تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٧

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٧

المؤلف:

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي


المحقق: حسين درگاهى
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٤

والمعتمد عليه في المعاش ، وأمّا الأكل من سائر الحيوانات المأكولة فعلى سبيل التّداوي أو التّفكّه.

(وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ) : تردّونها من مراعيها إلى مراحها بالعشيّ.

(وَحِينَ تَسْرَحُونَ) (٦) : تخرجونها بالغداة إلى المراعي. فإنّ الأفنية تتزيّن بها في الوقتين ، ويجلّ أهلها في أعين النّاظرين إليها.

وتقديم الإراحة ، لأنّ الجمال فيها أظهر. فإنّها تقبل ملأى البطون حافلة الضّروع ، ثمّ تأوى إلى الحظائر حاضرة لأهلها.

وقرئ (١) : «حينا» على أنّ «تريحون» و «تسرحون» وصفان له ، بمعنى : تريحون فيه وتسرحون فيه.

(وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ) : أحمالكم.

(إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ) إن لم تكن الأنعام ولم تخلق ، فضلا عن أن تحملوها على ظهوركم إليه.

(إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ) : إلّا بكلفة ومشقّة.

وقرئ (٢) ، بالفتح. وهو لغة فيه.

وقيل (٣) : المفتوح مصدر شقّ الأمر عليه ، وأصله : الصّدع. والمكسور ، بمعنى : النّصف ، كأنّه ذهب نصف قوته بالتّعب.

(إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) (٧) : حيث رحمكم بخلقها ، لانتفاعكم وتيسير الأمر عليكم.

وفي الكافي (٤) : أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن صفوان بن يحيى [عن عبد الله بن يحيى] (٥) الكاهليّ قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول ويذكر الحجّ ، فقال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : هو أحد الجهادين ، هو جهاد الضّعفاء ونحن الضّعفاء. أمّا إنّه ليس شيء أفضل من الحجّ إلّا الصّلاة. وفي الحجّ هاهنا صلاة ، وليس في الصّلاة قبلكم حج. لا تدع الحجّ وأنت تقدر عليه. أما ترى أنّه يشعث (٦) رأسك ،

__________________

(١ و ٢ و ٣) أنوار التنزيل ١ / ٥٤٩.

(٤) الكافي ٤ / ٢٥٣ ، ح ٧.

(٥) من المصدر.

(٦) شعث رأسه : تفرّق شعره وجلده.

١٨١

ويقشف (١) فيه جلدك ، وتمتنع فيه من النّظر إلى النّساء. وإنّا نحن هاهنا ونحن قريب ، ولنا مياه متّصلة ما نبلغ الحجّ حتّى يشقّ علينا ، فكيف أنتم في بعد البلاد. وما من ملك ولا سوقة (٢) يصل إلى الحجّ ، إلّا بمشقّة في تغيير مطعم أو مشرب أو ريح أو شمس لا يستطيع ردّها. وذلك قوله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ) (الآية).

وفي كتاب علل الشّرائع (٣) : أبي ـ رحمه الله ـ قال : حدّثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان وفضالة ، عن القاسم الكاهليّ قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يذكر الحجّ. وذكر ، مثل ما نقلناه عن الكاهليّ سواء.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٤) : وقوله : (وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ).

قال : حين ترجع من المرعى.

قوله : (وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ).

قال : إلى مكة والمدينة وجمع البلدان.

(وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ) : عطف على «الأنعام».

(لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً) : ولتتزيّنوا بها زينة.

وقيل (٥) : هي معطوفة على محلّ «لتركبوها». وتغيير النّظم لأنّ الزّينة بفعل الخالق والرّكوب ليس بفعله ، ولأنّ المقصود من خلقها الرّكوب وأمّا التّزيّن بها فحاصل بالعرض.

وقرئ (٦) ، بغير واو. وعلى هذا يحتمل أن يكون علّة «لتركبوها» ، أو مصدرا في موقع الحال من أحد الضّميرين ، أي : متزيّنين ، أو متزيّنا بها.

في تفسير العيّاشيّ (٧) : عن زرارة ، عن أحدهما ـ عليهما السّلام ـ قال : سألته عن أبوال الخيل [والبغال] (٨) والحمير.

__________________

(١) القشف : رثاثة الهيئة وسوء الحال.

(٢) السوقة : الرعيّة.

(٣) العلل / ٤٥٧ ، ح ٢.

(٤) تفسير القمّي ١ / ٣٨٢.

(٥) أنوار التنزيل ١ / ٥٤٩.

(٦) نفس المصدر والموضع.

(٧) تفسير العياشي ٢ / ٢٥٥.

(٨) من المصدر.

١٨٢

قال : نكرّهها (١).

فقلت : أليس لحمها حلالا؟

فقال : أليس قد بيّن الله لكم (وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ). وقال : [في الخيل] (وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ) (٢) (وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً). فجعل للأكل الأنعام (٣) الّتي قصّ الله في الكتاب ، وجعل للرّكوب الخيل والبغال والحمير. وليس لحومها بحرام ، ولكن النّاس عافوها.

وفي الكافي (٤) : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن غير واحد ، عن أبان ، عن زرارة ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ الخيل كانت وحوشا في بلاد العرب ، فصعد إبراهيم وإسماعيل ـ عليهما السّلام ـ على جبل جياد (٥) ثمّ صاحا : ألا هلا (٦).

قال : فما بقي [فرس] (٧) إلّا أعطاهما بيده ، وأمكن من ناصيته.

عنه ، عن (٨) عليّ بن الحكم ، عن عمر بن أبان ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة.

عنه (٩) ، عن ابن فضال ، عن ثعلبة ، عن معمّر ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : سمعته يقول : الخير كلّه معقود في نواصي الخيل إلى يوم القيامة.

وفي كتاب علل الشّرائع (١٠) ، بإسناده إلى عبدوس بن أبي عبيدة قال : سمعت الرّضا ـ عليه السّلام ـ يقول : أوّل من ركب الخيل إسماعيل ، وكانت وحشيّة لم تركب ، فحشرها (١١) الله ـ عزّ وجلّ ـ على إسماعيل من جبل منى. وإنّما سمّيت الخيل : العراب ، لأنّ أوّل من ركبها إسماعيل.

وبإسناده إلى محمّد بن يعقوب : عن عليّ بن محمّد بإسناده قال : قال علي ـ عليه

__________________

(١) كذا في بعض نسخ المصدر. وفي النسخ : فكرّهها.

(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : وقال في الخيل والبغال.

(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : فجعل الأكل من الأنعام.

(٤) الكافي ٥ / ٤٧ ، ح ١.

(٥) جياد : جبل بمكّة.

(٦) هلا ، أي : اقربي.

(٧) من المصدر. (٨) الكافي ٥ / ٤٨ ، ح ٢.

(٩) نفس المصدر والموضع ، ح ٣. (١٠) العلل ١ / ٣٩٣ ، ح ٥.

(١١) المصدر : لا تركب فسخرها.

١٨٣

السّلام ـ لبعض اليهود وقد سأله عن مسائل : أوّل من ركب الخيل قابيل يوم قتل أخاه هابيل. وأوّل من ركب البغل (١) ابن آدم ـ عليه السّلام ـ وذلك كان له ابن يقال له : معد ، وكان عشوقا للدّوابّ. وأوّل من ركب الحمار حوّاء.

وفي كتاب الخصال (٢) : عن امّ الدرداء ، عن أبي الدردا ، قال (٣) : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : من أصبح معافي في جسده آمنا في سربه عنده قوت يومه ، فكأنّما حيزت له الدّنيا. يا بن آدم ، يكفيك من الدّنيا ما سدّ جوعتك ووارى عورتك. فإن يكن بيت يكنّك ، فذاك. وإن يكن دابّة تركبها ، فبخ بخ فلق الخبز وماء الجرّ (٤) ، وما بعد ذلك حساب عليك أو عذاب.

عن نافع بن عبد الحارث (٥) قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : من سعادة المسلم سعة المسكن والجار الصّالح والمركب الهنيء.

عن أبي عبد الله (٦) ـ عليه السّلام ـ قال : سمعت أبي يحدّث ، عن أبيه ، عن جدّه قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : خمس لا أدعهنّ حتّى الممات : ركوب الحمار مردوفا (٧). (الحديث).

وعن الإمام الباقر (٨) ـ عليه السّلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : خمس لست بتاركهنّ حتّى الممات : ركوب الحمار مردوفا (٩). (الحديث).

عن يعقوب بن سالم (١٠) ، رفع الحديث إلى أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : لا يرتدف (١١) ثلاثة على دابّة ، فإنّ أحدهم ملعون ، وهو المقدّم.

عن الحسين بن زيد (١٢) ، قال : بلغني أنّ الله ـ تعالى ـ خلق الخيل من أربعة أشياء :

__________________

(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : الخيل.

(٢) الخصال ١ / ١٦١ ، ح ٢١١.

(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : عن امّ الدرداء ، قالت.

(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : «فالخير وما الخير» بدل «فلق الخبز وماء الجرّ».

(٥) الخصال ١ / ١٨٣ ، ح ٢٥٢.

(٦) نفس المصدر والمجلّد / ٢٧١ ، ح ١٢. بتلخيص وحذف.

(٧) بعض نسخ المصدر : مؤكفا. وبعضها الآخر : مردفا.

(٨) الخصال ١ / ٢٧١ ، ح ١٣.

(٩) المصدر : مؤكفا.

(١٠) نفس المصدر والمجلّد / ٩٨ ، ح ٤٨.

(١١) كذا في المصدر. وفي النسخ : لا يردف. (١٢) نفس المصدر والمجلّد / ٢٦٠ ، ح ١٣٧.

١٨٤

من البحر الأعظم المحدق بالدّنيا ، ومن النّار ، ومن دموع ملك يقال له : إبراهيم ، ومن بئر طيبة.

(وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ) (٨).

وقيل (١) : لمّا فصّل (٢) الحيوانات الّتي يحتاج إليها غالبا احتياجا ضروريّا أو غير ضروريّ ، أجمل غيرها. ويجوز أن يكون إخبارا بأنّ له من الخلائق ما لا علم لنا به ، وأن يراد به ما خلق في الجنّة والنّار ممّا لم يخطر على قلب بشر.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٣) : قال : العجائب الّتي خلقها في البرّ والبحر.

(وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ) : بيان مستقيم الطّريق الموصل إلى الحقّ. أو إقامة السّبيل وتعديلها ، رحمة وفضلا. أو عليه قصد السّبيل الّذي يصل إليه من يسلكه لا محالة.

يقال : سبيل قصد وقاصد ، أي : مستقيم ، كأنّه يقصد الوجه الّذي يقصده السّالك لا يميل عنه.

والمراد بالسّبيل : الجنس ، ولذلك أضاف إليه القصد. وقال : (وَمِنْها جائِرٌ) : مائل عن القصد ، أو عن الله ـ تعالى ـ.

وتغيير الأسلوب لأنّه ليس بحقّ على الله ـ تعالى ـ أن يبيّن طريق الضّلالة ، أو لأنّ المقصود بيان سبيله. وتقسيم السّبيل إلى القصد والجائر ، إنّما جاء بالعرض.

وقرئ (٤) : «ومنكم جائر» ، أي : عن القصد.

(وَلَوْ شاءَ) : الله.

(لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ) (٩) ، أي : ولو شاء هدايتكم أجمعين لهداكم إلى قصد السّبيل هداية مستلزمة للاهتداء.

(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ) : من السّحاب ، أو من جانب السّماء.

(ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ) : ما تشربونه.

و «لكم» صلة «أنزل». أو خبر «شراب» ، و «من» تبعيضيّة متعلّقة به.

وتقديمها يوهم حصر المشروب فيه ولا بأس به ، لأنّ مياه العيون والآبار منه لقوله :

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٥٤٩.

(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : فصلت.

(٣) تفسير القمي ١ / ٣٨٢.

(٤) أنوار التنزيل ١ / ٥٥٠.

١٨٥

(فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ) وقوله : (فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ).

(وَمِنْهُ شَجَرٌ) : ومنه يكون شجر.

قيل (١) : يعني : الشّجر الّذي ترعاه المواشي.

وقيل (٢) : كلّ ما ينبت على الأرض شجر. قال :

نعلفها اللّحم إذا عزّ الشّجر

والخيل في إطعامها اللّحم ضرر

(فِيهِ تُسِيمُونَ) (١٠) : ترعون. من سامت الماشية ، وأسامها صاحبها.

وأصلها : السّومة ، وهي العلامة. لأنّها تؤثر بالرّعي علامات.

(يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ) وقرأ (٣) أبو بكر ، بالنّون ، على التّفخيم.

(وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) : وبعض كلّها ، إذ لم ينبت في الأرض كلّ ما يمكن من الثّمرات.

قيل (٤) : ولعلّ تقديم ما يسام فيه على ما يؤكل منه ، لأنّه سيصير غذاء حيوانيّا هو أشرف الأغذية. ومن هذا تقديم الزّرع ، والتّصريح بالأجناس الثّلاثة ، وترتيبها.

(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (١١) : على وجود الصّانع وحكمته. فإنّ من تأمّل أنّ الحبّة تقع في الأرض ، وتصل إليها نداوة تنفذ فيها فينشقّ أعلاها ويخرج منها ساق الشّجر ، وينشقّ أسفلها فيخرج منها عروقها ، ثمّ تنمو ويخرج منها الأوراق والأزهار والأكمام والثّمار ، ويشتمل كلّ منها على الأجسام المختلفة الأشكال والطّبائع (٥) مع اتّحاد الموادّ ونسبة الطّبائع السّفليّة والتّأثيرات الفلكيّة إلى الكلّ ، علم أنّ ذلك ليس إلّا بفعل فاعل مختار مقدّس عن منازعة الأضداد والأنداد.

(وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ) : بأن هيّأها لمنافعكم.

(مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ) : حال من الجميع ، أي : نفعكم بها كونها مسخّرات لله خلقها لله ودبّرها كيف شاء. أو لما خلقن له بإيجاده وتقديره ، أو لحكمه. وفيه إيذان بالجواب عمّا عسى أن يقال : إنّ المؤثّر في تكوين النّبات حركات الكواكب وأوضاعها ،

__________________

(١ و ٢) أنوار التنزيل ١ / ٥٥٠.

(٣ و ٤) نفس المصدر والموضع.

(٥) المصدر : أجسام مختلفة الأشكال والطباع.

١٨٦

فإنّ ذلك إن سلم فلا ريب في أنّها أيضا ممكنة الذّات والصّفات واقعة على بعض الوجوه المحتملة ، فلا بدّ لها من موجد مخصّص مختار واجب الوجود دفعا للدّور والتسلسل.

أو مصدر ميميّ ، جمع لاختلاف الأنواع (١).

وقرأ (٢) حفص : (وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ) على الابتداء والخبر ، فيكون تعميما للحكم بعد تخصيصه. ورفع ابن عامر (الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) أيضا.

(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (١٢) : جمع الآية وذكر العقل ، لأنّها تدلّ أنواعا من الدّلالة ظاهرة (٣) لذوي العقول السّليمة غير محوجة إلى استيفاء (٤) وفكر ، كأحوال النّبات.

(وَما ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ) : عطف على «اللّيل» ، أي : وسخر لكم ما خلق لكم فيها من حيوان ونبات.

(مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ) : أصنافه ، فإنّها تتخالف باللّون غالبا.

(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) (١٣) : أنّ اختلافها في الطّبائع والهيئات والمناظر ليس إلّا بصنع صانع حكيم.

(وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ) : جعله بحيث تتمكّنون من الانتفاع به بالرّكوب والاصطياد والغوص.

(لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا) : هو السّمك.

ووصفه بالطّراوة ، لأنّه أرطب اللّحوم فيسرع إليه الفساد فيسارع إلى أكله ، ولإظهار قدرته في خلقه عذبا طريّا في ماء زعاق.

(وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها) ، كاللّؤلؤ والمرجان.

(وَتَرَى الْفُلْكَ) : السّفن.

(مَواخِرَ فِيهِ) : جواري فيه ، تشقّه بحيزومها. من المخر ، وهو شقّ الماء.

وقيل (٥) : صوت جري الفلك.

(وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) : من سعة رزقه بركوبها للتّجارة.

__________________

(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : النوع.

(٢) أنوار التنزيل ١ / ٥٥٠.

(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : الظاهرة.

(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : استئناف.

(٥) أنوار التنزيل ١ / ٥٥١.

١٨٧

(وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (١٤) ، أي : تعرفون نعم الله ، فتقومون بحقّها.

(وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ) : جبالا ثوابت.

(أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) : كراهة أن تميل بكم وتضطرب.

قيل : وذلك ، لأنّ الأرض قبل أن تخلق فيها الجبال كانت كرة خفيفة بسيطة الطّبع ، وكان من حقّها أن تتحرّك بالاستدارة ، كالأفلاك أو أن تتحرّك بأدنى سبب للتّحريك. فلمّا خلقت الجبال على وجهها ، تفاوتت جوانبها وتوجّهت الجبال بثقلها نحو المركز فصارت ، كالأوتاد الّتي تمنعها عن الحركة.

وقيل (١) : لمّا خلق الله الأرض جعلت تمور ، فقالت الملائكة : ما هي بمقرّ أحد على ظهرها. فأصبحت وقد أرسيت بالجبال.

وفي كتاب معاني الأخبار (٢) ، بإسناده إلى سفيان بن سعيد الثوريّ : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ حديث طويل. يقول فيه ـ عليه السّلام ـ : وأمّا «ق» فهو الجبل المحيط بالأرض وخضرة السّماء منه ، وبه يمسك الله الأرض أن تميد بأهلها.

وفي أصول الكافي (٣) : أحمد بن مهران ، عن محمّد بن عليّ و (٤) محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد جميعا ، عن محمّد بن سنان ، عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : كان أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ باب الله الّذي لا يؤتى إلّا منه ، وسبيله الّذي من سلك بغيره هلك. وكذلك يجري الأئمّة الهدى واحدا بعد واحد ، جعلهم الله أركان الأرض أن تميد بأهلها.

الحسين بن محمّد الأشعريّ (٥) ، عن معلّى بن محمّد ، عن محمّد بن جمهور القمّيّ ، عن محمّد بن سنان قال : حدّثنا المفضّل قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول.

وذكر ، كالحديث السّابق.

عليّ بن محمّد (٦) ومحمّد بن الحسين (٧) ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن الوليد ، شباب الصّيرفي قال : حدّثنا سعيد الأعرج ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ. ثمّ ذكر مثله

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٥٥١.

(٢) المعاني / ٢٢ ـ ٢٣ ، ضمن ح ١.

(٣) الكافي ١ / ١٩٦ ، ح ١.

(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : بن.

(٥) الكافي ١ / ١٩٧ ، ذيل ح ١.

(٦) نفس المصدر والموضع ، ح ٢.

(٧) المصدر : الحسن.

١٨٨

ـ أيضا ـ.

محمّد بن يحيى (١) وأحمد بن محمّد جميعا ، عن محمّد بن الحسين ، عن عليّ بن حسّان قال : حدّثني أبو عبد الله الرّياحيّ ، عن أبي الصّامت الحلوانيّ (٢) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ. ثمّ ذكر مثله ـ أيضا ـ بتغيير يسير.

وهذه الأحاديث الأربعة طويلة أخذت منها موضع الحاجة.

وفي كتاب الخصّال (٣) : عن الصّادق ، عن أبيه ، عن جدّه (٤) ـ عليهم السّلام ـ : أنّ النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال : [ما خلق الله ـ عزّ وجلّ ـ خلقا إلّا وقد أمّر عليه اخر يغلبه وذلك] (٥) إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ لمّا خلق البحار فخرت وزخرت وقالت : أيّ شيء يغلبني؟ فخلق الله الفلك فأدارها به وذلّلها. ثمّ أنّ الأرض فخرت وقالت : أيّ شيء يغلبني؟ فخلق الله الجبال فأثبتها في ظهرها أوتادا منعها من أن تميد بأهلها ، وذلّت (٦) الأرض واستقرّت.

وفي كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة (٧) ، بإسناده إلى أبي هراسة : عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : لو أنّ الإمام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها ، كما يموج البحر بأهله.

وبإسناده (٨) إلى إبراهيم بن أبي محمود قال : قال الرّضا ـ عليه السّلام ـ ولا تخلو الأرض من قائم منّا ظاهر أو خاف (٩). ولو خلت يوما بغير حجّة لماجت بأهلها ، كما يموج البحر بأهله.

وبإسناده (١٠) له آخر إلى أبي هراسة : عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : لو أنّ الإمام رفع من الأرض لماجت بأهلها ، كما يموج البحر بأهله.

وبإسناده (١١) إلى سليمان بن مهران الأعمش : عن الصّادق ، جعفر بن محمّد ، عن

__________________

(١) الكافي ١ / ١٩٧ ، ح ٣.

(٢) كذا في المصدر وجامع الرواة ٢ / ٣٩٤. وفي النسخ : أبي الصلت الحلوائيّ.

(٣) الخصال ١ / ٤٤٢ ، صدر ح ٣٤.

(٤) ليس في المصدر : عن جدّه.

(٥) من المصدر.

(٦) المصدر : منعها أن تميد بما عليها ، فذلّت.

(٧) كمال الدين ١ / ٢٠٢ ، ح ٣.

(٨) كمال الدين ١ / ٢٠٢ ، ح ٦.

(٩) كذا في المصدر. وفي النسخ : خفيّ.

(١٠) نفس المصدر والمجلّد / ٢٠٣ ، ح ٩.

(١١) كمال الدين ١ / ٢٠٧ ، ح ٢٢.

١٨٩

أبيه ، محمّد بن عليّ ، عن أبيه ، عليّ بن الحسين ـ عليهم السّلام ـ حديث طويل. يقول فيه : وبنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها (١).

وبإسناده (٢) إلى الحسين بن عليّ بن أبي حمزة الثّماليّ : عن أبيه ، عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ ، جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن آبائه ـ عليهم السّلام ـ ، عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : وبهم يمسك الله ـ عزّ وجلّ ـ السّماء أن تقع على الأرض إلّا بأذنه ، وبهم يحفظ الأرض أن تميد بأهلها.

ويروى (٣) في الأخبار الصّحيحة عن أئمّتنا ـ عليهم السّلام ـ : أنّ من رأى رسول الله أو واحدا من الأئمّة ـ صلوات الله عليهم ـ قد دخل مدينة أو قرية في منامه ، فإنّه أمن لأهل تلك المدينة أو القرية ممّا يخافون ويحذرون ، وبلوغ لما يأملون ويرجون.

(وَأَنْهاراً) : وجعل فيها أنهارا. لأنّ «ألقى» فيه معناه.

(وَسُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (١٥) : لمقاصدكم ، أو إلى معرفة الله ـ تعالى ـ.

(وَعَلاماتٍ) : معالم يستدلّ بها السّابلة ، من جبل ومنهل وريح ونحوها.

(وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) (١٦) : باللّيل في البراري والبحار. والمراد بالنّجم : الجنس. ويدلّ عليه قراءة : «وبالنّجم» بضمّتين ، وضمّة وسكون على الجمع.

وقيل (٤) : الثّريّا ، والفرقدان ، وبنات نّعش ، والجدي.

قيل (٥) : ولعلّ الضّمير لقريش ، لأنّهم كانوا كثير الأسفار للتّجارة مشهورين بالاهتداء في مسايرهم بالنّجوم.

وإخراج الكلام عن سنن الخطاب وتقديم النّجم وإقحام الضّمير ، للتّخصيص ، كأنّه قيل : وبالنّجم هؤلاء خصوصا يهتدون. فالاعتبار بذلك والشّكر عليه ألزم لهم وأوجب عليهم.

وفي أصول الكافي (٦) : الحسين بن محمّد الأشعريّ ، عن معلّى بن محمّد ، عن أبي داود المسترق قال : حدّثنا داود الجصّاص قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ).

__________________

(١) بعض نسخ المصدر : أن تمور بأهلها.

(٢) نفس المصدر والمجلّد / ٢٥٩ ، ذيل ح ٣.

(٣) كمال الدين ١ / ٢١٠.

(٤ و ٥) أنوار التنزيل ١ / ٥٥١.

(٦) الكافي ١ / ٢٠٦ ، ح ١.

١٩٠

قال : النجم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ. و «العلامات» الأئمّة ـ عليهم السّلام ـ.

الحسين بن محمّد (١) ، عن معلى بن محمّد ، عن الوشّاء ، عن أسباط بن سالم قال : سأل الهيثم أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ وأنا عنده عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ).

[فقال : رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ النّجم. و «العلامات» الأئمّة ـ عليهم السّلام ـ.

الحسين بن محمّد (٢) ، عن معلى بن محمد عن الوشاء قال : سألت الرّضا ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ)] (٣).

قال : نحن العلامات ، والنّجم رسول الله.

وفي كتاب المناقب (٤) لابن شهر آشوب : داود الجصّاص ، عن الصّادق. والوشّاء عن الرّضا ـ عليهما السّلام ـ : «النّجم» رسول الله. و «العلامات» الأئمّة.

عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ : قال النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ لعليّ ـ عليه السّلام ـ : أنت نجم بني هاشم.

وعنه (٥) قال ـ عليه السّلام ـ : أنت أحد العلامات.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٦) : حدّثني أبي ، عن النّضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان ، عن معلى بن خنيس ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : «النّجم» رسول الله. و «العلامات» الأئمّة ـ عليهم السّلام ـ.

حدّثني (٧) أبي ، عن الحسين بن خالد ، عن أبي الحسن الرّضا ـ عليه السّلام ـ قال : قلت له : (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ).

قال : «النّجم» رسول الله. وقد سمّاه الله ـ عزّ وجلّ ـ في غير موضع ، فقال : (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى). وقال : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ). فالعلامات الأوصياء ،

__________________

(١) الكافي ١ / ٢٠٧ ، ح ٢.

(٢) نفس المصدر والموضع ، ح ٣.

(٣) من المصدر.

(٤) المناقب ٤ / ١٧٨.

(٥) نفس المصدر والموضع.

(٦) تفسير القمّي ١ / ٣٨٣.

(٧) تفسير القمّي ٢ / ٣٤٣.

١٩١

والنّجم رسول الله.

والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

وفي مجمع البيان (١) : وروى أبو الجارود ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ (٢) : إنّ الله جعل النّجوم أمانا لأهل السّماء ، وجعل أهل بيتي أمانا لأهل الأرض.

وفي أمالي شيخ الطّائفة (٣) ـ قدّس سرّه ـ بإسناده إلى أبي بصير : عن أبي عبد الله ، جعفر بن محمّد ـ عليهما السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ).

قال : «النّجم» رسول الله.

و «العلامات» الأئمّة ـ عليهم السّلام ـ.

وفي تفسير العيّاشي (٤) : عن المفضّل بن صالح ، عن بعض أصحابه ، عن أحدهما ـ عليهما السّلام ـ في قوله : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ).

قال : هو أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ.

عن محمّد بن الفضيل (٥) ، عن أبي الحسن ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ تعالى ـ : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ).

قال : نحن العلامات. والنجم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.

[عن إسماعيل بن أبي زياد (٦) ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ :] (٧) (وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ). قال : هو الجدي. لأنّه نجم لا يزول ، وعليه بناء القبلة ، وبه يهتدون أهل البرّ والبحر.

[عن إسماعيل بن أبي زياد (٨) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قوله : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ).

__________________

(١) المجمع ٣ / ٣٥٤.

(٢) المصدر : وقال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ نحن العلامات والنجم رسول الله وقال» بدل «وروى ... قال رسول الله صلّى الله عليه وآله».

(٣) أمالي الطوسي ١ / ١٦٤.

(٤) تفسير العياشي ٢ / ٢٥٥ ، ح ٧.

(٥) نفس المصدر والموضع ، ح ١٠.

(٦) تفسير العياشي ٢ / ٢٥٦ ، ح ١٢.

(٧) من المصدر.

(٨) نفس المصدر والموضع ، ح ١٣.

١٩٢

قال : ظاهر وباطن الجدي وعليه تبنى القبلة وبه يهتدي أهل البرّ والبحر لأنه] (١) لا يزول. يعني معناه : الظاهر الجدي ، والباطن رسول الله.

(أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ) : إنكار بعد إقامة الدلائل المتكاثرة على كمال قدرته ، وتناهي حكمته ، والتفرّد بخلق ما عدّد من مبدعاته (٢) لأنّ يساويه ويستحقّ مشاركته ما لا يقدر على خلق شيء من ذلك ، بل على إيجاد شيء ما. وكان حقّ الكلام : أفمن لا يخلق ، كمن يخلق. لكنّه عكس تنبيها على أنّهم بالإشراك بالله ـ سبحانه وتعالى ـ جعلوه من جنس المخلوقات ، فحصل التّشابه ، وجاز جعل كلّ منهما مشبّها بها.

والمراد بمن «لا يخلق» : كلّ ما عبد من دون الله ، مغلّبا فيه أولو العلم منهم. أو الأصنام ، وأجروها مجرى أولي العلم ، لأنّهم سمّوها آلهة ومن حقّ الإله أن يعلم. أو للمشاكلة بينه وبين من يخلق. أو للمبالغة ، وكأنّه قيل : إنّ من يخلق ليس كمن لا يخلق من أولي العلم ، فكيف بما لا علم عنده.

(أَفَلا تَذَكَّرُونَ) (١٧) : فتعرفوا فساد ذلك. فإنّه لجلائه ، (٣) ، كالحاصل للعقل الّذي يحضر عنده بأدنى تذكّر والتفات.

(وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها) : لا تضبطوا عددها ، فضلا أن تطيقوا القيام بشكرها. أتبع ذلك تعداد النّعم وإلزام الحجّة على تفرّده باستحقاق العبادة ، تنبيها على أنّ وراء ما عدّد نعما لا تنحصر ، وأنّ حقّ عبادته غير مقدور.

(إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ) : حيث يتجاوز عن تقصيركم في أداء شكرها.

(رَحِيمٌ) (١٨) : لا يقطعها لتفريطكم فيه ، ولا يعاجلكم فيه بالعقوبة على كفرانها.

(وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ) (١٩) : من عقائدكم وأعمالكم. وهو وعيد وتزييف للشّرك باعتبار العلم.

(وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) ، أي : والآلهة الّذين تعبدونهم من دونه.

وقرأ (٤) أبو بكر : «يدعون» بالياء.

وقرأ (٥) حفص ثلاثتها ، بالياء.

__________________

(١) ليس في ب.

(٢) ب : مبتدعاته.

(٣) أ ، ب : بجلاله.

(٤ و ٥) أنوار التنزيل ١ / ٥٥٢.

١٩٣

(لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً) : لمّا نفى المشاركة بين من يخلق وبين من لا يخلق ، بيّن أنّهم لا يخلقون شيئا ، ليتّضح أنّهم لا يشاركونه. ثمّ أكّد ذلك بأن أثبت لهم صفات تنافي الألوهيّة ، فقال : (وَهُمْ يُخْلَقُونَ) (٢٠) : لأنّهم ذوات ممكنة ، مفتقرة الوجود إلى التّخليق. والإله ينبغي أن يكون واجب الوجود.

(أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ) : أموات لا تعتريهم الحياة. أو أموات حالا أو مآلا غير أحياء بالذّات ، ليتناول كلّ معبود. والإله ينبغي أن يكون حيّا بالذّات لا يعتريه الممات.

(وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) (٢١) : ولا يعلمون وقت بعثهم أو بعث عبدتهم ، فكيف يكون لهم وقت جزاء على عبادتهم. والإله ينبغي أن يكون عالما بالغيوب ، مقدّر للثّواب والعقاب.

(إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) : تكرير للمدّعي بعد إقامة الحجّة.

(فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) (٢٢) : بيان لما اقتضى إصرارهم بعد وضوح الحقّ ، وذلك عدم إيمانهم بالآخرة. فإنّ المؤمن بها يكون طالبا للدّلائل متأمّلا فيما يسمع فينتفع به ، والكافر بها يكون حاله بالعكس. وإنكار قلوبهم ما لا يعرف إلّا بالبرهان اتّباعا للأسلاف وركونا إلى المألوف ، فإنّه ينافي النّظر والاستكبار عن اتّباع الرّسول وتصديقه والالتفات إلى قوله. والأوّل هو العمدة في الباب ، فلذلك رتّب عليه ثبوت الآخرين.

(لا جَرَمَ) : حقّا.

(أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ) : فيجازيهم. وهو في موضع الرّفع «بجرم». لأنّه مصدر ، أو فعل.

(إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ) (٢٣) : فضلا عن الّذين استكبروا عن توحيده واتّباع رسوله.

وفي تفسير العيّاشي (١) : عن جابر ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : سألته عن هذه الآية.

قال : (الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) الأوّل والثّاني والثّالث ، كذّبوا رسول الله بقوله : والوا عليّا واتّبعوه. فعادوا عليّا ولم يوالوه ، ودعوا النّاس إلى ولاية أنفسهم. فذلك

__________________

(١) تفسير العياشي ٢ / ٢٥٦ ـ ٢٥٧ ، ح ١٤.

١٩٤

قول الله : (الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ). قال : وأمّا قوله : (لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً) فإنّه يعني : لا يعبدون شيئا. (وَهُمْ يُخْلَقُونَ) فإنّه يعني : وهم يعبدون.

وأمّا قوله : (أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ) ، [يعني كفار غير احياء] (١) يعني : كفّار غير مؤمنين.

وأمّا قوله : (وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) فإنّه يعني : أنّهم لا يؤمنون ، أنّهم يشركون (إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ). فإنّه ، كما قال الله.

وأمّا قوله : (فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) [فإنّه يعني : لا يؤمنون] (٢) بالرّجعة أنّها حقّ.

وأمّا قوله : (قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ) [فإنّه] (٣) يعني : قلوبهم كافرة.

وأمّا قوله : (وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) فإنّه يعني : عن ولاية عليّ ـ عليه السّلام ـ [مستكبرون. قال الله لمن فعل ذلك ، وعيدا منه. (لا جَرَمَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ) عن ولاية علي ـ عليه السّلام ـ] (٤).

عن أبي حمزة الثّماليّ (٥) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ مثله سواء.

عن مسعدة (٦) قال : مرّ الحسين بن عليّ ـ عليه السّلام ـ بمساكين قد بسطوا كساء لهم ، فألقوا عليه كسرا.

فقالوا : هلمّ ، يا ابن رسول الله.

فثنى وركه ، فأكل معهم. ثمّ تلا : (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ).

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٧) : حدّثني جعفر بن أحمد قال : حدّثنا عبد الكريم بن عبد الرّحيم ، عن محمّد بن عليّ ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي حمزة الثّماليّ قال : سمعت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ يقول في قوله ـ تعالى ـ : (فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) ، يعني : أنّهم لا يؤمنون بالرّجعة أنّها حق. (قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ) ، يعني : أنّها كافرة. (وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) ، يعني : أنّهم عن ولاية عليّ مستكبرون. (لا جَرَمَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ) عن ولاية عليّ ـ عليه السّلام ـ.

__________________

(١) ليس في المصدر.

(٢ و ٣) من المصدر.

(٤) ليس في ب.

(٥) تفسير العياشي ٢ / ٢٥٧.

(٦) نفس المصدر والموضع ، ح ١٥.

(٧) تفسير القمّي ١ / ٣٨٣.

١٩٥

وفي روضة الكافي (١) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمّد ، [وعلي بن محمد ، عن القاسم بن محمد] (٢) عن سليمان بن داود المنقريّ ، عن حفص بن غياث ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قال : ومن ذهب يرى أنّ له على الآخر فضلا ، فهو من المستكبرين.

فقلت له : إنّما يرى أنّ له عليه فضلا بالعافية (٣) إذا رآه مرتكبا للمعاصي.

قال : هيهات هيهات ، فلعلّه أن يكون قد غفر له ما أتى وأنت موقوف تحاسب (٤).

أما تلوت قصّة سحرة موسى ـ صلوات الله عليه ـ.

والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ) : القائل بعضهم على التّهكّم. أو الوافدون عليهم. أو المسلمون.

(قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (٢٤) ، أي : ما تدّعون نزوله ، أو المنزل أساطير الأوّلين. وإنّما سمّوه : منزلا ، على التّهكّم. أو على الفرض ، أي : على تقدير أنّه منزل ، فهو أساطير الأوّلين لا تحقيق فيه. والقائلون له قيل (٥) : هم المقتسمون.

(لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ) ، أي : قالوا ذلك إضلالا للنّاس ، فحملوا أوزار ضلالهم كاملة. فإنّ إضلالهم نتيجة رسوخهم في الضّلال.

(وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ) : وبعض أوزار ضلال من يضلّونهم. وهو حصّة التّسبّب.

(بِغَيْرِ عِلْمٍ) : حال من المفعول ، أي : يضلّون من لا يعلم أنّهم ضلّال. وفائدتها الدّلالة على أنّ جهلهم لا يعذرهم ، إذ كان عليهم أن يبحثوا ويميّزوا بين المحقّ والمبطل.

(أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ) (٢٥) : بئس شيئا يزرونه فعلهم.

وفي تفسير العيّاشي (٦) : عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : نزّل جبرئيل ـ عليه السّلام ـ هذه الآية هكذا : وإذا قيل لهم ما ذا أنزل ربكم في علي قالوا أساطير الأولين (لِيَحْمِلُوا) ، يعني : بني إسرائيل.

__________________

(١) الكافي ٨ / ١٢٨ ، ضمن ح ٩٨.

(٢) يوجد في المصدر مع المعقوفتين.

(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : بالعاقبة.

(٤) المصدر : محاسب.

(٥) أنوار التنزيل ١ / ٥٥٣.

(٦) تفسير العياشي ٢ / ٢٥٧ ، ح ١٧.

١٩٦

[عن جابر ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قوله : وإذا قيل لهم ما ذا أنزل ربكم في علي قالوا أساطير الأولين ، يعني : بني إسرائيل.] (١).

عن جابر (٢) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قوله : وإذا قيل لهم ما ذا أنزل ربكم في علي قالوا أساطير الأولين سجع (٣) أهل الجاهليّة في جاهليّتهم. فذلك قوله : (أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ).

وأمّا قوله : (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ) فانّه يعني : ليستكملوا (٤) الكفر يوم القيامة.

وأمّا قوله : (وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ) ، يعني : يتحمّلون كفر الّذين يتولّونهم. قال الله : (أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ).

[عن أبي حمزة (٥) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قوله : (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ) ، يعني ليستكملوا (٦) الكفر يوم القيامة (وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ) ، يعني : كفر الّذين يتولّونهم (٧) قال الله ـ تعالى ـ : (أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ)] (٨).

وفي تفسير علي بن إبراهيم : قال : يحملون آثامهم ، يعني : الّذين غصبوا أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ وآثام كلّ من اقتدى بهم. وهو قول الصادق ـ عليه السّلام ـ : والله ما أهريقت محجمة (٩) من دم ولا قرع عصا بعصا ولا غصب فرج حرام ولا أخذ مال من غير حلّه ، إلّا ووزر ذلك في أعناقهما (١٠) من غير أن ينقص من أوزار العاملين شيء.

حدّثني (١١) أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن درّاج ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : خطب أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ بعد ما بويع له بخمسة أيّام خطبة.

فقال فيها : اعلموا أنّ لكلّ حقّ طالبا ولكلّ دم ثائرا (١٢). والطّالب [بحقّنا] (١٣) ، كقيام الثّائر

__________________

(١) الظاهر أنّه زائد ولا يوجد في تفسير العياشي ونور الثقلين.

(٢) تفسير العياشي ٢ / ٢٥٧ ، ح ١٨.

(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : شجع.

(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : كمّلوا.

(٥) تفسير العياشي ٢ / ٢٥٧ ، ح ١٦.

(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : ليحملوا.

(٧) يتلونهم.

(٨) ليس في أ ، ب. (٩) كذا في المصدر. وفي النسخ : لمحجمة.

(١٠) كذا في المصدر. وفي النسخ : أعناقها. (١١) تفسير القمّي ١ / ٣٨٤.

(١٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : ثارا. (١٣) يوجد في المصدر مع المعقوفتين.

١٩٧

بدمائنا (١). والحاكم في حقّ نفسه ، هو العادل الّذين لا يحيف. والحاكم الّذي لا يجور ، فهو الله الواحد القهّار. واعلموا أنّ على كلّ شارع بدعة وزره ووزر كلّ مقتد من بعده ، من غير أن ينقص من أوزار العاملين شيء. وسينتقم الله من الظلمة ، مأكلا بمأكل ومشربا بمشرب ، من لقم العلقم (٢) ومشارب الصبر (٣) الأدهم. فليشربوا بالصّلب (٤) من الرّاح السّمّ المذاق ، وليلبسوا دثار الخوف دهرا طويلا ، ولهم بكلّ ما أتوا وعملوا من أفاويق الصّبر الأدهم فوق ما أتوا وعملوا. أما إنّه لم يبق إلّا الزّمهرير من شتائهم (٥) ، وما لهم من الصّيف إلّا رقدة. ويحهم (٦) ما تزوّدوا (٧) وحملوا (٨) على ظهورهم من الآثام ، فيا مطايا الخطايا ويا زور الزّور (٩) وأوزار الآثام (١٠) مع الّذين ظلموا.

اسمعوا واعقلوا وتوبوا وابكوا على أنفسكم ف (سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ). فأقسم ثمّ أقسم ليتحمّلنّها بنو أميّة من بعدي وليعرفنّها في دار غيرهم عمّا قليل ، فلا يبعد الله إلّا من ظلم وعلى البادي ، يعني : الأوّل ، ما سهل (١١) ، لهم من سبل الخطايا ، مثل أوزارهم وأوزار كلّ من عمل بوزرهم إلى يوم القيامة. (وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ).

وفي مجمع البيان (١٢) : روي عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّه قال : أيّما داع دعا إلى الهدى فاتّبع ، فله مثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيء. وأيّما داع دعا إلى ضلالة فاتّبع ، عليه مثل أوزار من اتّبعه من غير أن ينقص من أوزارهم.

(قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) ، أي : سوّوا منصوبات وحيلا ليمكروا بها رسل الله.

(فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ) : فأتاها أمره من جهة العمد الّتي بنوا عليها بأن ضعضعت.

__________________

(١) ليس في ب : الثائر بدمائنا.

(٢) العلقم : الحنظل وكل شجر مرّ.

(٣) الصبر : عصارة شجر مرّ.

(٤) ب : بالصليب. والمصدر : بالصب.

(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : اشتائهم.

(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : وتحسبهم.

(٧) ب : زودوا.

(٨) المصدر : جمعوا.

(٩) بعض نسخ المصدر : ويا رزء الزور.

(١٠) المصدر : وزاد الآثام.

(١١) كذا في المصدر. وفي النسخ : فأسهل.

(١٢) المجمع ٣ / ٣٥٦.

١٩٨

(فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ) : فصار سبب هلاكهم.

(وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ) (٢٦) : لا يحتسبون ولا يتوقّعون.

قيل (١) : هو على سبيل التّمثيل. وفي الأمثال : من حفر لأخيه جبّا ، وقع فيه منكبّا.

وقيل (٢) : المراد به : نمرود بن كنعان. بنى الصّرح ببابل سمكه خمسة آلاف (٣) ذراع ليترصّد أمر السّماء ، فأهبّ الله الرّيح فخرّ عليه وعلى قومه ، فهلكوا.

وفي تفسير العيّاشي (٤) : عن الحسن (٥) بن زياد الصّيقل ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سمعته يقول : (قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) ولم يعلم الّذين آمنوا (فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ).

قال محمّد بن كليب (٦) ، عن أبيه قال : إنّما كان بيتا.

عن محمّد بن مسلم (٧) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : (فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ).

قال : كان بيت غدر يجتمعون فيه إذا أرادوا الشّرّ.

عن أبي السّفاتج (٨) ، [عن كليب] (٩) عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سألته عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ). قال : [لا] (١٠) فأتى الله بيتهم من القواعد ، وإنّما كان بيتا.

وفي مجمع البيان (١١) : وروي عن أهل البيت ـ عليهم السّلام ـ فأتى الله بيتهم (١٢) من القواعد.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١٣) : حدّثني أبي ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن أبي أيّوب ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قوله : (قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ)

__________________

(١ و ٢) أنوار التنزيل ١ / ٥٥٣.

(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : الآلف.

(٤) تفسير العياشي ٢ / ٢٥٨ ، ح ٢٢.

(٥) كما في جامع الرواة ١ / ١٩٩. وفي المصدر : الحسين.

(٦) تفسير العياشي ٢ / ٢٥٨ ، ح ٢٢.

(٧) نفس المصدر والموضع ، ح ٢٣.

(٨) نفس المصدر والموضع ، ح ٢١.

(٩ و ١٠) من المصدر.

(١١) المجمع ٣ / ٣٥٦.

(١٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : بنيانهم.

(١٣) تفسير القمّي ١ / ٣٨٤.

١٩٩

(الآية). قال بيت (١) مكرهم ، أي : ماتوا فألقاهم الله في النّار. وهو مثل لأعداء آل محمّد ـ عليهم السّلام ـ.

وفي كتاب التّوحيد (٢) ، حديث طويل عن عليّ ـ عليه السّلام ـ. يقول فيه وقد سأله رجل عمّا اشتبه عليه من الآيات : وكذلك إتيانه (٣) بنيانهم. قال ـ عزّ وجلّ ـ : (فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ). فإتيانه [بنيانهم] (٤) من القواعد إرسال العذاب [عليهم] (٥).

وفي كتاب الخصال (٦) : عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قام رجل إلى أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ في الجامع بالكوفة. فقال : يا أمير المؤمنين ، أخبرني عن يوم الأربعاء والتّطيّر منه وثقله. وأيّ أربعاء هو؟

فقال ـ عليه السّلام ـ : آخر أربعاء في الشّهر ، وهو المحاق ، وفيه قتل قابيل هابيل أخاه. ويوم الأربعاء القي إبراهيم في النّار. ويوم الأربعاء خر (عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ). (الحديث).

وفي عيون الأخبار (٧) ، مثله سواء.

(ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُخْزِيهِمْ) : يذلّهم. أو يعذّبهم بالنّار ، لقوله : (رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ).

(وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ) : أضافه إلى نفسه استهزاء ، أو حكاية لإضافتهم زيادة في توبيخهم.

(الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ) : تعادون المؤمنين في شأنهم.

وقرأ (٨) نافع ، بكسر النّون ، بمعنى : أي تشاقّونني فإن مشاقّة المؤمنين ، كمشاقّة الله.

(قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ).

قيل (٩) : أي : الأنبياء ، أو العلماء الّذين كانوا يدعونهم إلى التّوحيد فيشاقّونهم

__________________

(١) المصدر : ثبت.

(٢) التوحيد / ٢٦٦ ، ذيل ح ٥.

(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : آتيناه.

(٤) من المصدر.

(٥) من المصدر.

(٦) الخصال ٢ / ٣٨٨ ، ح ٧٨.

(٧) العيون ١ / ٢٤٧ ، ذيل ح ١.

(٨) أنوار التنزيل ١ / ٥٥٣.

(٩) نفس المصدر والموضع.

٢٠٠