تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٧

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٧

المؤلف:

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي


المحقق: حسين درگاهى
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٤

«والفزّ» الخفيف.

(بِصَوْتِكَ) : بدعائك إلى الفساد.

(وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ) : وصح عليهم. من الجلبة ، وهي الصّياح.

(بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ) : بأعوانك من راكب وراجل.

و «الخيل» الخيّالة (١).

ومنه قوله ـ عليه السّلام ـ : يا خيل الله اركبي.

«والرّجل» اسم جمع للرّاجل ، كالصّحب والرّكب.

ويجوز أن يكون تمثيلا لتسلّطه على من يغويهم بمغوار صوت على قوم فاستفزّهم من أماكنهم ، وأجلب عليهم بجنده حتّى استأصلهم.

وقرأ (٢) حفص : «رجلك» بالكسر ، وغيره بالضّمّ ، وهما لغتان ، كندس وندس ، ومعناه : وجمعك الرّجل.

وقرئ (٣) : «ورجالك» [و «رجالك»] (٤).

(وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ) : بحملهم على كسبها وجمعها من الحرام ، والتّصرّف فيها على ما لا ينبغي.

(وَالْأَوْلادِ) : بالحثّ على التّوصّل إلى الولد بالسّبب المحرّم ، والإشراك فيه بتسميته (٥) : عبد العزّى ، والتّضليل وبالحمل على الأديان الزّائفة (٦) والحرف الذّميمة والأفعال القبيحة.

وفي نهج البلاغة (٧) : فاحذروا [عباد الله] (٨) عدوّ الله أن يعديكم بدائه (٩) وأن يستفزّكم [بندائه وأن يجلب عليكم] (١٠) بخيله ورجله.

وفيه (١١) أيضا : فلعمر الله ، لقد فخر على أصلكم ، ووقع (١٢) في حسبكم ، ودفع (١٣) في

__________________

(١) أي : أصحاب الخيل.

(٢ و ٣) أنوار التنزيل ١ / ٥٩١.

(٤) ليس في ب.

(٥) أ ، ر : بتسمية.

(٦) المصدر : الزائغة.

(٧) النهج / ٢٨٧ ، الخطبة ١٩٢.

(٨) من المصدر.

(٩) كذا في المصدر. وفي النسخ : أن يعذبكم بذاته.

(١٠) من المصدر.

(١١) نفس المصدر والموضع.

(١٢) ب : رفع.

(١٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : رفع.

٤٤١

نسبكم ، وأجلب بخيله عليكم ، وقصد (١) برجله سبيلكم ، يقتنصوكم (٢) بكل مكان ، ويضربون منكم كلّ بنان. لا تمتنعون بحيلة ، ولا تدفعون (٣) بعزيمة ، في حومة ذلّ ، وحلقة ضيق ، وعرصة (٤) موت ، وجولة (٥) بلاء.

وفي كتاب المناقب (٦) لابن شهر آشوب الشّيرازيّ : روى سفيان الثّوريّ ، عن واصل ، عن الحسن ، عن ابن العبّاس (٧) في قوله : (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ) أنّه جلس الحسن بن عليّ ـ عليهما السّلام ـ ويزيد بن معاوية ابن أبي سفيان يأكلان الرّطب.

فقال يزيد : يا حسن ، إنّي منذ كنت أبغضك.

قال الحسن ـ عليه السّلام ـ : يا يزيد ، اعلم أنّ إبليس شارك أباك في جماعه ، فاختلط الماءان فأورثك ذلك عداوتي ، لأن الله ـ تعالى ـ يقول : (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ). وشارك الشّيطان حربا عند جماعه فولد له صخر ، فلذلك كان يبغض جدّي رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.

وفي أصول الكافي (٨) : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى عن عمر بن أذينة ، عن أبان ابن أبي عياش ، عن سليم بن قيس ، عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : إن الله حرّم الجنّة على كلّ فحّاش بذيء قليل الحياء لا يبالي ما قال ولا ما قيل له ، فإنّك إن (٩) فتّشته لم تجده الّا لغيّة أو شرك شيطان.

قيل (١٠) : يا رسول الله ، وفي النّاس شرك شيطان؟

فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : أما تقرأ قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ)؟

وفي الكافي (١١) : الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد. وعدّة من أصحابنا ، عن

__________________

(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : وفد.

(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : يفيضونكم.

(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : لا يدفعون.

(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : غرصة.

(٥) ب : صولة.

(٦) المناقب ٤ / ٢٢.

(٧) كذا في ب ، المصدر. وفي النسخ : العباس.

(٨) الكافي ٢ / ٣٢٣ ـ ٣٢٤ ، ح ٣.

(٩) كذا في المصدر. وفي النسخ «فإن» بدل «فانّك إن».

(١٠) ليس في المتن من هنا إلى موضع سنذكره.

(١١) الكافي ٥ / ٥٠٢ ، ح ٢.

٤٤٢

أحمد بن محمّد ، جميعا ، عن الوشّاء ، عن موسى بن بكر ، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : يا أبا محمّد ، أيّ شيء يقول الرّجل منكم إذا دخلت عليه امرأته؟

قلت : جعلت فداك ، أيستطيع الرّجل أن يقول شيئا؟

فقال : ألا أعلمك ما تقول؟

قلت : بلى.

قال : تقول : بكلمات الله استحللت فرجها ، وفي أمانة الله أخذتها ، الّلهمّ إن قضيت في رحمها (١) شيئا فاجعله بارا تقيّا واجعله مسلما سويّا ، ولا تجعل فيه شركا للشّيطان.

قلت : وبأيّ شيء يعرف ذلك؟

قال : أما تقرأ كتاب الله ـ عزّ وجلّ ـ؟

ثم ابتدأ هو : (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ).

ثمّ قال : إنّ الشّيطان ليجيء حتّى يقعد من المرأة ، كما يقعد الرّجل منها ، ويحدث ، كما يحدث ، وينكح ، كما ينكح.

قلت : بأي شيء يعرف ذلك؟

قال : بحبّنا وبغضنا ، فمن أحبّنا كان نطفة العبد ، ومن أبغضنا كان نطفة الشّيطان.

وعنه (٢) ، عن أبيه ، عن حمزة بن عبد الله ، عن جميل بن درّاج ، عن أبي الوليد ، عن أبي بصير قال : قال لي أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ وذكر نحوه.

وفي من لا يحضره الفقيه (٣) : وقال الصّادق ـ عليه السّلام ـ : من لم يبال ما قال ولا ما قيل فيه فهو شرك الشّيطان ، ومن لم يبال أن تراه النّاس مسيئا [فهو شرك شيطان] (٤) ، ومن اغتاب أخاه المؤمن من غير ترة (٥) بينهما فهو شرك شيطان ، ومن شغف (٦) بمحبّة الحرام وشهوة الزّنا فهو شرك شيطان.

__________________

(١) ب : وجهها.

(٢) الكافي ٥ / ٥٠٣ ، ح ٥.

(٣) الفقيه ٤ / ٢٩٩ ، صدر ح ٨٥.

(٤) من المصدر.

(٥) الترة : العداوة وطلب الثأر نتيجة قتل حميم له.

(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : شعف.

٤٤٣

وفي تفسير العيّاشي (١) : عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : سألته عن شرك الشّيطان.

قال : قوله : (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ) فإن كان من مال حرام فهو شريك الشّيطان.

قال : ويكون مع الرجل حين يجامع ، فيكون من نطفته ونطفة الرّجل إذا كان حراما.

عن زرارة (٢) قال : كان يوسف ، أبو الحجّاج صديقا لعليّ بن الحسين ـ صلوات الله عليه ـ ، وأنّه دخل على امرأته فأراد أن يضمّها ، أعني : أبو الحجّاج.

قال : فقالت له : أليس إنّما عهدك بذاك السّاعة؟

قال : فأتى عليّ بن الحسين ـ عليه السّلام ـ فأخبره ، فأمره أن يمسك عنها ، [فأمسك عنها] (٣) فولدت بالحجّاج ، وهو ابن الشّيطان ذي الرّدهة (٤).

عن عبد الملك بن أعين (٥) قال : سمعت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ يقول : إذا زنى الرّجل أدخل الشّيطان ذكره ، ثمّ عملا جميعا ، ثمّ تختلط النّطفتان فيخلق الله منهما فيكون شرك الشّيطان.

عن سليمان بن خالد (٦) قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : ما قول الله : (شارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ)؟

قال : فقال في ذلك قوله : أعوذ بالله السّميع العليم من الشّيطان الرّجيم.

عن العلا بن رزين (٧) ، عن محمّد ، عن أحدهما قال : شرك الشّيطان ما كان من مال حرام فهو من شركه ، ويكون مع الرّجل حين (٨) يجامع فتكون نطفته مع نطفته إذا كان حراما. قال : كلتيهما جميعا تختلطان. وقال : ربّما خلق من واحدة ، وربّما خلق منهما جميعا.

__________________

(١) تفسير العيّاشي ٢ / ٢٩٩ ، ح ١٠٢.

(٢) نفس المصدر والموضع ، ح ١٠٣.

(٣) من المصدر.

(٤) أ ، ب ، الرديعة.

(٥) تفسير العيّاشي ٢ / ٢٩٩ ، ح ١٠٤.

(٦) نفس المصدر والمجلّد / ٣٠٠ وح ١٠٧.

(٧) نفس المصدر والموضع ، ح ١٠٨.

(٨) كذا في المصدر. وفي النسخ : حتّى.

٤٤٤

[صفوان الجمّال] (١) قال : كنت عند أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ فاستأذن عيسى بن منصور عليه.

فقال : مالك ولفلان ، يا عيسى ، أما إنّه ما يحبّك! فقال : بأبي وأمّي ، يقول قولنا ويتولى من نتولى (٢).

فقال : إنّ فيه نخوة (٣) إبليس.

فقال : بأبي وأمّي ، أليس يقول إبليس : (خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)؟

فقال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : ويقول الله : (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ). فالشّيطان يباضع ابن آدم هكذا. وقرن بين إصبعيه.

عن زرارة (٤) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : سمعته يقول : كان الحجاج ابن شيطان يباضع ذي الرّدهة.

ثمّ قال : إنّ يوسف دخل على أمّ الحجّاج فأراد أن يضمّها ، فقالت : أليس إنّما عهدك بذلك السّاعة؟ فأمسك عنها ، فولدت الحجّاج.

عن يونس (٥) بن أبي الرّبيع الشّاميّ (٦) قال : كنت عنده (٧) ليلة ، فذكر شرك الشّيطان فعظّمه حتّى أفزعني.

فقلت : جعلت فداك ، فما المخرج منها وما نصنع؟

قال : إذا أردت المجامعة فقل : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، الّذي لا إله إلّا هو بديع السّماوات والأرض ، الّلهمّ إن قضيت منّي في هذه اللّيلة خليفة فلا تجعل للشّيطان فيه نصيبا ولا شركا ولا حظّا ، واجعله عبدا صالحا خالصا مخلصا (٨) مصغيا وذرّيته ـ جلّ ثناؤك ـ.

__________________

(١) نفس المصدر والموضع ، ح ١٠٩. ومنه : ما بين المعقوفتين.

(٢) ب : تتولّى.

(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : نحو.

(٤) تفسير العيّاشي ٢ / ٣٠١ وح ١١٠.

(٥) أ ، ب : يوسف.

(٦) تفسير العيّاشي ٢ / ٣٠٠ وح ١٠٦.

(٧) الضمير في «عنده» يرجع إلى الباقر ـ عليه السّلام ـ لأنّ الشيخ (ره) عدّ الراوي في رجاله ، من أصحاب الباقر ـ عليه السّلام ـ.

(٨) المصدر : [خالصا مخلصا].

٤٤٥

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١) : (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ) ما كان من مال حرام فهو شرك الشّيطان ، فإذا اشترى به الإماء ونكحهنّ وولد له فهو شرك [الشيطان] (٢) ، كما تلد [يلزمه] (٣) منه ، ويكون مع الرّجل إذا جامع فيكون (٤) الولد من نطفته ونطفة الرّجل إذا كان حراما.

وفي حديث آخر (٥) : إذا (٦) جامع الرّجل أهله ولم يسمّ شاركه الشّيطان.

(وَعِدْهُمْ) : المواعيد الباطلة ، كشفاعة الآلهة ، والاتكال على كرامة الآباء ، وتأخير التّوبة لطول الأمل.

(وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً) (٦٤) : اعتراض (٧) لبيان مواعيده [الباطلة] (٨). و «الغرور» تزيين الخطأ بما يوهم أنّه صواب.

(إِنَّ عِبادِي) ، يعني : المخلصين. وتعظيم الإضافة والتّقييد في قوله : (إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) يخصّصهم.

(لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) ، أي : على إغوائهم قدرة.

(وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً) (٦٥) : يتوكّلون عليه في الاستعاذة منك على الحقيقة.

وفي تفسير العيّاشي (٩) : عن جعفر بن محمّد الخزاعيّ ، عن أبيه قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يذكر في حديث غدير خمّ ، أنّه لمّا قال النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ لعليّ ـ عليه السّلام ـ ما قال وأقامه للنّاس صرخ إبليس صرخة فاجتمعت [له العفاريت.

فقالوا : سيّدنا ، ما هذه الصّرخة؟

فقال : ويلكم ، يومكم كيوم عيسى ، والله ، لأضلّنّ فيه الخلق.

قال : فنزل القرآن : (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (١٠). قال : فصرخ إبليس صرخة فرجعت] (١١) إليه العفاريت.

__________________

(١) تفسير القمّي ٢ / ٢٢.

(٢ و ٣) من المصدر.

(٤) العبارات من الموضع المذكور إلى هنا ليست في المتن.

(٥) نفس المصدر والموضع.

(٦) في ب زيادة : كان.

(٧) فإنّه وقع بين الجمل الّتي خاطب الله بها الشيطان.

(٨) من المصدر.

(٩) تفسير العيّاشي ٢ / ٣٠١ ، ح ١١١.

(١٠) سبأ / ٢٠.

(١١) ليس في أ.

٤٤٦

فقالوا : يا سيّدنا ، ما هذه الصّرخة الأخرى؟

فقال : ويحكم ، حكى الله ، والله ، كلامي قرآنا وأنزل عليه (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ).

ثمّ رفع رأسه إلى السّماء ، ثمّ قال : وعزّتك وجلالك ، لألحقنّ (١) الفريق بالجميع.

قال : فقال النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ).

قال : فصرخ إبليس صرخة فرجعت إليه العفاريت.

فقالوا : يا سيّدنا ، ما هذه الصّرخة الثّالثة؟

قال : والله ، من أصحاب عليّ ، ولكن وعزتك وجلالك ، لأزيننّ لهم المعاصي حتّى أبغضهم إليك.

قال : فقال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : والّذي بعث محمّدا بالحقّ ، للعفاريت والأبالسة على المؤمن أكثر من الزّنابير على اللّحم ، والمؤمن أشدّ من الجبل ، والجبل تدنو إليه (٢) بالفأس فتنحت منه والمؤمن لا يستقلّ على دينه.

عن عبد الرّحمن بن سالم (٣) في قول الله : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً) قال : نزلت في عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ. ونحن نرجو أن تجري لمن أحبّ الله من عباده.

(رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي) ، أي : هو الّذي يجري.

(لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) : الرّبح وهو (٤) أنواع الأمتعة الّتي لا تكون عندكم.

(إِنَّهُ كانَ بِكُمْ رَحِيماً) (٦٦) : حيث هيّأ لكم ما تحتاجون إليه ، وسهل عليكم ما تعسّر من أسبابه.

(وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ) : خوف الغرق.

(ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ) : ذهب عن خواطر كم كلّ من تدعونه في حوادثكم.

(إِلَّا إِيَّاهُ) : وحده ، فإنّكم حينئذ لا يخطر ببالكم سواه فلا تدعون لكشفه إلّا

__________________

(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : لا تخفف.

(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : تواليه.

(٣) تفسير العياشي ٢ / ٣٠١ ، ح ١١٢.

(٤) ليس في المصدر.

٤٤٧

إيّاه. أو ضلّ كلّ من تعبدونه عن إغاثتكم إلّا الله.

وفي كتاب التّوحيد (١) : حدّثنا محمّد بن القاسم الجرجانيّ ، المفسّر ـ رحمه الله ـ قال : حدّثنا أبو يعقوب ، يوسف بن محمّد بن زياد وأبو الحسن ، عليّ بن محمّد بن سيّار ، وكانا من الشّيعة الإماميّة ، عن أبويهما ، عن الحسن بن علي بن محمّد ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فقال : الله هو الّذي يتألّه إليه عند الحوائج والشّدائد كلّ مخلوق عند انقطاع الرّجاء من كلّ من هو دونه ، وتقطع (٢) الأسباب عن جميع من سواه ، يقول : بسم الله ، أي : استعين على أمور كلّها بالله الّذي ، لا تحقّ العبادة إلّا له ، المغيث إذا استغيث ، والجيب إذا دعي.

وهو ما قال رجل للصّادق ـ عليه السّلام ـ : يا ابن رسول الله ، دلّني على الله ما هو ، فقد كثر عليّ المجادلون وحيّروني؟

فقال له : يا عبد الله ، هل ركبت سفينة قطّ؟

قال : نعم.

قال : فهل كسر بك حيث لا سفينة تنجيك ولا سباحة تغنيك؟

قال : نعم.

قال : فهل تعلّق قلبك هنا لك أنّ شيئا من الأشياء قادر على أن يخلّصك من ورطتك؟

قال : نعم.

قال الصّادق ـ عليه السّلام ـ : فذلك الشّيء هو الله ، القادر على الإنجاء حيث لا منجي ، وعلى الإغاثة حيث لا مغيث.

والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

(فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ) : عن التّوحيد.

وقيل (٣) : اتّسعتم في كفران النّعمة ، كقول ذي الرّمّة :

عطاء فتى تمكن في المعالي

فأعرض في المكارم واستطالا

(وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً) (٦٧) ، كالتّعليل للإعراض.

__________________

(١) التوحيد / ٢٣٠.

(٢) ب : نقطع.

(٣) أنوار التنزيل ١ / ٥٩١.

٤٤٨

(أَفَأَمِنْتُمْ) «الهمزة» فيه للإنكار ، و «الفاء» للعطف على محذوف ، تقديره : أنجوتم فأمنتم فحملكم ذلك على الإعراض ، فإنّ من قدر أن يهلككم في [البحر بالغرق قادر (١) أن يهلككم في] (٢) البرّ بالخسف وغيره.

(أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ) : أن يقلبه الله وأنتم عليه. أو يقلبه بسببكم ، «فبكم» حال (٣) ، أو صلة «ليخسف».

وقرأ (٤) ابن كثير وأبو عمرو ، بالنّون ، فيه وفي الأربعة الّتي بعده.

وفي ذكر الجانب تنبيه على أنّهم كلّما وصلوا السّاحل كفروا وأعرضوا ، وأنّ الجوانب والجهات في قدرته سواء ، لا معقل (٥) يؤمن فيه من أسباب الهلاك.

(أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً) : ريحا تحصب : أي : ترمي بالحصباء.

(ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً) (٦٨) : يحفظكم من ذلك ، فإنّه لا رادّ لفعله.

(أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ) : في البحر.

(تارَةً أُخْرى) : بخلق دواع تلجئكم إلى أن ترجعوا فتركبوه.

(فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ) ، أي : لا تمرّ بشيء إلّا قصفته ، أي : كسرته.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٦) : وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قوله : (قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ) قال : هي العاصف.

(فَيُغْرِقَكُمْ).

وعن يعقوب (٧) ، بالتّاء ، على إسناده إلى ضمير الرّيح.

(بِما كَفَرْتُمْ) : بسبب إشراككم ، أو كفرانكم نعمة الإنجاء.

(ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً) (٦٩) : مطالبا يتبعنا بانتصار أو صرف.

(وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ) : بحسن الصّورة ، والمزاج الأعدل ، واعتدال القامة ،

__________________

(١) كذا في نفس المصدر والموضع. وفي النسخ : «قدر» بدل «بالغرق قادر».

(٢) ليس في أ ، ب ، ر.

(٣) فعلى هذا التقدير : أن يخسف جانب البرّ كائنا معكم.

(٤) أنوار التنزيل ١ / ٥٩٢.

(٥) المعقل : الملجأ.

(٦) تفسير القمّي ٢ / ٢٢.

(٧) أنوار التنزيل ١ / ٥٩٢.

٤٤٩

والتّمييز بالعقل ، والإفهام بالنّطق ، والإشارة والخطّ ، والتّهدّي إلى أسباب المعاش والمعاد ، والتّسلّط على ما في الأرض ، والتّمكّن من الصّناعات ، وانسياق الأسباب والمسبّبات العلويّة والسّفليّة إلى ما يعود عليهم (١) بالمنافع ، إلى غير ذلك ممّا يقف الحصر دون إحصائه ، ومن ذلك ما ذكره ابن عباس عنه (٢) : وهو أنّ كلّ (٣) حيوان يتناول طعامه بفيه إلّا الإنسان ، فإنّه يرفعه إليه بيده.

(وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) : على الدّوابّ والسّفن ، من حملته حملا : إذا جعلت له ما يركبه. أو حملناهم فيهما حتّى لم تخسف (٤) بهم الأرض ، ولم يغرقهم الماء.

(وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) : المستلذّات ، ممّا يحصل بفعلهم وبغير فعلهم.

(وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً) (٧٠) : بالغلبة والاستيلاء ، أو بالشّرف والكرامة.

[، والمستثنى جنس الملائكة ـ عليهم الصلاة والسلام ـ أو الخواص منهم ، ولا يلزم من عدم تفضيل الجنس عدم تفضيل بعض أفراده.] (٥).

ويجوز تفضيل الجنس باعتبار تفضيل بعض أفراده.

وفي أمالي شيخ الطّائفة (٦) ـ قدّس سرّه ـ بإسناده إلى زيد بن عليّ ـ عليه السّلام ـ : عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قوله ـ تعالى ـ : (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ) يقول : فضّلنا بني آدم على سائر الخلق.

(وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) يقول : على الرّطب واليابس.

(وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) يقول : من طيّبات الثّمار كلّها.

(وَفَضَّلْناهُمْ) يقول : ليس من دابّة ولا طائر إلّا وهي تأكل وتشرب بفيها ، ولا ترفع بيدها إلى فيها طعاما ولا شرابا غير ابن آدم ، فإنّه يرفع إلى فيه بيده طعامه ، فهذا من التّفضيل.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٧) : حدّثنا جعفر بن أحمد قال : حدّثنا عبد الكريم بن

__________________

(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : «إليه عملهم» بدل «عليهم».

(٢) ليس في المصدر.

(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : كلّا.

(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : لا يخسف.

(٥) من أنوار التنزيل ١ / ٥٩٢.

(٦) أمالي الطوسي ٢ / ١٠٣.

(٧) تفسير القمّي ٢ / ٢٢.

٤٥٠

عبد الرّحيم قال : حدّثنا محمّد بن عليّ ، عن محمّد بن فضيل ، عن أبي حمزة الثّماليّ ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ الله لا يكرّم روح الكافر ، ولكن كرّم أرواح المؤمنين.

وإنّما كرامة النّفس والدّم بالرّوح ، والرّزق الطّيّب هو العلم.

حدّثني أبي (١) : عن إسحاق بن الهيثم ، عن سعد بن طريف (٢) ، عن الأصبغ بن نباته أنّ عليّا ـ عليه السّلام ـ سئل عن قول الله ـ تبارك وتعالى ـ : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ).

[قال : السماوات والأرض] (٣) وما فيهما (٤) من مخلوق في جوف الكرسيّ ، وله أربعة أملاك يحملونه بإذن الله ، فأمّا ملك منهم (٥) ففي صورة الآدميّين ، وهي أكرم الصّور على الله.

والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

وفي محاسن البرقي (٦) : عنه ، بعض أصحابنا ، عن عليّ بن أسباط ، عن عمّه ، يعقوب ، أو غيره رفعه ، قال : كان أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ يقول : الّلهمّ ، إنّ هذا من عطائك ، فبارك لنا فيه وسوّغناه ، وأخلف لنا خلفا لما أكلناه أو شربناه لا من حول منّا ولا قوّة ، ورزقت فأحسنت فلك الحمد ، ربّ ، اجعلنا من الشّاكرين.

فإذا فرغ قال : الحمد لله الّذي كفانا وأكرمنا وحملنا في البرّ والبحر ورزقنا من الطّيّبات وفضّلنا على كثير ممّن خلق تفضيلا ، الحمد لله الّذي كفانا المؤنة وأسبغ علينا.

عنه (٧) ، عن محمّد بن [عبد الله] (٨) ، عن عمرو المتطبّب (٩) ، عن أبي يحيى الصّنعانيّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : كان عليّ بن الحسين ـ عليهما السّلام ـ إذا وضع الطّعام بين يديه قال : الّلهمّ ، هذا من منّك وفضلك وعطائك ، فبارك لنا فيه وسوّغناه وارزقنا خلفا لما

__________________

(١) نفس المصدر ١ / ٨٥.

(٢) كما في النجاشي / ٤٦٨. وفي المصدر : ظريف.

(٣) ليس في أ.

(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : بينهما.

(٥) المصدر : «فأما الملك الأوّل» بدل «فأمّا ملك منهم».

(٦) المحاسن / ٤٣٦ ، ح ٢٧٨.

(٧) نفس المصدر / ٤٣٣ ، ح ٢٦٣.

(٨) من المصدر.

(٩) كذا في المصدر. وفي النسخ : عمر المطيب.

٤٥١

أكلناه وربّ محتاج إليه رزقت وأحسنت ، الّلهمّ ، اجعلنا من الشّاكرين.

وإذا رفع الخوان قال : الحمد لله الّذي حملنا في البرّ والبحر ، ورزقنا من الطّيّبات ، وفضّلنا على كثير [من خلقه أو] (١) ممّن خلق تفضيلا.

وفي كتاب الخصّال (٢) ، فيما علّم أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ أصحابه : إذا نظر أحدكم في المرآة فليقل : الحمد لله الّذي خلقني فأحسن خلقي ، وصوّرني فأحسن صورتي ، وزان منّي ما شان من غيري ، وأكرمني بالإسلام.

عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ (٣) قال : المؤمن أعظم حرمة من الكعبة.

وفي عيون الأخبار (٤) ، بإسناده إلى الرّضا ـ عليه السّلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : إنّ المؤمن يعرف بالسّماء ، كم يعرف الرّجل [أهله و] (٥) ولده ، وأنّه لأكرم على الله ـ تعالى ـ من ملك مقرّب.

وبإسناده (٦) ، قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : يا عليّ. من كرامة المؤمن على الله أنّه لم يجعل لأجله وقتا حتّى يهمّ ببائقة (٧) ، فإذا همّ ببائقة (٨) قبضه الله (٩) إليه.

عن جابر (١٠) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ [في قوله ـ تعالى ـ] (١١) : (وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً) قال : خلق كلّ شيء منكبّا ، غير الإنسان خلق منتصبا.

وفي كتاب علل الشّرائع (١٢) : أبي ـ رحمه الله ـ قال : حدّثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ فقلت : الملائكة أفضل أم بنو آدم؟

فقال : قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ : إن الله ـ عزّ وجلّ ـ ركّب في الملائكة عقلا بلا شهوة ، وركّب في البهائم شهوة بلا عقل ، وركّب في بني آدم

__________________

(١) ليس في أ ، ب.

(٢) الخصال ٢ / ٦١٢.

(٣) نفس المصدر ١ / ٢٧ ، ح ٩٥.

(٤) العيون ٢ / ٣٣ ، ح ٦٢.

(٥) من المصدر.

(٦) نفس المصدر والمجلد / ٣٦ ، ح ٩٠.

(٧ و ٨) كذا في المصدر. وفي النسخ : بايعه. والبائقة : الداهية. الظلم والتعدّي عن الحقّ.

(٩) ليس في المصدر. (١٠) تفسير العيّاشي ٢ / ٣٠٢ ، ح ١١٣.

(١١) من المصدر. (١٢) العلل ١ / ٤.

٤٥٢

كليهما ، فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة ، ومن غلب شهوته عقله فهو شرّ من البهائم.

وبإسناده (١) إلى عبد السّلام بن صالح الهرويّ : عن عليّ بن موسى الرّضا ـ عليه السّلام ـ عن أبيه ، عن آبائه ، عن عليّ بن أبي طالب ، عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ حديث طويل ، يقول فيه ـ صلّى الله عليه وآله ـ : فإنّ الملائكة لخدّامنا وخدّام محبّينا.

يا عليّ ، الّذين يحملون العرش ومن حوله يسبّحون بحمد ربّهم ويستغفرون للّذين آمنوا بولايتنا.

يا عليّ ، لولا نحن ما خلق الله آدم ولا حوّاء ولا الجنّة ولا النّار ولا السّماء ولا الأرض ، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سبقناهم إلى معرفة (٢) ربّنا وتسبيحه [وتهليله] (٣) وتقديسه (٤)؟ وأنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ خلق آدم فأودعنا صلبه وأمر الملائكة بالسّجود له تعظيما لنا وإكراما ، وكان سجودهم لله ـ عزّ وجلّ ـ عبوديّة ولآدم إكراما وطاعة لكوننا في صلبه ، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سجدوا (٥) لآدم كلّهم أجمعون؟

وقد روينا (٦) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال : إنّ في الملائكة من باقة (٧) بقل (٨) خير منه ، والأنبيّاء والحجج يعلمون ذلك لهم ، وفيهم ما جهلناه.

وبإسناده (٩) إلى ابن عبّاس : عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ حديث طويل ، يقول فيه ـ صلّى الله عليه وآله ـ : لمّا عرج بي إلى السّماء الرّابعة أذّن جبرئيل ـ عليه السّلام ـ وأقام ميكائيل ، ثمّ قيل لي : أدن ، يا محمّد.

فقلت : أتقدّم وأنت بحضرتي [يا جبرئيل] (١٠)؟

قال : نعم ، إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ فضّل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقرّبين ، وفضّلك أنت خاصّة.

فدنوت فصلّيت بأهل السّماء [الرابعة] (١١).

__________________

(١) نفس المصدر والمجلد / ٥.

(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : معروف.

(٣) من المصدر.

(٤) ليس في أ ، ب ، ر.

(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : سجد.

(٦) العلل / ٢٥.

(٧) الباقة : الحزمة من الزّهر أو البقل.

(٨) كذا في المصدر. وفي النسخ : يقل.

(٩) العلل ١ / ١٨٤ ، ضمن ح ٢.

(١٠ و ١١) من المصدر.

٤٥٣

وفي أصول الكافي (١) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الصّباح الكنانيّ ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : ما خلق الله ـ عزّ وجلّ ـ خلقا أكرم على الله ـ عزّ وجلّ ـ من مؤمن ، لأنّ الملائكة خدّام المؤمنين ، وأنّ جوار الله للمؤمنين ، وأنّ الجنّة للمؤمنين ، وأنّ الحور العين للمؤمنين.

والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

وفي كتاب الاحتجاج (٢) للطّبرسي ـ رحمه الله ـ : عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ حديث طويل ، وفيه : يا رسول الله ، أخبرنا عن عليّ هو أفضل أم ملائكة الله المقرّبون؟

فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : وهل شرّفت الملائكة إلّا بحبّها لمحمّد وعليّ وقبولها ولايتهما ، إنّه لا أحد من محبّي [عليّ] (٣) ـ عليه السّلام ـ قد نظّف قلبه من الغش (٤) والدّغل [والعلل] (٥) ونجاسة الذّنوب إلّا كان أطهر وأفضل من الملائكة.

وفيه (٦) : عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ حديث طويل ، يقول فيه السّائل : فالرّسول أفضل أم الملك المرسل إليه؟ قال : بل الرّسول أفضل.

وفي كتاب ثواب الأعمال (٧) ، بإسناده إلى أبي هريرة وعبد الله بن عبّاس قالا : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في أثناء كلام طويل : أنتم أفضل من الملائكة.

وفي اعتقادات الإمامية (٨) للصّدوق ـ عليه الرّحمة ـ : وقال النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : أنا أفضل من جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وجميع الملائكة المقرّبين ، وأنا خير البريّة وسيّد ولد آدم.

(يَوْمَ نَدْعُوا) : نصب بإضمار «اذكر» ، أو ظرف لما دلّ عليه «ولا يظلمون».

وقرئ (٩) : «يدعو» ، و «يدعي» ، و «يدعو» على [قلب] (١٠) الألف واوا في لغة من يقول : افعو ، [في أفعى] (١١). أو على أنّ الواو علامة الجمع ، كما في قوله : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا). أو ضميره ، و «كلّ» بدل منه ، والنّون محذوفة لقلّة المبالاة بها فإنّها ليست إلّا علامة الرّفع ، وهو قد يقدّر ، كما في «يدعى».

__________________

(١) الكافي ٢ / ٣٣ ، ح ٢.

(٢) الإحتجاج ١ / ٥٢.

(٣) من المصدر.

(٤) المصدر : قذر الغش.

(٥) ليس في المصدر.

(٦) نفس المصدر ٢ / ٣٤٨.

(٧) ثواب الأعمال / ٣٣٠ ، ضمن ح ١.

(٨) اعتقادات الصدوق / ٩٦. (٩) أنوار التنزيل ١ / ٥٩٢. (١٠ و ١١) من المصدر.

٤٥٤

(كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) : بمن ائتّموا به من نبيّ ، أو مقدّم في الدّين ، أو كتاب ، أو دين.

وقيل (١) : بكتاب أعمالهم الّتي قدّموها ، فيقال ، يا صاحب كتاب كذا ، أي : تنقطع علقة الأنساب وتبقى نسبة الأعمال.

وقيل (٢) : بالقوى الحاملة لهم على عقائدهم وأفعالهم.

وقيل (٣) : بأمّهاتهم ، جمع أمّ ، كخفّ وخفاف ، والحكمة في ذلك : إجلال عيسى ـ عليه السّلام ـ ، وإظهار شرف الحسن والحسين ـ رضي الله عنهما ـ ، وأن لا تفتضح أولاد الزّنا (٤).

وفي محاسن البرقي (٥) : عن أبيه ، عن النّضر بن سويد ، عن ابن مسكان ، عن يعقوب بن شعيب قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ [أُناسٍ بِإِمامِهِمْ).

فقال : ندعو] (٦) كلّ قرن من هذه الأمّة بإمامهم.

قلت : فيجيء رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في قرنه ، وعليّ ـ عليه السّلام ـ في قرنه ، والحسن ـ عليه السّلام ـ في قرنه ، والحسين ـ عليه السّلام ـ في قرنه ، [وكلّ إمام في قرنه] (٧) الّذي هلك بين أظهرهم (٨)؟

قال : نعم.

وفي عيون الأخبار (٩) : عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ وبإسناده قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في قوله ـ تعالى ـ : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) قال : يدعى كلّ قوم بإمام زمانهم ، وكتاب الله (١٠) ، وسنّة نبيّهم.

وفي كتاب الخصال (١١) ، بإسناده إلى الأصبغ بن نباتة قال : أمرنا أمير المؤمنين

__________________

(١ و ٢ و ٣) نفس المصدر والموضع.

(٤) إذ لو دعي الخلق بالآباء لكان هذا نوع نقص بالنسبة إلى عيسى بالأمّ والخلق بالآباء ، وفيه إظهار شرف السبطين بأن يدعيا بأمّهما الّتي هي بنت سيّد المرسلين ـ صلّى الله عليه وآله ـ وعدم افتضاح أولاد الزّنا ظاهرا فإنّه لو دعي الخلق بالآباء وأولاد الزّنا بالامّهات لكان هذا تصريحا بكونهم أولاد الزّنا وليس لهم آباء.

(٥) المحاسن / ١٤٤ ، ح ٤٤.

(٦) ليس في أ ، ر.

(٧) من المصدر.

(٨) كذا في المصدر. وفي النسخ : أظهركم.

(٩) العيون ٢ / ٣٣ وح ٦١.

(١٠) المصدر : ربّهم.

(١١) الخصال ٢ / ٦٤٤ ، ح ٢٦.

٤٥٥

ـ عليه السّلام ـ بالمسير إلى المدائن من الكوفة ، فسرنا يوم الأحد وتخلّف عمرو بن حريث (١) في سبعة نفر ، فخرجوا إلى مكان بالحيرة يسمّى : الخورنق ، فقالوا نتنزّه (٢) فإذا كان الأربعاء خرجنا فلحقنا عليّا ـ عليه السّلام ـ قبل أن يجمع. فبينما هم يتغدّون (٣) ، إذ خرج عليهم ضبّ فصادوه ، فأخذه عمرو بن حريث ، فنصب كفّه وقال : بايعوا ، هذا أمير المؤمنين. فبايعه السّبعة وعمرو ثامنهم ، وارتحلوا ليلة الأربعاء فقدموا المدائن يوم الجمعة ، وأمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ يخطب ، [ولم يفارق بعضهم بعضا وكانوا جميعا حتّى نزلوا] (٤) [على باب المسجد. فلمّا دخلوا ، نظر إليهم أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ] (٥) فقال : يا أيّها النّاس ، إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أسرّ إليّ ألف ألف (٦) حديث ، في كلّ حديث ألف باب ، لكلّ باب ألف مفتاح ، وإنّي سمعت الله ـ جلّ جلاله ـ يقول : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ). وإنّي أقسم لكم بالله ، ليبعثنّ يوم القيامة ثمانية نفر يدعون بإمامهم ، وهو ضبّ ، ولو شئت أن أسمّيهم لفعلت.

قال : فلقد رأيت عمرو بن حريث سقط ، كما تسقط السّعفة ، حياء ولوما.

وفي أصول الكافي (٧) : عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرّحمن ، عن حمّاد ، عن عبد الأعلى قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : السّمع والطّاعة أبواب الخير ، السّامع المطيع لا حجّة عليه ، والسّامع العاصي لا حجّة له ، وإمام المسلمين تمّت حجّته واحتجاجه يوم يلقي الله ـ عزّ وجلّ ـ.

ثمّ قال : يقول الله ـ تبارك وتعالى ـ : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ).

محمّد بن يحيى (٨) ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن غالب ، عن جابر عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : لمّا نزلت هذه الآية (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) قال المسلمون : يا رسول الله ، ألست إمام النّاس كلّهم أجمعين؟

قال : فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : أنا رسول الله إلى النّاس أجمعين ،

__________________

(١) أ ، ب ، ر : عمرو بن حرث.

(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : تتنزّه.

(٣) المصدر : يتغذّون.

(٤) من المصدر.

(٥) يوجد في ب ، المصدر.

(٦) ليس في أ ، ب ، ر ، المصدر.

(٧) الكافي ١ / ١٨٩ ـ ١٩٠ ، ح ١٧.

(٨) نفس المصدر / ٢١٥ ، ح ١.

٤٥٦

ولكن سيكون من بعدي أئمّة على النّاس من الله من أهل بيتي يقومون في النّاس ، فيكذبون وتظلمهم أئمّة الكفر والضّلال وأشياعهم. فمن والاهم واتّبعهم وصدّقهم ، فهو منّي ومعي وسيلقاني. ألا ومن ظلمهم وكذّبهم ، فليس منّي ولا معي وأنا منه بريء.

عليّ بن محمّد (١) ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن الحسن بن شمّون (٢) ، عن عبد الله [بن عبد الرّحمن ، عن عبد الله] (٣) بن القاسم البطل (٤) ، عن عبد الله بن سنان قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ).

قال : إمامهم الّذي بين أظهرهم ، وهو قائم أهل زمانه.

عدّة من أصحابنا (٥) ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن محمّد بن الحسن بن شمّون ، عن عبد الله بن عمرو بن الأشعث (٦) ، عن عبد الله بن حمّاد الأنصاريّ ، عن يحيى بن عبد الله بن الحسن ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : يجيء كلّ غادر بإمام يوم القيامة مائلا شدقه حتّى يدخل النّار.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٧) : أخبرنا أحمد بن إدريس قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى (٨) ، عن ربعي بن عبد الله ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ تبارك وتعالى ـ : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) قال : يجيء رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في قومه (٩) ، وعليّ في قومه (١٠) ، والحسن في قومه (١١) ، والحسن في قومه (١٢) ، وكلّ من مات بين ظهرانيّ قوم جاؤوا معه.

وقال عليّ بن إبراهيم (١٣) في قوله : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) قال : ذلك يوم القيامة ، ينادي مناد : ليقم أبو بكر (١٤) وشيعته ، وعمر (١٥) وشيعته ، وعثمان (١٦) وشيعته ، [وعليّ

__________________

(١) نفس المصدر / ٥٣٦ ـ ٥٣٧.

(٢) أ ، ب : سمعون.

(٣) ليس في ب. ويوجد فيها هاهنا زيادة : بن حمّاد الأنصاري ، عن يحيى بن عبد الله بن الحسن.

(٤) كذا في المصدر وجامع الرواة ١ / ٥٠٠. وفي النسخ : القاسم بن البطل.

(٥) نفس المصدر ٢ / ٣٣٧ ـ ٣٣٨ ، ح ٥.

(٦) كذا في المصدر وجامع الرواة ١ / ٤٩٨. وفي النسخ : الأشوى.

(٧) تفسير القمّي ٢ / ٢٢ ـ ٢٣.

(٨) في المصدر زيادة : عن الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى.

(٩ و ١٠ و ١١ و ١٢) المصدر : فرقة.

(١٣) نفس المصدر : ٢٣.

(١٤ و ١٥ و ١٦) المصدر : فلان.

٤٥٧

وشيعته] (١).

وفي كتاب الاحتجاج (٢) للطّبرسيّ ـ رحمه الله ـ : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ حديث طويل ، فيه يقول ـ عليه السّلام ـ وقد ذكر المنافقين : وكذلك قوله (٣) : سلام على آل ياسين لأنّ الله سمّى النّبيّ بهذا الاسم (٤) حيث قال (٥) : (يس ، وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ، إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ). لعلمه بأنّهم يسقطون قول (٦) : سلام على آل محمد ، كما أسقطوا غيره.

وكذلك قال : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) ولم يسمّ بأسمائهم وأسماء آبائهم وامّهاتهم.

وفي أمالي الصّدوق (٧) ، وبإسناده إلى أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سأل رجل يقال له : بشر بن غالب ، أبا عبد الله (٨) ـ عليه السّلام ـ فقال : يا ابن رسول الله ، أخبرني عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ).

قال إمام دعا إلى هدى فأجابوه إليه ، وإمام دعا إلى ضلالة فأجابوه إليها ، هؤلاء في الجنّة وهؤلاء في النّار ، وهو قوله (٩) ـ عزّ وجلّ ـ : (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ).

والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

وفي الصّحيفة السّجادية (١٠). الّلهمّ ، إنّك أيّدت دينك في كلّ أوان بإمام أقمته علما لعبادك ومنارا في بلادك ، بعد أن وصلت حبله بحبلك ، وجعلته الذّريعة إلى رضوانك ، وافترضت طاعته ، وحذّرت معصيته ، وأمرت بامتثال أمره (١١) والانتهاء عند نهيه ، وألّا يتقدّمه متقدّم ولا يتأخّر عنه متأخّر.

وفي مصباح الشّريعة (١٢) : قال الصّادق ـ عليه السّلام ـ : [قال الله ـ تعالى ـ :] (١٣) (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) ، أي : من كان اقتدى بمحقّ قبل وزكّي.

__________________

(١) ليس في أ ، ب.

(٢) الاحتجاج ١ / ٢٥٣.

(٣) الصّافّات / ١٣٠.

(٤) المصدر : لأنّ الله سمّى به النّبيّ  ....

(٥) يس / ١ ـ ٣.

(٦) المصدر : قول الله.

(٧) عنه في نور الثقلين ٣ / ١٩٣ ، ح ٣٣٥.

(٨) ب : أبا عبد الله الحسين.

(٩) الشورى / ٧.

(١٠) الصحيفة السجّاديّة ، الدعاء ٤٧.

(١١) المصدر : أوامره.

(١٢) مصباح الشريعة / ٣٢٩. (١٣) ليس في المصدر.

٤٥٨

وفي الخرائج والجرائح (١) ، في أعلام محمّد العسكريّ ـ عليه السّلام ـ : قال أبو هاشم ، بعد أن روى كرامة له ـ عليه السّلام ـ : فجعلت أفكّر في نفسي عظم ما أعطى الله آل محمّد ـ عليهم السّلام ـ وبكيت ، فنظر إليّ وقال : الأمر أعظم ممّا حدّثت به نفسك من عظم شأن آل محمّد ، فاحمد الله أن جعلك متمسّكا بحبلهم ، تدعى يوم (٢) القيامة بهم (٣) إذا دعي كلّ أناس بإمامهم إنّك على خير.

وفي الرّجال للكشّي (٤) : فضالة بن جعفر ، عن أبان ، عن حمزة بن طيّار : أنّ أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ أخذ بيدي ، ثمّ عدّ الأئمّة ـ عليهم السّلام ـ إماما إماما يحسبهم [بيده] (٥) حتّى انتهى إلى أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ فكفّ.

فقلت : جعلني الله فداك ، لو فلقت رمّانة فأحللت بعضها وحرّمت بعضها ، لشهدت أنّ ما حرّمت حرام وما أحللت حلال.

فقال : فحسبك أن تقول بقوله ، وما أنا إلّا مثلهم ، لي ما لهم وعليّ ما عليهم ، فإن أردت أن تجيء يوم القيامة مع الّذين قال الله ـ تعالى ـ : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) فقل بقوله.

وفي تفسير العيّاشي (٦) : عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : أنّه إذا كان يوم القيامة يدعى كلّ بإمامه الّذي مات في عصره ، فإن أثبته (٧) أعطي كتابه بيمينه لقوله : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ [فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ).

واليمين اثبات الإمام ، لأنّه كتاب يقرؤه ، إنّ الله يقول (٨) : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ]) (٩) (فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ ، إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ) (الآية). و «الكتاب» الإمام ، فمن نبذه وراء ظهره كان كما قال (١٠) : (فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ). ومن أنكره كان من أصحاب الشّمال الّذين قال الله (١١) : (ما أَصْحابُ الشِّمالِ ، فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ ، وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ)

__________________

(١) نور الثقلين ٣ / ١٩٣ ، ح ٣٣٨.

(٢) من ب.

(٣) كذا في الثقلين. وفي ب : محبهم. وفي غيرها : لهم.

(٤) رجال الكشي / ٣٤٩ ، ح ٦٥٣.

(٥) من المصدر.

(٦) تفسير العياشي ٢ / ٣٠٢.

(٧) كذا في المصدر. وفي النسخ : أتاه.

(٨) الحاقة / ١٩ ـ ٢٠. وفيها : «فأما من ...»

(٩) من المصدر.

(١٠) آل عمران / ١٨٧.

(١١) الواقعة / ٤١ ـ ٤٣.

٤٥٩

(إلى آخر الآية).

عنه (١) ، عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما ـ عليهما السّلام ـ قال : سألته عن قوله : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ).

قال : من كان يأتمّون به في الدّنيا ، ويؤتي بالشّمس والقمر فيقذفان في حميم (٢) ومن يعبدهما.

عن جعفر بن أحمد (٣) ، عن الفضل بن شاذان ، أنّه وجد مكتوبا بخطّ أبيه [مثله] (٤).

عن أبي بصير (٥) قال : أخذت بفخذ أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ فقلت : أشهد أنّك إمامي.

فقال : أما إنّه سيدعى كلّ أناس بإمامهم ، أصحاب الشّمس بالشّمس ، وأصحاب القمر بالقمر ، وأصحاب النّار بالنّار ، وأصحاب الحجارة بالحجارة.

عن عمّار السّاباطي (٦) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : لا تترك الأرض بغير إمام يحلّ حلال الله ويحرّم حرام الله ، وهو قول الله : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ).

ثمّ قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : من مات بغير إمام مات ميتة جاهليّة.

فمدّوا أعناقهم وفتحوا أعينهم ، فقال أبو عبد الله : ليست الجاهليّة الجهلاء.

فلمّا خرجنا من عنده قال لنا سليمان : هو ، والله ، الجاهليّة الجهلاء ، ولكن لمّا رآكم مددتم أعناقكم وفتحتم أعينكم قال لكم كذلك.

عن بشير الدّهّان (٧) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : أنتم ، والله ، على دين الله. ثمّ تلا : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ).

ثمّ قال : عليّ إمامنا ورسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إمامنا ، كم من إمام يجيء يوم القيامة يلعن أصحابه ويلعنونه ، ونحن ذريّة محمّد وأمّنا فاطمة.

__________________

(١) نفس المصدر والموضع.

(٢) المصدر : ويقذفان في جهنّم.

(٣) نفس المصدر / ٣٠٣ ، ح ١١٧.

(٤) من المصدر.

(٥) نفس المصدر / ٣٠٣ ، ح ١١٨.

(٦) نفس المصدر / ٣٠٣.

(٧) نفس المصدر / ٣٠٣.

٤٦٠