حاشية السّيالكوتى على كتاب المطوّل

عبد الحكيم السيالكوتي

حاشية السّيالكوتى على كتاب المطوّل

المؤلف:

عبد الحكيم السيالكوتي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: منشورات الشريف الرضي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٦٣

النبوة والمتولين لقسمة رحمة ربك ولذا عقبه بقوله (نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ) وفيه رد على المفتاح حيث جعله لتقوية حكم الانكار (قوله واما قوله تعالى (أَتَتَّخِذُ أَصْناماً) الخ) يعنى فرق بين هذه الآية والآية السابقة فان المنكر فى الاولى تعلق اتخاذ الولى بغيره لا اتخاذ الولى وفى الثانية الاتخاذ المتعلق بالآلهة وذكر الاصنام الكمال توبيخهم وللمبالغة فى توبيخهم والدلالة على كمال جهلهم فلا يصح ههنا تقديم المفعول الاول بان يقالءاصناما تتخذ آلهة فانه يفيد ثبوت اتخاذ الآلهة وانكار تعلقه بالاصنام وما قيل انه حينئذ يجب تقديم الالهة لان المنكر اتخاذ الالهة لا الاتخاذ مطلقا فليس بشئ اذ ليس المقصود ثبوت الاتخاذ المطلق والانكار تعلقه بالالهة وان كان الاتخاذ المطلق فى نفسه متحققا فتدبر فان الفارق بين النكات هو الذوق السليم (قوله فيقدر المفسر بعده) ووجهه ان سياق الكلام يدل على انهم لم ينكروا مطلق الاتباع وانما انكروا ان يتبعوا بشرا مثلهم فى الجنسية وطلبوا ان يكون من جنس آخروهم الملائكة وقالوا منا لانه اذا كان منهم كانت المماثلة اقوى وقالوا واحدا انكار الان يتبع الامة رجلا واحدا وارادوا واحدا من امثالهم ليس باشرفهم وافضلهم فوجب ان يقدر الفعل بعد المنصوب ليكون ما يلى الهمزة هو المفعول فيعود الانكار الى كونه المفعول لا الى الفعل نفسه (قوله اذا قدم المرفوع) اى المضمر نحوءانت ضربت واما المظهر المعرف نحو ازيد ضرب فلا يحتمل الاعلى تقوى حكم الانكار والمنكر نحو ارجل ضرب على انكار الفاعل هذا على الضابط الذى قرره السكاكى رحمه الله فى تقديم المسند اليه (قوله لمجرد التقوى) فيكون ما يلى الهمزة مجموع الجملة كهل لانكار التصديق (قوله تقوية حكم الانكار) فيه اشارة الى ان حرف الانكار اذا دخل على كلام يفيد التقوى كان لتأكيد الانكار لا لانكار التأكيد كما انه اذا دخل على ما يفيد الاختصاص نحوا غير الله اتخذ وليا كان لاختصاص النفى لا لنفى الاختصاص كذا فى شرحه للمفتاح (قوله (٣) ولو كانوا لا يعقلون) اى ولو ضم الى ضممهم عدم تعقلهم (قوله من قبيل التخصيص) فالتقديم للتخصيص وما يليه هو الفاعل (قوله الى تذكر هذا التفصيل) حيث قال اياك ان يزول عن خاطرك التفصيل الذى سبق فى نحو انا ضربت وانت ضربت وهو ضربت من احتمال الابتداء واحتمال التقديم وتفاوت المعنى فى التوجيهين (قوله فلا تحمل نحو قوله تعالى الله اذن لكم الخ) اى الله اذن فى التحريم والتحليل حيث جعلتم مما رزقكم الله حلالا وحراما وقلتم ما فى بطون هذه الانعام خالصة لذكورنا ومحرم على ازواجنا ام على الله تفترون فى نسبة ذلك

__________________

(٣) عنوان هذا القول لم يوجد فى اكثر النسخ

٣٦١

اليه (قوله على التقديم للتخصيص) فيه اشارة الى انه يجوز التقديم لانكار الفاعل ليتوسل الى نفى اصل الفعل بالمبالغة كما سيجئ (قوله ان الاذن ينكر من الله دون غيره) اذ معلوم ان المعنى على انكار ان يكون من الله اذن فيما قالوه من غير ان يكون هذا الاذن قد كان من غير الله واضافوه الى الله (قوله وهذا خلاف ما ذهب الخ) اعتذر عن ذلك بانه اراد ان فى الآية مانعا آخر سوى ما تقدم (قوله على مذهب القوم فهو بالحقيقة) اعتراض على ما فى الكشاف من ان هذه الآية من قبيل اغير الله اتخذ وليا فى كون الانكار راجعا الى ما يلى الهمزة لا الى الفعل كذا فى شرحه للمفتاح (قوله اى الله كاف) يعنى انكار النفى لا يكون مقصودا بالذات بل وسيلة الى الاثبات على ابلغ وجه ومنه يعلم ان انكار الاثبات وان كان نفيا فهو ليس لتقرير النفى لانه ليس بمقصود نحوا فعصيت فان المقصود منه انه لم كان العصيان وما كان ينبغى لا حمل المخاطب على الاقرار بالنفى او تثبيت النفى (قوله اى لحمل المخاطب الخ) ويجوز ان يكون للتقرير بمعنى التحقيق (قوله وعليه قوله تعالى الخ) فانه لانكار الاثبات والحمل على الاقرار بالنفى وتثبيت النفى (قوله وعليه قوله تعالى الخ) اى لو كان تحريم لكان متعلقا اما بالذكرين من جنس الضأن والمعز او الاثنين منهما او ما اشتملت عليه ارحامهما والمقصود انه تعالى لم يحرم شيئا منهما كما كانوا يزعمونه فانهم كانوا يحرمون تارة ذكور الانعام وتارة اناثها واخرى اولادها كيف كانت ذكورا واناثا او مختلطة وينسبون ذلك التحريم الى الله تعالى فرد عليهم بانكار محال التحريم* قال قدس سره انكار الشئ الخ* على الاول استلزام السبب للمسبب وعلى الثانى استلزام المسبب للسبب ومبنى الاول اعتبار الاستلزام من جانب الانكار ومبنى الثانى اعتباره من جانب الاستفهام* قال قدس سره وقس على هذا الخ* لو اسقط قوله وادعاء انه مما لا ينبغى او زاد عليه او انه لم يقع او لا يقع كان اظهر واخصر ولا يحتاج الى القياس المذكور* قال قدس سره وبالجملة الخ* اى لا حاجة الى توسيط ادعاء اعتقاد المخاطب (قوله اعصيت ربك) اى لم كان العصيان وما كان ينبغى ان يقع (قوله وذلك فى المستقبل) اى فى صيغة المستقبل سواء كان بمعنى الحال او الاستقبال فلا يرد انه لا وجه للتخصيص لان للتوبيخ على الحال محالا (قوله فى الماضى) اى فى صيغة الماضى (قوله نحو قوله تعالى افاصفيكم الخ) اى اخصكم ربكم على وجه الخلوص والصفاء بافضل الاولاد وهم البنون واتخذ لنفسه دونهم وهى البنات لم يكن ذلك (قوله وعليه قوله تعالى (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ)) لم يقل منه لانه ليس لتكذيب ما دخل عليه هل بل لتكذيب الحكم الذى يدعيه

٣٦٢

الكفار ويقولون ان اصحاب محمد فقراء فان كان الحشر حقا كما قالوا يكونون فى الآخرة ايضا فقراء فرد الله تكذيباتهم (قوله وهل يذخر الضر غام الخ) يذخر كيمنع واذخر بتشديد الذال افتعل فى القاموس ذخره كمنعه ذخرا بالضم واذخره اختاره (قوله والافكل مصلحة فيه) اى ليس المزاد مجرد نفى الوبال فى الايمان بل معه الذم والتوبيخ اذ لو كان مجرد نفى الوبال مع ان فى الايمان كل مصلحة لما حسن الاخبار بمجرد نفى الوبال بل المناسب التعرض بالمصالح ايضا (قوله بلفظ الاستفهام الخ) والجملة استينافية لتهويل العذاب بانه كان من التمرد العاتى الذى لا يكتنه عتوه (قوله نحو انى لهم الذكرى) اى من اين لهم الذكرى او كيف يتذكرون ويتعظون بهذه الحالة وهى الدخان وكيف يوفون بما وعدوه من الايمان عند كشفه وقد جاءهم ما هو اعظم من كشف الدخان وهو الرسول المبين بالآيات والمعجزات قيل وقع على قريش دخان من السماء حين اخذوا بالسنة بدعائه عليه الصلاة والسّلام وكان الرجل يكلم الرجل فلا يراه فنا شدوه بالله والرحم وواعدوه ان يؤمنوا اذا كشف عنهم ثم لم يفوا كذا فى شرح المفتاح الشريفى (قوله ولا ينحصر المتولدات فيما ذكر الخ) ذكر فى الاتقان اثنين وثلثين معنى متولدة من الاستفهام وان كان بعضها راجعا الى ما ذكر* قال قدس سره فورد عليه الخ* اجاب عنه الشارح رحمه الله تعالى فى التلويح بان المراد غير كف عن المشتق منه وفيه ان هذا التقييد مما لا دليل عليه وانه حينئذ لا حاجة الى قوله غير كف اذ يكفى ان يقال المراد طلب فعل هو المشتق منه وانه يخرج اكفف عن الكف واجيب عنه بان اكفف لم يوضع للكف عن الكف بل للكف مطلقا والكف عن الكف مستفاد من المجموع لا من صيغة الامر* قال قدس سره فان الكف له اعتبار ان* حاصله منع كون النهى لطلب الفعل لانه لطلب معنى حرفى ملحوظ بتبعية الغير وهو الكف الجزئى المدلول بلا الناهية ولا يقال له الفعل وان اتحد ذاته بالفعل الا يرى ان الابتداء فعل ولا يقال وضع من للفعل* قال قدس سره اذ لا يتصور* اى لا يتصور من فرعون اعتقاد استعلاء الملاء مع ادعائه الالوهية لنفسه فلو كان الاستعلاء معتبرا فى مفهوم الامر لما قال فرعون ما ذا تأمرون واجيب بان المراد ما ذا تشيرون من المؤآمرة بمعنى المشاورة وبانه اختضع لنفسه بعد رؤية معجزة موسى عليه الصلاة والسّلام ولا يخفى ان كلا الوجهين خلاف الظاهر* قال قدس سره لا يتناول الندب* حيث ادخل الندب فيما سواه وقال الطلب على جهة الاستعلاء يورث الايجاب وانه يستلزم الوجوب بشرط العلو والا لم يفد غير الطلب* قال قدس سره ولا شبهة فى ان طلب المتصور الخ* اشارة الى ما سبق

٣٦٣

من انك تطلب بالامر ان يحصل فى الخارج ثبوت ما هو متصور اى حاصل فى ذهنك وقوله على سبيل الاستعلاء اشارة الى ان الطلب على سبيل التضرع او غيره لا يورث الايجاب وقوله يورث ايجاب الاتيان به اى بالمتصور وقوله على المطلوب منه اى على من يطلب منه المتصور وقوله بحسب جهات متعلق بوجوب الفعل ومعناه انه بحسب اعتبارات مختلفة من الشرع والعقل والعرف اى ان كان الايجاب من الشارع فيجب شرعا او من العقل فعقلا او من العرف فعرفا وقوله والا اى وان لم يكن الاستعلاء ممن هو اعلى رتبة لم يستتبع ايجابه وجوب الفعل وقوله فاذا صادفت هذه اى صيغ الامر اصل الاستعمال بالشرط المذكور وهو كون الاستعلاء ممن هو اعلى رتبة افادت الوجوب والا اى وان لم تصادف اصل الاستعمال بالشرط المذكور بان لا يكون مع الاستعلاء او لا يكون الاستعلاء من العالى لم تفد غير مجرد الطلب من غير ايجاب ووجوب كذا فى شرح المفتاح الشريفى* قال قدس سره حمل التوقف الخ* فيه انه ليس معنى قول الشارح رحمه الله تعالى وقيل بالتوقف بين كونها للقدر المشترك وبين الاشتراك اللفظى انه بعد قوله بالاشتراك توقف فى انه مشترك معنوى او لفظى اذ لم يقل به احد بل معناه انه توقف فى انها موضوعة للقدر المشترك او مشترك لفظى بان يكون حقيقة فيهما او حقيقة فى الوجوب فقط او فى الندب فقط فان التوقف فى الاشتراك اللفظى يشمل الاحتمالات الثلثة فيكون حينئذ مراده موافقا للمذهب الاخير الذى ذكر فى المحصول واما ما وقع فى الشرح المعتمد يعنى العضدى فقد اعترض الشارح رحمه الله عليه فى شرح الشرح حيث قال جعل الشارح الضمير فى فيهما للوجوب والندب على ما هو الظاهر ولعدم اشعاره بالتوقف فى نفى الاشتراك لفظا او معنى بل لاشعاره بعدمه ذكر فى بعض الشروح ان الضمير للاشتراك والانفراد بمعنى لا يدرى مفهومه اصلا وهو الموافق لكلام الامدى انتهى ومآله ان الشارح رحمه الله تعالى وان راعى الظاهر فى ارجاع الضمير لكنه قاصر فى بيان مذهب الاشعرى والقاضى لعدم اشعاره بالتوقف فى نفى الاشتراك اللفظى والمعنوى بل لاشعاره بعدم الوقف والجزم بعدم الاشتراك لان المتبادر من التوقف فى الوجوب والندب اله لا يدرى انه حقيقة فى الوجوب او فى الندب او فيهما ولاجل قصوره فى بيان المذهب ذكر فى بعض الشروح ان الضمير راجع الى الاشتراك والانفراد فيكون عبارة المتن وافيا ببيان المذهب وايده بانه موافق لما فى احكام الامدى (قوله ويختص بما ليس الخ) الباء داخل على المقصور فلا يرد استعمال المقترنة باللام للمخاطب نحو قوله تعالى فلنفرحوا (قوله ما يصح ان يطلب الخ)

٣٦٤

لم يقل ما يطلب به ليشمل الصيغ الغير المستعملة فى الطلب (قوله بحذف حرف المضارعة) اخرج بهذا القيد نحو فلتفرحوا فانه داخل فى الاول (قوله سماهما النحويون) النحويون ههنا فى مقابلة الاصولين كما وقع فى شرح المفتاح واما بحسب عرف النحاة فالامر حقيقة فى المقرون باللام والصيغ المخصوصة وفى عرف الاصولين فى الطالب على سبيل الاستعلاء فلا يرد ان النحاة لا يسمون المقرون باللام امرا فانه ليس عندهم الا ما حذف عنه حرف المضارعة كما فى الرضى وان تسمية غير صيغة الامر الحاضر امر الا يختص بالنحاة بل يعم جميع ائمة اللغة كما سيجئ فى عبارة المفتاح ان ائمة اللغة يسمون قم وليقم صيغة الامر (قوله حال كون الطالب الخ) جعل استعلاء حالا من فاعل الطلب المحذوف بالتأويل باسم الفاعل والظاهر انه تمييز عن الطلب يؤيده قولهم على جهة الاستعلاء (قوله بانا سلمنا الخ) فى التسليم اشارة الى ما ذكره فى شرح المفتاح من ان الاصل والشائع فى مثل هذه الاضافة هو الاضافة الى ما هو المدلول الحقيقى كالفاظ الاستفهام وكلمات الشرط وحروف النداء واسماء الاصوات وافعال المقاربة وغير ذلك وان احتمل ان يكون المراد به المعنى العرفى النحوى والاضافة بيانية (قوله وان لم يصلح دليلا عليه) لجواز ان يكون تسميتهم امرا لكثرة الاستعمال فى الامر (قوله كالاباحة) لاشتراك الاباحة والايجاب فى مطلق الجواز (قوله نحو جالس الحسن او ابن سيرين) فان المخاطب توهم ان لا يجوز مجالستهما لما كان بينهما من سوء الامتزاج فابيح له المجالسة بهما (قوله والتهديد) فان ايجاب الشئ يستلزم التخويف على مخالفتة (قوله وهو اعم الخ) لانه قد يكون من عند نفسه (قوله هو) اى الانذار تخويف مع دعوة الى الحق فعلى هذا ايضا اعم لان الدعوة لا تستلزم التهديد (قوله والتعجيز الخ) فان ايجاب شئ لا قدرة للمخاطب عليه يستلزم التعجيز عنه (قوله والتسخير) اى جعله مسخرا منقادا لما امر به فان ايجاب شئ الا قدرة للمخاطب عليه بحيث يحصل عقيبه من غير توقف يستلزم تسخيره لذلك (قوله والاهانة) فان طلب شئ من غير قصد حصوله لعدم القدرة عليه مع كونه من الاحوال الحسية يستلزم الاهانة (قوله والتسوية) فان الواجب المخير يستلزم التسوية (قوله والتمنى) فان طلب وجود شئ لا امكان له يستلزم التمنى (قوله حقه الفور) اى وجوب الفعل عقيب ورود الامر وجواز الترخى مفوض الى القرينة وهذا مذهب بعض الاصوليين (قوله كما فى الاستفهام اه) فانه لاخفأ فى انهما على الفور ولا يظهر لذلك سبب سوى كونهما للطالب مع اشتراط امكان المطلوب والامر كذلك فيشاركهما فى الفور (قوله حتى المسأ) اى اضطجع

٣٦٥

زمانا طويلا قيد بذلك ليتحقق التراخى فانه اذا قال قم ثم قال اضطجع وفعل العبد كليهما على التعاقب يكون ممتثلا على الفور بخلاف ما اذا امره بعد الامر بالقيام بالاضطجاع زمانا طويلا فانه يفهم منه انه غير الامر الاول (قوله مع تراخى احدهما) اى القيام والاضطجاع ابهما كان وارادة القيام فقط وهم (قوله وهو) اى لفظ النهى واما صيغة فالاختلاف فيها كالاختلاف فى صيغة الامر (قوله ان النهى الخ) اى النهى المطلق عن القرينة يقتضى الفور فيجب الانتهاء فى الحال والتكرار اى دوام تركه وعليه المحققون لتبادرهما منه الى الفهم والفرق توقف انتفاء حقيقة الفعل على التكرار وعدم توقف تحقق حقيقة الفعل عليه (قوله وقال السكاكى) اى ليس للامر المطلق والنهى المطلق دلالة على شئ من التكرار وعدمه بل كل منهما مفوض الى القرينة فان كان المقصود منهما قطع الفعل الواقع فى الحال كانا للمرة وان كان اتصال الفعل الواقع كانا للاستمرار والدوام فى جميع الازمنة التى يقدر المكلف عليه (قوله اختلفوا الخ) اختلفوا فى متعلق النهى فقال الاشاعرة هو فعل ايضا وهو كف النفس عن الفعل وقال ابو هاشم وكثير هو عدم الفعل واستدل الاولون بان عدم الفعل نفى محض وهو غير مقدور للمكلف وبانه مستمر من الازل فلا يكون اثر اللقدرة الحادثة وقد يقال دوامه واستمراره مقدور لانه قادر على ان يفعل ذلك الفعل فيزول استمرار عدمه فمن هذه الجهة يكون مقدورا وصلح اثر اللقدرة الحادثة وقال ابو هاشم ان الناس يمدحون من دعى الى الزنا وتركه وان لم يخطر ببالهم انه فعل الضد والجواب انا لا نسلم انهم يمدحونه على عدم الفعل بل يمدحونه على فعل الضد وهو كف النفس عن الزنا بالاشتغال بغيره (قوله وهو نفس ان لا يفعله) فسر بذلك لان الترك يطلق على انصراف القلب عن الفعل وكف النفس عنه وعلى فعل الضد وعلى عدم الفعل المقدور قصدا على ما فى المواقف فى بحث الكيفيات النفسانية وشئ منها ليس بمراد ههنا (قوله وقد تستعمل الامر والنهى لطلب الدوام والثبات) وهذا المعنى مجازى لانهما موضوعان لطلب الفعل او الكف عن الفعل ونفس الفعل والكف عنه غير الثبات والدوام عليهما وليس هذا معنى حقيقيا للنهى بناء على ان الحق انه يقتضى التكرار على ما وهم لان معناه كما تقدم ان صيغة النهى المستعمل فى معناه الحقيقى اعنى طلب الكف عن الفعل يقتضى استمراره فى جميع الاوقات وههنا الصيغة استعمل فى نفس الثبات والدوام (قوله مجزوما بان المضمرة مع الشرط) اليه ذهب الجمهور وقال الخليل ان هذه الاربعة لتضمنها معنى الشرط عملت فى الجزاء قال الرضى وهذا

٣٦٦

ليس ببعيد لان الاسماء المتضمنة لمعنى الشرط اذا عملت فى الشرط والجزاء فلم لا يعمل الفعل المتضمن له (قوله ان ارزقه الخ) ميل الى المعنى للاختصار والا فالمقدر ان يكن لى مال انفقه كما فى بنظائره (قوله والطلب لا ينفك عن سبب حامل) للطالب عليه لان الطلب فعل اختيارى متعلق بشئ فلا بد من التصديق بفائدة مترتبة على ذلك الشئ ليتعلق به الطلب وهذا معنى كونه حاملا على الطلب وليس معناه انه علة غائية لنفس الطلب مترتبة عليه اذ ليس الطلب مقصودا لذاته حتى يكون (٦) له غاية فى نفسه قال السيد فى حاشية المطالع الضرورى فى الشروع الذى هو فعل اختيارى توقفه على تصور العلم بوجه ما والتصديق بفائدة مترتبة عليه فاعتبر التصديق بفائدة مترتبة على العلم لا على الشروع اذ ليس مقصودا لذاته بل لتحصيل العلم وبما حررنا لك من ان السبب الحامل على الطلب غاية مترتبة على المطلوب وانما صار حاملا على الطلب لتعلقه به فالشرط المقدر هو المطلوب لا الطلب فاندفع الاعتراض الذى اورده السيد بقوله هذا الوجه يقتضى الخ فان قيل ما ذكرت يدل على انه لا بد للطلب من غاية مترتبة على المطلوب حاملة على طلبه وذلك انما يتصور فيما يطلب لغيره والشئ قد يطلب لذاته فلا يكون له غاية فلا يصح قوله والطلب لا ينفك عن سبب حامل للطالب عليه قلت قد صرح السيد فى حاشية المطالع فى تحقيق غاية المعلوم الغير الآلية حصولها انفسها ان الشئ قد يكون غاية لنفسه بان يكون بحسب وجوده الذهنى علة لوجود ذى الغاية فى الخارج فاللازم منه ان يكون وجوده الذهنى علة لوجوده الخارجى ولا محذور فيه (قوله فوجود ذلك السبب الحامل مسبب عن ذلك الطلب) بمعنى ان الطلب انما يتعلق بالشئ بواسطة وجود ذلك السبب وترتبه على المطلوب (قوله لان العلة الغائية بوجودها معلولة للعلة الفاعلية) اى العلة الغائية باعتبار وجودها الخارجى معلولة للعلة الفاعلية بنفسها اذا كان الشئ غاية لنفسه وبتوسط معلولها اذا كانت الغائية غير المعلول وقس على ذلك (قوله وان كانت بماهيتها علة لعلية العلة الفاعلية) اى بنفسها او بواسطة معلولها ولاجل هذا التعميم لم يقل معلولة لمعلول العلة الفاعلية وعلة لمعلولها فاندفع الاعتراض الذى اورده السيد بقوله المناسب الخ* قال قدس سره والطلب لا يكون الا لغرض* اما نفس المطلوب باعتبار وجوده الخارجى اوامر آخر يترتب عليه فيصح الحصر بلا مؤنة* قال قدس سره فقد تضمنت الخ* اى الاشياء الخمسة من حيث المعنى انها سبب لمسبب ما فاذا ذكر المسبب اى ما يصلح ان يكون مسببا لها علم ان تلك الاشياء الخمسة هى السبب له وانما خص ان بالذكر لانها الاصل

__________________

(٦) له علة غائية فى نفسه نسخه

٣٦٧

فى الشرط* قال قدس سره وهذا* اى الطلب متلبس بمخالفة الخبر قان الخبر لا يلزم ان يكون لغرض غير مدلوله فان الاصل فيه افادة مضمونه وانما قال لا يلزم اذ قد يكون الغرض منه غير مدلوله كالتحسر والتوله وغير ذلك كما مر فى اول احوال الاسناد الخبرى* قال قدس سره بخلاف الخ* اعاد الكلام السابق للتعليل والتأكيد لتحقيق المخالفة بينهما فيما ذكر* قال قدس سره فكان الشارح رحمه الله الخ* هذا من قبيل ان بعض الظن اثم اما اولا فلان قوله بخلاف الخ* صريح فى انه متعلق بما قبله بيان للفرق بين الطلب والخبر فى انه لا بد للطلب من غرض فكيف يظن بالشارح رحمه الله انه جعله اشارة الى وجه آخر واما ثانيا فلان الوجه الاول منقول من شرح العلامة والوجه الثانى من الرضى واما ثالثا فلان الوجه الثانى مبنى على ان المقصود من القاء الخبر افادة مضمونه ومن القاء الطلب كون المطلوب مقصودا وليس فيه تعرض الغرض من الطلب والخبر اصلا والوجه الاول مبنى على كون الغرض من الطلب امر اسوى الطلب مترتبا عليه وعدم لزوم ذلك فى الخبر من غير تعرض لبيان مفادهما* قال قدس سره والمراد منه الوجه الثانى* حمله على الوجه الثانى بعيد لا بد فيه من صرف العبارة عن ظاهرها كما اعترف به قدس سره* قال قدس سره لان اكثر الاشياء الخ* هذا دعوى بلا بينة فان اكثر الاوامر والنواهى التى وقعت فى كلام الشارع مطلوبة لذواتها بل الاصل ان يكون المطلوب مطلوبا لذاته الا اذا صرف عنه صارف قالى او حالى (قوله يعنى يتوقف ذلك الغير على حصوله) اى عند المتكلم توقف عليه فى الواقع ام لا نحو ان شتمتنى اكرمك* قال قدس سره الاظهر الخ* لا ظهور فضلا عن الاظهرية لان كون الشئ مطلوبا لغيره يقتضى ان يكون ذلك الغير موقوفا على حصوله لا ان يكون ذلك الغير علة غائية له فان الاسباب والآلات كلها مطلوبة لغيرها وليس ذلك الغير علة غائية لها (قوله وتوقف غيره على حصوله) هو معنى الشرط اى بحسب الوضع وان شاع استعماله اى الشرط اللغوى فى السبب وفى الشرط الذى هو شبيه بالسبب اعنى الشرط الذى لم يبق للمسبب امر يتوقف عليه سواء فى الشرح العضدى الشرط ما لا يوجد الشئ بدونه ولا يلزم ان يوجد عنده وهو عقلى وشرعى ولغوى اما العقلى فكالحيوة للعلم فان العقل يحكم بان العلم لا يوجد بدون الحيوة واما الشرعى فكالطهارة للصلوة فان الشرع هو الحاكم بذلك واما اللغوى فمثل قولنا ان دخلت الدار من قولنا فانت طالق ان دخلت الدار فان اهل اللغة وضعوا هذا التركيب ليدل على ان ما دخلت عليه ان هو الشرط والآخر المعلق به هو الجزاء هذا وان الشرط

٣٦٨

اللغوى صار استعماله فى السببية غالبا يقال ان دخلت الدار فانت طالق والمراد ان الدخول سبب للطلاق يستلزم وجوده وجوده لا مجرد كون عدمه مستلزما لعدمه من غير سببيته ويستعمل فى شرط شبيه بالسبب من حيث انه يستتبع الوجود وهو الشرط الذى الذى لم يبق للمسبب امر بتوقف عليه سواه فاذا وجد ذلك الشرط وجد الاسباب والشروط حكما كلها فيوجد المشروط فاذا قيل ان طلعت الشمس فالبيت مضئ فهم منه انه لا يتوقف اضاءته الا على علوعها انتهى وهكذا فى كتب الاصول المعتبرة عرفوا الشرط بالمعنى المذكور وقسموه الى الاقسام الثلثة ويعلم مما ذكروا ان الشرط اللغوى موضوع لما يتوقف عليه الشئ عند المتكلم مطلقا غلب استعماله فى السبب والشرط الشبيه به فقد ظهر صحة قول الشارح رحمه الله تعالى ان الشرط لا يلزم ان يكون علة تامة الخ على ما هو اصل وضعه وان شاع استعماله فيما يتعقبه الجزاء قطعا فاندفع اعتراض السيد بقوله المذكور فى الكتب الخ لان وضعه لما يتوقف عليه الشئ فى الجملة لا ينافى استعماله غالبا فى السبب وما يشبهه ثم ما ذكره السيد فى معنى الآية مذكور فى شرح المفتاح للشارح رحمه الله تعالى تركه ههنا لعدم اطراده فى نحو قوله تعالى (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي) على قراءة الجزم فان المفهوم منه ان الارث موقوف على الهبة لادعاء انه سبب تام او شرط اخير له وذهب الفراء فى لاية الى ان الجزم باضمار اللام الجازمة والتقدير قل للذين آمنوا قولى ليقيموا الصلوة بعبارة تليق وهى اقيموا ورده السكاكى رحمه الله تعالى بان اضمار الجازم فى الافعال نظير اضمار الجار فى الاسماء فى الشذوذ وفى الكشاف وانما حسن ذلك ههنا ولم يحسن فى قوله* محمد تفد نفسك كل نفس* اذا ما خفت من امر تبالا* لدلالة قل عليه فكانه عوض عنه* قال قدس سره وكذلك ان توضأت الى آخره* لا يخفى انه تكلف والحق انه لمجرد التوقف (قوله لانه يعرف عدم النزول) مثلا اى فى الحال والاستقبال فانه اذا كان مترددا فى النزول فى الاستقبال كان الاستفهام على حقيقته (قوله فيتولد منه بقرينة الخ) فيكون اللفظ الموضوع لطلب الفهم مستعملا لطلب الحصول وكونه مرغوبا اليه (قوله اى لا ينبغى الخ) اى لانكار المستقبل اى لا ينبغى لك ان لا يحدث منك النزول والتوبيخ ههنا باعتبار ترك الاولى فى اعتقاد المتكلم لا باعتبار ترك الواجب والتعبير عليه فانه ينافى الغرض (قوله ويجوز تقدير الشرط الخ) لما ذكر تقدير الشرط بعد الاشياء الاربعة اشار الى تعميم الحكم وانه جائز فى غيرها ايضا تكثيرا للفائدة وتأنيسا بتقديره (قوله فى غيرها) اى فى غير هذه المواضع التى يجزم فيها المضارع فلا يرد

٣٦٩

ان قوله ام اتخذوا للاستفهام فيكون داخلا فيما سبق (قوله فالله هو الولى) تعريف المسند وضمير الفصل لقصر الافراد لان الآية فى حق المشركين فلذا قال يجب ان يتولى وحده وليس لقصر القلب على ما وهم (قوله انكار لكل ولى الخ) بناء على ان ام منقطعة بمعنى بل والهمزة والاستفهام للانكار فيكون النكرة فى سياق النفى معنى فيفيد العموم (قوله وحينئذ يترتب عليه الخ) يعنى ان الظاهر ان الفاء للسببية فيفيد ترتب السبب على المسبب بحسب الوجود او ترتب المسبب على السبب بحسب العلم (قوله لكونه نائما الخ) فيجعل كل واحد من النوم والسهو بمنزلة العبد فى اقتضاء اعلاء الصوت (قوله فقيل انه حقيقة فى القريب والبعيد) وهو قول ابن حاجب والثانى قول الزمخشرى (قوله واستبعاده) يعنى انه يتصور فى نفسه مكان بعيد عن تلك الخضرة (قوله تبعيدا له) مفعول له لاستعماله المقدر اى استعماله للقريب لانحطاط شانه تبعيدا له عن مجلس الحضور والاول علة حاملة والثانى غاية مترتبة (قوله واما للحرص الخ) اى الرغبة والرضاء ولا يجوز ان يراد معناه الحقيقى لاستحالته على الله تعالى (قوله وانما الغرض اغراؤه الخ) فاللفظ الموضوع لطلب اقبال المخاطب على المتكلم مستعمل فى طلب اقباله على الامر الذى يناديه له (قوله على زيادة التظلم الخ) التظلم الشكاية من الظلم والشكوى من شكوت فلان شكوة وشكوى وشكاية اذا اخبرت عنه بسوء فهو مشكى ومشكو (قوله مجردا عن طلب الخ) لان المتكلم لا يطلب اقبال نفسه فان هذا الباب يجئ فى المتكلم اما وحده او مع غيره (قوله ونقل الخ) كباب التعجب نقل عن باب الامر مثل اسمع بهم وابصرو عن الخبر او الاستفهام مثل ما احسن زيدا وكباب التسوية لا ابالى اقمت ام قعدت نقل عن معنى الاستفهام (قوله لم يبق فيه معنى النداء اصلا) اى لا حقيقة كما فى يا زيد ولا مجازا كما فى المتعجب منه والمندوب فانهما منادى دخلهما معنى التعجب والتفجع فمعنى ياللماء احضر حتى تتعجب منك ومعنى يا محمد الخ تعالى فانا مشتاق اليك كذا نقل عن الشارح رحمه الله تعالى (قوله فاى مضموم الخ) لان كل ما نقل من باب الى باب آخر فاعرابه على حسب ما كان عليه كذا فى العباب (قوله وقد يقوم مقام اى اسم منصوب الخ) اشارة الى ما ذكره الشيخ الرضى الاولى ان يقال نصب الجميع على انه منقول من النداء اجراء لباب الاختصاص مجرى واحد لكنهم جوزوا النصب ودخول اللام فى نحو بنا تميما وفى نحو العرب لانه ليس بمنادى حقيقة ولانه لا يظهر حرف النداء الذى لا يجامع اللام (قوله قال ابن الحاجب) وتبعه صاحب اللباب (قوله لا ندعى لاب) اخره* عنه ولا هو بالابناء

٣٧٠

يشيرينا* اى نعدل بالنسب عن نهشل لاجل اب آخر ولا هو يببعنا بغيرنا من الابناء (قوله وكان فعله لذلك) بتشديد النون او بتخفيفها عطفا على كان السابق (قوله لا يخلو عن خمول الخ) اى اشعار بان فيهم خمولا وجهلا من المخاطب بشانهم (قوله امن بصيغة المعلوم) او المجهول فانه يتعدى ولا يتعدى (قوله او شفاعة) لم يذكر فى الكتب المشهورة من الاصول الشفاعة من معانى الامر ولعلها داخلة فى الدعاء فان الطلب على سبيل التضرع ان كان لغيره فهو شفاعة فالمراد بالدعاء ههنا ما يكون لنفسه بقرينة مقابلة الشفاعة (قوله لاستعمالها فى غير ما وضع له) يعنى ان لفظ الخبر مستعمل فى معنى الطلب لانهم قالوا ان مثل رحمه الله ان شاء وان مثل لا وايدك الله من عطف الانشاء على الاخبار الذى هو مضمون قولك لا اى ليس الامر كذلك وجوز مع كمال الانقطاع لما فيه من دفع ايهام خلاف المقصود وهو ان يصير الدعاء له عليه وقال بعضهم انه بعد خبر وانما التصرف فى ان جعل ما هو متوقع الحصول بمنزلة الحاصل واخبر عنه واقعا وهذا انسب بقولهم انه استعمل فى موقع الطلب دون ان يقولوا فى معنى الطلب كذا فى شرحه للمفتاح والحق ان حمل قولهم على العموم اليق فان تنصيصهم على كون مثل رحمه الله انشاء لا يدل على ان استعمال الخبر فى موقع الطلب فى جميع الصور كذلك واليه مال السيد فى حواشى شرحه للمفتاح (قوله ان يجعل كناية فى بعضها) وهو فى الصورتين الاخيرتين اللتين وقع الفعل المستقبل موقع الطلب لا فى جميع الصور كذلك يمكن ان يقال ان حصول الفعل فى الاستقبال لازم لطلب الفعل فى الجملة فذكر الملزوم واريد اللازم بخلاف الصورتين الاوليين اللتين وقع الفعل الماضى موقع الطلب فان حصول الفعل فى الزمان الماضى ليس لازما لطلب الفعل فلا يصح جعلها كناية بل يتعين كونها مجازا بعلاقة تشبيه غير الحاصل بالحاصل للتفأل وللحرص على حصوله (قوله فى كثير مما ذكر) لا فى جميعه فان مسند الخبر قد يكون جملة بخلاف مسند الانشاء فانه لا يكون الا مفردا كذا قيل ويرد عليه ازيد قام وقيل لان التأكيد فى الانشاء ليس للشك او الانكار من المخاطب ولا يترك التأكيد لخلوه من الايقاع والانتزاع بل لانه بعيد عن الامتثال او قريب منه وفيه ان هذا اختلاف فى الغرض لا فى الاحوال ولذا ادرجهما الشارح رحمه الله فى كثير فقال فان الاسناد الانشائى ايضا قد يكون اما مؤكدا او مجردا عن التأكيد (قوله فان الاسناد الانشائى الخ) ولا يجرى فيه الاخرج اعلى خلاف مقتضى الظاهر فى التأكيد وتركه من جعل المنكر كغير المنكر وبالعكس وتنزيل العالم منزلة الجاهل وبالعكس (قوله الى غير ذلك)

٣٧١

اشار بذلك الى ان جميع احوال المسند اليه فى الخبر جار ههنا (قوله وكذا المسند اسم الخ) ترك الحذف تنبيها على انه لا يجرى فيه (قوله فبينهما تقابل العدم والملكة) اى اذا كان الفصل عبارة عن ترك عطف بعضها على بعض لا عن ترك العطف مطلقا يكون بينهما تقابل العدم والملكة لانه اعتبر فى العدمى اعنى الفصل تقدم الجملة كما يدل عليه قول المصنف رحمه الله اذا اتت جملة بعد جملة فترك العطف فى الجملة المبتدأ بها لا يسمى فصلا فاعتبار تقدم الجملة بمنزلة اعتبار قابلية المحل فى العدم والملكة فى استلزام كل منهما تحقق الواسطة فهما بمنزلة العدم والملكة فى الحقيقة كما قال فى المختصر واطلق عليهما العدم والملكة ههنا توسعا وما قيل انهما من العدم والملكة لانه اعتبر فى الفصل ان يكون من شانه العطف اذ لا يقال الفصل فى ترك عطف الجملة الحالية على جملة قلبها اذ ليس من شان الحال العطف على ما هى قبله لانه قيد له فمع عدم مساعدة عبارة الشارح رحمه الله لانه لم يذكر قيد من شانه العطف ورتب كون التقابل بينهما تقابل العدم والملكة على مجرد التعريف المذكور يرد عليه انه ان اعتبر ان يكون من شانه العطف فى ذلك المحل بان يراد العدم والملكة المشهور بان يلزم ان لا يطلق الفصل فى صور كمال الاتصال والانقطاع لعدم الصلاحية للعطف فى ذلك المحل وان اعتبر ان يكون من شانه العطف فى نفسها ولو فى محل آخر بان يراد العدم والملكة الحقيقيان فالجملة الحالية ايضا قابلة للعطف فى نفسها ثم ان الجملة الحالية لكونها قيدا لما قبلها لم تتقدمها جملة حتى يتحقق فيه الفصل والوصل (قوله ما تضمن الاسناد الاصلى) قد عرف الشارح رحمه الله تعالى الاسناد فى الباب الاول بضم كلمة او ما يجرى مجراها الى الاخرى بحيث يفيد الحكم بان مفهوم احديهما ثابت لمفهوم الاخرى او منفى عنه وهذا شامل لاسناد المصدر والمشتقات فلذا قيده بالاصلى تبعا للعرضى لاخراجه فان اسناد الفعل الى الفاعل اصلى اى بحسب الوضع وكذا الاسناد الذى يتضمنه الجملة المركبة من المبتدأ والخبر لان هيئتها موضوعة لذلك بخلاف المصدر فانه موضوع للحدث فقط عرض له الاسناد الى الفاعل فى الاستعمال وكذا المشتقات فان النسبة الى الذات المبهمة مأخوذة فى مفهومها والنسبة الى الفاعل انما عرضت لها فى الاستعمال وتفصيله فى الرضى فى بحث المصدر واما اذا فسر الاسناد بضم كلمة الى اخرى بحيث يصح السكوت عليه فلا حاجة الى قيد الاصلى (قوله والصفات المسندة الى فاعلها) اذا لم تكن واقعة بعد حرف النفى او الاستفهام او صلة الالف واللام فانها حينئذ فى تأويل الفعل والاسناد فيها اصلى (قوله اما ان يكون لها محل من الاعراب) اى على تقدير

٣٧٢

اعتبار العطف عليها سواء كان قبله فى كما زيد يعطى ويمنع اولا كما فى قوله تعالى (قالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) فانه لو لم يعتبر العطف كان للمجموع محل من الاعراب لا للاولى لكونها جزء المقول (قوله اى حكم الاعراب) اى حكم هو مدلول الاعراب دلالة المقتضى على المقتضى (قوله بخلاف الواو) فان معناه مطلق الجمع وهو لا يكفى فى كون العطف بها مقبولا لتحققه فى الجمل التى لا يحسن العطف بينها* قال قدس سره هناك احتمالان* والاوجه ان المراد بنحوه الحرف العاطف الذى يستعمل بمعنى الواو مجازا من الفاء وثم واو ويؤيده قوله على معنى عاطف حيث لم يقل على عاطف (قوله وانما قال الخ) الظاهر انه اراد انا معكم انما نحن مستهزؤن لان مقول القول مجموع الجملتين فهو فى محل النصب لا انا معكم فقط (٩) (قوله بين الضب والنون) فان اجتماعهما ممتنع لان النون وهو السمك بخرى لا يعيش الا فى الماء والضب لا يشرب الماء ولو عطش روى بالريح (قوله لانه بيان الخ) فى شرحه للمفتاح الفرق بين الجمل الثلث ان فى الجملة البدلية استيناف القصد ومزيد الاعتناء بالشان وفى الجملة البيانية مجرد ازالة الخفأ وفى الجملة المؤكدة ازالة توهم التجوز او السهو والغفلة فنقول انما نحن مستهزؤن ان اعتبر انه باعتبار لازمه يقرر الثبات على اليهودية يكون مؤكدا وان اعتبر اشتماله على امر زائد على الثبات على اليهودية وهو تحقير الاسلام وتعظيم الكفر فيكون الاعتناء بشانه ازيد يكون بدلا لكونها وافية بتمام المراد دون الاولى وان اعتبر مجرد ازالة الخفأ عن المعية بان المراد منها المعية قلبا لا ظاهر يكون عطف بيان وان اعتبر السؤال مقدرا يكون استينافا وما قيل انه اراد بالبيان الايضاح فيعم التوكيد والبدل والاستيناف فيأبى عنه ما فى شرح المفتاح حيث قال انه بيان وتقرير فعطف التقرير على البيان* قال قدس سره تأكيد له* اى بمنزلة التأكيد المعنوى لتغايرهما فى المدلول الصريح وفائدته دفع توهم التجوز بان ما قالوه من انا معكم مما يرمون به جزافا والا لما خالطوا المؤمنين ووافقوهم على ما قيل ان لا ريب فيه تأكيد ذلك الكتاب* قال قدس سره لان المستهزئ الخ* لما كان معنى قوله انا معكم الثبات على اليهوديه وليس انما نحن مستهزؤن بظاهره تأكيداله اعتبر منه لازما يؤكده وهو انه رد ونفى للاسلام فيكون مقررا للثبات على اليهودية* قال قدس سره او بدل الخ* قد تقرر ان الجملة الاولى اذا كان كغير الوافية والثانية وافية بذلك ولم يكن مضمون الثانية جزأ من مضمون الاولى نزل الثانية منزلة بدل الاشتمال من الاولى وههنا كذلك لان الجملة الثانية تفيد ما تفيده الاولى وهو الثبات على اليهودية على ما بينه بقوله لان المستهزئ

__________________

(٩) عنوان هذا القول لم يوجد فى المطول بل فى المختصر

٣٧٣

الخ وتفيد امرا زائدا على ذلك وهو تعظيم الكفر المفيد لدفع شبهة المخالطة مع المؤمنين وتصلبهم فى الكفر فيكون بدل الاشتمال منه وبما حررنا لك ظهر وجه تخصيص التعليلين بالاعتبارين* قال قدس سره وكان معناه الخ* اعتبر لازم الاولى على عكس ما فى الكشاف وهو اولى لانه انما يؤكد المذكور لا لوازمه وان جاز ان يعد تأكيد اللازم تأكيدا له* قال قدس سره وقع قوله وانما نحن مستهزؤن مقررا* لان الاستخفاف بهم وبدينهم تأكيد لابهامهم اصحاب محمد عليه السّلام الايمان* قال قدس سره ولا يخفى عليك الفرق* فان صاحب الكشاف اعتبر لازم الثانية مؤكد المدلول الاولى وصاحب المفتاح اعتبر مدلول الثانية مؤكدا للازم الاولى كما مر* قال قدس سره ما اوجبته للمتبوع* اى اثبته فيشترط ان يتقدمها اثبات* قال قدس سره واما نحو قولك الخ* فصله عما تقدم مع دخوله فيما فى حكمها لعدم ظهور نفى ما اوجبه للمتبوع فيه اذا لم يثبت لقولنا وجهه حسن شئ الا بالتأويل فانه حينئذ يثبت له كونه مثبتا لزيد* قال قدس سره فلان شرطها* اى شرط حتى العاطفة ان يكون ما بعدها جزء مما قبلها اما حقيقة كما فى اكلت السمكة حتى رأسها او حكما كما فى نمت البارحة حتى الصباح* قال قدس سره اما اضعف فى الذهن بالنظر الى تعلق الفعل السابق كما فى جاء الحجاج حتى المشاة او اقوى كذلك نحو مات الناس حتى الانبياء* قال قدس سره ولا تحقق له فى الجمل* فى معنى اللبيب وهذا هو الصحيح وزعم ابن السيد فى قول امرئ القيس* سريت بهم حتى تكل مطيهم* فيمن رفع تكل ان جملة تكل مطيهم معطوف بحتى على سريت بهم وفى التحفة لم لا يجوز ان يكون مضمون احدى الجملتين بعضا من مضمون الاخرى كما تقول اكرمت زيدا بما اقدر عليه حتى اقمت نفسى خادما له وقد نص علماء المعانى فى باب الفصل والوصل على ان الجملة الثانية قد تنزل منزلة بدل البعض كقوله تعالى (أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ) والجواب انه لا يكون جزأ اضعف او اقوى باعتبار تعلق الحكم السابق فى الذهن فان اعتبر فى حتى مجرد التدريج من الاضعف الى الاقوى او بالعكس فهو متحقق فى الجمل ايضا وان اريد بالنظر الى ما قبله فهو مختص بالمفردات وما فى حكمه (قوله نحو قوله تعالى ثم انشأنا الخ) فى الرضى وكذا نحو قوله تعالى (ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً) نظرا الى تمام صيروتها علقة ثم قال (فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً) نظرا الى ابتداء كل طور ثم قال (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) اما نظرا الى تمام الطور الاخير واما استبعاد المرتبة هذا الطور الذى

٣٧٤

فيه كمال الانسانية من الاطوار المتقدمة (قوله الاستبعاد الاشراك) بخالق السموات والارض كذا فى الرضى وفيه اشارة الى ان قوله (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) عطف على خلق وان يعدلون مشتق من العدل بمعنى التسوية وبربهم متعلق به فيؤل الى معنى الاشراك وحذف المفعول للتعميم والدلالة على ان اشراك اى شئ كان بخلق السموات والارض مستبعد منكر واورد عليه انه اذا كان معطوفا على خلق كان صلة واقعا موقع المحمود عليه فيؤال الى قولنا الحمد لله الذى الذين كفروا بربهم يعدلون مع انه يحتاج الى القول بان بربهم من وضع المظهر موضع المضمر لئلا يكون العائد فى الصلة متروكا والقول بان هذه الجملة لما كان مدخول ثم الاستبعادى الانكارى كان فى معنى النفى فكانه قيل الحمد لله الذى لا يعادله شئ مع ظهور الوجه الصحيح تعسف وهو ان يكون عطفا على جملة الحمد لله وبربهم صلة كفروا ويعدلون من العدول فالمعنى انه تعالى هو الحقيق بالحمد على ما خلقه نعمة على العباد ثم الذين كفروا به يعدلون عنه فيكفرون نعمته وعندى ان الصلة جملة لا محل لها من الاعراب فعلى مقتضى قوله وعلى الثانى ان قصد ربطها على معنى عاطف الخ العطف عليها لا يقتضى الا وجود معنى ثم بينها وبين ما عطف عليه اعنى شركتهما فى الحصول مع الاستبعاد بينهما وهو متحقق ههنا ولا يقتضى ان يكون المعطوف ايضا صلة كالمعطوف عليه وذلك لان التعلق المذكور يجعل المجموع امرا واحدا ولذا جاز تجرد احديهما عن الضمير اكتفاء باحتها نص عليه فى الرضى فى بحث العطف بالحروف فى شرح قوله الذى بطير فيغضب زيد الذباب (قوله كقوله ان من سادتم ساد ابوه الخ) فى المعنى ان كلمة ثم فيه للترتيب فى الاخبار لا لترتيب الحكم وقال ابن عصفور المراد ان الجد اتاه لسودد من قبل الاب والاب من قبل الابن كما قال ابن الرومى* قالوا ابو الصقر من شيبان قلت لهم* كلا لعمرى ولكن منه شيبان* كم من اب قد علا بابن ذرى حسب* كما علت برسول الله عدنان* ولا يخفى ان المعنى الاول لا يناسب مقام المدح والثانى ينافيه لفظ قبل والذرى بضم الذال المعجمة الاعالى الواحد ذروة بالكسر والضم مفعول علا كذا فى التحفة (قوله هذا القدر مشترك الخ) اى الجمع فى الحصول ونفى احتمال الرجوع مشترك بين الاحرف الثلاثة فلا يكون مرجحا لاختيار الواو عليهما والقول بان فيهما شيئا زائدا وهو التعقيب والتراخى بخلاف الواو لا يجدى لان مطلق الجمع الذى يفيده الواو حاصل فيهما مع شئ زائد نعم لو كان مدلوله الجمع المجرد اعنى بشرط لا شئ لا يمكن حصوله بهما فتدبر فانه مع ظهور الفرق بين الماهية المطلقة والمجردة قد حفى على بعض

٣٧٥

الناظرين فاعترض بان هذه المقدمة لا دخل لها فى الجواب (قوله والجمل المشتركة الخ) جواب ثان وهو ظاهر* قال قدس سره انما يجرى فى بعض الصور الخ* اى فيما يكون مضمون الجملة الثانية مقابلا لمضمون الاولى واما اذا كان الاول لازما للثانى او مغايرا له من غير مقابلة فلا يتوهم فيه كون الثانى ابطالا للاول وهذا انما يرد لو كان المراد بالابطال اهدار الاول كما هو الظاهر واما اذا كان المراد منه الاعراض عنه وجعله فى حكم المسكوت فهو جار فى جميع الصور فلذا قال والاحسن* قال قدس سره ضرورة ان الامور الخ* يعنى ان مدلوله الخبر هو الصدق والكذب احتمال عقلى فيكون مدلول كل منهما واقعا فى نفس الامر والامور الواقعة فيها مجتمعة* قال قدس سره وربما لا يكون الخ* بان يكون مقصوده مجرد افادة مضمون كل منهما من غير التفات الى اجتماعهما* قال قدس سره ومعرفة هذه الاحوال* اى التوسط والاتحاد والتباين وغايتهما باعتبار تحققهما فيما بين الجمل متعسرة جد التوقفها على معرفة الجامع بين كل جملتين ومعرفة الجامع الخيالى متعسرة جد الاختلافه باختلاف العرف والعادات والصناعات والاحوال والاشخاص (قوله وان لم يقصد الخ) وذلك بان لا يقصد الربط اصلا وتعين الفصل حينئذ ظاهر او يقصد الربط على معنى الواو ففيه التفصيل المبين بقوله فان كان الى آخره (قوله لا نسلم ان اذا فى الآية ظرفية الخ) يعنى ان ما ذكره بقوله لئلا يشاركه فى الاختصاص بالظرف انما يتم اذا كان اذا ظرفية وهو ممنوع لم لا يجوز ان تكون شرطية معمولة للشرط بناء على القول بعدم اضافتها الى مدخولها كما ذهب اليه الشيخ ابن الحاجب فلا تكون معمولة للجزاء متقدمة عليه وبعد تسليم انها معمولة للجزاء لا نسلم ان مثل هذا التقديم للتخصيص بل للتصدر كالاستفهام فى اين ابوك مثلا والتخصيص لازم للتقديم غالبا لا فى جميع الصور ولو سلم افادة تقديم الشرطية للتخصيص فلا نسلم ان اختصاص المعطوف عليه يستلزم اختصاص المعطوف والفاء فى قوله فلا نسلم زائدة لافادة لزوم ما بعدها لما قبلها فى الرضى قد يؤتى فى الكلام بفاء موقعها موقع الفاء السببية وليست بها بل هى زائدة وفائدة زيادتها التنبيه على ان ما بعدها لازم لما قبلها لزوم الجزاء للشرط فلا حاجة الى التكلف الذى ارتكبه بعض الناظرين (قوله اذا الشرطية هى بعينها ظرفية) فسقط المنع الاول وقولنا اذا خلوت قرأت القرأن سواء قلنا ان اذا معمولة للجزاء قدمت للتخصيص او لمجرد التصدر او انها معمولة للشرط تفيد التخصيص اما للتقديم او لمفهوم الشرط فسقط المنع الثانى والثالث واما المنع الرابع فجوابه قوله ثم القيد

٣٧٦

اذا كان الخ (قوله فهو على ضربين) اى يستعمل على ضربين واما كون مجموع المعطوف عليه والمعطوف جزاء فلم يوجد فى استعمال على انه حينئذ يكون العطف مقدما على الجزائية فلا يكون العطف على جزاء الشرط (قوله ويكون الشرط الى آخره) فلا يكون سببا بنفسه للمعطوف فلا يكون شرطا لغويا له لما عرفت من انه انما يستعمل فى السبب او ما هو شبيه به فلا يتحقق مفهوم الشرط بالقياس الى المعطوف لانتفاء التعليق به فانه يصح التعليق فى اذا رجع الامير استأذنت وفى استأذنت خرجت ولا يصح فى اذا رجع الامير خرجت لتوقفه على الاستيذان فاندفع ما اتفق عليه الناظرون من انه اذا كان من الضرب الثانى يلزم اختصاص الاستهزاء بحال قولهم انا معكم انما نحن مستهزؤن وهو مخصوص بحال خلوهم الى شياطينهم لدلالة قوله واذا خلوا الخ فيلزم اختصاص الاستهزاء بحال خلوهم لان الكلام فى ان العطف على الجزاء يقتضى الاختصاص بالشرط لا فى استفادته بطريق العقل (قوله من هذا القبيل) كانه قيل اذا خلوا الى شياطينهم قالوا انا معكم واذا قالوا انا معكم الله يستهزئ بهم ولا يلزم من ذلك اذا خلوا الى شياطينهم الله يستهزئ بهم لتوقفه على القول المذكور (قوله لا على اخبارهم الخ) اى استهزاء الله بهم ليس الا لنفس استهزائهم وليس للاخبار المذكور مدخل فيه بدليل انه لو تحقق القول المذكور بدون الاستهزاء بان يكون لدفع الشر لم يكن عليهم مؤاخذة فاندفع ما قيل ان الدليل المذكور انما يدل على عدم ترتب الاستهزاء على مطلق القول لا على القول عن اعتقاد (قوله حكم زائد) يمكن اعطاؤه للثانية فلا يرد ان كل جملة تقع فى كلام البلغاء له حكم زائد على اصل المراد (قوله او كمال الاتصال) ويتعين فيه الفصل وان كان فيه ايهام خلاف المقصود بناء على انتفاء مصحح العطف وهى المغايرة فيندفع الايهام بطريق آخر فيقال فى لا تركت شربه مثلا لا قد تركت شربه بخلاف الانقطاع فان المصحح متحقق فيه والتباين الذى بينهما المنافى لكون العطف مقبولا بالواو معفو لدفع ايهام (قوله اى يتعين الفصل) ولا يمكن اعطاء حكم الاولى للثانية بالعطف بل بطريق آخر كاعادة الحكم (فان موت كل نفس الخ) اشار بادخال كل على نفس الى ان دخوله على حتف باعتبار المضاف اليه لا باعتباره فى نفسه وكان على الشاعر ان يقول فحتف كل امرئ موافقا لقوله تعالى (لكل اجل مسمى) واما اعتبار التعدد فى الموت باعتبار اسبابه فلا يفيد ما لم يعتبر العموم فى امرئ بمعونة المقام ففيه كثرة المؤنة من غير حاجة اليه (قوله وقيل الضمير للسفينة) والمعنى قال اميرهم

٣٧٧

الذى قام بتدبيرهم للملاحين ارسوها ولا تجروها كيما نزاولها ونقوم بتدبير اخذ رجالها والاستيلاء على نفانس اموالها ولا نخاف من كثر عددهم ووثاقة عددهم فكل حتف امرئ يجرى بمقدار من الله تعالى وبعده اما نموت كراما او نفوز بها فواحد الدهر من كد واسفار اى الشخص الذى يكون واحدا فى زمانه كماليته من الكد والاسفار كذا فى شرح الفاضل الكاشى (قوله والوجه ما ذكرنا) لان مناسبة المصراع الثانى للاول ظاهرة فيه (قوله ولما كان الخ) بيان لكمال الانقطاع وعدم الوصل بينهما مع قطع النظر عن كونهما من كلام الشاعر او من كلام الزائد كما سيظهر لك (قوله والامر فى الجزم بالعكس) اى يصير العلة اعنى المزاولة معلولا والمعلول اعنى الامر بالارساء علة ولو باعتبار متعلقه اعنى الارساء فلذا فسر العكس بقوله اعنى يصير الارساء علة للمزاولة وانما لم يقل اعنى يصير الامر بالارساء علة للمزاولة لان فى صورة الجزم يكون المطلوب علة لا الطلب فيقدر فى اسلم تدخل الجنة ان تسلم وقد مر ذلك وحاصل كلامه ان المقصود ههنا تعليل طلب الارساء وبيان الغرض منه فلو جزم افاد سببيته للمزاولة لانه فى تقدير الشرط فلا يرد ما قيل ان المزاولة علة غائية لطلب الارساء معلول له فى الخارج فلا منافاة بين كونه علة ومعلولا لان تلازمهما مسلم لكن المقصود افادة الغرضية لا افادة السببية (قوله فى محل النصب) اى على تقدير اعتبار العطف فتكون داخلة فى القسم الاول اعنى فان كان للاولى الخ وترك العطف فيه لعدم قصد التشريك فى حكم الاولى لا لاختلافهما خبر او انشاء وبما حررنا اندفع ما قيل ان الجملة الاولى ليس لها محل من الاعراب وان اعتبر فى الحكاية لان المقول مجموع ارسوا نزاولها لا ارسو فقط* قال قدس سره وقيل امرتكم ان ترسوا للمزاولة فيه* انه لا معنى لطلب الارساء الذى غايته مزاولة المتكلم من المخاطب فالصواب هو الاول ولذا اقتصر الشارح رحمه الله عليه* قال قدس سره واما على الاول الخ* قد عرفت اندفاعه* قال قدس سره فيكون استينافا* ولا تزاحم بين كمال الانقطاع وشبه كمال الاتصال فيجوز ان يكون الفصل لكل منهما وانما اختاروا كونه للانقطاع لظهوره (قوله من غير نظر الخ) ولذا اورد فى كمال الاتصال مثال بدل الاشتمال اقول له ارحل لاتقيمن عندنا مع ان ارحل مقول القول (قوله فهذا مثال لمجرد كمال الانقطاع) وذلك لانه لا يجوز ان يكون مثالا للانقطاع بين الجملتين اللتين لا محل لهما لان الجملتين المذكورتين فى المصراع لهما محل من الاعراب ولا يجوز ان يكون جملة واحدة فى محل وان لا يكون فى كلام واحد ولا ان يكون مثالا للجملتين اللتين

٣٧٨

لهما محل من الاعراب لان ترك العطف حينئذ لموافقة المحكى لا للاختلاف ولانه يجوز العطف مع الاختلاف اذا كان للاولى محل من الاعراب نص عليه الشارح رحمه الله تعالى فى شرحه للمفتاح ومثله بقوله قل اكرمنى واكرمتك ولانه حينئذ يكون داخلا فى القسم الاول والفصل فيه لعدم قصد التشريك فتعين ان يكون مثالا لمجرد الانقطاع من غير نظر الى كون الاولى فى محل الاعراب او لا (قوله ما وقع فى كلام الزائد) فالمصراع المذكور ليس مثالا بتمامه ولا ببعضه وانما هو اشارة الى المثال ولا يخفى كونه تعسفا لان الظاهر ان المثال هو المصراع اما بنفسه او ببعضه (قوله والجملتان فيه مما له محل من الاعراب) اى على تقدير العطف* قال قدس سره فلان ما تقدم من قوله لم يعطف ولم يجزم ايضا يدل الخ* اعتراض على قوله لان المثال انما هو هذا المصراع بانه مخالف لما قرره سابقا لانه يدل على ان المثال قول الزائد والجواب منع تلك الدلالة بل يدل على انه مثال مع قطع النظر عن اعتبار فى الحكاية وعن كونه محكيا* قال قدس سره واما ثانيا فلانه لاخفأ الخ* والجواب ان الانقطاع يوجب الفصل بين الجملتين مطلقا وعدم ايجابه للفصل فيما له محل من الاعراب لكونه فى حكم المفرد* قال قدس سره لكن باعتبار دلالته الخ* فيه ان المصراع ليس مثالا باعتبار دلالته على المحكى بل لانه بهذا الاعتبار فى محل الاعراب المحكى المدلول عليه بالمصراع ولا يخفى كونه تعسفا بخلاف ما قاله الشارح رحمه الله تعالى فان المصراع مثال له باعتبار بعضه وهو الشائع فى كلامهم* قال قدس سره واما قوله تعالى انا معكم الخ* هذا البيان حق لكن لا تعلق له بكلام الشارح رحمه الله اذ محصوله ان ارسوا له محل من الاعراب كما ان قوله تعالى (إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) له محل من الاعراب لكون كل منهما مقول القول* قال قد سره كما توهمه الشارح رحمه الله تعالى* افتراء على الشارح رحمه الله فانه ما قال ان ترك العطف فى الحكاية لكمال الانقطاع بل فى الجملتين مع قطع النظر عن الحكاية كما مر (قوله واما النعت فلما لم يتميزه الخ) لا يخفى ان حصل الاستدلال ان النعت سواء كان مخصصا او موضحا او مؤكدا او غيرها لا بد ان يدل على بعض احوال المتبوع لانه تابع يدل على معنى فى متبوعه وهذا المعنى اعنى الدلالة على بعض احوال المتبوع لا يتحقق فى الجملة فلم ينزل الثانية منزلة النعت ولا مدخل فى هذا استدلال لعدم تميز النعت عن عطف البيان وانما تعرض له اشارة الى لرد على من زعم ان الجملة الموضحة للاخرى نعت لها بتنزيلها منزلة النعت الموضح وحاصل الرد ان النعت لا يتميز عن عطف البيان فى المفردات الا بكونه دالا على حال المتبوع وعطف

٣٧٩

البيان دالا على نفسه ولذا قالوا ان الفاضل فى جاءنى زيد الفاضل نعت لزيد ولو قدم عليه يكون عطف بيان له والدلالة على حال المتبوع لا تحقق له فى الجملة فلا يتميز فيها النعت الموضح عن عطف البيان فالجملة الموضحة عطف بيان لا نعت كما وهم وانما قلنا ان هذا المعنى لا يتحقق فى الجملة اى من حيث هى جملة لان الجملة من حيث هى جلة تدل على نسبة تامة بين الطرفين لا تعلق لها فى افادة معناها بشئ آخر فضلا عن ان تدل على حال من احواله الا ان يأول النسبة التامه بالتقييدية فتقع صفة وجالا وخبرا بهذا الاعتبار فالجملة فى نفسه من حيث هى جملة موصوفة بعدم الدلالة المذكورة فلا يستحسن تنزيلها منزلة ما هو موصوف بالدلالة وان كانا متشاركين فى بعض الامور كالايضاح وبما حررنا لك اندفع ما قيل ان تنزيل شئ منزلة آخر لا يقتضى الا مناسبة بينهما ولا يقتضى رعاية خصوص معنى معتبر فى الآخر وما قيل ان الجملة ربما تدل على حال جملة كان يقال زيد قائم علمت فيفصل علمت لانه يدل على انه معلوم فهو بمنزلة النعت فجوابه انهما جملة واحدة فى الحقيقة لان المعنى علمت زيدا قائما اخرا العامل فعلق عن معموله فصارا جملتين صورة ولذا لم يعدوه من صور الفصل* قال قدس سره والا لكانت الجملة محكوما عليها به* اى وان كان المعنى المذكور متحققة فيما بين الجمل لكان الجملة التى فرضت منعوتا محكوما ما عليها بالجملة التى فرضت نعتا لكن الجملة من حيث هى جملة لا تصلح لكونها محكوما عليها لما ذكره فى حواشى شرحه للمفتاح من ان المحكوم عليه حقيقة لا بد ان يكون مفهوما مستقلا ملحوظا فى نفسه والجملة ليست كذلك يظهر ذلك كله لمن راجع الى وجدانه وانصف من نفسه واذا كان الامر على هذا لم يستحسن تنزيل الثانية منزلة الوصف انتهى يعنى ان المحكوم عليه حقيقة لا من حيث الظاهر فان الجملة قد تقع محكوما علها ظاهرا نحو تسمع بالمعيدى خير من ان تراه لا بد ان يكون ملحوظا فى نفسه لا بتعية شئ آخر لان النفس مجبولة على انه لا يحكم على شئ ما لم يلاحظه قصدا وبالذات بخلاف المحكوم به فانه حال من احوال المحكوم عليه فيكفيه الملاحظة التبعية فلذا يقع الجملة خبرا نحو زيد قام فانه يكفى فى ذلك ملاحظة القيام من حيث انه حال من احوال زيد ولا يلزم ان يكون ملحوظا بالذات والجملة من حيث هى جملة ليست ملحوظة فى نفسها اذ المقصود من الجملة معرفة المسند اليه من حيث ثبوت حال له او انتفائه فهى آلة لتعرف حاله فلا يصح الحكم عليها لا بعد ان يلاحظ المجموع من الطرفين والنسبة مرة ثانية قصدا وبما حررنا لك ظهر ان الشكوك التى اوردها بعض الناظرين غير واردة

٣٨٠