حاشية السّيالكوتى على كتاب المطوّل

عبد الحكيم السيالكوتي

حاشية السّيالكوتى على كتاب المطوّل

المؤلف:

عبد الحكيم السيالكوتي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: منشورات الشريف الرضي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٦٣

قدس سره المراد بالخالى الخ* لا حاجة الى هذه التفسيرات لكونها مذكورة فى قوله وانما انحصر* قال قدس سره فهو المتردد* قيل يجوز ان يكون النسبة حاضرة فى ذهن المخاطب من غير التفات الى وقوعها ولا وقوعها وطلب ايقاعها وانتزاعها والجواب ان النسبة الحكمية هى النسبة التامة الخبرية اعنى النسبة المشعرة بالوقوع واللاوقوع فلا يمكن تصورها بدون ملاحظة الوقوع واللاوقوع نعم النسبة بمعنى الربط بين الشيئين يمكن ملاحظتها بدون الحكم والتردد* قال قدس سره فيمكن اعتبار الخلو الخ* خلاصته ان فى صورة الخلو افادة اللازم لازم بين لافادة الحكم فيمكن اعتبار التجريد عن التأكيد لافادة الحكم وافادة لازمه بخلاف صورتى التردد والانكار فان التأكيد لاصل الحكم لا يستلزم تأكيد العلم به الا بواسطة مقدمة هى ان اعتقاده بالحكم يتبع مطابقة الحكم فاذا كان مطابقته مؤكدا قويا عنده كان اعتقاد به ايضا كذلك وبما حررنا اندفع ما قيل انه لا تفاوت بين الخلو وبين التردد والانكار فى ان شيئا منها لم يعتبر على وجه الاصالة فى اللازم حتى لو اعتبر ذلك صار اللازم فائدة ويمكن اعتبار كل منها فى اللازم على وجه التبعية* قال قدس سره فبعد القائه الخبر الخ يريد ان بعد القاء الخبر من غير تأكيد لا يتصور بقاء التردد والانكار فلا حاجة الى التأكيد بخلاف صورتى التردد والانكار فانه بعد القاء الخبر الغير المؤكد يتصور بقاء التردد والانكار فلابد من التأكيد فاندفع انه لا يتصور خلو ذهن السامع عن علم المتكلم بهذا المعنى بعد الالقاء لكنه يتصور قبل الالقاء كما فى صورتى التردد والانكار فانهما يتصوران قبل الالقاء ولا يتصور ان بعده* قال قدس سره ثم الظاهر الخ* يعنى ثم اعلم ان ما ذكرناه من اعتبار الاحوال الثلث بالقياس الى اللازم خلاف ظاهر الحال بانه بطريق الكناية حيث جعل اعتبارها فى اصل الحكم كناية عن اعتبارها فى اللازم والظاهر اى ظاهر الحال انك اذا اعتبرت هذه الاحوال فى اللازم صار افادة اللازم مقصودا اصليا وافادة اصل الحكم مقصودا تبعيا فينبغى على مقتضى ظاهرا لحال ان يعبر عنه بما يفيده صريحا فيكون حينئذ فائدة الخبر وبما حررنا اندفع ما قيل ان قوله ثم الظاهر حيث نفى فيه امكان اعتبار الخلو بالقياس الى اللازم مناف لما مر من قوله يمكن اعتبار الخلو الخ وقال قدس سره وانت خبير الخ* اعادة لما سبق من قوله على انه اذا اريد بعلم المتكلم الخ لا ان فيه تفصيلا ليس فيما سبق فلذلك اعاده (قوله حسن تقويته) فيه اشعار بان هذا فى اقتضاء المؤكد دون المرتبة الاولى من الانكار حتى لو ترك لم يبعد

١٠١

ذلك (قوله قال الشيخ فى دلائل الاعجاز اكثر مواقع الخ) قال فى شرح المفتاح ذكر الشيخ عبد القاهر انما يحسن التأكيد اذا كان للسائل ظن فى الطرف الاخر للقطع بحسن صالح فى جواب كيف زيد وقائم فى جواب اقائم زيد او قاعد من غير تأكيد انتهى افادان ذكر ان فى عبارة الشيخ بطريق التمثيل بدليل انه ذكر فى الدليل صحة جواب صالح بدون التأكيد ولو كان الحكم المذكور مخصوصا بان عنده لاورده مؤكدا بما سوى ان وما قيل انه يجوز ان يكون كلامه محصوصا بان لكونه علما فى التأكيد مفيدا لغايته وان الاكتفاء بذكر صالح بدون التأكيد ليظهر صحة الجواب بغير ان بطريق الاولى ففيه ان كونه علما فى التأكيد ومفيدا لغايته ممنوع كيف وانه قد يستعمل لمجرد الاعتناء بشان الحكم من غير قصد التأكيد بخلاف سائر الموكدات ويستعمل فى جواب المتردد فلا يكون مفيدا لغايته (قوله هو الجواب) تعريف لفظ الجواب ليس للقصر بل من قبيل والدك العبد اى كونه اكثر المواقع معلوم مشهور فضمير الفصل لتأكيد الحكم وكذا اذا كان مبتدأ وانما قال اكثر مواقع ان لانه قد يجئ لمجرد الاعتناء بشان الحكم ووفور الرغبة فيه (قوله ظن الخ) فى تاج البيهقى الظن كمان بردن فالظن ههنا بالمعنى اللغوى كما فى قوله تعالى (ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا) وليس بالمعنى المصطلح اعنى الاعتقاد الغير الجازم حتى يرد انه اذا كان له ظن كان داخلا فى المنكر ولو ادنى الانكار (قوله فاما ان يجعل مجرد الجواب اصلا الخ) اى اما جعل مجرد الجواب من غير اعتبار الشرط المذكور اصلا مقتضيا لا يراد ان فلا يصح (قوله لا يستقيم) اى لا يكون واراد على الاصل ومقتضى الظاهر (قوله مما لا قائل به) كيف وقد وقع فى كلام الفصحاء نحو قال لى كيف انت قليل عليل* قال قدس سره فيه بحث الخ* لا يخفى ان السؤال والجواب فى جميع صور الاستفهام انما هو بالجملة الخبرية الدالة على الحكم اعنى الوقوع واللاوقوع فالمطلوب والمفاد هو التصديق الا انهم اصطلحوا على ان جهالة الحكم اذا كان باعتبار نفسه بعد العلم بالنسبة والطرفين بخصوصهما فهو لطلب التصديق واذا كان جهالته باعتبار احد الطرفين او قيد من قيودهما فهو لطلب التصور كما صرح به الشارح رحمه الله فى بحث الاستفهام فبعد ملاحظة الاصطلاح لاورود لهذا البحث ولو لم يلاحظ يلزم ان لا يصح الجواب بصالح ايضا لانه لافادة التصديق بثبوت الصلاح والمطلوب التصور* قال قدس سره قالوا المطلوب الخ* يعنى ان القوم تسامحوا فى قولهم كيف واين وامثالهما لطلب التصور مع ان المطلوب بها التصديق بناء على ان

١٠٢

التصديق الحاصل بعد الجواب لا يمتاز عن التصديق الحاصل قبله فى جميع تلك الصور الا باعتبار التصور قد عرفت انه لا حاجة الى القول بالتسامح* قال قدس سره ثم ان اشتراط الخ* يعنى ان اشتراط الشيخ يقتضى عدم الفرق بين طلب اصل التصديق وبين طلبه بخصوصه فى انه لا يحسن التأكيد بدون ظن الخلاف ويحسن معه والاولى ان يفرق بينهما بانه يؤكد فى الاول لانه متردد فى التصديق سواء كان له ظن الخلاف اولا ولا يؤكد فى الثانى لحصول التصديق* فان قدس سره فهناك يؤكد* ينتقض بقوله تعالى (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) وبقوله تعالى (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) قال قدس سره فلا حاجة الخ* وان جاز ايراده نظرا الى كونه لطلب التصديق بخصوصه فلا ينتقض بقوله تعالى (إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ) فى جواب مالونها* قال قدس سره انه لا يلزم الخ* لجواز ان يكون مشروطا بان يكون السؤال عن اصل التصديق وفيه انه يلزم ان يكون انه صالح فى جواب كيف زيد خلاف الاصل* قال قدس سره اعتبار ظن السائل الخ* فبقى الاشتراط المذكور مجرد دعوى الدليل عليه وهو لا يسمع وما قيل ان الدليل عليه الاستقراء فليس بشئ لان الاستقراء دليل على ان اكثر مواقعه الجواب لا على الاشتراط* قال قدس سره وهذا القدر* اى كون السؤال عن اصل التصديق كاف فى استحسان التأكيد ولا يلزم ان مستحسنا فى جميع صور السؤال حتى يلزم عدم صحة صالح فى جواب كيف زيد* قال قدس واما الذى له الخ* يعنى ان الصورة التى ذكرها الشيخ لا يراد ان وهو ان يكون للسائل ظن على خلافه فلا يبعد ادخاله فى المنكر وفيه انه لا اعتقاد فى تلك الصورة فكيف يدرج فى المنكر* قال قدس سره انسب الخ* لان السؤال عن السبب الخاص سؤال عن اصل التصديق كقوله تعالى (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ) فانه جواب عن هل النفس امارة بالسوء بخلاف السؤال عن السبب المطلق فانه سؤال عن التصديق بخصوصه كقوله سهر دائم وحزن طويل فانه جواب عن ما سبب علتك (قوله اذ كذبوا) ظرف للقول المدلول عليه بحكاية فانها نقل قول الغير وفيه تعريض لصاحب الكشاف حيث قال فان قلت لم قيل اولا انا اليكم مرسلون وانا اليكم لمرسلون آخرا قلت لان الاول ابتداء اخبار والثانى جواب عن انكار انتهى يعنى ان الاول ايضا واقع بعد التكذيب فكيف يكون ابتداء اخبار الا ان التكذيب فى المرة الاولى ضعيف وفى المرة الثانية قوى فلذا اختلف الكلامان فى التأكيد

١٠٣

وفى شرح المفتاح الشريفى ان قوله ابتداء اخبار للنظر الى ان مجموع الثلثة لم يسبق منهم اخبار فلا تكذيب لهم فى المرة الاولى فيحمل التأكيد فيها على الاعتناء والاهتمام منهم بالخبر انتهى وفيه ان الرسل الثلثة كانوا عالمين بانكارهم والكلام المخرج مع المنكر لا يقال له انه ابتداء اخبار وقيل انه بمنزلة ابتداء اخبار بالنسبة الى المرة الثانية لا حقيقة وقيل معناه انه اخبار غير مسبوق باخبار آخر ولا يخفى ضعفهما وعندى ان ما ذكره السكاكى رحمه الله مبنى على ان قوله تعالى (فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ) معطوف على قوله تعالى فكذبوهما والفاء للتعقيب فهذا القول صادر عن الثلثة بعد تكذيب الاثنين والتعزيز بثالث كما هو طريقة المتكلم مع الغير من كون المتكلم واحدا والغير متفقا معه فلا يرد ان شمعون كان ساكتا مخفيا حاله فكيف يقال ان قوله تعالى (إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ) صادر عن الثلثة فيكون كلاما مع المنكرين فجاء مؤكدا بان واسميه الجملة وقوله تعالى (رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ) بعد تكذيب الثلثة المبين بقوله تعالى (قالُوا ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) الاية فجاء مؤكدا بالتأكيدات وقول صاحب الكشاف مبنى على انه معطوف على قوله اذ جاءها المرسلون وانه تفصيل للقصة المذكورة اجمالا بقوله تعالى (إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ) الى قوله تعالى (فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ) فالفاء للتفصيل فقوله تعالى (إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ) بيان لقوله تعالى (إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ) فيكون ابتداء اخبار صدر من الاثنين فاتوا بصيعة الجمع تقرير الشان الخبر باتفاق جماعة عليه والمتكلم واحد منهما وقوله تعالى (قالُوا ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ) بيان لقوله تعالى (فَكَذَّبُوهُما) وقوله تعالى (قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ وَما عَلَيْنا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) بيان لقوله تعالى (فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ) فان البلاغ المبين هو اثباتهم الرسالة بالمعجزات وهو التعزيز والغلبة ولا يخفى حسن هذا التفسير لموافقته بالقصة المذكورة فى التفاسير وملايمته لسوق الاية فانها ذكرت اولا اجمالا بقوله (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ) ثم فصلت بعض التفصيل بقوله تعالى (إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ) الى قوله تعالى (فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ) ثم فصلت تفصيلا تاما بقوله تعال (فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ) الى قوله خامدون وعدم احتياجه الى جعل الفاء فى قوله فكذبوهما فصيحة بخلاف تفسير السكاكى رحمه الله فانه يحتاج الى تقدير فدعوا الى التوحيد والله اعلم باسرار كتابه* قال قدس سره ليدعوهم الى عيسى عليه السّلام الخ* فيه بحث لان المذكور دعوتهم الى التوحيد والاسلام يدل عليه قوله تعالى (وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي) الاية اى (ما لكم لا تعبدون) بعد قوله (اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ) قال قدس سره والظاهر الخ

١٠٤

لا يخفى كونه خلاف الظاهر اللهم الا ان يدعى ظهوره بالنسبة الى ما قاله الشارح رحمه الله بناء على ان فيه بعدا من حيث المعنى وفى هذا بعدا من حيث اللفظ واقول لا حاجة الى شئ من التأويلين لان رسل عيسى عليه السّلام كانوا رسلا من الله تعالى ردا له مقررين لشريعته كهارون لموسى عليه السّلام بدليل ظهور المعجزة على ايديهم المختص بالنبى على ما تقرر فى الكلام وانه لا معنى لتكذيبهم فى كونهم رسلا من البشر ووحيهم بذلك* قال قدس سره ان حكم كم الخ* فان فى كم تغليبا للخدام على السلطان بقوله هو اعلى يدا منكم فان السلطان داخل فيه وفى اضافة الحكم تغليب له عليهم والاظهر فى التمثيل قوله تعالى (أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا) حيث غلب شعيب عليه السّلام على قومه فى الخطاب وغلب القوم عليه فى نسبة العود (قوله ابدائيا) لكونه غير مسبوق بطلب او انكار (قوله فان قيل الخ) معارضة للدليل المذكور على ان مقتضى الظاهر اخص مطلقا وتوجيهه ان دليلكم وان دل على ذلك لكن عندنا ما ينفيه فان الكلام المذكور على وفق مقتضى الظاهر اى على وفق امر ظاهر وهو الانكار وليس على وفق الحال اصلا لان الحال كما مر عبارة عن الداعى الى اعتبار خصوصية فى الكلام زائدة على ما يفيد اصل المعنى ولا داعى للمتكلم ههنا سوى الخلو الادعائى وهو يقتضى ترك التأكيد لا التأكيد فبينهما عموم وخصوص من وجه لاجتماعهما فيما اذا كان الداعى هو الظاهر وتحقق مقتضى الظاهر بدونه فيما اذا كان الكلام على وفق الظاهر الذى لا يكون داعيا كالصورة المذكورة وتحقق مقتضى الحال بدونه فيما اذا كان على وفق مقتضى الحال الغير الظاهر ومبنى المعارضة ان متقضى الظاهر ليس عبارة عن مقتضى ظاهر الحال حتى يكون اخص مطلقا بل عن مقتضى الامر الظاهر سواء كان حالا او لا وبما حررنا اندفع ما قيل انه اذا كان مقتضى الظاهر عبارة عن مقتضى ظاهر الحال كان اخصيته ضروريا فلا ورود لهذا الاعتراض وان قول المعترض انه على وفق مقتضى الظاهر اى ظاهر الحال اعتراف بانه على وفق مقتضى الحال فكيف يقول انه ليس على وفق مقتضى الحال مطلقا (قوله غير بليغ) لعدم كونه على وفق مقتضى الحال (قوله اذ لا يعرف الخ) اى لا يعرف اعتباره المتكلم وعدم اعتباره الا بالتأكيد فى كلامه وتركه وان كان يعرف الانكار وعدمه بعلامات دالة عليه او باظهار المخاطب (قوله فيجعل الخ) لا يخفى ان الجعل ليس متأخرا عن الاخراج فاما ان يجعل الاخراج مجازا عن ارادته او يجعل الفاء للتفصيل (قوله اذا قدم اليه الخ) قال فى شرح المفتاح هذا الاشتراط

١٠٥

بالنظر الى ما هو الشايع فى الاستعمال ولا يمتنع ان يقع ذلك بسبب غير التلويح انتهى كالاهتمام بشان الخبر لكونه مستبعدا او التنبيه على غفلة السامع (قوله اى للخبر) فاللام زائدة كما فى ردف لكم على ما ذكره الرضى فى معرفة المتعدى واللازم من ان استعمال الفعل اذا كان بحرف الجر وبدونه كثيرا فهو متعد ولازم واذا كان بحرف الجر كثيرا فهو لازم وما ورد بدونه فهو على نزع الخافض واذا كان استعماله بدون حرف الجر كثيرا فهو متعد وما ورد به فحرف الجر فيه زائدة وانما لم يجعل ضمير له للملوح مع عدم احتياجه الى توجيه اللام لان الفاء يفيد ما يفيده اللام فيلزم الاستدراك (قوله لا تدعنى) كنى عنه بالنهى عن المخاطبة بمعنى المحاورة للمبالغة (قوله فهذا كلام يلوح بالخبر) اى بخصوصه مع قوله تعالى (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ) لان صنعه للخلاص عن الغرق واما بدونه فملوح الى جنس الخبر اى كونهم محكوما عليهم بالعذاب كما فى المختصر ان هذا كلام يلوح بالخبر تلويحا ما ويشعر بانه قد حق عليهم العذاب (قوله فصار المقام مقام ان يتردد المخاطب) بالنظر الى الملوح وان لم يتردد المخاطب ولم يطلبه (قوله اشارة ما) اى خفية فان التلويح فى اللغة الاشارة من بعيد وانما كان المراد ذلك لان فى بعض الامثلة ليس التلويح الى خصوص الخبر فان فى قوله تعالى صل عليهم تلويحا الى جنس الخبر وهو ان فى صلوته عليه السّلام منفعة لهم وفى قوله تعالى (اتَّقُوا رَبَّكُمُ) اى احفظوا انفسكم عما يضركم فى الاخرة تلويحا الى ان فى الاخرة عقوبة على الاعمال ومن جملتها ان زلزلة الساعة اى الاهوال التى فى تلك الساعة شئ عظيم (قوله حتى ان النفس اليقظى) اى المتهيأة لدرك ما يرد عليها تكاد تترد فى الخبر بخصوصه بناء على انها تعلم ان الجنس لا يوجد الا فى فرد ما فتكون ناظرة اليه بخصوصه كانها مترددة فيه كنظر السائل وتردده وبما ذكرنا اندفع ما قيل ان سبق الملوح الى الجنس الخبر واستشرافه له يقتضى تأكيده لا تأكيد الخبر المخصوص هذا لكن ما ذكره الشارح رحمه الله مخالف لعبارة المفتاح حيث قال تتميل بين اقدام للتلويح واحجام لعدم التصريح اى النفس اليقظى تتميل اى تتكلف الميل بين اقدام على الحكم الملوح به لاجل التلويح وبين احجام عنه لعدم التصريح به فانه يدل على ان التردد فى الحكم الملوح به بالنظر الى الاعتبارين اللهم الا ان يعتبر التلويح الى الجنس تلويحا الى الخبر المخصوص فتدبر (قوله حجل) بالفتح عم النبى صلّى الله عليه وسلّم واسمه مغيرة واما حجل بالتحريك فهو شاعر عبد لبنى مازن كذا فى القاموس (قوله واضعا على العرض) فى التاج العرض چوب بر پهنا نهادن وشمشير بر پهنا بر ران نهادن وفى شرح المفتاح للكاشى العارض هو الذى يضع السيف

١٠٦

وغيره على فخذ عرضا فالمراد بالعرض عرض الموضوع لا الموضوع عليه على ما هم ومعنى كون الرمح موضوعا على عرضه ان يكون عرضه الى العدوّ دون طوله او ان ميل عرضه وثقله واقع على الشئ بخلاف ما اذا كان مرفوعا فان ثقل طوله واقع عليه (قوله ان بنى عمك فيهم رماح) وبعده هل احدث الدهر لنا نكبة ام هل وقت شقيق بسلاح قوله رقت من الرقية والمراد من سلاح سلاحنا وقد حذف المضاف اليه كذا فى شرح العلامة رحمه الله ومن هذا يظهر ان القائل داخل فى بنى عمه يخاطبه بهذا الكلام فظهر كونه التفاتا من الغيبة الى الخطاب بلا ريبة بل فى جاء شقيق ايضا النفات على رأى السكاكى رحمه الله وان ما قيل انه حكاية كلام صدر من شخص عند مجئ شقيق لمحاربة بنى عمه وليس فى ذلك الكلام التفات لعدم سبق التعبير عنه وعدم كونه على بخلاف مقتضى الظاهر ليس بشئ (قوله يعتقد الخ) لان الجائى للحرب لا يكون خالى الذهن عن تصور السلاح للعدو والمتردد فيه لا يترك الا لتهيؤ للحرب والالتفات الى السلاح (قوله لان تماديهم الخ) لان المتردد لا يكون متماديا والخالى لعدم تصوره الموت والاهوال التى بعده لا اعراض له عنه (قوله ظاهر فى التمثيل) اى المتبادر من ايراده بعد القاعدة انه مثال له (قوله فان قيل الخ) ظاهره ابطال لكونه تمثيلا فيكون معارضة ويجوز ان يكون منعا مع السندين (قوله لكثرة المرتابين) فالريب فيه متحقق فى نفس الامر من المشركين معلوم للمتكلم فلا يصح نفى الريب عنه فى نفس الامر ولو باعتبار علم المتكلم فضلا عن ان يؤكد فان التأكيد لدفع انكار المخاطب للحكم الذى هو صحيح فى نفس الامر فى علم المتكلم (قوله مما اكد فيه الحكم بالتكرير) فالحكم فى كل واحد من الجملتين مؤكد بالاخرى لاتحادهما فى المآل وان كان اطلاق المؤكد فى الاصطلاح على الثانية (قوله ويكون على مقتضى الظاهر) لورود الكلام المؤكد للمنكر ولا نسلم انه من قبيل جعل المنكر كغير المنكر هذا ان قرر السؤال منعا وان جعل معارضة فنقول والاصل ان يكون الكلام على مقتضى الظاهر وعلى التقديرين اندفع انه يجوز ان يكون من قبيل تنزيل المنكر منزلة المتردد والتأكيد لازالة تردده فلا يكون على مقتضى الظاهر (قوله بل مقصود المصنف رحمه الله) عطف على قوله التمثيل به لا يكاد يصح واضراب عن السؤال الى توجيه المتن بانه نظير للقاعدة السابقة وليس مثالا له فاللام فى قوله لتنزيل للاجل اى لاجل تنزيل وجود الشئ منزلة عدمه فى كل منهما بناء على ما يزيله (قوله انه لما نفى الريب الخ) يعنى ان ظاهر الكلام غير صحيح وبالتأويل يصح كونه نظيرا وكونه مثالا فاضراب

١٠٧

السائل عن عدم صحة التمثيل الى صحة النظير غير موجه وبهذا علم ان اعادة ما ذكر فى السؤال ليس استطراديا كما وهم على ان الاستطراد ايراد كلام يتبع كلاما آخر ولا تعلق للتأويل الثانى بالاول (قوله وحينئذ لا يكون مثالا الخ) قيل اذا ضم اليه اعتبار آخر بان يقال هذا الحكم اعنى جعل وجود الريب بمنزلة عدمه مما ينكره المرتابون لانكارهم وجود المزيل فيجب التأكيد وتركه لتنزيل المنكر منزلة غيره فيكون مثالا اقول هذا التنزيل غير معلوم للمرتابين قبل القاء هذا الكلام فكيف يتصور انكارهم اياه والقول بان انكار هذا الحكم باعتبار انكار مبناه اعنى وجود المزيل ووجوب التأكيد فيه باعتبار وجوب التأكيد فى مبناه مما لا يقول به عاقل وما قيل فى الجواب من ان المراد لا يكون مثالا بمجرد هذا التنزيل وهذا لا ينافى كونه مثالا بضم اعتبار آخر معه فليس بشئ لان المقصود صحة كونه مثالا باّى طريق كان وكذا الجواب بانه بعد التنزيل المذكور صار الريب معدوما فلا يصح ضم اعتبار آخر يكون مترتبا على وجود الريب فان صيرورته معدوما تنزيليا لا ينافى وجوده حقيقة* قال قدس سره فاشار الخ* الاظهر ان يقال معنى ما نفى ما اريد بنفى الريب ان احد الا يرتاب فيه انما المنفى اى انما المراد بالمنفى كونه محلا للريب والتعبير بالفعل عن ارادته شائع (قوله بل بمعنى الخ) يعنى ان معناه ذلك لا انه كناية عنه كما وهم فاعترض بان الكناية ابلغ من الصريح فيكون فيه تأكيدا على ان ايراد الحكم بطريق الكناية لم يعدوه من طرق تأكيد الحكم لرد الانكار فان الحكم بها يكون اوقع فى القلب لكونه كدعوى الشئ بالبينة لا اوكد (قوله وهذا حكم صحيح) وخوطب به كل الناس بل الجن ايضا ليصدقوا بالقرآن ويعلموا كونه من عند الله وان كان المخاطب بمعنى من يتلقى الكلام هو النبى صلّى الله عليه وسلّم كما يدل عليه الكلام فى ذلك وفى قوله تعالى (بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) فاندفع ما قيل ان المخاطب بهذا الكلام هو النبى صلّى الله عليه وسلم واصحابه رضوان الله عليهم وهم غير منكرين له فلا يجب تأكيده فان منشأه عدم الفرق بين معنيى المخاطب اعنى من يتلقى الكلام ومن يتوجه اليه الكلام ويقصد منه كيف ولو كان المخاطب هو النبى صلّى الله عليه وسلّم واصحابه رضوان الله تعالى عليهم لم يكن هذا الكلام لافادة الحكم ولا لازمه (قوله وهو انه كلام الخ) يعنى ان اعجازه دليل وكون من اتى به صادقا مصدقا بالمعجزات دليل آخر لا ان المجموع دليل واحد فان كل واحد منهما دليل مستقل على كونه من عند الله واما جمع الدلائل فباعتبار كثرة المنكرين ولكل واحد منهم دليلان* قال قدس سره ما اتى بهذا

١٠٨

الخبر* وو هو ان احدا لا يرتاب فيه كما صرح به فى حاشية الكشاف ففاعل نفى على هذا التوجيه ان احد لا يرتاب فيه (قوله ان المذكور) اى المذكور انه بمنزلة التأكيد المعنوى وهو انما يكون لدفع التجوز فلا يكون من قبيل التكرير اللفظى حتى يكون مفيدا لتأكيد الحكم وفيه بحث لان المذكور ان الجملة المؤكدة لا بد ان تكون مقررة للجملة الاولى والا لم تكن مؤكدة فان اختلف معناهما كانت بمنزلة التأكيد المعنوى وان اتحد المعنى كانت بمنزلة التأكيد اللفظى فتقرير الحكم واجب فى كليهما الا انه فيما هو بمنزلة التأكيد المعنوى باعتبار حاصل معنييهما وفيما هو بمنزلة التأكيد اللفظى باعتبار صريح المعنى اللهم الا ان يقال مراد المجيب انه لا يكون من قبيل التكرر المفيد لتأكيد الحكم صريحا اللازم فى رد الانكار وما قيل ان الجواب الحاسم لمادة السؤال ان يقال ان التمثيل على قول من يجعل لا ريب فيه خبر ذلك الكتاب كما ذكره صاحب الكشاف وما هو فى الفصل والوصل فمبنى على مختاره من لا ريب فيه جملة مستقلة فليس بشئ لانه على تقرير كونه خبرا يكون جملة ذلك الكتاب لا ريب فيه مشتملة على تأكيد الحكم لتكرر الاسناد كما فى زيد ضربته سواء كان داخلا فى التقوى الاصطلاحى كما هو عند الشيخ عبد القاهر او لا كما هو مذهب المصنف رحمه الله* قال قدس سره كما صرح به فيما بعد* اقول صرح ايضا فيما بعد ان التأكيد فى نحو جاءنى الرجلان كلاهما لدفع توهم ان يكون الجائى واحدا منهما والاسناد اليهما انما وقع سهو او التحقيق ان التأكيد المعنوى يدفع السهو المخصوص وهو ان يكون ذكر المتبوع سهوا عما يخالفه فى الافراد والتثنية والجمع ولا يدفع كونه سهوا عما يماثله فيها مثلا نفسه فى قولنا جاءنى زيد نفسه يدفع ان يكون زيد سهوا عن التثنية والجمع ولا يدفع كونه سهوا عن عمرو وكذا كلاهما يدفع ان يكون ذكر المتبوع بطريق السهو عن الجمع والمفرد ولا يدفع عن مثنى آخر غير المذكور وكله يدفع ان يكون ذكر متبوعه سهوا عما لا جزء له ولا يدفع عن ذى اجزاء غير متبوعه* قال قدس سره فلا يدفعه ما هو بمنزلته* قد عرفت الفرق بين التأكيد المعنوى وبين ما هو بمنزلته فى ان الاول لا يدفع السهو والثانى يدفعه لكونه مقررا للحكم (قوله لكن المذكور الخ) لعل المذكور فى دلائل الاعجاز مبنى على ان الضمير فى فيه راجع الى الحكم المدلول عليه بذلك الكتاب فالقول بانه لا ريب فى هذا الحكم كتكرير ذلك الحكم وما ذكره المصنف والسكاكى رحمه الله مبنى على رجوعه الى ذلك الكتاب اى لا ريب فى هذا الكتاب بوجه من الوجوه لا من حيث اللفظ ولا من حيث المعنى فيكون فى غاية الكمال اذ لا كمال للكلام ابلغ من عدم الريب فيه

١٠٩

بوجه من الوجوه فيكون كتابا بالغا غاية الكمال فيكون تأكيدا معنويا لذلك الكتاب لاختلافهما من حيث المعنى ولكل وجهة هو موليها والتمثيل يكفيه الاحتمال ولا يجب كونه نصافيه (قوله كناية عن انك نزلت الخ) لانه ذكر اللازم الذى هو مدلول الكلام المشتمل على الخصوصية وهو المقام الذى يناسبه بحسب الظاهر مع عدم قرينة مانعة عن ارادته بل استعمل اللفظ فيه وقصد منه لينتقل منه الى ملزومه الذى هو تنزيل المقام الغير المناسب منزلة المقام المناسب وهذا التنزيل هو المقصود الاصلى ومحط الفائدة والصدق والكذب كما هو شان الكناية هذا ان اريد بالكناية المعنى المصدرى ونفس الكلام الدال على المقام المناسب ان اريد بها المعنى الاسمى (قوله لان هذا المعنى الخ) اى تنزيل المقام المحقق منزلة المقام المناسب مما يلزمه اى يتبعه ايراد الكلا مشتملا على الوجه المخصوص اى الكيفية المخصوصة من التأكيد وتركه اى يتبعه اشتمال الكلام على الكيفية المخصوصة بناء على ان محط الفائدة هو القيد ليدل ذلك الكلام باعتبار تلك الكيفية على المقام المناسب وينتقل منه الى تنزيل المقام المحقق الغير المناسب منزلته وليس المراد ان نفس ايراد الكلام تابع للتنزيل المذكور ولازم له حتى يرد ما اورده السيد قدس سره من ان كون احد فعلى المتكلم تابعا لفعل آخر لا يوجب صحة كونه كناية اصطلاحية (قوله عن انك جعلت الخ) فقولنا الاسلام حق كناية بلا واسطة عن جعل انكاره كلا انكار لان الخلو الذى يدل عليه ترك التأكيد فى ذلك القول يتبع التزيل المذكور وكناية عن وجود المزيل بواسطة لان التنزيل المذكور يتبع وجود المزيل (قوله لان سوق الكلام الخ) اى ذكره مع المنكر مشتملا على ترك التأكيد الذى هو وظيفة الخالى يدل على الخلو الادعائى الذى يتبع التنزيل المذكور وينتقل منه اليه والى ما يتبعه وهو وجود المزيل فقوله الى هذا المعنى اشارة الى مجموع الجعل المذكور ووجود المزيل* قال قدس سره اذ ليس هناك استعمال الخ* فلا يتحقق الكناية لا بالمعنى المصدرى ولا بمعنى نفس اللفظ فما قيل ان هذا توجيه لكلام السكاكى رحمه الله على مقتضى تعريفه للكناية ويمكن التوجيه على تقدير كونها نفس اللفظ بان معنى قوله ايراد الكلام المورد ومعنى قوله يلزمه ايراد الكلام يلزمه معنى الكلام المورد ومعنى قوله سوق الكلام مع المنكر الكلام المسوق فعلى هذا لا يرد اعتراض السيد الشريف ليس بشئ لان مقصود السيد الباحث ان الشارح رحمه الله ما اثبت اللزوم الا بين الفعلين وليس ههنا استعمال لفظ فى اللازم والانتقال منه الى ملزومه لا انه لا يصح هذا التوجيه على تقدير كونها عبارة عن نفس اللفظ

١١٠

* قال قدس سره يرده ظاهر عبارة المفتاح الخ* وان امكن توجيهه بان يقال مراده ان اخراج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر اذا وقع فى علم البيان بان يذكر اللفظ الدال على اللازم ويراد به الملزوم فانه ايضا اخراج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر يسمى بالكناية وليس المراد ان الاخراج المبحوث عنه ههنا يطلق عليه الكناية ويؤيده تقديم الجار والمجرور اعنى فى علم البيان على يسمى وكون التسمية حينئذ بمعنى الوضع كما هو المتبادر دون الاطلاق* قال قدس سره والاوجه* اى البالغ فى الوجاهة واشارة الى صحة وجه الشارح رحمه الله فى الجملة بناء على ما قلنا* قال قدس سره ان معه ما يستلزم خلو ذهنه* وهو عدم جريه على موجب العلم وانما قال ادعاء اذ عدم الجرى لا يستلزم عدم العلم فى نفس الامر* قال قدس سره اعنى عدم الانكار* اى عدم الانكار المطلق اللازم للمدلول العرفى للكلام المجرد اعنى الخلو لا عدم الانكار مطلقا المتحقق فى صورة الخلو والعلم حتى يرد انه يلزم ان يكون القاء الكلام المجرد الى العالم على مقتضى الظاهر كما وهم* قال قدس سره واريد به ما يستلزمه الخ* ان اراد انه اريد به ما يستلزمه بلا واسطة فيرد عليه انه لا حاجة الى التنزيل وجعل انكاره كلا انكار مع ان القوم صرحوا بذلك وان مقصود المتكلم من القاء الكلام المجرد الدلالة على وضوح الحكم وعدم الاعتداد بانكار المخاطب لا مجرد الدلالة على وجود المزيل وان اراد انه اريد به ما يستلزمه بواسطة ان دلالة الكلام المجرد على عدم الانكار يستلزم جعل انكاره كلا انكار فهو عين ما ذكره الشارح رحمه الله كما مر والمراد بالاستلزام الاستتباع بناء على ان السكاكى رحمه الله يشترط فى الكناية ان يكون الانتقال من التابع الى المتبوع وانما لم يقل ههنا ادعاء لتحقق الاستتباع فى نفس الامر ايضا فى هذه الصورة لان وجود مزيل الانكار يستتبع عدم الانكار* قال قدس سره يستلزم انكاره ادعاء* وان كان فى الواقع ملابسة امارات الانكار لازما وتابعا للانكار والادعاء المذكور بناء على ان وجود الامور الخفية فى العرف مبنى على وجود اماراتها ولذا يحكم بكفر من توجد فيه امارات الكفر وبايمان من توجد فيه اماراته فاندفع ما قيل ان الاستلزام ههنا بالعكس* قال قدس سره فهى اغراض اصلية* كما مر سابقا منقولا عن الشيخ ان المعانى الاول مطروحة فى الطريق وان الكلام الذى ليس له معنى ثان ملحق باصوات الحيوانات وكونها من مستتبعات التراكيب بمعنى انها تفهم من خصوصيات ومزايا تراعى فى التراكيب بعد اعتبار

١١١

معانيها الاصلية لا ينافى كونها اغراضا اصلية كما وهم وفى قوله فهى اغراض اصلية اشارة الى ان اخراج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر كناية عن الصفة كما صرح به فى شرح المفتاح اعنى ما يستلزم عدم العلم او عدم التردد او عدم الانكار لا عن النسبة كما وهم من قوله معه بقرينة ذكره فيما بعده (قوله ونظير ذلك الخ) قال فى شرح المفتاح وتقرير كون الاخراج على خلاف مقتضى الظاهر كناية مما لم ار احدا حام حوله الا انه ذكر صاحب اللباب الاعراب فى شرح قول الشاعر الخ فاستفدت منه انه يجوز ان يقال ان ايراد الكلام فى مقام لا يناسبه الى آخر ما مر انتهى ويعلم منه ان تقرير الشارح رحمه الله كونه كناية على وفق عبارة صاحب اللباب اشارة الى ان ما هو حل لعبارته فهو حل لهذه العبارة بلا تفاوت فان صح احديهما صحت الاخرى والا فلا وانما قال نظير ذلك لان فى البيت ايراد الجملة على وجه استيناف الدال على كونه جواب السؤال كناية عن تنزيل السؤال المقدر منزلة المحقق ومن ان الجملة السابقة لغرابتها تحوج الى السؤال وتلوح له (قوله ولما كانت الامثلة المذكورة الخ) اشارة ان قوله وهكذا اعتبارات النفى على حذف المضاف اى امثلة اعتبارات النفى وذلك لان الاعتبارات المذكورة فيما سبق لاخراج الكلام على مقتضى الظاهر وعلى خلافه عامة لا اختصاص لشئ منها بالاثبات انما وقع الاختصاص فى الامثلة فعمم الامثلة لدفع توهم اختصاص الاعتبارات بالاثبات سيما اذا ضم معه ايراد مثال لنوع واحد من النفى ما ذكره الشارح رحمه الله موافق لما فى الايضاح حيث قال هذا كله اعتبارات الاثبات وقس عليها اعتبارات النفى كقولك ليس زيدا وما زيد منطلقا او بمنطلق او ما ينطلق او ما ان ينطلق زيد او ما كان زيد منطلقا او ما كان زيد ينطلق ولا ينطلق زيد ولن ينطلق زيد وو الله ما ينطلق او ما ان ينطلق زيد انتهى حيث اكتفى بايراد الامثلة (قوله وكذا المجرد عن التأكيد) اى لا يجب ان يكون لخلو ذهن المخاطب كما بينه بقوله وقد يترك تأكيد الحكم الخ (قوله اورد الانكار) اى محق او مقدر (قوله ولا يجب فى كل كلام الخ) تعميم بعد التخصيص بان لزيادة الاعتناء بحالها (قوله ان يكون الغرض منه رد انكار) اى نفيا لشك اورد الانكار بقرينة ذكره فيما سبق فعبارته من صنعة الاحتباك (قوله للدلالة الخ) فهو لاستبعاد وقوعه يقرره بادخال ان وليس المنظور فيه حال المخاطب اصلا ثم انه يتولد من الاستبعاد التحزن والتحسر والتوبيخ وغير ذلك مما يناسب المقام وهذا معنى قولهم انه لانشاء التحسر والتحزن لا انه موضوع له اذ لا تؤكد

١١٢

الانشاآت بان (قوله كان من المتكلم) كان الاولى ناقصة خبرها انه لا يكون والاخيرتان تامتان كذا نقل عنه (قوله كان من الامر ما ترى) كان تامة ومن الامر حال من ما ترى بيان له وليست ناقصة ومن الامر خبرها لان من بيانية ولم يعهد كونها خبرا صرح به الشارح رحمه الله تعالى فى شرح الكشاف قوله جزائى ما ترى بدل من جزائى او ابيان له او مفعول ثان لفعل بتضمن معنى الجعل (قوله ان لضمير الشان الخ) وجه الحسن ان ضمير الشان يستعمل فى مقام اجمال ثم التفصيل لاعتناء المتكلم بشان الحكم وتقريره فى ذهن السامع وان لمفيدة للتأكيد ادخل فيه (قوله بل لا يصح) عطف بحسب المعنى اى لا يحسن بدونها اصلا بل لا يصح فى بعض الصور وهو اذا كانت الجملة المفسرة شرطية او فعلية كما يدل عليه التمثيل وقد نص عليه الشيخ فى دلائل الاعجاز وهذا بالاستقراء فلا يرد نحو (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) على تقدير كون الضمير للشان (قوله تهيئة النكرة الخ) لان كلمة ان لكونها مشبهة ومتضمنة لمعنى الفعل تقديمها كتقديم الفعل فيصح وقوع النكرة بعدها كالفعل (قوله مبتدأ) اى محلا لانها من حيث اللفظة تكون اسم ان (قوله او لم يجز) اى بل لم يجز وانما اورد كلمة او قطعا للمناقشة كذا نقل عنه يعنى ان مقصود الشيخ الجزم بعدم الجواز بدليل ما بعده من قوله لانها الخاصة له والمتكفلة لشانه والمترجمة عنه الا انه اورد كلمة او دفعا للمناقشة بانه ان لم توجد القرينة لا يجوز الحذف فى ان وان وجدت يجوز فى غيرها ايضا وليس المراد ان كلمة او بمعنى بل حتى يرد انه اذا كان بمعنى بل فالمناقشة باقية (قوله وقد يترك الخ) بيان للكلية المذكورة بقوله ولا يجب فى كل كلام مؤكد الخ على غير ترتيب اللف كما ان كلام الشيخ بيان لقوله لا ينحصر فائدة ان الخ وحاصله ان توكيدا لحكم وتركه كما يكون راجعا الى المخاطب يكون راجعا الى المتكلم نفسه فالتأكيد لاظهار صدق رغبته وكونه رايجا منه بتلقاه السامع بالقبول ويصغى اليه بشرا شره فالمقام خليق بالاطناب وترك التأكيد لعدمها (قوله غير معتقد له) اى للحكم واذا لم يكن معتقد اله لا يكون له وقع واعتداد عند المتكلم فلا يقصد تأكيده وتقريره وانما يتكلم به ضرورة وبهذا ظهر انه لا يمكن ان يكون من تنزيل المنكر منزلة غير المنكر على ماوهم لان التنزيل المذكور انما يكون لادعاء ان ذلك الحكم بين لا ينبغى ان ينكر لوجود المزيل وهذا انما يكون فى حكم يكون للمتكلم مزيد اعتناء بشانه (قوله على لفظ التوكيد) بخلاف ما اذا اورده غير مؤكد فانه لا يبعد قبوله منه (قوله ويؤكد الحكم المسلم) بين المتكلم والمخاطب فلا يمكن جعله من قبيل تنزيل غير المنكر منزلة المنكر لملابسة امارات

١١٣

انكار فانه بعد العلم بثبوت الحكم لا اعتداد بالامارات (قوله ليس ما خاطبوا به الخ) عبارة الكشاف فان قلت لم كان مخاطبتهم المؤمنين بالجملة الفعلية وشياطينهم بالاسمية محققة بان قلت ليس ما خاطبوا به المؤمنين الخ فقوله لانهم فى ادعاء حدوث الايمان دليل لمخاطبتهم المؤمنين بالجملة الفعلية يعنى انهم فى ادعاء حدوث الايمان والمفيد له الجملة الفعلية الدالة على الحدوث واما ترك التأكيد المستفاد من قوله بالجملة الفعلية اى فقط من غير تأكيد ومن مقابلته بالاسمية محققة بان فدليله قوله لا فى ادعاء انهم اوحديون فيه (قوله جديرا باقوى الكلامين) نقل عنه يعنى ليسوا فى ادعاء معنى يكون جديرا بالكلام القوى الوكيد فكيف بالاقوى الاوكد والظاهر انه لم يقصد بالاقوى التفضيل على كلام قوى يرشدك الى هذا جعل مخاطبة اخوانهم مظنة للتحقيق ومئنة للتوكيد انتهى يريد دفع ما يرد من ان افعل التفضيل يقتضى اشتراك الكلامين فى القوة مع انه لا قوة فى قولهم آمنا ويشعر بان مخاطبة المؤمنين جديرة بالكلام القوى والدليل يدل على عدم كونها جديرة بالكلام القوى وحاصل التوجيه الاول ان النفى المستفاد من ليس متوجه الى اصل الفعل لا الى الزيادة فاندفع الايراد الثانى واختيار صيغة التفضيل لكون قولهم انا معكم اقوى حيث اتى بالاسمية المحققة بان مع التأكيد بقولهم انما نحن مستهزؤن وان افعل المضاف مستعمل للزيادة المطلقة يشير اليه قوله بالاقوى الاوكد حيث لم يذكر المفضل عليه لا للزيادة على ما اضيف اليه فلا يقتضى الاشترك فى اصل الفعل كما فى محله فاندفع الايراد الاول وحاصل التوجيه الثانى ان صيغة التفضيل مجرد عن معنى التفضيل وصيغة التفضيل المضاف تجئ بمعنى اصل الفعل نص عليه فى التسهيل وشرحه للعلامة المصرى والدليل على ذلك انه اثبت فى مخاطبة الشياطين مجرد القوة والتأكيد لا الزيادة فيها فاندفع الايراد ان معا (قوله لا فى ادعاء انهم اوحديون فيه) لم يقل لا فى ادعاء تحقيق الايمان وتقريره مع انه المستفاد من التأكيد اشارة الى ان تحقيق الايمان وتأكيده كناية عن كونهم اوحد بين فيه مفارقين عن اخوانهم فى تلك الصفة يدل عليه قولهم لاخوانهم انا معكم (قوله اما لان انفسهم الخ) دليل لنفى الادعاء المذكور وهو محل استشهاد الشارح رحمه الله حيث يفهم منه ان ترك التأكيد فيه لعدم المساعدة او لعدم الرواج (قوله واما مخاطبة الخ) عطف على قوله ليس ما خاطبوا الخ (قوله بالثبات على اليهودية) اشارة الى وجه ايراد الاسمية (قوله فهم فيه على صدق رغبة) فيليق بالتأكيد والاطناب فهم مبتدأ خبره على صدق رغبة والجملة خبر مخاطبة اخوانهم والعائد محذوف اى فيها وفيه متعلق برغبة اى فهم

١١٤

فى تلك المخاطبة على صدق رغبة فى الاخبار بالثبات على اليهودية (قوله مظنة) بكسر الظاء اسم مكان والقياس الفتح كسروها فرقا بينه وبين المصدر اى فموضع يظن فيه التحقيق (قوله ومئنة للتوكيد) اى موضع يقال فيه انه يؤكد فى الاساس فلان مئنة للخير اى موضع يقال فيه انه الخير وفى القائق وحقيقتها انها مفعلة من معنى ان التأكدية غير مشتقة من لفظها لان الحروف لا يشتق منها وانما ضمنت حروف تركيبها لايضاح الدلالة على ان معناها فيها والمعنى مكان لقول القائل انه كذا ولو قيل اشتقت من لفظها بعد ما جعل اسما كان قولا انتهى ولا يخفى ان القول بعدم الاشتقاق فى الحروف يستلزم عدم انعكاس تعريفه حيث اطلقوا الكلمة ولم يقيدوها بما عدا الحروف (قوله وقد يؤكد الخ) اى قد يجئ التأكيد فى الخبر بالنسبة الى لازم الفائدة (قوله وعليه قوله تعالى الخ) فالتأكيد ليكون الرد موافقا للمردود (قوله لدفع الايهام الخ) اى لدفع ايهام رجوع التكذيب المدلول بقوله تعالى (إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) الى كونه رسول الله لان قوله والله يعلم انك لرسوله من مقول الله معطوف على اذا جاءك المنافقون ولا يجوز ان يكون من مقول المنافقين معطوفا على نشهد ويكون التأكيد المستفاد من قوله والله يعلم بالنسبة الى لازم الفائدة اى والله يعلم انا عالمون مصدقون بانك لرسول الله لانه حينئذ يكون تأكيدا لقولهم نشهد انك لرسول الله فلا يصح عطفه عليه بالواو (قوله ثم الاسناد مطلقا) اى النسبة مطلقا بقرينة ادخال اسناد المشتقات والمصدر فى تعريف الحقيقة والمجاز والاصل ان يكون القسم اخص من المقسم مطلقا والتعرض لتعميم الخبرى والانشائى لدفع توهم تخصيصه بالخبرى او المراد بالخبرى اعم من ان يكون صريحا او ضمنا (قوله لئلا يعود الخ) يعنى لو ذكر الضمير لكان مقتضى الظاهر رجوعه الى الاسناد الخبرى لانه المذكور صريحا فعدل عنه الى الظاهر ليكون هذا العدول قرينة على ان المراد به غير الاول وقولهم المعرفة اذا اعيدت معرفة كان الثانى عين الاول ليس على اطلاقه بل مقيد بما اذا خلا عن قرينة المغايرة نص عليه فى التلويح ويجئ فى بحث التشبيه ايضا (قوله لان من الاسناد الخ) يعنى لو قال بكلمة اما لافاد حصره فى القسمين وليس كذلك فما قيل انه يجوز ان يكون كلمة اما لمنع الجمع لا لمنع الخلو منشأه عدم العلم بفائدة التقسيم على انه يكفى فى العدول توهم منع الخلو ولا يجب ان يكون نصافيه (قوله بعضه حقيقة) اشار الى ان من بتأويل البعض مبتدأ وما بعده خبره لانه محط الفائدة كما حققه فى شرح الكشاف (قوله يعنى الخ) يريد دفع ما يترائى

١١٥

من ان النسبة الى الفاعل مأخوذة فى مفهوم الفعل فكون الاسناد اليه حقيقة والى غيره مجازا يكون مستفادا من الوضع وحاصل الدفع ان تعيين الفاعل منسوب الى قصد المتكلم ومفوض اليه وهو مناط كونه حقيقة او مجازا والعائد الى الواضع تعيين المعنى وانه لاثبات الحديث المقترن بالزمان للفاعل (قوله انه من الاحوال المذكورة الخ) يعنى انهما من الاحوال التى يطابق بها اللفظ مقتضى الحال كالتأكيد والتجريد فذكر احدهما فى المعانى دون الآخر تحكم (قوله لان علم المعانى الخ) يعنى مجرد كونهما من الاحوال المذكورة لا يكفى فى ادخالهما فى المعانى بل لا بد ان يكون البحث من حيث المطابقة كما مر والبحث عنهما ليس من هذه الحيثية اذ لا يجب عن الدواعى المقتضية لايراد الحقيقة والمجاز (قوله والا) اى وان لم يعتبر الحيثية لزم دخول اللغويين فى المعانى ايضا (قوله اسناد الفعل) اى نسبته مطلقا ناقصة كانت او تامة خبرية او انشائية محققة او مقدرة صرح به الفاضل اللارى فى تعريق الفاعل بما اسند اليه الفعل فيدخل فيه نسبة المصدر والمشتقات الى فواعلها (قوله اى شئ) فسر ما بالنكرة لان التعيين غير معتبرو لذا قال فى المجاز الى ملابس له (قوله متعلق بالظرف) لنيابته عن العامل* قال قدس سره توضيح ما ذكره الخ* هذا التوضيح مناف لما سيجئ من قول الشارح رحمه الله تعالى بل جوابه ان ما عند المتكلم اعم من ان يكون عنده فى الحقيقة او فى الظاهر فانه يدل على عدم تبادر كونه فى الواقع فالصواب ان يقال ان ما هو له يحتمل الامرين ان يكون هو له فى الواقع وان يكون عند المتكلم فاذا قيد بقوله عند المتكلم صار نصا فى ما هو له عنده فيدخل ما يطابق الاعتقاد فقط ثم بعدا تقييد به يحتمل ان يكون عند المتكلم فى الحقيقة وان يكون فى الظاهر فبعد التقييد بقوله فى الظاهر صار نصا ودخل فيه ما لا يطابق الاعتقاد فى الحقيقة (قوله بان لا ينصب الخ) مدار الحقيقة والمجاز على نصب المتكلم للقرينة وملاحظته اياها ولما كانت الملاحظة امرا خفيا ادير الامر على وجودها فلذا يعتبر تارة بنصب القرينة وتارة بوجودها كما سيأتى من قوله لوجود القرينة (قوله ووصف له) سواء كان قائما به كالاوصاف الموجودة او منتزعا عنه كالاوصاف الاعتبارية (قوله وحقه ان يسند اليه) اى ينسب اليه سواء صح حمله عليه اولا كما صرح به ففائدته دفع توهم حمل الوصف على المحمول (قوله وما يطابق الواقع فقط) لا الاعتقاد لكن يكون مطابقا له فى الظاهر كما يشهد به آخر كلامه (قوله لمن لا يعرف حاله وهو يخفيها الخ) اعتبر القيدين لانه اذا كان المخاطب عارفا

١١٦

بحاله او يكون المتكلم مظهرا حاله له كان كلامه المذكور مجازا عن الاقدار والتمكين فبين عدم العرفان والاخفاء عموم من وجه اذ عدم عرفان المخاطب يجامع اظهار المتكلم واخفاء المتكلم يجامع عرفان المخاطب فاحد القيدين لا يغنى عن الآخر كما وهم (قوله وهذا المثال غير مذكور فى المتن) فلا يتوهم من عدم ذكره ان الحقيقة العقلية منحصرة فى الاقسام الثلثة لكون المقام مقام البيان فان المصنف رحمه الله صرح فى الايضاح بان الحقيقة العقلية اربعة اضرب واورد الامثلة الاربعة وعندى ان هذا المثال مندرج فى المثال الثالث بان يكون المراد من قوله وانت تعلم انه لم يجئ انت تعتقد انه لم يجئ سواء كان مطابقا للواقع او لا فيكون مثالا للقسمين مالا يطابق شيئا منهما وما يطابق الواقع دون الاعتقاد والشارح رحمه الله تبع الايضاح حيث صرح فيه بان الرابع الاقوال الكاذبة التى يعلم حالها المتكلم دون المخاطب وانت تعلم ان اللائق بالمتن الاختصار والادراج (قوله بتقديم المسند اليه) فان تقديم المسند اليه على المسند الفعلى قد يفيد الحصر (قوله احتراز عما اذا كان المخاطب الخ) قيل فيه تأمل لان المخاطب اذا لم يكن عالما بانه لم يجئ يجوز ان يكون عالما بان المتكلم قد اعتقد انه لم يجئ فالمثال حينئذ من المجاز لوجود القرينة الصارفة اعنى علم المخاطب بعلم المتكلم بانه لم يجئ ولا دخل فى القرينة لكون المخاطب ايضا عالما بانه لم يجئ موافقا للمتكلم اقول هذا انما يتم اذا كان المراد بقوله وانت تعلم انت تعتقد مطابقا كان للواقع او لا وقد علمت انه حينئذ يكون المثال المتروك داخلا فى هذا المثال والشارح رحمه الله لا يرتضيه ويريد بالعلم معناه المشهور المعتبر فيه المطابقة تبعا للايضاح وحينئذ يكون علم المخاطب بان المتكلم عالم بانه لم يجئ مستلزما لعلمه بانه لم يجئ لان العلم بمطابقة الحكم للواقع يستلزم الاعتقاد بذلك الحكم فلا يمكن علم المخاطب بان المتكلم عالم بانه لم يجئ بدون علمه بانه لم يجئ (قوله لوجود القرينة الصارفة) وهو علم المخاطب بان المتكلم عالم بانه لم يجئ وقد عرفت ان نصب القرينة ووجودها متلازمان فلا يرد انه يجوز ان لا يكون المتكلم عالما بان المخاطب عالم بان المتكلم عالم بانه لم يجئ مخفيا حاله منه فيكون الاسناد الى ما هو له بحسب الظاهر لعدم نصبه القرينة (قوله الى ما يكره) من قلة العقل والكياسة وكثرة البلاهة والحماقة* قال قدس سره فى المشهور* قيد به لانه فى اللغة الغفلة يقال سها عن الشئ اذا غفل عنه وذهب قلبه الى غيره كما فى القاموس* قال قدس سره يتصور فى الثانى حالة ثالثة* هذه الحالة انما تتصور بالنظر الى حال المخاطب لانه لا يعلم حال المتكلم واما بالنسبة الى المتكلم فلا يتصور فى حال تكلمه الا السهو

١١٧

او النسيان اذ المفروض ان المتكلم عالم بانه لم يجئ قبل التكلم فتدبر (قوله هى الكلام المفاد الخ) اى المركب الذى افيد به ثبت عند المتكلم من النسبة فيه سوا كانت تامة او غير تامة كذا فى شرح المفتاح الشريفى ليشمل الحقيقة العقلية باقسامها التى مرت (قوله كل جملة وضعتها) اى بنيتها على ان الحكم اى ان النسبة المفادة بها كائن على الوجه الذى هو كائن على ذلك الوجه عند العقل وقوله واقع موقعه خبر بعد خبر لان للاشارة الى وجه التسمية اى ان الحكم المفاد بها واقع موقعه الذى له عند العقل (قوله مما لا يلتفت اليه) اذ ترك قيد فى التعريف مخل بطرده بناء على فهمه مما ذكر فى تعريف مقابله لا يليق بالتعريفات نعم يجوز ذلك فى الخطابيات والمحاورات (قوله اعم من ان يكون الخ) اى ما عند المتكلم يحتمل ان يكون معناه ما عند المتكلم فى الحقيقة ويحتمل ان يكون ما عنده فى الظاهر وليس نصا فى كونه عند المتكلم فى الحقيقة حتى يلزم عدم صدق الحد على ما ذكره وبهذا القدرتم الجواب عن عدم الانعكاس والاضراب بقوله بل دلالته لدفع لزوم الابهام فى الحد ولاثبات دخول ما ذكره فى الحد فمعنى قوله اعم الشمول على سبيل البدل وليس معناه انه شامل لهما معا حتى يرد ان ما عنده فى الحقيقة اعم من ان يكون فى الظاهر اولا وكذا ما عنده فى الظاهر اعم من ان يكون ما عنده فى الحقيقة اولا فبينهما عموم وخصوص من وجه واذا كان شاملا لهما يلزم ان يكون ما عنده فى الحقيقة فقط دون الظاهر داخلا فى الحقيقة مع انه مجاز ويحتاج الى انه لورود الاعتراض عليه اضرب عنه بقوله بل دلالته الخ كما وهم فانه اعتراف باستدراك التعرض للعموم فى الجواب* قال قدس سره ما انصف من نفسه الخ* الانصاف ان لفظ ما عند المتكلم لا يدل الا على ثبوته عنده وحصوله فى ذهنه فى الجملة واما كونه معتقدا اياه فانما يستفاد من كون الظاهر عنوان الباطن ولذا كان رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم يحكم باسلام من تلفظ بكلمة التوحيد ما لم يعلم نفاقه* قال قدس سره يفهم منه الخ* هذا الفهم مستفاد من كون القائل مجتهدا مبينا لما ادى اليه رأيه لا من لفظة عند ابى حنيفة* قال قدس سره لا يقدح الخ* لم يجعل الشارح رحمه الله تعالى عدم الاطلاع دليلا عن عدم التبادر مطلقا بل على عدم التبادر من اللفظ نفسه* قال قدس سره ينقسم الخ* الانقسام محل بحث فانه كانقسام العين الى الجارية والناصرة فانه ترديد فى المعنين وليس (٨) ههنا ضم قيود الى امر مشترك لتحصيل الاقسام وكانقسام الماهية الى المجردة والمخلوطة والمطلقة* قال قدس سره الظاهر ان اللفظ الخ* بناء على ان المتبادر علامة الحقيقة* قال قدس سره على معنى ثالث الخ* وهو ما يطلق عليه هذا اللفظ ولا يخفى انه تكلف

__________________

(٨) اذ ليس ههنا ضم قيود الى امر مشترك لتحصيل الاقسام نسخه

١١٨

* قال قدس سره فسبب تبادر احدهما الخ* والتبادر بامر خارج عن اللفظ لا يدل على كونه حقيقة فى المتبادر* قال قدس سره فان قلت المجاز العقلى اما اسناد الخ* لا توجه لهذا السؤال عندى فانه صرح فى المفتاح بان المجاز العقلى عند اصحابنا كل جملة اخرجت الحكم المفاد بها عن موضعه فى العقل بضرب من التأويل ولا شك ان الحكم المفاد بقولها انما هى اقبال وادبار وهو الحكم بالاتحاد بين الناقة والاقبال والادبار خارج عن موضعه فى العقل بتأويل انها صارت بسبب كثرة الاقبال والادبار كانها عينهما وتجسمت منهما فهو مجاز لا شبهة فيه فقول السيد ان المجاز الفعلى اما اسناد الى غير ما هو له او الكلام المشتمل عليه كلام لا معنى له لانه عند الاصحاب غير صحيح وكونه عند المصنف رحمه الله كذلك لا ينفع لان الشارح رحمه الله معترض على تعريفه للحقيقة بانه يدخل فيه ما هو مجاز عند القوم فهو غير مانع* قال قدس سره قلت الخ* خلاصة الجواب ان الناطفة غير ما هو له بهذا الاسناد الحملى وان كان ما هو له بالاسناد القيامى وفيه ان المتبادر من ان يسند الى ما هو له او الى غير ما هو له كونه ما هو له وغير ما هو له قبل ان يسند اليه لا كونه كذلك بعد ان يسند اليه* قال قدس سره ويظهر من ذلك* اى من كون شئ واحد ما هو له وغير ما له باعتبار اسنادين (قوله كانها تجسمت الخ) فالحكم المفاد بقولها خلاف ما عند العقل فيكون مجازا عقليا (قوله عبارة عن الملابس) اذ لا معنى لاسناد الفعل الى ما لا تعلق له به اصلا (قوله اى الى فاعل او مفعول) اى الى فاعل نحوى فيما بنى له او الى مفعول نحوى فيما بنى له فخرج المبتدأ وبقوله ما هو له اى الفعل كائن له وحقه ان يسند اليه خرج المجاز لانه اسناد الى فاعل او مفعول نحوى غير ما هو له وحقه ان يسند اليه (قوله على ما صرح به) اى القرينة على ارادة الفاعل والمفعول ما صرح به حيث قال فاسناده الى الفاعل او المفعول به اذا كان مبنيا له حقيقة واما ما قيل انه لا يلتفت الى امثال ذلك فى التعريفات على ما سبق فوهم منشأه عدم التنبه لما سيجئ من قوله وقد اشار الى تفسير التعريفين بقوله وله ملابسات شتى فانه اذا كان تفسيرا لهما كان من تتمتهما وكذا ما قيل ان اللازم مما صرح به قرينة ان الاسناد الى الفاعل او المفعول به حقيقة لا ان كل حقيقة كذلك لانه جعل ما صرح به قرينة على ارادة الفاعل او المفعول به من كلمة ما واما كون كل حقيقة كذلك فلازم من مساواة الحد للمحدود وكذا ما قيل ان المراد فيما سيأتى الفاعل والمفعول به الحقيقيان لان الاسناد الى الفاعل والمفعول به النحويين متحقق فى المجاز ايضا وههنا النحويان ليخرج المبتدأ فلا يصح كونه قرينة لان المراد بهما فيما سيأتى الفاعل والمفعول به النحويان كما هو المتبادر وسيجئ

١١٩

بيانه فتدبر فانه قد زل فيه الاقدام وحبط فيه الاقوام (قوله والاسناد الى المبتدأ) قيل ان كان قول الشيخ حجة على المصنف رحمه الله فلا يندفع الاعتراض بان الاسناد الى المبتدأ ليس بحقيقة ولا مجاز وان لم يكن حجة عليه فلا يصح ما سبق من قوله وكفاك قول الشيخ الخ وترتب عدم انعكاس تعريف المصنف رحمه الله عليه وليس بشئ لان ما سبق سند لمنع عدم تسمية القوم لقولنا الانسان جسم حقيقة ولا شك ان قول الشيخ حجة كافية فى التسمية ويترتب عليه عدم انعكاس تعريف المصنف رحمه الله على رأى القوم واما ههنا فالمقصود اثبات عدم اطراد تعريف المصنف رحمه الله على رأى القوم بدخول بعض المجازات فيه وذلك انما يتم اذا كان قائلا بكونه مجازا غير مصرح بخروج عن الحقيقة والمجاز (قوله واما الثانى الخ) يعنى ان ضمير هو فيما هو له راجع الى الفعل فالمتبادر ان يكون ذلك الفعل قائما به ووصفا له فيلزم خروج الحقائق المنفية لعدم كون الفعل فيها وصفا لما اسند اليه لا فى الحقيقة ولا فى الظاهر وان اريد اعم من ان يكون نفس الفعل وصفا او من حيث النفى فيشمل تلك الخفائق لكون الفعل من حيث النفى وصفا لما اسند اليه لكن تدخل المجازات المنفية فى تعريف الحقيقة (قوله حاصل الاشكال الخ) زاد فى الحاصل عموم الاسناد ليندفع ان يقال ان التعريف المذكور للحقائق المثبتة لانه قال ان يسند وليس فى الحقائق المنفية الاسناد بل نفيه (قوله معناه ظاهر) وهو اثبات الفعل لما هو وصف له (قوله نفى الفعل عما هو له) فان اريد مما الفعل وصف له خرج الحائق المنفية وان اريد مما نفى الفعل وصف له دخل المجازات المنفية (قوله وجوابه الخ) اختيار للشق الاول والمراد نفى الفعل مما الفعل وصف له على تقدير التجرد عن النفى والاداء بصورة الاثبات نقل عنه هذا الجواب هو الجواب الظاهرى واما التحقيقى فما اشرنا اليه فى بعض كتبنا وهو ان ينظر الى النفى وما يتضمنه من معنى الفعل فان كان اسناده الى ما هو له فحقيقة وان كان الى غيره فمجاز مثل قوله تعالى (فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ) مضمونه خسرت تجارتهم فيكون مجازا بخلاف ما اذا قلت ما ربحت تجارته بل التاجر نفسه فان ذلك ليس لقصد اسناد النفى ومضمونه بل لقصد نفى اسناد الربح وكذا اذا قلت مانام ليلى بل انما نمت فى ليلى وعلى هذا فقس انتهى وخلاصته ان فى صورة النفى ان اريد نفى الاسناد فقط فحقيقة وان اريد اسناد النفى بان جعل كناية عن اسناد فعل يتضمنه اسناد النفى كان مجازا فما ربحت تجارتهم ان اريد به نفى الربح فقط كان حقيقة وان اريد به اثبات الخسران كان مجازا وكذا امثاله وانما كان المذكور ههنا جوابا ظاهريا لانه يستلزم كون صورة النفى حقيقة

١٢٠