تاريخ مدينة دمشق - ج ١٦

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ١٦

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٦٨
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

إبراهيم ، أنا أبو العباس بن قتيبة ، نا حرملة ، نا ابن وهب ، أنا حمزة قال : سمعت يزيد بن أبي حبيب يقول : أخبرني أبو عمران قال : لم يزل أبو أيوب يجاهد في سبيل الله حتى دفن بالقسطنطينية (١).

أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمّد قالت : أنا أبو طاهر بن محمود ، أنا محمّد بن إبراهيم ، نا محمّد بن جعفر ، نا عبيد الله ، نا عمي ، نا أبي ، عن ابن شهاب ، أخبرني محمود بن الربيع قال : توفي أبو أيوب في غزوة عمورية ، ويزيد بن معاوية عليهم في أرض الروم ، ومات أبو أيوب في سنة ثنتين وخمسين بالقسطنطينية (٢).

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا محمّد بن العبّاس ، أنا أحمد بن معروف ، أنا الحسين بن محمّد ، نا محمّد بن سعد (٣) ، أنا محمّد بن عمر قال : وتوفي أبو أيوب عام غزا يزيد بن معاوية القسطنطينية (٤) في خلافة أبيه معاوية بن أبي سفيان سنة اثنتين وخمسين ، وصلّى عليه يزيد بن معاوية ، وقبره بأصل حصن القسطنطينية (٥) بأرض الروم ، فلقد بلغني أن الروم يتعاهدون قبره ويرمّونه ويستسقون به إذا قحطوا.

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا أبو الحسن رشأ بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، نا أحمد بن علي المقرئ ، نا الأصمعي ، عن أبيه ، عن جده : أن أبا أيوب الأنصاري ـ وهو خالد بن زيد ـ غزا بلاد الروم ، فمات بالقسطنطينية (٦) ، فقبر مع سور المدينة ، وبني عليه ، فلما أصبحوا أشرف عليهم الروم ، فقالوا : يا معشر العرب قد كان لكم الليلة شأن ، فقالوا : مات رجل من أكابر (٧) أصحاب نبينا صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والله لئن نبش لأضرب بناقوس في بلاد العرب ، فكان الروم إذا أمحلوا اكشفوا (٨) عن قبره فأمطروا.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ـ بقراءتي عليه ـ نا عبد العزيز بن أحمد ، أنا أبو

__________________

(١) الأصل : بالقسطنطينة.

(٢) الأصل : بالقسطنطينة.

(٣) طبقات ابن سعد ٣ / ٤٨٥.

(٤) بالأصل «القسطنطينة» والمثبت عن ابن سعد.

(٥) الأصل : القسطنطينة.

(٦) الأصل : بالقسطنطينة.

(٧) عن هامش الأصل وبجانبها كلمة صح.

(٨) كذا وفي م : «كشفوا».

٦١

محمّد بن أبي نصر ، أنا أبو القاسم بن أبي العقب ، أنا أحمد بن إبراهيم القرشي ، نا محمّد بن عائذ (١) ، نا الوليد بن لهيعة ، عن يزيد ـ يعني ابن أبي حبيب ـ عن أبي عمران التجيبي ، قال : فلم يزل أبو أيوب يجاهد في سبيل الله حتى غزا القسطنطينية (٢) ، وتوفي بها ، فدفن بها.

قال : ونا ابن عائذ ، نا الوليد ، نا إبراهيم بن محمّد ، عن الأعمش ، عن أبي ظبيان ، قال : أوصى أبو أيوب أن يدفن إلى جانب القسطنطينية (٣) ، فناهضنا المدينة حتى دنونا منها ، ثم دفناه تحت أقدامنا.

قال : ونا الوليد ، نا غير واحد منهم أبو سعيد المعيطي أن أهل القسطنطينية (٤) قالوا ليزيد ومن معه : ما هذا ننبشه غدا ، قال يزيد : ذا صاحب نبينا صلى‌الله‌عليه‌وسلم أوصى بهذا لئلا يكون أحد من المجاهدين ، ومن مات في سبيل الله أقرب إليكم منه ، لئن فعلتم لأنزلن كل جيش بأرض العرب ، ولأهدمنّ كل كنيسة ، قالوا : إنما أردنا أن نعرف مكانه منكم لنكرمنه لصحبته ومكانه ، قال : فبنوا عليه قبة بيضاء ، وأسرجوا عليه قنديلا ، قال أبو سعيد : وأنا دخلت عليه القبة في سنة مائة ورأيت قنديلها فعرفنا أنه لم يزل يسرج حتى نزلنا بهم.

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، وأبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، قالا : نا وأبو منصور بن زريق ، أنا أبو بكر الخطيب.

ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، قالا : أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب بن سفيان ، نا صفوان بن صالح ، نا الوليد ، نا ابن جابر : أن أبا أيوب لم يقعد عن الغزو في زمان عمر ، وعثمان ، ومعاوية وأنه توفي في غزاة يزيد بن معاوية القسطنطينية.

قال الوليد : فحدّثني شيخ من أهل فلسطين أنه رأى بنية بيضاء دون حائط القسطنطينية ، قال الوليد : هذا قبر أبي أيوب الأنصاري ، صاحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأتيت تلك البنية فرأيت قبره في تلك البنية وعليه قنديل معلق بسلسلة (٥).

__________________

(١) بالأصل : عائد ، بالدال المهملة.

(٢) الأصل : القسطنطينة.

(٣) الأصل : القسطنطينة.

(٤) الأصل : القسطنطينة.

(٥) الخبر في تاريخ بغداد ١ / ١٥٤ ونقله ابن العديم في بغية الطلب ٧ / ٣٠٣٤.

٦٢

أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنا أبو القاسم بن عتّاب ، أنا أحمد بن عمير ـ إجازة ـ.

ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّوسي ، أنا أبو عبد الله بن أبي الحديد ، أنا علي بن الحسن أبو الحسن الرّبعي.

وأخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا وأبو منصور بن زريق ، أنا أبو بكر الخطيب (١) ، أنا أبو القاسم علي بن الفضل بن طاهر بن الفرات إمام الجامع بدمشق ، قالا : أنا عبد الوهاب بن الحسن الكلابي ، نا أحمد بن عمير بن يوسف قال : سمعت أبا الحسن محمود بن إبراهيم بن عيسى (٢) بن سميع يقول : وأبو أيوب خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة ـ زاد ابن البنّا وابن السوسي : بن عمرو بن عبد عوف بن غنم ، وقالوا : ـ بدري من بني النجّار ، قبره بالقسطنطينية (٣).

أخبرنا أبو غالب بن الماوردي ، أنا أبو الحسن السيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى بن زكريا ، نا خليفة بن خيّاط (٤) ، قال : وفيها ـ يعني سنة خمسين ـ مات أبو أيوب الأنصاري بأرض الروم ، [قال : مات سنة إحدى وخمسين](٥).

قرأت على أبي محمّد عبد الكريم بن حمزة ، عن أبي محمّد عبد العزيز بن أبي طاهر ، أنا مكي بن محمّد بن الغمر ، أنا أبو سليمان بن زبر ، قال : قال الهيثم بن عدي والمدائني : وفي سنة خمسين غزا يزيد بن معاوية أرض الروم وكان معه في الغزو أبو أيوب الأنصاري خالد بن زيد ، فمات بأرض الروم ، قال : وذكر الواقدي أن فيها ـ يعني سنة اثنتين وخمسين ـ مات أبو أيوب الأنصاري ، واسمه خالد بن زيد بن كليب بالقسطنطينية (٦) ، وذكر ابن زبر : أن قول الهيثم والمدائني أخبره به أبوه ، عن أحمد بن عبيد عنهما.

__________________

(١) تاريخ بغداد ١ / ١٥٤.

(٢) تاريخ بغداد : ابن عيسى بن القاسم بن سميع.

(٣) الأصل : بالقسطنطينة.

(٤) انظر تاريخ خليفة ص ٢١١ حوادث سنة ٥٠.

(٥) كذا العبارة ما بين المعقوفتين بالأصل ، ولم يرد في تاريخ خليفة له ذكر في حوادث سنة ٥١ ، وقد مرّ أنه مات سنة خمسين ، انظر الحاشية السابقة وفي م كالأصل.

(٦) الأصل : بالقسطنطينة.

٦٣

أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو الحسن بن لؤلؤ ، أنا أبو بكر محمّد بن الحسين بن شهريار ، نا أبو حفص الفلاس ، قال : ومات أبو أيوب الأنصاري ، واسمه خالد بن زيد بن كليب بقسطنطينية (١) سنة ثنتين وخمسين.

أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد ، نا وأبو منصور بن زريق ، نا أبو بكر الخطيب (٢) ، أنا أبو حازم العبدوي ، أنا القاسم بن غانم المهلّبي ، أنا محمد بن إبراهيم البوشنجي (٣) ، قال : سمعت يحيى بن عبد الله بن بكير يقول : مات أبو أيوب سنة اثنتين وخمسين.

أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة ، نا أبو بكر الخطيب ح.

وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، قالا : أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب ، قال : قال ابن بكير : وفيها ـ يعني سنة اثنتين وخمسين ـ مات أبو أيوب الأنصاري خالد بن زيد بالقسطنطينية (٤) في البحر في غزوة يزيد بن معاوية.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا محمد بن طاهر ، أنا مسعود بن ناصر ، أنا عبد الملك بن الحسن ، أنا أحمد بن محمد بن الحسين الكلاباذي ، قال : مات أبو أيوب خالد بن زيد في زمن يزيد بن معاوية.

وقال الذّهلي : قال يحيى بن بكير : مات بالقسطنطينية (٥) سنة اثنتين وخمسين في غزوة يزيد بن معاوية.

وزعم مجاهد أنه حضر دفن أبي أيوب بالقسطنطينية (٦).

وقال الواقدي والهيثم بن عدي نحو قول ابن بكير إلى قوله يزيد بن معاوية ، وقال ابن نمير : بأرض الروم في زمن معاوية ، وقال عمرو بن علي وأبو عيسى : مات سنة ثنتين وخمسين ، وقيل : إنه مات سنة خمس وخمسين.

__________________

(١) الأصل : بقسطنطينة.

(٢) تاريخ بغداد ١ / ١٥٤.

(٣) الأصل : البوسنجي ، بالسين المهملة ، والصواب بالشين المعجمة نسبة إلى بوشنج.

(٤) بالأصل : بالقسطنطينة.

(٥) بالأصل : بالقسطنطينة.

(٦) بالأصل : بالقسطنطينة.

٦٤

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا وأبو منصور عبد الرّحمن بن محمّد ، أنا أبو بكر الخطيب (١) ، أنا عبيد الله بن عمر الواعظ ، حدّثني أبي ، نا أبو طالب ـ يعني أحمد بن نصر الحافظ ـ ، نا أبو زرعة ، وهو الدمشقي قال : مات أبو أيوب الأنصاري سنة خمس وخمسين بالقسطنطينية (٢).

١٨٧٧ ـ خالد بن سالم

كان في صحابة عمر بن عبد العزيز وبعثه إلى البصرة ينظر في أمر فارس ، له ذكر.

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف إجازة ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد (٣) ، أنا علي بن محمّد ، عن يحيى بن إسماعيل بن أبي المهاجر ، عن أبيه ، قال : كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطأة : بلغني أن عمالك بفارس يخرصون (٤) الثمار على أهلها ثم يقوّمونها بسعر دون سعر الناس الذي يتبايعون به فيأخذونه ورقا على قيمتهم التي قوّموا ، وإنّ طوائف من الأكراد يأخذون العشر من الطريق ، ولو علمت أنك أمرت بشيء من ذلك أو رضيته بعد علمك به ما ناظرتك إن شاء الله بما تكره ، وقد بعثت بشر بن صفوان ، وعبد الله بن عجلان ، وخالد بن سالم ينظرون في ذلك ، فإن وجدوه حقا ردوا إلى الناس الثمن الذي أخذ منهم وأخذوا بسعر ما باع أهل الأرض عليهم ولا يدّعون شيئا مما بلغني إلّا نظروا فيه ، فلا تعرض لهم.

١٨٧٨ ـ خالد بن سالم

حكى عن مالك بن أنس.

حكى عنه إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني.

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وحدّثني أبو البركات بن أبي طاهر الفقيه عنه ، نا أبو بكر الخطيب ، حدّثني عبد الله بن أبي الفتح ، نا علي بن عمر الحافظ ، نا أبو

__________________

(١) تاريخ بغداد ١ / ١٥٤.

(٢) بالأصل : بالقسطنطينة.

(٣) الخبر في طبقات ابن سعد ٥ / ٣٩٢ في ترجمة عمر بن عبد العزيز.

(٤) يعني يحزرون ما على الشجر من الثمار.

٦٥

عبد الله عبيد الله بن عبد الصمد بن المهتدي بالله ، نا أحمد بن نصر بن شاكر الدمشقي ، نا إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني ، عن خالد بن سالم ، وزيد بن يحيى ، قالا : كنا عند مالك بن أنس فأتاه رجل فقال : يا أبا عبد الله خطب إليّ قدري أفأزوجه؟

فقال مالك : (وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ)(١)

١٨٧٩ ـ خالد بن سعيد بن زيد

كان ممن شهد الفتوح.

أنبأنا أبو القاسم علي وأبو الوحش سبيع بن المسلّم وغيرهما ، قالوا : نا عبد العزيز بن أحمد ، أنا أحمد بن علي بن محمّد الدّولابي الخلّال ، أنا عبد الله بن محمّد بن عبد الغفار البعلبكي ، نا أبو يعقوب إسحاق بن عمار بن جيش ، نا أبو بكر محمّد بن إبراهيم بن مهدي ، نا عبد الله بن ربيعة القدامي ، حدّثني محمّد بن يوسف ، عن سهل بن سعد الأنصاري ، قال : كانت وقعة أجنادين (٢) وقعة عظيمة كانت بالشام وكانت في سنة ثلاث عشرة في جمادى الأولى فذكر بعض أمرها ثم ذكر إغاثة الروم لأهل دمشق حين حصارها ، قال : فتركوا مرج الصّفّر (٣) فصمد المسلمون صمدهم وخرج إليهم أهل القوة من أهل دمشق ، وصحبهم ناس كثير من أهل حمص ، فالقوم نحو من خمسة عشر ألفا ، فلما نظر إليهم خالد عبأ لهم كتعبئة يوم أجنادين فجعل على ميمنته معاذ بن جبل ، وعلى ميسرته هاشم بن عتبة ، وعلى الخيل سعيد بن زيد بن نفيل ، وترك أبا عبيدة في الرجال ، وزحف إليهم فذهب خالد فوقف في أول الصف يريد أن يحرض الناس ثم نظر إلى الصف من أوله إلى آخره فحملت لهم خيل على خالد بن سعيد بن زيد ، وكان واقفا في جماعة من المسلمين في ميمنة الناس يحرّض الناس ويدعو الله عزوجل ثم يقبض عليهم فحملت طائفة منهم عليهم فنازلهم فقاتلهم قتالا شديدا حتى قتل كذا في الكتاب : ابن سعيد بن زيد ، وإنما هو خالد بن سعيد بن العاص ، والله أعلم.

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية : ٢٢١.

(٢) موضع معروف بالشام من نواحي فلسطين.

(٣) ضبطت عن ياقوت ، بنواحي دمشق.

٦٦

١٨٨٠ ـ خالد بن سعيد بن العاص بن أميّة بن عبد شمس

أبو سعيد الأموي (١)

له صحبة وهو قديم الإسلام ، استعمله النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم على صنعاء اليمن ، ووجهه أبو بكر الصّدّيق أميرا على جيش في فتح الشام فواقع الروم (٢) بمرج الصّفّر فقيل إنه قتل به ، وقيل لم يقتل به ، وبقي حتى شهد اليرموك.

روى عنه : سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص مرسلا.

أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد بن محمّد ، أنا شجاع بن علي ، أنا أبو عبد الله بن مندة ، أنا عبد الرّحمن بن صالح (٣) ، وكان من مهاجرة الحبشة هو وأخوه عمرو فلما قدموا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم تلقاهم حين دنوا وذلك بعد بدر بعام فحزنوا أن لا يكونوا شهدوا بدرا ، قال : فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «وما تحزنون؟ إن للناس (٤) هجرة واحدة ولكم هجرتان ، هاجرتم حين خرجتم إلى صاحب الحبشة ، ثم جئتم من عند صاحب الحبشة مهاجرين إليّ» [٣٨٥٦].

أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو الغنائم بن المأمون ، أنا أبو الحسن الدارقطني ، نا القاضي الحسين بن إبراهيم بن إسماعيل وإبراهيم بن حمّاد ح.

وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو القاسم بن البسري ، وأحمد بن محمّد بن إبراهيم ح.

وأخبرنا أبو محمّد بن طاوس ، أنا عاصم بن الحسن ، أنا أبو عمر بن مهدي ، قالا : نا أبو عبد الله المحاملي ، قالا : نا عبد الله بن شبيب ، حدّثني يعقوب بن محمّد ، نا محمّد بن أبي سلمة ، حدّثني إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة ، عن عمه موسى بن عقبة ، قال : سمعت أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص تقول (٥) : لما كان قبيل مبعث

__________________

(١) ترجمته في الاستيعاب ١ / ٣٩٩ هامش الإصابة ، أسد الغابة ١ / ٥٧٤ الإصابة ١ / ٤٠٦ طبقات خليفة رقم ٥٥ الوافي بالوفيات ١٣ / ٢٥٢ سير أعلام النبلاء ١ / ٢٥٩ وانظر بالحاشية فيهما ثبتا بأسماء مصادر أخرى كثيرة ترجمت له.

(٢) الأصل «الزوج» خطأ والصواب ما أثبت عن م وانظر مختصر ابن منظور ٧ / ٣٤٤.

(٣) كذا بالأصل ، وفي السند سقط وبعده في م : الكوفي نا خالد بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص عن خالد بن سعيد بن العاص.

(٤) الأصل «للنساء» والمثبت عن م وانظر مختصر ابن منظور ٧ / ٣٤٤.

(٥) الأصل : يقول.

٦٧

النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بينا خالد بن سعيد ذات ليلة نائم قال : رأيت كأنه غشيت (١) مكّة ـ وقال ابن طاوس : ملأ مكّة ـ ظلمة حتى لا يبصر امرؤ كفّه ، فبينا هو كذلك ، إذ خرج نور ثم علا في السماء ، فأضاء في البيت ثم أضاءت مكّة كلها ، ثم إلى نجد ثم إلى يثرب ، فأضاءها حتى إني لأنظر إلى البسر (٢) في النخل.

قال : فاستيقظت فقصصتها على أخي عمرو بن سعيد وكان جزل (٣) الرأي فقال :

يا أخي ، إن هذا الأمر يكون في بني عبد المطلب ألا ترى أنه خرج من حفيرة أبيهم؟ قال خالد : فإنه لمما هداني الله به للإسلام.

قالت أم خالد : فأول من أسلم أبي وذلك أنه ذكر رؤياه لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا خالد أنا والله ذلك النور ، وأنا رسول الله فقصّ عليه ما بعثه الله به ، فأسلم خالد وأسلم عمرو بعده.

وفي حديث ابن البنّا : قال لنا إبراهيم بن حمّاد : سمعت إبراهيم الأصبهاني يقول وهو الذي انتقى لنا هذا الحديث على ابن شبيب ، فقال محمّد بن أبي سلمة : هذا هو محمّد بن عمر الواقدي.

قال الدارقطني هذا حديث غريب من حديث موسى بن عقبة ، ولم يروه عنه غير محمّد بن أبي سلمة ، وهو الواقدي ، تفرد به يعقوب بن محمّد الزّهري عنه.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا حارث بن أبي أسامة ، أنا أبو عبد الله محمّد بن سعد (٤) ، أنا علي بن محمّد القرشي ، عن سعيد بن خالد وغيره ، عن صالح بن كيسان أن خالد بن سعيد قال : رأيت في المنام قبل مبعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ظلمة غشيت مكة حتى ما أرى جبلا ولا سهلا ، ثم رأيت نورا خرج من زمزم مثل ضوء المصباح كلما ارتفع عظم وسطع حتى ارتفع فأضاء لي أول ما أضاء البيت ، ثم عظم الضوء حتى ما بقي من سهل ولا جبل إلّا وأنا أراه ، ثم سطع في السماء ، ثم انحدر حتى أضاء لي نخل يثرب فيها البسر ،

__________________

(١) الأصل : غشية والمثبت عن م.

(٢) البسر : واحدته : بسرة ، وهو التمر قبل إرطابه.

(٣) يقال : جزل فلان صار ذا رأي جيد (قاموس محيط).

(٤) طبقات ابن سعد ١ / ١٦٦ في ذكر علامات النبوة في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قبل أن يوحى إليه.

٦٨

وسمعت قائلا يقول في الضوء : سبحانه سبحانه تمت الكلمة وهلك ابن مارد بهضبة الحصا بين أذرح (١) والأكمة (٢) ، سعدت هذه الأمة ، جاء نبي الأمّيّين (٣) وبلغ الكتاب أجله ، كذبته هذه القرية ، تعذّب مرتين ، تتوب في الثالثة ، ثلاث بقيت ، ثنتان بالمشرق وواحدة بالمغرب ، فقصها خالد بن سعيد على أخيه عمرو بن سعيد فقال : لقد رأيت عجبا ، وإني لأرى هذا أمرا يكون في بني عبد المطلب إذ رأيت النور خرج من زمزم.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا أحمد بن الحسن ، أنا عبد الملك بن محمّد ، أنا محمّد بن أحمد بن الصّوّاف ، نا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة ، نا المنجاب بن الحارث ، أنا أبو هشام محمّد بن زائدة ، حدّثني أبو إسحاق المدني : أن خالد بن سعيد بن العاص كان يقول لعلي : إنما أسلمت قبلك ، والله لأخاصمنك عند ربّي ، ولكن كنت أفرق من أبي فكنت أكتم إسلامي وأنت كنت لا تفرق من أبيك.

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي إسحاق البرمكي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد (٤) ، أنا محمّد بن عمر ، حدّثني جعفر بن محمّد بن خالد بن الزبير ، عن محمّد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان ، قال : كان إسلام خالد بن سعيد قديما ، وكان أول إخوته ، أسلم وكان بدو إسلامه أنه رأى في النوم أنه واقف (٥) على شفير النار فذكر من سعتها ما الله به أعلم ، ويرى في النوم كأن أباه يدفعه فيها ويرى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم آخذا بحقويه لئلا (٦) يقع ، ففزع (٧) من نومه ، فقال أحلف بالله إنّ هذه لرؤيا [حق](٨) فلقي أبا بكر بن أبي قحافة ، فذكر ذلك له ، فقال أبو بكر : أريد بك خير ، هذا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فاتبعه ، فإنك ستتبعه وتدخل معه في الإسلام

__________________

(١) أذرح : بلد في أطراف الشام من أعمال الشراة ، ثم من نواحي البلقاء وعمان مجاورة لأرض الحجاز.

(ياقوت).

(٢) الأكمة بالتحريك : موضع يقال له أكمة العشرق ، بعد الحاجر بميلين (ياقوت).

(٣) الأصل : «الأمين» والمثبت عن ابن سعد وم.

(٤) طبقات ابن سعد ٤ / ٩٤ ترجمة خالد بن سعيد ، والخبر في الاستيعاب ١ / ٤٠١ ـ ٤٠٢ نقلا عن الواقدي ، وأسد الغابة ١ / ٥٧٤ ـ ٥٧٥.

(٥) الأصل : «أوقف» والمثبت عن ابن سعد ، وفي الاستيعاب وأسد الغابة : وقف وفي م : أوقف.

(٦) الأصل وم : «لا» والمثبت عن ابن سعد.

(٧) الأصل : يفزع» والمثبت من ابن سعد وم.

(٨) زيادة لازمة عن ابن سعد.

٦٩

الذي يحجزك من أن تقع فيها ، وأبوك واقع فيها. فلقي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو بأجياد (١) فقال : يا محمّد إلى ما تدعو؟ قال : «أدعو إلى الله وحده لا شريك له وأن محمّدا عبده ورسوله ، وخلع ما أنت عليه من عبادة حجر لا يسمع ولا يضرّ (٢) ولا ينفع ولا يدري من عبده ممن لم يعبده» قال خالد : فإني أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أنك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٣). وتغيب خالد ، وعلم أبوه بإسلامه ، فأرسل في طلبه من بقي من ولده ممن لم يسلم ورافعا مولاه ، فوجدوه فأتوا به إلى أبيه أبي أحيحة فأنّبه وبكّته وضربه بمقرعة (٤) في يده حتى كسرها على رأسه ، ثم قال : أتبعت محمّدا وأنت ترى خلافه قومه؟ وما جاء به من عيب آلهتهم ، وعيب من مضى من آبائهم؟ فقال خالد : قد صدق والله واتّبعته. فغضب أبو أحيحة ، ونال من ابنه وشتمه ثم قال : اذهب يا لكع حيث شئت فو الله لأمنعنك القوت ، فقال خالد : إن منعتني فإن الله يرزقني ما أعيش به ، فأخرجه وقال لبنيه : لا يكلمه أحد منكم إلّا صنعت به ما صنعت به ، فانصرف خالد إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فكان يلزمه ويكون معه [٣٨٥٧].

قال (٥) : وأنا محمّد بن عمر ، نا عبد الحكيم (٦) بن عبد الله بن أبي فروة ، قال : سمعت عبد الله بن عمرو بن سعيد بن العاص يحدّث عمرو بن شعيب ، قال : كان إسلام خالد بن العاص ثالثا أو رابعا ، وكان ذلك ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يدعو سرا ، وكان يلزم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ويصلّي في نواحي مكّة خاليا فبلغ ذلك أبا أحيحة فدعاه فكلمه أن يدع ما هو عليه ، فقال خالد : لا أدع دين محمّد حتى أموت عليه ، فضربه أبو أحيحة بقرّاعة في يده حتى كسرها على رأسه ثم أمر به إلى الحبس وضيّق عليه وأجاعه وأعطشه حتى لقد مكث في حر مكّة ثلاثا ما يذوق ماء ، فرأى خالد فرجة فخرج فتغيب عن أبيه في نواحي مكّة حتى حضر خروج أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى الحبشة في الهجرة الثانية ، فكان خالد أول من خرج إليها.

__________________

(١) أجياد : موضع بأسفل مكّة ، معروف من شعابها.

(٢) الأصل : «يبصر» والمثبت عن ابن سعد وأسد الغابة ١ / ٥٧٤ والاستيعاب ١ / ٤٠٢.

(٣) بعدها في المصادر الثلاثة : فسرّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بإسلامه.

(٤) أسد الغابة : بعصا.

(٥) ابن سعد ٤ / ٩٥.

(٦) الأصل : عبد الحكم ، والمثبت عن ابن سعد وم.

٧٠

قال (١) : وأنا محمّد بن عمر ، نا جعفر بن محمّد بن خالد بن الزبير بن العوام ، عن إبراهيم بن عقبة ، قال : سمعت أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص تقول (٢) : كان أبي خامسا في الإسلام ، قلت : فمن تقدّمه؟ قالت (٣) : ابن أبي طالب ، وابن أبي قحافة ، وزيد بن حارثة ، وسعد بن أبي وقاص ، وأسلم ـ أبي قبل الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة ، وهاجر في المرة الثانية ، فأقام بها بضع عشرة سنة ، وولدت أنا بها ، وقدم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بخيبر سنة سبع فكلم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم المسلمين فأسهموا لنا ثم رجعنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى المدينة ، وأقمنا ، وخرج أبي مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في عمرة القضيّة وغزا معه إلى الفتح هو وعمي ـ يعني عمرا ـ وخرجا معه إلى تبوك ، وبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أبي عاملا على صدقات اليمن ، فتوفي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبي باليمن.

قال (٤) : وأنا أحمد بن محمّد بن الوليد الأزرقي ، نا عمرو بن يحيى ، عن جده ، عن عمه ، عن خالد بن سعيد بن العاص أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعثه في رهط من قريش إلى ملك الحبشة ، فقدموا عليه ومع خالد امرأة له ، قال : فولدت له جارية ، وتحركت وتكلّمت هناك ، ثم إنّ خالدا أقبل هو وأصحابه وقد فرغ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من وقعة بدر ، فأقبل يمشي ومعه ابنته ، فقال : يا رسول الله لم نشهد معك بدرا ، فقال : «أوما ترضى يا خالد أن يكون للناس هجرة ، ولكم هجرتان ثنتان؟» قال : بلى يا رسول الله ، قال : «فذاك لكم». ثم إن خالدا قال لابنته : اذهبي إلى عمك ، اذهبي إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فسلّمي عليه. فذهبت الجويرية حتى أتته من خلفه ، فأكبت عليه وعليها قميص أصفر ، فأشارت به إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم تريه (٥) فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «سنه سنه ـ يعني بالحبشية : أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي» [٣٨٥٨].

أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالا : أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنا أحمد بن عبيد ـ إجازة ـ نا محمّد بن الحسين ، أنا أبو بكر بن أبي خيثمة ، أنا مصعب :

__________________

(١) المصدر نفسه ٤ / ٩٦.

(٢) الأصل : يقول والمثبت عن م.

(٣) الأصل وم : قال.

(٤) ابن سعد ٤ / ٩٩ ـ ١٠٠.

(٥) عن هامش الأصل وبجانبها كلمة صح.

٧١

أن خالد بن سعيد كان إسلامه متقدما يقولون كان خامسا ، وأسلم أخوه عمرو وهاجر إلى أرض الحبشة.

أخبرنا أبو محمّد السّلمي ، نا أبو بكر الخطيب ح.

وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر الطبري ، قالا : أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب بن سفيان ، نا أبو صالح ، حدّثني الليث ، حدّثني يونس ، عن ابن شهاب ، عن أبي بكر بن عبد الرّحمن بن الحارث بن هشام ، وسعيد بن المسيّب ، وعروة بن الزبير : أن الهجرة الأولى هجرة المسلمين إلى أرض الحبشة ، وأنه هاجر في تلك الهجرة جعفر بن أبي طالب بامرأته أسماء بنت عميس الخثعمية ، وعثمان بن عفان برقيّة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأبو سلمة بن عبد الأسد بامرأته أم سلمة بنت أبي أميّة ، وخالد بن سعيد بن العاص بامرأته ابنة خالد ، وهاجر فيها رجال من قريش ذو عدد ليس معهم نساؤهم.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر ، أنا رضوان ح.

وأخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنا شجاع بن علي ، أنا ابن مندة ، أنا محمّد بن يعقوب ، قالا : أنا أحمد بن عبد الجبار ، نا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق (١) ، قال في تسمية من هاجر إلى أرض الحبشة من بني أمية بن عبد شمس : خالد بن سعيد بن العاص معه امرأته أميمة ـ وفي حديث ابن مندة : أمينة ـ ابنة خلف بن أسعد بن عامر بن بياضة ، من بني سبيع بن خثعمة من خزاعة ، ولدت له بأرض الحبشة سعيد بن خالد ، وأمّه ابنة خالد ، وتزوج أمّه الزبير بن العوام ، فولدت له عمرو بن الزبير ، وخالد بن الزبير قتل خالد يوم مرج الصّفّر بأرض الشام.

أخبرنا أبو الحسين محمّد بن محمّد بن محمّد (٢) بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا (٣) البنّا ، قالوا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أحمد بن سليمان ، نا الزّبير بن بكّار ، قال : فولد أبو أحيحة سعيد بن العاص خالد بن

__________________

(١) سيرة ابن إسحاق ص ٢٠٩ رقم ٣٠٣.

(٢) كذا مكررة ثلاث مرات ولم ترد في م إلّا مرتين.

(٣) غير واضح إعجامها بالأصل ، والصواب ما أثبت عن م.

٧٢

سعيد ، قتل يوم مرج الصّفّر شهيدا ، وأمه أم خالد بنت خبّاب (١) بن عبد ياليل بن ناشب بن عمرة (٢) بن سعد بن ليث بن بكر ، توفي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو عامله على اليمن ، ووهب له عمرو بن معدي كرب الصّمصامة وقال حين وهبه له :

خليلي لم أهبه عن قلاة

ولكن التّواهب للكرام

خليلي لم أخنه ولم يخنّي

كذلك ما خلالي أو تدامي (٣)

حبوت به كريما من قريش

فسرّ به وصين عن اللئام

وكان إسلام خالد بن سعيد متقدما ، يقولون كان خامسا وأسلم أخوه عمرو ، هاجرا جميعا إلى أرض الحبشة ، وكانا ممن قدم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في السفينتين (٤).

أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك ، وأبو العز ثابت بن منصور ، قالا : أنا أبو طاهر الباقلاني ، ـ زاد عبد الوهاب : وأبو الفضل بن خيرون ، قالا : ـ أنا محمّد بن الحسن بن أحمد ، أنا محمّد بن أحمد بن إسحاق ، أنا عمر بن أحمد بن إسحاق ، نا خليفة بن خيّاط ، قال (٥) : خالد بن سعيد بن العاص أمّه لبينة بنت خبّاب ـ وفي أصل سماعنا : جناب بن عبد ياليل بن ناشب (٦) بن غيرة بن سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن علي بن كنانة بن خزيمة ، استشهد يوم مرج الصّفّر ، روى أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إن للناس هجرة ، ولكم هجرتان» ، وذكره في موضع آخر ، فقال : أمّه لبينة بنت خبّاب ، فالله أعلم [٣٨٥٩].

أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع ، أنا عبد الوهاب بن مندة ، أنا الحسن بن

__________________

(١) الأصل «حباب» والمثبت عن نسب قريش للمصعب الزبيري ص ١٧٤.

(٢) نسب قريش : غيرة.

(٣) في مختصر ابن منظور ٧ / ٣٤٧ «بذامي».

(٤) قال ابن إسحاق : وكان من أقام بأرض الحبشة من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى بعث فيهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى النجاشي عمرو بن أمية الضمري فحملهم في سفينتين فقدم بهم عليه وهو بخيبر بعد الحديبية قال : ومن بني عبد شمس بن عبد مناف خالد بن سعيد بن العاص وامرأته أمينة بنت خلف وابناه سعيد بن خالد وأمة بنت خالد ، وأخوه عمرو بن سعيد بن العاص معه امرأته فاطمة بنت صفوان.

سيرة ابن هشام ٤ / ٣ ـ ٤.

(٥) طبقات خليفة بن خياط ص ٤٠ رقم ٥٥.

(٦) طبقات خليفة : نا شيب.

٧٣

محمّد بن يوسف ، أنا أحمد بن محمّد بن عمر ، نا ابن أبي الدنيا ، نا محمّد بن سعد (١) ، قال : خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف أسلم في أول الإسلام بعد أربعة من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهاجر إلى الحبشة فلم يشهد بدرا لذلك ، وقدم مع جعفر بن أبي طالب ، وقتل يوم مرج الصّفّر شهيدا.

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي إسحاق البرمكي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد (٢) ، قال في الطبقة الثانية : خالد بن سعيد بن العاص بن أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصيّ ، وأمّه أم خالد بنت خبّاب (٣) بن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة (٤) بن سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة ، وليس لخالد اليوم عقب ، وكان لخالد بن سعيد من الولد (٥) سعيد ، ولد بأرض الحبشة درج ، وأمة بنت خالد ولدت بأرض الحبشة تزوجها الزبير بن العوام فولدت له عمرا وخالدا ، ثم خلف عليها سعيد بن العاص ، وأمهما همينة بنت خلف بن أسعد بن عامر بن بياضة بن سبيع بن جعثمة بن سعيد بن فليح (٦) بن عمرو من خزاعة.

أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي ، ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر ، أنا أحمد بن الحسن ، والمبارك بن عبد الجبار ، ومحمّد بن علي ـ واللفظ له ـ قالوا : أنا عبد الوهاب بن محمّد ـ زاد أحمد : ومحمّد بن الحسن الأصبهاني ، قالا : ـ أنا أحمد بن عبدان ، أنا محمّد بن سهل ، أنا محمّد بن إسماعيل (٧) ، قال : خالد بن سعيد بن العاص الأموي القرشي أصيب في خلافة أبي بكر أو عمر بمرج الصّفّر قاله يوسف بن بهلول ، عن ابن إدريس ، عن ابن إسحاق ، وقال محمّد بن فليح ، عن موسى بن عقبة : قتل يوم أجنادين له صحبة ، ولم يصح حديثه.

أخبرنا أبو جعفر الحافظ في كتابه ، أنا أبو بكر الصفّار ، أنا أبو بكر الأصبهاني ، أنا

__________________

(١) الخبر برواية ابن أبي الدنيا ليس في الطبقات الكبرى لابن سعد.

(٢) طبقات ابن سعد ٤ / ٩٤.

(٣) عن ابن سعد وبالأصل وم : جناب.

(٤) عن ابن سعد وم وبالأصل : عمره.

(٥) عن ابن سعد وم ، وبالأصل : من الوليد.

(٦) ابن سعد : مليح.

(٧) التاريخ الكبير للبخاري ٢ / ١ / ١٣٩.

٧٤

أبو أحمد الحاكم ، قال : أبو سعيد خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموي القرشي وأمّه لبينة بنت خبّاب بن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة (١) بن سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن علي بن كنانة بن خزيمة ، له صحبة من النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، استشهد يوم مرج الصّفّر في خلافة أبي بكر أو عمر ويقال قتل يوم أجنادين وهو أخو أبان وعمرو ، والحكم ، وسعيد.

أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنا شجاع بن علي ، أنا أبو عبد الله بن مندة ، قال : خالد بن سعيد بن العاص الأموي أصيب بمرج الصّفّر في خلافة عمر وكان إسلامه متقدما ، كان خامسا فيما قيل ، وأسلم أخوه عمرو ، وهاجرا جميعا إلى أرض الحبشة ، وأبان بن سعيد أخوهما ، تأخر إسلامه ، وأبوهم سعيد بن العاص يكنى أبا أحيحة.

قال : وأنا ابن مندة ، أنا علي بن أحمد بن إسحاق ، نا جعفر بن سليمان ، نا إبراهيم بن المنذر ، نا محمّد بن فليح ، عن موسى بن عقبة ، عن ابن شهاب ، قال : وممن هاجر إلى أرض الحبشة ، ثم هاجر إلى المدينة خالد بن سعيد ، وامرأته أميمة بنت خلف الخزاعية وولدت له ثمّ خالد (٢) بن سعيد ، وقتل خالد يوم مرج الصّفّر ، وقيل يوم أجنادين سنة ثلاث عشرة ، وهو ابن خمسين سنة ، كذا قال والصواب : سعيد بن خالد.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا أحمد بن علي بن ثابت ، أنا محمّد بن الحسين بن الفضل ، أنا محمّد بن عبد الله بن عتّاب ، أنا القاسم بن عبد الله بن المغيرة ، نا إسماعيل بن أبي أويس ، نا إسماعيل بن إبراهيم ، عن عمه موسى بن عقبة ، قال في تسمية من خرج إلى أرض الحبشة من بني أميّة بن عبد شمس : خالد بن سعيد بن العاص وامرأته أمينة ابنة خلف الخزاعية ، قتل بمرج الصّفّر.

أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، أنا أبو بكر الخطيب ح.

وأخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنا أبو بكر محمّد بن هبة الله ، قالا : أنا محمّد بن الحسين ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب بن سفيان ، نا أبو غسان مالك بن

__________________

(١) الأصل : «عيرة» والصواب مما سبق.

(٢) كذا بالأصل وهو خطأ ، والصواب سعيد بن خالد ، انظر سيرة ابن هشام ٤ / ٤ ، وسينبه المصنف إلى هذا الخطأ في آخر الخبر ، ويعتمد الصواب «سعيد بن خالد» كما لاحظناه وفي م : سعيد بن خالد وفوق اللفظتين علامتا تبديل تقديم وتأخير.

٧٥

إسماعيل ، أنا إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص ، حدثه قال : أخبرني أبي وأخواي عن أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص ، وكان أبوها من مهاجرة الحبشة وولدت ثمّ.

أخبرنا أبو الفضل محمّد بن عمرو بن يوسف ، وأبو الحسن أحمد بن عبد الله بن علي بن الآبنوسي (١) الفقيهان ، وأبو عمرو عثمان بن محمّد بن الحسين بن نصير السقلاطوبي ، وأبو الفضل عبد الملك بن علي بن عبد الملك بن محمّد بن يوسف ، وأبو القاسم عبد الله بن أحمد بن علي بن الحسين بن الشدّاد ، وأبو المظفّر محمّد بن أحمد بن علي بن عبد العزيز بن التّريكي (٢) ، وأبو العباس أحمد بن أبي القاسم علي بن محمّد الزينبي الهاشميان ، قالوا : أنا أبو نصر الزينبي ، أنا محمّد بن عمر بن علي بن خلف الوراق ، نا عبد الله بن أبي داود ، نا سليمان بن معبد ، نا الأصمعي ، عن ابن أبي الزّناد ، عن إبراهيم بن عقبة ، عن أم خالد بنت خالد ، قالت : أبي أول من كتب «بسم الله الرّحمن الرّحيم» (٣).

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي إسحاق البرمكي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد (٤) ، أنا الوليد بن عطاء بن الأعور (٥) المكي ، وأحمد بن محمّد بن الوليد الأزرقي ، قالا : نا عمرو بن يحيى بن سعيد [الأموي](٦) ، عن جده ، عن عمه خالد بن سعيد أن سعيد بن العاص بن أمية مرض [فقال : لئن رفعني الله من مرضي هذا لا يعبد إله ابن أبي كبشة ببطن مكّة](٧) فقال خالد بن سعيد عند ذلك : اللهم لا ترفعه.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ،

__________________

(١) ترجمته في سير الأعلام ١٩ / ٢٧٨ و ٢٠ / ١٦٢.

(٢) ترجمته في سير الأعلام ٢٠ / ٣٥٩.

(٣) الخبر نقله الذهبي في سير الأعلام عن إبراهيم بن عقبة ١ / ٢٦٠ وابن حجر في الإصابة ١ / ٤٠٦.

(٤) طبقات ابن سعد ٤ / ٩٥.

(٥) ابن سعد : «الأعز» وفي الاستيعاب : الأغر.

(٦) ما بين معكوفتين زيادة استدركت عن ابن سعد. والخبر في الاستيعاب ١ / ٤٠٣ وأسد الغابة ١ / ٥٧٥.

(٧) ما بين معكوفتين زيادة استدركت عن ابن سعد. والخبر في الاستيعاب ١ / ٤٠٣ وأسد الغابة ١ / ٥٧٥.

٧٦

أنا عبد الوهاب بن أبي حية ، أنا محمّد بن شجاع الثلجي ، أنا محمّد بن عمر الواقدي (١) :

حدّثني عبد الله بن يزيد ، عن سعيد بن عمرو الهذلي ، قال : قدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مكّة يوم الجمعة لعشر ليال بقين من رمضان ـ يعني عام الفتح ـ فبث السرايا في كل وجه ، وأمرهم أن يغيروا على من لم يكن على الإسلام فخرج هشام بن العاص في مائتين ، قبل يلملم (٢) ، وخرج خالد بن سعيد بن العاص في ثلاثمائة قبل عرنة (٣).

أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنا محمّد بن علي بن أحمد ، أنا أحمد بن إسحاق ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى بن زكريا ، نا خليفة بن خيّاط (٤) ، قال في تسمية عمال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال وفرّق اليمن فاستعمل على صنعاء خالد بن سعيد بن العاص ، وعلى كندة والصّدف المهاجر بن أبي أمية ، وعلى حضرموت زياد بن لبيد الأنصاري ، أحد بني بياضة ، ومعاذ بن جبل على الجند والقضاء وتعليم الناس الإسلام وشرائعه وقراءة القرآن ، وولّى أبا موسى الأشعري زبيد ورمع وعدن والساحل ، وجعل قبض الصدقة من العمال الذين بها إلى معاذ بن جبل.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب ، أنا أبو الحسن علي بن يحيى بن جعفر بن عبد كويه ، أنا أبو الحسن أحمد بن القاسم بن الريان المصري المعروف باللكي بالبصرة ، نا أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن نبيط بن شريط أبو جعفر الأشجعي ـ بمصر ـ حدّثني أبي عن أبيه ، عن جده قال : مرّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بقبر أبي أحيحة فقال أبو بكر : هذا قبر أبي أحيحة الفاسق ، فقال خالد بن سعيد : والله ما يسرني أنه في أعلى عليين وأنه مثل أبي قحافة ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا تسبوا الموتى فتغضبوا الأحياء» [٣٨٦٠].

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو علي محمّد بن محمّد بن المسلمة ، أنا علي بن أحمد بن عمر ، أنا محمّد بن أحمد بن الحسن ، نا الحسن بن علي القطان ، نا

__________________

(١) مغازي الواقدي ٣ / ٨٧٣.

(٢) موضع على ليلتين من مكّة ، وقيل هو جبل من الطائف على ليلتين أو ثلاث (ياقوت).

(٣) عرنة بوزن همزة وضحكة ، قال الأزهري : بطن عرنة واد بحذاء عرفات (ياقوت).

(٤) تاريخ خليفة بن خياط ص ٩٧.

٧٧

إسماعيل بن عيسى العطار ، حدّثني إسحاق بن بشر ، قال : قال ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر بن محمّد بن عمرو بن حزم : أن خالد بن سعيد حين قدم من اليمن بعد وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم تربص ببيعته شهرين يقول : قد أمّرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم لم يعزلني حتى قبضه الله وأتى علي بن أبي طالب ، وعثمان بن عفان ، فقال : يا بني عبد مناف لقد طبتم نفسا عن أمركم ، يليه عليكم غيركم فبلغ ذلك أبا بكر وعمر ، فأما أبو بكر فلم يحفلها ، وأما عمر فأضمرها عليه ، فلما بعث أبو بكر الجنود إلى الشام فكان أول من استعمل خالد بن سعيد ، فكلّم عمر أبا بكر حتى عزله (١) ثم دعا يزيد بن أبي سفيان فعقد له ، ودعا ربيعة بن عامر من بني عامر بن لؤي فعقد له ، ثم قال له : أنت مع يزيد بن أبي سفيان لا تعصه ولا تخالفه ، وقال ليزيد : إن رأيت أن توليه ميمنتك فافعل ، فإنه من فرسان العرب وصلحاء قومه.

أخبرنا أبو القاسم أيضا أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أبو بكر بن سيف (٢) ، نا السّري بن يحيى ، نا شعيب بن إبراهيم ، عن مبشّر بن الفضل (٣) ، عن جبير بن صخر حارس (٤) النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن أبيه قال : كان خالد بن سعيد بن العاص باليمن زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وتوفي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو بها ، وقدم بعد وفاته بشهر ، وعليه جبّة ديباج ، فلقي عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، فصاح عمر بمن يليه فقال : مزقوا عليه جبته ، أيلبس الحرير وهو في رجالنا في السلم مهجور ، فمزقوا عليه جبته ، فقال خالد : يا أبا حسن ، يا بني عبد مناف أغلبتم عليها؟ فقال علي : أمغالبة ترى أم خلافة؟ لا

__________________

(١) قال ابن الأثير في الكامل في التاريخ ـ بتحقيقنا ـ ٢ / ٦٢ وكان أول لواء عقده إلى الشام لواء خالد ، ثم عزله قبل أن يسير.

قال الأزدي في فتوح الشام ص ٧ : وكان خالد بن سعيد بن العاص من عمّال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فكره الإمارة واستعفى أبا بكر ، فأعفاه.

وذهب البلاذري في فتوح البلدان ١ / ١٢٨ إلى أن : عمر كره لما عقد أبو بكر لخالد بن سعيد ، فكلم أبا بكر في عزله وقال : إنه رجل فخور يحمل أمره على المغالبة والتعصب. فعزله أبو بكر.

وأيا يكن الأمر عزل عن الإمارة وجعل ردءا للمسلمين بتيماء وأمره أبو بكر أن لا يفارقها إلا بأمره كما في ابن الأثير.

(٢) الخبر في تاريخ الطبري ٣ / ٣٨٨ حوادث سنة ١٣.

(٣) في الطبري : فضيل.

(٤) عن الطبري ، واللفظة غير واضحة بالأصل وفي م : «خارص».

٧٨

تغالب على هذا الأمر أولى منكم يا بني عبد مناف ، فقال عمر لخالد : فضّ (١) الله فاك ، والله لا يزال كاذب يخوض (٢) فيما قلت ثم لا يضر إلّا نفسه ، فأبلغ عمر أبا بكر مقالته ، فلما عقد أبو بكر الألوية بقتال أهل الردة عقد له فيمن عقد ، فنهاه عنه عمر ، وقال : إنه لمخذول وإنه لضعيف التروية ، لقد كذب كذبة لا يفارق الأرض مدل بها أو خائض فيها ، فلا تستنصر به ، فلم يحتمل أبو بكر عليه ، وجعله ردءا بتيماء (٣) أطاع عمر في بعض أمره وعصاه في بعض.

قال : ونا سيف ، عن أبي عثمان ـ وهو : يزيد بن أسيد الغسّاني ؛ وخالد ، قالا : وارتثّ فلا يدرى أين مات بعد ـ يعني أثبت جراحه باليرموك (٤) ـ.

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي إسحاق البرمكي ، أنا محمّد بن العباس ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، أنا محمّد بن سعد (٥) ، أنا عبيد الله بن موسى ، أنا موسى بن عبيدة :

أخبرنا أشياخنا أن خالد بن سعيد بن العاص ، وهو من المهاجرين قتل رجلا من المشركين ثم لبس سلبه ديباجا أو حريرا فنظر الناس إليه وهو مع عمر ، فقال عمر : ما تنظرون؟ من شاء فليعمل مثل عمل خالد ثم يلبس لباس خالد.

قال (٦) : وأنا محمّد بن عمر ، حدّثني جعفر بن محمّد بن خالد بن الزبير بن العوام ، عن إبراهيم بن عقبة ، قال : سمعت أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص تقول : قدم أبي من اليمن إلى المدينة بعد أن بويع لأبي بكر ، فقال لعلي وعثمان : أرضيتم بني عبد مناف أن يلي هذا الأمر عليكم غيركم؟ فنقلها عمر إلى أبي بكر فلم يحملها أبو بكر على خالد ، وحملها عمر عليه ، وأقام خالد ثلاثة أشهر لم يبايع أبا بكر ثم مرّ عليه أبو بكر بعد ذلك مظهرا وهو في داره فسلّم ، فقال له خالد : تحب أن أبايعك؟

__________________

(١) الأصل : «قضى» والمثبت عن الطبري وم.

(٢) الأصل : بخوص ، والمثبت عن الطبري وم.

(٣) الأصل «رد التيما» كذا ومثلها في م والصواب عن الطبري.

وتيماء : بليد في أطراف الشام ، بين الشام ووادي القرى ، على طريق حاج الشام ودمشق (ياقوت).

(٤) انظر الطبري ٣ / ٤٠٢ فيمن أصيب يوم اليرموك.

(٥) الخبر في طبقات ابن سعد ٤ / ٩٩.

(٦) المصدر نفسه ص ٩٧.

٧٩

فقال أبو بكر : أحبّ أن تدخل في صالح ما دخل فيه المسلمون ، فقال : موعدك العشية أبايعك. فجاء وأبو بكر على المنبر فبايعه ، وكان رأي أبي بكر فيه حسنا ، وكان معظّما له ، فلما بعث أبو بكر الجنود على الشام عقد له على المسلمين وجاء باللواء إلى بيته. فكلّم عمر أبا بكر وقال : تولّي خالدا وهو القائل ما قال؟ فلم يزل به حتى أرسل أبا أروى الدّوسي ، فقال : إن خليفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول لك : اردد إلينا لواءنا ، فأخرجه فدفعه إليه ، فقال : والله ما سرتنا ولايتكم ولا ساءنا عزلكم ، وإن المليم لغيرك ، فما شعرت إلّا بأبي بكر داخل على أبي يعتذر إليه ، ويعزم عليه أن لا يذكر عمر بحرف. فو الله ما زال أبي يترحم على عمر حتى مات.

قال (١) : وأنا محمّد بن عمر ، حدّثني عبد الله بن يزيد ، عن سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرّحمن بن عوف ، قال : لما عزل أبو بكر خالدا ولّى يزيد بن أبي سفيان جنده ودفع لواءه إلى يزيد.

قال (٢) : وأنا محمّد بن عمر ، أخبرني موسى بن محمّد بن إبراهيم بن الحارث ، عن أبيه ، قال : لما عزل أبو بكر خالد بن سعيد أوصى به شرحبيل بن حسنة ، وكان أحد الأمراء ، فقال : انظر خالد بن سعيد فاعرف له من الحق عليك مثل ما تحب (٣) أن يعرفه لك من الحق عليه لو خرج واليا عليك ، وقد عرفت مكانه من الإسلام ، وأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم توفي وهو له وال ، وقد كنت ولّيته ثم رأيت عزله ، وعسى أن يكون ذلك خيرا له في دينه ، ما أغبط أحدا بالإمارة ، وقد خيرته في أمراء (٤) الأجناد فاختارك على غيرك على ابن عمه ، فإذا نزل بك أمر تحتاج فيه إلى رأي التقي الناصح فليكن أول من تبدأ به أبو عبيدة بن الجراح ، ومعاذ بن جبل وليك خالد بن سعيد ثالثا ، فإنك واجد عندهم نصحا وخيرا ، وإياك واستبداد الرأي عنهم أو تطوي عنهم بعض الخبر.

قال محمّد بن عمر : فقلت لموسى بن محمّد : أرأيت قول أبي بكر قد اختارك على غيرك؟ قال : أخبرني أبي أن خالد بن سعيد لما عزله أبو بكر كتب إليه : أي الأمراء

__________________

(١) المصدر نفسه ص ٩٧ ـ ٩٨.

(٢) المصدر نفسه ص ٩٨.

(٣) عن ابن سعد وبالأصل وم : يحب.

(٤) عن ابن سعد وم وبالأصل : الأمراء.

٨٠