حاشية السّيالكوتى على كتاب المطوّل

عبد الحكيم السيالكوتي

حاشية السّيالكوتى على كتاب المطوّل

المؤلف:

عبد الحكيم السيالكوتي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: منشورات الشريف الرضي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٦٣

وللاستبدال اشتراء يتفرع عليه الربح والتجارة او عدمهما ولا يعتبر فيه تشبيه او استعارة وقال فى شرح الكشاف ان الترشيح قد يكون مجازا عن شئ كالوكر والتعشيش وقد لا يكون كتلاطم الامواج وهكذا فى الكشف والجمع بين كلاميه ان الترشيح من حيث هو ترشيح لا يكون مجازا لان المقصود منه تربية الاستعارة وهى انما تحصل اذا كان بمعناه الحقيقى ليكون من خواص المشبه به وانه يجوز ان يكون مجازا فى نفسه اما مر سلا نحو له اليد الطولى اى النعمة العظمى او استعارة فالوكر والنعشيش باعتبار معناه الحقيقى ترشيح لاستعارة النسر وابن داية للشيب والشباب وباعتبار معناه المجازى المراد منهما (٧) اعنى الفردين والنزول استعارة تصريحية تحقيقية وعبارة هذا الكتاب يجوز ان تحمل على السلب الكلى وان تحمل على رفع الايجاب الكلى فانه كاف فى بطلان التالى (قوله ما ذكره صاحب الكشاف الخ) حيث جعل الترشيح مقابلا للاستعارة فان كان المدعى رفع الايجاب الكلى فقد ثبت المطلوب وان كان السلب الكلى فبيانه انه يفهم من قوله او هو ترشيح لاستعارة الحبل بما يناسبه ان الترشيح يكون بما يناسب المستعار منه والمناسبة انما تتحقق اذا كان بمعناه الحقيقى فيكون الترشيح حقيقة لا مجازا* قال قدس سره قد مر ايماء الى ان الترشيح الخ* حيث نقله بقوله ثم قال وعلى هذا نقول ان الرادف المأتى به الخ* قال قدس سره فله ان يأول الخ* قد عرفت تحرير عبارة الاستدلال بحيث يندفع عنه هذا الايراد على ان التأويل خلاف الظاهر والاستدلال بالظاهر لان المطلب ظنى* قال قدس سره ترشيحا فى الجملة* اى بالنظر الى المعنى الحقيقى استعارة فى نفسه ايضا وكونه تابعا لاستعارة اخرى لا يناق كونها استعارة فى نفسه كما مر فى ينقضون عهد الله (قوله وجوابه ان الامر الذى الخ) قال السيد فى شرح المفتاح فى تقرير الجواب ان اللازم فى التخييلية قد اقترن بلفط لا يلايمه بحسب الظاهر فاحتيج الى توهم امر يمكن اثباته له بحسبه وفى الترشيح قد اقترن بلفظ يلايمه فلم يحتج فيه الى ذلك وعذا القدر من الفرق الناشى من اللفظ كاف له فيما ذهب اليه وفيه ان كفاية هذا القدر ممنوعة لعدم صحة اضافة الترشيح بالمعنى الحقيقى الى المنية مثلا فلذا زاد الشارح رحمه الله تعالى قوله لانه جعل المشبه به هو هذا المعنى مع لوازمه والجواب عندى عن اعتراض المصنف رحمه الله تعالى ان المقصود من الترشيح تربية الاستعارة بعد تمامها بالقرينة وذلك انما يحصل بالحمل على المعنى الحقيقى بخلاف الاستعارة التخييلة فانها مقصودة بنفسها وان كانت تابعة للمكنية فلا بد من ان يراد بها الصورة الوهمية* قال قدس سره فلا يكون

__________________

(٧) اعنى العضوين نسخه

٥٢١

ذكر الوصف الخ* ان كان المراد انه تقوية وتربية للمبالغة المستفادة من التشبيه الذى مع الترشيح فالاعتراضان وارد ان لكونه متمما له وان كان المراد انه تفوية وتربية للمبالغة المستفادة من التشبيه المعتبر بدون هذا الترشيح فلا ورود لهما لكونه خارجا عنه زائدا عليه وما سبق من قوله والترشيح ابلغ من التجريد والاطلاق ومن جمع الترشيح مع التجريد يؤيد ارادة المعنى الثانى حيث اعتبر ابلغيته بالنسبة الى الاطلاق والتجريد وكذا الكلام فى تناسى التشبيه* قال قدس سره ذكر هذا الكلام الخ* دفع لاستدراك هذا الكلام لعدم توقف اعتراض المصنف رحمة الله عليه وعدم كونه بيانا للواقع بانه مذكور ههنا توطئة للاعتراض الذى اورده المصنف على السكاكى رحمه الله تعالى فى رد التبعية الى الاستعارة بالكناية والتخييلية على ما سيجئ فمعنى قوله فالاستعارة بالكناية لا توجد بدون التخييلية انها مستلزمة لها اتفاقا بناء على اتفاق الكل باضاقة خواص المشبه به الى المشبه وذلك يقتضى الاستلزام المذكور وانما قال لتخييل صحة الخ لان صحته مبنى على الاستلزام المذكور وهو تخييل محض توهمه المصنف رحمه الله وليس مذهبا لاحد فان المكنية توجد بدون التخييلية عند القوم فى نحو ينقضون عهد الله وعند السكاكى رحمه الله تعالى توجد فى نحو انبت الربيع (قوله لا يكون الا على سبيل الاستعارة) ان اراد انه لا يكون الا على سبيل استعارة ذلك اللازم بعينه لذلك المشبه على التخييل واثباته لشئ ادعاء فمسلم لكنه لا يلزم منه استلزام المكنية للاستعارة التخييلية بمعنى الصورة الوهمية وان اراد انه لا يكون الا على سبيل استعارة ذلك اللازم للصورة الوهمية فممنوع لم لا يجوز ان يكون اثبات ذلك اللازم بعينه على سبيل التخييل من غير استعارة للصورة الوهمية (قوله ما يحصل به التفصى الخ) نقل عنه وجه التفصى انه اذا جعل المنية مرادفا للسبع كان استعماله فى الموت بطريق المجاز كاستعمال لفظ السبع ووجه الدفع ان ادعاء الترادف لا يوجب ذلك كما ان ادعاء كون الشجاع من افراد الاسد لا يوجب كون لفظ الاسد حقيقة فيه (قوله على سبيل التخييل) انما قال ذلك لان ادخال المنية فى السبع وجعل افراده قسمين يوجب العموم والخصوص لا الترادف الا ان الاتحاد فى الصدق لما كان موهما للاتحاد فى المفهوم ولذا توهم الترادف بين السيف والصارم خيل الترادف بينهما (قوله وعلى هذا يندفع ما قيل) اى فى جواب اعتراض المصنف رحمه الله تعالى لان ادعاء الترادف لا يوجب الترادف وادعاء السبعية لا يوجب كون الموت غير موضوع له بالتحقيق (قوله وذلك لانا نقول الخ) اى اندفاع ما قيل لاجل انا نقول

٥٢٢

المشبه به هو السبع الحقيقى وهو ليس بمراد قطعا والسبع الادعائى نفس الموت وهو موضوع له* قال قدس سره اشارة الى ان لفظ المنية الخ* يريد ان قيد الحيثية فى تعريف الحقيقة تعليلية يعنى الكلمة المستعملة فيما وضع له لاجل كونه موضوعا له وشك تحققه فى اللفظ المنية فى قولك اظفار المنيت وليست تقييدية حتى يكون المعنى الكلمة المستعملة فيما وضع له مقيدا بكونه موضوعا له اى من غير اعتبار امر آخر معه فلا يكون لفظ المنية حقيقة فى الموت لاعتبار ادعاء السبعية* قال قدس سره سره يفهم منه ان المستعار هو لفظ المشبه الخ* هذا مسلم اذا لم توجد قرينة صارفة عنه لكن قوله فى تعريف مطلق الاستعارة من قوله وانت تريد بالمنية السبع بادعاء السبعية لها قرينة على ان المراد منه المشبه به الادعائى ولا شك ان المشبه به الادعائى هو الموت فلا يكون المنية مستعارا اذ لا معنى لاستعارة اللفظ لمعناه فيكون المستعار لفظ السبع المتروك بناء على تصريحه به فلا حاجة الى ما ذكره بقوله اللهم الا ان يقال الخ* قال قدس سره وتعريفه لها بما ذكر الخ* اما حال التعريف فقد عرفت واما حال الامثلة فانه لم يورد فى قسم الاستعارة بالكناية الاثلثة امثلة ليس فى شئ منها دليل على ان المستعار لفظ المشبه* قال قدس سره وعده مجازا الخ* يعنى ان ادعاء السبعية للموت اذا استلزم كون لفظ المنية مجازا فادعاء الاسدية للشجاع يستلزم كون لفظ الاسد حقيقة والفرق تحكم* قال قدس سره كما مر* من قوله لان الادعاء لا يجعل الموضوع له غير موضوع له الخ* قال قدس سره فتأمل* وجه التأمل ان التصوير المذكور ادعائى فى كلتا الاستعارتين فالموضوع له فى المكنية موضوع له تحقيقا فيكون حقيقة وفى المصرحة غير موضوع له تحقيقا فيكون مجازا فالفرق المذكور مجرد تغيير فى العبارة وبما ذكرنا ظهر ضعف الجواب الذى ذكره فى شرح المفتاح من ان ما ليس بخارج عن المعنى المضوع له اذا اعتبر معه امر خارج صار خارجا عنه دون العكس اى ما كان خارجا اذا اعتبر معه ليس بخارج لم يصر خارجا والسبب فيه ان ما اعتبر فيه الخارج كان خارجا قطعا لان ذلك انما يكون اذا كان اعتبار الخارج تحقيقا لا ادعاء (قوله وحينئذ يندفع الاشكال) اى اشكال اختلال عبارة السكاكى رحمه الله تعالى واما اعتراض المصنف رحمه الله تعالى فلا يندفع بهذا الحق ولذا قال فى شرح المفتاح وكيف ما كان يتوجه اعتراض الايضاح بانه جعل الاستعارة بالكناية من اقسام المجاز اللغوى وليس ههنا لفظ مستعمل فى غير ما وضع له انتهى اللهم الا ان يقال انه مذكور كناية بذكر رديفه (قوله وبالجملة ما جعله القوم الخ) هذا يجرى فى كل صورة يكون قرينة

٥٢٣

الاستعارة التبعية لفظية ولا يجرى فيما يكون القرينة حالية اذ ليس ههنا لفظ يجعل استعارة بالكناية كما فى قوله تعالى (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) فان لعل استعارة تبعية لارادته تعالى لامتناع الترجى عليه لكونه علام الغيوب وكذا فى قوله تعالى (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ) فان رب استعارة تبعيه على سبيل التهكم بقرينة مناسبة كثرة الوداد بحالهم قال الشارح رحمه الله فى شرح المفتاح تجعل ارادة التقوى استعارة بالكناية عن الترجى ونسبة لعل اليه قرينة وقلة الوداد استعارة عن كثرته تهكما وذكر رب قرينة وعلى هذا القياس وفيه ان ارادة التقوى ليست بمذكورة فكيف يجعل استعارة بالكناية وان الترجى مذكور صريحا لكونه معنى حقيقيا لكلمة لعل فكيف يكون مكنيا عنه وان نسبة لعل اليه تعالى قرينة على انها ليست بمعنى الترجى لا على ان ارادة التقوى مجاز عن الترجى وكذا ذكر رب مع وداد الكفار قرينة على عدم كونها للقلة لا على كون القلة استعارة عن الكثرة وقال السيد فى شرحه يجعل الاتقاء استعارة بالكناية عن المرجو ويجعل لعل قرينة لها وفيه ان المذكور فى الآية تتقون بصيغة الفعل والاستعارة فى معنى الفعل لا تكون الا تبعية فثبت التبعية ولو بطريق آخر فلا يكون التوجيه المذكورنا فيا للتبيعة من البين وقيل يجعل المخاطبون استعارة بالكناية عمن يرجى منهم الاتقاء والقرينة نسبة التقوى المرجو اليهم بذكر لعل وتتقون وفيه انه ليس ههنا رد التبعية التى فى لعل الى المكنية بل هو تصوير لاستعارة فاعل تتقون عمن يرجى منهم الاتقاء ويرد على جميع التوجيهات انه تصوير للاستعارة بالكناية فى الآيتين على غير طريقة السكاكى رحمه الله والكلام انما هو على جريان طريقته (قوله لا مجازا مرسلا) بان يكون نطقت مجازا عن دلت بعلاقة الملازمة بينهما على ما مر (قوله ان العلاقة بين المعنيين هى المشابهة) اى على تقدير كون نطقت الحال استعارة تبعية لان الكلام فى رد التبعية الى المكنى عنها واذا حملت على المجاز المرسل لا يكون مما نحن فيه وايضا على تقدير كونه مجازا مرسلا يلزم تحقق المكنية بدون التخلييلية فيلزم الفساد المذكور فى الشق الاول قيل كلام السكاكى رحمه الله صريح فى انه رد الاستعارة التبعية الى المكنية على قاعدة القوم فحينئذ لا حاجة له الى استعارة قرينة الاستعارة المكنية لشئ حتى تبقى التبعية مع ذلك بحالها فلا يتم ما رد به المصنف وانما قلنا كلامه صريح فى ذلك لانه قال ولو انهم جعلوا قسم الاستعارة التبعية من قسم الاستعارة بالكناية بان قلبوا فجعلوا فى قولهم نطقت الحال بكذا الحال التى ذكرها عندهم قرينة الاستعارة بالتصريح استعارة بالكناية عن المتكلم وجعلوا نسبة النطق اليه

٥٢٤

قرينة الاستعارة كما تراهم فى قوله* واذا المنية انشبت اظفارها* لكان اقرب الى الضبط اقول كلامه فى آخر فصل المجاز العقلى صريح فى انه مختاره حيث قال واننى بناء على قولى هذا من ان نحو انبت الربيع البقل استعارة بالكناية وقولى ذلك فى فصل الاستعارة التبعية من قوله ولو انهم قلبوا فجعلوا الخ وقولى فى المجاز الراجع عند الاصحاب الى حكم للكلمة على ما سبق من انه ينبغى ان لا يعد فى المجاز اجعل المجاز كله لغويا وينقسم عندى الى مفيد وغير مفيد والمفيد الى استعارة وغير استعارة والاستعارة الى مصرح بها ومكنى عنها والمصرح بها الى تحقيقيه وتخييلية والمكنى عنها الى ما قرينتها امر مقدر وهمى كالانياب فى قولك انياب المنية وكنطقت فى قولك نطقت الحال بكذا اوامر محقق كالانبات فى انبت الربيع البقل انتهى فانه اسقط الاستعارة التبعية والمجاز العقلى من اقسام الاستعارة وجعلهما داخلين فى المكنى عنها* قال قدس سره فاذا قلت الخ* لم يظهر وجه هذا التصوير بعد تصوير الشارح رحمه الله بقوله ففى قولنا نطقت الحال الخ فانه تكرار لما ذكره الشارح رحمه الله (قوله فمما لا ينبغى ان يلتفت اليه) رد على الخلخالى وبين وجهه فى الحاشية بقوله لان هذا منع لما هو بين عندهم من ان ليس الاستعارة الا مجازا علاقته المشابهة واذ لا يعرف ههنا علاقة غير المشابهة فلو لم يكن استعارة لم يصح الكلام اصلا مع ان السكاكى رحمه الله مصرح بان نطقت ههنا امر مقدر وهمى كاظفار المنية فاطلاق النطق عليه ليس بطريق الحقيقة وهو ظاهر ولا بطريق المجاز المرسل اذ لا يعرف القصد ههنا الى علاقة بينهما غير المشابهة كما فى اظفار المنية انتهى يعنى ان ما ذكره الخلخالى من اشتراط الامرين فى الاستعارة مخالف لما تقرر عندهم ولو اعتبر الشرطان فيها لزم بطلان حصر المجاز فى المرسل والاستعارة فالاول شرط لحسن الاستعارة التصريحية والثانى امر لازم من استعمال لفظ التشبيه به فى المشبه وادعاء كونه فردا منه نعم يشترط فيها قصد التشبيه اذ لو لم يقصد التشبيه لم يكن استعارة وبعض الناظرين لم يفرقوا بين قصد التشبيه وقصد المبالغة فى التشبيه فاعترض بان هذا مخالف لما صرح به سابقا فى مواضع متعددة من انه لا بد من يصد التشبيه وانما قال اذ لا يعرف ههنا علاقة اى ليس المعروف المشهور بينهما علاقة غير المشابهة فلا ينافى ما سبق فى بحث الاستعارة التبعية نقلا عن بعض الفضلاء من تجويز كون العلاقة بينهما الملازمة بناء على ان الدلالة لازمة للنطق وحاصل قوله مع ان السكاكى رحمه الله تعالى الخ ان ما ذكره فى جواب اعتراض المصنف رحمه الله تعالى من جانب السكاكى رحمه الله تعالى

٥٢٥

لا يتم لانه معترف بكونه استعارة للصورة الوهمية* وقال قدس سره اشارة الى ان الاستعارة الخ* يعنى ان ما ذكره الشارح رحمه الله انما يرد لو قال ذلك البعض بالاستعارة التخييلية فى الحال باعتبار نفسها لكن مراده الاستعارة فى الحال يجعل اللسان لها وفيه ان جعل اللسان لها انما يفيد تجقق الاستعارة التخييلية فى اللسان لكونه مستعملا فى صورة وهمية لا فى الحال لا اصالة ولا تبعا فكيف يصح قوله بل فى الحال وهذا هو الذى بعث الشارح رحمه الله على جعل لفظة لها مفعولا ثانيا ليجعل كما فى قوله تعالى (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَ) واما تصريحه بما ذكر فانما يدل على تحقيق الاستعارتين المكنية فى الحال والتخييلية فى اللسان ولا يدل على تحقق التخييلية فى الحال اصلا* قال قدس سره بل الظاهر من كلام المجيب الخ* هذا مخمل بعيد غاية البعد فان كلام المصنف رحمه الله ينادى باعلى صوت على ان الكلام فى نطقت الحال والاقرب ان يقال انه جعل الاستعارة التخييلية فى نطقت الحال بجعل اللسان لها باعتبار تقدير لفظ اللسان والمقدر كالملفوظ فكما فى قولنا نطقت لسان الحال لفظ اللسان الملفوظ استعارة تخييلية كذلك فى نطقت الحال اللسان المقدر* قال قدس سره وبالجملة الخ* فانه ذكر ثلث مقدمات كل واحدة منها مخالف لكلام السكاكى رحمه الله (قوله فى شرائط حسن الاستعارة) ان اريد بشرائط حسنها ما تكون بسببها مقبولة وانتفت بانتفائها او بقيت غير حسنة وكذا جهات حسن التشبيه فلا خفأ فى كلامه لان شمول وجه الشبه للطرفين محسن للاستعارة والتشبيه وانتفائه يوجب انتفائهما كما نص عليه السكاكى رحمه الله وكون التشبيه وافيا بالغرض يوجب حسنه وكونه ناقصا فيه يوجب عدم حسنه ولا يوجب انتفاءه وكذا كونه سليما عن الابتذال يوجب حسنه وكونه مبتذلا يوجب كون التشبيه غير مقبول لا انتفاءه وعدم الاشمام بالتشبيه يوجب كونها مقبولة وبالاشمام ينتفى الاستعارة كما بينه الشارح رحمه الله تعالى بقوله ولذا قلنا الخ وان اريد بها ما يوجب حسنها ولا ينتفى بانتفائه كما هو الظاهر المتبادر المستفاد من عبارة المفتاح حيث قال واعلم ان الاستعارة لها شروط فى الحسن ان صادفتها حسنت والاعريت عن الحسن وربما اكتسبت قبحا وقال الفاضل الكاشى وانما قال ربما اكتسبت قبحا لان عدم شروط الحسن لا يقتضى القبح بل يقتضى عدم الحسن وعدم الحسن يتحقق اما بوجود القبح واما بعدم الحسن والقبح معا وهى الحالة المتوسطة بين الحسن والقبح فلا بد من صرف العبارة عن الظاهر بان يقال المراد بالشمول الشمول بلا

٥٢٦

شبهة وكذا بالوفاء الوفاء بلا شبهة فانه اذا تحقق الشبهة فى الشمول والوفاء يكون التشبيه باقيا وكذا الاستعارة الا انه لا يبقى حسنهما ومعنى قوله ولذا قلنا بان نحو رأيت اسدا فى الشجاعة تشبيه الخ اى لاجل ان عدم اشمام الرائحة شرط لحسن الاستعارة قلنا يعنى المحققين من علماء البيان انه اذا تحقق الاشمام بان ذكر المشبه به ولم يذكر المشبه وذكر وجه الشبه كما فى المال المذكور انه تشبيه والتقدير رأيت مثل اسد فى الشجاعة وانه ليس باستعارة بناء على طى ذكر المشبه وذكر لفظ المشبه به لان القول بالتشبيه البليغ اولى من القول بالاستعارة الغير الحسنة كما ذهب اليه البعض فكذا اذا بين المشبه بالمشبه به صريحا او ضمنا كما فى قوله تعالى (الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) او وجد فى الكلام ما يشعر بالتشبيه بان حمل المشبه به على المشبه او ذكر مع لفظ المشبه به صفة تلايم المشبه نحو بدر يسكن الارض ونحو ذلك كما مر سابقا من اسرار البلاغة قال بعض الناظرين متابعة لما قاله السيد فى شرحه للمفتاح ان اشمام رائحة التشبيه فيما اذا ذكر المشبه فيه من غير اشعار بالتشبيه كما فى قوله* قد زرا زراره على القمر* او فيما اذا كان التركيب محتملا للتشبيه والاستعارة نحو اسد يرمى فانه ان قدر المبتدأ كان تشبيها كما مر وان قدر الخبر اى عندى استعارة كما قاله الابهرى ففى هاتين الصورتين كانت الاستعارة غير حسنة واذا زاد على ذلك بان يبين المشبه بالمشبه به او ذكر وجه الشبه كان تشبيها لا استعارة ففسر قوله ولذا قلنا اى لاجل ان شرط الاستعارة عدم الاشمام قلنا انه اذا زاد على وجه الاشمام بان ذكر وجه الشبه مثلا كان تشبيها لا استعارة ولما كان قوله لان اشمامها يبطل الغرض من الاستعارة منافيا لهذا التوجيه قدر المضاف اى يبطل كمال الغرض وجعل قوله اعنى ادعاء الخ تفسيرا للغرض ولا يخفى ما فيه من التكلف على ان ادعاء ان الاستعارة فى قوله* قد زرازراره على القمر* غير مستحسنة مما لا بد له من شاهد فان الاستعارة انما تقتضى طى ذكر المشبه وعدم الاشعار بالتشبيه بحيث لو اقيم لفظ المشيه مقام لفظ المشبه به استقام الكلام ولم يفت الا المبالغة وهو متحقق فى المثال المذكور (قوله نعم المجردة ناقصة الحسن) وما يتوهم من ان فيه اشمام رائحة التشبيه فلا تكون حسنة مدفوع بان المشبه فى المجردة هو الذات مع الوصف كما ان المشبه به فى المرشحة الذات مع الوصف وقد مر ذلك وقيل ان التجريد يجئ بعد تمام الاستعارة فلا يكون الاشمام فيها والاشمام المانع للحسن ما يكون قبل التمام وفيه انه قد سبق ان قوله تعالى (وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا) الخ مانع من حمل قوله تعالى (وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ) الخ على الاستعارة

٥٢٧

مع انه جاء بعد تمام الاستعارة (قوله جليا) جلاء لا يفضى الى الابتدال فانه مفوت للحسن والتوصية بالجلاء انما هو فى الاستعارة التصريحية لعدم ذكر المشبه فيه بلفظه فلو لم يكن وجه الشبه جليا يصير تعمية بخلاف الاستعارة بالكناية لان المشبه مذكور بلفظ مستعمل فى معناه استعير له لفظ المشبه به كناية فالقرينة كافية فى ذلك كذا فى شرح المفتاح الشريفى فتدبر فانه قد خفى على البعض (قوله اعم محلا) اى بحسب التحقق لا بحسب الصدق (قوله ويتعين التشبيه) اى عند البلغاء لانهم يحترزون عن غير الحسن لا انه لا يصح الاستعارة فيكون منافيا لما تقدم من ان كل ما يتأتى فيه الاستعارة يتأتى فيه التشبيه (قوله غير تابعة لها) بان تكون تابعة للتشبيه كما فى اظفار المنية الشبيهة بالسبع انشبت بفلان (قوله استعارة مصرحة الخ) يعنى ان الاستعارة التخييلية مقصودة فى نفسه مبنية على تشبيه الصورة الوهمية بالمحققة فينبغى ان يكون حسنها برعاية جهات حسن التشبيه وكونها فى بعض الصور تابعة للمكنية وقرينة عليها لا يقتضى ان يكون حسنها تابعا لحسنها ولا يكون لها حسن فى نفسها نعم يقتضى ان يكون حسن المكنى عنها موجبا لمزيد حسنها (قوله وظاهر عبارة المفتاح الخ) وهو قوله واما الرفع فمجاز والنصب مجاز وانما قال وظاهر لانه يمكن ان يقال المراد المرفوع مجاز او لرفع حكم مجازى وكذا النصب كذا فى الشرحين وهو المناسب لسابق كلامه ولا حقه (قوله كلمة تغير الخ) ظاهر هذا التعريف ان يكو مطلق تغير الاعراب بالحذف او الزيادة موجبا لكونه مجازا وسيجئ من التعريف الذى ذكره الشارح رحمه الله تعالى فيما سيجئ ان يكون التغير فى الاعراب والمعنى الى ما يخالفه موجبا له (قوله الظاهر الخ) انما قال ذلك اذ يجوز ان يراد بحكم الاعراب الاثر المترتب عليه اعنى الفاعلية والمفعولية (قوله وبه يشعر لفظ المفتاح) حيث قال فالحكم الاصلى هو الجر (قوله بان المقصود) اى المقصود من هذا الكلام فى المقام الذى وقع السؤال عن الاهل فالقرينة ههنا على الحذف هو المقام بخلاف الاول فان القرينة فيها الامتناع العقل (قوله ان لا يجعل الكاف زائدة) قيل اصالة الكاف تقتضى نفى ذاته تعالى لان كل شئ يكون مثل مثله فالله تعالى هو مثل مثله فاذا نفى مثل مثله فقد نفى هو تعالى عن ذلك علوا كبيرا وليس بشئ لان المثلية من الاضافات والمتضائفان يتكافئان وجودا فلو كان ذاته تعالى مثلا لمثله فى نفس الامر يلزم ثبوت مثله فى نفس الامر نعم ان فرض مثل لمثله يلزم ثبوت مثله بحسب الفرض ومفهوم الاية نفى مثله فى نفس الامر لا الفرض فان للعقل فرض كل شئ والى ما ذكرنا اشار الشارح

٥٢٨

رحمه الله تعالى بقوله اذ لو كان له مثل لكان هو مثل مثله فتدبر (قوله اذ لو كان له مثل لكان هو مثل مثله الخ) قيل المفهوم من هذا التركيب على تقدير عدم زيادة الكاف نفى ان يكون مثل لمثله سواه بقرينة الاضافة كما ان المفهوم من قول المتكلم ان دخل دارى احد فكذا احد غير المتكلم وايضا لا تسلم انه لو وجد له مثل لكان هو مثلا لمثله لان وجود مثله محال والمحال جاز ان يستلزم محالا آخر والجواب عن الاول ان اسم ليس شئ وهو نكرة فى سياق النفى فيعم فيفيد الاية نفى شئ يكون مثلا لمثله ولا شك انه على تقدير وجود المثل يصدق عليه انه شئ هو مثل لمثله والاضافة لا تقتضى خروجه عن عموم شئ بخلاف المثال المذكور فان القرينة العقلية دلت على تخصيص احد لغير المتكلم لان مقصوده المنع عن دخول الغير وعن الثانى ان وجود المثل لشئ مطلقا يستلزم وجود مثل المثل مع قطع النظر عن خصوصية ذلك الشئ وذلك بين فالمنع بتجويز ان يكون لذاته تعالى مثل ولا يكون هو مثلا لمثله مكابرة* قال قدس سره الصواب الخ* ما ذكره ليس بصواب اما او لا فلان المذهب الكلامى هو ايراد الحجة وليس فى الاية اشعار بالحجة فضلا عن الايراد واما ثانيا فلانه حينئذ يكون الحجة قياسا استثنائيا استثنى فيه نقيض التالى هكذا لو كان له مثل لكان هو مثل مثله لكنه ليس مثلا لمثله فلا بد من بيان بطلان التالى حتى تتم الحجة اذ ليس بينا بنفسه بل وجود المثل ووجود مثل المثل فى مرتبة واحدة فى العلم والجهل لا يجوز جعل احدهما دليلا على الاخر* قال قدس سره يدل على ذلك تقريره الخ* تقريره لبيان اللزوم بينهما حتى يتحقق العلاقة الموجبة للانتقال من المعنى الحقيقى اى المعنى الكنائى ولذا لم يتعرض لبطلان التالى اصلا* قال قدس سره لم يكن وجها آخر الخ* ان اراد انه لا يكون وجها آخر مثبتا لكناية غير الكناية التى اثبت الوجه الثانى فذلك غير لازم انما اللازم تغاير الوجهين فى ذاتهما وان كانا مثبتين لنوع واحد من الكناية وان اراد انه لا تغاير بينهما كما يدل عليه قوله بل لا يكون اختلاف الا فى العبارة فذلك ممنوع فان الوجه الاول مبناه اثبات اللزوم بين وجود المثل ووجود مثل المثل ليكون نفى اللازم كناية عن نفى الملزوم من غير ملاحظة ان حكم الامثال واحد وانه يجرى فى النفى دون الاثبات فان نفى اللازم يستلزم نفى الملزوم دون العكس بخلاف الوجه الثانى فان مبناه ان حكم المتماثلين واحد والا لم يكونا متماثلين ولا يحتاج الى اثبات اللزوم بين وجود المثل ووجود مثل المثل وانه يجرى فى النفى والاثبات كما فى ايفعت لذاته وبلغت اترابه* قال قدس سره ان الاول كناية فى النسبة الى قوله والثانى الخ* فيه ان الكناية

٥٢٩

فى النسبة لا بد فيه من ترك التصريح بالنسبة كما سيجئ وفيما نحن فيه تصريح بالنسبة بطريق الاضافة فهو على الوجهين كناية من القسم الاول اعنى ما يكون المطلوب بها غير صفة ولا نسبة ثم ان بيانه قدس سره انما يفيد اتحاد الوجهين فى اثبات كونه كناية فى النسبة لا انه لا تغاير بينهما الا فى العبارة* قال قدس سره لان العبارة فى الكناية الخ* سيجئ اختلافهم فى ان اللفظ فى الكناية مستعمل فى المعنى المقصود او المعنى الاصلى فالفرق المذكور غير ظاهر عند الكل (قوله من فائدتها) وهى المبالغة لانه كدعوى الشئ بالبينة (قوله فيمن له مثل الخ) اى فيمن يمكن له مثل وفيمن لا يمكن له مثل* قال قدس سره اعلم ان استعمال بسط اليد الخ* حاصل كلامه ان الشارح رحمه الله جعل ليس كمثله فيمن لا مثل له وفيمن له مثل كناية وجواز ارادة المعنى الحقيقى فى الجملة كاف فى الكناية والمستفاد من تحقيق الكشاف انه كناية فى محل يمكن معنى الحقيقى فيه مجاز متفرع على الكناية فيما لا يمكن وكلا الوجهين مذكوران فى الكشاف فقال ان قوله تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) وقوله تعالى (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ) كنايتان وقال ان قوله تعالى (وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) وقوله تعالى (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) مجاز متفرع على الكناية ولا تخالف بين القولين لانه كناية فى نفسه مجاز فى المحل الذى استعمل فيه* قال قدس سره ما وقع عليه عبارة النحاة* من زيادة الحروف وهى التى يكون الغرض منها التأكيد بخلاف ان واللام فان مدلولهما التأكيد وبخلاف فى فان المقصود منه التصريح بالظرفية* قال قدس سره ليس من المجاز الخ* هذا هو التحقيق عند الاصولين ولذا لم يذكرهما الشيخ ابن الحاجب فى مختصره وفى شرح جمع الجوامع انه تجوز اى توسع بزيادة كلمة او نقصها وان لم يقصد على ذلك حد المجاز وفى التحرير ومجاز الحذف حقيقة لانه فى معناه وانما سمى مجازا باعتبار تغير اعرابه* قال قدس سره بل ارادوا ان اصل الكلام الخ* فيه بحث اما اولا فلانهم عدوا النقصان والزيادة من علاقات المجاز مقابلا لعلاقة المحلية كما فى المنهاج وجمع الجوامع ولذا اعترض شارح المنهاج بان الزيادة والنقصان ليس بعلاقة وفى التحرير ان كون الزيادة والنقصان من العلاقة ضعيف واما ثانيا فلانه يلزم على هذا ان يكون جرى النهر من باب المجاز بالنقصان لانه حصل المجاز بسبب حذف لفظ الماء وكان الاصل جرى ماء النهر واما ثالثا فلانه ذكر فى التحرير فى قوله تعالى (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) القول بكونه مجازا بالنقصان مقابلا لكونه مجازا بذكر المحل وارادة الحال وقال انه على التقدير الاول مجاز بمعنى تجاوز الحد من امر اصلى الى غيره وعلى التقدير

٥٣٠

اشانى مجاز بالمعنى المشهور (قوله واما تقسيمهم المجاز الخ) لا يخفى ان السكاكى رحمه الله قال ان السلف قسموا المجاز الى لغوى وعقلى والمجاز اللغوى الى ما فى حكم الكلمة والى ما فى معناها وما فى معنى الكلمة الى مفيد وغير مفيد والمفيد الى استعارة وغيرها والظاهر من هذا ان التقسيم ليس باعتبار ما يطلق عليه لفظ المجاز بل باعتبار القدر المشترك بينهما وهو الكلمة المتجاوزة عن امر اصلى الى غيره سواء كان ذلك الامر اعرابا او معنى فحينئذ يتحقق للسكاكى رحمه الله رأى يتفرد به وهو ان المجاز هو الكلمة المستعملة فى غير ما وضعت له وتسمية المجاز فى حكم الاعراب بالمجاز بالتشبيه (قوله اعنى ذكر اللازم وارادة الملزوم الخ) كان الانسب لما ذكره المصنف رحمه الله من تعريف نفس اللفظ ان يقول ذكر الملزوم وارادة اللازم الا انه لما لم ينقل من المص رحمه الله تعريف المعنى المصدرى اورد تعريف السكاكى رحمه الله وزاد عليه قوله مع جواز ارادة اللازم لما انه معترف بذلك وفرق به بين الكناية والمجاز (قوله وهو الذى اشار اليه المص) لم يقل وهو الذى ذكره المص رحمه الله لان نفس اللفظ على التفسير المذكور للمعنى المصدر لفظ اللازم لا لفظ الملزوم كما ذكره المص رحمه الله (قوله مع جواز الخ) اعلم ان فهم المعنى الحقيقى وتصويره فى الذهن لازم فى كل من المجاز والكناية ليحصل الانتقال منه الى المعنى المراد والفرق بينهما باعتبار انه يجوز ارادة المعنى الحقيقى فى الكناية من حيث انه كناية لانه لم ينصب قرينة مانعة عن ارادته ولا يجوز فى المجاز اذ لا بد فيه من قرينة مانعة عن ارادته وانما قيدنا بالحيثية لانه قد يمتنع ارادته لاجل خصوصية المحل كما فى قوله تعالى (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ) (قوله لا واحبة) فيه ان هذا لو اريد بالجواز الامكان الخاص والظاهر ان المراد به الامكان العام بمعنى عدم الامتناع لان هذا القيد لاخراج المجاز ويمتنع فيه ارادة المعنى الحقيقى وكذا عدم المنافاة يجامع الوجوب بل قوله فلا يمتنع فى قولك الخ صريح فى انه مقابل الامتناع (قوله وهذا هو الحق لان الكناية كثيرا ما الخ) فيه انه انما يدل على عدم ارادة المعنى الحقيقى فى محل الاستعمال بان يكون مقصودا بالذات كما هو مناط الصدق والكذب ولا يدل على عدم ارادته لينتقل منه الى المقصود بالذات كما هو مفاد عبارة المفتاح حيث قال لا تنافى ارادة الحقيقة بلفظها اى لفظ الكناية لا ينافى اردة المعنى الحقيقى بناء على عدم نصب القرينة المانعة عنه (قوله او معناها وغير معناها) الواو بمعنى مع بقرينة قوله وحده فيفيد ان غير معناها اصل فى الارادة ومقصود بالافادة وارادة معناها (٧) تبع له فيكون اللفظ مستعملا فيهما بان يكون احدهما وسيلة لينتقل منه الى الآخر فلا يلزم الجمع

٥٣١

بين المعنى الحقيقى وغيره بالمعنى الذى منعوه ويكون كل منهما مرادا من اللفظ اما المعنى الحقيقى فلعدم نصب القرينة المانعة عنه واما المعنى المكنى عنه فلكونه محط الفائدة والقرينة دالة على ارادته ويكون اللفظ حقيقة لاستعمال اللفظ فيما وضع له ولم يشترط فيها ان لا يراد غير الموضوع له وهذا معنى قوله والحقيقة اى الصريحة والكناية تشتركان فى كونهما الخ وبما حررنا لك من حمل الجواز وعدم المنافاة على مقابل الامتناع ظهر انه لا تخالف بين عبارتى المفتاح وانه لا حاجة فى المتن الى حمل قوله من جهة ارادة المعنى الحقيقى على جواز ارادته وان ما قاله الشارح رحمه الله فى شرح المفتاح ان لهم فى تقرير الكناية طريقين احدهما انه استعمال اللفظ فى غير الموضوع له مع جواز ارادة الموضوع له وثانيهما انه استعمال اللفظ فى الموضوع له لكن لا ليكون مقصودا بل لينتقل منه الى غير الموضوع له مبنى على حمل الجواز على الامكان الخاص وانه لا تخالف بين الطريقين اذا حمل الجواز على عدم الامتناع فانه لما كان المعنيان مرادين فى الكناية صح ان يقال انها مستعملة فيما وضع له فان الاصل فى اللفظ ان يراد به المعنى الموضوع له عند عدم القرينة المانعة عنه وانها مستعملة فى غير ما وضع له بالنظر الى القرينة الدالة على ارادته والحاصل ان الكناية لما لم يكن فيها القرينة المانعة عن ارادة الموضوع له بالنظر الى لفظها يكون مرادا منها ولوجود القرينة الدالة على ارادة غير الموضوع له لا بد من ارادته بخلاف المجاز فانه مع القرينة المانعة عن ارادة الموضوع له فيمتنع ارادته وبخلاف الحقيقة المصرحة لانتفاء القرينة الدالة على ارادة غير الموضوع له هذا ما عندى فى حل هذا المقام وهو وان كان مخالفا لما ذهب اليه الشارحان لكن الحق احق ان يتبع (قوله وان كان مشيرا الخ) قد عرفت ان عبارة المفتاح ايضا تشير الى ذلك الا ان الاشارة فى عبارة المصنف رحمه الله اظهر لانه صرح بلفظ مع (قوله ان معنى قوله الخ) اما بان يفسر الجهة بالجواز او يقدر المضاف (قوله وبلازم المعنى الخ) لكونه تابعا ورديفا له (قوله وفيه ما فيه) لان اطلاق اللازم على الموضوع له واطلاق المعنى على لازمه مستبعد جدا غير وارد فى اطلاقهم وان اطلاق اللازم على الموضوع له لا يصح عند المصنف رحمه الله اذ لا انتقال عنده من اللازم (قوله لان المجاز قد يكون من الطرفين الخ) وذلك اذا كان لكل منهما جهة الاصالة والفرعية كالنبت والمطر على ما فى كتب الاصول مع ان التابع والرديف فى الخارج ليس الا المطر (قوله ثلاثة اقسام) بحكم الاستقراء وتتبع موارد الكنايات كذا فى شرحه للمفتاح فاختصاص القسم الثانى بالقسمة الى القريبة والبعيدة والواضحة والخفية دون القسم الاول والثالث بالنظر الى الاستقراء

٥٣٢

والا فالعقل يجوز قسمة كل منهما الاقسام المذكورة (قوله المطلوب بها غير صفة الخ) لم يقل المطلوب بها الموصوف كما فى المفتاح ليشمل ما اذا كان المكنى عنه ملزوما غير الموصوف كما فى قوله تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) على تقدير عدم زيادة الكاف فان المكنى عنه نفى المثل وهو ليس بموصوف لنفى مثل المثل فلا بد ان يراد بالموصوف اعم من المفصوف حقيقة او ما هو بمنزلته كما اشار اليه الشارح رحمه الله تعالى فى شرحه فى بيان وجه الضبط بقوله ان اللازم الذى ينتقل منه الى معناه التابع للشئ بمنزلة الوصف المختص ولا محالة قد تكون الشئ صفات اخر فان كان القصد الانتقال الى نفسك ذلك الموصوف فالقسم الاولى او الى صفة اخرى فالقسم الثانى اوالى اختصاص الصفة به فالثالث (قوله عارض) بالرفع صفة اختصاص وانما كان هذا الاختصاص عارضا لان فى وضع الصفة سواء كانت مشتقة او غيرها لم تؤخذ الذات المعينة (قوله كناية) بمعنى مكنيا بها حال عن مقول قولنا مقدم عليه ويجوز ان يكون حالا عن القول بمعنى المقول والعامل فيه معنى الكاف وحينئذ يكون قوله حى مستوى القامة عريض الاظفار بدلا عن القول او بيانا له (قوله وجعل السكاكى الخ) عبارته الكناية فى هذا القسم تقرب تارة وتبعد اخرى فالقريبة هى ان يتفق فى صفة من الصفات اختصاص بموصوف معين عارض والبعيدة هى ان يتكلف اختصاصها بان تضم الى لازم آخر وآخر فالاعتراض مبنى على ان التعريفين المذكورين تعريف باللازم والقريبة والبعيدة بالمعنى الذى ذكره فى القسم الثانى ومبنى الجواب جعلهما تفسيرين القريبة والبعيدة فاندفع ما قيل ان حمل اعتراض المصنف رحمه الله تعالى على ما ذكره الشارح بعيد جدا لان عبارة المفتاح صريحة فى ان القريبة والبعيدة ههنا ليست بالمعنى المذكور فى القسم الثانى (قوله ضرورة احتياجها الخ) لشابهتها الفعل (قوله على نوع تصريح) انما قال ذلك لان الدلالة على التصريح من حيث انه اسند اليه فى الظاهر واما فى الحقيقة فهو صفة النجاد (قوله الى ضمير المسبب الخ) اراد بالسبب والمسبب المتعلق والمتعلق (قوله بل هو كناية بعيدة عن الابله لانه الخ) يريد ان المعنى المكنى عنه فى الكناية يكون مقصودا بالافادة ومناط الصدق والكذب وليس قولهم عريض الوسادة مقصودا منه بالذات اثبات عرض القفاء بل لينتقل منه الى الابله فيكون عرض القفاء واسطة لا مكينا عنه فلا تكون قريبة بل بعيدة فحينئذ لا يتم جواب الشارح رحمه الله تعالى لان جواز كون الكناية بعيدة بالنسبة الى معنى وقريبة بالنسبة الى آخر انما يصح اذا كان كل واحد من المعنيين صالحا لان

٥٣٣

يراد بالذات فيكون مناطا للصدق والكذب قال الشارح رحمه الله فى شرحه للمفتاح ان الكناية عن الكناية انما تصح اذا صارت تلك الكناية شائعة ملحقة بالصريح الا ان يدعى ان عريض القفاء لكثرة استعماله فى الابله صار ملحقا بالصريح لكنه ينافى اعتراف السكاكى رحمه الله بان عريض القفاء كناية خفية عن الابله (قوله المطلوب بها نسبة) سواء كان طرفاها مذكورين صريحا او احدهما مذكورا صريحا والاخر كناية فيجتمع الكناية فى النسبة مع الكناية فى الموصوف او الصفة او كلاهما مذكورين كناية فيجتمع الكناية فى النسبة مع الكناية فالاحتمالات العقلية سبعة واحد منها اجتماع الثلاثة وثلاثة منها اجتماع الاثنين وثلاثة منها منفردة ولا يبطل شئ منها للحصر فى الاقسام الثلاثة لان المقسم مقيد بالوحدة (قوله وهذا معنى قول صاحب المفتاح الخ) يعنى انه اراد التخصيص فى الاثبات لا التخصيص فى الثبوت (قوله ان السماحة الخ) السماحة جوانمردى كردن والمروة مردمى كردن والندى العطاء (قوله اى ثبوتها له) اذا كان الاختصاص بمعنى الثبوت فلا بد من القول بالتجريد فى يثبت اى يفيد او يذكر مثلا (قوله كما ان اختصاص الخ) متعلق بقوله فترك التصريح (قوله باعتبار اضافته) او اسناده الى الموصوف كما فى قولك هل طويل تجاد زيدا وهل طويل التجاد زيد واما مثال الاضافة والاسناد الى ضمير الموصوف فما ذكره بقوله الا ترى الخ (قوله اذا ثبت الامر) اى الامر الذى لا يقوم بنفسه (قوله لهم المجد بين ثوبيه الخ) المجد نيل الشرف والكرم لا يكون الآ بالآباء او كرم الآباء خاصة والكرم والحسب اعم من ان يكون من جهة الآباء او نفس الرجل كذا قيل (قوله بل كنى عن ذلك الخ) وذلك لانه اذا كان المجد والكرم بين ثوبيه لا بد ان يكونا قائمين بما يحيط به الثوبان لامتناع قيامهما بذاتهما ومعلوم ان المحاط بثوبيه لا يكون الا كذلك فيكونان قائمين به (قوله لان اسناد طويل الى التجاد الخ) خلاصته انه لم يسند المجد الى الثوبين كما اسند الطويل الى التجاد وجعل النجاد فاعلا له فى المعنى ولو قدر الاسناد بان يقال زيد ما جد ثوبه لم يكن كناية لانه لا بد من تصوير المعنى الحقيقى لينتقل منه وههنا لا معنى لمجد الثوبين فهو اسناد مجازى كذا فى شرح المفتاح الشريفى (قوله عن المؤذى) اى المعين واما نفى الاسلام عن المؤذى المطلق فهو مصرح به لان تعريف المسند اليه اعنى المسلم يفيد القصر فيفيد ثبوته للمسلم ونفيه عمن سواه (قوله فهذا كناية الخ) فان نفى اعتقاد الحل بهذه العبارة عن نفسه يدل على ثبوته لغيره على ما عرفت فى ما انا قلت فيكون كناية عن ثبوت حل الخمر لغيره واعتقاد حل الخمر كناية عن الكفر فيجتمع فيه الكنايتان (قوله ولا يخفى

٥٣٤

الخ) هذا تنبيه على ان المصنف رحمه الله تعالى قد اطلق ان الموصوف فى القسمين قد يكون مذكورا وقد لا يكون مذكورا وليس على اطلاقه بل عدم الذكر فى القسم الثانى انما يكون اذا لم يصرح بالنسبة كما فى صورة الاجتماع بين القسم الثانى والثالث واما اذا صرح فذكر الموصوف واجب كذا نقل عنه (قوله مع عدم ذكر الموصوف) اى لا لفظا ولا تقديرا فلا يرد ان قولنا نعم كثير الرماد فى جواب من قال هل زيد مضياف كناية عن الصفة مع عدم ذكر الموصوف لانه وان لم يكن مذكورا لفظا لكنه مذكور تقديرا (قوله بل هو اعم الخ) الظاهر ان الضمير راجع الى ما ذكر لان رجوعه الى التعريض يوجب استدراك قوله وامثاله مما ذكر ويرد عليه ان عموم ما سوى التعريض غير مفهوم من كلام السكاكى رحمه الله تعالى ولعل هذا وجه النظر وقيل وجه النظر ان قسم الشئ يجوز ان يكون اعم كما مر فى بحث المجاز المركب وليس بشئ لان هذا خلاف التحقيق ولو سلم فيكفى للعدول عن لفظ ينقسم كون الظاهر المتبادر منه اخصية القسم وقيل ان التفاوت لا يتعدى بالى فلا بد من تضمين معنى الانقسام لانه اللائق لهذا المقام فيلزم كونها اقساما للكناية وفيه بعد تسليم لزوم تضمين الانقسام انه فرق بين التصريح بالانقسام وملاحظته فى ضمن التفاوت (قوله مسوقة لاجل الخ) تفسير للعرضية كما يدل عليه عبارة المفتاح (قوله ومنه المعاريض) فى مجمع البحار فى الحديث ان فى المعاريض لسعة عن الكذب المعاريض جمع معراض وهو خلاف التصريح من القول ففى تفسيرها بالتورية تجوز والمراد ما يورى به فى تاج البيهقى التورية پوشيدن چيز را ياوه كردن چيز ديگر مأخوذ من وراء الشئ كانك تركت الشئ الذى يليك وتجاوزت الى ماوراءه (قوله ويسمى التلويح) فالتعريض والتلويح عند صاحب الكشاف بمعنى واحد بخلاف السكاكى رحمه الله (قوله يجوز حمله الخ) اى يجوز حمل ذلك المعنى على جانبى الحقيقة والمجازى اى على كونه موضوعا له وكونه غير موضوع له ويجوز ان يكون حالا من ضمير دل اى يجوز حمل ذلك اللفظ وزاد لفظ الجانب ولم يقل على الحقيقة والمجاز لان الكناية ليست بحقيقة ولا مجاز واراد بالوصف الجامع بينهما اى بين الجانبين كون اللفظ معينا لهما لاحدهما بلا قرينة وللاخر بقرينة (قوله لامن جهة الخ) لم يتعرض الوضع الكنائى لانه بالنسبة الى المعنى الموضوع له حقيقى وبالنسبة الى غير الموضوع له مجازى فهو داخل فى الوضع الحقيقى والمجازى (قوله باللفظ المركب) لانه اذا لم يكن دلالة اللفظ بالوضع الحقيقى والمجازى يكون دلالته عليه بسوق اللفظ المركب (قوله

٥٣٥

ان قلت الوسائط) بمعنى عدم الكثرة فيتناول مالا واسطة فيه (قوله او ما رأيت المجد الخ) القاء المجد الرحل على آل طلحة كناية عن وجود المجد فى مكانهم ووجوده فيه كناية عن نسبة المجد اليهم فهو كناية بالواسطة وفيه استعارة بالكناية تشبيها للمجد بالانسان الراحل* قال قدس سره الموضوع له من نفس اللفظ حقيقة* كما فى قولك لست انا بجاهل اذا قصد التعريض بشخص معين بالجهل او مجازا كما فى قوله تعالى (وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ) فانه قصد به التعريض بتكونوا اول مؤمن به مع امتناع المعنى الحقيقى لسبق المشركين منهم بالكفر فلا فائدة فى نهيهم عن السبق فى الكفر او كناية كما مر فى قوله عليه السّلام (المسلم من سلم المسلمون منه) اذا قصد به التعريض بنفى الاسلام عن الموذى المعين* قال قدس سره والمعرض به من السياق* وبهذا يمتاز التعريض عن المجاز المركب فان كلا منهما يكون فى المركب الا ان المعنى المعرض به مفهوم بسياقه والمعنى المجازى باستعماله فيه* قال قدس سره مذكور بلفظه الموضوع له* اى بالوضع الحقيقى كما يدل عليه قوله لانه الاصل الخ والصواب ان يقول الموضوع له بالوضع الحقيقى او المجازى كما فى عبارة المثل السائر ليوافق قوله الموضوع له من نفس اللفظ حقيقة او مجازا او كناية فان الموضوع له فيه اعم وليوافق قوله لم نذكره فانه للسلب الكلى اى لم نذكره اصلا لا حقيقة ولا مجازا* قال قدس سره او يجوز* اشار بكلمة او الى الطريقين المذكورين سابقا فى الكناية وبين الشارح رحمه الله ان الثانى هو الحق وقد عرفت ان الحق هو الاول كما يدل عليه عبارة ابن الاثير ايضا* قال قدس سره وجعل صاحب الكشاف التعريض الخ* لا يخفى ان التعميم موقوف على ان يراد بالموضوع له اعم من الوضع الحقيقى والمجازى فالاولى ان يحمل قوله فيما وضع له على المعنى العام ليتوافق الكلامان* قال قدس سره لا استعمالا* فيه ان السكاكى رحمه الله تعالى قال انا لا نقول فى عرفنا استعملت الكلمة فى كذا حتى يكون الغرض الاصلى طلب دلالتها عليه انتهى فاذا كان المعنى التعريضى مقصودا من الكلام كان دلالته عليه غرضا اصليا ولو بالواسطة كما فى الكناية لا تبعا لشئ آخر فيتحقق معنى الاستعمال نعم يكون هذا استعمالا للمركب لا لمفرداته كالتمثيل والفرق بين المقصود من الكلام اشارة وبين المقصود منه استعمالا مشكل* قال قدس سره ويلزمه الخ* لزوم الجزء للكل لان الحصر يتضمن الحكم السلبى* قال قدس سره فهو نفى الاسلام عن المؤذى المعين* فيه ان كونه مقصودا من سياق الكلام لا من نفسه محل تردد وما الدليل على ذلك ولابد

٥٣٦

من الفارق بين كون المعنى المجازى فى الاستعارة التمثيلية مقصودا من نفس الكلام وكون المعنى التعريضى مقصودا من سياق الكلام* قال قدس سره وقد ظهر بطلانه* هذه دعوى بلا دليل نعم ظهر مما سبق انه ليس بمستعمل فيه عند صاحب الكشاف وابن الاثير* قال قدس سره وهكذا المجاز والحقيقة* اى لا يكونان مستعملين فى المعنى التعريضى بل فى المعنى المجازى والحقيقى* قال قدس سره دون المعنى الحقيقى* لما عرفت انه لا فائدة فى النهى عنه لسبق المشركين بالكفر عليهم* قال قدس سره وقد غفل عن مستتبعات التراكيب الخ* فيه ان المستتبعات هى المعانى التضمنية والالتزامية التى تفهم فى ضمن المدلولات المطابقية من غير تعلق قصد المتكلم بها ومعنى قول الشارح رحمه الله لانه يؤدى الى ان يكون كلام الخ ان ما قاله العلامة من ان آذيتنى فستعرف حين استعماله فى غير المخاطب فقط ليس بمجاز وحين استعماله فى المخاطب مع غيره ليس بكناية يؤدى الى ان يوجد كلام يدل على معنى باستعماله فيه ولا يكون حقيقة ولا مجاز او لا كناية فالقول بانه غفل عن مستتبعات التراكيب غفلة عن مراده نظرا الى الظاهر* قال قدس سره بل اراد الخ* لا يخفى انه انما يتم اذا لم يكن التعريض مستعملا فى المرض به والظاهر من كلام السكاكى رحمه الله خلافه فانه جعل التعريض او لا قسم الكناية ثم قال والكناية اذا كانت لموصوف غير مذكور كان المناسب ان يطلق عليها اسم التعريض ثم قال فى آخر بحث الكناية فى قوله اما بعد فان خلاصة الاصلين الخ وعرفنا ان الكناية تتنوع الى تعريض وتلويح ورمز وايماء واشارة ولم يذكر فى كتابه معنى آخر للتعريض واذا كان التعريض قسما من الكناية كان اللفظ مستعملا فى المعنى المعرض به فلا يصح توجيهه قدس سره (قوله ان عبارة التعريض) اى بعض عبارته نص عليه العلامة لان قولنا (المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه) لتحقق اللزوم فيه كناية ان اريد به نفى الايمان عن مطلق الموذى مع نفيه عن الموذى المعين ومجاز ان اريد به نفى الايمان عن الموذى المعين فقط (قوله اذ لا يتصور الخ) فيه انه يجوز ان يقال انه انتقل من المخاطب الموذى الى الموذى المطلق ثم منه الى الموذى المعين كما فى رأيت اسدا يرمى انتقل من الاسد الى الشجاع ثم منه الى الشجاع المعين (قوله وهو الذى قصده الخ) ويكون مقصوده منه بيان النسبة بين التعريض والكناية على ما صرح به فى شرحه للمفتاح حيث قال يريد به ان بينه وبين الكناية عموما من وجه لتصادقهما فى مثل المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه وصدق الكناية بدونه وهو كثير وصدقه بدون الكناية فى مثل آذيتنى فستعرف عند القرينة المانعة عن ارادة

٥٣٧

المخاطب وتعيين ارادة الغير فانه حينئذ يكون مجازا لا كناية وفيه بحث لان كون التعريض اخص من الكناية وتحققها بدونه علم من قوله ان الكناية تفاوت الى تعريض وتلويح ورمز وايماء واشارة فحمل كلامه على بيان النسبة بينهما يستلزم استدراك قوله وقد يكون على سبيل الكناية وعندى ان معنى عبارة السكاكى رحمه الله ان التعريض اى الكناية العرضية قد يكون على طريق المجاز بان اريد به المعنى المعرض به فقط وليس بمجاز لعدم نصب القرينة المانعة كما هو شان الكناية وقد يكون على طريق الكناية فقط بان اريد به كلا المعنيين احدهما قصدا والآخر تبعا (قوله كان كناية) فيه ان مبنى الكناية على الانتقال من اللازم الى الملزوم وفيما نحن فيه الانتقال من الملزوم الى اللازم على ما يدل عليه قوله ويلزم منه التهديد الى كل من صدر منه الايذاء (قوله اطبق البلغاء) اى المعالمون بالاصطلاحات وغيرهم من البلغاء بالسليقة فانهم وان لم يكونوا عالمين بلفظ المجاز والكناية والحقيقة والاستعارة والتشبيه لكنهم عالمون بمعانيها (قوله ان المجاز) اى المجاز المفيد فان غير المفيد مجرد توسعة فى اللغة (قوله ابلغ) اى يكون كل منهما بالغا الى احد الكمال فى افادة المقصود فهو مشتق من البلوغ مصدر بلغ من حد نصر لا من البلاغة من بلغ من حد كرم لان الحقيقة والتصريح اذا كان مقتضى الحال لا يكون المجاز والكناية اكثر بلاغة منهما بل لا يكون بليغا وما قيل انه من المبالغة فهو يستلزم استعمال اشتقاق افعل من المزيد واستعماله بمعنى المفعول لان معنى المبالغة على ما فى التاج علو كردن در كارى فمعنى الابلغ بولغ فيه الا ان يقال بالاسناد المجازى (قوله لان الانتقال فيهما من الملزوم الى اللازم) اما فى المجاز فظاهر واما فى الكناية فلان اللازم اذا لم يصر مساويا للملزوم بسبب القرينة لا يمكن الانتقال منه كما مر فالمراد بالملزوم الملزوم فى الذهن وان كان لازما فى الخارج (قوله وانما الاشكال الخ) يعنى ان وجود الملزوم انما يستلزم وجود اللازم اذا كان اللزوم بينهما فى الخارج وبيانه فى جميع انواع المجاز مشكل سيما فيما يكون العلاقة التضاد فاندفع ما قيل ان الشارح رحمه الله قد بين فيما سبق عند بيان العلاقات ان اللزوم متحقق فى جميع اقسام المجاز فلا اشكال لان ما سبق بيان اللزوم الذهنى الذى هو مناط الانتقال والمراد ههنا اللزوم الخارجى (قوله لانها نوع الخ) فقوله الاستعارة ابلغ من التشبيه تخصيص بعد التعميم اهتماما بشانه لانها العمدة من انواع المجاز وعليها مدار البلاغة وقيل الاستعارة ابلغ من التشبيه لاشتمالها على ادعاء كون المشبه من جنس المشبه به وهذا الوجه مختص بالاستعارة سوى كونه نوعا

٥٣٨

من المجاز (قوله بل لانه الخ) عطف على ما قبله بحسب التوهم كانه قيل ليس كون المجاز والاستعارة والكناية ابلغ لان واحدا من هذه الامور الخ بل لانه الخ (قوله ان يكون فى المشبه به اتم) فاستعارته للمشبه تفيد زيادة ليست فى التشبيه فاندفع ما قيل ان قوله بان الاستعارة اصلها التشبيه لا دخل له فى الاعتراض (قوله فكيف يصح الخ) اى كيف يصح السلب الكلى (قوله بان مراد الشيخ الخ) اى مراده رفع الايجاب الكلى لا السلب الكلى وان كان ظاهر العبارة يفيده (قوله وهذا وهم من المصنف بل الخ) خلاصة التوجيهين ان المصنف رحمه الله تعالى حمل قول الشيخ يفيد زيادة فى نفس المعنى على افادته الزيادة فى الفهم والشارح رحمه الله تعالى حمله على الزيادة فى الواقع (قوله ان المساواة فى الاول تعلم من طريق المعنى وفى الثانى من طريق اللفظ) هكذا فى النسخة المصححة وهو المطابق لما فى دلائل الاعجاز وهو الظاهر اذ ينتقل فى المجاز اولا الى المعنى الحقيقى ثم الى المعنى المجازى وفى الحقيقة ينتقل من اللفظ الى المعنى وانما كان للعلم من طريق المعنى مزية على العلم من طريقى اللفظ لان فى الاول يفهم المقصود بالدلالة العقلية لانه ينتقل فيه من الملزوم الى اللازم وهى اقوى من الدلالة اللفظية وفى كثير من النسخ لانه يعلم فى الاول من طريق اللفظ وفى الثانى من طريق المعنى وتوجيهه ان فى الاول استعمال لفظ المشبه به فى المشبه فتعلم المساواة من اللفظ وفى الثانى تعلم المساواة من طريق المعنى فان معنى الثانى المساواة ولا دليل فى اللفظ عليها ولا شك ان فى الاول مزية على الثانى (قوله الفن الثالث الخ) قد سبق تحقيقه بما لا مزيد عليه فى قوله الفن الاول علم المعانى (قوله اى يتصور معانيها الخ) يعنى ليس قوله علم بمعنى الملكه او التصديقات بالمسائل او نفسها والمعرفة بمعنى الادراك الجزئى الذى يحصل من استخراج الفروع عن القواعد الكلية كما فى تعريف العلمين السابقين اذ ليس فى علم البديع الا تصورات المحسنات وبيان عددها وتفصيلها فهو علم تبين فيه مفهومات المحسنات العرضية واقسامها واعدادها فليس فيه مسئلة فضلا عن ان يستخرج منه فروع ولذا جعل السكاكى رحمه الله تعالى بيان المحسنات من توابع علم البيان ولم يجعله علما برأسه فالمعرفة بمعنى الادراك التصورى كما ان العلم قد يطلق على الادراك التصديقى مناسبا لما تسمعه من ائمة اللغة من ان المعرفة تتعدى الى مفعول واحد والعلم الى مفعولين وما قالوا من ان لكل علم مسائل فانما هو فى العلوم الحكمية واما العلوم الشرعية فلا يتأتى فى جميعها ذلك فان اللغة ليس الا ذكر الالفاظ ومفهوماتها وكذا التفسير والحديث

٥٣٩

(قوله اشارة الخ) يجعل الاضافة للعهد كما هو الاصل (قوله اى الخلو عن التعقيد المعنوى) خص وضوح الدلالة به مع انه يشمل الخلو عن التعقيد اللفظى لكونه مخلا بوضوح الدلالة به ليختص بعلم البيان (قوله للتنبيه الخ) اى لتذكير ما علم من قوله وتتبعها وجوه اخر الخ (قوله احترازا عما يكون داخلا فى البلاغة) وهو المطابقة ووضوح الدلالة اعنى الخلو عن التعقيد المعنوى والخلو عن الغرابة وعن مخالفة القياس وعن ضعف التأليف وعن التنافر اما عن المطابقة ووضوح الدلالة فلان الشئ لا يكون بعد نفسه واما عن البواقى فلانها ليست بعد المطابقة ووضوح الدلالة اذ كل واحد منها لكونه داخلا فى البلاغة ليس تابعا لها فى ايراث الحسن الذاتى (قوله لانه يدخل الخ) دليل لقوله ولا يجوز الخ اى يدخل حين اريد بوجوه التحسين مفهومها الاعم الشامل بعض ما ليس من المحسنات التابعة لبلاغة الكلام وهو ما سوى المطابقة ووضوح الدلالة وذلك لان بعد ليس ظرفا مستقرا اذ المحسنات التابعة ليس حصولها بعد المطابقة والوضوح فلا يشملها التعريف فهو ظرف لغو متعلق بالتحسين ولا شك ان تحسين ما عدا المطابقة والوضوح مما يوجب الفصاحة بعد المطابقة والوضوح لما مر فى المقدمة من ان الكلام الذى ليس مطابقا لمقتضى الحال وان كان فصيحا يلتحق باصوات الحيوانات ليس له حسن عند البلغاء فالمحسنات الداخلة فى البلاغة سوى المطابقة والوضوح وان كانت غير تابعة للمطابقة والوضوح فى الوجود تابعة لهما فى تحسين الكلام فيدخل كلها فى التعريف فافهم فانه خفى على الناظرين وجه الاحتراز ووجه الدخول (قو كالخلو عن التتافر مثلا) اراد به الخلو عن الغرابة ومخالفة القياس وضعف التأليف فان كلها يدخل فى وجوه التحسين على تقدير حملها على مفهومها الشامل كما عرفت فى الاضراب الذى ذكره السيد بقوله بل نقول الخ لا وجه له فان كاف التمثيل ولفظ مثلا ينادى على ان الشارح رحمه الله تعالى اراد دخول جميع الحلوات فى وجوه التحسين (قوله المطابقة) وهى فى اللغة الموافقة وطابقت بين الشيئين جعلت احدهما على حذ والآخر ومطابقة الفرس فى جرية وضع رجليه مكان يديه ففى ذكر المعنيين المتضادين ايقاع توافق بين ما هو فى غاية التخالف كذا فى شرحه للمفتاح (قوله فى الجملة) ولو بالواسطة (قوله او اعتباريا) كالاحياء والاماتة فانها عبارتان عن الحلق سمى باعتبار تعلقه بالحيوة احياء وباعتبار تعلقه بالممات اماتة* قال قدس سره فيه بحث* والجواب انه باعتبار كونهما لا يجتمعان فى محل واحد يكون الجمع بينهما

٥٤٠