قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الخصائص [ ج ١ ]

الخصائص [ ج ١ ]

386/544
*

باب فى امتناع العرب من الكلام بما يجوز فى القياس

وإنما يقع ذلك فى كلامهم إذا استغنت بلفظ عن لفظ ؛ كاستغنائهم بقولهم : ما أجود جوابه عن قولهم : ما أجوبه ، أو لأن قياسا آخر عارضه فعاق عن استعمالهم إيّاه ؛ وكاستغنائهم بـ «كاد زيد يقوم» عن قولهم : كاد زيد قائما أو قياما. وربما خرج ذلك فى كلامهم ؛ قال تأبّط شرّا :

فأبت إلى فهم وما كدت آئبا

وكم مثلها فارقتها وهى تصفر (١)

هكذا صحّة رواية هذا البيت ، وكذلك هو فى شعره. فأمّا رواية من لا يضبطه : وما كنت آئبا ، ولم أك آئبا فلبعده عن ضبطه. ويؤكّد ما رويناه نحن مع وجوده فى الديوان أن المعنى عليه ؛ ألا ترى أن معناه : فأبت وما كدت أئوب ؛ فأمّا (كنت) فلا وجه لها فى هذا الموضع.

ومثل ذلك استغناؤهم بالفعل عن اسم الفاعل فى خبر (ما) فى التعجّب ؛ نحو قولهم : ما أحسن زيدا ، ولم يستعملوا هنا اسم الفاعل (وإن) كان الموضع فى خبر المبتدأ إنما هو للمفرد دون الجملة.

وممّا رفضوه استعمالا وإن كان مسوّغا قياسا وذر ، وودع ؛ استغنى عنهما بترك.

ومما يجوز فى القياس ـ وإن لم يرد به استعمال ـ الأفعال التى وردت مصادرها ورفضت هى ؛ نحو قولهم : فاظ الميّت يفيظ فيظا وفوظا. ولم يستعملوا من فوظ فعلا. وكذلك الأين للإعياء لم يستعملوا منه فعلا. قال أبو زيد وقالوا : رجل مدرهم ولم يقولوا درهم. وحدّثنا أبو علىّ ـ أظنّه عن ابن الأعرابىّ ـ أنهم

__________________

(١) البيت من الطويل ، وهو لتأبط شرا فى ديوانه ص ٩١ ، والأغانى ٢١ / ١٥٩ ، وتخليص الشواهد ص ٣٠٩ ، وخزانة الأدب ٨ / ٣٧٤ ، ٣٧٥ ، ٣٧٦ ، والدرر ٢ / ١٥٠ ، وشرح التصريح ١ / ٢٠٣ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ٨٣ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٦٢٩ ، ولسان العرب (كيد) ، والمقاصد النحوية ٢ / ١٦٥ ، وبلا نسبة فى الإنصاف ٢ / ٥٤٤ ، وأوضح المسالك ١ / ٣٠٢ ، وخزانة الأدب ٩ / ٣٤٧ ، ورصف المبانى ص ١٩٠ ، وشرح ابن عقيل ص ١٦٤ ، وشرح عهدة الحافظ ص ٨٢٢ ، وشرح المفصل ٧ / ١٣ ، وهمع الهوامع ١ / ١٣٠.