الخصائص - ج ١

أبي الفتح عثمان بن جنّي

الخصائص - ج ١

المؤلف:

أبي الفتح عثمان بن جنّي


المحقق: الدكتور عبد الحميد الهنداوي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ٣
ISBN: 978-2-7451-3245-1
الصفحات: ٥٤٤

ولا تكاد تجد شيئا من تصحيح نحو مثل هذا فى الياء : لم يأت عنهم فى نحو بائع ، وسائر بيعة ولا سيرة. وإنما شذّ ما شذّ من هذا مما عينه واو لا ياء ؛ نحو الحوكة ، والخونة ، والخول ، والدول (١). وعلّته عندى قرب الألف من الياء وبعدها عن الواو ، فإذا صحّحت نحو الحوكة كان أسهل من تصحيح نحو البيعة. وذلك أن الألف لمّا قربت من الياء أسرع انقلاب الياء إليها ، فكان ذلك أسوغ من انقلاب الواو إليها ؛ لبعد الواو عنها ؛ ألا ترى إلى كثرة قلب الياء ألفا استحسانا لا وجوبا ؛ نحو قولهم فى طئ : طائىّ ، وفى الحيرة : حارىّ ، وقولهم فى حيحيت ، وعيعيت ، وهيهيت : حاحيت ، وعاعيت ، وهاهيت. وقلّما ترى فى الواو مثل هذا.

فإذا كان بين الألف والياء هذه الوصل والقرب ، كان تصحيح نحو بيعة ، وسيرة ، أشقّ عليهم من تصحيح نحو الحوكة والخونة ؛ لبعد الواو من الألف ، وبقدر بعدها عنها ما يقل انقلابها إليها.

ولأجل هذا الذى ذكرناه عندى ما كثر عنهم نحو اجتوروا ، واعتونوا ، واهتوشوا. ولم يأت عنهم من هذا التصحيح شيء فى الياء ؛ ألا تراهم لا يقولون : ابتيعوا ولا استيروا ولا نحو ذلك ، وإن كان فى معنى تبايعوا وتسايروا.

وعلى أنه قد جاء حرف واحد من الياء فى هذا فلم يأت إلا معلا ؛ وهو قولهم : استافوا ، فى معنى تسايفوا ، ولم يقولوا استيفوا ؛ لما ذكرناه من جفاء ترك قلب الياء ألفا فى هذا الموضع الذى قد قويت فيه داعية القلب. وقد ذكرنا هذا فى (كتابنا فى شعر هذيل) بمقتضى الحال فيه.

وإن شذّ الشىء فى الاستعمال وقوى فى القياس كان استعمال ما كثر استعماله أولى ، وإن لم ينته قياسه إلى ما انتهى إليه استعماله.

من ذلك اللغة التميميّة فى (ما) هى أقوى قياسا وإن كانت الحجازيّة أسير استعمالا. وإنما كانت التميميّة أقوى قياسا من حيث كانت عندهم كـ «هل» فى دخلوها على الكلام مباشرة كلّ واحد من صدرى الجملتين : الفعل والمبتدأ ؛ كما أن (هل) كذلك. إلا أنك إذا استعملت أنت شيئا من ذلك فالوجه أن تحمله على

__________________

(١) الدّول : النّبل المتدول. اللسان (دول).

١٦١

ما كثر استعماله ، وهو اللغة الحجازية ؛ ألا ترى أن القرآن بها نزل. وأيضا فمتى رابك فى الحجازيّة ريب من تقديم خبر ، أو نقض النفى فزعت إذ ذاك إلى التميميّة ؛ فكأنك من الحجازيّة على حرد (١) ، وإن كثرت فى النظم والنثر.

ويدلّك على أن الفصيح من العرب قد يتكلّم باللغة غيرها أقوى فى القياس عنده منها ما حدّثنا به أبو علىّ رحمه‌الله قال : عن أبى بكر عن أبى العباس أن عمارة كان يقرأ (وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ) [يس : ٤٠] بالنصب ؛ قال أبو العباس : فقلت له : ما أردت؟ فقال : أردت (سابق النهار) قال فقلت له فهلا قلته؟ فقال : لو قلته لكان أوزن. فقوله : أوزن أى أقوى وأمكن فى النفس. أفلا تراه كيف جنح إلى لغة وغيرها أقوى فى نفسه منها. ولهذا موضع نذكره فيه.

واعلم أنك إذا أدّاك القياس إلى شيء ما ، ثم سمعت العرب قد نطقت فيه بشىء آخر على قياس غيره ، فدع ما كنت عليه ، إلى ما هم عليه. فإن سمعت من آخر مثل ما أجزته فأنت فيه مخيّر : تستعمل أيّهما شئت. فإن صحّ عندك أن العرب لم تنطق بقياسك أنت كنت على ما أجمعوا عليه البتة ، وأعددت ما كان قياسك أدّاك إليه لشاعر مولّد ، أو لساجع ، أو لضرورة ؛ لأنه على قياس كلامهم. بذلك وصّى أبو الحسن.

وإذا فشا الشىء فى الاستعمال وقوى فى القياس فذلك ما لا غاية وراءه ؛ نحو منقاد اللغة من النصب بحروف النصب ، والجرّ بحروف الجرّ ، والجزم بحروف الجزم ، وغير ذلك مما هو فاش فى الاستعمال ، قوىّ فى القياس.

وأمّا ضعف الشىء فى القياس ، وقلّته فى الاستعمال فمرذول مطّرح ؛ غير أنه قد يجيء منه الشىء إلا أنه قليل. وذلك نحو ما أنشده أبو زيد من قول الشاعر :

اضرب عنك الهموم طارقها

ضربك بالسيف قونس الفرس (٢)

__________________

(١) الحرد : المنع ، والغيظ والغضب.

(٢) البيت من المنسرح ، وهو لطرفه بن العبد فى ملحق ديوانه ص ١٥٥ ، وخزانة الأدب ١١ / ٤٥٠ ، والدرر ٥ / ١٧٤ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٩٣٣ ، وشرح المفصّل ٦ / ١٠٧ ، ولسان العرب (قنس) ، (نون) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٣٧ ، ونوادر أبى زيد ص ١٣ ، وبلا نسبة فى الإنصاف ٢ / ٥٦٥ ، وجمهرة اللغة ص ٨٥٢ ، ١١٧٦ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٨٢ ، وشرح الأشمونى ـ

١٦٢

قالوا أراد : (اضربن عنك) فحذف نون التوكيد ، وهذا من الشذوذ فى الاستعمال على ما تراه ، ومن الضعف فى القياس على ما أذكره لك. وذلك أن الغرض فى التوكيد إنما هو التحقيق والتسديد ، وهذا مما يليق به الإطناب والإسهاب ، وينتفى عنه الإيجاز والاختصار. ففى حذف هذه النون نقض الغرض. فجرى وجوب استقباح هذا فى القياس مجرى امتناعهم من ادّغام الملحق ؛ نحو مهدد ، وقردد ، وجلبب ، وشملل ، وسبهلل (١) ، وقفعدد (٢) ، فى تسليمه وترك التعرّض لما اجتمع فيه من توالى المثلين متحرّكين ؛ ليبلغ المثال الغرض المطلوب فى حركاته وسكونه ، ولو ادّغمت لنقضت الغرض الذى اعتزمت.

ومثل امتناعهم من نقض الغرض امتناع أبى الحسن من توكيد الضمير المحذوف المنصوب فى نحو الذى ضربت زيد ؛ ألا ترى أنه منع أن تقول : الذى ضربت نفسه زيد ، على أن «نفسه» توكيد للهاء المحذوفة من الصلة.

ومما ضعف فى القياس والاستعمال جميعا بيت الكتاب :

له زجل كأنّه صوت حاد

إذا طلب الوسيقة أو زمير (٣)

فقوله : «كأنه» ـ بحذف الواو وتبقية الضمّة ـ ضعيف فى القياس ، قليل فى الاستعمال. ووجه ضعف قياسه أنه ليس على حدّ الوصل ولا على حدّ الوقف.

وذلك أن الوصل يجب أن تتمكّن فيه واوه ، كما تمكّنت فى قوله فى أوّل البيت

__________________

٢ / ٥٠٥ ، وشرح المفصل ٩ / ٤٤ ، ولسان العرب (هول) ، والمحتسب ٢ / ٣٦٧ ، ومغنى اللبيب ص ٢ / ٦٤٣ ، والممتع فى التصريف ١ / ٣٢٣. ويروى : بالسوط بدلا من : بالسيف. قونس الفرس : ما بين أذنيه ، وقيل مقدّم رأسه.

(١) السبهلل : الفارغ ، يقال : جاء سبهللا أى لا شيء معه.

(٢) القفعدد : القصير.

(٣) البيت من الوافر ، وهو للشماخ فى ديوانه ص ١٥٥ ، والدرر ١ / ١٨١ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٣٧ ، والكتاب ١ / ٣٠ ، ولسان العرب (ها) ، وبلا نسبة فى الإنصاف ٢ / ٥٦١ ، والأشباه والنظائر ٢ / ٣٧٩ ، وخزانة الأدب ٢ / ٣٨٨ ، ٥ / ٢٧٠ ، ٢٧١ ، ولسان العرب (زجل) ، والمقتضب ١ / ٢٦٧ ، وهمع الهوامع ١ / ٥٩. والبيت يصف حمارا وحشيا. الوسيقة : الأتان يقول : إذا طلب وسيقته ، وهى أنثاه ، صوت بها فى تطريب وترجيع ، كالحادى يتغنى بالإبل : أو كأن صوته صوت مزمار.

١٦٣

(لهو زجل) والوقف يجب أن تحذف الواو والضمّة فيه جميعا ، وتسكّن الهاء فيقال : (كأنّه) فضمّ الهاء بغير واو منزلة بين منزلتى الوصل والوقف. وهذا موضع ضيق ، ومقام زلخ (١) ، لا يتّقيك بإيناس ، ولا ترسو فيه قدم قياس. وقال أبو إسحاق فى نحو هذا : إنه أجرى الوصل مجرى الوقف ؛ وليس الأمر كذلك ؛ لما أريتك من أنه لا على حدّ الوصل ولا على حدّ الوقف. لكن ما أجرى من نحو هذا فى الوصل على حدّ الوقف قول الآخر :

فظلت لدى البيت العتيق أخيله

ومطواى مشتاقان له أرقان (٢)

على أن أبا الحسن حكى أن سكون الهاء فى هذا النحو لغة لأزد السراة. ومثل هذا البيت ما رويناه عن قطرب من قول الشاعر :

وأشرب الماء ما بى نحوه عطش

إلا لأن عيونه سيل واديها (٣)

وروينا أيضا عن غيره :

إنّ لنا لكنّه

مبقّة مفنّه

متيحة معنّه

سمعنّة نظرنه

كالذئب وسط القنّه

إلا تره تظنّه (٤)

__________________

(١) زلخ ـ بسكون اللام وكسرها ـ مزلة تزل فيها الأقدام.

(٢) البيت من الطويل ، وهو ليعلى بن الأحول الأزدىّ فى خزانة الأدب ٥ / ٢٦٩ ، ٢٧٥ ، ولسان العرب (مطا) ، (ها) ، ورصف المبانى ص ١٦ ، وسرّ صناعة الإعراب ٢ / ٧٢٧ ، والمحتسب ١ / ٢٤٤ ، والمقتضب ١ / ٣٩ ، ٢٦٧ ، والمنصف ٣ / ٨٤. ويروى : أريغه بدلا من : أخيله.

(٣) البيت من البسيط ، وهو بلا نسبة فى خزانة الأدب ٥ / ٢٧٠ ، ٦ / ٤٥٠ ، والدرر ١ / ١٨٢ ، ورصف المبانى ص ١٦ ، وسرّ صناعة الإعراب ٢ / ٧٢٧ ، ولسان العرب (ها) والمحتسب ١ / ٢٤٤ ، والمقرب ٢ / ٢٠٥ ، وهمع الهوامع ١ / ٥٩.

(٤) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (سمع) ، (بقق) ، (عنن) ، (فنن) ، وتاج العروس (سمع) ، (بقق) ، (عنن) ، (فنن) ، وجمهرة اللغة ١٥٧ ، ١٦٤ ، ومقاييس اللغة ٥ / ١٢٣ ، والمخصص ٣ / ٧١ ، ٤ / ١٦ ، وكتاب الجيم ٢ / ٢٥٧ ، وتهذيب اللغة ١ / ١١٣ ، ٢ / ١٢٧ ، ١٥ / ٤٦٦. وهذه الأبيات تروى هكذا :

إن لكم لكنه

منتيجة معنه

معنة مقنه

سمعنة نظرنّه ـ

١٦٤

فقوله (تره) مما أجرى فى الوصل مجراه فى الوقف ، أراد : إلا تر ، ثم بين الحركة فى الوقف بالهاء ، فقال : تره» ثم وصل ما كان وقف عليه.

فأما قوله :

أتوا نارى ، فقلت منون أنتم؟

فقالوا : الجنّ ؛ قلت : عموا ظلاما (١)

ويروى :

 ... منون قالوا

سراة الجنّ قلت عموا ظلاما (٢)

فمن رواه هكذا فإنه أجرى الوصل مجرى الوقف.

فإن قلت : فإنه فى الوقف إنما يكون «منون» ساكن النون ، وأنت فى البيت قد حرّكته ، فهذا إذا ليس على نيّة الوقف ، ولا على نيّة الوصل ، فالجواب أنه لمّا أجراه فى الوصل على حدّه فى الوقف ، فأثبت الواو والنون التقيا ساكنين ، فاضطرّ حينئذ إلى أن حرّك النون لإقامة الوزن. فهذه الحركة إذا إنما هى حركة

__________________

كالرّيح حول القنّه

إلا تره تظنّه

الكنة امرأة الابن أو الأخ ، قال سيبويه : بقت ولدا وبقت كلاما كقولك نثرت ولدا ونثرت كلاما. وامرأة مبقّة : مفعلة من ذلك ، المفنة : التى تأتى بفنون من العجائب. وانظر اللسان (بقق ، سمع). والمعنّة : المعترضة ، ويروى : سمعنّة نظرنّة ، بالضم ، وهى التى إذا تسمعت أو تبصرت فلم تر شيئا تظنّته تظنّيا ، أى عملت بالظن «وسمعنّة نظرنّه» ، أى جيدة السمع والنظر. وانظر اللسان (سمع). والعنة : الحظيرة من الخشب ، والقنة : الأكمة أو الجبل المستطيل.

(١) البيت من الوافر ، وهو لشمر بن الحارث فى الحيوان ٤ / ٤٨٢ ، ٦ / ١٩٧ ، وخزانة الأدب ٦ / ١٦٧ ، ١٦٨ ، ١٧٠ ، والدرر ٦ / ٢٤٦ ، ولسان العرب (حد) ، (منن) ، ونوادر أبى زيد ١٢٣ ، ولسمير الضبّى فى شرح أبيات سيبويه ٢ / ١٨٣ ، ولشمر أو لتأبط شرا فى شرح التصريح ٢ / ٢٨٣ ، وشرح المفصل ٤ / ١٦ ، ولأحدهما أو لجذع بن سنان فى المقاصد النحوية ٤ / ٤٩٨ وبلا نسبة أمالى ابن الحاجب ١ / ٤٦٢ ، وأوضح المسالك ٤ / ٢٨٢ ، وجواهر الأدب ص ١٠٧ ، والحيوان ١ / ٣٢٨ ، والدرر ٦ / ٣١٠ ، ورصف المبانى ص ٤٣٧ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٦٤٢ ، وشرح ابن عقيل ص ٦١٨ ، وشرح شواهد الشافية ص ٢٩٥ ، والكتاب ٢ / ٤١١ ، ولسان العرب (أنس) ، (سرا) والمقتضب ٢ / ٣٠٧ ، والمقرب ١ / ٣٠٠ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٥٧ ، ٢١١.

(٢) سبق تخريجه.

١٦٥

مستحدثة لم تكن فى الوقف ، وإنما اضطرّ إليها الوصل.

وأما من رواه «منون أنتم» فأمره مشكل. وذلك أنه شبّه من بأىّ ، فقال :

(منون أنتم) على قوله : أيّون أنتم ، وكما حمل هاهنا أحدهما على الآخر كذلك جمع بينهما فى أن جرّد من الاستفهام كلّ منهما ؛ ألا ترى إلى حكاية يونس عنهم : ضرب من منّا ؛ كقولك : ضرب رجل رجلا ، فنظير هذا فى التجريد له من معنى الاستفهام ما أنشدناه من قول الآخر :

وأسماء ما أسماء ليلة أدلجت

إلىّ وأصحابى بأىّ وأينما (١)

فجعل «أى : اسما للجهة فلما اجتمع فيها التعريف والتأنيث منعها الصرف.

وأما قوله : «وأينما» ففيه نظر. وذلك أنه جرّده أيضا من الاستفهام كما جرّد أىّ ، فإذا هو فعل ذلك احتمل هنا من بعد أمرين : أحدهما أن يكون جعل (أين) علما أيضا للبقعة ، فمنعها الصرف للتعريف والتأنيث كأىّ ، فتكون الفتحة فى آخر «أين» على هذا فتحة الجرّ وإعرابا ، مثلها فى مررت بأحمد. فتكون (ما) على هذا زائدة ، و (أين) وحدها هى الاسم كما كانت (أىّ) وحدها هى الاسم. والآخر أن يكون ركّب (أين) مع (ما) فلمّا فعل ذلك فتح الأوّل منهما كفتحة الياء من حيّهل ، لمّا ضمّ حىّ إلى هل ، فالفتحة فى النون على هذا حادثة للتركيب ، وليست بالتى كانت فى أين وهى استفهام ؛ لأن حركة التركيب خلفتها ونابت عنها. وإذا كانت فتحة التركيب تؤثّر فى حركة الإعراب فتزيلها إليها ؛ نحو قولك : هذه خمسة ، معرب ، ثم تقول فى التركيب : هذه خمسة عشر ، فتخلف فتحة التركيب ضمّة الإعراب ، على قوة حركة الإعراب ، كان إبدال حركة البناء من حركة البناء أحرى بالجواز ، وأقرب فى القياس. وإن شئت قلت : إن فتحة النون فى قوله : (بأىّ وأينما) ، هى الفتحة التى كانت فى أين ، وهى استفهام من قبل تجريدها ، أقرّها بحالها بعد التركيب على ما كانت عليه ، ولم يحدث خالفا لها من فتحة

__________________

(١) البيت من الطويل ، وهو لحميد بن ثور فى ديوانه ص ٧ (الحاشية) ، ولسان العرب (أين) ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٢ / ٢٣٩ ، ولسان العرب (منن) ، (أيا).أدلجوا : ساروا من آخر الليل. وانظر اللسان (دلج).

١٦٦

التركيب ، واستدللت على ذلك بقولهم : قمت إذ قمت ، فالذال كما ترى ساكنة ؛ ثم لمّا ضم إليها «ما» وركّبها معها أقرّها على سكونها ، فقال :

* إذ ما أتيت على الرسول فقل له (١) *

فكما لا يشكّ فى أنّ هذا السكون فى «إذ ما» هو السكون فى ذال إذ ، فكذلك ينبغى أن تكون فتحة النون من (أينما) هى فتحة النون من (أين) وهى استفهام.

والعلّة فى جواز بقاء الحال بعد التركيب على ما كانت عليه قبله عندى هى أنّ ما يحدثه التركيب من الحركة ليس بأقوى مما يحدثه العامل فيها ، ونحن نرى العامل غير مؤثّر فى المبنىّ ؛ نحو «من أين أقبلت» و «إلى أين تذهب» فإذا كان حرف الجرّ على قوّته لا يؤثّر فى حركة البناء فحدث التركيب ـ على تقصيره عن حدث الجارّ ـ أحرى بألا يؤثّر فى حركة البناء. فاعرف ذلك فرقا ، وقس عليه تصب إن شاء الله.

وفى ألف «ما» من (أينما) ـ على هذا القول ـ تقدير حركة إعراب : فتحة فى موضع الجرّ ؛ لأنه لا ينصرف.

وإن شئت كان تقديره «منون» كالقول الأوّل ، ثم قال : «أنتم» ، أى أنتم المقصودون بهذا الاستثبات ؛ كقوله :

* أنت فانظر لأىّ حال تصير (٢) *

__________________

(١) عجزه :

* حقا عليك إذا اطمأنّ المجلس*

وقبله :

يا أيها الرجل الذى تهوى به

وجناء مجمرة المناسم عرمس

وبعده :

يا خير من ركب المطىّ ومن مشى

فوق التراب إذا تعدّ الأنفس

إنا وفينا بالذى عاهدتنا

والخيل تقدع بالكماة وتضرس

وهذا الشعر من قصيدة للعباس بن مرداس السلمىّ قالها فى غزوة حنين. وانظر سيرة ابن هشام على هامش الروض ٢ / ٢٩٨ ، والكامل ٣ / ١٥٨ ، والكتاب ١ / ٤٣٢. (نجار).

(٢) عجز البيت من الخفيف ، وهو لعدىّ بن زيد فى ديوانه ص ٨٤ ، والأغانى ٢ / ١٢٦ ، والجنى الدانى ص ٧١ ، والدرر ٢ / ٣٨ ، والرد على النحاة ص ١٠٦ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤١٤ ، ٤١٥ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٤٦٩ ، والشعر والشعراء ١ / ٢٣١ ، والكتاب ١ / ١٤٠ ، ولسان العرب (منن) ، وبلا نسبة فى تذكرة النحاة ص ٣٦٢ ، وخزانة الأدب ١ / ٣١٥ ، والدرر ٥ / ٣٢٤ ـ

١٦٧

إذا أراد : أنت الهالك.

وما يرد فى هذه اللغة مما يضعف فى القياس ، ويقلّ فى الاستعمال كثير جدّا ؛ وإن تقصّيت بعضه طال ، ولكن أضع لك منه ومن غيره من أغراض كلامهم ما تستدلّ به ، وتستغنى ببعضه من كلّه ، بإذن الله وطوله.

* * *

__________________

ومغنى اللبيب ١ / ١٦٦ ، وهمع الهوامع ١ / ١١٠ ، ٢ / ١١١. ويروى : ذاك بدلا من : حال. وصدر البيت :

* أرواح مودّع أم بكور*

١٦٨

باب فى الاستحسان (١)

وجماعه أن علّته ضعيفة غير مستحكمة ؛ إلا أنّ فيه ضربا من الاتّساع والتصرّف.

من ذلك تركك الأخفّ إلى الأثقل من غير ضرورة ؛ نحو قولهم : الفتوى ، والبقوى ، والتقوى ، والشروى ، ونحو ذلك ؛ ألا ترى أنهم قلبوا الياء هنا واوا من غير استحكام علّة أكثر من أنهم أرادوا الفرق بين الاسم والصفة. وهذه ليست علّة معتدّة ؛ ألا تعلم كيف يشارك الاسم الصفة فى أشياء كثيرة لا يوجبون على أنفسهم الفرق بينهما فيها. من ذلك قولهم فى تكسير حسن : حسان ، فهذا كجبل وجبال ؛ وقالوا : فرس ورد ، وخيل ورد ؛ فهذا كسقف ، وسقف. وقالوا : رجل غفور ، وقوم غفر ، وفخور وفخر ؛ فهذا كعمود وعمد. وقالوا : جمل بازل ، وإبل بوازل ، وشغل شاغل ، وأشغال شواغل ؛ فهذا كغارب وغوارب ، وكاهل وكواهل. ولسنا ندفع أن يكونوا قد فصلوا بين الاسم والصفة فى أشياء غير هذه ؛ إلا أن جميع ذلك إنما هو استحسان لا عن ضرورة علّة ، وليس بجار مجرى رفع الفاعل ، ونصب المفعول ؛ ألا ترى أنه لو كان الفرق بينهما واجبا لجاء فى جميع الباب ؛ كما أن رفع الفاعل ونصب المفعول منقاد فى جميع الباب.

فإن قلت : فقد قال الجعدىّ :

حتى لحقنا بهم تعدى فوارسنا

كأنّنا رعن قفّ يرفع الآلا (٢)

__________________

(١) الاستحسان من مصطلح أصول الفقه. والاستحسان : هو ترك القياس والأخذ بما هو أرفق للناس. التعريفات ص ١٩.

(٢) البيت من البسيط ، وهو للنابغة الجعدى فى ديوانه ص ١٠٦ ، وأدب الكاتب ص ٢٨ ، وأمالى القالى ٢ / ٢٢٨ ، وجمهرة اللغة ص ٦٦٦ ، وسمط اللآلى ص ٨٥٠ ، ولسان العرب (أول) ، وتاج العروس (أول) ، والمعانى الكبير ص ٨٨٣ ، وبلا نسبة فى الإنصاف ١ / ١٥٨ ، والمحتسب ٢ / ٢٧. ويروى : كفّ بدلا من : قفّ. والرعن : أول كل شيء ، والقف : حجارة بعضها فوق بعض ، وهو جبل غير أنه ليس بطويل فى السماء. والآل : السراب.

١٦٩

فرفع المفعول ونصب الفاعل ، قيل لو لم يحتمل هذا البيت إلا ما ذكرته لقد كان على سمت من القياس ، ومطرب (١) متورّد بين الناس ؛ ألا ترى أنه على كل حال قد فرق فيه بين الفاعل والمفعول ، وإن اختلفت جهتا الفرق. كيف ووجهه فى أن يكون الفاعل فيه مرفوعا ، والمفعول منصوبا قائم صحيح مقول به. وذلك أن رعن هذا القفّ لمّا رفعه الآل فرئى فيه ، ظهر به الآل إلى مرآة العين ظهورا لو لا هذا الرعن لم يبن للعين فيه بيانه إذا كان فيه ؛ ألا تعلم أن الآل إذا برق للبصر رافعا شخصا كان أبدى للناظر إليه منه لو لم يلاق شخصا يزهاه فيزداد بالصورة التى حملها سفورا ، وفى مسرح الطرف تجلّيا وظهورا.

فإن قلت : فقد قال الأعشى :

* إذ يرفع الآل رأس الكلب فارتفعا (٢) *

فجعل الآل هو الفاعل ، والشخص هو المفعول ، قيل ليس فى هذا أكثر من أنّ هذا جائز ، وليس فيه دليل على أن غيره غير جائز ؛ ألا ترى أنك إذا قلت ما جاءنى غير زيد ، فإنما فى هذا دليل على أن الذى هو غيره لم يأتك ، فأمّا زيد نفسه فلم تعرض للإخبار بإثبات مجىء له أو نفيه عنه ، فقد يجوز أن يكون قد جاء وأن يكون أيضا لم يجئ.

إن قلت : فهل تجد لبيت الجعدىّ على تفسيرك الذى حكيته ورأيته نظيرا؟ قيل : لا ينكر وجود ذلك مع الاستقراء ؛ واعمل فيما بعد على أن لا نظير له ؛ ألا تعلم أن القياس إذا أجاز شيئا وسمع ذلك الشىء عينه ، فقد ثبت قدمه ، وأخذ من الصحّة والقوّة مأخذه ، ثم لا يقدح فيه ألا يوجد له نظير ؛ لأنّ إيجاد النظير وإن كان مأنوسا به فليس فى واجب النظر إيجاده ؛ ألا ترى أن قولهم : فى شنوءة شنئىّ ، لمّا قبله القياس لم يقدح فيه عدم نظيره ؛ نعم ولم يرض له أبو الحسن بهذا

__________________

(١) المطرب والمطربة : الطريق الضيق ، والجمع المطارب. اللسان (طرب).

(٢) عجز البيت من البسيط : وهو للأعشى فى ديوانه ص ١٥٣ ، ولسان العرب (كلب) ، (أول) ، ومقاييس اللغة ١ / ٤٤٩ ، وتاج العروس (كلب) ، وبلا نسبة فى لسان العرب (أول) وصدر البيت :

* إذ نظرت نظرة ليست بكاذبة*

١٧٠

القدر من القوّة حتى جعله أصلا يردّ إليه ، ويحمل غيره عليه. وسنورد فيما بعد بابا لما يسوّغه القياس وإن لم يرد به السماع ، بإذن الله وحوله.

ومن ذلك ـ أعنى الاستحسان ـ أيضا قول الشاعر :

أريت إن جئت به أملودا

مرجّلا ويلبس البرودا (١)

أقائلنّ أحضروا الشهودا (٢)

فألحق نون التوكيد اسم الفاعل ؛ تشبيها له بالفعل المضارع. فهذا إذا استحسان ، لا عن قوة علّة ، ولا عن استمرار عادة ؛ ألا تراك لا تقول : أقائمنّ يا زيدون ، ولا أمنطلقنّ يا رجال ؛ إنما تقوله بحيث سمعته ، وتعتذر له ، وتنسبه إلى أنّه استحسان منهم ، على ضعف منه واحتمال بالشبهة له.

ومن الاستحسان قولهم : صبية ، وقنية ، وعذى ، وبلى سفر ، وناقة عليان ، ودبّة (٣) مهيار. فهذا كلّه استحسان لا عن استحكام علّة. وذلك أنهم لم يعتدّوا الساكن حائلا بين الكسرة والواو ؛ لضعفه ، وكلّه من الواو. وذلك أن (قنية) من قنوت ، ولم يثبت أصحابنا قنيت ، وإن كان البغداديّون قد حكوها ؛ (وصبية) من صبوت ؛ و (علية) من علوت ، و (عذى) من قولهم أرضون عذوات ؛ و (بلى) سفر من قولهم فى معناه : بلو أيضا ؛ ومنه البلوى ، وإن لم يكن فيها دليل ، إلّا أن الواو مطّردة فى هذا الأصل ؛ قال :

* فأبلاهما خير البلاء الذى يبلو (٤) *

__________________

(١) الملد : الشباب ونعمته ، ورجل أملود. وامرأة أملود وأملودة : ناعمة. اللسان (ملد).

(٢) الرجز لرؤبة فى ملحق ديوانه ص ١٧٣ ، وشرح التصريح ١ / ٤٢ ، والمقاصد النحوية ١ / ١١٨ ، ٣ / ٦٤٨ ، ٤ / ٣٣٤ ، ولرجل من هذيل فى حاشية يس ١ / ٤٢ ، وخزانة الأدب ٦ / ٥ ، والدرر ٥ / ١٧٦ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٧٥٨ ، ولرؤبة أو لرجل من هذيل فى خزانة الأدب ١١ / ٤٢٠ ، ٤٢٢ ، وبلا نسبة فى لسان العرب (رأى) ، والأشباه والنظائر ٣ / ٢٤٢ ، وأوضح المسالك ١ / ٢٤ ، والجنى الدانى ص ١٤١ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٤٤٧ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٦ ، والمحتسب ١ / ١٩٣ ، ومغنى اللبيب ١ / ٣٣٦ ، وهمع الهوامع ٢ / ٧٩.

(٣) الدبة : الكثيب من الرمل.

(٤) عجز البيت من الطويل ، وهو لزهير بن أبى سلمى فى ديوانه ص ١٠٩ ، ولسان العرب (بلا) وتهذيب اللغة ١٥ / ٣٩٠ ، ومقاييس اللغة ١ / ٢٩٤ ، وديوان الأدب ٤ / ١٠٦ ، وتاج العروس ـ

١٧١

وهو راجع إلى معنى بلو سفر ، وقالوا : فلان مبلوّ بمحنة ، وغير ذلك ، والأمر فيه واضح ؛ وناقة (عليان) من علوت أيضا كما قيل لها : ناقة سناد ، أى أعلاها متساند إلى أسفلها ، ومنه سندنا إلى الجبل أى علونا ؛ وقال الأصمعى قيل لأعرابىّ : ما الناقة القرواح؟ فقال : التى كأنها تمشى على أرماح ، ودبّة (مهيار) ، من قولهم هار يهور ، وتهور الليل ؛ على أن أبا الحسن قد حكى فيه هار يهير ، وجعل الياء فيه لغة ؛ وعلى قياس قول الخليل فى طاح يطيح ، وتاه يتيه ، لا يكون فى يهير دليل ؛ لأنه قد يمكن أن يكون : فعل يفعل ، مثلهما. وكلّه لا يقاس ؛ ألا تراك لا تقول فى جرو : جرى ، ولا فى عدوة الوادى : عدية ، ولا نحو ذلك. ولا يجوز فى قياس قول من قال عليان ، ومهيار ، أن تقول فى قرواح (١) ودرواس (٢) : قرياح ودرياس (٣) ، وذلك لئلا يلتبس مثال فعوال بفعيال ، فيصير قرياح ودرياس كسرياح ، وكرياس. وإنما يجوز هذا فيما كانت واوه أصليّة لا زائدة ، وذلك أن الأصلىّ يحفظ نفسه بظهوره فى تصرّف أصله ؛ ألا تراك إذا قلت : علية ثم قلت : علوت وعلوّ وعلوة وعلاوة ويعلو ونحو ذلك ، دلّك وجود الواو فى تصرف هذا الأصل على أنها هى الأصلية وأن الياء فى علية بدل منها ، وأنّ الكسرة هى التى عذرت بعض العذر فى قلبها ؛ وليس كذلك الزائد ؛ ألا تراه لا يستمرّ فى تصرف الأصل استمرار الأصلىّ ، فإذا عرض له عارض من بدل أو حذف لم يبق هناك فى أكثر الأمر ما يدل عليه وما يشهد به ؛ ألا تراك لو حقّرت قرياحا بعد أن أبدلت واوه ياء على حذف زوائده لقلت : قريح ، فلم تجد للواو أثرا يدلّك على أن ياء قرياح بدل من الواو ؛ كما دلّك علوت ، وعلو ، ورجل معلوّ بالحجّة ، ونحو ذلك على أنّ ياء «علية» بدل من الواو.

فإن قلت : فقد قالوا فى قرواح : قرياح أيضا ، سمعا جميعا ، فإن هذا ليس على إبدال الياء من الواو ؛ لا ، بل كلّ واحد منها مثال برأسه مقصود قصده. فقرواح

__________________

(بلى). ويروى : وأبلاهما بدلا من : فأبلاهما. وصدر البيت :

* جزى الله بالإحسان ما فعلا بكم*

(١) ناقة قرواح : طويلة القوائم.

(٢) والدّرواس : الغليظ العنق من الناس والكلاب ، والدّرواس : العظيم الرأس. اللسان (درس).

(٣) الدّرباس : بالباء الكلب العقور. اللسان (درس).

١٧٢

كقرواش (١) وجلواخ (٢) ؛ وقرياح ككرياس (٣) وسرياح ؛ ألا ترى أنّ أحدا لا يقول :كرواس ، ولا سرواح ؛ ولا يقول أحد أيضا فى شرواط (٤) وهلواع (٥) : شرياط ، ولا هلياع. وهذا أحد ما يدلّك على ضعف القلب فيما هذه صورته ؛ لأن القلب للكسرة مع الحاجز لو كان قريّا فى القياس لجاء فى الزائد مجيئه فى الأصلىّ ؛ كأشياء كثيرة من ذلك.

ومثل امتناعهم من قلب الواو فى نحو هذا ياء من حيث كانت زائدة فلا عصمة لها ، ولا تلزم لزوم الأصلى فيعرف بذلك أصلها ، أن ترى الواو الزائدة مضمومة ضمّا لازما ثم لا ترى العرب أبدلتها همزة ؛ كما أبدت الواو الأصليّة ؛ نحو أجوه ، وأقّتت. وذلك نحو التّرهوك (٦) ، والتدهور والتسهوك (٧) : لا يقلب أحد هذه الواو ـ وإن انضمّت ضمّا لازما ـ همزة ؛ من قبل أنها زائدة ، فلو قلبت فقيل : الترهؤك لم يؤمن أن يظنّ أنها همزة أصليّة غير مبدلة من واو.

فإن قلت : ما تنكر أن يكون تركهم قلب هذه الواو همزة مخافة أن تقع الهمزة بعد الهاء وهما حلقيّان وشديدا التجاور؟ قيل يفسد هذا أن هذين الحرفين قد تجاورا ، والهاء مقدّمة على الهمزة ؛ نحو قولهم : هأهأت فى الدعاء (٨).

فإن قلت : هذا إنما جاء فى التكرير ، والتكرير قد يجوز فيه ما لولاه لم يجز ؛ ألا ترى أن الواو لا توجد منفردة فى ذوات الأربعة إلا فى ذلك الحرف وحده ، وهو «ورنتل» (٩) ثم إنها قد جاءت مع التكرير مجيئا متعالما ؛ نحو وحوح (١٠) ،

__________________

(١) القرواش : من معانيه العظيم الرأس.

(٢) الجلواخ : هو الوادى الواسع الممتلئ.

(٣) الكرياس : الكنيف.

(٤) شرواط : هو الطويل.

(٥) الهلواع من النوق : السريعة.

(٦) يقال مرّ يترهوك أى يموج فى مشيه من استرخاء مفاصله.

(٧) يقال تسهوك : مشى رويدا.

(٨) يقال هأهأ بالإبل : دعاها للعلف.

(٩) ورنتل : الشر والأمر العظيم. اللسان (ورنتل).

(١٠) الوحوحة : النفخ من شدة البرد.

١٧٣

ووزوز (١) ، ووكواك (٢) ووزاوزة ، وقوقيت ، وضوضيت ، وزوزيت (٣) ، وقوماة ، ودوداة (٤) ، وشوشاة ، قيل : قد جاء امتناعهم من همز نظير هذه الواوات بحيث لا هاء. ألا تراهم قالوا : زحولته (٥) فتزحول تزحولا ، وليس أحد يقول تزحؤلا. وقد جمعوا بينهما متقدّمة الحاء على الهمزة : نحو قولهم فى الدعاء : حؤحؤ.

فإن قيل : فهذا أيضا إنما جاء فى الأصوات المكرّرة ؛ كما جاء فى الأوّل أيضا فى الأصوات المكرّرة ؛ نحو هؤهؤ ، وقد ثبت أن التكرير محتمل فيه ما لا يكون فى غيره.

قيل هذه مطاولة نحن فتحنا لك بابها ، وشرعنا منهجها ، ثم إنها مع ذلك لا تصحبك ، ولا تستمرّ بك ؛ ألا تراهم قد قالوا فى (عنونت الكتاب) : إنه يجوز أن يكون فعولت من عنّ يعنّ ، ومطاوعه تعنون ، ومصدره التعنون ، وهذه الواو لا يجوز همزها ؛ لما قدّمنا ذكره ، وأيضا فقد قالوا فى علونته : يجوز أن يكون فعولت من العلانية ، وحاله فى ذلك حال عنونته على ما مضى. وقد قالوا أيضا : سرولته تسرولا ، ولم يهمزوا هذه الواو ؛ لما ذكرنا. فإن قيل : فلو همزوا فقالوا : التسرؤل لما خافوا لبسا ؛ لقولهم مع زوال الضمّة عنها : تسرول ، وسرولته ، ومسرول ؛ كما أنهم لمّا قالوا : وقت ، وأوقات ، وموقت ، ووقّته أعلمهم ذلك أن همزة «أقّتت» إنما هى بدل من واو. فقد ترى الأصل والزائد جميعا متساويين متساوقين فى دلالة الحال بما يصحب كلّ واحد منهما من تصريفه وتحريفه ، وفى هذا نقض لما رمت به الفصل بين الزائد والأصل.

قيل كيف تصرّفت الحال فالأصل أحفظ لنفسه ، وأدلّ عليها من الزائد ؛ ألا ترى أنك لو حقّرت تسرولا ـ وقد همزته ـ تحقير الترخيم ، لقلت «سريل» فحذفت الزائد ولم يبق معك دليل عليه ؛ ولو حقّرت نحو «أقّتت» ـ وقد نقلتها إلى

__________________

(١) الوزوزة : الخفة والطيش ، والوزوزة أيضا : مقاربة الخطو مع تحريك الجسد ، اللسان (وزز).

(٢) الوكواك : هو الجبان.

(٣) زوزى الرجل : نصب ظهره وقارب الخطو.

(٤) هى أثر الأرجوحة.

(٥) زحل الشىء عن مقامه يزحل زحلا وزحولا وتزحول ، كلاهما : زلّ عن مكانه ، وزحوله هو : أزلّه وأزاله. اللسان (زحل).

١٧٤

التسمية ، فصارت (أقّتة» ـ تحقير الترخيم لقلت : وقيتة ، وظهرت الواو التى هى فاء.

فإن قلت : فقد تجيز هاهنا أيضا «أقيتة» قيل الهمز هنا جائز لا واجب ، وحذف الزوائد من «تسرؤل» فى تحقير الترخيم واجب لا جائز. فإن قلت : وكذلك همز الواو فى «تسرؤل» إنما يكون جائزا أيضا لا واجبا ، قيل همز الواو حشوا أثبت قدما من همزها مبتدأة ، أعنى فى بقائها وإن زالت الضمّة عنها ؛ ألا ترى إلى قوله فى تحقير قائم : قويئم ، وثبات الهمزة وإن زالت الألف الموجبة لها ، فجرت لذلك مجرى الهمزة الأصليّة فى نحو سائل ، وثائر ، من سأل وثأر ، ـ كذا قال ـ ، فلذلك اجتنبوا أن يهمزوا واو «تسرول» لئلا تثبت قدم الهمزة فيرى أنها ليست بدلا ، وليس كذلك همزة «أقّتت» ، ألا تراها متى زالت الضمّة عنها عادت واوا ؛ نحو موقت ، ومويقت.

فإن قلت : فهلا أجازوا همز واو «تسرول» وأمنوا اللبس ، وإن قالوا فى تحقير ترخيمه «سريل» من حيث كان وسط الكلمة ليس بموضع لزيادة الهمزة ، إنما هو موضع زيادة الواو ؛ نحو جدول ، وخروع ، وعجوز ، وعمود. فإذا رأوا الهمزة موجودة فى «تسرؤل» ، محذوفة من «سريل» علموا ـ بما فيها من الضمّة ـ أنها بدل من واو زائدة ، فكان ذلك يكون أمنا من اللبس؟

قيل : قد زادوا الهمزة وسطا فى أحرف صالحة. وهى شمأل وشأمل (١) ، وجرائض (٢) ، وحطائط بطائط (٣) ، ونئدلان (٤) ، وتأبل (٥) ، وخأتم ، وعألم ، وتأبلت القدر ، والرئبال (٦). فلمّا جاء ذلك كرهوا أن يقربوا باب لبس.

فإن قلت : فإن همزة تأبل ، وخأتم ، والعألم ، إنما هى بدل من الألف ، قيل :

__________________

(١) هذه لغات فى الشمال ، والشّمال من الريح : التى تهب من ناحية القطب.

(٢) جرائض : أكول.

(٣) الحطائط : الصغير وهو من هذا لأن الصغير محطوط ، بطائط : إتباع له.

(٤) النئدلان : الكابوس.

(٥) التأبل : لغة فى التابل. والجمع التوابل.

(٦) الرئبال : الأسد.

١٧٥

هى وإن كانت بدلا فإنها بدل من الزائد ، والبدل من الزائد زائد ، وليس البدل من الأصل بأصل.

فقد ترى أن حال البدل من الزائد أذهب به فى حكم ما هو بدل منه من الأصل فى ذلك. فاعرف هذا.

ومن الاستحسان قولهم : رجل غديان ، وعشيان ؛ وقياسه : غدوان وعشوان ؛ لأنهما من غدوت وعشوت ؛ أنشدنا أبو علىّ :

بات ابن أسماء يعشوه ويصبحه

من هجمة كأشاء النخل درّار (١)

ومثله أيضا دامت السماء تديم ديما ، وهو من الواو ؛ لاجتماع العرب طرّا على (الدوام) ، و (هو أدوم من كذا).

ومن ذلك ما يخرج تنبيها على أصل بابه ؛ نحو استحوذ ، وأغيلت المرأة ، و

* صددت فأطولت الصدود ... (٢) *

وقالوا : هذا شراب مبولة ، وهو مطيبة للنفس ، وقالوا :

* فإنه أهل لأن يؤكرما (٣) *

__________________

(١) البيت من البسيط ، وهو لقرط بن التؤام اليشكرى فى لسان العرب (صبح) ، (عشا) ، وبلا نسبة فى لسان العرب (درر) ، ومجمل اللغة ٣ / ٤٨٨ ، وديوان الأدب ٤ / ٧٥ ، والمخصص ١٥ / ١١٨ ، ١٦ / ٢٦ ، وتاج العروس (درر). ويروى : كان بدلا من : بات ، كفسيل بدلا من : كأشاء. الهجمة : القطعة الضخمة من الإبل ، ما بين الثلاثين والمائة. الأشاء : صغار النخل. درّار : كثيرة الدرّ.

(٢) جزء من البيت وهو من الطويل ، وهو للمرار الفقعسىّ فى ديوانه ص ٤٨٠ ، والأزهيّة ص ٩١ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٢٢٦ ، ٢٢٧ ، ٢٢٩ ، ٢٣١ ، والدرر ٥ / ١٩٠ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ١٠٥ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٧١٧ ، ومغنى اللبيب ١ / ٣٠٧ ، ٢ / ٥٨٢ ، ٥٩٠ ، وبلا نسبة فى الإنصاف ١ / ١٤٤ ، وخزانة الأدب ١ / ١٤٥ ، والدرر ٦ / ٣٢١ ، وشرح المفصل ٧ / ١١٦ ، ٨ / ١٣٢ ، ١٠ / ٧٦ ، والكتاب ١ / ٣١ ، ٣ / ١١٥ ، ولسان العرب (طول) ، (قلل) ، والمحتسب ١ / ٩٦ ، والمقتضب ١ / ٨٤ ، والممتع فى التصريف ٢ / ٤٨٢ ، والمنصف ١ / ١٩١ ، ٢ / ٦٩ ، وهمع الهوامع ٢ / ٨٣ ، ٢٢٤. ويروى وأطولت بدلا من : فأطولت.

(٣) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (رنب) ، (كرم) ، والإنصاف ص ١١ ، وأوضح المسالك ٤ / ٤٠٦ ، وخزانة الأدب ٢ / ٣١٦ ، والدرر ٦ / ٣١٩ ، وشرح الأشمونى ٣ / ٨٨٧ ، وشرح شافية

١٧٦

ونظائره كثيرة ؛ غير أن ذلك يخرج ليعلم به أن أصل استقام استقوم ، وأصل مقامة مقومة ، وأصل يحسن يؤحسن. ولا يقاس هذا ولا ما قبله ؛ لأنه لم تستحكم علّته ، وإنما خرج تنبيها وتصرّفا واتّساعا.

* * *

__________________

 ـ ابن الحاجب ١ / ١٣٩ ، وشرح شواهد الشافية ص ٥٨ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٥٧٨ ، والمقتضب ٢ / ٩٨ ، والمنصف ١ / ٣٧ ، ١٩٢ ، ٢ / ١٨٤ ، وهمع الهوامع ٢ / ٢١٨ ، وتاج العروس (رنب) ، (كرم) ، والمخصص ١٦ / ١٠٨.

١٧٧

باب فى تخصيص العلل (١)

اعلم أن محصول مذهب أصحابنا ومتصرّف أقوالهم مبنىّ على جواز تخصيص العلل. وذلك أنها وإن تقدّمت علل الفقه فإنها أو أكثرها إنما تجرى مجرى التخفيف والفرق ، ولو تكلّف متكلّف نقضها لكان ذلك ممكنا ، ـ وإن كان على غير قياس ـ ومستثقلا ؛ ألا تراك لو تكلّفت تصحيح فاء ميزان ، وميعاد ، لقدرت على ذلك ، فقلت : موزان ، وموعاد. وكذلك لو آثرت تصحيح فاء موسر ، وموقن ، لقدرت على ذلك فقلت : ميسر ، وميقن. وكذلك لو نصبت الفاعل ، ورفعت المفعول ، أو ألغيت العوامل : من الجوارّ ، والنواصب ، والجوازم ، لكنت مقتدرا على النطق بذلك ، وإن نفى القياس تلك الحال. وليست كذلك علل المتكلّمين ؛ لأنها لا قدرة على غيرها ؛ ألا ترى أن اجتماع السواد والبياض فى محلّ واحد ممتنع لا مستكره ، وكون الجسم متحرّكا ساكنا فى حال واحدة فاسد. لا طريق إلى ظهوره ، ولا إلى تصوّره. وكذلك ما كان من هذا القبيل. فقد ثبت بذلك تأخّر علل النحويين عن علل المتكلمين ، وإن تقدّمت علل المتفقّهين. ثم اعلم من بعد هذا أن علل النحويين على ضربين :

أحدهما ما لا بدّ منه ، فهو لا حق بعلل المتكلمين ، وهو قلب الألف واوا لانضمام ما قبلها ، وياء لانكسار ما قبلها ؛ نحو ضورب ، وقراطيس ، وقد تقدّم ذكره. ومن ذلك امتناع الابتداء بالساكن ؛ وقد تقدّم ما فيه.

ثم يبقى النظر فيما بعد ، فنقول : إن هذه العلل التى يجوز تخصيصها ، كصحة الواو إذا اجتمعت مع الياء ، وسبقت الأولى منهما بالسكون ؛ نحو حيوة ، وعوى الكلب عوية ، ونحو صحّة الواو ، والياء ، فى نحو غزوا ، ورميا ، والنزوان ، والغليان ، وصحّة الواو فى نحو اجتوروا ، واعتونوا ، واهتوشوا ، إنما اضطرّ القائل

__________________

(١) تخصيص العلة : هو تخلف الحكم عن الوصف المدّعى عليه فى بعض الصور لمانع ، فيقال : الاستحسان ليس من باب خصوص العلل يعنى ليس بدليل مخصص للقياس بل عدم حكم القياس لعدم العلة. التعريفات ص ٥٤.

١٧٨

بتخصيص العلّة فيها وفى أشباهها ؛ لأنه لم يحتط فى وصف العلّة ؛ ولو قدّم الاحتياط فيها لأمن الاعتذار بتخصيصها. وذلك أنه إذا عقد هذا الموضع قال فى علّة قلب الواو والياء ألفا : إن الواو والياء متى تحرّكتا وانفتح ما قبلهما قلبتا ألفين ؛ نحو قام ، وباع ، وغزا ، ورمى ، وباب ، وعاب ، وعصا ، ورحى ، فإذا أدخل (١) عليه فقيل له : قد صحّتا فى نحو غزوا ، ورميا ، وغزوان ، وصميان (٢) ، وصحّت الواو خاصّة فى نحو اعتونوا ، واهتوشوا ، أخذ يتطلّب ويتعذّر فيقول : إنما صحّتا فى نحو رميا ، وغزوا ؛ مخافة أن تقلبا ألفين فتحذف إحداهما فيصير اللفظ بهما : غزا ، ورمى ، فتلتبس التثنية بالواحد. وكذلك لو قلبوهما ألفين فى نحو نفيان ، ونزوان ، لحذفت إحداهما ، فصار اللفظ بهما نفان ، ونزان ، فالتبس فعلان مما لامه حرف علّة بفعال مما لامه نون. وكذلك يقولون : صحّت الواو فى نحو اعتونوا ، واهتوشوا ؛ لأنهما فى معنى ما لا بدّ من صحّته ، أعنى تعاونوا وتهاوشوا. وكذلك يقولون : صحّتا فى نحو عور ، وصيد ؛ لأنهما فى معنى اعورّ ، واصيدّ ، وكذلك يقولون فى نحو بيت الكتاب :

وما مثله فى الناس إلا مملّكا

أبو أمّه حىّ أبوه يقاربه (٣)

إنما جاز ما فيه من الفصل (بين ما لا يحسن) فصله لضرورة الشعر. وكذلك ما جاء من قصر الممدود ومدّ المقصور ، وتذكير المؤنث ، وتأنيث المذكّر ، ومن وضع الكلام فى غير موضعه ؛ يحتجّون فى ذلك وغيره بضرورة الشعر ، ويجنحون إليها مرسلة غير متحجّرة ، وكذلك ما عدا هذا : يسوّون بينه ، ولا يحتاطون فيه ، فيحرسوا أوائل التعليل له. وهذا هو الذى نتق (٤) عليهم هذا الموضع حتى اضطرّهم إلى القول بتخصيص العلل ، وأصارهم إلى حيز التعذّر والتمحّل. وسأضع فى ذلك رسما يقتاس فينتفع به بإذن الله ومشيئته.

وذلك أن نقول فى علّة قلب الواو والياء ألفا : إنهما متى تحرّكتا حركة لازمة

__________________

(١) أصابه الدّخل ، وهو الغش والعيب والفساد.

(٢) الصميان من الرجال : الشديد.

(٣) البيت من الطويل ، وهو للفرزدق فى لسان العرب (ملك) ، ومعاهد التنصيص ١ / ٤٣.

(٤) نتق : حرّك.

١٧٩

وانفتح ما قبلهما وعرى الموضع من اللّبس ، أو أن يكون فى معنى ما لا بدّ من صحّة الواو والياء فيه ، أو أن يخرج على الصحّة منبهة على أصل بابه ، فإنهما يقلبان ألفا. ألا ترى أنك إذا احتطت فى وصف العلّة بما ذكرناه سقط عنك الاعتراض عليك بصحّة الواو والياء فى حوبة وجيل ؛ إذ كانت الحركة فيهما عارضة غير لازمة ، إنما هى منقولة إليهما من الهمزة المحذوفة للتخفيف فى حوأبة (١) وجيأل (٢).

وكذلك يسقط عنك الإلزام لك بصحّة الواو والياء فى نحو قوله تعالى (لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ) [الكهف : ١٨] وفى قولك فى تفسير قوله عزوجل (وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ) [ص : ٦] معناه : أى امشوا. فتصحّ الياء والواو متحرّكتين مفتوحا ما قبلهما ؛ من حيث كانت الحركة فيهما لالتقاء الساكنين ، فلم يعتدّ لذلك.

وكذلك يسقط عنك الاعتراض بصحّة الواو والياء فى عور وصيد ، بأنهما فى معنى ما لا بدّ فيه من صحّة الواو والياء ، وهما اعورّ واصيدّ. وكذلك صحّت فى نحو اعتونوا ، وازدوجوا ، لمّا كان فى معنى ما لا بدّ فيه من صحّتها ، وهو تعاونوا ، وتزاوجوا. وكذلك صحّتا فى كروان ، وصميان ؛ مخافة أن يصيرا من مثال فعلان ، واللام معتلة ، إلى فعال ، واللام صحيحة ، وكذلك صحّتا فى رجل سمّيته بكروان ، وصميان ، ثم رخّمته ترخيم قولك يا حار ، فقلت : يا كرو ، ويا صمى ؛ لأنك لو قلبتهما فيه ، فقلت : يا كرا ، ويا صما ، لالتبس فعلان ، بفعل ، ولأن الألف والنون فيهما مقدّرتان أيضا فصحّتا كما صحّتا وهما موجودتان.

وكذلك صحّت أيضا الواو والياء فى قوله عزّ اسمه (وَعَصَوُا الرَّسُولَ) [النساء : ٤٢] وقوله تعالى : (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ) [آل عمران : ١٨٦] وقوله تعالى (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً) [مريم : ٢٦] من حيث كانت الحركة عارضة لالتقاء الساكنين غير لازمة. وكذلك صحّتا فى القود ، والحوكة ، والغيب ؛ تنبيها على أصل باب ، ودار ، وعاب.

__________________

(١) يقال : دلو جوأبة : ضخمة.

(٢) الجيأل : الضبع. اللسان (جأل).

١٨٠