مصباح الفقيه - ج ٧

الشيخ آقا رضا الهمداني

مصباح الفقيه - ج ٧

المؤلف:

الشيخ آقا رضا الهمداني


المحقق: المؤسّسة الجعفريّة لإحياء التراث ـ قم المقدّسة
الموضوع : الفقه
الناشر: منبع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٣٦

نعم ، يحتمل قريبا إرادة هذا المعنى من خبر الحسين بن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قلت له : جلد الخنزير يجعل دلوا يستقى به من البئر يشرب منها ، فقال : «لا بأس» (١).

ونحوه خبره الآخر عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قلت له : شعر الخنزير يعمل (٢) حبلا ويستقى به من البئر التي يشرب منها أو يتوضّأ منها ، قال : «لا بأس» (٣).

ويحتمل صدور مثل هذه الأخبار من باب التقيّة ، والله العالم.

ولا فرق في الحكم بين كلب الصيد وغيره.

وحكي عن الصدوق أنّه قال : من أصاب ثوبه كلب جافّ [ولم يكن بكلب صيد] (٤) فعليه أن يرشّه بالماء ، وإن كان رطبا فعليه أن يغسله ، وإن كان كلب صيد ، فإن كان جافّا فليس عليه شي‌ء ، وإن كان رطبا فعليه أن يرشّه بالماء (٥).

وهو ضعيف مردود بإطلاق النصوص والفتاوى.

وخصوص حسنة ابن مسلم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الكلب

__________________

(١) لم نعثر على هذا الخبر بهذا السند والمتن في كتب الحديث ، وإنّما الموجود فيها هو خبر الحسين بن زرارة ـ الوارد في شعر الخنزير لا جلده ـ الآتي.

ويحتمل أنّ المؤلّف قدس‌سره اعتمد في رواية الجلد على كتاب الحدائق مع إبدال «زياد» ـ المذكور فيه ـ بـ «زرارة». وهي بسند الحسين بن زياد أيضا لم توجد في كتب الحديث ، فلاحظ.

(٢) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : «يجعل» بدل «يعمل». وما أثبتناه كما في المصدر.

(٣) الكافي ٦ : ٢٥٨ / ٣ ، الوسائل ، الباب ١٤ من أبواب الماء المطلق ، ح ٣.

(٤) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٥) حكاه عنه صاحب كشف اللثام فيه ١ : ٤٤٨ ، وانظر : الفقيه ١ : ٤٣.

١٦١

السلوقي ، قال : «إذا مسسته فاغسل يدك» (١).

ويختصّ الحكم بالبرّيّ منهما دون البحريّ ، لانصراف الأدلّة عنه ، بل ربما يدّعى أنّ إطلاق اسم الكلب والخنزير على البحريّين منهما على سبيل المجاز أو الاشتراك ، نظرا إلى كون البحريّ طبيعة أخرى مغايرة للماهيّة المعهودة المسمّاة باسم الكلب أو الخنزير ، مشابهة لها في الصورة ، كالإنسان البحريّ.

وكيف كان فلا شبهة في الانصراف.

فما عن الحلّي ـ من تعميم العنوانين للبحريّ منهما (٢) ـ ضعيف.

ويردّه أيضا ـ مضافا إلى ما عرفت ـ الأخبار (٣) الدالّة على طهارة الخزّ وجواز الصلاة فيه بناء على ما هو المعروف من كونه جلد كلب الماء.

ويشهد له صحيحة ابن الحجّاج ـ المرويّة عن الكافي في آخر كتاب الأطعمة في باب لبس الخزّ ـ قال : سأل أبا عبد الله عليه‌السلام رجل ـ وأنا عنده ـ عن جلود الخزّ ، فقال : «ليس بها بأس» فقال الرجل : جعلت فداك إنّها في بلادي وإنّما هي كلاب تخرج من الماء ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إذا خرجت من الماء تعيش خارجة من الماء؟» فقال الرجل : لا ، فقال : «لا بأس» (٤).

وفي التعليل إشعار بطهارة الخنزير البحريّ أيضا ، والله العالم.

__________________

(١) الكافي ٦ : ٥٥٣ / ١٢ ، الوسائل ، الباب ١٢ من أبواب النجاسات ، ح ٩.

(٢) حكاه عنه صاحب كشف اللثام فيه ١ : ٤١٦ ، وكذا العاملي في مفتاح الكرامة ١ : ١٣٩ ، وقبلهما العلّامة الحلّي في تذكرة الفقهاء ١ : ٦٧ ، الفرع الثالث من المسألة ٢١ ، ومختلف الشيعة ٥ : ٤٦ ، المسألة ٩ ، وانظر : السرائر ٢ : ٢٢٠ ، وفيه عنوان الكلب.

(٣) راجع : الوسائل ، الباب ٨ من أبواب لباس المصلّي.

(٤) الكافي ٦ : ٤٥١ / ٣ ، الوسائل ، الباب ١٠ من أبواب لباس المصلّي ، ح ١.

١٦٢

(ولو نزا كلب) أو خنزير (على حيوان) طاهر أو نجس (فأولده ، روعي في إلحاقه بأحكامه إطلاق الاسم) لتعليقها عليه ، فإن صدق عليه اسم الكلب أو الخنزير ، حكم بنجاسته وترتيب سائر أحكامه عليه ، وإلّا فلا ، سواء اندرج في مسمّى اسم آخر ، كالهرّة ونحوها ، أو لم يندرج بأن لم يكن مصداقا لشي‌ء من العناوين المعروفة ، فإنّه أيضا محكوم بالطهارة ، للأصل ، بل وكذا الحكم في المتولّد من الكلبين أو الخنزيرين أو الطاهرين ، فإنّ الحكم يدور مدار عنوان موضوعه ، فإذا صدق عليه اسم الكلب حقيقة ، حكم بنجاسته ، سواء كان أبواه طاهرين أم نجسين. وإن صدق عليه اسم الهرّة مثلا ، حكم بطهارته من غير التفات إلى أبويه ، كما صرّح به بعض (١).

خلافا للمحكيّ عن الشهيدين في الذكرى والروض ، فحكما بنجاسة المتولّد من النجسين وإن باينهما في الاسم (٢).

وعن المحقّق الثاني أنّه قال : وإطلاقهما يشمل ما لو فرض صدق اسم حيوان طاهر عليه ، وهو مشكل. انتهى (٣).

__________________

(١) كصاحب كشف اللثام فيه ١ : ٤١٦ ، والشيخ جعفر النجفي في كشف الغطاء : ١٧٣.

(٢) حكاه عنهما صاحب الجواهر فيها ٥ : ٣٦٩ ، والشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٣٤٧ ، وانظر : الذكرى ١ : ١١٨ ، وروض الجنان : ١٦٣.

(٣) قوله : «وعن المحقّق الثاني .. وهو مشكل. انتهى» كذا وردت العبارة في النسخ الخطّيّة والحجريّة ، وهي غير مطابقة لما في جامع المقاصد ١ : ١٦١ ـ حيث قال ـ بعد قول العلّامة : «والكلب والخنزير» ـ : وكذا المتولّد بينهما إذا أشبهه أحدهما بحيث يعدّ من نوعه ويطلق عليه اسمه ، ولو انتفى عنه الشبهان والاسمان ، ففي الحكم بطهارته أو نجاسته تردّد. ولو قيل بالنجاسة لم يكن بعيدا. انتهى كلامه ـ ولما في جواهر الكلام ٥ : ٣٦٩ ـ حيث قال : خلافا لجماعة منهم : الشهيدان والمحقّق الثاني ، فحكموا بنجاسة المتولّد بين النجسين مطلقا ..

ولما في كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري ـ : ٣٤٧ حيث قال : ثمّ إنّ المتولّد من الحيوانين إن تبع أحدهما في الاسم ، فلا إشكال في نجاسته ، وكذا لو باينهما ، كما في الذكرى والروض وعن المحقّق الثاني.

ثمّ قال : وإطلاقهما يشمل ما لو فرض صدق اسم حيوان طاهر عليه ، وهو مشكل ، كما عن المنتهى والنهاية .. إلى آخر كلامه.

فالتحقيق ـ بناء على ما ذكر ـ هو أنّ قوله : «وإطلاقهما يشمل ..» إلى آخره ، من كلام الشيخ الأنصاري ، لا من كلام المحقّق الثاني ، فلاحظ.

١٦٣

وقد عرفت الإشكال فيه مطلقا بعد فرض المباينة وإن لم يصدق عليه اسم حيوان طاهر ، لعدم الدليل على نجاسته ، فمقتضى الأصل طهارته. وكونه جزءا منهما في زمان لا يسوّغ استصحاب نجاسته بعد الاستحالة وانقلاب الموضوع.

ودعوى بقاء الموضوع عرفا ، لكونه محكوما بنجاسته ما دام كونه جنينا في بطن امّه قبل ولوج الروح فيه تبعا للامّ ، وولوج الروح فيه لا يوجب ارتفاع الموضوع عرفا ، مدفوعة : بأنّ تبعيّته (١) للأمّ في النجاسة ـ لو سلّمت ـ فهي ما دام كون الجنين ـ كغيره ممّا في أحشاء الامّ ـ معدودا من أجزائها عرفا ، دون ما إذا ولج فيه الروح واستقلّ بالاسم وخرج من اتّصافه بصفة الجزئيّة التي كانت سببا للحكم بنجاسته.

هذا ، مع أنّ تبعيّة الجنين للأمّ في نجاستها غير مسلّمة.

وكونه معدودا من أجزائها بحيث يفهم نجاسته من نجاستها في حيّز المنع ، كما تقدّمت (٢) الإشارة إليه في مبحث الميتة ، بل هو ولو قبل ولوج روحه شي‌ء أجنبيّ عن الامّ مخلوق في جوفها ، كدودة مخلوقة من العذرة يتبعها حكمها ، و

__________________

(١) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : «تبعيّتها». والظاهر ما أثبتناه.

(٢) في ص ١٢٦.

١٦٤

لا تلحقها أحكام العذرة.

وأمّا الحكم بنجاسة ولد الكلب أو الخنزير حال كونه جنينا في بطن امّه فليس لأجل التبعيّة للأمّ ، بل لفهم نجاسته من حكم الشارع بنجاسة الحيوانين حيث يفهم منه أنّ معروض النجاسة هي جثّة الحيوانين ، التي لا يتفاوت الحال فيها قبل ولوج الروح أو بعده أو بعد الموت ، فيفهم نجاستها في جميع هذه الحالات من ذلك الدليل ، ولذا لو نزا كلب على غنم فأولدها وعلم أهل العرف بأنّ ولدها كلب ، يحكمون بنجاسته من أوّل الأمر.

وإن أبيت عن ذلك ، فلا دليل على نجاسة الجنين وإن كان كلبا متولّدا من كلبين أو خنزيرا كذلك ، فمقتضى الأصل طهارته إلى أن يلج فيه الروح ، ويندرج في مسمّى الكلب أو الخنزير.

وإن وجدت من نفسك القطع بنجاسة أولاد الكلب والخنزير من مبادئ نشوئهما في بطن أمّهما فليس منشؤه إلّا القطع بإناطة الحكم بالموضوع المتحقّق في جميع الأحوال ، كما ادّعينا استفادته من الأدلّة ، لا التبعيّة للأمّ ، التي لا مستند لها عدا دعوى الجزئيّة القابلة للمنع ، والله العالم.

(وما عداهما) أي الكلب والخنزير (من) صنوف (الحيوان فليس بنجس.

وفي الثعلب والأرنب والفأرة والوزغة تردّد) منشؤه اختلاف الأخبار والأقوال.

فعن السيّد والشيخ في المبسوط ، والحلّي وعامّة المتأخّرين القول

١٦٥

بطهارتها (١).

وعن الشيخ في النهاية أنّه قال : وإذا أصاب ثوب الإنسان كلب أو خنزير أو ثعلب أو أرنب أو فأرة أو وزغة ، وجب غسل الموضع الذي مع الرطوبة (٢). انتهى.

لكنّه في باب المياه من الكتاب المذكور نفى البأس عمّا وقعت فيه الفأرة من الماء الذي في الآنية إذا خرجت منه ، وكذا إذا شربت ، وجعل ترك استعماله على كلّ حال أفضل (٣).

وعن المفيد في المقنعة : وكذلك الحكم في الفأرة والوزغة يرشّ الموضع الذي مسّاه من الثوب وإن لم يؤثّرا فيه ، وإن رطّباه وأثّرا فيه غسل بالماء (٤).

وعن أبي الصلاح أنّه أفتى بنجاسة الثعلب والأرنب (٥).

وحكي هذا القول أيضا عن السيّد أبي المكارم ابن زهرة (٦).

وعن ظاهر الصدوق القول بنجاسة الوزغ (٧).

وعن ابن البرّاج أنّه أوجب غسل ما أصابه الثعلب والأرنب والوزغة ، و

__________________

(١) حكاه عنهم العاملي في مدارك الأحكام ٢ : ٢٨٦ ـ ٢٨٧ ، وانظر : مسائل الناصريّات : ٨١ ـ ٨٢ ، المسألة ٩ ، وجمل العلم والعمل : ٥٢ ، والمبسوط ١ : ١٠ ، والسرائر ١ : ٨٥.

(٢) حكاه عنه العاملي في مدارك الأحكام ٢ : ٢٨٧ ، وانظر : النهاية : ٥٢.

(٣) النهاية : ٦.

(٤) حكاه عنه العاملي في مدارك الأحكام ٢ : ٢٨٧ ، وانظر : المقنعة : ٧٠.

(٥) حكاه عنه العلّامة الحلّي في مختلف الشيعة ١ : ٣٠٦ ، المسألة ٢٢٧ ، وانظر : الكافي في الفقه : ١٣١.

(٦) حكاه عنه صاحب المعالم فيها (قسم الفقه) : ٥٥٠ ، وانظر : الغنية : ٤٤.

(٧) حكاه عنه صاحب المعالم فيها (قسم الفقه) : ٢٤٣ و ٢٤٥ و ٥٥٠ ، وانظر : الفقيه ١ : ١٤ ، ذيل ح ٢٨.

١٦٦

كره الفأرة (١).

وعن سلّار الحكم بنجاسة الفأرة والوزغة (٢).

وعن صريح أطعمة الخلاف وظاهر بيعه القول بنجاسة المسوخ كلّها (٣).

وعن موضع من التهذيب القول بنجاسة كلّ ما لا يؤكل لحمه (٤).

ولعلّه أراد بنجاسة المسوخ أو غير المأكول غير معناها المصطلح ، كما قد يستظهر من بعض عبائره ، وإلّا فلا دليل عليها على الإطلاق ، بل الأدلّة ناطقة بخلافه.

وأمّا الأخبار : فممّا يدلّ على طهارتها صحيحة الفضل أبي العبّاس ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن فضل الهرّة والشاة والبقرة والإبل والحمار والخيل والبغال والوحش والسباع فلم أترك شيئا إلّا سألته عنه ، فقال : «لا بأس» حتّى انتهيت إلى الكلب ، فقال : «رجس نجس لا تتوضّأ بفضله ، واصبب ذلك الماء ، واغسله بالتراب أوّل مرّة ثمّ بالماء» (٥).

وصحيحة عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام ، قال : وسألته عن العظاية و

__________________

(١) حكاه عنه العلّامة الحلّي في مختلف الشيعة ١ : ٣٠٦ ، المسألة ٢٢٧ ، وانظر : المهذّب ١ : ٥٢ ـ ٥١.

(٢) حكاه عنه العلّامة الحلّي في مختلف الشيعة ١ : ٣٠٦ ، المسألة ٢٢٧ ، وانظر : المراسم : ٥٦.

(٣) حكاه عنه صاحب كشف اللثام فيه ١ : ٤٠٩ ، وانظر : الخلاف ٣ : ١٨٣ ـ ١٨٤ ، المسألة ٣٠٦ ، و ٦ : ٧٣ ، المسألة ٢.

(٤) حكاه عنه الفاضل الآبي في كشف الرموز ١ : ١٠٨ ، وانظر : التهذيب ١ : ٢٢٤ ، ذيل ح ٦٤٢.

(٥) التهذيب ١ : ٢٢٥ / ٦٤٦ ، الإستبصار ١ : ١٩ / ٤٠ ، الوسائل ، الباب ١١ من أبواب النجاسات ، ح ١.

١٦٧

الحيّة والوزغ تقع في الماء فلا تموت فيه أيتوضّأ منه للصلاة؟ فقال : «لا بأس به» وسألته عن فأرة وقعت في حبّ دهن فأخرجت قبل أن تموت أيبيعه من مسلم؟ قال : «نعم ، ويدهن (١) منه» (٢).

وفي الصحيح عن سعيد الأعرج ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الفأرة تقع في السمن والزيت ثمّ تخرج منه حيّا ، فقال : «لا بأس بأكله» (٣).

وفي الصحيح عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد الله عليه‌السلام «أنّ أبا جعفر عليه‌السلام كان يقول : لا بأس بسؤر الفأرة إذا شربت من الإناء أن يشرب منه أو يتوضّأ» (٤).

والمرويّ عن فقرب الإسناد عن أبي البختري عن جعفر بن محمّد عليهما‌السلام عن أبيه عن عليّ عليه‌السلام ، قال : «لا بأس بسؤر الفأرة أن يشرب منه ويتوضّأ» (٥).

ورواية هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألت عن الفأرة والعقرب وأشباه ذلك يقع في الماء فيخرج حيّا هل يشرب من ذلك الماء ويتوضّأ؟ قال : «يسكب منه ثلاث مرّات ، وقليله وكثيره بمنزلة واحدة ، ثمّ يشرب منه ويتوضّأ منه غير الوزغ فإنّه لا ينتفع بما يقع فيه» (٦).

وهذه الرواية ممّا يستظهر منها نجاسة الوزغة.

__________________

(١) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : «يتدهّن». وما أثبتناه من المصدر.

(٢) التهذيب ١ : ٤١٩ / ١٣٢٦ ، الوسائل ، الباب ٣٣ من أبواب النجاسات ، ح ١.

(٣) الكافي ٦ : ٢٦١ / ٤ ، التهذيب ٩ : ٨٦ / ٣٦٢ ، الوسائل ، الباب ٤٥ من أبواب الأطعمة المحرّمة ، ح ١.

(٤) التهذيب ١ : ٤١٩ / ١٣٢٣ ، الإستبصار ١ : ٢٦ / ٦٥ ، الوسائل ، الباب ٩ من أبواب الأسئار ، ح ٢.

(٥) قرب الإسناد : ١٥٠ / ٥٤٢ ، الوسائل ، الباب ٩ من أبواب الأسئار ، ح ٨.

(٦) التهذيب ١ : ٢٣٨ / ٦٩٠ ، الإستبصار ١ : ٢٤ / ٥٩ ، الوسائل ، الباب ٩ من أبواب الأسئار ، ح ٤.

١٦٨

وأمّا أخبار النجاسة :

فمنها : صحيحة عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام ، قال : سألته عن الفأرة الرطبة قد وقعت في (١) الماء تمشي على الثياب أيصلّى فيها؟ قال : «اغسل ما رأيت من أثرها ، وما لم تره فانضحه بالماء» (٢).

وصحيحته الأخرى أيضا عن أخيه موسى عليه‌السلام ، قال : سألته عن الفأرة والكلب إذا أكلا من الخبز أو شمّاه أيؤكل؟ قال : «يترك ما شمّاه ويؤكل ما بقي» (٣).

وعن قرب الإسناد بإسناده عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام ، قال : سألته عن الفأرة والكلب إذا أكلا من الخبز وشبهه أيحلّ أكله؟ قال : «يطرح منه ما أكل ، ويؤكل الباقي» (٤).

ومرسلة يونس عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته هل يجوز أن يمسّ الثعلب والأرنب أو شيئا من السباع حيّا أو ميّتا؟ قال : «لا يضرّه ولكن يغسل يده» (٥).

وخبر عمّار الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث ، قال : سئل عن الكلب والفأرة إذا أكلا من الخبز وشبهه ، قال : «يطرح منه ويؤكل الباقي» وعن

__________________

(١) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : «على» بدل «في». والصحيح ما أثبتناه من المصدر.

(٢) التهذيب ١ : ٢٦١ ـ ٢٦٢ / ٧٦١ ، و ٢ : ٣٦٦ / ١٥٢٢ ، الوسائل ، الباب ٣٣ من أبواب النجاسات ، ح ٢.

(٣) التهذيب ١ : ٢٢٩ / ٦٦٣ ، الوسائل ، الباب ٣٦ من أبواب النجاسات ، ح ١.

(٤) قرب الإسناد : ٢٧٤ / ١٠٨٩ ، الوسائل ، الباب ٤٥ من أبواب الأطعمة المحرّمة ، ح ٢.

(٥) الكافي ٣ : ٦٠ ـ ٦١ / ٤ ، التهذيب ١ : ٢٦٢ / ٧٦٣ ، و ٢٧٧ / ٨١٦ ، الوسائل ، الباب ٣٤ من أبواب النجاسات ، ح ٣.

١٦٩

العظاية تقع في اللبن ، قال : «يحرم اللبن» وقال : «إنّ فيها السمّ» (١).

وصحيحة معاوية بن عمّار قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الفأرة والوزغة تقع في البئر ، قال : «ينزح منها ثلاث دلاء» (٢).

وعن الفقه الرضوي قال : «إن وقع في الماء وزغ أهريق ذلك الماء ، وإن وقع فيه فأرة أو حيّة أهريق الماء ، وإن دخل فيه حيّة وخرجت منه صبّ من ذلك ثلاث أكفّ ، واستعمل الباقي ، وقليله وكثيره بمنزلة واحدة» (٣).

والذي يقتضيه الجمع بين الروايات : حمل هذه الطائفة من الأخبار على الاستحباب أو غيره من المحامل ، لأنّ غايتها الظهور في نجاسة المذكورات ، فيرفع اليد عنها بالأخبار المتقدّمة المصرّحة بنفي البأس عنها ، مع اشتهار العمل بها ، وشذوذ ما يعارضها من أخبار النجاسة.

نعم ، قد يتوهّم أنّ مقتضى الجمع بين الروايات من حيث هي عكس ذلك في خصوص الثعلب والأرنب حيث إنّ استفادة حكمهما من أخبار الطهارة بأصالة العموم ، فلا يعارض مرسلة يونس ، التي وقع فيها التصريح بغسل اليد الماسّة لهما ، لأنّ ارتكاب التخصيص أهون من سائر المحامل التي أقربها حمل الجواب على إرادة غسل اليد في الجملة ، أي على تقدير مسّها ميتة ، أو حمله على

__________________

(١) التهذيب ١ : ٢٨٤ ـ ٢٨٥ / ٨٣٢ ، الوسائل ، الباب ٣٦ من أبواب النجاسات ، ح ٢.

(٢) التهذيب ١ : ٢٣٨ / ٦٨٨ ، الإستبصار ١ : ٣٩ / ١٠٦ ، الوسائل ، الباب ١٩ من أبواب الماء المطلق ، ح ٢.

(٣) حكاه عنه البحراني في الحدائق الناضرة ٥ : ٢٢٩ ، وانظر : الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه‌السلام : ٩٣.

١٧٠

الاستحباب ، الموجب لإبقائه على ظاهره من الإطلاق الشامل للمسّ مع الجفاف ، كما يقتضيه إطلاق السؤال.

ويدفعه ـ بعد تسليم الكبرى ـ أنّ المعارضة بين المرسلة وبين صحيحة الفضل بالمباينة ، لا بالعموم والخصوص ، فإنّ المرسلة وإن كانت دلالتها على حكم الحيوانين بالنصوصيّة لكنّهما جعلا مشاركين مع السباع في الحكم بغسل اليد من مسّها ، وقد دلّت الصحيحة بالنصوصيّة على نفي البأس عن فضل السباع ، فوجب أن يكون غسل اليد الثابت بمسّ السباع وكلّ ما يشاركها في هذا الحكم لا لأجل النجاسة ، كما أنّ هذا هو الذي يقتضيه سائر الأدلّة الدالّة على طهارة السباع وقبولها للتذكية ، فإنّ مقتضاها عدم إرادة إزالة النجاسة من الأمر بغسل اليد عن مسّها في المرسلة ، كما يؤيّده الأخبار النافية للبأس عن الصلاة في جلد الأرانب والثعالب إذا كان ذكيّا ، فإنّها وإن صدرت تقيّة ـ كما ستعرفه في محلّه إن شاء الله ـ لكنّه يستفاد منها قبولهما للتذكية التي هي أخصّ من الطهارة الذاتيّة ، فليتأمّل.

هذا كلّه ، مع ضعف المرسلة وشذوذها ، بل مخالفتها للإجماع في حكم السباع إن أريد بها وجوب غسل اليد.

(و) لذا لا ينبغي الارتياب في أنّ (الأظهر) فيهما كغيرهما من المذكورات ، بل في ما عدا الكلب والخنزير مطلقا هو (الطهارة) كما هو المشهور ، بل المجمع عليه في هذه الأعصار ، بل في الجواهر (١) دعوى استقرار المذهب على طهارة المذكورات.

__________________

(١) جواهر الكلام ٥ : ٣٧١.

١٧١
١٧٢

(الثامن : المسكرات) المائعة أصالة ، كالخمر وغيرها.

(وفي تنجيسها) أي الحكم بنجاستها (خلاف) بين الأصحاب نشأ من اختلاف الأخبار.

فعن الصدوق في الفقيه ووالده في الرسالة والجعفي والعماني القول بطهارتها (١).

ويظهر من بعض (٢) الأخبار الآتية وجود القول بها فيما بين قدماء أصحابنا المعاصرين للأئمّة عليهم‌السلام.

وعن ظاهر المقدّس الأردبيلي أو صريحه وبعض من تأخّر عنه

__________________

(١) كما في جواهر الكلام ٦ : ٣ ، وانظر : الفقيه ١ : ٤٣ ، وحكاه عن الجعفي الشهيد في الذكرى ١ : ١١٤ ، والدروس ١ : ١٢٤ ، وعن العماني العلّامة الحلّي في مختلف الشيعة ١ : ٣١٠ ، المسألة ٢٣٠.

(٢) هي رواية خيران الخادم ، الآتية في ص ١٨٨.

١٧٣

ـ كأصحاب المدارك والذخيرة والمشارق ـ اختياره مع تردّد من بعضهم (١).

وعن المصنّف رحمه‌الله في المعتبر التردّد فيه (٢).

خلافا لما هو المشهور قديما وحديثا من القول بنجاستها ، بل عن جملة من الأصحاب دعوى الإجماع عليه ، وعن غير واحد منهم في خصوص الخمر دعوى إجماع المسلمين على نجاسته.

وعن الحبل المتين أنّه قال : أطبق علماء (٣) الخاصّة والعامّة على نجاسة الخمر إلّا شرذمة منّا ومنهم لم يعتدّ الفريقان بمخالفتهم (٤). انتهى.

حجّة القول بالطهارة ـ بعد الأصل ـ جملة من الأخبار :

منها : صحيحة ابن أبي سارة : قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إن أصاب ثوبي شي‌ء من الخمر أصلّي فيه قبل أن أغسله؟ قال : «لا بأس إنّ الثوب لا يسكر» (٥).

وموثّقة ابن بكير ، قال : سأل رجل أبا عبد الله عليه‌السلام ـ وأنا عنده ـ عن المسكر والنبيذ يصيب الثوب ، قال : «لا بأس» (٦).

وصحيحة عليّ بن رئاب ـ المرويّة عن قرب الإسناد ـ قال : سألت

__________________

(١) حكاه عنهم الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٣٦٠ ، وانظر : مجمع الفائدة والبرهان ١ : ٣١٢ ، ومدارك الأحكام ٢ : ٢٩٢ ، وذخيرة المعاد : ١٥٤ ، ومشارق الشموس : ٣٣٣.

(٢) حكاه عنه العاملي في مدارك الأحكام ٢ : ٢٩٢ ، وانظر : المعتبر ٢ : ٤٢٤.

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : «علماؤنا». وما أثبتناه من المصدر.

(٤) حكاه عنه صاحب الجواهر فيها ٦ : ٢ ، وانظر : الحبل المتين : ١٠٢.

(٥) التهذيب ١ : ٢٨٠ / ٨٢٢ ، الإستبصار ١ : ١٨٩ / ٦٦٤ ، الوسائل ، الباب ٣٨ من أبواب النجاسات ، ح ١٠.

(٦) التهذيب ١ : ٢٨٠ / ٨٢٣ ، الإستبصار ١ : ١٩٠ / ٦٦٥ ، الوسائل ، الباب ٣٨ من أبواب النجاسات ، ح ١١.

١٧٤

أبا عبد الله عليه‌السلام عن الخمر والنبيذ المسكر يصيب ثوبي أغسله أو أصلّي فيه؟ قال : «صلّ فيه إلّا أن تقذره فتغسل منه موضع الأثر ، إنّ الله تبارك وتعالى إنّما حرّم شربها» (١).

ورواية الحسين بن موسى الحنّاط ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يشرب الخمر ثمّ يمجّه (٢) من فيه فيصيب ثوبي ، فقال : «لا بأس» (٣).

ورواية أبي بكر الحضرمي ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أصاب ثوبي نبيذ ، أصلّي فيه؟ قال : «نعم» قلت : قطرة من نبيذ قطرت في حبّ ، أشرب منه؟ قال : «نعم ، إنّ أصل النبيذ حلال ، وإنّ أصل الخمر حرام» (٤).

ولا يبعد أن يكون المراد بالنبيذ في هذه الرواية النبيذ الغير المسكر ، فتكون هذه الرواية على خلاف المطلوب أدلّ.

ورواية الحسن بن أبي سارة ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنّا نخالط اليهود والنصارى والمجوس وندخل عليهم وهم يأكلون ويشربون فيمرّ ساقيهم فيصبّ على ثيابي الخمر ، فقال : «لا بأس به إلّا أن تشتهي أن تغسله لأثره» (٥).

__________________

(١) قرب الإسناد : ١٦٣ / ٥٩٥ ، الوسائل ، الباب ٣٨ من أبواب النجاسات ، ح ١٤.

(٢) مجّ الرجل الشراب من فيه : إذا رمى به. الصحاح ١ : ٣٤٠ «مجج».

(٣) التهذيب ١ : ٢٨٠ / ٨٢٥ ، الإستبصار ١ : ١٩٠ / ٦٦٧ ، الوسائل ، الباب ٣٩ من أبواب النجاسات ، ح ٢.

(٤) التهذيب ١ : ٢٧٩ / ٨٢١ ، الإستبصار ١ : ١٨٩ / ٦٦٣ ، الوسائل ، الباب ٣٨ من أبواب النجاسات ، ح ٩.

(٥) التهذيب ١ : ٢٨٠ / ٨٢٤ ، الإستبصار ١ : ١٩٠ / ٦٦٦ ، الوسائل ، الباب ٣٨ من أبواب النجاسات ، ح ١٢.

١٧٥

ورواية حفص الأعور ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الدنّ يكون فيه الخمر ثمّ يجفّف ، يجعل فيه الخلّ ، قال : «نعم» (١).

ومرسلة الصدوق ، قال : سئل أبو جعفر عليه‌السلام وأبو عبد الله عليه‌السلام ، فقيل لهما :إنّا نشتري ثيابا يصيبها الخمر وودك (٢) الخنزير عند حاكتها أفنصلّي فيها قبل أن نغسلها؟ فقالا : «نعم ، لا بأس ، إنّ الله إنّما حرّم أكله وشربه ولم يحرّم لبسه ولمسه والصلاة فيه» (٣).

ورواه في علل الشرائع بطريق صحيح عن بكير عن أبي جعفر عليه‌السلام (٤) ، وعن أبي الصباح وأبي سعيد والحسن النبّال عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٥).

وصحيحة عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام أنّه سئل عن الرجل يمرّ في ماء المطر وقد صبّ فيه خمر فأصاب ثوبه هل يصلّي فيه قبل أن يغسل ثوبه؟ قال :«لا يغسل ثوبه ولا رجله ، ويصلّي فيه ولا بأس» (٦).

ورواية عليّ الواسطي ، قال : دخلت الجويرية ـ وكانت تحت موسى بن عيسى ـ على أبي عبد الله عليه‌السلام وكانت صالحة ، فقالت : إنّي أتطيّب لزوجي فنجعل

__________________

(١) الكافي ٦ : ٤٢٨ (باب الأواني تكون فيها الخمر ..) ح ٢ ، التهذيب ٩ : ١١٧ / ٥٠٣ ، الوسائل ، الباب ٥١ من أبواب النجاسات ، ح ٢.

(٢) الودك ـ بالتحريك ـ : الدسم. ومنه : ودك الخنزير ونحوه ، يعني شحمه. مجمع البحرين ٥ : ٢٩٧ «ودك».

(٣) الفقيه ١ : ١٦٠ / ٧٥٢ ، الوسائل ، الباب ٣٨ من أبواب النجاسات ، ح ١٣.

(٤) علل الشرائع : ٣٥٧ (الباب ٧٢) ح ١ ، الوسائل ، الباب ٣٨ من أبواب النجاسات ، ذيل ح ١٣.

(٥) علل الشرائع : ٣٥٧ (الباب ٧٢) ح ١ ، الوسائل ، الباب ٣٨ من أبواب النجاسات ، ذيل ح ١٣.

(٦) الفقيه ١ : ٧ / ٧ ، التهذيب ١ : ٤١٨ / ١٣٢١ ، الوسائل ، الباب ٦ من أبواب الماء المطلق ، ذيل ح ٢.

١٧٦

في المشطة ـ التي أتمشّط بها ـ الخمر وأجعله في رأسي ، قال : «لا بأس» (١).

وعن الفقه الرضوي : «ولا بأس أن تصلّي في ثوب أصابه خمر ، لأنّ الله حرّم شربها ولم يحرّم الصلاة في ثوب أصابته» (٢).

واستدلّ للمشهور : بالإجماعات المنقولة المعتضدة بالشهرة المحقّقة.

وبقوله تعالى (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) (٣) فإنّ الرجس هو النجس على ما ذكره بعض أهل اللغة (٤) ، والاجتناب عبارة عن عدم المباشرة مطلقا ، ولا معنى للتنجّس إلّا ذلك.

وبالأخبار الكثيرة :

منها : مرسلة يونس عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «إذا أصاب ثوبك خمر أو نبيذ مسكر فاغسله إن عرفت موضعه ، وإن لم تعرف موضعه فاغسله كلّه ، وإن صلّيت فيه فأعد صلاتك» (٥).

ورواية زكريّا بن آدم ، قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن قطرة خمر أو نبيذ مسكر قطرت في قدر فيه لحم كثير ومرق كثير ، قال : «يهراق المرق أو يطعمه أهل الذمّة أو الكلب ، واللّحم اغسله وكلّه» قلت : فإنّه قطر فيه الدم ، قال : «الدم تأكله

__________________

(١) التهذيب ٩ : ١٢٣ / ٥٣٠ ، الوسائل ، الباب ٣٧ من أبواب الأشربة المحرّمة ، ح ٢.

(٢) حكاه عنه البحراني في الحدائق الناضرة ٥ : ١٠٥ ، وانظر : الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه‌السلام :٢٨١.

(٣) المائدة ٥ : ٩٠.

(٤) نقله الفيّومي في المصباح المنير : ٢٦٦ عن النقّاش.

(٥) الكافي ٣ : ٤٠٥ / ٤ ، التهذيب ١ : ٢٧٨ ـ ٢٧٩ / ٨١٨ ، الإستبصار ١ : ١٨٩ / ٦٦١ ، الوسائل ، الباب ٣٨ من أبواب النجاسات ، ح ٣.

١٧٧

النار إن شاء الله» قلت : فخمر أو نبيذ قطر في عجين ، أو دم ، قال : فقال : «فسد» قلت :أبيعه من اليهود والنصارى وأبيّن لهم؟ قال : «نعم ، فإنّهم يستحلّون شربه» قلت : والفقّاع هو بتلك المنزلة إذا قطر في شي‌ء من ذلك؟ فقال : «أكره أن آكله إذا قطر في شي‌ء من طعامي» (١).

وموثّقة عمّار بن موسى الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن الدنّ يكون فيه الخمر هل يصلح أن يكون فيه خلّ أو ماء أو كامخ (٢) أو زيتون؟ قال : «إذا غسل فلا بأس» وعن الإبريق وغيره يكون فيه خمر أيصلح أن يكون فيه ماء؟قال : «إذا غسل فلا بأس» وقال في قدح أو إناء يشرب فيه الخمر ، قال : «تغسله ثلاث مرّات» وسئل أيجزئه أن يصبّ فيه الماء؟ قال : «لا يجزئه حتّى يدلكه بيده ويغسله ثلاث مرّات» (٣).

وخبر أبي جميل (٤) البصريّ عن يونس بن عبد الرحمن عن هشام بن الحكم أنّه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن الفقّاع ، فقال : «لا تشربه فإنّه خمر مجهول ، فإذا أصاب ثوبك فاغسله» (٥).

وموثّقة عمّار عن أبي عبد الله عليه‌السلام في الإناء يشرب فيه النبيذ ، فقال :

__________________

(١) التهذيب ١ : ٢٧٩ / ٨٢٠ ، الوسائل ، الباب ٣٨ من أبواب النجاسات ، ح ٨.

(٢) الكامخ : الذي يؤتدم به ، معرّب. الصحاح ١ : ٤٣٠ «كمخ».

(٣) الكافي ٦ : ٤٢٧ ـ ٤٢٨ / ١ ، التهذيب ١ : ٢٨٣ / ٨٣٠ ، الوسائل ، الباب ٥١ من أبواب النجاسات ، ح ١.

(٤) في الموضع الثاني من الكافي : «أبي جميلة».

(٥) الكافي ٣ : ٤٠٧ / ١٥ ، و ٦ : ٤٢٣ / ٧ ، التهذيب ٩ : ١٢٥ ـ ١٢٦ / ٥٤٤ ، الإستبصار ٤ : ٩٦ / ٣٧٣ ، الوسائل ، الباب ٢٧ من أبواب الأشربة المحرّمة ، ح ٨.

١٧٨

«تغسله سبع مرّات» (١).

وموثّقته الأخرى أيضا عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «لا تصلّ في ثوب أصابه خمر أو مسكر ، واغسله إن عرفت موضعه ، فإن لم تعرف موضعه فاغسل الثوب كلّه ، فإن صلّيت فيه فأعد صلاتك» (٢).

وصحيحة الحلبي [قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام] (٣) عن دواء يعجن (٤) بالخمر ، فقال : «لا والله ما أحبّ أن أنظر إليه فكيف أتداوى به ، إنّه بمنزلة شحم الخنزير أو لحم الخنزير» (٥). وفي بعض الروايات : «إنّه بمنزلة الميتة» (٦).

وفي رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في النبيذ ، قال : «ما يبلّ الميل ينجّس حبّا من ماء» يقولها ثلاثا (٧).

__________________

(١) التهذيب ٩ : ١١٦ / ٥٠٢ ، الوسائل ، الباب ٣٠ من أبواب الأشربة المحرّمة ، ح ٢.

(٢) لم نعثر في كتب الأحاديث على رواية لعمّار بهذا اللفظ ، وإنّما الوارد فيها هكذا : «لا تصلّ في ثوب أصابه خمر أو مسكر حتى يغسل» رواه الشيخ الطوسي في التهذيب ١ : ٢٧٩ / ٨٢٠ ، وعنه في الوسائل ، الباب ٣٨ من أبواب النجاسات ، ح ٨ وما في المتن من نسبة الموثّقة إلى عمّار كما في الحدائق الناضرة ٥ : ١٠٢.

نعم ، ورد هذا المضمون في رواية «غير زرارة» التي يرويها عليّ بن مهزيار وفي مرسلة يونس ، كما في الكافي ٣ : ٤٠٧ / ٤ ، و ٤٠٥ / ٤ ، والتهذيب ١ : ٢٨١ / ٨٢٦ ، و ٢٧٨ ـ ٢٧٩ / ٨١٨ ، وعنهما في الوسائل ، الباب ٣٨ من أبواب النجاسات ، ح ٢ و ٣.

(٣) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٤) في المصدر : «عجن».

(٥) الكافي ٦ : ٤١٤ / ٤ ، التهذيب ٩ : ١١٣ / ٤٩٠ ، الوسائل ، الباب ٢٠ من أبواب الأشربة المحرّمة ، ح ٤.

(٦) التهذيب ٩ : ١١٤ / ٤٩٣ ، الوسائل ، الباب ٢١ من أبواب الأشربة المحرّمة ، ح ٥.

(٧) الكافي ٦ : ٤١٣ / ١ ، التهذيب ٩ : ١١٢ ـ ١١٣ / ٤٨٧ ، الوسائل ، الباب ٢٠ من أبواب الأشربة المحرّمة ، ح ٢.

١٧٩

وصحيحة محمّد بن مسلم ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن آنية أهل الذمّة والمجوس ، فقال (١) : «لا تأكلوا في آنيتهم ولا من طعامهم الذي يطبخون ولا في آنيتهم التي يشربون فيها الخمر» (٢).

وعن عمر بن حنظلة ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما ترى في قدح من مسكر يصبّ عليه الماء حتّى تذهب عاديته ويذهب سكره؟ فقال : «لا والله ولا قطرة تقطر منه في حبّ إلّا أهريق ذلك الحبّ» (٣).

وعن هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد الله عليه‌السلام في رجل اشتكى عينيه فنعت (٤) له كحل يعجن بالخمر ، فقال : «[هو] (٥) خبيث بمنزلة الميتة ، فإن كان مضطرّا فليكتحل به» (٦).

ويدلّ عليه أيضا الأخبار الواردة في نزح البئر من صبّ الخمر فيه ، إلى غير ذلك من الأخبار التي سيأتي بعضها أيضا إن شاء الله.

وهذه الأخبار وإن كان جملة منها مخصوصة بالخمر أو واردة فيها وفي النبيذ أو في خصوص النبيذ لكن يمكن الاستشهاد لعموم المدّعى بالجميع ، لعدم

__________________

(١) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : «وقال». وما أثبتناه من المصدر.

(٢) الكافي ٦ : ٢٦٤ / ٥ ، الوسائل ، الباب ٧٢ من أبواب النجاسات ، ح ٢ ، والباب ٥٤ من أبواب الأطعمة المحرّمة ، ح ٣.

(٣) الكافي ٦ : ٤١٠ / ١٥ ، التهذيب ٩ : ١١٢ / ٤٨٥ ، الوسائل ، الباب ١٨ من أبواب الأشربة المحرّمة ، ح ١.

(٤) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : «فبعث» بدل «فنعت». والمثبت من المصدر.

(٥) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٦) التهذيب ٩ : ١١٤ / ٤٩٣ ، الوسائل ، الباب ٢١ من أبواب الأشربة المحرّمة ، ح ٥.

١٨٠