حاشية السّيالكوتى على كتاب المطوّل

عبد الحكيم السيالكوتي

حاشية السّيالكوتى على كتاب المطوّل

المؤلف:

عبد الحكيم السيالكوتي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: منشورات الشريف الرضي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٦٣

غير صحيح لجواز تعدد الخبر فيهما وانما يتم ذلك لو اتحد الخبر ايضا وهذا فى غاية الوضوح فاندفع ما قيل ان الجواب الثانى اعنى قوله وايضا الخ مبناه تسليم اتحاد الخبر فالجواب بجواز تعدد الخبر غير صحيح لان ذلك انما يرد لو قال الشارح رحمه الله ولو سلم فالصدق الخ بل الشارح رحمه الله تعالى منع (٢) كل واحد من الاتحادين ابتداء وفرع عدم لزوم الدور عليه* قال قد سره لكن الخبر متعدد فيهما* ففى الاول المراد به الكلام المخبر به وهو ظاهر وفى الثانى الاخبار عن الشئ لانه بمعنى المخبر به لا يصح ان يكون تعريفا لصدق الكلام لان الصدق ليس نفس الكلام المخبر به ولتعديته بعن فصدق الكلام الاخبار عن الشئ اى الاعلام عنه بان النسبة على ما هو به اى كون النسبة معلما بها على ما هى به فاندفع ما قيل ان صدق الكلام كيف يمكن تعريفه بالاخبار عن الشئ على ما هو به* قال قدس سره لو فسر الاخبار الخ* بان يكون معنى الاخبار عن الشئ الاتيان بخبره لا معنى الاخبار فقط اذ لا معنى للاتيان بالخبر عن الشئ* قال قدس سره الى وجه آخر* بان يقال الخبر المعرف معلوم بوجه ما والا لامتنع طلبه والمقصود معرفته بوجه يميزه عما عداه ويساويه وهو المحتمل للصدق والكذب وقد اخذ فى تعريفهما الخبر المعلوم بوجه ما فلا دور* قال قدس سره واما على الثانى الخ* اعلم ان هذا الجواب انما يتم اذا كان معنى قول المتوهم فالدور لازم ان الدور فى تعريف الصدق لازم لتوقف صدق المتكلم على صدق الكلام المعرف بالخبر المأخوذ فى تعريفه صدق الكلام وهو المطابق لظاهر كلام الشارح رحمه تعالى على ما فى اكثر النسخ من ذكر قوله فلا دور مرنين مرة قبل قوله وايضا لنفى لزوم الدور فى تعريف الخبر ومرة بعد قوله وايضا الصدق الخ لنفى لزوم الدور فى تعريف الصدق وانما قلنا لظاهر كلام الشارح رحمه الله تعالى اذ يحتمل ان يكون الثانى اعادة للاول تنبيها على ان كل واحد منهما مستقل فى نفى لزوم الدور فى تعريف الخبر واما اذا كان معناه ان الدور لازم فى تعريف الخبر وهو المطابق للنسخ التى اكتفى فيها بقوله فلا دور بعد قوله وايضا الخ فلا ينفع فى نفيه ما ذكره قدس سره من ان صدق الكلام لا يتوقف على صدق المتكلم بل لا بد من اثبات انه لا يتوقف على الخبر فتدبر فان هذه الحاشية من المزالق كم زلت فيها اقدام الاذكياء (قوله ان الكلام الذى دل الخ) قد مر فيما نقل عنه من الحاشية المتعلقة بقوله لانه لا محالة يشتمل على نسبة ان تلك النسبة فى الخبر هى الايقاع والانتزاع وفى الانشاء الطلب فالمعنى ان الكلام الذى دل على حصول نسبة بين الشيئين اما بالاثبات او بالنفى فمدلول الخبر هو النسبة الذهنية

__________________

(٢) واشار الشارح الى منع كل من المتقدمين ههنا بقوله فالخبر بمعنى المخبر به كما فى قولهم الخبر الكلام المحتمل للصدق والكذب وقد يقال بمعنى الاخبار كما فى قولهم الصدق هو الخبر عن الشئ على ما هو به وبقوله وايضا الصدق والكذب يوصف بهما الكلام والمتكلم الخ فتأمل م قال العصام ومما ينبغى ان ينبه عليه ان ما بسط فى الكلام فى الخارج ليس فى الخارج الذى يدور عليه الصدق والكذب لانه بمعنى خارج تعقل المتكلم لا بمعنى الخارج المقابل للذهن والا لم يشمل الصادق والكاذب الذهنيين بل فى الخارج المقابل للذهن انتهى

فحينئذ يحتاج الى الجواب بان المعتبر فى اللغة والمتعارف الواقع فى محاورات البلغاء هو القضاياء الخارجية فلا ضير فى خروج غيرها عن الضابطة تأمل مل م

٨١

اعنى الايقاع والانتزاع وما وقع فى بعض العبارات ان مدلول الخبر هو النسبة بمعنى الوقوع واللاوقع فالمراد منه انه من حيث حصولهما فى الذهن فيرجع الى الايقاع والانتزاع قال فى شرحه للمفتاح اذا اورد الجملة الخبرية فهى لا محالة تشتمل على نسبة تامة حاصلة فى ذهن المتكلم مر تسمة من الخبر فى ذهن السامع فالنزاع فى ان مدلول الخبر الحكم بمعنى الايقاع ولانتزاع او بمعنى الوقوع واللاوقوع لفظى اذا لوقوع واللاقوع من حيث انهما حاصلان فى الذهن عين الايقاع والانتزاع* قال قدس سره ووجوده الخ* اشار بهذا العطف الى ان ليس معنى حصول القيام لزيد اتصافه به وحمله عليه فى الخارج بل وجوده له على نحو وجود العرض للموضوع بناء على انه من مقولة الوضع* قال قدس سره ولا شك ان وجود الخ* قد تقرر فى موضعه ان حصول شئ لاخر اذا كان على نحو وجود العرض لموضوعه يقتضى وجود ذلك الشئ ايضا والا لجاز اتصاف الجسم بالسواد المعدوم بخلاف ما اذا كان بطريق الاتصاف والحمل فانه يقتضى وجود المثبت له دون المثبت لجواز ان يكون الاتصاف انتزاعيا فلا يرد ما قيل ان قولنا زيد اعمى قضية خارجية مع عدمية العمى فى الخارج نعم لو صدق ان العمى حاصل لزيد فى الخارج بمعنى وجوده له لاقتضى وجود العمى ايضا وانما احتيج الى هذه المقدمة لان المذكور فيما تقدم ان ظرفية الخارج لوجود شئ فى نفسه يقتضى كونه موجودا خارجيا وفى قولك القيام حاصل لزيد فى الخارج ليس الخارج ظرفا لوجود القيام فى نفسه بل لوجوده لزيد فلا بد من ان يقال ان وجوده لزيد يقتضى وجوده فى نفسه فيكون الخارج ظرفا لوجوده فى نفسه ليتم التقريب* قال قدس سره اردنا الخ* هذه الارادة لا تجرى فى النسب التى اطرافها امور ذهنية لان الخارج مرادف الاعيان كما حره قدس سره ليس ظرفا لاطرافها فضلا عن ان يكون ظرفا لها فيلزم ان لا يكون الاخبار الدالة عليها موصوفة بالصدق لعدم الخارج لمدلولاتها فضلا عن المطابقة وكذا لا يصح ان يراد بان النسبة خارجية ان الخارج بمعنى نفس الامر ظرف لنفسها وليست خارجية ان نفس الامر ليس ظرفا لوجودها بل يراد بانها خارجية ان الخارج بمعنى نفس الامر ظرف لنفسها وليست خارجية ان الخارج بمعنى الاعيان ليس ظرفا لوجوها لان النسب المذكورة موجودة فى نفس الامر فمناط الفرق كلا الامرين فمعنى ان النسبة خارجية ان الخارج بمعنى نفس الامر ظرف لنفسها وليست خارجية ان الخارج بمعنى الاعيان ليس ظرفا لوجودها ولذا قال الشارح رحمه الله اولا فمع قطع النظر الخ اشارة

٨٢

الى ان المراد بالخارج نفس الامر وتعرض ثانيا للفرق باعتبار الظرفية لنفس الشئ ولوجوده فقوله فانا لو قطنا الخ تعليل لما يستفاد من قوله للفرق الظاهر الخ يعنى ان الاول صحيح لان القيام حاصل لزيد فى حد ذاته مع قطع النظر عن ادراكنا وهذا معنى النسبة الخارجية اى كون الخارج بمعنى نفس الامر ظرفا لنفسها ولم يتعرض لبيان فساد الثانى اعنى حصول القيام له امر متحقق فى الاعيان لظهوره وكونه مقررا حيث يقولون ان النسبة من الامور الاعتبارية دون الخارجية ولعدم تعلق الغرض به اذا المقصود ان كون النسبة فى الخارج بالمعنى الذى ذكرناه لا يقدح فيه ما هو المقرر عندهم من ان النسبة من الامور الذهنية دون الخارجية اى الاعيان (قوله ولو خطأ) واذا كان الاعتقاد صوابا فبالطريق الاولى لتحقق المطابقتين (قوله ولو كان خطأ) فكيف اذا كان صوابا فانه ينتفى المطابقتان وهذا القيد اما مأخوذ بقرينة ذكره فى الصدق او من ارجاع الضمير الى المطابقة المقيدة (قوله غير معتقد) اى للفوقية سواء كان له اعتقاد بخلافه اولا وهذا هو المطابق للتعريف بعدم مطابقة الاعتقاد فمن قال الظاهر ان يقال معتقدا بخلافه فقد خالف (قوله للحال) اى مفروضا خطائيته اليه ذهب الزمخشرى قال فى تفسير قوله تعالى (وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَ) الواو للحال والمعنى مفروضا اعجابك حسنهن يريد ان كلمة لو فى امثال هذا المقام ليس للتعليق ولمعنى الاستقبال بل لمجرد الفرض فلا يحتاج الى الجزاء وبهذا سقط ما ذكره الشارح رحمه الله فى شرح الكشاف فى قوله تعالى (وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ) ان الواو لو كان للحال لكان التقدير والحال لو كان كذا بتقديم الواو على كلمة لو لكن التقدير ولو كان الحال كذا (قوله للعطف) والجزاء محذوف تدل عليه الجملة السابقة والشرطية مؤكدة لها اليه ذهب الجزولى قال الرضى لو كان كذلك لوقع التصريح بالمعطوف عليه فى الاستعمال وليس كذلك وفيه ان ظهور ترتب الجزاء عليه اغنى عن ذكره حتى كان ذكره تكرارا وذهب الرضى الى انها اعتراضية ويجوز الاعتراض فى آخر الكلام والمقصود منه التأكيد (قوله لانه الحكم) اى (٧) الحكم المفهوم منه فلا يرد انه لا حكم فى الطرف المرجوح (قوله وتثبت الواسطة) والنظام لا يقول بها (قوله اللهم الخ) وجه الضعف ان المتبادر من تعميم الاعتقاد بقوله ولو خطأ وجود الاعتقاد (٦) (قوله لا حكم معه ولا تصديق) فيه اشارة الى ان الحكم الذى هو مدلول الخبر بمعنى الايقاع والانتزاع (قوله خبر لا محالة) لانه كلام لاشتماله

__________________

(٧) اراد الحكم الظاهرى اى الاتيان بما يدل على الحكم لا الحكم الذهنى لانتفاء الحكم بالموهوم قطعا م

(٦) وانه موهم لجريان الكذب فى الانشاءات وهو مخالف للاجماع (حسن چلبى)

٨٣

على الاسناد وليس بانشاء فيكون خبرا والا لبطل انحصار الكلام فيهما (قوله وتمسك النظام) اى على حكم يتضمنه التعريف وهو انه صحيح وما قيل انه تعريف لفظى مأله التصديق فلذلك استدل عليه فليس بشئ لان المعرفين للصدق والكذب والخبر فرقه قالوا بنظريتها على ما صرح به فى المفتاح (قوله لما صح هذا) اى اطلاق الكذب على الخبر المطابق للواقع ولا يجوز ان يكون عبارة عن المطابقتين لان الكذب حينئذ اما ان يكون عبارة عن عدم المطابقتين فلا يصح اطلاقه ههنا على المطابق للواقع او عن عدم احدى المطابقتين فلا يكون مفهوم الكذب سلب الصدق فتعين ان يكونا عبارتين عن مطابقة الاعتقاد وسلبها وهو المطلوب قسم الاستدلال من غير حاجة الى ما تكلف به الناظرون واشبعوا الكلام فيه (قوله بان المعنى لكاذبون الخ) بدليل قوله تعالى (وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ) فى الكشاف فان قلت اى فائدة فى قوله تعالى (وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ) قلت لو قال (قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) لتوهم ان قولهم هذا كذب فوسط بينهما قوله (وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ) ليميط هذا الايهام (قوله بشهادة الخ) فان هذه التأكيدات تأكيدات للازم فائدة الخبر وهو علمهم بهذا الخبر فيكون تأكيد اللخبر الضمنى فى نشهد ومن هذا يعلم وجه اخر للرد وهو ان التكذيب راجع الى قولهم انك لرسول الله باعتبار لازم فائدة الخبر ولم يتعرض له لان مأله الى رجوع التكذيب الى الخبر الضمنى (قوله بل انشاء) اضرب (٢) عن منع كونه خبر الانه منع للسند وادعى انه انشاء ليكون اثباتا للمقدمة الممنوعة وهو رجوع التكذيب الى المشهود به ولم يذكر الدليل على ذلك لظهوره اذ لو كان اخبارا عن الشهادة فى الحال او على الاستمرار لاقتضى وجود شهادة اخرى منهم كما قرره الشارح (٧) رحمه الله فى ابيع (قوله لان مثل هذا يكون الخ) هذا ايضا اثبات للمقدمة الممنوعة (قوله لا كذبا) فى الطيبى شرح الكشاف قال الراغب الشهادة المتعارفة اصلها الحضور بالقلب والتبيين ثم يقال ذلك اذا عبر عنه باللسان ولذلك متى اطلق لفظ الشهادة على ما يظهر من اللسان دون حصوله فى القلب عد كذبا (قوله فاشتراط المواطأة الخ) لانه يقال شهادة الزور لكن قال القاضى فى تفسيره الشهادة اخبار عن علم من الشهود وهو الحضور والاطلاع (قوله فبين المعنيين الخ) اى بين عدم المطابقة للاعتقاد وعدم المطابقة للواقع فى الاعتقاد فى القاموس البون بالضم مسافة ما بين الشيئين وتفتح (قوله فظهر الخ) اى بما ذكرنا من انه جواب على تقدير تسليم رجوعه الى المشهود به ظهر فساد ما قيل لانه ظهر انه منع برأسه وليس راجعا الى المنع الاول وما قيل

__________________

(٢) الاضراب ابطال الحكم الاول والرجوع عنه اما لغلط او نسيان او ابطال الحكم لانتهاء مدته كالرجوع من قصة الى قصة م

(٧) حيث قال لكن يرد عليه ان يقال يجوز ان يكون نشهد اخبارا بالشهادة فى الحال او على الاستمرار كما ذكره فى شرح المفتاح م قوله فلا تخالف فلا يكون تعريف الصدق مخالفا لما عند الجاحظ من ان الصدق مطابقته للواقع والاعتقاد جميعا الا ان مطابقته للاعتقاد مذكورة بطريق الالتزام ههنا وكذا الكلام فى تعريف الكذب فتأمل م

٨٤

لا فساد فيه فان كلام النظام مبنى على ان يكون التكذيب راجعا الى المشهود به باعتبار الواقع كما هو الظاهر فحاصل الجواب انا لا نسلم ذلك لجواز ان يرجع الى الشهادة او التسمية او الى المشهود به بحسب اعتقادهم فلا يدفع الفساد لان فيه اعترافا بانهما منعان احدهما راجع الى المقيد باعتبار ذاته والثانى اليه باعتبار قيده وليست الثلاثة اسانيد لمنع واحد (قوله ان الجواب الحقيقى) وان كان فى الظاهر ثلاثة اجوبة (قوله فى غزاة) اى غزوة تبوك او غزوة بنى المصطلق (قوله ابى بن سلول) سلول اسم امه غير منصرف للتأنيث والعلمية فابن منصوب صفة عبد الله وابى بالتنوين (قوله لعمى) هو سعد بن عبادة وليس عمه حقيقة وانما هو سيد قوم الخزرج وعم زيد بن ارقم الحقيقى ثابت بن قيس له صحبة فيكون المراد العم الحقيقى او عمه زوج امه عبد الله بن رواحة وكان زيد فى حجره وهو خزرجى ايضا (قوله فجفوا) اى بالله وما قالوا جواب القسم والمراد عبد الله بن ابى وجمع باعتبار من معه لانه وقع فى رواية ابى لاسود فبعث رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم الى عبد الله بن ابى فسأله فخلف بالله ما قال من ذلك شيئا (قوله ما اردت الخ) اى ما اردت بهذا منتهيا الى ان كذبك (قوله انكر الخ) ابتداء كلام ولذا ذكر مؤخرا والتقدير قال الجاحظ (قوله اما مع اعتقاد انه مطابق الخ) هكذا وقع فى شرح العلامة وفى الطيبى شرح الكشاف فى تفسير سورة المنافقين وفى البيضاوى فى تفسير قوله تعالى (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (قوله للواقع) اشارة الى ان ضمير مطابقة للخبر لا للواقع ليصح حمله على صدق الخبر (قوله مع الاعتقاد بانه مطابق) يعنى ان الظرف مستقر وقع حالا من ضمير مطابقته لا من مطابقته لئلا يلزم وقوع الحال عن خبر المبتدأ وان متعلق الاعتقاد محذوف بقرينة المقام لا ان اللام فيه للعهد والمراد منه اعتقاد انه مطابق فيرد ان الضمير فى معه راجع الى الاعتقاد وقد فسره باعتقاد انه غير مطابق فيلزم اختلاف الراجع والمرجع وانما لم يقدر المتعلق كلمة له مع موافقته لعبارة الايضاح حيث قال الحكم اما مطابق للواقع مع اعتقاد المخبر له رعاية لما وقع فى عبارة القوم كما مر فى التحقيق ولا يجوز ان يكون الظرف لغوا متعلقا بالمطابقة اذا المطابقة متعدية بنفسه الى المفعول وقد يزاد اللام لتقوية العمل ولا يقال طابق معه فالواجب حينئذ والاعتقاد (قوله ويلزم الخ) اشارة الى ان ما وقع فى بعض العبارات من ان الصدق عند الجاحظ مطابقته للواقع والاعتقاد والكذب عدم المطابقتين راجع الى ما قلنا فلا تخالف وتوطئة للنسبة الآتية (قوله توافق الواقع والاعتقاد) اى الاعتقاد بانه مطابق حينئذ (٨) يعنى اذا كان الخبر مطابقا للواقع واعتقد

__________________

(٨) حين اذا كانا معتبرين فى كل من الصدق والكذب معا م

٨٥

مطابقته او كان غير مطابق واعتقد عدم مطابقته يتحقق التوافق بين الواقع واعتقاد المطابقة فى نفس الامر وجودا وعدما ومعلوم ان اعتقاد المطابقة يستلزم الاعتقاد بالحكم وجودا وعدما لان العاقل انما يعتقد الحكم الذى يعتقد انه مطابق للواقع فيتحقق مطابقة الخبر بالاعتقاد بحكم الخبر ايضا قيل ان اعتقاد المطابقة يستلزم مطابقة الاعتقاد وكذا اعتقاد عدم المطابقة يستلزم عدم مطابقة الاعتقاد لما مر سواء كان بين الواقع والاعتقاد موافقة او مخالفة فلا حاجة الى اعتبار توافق الواقع والاعتقاد والجواب ان اعتقاد المطابقة انما يستلزم الاعتقاد بالحكم المترتب على ذلك الاعتقاد فيتحقق مطابقة حكم الخبر لاعتقاده فى زعم المخبر والصدق عنده عبارة عن مطابقة حكم الخبر للواقع والاعتقاد فى نفس الامر فلابد من اعتبار توافق الواقع والاعتقاد بالمطابقة فى نفس الامر ليكون اعتقاده بحكم الخبر فى نفس الامر فيتحقق مطابقة الخبر للاعتقاد فى نفس الامر (قوله يقع الخبط فى هذا المقام) حيث فسر بعض الشراح قوله وغيرهما بالقسمين مطابقة الواقع مع اعتقاد اللامطابقة وعدم المطابقة مع اعتقاد المطابقة وترك القسمين الاخيرين اعنى مطابقة الواقع بدون الاعتقاد وعدم المطابقة بدون الاعتقاد (قوله وفى تقرير مذهب النظام) حيث نفى بعضهم كون المشكوك واسطة عنده بواسطة انه ليس بكلام تام واما لزوم كونه واسطة على تقدير اعتبار الاعتقاد فى الكذب وعدم لزومه على تقدير عدم اعتباره فمختار الشارح رحمه الله كما مر (قوله وقد وقع ههنا فى شرح المفتاح الخ) عبارة الشرح مع المتن هكذا وعند بعض وهو الجاحظ لا النظام على ما ظن الى طباق الحكم اى الحكم المطابق للواقع لاعتقاد المخبر او ظنه والى لاطباقه اى لاطباق الحكم الغير المطابق للواقع لذلك اى لاعتقاد المخبر او ظنه وعلى هذا يكون بين الصدق والكذب واسطة هى كون بعض الاخبار لا صدقا ولا كذبا وانما قيدت الحكم بما ذكرت لما سنشير اليه فى اخر هذا البحث سواء كان ذلك الاعتقاد او الظن خطأ او صوابا قال الشارح رحمه الله فى شرحه وللشارح العلامة رحمه الله تعالى فى هذا المقام خبط عظيم وهو انه توهم ان قوله الى طباق الحكم اشارة الى الحكم المعهود الذى هو المطابق للواقع وجعل ضمير لاطباقه للحكم الغير المطابق للواقع مع انه عائد الى الحكم المذكور الذى فسره بالمطابق ولم ينظر الى قوله سواء كان ذلك الاعتقاد او الظن خطأ او صوابا ولا الى ان قوله تعالى (وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) ليس بظاهره ملايما لهذا المذهب حتى يحتاج الى التأويل بل هو مخالف له حيث سمى

٨٦

ما هو مطابق للواقع دون الاعتقاد كذبا وانما الكذب هو ما لا يطابق الواقع ولا الاعتقاد فخبر المنافقين بهذا التفسير واسطة لا صدق ولا كذب ثم اخترع مذهبا آخر ونفى الواسطة فزعم انه المشهور مع انه لا ذكر له فى كلام القوم وهو ان الخبر ان طابق الواقع والاعتقاد فصدق والا فكذب ثم قال وههنا مذهب آخر فى غاية السخافة وهو ان الخبر ان طابق الاعتقاد فصدق والا فكذب واطلاق المصنف رحمه الله الحكم وسياق كلامه يدلان على انه يريد هذا المذهب انتهى اقول وبالله التوفيق فى الجواب عن الاول ان العلامة رحمه الله لم يجعل الحكم اشارة الى الحكم المعهود حتى يلزم تخالف المرجع والراجع بل قيد الحكم فى المرجع بالمطابق وفى الراجع بغير المطابق كيف وقد وقع مثل ذلك من الشارح رحمه الله ايضا فى بيان قوله مطابقته للواقع مع الاعتقاد الخ كما مر وعن الثانى ان معنى قوله سواء كان الاعتقاد خطأ او صوابا انه لا يعتبر فى الصدق والكذب كون الاعتقاد خطأ او صوابا وان كان يتحقق كونه صوابا فيهما وفائدة التعميم تظهر فى الاقسام الاربعة التى هى واسطة بينهما وعن الثالث انه لم يجعل الآية دليلا على هذا المذهب حتى يقال انه لا يلايمه بل فرع احتياجه الى التأويل على مذهب الجمهور حيث قال لكن تكذيبنا لليهودى مثلا اذا قال الاسلام باطل وتصديقنا له اذا قال الاسلام حق ينحيان بالقلع على هذا البناء ويستوجبان اى تصديقنا وتكذيبنا طلب تأويل لقوله تعالى (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ) الخ وذلك لان الله تعالى سماهم كاذبين فى قولهم انك لرسول الله مع كونه مطابقا للواقع لعدم اعتقادهم ذلك ولو كانت المطابقة للواقع كافية فى الحكم بالصدق لكان تسميتهم كاذبين لا على ما ينبغى واما قوله ثم اخترع مذهبا آخر فمن عدم التتبع فان هذا المذهب مختار الراغب كما حققه فى تفسيره ونقله الطيبى فى شرح الكشاف رحمه الله فى تفسير سورة المنافقين والقاضى رحمه الله فى تفسير قوله تعالى (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) واما قوله وزعم انه المشهور ففرية بلامرية فانه قال هكذا نقل هذا الحصر فى جميع الكتب المشهورة ولم يقل انه المشهور فان قلت لم حمل عبارة المفتاح اولا على مذهب الجاحظ مع احتياجه الى تقييد الحكم ومخالفته لظاهر التعميم وحمله على مذهب النظام ثانيا مع ظهوره قلت لكونه فى غاية السخافة كما اشار اليه ولمناسبته الدليل الذى ذكره السكاكى رحمه الله بعده حيث (قال بناء على دعوى تبرء المخبر عن الكذب متى ظهر خبره بخلاف الواقع واحتجاجه لها بان لم يتكلم بخلاف الاعتقاد او الظن) اى احتجاجه لدعوى التبرء بانه لم يتكلم على خلاف الواقع

٨٧

فى اعتقاده فيعذره الناس وليس المراد انه لم يتكلم على خلاف اعتقاده فانه لا يكون حينئذ دليلا على تبرئه عن التكلم بخلاف الواقع فظهر بما ذكرنا ان كلام العلامة رحمه الله ليس ما يقضى منه العجب فانه ذكر التوجيهين وقدم احدهما لرجحانه عنده فى الواقع وبالنظر الى الدليل فتشنيع الشارح رحمه الله على هذا الوجه ما يقضى منه العجب وقضاء العجب اتمامه اى يتعجب منه كل التعجب حتى لا يبقى بل يفنى الكل هذا اذا كان بمعنى الافتاء من قضى نحبه مات وضربه فقضى عليه اى قتله او من قضى حاجته ويجوز ان يكون من قضاء حكمه ويحتمل ان يكون بمعنى يفعل العجب من قضيت كذا فعلته او يحكم بالعجب من قضيت كذا حكمت به كذا فى الاقليد (قوله لان الكفار حصروا الخ) ظاهر الاية يدل على طلب تعيين احد حال النبى صلّى الله تعالى عليه وسلم المستويين فى اعتقاد المتكلم حين الاخبار بالحشر وهو يستلزم طلب تعيين احد حالى الخبر والاستفهام ههنا للتقرير فيفيد ثبوت احد الحالين للخبر ولا شك ان ثبوت احد الحالين لا يثبت الواسطة ما لم يعتبر تنافيهما فى الجمع وكذا تنافيهما فى الجمع لا يثبتها بل لا بد من تنافيهما فى الارتفاع يعنى ان خبره بالحشر لا يخلو عن احد الامرين المتنافين فيكون المراد بالثانى ما هو مناف وقسيم للاول ومعلوم انه غير الصدق فليس الصدق عبارة عن مطابقة الواقع والكذب عن عدم المطابقة له او مطابقة الاعتقاد وعدم مطابقته له فيكونان عبارتين عن مطابقتهما وعدم مطابقتهما وهو المطلوب وبما ذكرنا ظهر لك ان لاعتبار الحصر على سبيل منع الخلو مدخلا فى الاستدلال وان المراد بمنع الخو المعنى الاعم الذى هو معنى كلمة ام (قوله يجب ان يكون غيره) فى التحقق فيجب ان يكون حال الجنون غير حال الكذب ولو فى بعض الصور لتصح المقابلة على سبيل منع الخلو (قوله لانهم لم يعتقدوه اى الصدق) ولا بد فى السؤال بكلمة ام من اعتقاد احدهما لا على التعيين ولذا لا يصح الجواب بنعم ولا وحينئذ لاغبار فى عبارة المصنف رحمه الله (قوله فعند اظهار الخ) دفع لما يرد على المتن من ان عدم الاعتقاد بالصدق لا ينافى التردد بينه وبين غيره يعنى ان معنى قوله لم يعتقدوه انهم يبعدونه عن الصدق غاية البعد بحيث لا يجوزونه فكيف يريدون ذلك عند اظهار تكذيبه (قوله لكان اظهر) (٢) ولك ان تقول لانهم لم يعتقدوه قضية معدولة اى موصوفون بعدم الاعتقاد وان كان الظاهر المتبادر منه السالبة فيؤل الى الاظهر (قوله بل على عدم ارادتهم الخ) لان قوله وغير الصدق معطوف على قوله غير الكذب فقوله لانهم لم يعتقدوه دليل على عدم الارادة

__________________

(٢) لان عدم اعتقادهم صدقه عليه السّلام لا ينافى تجويز هم اياه حتى ينافى الترديد بخلاف اعتقادهم عدمه واما وجه ظهور ما ذكره المصنف فلما ذكره المحشى السيلكوتى سابقا بقوله يعنى ان معنى قوله لم يعتقدوه انهم يبعدونه عن الصدق الخ م

٨٨

وليس خبر المبتدأ محذوف اعنى هو الراجع الى الثانى حتى يكون قوله لانهم لم يعتقدوه دليلا على عدم الصدق (قوله فان قلت الخ) ان جعل الرد معارضة فى المقدمة كما يشعر به الجزم بقوله فالثانى ليس قسيما للكذب بان اعتبر قوله لانه قسميه مقدمة مدللة بانه قسيم الافتراء والافتراء هو الكذب فقسيمه قسيمه وكان هذا السؤال منعا اى لا نسلم ان القصد معتبر فى مفهوم الافتراء ولا نسلم ان المعنى اقصد الافتراء يلزم ان يكون قوله فالاولى غصبا للاستدلال الذى هو منصب المعارض بعد المنع وان جعل الرد منعا لقوله لانه قسيمه كما ينبئ عنه قوله ولو سلم بناء على جواز كون القصد معتبرا فى مفهوم الافتراء او جواز اعتباره من خارج وكان السؤال المذكور اثباتا للمقدمة الممنوعة بابطال السندين وظهور انتفاء سند آخر يلزم ان يكون قوله فالاولى غصبا للمنع بعد اتمام الاستدلال باثبات المقدمة الممنوعة فالوجه ان يقال مقصود السائل مجرد الاستفسار وبيان ان توجيه الرد بما ذكرته غير مرضى لكونه خلاف اللغة والاصل فالاولى ان يقال فى توجيهه هكذا وحينئذ يكون الجواب اتماما للتوجيه السابق وبيانا لعدم تمامية التوجيه الثانى الذى اختاره بعض الشراح (قوله فى التقييد) اى تقييد الكذب بالعمد سواء كان داخلا فى مفهوم الافتراء او خارجا عنه مستفادا بمعونة القرائن فهو جواب عن كلا الايرادين اللذين اوردهما على التوجيه الاول (قوله ولا نسلم الخ) ايراد على التوجيه الثانى المذكور بقوله فالاولى* قال قدس سره ان اورد السؤال الخ* لا يخفى ان قوله الافتراء هو الكذب مطلقا ايراد على اعتبار القصد فى مفهوم الافتراء وقوله والتقييد الخ ايراد على قوله فالمعنى اقصد الافتراء فالسؤال مشتمل على الايرادين والجواب المذكور جواب عنهما فلا معنى لترديد السؤال بين الايرادين والجواب بين التقريرين* قال قدس سره حقيقة* وان كان كلاما صورة لاشتماله على المسند اليه والمسند والاسناد* قال قدس سره او ان الانحصار* اى نقول ان كلام المجنون كلام حقيقة لكن انحصار الكلام فى الخبر والانشاء باطل عنده بل المنحصر الكلام الصادر عن قصد وشعور فتدبر فانه قد غلط فيه* قال قدس سره انه لا فرق بينهما اصلا* كما هو الظاهر من لا التبرئة والاستثناء المتصل* قال قدس سره لا فرق بينهما الخ* وحينئذ يكون الاستثناء منقطعا او من قبيل تأكيد المدح بما يشبه الذم* قال قدس سره لان الاحكام الخ* يعنى ان احتمال الصدق والكذب من الاحكام الثابتة لماهية النسبة من حيث هى والمعلومية وعدمها وكذا استفادتها

٨٩

من نفس اللفظ وعدمها عارضتان لها وما بالذات لا يزول يتبدل العوارض وبهذا اندفع ما قيل انه يمكن الفرق بان المعلومية داخلة فى ماهية النسبة التقييدية فلا يجوز قطع النظر عنها فيها بخلاف النسبة الخبرية وكيف يقال ان المعلومية العارضة بالقياس الى المخاطب مقومة للنسبة التقييدية التى لا اعتبار لوجود المخاطب فيها فضلا عن معلوميتها له* قال قدس سره فظهر بما ذكرنا الخ* قيل ان الشارح رحمه الله تعالى ضرب الخط على قوله فظاهر ان النسبة الى قوله ثم الصدق فالنظر المذكور ابداء للفرق المطلق الى قوله ثم الصدق وهو ابداء للفرق المؤثر* قال قدس سره فلا اشعار الخ* لا يخفى ان هذه المقدمة نظرية والقائل بعدم الفرق لا يسلمها والرجوع الى الوجدان لا ينفع فى مقام البرهان (قوله الى ما قصد المتكلم اثباته او نفيه) اى اظهار ثبوته او انتفائه فى الواقع فان النسب حينئذ تشعر من حيث هى بوقوع نسب اخرى خارجية فلذلك احتملت الصدق والكذب بخلاف النسب التقييدية فانك لا تقصد بقولك زيد الفاضل اعلام ان الفضل ثابت لزيد بل اعلام ان زيدا الفاضل ثبت له كذا فالنسب فى المركبات التقييدية لا اشعار لها من حيث هى بوقوع نسب اخرى تطابقها اولا تطابقها بل ربما اشعرت بذلك من حيث ان فيها اشارة الى نسب خبرية مشعرة بالنسب الخارجية وهذا هو الوجه الذى افاده السيد قدس سره (قوله او ما يجرى مجراها) وهو الجملة الواقعة فى موقع المبتدأ والخبر (قوله بان مفهوم الخ) بيان للحكم واشارة الى ان المراد بالحكم الوقوع واللاوقوع (قوله لمفهوم الاخرى) اما باعتباره فى نفسه كما فى الطبيعية او باعتبار اتحاده وصدقه على شئ كما فى المتعارفة وفيه اشارة الى ان الحكم منحصر فى الحملية والشرطية المتصلة حملية والشرط قيد له بمنزلة الظرف والمنفصلة قضيتان (قوله من اوصاف اللفظ الخ) لان احوالهما المبحوث عنها من حيث انهما كذلك انما تعرض للالفاظ كالذكر والحذف وكونه معرفة ضمير او اسم اشارة وعلما ونكرة وكذلك كون المسند اسما او فعلا او جملة اسمية او فعلية او ظرفية وقولهم الفصل لتخصيص المسند اليه بالمسند من باب اجراء حكم المدلول على الدال فالمراد بالمسند اليه والمسند هو اللفظ لان الفصل انما يقع بين اللفظين وما قيل ان الخواص والمزايا انما تعتبر اولا فى المعانى فاللائق باصطلاح اهل المعانى ان يعتبر المسند اليه والمسند من اوصاف المعانى فليس بشئ لاستلزامه ان لا يكون علم المعانى باحثا عن احوال اللفظ (قوله

٩٠

وانما ابتدأ بابحاث الخبر) مع ان تلك الابحاث لا تختص بالخبر (قوله اعظم شانا) شرعا لان الاعتقاديات كلها اخبار ولغة فان اكثر المحاورات اخبار (قوله يتصور بالصور الكثيرة) من كونه جملة اسمية او فعلية وظرفية وشرطية (قوله وفيه تقع الخ) من كونه ابتدائيا او طلبيا او انكاريا مخرجا على مقتضى الظاهر وعلى خلافه (قوله وبه تقع) اى تحصل المزايا التى بها التفاضل بين الكلامين (قوله ولكونه الخ) عطف على قوله لكونه اعظم شانا وهو بالنظر الى معنى الخبر وهذا بالنظر الى لفظه (قوله كالامر والنهى) لم يجعلهما حاصلين بزيادة اللام ولا لان هذين الحرفين لا يختصان بجعل الاخبار انشاء كلام التعليل ولا لنافية فكان صيغة الامر مجموع اللام والمضارع وصيغة النهى مجموع لا والمضارع (قوله انما يبحث) كلمة انما اما للتأكيد واما للحصر بالنسبة الى اللفظ الغير الموصوف بهما والمراد انما يبحث فى بابيهما وعلى اى تقدير لا يرد ان علم المعانى يبحث عن غير احوال المسند اليه والمسند ايضا فلا يصح الحصر (قوله اى من يكون بصدد آه) الاخبار فى اللغة الاعلام وفى العرف التلفظ بالجملة الخبرية مرادا بها معناها وان لم يحصل بها العلم ولذا يعتق الكل فيما اذا قال من اخبرنى بقدوم زيد فهو حر واخبروه على التعاقب صرح به الشارح رحمه الله فى شرح الكشاف فى تفسير قوله تعالى (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا) فالمخبر ههنا بالمعنى اللغوى لا بالمعنى العرفى الا انه ليس المراد المعلم بالفعل والا لما صح الترديد الآتى بقوله فان كان المخاطب خالى الذهن استغنى عن المؤكدات الخ بل من هو بصدد الاعلام (قوله كثيرا ما تورد الجملة الخبرية) اى مرادا بها معناها فان المتلفظ بها مطلقا لا يقال له المخبر (قوله كقوله تعالى حكاية عن امرأة عمران رب الخ) فان اللفظ مستعمل فى معناه لكن لا للاعلام بل للتحسر فان اظهار خلاف ما يرجوه يلزمه التحسر وكذا فى الامثلة الباقية (قوله وليس باخبار) اى ليس باعلام لكون الحكم ولازمه معلوما لا انه انشاء حتى لا يصح شاهدا للشارح رحمه الله (قوله اما الحكم) سواء كان مدلوله الحقيقى او المجازى او الكنائى (قوله والمراد الخ) فان المقصود الاصلى من الخبر افادة المخاطب وقوع النسبة اولا وقوعها والايقاع والانتزاع وسيلة اليه فان المخاطب يستفيده من الخبر لينتقل عنه الى متعلقه الذى هو المقصود بالاعلام (قوله لا الايقاع) اى ليس المقصود افادة الايقاع اى ادراك الوقوع وان كان مدلولا له لما عرفت سابقا من ان دلالة الالفاظ على الصور الذهنية وبتوسطها على ما فى الخارج (قوله لما كان لانكار الحكم معنى الخ) يعنى ما سيجئ من قوله وان كان منكرا وجب توكيده بيان

٩١

لاحوال هذا الحكم واذا كان المراد به الايقاع لا يكون لانكاره معنى لامتناع الجزم بعدم ايقاع الغير غاية الامر فى ذلك التردد وعدم الجزم بنفيه واثباته فاندفع الاشكال الذى تحير فيه الناظرون وتمحلوا لدفعه (قوله فان قلت الخ) معارضة يعنى ان دليلكم وان دل على ان المراد بالحكم الوقوع لا الايقاع لكن عندنا ما ينفيه وهو انهم اتفقوا على حصر مدلول الخبر فى الحكم وعلى نفى كون مدلوله الثبوت ومعلوم انه لا يكون المقصود من الخبر الا مدلوله حقيقيا او مجازيا او كنائيا فحصل مقدمتان المقصود من الخبر مدلوله ومدلوله الايقاع دون الوقوع فمقصود المخبر هو الايقاع دون الوقوع فاندفع ما قيل ان ما ذكره السائل على تقدير تمامه انما يثبت ان الايقاع مدلول الخبر لا انه مقصود المخبر لجواز ان يكون مدلولا ولا يكون مقصودا كما فى المجاز والكناية (قوله حكم المخبر بوجود المعنى) اى الادراك بوقوع النسبة (قوله على ثبوت المعنى) اى وقوع النسبة بين الشيئين فى نفس الامر (قوله لما وقع شك الخ) بخلاف ما اذا كان مدلوله الايقاع فان الشك فى تحقق مدلوله فى الواقع (قوله ولما صح ضرب زيد) اى عند قصد معناه الحقيقى (قوله عن معناه الذى وضع له) اى عند استعماله فيه كما فيما نحن فيه فلا يردان اخلاء اللفظ عن معناه الحقيقى واقع كما فى المجاز انما المحال اخلاؤه عن المدلول فالصواب عن مدلوله والصواب ليس بصواب لان عدم وجود الضرب لا يستلزم الاخلاء عن المدلول مطلقا بل عن مدلوله الحقيقى (قوله وحينئذ لا يتحقق الكذب الخ) بخلاف ما ذا كان مدلوله الايقاع فان الكذب باعتبار عدم مطابقة مدلوله للواقع (قوله وللزوم التناقض الخ) عطف على قوله لما صح اى لتحقق التناقض فى الواقع بتحقق المتناقضين فيه عند الاخبار بالمتناقضين لدلالة الاخبار بهما على ثبوتهما فى الواقع بخلاف ما اذا كان مدلوله الايقاع فانه لا يلزم من الايقاع الوقوع فلا يلزم تحقق المتناقضين (قوله قلت ظاهر الخ) منع للملازمات الثلاث المذكورة كما صرح به فى شرح المفتاح بسند ان العلم بثبوت الشئ لا يستلزم ثبوته فى الواقع فدلالة الخبر على الثبوت وانفهامه منه لا يستلزم الثبوت فى نفس الامر حتى يلزم المحالات الثلاثة (قوله فكانهم ارادوا الخ) جملة مستأنفة كانه قيل فما معنى كلام القوم انه لا يدل على الثبوت والانتفاء (قوله وعدم الخروج احتمال عقلى) نشأ من كون دلالة الخبر وضعية يجوز فيها تخلف المدلول عن الدال (قوله سمعته من فلان) فان تعلق السماع به يقتضى وجوده قبل علم السامع به فيكون مدلول خرج زيد نفس الخروج لا العلم به ولو قال

٩٢

ولهذا يصح ان يقال من اين تعلم هذا فتقول سمعته من فلان كان استعلالا على المطلوب بوجهين نسبة العلم اليه ونسبه السماع (قوله ولو كان الخ) عطف على قوله ظاهر الخ وابطال للحصر الذى ادعاه السائل بقوله ان مدلول الخبر انما هو حكم المخبر بوجود المعنى ولذا اورد ضمير الفصل واذا بطل الحصر كان ما ادعاه حقا لما مر ان الخبر يدل على الحكم لينتقل منه الى الثبوت والانتفاء فما قيل ان الشارح رحمه الله اول قولهم الخبر لا يدل على الثبوت والانتفاء ولم يأول قولهم انه يدل على الحكم اشارة الى انه باطل لا يقبل التأويل منشأه قلة التدبر (قوله لكان مفهوم الخ) وذلك لانه لما كان مدلول الخبر هو الحكم فقط من غير دلالة على الثبوت والانتفاء فى الواقع كان الخبر كالانشاء فى الدلالة على النسبة الذهنية فقط من غير اشعار بالنسبة الخارجية فيكون مدلوله الايقاع بمعنى تصور الوقوع لا التصديق بان النسبة واقعة اذ لا دلالة على الوقوع ولا شك ان من يتلفظ بالقضية يتصور وقوع النسبة فيكون مفهومات جميع القضايا ثابتة فى جميع الاوقات ولا يكون ثبوت مفهوم قضية متناقضا لثبوت مفهوم قضية اخرى فتدبر فانه قد اشكل على الناظرين فهم هذه الملازمة (قوله ثم الحق الخ) اى بعد ما ثبت ان المدلولول القصدى فى الخبر هو الثبوت والانتفاء فالحق ان مدلول الخبر هو الصدق والكذب نشأ من جواز تخلف المدلول عن الدال وليس للخبر دلالة عليه بخلاف ما اذا كان مدلول الخبر هو الحكم فقط فان الصدق والكذب كليهما احتمال عقلى ولا دلالة للخبر على شئ منهما فتدبر فانه قد زل فيه اقدام الناظرين (قوله اى الحكم الذى الخ) اشارة الى ان تسميته بالفائدة انما هو بهذا الاعتبار فان الفائدة فى اللغة چيزى كه داده وكرفته شود (قوله لما ذكر فى المفتاح الخ) بيان لوجه تسمية الثانى باللازم يعنى ان الاولى لا تنفك عن الثانية والثانية تنفك عنها فتكون الثانية لازمة للاولى دون العكس فليس ذكر المقدمة الثانية استطراديا كما وهم (قوله اى اللازم الاعم الخ) لا شك ان ما نحن فيه لازم اعم بحسب الواقع معلوم عمومه فالظاهر ان يقال كما هو حكم اللازم اللاعم بحسب الواقع فما معنى قوله كما هو حكم اللازم المجهول المساواة فقال الشارح رحمه الله انه كناية عن اللازم الاعم بحسب الواقع او الاعتقاد فان مجهولية المساواة لازمة لهما اما للاعم بحسب الاعتقاد فقط فظاهر واما للاعم بحسب الواقع فلانه لا مساواة فيه فلا علم فعبر عن الملزوم باللازم وفائدة الكناية تعميم الحكم للاعم بحسب الواقع وبحسب الاعتقاد وان كان فيما نحن فيه اعم بحسب الواقع ويرد عليه ان ادخال اللازم الاعم بحسب الواقع فى مجهول المساواة مع كونه

٩٣

معلوم اللامساواة خلاف المتبادر من لفظ مجهول المساواة اذ المتبادر منه ان لا يتعلق العلم بمساواته لا اثباتا ولا نفيا وانه لا فائدة للتعميم المذكور فيما نحن فيه وقال السيد قدس سره فى شرحه انه كناية عن اللازم الاعم بحسب الواقع فانه اولى بمجهولية المساواة لعدمها جزما فكأنه قال كما هو حكم اللازم الاعم وفيه ما مر وانه لا فائدة فى سلوك طريق الكناية مع ايهامه خلاف المقصود والقول بان الكناية ابلغ من الصريح انما ينفع فى المقامات الخطابية وقيل انه كناية عن اللازم الاعم بحسب الاعتقاد فان مجهولية المساواة يتبادر منه ان لا يكون مساواته معلومة والمقصود منه التشبيه يعنى ان حكم اللازم الاعم الواقعى كحكم اللازم الاعم الاعتقادى فى ان اللازم يتحقق عند تحقق الملزوم دون العكس وان كانا فى احدهما بحسب الواقع وفى الآخر بحسب الاعتقاد وفيه انه لا فائدة فى هذا التشبيه فان الثانى ليس اظهر من الاول وقيل انه حقيقة فقيل المراد بقوله يمتنع ولا يمتنع الحكم بالامتناع والحكم (٢) بعدم الامتناع وفيه انه خلاف الظاهر مع ان الامتناع واللاامتناع فيما نحن فيه بحسب الواقع وقيل ان قوله يمتنع ولا يمتنع على ظاهره والمقصود التشبيه يعنى ان حكم ما نحن فيه كحكم اللازم المجهول المساواة فى الامتناع واللاامتناع وان كان فى احدهما فى الواقع وفى الاخر فى الاعتقاد وفيه انه لا فائدة فى هذا التشبيه وعندى ان المراد باللازم المجهول المساواة معناه الحقيقى وانما اختاره على اللازم الاعم للاشارة الى ان المقصود وهو كون الثانى لازما للاول لا يحتاج الى اثبات عموم الثانى بل يكفيه عدم العلم بمساواته للاول وجواز وجود الثانى بدون الاول ثم المراد باللازم الاعم بحسب الاعتقاد ما يجوز العقل وجوده بدون الملزوم فيتناول ما يعتقد عمومه وما يكون خاليا عن اعتقاد عمومه ومساواته وبالجملة ما لا يكون معتقدا مساواته يجوز عند العقل وجوده بدون الملزوم فان بناء عدم التجويز المذكور على اعتقاد المساواة قال الشارح رحمه الله فى شرحه للمفتاح اذا لم تعلم المساواة لم يمتنع عند العقل وجود اللازم بدون الملزوم لان مبنى الامتناعاعتقاد المساواة وكون اللازم ملزوما فمتى انتفى انتفى فما قيل قد بقى للازم المجهول المساواة فرد آخر وهو اللازم المساوى فى الواقع مع انه لا اعتقاد بالمساواة ولا بالاعمية منشأه قلة التدبر (قوله هى الحكم ولازمها) اى المعلومان (قوله ومعنى اللزوم) اى ليس اللزوم بينهما باعتبار التحقق لجواز تحقق الحكم من غير وجود المتكلم والمخاطب فضلا عن الخبر بل باعتبار الافادة وانما اعتبر الشارح رحمه الله الافادة رعاية لسوق عبارة المصنف رحمه الله حيث قال لا شك ان قصد

__________________

(٢) وعدم الحكم بالامتناع نسخه صحيحه

٩٤

المخبر بخبره افادة الحكم والمراد من الافادة ما يترتب عليه اعنى العلم لان الافادة بالمعنى المصدرى مقصودة من الاخبار دون الخبر وكذا الحال فى الاستفادة فاللزوم بينهما باعتبار العلم (قوله وزعم العلامة الخ) اطلاق الزعم على ما ذكره العلامة رحمه الله ليس لعدم صحته فى نفسه فان اللزوم بين المعلومين باعتبار العلم وبين العلمين باعتبار التحقق بل لكونه غير مرضى عند السكاكى رحمه الله لتصريحه بخلافه لكن يمكن ان يقال المراد باستفادة الحكم الحكم المستفاد عبر عنه بالاستفادة تنبيها على انه انما يطلق عليه الفائدة من حيث الاستفادة لا من حيث نفسه (قوله صرح به الخ) حيث قال فائدة الخبر لما كانت هى الحكم او لازمه ولازم الحكم وهو كون المخبر عالما حكم ايضا الخ فاعتبر اللزوم بين نفس الحكم وكون المخبر عالما به لا بين استفادتيهما واما اطلاق فائدة الخبر عليهما فباعتبار المعنى اللغوى والاظهر فى ذلك ما ذكره فى بحث تعريف المسند اليه حيث قال واذا كانا اى المسند والمسند اليه معلومين فماذا يستفيد السامع فانا نقول يستفيد اما لازم الحكم او الحكم فاطلق الحكم واللازم على المستفادين دون الاستفادتين (قوله اى يمتنع الخ) فانه صريح فى امتناع الانفكاك بين العلمين فى الحصول (قوله اذا التقدير ان حصولهما الخ) اى المفروض ان حصول كل منهما انما هو من نفس الخبر من غير اعتبار امر اخر حيث قلنا من الخبر نفسه فى كل واحد منهما وليس المراد تقدير حصول مجموعهما من الخبر نفسه على ما وهم فاورد عليه ان التقدير المذكور ممنوع اذ لا ذكر له فيما تقدم (قوله فنبه الخ) اى نبه المصنف رحمه الله تعالى فى الايضاح وفى لفظ التنبيه اشارة الى ان الحكم المذكور بديهى وقصد المصنف رحمه الله تعالى ازالة الخفأ (قوله ولا يمتنع) عطف على قوله يمتنع داخل تحت التفسير (قوله فان قيل كثيرا ما الخ) اعتراض اورده بعض شراح الايضاح بطريق المنع على قوله مع ان سماع الخبر من المخبر كاف الخ وعلى قوله لجواز ان يكون الاول الخ لعدم ذكر الدليل عليهما فى الايضاح واجاب عنه الشارح رحمه الله تعالى باثبات المقدمة الممنوعة بالدليل الذى لخصه سابقا فقوله وفيه نظر منع وسند كما قرره فى الحاشية المنقولة عنه ويؤيده الاكتفاء على تحقق السماع بدون العلم الثانى من غير تعرض للعلم الاول وقوله ولو سلم فى الجواب الثانى بالمعنى اللغوى لانه اثبات للمقدمة الممنوعة وليس اعتراضا على مالخصه الشارح رحمه الله بطريق المنع او المعارضة لقوله والاولى تمتنع بدون الثانية كما قيل اما الاول فلانه مقدمة مدللة وان رجع الى منع مقدمة دليلها اعنى قوله لان علة حصوله سماع الخبر من المخبر كان الجواب اعادة للمقدة الممنوعة

٩٥

بعينها وقوله وفيه نظر اعادة للمنع واما الثانى فلانه يكون الجواب الاول حينئذ منعا لقوله ولا يخطر ببالنا الخ فيكفى فى ذلك ان يقال لا نسلم ذلك والذهول انما هو عن العلم بالعلم ويكون قوله وفيه نظر منعا للسند اذ لا يمكن حمله على اثبات المقدمة الممنوعة كما لا يخفى ويكون الجواب الثانى منعا للملازمة المذكورة بقوله اذا سمعنا خبرا وحصل لنا منه الخ وليس كذلك لان قوله وبهذا يتم مقصودنا صريح فى اثبات المقدمة الممنوعة (قوله ضرورى الخ) اى (٣) لابدّى لا انه بديهى لان قوله لوجود علته لا يثبت البداهة (قوله والذهول الخ) بيان لمنشأ غلط السائل زائد على الجواب والذهول ههنا بمعنى الغفلة وهو عدم التصور مع وجود ما يقتضيه لا بمعنى عدم استثبات التصور فانه لا حصول للعلم بالعلم (قوله وفيه نظر الخ) لانا لا نسلم ان هذا ضرورى وانما يكون كذلك لو كان السماع علة مستلزمة وهو ممنوع اذ لا بد فيه من التفات النفس واحضار المخبر والخبر قصدا (قوله ويمكن ان يقال الخ) يعنى ان اللازم عبارة عن المعلوم والملزوم عبارة عن العلم بالحكم على ما هو مقتضى السوق حيث اكتفى ببيان اللازم واللزوم بينهما فى التحقق كما هو المتبادر من اللزوم اى كلما تحقق العلم بالحكم من الخبر تحقق كون المخبر عالما به وان لم يتحقق العلم به والقول بان الملزوم نفس الحكم ليكون اللازم والملزوم على وتيرة واحدة واللزوم باعتبار العلم من جانب الملزوم وباعتبار التحقق من جانب اللازم فاعتراف بان الملزوم باعتبار العلم من جانب الملزوم وباعتبار التحقق من جانب اللازم فاعتراف بان الملزوم هو العلم اذ لا بد للملزوم من ظرف واحد من الوجود الخارجى او الذهنى* قال قدس سره فسر فائدة الخبر ولازمها اولا بالحكم وكون المخبر عالما به موافقا لما فى المفتاح وذكر الخ* ذكر اولان اللزون فى الافادة ثم رتب عليه ان اللزوم بينهما ليس الا باعتبار الاستفادة وعطف عليها العلم اشارة الى اتحاد الكل والتفاوت بالتعبير كما ذكرناه* قال قدس سره مقصود السائل من عدم اللزوم بينهما* قال قدس سره باعتبار اللزوم بين الخ* يعنى ان اللزوم بين نفس الحكم والعلم بكون المخبر عالما باعتبار تحقق اللزوم بين متعلقيهما اعنى العلم بالحكم ونفس اللازم* قال قدس سره اراد الخ* يعنى ان المراد من حصول صورة الحكم الادراك المطلق لا التصور المقابل للتصديق* قال قدس سره مستفيضة* لغة ولو مجازا فلا ينافى ما فى المواقف من ان اطلاق العلم على غير الاعتقاد الجازم المطابق خلاف الشرع واللغة والعرف* قال قدس سره اذا قلنا الخ* هذا ظاهر اذا قيل افاد المتكلم الحكم واما اذا قيل افاد بالخبر الحكم فالظاهر ان معناه افاد به حصول صورة الحكم واما الاعتقاد به فيستفاد من امور

__________________

(٣) اى لا بد منه (نسخه)

٩٦

خارجة عن الخبر (قوله وقد ينزل المخاطب الخ) اورد السكاكى رحمه الله هذا الكلام فى اخراج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر والمصنف رحمه الله اشار بايراده ههنا الى انه ليس منه لان الاخراج على خلافه ان يورد الكلام بخصوصية من كونه ابتدائيا او طلبيا او انكاريا على خلاف الخصوصية التى يقتضيها ظاهر الحال وفيما نحن فيه القاء اصل الكلام الى العالم الذى لا يليق به الالقاء بتنزيله منزلة من لا علم له من غير نظر الى كونه خاليا او سائلا او منكرا ففى الاخراج على خلاف مقتضى الظاهر النظر الى كيفية الكلام وههنا النظر الى اصل الكلام فقوله وقد ينزل المخاطب الخ جملة معطوفة على قوله لا شك ان قصد المخبر الخ والمقصود منه ان الافادة التى يقصدها من هو بصدد الاخبار قد يكون تحقيقيا بان لا يكون المخاطب عالما بهما وقد يكون تنزيليا بان يكون عالما منزلا منزلة من لا علم له بهما وبما ذكرنا ظهر ان ما قاله السيد قدس سره من ان الجاهل اعم من ان يكون خاليا او سائلا او منكرا والمراد ههنا الخالى كما فى المفتاح والثالث داخل فى قوله وقد يجعل غير منكر كالمنكر والثانى معلوم بالمقايسة لامساس له بهذا الكلام وخروج عن مذاق المصنف رحمه الله والشارح رحمه الله ومن لم يتنبه لهذه الدقيقة قال كان اللائق ان يورد هذا الكلام فى خلاف مقتضى الظاهر كما فى المفتاح الا انه اورده المصنف رحمه الله ههنا جوابا لسؤال مقدر وهو ان يقال ان المخبر قد لا يقصد بخبره افادة الحكم او لازمه بان يلقى الكلام الى العالم بهما ولم يتذكر ان المراد بالمخبر من هو بصدد الاعلام ومن لا يقصد بخبره افادة الحكم او لازمه ليس بصدده (قوله ومثله الخ) اى مثل هو كتاب هى عصاى فى انه جواب للسائل العارف لعدم جريه على موجب العلم وهو ترك السؤال لحكمة وهو استحضار احوال العصى ليظهر التفاوت بين المنقلب والمنقلب اليه وان لم يكن فيه تنزيل المخاطب العالم منزلة الجاهل ولا تنزيل المعلوم منزلة المجهول ولذا قال مثله (قوله وان شئت) اى ان شئت شاهدا على ما ذكر من التنزيل فعليك اى خذ بكلام رب العزة وهو* قوله تعالى (وَلَقَدْ عَلِمُوا) الخ واللام الاولى جواب للقسم المقدر واللام الثانية للابتداء متعلقة بعلموا ومن اشتراه مبتدأ خبره ما له فى الآخرة من خلاق والجملة فى حيز مفعولى علموا والخلاق النصيب ومن زائد لتأكيد النفى اى والله لقد علموا ان من استبدل كتاب السحر بكتاب الله ما له فى الآخرة شئ من النصيب واللام الثالثة ايضا جواب للقسم والجملة القسمية معطوفة على القسمية الاولى او الواو اعتراضية وما نكرة مميزة للضمير المبهم الذى فى بئس والمخصوص

٩٧

بالذم محذوف اى والله لبئس شيئا شروا به حظوظ انفسهم اى باعوها او شروها فى زعمهم ذلك الشراء ولو شرطية ومفعول يعلمون محذوف او منزل منزلة اللازم والجزاء محذوف اى لو كانوا يعلمون مذمومية الشراء المذكور او لو كانوا من اهل العلم لامتنعوا عن ذلك الشراء فمفعول يعلمون بعينه مضمون الجملة التى هى مفعول علموا اعنى من اشتراه ما له فى الآخرة من خلاق لان الشراء المذكور لما كان موجبا للحرمان فى الآخرة كان مذموما غاية المذمومية فاندفع ما قيل ان مفعول يعلمون مادن عليه (لَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ) اعنى مذمومية الشراء ومفعول علموا انه لا نصيب لهم فى الآخرة والعلم بانه لا نصيب لهم فى الآخرة لا ينافى نفى العلم بمذمومية الشراء بان يعتقدوا اباحته فلا تنزيل (قوله كيف تجد الخ) تجد استيناف جواب الامر من حيث المعنى او حال من فاعله او مفعوله وصدره مفعوله الاول والثانى يصف وكيف حال من مفعوله الاول والمعنى خذ بكلام رب العزة تجدا وواجدا وله واصفا لاهل الكتاب بالعلم مكيفا بكيفية ما ومن قال ان جملة كيف تجد وقع حالا من فاعل الامر او مفعوله اى مقولا فى حقك او فى حقه يأتى بشئ لان كيف معمول لما بعده قدم عليه لتضمنه فى الاصل معنى الاستفهام وان انسلخ منه ههنا لمجرد التفخيم (قوله يعنى ان شئت الخ) يعنى ان مفعول شئت تنزيل العالم مطلقا لا العالم بالفائدة ولازمها وان كان سوق الكلام فيه لان الاستبعاد انما هو فى تنزيل العلم منزلة الجهل لا فى خصوصية المتعلق بل فى تنزيل وجود الشئ منزلة عدمه مع قطع النظر عن خصوصية العلم (قوله اعم من فائدة الخبر الخ) المستفاد من الاية تنزيل العلم بشئ مخصوص منزلة عدمه ومعلوم انه لا مدخل لخصوصية ذلك الشئ فى التنزيل فالمستفاد منه تنزيل العلم مطلقا ومنه يستفاد عموم المتعلق (قوله خطابية) اى منسوبة الى الخطابة وهى صناعة تفيد الاقناع لتركبه من مقدمات مقبولة (قوله يلوح عليه اثر الاهمال) اما او لا فلان هذا الخبر اعنى ليس لهم علم لو فرض كونه ملقى اليهم فلا معنى لكونهم عالمين بمضمونه كيف وقد تحقق فى قوله ولقد علموا نقيضه وهو ان لهم علما به وبعد اللتيا والتى لا معنى لتنزيلهم منزلة الجاهل بان ليس لهم علم بان من اشتراه ما له فى الآخرة من خلاق بل انه كان ولا بد فينبغى ان ينزلوا منزلة الجاهل بان لهم علما بذلك وبالجملة فهذا الكلام من الاهمال بحيث لا يسع المقال لبيان اهماله كذا نقل عنه رحمه الله اقول الجواب عن المنع الذى اشار اليه بقوله لو فرض يعنى لا نسلم كون هذا الخبر ملقى اليهم لان الخطاب للرسول صلّى الله تعالى عليه وسلم ان الخطاب

٩٨

صريحا للرسول صلّى الله تعالى عليه وسلم وتعريضا لهم ولذا اكد بالقسم فاندفع الاعتراض على التوجيه الثانى ايضا وعن الثانى ان المستفاد من قوله تعالى ولقد علموا ثبوت العلم لهم حقيقة والمستفاد من الخبر الملقى اليهم نفى العلم عنهم تنزيلا ولا منافاة بينهما وعن الثالث ان العالم اذا عمل بخلاف علمه كان عالما بانه بمنزلة الجاهل فى عدم ترتب ثمرة علمه ومقتضى هذا العلم ان يمتنع عن ذلك العمل ففيما نحن فيه كانوا عالمين بان ليس لهم علم وانهم بمنزلة الجاهل فى ذلك الشراء ومقتضى هذا العلم ان يمتنعوا عنه فاذا لم يمتنعوا كانوا بمنزلة الجاهل فى عدم جريهم على مقتضى هذا العلم فالقى الخبر اليهم بانه ليس لهم علم مع علمهم به فتدبر فانه لغاية الغموض والاشكال يلوح عليه اثر الاهمال (قوله لا يوافق ما فى المفتاح) لانه صريح فى ان العلم المثبت والمنفى هو علم اهل الكتاب بمضمون لمن اشتراه ما له فى الاخرة من خلاق وكلام القائل الاول صريح فى ان المعلوم الذى نزل العالم به منزلة الجاهل هو مضمون هذا الحكم وهو انه ليس لهم علم به فلا يمتنعون ويلزمه ان يكون العالم بذلك هو المخاطب بذلك الكلام وكلام القائل الثانى صريح فى ان المعلوم هو مضمون قوله ولقد علموا لمن اشتراه الآية ويلزمه ان يكون المخاطب به هو العالم بذلك كذا نقل عنه وقد عرفت اندفاعه بما سبق لان المخاطب بالعلم المثبت والمنفى بطريق التعريض هو اهل الكتاب وكانوا عالمين بالعلم المثبت تحقيقا وبنفى العلم عنهم تنزيلا فقد القى اليهم الخبر ان تعريضا ومعلوم انه ليس المقصود بهما لازم الفائدة فيكون من قبيل تنزيل العالم بهما منزلة الجاهل* قال قدس سره اى ما رميت حقيقة* لكون الاثر المترتب خارجا عن طوق البشر اذرميت صورة لمباشرة اسباب الرمى فهما جهتان لنفى الرمى واثباته والمنفى والمثبت امر واحد فلا يرد انه حينئذ لا يكون المنفى والمثبت واحدا والكلام فيه* قال قدس سره وعدم صحته الخ* الا ان يراد بالكسب مجرد مباشرة الاسباب لا ما هو المتعارف اعنى المقابل للخلق فيكون المعنى ما رميت تأثيرا اذ لا تأثير فى المعجزة لقدرة العبد اذ رميت باستعمال اسبابه فيص على رأى من ينكر الكسب (قوله واذا كان قصد الخ) يعنى ان فاء فينبغى جزائية والشرط محذوف دل عليه الكلام السابق وقد صرح به فى الايضاح ووجه الترتب انه اذا كان المقصود افادة المخاطب كان اللايق رعاية حاله فى الافادة فينبغى ان يقتصر فى التركيب على قدر احتياجه ولا يزاد عليه حذرا عن اللغو فى الكلام ولا ينقص عنه حذرا عن لغوية الكلام فان الناقص لعدم افادته المقصود لغو (قوله الى تفصيله) اى تفصيل الاقتصار على قدر حاجة المخاطب (قوله خالى الذهن

٩٩

عن الحكم الخ) المراد بالحكم الوقوع واللاوقوع كما فى السابق اعنى قوله افادة الحكم واللاحق اعنى قوله والتردد فيه فان التردد انما هو فى الوقوع واللاوقوع دون الايقاع والانتزاع وكذا الانكار ومعنى خلو الذهن عنه ان لا يكون حاصلا فيه وحصوله فيه انما هو الاذعان به فيكون المعنى خاليا عن الاذعان به والخلو عن الاذعان لا يستلزم الخلو عن التردد فان الاذعان والتردد متنافيان لا يستلزم الخلو عن احمدهما الخلو عن الاخر فظهر فساد ما سبق الى بعض الاوهام وان مبناه عدم التنبه لمعنى الخلو عن الحكم وان ما قيل ان مبنى كلام الشارح رحمه الله على الاستخدام بارادة الايقاع عن لفظ الحكم والوقوع عن ضميره او على ارادة الخلو عن ادراك الحكم وتحصيصه بالتصديق ليس بشئ كيف وانه صرف للمتن عن الظاهر ولا يدفع به عدم الحاجة الى ذكر التردد غايته عدم لزوم الاستدراك (قوله عالما بوقوع النسبة الخ) عبر بالمركب التقييدى مع ان المراد ان النسبة واقعة او ليست بواقعة للتنصيص على ان الخلو عن الحكم عبارة عن عدم تعلق العلم بالوقوع واللاوقوع سواء تعلق العلم بالنسبة او لا بخلاف الخلو عن التردد فانه لا بد فيه من تصور النسبة ولذا قال فى ان النسبة هل هى واقعة ام لا بذكر الاستفهام عن حكم بعد النسبة (قوله ام لا) منقطعة كان المتردد ينتقل من الاستفهام عن حكم الى الاستفهام عن حكم اخر فى الرضى قال سيبويه ام فى قولك ازيد عندك ام لا منقطعة كان عند السائل ان زيدا عنده فاستفهم ثم ادركه مثل ذلك الظن فى انه ليس عنده فقال ام لا وانما عدها منقطعة لانه لو سكت على قوله ازيد عندك لعلم المخاطب انه يريدا هو عندك ام ليس عندك فلا بد ان يكون لقولك ام لا فائدة متجددة وهى تغيير ظن كونه عنده الى ظن انه ليس عنده وهذا معنى الانقطاع والاضراب انتهى واذا كانت منقطعة جاز استعمالها مع هل فانها تستعمل مع جميع كلمات الاستفهام فافهم فانه دقيق قد زل فيه الاقدام (قوله ولا يحكم بشئ الخ) فقد تحقق الخلو عن الحكم مع وجود التردد (قوله وهى ان الخ) لم يذكر القسم ههنا مع ذكره فى صورة الانكار لان الاستغناء عن هذه المؤكدات ستلزم الاستغناء عنه لانه لا بد معه من ايراد بعض هذه المؤكدات (قوله واسمية الجملة الخ) اى كونها اسمية لا صيرورتها اسمية كما وهم فانه لا يشترط فى التأكيد كونها معدولة (قوله وحروف الصلة) اى حروف الزيادة فان الغرض منها التأكيد وليست موضوعة للتأكيد والا لكانت مترادفة لان فهى زائدة فى الكلام لا يتغير به المعنى بخلاف ان فانها موضوعة للتأكيد يغير به المعنى* قال

١٠٠