تاريخ مدينة دمشق - ج ١٦

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ١٦

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٦٨
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

منظر وأحسن مستنظر ، وأحسن مختبر ، بصعيد كأن ترابه قطع الكافور ، حتى لو أن قطعة ألقيت فيه لم تترب.

قال : وكان قد أعطي فتاء السن مع الكثرة والغلبة والقهر ، قال : فنظر فأبعد النظر فقال لجلسائه : ها لمن هذا؟ هل رأيتم مثل ما أنا فيه؟ أم هل أعطي أحد مثل ما أعطيت؟ قال : وعنده رجل من بقايا حملة الحجّة ، والمضي على أدب الحق ومنهاجه ، قال : ولم تخل الأرض من قائم لله بحجة في عباده ، فقال : أيها الملك إنّا قد سألت عن أمر فتأذن بالجواب عنه؟ قال : نعم ، قال : أرأيت ما أنت فيه؟ أشيء لم تزل فيه أم شيء صار إليك ميراثا من غيرك ، وهو زائل عنك وصائر إلى غيرك كما صار إليك ميراثا من لدن غيرك؟ قال : فكذاك هو ، قال : أفلا أراك ما أعجبت بشيء يسير يكون فيه قليلا وتغيب عنه طويلا ، ويكون غدا بحسابه مرتهنا قال : ويحك فأين المهرب؟ وأين المطلب؟ قال : إما أن تقيم في ملكك تعمل فيه بطاعة ربك على ما ساءك وسرك ومضك وأرمضك (١) ، وإما أن تضع تاجك وتضع أطمارك وتلبس أمساحك وتعبد ربك في هذا الجبل حتى يأتيك أجلك ، قال : فإذا كان بالسحر فاقرع عليّ بابي فإني مختار أحد الرأيين ، فإن اخترت ما أنا فيه كنت وزيرا لا يعصى ، وإن اخترت خلوات الأرض وقفر البلاد كنت رفيقا لا تخالف قال : فقرع عليه بابه عند السحر فإذا هو قد وضع تاجه ووضع أطماره ولبس أمساحه وتهيأ للسياحة ، قال : فلزما والله الجبل حتى أتتهما آجالهما ، وهو حيث يقول أخو بني تميم عدي بن سالم المراي العدوي (٢) :

أيها الشامت المعيّر بالده

ر أأنت المبرّ الموفور

أم لديك العهد الوثيق من الأي

ام بل أنت جاهل مغرور

من رأيت المنون خلّدن أم من

ذا لديه من أن يضام حقير

أين كسرى كسرى الملوك أبو سا

سان أم أين قبله سابور؟

وبنو الأصفر الكرام ملوك ال

روم لم يبق منهم مذكور

وأخو الحضر إذ بناه وإذ دجل

ة تجبى إليه والخابور

شاده مرمرا وجلّله كل

سا فللطير في [ذراه] وكور

__________________

(١) أي أوجعك.

(٢) كذا بالأصل هنا ، وقد مرّ الشعر لعدي بن زيد العبادي ، وببعض اختلاف.

١٠١

لم تهبه ريب المنون فباد ال

ملك عنه فبابه مهجور

وتذكر رب الخورنق إذ أش

رف يوما وللهدى تفكير

سرّه ماله وكثرة ما يم

لك والبحر معرض والسّدير

فارعوى قلبه فقال وما غب

طة حيّ إلى الممات يصير

ثم أضحوا كأنهم ورق جفّ

فألوت به الصّبا والدّبور

ثم بعد الفلاح والملك وال

أمة وارتهم هناك القبور

قال : فبكى والله هشام ، حتى أخضل لحيته وبلّ عمامته ، وأمر بنزع أبنيته وبنقلان قرابته وأهله وحشمه وغاشيته من جلسائه ولزم قصره ، قال : فأقبلت الحشم والموالي على خالد بن صفوان بن الأهتم ، فقالوا : ما أردت إلى أمير المؤمنين أفسدت عليه لذته ونقضت عليه باديته قال : إليكم عني فإني عاهدت الله تعالى عهدا أن لا أخلو بملك إلّا ذكرته الله عزوجل.

أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله ـ إذنا ومناولة ، وقرأ عليّ إسناده ـ أنا أبو علي محمّد بن الحسين ، أنا القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا (١) ، نا أبي ، نا أبو أحمد الختّلي ، نا أبو حفص النّسائي ، حدّثني محمّد بن عمرو ، عن الهيثم بن عدي ، قال : خرج هشام بن عبد الملك ومعه مسلمة أخوه إلى مصانع (٢) قد هيئت له وزيّنت بألوان النبت ، وتوافى إليه بها وفود أهل مكّة والمدينة ، وأهل الكوفة ، والبصرة ، قال : فدخلوا عليه وقد بسط له في مجالس مشرفة مطلعة على ما شقّ له من الأنهار المحفة بالزيتون وسائر الأشجار فقال :

يا أهل مكّة أفيكم مثل هذه المصانع؟ فقالوا : لا ، غير أن بنينا بيت الله المستقبل : ثم التفت (٣) إلى أهل المدينة ، فقال : أفيكم مثل هذه المصانع؟ فقالوا : لا ، غير أن فينا قبر نبينا المرسل صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم التفت إلى أهل الكوفة فقال : أفيكم مثل هذه المصانع؟ قال : فقالوا : لا غير أن فينا تلاوة كتاب الله تعالى المنزل ، ثم التفت إلى أهل البصرة فقال : أفيكم مثل هذه المصانع؟ قال : فقام إليه خالد بن صفوان ، فقال : أصلح الله أمير

__________________

(١) الخبر في الجليس الصالح الكافي ٢ / ٤٣ ـ ٤٥.

(٢) المصانع : أحباس الماء ، وقيل : القرى ، وقيل : الحصون (انظر اللسان : صنع).

(٣) من : يا أهل مكّة إلى هنا سقط من الجليس الصالح.

١٠٢

المؤمنين إن هؤلاء قد أقروا على أنفسهم ، ولو كان من له لسان وبيان لأجاب عنهم ، فقال له هشام : أفعندك في بلدك غير ما قالوا؟ قال : نعم ، أصف بلادي ، وقد رأيت بلادك فتقيسها ، فقال : هات فقال : يغدو (١) قانصانا ، فيجيء هذا بالشبوط والشّيم (٢) ، ويجيء هذا بالظبي والظليم ، ونحن أكثر الناس ساجا وعاجا ، وخزّا وديباجا ، وخريدة مغناجا ، وبرذونا هملاجا (٣) ، ونحن أكثر الناس قندا (٤) ونقدا ، ونحن أوسع الناس برية ، وأريفهم (٥) بحرية ، وأكثرهم ذرية ، وأبعدهم سريّة. بيوتنا ذهب ، ونهرنا عجب ، أوله رطب وآخره عنب وأوسطه قصب.

فأما نهرنا العجب فإن الماء يقبل وله عباب ونحن نيام على فرشنا ، حتى يدخل أرضنا ، فيغسل نبتها (٦) ويعلو متنها فنبلغ منه حاجتنا ونحن نيام على فرشنا لا ننافس فيه من قلة ، ولا نمنع منه لذلة ، يأتينا عند حاجتنا إليه ، ويذهب عنا عند رينا وغنانا عنه.

النخل عندنا في منابته كالزيتون عندكم في مأركه (٧) ، فذاك في أوانه كهذا في إبّانه ، ذاك في أفنانه ، كهذا في أغصانه ، يخرج أسفاطا (٨) عظاما وأوساطا ثم ينفلق عن قضبان الفضة منظومة بالزبرجد الأخضر ، ثم يصير أصفر وأحمر ، ثم يصير عسلا في شنّة (٩) من سحاء ليست بقربة ولا إناء ، حولها المذاب ودونها الحراب لا يقربها الذباب ، مرفوعة عن التراب ، من الراسخات في الوحل ، الملقحات بالفحل ، المطعمات في المحل.

وأما بيوتنا الذهب فإن لنا عليهم خرجا في السنين والشهور ، نأخذه في أوقاته ، ويدفع الله عنه آفاته وننفقه في مرضاته.

قال : فقال هشام : وأنّى لكم هذا يا ابن صفوان؟ ولم تسبقوا إليه ولم تنافسوا

__________________

(١) الجليس الصالح : يعدو قانصنا.

(٢) الشبوط والشيم ضربان من السمك.

(٣) الهملاج من البراذين : المذلل المنقاد (القاموس).

(٤) في الجليس الصالح : فيدا.

(٥) الأصل «أربقهم» والمثبت عن الجليس الصالح.

(٦) في الجليس الصالح : فيغسل آنيتها ، وفي ابن العديم : فيقتل نتنها.

(٧) الجليس الصالح : منازله.

(٨) الأصل : أسقاطا ، والمثبت عن الجليس الصالح.

(٩) الجليس الصالح : في شنه مرنتجا بقربه.

١٠٣

عليه؟ فقال : ورثناه عن الآباء ونعمره للأبناء ، فيدفع عنه رب السماء ، فمثلنا فيه كما قال أوس بن مغراء :

فمهما كان من خير فإنا

ورثناه أوائل أوّلينا

ونحن مورّثوه كما ورثنا

عن الآباء ـ إن متنا ـ بنينا

قال : فقال له هشام : لله درك يا ابن صفوان ، لقد أوتيت لسانا وعلما وبيانا ، فأكرمه وأحسن جائزته وقدّمه على أصحابه.

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم وأبو الوحش سبيع المقرئ ـ قراءة ـ قالا : أنا رشأ بن نظيف ، أنا أبو مسلم محمّد بن أحمد ، أنا أبو بكر بن الأنباري ، حدّثني أبي ، نا أبو منصور الصاغاني ، نا أبو عبيد ، نا يزيد ، عن سفيان بن حسين ، عن الحسن في قوله عزوجل : (قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا)(١) فقال : كان والله سريا يعني عيسى صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

فقال له خالد بن صفوان : يا أبا سعيد ، إن العرب تسمي الجدول السّري ، فقال :

صدقت.

قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف ، وأنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم عنه ، أنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن سيبخت (٢) البغدادي ، نا أبو بكر محمّد بن يحيى الصولي ، نا أبو العيناء ، نا الأصمعي ، قال : قدم أمية بن عبد الله بن أسيد منهزما من أبي فديك فقال الناس : كيف ندعو لمنهزم؟ فقام خالد بن صفوان فقال : بارك الله لك أيها الأمير في قدومك ، والحمد لله الذي نظر لنا عليك ولم ينظر لك علينا ، فقد تعرضت للشهادة جهدك ، فعلم الله حاجتنا إليك ، فآثرنا بك عليك ، ولك عند الله ما تحب. فعلم الناس أنه لا يتعذر عليه أن يتكلم في شيء.

حدّثني أبو بكر السّلماسي ، عن أبي عبد الله محمّد بن فتوح ، أنا أبو القاسم منصور بن النعمان ـ بمصر ـ أنا الشريف أبو عبد الله محمّد بن عبيد الله ، عن أبي العباس عبد الله بن عبيد الله الصفري ، عن أبي بكر الصّنوبري ، أنا علي بن سليمان الأخفش ، قال : قال محمّد بن يزيد المبرّد ، حدّثني ابن عائشة عن أبيه قال : قال خالد بن

__________________

(١) سورة مريم ، الآية : ٢٤.

(٢) ضبطت عن التبصير.

١٠٤

صفوان : أحسن الكلام ما لم يكن بالبدوي المغرف بالقوي المخدج ، ولكن ما شرفت مبانيه وظرفت معانيه ولذ على أفواه القائلين وحسن في آذان السامعين ، وازداد حسنا على ممر السنين تحتجنه الرواة وتقتنيه السراة ، وقال المبرد : وقال خالد بن صفوان لوال دخل عليه : قدمت فأعطيت كلّا بقسطه من نظرك ومجلسك ، وصلاته وعدلك حتى كأنك من كل أحد ، وكأنك لست من أحد.

أخبرنا أبو العز السّلمي ـ مناولة وإذنا ، وقرأ عليّ الإسناد ـ أنا أبو علي محمّد بن الحسين ، أنا أبو الفرج المعافى بن زكريا القاضي (١) ، أنا أحمد بن العباس العسكري ، نا عبد الله بن أبي سعد ، حدّثني أبو جعفر محمّد بن إبراهيم بن يعقوب بن داود ، نا الهيثم بن عدي ، قال : كان أبو العباس يعجبه السمر ومنازعة الرجال ، فحضره ذات ليلة في سمره إبراهيم بن مخرمة الكندي وناس من بني الحارث بن كعب ، وهم أخواله ، وخالد بن صفوان بن إبراهيم التميمي فخاضوا في الحديث وتذاكروا مضر واليمن ، فقال إبراهيم : يا أمير المؤمنين إن اليمن هم العرب الذين دانت لهم الدنيا ، وكانت لهم القرى ، ولم يزالوا ملوكا أربابا ورثوا دلك كابرا عن كابر ، أولا عن آخر ، منهم النعمانيات والمنذريات والقابوسيات والتبابعة ، ومنهم من حمت لحمه الدّبر (٢) ، ومنهم غسيل الملائكة (٣) ، ومنهم من اهتزّ لموته العرش (٤) ، ومنهم مكلّم الذئب (٥) ، ومنهم الذي كان يأخذ كل سفينة (٦) غصبا وليس شيء له خطر إلّا وإليهم ينسب من فرس رابع ، أو سيف قاطع أو درع حصينة ، أو حلّة مصونة ، أو درّة مكنونة ، إن سئلوا أعطوا ، وإن سيموا أبوا ، وإن نزل بهم ضيف قروا ، لا يبلغهم مكاثر ، ولا ينالهم مفاخر ، هم العرب العاربة وغيرهم المتعربة.

__________________

(١) الخبر في الجليس الصالح الكافي ٣ / ٤٢ ـ ٤٤ والموفقيات ص ١٢١ وبغية الطلب ٧ / ٣٠٥٠ وباختصار في عيون الأخبار ١ / ٢١٧ والبيان والتبيين ١ / ٣٣٩.

(٢) يعني عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح قتل يوم الرجيع (انظر سيرة ابن هشام).

(٣) غسيل الملائكة هو حنظلة بن أبي عامر ، استشهد يوم أحد (سيرة ابن هشام ، الإصابة).

(٤) سعد بن معاذ الذي اهتز لموته العرش.

(٥) رجل من خزاعة على عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم (انظر خبره في دلائل النبوة للبيهقي) ودلائل النبوة لأبي نعيم ص ٣١٨.

(٦) قيل اسمه الجلندي وقيل هو دبدد وقيل غير ذلك.

١٠٥

قال أبو العباس : ما أظن التميمي يرضى بقولك ، ثم قال : ما تقول يا خالد؟ قال : إن أذنت لي في الكلام وأمنتني من الموجدة تكلمت ، قال : قد أذنت لك فتكلّم ولا تهب أحدا ، فقال :

أخطأ يا أمير المؤمنين المتقحم بغير علم ، ونطق بغير صواب ، فكيف يكون ما قال والقوم ليست لهم ألسن فصيحة ، ولا لغة صحيحة ، ولا حجّة نزل بها كتاب ، ولا جاءت بها سنّة ، وهم منا على منزلتين : إن جاروا عن قصدنا أكلوا ، وإن جازوا حكمنا قتلوا ، يفخرون علينا بالنعمانيات والمنذريات وغير ذلك مما سنأتي (١) عليه ، ونفخر عليهم بخير الأنام ، وأكرم الكرام محمّد عليه‌السلام ، ولله علينا المنة وعليهم ، لقد كانوا أتباعه ، فبه عزّوا وله أكرموا فمنا النبيّ المصطفى ، ومنا الخليفة المرتضى ، ولنا البيت المعمور والمشعر (٢) وزمزم والمقام والمنبر والركن والحطيم والمشاعر والحجابة ، والبطحاء مع ما لا يخفى من المآثر ولا يدرك من المفاخر ، وليس يعدل بنا عادل ، ولا يبلغ فضلنا قول قائل ، ومنا الصّدّيق والفاروق والرضي (٣) وأسد الله سيد الشهداء (٤) وذو الجناحين (٥) ، وسيف [الله](٦) ، وبنا عرفوا الدين وأتاهم اليقين فمن زاحمنا زاحمناه ، ومن عادانا اصطلمناه.

ثم التفت فقال : أعالم أنت بلغة قومك؟ قال : نعم ، قال : فما اسم العين؟ قال : الحجمة ، قال : فما اسم السن؟ قال : الميدن (٧) ، قال : فما اسم الأذن؟ قال : الصّنّارة ، قال : فما اسم الأصابع؟ قال : الشناتر ، قال : فما اسم اللحية؟ قال : الزبّ؟ قال : فما اسم الذئب؟ قال : الكتع ، قال : فقال له أفمؤمن أنت بكتاب الله؟ قال : نعم ، قال : فإن الله تعالى يقول : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)(٨) وقال (بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ

__________________

(١) بالأصل : سيأتي ، والمثبت عن الجليس الصالح.

(٢) الجليس الصالح : والمسعى.

(٣) الجليس الصالح وابن العديم : والوصي.

(٤) هو حمزة بن عبد المطلب ، عم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(٥) هو جعفر بن أبي طالب ، أخو علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنهم.

(٦) سقط لفظ الجلالة من الأصل واستدرك عن الجليس الصالح ، وهو خالد بن الوليد.

(٧) الجليس الصالح : «الميزم» وفي ابن العديم : «البدن».

(٨) سورة يوسف ، الآية : ٢.

١٠٦

مُبِينٍ)(١) ، وقال : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ)(٢).

فنحن العرب والقرآن بلساننا نزل ، ألم تر أن الله عزوجل قال : (الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ)(٣) ولم يقل : الحجمة بالحجمة ، وقال : (السِّنَّ بِالسِّنِ)(٤) ولم يقل الميدن (٥) بالميدن. وقال (الْأُذُنَ بِالْأُذُنِ)(٦) ولم يقل الصّنارة بالصّنارة ، وقال : (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ)(٧) ولم يقل شناترهم في صنّاراتهم ، وقال : (لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي)(٨) ولم يقل لا تأخذ بزبي ، وقال : (فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ)(٩) ولم يقل أكله الكتع.

ثم قال : أسألك عن أربع ، إن أنت أقررت بهن قهرت ، وإن جحدتهن كفرت ، قال : وما هن؟ قال : الرسول منا أو منكم؟ قال : منكم ، قال : فالقرآن نزل علينا أو عليكم؟ قال : عليكم ، قال : فالبيت الحرام لنا أو لكم؟ قال : لكم ، قال : فالخلافة فينا أو فيكم؟ قال : فيكم ، قال خالد : فما كان بعد هذه الأربع فلكم.

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن علي بن الحسين الحمّامي ، أنا أبو علي الحسن بن عمر بن الحسن بن يونس ، أنا أبو الحسن علي بن القاسم بن الحسن النّجّاد ، نا أبو روق أحمد بن محمّد بن بكر ، نا عبد الله بن شبيب المكي ، قال : قيل لخالد بن صفوان : أي إخوانك أحب إليك؟ قال : الذي يغفر زللي ، ويقبل عللي ، ويسد خللي (١٠).

أخبرنا أبو القاسم بن المستملي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، حدّثني محمّد بن محمّد الأديب ، نا الصّولي ، نا أبو قلابة الرقاشي ، نا

__________________

(١) سورة الشعراء ، الآية : ١٩٥.

(٢) سورة إبراهيم ، الآية : ٤.

(٣) سورة المائدة ، الآية : ٤٥.

(٤) سورة المائدة ، الآية : ٤٥.

(٥) الجليس الصالح : الميزم بالميزم.

(٦) سورة المائدة ، الآية : ٤٥.

(٧) سورة البقرة ، الآية : ١٩.

(٨) سورة طه ، الآية : ٩٤.

(٩) سورة يوسف ، الآية : ١٧.

(١٠) الخبر نقله ابن العديم في بغية الطلب ٧ / ٣٠٥٣.

١٠٧

الأصمعي ، قال : قيل لخالد بن صفوان : أي الإخوان الأحبّ عليك حقا قال : الذي يسد خللي ويغفر زللي ويقبل عللي.

قال : وأنا ابن زبر ، نا عبد الله بن عمرو بن أبي سعد ، أنا أحمد بن معاوية ، نا الأصمعي ، قال : قال خالد بن صفوان : ليس شيء أحسن من المعروف إلّا ثوابه ، وليس كلّ من أمكنه أن يصنعه يكون له فيه نية ، وليس كل من يكون له فيه نية يؤذن له فيه ، فإذا اجتمعت النية والإمكان والإذن فقد تمت السعادة.

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا رشأ بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، نا إبراهيم الحربي ، نا أبو نصر ، عن الأصمعي ، قال : قيل لخالد بن صفوان : أي الإخوان أحب إليك؟ قال : الذي يسد خللي ويغفر زللي ويقبل عللي (١).

قال : ونا إبراهيم بن إسحاق ، نا الزياد [ي] ، نا الأصمعي ، قال : قال خالد بن صفوان : من تزوج امرأة فليتزوجها عزيزة في قومها ، ذليلة في نفسها ، أدّبها الغنى وأذلّها الفقر ، حصان من جارها ، متحننة (٢) على زوجها.

كتب إليّ أبو سعد (٣) محمّد بن محمّد بن أحمد (٤) المطرّز ، ثم أخبرني أبو القاسم محمود بن أحمد بن الحسن بتبريز عنه ، أنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن محمّد الفقيه ، أنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمّد ، نا أحمد بن محمّد بن بكر ، أنا العباس بن الفرج ، نا عبد الله بن شبيب المكي ، قال : قيل لخالد بن صفوان : أي إخوانك أحبّ إليك؟ قال : الذي يغفر زللي ويقبل عللي ، ويسد خللي.

قال : وأوصى حكيم ولده فقال : عليك بصحبة من إذا صاحبته زانك ، وإن احتجت إليه مانك (٥) ، وإن استعنت به أعانك ، وإن خدمته صانك.

قال : وثلاثة لا يعرفون إلّا في ثلاثة مواضع : الحليم عند الغضب ، والصديق عند النائبة ، والشجاع عند اللقاء.

__________________

(١) المصدر نفسه.

(٢) في ابن العديم ٧ / ٣٠٥٧ متحصنة على زوجها.

(٣) الأصل : أبو سعيد» خطأ والصواب عن م انظر تذكرة الحفاظ ٤ / ١٢٣٩ وسير الأعلام ١٩ / ٢٥٤.

(٤) الأصل : «محمد» خطأ وكتبت «محمد» على هامش م انظر تذكرة الحفاظ ٤ / ١٢٣٩ وسير الأعلام ١٩ / ٢٥٤.

(٥) مأن القوم احتمل مئونتهم أي قوتهم وقد لا يهمز فالفعل مان.

١٠٨

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو علي محمّد بن محمّد بن المسلمة ، والحسن بن علي بن البنّا ، وعبد الواحد بن محمّد بن فهد العلّاف ، قالوا : أنا أبو والحسن علي بن أحمد المقرئ ، أنا أبو طاهر عبد الواحد بن عمر بن أبي هاشم المقرئ ، نا وكيع بن خلف ، حدّثني محمّد بن خلاد ، نا الوليد بن هشام القحذمي ، قال : دخل خالد بن صفوان الحمّام وفيه رجل مع أبيه ، فأراد أن يعرف خالدا ما عنده من البيان فقال : يا بني ابدأ بيداك ورجلاك ثم التفت إلى خالد فقال : يا أبا صفوان هذا كلام قد ذهب أهله ، قال : هذا كلام ما خلق الله له أهلا قط (١).

قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف ، وأنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش المقرئ عنه ، أنا إبراهيم بن علي بن إبراهيم البغدادي ، نا محمّد بن يحيى الصّولي ، نا أبو حاتم سليمان بن أحمد المادرائي ، حدّثني أبي ، نا جدي ، قال : كان خالد بن صفوان بن الأهتم التميمي يأكل خبزا وجبنا إذ سلّم عليه أعرابي فقال : هلمّ إلى هذا الخبز والجبن فإنه حمض العرب ، وهو يسيغ اللقمة ويفتق الشهوة ويطيب (٢) عليه الشربة. فانحط الأعرابي فلم يبق شيء منهما فقال خالد : يا جارية زيدينا خبزا وجبنا ، فقالت : ما بقي عندنا منهما شيء ، قال خالد : الحمد لله الذي صرف عنا معرّته وكفانا مئونته ، والله انه ما علمته ليقدح في السّنّ ، ويخشّن الحلق ، ويربو في المعدة ، ويعسر في المخرج ، فقال الأعرابي : والله ما رأيت قط قرب مدح من ذم أقرب من هذا (٣).

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا رشأ بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، نا محمّد بن داود ، نا محمّد بن سلام ، قال : قالت امرأة لخالد بن صفوان : إنك لجميل ، فقال خالد : كيف تقولين هذا ، فو الله ما فيّ عمود الجمال ولا رداؤه ولا برنسه. فأما عمود الجمال فالطول ، وأما رداؤه فالبياض ، وأما برنسه فسواد الشعر ، وأنا (٤) أصلع آدم قصير. ولكن قولي إنّك لحلو (٥).

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنا جدي أبو بكر ، أنا

__________________

(١) الخبر نقله ابن العديم في بغية الطلب ٧ / ٣٠٥٨ ـ ٣٠٥٩.

(٢) الأصل : ويطيب.

(٣) ابن العديم ٧ / ٣٠٥٦.

(٤) الأصل : «وأما» والمثبت الصواب عن ابن العديم.

(٥) المصدر نفسه ٧ / ٣٠٥٧ ـ ٣٠٥٨.

١٠٩

أبو محمّد بن زبر ، نا محمّد بن سليمان بن داود المنقري ، نا أبو عثمان المازني ، نا الأصمعي ، عن عوانة ، قال : قال : انحدر خالد بن صفوان إلى البصرة مع بلال بن أبي بردة ، فلما قربا من البطيحة قال بلال لخالد : استقبل عكابة النّميري ، فقال خالد : أوه كدت والله تصدع قلبي حين دنونا من آجام البطيحة ، وعكر البصرة وعثاء البحر ذكرت أن رجلا هو أثقل على قلبي من شرب الأيارج بماء البحر ، يعقب التخمة وساعة الحجامة.

قال : ونا الأصمعي عن عوانة ، قال : دخل عكابة النّميري على بلال بن أبي بردة ، فنظر إلى ثور مجلل في جانب الدار ، فقال : ما أفره هذا البغل لو لا أن حوافره مشققة.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ـ قراءة ـ نا عبد العزيز بن أحمد ، أنا عبد الوهاب بن جعفر ، نا القاضي أبو عبد الله محمّد بن عبد الله ، نا ابن أبي شيخ محمّد بن أحمد الرافقي ، نا أبو شعيب ، نا أبو زيد ، نا الضحاك ، قال : لما خرج وفد أهل البصرة إلى ابن هبيرة مروا بالكوفة فاحتجب الأعمش منهم فقال خالد بن صفوان : أنا أخرجه فنادوا على بابه : يا أعمش يا أعمش ، فخرج مغضبا فقال : من هذا؟ فقال خالد : أنا من الذين قال الله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ)(١) فلما عرفه الأعمش جلس معه فأطال.

أنبأنا أبو علي محمّد بن سعيد بن إبراهيم بن نبهان ح.

ثم أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن ح ، وحدّثنا أبو الفضل محمّد بن ناصر ، أنا أبو طاهر ، وأبو الحسن محمّد بن إسحاق بن إبراهيم وأبو علي بن نبهان ، قالوا : أنا أبو علي بن شاذان ، أنا أبو بكر محمّد بن الحسن بن مقسم المقرئ ، نا أبو العباس أحمد بن يحيى ، قال : ركب خالد بن صفوان يوما ومعه أصحاب له فأخذتهم السماء وهو على حمار فقال : أما علمتم أن قطوف (٢) الدابة أمير القوم فساروا معه ، فلما كان الغد ركب برذونا هملاجا (٣) فأخذتهم السماء فرفع برذونه فقالوا : يا أبا صفوان ما كان هذا كلامك بالأمس ، قال : فلم غالينا بالهماليج (٤)؟

__________________

(١) سورة الحجرات ، الآية : ٤.

(٢) دابة قطوف : ضاق مشيها (القاموس).

(٣) البرذون الهملاج : المذلل المنقاد (قاموس).

(٤) الخبر نقله ابن العديم في بغية الطلب ٧ / ٣٠٥٦ ـ ٣٠٥٧.

١١٠

أخبرنا أبو سعد بن البغدادي ، أنا أبو منصور بن شكرويه ، ومحمّد بن أحمد بن علي أبو بكر السمسار ، قالا : أنا إبراهيم بن عبد الله بن محمّد ، نا المحاملي أبو عبد الله ، نا عبد الله بن أبي سعد ، أنا الحسن بن علي بن منصور ، نا محمّد بن سعيد الرازي ، نا محمّد بن حميد ، أنا عبد الرّحمن بن مغراء ، قال : سمعت شبيب بن شيبة يقول : لقيني خالد بن صفوان على حمار له فقلت له : يا أبا صفوان أين أنت عن الهماليج؟ قال : تلك للطلب والهرب ، ولست بطالب ولا هارب ، قلت : فأين أنت عن البراذين؟ قال : تلك للمغذّين المسرعين ، ولست بمغذّ ولا مسرع ، قلت : فأين أنت عن البغال؟ قال : تلك للأنزال والأثقال (١) ، ولست بصاحب ثقل (٢) ولا نزل ، قلت : فما تصنع بحمارك هذا؟ قال : أدبّ عليه دبيبا ، وأقرّب تقريبا ، وأزور عليه إذا شئت حبيبا.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، وأبو منصور بن العطار ، قالا : أنا أبو طاهر المخلّص ، نا عبيد الله بن عبد الرّحمن ، نا زكريا بن يحيى المنقري ، قال : قال خالد بن صفوان : من صحب السلطان بالصحة والنصيحة كان أكثر عدوا ممن صحبه بالغش والخيانة ، لأنه يجتمع لي على الناصح عدو الوالي وصديقه بالعداوة والحسد ، فصديق الوالي ينافسه في منزلته ، وعدو الوالي يعاديه لنصيحته.

قال : ونا الأصمعي ، نا عبد الصمد بن شبيب ، قال : قال خالد بن صفوان : إن جعلك الوالي أخا فاجعله سيدا ولا يحدّثن لك الاستئناس به غفلة ، ولا تهاونا.

قال : ونا عبد الصمد بن شبيب ، قال : قال خالد بن صفوان : لا تصحبن من صحبت من الولاة إلّا على شعبة مودة ، قد كانت فإن استطعت أن تجعل صحبتك لمن قد عرفك بصالح مودتك قبل ولايته فافعل.

أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو أحمد عبد الرّحمن بن إسحاق العامري ، أنا أبو عمرو أحمد بن أبي الفراتي ، قال : سمعت أبا موسى عمران بن موسى يقول : سمعت أبا الحسن محمّد بن محمّد بن أبي الجلاب حين أتى عثمان الحمري قال : سمعت جعفر بن سواد يقول : جاء رجل إلى خالد بن صفوان ، فقال له : تزوجت؟ قال : لا ،

__________________

(١) ابن العديم : الأنفال.

(٢) ابن العديم : نفل.

١١١

قال : فتزوج ، ثم لما كان بعد ساعة قال : لا تتزوج ، قال : لم؟ قال : لأنك إن تزوجت بواحدة فتطهر إن طهرت ، وتحيض إن حاضت ، وتغضب إن غضبت ، وترضى إن رضيت ، وإن تزوجت اثنتين (١) فتقع بين جمرتين ، وإن تزوجت بثلاث تقع بين أثافي ، وإن تزوجت بأربع فيفلسنك وينهبنّك قال : أفتحرّم ما أحلّ الله؟ قال : لا ، ولكن كوزان وطمران وفرصان وعبادة الرّحمن.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو [الحسين بن](٢) النقور ، وأبو منصور ، قالا : أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا عبيد الله بن عبد الرّحمن السكري ، أنا زكريا بن يحيى المنقري ، قال : ونا الأصمعي عن العلاء بن جرير ، قال : قال خالد بن صفوان : إن سأل الوالي رجلا غيرك فلا تكن أنت المجيب ، فإن ذلك خفة بالسائل والمسئول.

وقال خالد بن صفوان : خير ما يدخر الآباء للأبناء اصطناع الأيادي عند ذوي الأحساب.

وقال خالد بن صفوان : إذا رأيت محدّثا يحدّث حديثا قد سمعته ، أو يخبر خبرا قد علمته فلا تشاركه فيه حرصا على أن تعلم من حضرك أنك قد علمته ، فإن ذلك خفة وسوء أدب.

وقال : ابذل لصديقك مالك ، ولمعرفتك بشرك وتحيتك ، وللعامة رفدك وحسن محضرك ، ولعدوك عدلك ، واضنن بدينك وعرضك عن كل أحد.

قال : ونا الأصمعي قال : قال خالد بن صفوان : استصغر الكبير (٣) في طلب المنفعة ، واستعظم الصغير في ركوب المضرة.

قال : ونا الأصمعي ، نا عبد الملك بن الفضل المنقري ، قال : قال خالد بن صفوان : لا أتزوج من النساء إلّا امرأة قد أدّبها الغنى وذلّلها الفقر.

أخبرنا أبو منصور عبد الرّحمن بن محمّد بن عبد الواحد ، أنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب ، أنا أبو الحسن علي بن عبد العزيز الطاهري ، أنا أبو محمّد علي بن

__________________

(١) الأصل : اثنين.

(٢) الزيادة لازمة للإيضاح.

(٣) غير واضحة ، ونميل إلى قراءتها «الكثير» والمثبت «الكبير» عن م.

١١٢

عبد الله بن المغيرة الجوهري ، نا أحمد بن سعيد الدمشقي ، حدّثني الزّبير بن بكّار ، حدّثني عمي مصعب بن عبد الله ، عن الهيثم بن عدي :

أخبرني حفص بن غلاث ، قال : قلت لخالد بن صفوان : يا أبا صفوان ما يمنعك من التزويج وإني أستقبح لك أن لا يكون عندك امرأة عربية وأنت أيسر أهل البصرة.

قال : فابغني امرأة ، قال : أي امرأة تريد؟ قال : أريدها بكرا كثيّب أو ثيّبا كبكر ، لا ضرعاء صغيرة ولا عجوزا كبيرة ، لم تقرأ فتحنن ولم تفت فتمجن ، قد كانت في نعمة وأدركتها حاجة ، فخلق النعمة معها وذلة الحاجة فيها ، حسبي من جمالها أن تكون فخمة من بعيد مليحة من قريب ، وحسبي من حسنها أن تكون واسطة في قومها ، إن عشت أكرمتها وإن مت ورثتها ، لا ترفع رأسها إلى السماء رفعا ولا تضعه في الأرض وضعا ، فقلت : يا أبا صفوان إن الناس في طلب هذه عند قتل عثمان.

قال الخطيب : قرأته في أصل ابن المغيرة ، كما أوردته ـ يعني حفص بن غلاث ـ بالغين والثاء المعجمة بثلاث ـ.

أخبرنا أبو نصر بن رضوان ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أبو بكر محمّد بن خلف بن المرزبان ، نا أبو جعفر الثمامي ، نا أبو الحسن المدائني ، قال : قال خالد بن صفوان : لو لا أن المروءة تشتد مئونتها ، ويثقل حملها ، ما ترك اللئام للكرام منها مبيت ليلة ، فلما ثقل حملها ، واشتدت مئونتها حاد عنها اللئام واحتملها الكرام.

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا أبو الحسن المقرئ ، أنا أبو محمّد الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، نا أحمد بن داود ، نا المازني ، عن الأصمعي ، قال : قال خالد بن صفوان : بت ليلة أتمنى ليلتي كلها حتى كبست (١) البحر الأخضر بالذهب الأحمر ، ثم نظرت وإذا يكفيني من ذلك رغيفان وكوزان وطمران (٢).

قال : ونا محمّد بن موسى البصري ، نا محمّد بن سلام الجمحي ، قال قائل لخالد بن صفوان : ما لك لا تنفق؟ فإن مالك عريض ، فقال : الدهر أعرض منه ، فقيل :

__________________

(١) غير واضح بالأصل والمثبت عن م ، وانظر مختصر ابن منظور ٧ / ٣٦٤ وفي ابن العديم : كسيت.

(٢) الخبر في ابن العديم : بغية الطلب ٧ / ٣٠٥٥.

١١٣

كأنك تأمل أن تعيش الدهر كله ، فقال : ولا أخاف أن أموت في أوله.

قال : ونا أحمد بن يحيى ، نا محمّد بن سلام الجمحي ، قال : قال خالد بن صفوان : أربع لا يطمع فيهن أحد عندي : القرض والقرص والهرس (١) وأن أسعى لأحد في حاجة. فقيل له فما نصنع بك بعد هذا؟ قال : ماء بارد ، وحديث ما ينادى وليده (٢).

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو القاسم عبد الخالق بن علي المؤذن ، أنا محمّد بن علي بن الحسين ببخارا ، أنا أحمد بن عبد الله بن نصر الدمشقي ، نا وريزة (٣) بن محمّد ، نا معمر بن شبيب ، قال : قال الهيثم : قال خالد بن صفوان : أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة ، وأنقص الناس عقلا من ظلم من هو دونه.

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنا أحمد بن محمّد بن النّقّور ، وعبد الباقي بن محمّد بن غالب ، قالا : أنا أبو طاهر المخلّص ، نا عبيد الله بن عبد الرّحمن ، نا زكريا بن يحيى ، نا الأصمعي ، نا يونس النحوي ، قال : أتينا خالد بن صفوان نعزيه على ابنه ربعي ونحن متفجعون له ، فأتينا إليه وهو يقول :

يهوّن ما ألقى من الوجد أنني

أجاوره في داره اليوم أو غدا

قال : ونا الأصمعي ، نا الفضل بن عبد الملك ، قال : قال خالد بن صفوان : لفتى بين يديه : رحم الله أباك ان كان ليملأ العين جمالا ، والأذن بيانا.

أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي ، أنا أبو بكر الخطيب ، أخبرني أبو الحسن بن الجواليقي في كتابه ، أنا أحمد بن علي الخزاز (٤) ، نا عبد الله بن بحر ، نا عمر بن محمّد بن عبد الحكم ، نا محمّد بن عمر الوراق ، عن علي بن محمّد القرشي المدائني (٥) ، قال : كان خالد بن صفوان إذا أخذ جائزته قال للدراهم : أما والله لأطيلنّ

__________________

(١) في ابن العديم : القرض والفرص والهريس.

(٢) الخبر نقله ابن العديم في بغية الطلب ٧ / ٣٠٥٥.

(٣) الأصل : «وزيرة» وفي م : وريره والصواب ما أثبت وضبطت اللفظة عن التبصير.

(٤) إعجامها غير واضح بالأصل وفي م : الخراز والمثبت عن ابن العديم ، وانظر ترجمته في سير الأعلام ١٣ / ٤١٨.

(٥) الأصل : «المداني» والمثبت عن م ، وانظر ابن العديم ، وفيه : المدائني.

١١٤

ضجعتك ، ولأديمنّ صرعتك (١).

قال : وأتى خالد بن صفوان رجل فسأله ، فأعطاه درهما فقال له : سبحان الله يا أبا صفوان أسألك فتعطيني درهما ، فقال له خالد : يا أحمق ، أما تعلم أن الدرهم عشر العشرة ، والعشرة عشر المائة والمائة عشر الألف والألف عشر العشرة آلاف؟ ألا ترى كيف ارتفع الدرهم إلى دية المسلم؟ والله ما تطيب نفسي بدرهم أنفقه إلّا درهما قرعت به باب الجنة ، أو درهما أشتري به موزا فآكله (٢).

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، وأبو الفضل أحمد بن الحسن بن هبة الله ، قالا : أنا أبو الخطاب عبد الملك بن أحمد بن عبد الله ، أنا أبو عبد الله الحسين بن محمّد بن جعفر الخالع ، أنا عمي أبو عمرو عثمان بن جعفر بن محمّد بن الحسين الجواليقي ، نا أبو مقاتل محمّد بن العباس بن أحمد بن مجاشع ، نا الحارث بن أبي أسامة ، قال الحنظلي : قال خالد بن صفوان لرجل : إن أباك كان دميما وكان عاقلا ، وإن أمك كانت جميلة وكانت رعناء فجمعت دمامة أبيك إلى حماقة أمك ، فيا جامع شرف أبويه.

أخبرنا أبو القاسم العلوي ، أنا أبو الحسن المقرئ ، أنا أبو محمّد الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، نا أبو زيد ، عن أبي عبيدة ، قال : قال خالد بن صفوان : لا تطلبوا الحوائج في غير حينها ، ولا تطلبوها إلى غير أهلها ، ولا تطلبوا ما لستم له بأهل فتكونوا للمنع أهلا (٣).

قال : ونا إبراهيم بن نصر ، نا محمّد بن سلام ، قال : قال خالد بن صفوان : لا تطلبوا ما لا تستحقون فإن من طلب ما لا يستحق استوجب الحرمان (٤).

قال : ونا أحمد بن يحيى ، قال : سمعت ابن السّكّيت يقول (٥) : قال خالد بن صفوان : فوت الحاجة خير من طلبها إلى غير أهلها ، وأشد من المصيبة سوء الخلف

__________________

(١) الخبر نقله ابن العديم : بغية الطلب ٧ / ٣٠٥٨.

(٢) المصدر نفسه : الجزء والصفحة.

(٣) بغية الطلب ٧ / ٣٠٥٩.

(٤) المصدر نفسه ٧ / ٣٠٥٥.

(٥) الخبر والشعر نقله ابن العديم في بغية الطلب ٧ / ٣٠٥٣.

١١٥

منها ، وأنشد لا مرأة من ولد حسان بن ثابت في مثله :

سل الخير أهل الخير قدما ولا تسل

فتى ذاق طعم العيش منذ قريب

قال : ونا إسماعيل بن إسحاق السراج ، نا الزيادي ، عن مؤرج ، قال : قال رجل لخالد بن صفوان : إني إذا رأيتكم تتذاكرون الأحساب ، وتتذاكرون الآثار ، وتتناشدون الأشعار وقع عليّ النعاس ، قال : لأنك حمار في مثال إنسان (١).

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، أنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنا جدي أبو بكر ، أنا أبو محمّد بن زبر ، نا الحسن بن عليل ، نا مسعود بن بشر ، نا الأصمعي ، قال : قال خالد بن صفوان : أشد من فوت الحاجة طلبها من غير أهلها وأشد من المصيبة سوء الخلف.

قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن ، عن أبي تمام علي بن محمّد ، عن أبي عمر بن حيّوية ، أنا محمّد بن القاسم الكوكبي ، نا ابن أبي خيثمة ، نا الصلت بن مسعود ، نا إبراهيم بن سعد ، قال : سمعت خالد بن صفوان وسألوه : ألك علم بالحسن؟ قال : أنا أهل خبره كانت داره ملعبي صغيرا ومجلسه مجلسي كبيرا ، قالوا : فما عندك فيه؟ قال : كان آخر الناس وما رأيته زاحم على شيء من الدنيا قط.

قال : وأنا ابن أبي خيثمة ، أنا سليمان بن أبي شيخ ، أنا صالح بن سليمان ، قال : قال خالد بن صفوان لعمرو بن عبيد : لم لا تأخذ مني فتقضي دينا إن كان عليك وتصل رحمك ، فقال له عمرو : أما دين فليس عليّ وأما صلة رحمي فلا تجب علي وليس عندي قال : فما يمنعك أن تأخذ مني ، قال : يمنعني أنه لم يأخذ أحد من أحد شيئا إلّا ذل له ، وأنا والله أكره أن أذلّ لك.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع ، أنا أبو عمرو بن مندة ، أنا الحسن بن محمّد المديني (٢) ، أنا أحمد بن محمّد البنّاني (٣) ، نا عبد الله بن محمّد القرشي ، حدّثني الحسين بن عبد الرّحمن ، قال : قال شبيب بن شيبة ، قال خالد بن صفوان : إن رجالا قد

__________________

(١) المصدر نفسه ج ٧ / ٣٠٥٩.

(٢) في ابن العديم : المدائني.

(٣) ابن العديم : اللبناني.

١١٦

أصابوا مالا فتكلموا وعلوا فقال :

قد أنطقت الدراهم بعد عي

أناس طال ما كانوا سكوتا

فما عادوا على جار بخير

ولا رفعوا لمكرمة بيوتا

كذاك المال يجبر كل عيب

ويترك كل ذي حسب صموتا

١٨٨٧ ـ خالد بن أبي الصلت البصري (١)

عامل عمر بن عبد العزيز.

حدّث عن ربعي بن خراش ، وعراك بن مالك ، وعمر بن عبد العزيز ، وعبد الملك بن عمير ، وسماك بن حرب.

روى عنه : خالد الحذّاء ، ومبارك بن فضالة ، وواصل مولى أبي عيينة.

أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمّد بن الحصين ، أنا أبو علي بن المذهب ، أنا أحمد بن جعفر ، نا عبد الله بن أحمد (٢) ، حدّثني أبي ، نا وكيع ، أنا حمّاد بن سلمة ، عن خالد الحذّاء ، عن خالد بن أبي الصلت ، عن عراك ، عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «قد فعلوها استقبلوا بمقعدتي (٣) القبلة» [٣٨٦٤].

قال (٤) : وحدّثني أبي ، نا علي بن عاصم ، قال خالد الحذّاء أخبرني عن خالد بن أبي الصلت قال : كنت عند عمر بن عبد العزيز في خلافته قال : وعنده عراك بن مالك فقال عمر : ما استقبلت القبلة ولا استدبرتها ببول ولا غائط منذ كذا وكذا.

فقال عراك : حدثتني عائشة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما بلغه قول الناس في ذلك أمر بمقعدته فاستقبل بها القبلة [٣٨٦٥].

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، نا أبو العباس محمّد بن يعقوب ، نا يحيى بن أبي طالب ، نا علي بن عاصم ، نا خالد الحذّاء ، عن خالد بن أبي الصلت ، قال : كنت عند عمر بن عبد العزيز في خلافته وعنده

__________________

(١) ترجمته في تهذيب التهذيب ٢ / ٦٠ ـ ٦١ وميزان الاعتدال ١ / ٦٣٢.

(٢) مسند أحمد ٦ / ١٣٧.

(٣) رسمها وإعجامها غير واضحين والمثبت عن م وانظر المسند.

(٤) مسند الإمام أحمد ٦ / ١٨٤.

١١٧

عراك بن مالك فقال عمر : ما استقبلت القبلة ولا استدبرتها ببول ولا غائط منذ كذا وكذا ، فقال عراك : حدثتني عائشة أم المؤمنين أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما بلغه قول الناس في ذلك أمر بمقعدته فاستقبل بها القبلة [٣٨٦٦].

قال البيهقي : تابعه حمّاد بن سلمة ، عن خالد الحذّاء في إقامة إسناده ، ورواه عبد الوهاب الثقفي ، عن خالد الحذاء ، عن عراك ، عن عائشة.

أنبأنا أبو الغنائم بن ميمون ح ، ثم حدّثنا أبو الفضل الحافظ ، أنا أبو الفضل بن خيرون ، وأبو الحسين بن الطّيّوري ، وأبو الغنائم ـ واللفظ له ـ قالوا : أنا أبو أحمد ـ زاد ابن خيرون : وأبو الحسن الأصبهاني ، قالا : ـ أنا أحمد بن عبدان ، أنا محمّد بن سهل ، أنا محمّد بن إسماعيل (١) : قال موسى ، نا حمّاد ، عن خالد الحذّاء ، عن خالد بن أبي الصلت ، قال : كنا عند عمر بن عبد العزيز ، فقال عراك بن مالك قال : سمعت عائشة [تقول](٢) قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «حوّلي (٣) مقعدي إلى القبلة بفرجه (٤)» وقال موسى : نا وهيب ، عن خالد ، عن رجل أن عراكا حدّث عن عمرة ، عن عائشة [عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم](٥) ، وقال ابن بكير : حدّثني بكر ، عن جعفر بن ربيعة ، عن عراك ، عن عروة أن عائشة كانت تنكر قولهم : لا تستقبل القبلة ، وهذا أصح [٣٨٦٧].

أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أنا أبو علي بن المذهب ، أنا أحمد بن جعفر ، نا عبد الله بن أحمد (٦) ، حدّثني أبي ، نا عبد الوهاب الثقفي ، نا خالد ، عن رجل ، عن عمر بن عبد العزيز أنه قال : ما استقبلت القبلة بفرجي مذ كذا وكذا ، فحدّث عراك بن مالك ، عن عائشة : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمر بخلائه أن يستقبل به القبلة لما بلغه أن الناس يكرهون ذلك [٣٨٦٨].

أخبرنا أبو الغنائم في كتابه ، ثم حدّثنا أبو الفضل ، أنا أبو الفضل بن خيرون ، وأبو الحسين ، وأبو الغنائم ـ واللفظ له ـ قالوا : أنا أبو أحمد ـ زاد ابن خيرون : وأبو

__________________

(١) التاريخ الكبير ٢ / ١ / ١٥٦.

(٢) زيادة منا للإيضاح.

(٣) في البخاري : حولوا.

(٤) غير واضحة بالأصل والمثبت عن البخاري.

(٥) ما بين معكوفتين زيادة عن البخاري.

(٦) مسند الإمام أحمد ٦ / ١٨٣.

١١٨

الحسين ، قالا : ـ أنا أحمد بن عبدان ، أنا محمّد بن سهل ، أنا محمّد بن إسماعيل ، قال (١) : خالد بن أبي الصلت عامل عمر بن عبد العزيز ، عن عمر بن عبد العزيز ، وعراك ، مرسل ، روى عنه خالد الحذّاء ، ومبارك بن فضالة ، وواصل مولى أبي (٢) عيينة.

في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الأديب ، أنا عبد الرّحمن بن مندة ، أنا أبو علي الأصبهاني إجازة ح ، قال : وأنا أبو طاهر بن سلمة ، أنا علي بن محمّد ، قالا : أنا أبو محمّد بن أبي حاتم (٣) ، قال : خالد بن أبي الصلت عامل عمر بن عبد العزيز ، روى عن عمر بن عبد العزيز ، وعبد الملك بن عمير ، وسماك بن حرب ، روى عنه خالد الحذّاء والمبارك بن فضالة ، سمعت أبي يقول ذلك.

١٨٨٨ ـ خالد بن أبي ظبيان

ويقال محمّد بن خالد بن أبي ظبيان الأزدي ، يأتي في باب المحمّدين.

١٨٨٩ ـ خالد بن عباد بن زياد المعروف بابن أبي سفيان (٤)

شاعر كان يسكن بتنهج قرية بها حصن في مشاريق (٥) البلقاء مما يلي البرية.

قال يجيب شاعرا نزل به فذكر أنه لم يضفه فهجاه ، فقال يجيبه :

وما علم الكرام بجوع كلب

عويّ الكلب عادته الغواء

وتيم اللات لا يرجى لخير

وتيم اللات تفضلها النساء

١٨٩٠ ـ خالد بن عبد الله بن الحسين الأموي (٦)

مولى عثمان بن عفان ، من أهل دمشق.

__________________

(١) التاريخ الكبير ٢ / ١ / ١٥٥.

(٢) بالأصل هنا ، وفي أصل البخاري «ابن» وقد صوبه محققه «أبي» وهو الصواب ، وهذا ما أثبتناه عن م.

تهذيب التهذيب وميزان الاعتدال.

(٣) الجرح والتعديل ١ / ٢ / ٣٣٧.

(٤) ذكره ياقوت في مادة «تنهج» نقلا عن ابن عساكر.

(٥) معجم البلدان : مشارف.

(٦) ترجمته في تهذيب التهذيب ٢ / ٦٢.

١١٩

روى عن أبي هريرة.

روى عنه : إسماعيل بن عبيد الله ، وزيد بن واقد ، ومحمّد بن عبد الله الشّعيثي.

أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، نا أبو محمّد عبد العزيز بن أحمد ، أنا تمام بن محمّد ، أنا أبو الحسين محمّد بن الحسن بن درستويه ، نا إبراهيم بن عبد الواحد العبسي ، نا جدي الهيثم بن مروان ، نا مروان بن محمّد ، نا سعيد بن عبد العزيز ، عن إسماعيل بن عبيد الله ، عن خالد بن عبد الله بن حسين ، قال : سمعت أبا هريرة يقول : ما رأيت أحدا بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أكثر أن يقول : أستغفر الله وأتوب إليه من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان خالد هذا مولى لعثمان.

أخبرناه عاليا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك ، أنا أبو طاهر أحمد بن محمود ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، أنا أبو يعلى والصوفي ، وابن منيع ، قالوا : أنا أبو نصر التمار ح.

وأخبرنا أبو بكر محمّد بن الحسين ، أنا أبو الغنائم عبد الصمد بن علي ، أنا عبيد الله بن محمّد بن إسحاق ، نا أبو القاسم البغوي ، نا أبو نصر ، نا سعيد بن عبد العزيز ، عن إسماعيل بن عبيد الله ، عن خالد ، عن أبي هريرة ، قال : ما رأيت أحدا ـ قال ابن المقرئ بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أكثر أن يقول ـ وقال ابن حبابة : ما رأيت أحدا أكثر من أن يقول استغفر الله وأتوب إليه من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وفي حديث ابن المقرئ ، عن أبي خالد ، وهو وهم وصوابه عن خالد.

أخبرناه أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو سعد الجنزرودي ، أنا أبو عمرو بن حمدان ، أنا أبو يعلى الموصلي ، نا أبو نصر التّمّار ، حدّثني سعيد بن عبد العزيز فذكر بإسناده مثل حديث ابن المقرئ ، بلغني عن إسحاق بن سيّار النّصيبي أنه قال : أظن خالد بن عبد الله بن حسين لم يسمع من أبي هريرة شيئا.

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف بن بشر ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد ، قال (١) في الطبقة الرابعة من أهل الشام : خالد بن عبد الله بن حسين ، قال هشام بن عمّار ، عن صدقة بن

__________________

(١) طبقات ابن سعد ٧ / ١٦٢.

١٢٠