فقال : يا محمّد ،] (١) إنّ هذا انتهاء حدّي الّذي وضعه الله لي في هذا المكان ، فإن تجاوزته احترقت أجنحتي لتعدّي حدود ربّي ـ جلّ جلاله ـ.
فزّج بي زجّة (٢) في النّور حتّى انتهيت إلى حيث ما شاء الله ـ عزّ وجلّ ـ من ملكوته ، [فنوديت : يا محمّد.
فقلت : لبّيك ربّي وسعديك ، تباركت وتعاليت] (٣).
فنوديت : يا محمّد ، أنت عبدي وأنا ربّك ، فإيّاي فاعبد وعليّ فتوكّل ، فإنّك نوري (٤) في عبادي ورسولي إلى خلقي وحجّتي في بريّتي (٥) ، لمن اتّبعك (٦) خلقت جنّتي ولمن [عصاك و] (٧) خالفك خلقت ناري ، ولأوصيائك أوجبت كرامتي ولشيعتك أوجبت ثوابي.
فقلت : يا ربّ ، ومن أوصيائي؟
فنوديت : يا محمّد ، أوصياؤك (٨) المكتوبون على ساق العرش.
فنظرت ـ وأنا بين يدي ربّي ـ إلى ساق العرش ، فرأيت اثني عشر نورا ، في كلّ نور سطر أخضر مكتوب عليه اسم كلّ وصيّ من أوصيّائي ، أوّلهم علي بن أبي طالب وآخرهم مهديّ أمّتي ، فقلت : يا ربّ ، أهؤلاء أوصيائي من بعدي؟
فنوديت : يا محمّد ، هؤلاء أوليائي وأحبّائي وأصفيائي وحججي بعدك على بريّتي ، وهم أوصياؤك وخلفاؤك وخير خلقي بعدك ، وعزّتي وجلالي ، لأظهرنّ بهم ديني ، ولأعلينّ بهم كلمتي ، ولأطهّرن الأرض بآخرهم من أعدائي ، ولأملكنّه مشارق الأرض ومغاربها ، ولأسخرنّ له الرّياح ، ولأذلّلنّ له الرّقاب الصّعاب ، ولأرقينّه في الأسباب ، ولأنصرنّه بجندي ولأمدّنّه بملائكتي حتّى تعلو (٩) دعوتي ويجمع الخلق على توحيدي ، ثمّ لأديمنّ ملكه ولأداولنّ الأيّام بين أوليائي إلى يوم القيامة.
__________________
(١) من المصدر.
(٢) المصدر : فزخّ بي زخّة. وزجّ بالشيء ، وزخّ به : رمى به.
(٣) من المصدر.
(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : تؤدي.
(٥) ب : ديني.
(٦) المصدر : تبعك.
(٧) ليس في المصدر.
(٨) المصدر : [إنّ] أوصياءك.
(٩) المصدر : يعلن.
وفي من لا يحضره الفقيه (١) : وسأل محمّد بن عمران أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ فقال : لأيّ علّة يجهر في صلاة الجمعة وصلاة المغرب وصلاة العشاء الآخرة وصلاة الغداة ، وسائر الصّلوات الظّهر والعصر لا يجهر فيهما؟ ولأيّ علّة صار التّسبيح في الرّكعتين الأخيرتين أفضل من القراءة؟
قال : لأنّ النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ لمّا اسري به إلى السّماء كان أوّل صلاة فرض الله (٢) عليه الظّهر يوم الجمعة ، فأضاف الله ـ عزّ وجلّ ـ إليه الملائكة تصلّي خلفه ، وأمر نبيّه ـ صلّى الله عليه وآله ـ أن يجهر بالقراءة ليبيّن (٣) لهم فضله.
ثمّ فرض [الله] (٤) عليه العصر ، ولم يضيف إليه أحدا من الملائكة ، وأمره أن يخفي القراءة لأنّه لم يكن وراءه أحد.
ثمّ فرض عليه المغرب ، وأضاف إليه الملائكة ، فأمره بالإجهار ، وكذلك العشاء الآخرة.
فلمّا كان قرب الفجر ، نزل ففرض (٥) الله عليه الفجر ، فأمره بالإجهار ليبيّن للنّاس فضله ، كما بيّن للملائكة ، فلهذه العلّة يجهر فيها.
وصار التّسبيح أفضل من القراءة في الأخيرتين ، لأنّ النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ لمّا كان في الأخيرتين ذكر ما رأى من عظمة الله ـ عزّ وجلّ ـ فدهش فقال : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر. فلذلك صار التّسبيح أفضل من القراءة.
وفي كتاب معاني الأخبار (٦) ، بإسناده إلى أنس قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لمّا عرج بي إلى السّماء ، إذا أنا بأسطوانة أصلها من فضّة بيضاء ، ووسطها من ياقوت وزبرجد ، وأعلاها من ذهبة حمراء.
فقلت : يا جبرئيل ، ما هذه؟
فقال : هذا دينك أبيض واضح مضيء.
قلت : وما هذه وسطها؟
__________________
(١) الفقيه ١ / ٢٠٢ ، ح ٩٢٥.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : كان أوّل صلاتهم فرضها الله.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : وليبّن.
(٤) من المصدر.
(٥) المصدر : فافترض.
(٦) المعاني / ١١٣ ، ح ١.
قال : الجهاد.
قلت : فما هذه الذّهبة الحمراء؟
قال : الهجرة ، وكذلك (١) علا إيمان عليّ ـ عليه السّلام ـ على إيمان كلّ مؤمن.
وفي أصول الكافي (٢) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : لمّا عرج برسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ انتهى به جبرئيل ـ عليه السّلام ـ إلى مكان فخلّى عنه.
فقال له : يا جبرئيل ، أتخلّيني على هذه الحال؟
فقال : امض (٣) ، [فو الله] (٤) لقد وطئت مكانا ما وطأه بشر ، وما مشي فيه بشر قبلك.
عدّة من أصحابنا (٥) ، عن أحمد بن محمّد ، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنيّ ، عن أبي جعفر الثّاني ، عن أبيه ، عن جدّه ـ عليهم السّلام ـ قال : قال أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : إنّ الله خلق الإسلام فجعل له عرصة ، وجعل له نورا ، وجعل له حصنا ، وجعل له ناصرا.
فأمّا عرصته ، فالقرآن. وأمّا نوره ، فالحكمة. وأمّا حصنه ، فالمعروف. وأمّا أنصاره ، فأنا وأهل بيتي وشيعتنا. فأحبّوا (٦) أهل بيتي وشيعتهم وأنصارهم ، فانّه لمّا أسري بي إلى السّماء الدّنيا فنسبني جبرئيل لأهل السّماء ، استودع الله حبّي وحبّ أهل بيتي وشيعتهم وأنصارهم في قلوب الملائكة ، فهو عندهم وديعة إلى يوم القيامة. ثمّ هبط بي إلى الأرض (٧) فنسبني إلى أهل الأرض ، فاستودع [الله] (٨) ـ عزّ وجلّ ـ حبّي وحبّ أهل بيتي وشيعتهم في قلوب مؤمني أمّتي ، فمؤمنو (٩) أمّتي يحفظون وديعتي [في أهل بيتي] (١٠) إلى يوم القيامة. ألا فلو أنّ رجلا من أمّتي عبد الله ـ عزّ وجلّ ـ عمره أيّام الدّنيا ، ثمّ لقي الله ـ عزّ وجلّ ـ مبغضا لأهل بيتي وشيعتي ما فرج الله صدره إلّا عن نفاق.
__________________
(١) المصدر : لذلك.
(٢) الكافي ١ / ٤٤٢ ، ح ١٢.
(٣) المصدر : امضه.
(٤) من المصدر.
(٥) نفس المصدر ٢ / ٤٦ ، ح ٣.
(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : فأحبّ.
(٧) المصدر : إلى أهل الأرض.
(٨) من المصدر.
(٩) كذا في المصدر. وفي النسخ : فهو عند.
(١٠) من المصدر.
وفي الكافي (١) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن اذينة ، عن زرارة أو الفضيل (٢) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : لمّا اسري برسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إلى السّماء فبلغ البيت المعمور وحضرت الصّلاة ، فأذّن جبرئيل وأقام ، فتقدّم رسول الله وصف الملائكة والنّبيّون خلف محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
[محمّد بن الحسن (٣) وعليّ بن محمّد ، عن سهل بن زياد ، عن عمر بن عثمان ،] (٤) عن محمّد بن عبد الله الخزّاز ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قال لي : يا هارون بن خارجة ، كم بينك وبين مسجد الكوفة ، يكون ميلا؟
قلت : لا.
قال : أفتصلّي فيه الصلوات كلّها؟
قلت (٥) : لا.
قال : أما لو كنت بحضرته ، لرجوت أن لا تفوتني فيه صلاة. وتدري ما فضل ذلك الموضع؟ ما من عبد صالح ولا نبيّ ، إلّا وقد صلّى في مسجد كوفان ، حتّى أنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لمّا اسري به ، قال له جبرئيل : أين أنت ، يا رسول الله ، السّاعة؟ أنت مقابل مسجد كوفان. قال : فاستأذن لي ربّي حتّى آتيه ، فاصلّي فيه ركعتين. فاستأذن الله ـ عزّ وجلّ ـ فأذن له.
والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٦) : حدّثني أبي ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن عليّ بن موسى الرّضا ـ عليه السّلام ـ قال لي : يا أحمد ، ما الخلاف بينكم وبين أصحاب هشام بن الحكم في التّوحيد؟
قلت : جعلت فداك ، قلنا نحن بالصّورة للحديث الّذي روي «أنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ رأى ربّه في صورة شابّ» وقال هشام بن الحكم بالنّفي للجسم.
فقال : يا أحمد ، إنّ رسول الله لمّا أسري به إلى السّماء ، وبلغ عند سدرة
__________________
(١) نفس المصدر ٣ / ٣٠٢ ، ح ١.
(٢) المصدر : عن زرارة والفضل.
(٣) نفس المصدر ٣ / ٤٩٠ ـ ٤٩١ ، ح ١.
(٤) ليس في ب.
(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : فقال.
(٦) تفسير القمّي ١ / ٢٠.
المنتهى ، خرق له في الحجب مثل سمّ الإبرة (١) ، فرأى من نور العظمة ما شاء الله أن يرى ، وأردتم أنتم التّشبيه. دع هذا يا أحمد ، لا ينفتح عليك منه أمر (٢).
وحدّثني أبي (٣) ، عن حمّاد ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : لمّا اسري بي إلى السّماء ، دخلت الجنّة ، فرأيت قصرا من ياقوتة حمراء يرى داخلها من خارجها وخارجها من داخلها من ضيائها ، وفيها بيتان من درّ وزبرجد.
فقلت : يا جبرئيل ، لمن هذا القصر؟
فقال : هذا القصر لمن [أطاب الكلام و] (٤) أدام الصّيام ، وأطعم الطّعام ، وتهجّد بالّليل والنّاس نيام.
وهذا الحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.
حدّثني أبي (٥) ، عن النّضر بن سويد ، عن يحيى الحلبيّ ، عن ابن سنان قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : أوّل من سبق إلى «بلى» رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
وذلك أنّه كان أقرب الخلق إلى الله ـ تعالى ـ ، وكان بالمكان الّذي قال له جبرئيل لمّا اسري به إلى السّماء : تقدّم ، يا محمّد ، لقد وطئت موطئا لم يطأه ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل. ولو لا أنّ روحه ونفسه كانت من ذلك المكان لما قدر أن يبلغه ، وكان من الله ـ عزّ وجلّ ـ كما قال الله : (قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) ، أي : بل أدنى.
حدّثني أبي (٦) ، عن عمرو بن سعيد الرّاشديّ ، عن ابن مسكان ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : لمّا اسري برسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ [إلى السّماء] (٧) ، فأوحى [الله] (٨) إليه في عليّ ما أوحى (٩) من شرفه ومن عظمته عند الله ، وردّ إلى البيت المعمور وجمع له النّبيّين فصلّوا خلفه ، وعرض في نفس رسول الله من عظم من أوحي إليه في عليّ ـ عليه السّلام ـ فأنزل الله (١٠) : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ)
__________________
(١) المصدر : لإبرة.
(٢) المصدر : «هذا أمر عظيم» بدل : «منه أمر».
(٣) نفس المصدر / ٢١.
(٤) من المصدر.
(٥) نور الثقلين ٣ / ١٣١ ، ح ٤٧.
(٦) تفسير القمي ١ / ٣١٦ ـ ٣١٧.
(٧ و ٨) من المصدر.
(٩) في المصدر بعدها : ما يشاء.
(١٠) يونس / ٩٤ ـ ٩٥.
، يعني : الأنبياء ، فقد أنزلنا عليهم في كتبهم من فضله ما أنزلنا في كتابك (لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ ، وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ).
فقال الصّادق ـ عليه السّلام ـ : فو الله ، ما شكّ وما سأل.
وحدّثني أبي (١) ، عن الحسن بن محبوب ، عن عليّ بن رئاب ، عن أبي عبيدة ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : كان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يكثر تقبيل فاطمة ـ عليها السّلام ـ فأنكرت ذلك عائشة.
فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : يا عائشة ، إنّي لمّا اسري بي إلى السّماء دخلت الجنّة ، فأدناني جبرئيل من شجرة طوبى وناولني من ثمارها ، فأكلته ، فحوّل الله ذلك ماء في ظهري ، فلمّا هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ، فما قبّلتها قطّ إلّا وجدت رائحة شجرة طوبى منها.
وفي روضة الكافي (٢) : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي حمزة ، ثابت بن دينار الثّماليّ وأبي منصور عن أبي الرّبيع قال : حججت (٣) مع أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في السّنة الّتي [كان] (٤) حجّ فيها هشام بن عبد الملك ، وكان معه نافع ، مولى عمر بن الخطّاب ، فنظر نافع إلى أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في ركن البيت ، وقد اجتمع عليه النّاس.
فقال نافع : يا أمير المؤمنين ، من هذا الّذي قد تداكّ عليه النّاس؟
فقال : هذا نبيّ أهل الكوفة ، هذا محمّد بن عليّ.
فقال : أشهد لآتينّه ، فلأسألنّه عن مسائل لا يجيبني فيها إلّا نبيّ أو ابن نبي أو وصيّ نبيّ.
قال : فأذهب إليه واسأله لعلّك تخجله.
فجاء نافع حتّى اتّكأ على النّاس ، ثمّ أشرف على أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ فقال : يا محمّد بن عليّ ، إني قد (٥) قرأت التّوراة والإنجيل والزّبور والفرقان ، وقد عرفت
__________________
(١) نفس المصدر / ٣٦٥.
(٢) الكافي ٨ / ١٢٠ ـ ١٢١ ، ح ٩٣.
(٣) المصدر : حججنا.
(٤) من المصدر.
(٥) ليس في المصدر.
حلالها وحرامها ، وقد جئتك (١) أسألك عن مسائل لا يجيب فيها إلّا نبيّ أو وصيّ نّبيّ أو ابن نبيّ.
قال : فرفع أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ [رأسه] (٢) فقال : سل عمّا بدا لك.
فقال : أخبرني كم كان بين عيسى وبين محمّد ـ عليهما السّلام ـ من سنّة؟
قال : أخبرك بقولك أم بقولي؟
قال : أخبرني بالقولين جميعا.
قال : أمّا في قولي ، فخمسمائة سنة. وأمّا في قولك ، فستّمائة سنة.
قال : فأخبرني عن قول الله (٣) ـ عزّ وجلّ ـ لنّبيّه : (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ) (٤) (قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ). من الّذي سأل (٥) محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ وكان بينه وبين عيسى خمسمائة سنة؟
قال : فتلا أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ هذه الآية : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا) فكان من الآيات الّتي أراها الله محمّدا ـ صلّى الله عليه وآله ـ حيث اسري به إلى البيت المقدّس أنّه حشر الله ـ جلّ ذكره ـ الأوّلين والآخرين من النّبيّين والمرسلين ، ثمّ أمر جبرئيل ـ عليه السّلام ـ فأذّن شفعا وأقام شفعا ، وقال في أذانه : حيّ على خير العمل. ثمّ تقدّم محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ فصلّى بالقوم. فلمّا انصرف قال : [سل ، يا محمّد ، من أرسلنا قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرّحمن آلهة يعبدون.
فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ] (٦) : على ما تشهدون ، وما كنتم تعبدون؟
قالوا : نشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأنّك رسول الله أخذت على ذلك عهودنا ومواثيقنا.
فقال نافع : صدقت ، يا أبا جعفر.
والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.
__________________
(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : حبتك.
(٢) من المصدر.
(٣) الزخرف / ٤٥.
(٤) ليس في المصدر.
(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : سأله.
(٦) ليس في المصدر.
وبإسناده (١) إلى أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : لمّا اسري بي إلى السّماء ، دخلت الجنّة ، فرأيت قيعان (٢) يقق (٣) ، ورأيت فيها ملائكة يبنون لبنة من فضّة ولبنة من ذهب وربّما أمسكوا.
فقلت لهم : مالكم ربّما بنيتم وربّما أمسكتم؟
فقالوا : حتّى تجيئنا النّفقة.
فقلت (٤) : وما نفقتكم؟
قالوا : قول المؤمن في الدّنيا : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر. فإذا قال بنينا ، وإذا أمسك أمسكنا.
وقال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : لمّا اسري بي إلى السّماء (٥) أخذ جبرئيل بيدي فأدخلني الجنّة ، فأجلسني على درنوك من (٦) درانيك الجنّة فناولني سفرجلة فانفلقت نصفين ، فخرجت من بينهما (٧) حوراء فقامت بين يدي.
فقالت : السّلام عليك يا محمّد ، السّلام عليك يا أحمد ، السّلام عليك يا رسول الله.
فقلت : وعليك السّلام ، من أنت؟
قالت : أنا الرّاضية المرضيّة ، خلقني الجبّار من ثلاثة أنواع : أسفلي من المسك ، ووسطي من العنبر ، وأعلاي من الكافور. وعجنت بماء الحيوان ، ثمّ قال ـ جلّ ذكره ـ لي : كوني. فكنت لأخيك ووصيّك ، عليّ بن أبي طالب ـ صلوات الله عليه ـ.
وفي تفسير العيّاشي (٨) : عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ صلّى العشاء الآخرة وصلّى الفجر في اللّيلة الّتي اسري
__________________
(١) لم نعثر على هذا الحديث في روضة الكافي ، ولكن رواه القمّي في تفسيره ١ / ٢١ ـ ٢٢.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : فيقعان. والقيعان : جمع القاع : أرض سهلة مطمئنّة قد انفرجت عنها الآكام والجبال.
(٣) كذا في ب. وفي غيرها : يفق. وفي المصدر : تفق. واليقق : المتناهي في البياض. وقد تكسر القاف.
(٤) كذا في المصدر ، وفي النسخ : قال.
(٥) المصدر : إلى سبع سماواته.
(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ بعدها زيادة : نور.
(٧) كذا في المصدر. وفي النسخ : بينها.
(٨) تفسير العيّاشي ٢ / ٢٧٩ ، ح ١١.
به فيها (١) بمكّة.
عن زرارة (٢) وحمران بن أعين ومحمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : حدّث أبو سعيد الخدريّ ، أنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال : إنّ جبرئيل أتاني (٣) ليلة اسري بي وحين رجعت.
فقلت : يا جبرئيل ، هل لك من حاجة؟
فقال : حاجتي أن تقرأ على خديجة من الله ومنّي السّلام.
وحدّثنا عند ذلك ، أنّها قالت حين لقيها نبي الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال لها الّذي قال جبرئيل ، قال : إنّ الله هو السّلام ، ومنه السّلام ، وإليه السّلام ، وعلى جبرئيل السّلام.
وفي شرح الآيات الباهرة (٤) : وممّا ورد في الإسراء إلى السّماء منقبة عظيمة وفضيلة جسيمة لأمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ اختصّ بها دون الأنام ، وهو ما نقله الشّيخ ، أبو جعفر الطّوسي ـ رضي الله عنه ـ في أماليه ، عن رجاله ، مرفوعا ، عن عبد الله بن عبّاس ـ رضي الله عنه ـ قال : سمعت رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يقول : أعطاني الله ـ تعالى ـ خمسا وأعطى عليّا خمسا ، أعطاني جوامع الكلم وأعطى عليّا جوامع العلم ، وجعلني نبيّا وجعله وصيّا ، وأعطاني الكوثر وأعطاه السّلسبيل ، وأعطاني الوحي وأعطاه الإلهام ، وأسري بي وفتح له أبواب السّماء والحجب حتّى نظر إليّ ونظرت إليه.
قال : ثمّ بكى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
فقلت له : ما يبكيك ، فداك أبي وأمّي؟
فقال : يا ابن عبّاس ، أوّل ما كلّمني ربّي أن قال : يا محمّد ، انظر إلى تحتك.
فنظرت إلى الحجب قد انخرقت وإلى أبواب السّماء قد فتحت ، فنظرت إلى عليّ وهو رافع رأسه ، فكلمني وكلمته بما كلّمني ربّي ـ عزّ وجلّ ـ.
فقلت : يا رسول الله ، بم (٥) كلّمك ربّك؟
فقال : قال لي ربّي : يا محمّد ، إنّي جعلت عليّا وصيّتك ووزيرك وخليفتك من
__________________
(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : إليها.
(٢) نفس المصدر ، ح ١٢.
(٣) كذا في البحار ١٨ / ٣٨٥. وفي النسخ : «قال لي» بدل «أتاني».
(٤) تأويل الآيات الباهرة ١ / ٢٧٦ ، ح ٦.
(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : فما.
بعدك ، فأعلمه فها هو يسمع كلامك ، فأعلمته وأنا بين يدي ربّي ـ عزّ وجلّ ـ.
فقال لي : قد قبلت وأطعت.
فأمر الله الملائكة أن تسلّم عليه ، ففعلت ، فردّ عليهم السّلام. ورأيت الملائكة يتباشرون به ، وما مررت بملائكة من ملائكة السّماء الّا هنّئوني وقالوا : يا محمّد ، والّذي بعثك بالحقّ نبيّا (١) لقد دخل السّرور على جميع الملائكة باستخلاف الله ـ عزّ وجلّ ـ لك ابن عمّك. ورأيت حملة العرش قد نكسوا رؤوسهم إلى الأرض.
فقلت : يا جبرئيل ، لم نكس حملة العرش رؤوسهم؟
فقال : يا محمّد ، ما من ملك من الملائكة إلّا وقد نظر إلى وجه عليّ بن أبي طالب استبشارا به ما خلا حملة العرش ، فإنّهم استأذنوا الله ـ عزّ وجلّ ـ في هذه السّاعة ، فأذن لهم أن ينظروا (٢) إلى عليّ بن أبي طالب فنظروا إليه (٣). فلمّا هبطت جعلت أخبره بذلك وهو يخبرني به ، [فعلمت أنّي] (٤) لم أطأ موطئا إلّا وقد كشف لعليّ عنه (٥) حتّى نظر إليه.
قال : [ابن عبّاس] (٦) : فقلت : يا رسول الله ، أوصني.
فقال : يا ابن عبّاس ، عليك بحبّ عليّ بن أبي طالب.
قلت : يا رسول الله ، أوصني.
قال : عليك بمودّة عليّ بن أبي طالب. والّذي بعثني بالحقّ [نبيّا] (٧) ، لا يقبل الله من عبد حسنة حتّى يسأله عن حبّ عليّ بن أبي طالب. وهو ـ تعالى ـ أعلم ، فإن جاء بولايته (٨) ، قبل عمله على ما كان فيه ، فإن لم يأت بولايته ، لم يسأله عن شيء وأمر به إلى النّار (٩). (الحديث)
(إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) : لأقوال محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
«(الْبَصِيرُ) (١) : بأفعاله ، فيكرمه ويقرّبه على حسب ذلك.
__________________
(١) من ب.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : فأذن لهم فنظروا.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : ونظر إليهم.
(٤) من المصدر. وفي النسخ بدلها : و.
(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : عينه.
(٦ و ٧) من المصدر.
(٨) كذا في المصدر. وفي النسخ بعدها زيادة : لم يسأله.
(٩) كذا في المصدر. وفي النسخ : فأمره إلى النّار.
وفي أصول الكافي (١) : عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن خالد الطّيالسيّ ، عن صفوان بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : لم يزل الله ـ عزّ وجلّ ـ ربّنا ، والعلم ذاته ولا معلوم ، والسّمع ذاته ولا مسموع ، والبصر ذاته ولا مبصر ، والقدرة ذاته ولا مقدور. فلمّا أحدث الأشياء وكان المعلوم وقع العلم منه على المعلوم ، والسّمع على المسموع ، والبصر على المبصر ، والقدرة على المقدور.
قال : قلت : فلم يزل الله متحرّكا؟
قال : فقال : [تعالى الله [عن ذلك] (٢) ، إنّ الحركة صفة محدثة بالفعل.
قال : قلت : فلم يزل الله متكلّما؟
قال : فقال :] (٣) إنّ الكلام صفة محدثة ليست بأزليّة ، كان الله ـ عزّ وجلّ ـ ولا متكلّم.
وفي كتاب التّوحيد (٤) ، حديث طويل عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ وقد سأله بعض الزّنادقة عن الله ـ تعالى ـ. وفيه قال السّائل : فتقول : إنّه سميع بصير؟! قال : هو [سميع بصير ،] (٥) سميع بغير جارحة وبصير بغير آلة ، بل يسمع بنفسه ، ويبصر بنفسه ، [ليس قولي إنّه يسمع بنفسه ويبصر بنفسه] (٦). أنّه شيء والنّفس شيء آخر ، ولكن أردت عبارة عن نفسي ، إذ كنت مسؤولا ، وإفهاما لك إذ كنت سائلا ، وأقول : يسمع بكلّه (٧) ، لا أنّ الكلّ [منه] (٨) له ، بعض (٩) ولكن أردت إفهامك (١٠) والتّعبير عن نفسي ، وليس مرجعي في ذلك إلّا [إلى] (١١) أنّه السّميع البصير العليم (١٢) الخبير (١٣) بلا اختلاف الذّات ولا اختلاف المعنى.
وفيه (١٤) عن عليّ ـ عليه السّلام ـ حديث طويل. وفيه : كان ربّا إذ (١٥) لا مربوب ،
__________________
(١) الكافي ١ / ١٧٠ ، ح ١.
(٢) من المصدر مع المعقوفتين.
(٣) ليس في أ ، ب ، ر.
(٤) التّوحيد / ٢٤٥ ، ح ١ ، وص ١٤٤ ، ح ١٠.
(٥ و ٦) من المصدر.
(٧) كذا في المصدر. وفي النسخ : تكلّمه.
(٨) من المصدر.
(٩) من ب.
(١٠) المصدر : إفهاما لك.
(١١) من المصدر.
(١٢) المصدر : العالم.
(١٣) ليس في ب.
(١٤) نفس المصدر / ٣٠٨ ـ ٣٠٩ ، ح ٢.
(١٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : و.
وإلها إذ لا مألوه ، وعالما إذ لا معلوم ، وسميعا إذ لا مسموع ، سميع لا بآلة ، وبصير لا بأداة.
وعن الرّضا (١) ـ عليه السّلام ـ حديث طويل ، يقول فيه : وسمّي ربّنا سميعا لا بجزء (٢) فيه يسمع به الصّوت ولا يبصر به ، كما أنّ جزءنا الّذي به نسمع لا نقوى على النّظر به ، ولكنّه أخبر (٣) أنّه لا تخفى (٤) عليه الأصوات ، ليس على حدّ ما سمّينا (٥) نحن ، فقد جمعنا الاسم بالسّميع (٦) واختلف المعنى. [وهكذا البصر لا بجزء ، به أبصر ، كما أنّا نبصر بجزء منّا لا ننتفع به في غيره ، ولكنّ الله بصير لا يجهل شخصا منظورا إليه ، فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى] (٧).
وبإسناده (٨) إلى أبي هشام الجعفريّ : عن أبي جعفر الثّاني ـ عليه السّلام ـ أنّه قال له رجل : وكيف سمّي ربّنا سميعا؟
قال : لأنّه لا يخفى عليه ما يدرك بالأسماع ولم نصفه (٩) بالسّمع المعقول في الرّأس ، وكذلك سمّيناه بصيرا لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالأبصار من لون وشخص وغير ذلك ، ولم نصفه بلحظ (١٠) العين.
والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.
وبإسناده (١١) إلى محمّد بن مسلم : عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : قلت : جعلت فداك ، يزعم قوم من أهل العراق أنّه يسمع بغير الّذي يبصر ويبصر بغير الّذي يسمع.
قال : فقال : كذبوا وألحدوا وشبّهوا ، تعالى الله عن ذلك ، إنّه سميع بصير ، يسمع بما يبصر ويبصر بما يسمع.
قال : قلت : يزعمون أنّه بصير على ما يعقلونه.
قال : فقال : تعالى الله ، إنّما يعقل ما كان بصفة المخلوق (١٢) ، وليس الله كذلك.
__________________
(١) نفس المصدر / ١٨٨ ، ح ٢.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : جزء.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : ولكن خبير.
(٤) المصدر : لا يخفى.
(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : سمعنا.
(٦ و ٧) ليس في ب.
(٨) نفس المصدر / ١٩٤ ، ح ٧.
(٩) كذا في المصدر. وفي النسخ : لا نصفه.
(١٠) المصدر : بنظر لحظ.
(١١) نفس المصدر / ١٤٤ ، ح ٩.
(١٢) المصدر : المخلوقين.
وبإسناده (١) إلى حمّاد بن عيسى قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ فقلت : لم يزل الله يعلم؟
قال : أنّى يكون يعلم ولا معلوم.
قال : قلت : فلم يزل الله يسمع؟
قال : أنّى يكون ذلك ولا مسموع.
قال : قلت : فلم يزل يبصر؟
قال : أنّى يكون ذلك ولا مبصر.
ثمّ قال : لم يزل الله عليما سميعا بصيرا ، ذات علّامة سميعة بصيرة.
وفي عيون الأخبار (٢) ، بإسناده إلى الرّضا ـ عليه السّلام ـ حديث طويل ، يقول فيه : وقلنا : إنّه سميع ، لا يخفى عليه أصوات خلقه ما بين العرش إلى الثّرى من الذّرّة إلى أكبر منها في برّها وبحرها ، ولا تشتبه عليه لغاتها ، فقلنا عند ذلك : إنّه سميع ، لا بإذن ، وقلنا : إنّه بصير ، لا ببصر ، يرى (٣) أثر الذّرّة السّحماء (٤) في اللّيلة الظّلماء على الصّخرة السّوداء (٥) ، ويرى دبيب النّمل في اللّيلة الدّجية (٦) ويرى مضارّها ومنافعها وأثر سفادها (٧) وفراخها ونسلها ، فقلنا عند ذلك : إنّه بصير ، لا كبصر خلقه.
وبإسناده (٨) إلى الحسين بن خالد قال : سمعت الرّضا ـ عليه السّلام ـ يقول : لم يزل الله ـ عزّ وجلّ ـ عليما (٩) قادرا حيّا (١٠) قديما سميعا بصيرا.
فقلت له : يا ابن رسول الله ، إنّ أقواما (١١) يقولون : لم يزل الله عالما بعلم ، وقادرا بقدرة ، وحيّا بحياة [وقديما بقدم] (١٢) ، وسميعا بسمع ، وبصيرا ببصر.
فقال ـ عليه السّلام ـ : من قال ذلك ودان به ، فقد اتّخذ مع الله آلهة أخرى ،
__________________
(١) نفس المصدر / ١٣٩ ، ح ٢.
(٢) العيون ١ / ١٠٩ ، ح ٢٨.
(٣) المصدر : لأنّه يرى.
(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : السّمحاء. والسّحماء : السوداء.
(٥) المصدر : الصمّاء.
(٦) المصدر : «الدجنة». وهي بمعنى المظلمة أيضا.
(٧) أي : جماعها. وفي أ ، ب : سفارها.
(٨) نفس المصدر / ٩٧ ، ح ١٠.
(٩) المصدر : عالما.
(١٠) كذا في ب. وفي غيرها : جبّارا.
(١١) المصدر : قوما.
(١٢) من المصدر.
وليس من ولايتنا على شيء.
ثمّ قال ـ عليه السّلام ـ لم يزل الله عليما قادرا حيّا قديما سميعا بصيرا لذاته ، تعالى عمّا يقول المشركون والمشبّهون علوّا كبيرا.
وفي نهج البلاغة (١) : قال ـ عليه السّلام ـ : بصير إذ لا منظور (٢) إليه من خلقه.
وفيه (٣) قال ـ عليه السّلام ـ : وكلّ سميع غيره يصمّ عن لطيف الأصوات ، ويصمّه (٤) كبيرها ويذهب عنه ما بعد منها. وكلّ بصير غيره يعمى عن خفيّ الألوان ولطيف الأجسام.
وفيه : (٥) السّميع لا بأداة ، والبصير لا بتفريق آلة.
وفيه (٦) : بصير لا يوصف بالحاسّة.
(وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا) : على أن لا تتّخذوا ، كقولك : كتبت إليه أن افعل كذا.
وقرأ (٧) أبو عمرو ، بالياء ، على لأن لا يتّخذوا (٨).
(مِنْ دُونِي وَكِيلاً) (٢) : ربّا تكلون إليه أموركم غيري.
(ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ) : نصب على الاختصاص. أو النّداء إن قرئ : «أن لا تتّخذوا» بالتّاء. أو على أنّه أحد مفعولي «لا تتّخذوا» و «من دوني» حال من «وكيلا» ، فيكون كقوله (٩) : (وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً).
وقرئ (١٠) بالرّفع ، على أنّه خبر مبتدأ محذوف ، أو بدل من واو «تتّخذوا» و «ذريّة» بكسر الذّال.
وفيه تذكير بإنعام الله عليهم في إنجاء آبائهم من الغرق ، وبحملهم مع نوح في السّفينة.
__________________
(١) النهج / ٤٠ ، الخطبة ١.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : بصيرا إذ مبصور.
(٣) نفس المصدر / ٩٦ ، الخطبة ٦٥.
(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : يبصر.
(٥) نفس المصدر / ٢١٢ ، الخطبة ١٥٢.
(٦) نفس المصدر / ٢٥٨ ، الخطبة ١٧٩.
(٧) أنوار التنزيل ١ / ٥٧٧.
(٨) كذا في المصدر. وفي النسخ : لا تتّخذوا.
(٩) آل عمران / ٨٠.
(١٠) نفس المصدر والموضع.
«إنّه» : إنّ نوحا ـ عليه السّلام ـ.
(كانَ عَبْداً شَكُوراً) (٣) : يحمد الله ـ تعالى ـ [على مجامع حالاته.
وفيه إيماء بأنّ إنجاءه ومن معه كان ببركة شكره ، وحثّ للذّرّية] (١) على الاقتداء به.
وقيل (٢) : الضّمير لموسى ـ عليه السّلام ـ.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٣) : وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قوله (٤) : (وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ). يقول : بالحقّ (٥) والنّبوّة والكتاب والإيمان في عقبه ، وليس كلّ من في الأرض من بني آدم من ولد نوح ، قال الله في كتابه (٦) : (احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ) منهم (وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) وقال ـ أيضا ـ : (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ).
حدّثني أبي (٧) [عن ابن أبي عمير] (٨) ، عن أحمد بن النّضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : كان نوح إذا أمسى وأصبح يقول : أمسيت أشهد أنّه ما أمسى بي من نعمة في دين أو دنيا فإنّها من الله وحده لا شريك له ، له (٩) الحمد عليّ بها [كثيرا] (١٠) والشّكر كثيرا. فأنزل الله ـ عزّ وجلّ ـ : (إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً).
وفي من لا يحضره الفقيه (١١) : وروى عنه حفص البختريّ أنّه قال : كان نوح ـ عليه السّلام ـ يقول إذا أصبح وأمسى : اللهمّ ، إنّي أشهدك أنّ (١٢) ما أصبح وأمسى [بي] (١٣) من نعمة وعافية في دين أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك ، لك الحمد ولك الشّكر بها عليّ حتّى (١٤) ترضى وبعد الرّضا. يقولها إذا أصبح عشرا وإذا أمسى عشرا ، فسمّي بذلك : عبدا شكورا.
__________________
(١) من أنوار التنزيل ١ / ٥٧٧.
(٢) نفس المصدر والموضع.
(٣) تفسير القمّي ٢ / ٢٢٣.
(٤) الصّافّات / ٧٧.
(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : الحقّ.
(٦) هود / ٤٠.
(٧) نفس المصدر / ١٣ ـ ١٤.
(٨) من المصدر.
(٩) كذا في المصدر. وفي النسخ : لك.
(١٠) من المصدر.
(١١) الفقيه ١ / ٢٢١ ، ح ٩٨٠.
(١٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : وأنّه.
(١٣) من المصدر.
(١٤) المصدر : حين.
وفي أصول الكافي (١) : عليّ بن محمّد ، عن بعض أصحابه ، عن محمّد بن سنان ، عن أبي سعيد المكاريّ ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : قلت : فما عنى بقوله في نوح : (إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً)؟
قال : كلمات بالغ فيهنّ.
قلت : وما هنّ؟
قال : كان إذا أصبح قال : [أصبحت] (٢) أشهدك ما أصبحت بي من نعمة أو عافية في دين أو دنيا فإنّها منك وحدك لا شريك لك ، فلك الحمد على ذلك ولك الشّكر كثيرا. كان يقولها إذا أصبح ثلاثا وإذا أمسى ثلاثا.
والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.
حميد بن زياد (٣) ، عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن وهيب (٤) بن حفص ، [عن أبي بصير] (٥) عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : كان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ عند عائشة ليلتها ، فقالت : يا رسول الله ، لم تنصب (٦) نفسك وقد غفر [الله] (٧) لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر؟
فقال : يا عائشة ، ألا أكون عبدا شكورا.
قال : وكان رسول الله يقوم على أطراف أصابع رجليه ، فأنزل الله ـ سبحانه ـ : (طه ، ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى).
ابن أبي عمير (٨) ، [عن ابن رئاب ،] (٩) عن إسماعيل بن الفضل (١٠) قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : إذا أصبحت وأمسيت فقل عشر مرّات : الّلهمّ ، ما أصبحت لي من نعمة أو عافية في دين أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك ، لك الحمد ولك الشّكر
__________________
(١) الكافي ٢ / ٥٣٥ ، ح ٣٨.
(٢) من المصدر.
(٣) نفس المصدر / ٩٥ ، ح ٦.
(٤) كذا في المصدر وجامع الرواة ٢ / ٣٠٣. وفي النسخ : وهب.
(٥) من المصدر.
(٦) المصدر : تتعب.
(٧) من المصدر.
(٨) نفس المصدر / ٩٩ ، ح ٢٨.
(٩) ليس في ب.
(١٠) كذا في المصدر وجامع الرواة ١ / ١٠٠. وفي النسخ : الفضيل.
عليّ ، يا ربّ ، حتّى ترضى وبعد الرّضا. فإنّك إذا قلت ذلك ، كنت (١) قد أدّيت شكر ما أنعم الله به عليك في ذلك اليوم وفي تلك اللّيلة.
وفي كتاب علل الشّرائع (٢) : حدّثنا أبي ـ رضي الله عنه ـ قال : حدّثنا سعد بن عبد الله ، [عن أحمد بن محمّد بن عيسى ،] (٣) عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ نوحا ـ عليه السّلام ـ إنّما سمّي عبدا شكورا ، لأنّه كان يقول إذا أصبح وأمسى (٤) : الّلهمّ ، إنّي أشهدك أنّه ما أصبح وأمسى (٥) بي من نعمة أو عافية (٦) في دين أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك ، لك الحمد ولك الشّكر بها [عليّ] (٧) حتّى ترضى [وبعد الرضا] (٨) ، إلهنا.
أبي (٩) ـ رحمه الله ـ قال : حدّثنا سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمّد بن أبي [عمير ، عن] (١٠) حفص بن البختريّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله (١١) ـ عزّ وجلّ ـ : (وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى) (١٢) قال : إنّه كان (١٣) يقول إذا أصبح وأمسى : أصبحت وربّي محمود (١٤) ، أصبحت لا أشرك به (١٥) شيئا ولا أدعو مع الله إلها آخر ولا أتّخذ من دونه وليّا. فسمّي بذلك : عبدا شكورا.
وفي تفسير العيّاشي (١٦) : عن جابر ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قوله : (كانَ عَبْداً شَكُوراً) قال : كان إذا (١٧) أمسى يقول : أمسيت أشهد أنّه ما أمست بي (١٨) من نعمة في دين أو دنيا ، فإنّها من الله وحده لا شريك له ، له الحمد بها والشّكر كثيرا.
(وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ) : وأوحينا إليهم وحيا مقضيّا مبتوتا.
__________________
(١) ليس في ب.
(٢) العلل / ٢٩ ، ح ١.
(٣) ليس في ب.
(٤) المصدر : إذا أمسى وأصبح.
(٥) المصدر : أنّه ما أمسى وأصبح.
(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : من نعمة لي وعافية.
(٧ و ٨) من المصدر.
(٩) نفس المصدر / ٣٧ ، ح ١.
(١٠) من المصدر.
(١١) النجم / ٣٧.
(١٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : «وإبراهيم أي».
(١٣) ليس في المصدر.
(١٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : محمودا.
(١٥) المصدر : بالله.
(١٦) تفسير العيّاشي ٢ / ٢٨٠ ، ح ١٨.
(١٧) المصدر : إذا كان.
(١٨) كذا في المصدر. وفي النسخ : لي.
(فِي الْكِتابِ) : في التّوراة.
(لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ) : جواب قسم محذوف ، أو «قضينا» على إجراء القضاء المبتوت مجرى القسم.
(مَرَّتَيْنِ) : إفسادتين.
قيل (١) : أولاهما مخالفة أحكام التّوراة وقتل شعياء وقتل أرمياء ، وثانيهما قتل زكريّا ويحيى وقصد قتل عيسى.
(وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً) (٤) : وتستكبرون عن طاعة الله. أو لتظلمنّ النّاس.
(فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما) : وعد عقاب أولاهما.
(بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا).
قيل (٢) : بخت نصر ، عامل لهراسف على بابل وجنوده.
وقيل (٣) : جالوت الجزريّ.
وقيل (٤) : سنحاريب ، من أهل نينوى.
وفي الجوامع (٥) : عن عليّ ـ عليه السّلام ـ أنّه قرأ : «عبيدا لنا».
(أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) : ذوي قوّة وبطش في الحرب شديد.
(فَجاسُوا) : تردّدوا لطلبكم.
وقرئ (٦) ، بالحاء ، وهما اخوان.
(خِلالَ الدِّيارِ) : وسطها ، للقتل والغارة ، فقتلوا كبارهم ، وسبوا صغارهم ، وحرقوا التّوراة وخربّوا المسجد.
(وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً) (٥) : وكان وعد عقابهم لا بدّ أن يفعل.
(ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ) ، أي : الدّولة والغلبة (عَلَيْهِمْ).
قيل (٧) : بأن ألقى الله ـ تعالى ـ [في قلب] (٨) بهمن بن إسفنديار لمّا ورث الملك من جدّه ، كشتاسف بن لهراسف ، شفقة عليهم فردّ أسراهم إلى الشّام ، وملك دانيال عليهم فاستولوا على من كان فيها من أتباع بخت نصر. أو بأن سلّط الله داود على جالوت
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٥٧٨.
(٢ و ٣ و ٤) نفس المصدر والموضع.
(٥) جوامع الجامع / ٢٥٢.
(٦) أنوار التنزيل ١ / ٥٧٨.
(٧) نفس المصدر والموضع.
(٨) ليس في أ ، ب.
فقتله.
(وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) (٦) : ممّا كنتم.
و «النّفير» من ينفر مع الرّجل من قومه.
وقيل (١) : جمع «نفر» وهم المجتمعون للذّهاب إلى العدوّ.
(إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ) : لأنّ ثوابه لها.
(وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها).
قيل (٢) : فإنّ وباله عليها ، وإنّما ذكرها «باللّام» ازدواجاً.
وفي عيون الأخبار (٣) ، بإسناده إلى عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضّال : عن أبيه قال : قال الرّضا ـ عليه السّلام ـ في قوله ـ تعالى ـ : (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها) [قال ـ عليه السّلام ـ : (إِنْ أَحْسَنْتُمْ ، أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ ، وَإِنْ أَسَأْتُمْ ، فَلَها)] (٤) ربّ يغفر لها (٥). والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.
(فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) : وعد عقوبة المرّة الآخرة.
(لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ) ، أي : بعثناهم ليسوءوا وجوهكم ، أي : ليجعلوها بادية آثار المساءة فيها. فحذف لدلالة ذكره أوّلا عليه.
وقرأ (٦) ابن عامر وحمزة وأبو بكر : «ليسوء» على التّوحيد ، والضّمير فيه «للوعد» ، أو «للبعث» ، أو «لله» ويعضده قراءة الكسائيّ بالنّون.
وقرئ (٧) : «لنسوأن» بالنّون والياء ، والنّون المخفّفة أو المثقّلة. و «ليسوأن» بفتح اللّام على الأوجه الأربعة ، على أنّه جواب «إذا» واللّام في قوله : (وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ) : متعلّق بمحذوف ، وهو «بعثناهم».
(كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا) : وليهلكوا.
(ما عَلَوْا) : ما غلبوه واستولوا عليه ، أو مدّة علوّهم (تَتْبِيراً) (٧). وذلك بأن سلّط الله عليهم الفرس مرّة أخرى ، فغزاهم ملك بابل من ملوك الطّوائف اسمه جودرز.
__________________
(١ و ٢) نفس المصدر والموضع.
(٣) العيون ١ / ٢٢٩ ، ح ٤٩.
(٤) من المصدر.
(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : يغفرها.
(٦ و ٧) أنوار التنزيل ١ / ٥٧٨.
وقيل (١) : حردوس.
وقيل (٢) : دخل صاحب الجيش مذبح قرابينهم فوجد فيه دما يغلي ، فسألهم عنه.
فقالوا : دم قربان لم يقبل منّا.
فقال : ما صدقوني. فقتل عليه ألوفا منهم ، فلم يهدأ الدّم.
ثمّ قال : إن لم تصدقوني ما تركت منكم أحدا.
فقالوا : إنّه دم يحيى.
فقال : لمثل هذا ينتقم ربّكم منكم. ثمّ قال : يا يحيى ، قد علم ربّي وربّك ما أصاب قومك من أجلك فاهدأ بإذن الله قبل أن لا ابقي أحدا ، منهم فهدأ.
(عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ) : بعد المرّة الآخرة.
(وَإِنْ عُدْتُمْ) : نوبة أخرى.
(عُدْنا) : مرّة ثالثة إلى عقوبتكم ، وقد عادوا بتكذيب محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ وقصدوا قتله ، فعاد الله بتسليطه عليهم فقتل قريظة وأجلى بني النّضير وضرب الجزية على الباقين ، وهذا لهم في الدّنيا.
(وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً) (٨) : محبسا لا يقدرون على الخروج منها أبد الآباد.
وقيل (٣) : بساطا ، كما يبسط الحصير.
وما ذكر من تفسير «الإفسادتين» بمخالفة أحكام التّوراة وقتل شعياء أو أرمياء وقتل زكريّا ويحيى ، و «العلوّ الكبير» باستكبارهم عن طاعة الله وظلمهم النّاس ، و «العباد أولي بأس» بخت نصر وجنوده ، و «ردّ (٤) الكرّة عليهم» بردّ بهمن بن إسفنديار أسراءهم إلى الشّام وتمليكه دانيال عليهم ، و «وعد الآخرة» بتسليط الله الفرس عليهم مرّة أخرى من تفاسير العامّة.
وفي روضة الكافي (٥) : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن الحسن بن شمون (٦) ، عن عبد الله بن عبد الرّحمن الأصمّ ، عن عبد الله بن القاسم البطل ، عن أبي
__________________
(١ و ٢) نفس المصدر والموضع.
(٣) نفس المصدر / ٥٧٩.
(٤) ليس في ب.
(٥) الكافي ٨ / ٢٠٦ ، ح ٢٥٠.
(٦) كذا في المصدر وجامع الرواة ٢ / ٩٢. وفي النسخ : شمعون.