تاريخ مدينة دمشق - ج ١٦

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ١٦

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٦٨
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

عليه علي بن جعفر بن فلاح ، فلما انتهى أمره إلى الملقب بالحاكم عزله وولى طزملت بن بكار (١).

حدّثنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه ، قال : دفع إليّ مجير الكتامي ـ شيخ من جند المصريين ـ ورقة فيها أسماء الولاة بدمشق ، قال أبو منصور ختكين في شعبان سنة أربع وستين.

قرأت بخط أبي محمّد بن الأكفاني ، وذكر أنه نقله من خط أبي الحسين الميداني ، قال : وجاءت الولاية من مصر لختكين : ولاية البلد والغوطتين والشرطة يوم الخميس لست خلون من المحرم سنة تسع وتسعين وثلاثمائة ، وعزل عن ذلك يوم الثلاثاء لثلاث وعشرين ليلة خلت من رجب من هذه السنة.

__________________

(١) كان رجلا أسود بربريا ، يقال له القائد طزملت ، أفاده ابن القلانسي.

٣٢١

خثيم (١)

١٩٤٥ ـ خثيم (٢) بن ثابت

أبو عامر الحكمي (٣)

حدّث عن أبي خالد السّنجاري (٤).

روى عنه : سليمان بن عبد الرّحمن الدمشقي (٥).

أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور ، أنا أبو المنجّا (٦) حيدرة بن علي بن محمّد بن إبراهيم ، أنا عبد الرّحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر ، نا أحمد بن سليمان بن أيوب بن حذلم ، نا يزيد بن عبد الصمد ، نا سليمان بن عبد الرّحمن ، أنا أبو عامر الحكمي خثيم بن ثابت ، نا أبو خالد السّنجاري ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن تميم الدّاريّ ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من لقي الله بخمس فله الجنة ، ومن أتى الله بخمس فلم يحجبه عن (٧) الجنة ، والجمعة واجبة إلّا على خمس ، والوضوء الواجب من خمس ، وحقّ الرجال على النساء خمس ، ونهي النساء عن خمس.

__________________

(١) الأصل : خيثم ، والصواب عن م.

(٢) الأصل «خيثم» والصواب عن م ، عن مختصر ابن منظور ٨ / ٣٨ وضبطت اللفظة بالتصغير عن تقريب التهذيب.

(٣) ترجمته في الميزان الاعتدال ١ / ٦٥٠.

(٤) السنجاري ، ضبطت عن الأنساب ، هذه النسبة إلى سنجار بكسر السين ، مدينة بالجزيرة.

(٥) ترجمته في سير الأعلام ١١ / ١٣٦.

(٦) غير واضحة بالأصل وم والصواب ما أثبتناه ، ترجمته في سير الأعلام ١٨ / ٤١٠.

(٧) «عن» سقطت من الأصل واستدركت على هامشه.

٣٢٢

فأما من لقي الله عزوجل بخمس فله الجنة : الصلاة ، والزكاة ، وحجّ البيت ، وصيام شهر رمضان ، وطاعة ولاة الأمر ، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

وأمّا من أتى الله بخمس لم يحجبه عن الجنة : فالنصح لكتاب الله ، والنصح لرسول الله ، والنصح لولاة الأمر ، والنصح لعامة المسلمين.

وأما الجمعة واجبة إلّا على خمس : المرأة ، والمريض ، والمملوك ، والمسافر ، والصغير.

وأما الأشربة (١) من خمس : من العسل ، والزبيب ، والتمر ، والبر ، والشعير.

وأمّا حق الرجل على النساء خمس : لا تحنث له قسما ، ولا تعتزل له مضجعا ، ولا تعطر إلّا له ، ولا تخرج إلا بإذنه ، ولا تدخل عليه [من](٢) يكرهه.

وإنما نهي النساء عن خمس : عن اتّخاذ الكمام ، ولبس النعال ، وجلوس في المجالس ، وخطر بالقضيب ، ولبس الأزر والأردية بغير درع» [٣٩٤٠].

__________________

(١) كذا ، ولم ترد في بداية الحديث.

(٢) زيادة لازمة للإيضاح عن مختصر ابن منظور.

٣٢٣

خداش

١٩٤٦ ـ خداش بن بشر بن خالد بن الحارث

ابن بيبة (١) بن قرط (٢) بن سفيان بن مجاشع بن دارم بن مالك

ابن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مرّ بن أدّ

ابن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معدّ بن عدنان

أبو يزيد التميمي المجاشعي المعروف بالبعيث (٣)

أحد الشعراء المجيدين ، بصري قدم الشام وكان خطيبا شاعرا.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو محمّد عبد الوهاب بن علي بن عبد الوهاب بن السكري البزاز ـ إجازة إن لم يكن سماعا ـ أنا أبو الحسن علي بن عبد العزيز الطاهري ـ قراءة عليه ـ قال : قرئ على أبي بكر أحمد بن جعفر بن محمّد بن سالم بن راشد الختّلي (٤) ، أنا أبو خليفة الفضل بن الحباب بن محمّد بن شعيب الجمحي (٥) ، نا أبو عبد الله محمّد بن سلام بن عبيد الله بن زياد الجمحي في

__________________

(١) بفتح الباءين كما في المؤتلف والمختلف للدارقطني ، وفي بغية الطلب «نبيه» ومثله في الإكمال : نبيه بفتح الباء.

(٢) الأصل : «فرط» والمثبت عن جمهرة ابن حزم وم.

(٣) ترجمته وأخباره في معجم البلدان ١١ / ٥٢ ابن حزم ص ٢٣١ بغية الطلب لابن العديم ٧ / ٣٢٢٠ الشعر والشعراء ص ٣١٢ الوافي بالوفيات ١٣ / ٢٩٣ وانظر بحاشيتها أسماء مصادر أخرى ترجمته.

(٤) انظر ترجمته في سير الأعلام ١٦ / ٨٢ وفيها «سلم» بدل «سالم» وفي ابن العديم «الجبلي» بدل «الختلي».

(٥) سير الأعلام ١٤ / ٧.

٣٢٤

طبقات الشعراء الإسلاميين ، قال (١) : الطبقة الثانية من الإسلاميين أربعة : البعيث واسمه خداش بن بشر بن خالد بن الحارث بن نبيه بن قرط بن سفيان بن مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة ، والقطامي ، وكثيّر ، وذو الرّمّة.

أخبرنا أبو غالب أحمد ، وأبو عبد الله يحيى ابنا الحسن ، قالا : أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، عن أبي الحسن الدارقطني ح.

وقرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي الفتح عبد الكريم بن محمّد بن أحمد بن المحاملي ، أنا أبو الحسن الدارقطني ، قال : البعيث الشاعر اسمه خداش بن بشر بن أبي خالد بن بيبة بفتح الباء ابن قرط بن سفيان بن مجاشع بن دارم ، يكنى أبا يزيد ، هو الذي هاجاه جرير وفيه يقول جرير (٢) :

لمّا وضعت على الفرزدق ميسمي

وضغا (٣) البعيث جدعت أنف الأخطل

وقيل : هو خداش بن بشر بن عبد الحارث بن أبي خالد بن بيبة وسمي البعيث بقوله (٤) :

تبعّث منّي ما تبعّث بعد ما

أمرّت قواي واستتم غريمي (٥)

قرأت على أبي محمّد السّلمي ، عن علي بن هبة الله بن ماكولا ، قال (٦) : وأما البعيث ، واسمه خداش بن بشر بن خالد ، وقيل : ابن خالد بن بيبة ـ بفتح الباء ـ ابن قرط بن سفيان بن مجاشع بن دارم ، يكنى أبا يزيد ، ويقال أبو مالك هو الذي كان يهاجي جريرا ، وقيل : هو خداش بن بشر بن عبد الحارث بن أبي خالد بن بيبة ، والأول أصح ، ثم قال في باب خداش (٧) : الخاء المعجمة وبعدها دال مهملة وآخره شين ، خداش بن بشر بن خالد وذكره.

__________________

(١) انظر طبقات الشعراء لابن سلام ص ١٦٥.

(٢) ديوان جرير ط بيروت ص ٣٥٧.

(٣) ضغا : استخذى ، خان ، صاح (قاموس).

(٤) البيت في الشعر والشعراء ص ٣١٣.

(٥) في الشعر والشعراء : «واستمر عزيمي».

الخبر والشعر نقله ابن العديم في بغية الطلب ٧ / ٣٢٢٠ ـ ٣٢٢١.

(٦) الاكمال لابن ماكولا ١ / ٣٣٤ ـ ٣٣٥.

(٧) المصدر نفسه ٢ / ٤٢٧.

٣٢٥

قرأت في كتاب محمّد بن محمّد بن الحسن الديناري بخط بعض أهل الأدب ، وجدت بخط أبي الفرج علي بن الحسين الأصبهاني وأجازه لي ، أنا أبو الحسن الأسدي ، نا حمّاد ـ يعني [ابن] إسحاق الموصلي ـ ، عن أبيه ، قال : حدّثني مروان بن أبي حفصة ، قال : هجا البعيث بطنا من باهلة ، يقال لهم : بنو صحب فاستعدوا عليه إبراهيم بن عدي (١) في خلافة الوليد بن عبد الملك فضربه بالسياط ، وأمر به فطيف في سوق حجر مجلودا ، فقال جرير :

لئن هجوت بني (٢) صحب لقد تركوا

للأصبحية في جنبيك آثارا

قوم هم القوم لو عاد الزبير بهم

لم يسلموه وزادوا الحبل أمرارا

وكان البعيث وجرير والفرزدق يومئذ أحدّ ما كانوا في الهجاء ، فخرج البعيث مراغما لإبراهيم بن عدي (٣) لما صنع به فلحق بالشام ونزل البادية ، فجاور بني القعقاع أخوال الوليد بن عبد الملك ، ومدحهم وهجا ابن عربي ، وجعل جرير والفرزدق يهجوانه ، فروت العرب أشعارهما وخمل شعره لاغترابه (٤) ، فقال البعيث مما كان يهجو ابن عربي :

ترى منبر العبد اللئيم كأنما

ثلاثة غربان عليه وقوع

قال : فكان بعد ذلك ابن عربي إذا صعد المنبر تغامز به الناس ، وإذا رأى غرابا ساقطا يقول : لعنة الله على البعيث (٥).

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا عبد الوهاب بن علي بن عبد الوهاب ـ إجازة إن لم يكن سماعا ـ أنا علي بن عبد العزيز الطاهري ، أنا أحمد بن جعفر بن محمّد ، أنا الفضل بن الحباب ، نا محمّد بن سلام ، حدّثني أبو الغراف قال : ورد على غسّان السليطي الأعور النبهاني من طيّ فسأله فقرن له وقال : ألا تغن عنا جريرا فقال (٦) :

__________________

(١) في ابن العديم : ابن عربي.

(٢) الأصل : بنو والمثبت عن م.

(٣) في ابن العديم : ابن عربي.

(٤) ابن العديم : لاعتزائه.

(٥) الخبر نقله ابن العديم في بغية الطلب ٧ / ٣٢٢٤.

(٦) الأبيات في معجم الأدباء ١١ / ٥٣ وبغية الطلب ٧ / ٣٢٢٢.

٣٢٦

إذا طلع العيّوق (١) أول كوكب

كفى اللؤم عند النازلين جرير

ألست كليبا وأمّك (٢) كلبة

لها بين أطناب البيوت هرير

ولو عند غسان السليطيّ عرّست

رغا قرن منها وكاس عقير (٣)

أتنسى نساء باليمامة منكم

نكحن عبيدا ما لهن مهور

وقال جرير (٤) :

وأعور من نبهان يعوي ودونه

من الليل بابا ظلمة وستور

رفعت له مشبوبة يهتدي (٥) بها

يكاد سناها في السماء يطير

وأعور من نبهان أما نهاره

فأعمى ، وأما ليله فبصير

يساق من المعزى مهور نسائهم

وفي شرط المعزى لهن مهور

قال : ونا ابن سلام ، حدّثني أبو يحيى الضّبّي قال : كانوا كذلك حتى ورد البعيث المجاشعي عليهم ، وكان ولدهم وولدوه فشكوا إليه قهر (٦) جرير صاحبهم فقال البعيث (٧) :

إذا أيسرت (٨) معزى عطية وارتعت

بلاغا من المرّوت (٩) أحوى جميمها

تعرضت لي حتى صككتك صكة

على الوجه يكبو لليدين أميمها

أليست كليب ألأم الناس كلهم

وأنت إذا عدّت كليب لئيمها

وكانت أم البعيث أمة حمراء سجستانية تسمى قرتنا (١٠) وكان يقال له : ابن حمراء العجان ، فهجاه جرير ، فثاوره فضج إلى الفرزدق ، والفرزدق يومئذ بالبصرة قد قيّد نفسه

__________________

(١) العيوق : نجم أحمر مضيء في طرف المجرة الأيمن يتلو الثريا لا يتقدمها.

(٢) معجم الأدباء : «ثم أمك» وفي ابن العديم : وأمه.

(٣) البيت في اللسان ونسبه للأعور النبهاني.

(٤) ديوان جرير ط بيروت ص ١٩٧ ـ ١٩٨.

(٥) الديوان : يهتدى.

(٦) غير واضحة بالأصل والمثبت عن ابن العديم ، وفي طبقات ابن سلام ص ١٢٦ «فهو».

(٧) الأبيات في معجم الأدباء ١١ / ٥٤ وبغية الطلب ٧ / ٣٢٢٢.

(٨) معجم الأدباء : «أأن أمرعت معزى» وفي ابن العديم : إذا نشرت.

(٩) المروت : موضع ببلاد تميم ، وفي القاموس : واد لبني حمان بن عبد العزى.

(١٠) في طبقات الشعراء لابن سلام : «فزخنا».

٣٢٧

وآلى لا يفك قيده حتى يقرأ القرآن ، فقال البعيث (١) :

لعمري لئن ألهى الفرزدق قيده

ودرج نوار ذو الدهان وذو الغسل

لينبعثن مني غداة مجاشع

بديهة وإن الجزاء ولا وغل (٢)

فقال جرير :

جزعت إلى درجي نوار وغسلها

فأصبحت عبدا ما تمرّ وما تحلى

وعده الناس مغلوبا حين استغاث.

قال : وقال الفرزدق : إني إنّ وثبت على جرير الآن خففت على البعيث الغلبة ، ولكن كأنني وثبت عليهما فأدع البعيث وأخذ جريرا ، فقال : الطبيب أطب ، فقال الفرزدق (٣) :

لودّ جرير اللؤم لو كان غائبا (٤)

ولم يدن من زأر الأسود الضراغم

وليس ابن حمراء العجان بمفلتي

ولم يزدجر طير النحوس الأشائم

وإنّكما (٥) قد هجتماني عليكما

فلا تجزعا واستسمعا للمراجم

وقال (٦) :

فإن يك قيدي كان نذرا نذرته

فما بي عن أحساب قومي عن شغل

وقال (٧) :

دعاني ابن حمراء العجان فلم يجد له

إذ دعا مستأخرا عن دعائيا

فنفست عن سميه (٨) حتى تنفّسا

وقلت له : لا تخش شيئا ورائيا

__________________

(١) البيتان في طبقات ابن سلام ١٢٧.

(٢) عجزه في طبقات ابن سلام :

بديهة لا داني الجراء ولا عل

(٣) الأبيات في ديوان الفرزدق ط بيروت ٢ / ٣١٨.

(٤) الديوان : عانيا.

(٥) الديوان : فإن كنتما ...

(٦) ديوان الفرزدق ٢ / ١٥٣.

(٧) البيتان في طبقات الشعراء لابن سلام ص ١٢٧.

(٨) طبقات ابن سلام : أنفية.

٣٢٨

فلما استطار كل واحد منهما في صاحبه قال البعيث (١) :

أشاركتني في ثعلب قد أكلته

فلم يبق إلّا رأسه وأكارعه

فدونكم (٢) خصييه وما ضمّت استه

فإنك رمّام (٣) خبيث مراتعه

قال : وسقط البعيث بينهما ، ولجّ الهجاء نحوا من أربعين سنة ، ولم يغلب واحد منهما على صاحبه ، ولم يتهاج شاعران في العرب في جاهلية ولا إسلام بمثل ما تهاجيانه (٤) وأشعارهما أكثر من أن نأتي عليها (٥) ، ولكنما نكتب منها النادر.

١٩٤٧ ـ خداش بن مخلد البصري

سكن أطرابلس من ناحية ساحل دمشق.

وحدّث عن أبي عاصم النبيل ، ومحمّد بن عبد الله الأنصاري ، وقبيصة ، وأبي الوليد ، وقيس بن حفص الدارمي.

ـ في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الأديب ـ أنا أبو القاسم بن مندة ، أنا حمد بن عبد الله ـ إجازة ـ.

ح قال : وأنا أبو طاهر بن سلمة ، أنا أبو الحسن علي بن محمّد ، قالا : أنا أبو محمّد بن أبي حاتم قال (٦) : «خداش بن مخلد البصري نزيل أطرابلس على شاطئ البحر.

روى عن أبي عاصم النبيل ، ومحمّد بن عبد الله الأنصاري ، وقبيصة ، وأبي الوليد ، وقيس بن حفص الدارمي. كتبت عنه بأطرابلس ، وهو صدوق.

__________________

(١) البيتان في طبقات ابن سلام ص ١٢٧ ومعجم الأدباء ١١ / ٥٥.

(٢) ابن سلام : فدونك.

(٣) ابن سلام : رماح.

(٤) ابن سلام : تهاجيا به.

(٥) الأصل وم : عليهما ... يكتب.

(٦) الجرح والتعديل ١ / ٢ / ٣٩٠.

٣٢٩

خراسان

١٩٤٨ ـ خراسان بن عبد الله ،

ويقال : عبيد الله بن خراسان الأطرابلسي

حدّث عن أبي عقيل أنس بن سالم الأنطرطوسي (١).

روى عنه : إدريس بن محمّد بن أحمد بن أبي خالد الأزدي الصوري ، أو إدريس بن إبراهيم البغدادي الواعظ.

١٩٤٩ ـ خراشة بن عبد الله النّمري

من بني النّمر بن قاسط

خرج مع أخواله الكلبيين من أهل المزّة لما كان من غلب يزيد بن الوليد بن عبد الملك على دمشق ، ما كان له ذكر.

١٩٥٠ ـ خراش والد عبد الله

شهد الجابية مع عمر ، وحدّث عنه وعن معاذ بن جبل.

روى عنه : ابنه عبد الله.

أخبرنا أبو سهل محمّد بن إبراهيم بن محمّد ، أنا عبد الرّحمن بن أحمد بن الحسن ، أنا جعفر بن عبد الله بن يعقوب بن فناكي ، أنا أبو بكر محمّد بن هارون

__________________

(١) هذه النسبة إلى أنطرطوس ، بلد من سواحل بحر الشام وهي آخر أعمال دمشق من البلاد الساحلية وأول أعمال حمص. (ياقوت).

ذكره ياقوت : أنس بن السلام بن الحسن بن الحسن بن السلام.

٣٣٠

الرّوياني ، نا خالد بن يوسف بن خالد أبو الربيع السّمتي ، نا أبو عوانة ، عن يعلى بن عطاء ، عن عبد الله بن خراش (١) ، عن أبيه قال : نزل عمر بن الخطاب الجابية قال : فمر معاذ بن جبل وهو في مجلس قال : فقال له : يا معاذ ائتني ولا يأتيني (٢) معك أحد ، قال : يا معاذ ما قيام هذا الأمر؟ قال : الصلاة وهي الملة ، قال : ثم مه؟ قال : ثم الطاعة وسيكون اختلاف ، قال : فقال له عمر : حسبي ، وأراد أن يزيده قال : فلما ولي عمر قال معاذ : أما ورب معاذ ما سنيك بشرّ سنيهم.

قال : وأخبرني أنه سمع عمر يدعو على المنبر يقول : اللهم ثبتنا على أمرك ، واعصمنا بحبلك ، وارزقنا من فصلك.

١٩٥١ ـ خراش بن بحدل الكلبي (٣)

شاعر فارس.

ذكر أبو العباس محمّد بن يزيد المبرّد فيما حكاه عبد الله بن سعد القطربلي عنه وقرأته بخطه ، قال : حدّثني الرياشي قال : وقف خراش بن بحدل الكلبي على عبد الملك بن مروان بعد أن ملك فقال :

أعبد المليكة ما شكرت بلانا

فكل في رخاء العيش ما أنت آكل

بجابية الجولان لو لا ابن بحدل (٤)

لكنت وما يسمع لقيلك قائل

وكنت إذا دارت عليك عظيمة

تضاءلت إن الخاشع المتضائل

فلمّا علوت الناس في رأس شاهق

من المجد لا يسطيعك المتطاول

قلبت لنا ظهر العداوة معلنا

كأنك مما يحدث الدهر جاهل

فقال عبد الملك : أراك احتجت إلى المال (٥)؟ قال : أجل ، قال : فأيّه أحب إليك؟

__________________

(١) الأصل وم : حراس.

(٢) كذا بالأصل وم.

(٣) ترجمته في بغية الطلب ٧ / ٣٢٢٦.

(٤) يعني حسان بن بجدل والدور الذي لعبه في الاجتماع اليمني الذي عقد بالجابية بعد موت أبي ليلى معاوية بن يزيد بن معاوية في وصول مروان بن الحكم كمرشح تسوية أو اجماع بين الأجنحة الأموية المختلفة وقد لبى مروان بن الحكم جميع شروط حسان بن بجدل (انظر الإمامة والسياسة بتحقيقنا ٢ / ٢١ ومروج الذهب ٣ / ١٠٤).

(٥) الأصل : الملك ، والمثبت عن ابن العديم وم.

٣٣١

قال : الإبل ، قال : يا أبا الزعيزعة ، أعطه مائة برعاتها ، ثم التفت إليه فقال : لا تعد فتنكرني (١).

١٩٥٢ ـ خرقة بن نباتة بن الزند ، ويقال : ابن الزيد ،

ويقال : ابن الرّبذ بن عمرو بن عبد مناة الكلبي.

وهو خرقة بن شعاث ، وشعاث أمه بها يعرف (٢)

شاعر قدم على حرب بن خالد بن يزيد بن معاوية دمشق فجفاه حرب فهجاه.

قرأت على أبي محمّد عبد الكريم بن حمزة ، عن أبي بكر الخطيب قال : قرأت بخط أبي عبيد الله المرزباني ، وحدّثني علي بن المحسّن عنه قال : خرقة بن شعاث ، وشعاث أمه ، وأبوه نباتة بن الزند بن عمرو بن عبد مناة من كلب ، يقول لحرب بن يزيد (٣) بن معاوية :

كأني ونضوي (٤) عند حرب بن خالد

من الجوع ذيبا فقره علزان

وباتت علينا جفوة ما نحبها

وبتنا نقاسي ليلة كثمان (٥)

قال : قالا : وله يفخر (٦) :

أرهبنا الخليفة واسعرن (٧)

وجوه الأرض تعتصب اعتصابا

وقلنا القبائل من عليم

وبيّحنا قنافة والربانا

قال الخطيب : كذا رأيته مضبوطا بالنون (٨).

قال : وحدّثني ابن حزم ـ يعني العلاء بن أبي المغيرة ـ قال : قرأت في كتاب عبد السلام بن الحسين ، عن الآمدي قال (٩) : خرقة الكلبي بن شعاث ، وشعاث أمه ،

__________________

(١) الخبر نقله ابن العديم في بغية الطلب ٧ / ٣٢٢٦.

(٢) ترجمته وأخباره في المؤتلف والمختلف للآمدي ص ١٠٣ ومعجم الأدباء ١١ / ٥٦.

(٣) كذا بالأصل هنا ونسبه إلى جده. وأسقط اسم أبيه خالد.

(٤) النضو : الجمل المهزول.

(٥) البيتان في معجم الأدباء ١١ / ٥٦.

(٦) معجم الأدباء ١١ / ٥٧.

(٧) في معجم الأدباء : واستمرت وجوه الأرض تغتصب اغتصابا.

(٨) في معجم الأدباء : والربابا.

(٩) المؤتلف والمختلف للآمدي ص ١٠٣.

٣٣٢

وأبوه نباتة (١) بن الرّبد بن عمرو بن عبد مناة بن حبيل (٢) بن عامر بن عمرو بن عوف بن كنانة.

ثم حدّثني محمّد بن فتوح ، أنا أبو غالب بن سهل.

ح وأخبرني أبو غالب بن البنّا ، عن أبي غالب بن سهل ، أنا علي بن محمّد بن دينار ، أنا أبو القاسم الآمدي ، قال : خرقة الكلبي بن شعاث ، وشعاث أمه ، وأبوه نباتة (٣) بن الرّبد (٤) ، وهو قائل (٥) :

أعرني يا حميل (٦) دمي وهزّي

سنانا تطعنين به ونابا

ليعلم عامر الأجدار (٧) أنّا

إذا غضبت نبيت (٨) لها غضانا

قال الخطيب : ذكر لي ابن حزم : الزبد بالباء المعجمة بواحدة ، فالله أعلم بالصواب.

قرأت على أبي محمّد عبد الكريم بن حمزة ، عن أبي نصر بن ماكولا ، قال : وأما خرقة ـ أولها خاء مكسورة بعدها راء ساكنة ، وقاف ـ فهو خرقة بن شعاث ، وهي أمه ، وأبوه نباتة بن الزبد بن عمرو بن عبد مناة بن جبيل بن عامر بن عمرو بن عوف بن كنانة ، شاعر (٩).

__________________

(١) عند الآمدي : نتافة.

(٢) عند الآمدي : جبيل بن عمرو بن عبد مناف بن كنانة.

(٣) عند الآمدي : نتافة.

(٤) الأصل : الزبد.

(٥) البيتان في المؤتلف والمختلف للآمدي ص ١٠٣ ومعجم الأدباء ١١ / ٥٦.

(٦) في المؤتلف والمختلف : «أغزى يا جبيل» وفي معجم الأدباء : أجيري يا جميل.

(٧) معجم الأدباء : الأجواد.

(٨) الأصل : «ثبت» والمثبت لاستقامة الوزن عن الآمدي ومعجم الأدباء.

(٩) ذكر ياقوت في معجم الأدباء ١١ / ٥٨ أنه : مات سنة خمس عشرة ومائة.

٣٣٣

ذكر من اسمه خريم

١٩٥٣ ـ خريم بن خنافر الحميري

آخر الفصحاء ، له قصة مع معاوية بن أبي سفيان.

ذكر أبو بكر محمّد بن الحسن بن دريد فيما قرأته بخط أحمد بن محمّد بن علي المؤدب الأنباري ، وكتبته عنه إجازة ، أنا حبيب بن بسطام الندبي الوراق أحد الأزد ، أخبرني أبي ، عن ابن الكلبي ، عن أبيه قال : صعد معاوية بن أبي سفيان المنبر يوما فقال : إياي وأخلاق عدنان وطعام قحطان إذ لا يزال قائم يرد على نولي واثقا بصفحي مغرّا بحلمي قبل أن تنتضي العظمى ، وتنسى البقيا ، فلا يقال عثرة ولا يقبل عذره ، ولا يرعى إلّا ، ولا ذمة.

فقام خريم بن خنافر الحميري فقال : والله يا معاوية إنك لتسرع إلينا بما تبطئ به من غيرنا ، ويتورع (١) لنا منك ما يسهل لسوانا ، ولا تزال بادرة منك تفتر عن مكروهنا ، وتمتد إلى بأسنا ونحن الصخرة الصّمّاء ، والهضبة الخلفاء ، والركن الأشد ، لا يؤيسنا الملاطس ولا تتخطفنا الدهارس (٢) ، فلا تبخسنا حقوقنا عليك فنحجر حقك عليك ، ولا تخشن لنا لينك فتشمئز عتلة قلوبنا ، وخذ عفونا تشرب صفوتنا ، فإنّا لا نرام برّ الضيف ، ولأنكرن أعطاف الخسف ، ولا ننقاد بالعنف ، وإنا لا ندر على الغضب ، وانّا وإياك لكما قال الأول :

لا تأمنن قوما ظلمتهم

وبدأتهم بالشتم والوقم (٣)

__________________

(١) كذا ، وفي تهذيب ابن عساكر : ويتوعر.

(٢) جمع دهرس : الداعية (الياقوت).

(٣) وقمه كوعده : قهره وأذله أو رده أقبح الرد ، وحزنه أشد الحزن (القاموس).

٣٣٤

إن يأبروا (١) نخلا لغيرهم

والشيء يحقره وقد ينمي

فقال معاوية : إني لأستعذب من جرع الحلم ما يعفي على الرجال ، وأغضي من الكظم على ما تضيق عنه رحاب الصدور ، ثم نزل وهو يقول :

أناة وحلما وانتصارا بهم غدا

فما أنا بالواني ولا الضارع الغمر

قال أبو بكر بن دريد : تأيسنا : قهرنا ، والخلفاء : العظيمة ، والملاطس والملاطيس واحد وهي القوس ، والدّهارس : الدواهي واحدها دهروسة ودهريسة (٢). ويعفي يمر.

١٩٥٤ ـ خريم بن عامر بن عمارة بن خريم بن عمرو

ابن الحارث بن خارجة بن سنان بن [أبي](٣) حارثة

ابن مرّة بن نشبة بن غيظ (٤) بن مرّة بن عوف بن سعد بن ذبيان

ابن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس عيلان

أبو عمرو بن أبي الهيذام المرّي

شاعر فارس شهد فتنة أبيه أبي الهيذام وأبلى فيها ، وذكر بعض وقائعها في شعره ـ فيما قرأت بخط أبي الحسين الرازي ، فيما أفاده بعض أهل دمشق عن أبيه عن جده وأهله بيته من المريّين قال : قال : خريم بن أبي الهيذام يذكر يوم حرلان (٥) وطعنته المعمر بن أيوب الطائي :

أتانا أخو طيّىء غدوة

فما آب منها ولم يغنم

أتتنا قرود يمانية

فذاقت أمرّ من العلقم

ولاقت سيوفا معدّية

يقول خريم لها : خذم

__________________

(١) أبر النخل والزرع : أصلحه (القاموس).

(٢) كذا وقد مرّ : في القاموس : دهارس جمع دهرس كجعفر. وفي اللسان : دهرس ودهرس جميعا الداهية كالدّهرس.

(٣) الزيادة عن جمهرة ابن حزم ص ٢٥٢.

(٤) عن ابن حزم ، بالأصل وم «غيط».

(٥) ناحية بدمشق بالغوطة فيها عدة قرى ، بها قوم من أشراف بني أمية (ياقوي).

٣٣٥

من حمص حيث تقرأ القنا

إلى مرج عذراء لم تخرم

ترجّى ابن أيوب أشلاءنا

رويدك ذق حرة الصيلم (١)

أخبرنا أبو الحسين محمّد بن كامل بن ديسم ، أنا محمّد بن أحمد بن المسلمة في كتابه ، أنا أبو عبيد الله محمّد بن عمران بن موسى ـ إجازة ـ أخبرني محمّد بن يحيى قال : لما توفي خريم بن عامر بن عمارة بن خريم قال أبو يعقوب الخريمي يرثيه :

ألا هل لما ولا من العيش مرجع

وهل في خلود النفس للنفس مطمع

وهل حازم إلّا كآخر عاجز

إذا حلّ بالإنسان ما يتوقع

وهل تقتدي نفس بنفس عزيزة

على أهلها أم هل لما حم مرجع

وهل للفتى جار يجنّبه الردى

فيصبح منه آمنا لا يروع

ترى المرء يسعى للذي فيه ضرة

وتكره شيئا نفسه وهو ينفع

فيا حسرة الإنسان ما اغتال عقله

أليس يرى وجه السداد ويسمع

تراه عزيزا حين يصبح قانعا

وتلقاه عبدا ضارعا حين يطمع

فهل تنفعني عبرة إن سفحتها

لفقد أناس فارقونا فودّعوا

أناديهم والأرض بيني وبينهم

ولم يسمعوا صوتي أجابوا فأسرعوا

مضوا سلفا قبلي فخلفت بعدهم

إلى غاية مبلوعة ثم أتبع

وقالوا : لا تبك خريم بن عامر

فقلت : بلى ، إن كان ذلك ينفع

سأبكي أبا عمرو حق بكائه بمطر

وفة عبرى تفيض وتدمع

وأبكي أبا عمرو ليصيف مدقع

وذي حاجة أعيا بها كيف يصنع

وكان لسان الحي قيس ونابها

وكانت به قيس تضر وتنفع

قال : وله يرثيه :

ألم ترني صبرت على خريم

وكان فداؤه أهلي ومالي

ولو أني سئلت به يميني

لأفردت اليمين من الشمال

ولكني صبرت عليه إني

رأيت الصبر أحجى بالرجال

فتى حاز المكارم وهو طفل

وأورى يافعا زند المعالي

وشاد لقومه مجدا سيبقى

بقاء الراسيات من الجبال

__________________

(١) الصيلم : الأمر الشديد ، والداهية ، والسيف (القاموس).

٣٣٦

وكان لنا الخليفة من أبيه

لينهض بالملمّات الثقال

فلا تبعد فكل فتى أناس

سيفجعهم به صرف الليالي

فإن يك للبلى أمست رهنا

فقد أبقيت مجدا غير بال

قال : وأنشدني علي بن هارون المنجم عن أبيه قال : من بارع شعر أبي يعقوب الخريمي قوله يرثي خريم بن عامر بن عمارة بن خريم المرّي :

قضى وطرا منك الحبيب المودّع

وحل الذي لا يستطاع فيدفع

وأصبحت لا أدري إذا بان صاحبي

وغودرت فردا بعده كيف أصنع

أأفني حياتي عفة وتجلّدا

بعافية أم أستكين فأهلع

بلى قد حلبت الدهر أشطر دره

فأبصرت منه ما يضر وينفع

فأيقنت أن الحيّ لا بدّ ميت

وأن الفتى في أهله لا يمتع

وقالوا : ألا تبكي خريم بن عامر

فقلت : وهل تبكي الذلول الموقع

لقد وقذتني الحادثات فما أرى

لنازلة من ريبها أتوجع

صبرت وكان الصبر خير مغبة

وهل جزع مجد عليّ فأجزع

ملكت دموع العين حتى رددتها

إلى ناظريّ وأعين القلب تدمع

أعزت خطوب الدهر نفسا صليبة

لما نابها من حادث لا تضعضع

ألم ترني ابني على الليث بيته

وأحثو عليه الترب لا أتخشع

أرد حواشي برده فوق سنه

أخال بها ضوءا من البدر يسطع

كأني أدلّي في الحفيرة باسلا

عفيرا ينوء للقيام ويضرع

تخال بقايا الروح فيه لقربه

بعهد الحياة وهو ميت مقنع

وكان خريم من أبيه خليفة

إذا ما دحى يوم من الشرّ أشنع

أصايع عنه الدهر أرجو بقاءه

ونفسي من الأخرى شعاعا تطلع

وأعددته ذخرا لكل ملمّة

وسهم المنايا بالذخائر مولع

بقية أقمار من العز لو خبت

لظلّت معدّ في الدجى يتكسع

إذا قمر منها تغور أو خبا

بدا قمر في جانب الأفق يلمع

فلو شئت أن أبكي دما لبكيته

عليك ولكن ساحة الصبر أوسع

وإني وإن أظهرت صبرا وحسبة

وصانعت أعدائي عليك الموجع

٣٣٧

١٩٥٥ ـ خريم بن عمرو بن الحارث بن خارجة بن سنان

ابن حارثة (١) بن مرّة بن نشبة (٢) بن غيظ بن مرة بن عوف بن سعد

ابن ذبيان بن بغيص بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان المرّي

المعروف بخريم الناعم (٣)

أخبرنا أبو غالب أحمد ، وأبو عبد الله يحيى ابنا أبي علي الحنبلي ، قالا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن بكار قال : وحدّثني محمّد بن سلام الجمحي.

ح وقرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف ، وأنبأنيه أبو القاسم النسيب ، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم عنه ، أنا أبو مسلم (٤) محمّد بن أحمد بن علي الكاتب ، أنا أبو بكر محمّد بن الحسن بن دريد ، نا أبو حاتم حدّثني محمّد بن سلام ، عن أبان بن عثمان البجلي قال : أتي الحجّاج بأسرى ـ وفي حديث الزبير : بأسارى ـ من الروم أو من الترك فأمر بقتلهم ، فقال له رجل منهم : أيها الأمير أطلب إليك حاجة ليس عليك فيها مئونة قال : ما هي؟ قال : تأمر رجلا من أصحابك شريفا بقتلي فإني رجل شريف ، فسأل عنه الحجاج ـ وفي حديث الزبير : فسأله أصحابه عنه ـ فقالوا كذلك هو ، وأمر خريما المرّي بقتله ، فلما أقبل نحوه وكان دميما أسود أفطس صرخ العلج ـ وفي حديث الزبير : الرجل ـ فقال الحجاج : سلوه ما له ، قال : طلبت إليك أن تأمر رجلا شريفا بقتلي ، فأمرت هذا الخنفساء ، فقال الحجّاج : إنه لجاهل بما تبتغي غطفان يوم أضلت ـ زاد أبو حاتم : قال أبو بكر : أراد الحجّاج قول زهير (٥) :

إن الرزية لا رزية مثلها

ما تبتغي غطفان يوم أضلّت

وقالا : وخريم من ولد سنان بن أبي حارثة (٦) ـ زاد أبو حاتم : بن خارجة ـ انتهى حديث الزبير ، وزاد أبو حاتم : بن سنان ، وكان حصن فقد ، فقالت غطفان إن الجن

__________________

(١) ابن حزم : ابن أبي حارثة.

(٢) عن ابن حزم : وبالأصل : شبه.

(٣) عن هامش الأصل وبجانبها كلمة صح.

(٤) عن هامش الأصل وبجانبها كلمة صح.

(٥) شرح ديوان زهير لثعلب ص ٣٣٤ والأغاني ١٠ / ٢٩٩ في أخبار زهير بن أبي سلمى.

(٦) الأصل وم «خارجة» والصواب عن الأغاني.

٣٣٨

أخذته تستفحله فذلك قول شاعرهم :

يقولون : حصن ، ثم تأبى قلوبهم

وكيف بحصن والجبال جنوح

أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أحمد بن سليمان ، نا الزّبير بن بكّار قال : وحدّثني محمّد بن الضحاك بن عثمان الحزامي عن أبيه قال : كبر سنان فضلّ بنخل (١) ، فلم يوجد (٢) ، ففي ذلك يقول زهير بن أبي سلمى يرثيه :

إن الرزية لا رزيّة مثلها

ما تبتغي غطفان يوم أضلّت

ينعون (٣) خير الناس ميتا واحدا

عظمت رزيته الغداة وجلّت

إن الركاب لتبتغي ذا مرّة

بجنوب نخل إذا الشهور أهلّت (٤)

أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر ، أنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك ، أنا أبو الحسن بن السّقّا ، وأبو محمّد بن بالوية ، قالا : نا أبو العباس محمّد بن يعقوب ، نا عباس بن محمّد ، نا يحيى بن معين ، نا جرير عن مغيرة قال : قالت أم سنان بن أبي حارثة : إذا أنا مت فشقوا بطني فإن فيه سيد غطفان ، قال : فماتت فشقوا بطنها فاستخرجوا سنانا فعاش وساد ، حتى كان له مال وتبع.

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر قال : قرئ على أبي عثمان البحيري ، أنا أبو محمّد أحمد بن محمّد المرادي ، أنا محمّد بن يحيى الصولي ، نا محمّد بن يزيد قال : قيل لخريم : ما النعمة؟ قال : الأمن ، فلا لذة لخائف ، والغنى ، فلا لذة لفقير ، والعافية ،

__________________

(١) نخل : موضع بنجد من أرض غطفان.

(٢) كذا في إحدى الروايات في الأغاني ١٠ / ٢٩٩ وفيها رواية أخرى عن أبي عبيدة أنه هرم فهام على وجهه خرفا ففقد وفي رواية ـ فيها ـ أنه خرج لحاجته بالليل فأبعد فلما رجع ضلّ فهام طول ليلته حتى سقط فمات. وتبع قومه أثره فوجدوه ميتا.

(٣) روايته في الأغاني :

ينعين خير الناس عند شديد

عظمت مصيبته هناك وجلّت

(٤) الركاب : يريد هنا راكبي الإبل.

وذا مرة أي ذا عقل.

وقوله إذا الشهور أحلت ، أي انقضت الأشهر الحرم ، والتي حرم فيها الغزو ، ودخلت الشهور التي أبيح فيها الغزو والقتال.

٣٣٩

فلا لذة لسقيم ، قالوا : زد ، قال : ما أجد مزيدا (١).

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنا أحمد بن محمّد بن النّقّور ، وعبد الباقي بن محمّد بن غالب ، قالا : أنا أبو طاهر محمّد بن عبد الرّحمن ، أنا أبو محمّد السكري ، نا أبو يعلى المنقري ، نا الأصمعي ، قال : وبلغني أن الحجاج سأل خريما الناعم : ما النعمة؟ قال : الأمن ، فإني رأيت الخائف لا ينتفع بعيش ، قال : زدني ، قال : الصحة ، فإني رأيت السقيم لا ينتفع بعيش ، قال : زدني ، قال : الشباب ، فإن الشيخ لا ينتفع بعيش ، قال : زدني ، قال : ما أجد مزيدا.

١٩٥٦ ـ خريم بن فاتك بن الأخرم

أبو أيمن ، ويقال : أبو يحيى الأسدي (٢) ،

صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم

سكن دمشق ، وهو أخو سبرة بن فاتك ، وأبو أيمن بن خريم ، وقيل إنه شهد بدرا.

روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وعن كعب الأحبار.

روى عنه : ابنه أيمن ، ووابصة بن معبد ، وأبو هريرة ، وابن عباس ، وشمر بن عطية ، وبشر أبو قيس التغلبي ، وأيوب بن ميسرة الجبلاني ، وحبيب بن النعمان الأسدي ، والمعرور بن سويد ، ويسير (٣) بن عميلة (٤) الفزاري.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، نا عبد العزيز الكتاني ، أنا تمام بن محمّد ، وأبو محمّد بن أبي نصر ، وأبو نصر بن الجندي ، وأبو بكر القطان ، وأبو القاسم بن أبي العقب ح.

وأخبرنا جدي القاضي أبو الفضل يحيى بن علي ، وخالاي أبو المعالي محمّد ،

__________________

(١) الخبر باختلاف في الكامل للمبرد ٢ / ٦٩٨.

(٢) ترجمته في الاستيعاب ١ / ٤٢٥ هامش الإصابة ، أسد الغابة ١ / ٦٠٧ الإصابة ١ / ٤٢٤ وتهذيب التهذيب ٢ / ٨٤ بغية الطلب ٧ / ٣٢٢٧ الوافي بالوفيات ١٣ / ٣٠٧ وانظر بالحاشية فيها ثبتا بأسماء مصادر أخرى ترجمت له.

(٣) بالتصغير قاله في تقريب التهذيب ويقال له : أسير.

(٤) بفتح المهملة وكسر الميم قاله في التقريب.

٣٤٠