مصباح الفقيه - ج ٧

الشيخ آقا رضا الهمداني

مصباح الفقيه - ج ٧

المؤلف:

الشيخ آقا رضا الهمداني


المحقق: المؤسّسة الجعفريّة لإحياء التراث ـ قم المقدّسة
الموضوع : الفقه
الناشر: منبع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٣٦

بالرعاف ، لا لبيان كفاية مسحه مطلقا حتّى ينافيه نجاسته ، فلا مانع من تنزيلها على ما إذا لم يتجاوز الدم عمّا حول الأنف بحيث يزيد عن سعة الدرهم حتّى يمنع من الدخول في الصلاة.

ويحتمل بعيدا أن يكون مسحه كناية عن تنظيفه وتطهيره ، كما أنّ هذا هو المراد بحسب الظاهر من الإنقاء في حسنة الوشّاء.

قال : سمعت أبا الحسن عليه‌السلام يقول : «كان أبو عبد الله عليه‌السلام يقول في الرجل يدخل يده في أنفه فيصيب خمس أصابعه الدم قال : ينقيه ولا يعيد الوضوء» (١).

إلى غير ذلك من الأخبار التي لا يخفى توجيهها على من لاحظها ، بل لا ظهور لها في المدّعى حتّى يحتاج إلى التوجيه ، فلا يهمّنا التعرّض لها خصوصا مع تعيّن طرحها على تقدير تسليم الدلالة وعدم قبولها للتوجيه.

بقي الكلام في الدم المتخلّف في الذبيحة ، وهو في الجملة ممّا لا شبهة في طهارته ، بل لا خلاف.

ويشهد لها ـ مضافا إلى ذلك ـ استقرار السيرة على عدم التجنّب عنه ، بل الضرورة قاضية بحلّيّة اللحم المذكّى ، وهو لا ينفكّ عن اشتماله على شي‌ء من الدم ، بل يتعذّر غالبا تخليصه منه إلّا ببعض المعالجات التي علم بالضرورة من الشرع عدم اعتباره.

ألا ترى أنّك (٢) بعد المبالغة في غسله تجده يتقاطر منه ماء أحمر؟ فكلّ ما

__________________

(١) التهذيب ١ : ٣٤٨ / ١٠٢٤ ، الوسائل ، الباب ٧ من أبواب نواقض الوضوء ، ح ١١.

(٢) في الطبعة الحجريّة : «ذلك» بدل «أنّك».

١٤١

دلّ على حلّيّة أكل اللحم بدون هذه المبالغات دلّ على حلّيّة ما يتضمّنه من الدم ، وهي أخصّ من طهارته ، كما هو واضح.

وما عن شارح الدروس ـ من المناقشة في اقتضاء هذا الاستدلال طهارة ما تخلّف فيه من الدم بعد بروزه بقوله : قد يقال : إنّه إذا خرج منه دم يحكم بنجاسته ، وإذا لم يخرج ولم يظهر فهو طاهر وإن كان في اللحم ، ولا يصدق معه حينئذ إذا أكل في ضمن لحمه أكل الدم ، بل هو أكل السمك حينئذ ، بخلاف ما إذا خرج ، ولا تحكّم ، لأنّ الأحكام تدور مدار الأسماء ، ويختلف الاسم قبل الخروج وبعده (١).

انتهى ـ في غير محلّها ، لأنّ إطلاق السمك على المجموع لا يوجب عدم كون ما تضمّنه من الدم مصداقا لمفهومه ، بل العرف يشهد بكون السمك اسما للجملة المشتملة على اللحم والعظم والدم ، فلو كان الدم نجسا ، لتوقّف حلّيّة أكل ما عداه على تخليصه منه.

فلو استند فيما ذكره من التفصيل إلى إبداء احتمال العفو عنه ما دام في الباطن ، كما في الحيوان الحيّ حيث لا حكم لدمه حال حياته ما لم يظهر ، كان أسلم من الخدشة.

لكن يتوجّه عليه حينئذ أيضا ما أشرنا إليه من قضاء العادة بتغيّر لون الماء به ، فطبخه في الماء لا ينفكّ غالبا عن ظهور دمه وتغيّر الماء به ، وكفى بظهوره في ضمن الماء علّة لانفعال الماء به ، كما في الماء الممتزج بالدم الخارج من حلق الحيوان.

__________________

(١) مشارق الشموس : ٣٠٥.

١٤٢

وكيف كان فما ذكره من التفصيل ضعيف جدّا ، خصوصا مع إطلاق كلمات الأصحاب ومعاقد إجماعاتهم المحكيّة واستقرار سيرة المتشرّعة على عدم الالتزام بتطهير ظاهر اللحم ، بل تعسّره أو تعذّره بالنسبة إلى الشحم ونحوه ، إلّا بطرح الجزء المتلوّث به.

نعم ، ما ذكره وجها للتفصيل يصلح فارقا بين المتّصل باللحم المستهلك فيه التابع له في إطلاق اسم أكل اللحم ، وبين المنفصل عنه المستقلّ بالاسم الذي يصدق على أكله أكل الدم في حلّيّة أكله وحرمته بعد فرض طهارته ، فإنّ الحرام عند استهلاكه في غيره ـ كالتراب الممتزج بالحنطة المستهلك فيها ـ لا أثر له ، بخلاف النجس ، فإنّه لا يستهلك ولا يتبع غيره في الحلّيّة مع وجود عينه أصلا وإن كان في غاية القلّة ، بل هو يهلك ملاقيه ويتبعه في الحكم إذا كان برطوبة مسرية ، ومع اضمحلال عينه وانعدام موضوعه عرفا يقوم ملاقيه مقامه في الأثر ، فصحّة إطلاق اسم السمك أو اللحم المذكّى على الجملة المشتملة على الدم المستهلك فيه لا تؤثّر إلّا في إباحة أكله على تقدير طهارة الدم ، وإلّا فهو بمنزلة ما لو أصابه قطرة دم من الخارج ، كما هو واضح.

وبما ذكرنا ظهر لك أنّه لا يصحّ الاستدلال لحلّيّة الدم المتخلّف في الذبيحة من حيث هو : بالأدلّة المتقدّمة الدالّة على طهارته ، لأنّ إباحة اللحم المشتمل عليه ـ كإباحة الحنطة المشتملة على شي‌ء يسير من التراب ـ لا تستلزم إباحة ما فيه من الدم من حيث هو ، فلا مقتضي لرفع اليد عن إطلاق قوله تعالى (إِنَّما حَرَّمَ

١٤٣

عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ) (١).

لكن ربما يستدلّ لإباحته من حيث هو كطهارته : بمفهوم قوله تعالى (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ) (٢) إلى آخره ، فإنّه يدلّ على حلّيّة الدم الغير المسفوح ، فيخصّص به آية التحريم.

وفيه : أنّ الاستدلال به إمّا بمفهوم الحصر أو مفهوم الوصف.

أمّا الحصر : فهو بحسب الظاهر إضافيّ لم يقصد به إلّا الاحتراز عن الأطعمة المعهودة التي حرّمها بعض العرب على أنفسهم افتراء على الله تعالى ، وإلّا للزم تخصيص الأكثر المستهجن ، فإنّ المحرّمات من الحيوانات البرّيّة والبحريّة وغيرها فوق حدّ الإحصاء.

وفي الصافي عن القمّي أنّه قال : قد احتجّ قوم بهذه الآية على أنّه ليس شي‌ء محرّم إلّا هذا ، وأحلّوا كلّ شي‌ء من البهائم : القردة والكلاب والسباع والذئاب والأسد والبغال والحمير والدوابّ ، وزعموا أنّ ذلك كلّه حلال ، وغلطوا في ذلك غلطا بيّنا ، وإنّما هذه الآية ردّ على ما أحلّت العرب وحرّمت ، لأنّ العرب كانت تحلّل على نفسها وتحرّم أشياء ، فحكى الله ذلك لنبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ما قالوا ، فقال (وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا) (٣) الآية ، فكان إذا سقط الجنين أكله الرجال ، وحرم على النساء ، وإذا كان ميّتا أكله

__________________

(١) البقرة ٢ : ١٧٣.

(٢) الأنعام ٦ : ١٤٥.

(٣) الأنعام ٦ : ١٣٩.

١٤٤

الرجال والنساء (١). انتهى.

لكن صاحب الصافي ـ عليه الرحمة ـ لم يرض بهذا التوجيه ، لزعمه مخالفته للأخبار الكثيرة المقرّرة لظاهر الآية ، إلّا أنّ تلك الأخبار أيضا ـ كظاهر الآية ـ ممّا لا بدّ من تأويله ، ولذا وجّهه بما لا يصحّ ظاهره على وجه يصحّ الاستدلال به في مقابل الأدلّة الدالّة على تحريم غير المذكورات.

وكيف كان فلا يجوز رفع اليد عن ظاهر الآية المحكمة المتقدّمة بمفهوم الحصر الذي تشابه علينا أمره.

وأمّا الوصف : فهو مع ضعف دلالته في حدّ ذاته على المفهوم لم يقصد به في المقام الاحتراز عن مطلق غير المسفوح ، كما قد يتوهّم ، لأنّ أغلب أفراده محرّم ، بل كثير منها نجس ، فلا يبعد أن يكون المراد به بيان قصر المحرّم من الذبيحة على دمها المسفوح في مقابل الدم المتخلّف ، وكفى بكونه نكتة للتقييد عدم حرمة المتخلّف ، سواء كان بنفسه موضوعا للحلّيّة ، أو بواسطة تبعيّة اللحم واستهلاكه فيه ، فلا يفهم من ذلك حلّيّة من حيث هو حتّى يتقيّد به إطلاق آية التحريم.

نعم ، يفهم منه بالالتزام طهارته وإن انفصل واستقلّ ، لما أشرنا إليه من أنّ النجس لا يكون تابعا أصلا حتّى يفصل بين حالتي الاستقلال والتبعيّة.

ودعوى أنّ غاية ما يفهم من الأدلّة المتقدّمة إنّما هو طهارته حين اتّصاله باللحم ، وأمّا مع الانفصال فلا دليل عليها ، فمقتضى عموم ما دلّ على نجاسة دم

__________________

(١) تفسير الصافي ١ : ٥٥٣ ، وانظر : تفسير القمّي ١ : ٢١٩ ـ ٢٢٠.

١٤٥

ذي النفس نجاسته ، مدفوعة : بأنّ العموم قد تخصّص بالنسبة إلى هذا الفرد ، فعلى تقدير الشكّ في بقاء طهارته بعد الانفصال يرجع إلى استصحاب حكم الخاصّ ، لا إلى أصالة العموم.

لا يقال : إنّه إن تمّت هذه القاعدة ، فمقتضاها استصحاب حلّيّته أيضا بعد الانفصال والاستقلال ، فلا وجه للتفصيل بين الحكمين.

لأنّا نقول : لم تثبت حلّيّته حين الاتّصال من حيث هو حتّى تستصحب ، لما أشرنا إليه من احتمال كونه مع الاتّصال من قبيل التراب المستهلك في الحنطة ، الذي لا يلحقه عموم حرمة التراب ، فلم يعلم ورود تخصيص أصلا على عموم حرمة الدم والخبائث.

نعم ، لو قلنا باستفادة حلّيّته ما دام الاتّصال ممّا دلّ على حلّيّة الذبيحة بالتضمّن كسائر أجزائها ، أو قلنا بدلالة الآية على حلّيّته من حيث هو ، أو اعتمدنا في ذلك على ظواهر كلمات الأصحاب في فتاويهم ومعاقد إجماعاتهم المحكيّة على حلّيّة الدم المتخلّف وطهارته المقتضية لكونه من حيث هو معروضا للحلّيّة ولو بالتبع ، لاتّجه استصحابها بعد الانفصال والاستقلال.

وتوهّم تبدّل الموضوع ، المانع من جريان الاستصحاب ، لاحتمال مدخليّة وصف الاتّصال والتبعيّة في موضوع الحكم ، مدفوع : بعدم ابتناء أمر الاستصحاب على مثل هذه التدقيقات ، فالمانع من جريان الاستصحاب ليس إلّا احتمال عدم ثبوت وصف الحلّيّة له إلّا بملاحظة استهلاكه وتبعيّته للمأكول ، وإلّا فلو ثبت كونه من حيث هو محكوما بالحلّيّة ولو بتبعيّة غيره ، امتنع التمسّك

١٤٦

لحرمته بعد زوال وصف التبعيّة : بعموم آية تحريم الدم ، لأنّ العموم قد تخصّص بالنسبة إلى هذا الفرد ، لخروجه من الموضوع الذي حكم بحرمته على الإطلاق ، وكون هذا الدم تابعا أو مستقلّا من أحوال الفرد ، لا من أفراد العامّ حتّى يقتصر في تخصيصه على المتيقّن ، ففي مورد الشكّ ـ أعني صورة الانفصال ـ يرجع إلى الأصول العمليّة ، وهو استصحاب الحلّيّة.

ولو ناقشنا في الاستصحاب بتبدّل الموضوع ، فإلى قاعدة الحلّ.

اللهمّ إلّا أن يدّعى أنّه بعد الانفصال يندرج في موضوع الخبائث التي حرّمها الله تعالى (١) ، وقبله لا يعدّ منها عرفا ، فلا مجال حينئذ للرجوع إلى الأصول العمليّة.

لكنّ الدعوى غير خالية عن النظر ، والله العالم.

وهل تختصّ الطهارة بالدم المتخلّف في ذبيحة ما يؤكل لحمه ، أم تعمّ ذبيحة غير المأكول أيضا؟ مقتضى الأصل المتقدّم : نجاسته في غير المأكول ، كما لعلّه هو المشهور ، بل عن الذخيرة والبحار وشرح الدروس وشرح المفاتيح : أنّ الظاهر اتّفاق الأصحاب عليه (٢) ، فلا يلتفت إلى ما يتراءى من إطلاقهم القول بطهارة المتخلّف مع انصرافه في حدّ ذاته إلى ذبيحة المأكول.

لكن عن بعض التردّد ، بل الميل إلى طهارته ، لظهور قوله تعالى :

__________________

(١) الأعراف ٧ : ١٥٧.

(٢) حكاه عنها العاملي في مفتاح الكرامة ١ : ١٤٨ ، وصاحب الجواهر فيها ٥ : ٣٦٥ ، وانظر : ذخيرة المعاد : ١٤٩ ، وبحار الأنوار ٨٠ : ٨٦ ، ومشارق الشموس : ٣٠٩ ، وشرح المفاتيح مخطوط.

١٤٧

(أَوْ دَماً مَسْفُوحاً) (١) في حلّيّة ما عداه ، وهي تدلّ على طهارته (٢).

وقد عرفت ما فيه خصوصا في مثل الفرض الذي لا يظنّ بهم الالتزام بحلّيّته حتّى يفهم طهارته منها بالالتزام.

وأضعف منه الاستدلال له بالأصل بعد منع الدليل على العموم الذي يستفاد منه نجاسة مطلق الدم ، لما عرفت من أنّ دم ذي النفس هو القدر المتيقّن الذي استفيد نجاسته من الإجماع وغيره.

وربما يستشهد له أيضا بإطلاق ما دلّ على طهارة الحيوان بالتذكية ، الشامل بإطلاقه لجميع أجزائه حتّى الدم.

مضافا إلى الحرج في الاجتناب عنه إذا أريد أخذ جلده أو انتفاع بلحمه وشحمه وغير ذلك ، فتنتفي فائدة الطهارة.

وفي الكلّ نظر ، فالأقرب النجاسة.

وهل المتخلّف في الجزء الغير المأكول من الذبيحة المأكولة طاهر أم لا؟ ظاهر كلمات الأصحاب في فتاويهم ومعاقد إجماعاتهم المحكيّة طهارته ، لكن مقتضى استدلالهم طهارة المتخلّف بالآية : عدم شمول الحكم له ، لأنّه غير حلال ، كنفس العضو.

لكن لا يخفى على المتأمّل أنّ استدلالهم لمثل هذه المسائل المسلّمة بمثل هذه الأدلّة من باب تطبيق المدّعى على الدليل ، لا استفادته منه حتّى يتقيّد بمقدار

__________________

(١) الأنعام ٦ : ١٤٥.

(٢) حكاه عنه صاحب المعالم فيها (قسم الفقه) : ٤٧٥.

١٤٨

دلالته ، فالعبرة في مثل المقام إنّما هي بظهور كلماتهم في الإطلاق.

وكيف كان فهذا هو الأظهر ، لاستقرار السيرة على عدم التجنّب عن الدم المتخلّف مطلقا من غير فرق بين ما تخلّف في الطحال والنخاع وغيرهما من الأعضاء المحرّمة وبين غيره ، والله العالم.

و (لا) ينجس دم (ما يكون) خروج دمه (رشحا) بأن لم يكن له عرق يشخب منه الدم (كدم السمك وشبهه) بلا خلاف فيه على الظاهر ، بل عن جملة من الأصحاب ـ كالسيّد والشيخ وابن زهرة وابن إدريس والمصنّف والعلّامة والشهيدين وغيرهم (١) ـ الإجماع عليه.

نعم ، عن المبسوط والجمل والمراسم والوسيلة ما يوهم نجاسته والعفو عنه (٢).

لكن أجاد شيخ مشايخنا المرتضى رحمه‌الله في تضعيفه بقوله : ولا عبرة بالوهم ولا بالموهوم (٣).

وكيف كان فيدلّ عليه ـ مضافا إلى الإجماع ـ عموم «كلّ شي‌ء نظيف حتّى

__________________

(١) كما في كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري ـ : ٣٤٥ ، وانظر : مسائل الناصريّات : ٩٤ ، المسألة ١٥ ، والخلاف ١ : ٤٧٦ ، المسألة ٢١٩ ، والغنية : ٤١ ، والسرائر ١ : ١٧٤ ، والمعتبر ١ : ٤٢١ ، وتذكرة الفقهاء ١ : ٥٦ ، المسألة ١٨ ، ومختلف الشيعة ١ : ٣١٤ ، المسألة ٢٣٢ ، والذكرى ١ : ١١٢ ، وروض الجنان : ١٦٣.

(٢) الحاكي عنهم هو العاملي في مفتاح الكرامة ١ : ١٣٧ ، وكما في كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري ـ : ٣٤٥ ، وانظر : المبسوط ١ : ٣٥ ، والجمل والعقود (ضمن الرسائل العشر) : ١٧٠ ـ ١٧١ ، والمراسم : ٥٥ ، والوسيلة : ٧٧.

(٣) كتاب الطهارة : ٣٤٥.

١٤٩

تعلم أنّه قذر» (١) إذ لم تثبت أصالة النجاسة في الدم على وجه يعمّ مثل الفرض حتّى نحتاج إلى الدليل المخصّص ، بل غاية ما ثبت إنّما هو في دم ذي النفس لا غير.

ويشهد له أيضا في مثل دم البقّ والبرغوث ونحوهما ممّا يعسر التجنّب عنه ـ مضافا إلى دليل نفي الحرج ، واستقرار السيرة على عدم الاجتناب عنه ـ مكاتبة ابن الريّان ، المتقدّمة (٢).

وصحيحة ابن أبي يعفور ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما تقول في دم البراغيث؟ قال : «ليس به بأس» قلت : إنّه يكثر ويتفاحش ، قال : «وإن كثر» (٣).

وصحيحة الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن دم البراغيث يكون في الثوب هل يمنعه ذلك من الصلاة؟ قال : «لا» (٤).

ورواية غياث عن جعفر عليه‌السلام عن أبيه عليه‌السلام قال : «لا بأس بدم البراغيث والبقّ وبول الخشاشيف» (٥).

ويدلّ عليه في دم السمك الذي لا حرج في التجنّب عنه : رواية السكوني

__________________

(١) التهذيب ١ : ٢٨٤ ـ ٢٨٥ / ٨٣٢ ، الوسائل ، الباب ٣٧ من أبواب النجاسات ، ح ٤.

(٢) في ص ١٤٠.

(٣) التهذيب ١ : ٢٥٥ / ٧٤٠ ، الإستبصار ١ : ١٧٦ / ٦١١ ، الوسائل ، الباب ٢٣ من أبواب النجاسات ، ح ١.

(٤) الكافي ٣ : ٥٩ ـ ٦٠ / ٨ ، التهذيب ١ : ٢٥٩ / ٧٥٣ ، الوسائل ، الباب ٢٠ من أبواب النجاسات ، ح ٧ ، وأيضا الباب ٢٣ من تلك الأبواب ، ح ٤.

(٥) التهذيب ١ : ٢٦٦ / ٧٧٨ ، الإستبصار ١ : ١٨٨ / ٦٥٩ ، الوسائل ، الباب ١٠ من أبواب النجاسات ، ح ٥.

١٥٠

عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إنّ عليّا عليه‌السلام كان لا يرى بأسا بدم ما لم يذكّ يكون في الثوب فيصلّي فيه الرجل ، يعني دم السمك» (١).

وظاهره كون التفسير مقولا للصادق عليه‌السلام.

وعن المصنّف في المعتبر الاستدلال له : بأنّه لو كان نجسا لتوقّف إباحة أكله على سفحه ، كالحيوان البرّيّ (٢). انتهى.

فهذا يدلّ على حلّيّته أيضا ولو بالتبع فضلا عن طهارته ، فيتمّ القول فيما عدا موارد النصوص بعدم القول بالفصل.

وربما يستدلّ لعموم المدّعى : بمفهوم قوله تعالى (أَوْ دَماً مَسْفُوحاً) (٣).

وقد عرفت ما فيه بما لا مزيد عليه.

وعن المنتهى الاستدلال له أيضا : بأنّ دمه ليس بأعظم من ميتته ، وميتته طاهرة (٤). انتهى.

ونوقش فيه : بعدم خروجه من القياس.

ويمكن توجيهه بأنّ الميتة من أجزائها الدم ، فلو لم يكن الموت سببا لاشتداد نجاسته لا يكون موجبا لطهارته ، فطهارة ميتته تدلّ على طهارة دمه كلحمه وعظمه وسائر أجزائه.

وبهذا ظهر لك إمكان الاستشهاد له : بما دلّ على طهارة الميتة من غير ذي

__________________

(١) الكافي ٣ : ٥٩ / ٤ ، التهذيب ١ : ٢٦٠ / ٧٥٥ ، الوسائل ، الباب ٢٣ من أبواب النجاسات ، ح ٢.

(٢) حكاه عنه البحراني في الحدائق الناضرة ٥ : ٤٩ ، وانظر : المعتبر ١ : ٤٢٢.

(٣) الأنعام ٦ : ١٤٥.

(٤) منتهى المطلب ١ : ١٦٣.

١٥١

النفس ، فإنّها تدلّ على طهارة دمه بالتضمّن ، خصوصا مثل قوله عليه‌السلام في موثّقة حفص بن غياث : «لا يفسد الماء إلّا ما كانت له نفس سائلة» (١) وفي موثّقة عمّار ـ التي وقع فيها السؤال عن الخنفساء والذباب والجراد والنملة وما أشبه ذلك يموت في البئر والزيت والسمن ـ : «كلّ ما ليس له دم فلا بأس» (٢) إذا الغالب عدم انفكاك ما يموت في الماء ونحوه ـ خصوصا عند تفسّخه ـ عن إصابة دمه للماء.

وربما يستأنس للتفصيل بين دم ذي النفس وغيره من إناطة نجاسة الميتة والبول والخرء بكونها من ذي النفس.

وهذا وإن كان مجرّد اعتبار لا يلتفت إلى مثله في الأحكام الشرعيّة إلّا أنّه منشؤ لعدم الجزم بإلغاء الخصوصيّة ، واستفادة نجاسة دم ما لا نفس له من أخبار الباب ، بل ربما يوجب صرف إطلاق مثل النبويّ : «يغسل الثوب من المنيّ والدم والبول» (٣).

وكيف كان فلا إشكال في الحكم ، والله العالم.

فرع : لو رأى بثوبه شيئا وشكّ في كونه دما أو غيره من الأجسام الطاهرة ، بنى على طهارته ، للأصل.

وكذلك لو علم بكونه دما وشكّ في كونه من ذي النفس أو من غيره.

__________________

(١) التهذيب ١ : ٢٣١ / ٦٦٩ ، الإستبصار ١ : ٢٦ / ٦٧ ، الوسائل ، الباب ٣٥ من أبواب النجاسات ، ح ٢.

(٢) التهذيب ١ : ٢٣٠ / ٦٦٥ ، الإستبصار ١ : ٢٦ / ٦٦ ، الوسائل ، الباب ٣٥ من أبواب النجاسات ، ح ١.

(٣) تقدّم تخريجه في ص ١٣٧ ، الهامش (١).

١٥٢

وعن بعض (١) : القول بوجوب الاجتناب في هذه الصورة ، نظرا إلى عموم ما دلّ على نجاسة الدم ، المقتصر في تخصيصه على ما علم خروجه.

وبإطلاق قوله عليه‌السلام في موثّقة عمّار : «فإن رأيت في منقاره دما فلا توضّأ منه ولا تشرب» (٢).

ويتوجّه عليه ـ بعد تسليم وجود العموم ـ أنّه لا يجوز التمسّك به في الشبهات المصداقيّة التي لا يوجب اندراجها في عنوان المخصّص زيادة تخصيص في (٣) العامّ بأن كان الشكّ ناشئا من اشتباه الموضوعات الخارجيّة ، لا من إجمال مفهوم المخصّص وتردّده بين الأقلّ والأكثر ، فإنّه لا مانع من التمسّك بأصالة العموم في هذه الصورة ، وما نحن فيه من القسم الأوّل ، وقد تقرّر في محلّه عدم التمسّك في مثله بالعمومات.

وربما يتوهّم جوازه في بعض الموارد التي يكون عنوان العامّ من قبيل المقتضي ، والمخصّص من قبيل الموانع ، كما لو قال : «أكرم كلّ عالم إلّا فسّاقهم» فشكّ في فسق عالم.

لكنّه أيضا وهم.

نعم ، في مثل الفرض يستصحب عدم الفسق لو كان له حالة سابقه معلومة ، فيندرج بذلك في موضوع العامّ ، لا أنّه يتمسّك لحكمه ابتداء بأصالة العموم ، ولذا

__________________

(١) قال الشيخ الأنصاري قدس سرّه في كتاب الطهارة : ٣٤٥ : «لكنّ المصرّح به في شرح المفاتيح نسبة وجوب الاجتناب إلى الشيخ وغيره ، بل يظهر منه ميلة».

(٢) تقدّم تخريجه في ص ١٣٧ ، الهامش (٢).

(٣) كلمة «في» ليست في الطبعة الحجريّة.

١٥٣

لو كان مسبوقا بالفسق يستصحب فسقه ، ويحكم بعدم وجوب إكرامه ، فلو لم يعلم حالته السابقة ينفى التكليف بأصل البراءة.

وأمّا الموثّقة فهي مسوقة لبيان عدم وجوب الاجتناب عن سؤر الطير عند خلوّ بدنه من عين النجاسة. وتخصيص الدم بالذكر لنكتة الغلبة ، إذا الغالب أنّه لا يرى في منقار الطير شي‌ء من النجاسات عدا الدم المتخلّف من الميتة التي يأكلها إذا كان ممّا يأكل الجيف ، كالعقاب والصقر والباز التي وقع السؤال عن سؤرها في الرواية ، فالمراد بالدم هو هذا الدم الذي يغلب إصابته لمنقار الطير ، الذي كان مفروغا عندهم نجاسته.

وأمّا سائر الدماء فرؤيتها في منقار الطير كرؤية غيرها من النجاسات من الفروض البعيدة التي لا يتوهّم إرادتها من إطلاق نفي البأس عن سؤر الطير حتّى يحتاج إلى الاستثناء الذي هو في الحقيقة استدراك ، ولذا نفي البأس في صدر الرواية عن سؤر الحمامة على الإطلاق ، فإنّه روى عمّار بن موسى عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه سئل عمّا تشرب منه الحمامة ، فقال : «كلّ ما أكل لحمه فتوضّأ من سؤره واشرب» وعن ماء شرب منه باز أو صقر أو عقاب ، فقال : «كلّ شي‌ء من الطير يتوضّأ ممّا يشرب منه إلّا أن ترى في منقاره دما ، فإن رأيت في منقاره دما فلا توضّأ منه ولا تشرب» (١).

وفي رواية الشيخ : وسئل عن ماء شربت منه الدجاجة ، قال : «إن كان في منقارها قذر لم تتوضّأ منه ولم تشرب ، وإن لم تعلم أنّ في منقارها قذرا توضّأ منه

__________________

(١) تقدّم تخريجه في ص ١٣٧ ، الهامش (٢).

١٥٤

واشرب» (١).

والحاصل : أنّ المنساق إلى الذهن من الدم في الرواية ليس إلّا الدم الذي كان مفروغا عندهم نجاسته.

ودعوى أنّ الغالب هو الجهل بحال الدم الذي يرى في منقار الطير ، فالأولى إبقاء الرواية على ظاهرها من الإطلاق وارتكاب التخصيص فيها بإخراج ما علم طهارته ، وهو هيّن ، لندرة هذا الفرض ، وهذا بخلاف ما لو حملناها على إرادة ما علم نجاسته ، فإنّه تنزيل للإطلاق على الفرض النادر ، مدفوع :

أوّلا : بمنع الغلبة ، بل الغالب هو الوثوق بكون ما في منقار الطير من دم فريسته أو غيرها من الجيف النجسة ، فلا مانع من صرف الرواية إليه.

وثانيا : سلّمنا عدم الوثوق بذلك غالبا ، لكنّ الغالب كونه من دم ذي النفس ، فمن الجائز كونه في خصوص مورده أمارة معتبرة من باب تقديم الظاهر على الأصل ، فلا يجوز رفع اليد بمثل هذه الرواية عن عموم قوله عليه‌السلام : «كلّ شي‌ء نظيف حتّى تعلم أنّه قذر» (٢) والله العالم.

__________________

(١) التهذيب ١ : ٢٨٤ / ٨٣٢ ، الإستبصار ١ : ٢٥ / ٦٤ ، الوسائل ، الباب ٤ من أبواب الأسئار ، ح ٣.

(٢) تقدّم تخريجه في ص ١٥٠ ، الهامش (١).

١٥٥
١٥٦

(السادس والسابع : الكلب والخنزير ، وهما نجسان عينا ولعابا) إجماعا ، كما ادّعاه غير واحد ، للنصوص المستفيضة : كصحيحة محمّد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الكلب يصيب شيئا من جسد الرجل ، قال : «يغسل المكان الذي أصابه» (١).

وعنه أيضا عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن الكلب يشرب من الإناء ، قال : «اغسل الإناء» (٢) الحديث.

وصحيحة الفضل أبي (٣) العبّاس ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إذا أصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله ، وإن مسّه جافّا فاصبب عليه الماء» (٤) الحديث.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٦٠ / ٢ ، التهذيب ١ : ٢٦٠ ـ ٢٦١ / ٧٥٨ ، الإستبصار ١ : ٩٠ / ٢٨٧ ، الوسائل ، الباب ١٢ من أبواب النجاسات ، ح ٤.

(٢) التهذيب ١ : ٢٢٥ / ٦٤٤ ، الإستبصار ١ : ١٨ ـ ١٩ / ٣٩ ، الوسائل ، الباب ١٢ من أبواب النجاسات ، ح ٣.

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : «ابن» «بدل «أبي». والصحيح ما أثبتناه كما في المصدر.

(٤) التهذيب ١ : ٢٦١ / ٧٥٩ ، الوسائل ، الباب ١٢ من أبواب النجاسات ، ح ١.

١٥٧

وعنه أيضا في حديث أنّه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن الكلب ، فقال : «رجس نجس لا تتوضّأ بفضله ، واصبب ذلك الماء ، واغسله بالتراب أوّل مرّة ثمّ بالماء» (١).

ومرسلة حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إذا ولغ (٢) الكلب في الإناء فصبّه» (٣).

ورواية [معاوية بن] (٤) شريح عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث أنّه سئل عن سؤر الكلب يشرب منه أو يتوضّأ؟ قال : «لا» قلت : أليس هو سبع؟ قال : «لا والله إنّه نجس ، لا والله إنّه نجس» (٥).

ورواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث قال : «لا يشرب سؤر الكلب إلّا أن يكون حوضا كبيرا يستقى منه» (٦) إلى غير ذلك من الروايات.

وممّا يدلّ على نجاسة الخنزير : صحيحة عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يصيب ثوبه خنزير فلم يغسله فذكر (٧) وهو في

__________________

(١) التهذيب ١ : ٢٢٥ / ٦٤٦ ، الإستبصار ١ : ١٩ / ٤٠ ، الوسائل ، الباب ١٢ من أبواب النجاسات ، ح ٢.

(٢) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : «وقع» بدل «ولغ». وما أثبتناه كما في المصدر.

(٣) التهذيب ١ : ٢٢٥ / ٦٤٥ ، الوسائل ، الباب ١٢ من أبواب النجاسات ، ح ٥.

(٤) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٥) التهذيب ١ : ٢٢٥ / ٦٤٧ ، الإستبصار ١ : ١٩ / ٤١ ، الوسائل ، الباب ١٢ من أبواب النجاسات ، ح ٦.

(٦) التهذيب ١ : ٢٢٦ / ٦٥٠ ، الإستبصار ١ : ٢٠ / ٤٤ ، الوسائل ، الباب ١٢ من أبواب النجاسات ، ح ٧.

(٧) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : «فيذكر». وما أثبتناه كما في المصدر.

١٥٨

صلاته كيف يصنع به؟ قال : «إن كان دخل في صلاته فليمض ، وإن لم يكن دخل في صلاته فلينضح ما أصاب من ثوبه إلّا أن يكون فيه أثر فيغسله» (١) قال : وسألته عن خنزير شرب من إناء كيف يصنع به؟ قال : «يغسل سبع مرّات» (٢).

ورواية سليمان الإسكاف ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن شعر الخنزير يخرز به ، قال : «لا بأس به ، ولكن يغسل يده إذا أراد أن يصلّي» (٣).

وعن خيران الخادم ، قال : كتبت إلى الرجل أسأله عن الثوب يصيبه الخمر ولحم الخنزير أيصلّى فيه أم لا؟ فإنّ أصحابنا قد اختلفوا فيه ، فقال بعضهم : صلّ فيه فانّ الله إنّما حرّم شربها ، وقال بعضهم : لا تصلّ فيه ، فكتب عليه‌السلام «لا تصلّ فيه فإنّه رجس» (٤).

وما في بعض الأخبار ممّا ظاهره المنافاة للحكم المذكور فالمتعيّن تأويله أو ردّ علمه إلى أهله.

منها : صحيحة ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن الوضوء بما ولغ الكلب فيه والسنّور أو شرب منه جمل أو دابّة أو غير ذلك أيتوضّأ منه أو (٥) يغتسل؟ قال : «نعم ، إلّا أن تجد غيره فتنزّه عنه» (٦).

__________________

(١) إلى هنا في الكافي.

(٢) الكافي ٣ : ٦١ / ٦ ، التهذيب ١ : ٢٦١ / ٧٦٠ ، الوسائل ، الباب ١٣ من أبواب النجاسات ، ح ١.

(٣) التهذيب ٩ : ٨٥ / ٣٥٧ ، الوسائل ، الباب ١٣ من أبواب النجاسات ، ح ٣.

(٤) الكافي ٣ : ٤٠٥ / ٥ ، التهذيب ٢ : ٣٥٨ ـ ٣٥٩ / ١٤٨٥ ، الوسائل ، الباب ١٣ من أبواب النجاسات ، ح ٢.

(٥) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : «و» بدل «أو». وما أثبتناه كما في المصدر.

(٦) التهذيب ١ : ٢٢٦ / ٦٤٩ ، الوسائل ، الباب ٢ من أبواب الأسئار ، ح ٦.

١٥٩

وعن الشيخ حملها على ما إذا كان الماء بالغا مقدار الكرّ (١) ، مستشهدا له برواية أبي بصير ، المتقدّمة (٢).

ولا بعد فيه ، لقوّة احتمال ورودها في مياه الغدران ، التي تزيد غالبا عن الكرّ.

ومنها : خبر زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن الحبل يكون من شعر الخنزير يستقى به الماء من البئر هل يتوضّأ من ذلك الماء؟ قال : «لا بأس» (٣).

ولعلّ الوجه فيه عدم العلم بملاقاته للحبل.

ومنها : خبره الآخر ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن جلد الخنزير يجعل دلوا يستقى به ، قال : «لا بأس» (٤).

وعن الشيخ حمله على قصد استعمال الماء في سقي الدوابّ والبساتين ونحوه (٥).

ولا بأس به ، فإنّ الأظهر جواز الانتفاع بجلد الميتة فيما لا يشترط بالطهارة.

واحتمل في الحدائق إرادة نفي البأس عن البئر التي يستقى منها ، وأنّها لا تنجس بذلك (٦). وهو بعيد.

__________________

(١) حكاه عنه البحراني في الحدائق الناضرة ٥ : ٢٠٦ ، وانظر : التهذيب ١ : ٢٢٦ ، ذيل ح ٦٤٩.

(٢) في ص ١٥٨.

(٣) الكافي ٣ : ٦ ـ ٧ / ١٠ ، التهذيب ١ : ٤٠٩ / ١٢٨٩ ، الوسائل ، الباب ١٤ من أبواب الماء المطلق ، ح ٢.

(٤) التهذيب ١ : ٤١٣ / ١٣٠١ ، الوسائل ، الباب ١٤ من أبواب الماء المطلق ، ح ١٦.

(٥) حكاه عنه البحراني في الحدائق الناضرة ٥ : ٢٠٧ ، وانظر : التهذيب ١ : ٤١٣ ، ذيل ح ١٣٠١.

(٦) الحدائق الناضرة ٥ : ٢٠٧.

١٦٠