصرخ إبليس صرخة فرجعت] (١١) إليه العفاريت.
__________________
(١) تفسير القمّي ٢ / ٢٢.
(٢ و ٣) من المصدر.
(٤) العبارات من الموضع المذكور إلى هنا ليست في المتن.
(٥) نفس المصدر والموضع.
(٦) في ب زيادة : كان.
(٧) فإنّه وقع بين الجمل الّتي خاطب الله بها الشيطان.
(٨) من المصدر.
(٩) تفسير العيّاشي ٢ / ٣٠١ ، ح ١١١.
(١٠) سبأ / ٢٠.
(١١) ليس في أ.
فقالوا : يا سيّدنا ، ما هذه الصّرخة الأخرى؟
فقال : ويحكم ، حكى الله ، والله ، كلامي قرآنا وأنزل عليه (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ).
ثمّ رفع رأسه إلى السّماء ، ثمّ قال : وعزّتك وجلالك ، لألحقنّ (١) الفريق بالجميع.
قال : فقال النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ).
قال : فصرخ إبليس صرخة فرجعت إليه العفاريت.
فقالوا : يا سيّدنا ، ما هذه الصّرخة الثّالثة؟
قال : والله ، من أصحاب عليّ ، ولكن وعزتك وجلالك ، لأزيننّ لهم المعاصي حتّى أبغضهم إليك.
قال : فقال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : والّذي بعث محمّدا بالحقّ ، للعفاريت والأبالسة على المؤمن أكثر من الزّنابير على اللّحم ، والمؤمن أشدّ من الجبل ، والجبل تدنو إليه (٢) بالفأس فتنحت منه والمؤمن لا يستقلّ على دينه.
عن عبد الرّحمن بن سالم (٣) في قول الله : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً) قال : نزلت في عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ. ونحن نرجو أن تجري لمن أحبّ الله من عباده.
(رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي) ، أي : هو الّذي يجري.
(لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) : الرّبح وهو (٤) أنواع الأمتعة الّتي لا تكون عندكم.
(إِنَّهُ كانَ بِكُمْ رَحِيماً) (٦٦) : حيث هيّأ لكم ما تحتاجون إليه ، وسهل عليكم ما تعسّر من أسبابه.
(وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ) : خوف الغرق.
(ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ) : ذهب عن خواطر كم كلّ من تدعونه في حوادثكم.
(إِلَّا إِيَّاهُ) : وحده ، فإنّكم حينئذ لا يخطر ببالكم سواه فلا تدعون لكشفه إلّا
__________________
(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : لا تخفف.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : تواليه.
(٣) تفسير العياشي ٢ / ٣٠١ ، ح ١١٢.
(٤) ليس في المصدر.
إيّاه. أو ضلّ كلّ من تعبدونه عن إغاثتكم إلّا الله.
وفي كتاب التّوحيد (١) : حدّثنا محمّد بن القاسم الجرجانيّ ، المفسّر ـ رحمه الله ـ قال : حدّثنا أبو يعقوب ، يوسف بن محمّد بن زياد وأبو الحسن ، عليّ بن محمّد بن سيّار ، وكانا من الشّيعة الإماميّة ، عن أبويهما ، عن الحسن بن علي بن محمّد ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فقال : الله هو الّذي يتألّه إليه عند الحوائج والشّدائد كلّ مخلوق عند انقطاع الرّجاء من كلّ من هو دونه ، وتقطع (٢) الأسباب عن جميع من سواه ، يقول : بسم الله ، أي : استعين على أمور كلّها بالله الّذي ، لا تحقّ العبادة إلّا له ، المغيث إذا استغيث ، والجيب إذا دعي.
وهو ما قال رجل للصّادق ـ عليه السّلام ـ : يا ابن رسول الله ، دلّني على الله ما هو ، فقد كثر عليّ المجادلون وحيّروني؟
فقال له : يا عبد الله ، هل ركبت سفينة قطّ؟
قال : نعم.
قال : فهل كسر بك حيث لا سفينة تنجيك ولا سباحة تغنيك؟
قال : نعم.
قال : فهل تعلّق قلبك هنا لك أنّ شيئا من الأشياء قادر على أن يخلّصك من ورطتك؟
قال : نعم.
قال الصّادق ـ عليه السّلام ـ : فذلك الشّيء هو الله ، القادر على الإنجاء حيث لا منجي ، وعلى الإغاثة حيث لا مغيث.
والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.
(فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ) : عن التّوحيد.
وقيل (٣) : اتّسعتم في كفران النّعمة ، كقول ذي الرّمّة :
عطاء فتى تمكن في المعالي |
|
فأعرض في المكارم واستطالا |
(وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً) (٦٧) ، كالتّعليل للإعراض.
__________________
(١) التوحيد / ٢٣٠.
(٢) ب : نقطع.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٥٩١.
(أَفَأَمِنْتُمْ) «الهمزة» فيه للإنكار ، و «الفاء» للعطف على محذوف ، تقديره : أنجوتم فأمنتم فحملكم ذلك على الإعراض ، فإنّ من قدر أن يهلككم في [البحر بالغرق قادر (١) أن يهلككم في] (٢) البرّ بالخسف وغيره.
(أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ) : أن يقلبه الله وأنتم عليه. أو يقلبه بسببكم ، «فبكم» حال (٣) ، أو صلة «ليخسف».
وقرأ (٤) ابن كثير وأبو عمرو ، بالنّون ، فيه وفي الأربعة الّتي بعده.
وفي ذكر الجانب تنبيه على أنّهم كلّما وصلوا السّاحل كفروا وأعرضوا ، وأنّ الجوانب والجهات في قدرته سواء ، لا معقل (٥) يؤمن فيه من أسباب الهلاك.
(أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً) : ريحا تحصب : أي : ترمي بالحصباء.
(ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً) (٦٨) : يحفظكم من ذلك ، فإنّه لا رادّ لفعله.
(أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ) : في البحر.
(تارَةً أُخْرى) : بخلق دواع تلجئكم إلى أن ترجعوا فتركبوه.
(فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ) ، أي : لا تمرّ بشيء إلّا قصفته ، أي : كسرته.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٦) : وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قوله : (قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ) قال : هي العاصف.
(فَيُغْرِقَكُمْ).
وعن يعقوب (٧) ، بالتّاء ، على إسناده إلى ضمير الرّيح.
(بِما كَفَرْتُمْ) : بسبب إشراككم ، أو كفرانكم نعمة الإنجاء.
(ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً) (٦٩) : مطالبا يتبعنا بانتصار أو صرف.
(وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ) : بحسن الصّورة ، والمزاج الأعدل ، واعتدال القامة ،
__________________
(١) كذا في نفس المصدر والموضع. وفي النسخ : «قدر» بدل «بالغرق قادر».
(٢) ليس في أ ، ب ، ر.
(٣) فعلى هذا التقدير : أن يخسف جانب البرّ كائنا معكم.
(٤) أنوار التنزيل ١ / ٥٩٢.
(٥) المعقل : الملجأ.
(٦) تفسير القمّي ٢ / ٢٢.
(٧) أنوار التنزيل ١ / ٥٩٢.
والتّمييز بالعقل ، والإفهام بالنّطق ، والإشارة والخطّ ، والتّهدّي إلى أسباب المعاش والمعاد ، والتّسلّط على ما في الأرض ، والتّمكّن من الصّناعات ، وانسياق الأسباب والمسبّبات العلويّة والسّفليّة إلى ما يعود عليهم (١) بالمنافع ، إلى غير ذلك ممّا يقف الحصر دون إحصائه ، ومن ذلك ما ذكره ابن عباس عنه (٢) : وهو أنّ كلّ (٣) حيوان يتناول طعامه بفيه إلّا الإنسان ، فإنّه يرفعه إليه بيده.
(وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) : على الدّوابّ والسّفن ، من حملته حملا : إذا جعلت له ما يركبه. أو حملناهم فيهما حتّى لم تخسف (٤) بهم الأرض ، ولم يغرقهم الماء.
(وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) : المستلذّات ، ممّا يحصل بفعلهم وبغير فعلهم.
(وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً) (٧٠) : بالغلبة والاستيلاء ، أو بالشّرف والكرامة.
[، والمستثنى جنس الملائكة ـ عليهم الصلاة والسلام ـ أو الخواص منهم ، ولا يلزم من عدم تفضيل الجنس عدم تفضيل بعض أفراده.] (٥).
ويجوز تفضيل الجنس باعتبار تفضيل بعض أفراده.
وفي أمالي شيخ الطّائفة (٦) ـ قدّس سرّه ـ بإسناده إلى زيد بن عليّ ـ عليه السّلام ـ : عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قوله ـ تعالى ـ : (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ) يقول : فضّلنا بني آدم على سائر الخلق.
(وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) يقول : على الرّطب واليابس.
(وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) يقول : من طيّبات الثّمار كلّها.
(وَفَضَّلْناهُمْ) يقول : ليس من دابّة ولا طائر إلّا وهي تأكل وتشرب بفيها ، ولا ترفع بيدها إلى فيها طعاما ولا شرابا غير ابن آدم ، فإنّه يرفع إلى فيه بيده طعامه ، فهذا من التّفضيل.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٧) : حدّثنا جعفر بن أحمد قال : حدّثنا عبد الكريم بن
__________________
(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : «إليه عملهم» بدل «عليهم».
(٢) ليس في المصدر.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : كلّا.
(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : لا يخسف.
(٥) من أنوار التنزيل ١ / ٥٩٢.
(٦) أمالي الطوسي ٢ / ١٠٣.
(٧) تفسير القمّي ٢ / ٢٢.
عبد الرّحيم قال : حدّثنا محمّد بن عليّ ، عن محمّد بن فضيل ، عن أبي حمزة الثّماليّ ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ الله لا يكرّم روح الكافر ، ولكن كرّم أرواح المؤمنين.
وإنّما كرامة النّفس والدّم بالرّوح ، والرّزق الطّيّب هو العلم.
حدّثني أبي (١) : عن إسحاق بن الهيثم ، عن سعد بن طريف (٢) ، عن الأصبغ بن نباته أنّ عليّا ـ عليه السّلام ـ سئل عن قول الله ـ تبارك وتعالى ـ : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ).
[قال : السماوات والأرض] (٣) وما فيهما (٤) من مخلوق في جوف الكرسيّ ، وله أربعة أملاك يحملونه بإذن الله ، فأمّا ملك منهم (٥) ففي صورة الآدميّين ، وهي أكرم الصّور على الله.
والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.
وفي محاسن البرقي (٦) : عنه ، بعض أصحابنا ، عن عليّ بن أسباط ، عن عمّه ، يعقوب ، أو غيره رفعه ، قال : كان أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ يقول : الّلهمّ ، إنّ هذا من عطائك ، فبارك لنا فيه وسوّغناه ، وأخلف لنا خلفا لما أكلناه أو شربناه لا من حول منّا ولا قوّة ، ورزقت فأحسنت فلك الحمد ، ربّ ، اجعلنا من الشّاكرين.
فإذا فرغ قال : الحمد لله الّذي كفانا وأكرمنا وحملنا في البرّ والبحر ورزقنا من الطّيّبات وفضّلنا على كثير ممّن خلق تفضيلا ، الحمد لله الّذي كفانا المؤنة وأسبغ علينا.
عنه (٧) ، عن محمّد بن [عبد الله] (٨) ، عن عمرو المتطبّب (٩) ، عن أبي يحيى الصّنعانيّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : كان عليّ بن الحسين ـ عليهما السّلام ـ إذا وضع الطّعام بين يديه قال : الّلهمّ ، هذا من منّك وفضلك وعطائك ، فبارك لنا فيه وسوّغناه وارزقنا خلفا لما
__________________
(١) نفس المصدر ١ / ٨٥.
(٢) كما في النجاشي / ٤٦٨. وفي المصدر : ظريف.
(٣) ليس في أ.
(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : بينهما.
(٥) المصدر : «فأما الملك الأوّل» بدل «فأمّا ملك منهم».
(٦) المحاسن / ٤٣٦ ، ح ٢٧٨.
(٧) نفس المصدر / ٤٣٣ ، ح ٢٦٣.
(٨) من المصدر.
(٩) كذا في المصدر. وفي النسخ : عمر المطيب.
أكلناه وربّ محتاج إليه رزقت وأحسنت ، الّلهمّ ، اجعلنا من الشّاكرين.
وإذا رفع الخوان قال : الحمد لله الّذي حملنا في البرّ والبحر ، ورزقنا من الطّيّبات ، وفضّلنا على كثير [من خلقه أو] (١) ممّن خلق تفضيلا.
وفي كتاب الخصّال (٢) ، فيما علّم أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ أصحابه : إذا نظر أحدكم في المرآة فليقل : الحمد لله الّذي خلقني فأحسن خلقي ، وصوّرني فأحسن صورتي ، وزان منّي ما شان من غيري ، وأكرمني بالإسلام.
عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ (٣) قال : المؤمن أعظم حرمة من الكعبة.
وفي عيون الأخبار (٤) ، بإسناده إلى الرّضا ـ عليه السّلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : إنّ المؤمن يعرف بالسّماء ، كم يعرف الرّجل [أهله و] (٥) ولده ، وأنّه لأكرم على الله ـ تعالى ـ من ملك مقرّب.
وبإسناده (٦) ، قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : يا عليّ. من كرامة المؤمن على الله أنّه لم يجعل لأجله وقتا حتّى يهمّ ببائقة (٧) ، فإذا همّ ببائقة (٨) قبضه الله (٩) إليه.
عن جابر (١٠) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ [في قوله ـ تعالى ـ] (١١) : (وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً) قال : خلق كلّ شيء منكبّا ، غير الإنسان خلق منتصبا.
وفي كتاب علل الشّرائع (١٢) : أبي ـ رحمه الله ـ قال : حدّثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ فقلت : الملائكة أفضل أم بنو آدم؟
فقال : قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ : إن الله ـ عزّ وجلّ ـ ركّب في الملائكة عقلا بلا شهوة ، وركّب في البهائم شهوة بلا عقل ، وركّب في بني آدم
__________________
(١) ليس في أ ، ب.
(٢) الخصال ٢ / ٦١٢.
(٣) نفس المصدر ١ / ٢٧ ، ح ٩٥.
(٤) العيون ٢ / ٣٣ ، ح ٦٢.
(٥) من المصدر.
(٦) نفس المصدر والمجلد / ٣٦ ، ح ٩٠.
(٧ و ٨) كذا في المصدر. وفي النسخ : بايعه. والبائقة : الداهية. الظلم والتعدّي عن الحقّ.
(٩) ليس في المصدر. (١٠) تفسير العيّاشي ٢ / ٣٠٢ ، ح ١١٣.
(١١) من المصدر. (١٢) العلل ١ / ٤.
كليهما ، فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة ، ومن غلب شهوته عقله فهو شرّ من البهائم.
وبإسناده (١) إلى عبد السّلام بن صالح الهرويّ : عن عليّ بن موسى الرّضا ـ عليه السّلام ـ عن أبيه ، عن آبائه ، عن عليّ بن أبي طالب ، عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ حديث طويل ، يقول فيه ـ صلّى الله عليه وآله ـ : فإنّ الملائكة لخدّامنا وخدّام محبّينا.
يا عليّ ، الّذين يحملون العرش ومن حوله يسبّحون بحمد ربّهم ويستغفرون للّذين آمنوا بولايتنا.
يا عليّ ، لولا نحن ما خلق الله آدم ولا حوّاء ولا الجنّة ولا النّار ولا السّماء ولا الأرض ، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سبقناهم إلى معرفة (٢) ربّنا وتسبيحه [وتهليله] (٣) وتقديسه (٤)؟ وأنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ خلق آدم فأودعنا صلبه وأمر الملائكة بالسّجود له تعظيما لنا وإكراما ، وكان سجودهم لله ـ عزّ وجلّ ـ عبوديّة ولآدم إكراما وطاعة لكوننا في صلبه ، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سجدوا (٥) لآدم كلّهم أجمعون؟
وقد روينا (٦) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال : إنّ في الملائكة من باقة (٧) بقل (٨) خير منه ، والأنبيّاء والحجج يعلمون ذلك لهم ، وفيهم ما جهلناه.
وبإسناده (٩) إلى ابن عبّاس : عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ حديث طويل ، يقول فيه ـ صلّى الله عليه وآله ـ : لمّا عرج بي إلى السّماء الرّابعة أذّن جبرئيل ـ عليه السّلام ـ وأقام ميكائيل ، ثمّ قيل لي : أدن ، يا محمّد.
فقلت : أتقدّم وأنت بحضرتي [يا جبرئيل] (١٠)؟
قال : نعم ، إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ فضّل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقرّبين ، وفضّلك أنت خاصّة.
فدنوت فصلّيت بأهل السّماء [الرابعة] (١١).
__________________
(١) نفس المصدر والمجلد / ٥.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : معروف.
(٣) من المصدر.
(٤) ليس في أ ، ب ، ر.
(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : سجد.
(٦) العلل / ٢٥.
(٧) الباقة : الحزمة من الزّهر أو البقل.
(٨) كذا في المصدر. وفي النسخ : يقل.
(٩) العلل ١ / ١٨٤ ، ضمن ح ٢.
(١٠ و ١١) من المصدر.
وفي أصول الكافي (١) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الصّباح الكنانيّ ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : ما خلق الله ـ عزّ وجلّ ـ خلقا أكرم على الله ـ عزّ وجلّ ـ من مؤمن ، لأنّ الملائكة خدّام المؤمنين ، وأنّ جوار الله للمؤمنين ، وأنّ الجنّة للمؤمنين ، وأنّ الحور العين للمؤمنين.
والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.
وفي كتاب الاحتجاج (٢) للطّبرسي ـ رحمه الله ـ : عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ حديث طويل ، وفيه : يا رسول الله ، أخبرنا عن عليّ هو أفضل أم ملائكة الله المقرّبون؟
فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : وهل شرّفت الملائكة إلّا بحبّها لمحمّد وعليّ وقبولها ولايتهما ، إنّه لا أحد من محبّي [عليّ] (٣) ـ عليه السّلام ـ قد نظّف قلبه من الغش (٤) والدّغل [والعلل] (٥) ونجاسة الذّنوب إلّا كان أطهر وأفضل من الملائكة.
وفيه (٦) : عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ حديث طويل ، يقول فيه السّائل : فالرّسول أفضل أم الملك المرسل إليه؟ قال : بل الرّسول أفضل.
وفي كتاب ثواب الأعمال (٧) ، بإسناده إلى أبي هريرة وعبد الله بن عبّاس قالا : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في أثناء كلام طويل : أنتم أفضل من الملائكة.
وفي اعتقادات الإمامية (٨) للصّدوق ـ عليه الرّحمة ـ : وقال النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : أنا أفضل من جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وجميع الملائكة المقرّبين ، وأنا خير البريّة وسيّد ولد آدم.
(يَوْمَ نَدْعُوا) : نصب بإضمار «اذكر» ، أو ظرف لما دلّ عليه «ولا يظلمون».
وقرئ (٩) : «يدعو» ، و «يدعي» ، و «يدعو» على [قلب] (١٠) الألف واوا في لغة من يقول : افعو ، [في أفعى] (١١). أو على أنّ الواو علامة الجمع ، كما في قوله : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا). أو ضميره ، و «كلّ» بدل منه ، والنّون محذوفة لقلّة المبالاة بها فإنّها ليست إلّا علامة الرّفع ، وهو قد يقدّر ، كما في «يدعى».
__________________
(١) الكافي ٢ / ٣٣ ، ح ٢.
(٢) الإحتجاج ١ / ٥٢.
(٣) من المصدر.
(٤) المصدر : قذر الغش.
(٥) ليس في المصدر.
(٦) نفس المصدر ٢ / ٣٤٨.
(٧) ثواب الأعمال / ٣٣٠ ، ضمن ح ١.
(٨) اعتقادات الصدوق / ٩٦. (٩) أنوار التنزيل ١ / ٥٩٢. (١٠ و ١١) من المصدر.
(كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) : بمن ائتّموا به من نبيّ ، أو مقدّم في الدّين ، أو كتاب ، أو دين.
وقيل (١) : بكتاب أعمالهم الّتي قدّموها ، فيقال ، يا صاحب كتاب كذا ، أي : تنقطع علقة الأنساب وتبقى نسبة الأعمال.
وقيل (٢) : بالقوى الحاملة لهم على عقائدهم وأفعالهم.
وقيل (٣) : بأمّهاتهم ، جمع أمّ ، كخفّ وخفاف ، والحكمة في ذلك : إجلال عيسى ـ عليه السّلام ـ ، وإظهار شرف الحسن والحسين ـ رضي الله عنهما ـ ، وأن لا تفتضح أولاد الزّنا (٤).
وفي محاسن البرقي (٥) : عن أبيه ، عن النّضر بن سويد ، عن ابن مسكان ، عن يعقوب بن شعيب قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ [أُناسٍ بِإِمامِهِمْ).
فقال : ندعو] (٦) كلّ قرن من هذه الأمّة بإمامهم.
قلت : فيجيء رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في قرنه ، وعليّ ـ عليه السّلام ـ في قرنه ، والحسن ـ عليه السّلام ـ في قرنه ، والحسين ـ عليه السّلام ـ في قرنه ، [وكلّ إمام في قرنه] (٧) الّذي هلك بين أظهرهم (٨)؟
قال : نعم.
وفي عيون الأخبار (٩) : عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ وبإسناده قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في قوله ـ تعالى ـ : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) قال : يدعى كلّ قوم بإمام زمانهم ، وكتاب الله (١٠) ، وسنّة نبيّهم.
وفي كتاب الخصال (١١) ، بإسناده إلى الأصبغ بن نباتة قال : أمرنا أمير المؤمنين
__________________
(١ و ٢ و ٣) نفس المصدر والموضع.
(٤) إذ لو دعي الخلق بالآباء لكان هذا نوع نقص بالنسبة إلى عيسى بالأمّ والخلق بالآباء ، وفيه إظهار شرف السبطين بأن يدعيا بأمّهما الّتي هي بنت سيّد المرسلين ـ صلّى الله عليه وآله ـ وعدم افتضاح أولاد الزّنا ظاهرا فإنّه لو دعي الخلق بالآباء وأولاد الزّنا بالامّهات لكان هذا تصريحا بكونهم أولاد الزّنا وليس لهم آباء.
(٥) المحاسن / ١٤٤ ، ح ٤٤.
(٦) ليس في أ ، ر.
(٧) من المصدر.
(٨) كذا في المصدر. وفي النسخ : أظهركم.
(٩) العيون ٢ / ٣٣ وح ٦١.
(١٠) المصدر : ربّهم.
(١١) الخصال ٢ / ٦٤٤ ، ح ٢٦.
ـ عليه السّلام ـ بالمسير إلى المدائن من الكوفة ، فسرنا يوم الأحد وتخلّف عمرو بن حريث (١) في سبعة نفر ، فخرجوا إلى مكان بالحيرة يسمّى : الخورنق ، فقالوا نتنزّه (٢) فإذا كان الأربعاء خرجنا فلحقنا عليّا ـ عليه السّلام ـ قبل أن يجمع. فبينما هم يتغدّون (٣) ، إذ خرج عليهم ضبّ فصادوه ، فأخذه عمرو بن حريث ، فنصب كفّه وقال : بايعوا ، هذا أمير المؤمنين. فبايعه السّبعة وعمرو ثامنهم ، وارتحلوا ليلة الأربعاء فقدموا المدائن يوم الجمعة ، وأمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ يخطب ، [ولم يفارق بعضهم بعضا وكانوا جميعا حتّى نزلوا] (٤) [على باب المسجد. فلمّا دخلوا ، نظر إليهم أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ] (٥) فقال : يا أيّها النّاس ، إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أسرّ إليّ ألف ألف (٦) حديث ، في كلّ حديث ألف باب ، لكلّ باب ألف مفتاح ، وإنّي سمعت الله ـ جلّ جلاله ـ يقول : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ). وإنّي أقسم لكم بالله ، ليبعثنّ يوم القيامة ثمانية نفر يدعون بإمامهم ، وهو ضبّ ، ولو شئت أن أسمّيهم لفعلت.
قال : فلقد رأيت عمرو بن حريث سقط ، كما تسقط السّعفة ، حياء ولوما.
وفي أصول الكافي (٧) : عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرّحمن ، عن حمّاد ، عن عبد الأعلى قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : السّمع والطّاعة أبواب الخير ، السّامع المطيع لا حجّة عليه ، والسّامع العاصي لا حجّة له ، وإمام المسلمين تمّت حجّته واحتجاجه يوم يلقي الله ـ عزّ وجلّ ـ.
ثمّ قال : يقول الله ـ تبارك وتعالى ـ : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ).
محمّد بن يحيى (٨) ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن غالب ، عن جابر عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : لمّا نزلت هذه الآية (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) قال المسلمون : يا رسول الله ، ألست إمام النّاس كلّهم أجمعين؟
قال : فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : أنا رسول الله إلى النّاس أجمعين ،
__________________
(١) أ ، ب ، ر : عمرو بن حرث.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : تتنزّه.
(٣) المصدر : يتغذّون.
(٤) من المصدر.
(٥) يوجد في ب ، المصدر.
(٦) ليس في أ ، ب ، ر ، المصدر.
(٧) الكافي ١ / ١٨٩ ـ ١٩٠ ، ح ١٧.
(٨) نفس المصدر / ٢١٥ ، ح ١.
ولكن سيكون من بعدي أئمّة على النّاس من الله من أهل بيتي يقومون في النّاس ، فيكذبون وتظلمهم أئمّة الكفر والضّلال وأشياعهم. فمن والاهم واتّبعهم وصدّقهم ، فهو منّي ومعي وسيلقاني. ألا ومن ظلمهم وكذّبهم ، فليس منّي ولا معي وأنا منه بريء.
عليّ بن محمّد (١) ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن الحسن بن شمّون (٢) ، عن عبد الله [بن عبد الرّحمن ، عن عبد الله] (٣) بن القاسم البطل (٤) ، عن عبد الله بن سنان قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ).
قال : إمامهم الّذي بين أظهرهم ، وهو قائم أهل زمانه.
عدّة من أصحابنا (٥) ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن محمّد بن الحسن بن شمّون ، عن عبد الله بن عمرو بن الأشعث (٦) ، عن عبد الله بن حمّاد الأنصاريّ ، عن يحيى بن عبد الله بن الحسن ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : يجيء كلّ غادر بإمام يوم القيامة مائلا شدقه حتّى يدخل النّار.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٧) : أخبرنا أحمد بن إدريس قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى (٨) ، عن ربعي بن عبد الله ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ تبارك وتعالى ـ : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) قال : يجيء رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في قومه (٩) ، وعليّ في قومه (١٠) ، والحسن في قومه (١١) ، والحسن في قومه (١٢) ، وكلّ من مات بين ظهرانيّ قوم جاؤوا معه.
وقال عليّ بن إبراهيم (١٣) في قوله : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) قال : ذلك يوم القيامة ، ينادي مناد : ليقم أبو بكر (١٤) وشيعته ، وعمر (١٥) وشيعته ، وعثمان (١٦) وشيعته ، [وعليّ
__________________
(١) نفس المصدر / ٥٣٦ ـ ٥٣٧.
(٢) أ ، ب : سمعون.
(٣) ليس في ب. ويوجد فيها هاهنا زيادة : بن حمّاد الأنصاري ، عن يحيى بن عبد الله بن الحسن.
(٤) كذا في المصدر وجامع الرواة ١ / ٥٠٠. وفي النسخ : القاسم بن البطل.
(٥) نفس المصدر ٢ / ٣٣٧ ـ ٣٣٨ ، ح ٥.
(٦) كذا في المصدر وجامع الرواة ١ / ٤٩٨. وفي النسخ : الأشوى.
(٧) تفسير القمّي ٢ / ٢٢ ـ ٢٣.
(٨) في المصدر زيادة : عن الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى.
(٩ و ١٠ و ١١ و ١٢) المصدر : فرقة.
(١٣) نفس المصدر : ٢٣.
(١٤ و ١٥ و ١٦) المصدر : فلان.
وشيعته] (١).
وفي كتاب الاحتجاج (٢) للطّبرسيّ ـ رحمه الله ـ : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ حديث طويل ، فيه يقول ـ عليه السّلام ـ وقد ذكر المنافقين : وكذلك قوله (٣) : سلام على آل ياسين لأنّ الله سمّى النّبيّ بهذا الاسم (٤) حيث قال (٥) : (يس ، وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ، إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ). لعلمه بأنّهم يسقطون قول (٦) : سلام على آل محمد ، كما أسقطوا غيره.
وكذلك قال : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) ولم يسمّ بأسمائهم وأسماء آبائهم وامّهاتهم.
وفي أمالي الصّدوق (٧) ، وبإسناده إلى أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سأل رجل يقال له : بشر بن غالب ، أبا عبد الله (٨) ـ عليه السّلام ـ فقال : يا ابن رسول الله ، أخبرني عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ).
قال إمام دعا إلى هدى فأجابوه إليه ، وإمام دعا إلى ضلالة فأجابوه إليها ، هؤلاء في الجنّة وهؤلاء في النّار ، وهو قوله (٩) ـ عزّ وجلّ ـ : (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ).
والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.
وفي الصّحيفة السّجادية (١٠). الّلهمّ ، إنّك أيّدت دينك في كلّ أوان بإمام أقمته علما لعبادك ومنارا في بلادك ، بعد أن وصلت حبله بحبلك ، وجعلته الذّريعة إلى رضوانك ، وافترضت طاعته ، وحذّرت معصيته ، وأمرت بامتثال أمره (١١) والانتهاء عند نهيه ، وألّا يتقدّمه متقدّم ولا يتأخّر عنه متأخّر.
وفي مصباح الشّريعة (١٢) : قال الصّادق ـ عليه السّلام ـ : [قال الله ـ تعالى ـ :] (١٣) (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) ، أي : من كان اقتدى بمحقّ قبل وزكّي.
__________________
(١) ليس في أ ، ب.
(٢) الاحتجاج ١ / ٢٥٣.
(٣) الصّافّات / ١٣٠.
(٤) المصدر : لأنّ الله سمّى به النّبيّ ....
(٥) يس / ١ ـ ٣.
(٦) المصدر : قول الله.
(٧) عنه في نور الثقلين ٣ / ١٩٣ ، ح ٣٣٥.
(٨) ب : أبا عبد الله الحسين.
(٩) الشورى / ٧.
(١٠) الصحيفة السجّاديّة ، الدعاء ٤٧.
(١١) المصدر : أوامره.
(١٢) مصباح الشريعة / ٣٢٩. (١٣) ليس في المصدر.
وفي الخرائج والجرائح (١) ، في أعلام محمّد العسكريّ ـ عليه السّلام ـ : قال أبو هاشم ، بعد أن روى كرامة له ـ عليه السّلام ـ : فجعلت أفكّر في نفسي عظم ما أعطى الله آل محمّد ـ عليهم السّلام ـ وبكيت ، فنظر إليّ وقال : الأمر أعظم ممّا حدّثت به نفسك من عظم شأن آل محمّد ، فاحمد الله أن جعلك متمسّكا بحبلهم ، تدعى يوم (٢) القيامة بهم (٣) إذا دعي كلّ أناس بإمامهم إنّك على خير.
وفي الرّجال للكشّي (٤) : فضالة بن جعفر ، عن أبان ، عن حمزة بن طيّار : أنّ أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ أخذ بيدي ، ثمّ عدّ الأئمّة ـ عليهم السّلام ـ إماما إماما يحسبهم [بيده] (٥) حتّى انتهى إلى أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ فكفّ.
فقلت : جعلني الله فداك ، لو فلقت رمّانة فأحللت بعضها وحرّمت بعضها ، لشهدت أنّ ما حرّمت حرام وما أحللت حلال.
فقال : فحسبك أن تقول بقوله ، وما أنا إلّا مثلهم ، لي ما لهم وعليّ ما عليهم ، فإن أردت أن تجيء يوم القيامة مع الّذين قال الله ـ تعالى ـ : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) فقل بقوله.
وفي تفسير العيّاشي (٦) : عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : أنّه إذا كان يوم القيامة يدعى كلّ بإمامه الّذي مات في عصره ، فإن أثبته (٧) أعطي كتابه بيمينه لقوله : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ [فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ).
واليمين اثبات الإمام ، لأنّه كتاب يقرؤه ، إنّ الله يقول (٨) : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ]) (٩) (فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ ، إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ) (الآية). و «الكتاب» الإمام ، فمن نبذه وراء ظهره كان كما قال (١٠) : (فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ). ومن أنكره كان من أصحاب الشّمال الّذين قال الله (١١) : (ما أَصْحابُ الشِّمالِ ، فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ ، وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ)
__________________
(١) نور الثقلين ٣ / ١٩٣ ، ح ٣٣٨.
(٢) من ب.
(٣) كذا في الثقلين. وفي ب : محبهم. وفي غيرها : لهم.
(٤) رجال الكشي / ٣٤٩ ، ح ٦٥٣.
(٥) من المصدر.
(٦) تفسير العياشي ٢ / ٣٠٢.
(٧) كذا في المصدر. وفي النسخ : أتاه.
(٨) الحاقة / ١٩ ـ ٢٠. وفيها : «فأما من ...»
(٩) من المصدر.
(١٠) آل عمران / ١٨٧.
(١١) الواقعة / ٤١ ـ ٤٣.
(إلى آخر الآية).
عنه (١) ، عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما ـ عليهما السّلام ـ قال : سألته عن قوله : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ).
قال : من كان يأتمّون به في الدّنيا ، ويؤتي بالشّمس والقمر فيقذفان في حميم (٢) ومن يعبدهما.
عن جعفر بن أحمد (٣) ، عن الفضل بن شاذان ، أنّه وجد مكتوبا بخطّ أبيه [مثله] (٤).
عن أبي بصير (٥) قال : أخذت بفخذ أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ فقلت : أشهد أنّك إمامي.
فقال : أما إنّه سيدعى كلّ أناس بإمامهم ، أصحاب الشّمس بالشّمس ، وأصحاب القمر بالقمر ، وأصحاب النّار بالنّار ، وأصحاب الحجارة بالحجارة.
عن عمّار السّاباطي (٦) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : لا تترك الأرض بغير إمام يحلّ حلال الله ويحرّم حرام الله ، وهو قول الله : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ).
ثمّ قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : من مات بغير إمام مات ميتة جاهليّة.
فمدّوا أعناقهم وفتحوا أعينهم ، فقال أبو عبد الله : ليست الجاهليّة الجهلاء.
فلمّا خرجنا من عنده قال لنا سليمان : هو ، والله ، الجاهليّة الجهلاء ، ولكن لمّا رآكم مددتم أعناقكم وفتحتم أعينكم قال لكم كذلك.
عن بشير الدّهّان (٧) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : أنتم ، والله ، على دين الله. ثمّ تلا : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ).
ثمّ قال : عليّ إمامنا ورسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إمامنا ، كم من إمام يجيء يوم القيامة يلعن أصحابه ويلعنونه ، ونحن ذريّة محمّد وأمّنا فاطمة.
__________________
(١) نفس المصدر والموضع.
(٢) المصدر : ويقذفان في جهنّم.
(٣) نفس المصدر / ٣٠٣ ، ح ١١٧.
(٤) من المصدر.
(٥) نفس المصدر / ٣٠٣ ، ح ١١٨.
(٦) نفس المصدر / ٣٠٣.
(٧) نفس المصدر / ٣٠٣.