حاشية السّيالكوتى على كتاب المطوّل

عبد الحكيم السيالكوتي

حاشية السّيالكوتى على كتاب المطوّل

المؤلف:

عبد الحكيم السيالكوتي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: منشورات الشريف الرضي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٦٣

فى المسجد تحكى قوليه معطوفا احدهما على صاحبه انتهى وهو دليل على انه لا يجوز عطف الانشاء على الاخبار فيما له محل من الاعراب لان ما قبل قوله تعالى ولا تزد الظالمين كلها جمل خبرية مقولة لقال معطوف بعضها على بعض قال الله تعالى (قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ) الى قوله (وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالاً) فلو جوز عطف الانشاء على الاخبار لما تردد فى عطف ولا تزد الظالمين بل جزم بعطفها (٧) على قوله تعالى عصونى كسائر الجمل السابقة فالسؤال عن عطفها والجواب بانه معطوف على رب انهم عصونى لاعصونى بتقدير قال ليكون عطف الاخبار على الاخبار دليل على انه لا يجوز عطف الانشاء على الاخبار فيما له محل من الاعراب وكذا فى المثال المصنوع عطف بتقدير قال واما قوله اى قال هذين القولين فهو اشارة الى انه مقول آخر وليس داخلا فى المقول الاول كالجمل السابقة وليس فيه دلالة على ان احد القولين (٢) معطوف على القول الاخر (٣) من غير تقدير وكذا قوله لانهما مفعولا قال وقوله تحكى قوليه معطوفا احدهما على صاحبه لان المراد انهما كذلك فى الظاهر قال السيد وكفاك حجة قاطعة قطعا (٩) يليق بالخطابيات وهو الظهور فان كون الواو من المحكى يستلزم عطف الانشاء على الاخبار فيما لا محل له من الاعراب فيحتاج الى التأويل وعلى تقدير كونه من الحكاية يكون عطف احد القولين على الاخر اللذين فى حكم المفردين من غير تكلف التأويل وفيه انه انما يتم لو ثبت جواز عطف الانشاء على الاخبار فيما له محل من الاعراب بشاهد ولم يثبت فعلى هذا التقدير ايضا يحتاج الى التأويل بانه معطوف بتقدير قال (قوله فى المقصود) اى فى مقصود الكتاب ليخرج الخطبة (قوله من قبيل المقاصد) والشواهد والامثلة والاعتراضات على المفتاح من مكملات المقاصد فلا يرد النقض على الحصر (قوله وعليه منع ظاهر) وهو منع انحصار ما لا يكون من المقاصد فى المقدمة ومنع انحصار ما لا يكون الغرض منه الاحترازين وجوه التحسين (قوله بالاستقراء) بان يقال تتبعنا المذكور فى الكتاب فلم نجد غيرها (قوله ولما انجر الخ) لانه انجر فى آخر المقدمة الى ان علم البلاغة وتوابعها منحصر فى علم المعانى والبيان والبديع وانها فنون اى ضروب مختلفة لان الاول ما يحترز به عن الخطأ فى تأدية المراد والثانى ما يحترز به عن التعقيدية المعنوى والثالث ما يعرف به وجوه التحسين ومعلوم مما تقدم من قوله فلما كان علم البلاغة وتوابعها الى قوله الفت مختصرا الخ ان مقصود الكتاب منحصر فى علم البلاغة وتوابعها

__________________

(٧) بان يكون الظالمين من وضع الظاهر موضع المضمران جوزنا وقوع الانشاء خبرا بلا تأويل او يكون خبرا بتأويل مقول فى حقه كما هو مذهب السيد قدس سره م

(٢) وهو قوله ولا تزد الظالمين الاضلالا م

(٣) وهو رب انهم عصونى م

(٩) قوله قطعا يليق بالخطابيات آ ه جواب للمحشى القديم حيث قال وفيه تأمل اى فى هذا الجواب تأمل اذ بهذا المقدار لا يثبت كون الجحة قاطعة واجاب بما ترى فافهم م

٢١

فحصل لنا مقدمتان مقصود الكتاب منحصر فى علم البلاغة وتوابعها وعلم البلاغة وتوابعها منحصر فى علوم ثلاثة هى (١) فنون ثلثة ينتج ان مقصود الكتاب منحصر فى الفنون الثلثة ومعلوم ان الامور الثلثة المذكورة فى الكتاب يكون واحد منها اول آخر ثانيا وآخر ثالثا فعلم ان مقصود الكتاب فنون ثلثة موصوفة بالاولية والثانوية والثالثية وانها علم المعانى والبيان والبديع الا ان النسبة بينها مجهولة اذ لم يعلم (٢) ان الفن الاول علم المعانى او البيان او البديع فقال لافادة النسبة الفن الاول اى من الفنون الثلثة التى علم انحصار مقصود الكتاب فيها علم المعانى وكذا قوله الفن الثانى علم البيان والفن الثالث علم البديع فهذه التراكيب من قبيل قولنا المنطلق زيد كما سيجئ فتدبر فانه مما زل فيه اقدام الناظرين ووقعوا فى حيص بيص (قوله فلم يكن لتعريفها) اذ لا يمكن ههنا الا التعريف اللامى وهو يقتضى تقدم الذكر صريحا او اشارة (قوله فنكرها) لانه الاصل فى الاسماء ولا مقتضى للعدول (قوله وما يتصل بذلك) عطف على معنى الفصاحة كالسابق وهو بيان النسبة بين الفصاحة والبلاغة وكونهما صفة اللفظ او المعنى وبيان النسبة بين مقتضى الحال والاعتبار المناسب وبيان مرجع البلاغة (قوله والمقدمة مأخوذة الخ) لم يرد انها منقوله عنها او مستعارة لانه لا معنى لنقل اللفظ المفرد عن المضاف واستعارته منه اذ لا بد من اتحاد اللفظ فيهما ولانه لم يبين معنى لفظ المقدمة حتى يقال انها بذلك المعنى منقولة او مستعارة بل اراد ان لفظ المقدمة مأخوذة من مقدمة الجيش بالقطع عن الاضافة فمعناها المتقدمة يعنى پيش شونده وانما لم يقل مأخوذة من قدم بمعنى تقدم لان التحقيق ان استعمال المشتق منه لا يكفى فى اخذ المشتق ما لم يرد الاستعمال به كما فى لفظ الصلوة والزكوة واطلاق المقدمة على مقدمة الجيش ايضا باعتبار معناها الوضفى والتاء لتأنيث الموصوف اعنى الجماعة يدل عليه ايرادها فى الاساس فى الحقيقة حيث قال قدمته واقدمه فقدم بمعنى تقدم ومنه مقدمة الجيش (قال يقال مقدمة العلم) اى المقدمة اذا اضيفت الى العلم يطلق على ما يتوقف عليه مسائله شروعا او تصورا او تصديقا فيعم المبادى ايضا كما فى شرح المفتاح او شروعا فقط كما فى المختصر اى يراد ذلك المعنى باطلاق العام اعنى ما تقدم العلم على فردمنه لا انه نقل فى الاصطلاح الى هذا المعنى اذ لا داعى اليه وللزوم النقل الى معان كثيرة لانه يقال مقدمة الدليل لما يتوقف عليه صحته ومقدمة القياس لما هو جزء منه ويؤيد ما قلنا قولهم المراد بالمقدمة ههنا ما يتوقف عليه الشروع فى العلم دون ان يقولوا معنى المقدمة (قوله كمعرفة حده) اى رسمه وهذا بناء على زعم القوم فان الشارح رحمه الله نفى توقف

__________________

(٧) لان الفنون اما عبارة عن الالفاظ او النقوش او المعانى لما ان اجزاء الكتاب عبارة عما كان الكتاب عبارة عنه م

(٢) اذ التقديم الذكرى فى بيان الانحصار لا يفيد القديم فى الترتيب م

٢٢

الشروع على شئ منها ومقدمة الشروع عنده التصور بوجه ما والتصديق بفائدة ما (قوله ومقدمة الكتاب) اى يقال المقدمة المضافة الى الكتاب لطائفة من الكلام الخ ويطلق عليه اطلاق العام الى بعض افراده كما يطلق الباب والفصل والمقصد والفن على بعض اجزائه وذلك لانهم يعنون بعض اجزاء الكتاب التى لمدلولها ارتباط بالمقاصد ونفع فيها بلفظ المقدمة كما فى هذا الكتاب ومعلوم ان اجزاء الكتاب هى الالفاظ فقد اطلقوا المقدمة على طائفة من الكلام الذى عنونوه بها كما اطلقوا الفن الاول والثانى والثالث على طائفة من الكلام الذى عنونوه بها فهذا الاطلاق ثابت فيما بينهم يتفرع عليه اندفاع الامرين لا انه اصطلاح جديد احدثه الشارح وبنى عليه الامرين كما قال السيد الشريف ثم ان اندفاع اشكال الظرفية يحصل بكون مقدمة الكتاب عبارة عن الالفاظ الدالة على المعانى المخصوصة فمقدمة الكتاب مظروفة لمعانيها كسائر عنوانات مقاصد الكتاب واندفاع اشكال التقديم والتأخير بعدم اعتبار التوقف فى مفهومها ولا مدخل فى اندفاع شئ منهما لثبوت مقدمة العلم كيف والشارح رح ناف لكون مدلول مقدمة الكتاب مقدمة العلم وانما تعرض لها ههنا لبيان ان عدم الفرق بينهما منشأ لاشكال الامرين عليهم فما قال السيد من انه لم يثبت عنده الا مقدمة الكتاب فاشكل عليه امر الظرفية ليس بشئ* قال قدس سره اثبت الخ* لم يثبت الشارح رح مقدمة العلم بل نقل ما قاله البعض* قال قدس سره وهى ههنا امور ثلثة* الضمير راجع الى ما يذكر والمذكور اصالة هو الالفاظ وبالتبع المعانى فالمراد بالمرجع المعنى الاول كما صرح به فى هذا الكتاب وبالراجع الثانى بطريق الاستخدام او المراد بهما الاول والكلام من قبيل اجراء حكم الدال على المدلول او على حذف المضاف اى دوال امور ثلثة* قال قدس سر ان ما جعله الخ* قد عرفت انه ناقل لا جاعل وان ما جعله فى شرح الرسالة مقدمة الكتاب الالفاظ الدالة على الامور الثلثة* قال قدس سره ويحتاج الخ* قد عرفت عدم الاحتياج الى التكلف* قال قدس سره قد تطلق الخ* وقد تطلق على الملكة تركه لعدم مناسبتها للمقام* قال قدس سره فان كان الخ* قد ظهر لك مما حررناه ان هذا هو مقصود الشارح* قال قدس سره فكأنه قيل هذا الكلى منحصر فى هذا الخ* انما يصح هذا التوجيه اذا كان قولهم مقدمة فى كذا اما اذا كان اما المقدمة ففى كذا اشارة الى المقدمة المعينة المذكورة سابقا كما فى رسالة الشمسية حيث قال ورتبته على مقدمة وثلث مقالات وخاتمة ثم قال اما المقدمة ففى كذا فلا يصح فى قوله القسم الثالث لانه اشارة الى القسم الثالث

٢٣

من المفتاح المذكور سابقا* قال قدس سره بل معان يتوصل بها اليها* جعل آلة الشئ مظروفا له مما لا يوجد فى كلام القوم ولا يقبله الطبع السليم* قال قدس سره هو الثانى المذكور بقوله وقد يوجه ايضا* يعنى ظرفية تحصيل الادراكات للمعانى وغيرها وهذا اشنع من الثانى* قال قدس سره وسقط الاول بالكلية الخ* اذ المجموع ليس مفهوما كليا للمذكور حتى يقال بانحصار الكلى فى هذا الجزئى* قال قدس سره لان ظرف الالفاظ الخ* الاظهر ان الالفاظ مظروفة المعانى (٧) بالنسبة الى المتكلم لانه يريد المعانى اولا ثم يورد الالفاظ على طبقها فكانه يصب الالفاظ فى المعانى صب المظروف فى الظرف والمعانى مظروفة الالفاظ بالنسبة الى السامع لانه يأخذها منها كما يأخذ المظروف من الظرف* قال قدس سره فلا يرد عليه الخ* لا خفأ فى ان البصيرة اذا لم تكن مضبوطة كيف يحكم بتوقفها على الامور ثلثة وعدم حصولها بواحد منها او باثنين (٢) وان اريد ان البصيرة الحاصلة بكل واحد منها موقوفة عليه بل كل امر ينضم اليها فالبصيرة الحاصلة منه لا تحصل بدونه ففيه انه يلزم ان يكون كل مسئلة من العلم مقدمة للشروع فيه لانه يتوقف عليه الشروع فيه بالبصيرة التى لا تحصل الا به* قال قدس سره ثم ان الارتباط الخ* فيه ان توقف الشئ على الشئ بمعنى امتناع حصوله بدونه يقتضى كونه مضبوطا واما الارتباط والاعانة فى حصول ذلك لا يقتضى كونه مضبوطا وكذا اختلف المقدمات فى اوائل الكتب* قال قدس سره على ان ماله ارتباط الخ* فيه ان المعين فى حصول شئ يستحسن تقديمه وليس يجب ان يكون موقوفا عليه او مفيدا للبصيرة كالامور المعينة على السفر مع عدم توقفه عليها (قوله لا فائدة فيها الا الاطناب) وفى الايضاح لم اجد فيها ما يصلح لتعريفهما ولما كان ذلك خلاف الواقع وسوء الادب غيره الشارج الى ما ترى الى لا فائدة فى نقل تلك الاقوال الازيادة العبارات على ما هو المقصود اعنى التفسير وان كان فى كل قول فائدة فالاولى الاقتصار على تقرير ما فى الكتاب لكفايته فى التفسير وما قيل ان المراد بالاطناب التطويل والاستثناء للتأكيد اى لا فائدة فيها اصلا كما فى قوله تعالى (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ)(٣) إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى فمع كونه خلاف الواقع يأبى عنه قول الشارح فاولاولى تركه لان ترك الطويل واجب (قوله وهى فى الاضل اى اللغة تنبئ عن الابانة) فى دلائل الاعجاز الفصاحة الابانة وفى الاساس سقاهم لبنا فصيحا وهو الذى اخذت رغوته وذهب لباؤه وخلص منه وفصح اللبن وافصح وفصح وافصحت الشاة فصح لبنها ومن المجاز شربنا حتى افصح الصبح وحتى بدا الصباح المفصح وهذا

__________________

(٧) اى بلا تقدير البيان فاقهم م

(٢) يعنى ان اريد توقف حد من حدود البصيرة ولا شك ان الحد الحاصل بالاربعة لا يحصل بالثلثة والاثنين والواحد فان قلت الحاصل بالواحد حاصل بالاثنين قلت ان تضمن الاثنين ذلك الواحد فلا ضرر لحصول الموقوف عليه والا فلا نسلم الحصول فتأمل م

(٣) المراد بالموت فى قوله تعالى (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) * اماتة بانتهاء الاجل فى المعنى لا يعرفون فيها الموت الا الموتة الاولى فعبر عن ادراك الموت ومعرفته ما يؤتى به للذبح فى صورة الكبش بالذوق تجوزا (كليات ابى البقاء)

٢٤

يوم مفصح وفصح لا غيم فيه ولاقرو انتظر نفصح من شأننا اى نخرج ونتخلص وجاء فصح النصارى اى يوم بروزهم الى معيدهم وهذا مفصحهم اى مكان بروزهم وافصحوا عيدوا وافصح العجمى تكلم بالعربية وفصح انطلق لسانه وخلصت لغته عن اللكنة وافصح الصبى فى منطقه فهم ما يقول فى اول ما يتكلم تقول افصح فلان ثم فصح وافصح عن كذا لخصه وافصح لى ان كنت صادقا اى بين انتهى فجعل ما سوى ذهاب الرغوة واللباء معانى مجازية وهو موافق لما فى تاج البيهقى من ان الفصاحة شيرازبان شدن وويزشدن شيراز كف وفى الصحاح والقاموس جعل جميع المعانى مستوية الاقدام فى الاستعمال ولما لم يتبين عند الشارح رحمه الله اشتراك الفصاحة فى تلك المعانى ولا كونها حقيقة ومجازا قال تنبئ عن الابانة والظهور سواء كانت معنى حقيقيا لها او مجازيا فان جميع معانيها مشعر عن الظهور وهو كاف للمناسبة بين المعنى اللغوى والاصطلاحى (قوله والظهور) عطف تفسيرى للابانة فانها تجئ لازما ومتعديا ولم يكتف بالظهور رعاية لعبارة دلائل الاعجاز وحلالها (قوله يقال الخ) استشهاد على الانباء المذكور وترك الاستشهاد بفصح اللبن مع كونه اصلا بالاتفاق لان فيما ذكره توصيفا للمتكلم والكلام بالفصاحة فهو انسب بالمفعول اليه (قوله وكلام فصيح) لم يقل رسالة فصيحة كما فى الايضاح تنبيها على ان لفظ الكلام شاع استعماله فى النثر* قال قدس سره المراد بالكلام هو المركب مطلقا* اى تاما كان او غيره لانه قد يتصف المركب الغير التام بالفصاحة بالمعنى المذكور لفصاحة الكلام فلو لم يكن داخلا فى الكلام لا يكون تعريف فصاحة الكلام مانعا لدخول فصاحة المركب الناقص فيه وفيه انا لا نسلم ان المركب الغير التام يتصف بالفصاحة فى نفسه بل اتصافه بها باعتبار ان مفرداته متصفة بها واما باعتبار التركيب فلا لانه لا استعمال له الا بطريق الجزئية للمركب التام فخلوصه عن تنافر الكلمات وضعف التأليف والتعقيد خلوص المركب التام بخلاف الكلمة فان استعمالها وان كان بطريق الجزئية ايضا الا ان خلوصها غير خلوص الكلام ولو سلم انه موصوف بالفصاحة فى نفسه لكن ادخاله فى الكلام انما يصح لو اطلقوا عليه انه كلام فصيح كما يطلقون على الرسالة والقصيدة ولم ينقل ذلك منهم هذا تحقيق ما ذكره الشارح رحمه الله فى المختصر وحينئذ لا ورود لما ذكره السيد بقوله والقول بان الكلام محمول على حقيقته باطل الخ ثم ان ادخال المركب الناقض فى الكلام يقتضى اتصافه بالبلاغة ايضا حقيقة وهو باطل اذ لم يدونوا عوارضه التى يطابق بها مقتضى الحال كتدوينهم عوارض المركب التام

٢٥

ويؤيده انهم يدخلوه فى موضوع النحو لعدم البحث عن عوارضه الا نادرا وبما حررنا لك ظهر ان المفرد والكلام محمولان على معناهما الحقيقى وان المركب الناقص خارج عنهما لعدم اتصافه بالفصاحة والبلاغة فى نفسه فقول الشارح رحمه الله فى المختصر على ان الحق انه داخل فى المفرد بقرينة مقابلته بالكلام محل بحث اذ لو كان داخلا فيه لم يتم الاستشهاد بقوله يقال كلمة فصيحة الا ان تحمل الكلمة على (٤) ما يعم المركب الناقص* قال قدس سره ومقابلته بالمفرد الخ* فيه بحث لانه جعل فى حاشية شرح الشمسية مقابلة الجملة بالمفرد قرينة لكون المراد بالمفرد ما ليس بجملة وهو المشهور بين القوم* قال قدس سره بناء على ان المتبادر عند الاطلاق* اى عن القيد والتبادر علامة الحقيقة فيكون حقيقة فيما يقابل المركب فلا يصرف عنه بخلاف الكلام فانه تحقق فيه الصارف عن المعنى الحقيقى وهو تقدم المفرد وحمل المفرد على ما ليس بكلام بقرينة مقابلة الكلام نزع للخف قبل الوصول الى الماء هذا غاية التوجيه وفيه بحث اما اولا فلانا لا نسلم التبادر فان كل واحد من المعانى الاربعة للمفرد اصطلاحى نقل اليه المفرد من معناه اللغوى لاشتمال كل منها على معنى الافراد اما عن النسبة مطلقا او التامة او علامة التثنية والجمع واما ثانيا فلان القرينة الصارفة لا يلزم ان تكون متقدمة بل ان تكون موجودة لان الكلام فى افادته موقوف على آخره فكون المتبادر عند الاطلاق ما يقابل المركب لا يقتضى حمله عليه عند مقابلته بالكلام (قوله ننبئ عن الوصول الخ) فى التاج والقاموس بلغ الرجل بلاغة اذا كان يبلغ بعبارته كنه مراده من حد كرم وهى فى اللغة تنبئ عن الوصول والانتهاء لكونها وصولا مخصوصا وفى الاصطلاح مطابقة الكلام لمقتضى الحال والمناسبة بين المعنيين ظاهرة ولم يقل فى الاصل اكتفاء بما ذكره سابقا وقيل لم يقل فى الاصل لان معناها لغة واصطلاحا واحد وفيه انه مع كونه خلاف الواقع يلزم ان يكون قوله تنبئ عن الوصول والانتهاء مستدركا لان المقصود منه ابداء المناسبة بين المعنيين وعند اتحاد المعنى لا حاجة اليه (قوله ولم يسمع كلمة بليغة) ان ادخل المركب الناقص فى المفرد كما هو رأى الشارح فلا يتم الاستشهاد الا ان يراد بالكلمة اعم من الحقيقى والحكمى كما فى تعريف الكلام بما تضمن كلمتين بالاسناد فيشمل المركب الناقص وان ادخل فى الكلام كما هو رأى السيد او اخرج عنهما كما هو عندى فلا اشكال اصلا (قوله يقال عندهم لكون اللفظ) اى يقال لما علامته هذا الكون (٢) لما فى المفتاح ان الفصاحة هى ان تكون

__________________

(٤) اى ما ليس بكلام تام فافهم م

(٢) قوله لما فى المفتاح علة للتفسير اى فسر قوله لكون اللفظ بما علامته هذا الكون لما م

٢٦

الكلمة عربية اصلية وعلامة ذلك ان تكون الكلمة على السنة الفصحاء الموثوق بعربيتهم ادور واستعمالهم لها اكثر ولما فى الايضاح ثم علامة كون الكلمة فصيحة ان يكون استعمال العرب الموثوق بعربيتهم لها اكثر الخ (قوله لكون اللفظ) كلمة كان او كلاما (قوله على قوانين) اى الصرفية والنحوية (قوله وقد علموا الخ) لم يجعل الجريان (٣) على قوانين متفرعا على كثرة الاستعمال فيكون الفصاحة عبارة عن كون اللفظ كثير الاستعمال على السنتهم كما فى المفتاح والايضاح لان القوانين مستنبطة من استقراء كلامهم فجعل الفصاحة المتقدمة عليها فى الوجود متفرعة على مطابقة تلك القوانين بشيع (قوله عن مخالفة القوانين) الصرفية والنحوية ليشمل ضعف التأليف (قوله لكونه لازما) متعلق بتفسير وقوله تسهيلا بتسامح* قال قدس سره لا يستلزم تصادق الخ* لان تصادق المشتقين مبناه اتحاد الذات المتصفة بمبدئيهما ولا يستلزم اتحاد المبدأين فى الصدق* قال قدس سره الا ان يكون احدهما بمنزلة الجنس للآخر* اى اعم منه فانه يكون مبدأ الاعم صادقا على مبدأ الاخص فاذا قيد الاعم بقيد يتحقق التصادق بينهما وذلك لان الذات المبهمة المأخوذة مع النسبة متحدة فى المشتقين فالعموم لا يكون الا باعتبار المبدأ* قال قدس سره ودعوى الادعاء الخ* التعريف باللازم الغير المحمول مشحون به كتب الادباء كتعريف السكاكى علم المعانى بالتتبع وتعريف عبد القاهر النظم بالتوحى على ما سيجئ فاما ان لا يشترطوا فى التعريف الحمل بناء على ان المقصود افادة المعرفة وهى تحصل بغير المحمول ايضا واما ان يدعوا المبالغة والتنبيه على انه لازم فى المعرف سبب لحصوله فكانه هو* قال قدس سره فلان كون الفصاحة الخ* لو حمل الوجودى على ما بكون الاتصاف به بحسب الخارج كالفصاحة فان اللفظ فان اللفظ يتصف به فى الخارج والدمى على ما يكون الاتصاف به بحسب اعتبار العقل كالخلوص فانه سلب التنافر والغرابة والتعقيد عن اللفظ والاتصاف بالسلوب اعتبارى محض كالامكان او حملا على الوجود المضاف الى شئ والعدم المضاف الى شئ فان الفصاحة الكون المضاف الى الجريان والكثرة والخلوص العدم المضاف الى التنافر وغيره ظهر عدم صحة الحمل بينهما واندفع الاعتراض فان مبناه كون المراد بهما ما لا يدخل فى مفهومه السلب وما يدخل فيه* قال قدس سره على ان كون الفصاحة الخ* قد عرفت ان الفصاحة يتصف بها اللفظ فى الخارج فكيف يقال انها نفس الخلوص الذى يتصف به فى العقل نعم ان هذا السلب لازم له فانه اذا اتصف اللفظ بالفصاحة فى الخارج كان مسلوبا عنه

__________________

(٣) الجريان يطلق على الاصل يقال هذا المصدر جار على الفعل اى اصل الفعل ومأخذ اشتقاقه ويقال اسم الفاعل جار على المضارع اى يوازنه فى الحركات والسكنات والصفة جارية على شئ اى ذلك الشئ صاحبها اما مبتدأ لها او موصولة او موصوفة (كليات ابى البقاء) وفى سائر الحواشى خطيب يمن م

٢٧

الامور الثلثة فى العقل* قال قدس سره ربما يمنع الخ* قد عرفت اندفاعه بما حررنا لك فى قوله يقال لكون اللفظ جاريا الخ من ان المراد انه علامة للفصاحة ولازم له فانها عبارة عن كون اللفظ عربيا اصليا* قال قدس سره او اكثر من استعمالهم الخ* فتكون موصوفة بالفصاحة الزائدة بالنسبة الى ما بمعناها فلا يرد ان هذا يقتضى ان لا يكون ما بمعناها فصيحا مع كونه كثير الاستعمال فيما بينهم كما يدل عليه صيغة التفضيل (قوله الى اللغة) اى الصرف (قوله كانهما حقيقتان الخ) لكثرة المخالفة بينهما (قوله وكذا الخ) عطف على قوله كانت المخالفة اى كما كانت المخالفة راجعة الى امور متخالفة بسببها صارت الفصاحة فى المفرد والفصاحة فى الكلام كانهما حقيقتان مختلفتان لكثرة المخالفة بينهما كانت البلاغة تقال لمعان مرجعها ومحصولها امر واحد فصارت البلاغة حقيقة واحدة فالتشبيه بين الكونين باعتبار الرجوع الا ان الرجوع فى الاول الى المعانى المختلفة والرجوع فى الثانى الى المعنى الواحد فالظاهر ترك لفظ كذا (قوله ولا يوجد قدر مشترك) باعتبار اطلاق اللفظ المشترك لا انه ليس بينهما معنى مشترك اصلا (قوله نظرا الى الظاهر) وهو كثرة المخالفة بينهما لا بالنظر الى الحقيقة فانها مشترك معنوى بينها كما عرفت (قوله على هذا الوجه) اى تعريف كل من اقسامهما بعبارة مضبوطة جامعة مانعة (قوله لا يتوجه الاعتراض) المعترض خطيب مصر اورده على المصنف رحمه الله حال حيوته وقال المصنف رحمه الله فى جوابه اردت بالناس الناس المعهودين كالسكاكى وعبد القاهر وغيرهما من المهرة المشتهرين* قال قدس سره اسما معرفا لذلك* ولا يلزم من ذلك حذف الموصول مع بعض صلته لان اسمى الفاعل والمفعول اذا لم يكونا بمعنى الحدوث كان اللام فيهما حرف تعريف وههنا كذلك* قال قدس سره لرعاية جانب المعنى* اقول ولرعاية سوق كلام المصنف رحمه الله فان مقتضاه ان اشتراك الفصاحة والبلاغة بين الاقسام المذكورة لفظى وجعله حالا يوهم الاشتراك المعنوى وان اختلافهما بحسب الاحوال* قال قدس سره نحو القصة الخ* مما يفهم منه المعنى الحدثى وان كان اسما جامدا نحو اسد على وفى الحروب نعامة* قال قدس سره تضمن معانيها الخ* اى فهمه منها تبعا للزومه لها (قوله ذوائبه) موافق لما فى الصحاح والقاموس وفى المهذب الغدائر موى سر زن وهى جمع ذأبة بالهمزة ابدلت الهمزة الاولى بالواو لاستثقالهم وقوع الف الجمع بين الهمزتين فى القاموس الذؤبة الناصية يعنى موى پيشان كما فى الصراح وفى الاساس له ذأبة وذوائب وهى الشعر المنسدل من وسط الرأس الى الظهر فالغدائر اما مطلق الشعر او شعر مقدم الرأس او الشعر المنسدل

٢٨

من وسط الرأس فعلى الاول الضمير راجع الى الحبيبة بتأويل الشخص وعلى الثانى والثالث الى الفرع ومعنى البيت على الاول والثانى ان شعره مرتفع الى اعلى الرأس تضل عقاصه فى المثنى والمرسل وان شعر مقدم رأسها مرتفع تغيب عقاصه فى مثناه ومرسله وحال شعر ما سوى المقدم قد علم من قوله وفرع يزين المتن الخ وعلى الثالث ان شعر وسط رأسه المنسدل مرتفع الى الاعلى تضل عقاصه فى مثناه ومرسله ولا يعلم حال شعر ناصيته من البيت لانه معلوم انه يكون مرتفعا ومعنى قوله وفرع يزين المتن عند ارساله واما قول الشارح رح وان شعره اى شعر الرأس ينقسم آه فيقتضى ان يكون الشعر مطلقا منقسما الى ثلاثة اقسام او ما عدا الذوائب فيكون اربعة وحينئذ يكون جملة قوله تضل العقاص ابتدائية لا حالية من ضمير مستشزرات ولا خبرا بعد خبر لعدم العائد بخلاف الوجوه (٢) السابقة فان اللام عائد والقول بان العقاص هى الذوائب فيكون من وضع المظهر موضع المضمر فيكون اقسام الشعر ثلاثة ففيه انه مخالف لما فسر الشارح رح العقيصة بانها الحصلة المجموعة كالرمانة ليصير مجعدا (قوله هو توسط الشين الخ) اى تضاد صفات الحروف المتجاورة فى الكلمة كما يدل عليه توصيف الحروف بالصفات المذكورة والمهموسة ما يضعف الاعتماد على مخرجه يجمعها ستشحثك خصفه والمجهورة ما هو بخلافه فهى الحروف الباقية والشديدة ما ينحصر جرى صوتها عند سكونها فى مخرجها ويجمعها اجدت طبقك والرخوة ما هو بخلافه وهى ما عدا الحروف المذكورة والحروف التى بين بين وهى حروف لم يرعونا (قوله ومن البعيده) (٧) اى نجد من بعيد المخرج ما هو بخلاف غير المتنافر اى متنافرا فهو من عطف معمولى عامل واحد الا انه قدم الجار والمجرور فى المعطوف ثم الصواب ان يقال لانا نجد غير متنافر من قريب المخرج ومن البعيده كعلم وعمل ولمع اذ لا دخل فى الرد لوجدان البعيده متنافرا فان الزاعم قائل به وما قيل انه لاثبات ان القرب ليس منشأ التنافر لوجدانه فى البعيده فليس بشئ لان الزاعم لم يزعم ان القرب فقط منشأ التنافر بل زعم ان القرب والبعد كلاهما سبب التنافر (قوله لا يوجب انتفاء الكل) قيل هذا هو الموجود فى اكثر النسخ المعتبرة ولا يخفى ان جعل الكلمة جزأ من فصاحة الكلام وفصاحة الكلمة وصف الجزء بحيث لا ينبغى ان يغفل عن فساده احد ولذا قالوا المعنى على حذف المضاف اى وصف الكل كما وقع فى بعض النسخ لكنه يشكل حينئذ ما ذكره فى الرد عليه من ان فصاحة الكلمة جزء من فصاحة الكلام لا وصف لجزئها ويمكن ان يقال محصل الرد ان فصاحة الكلمة جزء من فصاحة الكلام فيلزم من انتفاء الاولى انتفاء الثانية لا ان

__________________

(٢) لان العقاص فى الوجوه السابقة يعض من الغدائر فيكون اللام عائدا بخلاف قول الشارح وان شعره ينقسم فانه يقتضى ان لا يكون العقاص من الغدائر لانه لو كان من الغدائر لزم ان يقول الشارح وانها ينقسم بدل قوله وانه ينقسم م

(٧) اضافة البعيد الى الضمير الراجع الى المخرج لفظية ولهذا دخلت اللام على المضاف ثم هو من قبيل العطف على معمولى عامل واحد لا على الطريق السابقة كما فى قولك رأيت زيدا فى المسجد وفى السوق عمرا لان قوله ومن البعيده عطف على قوله من القريب المخرج وقوله ما هو بخلاف على قوله غير متنافر ومثله سائغ شائع (حسن چلبى)

٢٩

فصاحة الكلمة وصف لجزء فصاحة الكلام حتى يتم ما ادعيتم وليس صحة كلامه موقوفة على انهم قالوا بكون فصاحة الكلمة وصفا لجزئها انتهى وفيه بحث اما اولا فلان مقصود الشارح رح ردا لزعم والتأييد كليهما ولذا صرح بقوله وفصاحة الكلمة جزء من فصاحة الكلام مع كونه معلوما مما سبق فى رد الزاعم فلابد من كون المؤيد قائلا بان فصاحة الكلمة وصف لجزء فصاحة الكلام حتى يصح الرد بقوله لا وصف لجزئها واما ثانيا فلان تمامية ما ادعى الزاعم انما تتوقف على عدم كون فصاحة الكلمة معتبرة فى فصاحة الكلام وليست موقوفة على كونها وصفا لجزئها فلا يصح قوله لا ان فصاحة الكلمة وصف لجزء فصاحة الكلام حتى يتم ما ادعيتم وقيل ان الضمير فى قوله لجزئها راجع الى الكلام بتأويل الجملة والمعنى انه لا وصف لجزء الكلام بحيث لا دخل لها فى موصوفية الكلام بالفصاحة وفيه انه تعرض لما لا يعنى (٦) وترك لما يعنى واقول فى توجيه كلام المؤيد على النسخة المعتبرة ان قوله كفصاحة الكلمة مثال للجزء والكل عبارة عن فصاحة الكلام والمعنى ان انتفاء وصف فصاحة الكلمة وهو الخلوص عن التنافر فيما نحن فيه لا يوجب انتفاء فصاحة الكلام لجواز ان تكون الكلمة فصيحة مع التنافر لمجاورة كلمة اخرى او لاقتضاء المقام كما سيجئ فى كلام الشارح رحمه الله عن قريب من قوله قد يعرض لاسباب الاخلال بالفصاحة ما يمنع السببية قالوا فى قوله تعالى (هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ) ان يبدئ من باب الافعال غير مستعمل الا انه صار فصيحا بوقوعه مع يعيد وانما قلنا ان الخلوص وصف فصاحة الكلمة لما عرفت ان الفصاحة عبارة عن امر وجودى والخلوص المذكور لازم لها وحينئذ يندفع بحث الشارح رحمه الله لان فصاحة الكلمة وان كانت جزأ من فصاحة الكلام لكن المنتفى فيما نحن فيه وصف فصاحة الكلمة لانفسها (قوله لانه ممنوع آه) توجيه المنوع الثلاثة انا لا نسلم وقوع المفرد الغير العربى فى الكلام العربى اى القرأن وما ذكره من لفظ السجيل والمشكوة والقسطاس يجوز ان يكون من اللغات المشتركة ولو سلم ذلك الوع بناء على ما تقرر من ان اعلام الانبياء عليهم السّلام سوى الستة (٣) كلها عجمية فلا نسلم ان معنى العربى الذى به وصف القرأن فى قوله تعالى (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) انه عربى الالفاظ لم لا يجوز ان يكون المراد انه عربى النظم ولو سلم ان وصفه بالعربى باعتبار الالفاظ (٧) فيجوز ان يكون باعتبار الاعم الاغلب فلا ينافى وقوع الفاظ (٢) قليلة غير عربية لعربيته لعدم اشتراط عربية كل لفظ فى عربية الكلام بخلاف فصاحة الكلام فانها مشروطة بفصاحة كل كلمة منه فتدبر فانه ممازل فيه الاقدام

__________________

(٦) فانه حينئذ تعرض لرد الزاعم وقد حصل باول كلامه لا لرد المؤيد وهو المقصود بقوله وفصاحة الكلمة جزأ الخ م

(٣) واعلم ان اسماء الانبياء عليهم السّلام ممتنعة عن الانصراف الا ستة محمد وصالح وشعيب وهود لكونها عربية ونوح ولوط لخفتها وقيل ان عودا كنوح لان سيبويه قارنه معه ويؤيده ما قيل ان العرب من ولد اسمعيل ومن كان قبل ذلك فليس بعربى وهود قبل اسمعيل فيما يذكر فكان كنوح (منلاجامى)

(٧) اى فلا نسلم ان ذلك الوصف باعتبار ان جميع مفرداته عربية لجواز ان يكون باعتبار الاعم م

(٣) فانه يجوز ان يوصف الكل من حيث هو كل حقيقة بما هو وصف اغلب اجزائه

٣٠

(قوله مما يقود الى نسبة الجهل الخ) اى يوهم نسبة الجهل والعجز الى الله تعالى ولذا لم يقل يوجب نسبة الجهل والعجز الى الله تعالى فاندفع ما قيل يجوز ان يعلم الفصيح ويقدر على اتيانه ومع ذلك لم يأت به لحكمة خفية لا نطلع عليها (قوله غير ظاهرة الدلالة الخ) اللفظ قد يكون ظاهر الدلالة على المعنى ولا يكون مأنوس الاستعمال كودع وذر وقد يكون بالعكس كغريب القرآن والحديث فانه مأنوس الاستعمال فما قيل ان كل واحد منهما يستلزم الآخر والمقصود نصب علامتين على الغرابة ليس بشئ ولفظ غير بمعنى لا بقرينة عطف ولا مأنوسة الاستعمال فالتركيب من قبيل قوله تعالى (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) (قوله على المعنى) اى الموضوع له فلا يرد المتشابه والمجمل والمشكل لانها غير ظاهرة الدلالة على المراد (قوله ولا مأنوسة الاستعمال) (٣) اى استعمال العرب العرباء فلا يرد غريب القرآن والحديث لكونه مستعملا عندهم كما سيجئ (قوله فمنه ما يحتاج الخ) وهذا القسم من الغرابة يكون فى الجوامد والمصادر والمشتقات باعتبار موادها والقسم الثانى يكون فى المشتقات باعتبار هيئاتها ووجه الانحصار ان اللفظ بجوهره وهيئته يدل على المعنى فعدم ظهور دلالته اما باعتبار جوهره فيحتاج الى التنقير او باعتبار هيئته فيحتاج الى التخريج (قوله فهاجت به مرة) اى ثارت الصفراء به فاغمى عليه فوثب مجتمعين عليه قوم يعصرون ابهامه ليزول عنه ذلك ويأذنون فى اذنه ليعلم انه حى او ميت فافلت من الافلاب وهو الخروج (قوله اى شعرا اسود الخ) ففا حما للنسبة كلابن وتامر نسبة المشبه الى المشبه به (قوله اى كالسيف السريجى الخ) فمعنى مسرجا المجعول سيفا سريجيا او سراجا بدعوى الاتحاد بين المشبه والمشبه به وصيغة التفعيل للجعل كفرحته او المنسوب (٧) اليهما نسبة المشبه الى المشبه به كتممته ولا يخفى بعدهما وقيل الصائر كالسريجى او كالسراج او سريجا او سراجا او ذا سريجى او ذا سراج على ان يكون صيغة التفعيل لصيرورة الفاعل كاصله كقوس الرجل او اصله كعجزت المرأة او ذا اصله كورّق الشجر وفيه انه يجب ان يكون (٩) مسرجا على صيغة اسم الفاعل والقول بانه مصدر ميمى بمعنى اسم الفاعل ليس بشئ لانه اذا لم يجئ منه صيغة اسم المفعول كيف يجئ المصدر منه على وزنه وكذا القول بانه يجوز ان يكون هذا وجه البعد ايضا لانه حينئذ لا يكون صحيحا لا بعيدا (قوله وهذا) اى المعنى الثانى قريب من هذا القول لان البريق واللمعان موجب للحسن مطردا بخلاف الدقة والاستواء فانه قد يوجبه وقد لا يوجبه والمقصود ترجيح النخريج الثانى بانه قريب من استعمال سرج بمعنى حسن بخلاف الاول وقيل معناه ان اخذ المسرج من السراج كاخذ

__________________

(٣) ونحن نقول المراد بعدم انس الاستعمال عدم انسه عند الخلص الذينهم الفصحاء كما صرح به العصام فحينئذ لانم عدم انس انواع الخفى التى خفى مرادها بعارض عندهم ولا نم ايضا عدم ظهور معناها عندهم كالسارق فانه لاخفاء فى ان معناه من يأخذ الشئ خفية وانما الخفى فى ان الطرار والنباش يدخلان فى حكمه ام لا ومثل الاطهار فانه لا خفاء فى ان معناه الطهارة الكاملة فى ظاهر البدن وانما الخفى فى ان داخل الفم منه ظاهر البدن فيجب غسله فى الغسل ام لا وكل انواع الخفى هكذا يفهم معناه والخفاء لعارض ومن له ادنى تدرب فى علم الاصول يقف على صدق هذا المقول (لمحرره الفقير قبريسى الحاج محمد حسيب

(٧) على ان يكون صيغة التفعيل لنسبة الشئ كتممته اى نسبته الى بنى تميم وفسقته اى نسبته الى الفسق

(٩) بناء على ان سرج على الوجوه الثلاثة لازم والجواب ان القائل اراد بالصائر صيرورة الا يرى انهم صرحوا بان قولك ان عذابك بالكفار ملحق من باب النسبة م

٣١

سرج منه فهذا الوجه مؤيد بتحقق نظير له فى كلامهم فحينئذ لا حاجة الى ما قاله الشارح رحمه الله تعالى وانما لم يجعل اسم مفعول منه الخ وفيه ان قوله سرج وجهه اى حسن يأبى عن هذا التوجيه فانه يدل على كونه معنى حقيقيا اذ لا يمكن تخريج سرج على الثلاثى بمعنى انه كالسراج (قوله وانما لم يجعل الخ) يعنى اذا كان سرج بمعنى حسن مستعملا فى كلامهم فلم لا يجعل مسرجا مشتقا منه من غير حاجة الى التخريج البعيد بالوجهين (قوله لم يعثروا) اى لم يطلع الجاعلون لمسرجا غريبا على استعمال سرج بمعنى حسن وان كان متحققا فى كلام العرب العرباء والحكم بالغرابة انما هو لعدم الوجدان فى الاستعمال اذ لا طريق الى عدم وجوده الا عدم الوجدان فيكون غريبا عند من لم يجد ولم يكن غريبا عند الواجد (قوله وان يكون هذا الخ) اى لاحتمال ان يكون سرج بمعنى حسن لفظا احدثه المولدون من السراج واستعملوه بمعنى التحسين ولا يكون فى استعمال العرب العرباء فلا يمكن جعل مسرجا فى قول العجاج الذى هو من شعراء الجاهلية منه (قوله على انه لا يبعد آه) يعنى لا يبعد ان يكون سرج بمعنى حسن ايضا غريبا بان يكون معنى مجازيا له مستعملا فيه لمناسبته بالمعنى الحقيقى لسرج على احد التخريجين المذكورين فلا يكون جعل مسرجا منه مخرجا من الغرابة يؤيد ذلك انه اورد سرج الله وجهه فى الاساس من المجاز وانما قال لا يبعد لان قولهم سرج وجهه اى حسن ظاهر فى انه معنى حقيقى له اشتق من السراج لمناسبة وجود البريق الموجب للحسن فيه (قوله واما صاحب مجمل اللغة الخ) عطف على قوله وانما لم يجعل الخ يعنى جعل صاحب المجمل مسرجا من سرج بمعنى حسن فلا يحتاج عنده الى التخريج البعيد ولا يكون غريبا هذا ما عندى فى حل هذه العبارة وللناظرين كلمات لا يخفى حالها بعد التدبر فيما حررنا (قوله الغرابة كما يفهم آه) الكاف للتعليل لا للتشبيه كما فى قوله تعالى (وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ) اى على ما هداكم وانما لم يتعرض لعدم ظهور المعنى مع كونه معتبرا فى مفهوم الغرابة اذ لا مدخل له فى بناء الاعتراض والفرق بين الغرابة والوحشية وحاصل الاعتراض ان تفسير الغرابة بكون الكلمة وحشية لا يحسن لكونه اخص منه تحققا ومباينا مفهوما (قوله وهى) اى الكلمة الغير المشهورة فى الاستعمال (قوله والوحشية) اى الكلمة الوحشية (قوله المشتملة على تركيب يتنفر عنه الطبع) اى الذوق السليم من غير ان يكون فيه ثقل على اللسان وبهذا يمتاز عن التنافر (قوله فلا يحسن تفسيره) اى الغريب بالوحشية لكونها اخص منه صدقا فكذا تعريف الغرابة بكون الكلمة وحشية لكونه اخص منها

٣٢

تحققا (قوله بل الوحشية آه) اضراب عن عدم حسن التفسير الى فساد تعريف الفصاحة بان قيد الوحشية امر زائد اى خارج عن الغرابة ليس عينها ولا داخلا فيها معتبر فى فصاحة المفرد سلبا فلا بد من ذكر الخلوص عنها فى التعريف وان كان سلب الغرابة مستلزما لسلبها لعمومها تحققا لان دلالة الالتزام مهجورة فى التعريفات ولذا ذكر التنافر ومخالفة القياس مع استلزام الخلوص عن الغرابة الخلوص عنهما فاندفع الاعتراض بانا لا نسلم وجوب ذكر قيد الوحشية فى التعريف لان الخلوص عن العام يستلزم الخلوص عن الخاص وقد تعسفوا فى دفعه (قوله فلا نسلم ان الغرابة اخ) حتى يصح تفسير الغرابة المخلة بالفصاحة بالوحشية بذلك المعنى (قوله هذا الخ) اى كون المراد بالوحشية غير ما ذكر واطلاقهم الغرابة عليه فقوله والوحشى قسمان عطف على مقول قالوا والمقول الاول لاثبات اطلاق الوحشية على غير ما ذكر والمقول الثانى لاثبات اطلاق الغرابة عليه (قوله والوحشى) اى فى الجملة سواء كان عند العرب او غيرهم (قوله الذى لا يعاب استعماله على العرب) اعلم ان الالفاظ على ثلاثة اقسام منها ما هى مستعملة (٩) مطلقا كالارض والسماء فلا يعاب استعماله اصلا ومنها ما هى مستعملة فى العرب العرباء غير مستعملة فى غيرهم فلا يعاب استعمالها عليهم ويعاب على غيرهم ومنه غريب القرأن والحديث ومنها ما هى غير مستعملة مطلقا فيعاب استعمالها على الكل فمنه ما هو كريه على الذوق والسمع كجحيش ومنه ما هو غير مكروه كتكأ كأتم وافر نقعوا واليه اشار الشارح رحمه الله بقوله فيما سيأتى فى وجه النظر من ان الجرشى اما من قبيل تكأكأتم او جحيش فعلم مما ذكرنا ان قوله والوحشى قسمان ليس المقصود منه الحصر بل مجرد اطلاق الغريب على الوحشى ثم المعتبر فى الفصاحة ان لا يكون اللفظ غريبا عند العرب العرباء كما يشير اليه قول الشارح رحمه الله لانه لم يكن وحشيا عندهم واستعمال غير العرب غير معتبر فيها لا وجودا ولا عدما فلا يدخل الغريب الحسن فى تعريف الغرابة اذا لمراد ولا مأنوسة الاستعمال عند العرب العرباء (قوله مثل شر نبث) اى غليظ الكفين (٢) والرجلين ويراد به الاسد والنون فيه زائدة بدليل شرابث واشمخرّ (٧) ارتفع واقمطر تفرق واشتد اوقر واجتمع (قوله ثقيلا على السمع الخ) من غير ان يكون فيه تنافر يوجب الثقل على اللسان (قوله وقولنا غير ظاهرة الخ) عطف على قوله هذا ايضا اصطلاح (قوله فمنع كونه) اى الوحشية والتذكير لكونه عبارة عن غير ظاهر والحاصل ان القول بانه على تقدير ان يراد بالوحشية

__________________

(٩) سواء كان عند العرب العرباء او غيرهم م

(٢) غليظ الكعبين نسخه غليظ اليدين نسخة

(٧) ترفع وتعظم ويقال الجبل العالى المشمخر م

٣٣

غير ما اشتمل على تركيب يتنفر عنه الطبع لا يخل بالفصاحة فاسد لانهم فسروا الوحشية بما لا تكون مأنوسة الاستعمال والفصاحة عندهم عبارة عن كون اللفظ جاريا على السنة العرب الموثوق بعربيتهم وبما حررنا من السؤال والجواب اندفع الشكوك العارضة للناظرين فيهما كما لا يخفى على من تدبر وانصف (قوله او ما هو فى حكمها) اى حكم المفردات الموضوعة كالمنسوب فانه يبحث عن احواله فى الصرف وليس بمفرد لكنه فى حكم المفرد فى كون ياء النسبة كالجزء منه وكونه بمنزلة المشتق وقيل المركبات الناقصة ليدخل نحو مسلمى فانه فصيح دون مسلموى وليس بشئ لان الادغام فى الكلمتين والتقاء الساكنين فيهما ليس من قواعد الصرف كما نص عليه الشيخ الرضى فى شرح الشافية واتفقوا على ان الصرف يبحث عن احوال الكلم الثلث بناء او تغير امن حيث الافراد فالبحث (٢) عن ادغام نحو مسلمى من قوانين النحو لكونه من حيث التركيب وكذا نحو من ابنك بحث فيه عن احوال الهمزة من حيث انها تسقط فى الدرج دون الابتداء فهو ايضا بحث عن تركيب كلمة مع اخرى وما قيل انه داخل فى المفرد لان هذه الحالة عارضة لمجرد المركب من النون والهمزة لا المجموع المركب التام ففيه انه اعتراف بالبحث عن احوال المهملات فى الصرف (قوله فكانه قال الخ) فالقانون الصرفى هى القاعدة مع الاستثناء (قوله نحو الاجلل الخ) قيل (٧) الاجلل ليس بكلمة فانه ليس بموضوع بهذا الوزن وفيه ان الاجلل والاجل بناؤهما واحد ووضعهما كسائر المشتقات نوعى فالقول بانه ليس بموضوع لا معنى له نعم ان هذا البناء بالادغام مستعمل الفصحاء وبفكه متروكهم والضرورات الشعرية انما تجوز اذا كانت ثابتة فى كلام العرب الموثوق بعربيتهم وفك الادغام فى كلمة ليس منها (قوله قيل الخ) قائله بعض معاصرى المصنف رحمه الله (قوله فان اللفظ من قبيل الاصوات الخ) فيه انقسام العام الى القسمين لا يستلزم انقسام الخاص اليهما فالصواب ترك هذا الاستدلال والاكتفاء على ما فى المتن لكن ذكره متابعة للايضاح وتوطئة للوجه الثانى للنظر (قوله لانها داخلة) اى الكراهة فى السمع داخلة تحت الغرابة بمعنى ان الخلوص عنها (٩) يستلزم الخلوص منها لا انها داخلة فى مفهومها لبطلانه فى نفسه (٣) ولعدم مساعدة الدليل اعنى قوله لظهور الخ لذلك وما قيل ان الخلوص عن الغرابة يستلزم الخلوص عن التنافر ومخالفة القياس فلا حاجة الى ذكرهما ايضا ففيه ان الاستلزام ممنوع لان مستشزرات واجلل ليسا بغريبين لعدم احتياجهما الى التنقير والتخريج مع التنافر فى الاول

__________________

(٢) فالبحث عن هاتين المسئلتين يكون تبعيا فى الصرف م

(٧) عصام الدين فى اطوله حيث قال فان قلت ليس الاجلل بمفرد فصيح لان المفرد قسم الموضوع والموضوع هو الاجل لا الاجلل قلت اصل كل مفرد موضوع عندهم الا انه هجر الاصل فان قلت لم لا يجوز للشاعر فك الادغام وهو جائز بشرط الاضطرار اتفاقا وعند ابن جنى من اضطرار قلت الضرائر مقيسة وغير مقيسة وفك الادغام فى الاجلل غير مقيسة والشاعر ليس من العرب العرباء بل ممن ليس له الفك فيما لم يسمع (اطول بعينه)

(٩) لكون الغرابة اعم من الكراهة تحققا م

(٣) اذ لم يذكروا فى تفسير الوحشيه ما يدل عليها م

٣٤

ومخالفة القياس فى الثانى على ان هذا الاعتراض (٢) غير موجه لان الاصل ذكر جميع اسباب الاخلال صريحا وترك الصريح ببعضها يحتاج الى توجيه ولم يظهر وجه توصيف الغرابة بالمفسرة بالوحشية فانه ليس لها معنى سواها نعم للوحشية معنى (٨) سوى الغرابة كما مر (قوله لظهور الخ) يعنى ان الجرشى اما من قبيل الغريب الذى لا يكون كريها على السمع ثقيلا على الذوق المستقيم او من قبيل الغريب الكريه الثقيل وعلى التقديرين هو خارج عن تعريف الفصاحة بقيد الخلوص عن الغرابة وانما لم يجزم ههنا بكونه من القسم الثانى كما جزم فيما بعد لعدم الاحتياج اليه فى توجيه النظر وفى المفتاح ما يدل على ان الكراهة لازمة للغرابة حيث قال ولا تكون غريبة وحشية تستكره لكونها غير مألوفة وقال السيد قوله تستكره صفة كاشفة لكن الحق ان الغريب قد لا يكون مكروها وعدم الالفة لا يستلزم الكراهة كيف وقد قالوا فى كل جديد لذة (قوله وضعف الخ) اما الاول فلورود منع الملازمة على قوله والا فلا تخل بالفصاحة واما الثانى فلا كون اللفظ من قبيل الاصوات مما اتفق عليه الادباء وكون بعض الكلمات مكروهة على السمع مما لا شبهة فيه سواء كان للفظ من قبيل الاصوات اولا (قوله لانه قد يعرض آه) يعنى ان وقوعة فى القرأن لا يدل على عدم كون الكراهة فى السمع من اسباب الاخلال لجواز ان يمنعه من السببية مانع فيكون ذلك فصيحا مع سبب الاخلال وما قيل انه ذكر سابقا ان قرب المخارج ليس سببا للتنافر لوقوعه فى قوله تعالى (أَلَمْ أَعْهَدْ) فجوابه ان ذكره هناك كان على وجه التأييد لا للاثبات فلا يضر ورود المنع عليه وكذا ما قيل انه لا يصير تعريف الفصاحة حينئذ جامعا لجواز ان يشتمل لفظ على اسباب الاخلال بالفصاحة مع عروض ما يمنع السببية كما وقع يبدئ فى القرأن بمقابلة يعيد مع انه لم يسمع ذلك لان الكلام فى انفصاحة المفرد فى ذاته وهى تنتفى لوجود شئ من اسباب الاخلال وفيما ذكرتم الفصاحة عارضة بواسطة التركيب فيجوز ان تكون الاسباب مخلة حال الافراد دون التركيب لتحقق مانع وهو التركيب مثلا (قوله حال من الضمير الخ) ولا يجوز ان يكون صفة مصدر محذوف اى خلوصا كائنا مع فصاحتها ولا ان يكون مع بمعنى بعد كما فى قوله تعالى (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) لان مقارنة الخلوص بفصاحة الكلمات او كونه بعدها غير معتبر فى فصاحة الكلام انما المعتبر ان يكون مقارنا بفصاحة كلماته على ان القول بالحذف والمجاز لا يجوز مع ظهور الوجه الصحيح ولا يجوز ان يكون ظرفا لغوا للخلوص لانه يقتضى تعلق معنى الخلوص بها

__________________

(٢) اى الاعتراض بعدم احتياج ذكر الغرابة والمخالفة فى تعريف الفصاحة فى المفرد غير موجه م

(٨) هى الكلمة المشتملة على تركيب يتنفر الطبع عنه وهو المار م

٣٥

ومعيتها مع الفاعل او المجرور فيه فيصير لمعنى خلوص الكلام مع فصاحة الكلمات مما ذكر او خلوص الكلام مما ذكر ومن فصاحة الكلمات سواء اشترط فى المفعول معه صحة اسناد الفعل اليه كما ذهب اليه الاخفش او لم يشترط كما ذهب اليه كثير من النحاة وكلا المعنيين باطل كما لا يخفى (قوله اى خلوصه الخ) اشار بهذا التفسير الى ان المراد الخلوص المقيد مع الفصاحة بناء على ان الحال قيد للعامل فلا يرد ما توهم من انه يلزم ان يكون يبدئ الله الخلق بدون يعيده فصيحا فانه يصدق عليه انه خالص مما ذكر (٣) حال كون كلماته فصيحة وهو حال انضمام يعيد اليه لان الخلوص (٢) المقيد بانضمام يعيد غير الخلوص حال عدم الانضمام فلا حاجة الى ما تكلفوا من ان التلفظ حال الانضمام غير التلفظ حال عدم الانضمام فلا يكون الكلام واحدا بالشخص لانه تدقيق فلسفى لا يعبأ به عند الادباء (قوله لانه (٧) يستلزم الخ) بناء على توجه النفى المستفاد من الخلوص الى التنافر المقيد مع فصاحة الكلمات والشائع فى ذلك توجهه الى القيد سواء كان المقيد باقيا اولا (قوله فافهم) اشارة الى ما نقل عنه رح فى الحاشية بقوله لا يقال هذا (٨) يعلم بالطريق الاولى لانا نقول لو سلم ففيما اذا كانت الكلمات متنافرة الحروف مع ان مثله لا يقبل فى التعريفات واما اذا كانت الكلمات غير فصيحة ولا تنافر فى الحروف فيصدق التعريف (٤) وبالجملة اذا جعلتها حالا من الكلمات بقى الحد خاليا عن اشتراط فصاحة الكلمات فى فصاحة الكلام انتهى وصدق التعريف بناء على انه لا يعلم من كون التنافر المقيد بفصاحة الكلمات مخلا ان يكون عدم التنافر مع عدم الفصاحة مخلا وهو ظاهر فتدبر فانه قد اطال الكلام بعض الناظرين فى هذه الحاشية زاعما انه تدقيق (قوله ان يكون الخ) فانه اذا كان التأليف مخالفا للقانون المشتهر وغير المشتهر كان فاسدا لا ضعيفا (قوله لفظا ومعنى) المشهور لفظا او معنى او حكما كما فى المختصر فالراد بالمعنى ما يعم الاضمار حكما ايضا (قوله اعنى ما اتصل الخ) احتراز عن صورة التنازع اذا طلب الاول الفاعل والثانى المفعول واعملت الثانى نحو ضربنى وضربت زيدا فانه فصيح بالاتفاق (قوله لشدة الخ) يعنى ان الفاعل والمفعول به متساويان فى اقتضاء الفعل المتعدى لهما لدخول النسبة اليهما فى مفهومه فكما جاز الاضمار قبل الذكر فى صورة المفعول المتصل به ضمير الفاعل المتأخر كذلك يجوز فى صورة الفاعل المتصل به ضمير المفعول المتأخر والجواب انهما وان تساويا فى اقتضاء الفعل اياهما الا ان اقتضاءه الفاعل مقدم فى الملاحظة العقلية على اقتضاء المفعول لان نسبة الوقوع تلاحظ بعد نسبة الصدور فكان الفاعل مقدما فى الرتبة فلا يلزم الاضمار قبل الذكر مطلقا

__________________

(٣) على نمط قولهم الكريم من يسنحو فى حال مكنته فانه صادق على الفقير الذى لا مكنة لكنه يسنحو بحيث اذا حصل له مكنة م

(٢) يعنى توجيه الشارح مبنى على رجوع القيد الى النفى اى الخلوص فافهم م

(٧) اى كون قوله مع فصاحتها حالا من الكلمات فى قوله تنافر الكلمات يستلزم م

(٨) اى عدم فصاحة الكلام المشتمل على الكلمات الغير الفصيحة متنافرة اولا يعلم بطريق الاولى لما علم من التعريف ان التنافر المقيد مع فصاحة الكلمات مخل للفصاحة م

(٤) ولا يكون مانعا عن اغياره فيفسد تعريف فصاحة الكلام اذ فى كل منهما وجود شرط وفقد شرط م

٣٦

بخلاف صورة المفعول واما ما قيل من ان اقتضاءه الفاعل اشد فلا يظهر وجهه (قوله والواو للحال) لانه المنساق الى الفهم ولموافقة قوله وحدى فانه حال ومشاركة الورى للشاعر مفهوم من لفظة معى مع احتياج العطف على الضمير المستتر فى امدحه الثانى الى اعتبار تقدم العطف على اعتبار الجزائية لئلا يتحد الشرط والجزاء والى حمل معى على الاجتماع زمانا فان المشاركة فى المدح مستفادة من العطف وكلاهما خلاف الظاهر (قوله على كلام غير فصيح الخ) لان سبحه جملة وهذا لا ينافى ما مر من ان اشتمال القرآن على كلمة مشتملة على سبب يخل بالفصاحة لا يضر فصاحتها لوجود ما يمنع السببية لانه فى الكلمة دون الكلام حيث قالوا ولكل كلمة مع صاحبتها مقام ليس له مع اخرى (قوله اى كون الكلام معقدا الخ) فسر بذلك ليصير صفة للكلام مخلا بفصاحته معتبرا خلوصه عنه كما ان كونه غير ظاهر الدلالة صفة له بخلاف المصدر المبنى للفاعل واما الاعتراض بان ما ذكره تفسير للتعقد لا للتعقيد فغير مندفع لانه على تقدير كونه مصدرا مبنيا للمفعول بكون معناه المعقدية وهى عبارة عن مجعولية الكلام غير ظاهر الدلالة لا كونه غير ظاهر الدلالة فاما ان يقال ان المراد بالمصدر المبنى للمفعول الحاصل بالمصدر اعنى الهيئة (٧) المترتبة عليه او يقال مبنى على التسامح بناء على ظهور ان المراد جعله غير ظاهر الدلالة والاظهر ان يقال هذا تفسير للتعقيد الاصطلاحى فلا يحتاج الى جعله مصدرا مبنيا للمفعول والى تكلف فى صحة الحمل (قوله على المعنى المراد) بقيد المراد يمتاز التعقيد عن الغرابة فانها كون اللفظ غير ظاهر الدلالة على المعنى (قوله لخلل الخ) داخل فى التعريف لاخراج المتشابه والمجمل والمشكل فان عدم ظهور دلالتها ليس لخلل فى النظم او لانتقال بل لارادة المتكلم اخفاء المراد منها لحكم ومصالح على ما تقرر فى محله وكلمة اما لمنع الخلو ووجه انحصار موجب التعقيد فى الخللين ان الكلام اما ان يراد معناه المطابقى وعلى هذا لا يكون التعقيد الا لخلل فى النظم لان فهم المعنى المطابقى بعد العلم بوضع المفردات وهيئتها التركيبية يكون ظاهرا او يراد غيره فاما ان لا يكون بين المعنى المطابقى وذلك المعنى لزوم وحينئذ لا يفهم منه المراد اصلا فيكون فاسدا لا معقدا فانه عبارة عن عدم الظهور لا عن عدم الدلالة واما ان يكون اللزوم ظاهرا فال كانت القرينة على عدم ارادة المعنى المطابقى ظاهرة فلا تعقيد اصلا وان كانت خفية او يكون اللزوم خفيا فى نفسه او لوجود الواسطة يحصل التعقيد لخلل فى الانتقال وما قيل انه (٨) لو دخل قوله لخلل في النظم فى التعريف يلزم ان يكون اجتماع امور كل واحد منها شائع الاستعمال خللا

__________________

(٧) اى كون الكلام معقدا وهو بعينه كون الكلام غير ظاهر الدلالة على المعنى المراد فيصح الحمل فتأمل م

(٨) لكن اعترض عليه بان التعقيد اللفظى اذا حصل باجتماع امور يكون كل منها جاريا على القياس كيف يحترز بالنحو عنه وسيصرح الشارح بان ما يحترز به عن ضعف التأليف والتعقيد اللفظى علم النحو فان قلت يجوز ان يكون كل منها جاريا على القياس ولا يكون مجموعها جاريا عليه فيجوز ان يحترز عنه بالنحو قلت فعلى هذا يكون ذكر ضعف التأليف مغنيا عن ذكر التعقيد اللفظى لانه حينئذ يكون مخالفا لما ثبت عندهم من القواعد ومنه ههنا قيل الاولى ان ذكر التعقيد اللفظى بعد ذكر ضعف التأليف تخصيص بعد التعميم وستعرف جوابه فى آخر المقدمة (حسن چلبى)

٣٧

فى النظم فمما لا يفوه به عاقل لان انحصار موجب التعقيد فى الخللين يقتضى دخول الاجتماع المذكور فى خلل النظم سواء كان قوله لخلل داخلا فى التعريف اولا (قوله بان لا يكون ترتيب الالفاظ الخ) اشارة الى ان المراد بالنظم ترتيب الالفاظ على وفق ترتيب المعانى فى الذهن لا ما ذكر سابقا من كون الالفاظ مرتبة المعانى متناسقة الدلالات على حسب ما يقتضيه العقل فان النظم حينئذ شامل لرعاية علم المعانى والبيان والخلل فيه يشمل لتعقيد المعنوى والخطأ فى تأدية المعنى (قوله بسبب تقديم (٦) او تأخير) ذكرهما اشارة الى كون كل منهما مستقلا بالاخلال وان كان كل منهما مستلزما للآخر (قوله يجوز ان الخ) لكون كل واحد منها خلاف الاولى والاصل (قوله فذكر ضعف التأليف الخ) كما زعمه الخلخالى فان بينهما عموما من وجه فيوجد الضعف بدون التعقيد فى نحو جاءنى احمد بالتنوين ويوجد التعقيد بدون الضعف فى صورة اجتماع امور كل منها شائع الاستعمال ويجتمعان كما فى بيت الفرزدق (قوله اى ليس مثله الخ) يعنى ان ترتيب الالفاظ على وفق ترتيب المعانى هكذا (قوله الا ابن اخته) فمماثلة المملك مع الممدوح جاء من قبله بحكم ولد الحلال يتبع الخال (قوله يظهر بالتأمل الخ) نقل عنه لان الغرض (٩) نفى ان يماثله احد ويقاربه وهذا يفيد نفى ان يكون المماثل له حيا يقاربه او بالعكس وهذا فى الظاهر متدافع لاقتضائه وجود المماثل والمقارب مع عدمه ويفتقر الى ان يقال هذا السلب بناء على عدم المحكوم عليه وكفى بهذا قلقا انتهى اى ما قيل يفيد على التوجيه الاول نفى المقارب عن المماثل ونفى المماثل عن المقارب على الثانى وذلك ليس بمقصود ولا مستلزم له وهذا المفاد متدافع لاقتضائه وجود المماثل والمقارب بناء على ان مفاد كلمة ما نفى الحكم لا نفى المحكوم عليه سواء كان انتفاؤه بانتقاء الموصوف والصفة معا او بانتفاء الصفة او بانتفاء الموصوف واقتضائه عدم وجود المماثل على التوجيه الاول لان الحكم بانتفاء المقارب يستلزم الحكم بانتفاء المماثل بالطريق الاولى وعدم وجود المقارب على التوجيه الثانى ليصح استثناء مملكا عن يقاربه وليس مبنى التدافع كون المقاربة بمعنى المماثلة كما ذهب اليه الناظرون فانه مع كونه غير صحيح فى نفسه تأبى عنه عبارة الشارح حيث عطف يقاربه على يماثله وعطف المقارب على المماثل وما قيل (٧) انه لو لم تكن المقاربة بمعنى المماثلة لم يصح الاستثناء لانه يستلزم ان يكون المملك مماثلا غير مقارب ومقاربا غير مماثل فانما يتجه لو كان مملكا مستثنى من الحكم المستفاد من قوله وما مثله حىّ يقاربه اما اذا كان

__________________

(٦) المراد بتقديم اللفظ تقديمه عن محل الاصلى الذى يقتضيه ترتيب المعانى وتأخيره عن ذلك المحل وهما لا يجتمعان قطعا فليس احدهما مغنيا عن الآخر على ان التأخير من لوازم التقديم (حسن چلبى

(٩) غرض الشاعر الفرزدق من ايراد هذا البيت نفى انه يماثله الخ م

(٧) حيث قال ربما يناقش فيه بان المقارب من الشئ ما يكون قريبا منه لا ما يكون مثله فلا قلق فى التوجيهين لصحة نفى المقارب عن المماثل وعكسه ويجاب بان الاستثناء لا يصح حينئذ لاقتضائه ان يكون المملك مماثلا ومقاربا غير مماثل على انه لا شبهة فى ان المقصود نفى المماثل للممدوح ونفى المماثل عن المقارب وعكسه لا يفيد من هذا المقصود شيئا هذا (انتهى كلام حسن چلبى بعينه)

٣٨

مستثنى من حى يقاربه فلا (قوله يدل من مثله الخ) بدل الكل اورده لافادة نفى المقاربة الذى هو اهم بعد نفى المماثلة (قوله اى لا يكون ظاهر الدلالة الخ) اى لا يكون الكلام ظاهر الدلالة على المراد عند السامع لخلل حصل فى انتقال ذهنه عن المعنى اللغوى الى مراد المتكلم بسبب ايراده اللوازم البعيدة على ما فى المفتاح من ان التعقيد المعنوى فى الكلام هو ان يعسر صاحبه فكرك فى متصرفه ويشبك طريقك الى المعنى ويوعر مذهبك نحوه حتى يقسم فكرك ويشعب ظنك الى ان لا تدرى من اين يتوصل وباى طريق معناه يتحصل فافهم ولا تلتفت الى ارادة ذهن المتكلم وتأويل قوله وذلك الخلل يكون لا يراد الخ بانه يظهر ذلك بايراد اللوازم الخ (قوله اللوازم) اى جنس اللازم واحدا كان او متعددا بناء على ان الجمع المعرف باللام اذا استحال ارادة الاستغراق منه يحمل على الجنس مجازا كما فى قوله تعالى (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ) وكذا فى قوله الوسائط اى جنس الواسطة المتصفة بالكثرة بان يكون ما فوق الواحد وانما قيد اللازم بالبعد والواسطة بالكثرة لان اللازم القريب فلما يخفى لزومه ولذا ذهب الامام الرازى الى ان كل لازم قريب بين وكذا اذا كان بواسطة واحدة فتخصيص اللوازم البعيدة المفتقرة الى الوسائط لانه اغلب ولكون المثال المذكور من هذا القبيل ولهذا خص اللوازم البعيدة والا فقد يكون الخفأ بسبب ايراد الملزوم وارادة اللازم البعيد المفتقر الى الوسائط والمراد باللوازم مصطلح علماء علم المعانى والبيان فان كل شئ وجوده على سبيل التبعية لآخر يكون لازما للآخر عندهم وان كان اخص منه كذا فى شرح المفتاح للعلامة وانما لم يقل لايراد الملزومات ويكون المراد الملزوم فى الذهن كما ذهب اليه المصنف فيشمل جميع صور الانتقال ومن الملزوم الى اللازم ومن اللازم الى الملزوم فان اللازم ما لم يكن ملزوما فى الذهن لا يمكن الانتقال منه لان الانتقال من الملزوم الذهنى الى اللازم الذهنى طريق واضح لا يكون فيه خفأ (قوله عنكم) متعلق ببعد لا بالدار والالقال منكم فالمعنى بعد دارى عنكم وفيه اشارة الى انه لا يرضى بنسبة طلب البعد الى دار المحبوب فضلا عن نفسه (قوله كناية عما يلزم الخ) اى جعل البكاء كناية عن الحزن لان البكاء يلزم الحزن عرفا وعقلا فان اصابة غير الملايم توجب توجه الروح الى القلب فيصعد منه بخار يصير ماء عند الوصول الى الدماغ ويجرى من طريق العين لا انه استعمل السكب فى الفراق للملازمة بينهما وجعل الفراق كناية عن الحزن على ما قيل فانه ارتكاب لخلاف ما فى العبارة من غير ضرورة (قوله ولكنه اخطأ الخ) فى الايضاح اراد ان يكنى عما يوجبه دوام التلاقى من السرور بالجمود لظنه ان الجمود خلو العين

__________________

(٢) فلا يرد ان عدم ظهور الدلالة سبب للخلل فى انتقال ذهن السامع لا العكس*

٣٩

من البكاء مطلقا من غير اعتبار شئ آخر معه واخطأ لان الجمود خلو العين من البكاء فى حال ارادة البكاء منها فلا يكون كناية عن المسرة وانما يكون كناية عن البخل انتهى يستفاد منه ان هذه الكناية خطأ بناء على انه ظن معنى الجمود ما ليس معناه وانه بمعناه لا ينتقل منه الى المسرة اصلا وانما ينتقل منه الى البخل فالبيت مثال للخلل فى الانتقال لا للتعقيد لاجله لانه لا انتقال فيه الى المراد اصلا لا انه غير ظاهر فالمراد بقول الشارح رحمه الله ولكنه اخطأ الخطأ فى نفس الامر باعتقاد المصنف رحمه الله لا الخطأ فى نظر البلغاء لاشتمالها على التعقيد على ما وهم لعدم مساعدة الدليل وعدم مطابقته لما فى الايضاح ثم الشارح رحمه الله بعد نقل كلام المصنف رحمه الله على غره اورد عليه انا لا نسلم انه لا انتقال فيه اصلا حتى يكون خطأ لم لا يجوز ان يكون الجمود مستعملا فى مطلق الخلو كناية عن المسرة لكونه تابعا لها عادة وان كان ينفك عنها فى بعض الاحيان واجاب بان هذا التوجيه يصحح الكلام ويخرجه عن بطلان ارادة المسرة عن الجمود ولا يخرجه عن التعقيد المعنوى لخفأ القرينة الدالة على انه مستعمل فى مطلق الخلو وخفا اللزوم بين مطلق الخلو والمسرة لتحقيق كل منهما بدون الآخر فالبيت مثال للتعقيد المعنوى لخلل فى الانتقال بايراد اللوازم البعيدة المفتقرة الى الوسائط مع خفأ القرينة لان الجمود فى الاصل ضد السيلان استعمل فى خلو العين عن الدمع حال ارادة البكاء ثم استعمل فى مطلق خلو العين ثم كنى به عن المسرة فقول المصنف كقول الآخر متعلق بقوله واما فى الانتقال على تقرير المصنف رحمه الله ومتعلق بقوله وذلك الخلل يكون لايراد اللوازم البعيدة الخ على تحقيق الشارح رحمه الله هكذا ينبغى ان يضبط هذا الكلام (قوله من الفرح والسرور) فى تاج البيهقى السرور والمسرة والسرة (٦) شادمان كردن فالمراد ههنا الحاصل بالمصدر اعنى شادمانى (قوله فان الانتقال الخ) لما عرفت ان معناه خلو العين عن الدمع حال ارادة البكاء فان الانتقال منه الى البخل بالدمع لا الى ما قصده الشاعر من السرور لانه انما يصح لو كان معنى الجمود مطلق الخلو فذكر ما ينتقل منه اليه لاظهار عدم الانتقال الى ما قصده لا لان عدم الانتقال الى ما قصده مع وجود العلاقة لاجل ظهور الانتقال الى معنى آخر ولا للاشارة الى ان الخلل فى الانتقال ربما يكون من ظهور معنى آخر يحول بين اللفظ والمقصود على ما اتفق عليه الناظرون فانه مخالف لما فى الايضاح (٧) ولما ذكره الشارح من ان ذلك الخلل يكون بايراد اللوازم البعيدة الخ ويرد عليه انه ان نصب القرينة الظاهرة على تعيين المراد فظهور معنى آخر لا يحول بين اللفظ

__________________

(٦) اورد عليه ان الصواب تبديل المسرة بالسرور لان المسرة مصدر متعد البتة يقال سره مسرة واما السرور فيجئ لازما ايضا كما يشهد به تتبع كتب اللغة (حسن چلبى) واراد المحشى الجواب عن اصل هذا الايراد مع قطع النظر عن جواب الناظرين فى هذا المقام واتى بما ترى فافهم والسلامات الفرح والسرور الذى هو اثر المسرة منه

(٧) لان المستفاد منه انه لا ينتقل الى المقصود اصلا منه

٤٠