تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٧

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٧

المؤلف:

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي


المحقق: حسين درگاهى
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٤

وفي من لا يحضره الفقيه (١) : وروى ابن أذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهما السّلام ـ قالا : المملوك لا يجوز طلاقه ولا نكاحه إلّا بإذن سيّده.

قلت : فان كان السّيّد زوّجه ، بيد من الطّلاق؟ قال : لا (٢) بيد السيّد ، (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ). أفشيء الطّلاق؟

وفي تهذيب الأحكام (٣) : الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن رجل نكح أمته من رجل آخر (٤) ، أيفرق بينهما إذا شاء؟

فقال : إن كان مملوكه ، فليفرق بينهما إذا شاء. إنّ الله ـ تعالى ـ يقول : (عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ). فليس للعبد شيء من الأمر. وإن كان زوجها حرّا ، فإنّ طلاقها صفقتها.

الحسين بن سعيد (٥) ، عن الحسن بن عليّ بن فضّال ، عن ابن بكير ، عن الحسن العطّار قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن رجل أمر مملوكه أن يتمتع بالعمرة إلى الحجّ ، أعليه أن يذبح عنه؟

قال : لا. إنّ الله يقول : (عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ).

وفي تفسير العيّاشي (٦) : عن أبي بصير ، في الرّجل ينكح أمته لرجل له ، أن يفرق بينهما إذا شاء؟

قال : إن كان مملوكا ، فليفرق بينهما إذا شاء. لأنّ الله يقول : (عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ). فليس للعبد من الأمر شيء. وإن [كان] (٧) زوّجها حرّا ، فرق بينهما إذا شاء المولى.

عن أحمد بن عبد الله العلويّ (٨) ، عن الحسن بن الحسين بن زيد بن عليّ ، عن جعفر بن محمّد [عن أبيه] (٩) ـ عليهما السّلام ـ قال : كان عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ

__________________

(١) الفقيه ٣ / ٣٥٠ ، ح ٣.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) التهذيب ٧ / ٣٤٠ ، ح ٢٣.

(٤) ليس في المصدر.

(٥) التهذيب ٥ / ٢٠٠ ، ح ٤.

(٦) تفسير العياشي ٢ / ٢٦٥ ، ح ٥١.

(٧) من المصدر.

(٨) تفسير العياشي ٢ / ٢٦٦ ، ح ٥٤.

(٩) من المصدر.

٢٤١

يقول : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ). ويقول : للعبد لا طلاق ولا نكاح ، ذلك إلى سيّده. والنّاس يرون خلاف ذلك ، إذا أذن السّيّد لعبده لا يرون له أن يفرّق بينهما.

(وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ) : ولد أخرس ، لا يفهم ولا يفهم.

(لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) : من الصّنائع والتّدابير ، لنقصان عقله.

(وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ) : عيال وثقل على من يلي أمره.

(أَيْنَما يُوَجِّهْهُ) : حيث ما يرسله مولاه في أمر.

وقرئ (١) : «يوجّه» على البناء للمفعول. ويوجّه بمعنى : يتوجه. وتوجّه بلفظ الماضي.

(لا يَأْتِ بِخَيْرٍ) : بنجح (٢) وكفاية مهم.

(هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) : ومن هو فهم منطيق ، ذو كفاية ورشد ، ينفع النّاس بحثّهم على العدل الشّامل لجميع الفضائل.

(وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٧٦) : وهو في نفسه على طريق مستقيم ، لا يتوجّه إلى مطلب إلّا ويبلغه بأقرب سعي. وإنّما قابل تلك الصّفات بهذين الوصفين ، لأنّهما كمال ما يقابلهما.

قيل (٣) : وهذا تمثيل ثان ضربه الله لنفسه وللأصنام ، لإبطال المشاركة بينه وبينها. أو للمؤمن والكافر.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٤) : الّذي يأمر بالعدل أمير المؤمنين والأئمّة ـ صلوات الله عليهم ـ.

وفي شرح الآيات الباهرة (٥) : روى أبو عبد الله ، الحسين بن جبير في كتاب (نخب المناقب) حديثا مسندا ، عن حمزة بن عطا ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قوله ـ تعالى ـ : (هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).

قال : هو أمير المؤمنين يأمر بالعدل ، وهو على صراط مستقيم.

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٥٦٤.

(٢) كذا في المصدر. وفي أ ، ر : ينجح. وفي سائر النسخ : بتحجج.

(٣) أنوار التنزيل ١ / ٥٦٤.

(٤) تفسير القمّي ١ / ٣٨٧.

(٥) تأويل الآيات ١ / ٢٥٩ ، ح ١٥.

٢٤٢

وفي أصول الكافي (١) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن إبراهيم ، عن يونس بن يعقوب قال : كان عند أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ جماعة من أصحابه ، منهم حمران بن أعين [ومحمّد بن أعين] (٢) ومحمّد بن النّعمان وهشام بن سالم والطّيّار. وجماعة ، فيهم (٣) هشام بن الحكم ، وهو شابّ.

فقال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : يا هشام ، ألا تخبرني كيف صنعت بعمرو بن عبيد ، وكيف سألته؟

فقال هشام : يا ابن رسول الله ، إنّي اجلّك وأستحيك ولا يعمل لساني بين يديك.

فقال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : إن (٤) أمرتكم بشيء ، فافعلوا.

قال هشام : بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد وجلوسه في مسجد البصرة ، فعظم ذلك عليّ. فخرجت إليه ، ودخلت البصرة يوم الجمعة. فأتيت مسجد البصرة ، فإذا أنا بحلقة كبيرة فيها عمرو بن عبيد وعليه شملة سوداء مؤتزرا (٥) بها من صوف وشملة مرتديا بها (٦) ، والنّاس يسألونه. فاستفرجت النّاس فأفرجوا (٧) لي ، ثمّ قعدت في آخر القوم على ركبتي.

ثمّ قلت : أيّها العالم ، إني رجل غريب تأذن لي في مسألة؟

فقال لي : نعم.

فقلت : ألك عين؟

قال : يا بنيّ ، أيّ شيء هذا من السّؤال ، وشيء تراه كيف تسأل عنه؟

فقلت : هكذا مسألتي.

فقال : يا بنيّ ، سل وإن كانت مسألتك حمقاء.

قلت : أجبني فيها.

قال لي : سل.

__________________

(١) الكافي ١ / ١٦٩ ، ح ٣.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : منهم.

(٤) المصدر : إذا.

(٥) ب ، أ ، ر : ميزوا. وفي المصدر : متزر.

(٦) المصدر : مرتد بها.

(٧) أ ، ب : فانفرجوا.

٢٤٣

قلت : ألك عين؟

قال : نعم.

قلت : فما تصنع بها؟

قال : أرى بها الألوان والأشخاص.

قلت : ألك أنف؟

قال : نعم.

قلت : فما تصنع به؟

قال : أشم به الرّائحة.

قلت : ألك فم؟

قال : نعم.

قلت : فما تصنع به؟

قال : أذوق به الطّعم.

قلت : ألك أذن؟

قال : نعم.

قلت : فما تصنع بها؟

قال : أسمع بها الصّوت.

قلت : ألك قلب؟

قال : نعم.

قلت : فما تصنع به؟

قال : أميّز به كلّما ورد على هذه الجوارح والحواسّ.

قلت : أو ليس في هذه الجوارح والحواسّ غنى عن القلب؟

قال : لا.

قلت : وكيف ذلك ، وهي صحيحة سليمة؟

قال : يا بنيّ ، إنّ الجوارح إذا شكت في شيء شمّته أو رأته (١) أو ذاقته أو سمعته ، ردّته إلى القلب ، فيبيّن (٢) اليقين ويبطل الشّكّ.

__________________

(١) ب : لامسته.

(٢) المصدر : فيستيقن.

٢٤٤

قال هشام : فقلت له : فإنّما أقام الله القلب لشكّ الجوارح؟

قال : نعم.

قلت : لا بدّ من القلب ، وإلّا لم تستيقن الجوارح؟

قال : نعم.

فقلت : يا أبا مروان ، فإنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ لم يترك جوارحك حتّى جعل لها إماما يصحّح لها الصّحيح ويتيقّن به ما شكلت فيه. ويترك هذا الخلق كلّهم في حيرتهم وشكّهم واختلافهم لا يقيم لهم إماما يردّون إليه شكّهم وحيرتهم ، ويقيم ذلك إماما لجوارحك تردّ إليه حيرتك وشكّك؟

قال : فسكت ولم يقل شيئا.

ثمّ التفت إليّ ، وقال لي : أنت هشام بن الحكم؟

فقلت : لا.

فقال : أمن جلسائه؟

قلت : لا.

قال : فمن أين أنت؟

قلت : من أهل الكوفة.

قال : فأنت إذا هو.

ثمّ ضمّني إليه وأقعدني في مجلسه ، وزال عن مجلسه وما نطق حتّى قمت.

قال : فضحك أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ وقال : يا هشام ، من علّمك هذا؟

قلت : شيء أخذته منك وألّفته.

فقال : هذا [والله] (١) مكتوب في صحف إبراهيم وموسى.

(وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : يختصّ به علمه لا يعلمه غيره ، وهو ما غاب فيهما عن العباد ، بأن لم يكن محسوسا ولم يدلّ عليه محسوس.

وقيل (٢) : يوم القيامة : فإنّ علمه غائب عن أهل السّماوات والأرض.

(وَما أَمْرُ السَّاعَةِ) : وما أمر قيام القيامة في سرعته وسهولته.

(إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ) ، كرجع الطّرف من أعلى الحدقة إلى أسفلها.

__________________

(١) من المصدر.

(٢) أنوار التنزيل ١ / ٥٦٤.

٢٤٥

(أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) : أو أمرها أقرب منه ، بأن يكون في زمان نصف تلك الحركة بل في الآن الّذي يبتدئ فيه. فإنّه ـ تعالى ـ يحيي الخلائق دفعة. وما يوجد دفعة ، كان في آن.

و «أو» للتّخيير. أو بمعنى : بل.

وقيل (١) : معناه : أنّ قيام السّاعة وإن تراخى ، فهو عند الله ، كالشّيء الّذي تقولون فيه : كلمح البصر أو هو أقرب ، مبالغة في استقرابه.

(إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٧٧) : فيقدر أن يحيي الخلائق دفعة ، كما قدر أن أحياهم متدرّجا. ثمّ دلّ على قدرته بقوله : (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ) وقرأ (٢) الكسائيّ ، بكسر الهمزة ، على أنّه لغة أو اتّباع لما قبلها. وحمزة ، بكسرها وكسر الميم ، والهاء مزيدة ، مثلها في إهراق.

(لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً) : جهّالا ، مستصحبين جهل الجماديّة.

(وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ) : أداة تتعلّمون بها ، فتحسّون بمشاعركم جزئيات الأشياء فتدركونها. ثمّ تتنّبهون بقلوبكم لمشاركات ومباينات بينها بتكرير الإحساس ، حتّى تتحصّل لكم العلوم البديهيّة وتتمكّنوا من تحصيل المعالم الكسبيّة بالنّظر فيها.

(لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٧٨) : كي تعرفوا ما أنعم عليكم طورا بعد طور ، فتشكروه.

(أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ) قراءة (٣) ابن عامر وحمزة ويعقوب ، بالتّاء. على أنّه خطاب للعامّة.

(مُسَخَّراتٍ) : مذلّلات للطّيران ، بما خلق لها من الأجنحة والأسباب المؤاتية له.

(فِي جَوِّ السَّماءِ) : في الهواء المتباعد من الأرض.

(ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللهُ) : فإنّ ثقل جسدها يقتضي سقوطا ، ولا علاقة فوقها ولا دعامة تحتها تمسكها.

(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) : تسخير الطّير (٤) للطّيران. بأن خلقها خلقة يتمكّن معها

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٥٦٤.

(٢ و ٣) أنوار التنزيل ١ / ٥٦٥.

(٤) ب : الطيران.

٢٤٦

الطّيران ، وخلق الجوّ بحيث يمكن الطّيران فيه ، وإمساكها في الهواء على خلاف طبعها.

(لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٧٩) : لأنّهم المنتفعون بها.

(وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً) : موضعا تسكنون فيه وقت إقامتكم ، كالبيوت المتّخذة من الحجر والمدر. فعل ، بمعنى المفعول.

(وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً) : هي القباب المتّخذة من الأدم. ويجوز أن يتناول المتّخذة من الوبر والصّوف والشّعر ، فإنّها من حيث أنّها نابتة على جلودها يصدق عليها أنّها من جلودها.

(تَسْتَخِفُّونَها) : تجدونها خفيفة ، يخفّ عليكم حملها ونقلها.

(يَوْمَ ظَعْنِكُمْ) : وقت ترحالكم.

(وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ) : وقت الحضر ، أو النّزول.

وقرأ (١) الحجازيّان والبصريّان : «يوم ظعنكم» بالفتح. وهو لغة فيه.

(وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها) : الصّوف للضّائنة ، والوبر للإبل ، والشعر للمعز. وإضافتها إلى ضمير الأنعام ، لأنّها من جملتها.

(أَثاثاً) : ما يلبس ويفرش.

(وَمَتاعاً) : [ما يتّجر به] (٢).

(إِلى حِينٍ) (٨٠) : إلى مدّة من الزّمان ، فإنّها لصلابتها تبقى مدّة مديدة. أو إلى حين مماتكم (٣) أو إلى أن تقضوا منه أوطاركم.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٤) : في رواية أبي الجارود في قوله : (أَثاثاً) قال : المال. (وَمَتاعاً) قال : المنافع. (إِلى حِينٍ) [أي : إلى حين] (٥) بلاغها.

(وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ) : من الشّجر والجبال والأبنية وغيرها.

(ظِلالاً) : تتقون بها حرّ الشّمس.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٦) : قال : ما يستظلّ به.

(وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً) : مواضع تسكنون بها من الكهوف والبيوت

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٥٦٥.

(٢ و ٣) ليس في ب.

(٤) تفسير القمّي ١ / ٣٨٨.

(٥) من المصدر.

(٦) نفس المصدر والموضع.

٢٤٧

المنحوتة فيها. جمع ، كن.

(وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ) : ثيابا من الصّوف والكتان والقطن وغيرها.

(تَقِيكُمُ الْحَرَّ) : خصّه بالذّكر ، اكتفاء بأحد الضّدين ، أو لأن وقاية الحرّ كانت أهم عندهم.

وفي روضة الكافي (١) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن مالك بن عطيّة ، عن سليمان بن خالد قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن الحرّ والبرد ، ممّا يكونان؟

فقال لي : يا أبا أيّوب ، إنّ المرّيخ كوكب حارّ وزحل كوكب بارد. فإذا بدأ المرّيخ في الارتفاع ، انحطّ زحل. وذلك في الرّبيع. فلا يزالان كذلك كلّما ارتفع المريخ درجة ، انحطّ زحل درجة ، ثلاثة أشهر ، حتّى ينتهي المرّيخ في الارتفاع وينتهي زحل في الهبوط فيجلو المريخ ، فلذلك يشتدّ الحرّ. فإذا كان آخر الصّيف وأوّل الخريف ، بدأ زحل في الارتفاع وبدأ المرّيخ في الهبوط. فلا يزالان كذلك كلّما ارتفع زحل درجة ، انحطّ المرّيخ درجة. حتّى ينتهي المرّيخ في الهبوط وينتهي زحل في الارتفاع ، فيجلو زحل. وذلك أوّل الشّتاء وآخر الخريف ، فلذلك يشتدّ البرد. وكلّما ارتفع هذا ، هبط هذا. وكلّما هبط هذا ، ارتفع هذا. فإذا كان في الصّيف يوم بارد ، فالفعل في ذلك للقمر. وإذا كان في الشّتاء يوم حار ، فالفعل في ذلك للشّمس. هذا تقدير العزيز العليم ، وأنا عبد ربّ العالمين.

(وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ) ، يعني : الدّروع والجواشن. والسّربال يعمّ كلّ ما يلبس.

(كَذلِكَ) : كإتمام هذه النّعم الّتي تقدّمت.

(يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ) (٨١) ، أي : تنظرون في نعمته ، فتؤمنون به وتنقادون لحكمه (٢).

وقرئ (٣) : «تسلمون» من السّلامة ، أي : تشكرون فتسلمون من العذاب. أو تنظرون فيها ، فتسلمون من الشّرك.

__________________

(١) الكافي ٨ / ٣٠٦ ، ح ٤٧٤.

(٢) أ ، ب : بحكمه.

(٣) أنوار التنزيل ١ / ٥٦٦.

٢٤٨

وقيل (١) : تسلمون من الجراح بلبس الدّروع.

(فَإِنْ تَوَلَّوْا) : أعرضوا ، ولم يقبلوا منك.

(فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (٨٢) : فلا يضرّك. فإنّما عليك البلاغ ، وقد بلّغت. وهذا من إقامة السّبب مقام المسبّب.

(يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ) ، أي : يعرف (٢) المشركون نعمة الله الّتي عدّدها عليهم وغيرها ، حيث يعترفون بها وبأنّها من الله.

(ثُمَّ يُنْكِرُونَها) : بعبادتهم غير المنعم بها ، وقولهم : إنّها بشفاعة آلهتنا ، أو بسبب كذا. أو بإعراضهم من أداء حقوقها.

وقيل (٣) : (نِعْمَتَ اللهِ) [نبوة] (٤) محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ. عرفوها بالمعجزات ، ثمّ أنكروها عنادا ، ومعنى «ثمّ» : استبعادا لإنكار بعد المعرفة.

(وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ) (٨٣) : الجاحدون عنادا.

وذكر الأكثر ، إمّا لأنّ بعضهم لم يعرف الحقّ لنقصان العقل والتّفريط في النّظر ، أو لم تقم عليه الحجّة لأنّه لم يبلغ حدّ التّكليف. وإمّا لأنّه يقام مقام الكلّ ، كما في قوله : (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ).

وفي تفسير العيّاشي (٥) : عن جعفر بن أحمد (٦) ، عن العمركيّ ، عن النّيشابوريّ ، عن عليّ بن جعفر بن محمّد ، عن أخيه ، موسى بن جعفر ـ عليهما السّلام ـ أنّه سئل عن هذه الآية : (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها).

قال : عرفوه ثمّ أنكروه.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٧) : قوله : (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها).

قال : (نِعْمَتَ اللهِ) هم الأئمّة. والدّليل على أنّ الأئمّة نعمة الله قول الله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً) (٨).

قال الصّادق ـ عليه السّلام ـ : نحن ، والله ، نعمة الله التي أنعم الله بها على

__________________

(١) نفس المصدر والموضع.

(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : يعرفون.

(٣) أنوار التنزيل ١ / ٥٦٦.

(٤) من المصدر.

(٥) تفسير العياشي ٢ / ٢٦٦ ، ح ٥٥.

(٦) ب ، ر : محمّد.

(٧) تفسير القمّي ١ / ٣٨٨.

(٨) إبراهيم / ٢٨.

٢٤٩

عباده. وبنا فاز من فاز.

وفي أصول الكافي (١) : الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن محمّد الهاشميّ قال : حدّثني أبي ، عن أحمد بن عيسى قال : حدّثني جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه ـ عليهم السّلام ـ في قوله ـ عزّ وجلّ ـ : (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها).

قال : لمّا نزلت (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) اجتمع نفر من أصحاب رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في مسجد المدينة.

فقال بعضهم لبعض : ما تقولون في هذه الآية؟

فقال بعضهم : إن كفرنا بهذه الآية ، نكفر بسائرها. وإن آمنّا فإنّ هذا ذلّ حين يسلّط علينا ابن أبي طالب.

فقالوا : قد علمنا أنّ محمّدا صادق فيما يقول ، ولكنّا (٢) نتولّاه ولا نطيع عليّا عليه السلام (٣) في ما أمرنا.

قال : فنزلت هذه الآية (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها) ، يعني (٤) : ولاية عليّ ـ عليه السّلام ـ. (وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ) بالولاية.

(وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً) قيل (٥) : هو نبيّها يشهد لهم وعليهم بالكفر والإيمان.

وفي كتاب المناقب لابن شهر آشوب (٦) : أبو حمزة الثّماليّ ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قوله ـ تعالى ـ : (وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً).

قال : نحن الشّهود على هذه الأمّة.

وفي مجمع البيان (٧) : قوله : (وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً).

قال : لكلّ زمان وأمّة إمام ، تبعث كلّ أمّة مع إمامها.

__________________

(١) الكافي ١ / ٤٢٧ ، ح ٧٧.

(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : «لكن» بدل «ولكنّا».

(٣) ليس في المصدر : عليه السّلام.

(٤) المصدر : يعرفون يعني.

(٥) أنوار التنزيل ١ / ٥٦٦.

(٦) المناقب ٤ / ١٧٩.

(٧) المجمع ٣ / ٣٧٨.

٢٥٠

(ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) : في الاعتذار ، إذ لا عذر لهم.

وقيل (١) : في الرّجوع إلى الدّنيا. و «ثمّ» لزيادة ما يحيق بهم (٢) من شدّة المنع عن الاعتذار ، واستبعاد لما يتمنّونه من جواز الاعتذار.

(وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) (٨٤) : ولا هم يسترضون (٣). من العتبى ، وهي الرّضا.

وانتصاب «يوم» بمحذوف ، تقديره : اذكر ، أو خوّفهم ، أو يحيق بهم ما يحيق وكذا قوله : (وَإِذا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذابَ) : عذاب جهنّم.

(فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ) ، أي : العذاب.

(وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) (٨٥) : يمهلون.

(وَإِذا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكاءَهُمْ) : أوثانهم الّتي دعوها شركاء. أو الشّياطين الّذين شاركوهم في الكفر بالحمل عليه.

(قالُوا رَبَّنا هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ) : نعبدهم أو نطيعهم ، وهو اعتراف بأنّهم كانوا مخطئين في ذلك. أو التماس لأن يشطر عذابهم.

(فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ) (٨٦) ، أي : أجابوهم بالتّكذيب في أنّهم شركاء لله. أو أنّهم ما عبدوهم حقيقة وإنّما عبدوا أهواءهم ، كقوله : (كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ). ولا يمتنع إنطاق الله الأصنام به حينئذ. أو في أنّهم حملوهم على الكفر وألزموهم إيّاه ، كقوله : (وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي).

(وَأَلْقَوْا) : وألقى الّذين ظلموا.

(إِلَى اللهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ) : الاستسلام لحكمه بعد الاستكبار في الدّنيا.

(وَضَلَّ عَنْهُمْ) : وبطل.

(ما كانُوا يَفْتَرُونَ) (٨٧) : من أنّ آلهتهم ينصرونهم ويشفعونهم حين كذّبوهم وتبرّؤوا منهم.

(الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) : بالمنع عن الإسلام ، والحمل على الكفر.

(زِدْناهُمْ عَذاباً) : لصدّهم.

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٥٦٦.

(٢) أ : يحتويهم.

(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : يستعرضون.

٢٥١

(فَوْقَ الْعَذابِ) : المستحقّ بكفرهم.

(بِما كانُوا يُفْسِدُونَ) (٨٨) : بكونهم مفسدين بصدّهم.

(وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) ، يعني : نبيّهم. فإنّ نبيّ كلّ أمّة يبعث منهم.

(وَجِئْنا بِكَ) : يا محمّد.

(شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ) : على أمّتك.

(وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ) : استئناف. أو حال بإضمار «قد».

(تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ) : من أمور الدّين.

(وَهُدىً وَرَحْمَةً) : للجميع. وإنّما حرمان المحروم من تفريطه.

(وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ) (٨٩) : خاصّة.

في مجمع البيان (١) : قوله : (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ).

قال : كفروا بعد النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ وصدّوا عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ. (زِدْناهُمْ عَذاباً) (الآية). ثمّ قال : (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) ، يعني : من الأئمّة. ثمّ قال لنبيّه : (وَجِئْنا بِكَ) يا محمّد : (شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ) ، يعني : على الأئمّة. فرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ شهيد على الأئمّة ، وهم شهداء على النّاس.

وفي تفسير العيّاشي (٢) : عن منصور ، عن حمّاد اللّحّام قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : نحن ، والله ، نعلم ما في السّماوات وما في الأرض وما في الجنّة وما في النّار وما بين ذلك.

قال : فبقيت (٣) أنظر إليه.

فقال : يا حمّاد ، إنّ ذلك في كتاب الله ثلاث مرات.

قال : ثمّ تلا هذه الآية (يَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ).

__________________

(١) بل في تفسير القمي ١ / ٣٨٨.

(٢) تفسير العياشي ٢ / ٢٦٦ ، ح ٥٧.

(٣) المصدر : فبهت.

٢٥٢

إنّه من كتاب فيه تبيان كلّ شيء.

عن عبد الله بن الوليد (١) قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : قال لموسى : (وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ). فعلمنا أنّه لم يكتب لموسى الشّيء كلّه. وقال الله لعيسى : (لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ). وقال الله لمحمّد ـ عليه وآله السّلام ـ : (وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ).

عن يونس (٢) ، عن عدّة من أصحابنا قالوا : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : إنّي لأعلم خبر السّماوات وخبر الأرض وخبر ما كان وخبر ما هو كائن ، كأنّه في كفّي.

قال : من كتاب الله أعلمه. إنّ الله يقول : فيه تبيان كلّ شيء.

وفي عيون الأخبار (٣) ، في باب مجلس الرّضا ـ عليه السّلام ـ مع أهل الأديان والمقالات في التّوحيد. قال الرّضا ـ عليه السّلام ـ في أثناء المحاورات : وكذلك أمر محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ وما جاء به وأمر كلّ نبيّ (٤) بعثه الله. ومن آياته أنّه كان يتيما فقيرا راعيا أجيرا ، لم يتعلّم كتابا ولم يختلف إلى معلّم. ثمّ جاء بالقرآن الّذي فيه قصص الأنبياء ـ عليهم السّلام ـ وأخبارهم حرفا حرفا ، وأخبار من مضى ومن بقي إلى يوم القيامة.

وفي أصول الكافي (٥) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن حديد ، عن مرازم ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ أنزل في القرآن تبيان كلّ شيء. حتّى ، والله ، ما ترك شيئا يحتاج إليه العباد. حتّى لا يستطيع عبد يقول : لو كان هذا أنزل في القرآن ، إلّا وأنزله الله فيه.

عليّ بن إبراهيم (٦) ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن حسين بن المنذر ، عن عمر بن قيس (٧) العتيق ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : سمعته يقول : إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ لم يدع شيئا تحتاج إليه الأمّة ، إلّا أنزله في كتابه وبيّنه لرسوله ـ صلّى الله عليه وآله ـ. وجعل لكلّ شيء حدّا ، وجعل عليه دليلا يدلّ عليه ، وجعل على من تعدّى ذلك الحدّ حدّا.

__________________

(١) تفسير العياشي ٢ / ٢٦٦ ، ح ٥٨.

(٢) تفسير العياشي ٢ / ٢٦٦ ، ح ٥٦.

(٣) العيون ١ / ١٦٧.

(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : شيء.

(٥) الكافي ١ / ٥٩ ، ح ١.

(٦) نفس المصدر والموضع ، ح ٢.

(٧) كذا في المصدر ، ب ، جامع الرواة ١ / ٦٣٦. وفي ساير النسخ : العتيق.

٢٥٣

عليّ (١) ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن حمّاد ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سمعته يقول : ما من شيء ، إلّا وفيه كتاب أو سنّة.

عليّ بن إبراهيم (٢) [عن أبيه] (٣) ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن حمّاد ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي الجارود قال : قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ : إذا حدّثتكم بشيء ، فاسألوني من كتاب الله.

ثمّ قال في بعض حديثه : إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ نهى عن القيل والقال وفساد المال وكثرة السّؤال.

فقيل له : يا بن رسول الله ، أين هذا من كتاب الله؟ قال : إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول : (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ).

وقال : (لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً). وقال : (لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ).

محمّد بن يحيى (٤) ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن فضّال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عمّن حدّثه ، عن المعلّى بن خنيس قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : ما من أمر يختلف فيه اثنان ، إلّا وله أصل في كتاب الله ـ عزّ وجلّ ـ. ولكن لا تبلغه عقول الرّجال.

محمّد بن يحيى (٥) ، عن بعض أصحابه ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قال أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ : أيّها النّاس ، إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ أرسل إليكم الرّسول ـ صلّى الله عليه وآله ـ.

إلى أن قال : فجاءهم بنسخة ما في الصّحف الأولى ، وتصديق [الّذي بين يديه ، وتفصيل الحلال من ريب الحرام. ذلك القرآن فاستنطقوه] (٦) ولن ينطق لكم.

أخبركم عنه ، أنّ فيه علم ما مضى وعلم ما يأتي إلى يوم القيامة ، وحكم ما بينكم ، وبيان ما أصبحتم فيه تختلفون. فلو سألتموني عنه ، لأخبرتكم (٧).

محمّد بن يحيى (٨) ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن ابن فضّال ، عن حمّاد بن

__________________

(١) الكافي ١ / ٥٩ ، ح ٤.

(٢) الكافي ١ / ٦٠ ، ح ٥.

(٣) من المصدر.

(٤) الكافي ١ / ٦٠ ، ح ٦.

(٥) الكافي ١ / ٦٠ ـ ٦١ ، ح ٧.

(٦) ليس في أ ، ر.

(٧) المصدر : لعلّمتكم.

(٨) الكافي ١ / ٦١ ، ح ٨.

٢٥٤

عثمان ، عن عبد الأعلى بن أعين قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : قد ولدني رسول الله ، وأنا أعلم بكتاب الله. وفيه بدء الخلق وما هو كائن إلى يوم القيامة ، وفيه خبر السّماء وخبر الأرض وخبر الجنّة وخبر النّار وخبر ما كان وخبر (١) ما هو كائن. أعلم ذلك ، كما أنظر إلى كفّي. إنّ الله يقول : فيه تبيان كلّ شيء.

عدّة من أصحابنا (٢) ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن النّعمان ، عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : كتاب الله فيه تبيان (٣) ما قبلكم وخبر ما بعدكم وفصل ما بينكم ، ونحن نعلمه.

عدّة من أصحابنا (٤) ، عن أحمد بن [محمّد بن خالد ، عن إسماعيل بن مهران ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي المغرا ، عن سماعة ، عن] (٥) أبي الحسن ، موسى ـ عليه السّلام ـ قال : قلت له : أكلّ شيء في كتاب الله وسنّة نبيّه ـ صلّى الله عليه وآله ـ. أو تقولون (٦) فيه؟

قال : بل كلّ شيء في كتاب الله وسنّة نبيّه ـ صلّى الله عليه وآله ـ.

محمّد بن الحسين (٧) ، عن محمّد بن عيسى ، عن أبي عبد الله المؤمن ، عن عبد الأعلى ، مولى آل سام قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : والله ، إنّي لأعلم كتاب الله من أوّله إلى آخره ، كأنّه في كفّي. فيه خبر السّماء وخبر الأرض وخبر ما كان و [خبر] (٨) ما هو كائن. قال الله ـ عزّ وجلّ ـ : فيه تبيان كلّ شيء.

عدّة من أصحابنا (٩) ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان ، عن يونس بن يعقوب ، عن الحارث بن المغيرة. وعدّة من أصحابنا ، منهم عبد الأعلى ، وأبو عبيدة ، وعبد الله بن بشر الجثعميّ سمعوا أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : إنّي لأعلم ما في السّماوات وما في الأرض ، وأعلم ما في الجنّة ، وأعلم ما في النّار ، وأعلم ما كان وما يكون.

قال : ثمّ سكت (١٠) هنيئة ، فرأى أنّ ذلك كبر على من سمعه.

__________________

(١) المصدر : [خبر].

(٢) الكافي ١ / ٦١ ، ح ٩.

(٣) المصدر : نبأ.

(٤) الكافي ١ / ٦٢ ، ح ١٠.

(٥) ليس في أ ، ر.

(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : ويقولون.

(٧) الكافي ١ / ٢٢٩ ، ح ٤. وفيه محمد بن يحيى.

(٨) من المصدر.

(٩) الكافي ١ / ٢٦١ ، ح ٢.

(١٠) المصدر : مكث.

٢٥٥

فقال : علمت ذلك من كتاب الله ـ عزّ وجلّ ـ. يقول : فيه تبيان كل شيء.

محمّد بن يحيى الأشعري (١) ، عن أحمد بن محمّد ، عن البرقي ، عن النّضر بن سويد ، عن يحيى بن عمران الحلبيّ ، عن أيّوب بن الحرّ قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : إنّ الله ـ عزّ ذكره ـ ختم بنبيّكم النّبيّين ، فلا نبيّ بعده أبدا (٢). وختم بكتابكم الكتب ، فلا كتاب بعده أبدا. وفيه تبيان كلّ شيء. وخلقكم وخلق السّماوات والأرض ، ونبأ ما قبلكم ، وفصل ما بينكم ، وخبر ما بعدكم ، وأمر الجنّة والنّار ، وما أنتم صائرون إليه.

محمّد بن يحيى (٣) ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان ، عن عبد الأعلى قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : وأنا امرؤ من قريش ، قد ولدني رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ، وعلمت كتاب الله. وفيه تبيان كلّ شيء ، بدء (٤) الخلق ، وأمر السّماء وأمر الأرض ، وأمر الأوّلين وأمر الآخرين ، وأمر ما كان و [أمر] (٥) ما يكون ، كأنّي أنظر إلى ذلك نصب عيني.

عليّ ، (٦) عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن سماعة بن مهران قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : إنّ العزيز الجبّار أنزل عليكم كتابه ، وهو الصّادق البارّ. فيه خبركم ، وخبر من قبلكم ، وخبر من بعدكم ، وخبر السّماء والأرض. ولو أتاكم من يخبركم عن ذلك ، لتعجّبتم.

وفي نهج البلاغة (٧) ، في كلام له ـ عليه السّلام ـ في ذمّ اختلاف العلماء في الفتيا : أم أنزل الله دينا ناقصا ، فاستعان بهم (٨) على إتمامه. أم كانوا شركاء له ، فلهم أن يقولوا (٩) وعليه أن يرضى. أم أنزل [الله ـ سبحانه ـ] (١٠) دينا تامّا ، فقصّر رسول الله عن تبليغه وأدائه.

والله ـ سبحانه ـ يقول : (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ). وفيه تبيان كلّ (١١) شيء.

__________________

(١) الكافي ١ / ٢٦٩ ، ح ٣.

(٢) ليس في أ ، ب.

(٣) الكافي ٢ / ٢٢٣ ، ذيل ح ٥.

(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : و.

(٥) من المصدر.

(٦) الكافي ٢ / ٥٩٩ ، ح ٣.

(٧) نهج البلاغة / ٦١ ، ذيل خطبة ١٨.

(٨) أ : لهم. (٩) أ ، ر : يقربوا.

(١٠) من المصدر. (١١) المصدر : لكلّ.

٢٥٦

(إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) : بالتّوسط في الأمور.

وفي كتاب الخصال (١) : عن السّكونيّ ، عن أبي عبد الله ، جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن عليّ ـ عليهم السّلام ـ [عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ] (٢) قال : تكلّم النّار يوم القيامة ثلاثة : أميرا وقارئا وذا ثروة من المال. فتقول (٣) للأمير : يا من وهب الله له سلطانا ولم يعدل. فتزدرده ، كما يزدرد الطّير حبّ السّمسم. وتقول للقارئ (الحديث).

(وَالْإِحْسانِ) ، أي : إحسان الطّاعات. وهو إمّا بحسب الكمّيّة ، كالتّطوّع بالنّوافل.

أو بحسب الكيفيّة ، كما قال ـ صلّى الله عليه وآله ـ : الإحسان ، أن تعبد الله ، كأنّك تراه. فإن لم تكن تراه ، فإنّه يراك.

(وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى) : وإعطاء الأقارب ما يحتاجون إليه. وهو تخصيص بعد تعميم ، للمبالغة.

(وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ) : عن الإفراط في مشايعة القوّة الشّهويّة ، كالزّنا. فإنّه أقبح أحوال الإنسان وأشنعها.

(وَالْمُنْكَرِ) : ما ينكره العقل.

(وَالْبَغْيِ) : بالاستعلاء والاستيلاء على النّاس ، والتّجبّر عليهم بغير حقّ.

وفي كتاب معاني الأخبار (٤) ، بإسناده إلى عمرو بن عثمان التّيميّ القاضي قال : خرج أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ على أصحابه وهم يتذاكرون المروءة.

فقال : أين أنتم من كتاب الله ـ تعالى ـ.

قالوا : يا أمير المؤمنين ، في أيّ موضع؟

فقال : في قوله ـ عزّ وجلّ ـ : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ). فالعدل الإنصاف. والإحسان التّفضّل.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٥) : قال : «العدل» شهادة أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا

__________________

(١) الخصال ١ / ١١١ ، ح ٨٤.

(٢) من المصدر.

(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : يقول.

(٤) المعاني / ٢٥٧ ، ح ١.

(٥) تفسير القمّي ١ / ٣٨٨.

٢٥٧

رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ. و «الإحسان» أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ. و «الفحشاء» المنكرون. و «البغي» فلان وفلان وفلان.

وفي كتاب الخصال (١) : عن أبي مالك قال : قلت لعليّ بن الحسين ـ عليهما السّلام ـ : أخبرني بجميع شرائع الدّين. قال : قول الحقّ ، والحكم بالعدل ، والوفاء بالعهد. [هذه جميع شرائع الدّين] (٢).

عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ (٣) قال : في كتاب عليّ ـ عليه السّلام ـ ثلاث خصال لا يموت صاحبهنّ حتّى يرى وبالهنّ : البغي ، وقطعية الرّحم ، واليمين الكاذبة.

وفي كتاب التّوحيد (٤) : حدّثنا محمّد بن القسم ، المفسّر ـ رضي الله عنه ـ قال : حدّثنا يوسف بن محمّد بن زياد [وعليّ بن محمّد بن زياد] (٥) وعليّ بن محمّد بن سيّار ، عن أبويهما ، عن الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ ، الرّضا ، عن أبيه ، عن جدّه ـ عليهم السّلام ـ ، عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّه قال : ما عرف الله من شبّهه بخلقه ، ولا وصفه بالعدل من نسب إليه ذنوب عباده.

وفي تفسير العيّاشي (٦) : عن سعد عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ).

قال : يا سعد : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) وهو محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ.

«والإحسان» وهو عليّ. (وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى) وهي قرابتنا ، أمر الله العباد بمودّتنا وإيتائنا. نهاهم عن الفحشاء والمنكر ، من بغى على أهل البيت ودعا إلى غيرنا.

عن إسماعيل الحريريّ (٧) قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : قول الله : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ).

قال : اقرأ ، كما أقول لك ، يا إسماعيل : إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى حقه.

قلت : جعلت فداك ، إنّا لا نقرأ (٨) هكذا في قراءة زيد.

__________________

(١) الخصال ١ / ١١٣ ، ح ٩٠.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) الخصال ١ / ١٢٤ ، ح ١١٩.

(٤) التوحيد / ٤٧ ، ح ١٠.

(٥) ليس في المصدر.

(٦) تفسير العياشي ٢ / ٢٦٧ ، ح ٥٩.

(٧) تفسير العياشي ٢ / ٢٦٧ ، ح ٦٠.

(٨) كذا في المصدر. وفي النسخ : أما لا يقرئ.

٢٥٨

قال : ولكنّا نقرؤها هكذا في قراءة عليّ ـ عليه السّلام ـ.

قلت : فما يعني بالعدل؟

قال : شهادة أن لا إليه إلّا الله.

قلت : ما (١) الإحسان؟

قال : شهادة أنّ محمّدا رسول الله.

قلت : فما يعني بإيتاء ذي القربى حقّه؟

قال : أداء إمامة إلى إمام بعد إمام. (وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) قال : ولاية فلان وفلان.

عن عامر بن كثير (٢) ، وكان داعية الحسين بن عليّ ـ عليهما السّلام ـ ، عن موسى بن أبي الغدير ، عن عطاء الهمدانيّ ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قول الله : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى).

قال : «العدل» شهادة أن لا إله إلا الله. «والإحسان» ولاية أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ. و (يَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ) الأوّل. «والمنكر» الثّاني. «والبغي» الثّالث.

وفي رواية سعد الإسكاف (٣) ، عنه قال : يا سعد ، (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) ، وهو محمّد. فمن أطاعه ، فقد عدل. «والإحسان» عليّ. فمن تولّاه ، فقد أحسن والمحسن في الجنّة. (وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى) قرابتنا. أمر الله العباد بمودّتنا [وإيتائنا.] (٤) ونهاهم عن الفحشاء والمنكر ، من بغى علينا أهل البيت ودعا إلى غيرنا.

وفي شرح الآيات الباهرة (٥) : وروى الحسن بن أبي الحسن الدّيلميّ ، عن رجاله ، بإسناده إلى عطيّة بن الحارث ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قوله : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ).

قال : «العدل» شهادة الإخلاص ، وأنّ محمّدا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.

«والإحسان» ولاية أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ. والإتيان بطاعتهما ـ صلوات الله عليهما ـ. (وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى) الحسن والحسين والأئمّة من ولده ـ عليهم السّلام ـ.

__________________

(١) يوجد في أ ، ب.

(٢) تفسير العياشي ٢ / ٢٦٧ ، ح ٦٢.

(٣) تفسير العياشي ٢ / ٢٦٨ ، ح ٦٣.

(٤) ليس في أ ، ب.

(٥) تأويل الآيات ١ / ٢٦١.

٢٥٩

(وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ) وهو من ظلمهم وقتلهم ومنع (١) حقوقهم. وموالاة أعدائهم ، فهي المنكر الشّنيع والأمر الفظيع.

(يَعِظُكُمْ) : بالأمر والنّهي ، والميز بين الخير والشّرّ.

(لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (٩٠) : تتّعظون.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٢) : حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله قال : حدّثنا موسى بن عمران قال : حدّثني الحسن بن يزيد ، عن إسماعيل بن مسلم (٣) قال : جاء رجل إلى أبي عبد الله ، جعفر بن محمّد الصّادق ـ عليه السّلام ـ وأنا عنده.

فقال : يا ابن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ) (الآية). وقوله : (أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ).

فقال : نعم ، ليس لله في عباده أمر إلا العدل والإحسان. فالدّعاء من الله عامّ والهدي خاصّ ، مثل قوله : (يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ولم يقل : ويهدي جميع من دعا إلى صراط مستقيم.

وفي مجمع البيان (٤) : وجاءت الرّواية ، أن عثمان بن مظعون قال : كنت أسلمت استحياء من رسول الله ، لكثرة ما كان يعرض عليّ الإسلام ولم يقرّ الإسلام في قلبي.

فكنت ذات يوم عنده حال تأمّله ، فشخص بصره نحو السّماء ، كأنّه يستفهم شيئا. فلمّا سرى عنه (٥) ، سألته عن حاله.

فقال : نعم ، بينا أنا أحدّثكم (٦) إذا رأيت جبرئيل في الهواء أتاني بهذه الآية (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ).

[وقرأها عليّ] (٧) إلى آخرها ، فقرّ الإسلام في قلبي. وأتيت عمّه ، أبا طالب فأخبرته.

فقال : يا آل قريش ، اتّبعوا محمّدا ترشدوا. فإنّه لا يأمركم إلّا بمكارم الأخلاق.

وأتيت الوليد بن المغيرة ، وقرأت عليه هذه الآية.

__________________

(١) ب : غصب. سائر النسخ : ضيع.

(٢) تفسير القمّي ١ / ٣٨٨ ـ ٣٨٩.

(٣) ب : إسماعيل بن يزيد بن مسلم.

(٤) المجمع ٣ / ٣٨٠ ـ ٣٨١.

(٥) ليس في أ ، ب ، ر.

(٦) المصدر : أحدثك.

(٧) ليس في ب.

٢٦٠